ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 الاخوان المسلمون / أصول الإصلاح الإسلامي وقواعده (3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

الاخوان المسلمون / أصول الإصلاح الإسلامي وقواعده  (3) Empty
مُساهمةموضوع: الاخوان المسلمون / أصول الإصلاح الإسلامي وقواعده (3)   الاخوان المسلمون / أصول الإصلاح الإسلامي وقواعده  (3) Emptyالأربعاء يناير 13, 2010 1:43 pm

الاخوان المسلمون / أصول الإصلاح الإسلامي وقواعده  (3) TilE5-I7E1_777028188
بل أنهم يعتقدون أن أصول الإصلاح الإسلامي وقواعده هي:ـ
ربانية: نحيا عليها القلوب الميتة، ويرتفع بها الشعور الإنساني إلى الملأ الأعلى، وتصل الناس بالله تبارك وتعالي.
وإنسانية: ترفع من خسيسة هذا الغلاف الطيني، إذا تقرر أن الله خلقه بيديه، وسواه بقدرته، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته.
وعالمية: تجعل البرية كلها إخوانا على الحق وأعوانا على الخير وفي نطاق هذه المعاني الثلاث يعيش أبناء آدم خلفاء الله في أرضه وأمناءه على خلقه، إذ سخر لهم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه، وفي تضاعيف هذه المعاني الكلية الحالية حقوق والتزامات، ونظم وأوضاع نثبتها في النفوس المؤمنة ونركزها في القلوب المترددة، ونفسح لها الطريق في البيئات الفاسدة، ذلك هو الإسلام، وتلك هي الدعوة التي آمن بها الإخوان المسلمون (78).
ولهذا كله نصت مبادئ الإخوان على "مناصرة التعاون العالمي مناصرة صادقة، في ظل المثل العليا الفاضلة، التي تصون الحريات، وتحفظ الحقوق، والمشاركة في بناء السلام والحضارة الإنسانية، على أساس جديد، من تأزر الإيمان والمادة، كما كفلت ذلك نظام الإسلام الشاملة (79).
الدين والسياسة
أن لكلمة الدين عند الغربيين مدلول خاص، فلا يتعدى عن كونه العقيدة التي تنظم صلة العبد بربه فقط، كما أن المسيحية، قد نشأت في ظل الإمبراطورية الرومانية، التي كان لها من قوانينها المشهورة، ما لا يزال حتى الآن مصدرا من مصادر التشريعات الأوروبية الحديثة، فلم تكن المسيحية بحاجة يومئذ – ولا كانت قادرة يومذاك - أن تضع الدولة الرومانية الوطيدة، وللمجتمع الروماني المعقد، قوانين، ونظما، وحدوداً، للسير على هداها في الدولة والمجتمع، يقدر ما كانت محتاجة وقادرة على أن تنصرف إلى التهذيب الروحي، والتطهير الوجداني (80).
وعلى ذلك فقد انصرفت المسيحية إلى تطهير الوجدان والأرواح من غير أن تمس مجتمع الناس وواقع حياتهم من قريب أو بعيد، هذا من ناحية الظروف التاريخية التي نشأت فيها المسيحية. وهناك ناحية أخرى، هي أن الناس قد وجدوا استحالة مادية في أن يطبقوا الأوامر المسيحية، وأن يتجردوا من ماديتهم الكاملة في عهد وثنيتهم الإغريقية، إلى الروحية الخالصة في عهد المسيحية، ولم يستطيعوا أن يركنوا في واقع حياتهم، إلى نظريات المسيحية السمحة الموغلة في التسامح – من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً – لقد رأى هؤلاء القوم أن الدين لا يصلح للحياة، فقالوا أن الدين صلة ما بين العبد والرب. وأنه لا بأس عليهم أن يستظلوا بظله في الكنيسة، وأن يستروحوا نسمائه في الهيكل المقدس، وأن يواجهوا صراع الحياة بعد ذلك في المجتمع بتقاليدهم البربرية، وأن يدعوا السيف يقضي بحكمه في إبان الهمجية، ويدعو القانون المدني يقضي بحكمه بعد أن تحضروا. فأما الدين فقد بقى في عزلته الوجدانية، هناك في القلوب والضمائر، وفي الهيكل المقدس، وكرسي الاعتراف، ومن هناك كانت العزلة بين الدين والدنيا في حياة الأوربيين (81).
وحينما زحف الاستعمار الغربي على الشرق والشرقيين، زحفت معه أفكاره ومبادئه، ومثالياته ونظم حياته، وأخذ يروج لها بوسائل الدعاية المنظمة، عن طريق البرامج الثقافية وغيرها من وسائل الاتصال المختلفة (Means of Communication) التي تكيف العقول حسب رغبته، وتوجه الميول حسب مشيئته، وحسبما تملي مصالحه السياسية، والاقتصادية، والثقافية، على حد سواء. ومرت الأيام والسنون، وإذا في الشرق جيل كامل يؤمن بهذه المبادئ، ويعتقدها، ويروج لها، بل ويتشيع ويتعصب لها، إذا أراد أحد أن يناقشه فيها أو يقنعه بخلافها.
والآن فلنعد إلى الإسلام الذي هو الدين الذي قصدناه في بحثنا هذا لنرى مدى علاقته بالسياسة، ولنستعرض بعض أحكام الإسلام وقوانينه، لنرى مدى علاقتها بحياة الناس ومجتمعهم، في جميع شئونهم عامة، وفي شئونهم السياسية خاصة.
ورد في كتاب الإسلام ودستوره الخالد  وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً  أي أن الله تعالى قد استخلف آدم وذريته – وهم البشر أجمعين – في الأرض وهذا معناه أن الله تعالى أسكنهم الأرض واستعمرهم فيها، ومنحهم حق التسلط على الكون للانتفاع بما فيه من خيرات في حدود أمر الله ونهيه.
واستخلاف البشر في الأرض نوعان:-
استخلاف عام، واستخلاف خاص.
فالاستخلاف العام هو استخلاف البشر في الأرض، باعتبارهم مستعمرين فيها، ومسلطين عليها،  هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا  ، وقد بدأ هذا الاستخلاف لآدم  ومن بعده كل ذريته. فهم جميعاً مستعمرون الأرض ومستخلفون عليها.
والاستخلاف الخاص هو الاستخلاف في الحكم وهو نوعان:
استخلاف الدول، واستخلاف الأفراد، والاستخلاف في الحكم هو بنوعيه منة أخرى يمن الله بها على من يشاء من عباده، أمماً وأفراداً، بعد أن من عليهم جميعاً بنعمة الاستخلاف في الأرض ) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ( ، ) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ( .
واستخلاف الدول معناه الأول ت حرير الأمة واستقلالها بحكم نفسها، وجعلها دولة لها من السلطان ما يحمي مصالح الأمة ويعلي كلمتها، ومعناه الثاني اتساع سلطان الدولة حتى يشمل فوق أبناء الأمة أمماً وشعوباً أخرى (83).
وهذه كلها أدلة على أن الإسلام يلزم إتباعه بحكم شريعته لا على أن يستعمروا الأرض ويسخروا ما فيها لصالحهم، ويتحرروا وينهضوا بأنفسهم فحسب، بل على أن يعلموا لنشر مبادئهم بين سائر الأمم والشعوب، التي هي مبادئ الحق الذي استخلفهم الله عليه في الأرض.
ولعل قائل يقول أن هذه الآيات التي أوردناها ليس فيها ما يلزم إلزاماً صريحاً بفرضية الحكم بالقرآن. فلنذكر له الآيات التي تدل على أن الحكم بكتاب الله، فرض علينا لا يحق لنا أن نتحلل منه، بأي وجه من الوجوه، ولا ينبغي أن نتعلل في عدم تطبيقه بالظروف والملابسات، لأن هذه الظروف والملابسات من فعلنا ويجب العمل على إزالتها، هذه هي الآيات فاقرأها إن شئت:
قال تعالى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (. وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ( .
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (
هذه آيات بينات فيها أقطع برهان على وجوب الحكم بكتاب الله ولا يقول بغير ذلك إلا من رضى لنفسه بالكفر والظلم والفسوق ومحادة الله ورسوله، وعدم الاعتصام بحبل الله، فهو قليل الحظ من التوفيق والهداية (82).
هذا من جهة كون الحكم والسياسة من فرائض الدين. فلنعرج على أوامر هذا الدين ونواهيه لنرى مدى اتصالها بحياة الناس. وهل هي لتنظيم الصلة بين العبد وربه فقط. إن صريح هذه النصوص ينفي ذلك.فأكثر ما جاء به الإسلام لا يدخل تنفيذه في اختصاص الأفراد، وإنما هو من اختصاص الحكومات، وهذا وحده يقطع بأن الحكم من طبيعة الإسلام ومقتضياته. وأن الإسلام دين ودولة. فالإسلام قد أتى بتحريم كثير من الأفعال واعتبر إتيانها جريمة يعاقب عليها، وفرض لهذه الجرائم عقوبات ومن هذه الجرائم القتل العمد وعقوبته القصاص) أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ( والسرقة وعقوبتها قطع اليد ) وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ( والقذف عقوبته الجلد ) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ( ولا جدال في أن تحريم الأفعال واعتبارها جرائم، وفرض العقوبات عليها، إنما هو من مسائل الحكم ومن أخص ما تقوم به الدولة، ولو لم يكن الإسلام ديناً ودولة، لما سلك هذه المسالك (84).
ولهذا كان الأستاذ البنا، من أشد الثائرين على النص الذي يتصدر دائماً قوانين الجماعات الإسلامية، وهو أن: " الجمعية لا تتعرض للشئون السياسية، وكان يقول: " إن الإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، وسياسة وقوة، وثقافة وقانون، وإن المسلم مطالب بحكم إسلامه. أن يعني بشئون أمته، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.. وأستطيع أن أجهر في صراحة بأن المسلم لن يتم إسلامه إلا إذا كان سياسياً يعيد النظر في شئون أمته، مهتماً بها، غيوراً عليها، وأن على كل جمعية إسلامية أن تضع في رأس برنامجها الاهتمام بشئون أمتها السياسية. وإلا كانت هي نفسها تحتاج إلى أن تفهم الإسلام ". (85)
ولعل أبلغ دليل على أن الإسلام دين وسياسة، أن طريقته في اختيار الولاة، وفي شغل المناصب العامة، هي طريقة ممعنة في الواقعية، وفي جعل أساس الاختيار هو الكفاءة وحدها، والمقدرة على تحمل التبعة والقيام بمهام المنصب دون أي اعتبار آخر. ويذهب الإسلام في هذا الحد إلى أقصى ما يأمر به نظام دنيوي لصلاح الدنيا وأمورها، " فالواجب في كل ولاية الأصلح بحسبها، فإذا تعين رجلان، أحدهما أعظم أمانة، الآخر أعظم قوة، قدم أنفعهما لتلك الولاية، وأقلهما ضرراً فيها، فيقدم في أمارة الحروب الرجل القوي الشجاع، وإن كان فيه فجور، على الرجل الضعيف العاجز وإن كان أميناً. كما سئل الإمام أحمد عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو، وأحدهما قوي فاجر، والآخر صالح ضعيف، مع أيهما يغزي؟ فقال أما الفاجر القوي، فقوته للمسلمين، وفجوره على نفسه، وأما الصالح الضعيف، فصلاحه لنفسه، وضعفه على المسلمين، فيغزي مع القوي الفاجر. وقد قال النبي r: " إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " .
ولهذا كان النبي r يستعمل خالد بن الوليد على الحرب منذ أسلم، مع أنه كان أحياناً يعمل ما ينكره النبي r، حتى أنه مرة رفع يديه إلى السماء وقال: " اللهم أني أبرأ إليك مما فعل خالد " لما أرسله إلى جزيمة فقتلهم وأخذ أموالهم بنوع شبهة، ولم يكن يجوز ذلك، وأنكره عليه بعض من معه من الصحابة. حتى وادهم النبي r، وضمن أموالهم. ومع هذا فما زال يقدمه في أمارة الحرب. لأنه كان أصلح في هذا الباب من غيره. وفعل ما فعل بنوع تأويل.
وكان أبو ذر  أصلح منه في الأمانة والصدق. ومع هذا فقد قال له النبي r: " يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحبه لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم " رواه مسلم.
نهى أبا ذر عن الإمارة والولاية. لأنه رآه ضعيفاً. مع أنه قد روى ما أظلت الخضراء ولا أقلعت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر . (86).
ولعله أن يطمئن بعد ذلك أولئك الذين خيل لهم أفقهم الضيق، وفهمهم الضعيف المحدود للإسلام، أن الولاية والحكم والوظائف العامة، لا توكل في ظل نظامه إلا لأصحاب الأردية الفضفاضة، أو المسابح الطويلة، والعمائم الضخمة، واللحى الوفيرة.
والآن يحسن بنا أيضاً أن نعرض لعوامل تكوين الدولة في العصر الحديث لنرى مدى إمكانيتها وتوفرها في الإسلام.
الوحدة السياسية أو الدولة (State) تعزي إلى عدة عوامل:-
أولاً: إرادة إجماعية (Volonte Generate, The General Will)
ثانياً: قانون ينظمها. وفي بعض التعاريف دستور (Constitution)
ثالثاً: إدارة منفذة وفي بعض التعاريف حكومة أو سلطة Government, Authortg
رابعاً: ولاء النظام القائم Loyalty . (87)
ولنتناول هذه العوامل الأربعة على ضوء الإسلام بشيء من التفصيل فنقول:-
إرادة إجماعية:
وقد تناول الإسلام هذه الناحية بعناية كبيرة. وأولاها اهتماماً كبيراً. فهو يهيئ جميع الوسائل، التي تجعل الأمة تصدر عن إرادة إجماعية، ورأي موحد. وعمل بمختلف الطرق على صيانة وحدة الأمة في كل أمورها، يقول الأستاذ البنا: " وأما عن وحدة الأمة فإن الإسلام الحنيف يفترضها إفتراضاً، ويعتبرها جزءاً أساسياً في حياة المجتمع الإسلامي لا يتساهل فيه بحال، إذ أنه يعتبر الوحدة قرين الإيمان ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ( كما يعتبر الخلاف والفرقة قرين الكفر كما قال تعالى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ( أي بعد وحدتكم متفرقين. وكما قال رسول الله r: " لا ترجعوا من بعدي كفاراً يضرب بعضكم وجوه بعض " فعبر بكلمة الكفر عن الفرقة والخلاف، وأن يضرب بعضهم وجوه بعض " (88).
وهكذا ترى أن الإسلام قد حرص على سد كل أبواب الفرقة التي تحول دون تكوين الإرادة الاجماعية. وجعل كل ضرب من ضروب هذه الفرقة معصية وفسوقاً عن الدين، فضلاً عن كونها عاملاً من عوامل الفساد الدنيوي.
ولعل الدولة المصرية لم يتوفر فيها قبل حركة الجيش الأخيرة ذلك الشرط الأساسي لكمالها وهو الإرادة الجماعية، وكان ذلك بفضل تلك التنظيمات التي كانت تسمي نفسها الأحزاب المصرية، والتي كان كل همها بلبلة الرأي العام بالحق والباطل، لصالح الحزب أولاً، دون صالح الوطن، ولعل هذا أيضاً هو السبب في أن الإخوان أول من طالبوا بحل هذه الأحزاب.
لا ندري ما الذي يفرض على هذا الشعب الطيب، المجاهد، المناضل، الكريم، هذه الشيع، والطوائف من الناس التي تسمى نفسها الأحزاب السياسية؟!!! إن الأمر جد خطير، ولقد حاول المصلحون أن يصلوا إلى وحدة ولو مؤقتة لمواجهة هذه الظروف العصبية التي تجتازها البلاد فيئسوا وأخفقوا، ولم يعد الأمر يحتمل أنصاف الحلول، ولا مناص بعد الآن من أن تحل هذه الأحزاب جميعاً وتجمع قوى الأمة في حزب واحد يعمل لاستكمال استقلالها وحريتها " (89).
ثانياً: القانون الأساسي أو الدستور:
ويكون عادة مصدراً لسائر القوانين والتشريعات التي تحتاجها الدولة والإسلام غني بمصادره التشريعية، التي تكون في مجموعها مصدراً متكاملاً لسائر التشريعات اللازمة للحياة بجميع أنواعها، ومصادر التشريع الإسلامي أربعة:
أولاً – الكتاب: وهو القرآن الكريم في كل ما تلاه من أوامر ونواهي، سواء فهم ذلك من صريح صيغته، أو من طريق الإشارة أو الدلالة، أو الاقتضاء.
ثانياً – السنة: وهي كل حديث صحيح قاله رسول الله r، يوضع منهما، أو يفسر مجملاً، أو يستهدي تفصيلات سكت عنها القرآن، بشرط أن تكون الأحاديث مما يتفق روح القرآن ومما يهضمه العقل الناضج البصير، لتخرج بذلك الأحاديث الموضوعة والمدسوسة على رسول الله.
ثالثاً- الإجماع: وهو اتفاق أغلبية أهل الحل والعقد وثقاته من مجتهدي المسلمين، على رأي من الآراء دينياً كان أو دنيوياً، فيصبح بذلك قانوناً شرعياً من الواجب الانصياع له والأخذ به شرعاً.
رابعاً- القياس: وهو إلحاق فرع بأصل، ويأتي في الأشياء التي لم يرد فيها نص، فيجب على الإنسان أن يحكم عقله مستهدياً روح الكتاب والسنة ويقيس ما يعرض له على ضوء الغاية من التشريع، وعلى ضوء العلة في الأوامر والنواهي....(90)
فالإسلام من هذه الناحية غني بدستوره ومصادر تشريعه، التي تعين على تكوين أصلح الدول في العصر الحديث.
ثالثاً- إدارة منفذة أو حكومة:
وهذه أيضاً أولاها الإسلام عناية كبيرة، واعتبرها من أعظم واجبات الدين، يقول الإمام ابن تيمية: " يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولابد عند الاجتماع من رأس، حتى قال النبي r: " إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم. فأوجب r تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الاجتماع، ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد، والعدل، وإقامة الحج، والجمع، والأعياد، ونصرة المظلوم، وإقامة الحدود، لا تتم إلى بالقوة والإمارة. ولهذا روى أن السلطان ظل الله في الأرض ويقال : " ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة بلا سلطان " (91)
وأحب أن أوضح هنا أن كون السلطان ظل الله في الأرض، لا يعني أن الإسلام يعترف للملوك أو السلاطين بتلك القداسة أو السيادة المطلقة التي كانت تستند في العصور الوسطى إلى (الحق الإلهي)، بل على العكس يؤمن الإسلام بالسيادة الشعبية، التي هي أساس نظرية (العقد الجمعي). أما كون السلطان ظل الله في الأرض، فليس إلا من قبيل ربط الأرض بالسماء، والدين بالحياة، والحكم بالعقيدة، واعتبار الإخلاص في الأعمال جميعاً وعلى رأسها الحكم نوعاً من أنواع العبادة يتقرب الناس بها إلى ربهم. أما الحكم أو الخلافة في الإسلام فهي بيعه، وهي تطابق إلى حد ما نظام الانتخاب الحالي. كما أن الحاكم في الإسلام مسئول بين يدي الله وبين الناس، وهو أجير لهم وعامل لديهم، ورسول الله r يقول: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيه " وأبو بكر t يقول عندما ولى الأمر وصعد المنبر " أيها الناس كنت أحترف لعيالي فاكتسب قوتهم، فأنا الآن أحترف لكم، فافرضوا لي من بيت مالكم. وهو بهذا قد فسر نظرية العقد الاجتماعي أفضل وأعدل تفسير، بل هو قد وضع أساسه، فما هو إلا تعاقد بين الأمة والحاكم على رعاية المصالح العامة. فإن أحسن فله أجره وإن أساء فعليه عقابه.
وهذا هو موقف الإسلام من الحكومة والقائمين على أمرها، أما كيف تسير هذه الحكومة وكيف تحكم فهذا جانب لم يفعله الإسلام أيضاً ولكننا سوف نتحدث عنه عندما نتناول نظام الحكم في الإسلام.
رابعاً: ولاء للنظام القائم: وهذا الركن من أركان وجود الدولة مأمور به في الإسلام فهو كما أوجب العدل على الحاكمين أوجب الطاعة على المحكومين ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (. والجمع في الآية بين الله والرسول وأولي الأمر معناه في بيان طبيعة هذه الطاعة وحدودها، فالطاعة لولي الأمر مستمدة من طاعة الله والرسول. لأن ولي الأمر في الإسلام لا يطاع لذاته، وإنما يطاع لقيامه على شريعة الله ورسوله، ومن تنفيذه لهذه الشريعة دون سواه يستمد حق الطاعة، فإذا انحرف عنها سقطت طاعته، ولم يجب لأمره نفاذ، يقول صاحب الشريعة " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " (93).
وليس معنى هذا التمرد على النظام من كل دعي يحاول التشكيك في تصرفات الحاكم، بل المقصود أن يكون الجميع حراساً على مبادئ الدين والدولة، أو مبادئ الإسلام، وهذه اليقظة الجماعية هو ما يسمونه الآن بالوعي الاجتماعي، أو النضوج السياسي، فالسمع والطاعة واجب مفروض على كل مسلم بحكم الدين. " اسمعوا وأطيعوا ولو أمِّر عليكم عبد حبشي " ولكن الذي نقصده ونود تأكيده هو أنه " ليس لحاكم في الإسلام صفة قداسة ولا صفة آلهية خاصة، فالخلفاء الذين أخطأوا في أحكامهم، وجدوا من الرعية من يقوم باسم الله ورسوله، وبدافع من الإسلام وحده، لينقد تصرفاتهم، ويكشف أخطائهم وخطيئاتهم، فإذا أسقطهم أقام حكماً دينياً آخر، هو في رأيه أقرب إلى الحق. وأعان على ذلك أن كل شخص في الإسلام رجل للدين. وليس الدين احتكارا على طائفة دون أخرى (94).
وعلى هذا فالولاء للنظام القائم في الدولة الإسلامية هو ولاء لا يقف عند حد، لأنه يرتبط بالعقيدة والوجدان الديني، حتى أن الحاكم نفسه لا يبقى في منصبه لحظة واحدة، إذا خرج على هذا النظام أو حاول الخروج عليه. أما إذا ظهر ولاؤه للنظام، وحرصه عليه، وعمله لصالحه، فالسمع والطاعة ولو كان عبداً حبشياً. وليس بعد هذا مبالغة في الولاء للنظام. ولعله لا توجد حتى الآن الدولة التي يتوفر فيها الولاء لنظامها واحترامه كما تفعل الدولة الإسلامية، وكما كانت في عصر الخلفاء الراشدين ومن تبعوهم بإحسان.
وهكذا نرى أن جميع عوامل تكوين الوحدة السياسية أو الدولة في العصر الحديث كما حددها فقهاء العلوم السياسية، ليست متوفرة في الإسلام فحسب، بل إنها جميعاً مما يشترطه الإسلام، وينص على وجوبه لصالح الجماعة الإسلامية.
ولعله قد أتضح بعد هذا العرض، أن الدين والسياسة لا تعارض بينهما في الإسلام، بعكس ما يثيره الكثيرون بغير برهان قائم إلا بتقليدهم الأعمى للغربيين ومن لف لفهم، وترديدهم لأفكار نشأت عن دين آخر غير الإسلام، " إن رد الحكم إلى الإسلام، وقيام نظمه وقوانينه على شريعة الإسلام مسألة لا يمكن فصلها عن العقيدة، لأنها جزء من العقيدة لا تتم تمامها إلا به. فوجودها الذاتي معتمد على تحققه، فالدولة التي لا تحكم بما أنزل الله كافرة قطعاً بحكم هذا النص الذي لا يقبل التأويل، والمسلم لا يجوز له إلا مضطراً في حالة العجز المطلق عن التغيير أن يخضع لدولة كافرة، " ومن هذا يبدو محاولة الفرد المسلم إقامة حكم إسلامي هي محاولة لتحقيق ذات العقيدة الإسلامية، وليست شيئاً آخر غير صميم العقيدة، وفي هذا تختلف العقيدة الإسلامية اختلافاً أساسياً عن العقيدة المسيحية أو العقيدة الهندوكية " (95).
وقد رغبت أن أغير عنوان هذه النقطة كلها فاجعل عنوانها- الإسلام والسياسة – بدلاً من – الدين والسياسة – ذلك لأن كلمة الدين كما سبق أن أوضحت قد تهيأ لها في الأذهان أنها ما ينظم صلة العبد وربه فقط، وليس كذلك الإسلام. فما الناحية العبادية إلا جانب يسير منه. ولهذا صح في اعتقاد الإخوان أن الإسلام ليس دينا فحسب، بل أنه نظام للحياة في كل شأن من شئونها، السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، فضلاً عن الروحية.
أما كيف يحكم هذا الدين وكيف تسيطر هذه الشريعة على شئون الحكم وتنظيمها، فهذا ما سنتعرض له عندما نتناول النقطة القادمة وهي – الإسلام كنظام اجتماعي.
الإســــلام كنظام اجتماعــي
لاشك أن كل منصف، يسلم معنا تمشياً مع المنطق السليم وطبائع الأشياء أن الأديان السماوية جميعاً، كانت في حد ذاتها، خطوات تقدمية كبيرة في حضارة البشرية، ورفع مستوى الإنسانية، إلا أن الناس ظلوا يتذبذبون بين مادية اليهودية التي لا يسلم معها الوجدان، ورهبانية المسيحية التي لا يستقيم معها العمران، حتى أتى الإسلام فوفق بين الناحيتين، ومزج بين العقيدتين، وخرج منهما بنظام كامل متكامل، لصلاح الدنيا والآخرة، وحياة الروح والمادة. ولا عجب، فهو خاتم الديانات السماوية، وتمام النعمة الإلهية على البشرية ) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ( ومن هنا صار الإسلام دستور الحياة للبشر في دنياهم المادية، وحياتهم الأرضية، كما هو نبراس يهديهم إلى طريق أخراهم، وحياتهم الروحية، ولم يترك شأنا من شئونهم إلا تناوله بالتشريع والتنظيم.
فهم هذا المسلمون الأولون، فكان الإسلام عندهم شريعة دنيوية، إلى جانب كونه عقيدة دينية، ثم فترت حماسة الناس لدينهم كلما بعد العهد بالنبوة، وعصر الخلافة الرشيدة التي كانت تطبيقاً عملياً لمبادئ النظام. وسيطرت الأطماع والأهواء شيئاً فشيئاً على الحاكمين من المسلمين، كما سيطرت الغفلة في الوقت نفسه على المحكومين. وأصبح الناس وإذا أهواء حكامهم هي الشريعة النافذة، ورغبات أمرائهم هي القانون المطاع، وتربى على هذا الوضع الفاسد أجيال وأجيال، حتى صار المسلمون إلى حال هي أبعد ما تكون عن الإسلام، وأخذت دعائم الدولة الإسلامية القوية تنهار مع انهيار النظام. وكشر أعداء الإسلام المتربصين عن أنيابهم. واهتبلوها فرصة للنيل من الإسلام، ودول الإسلام، فكانت هجمات التتر والمغول على دولة العباسيين، ثم حملات الصليبيين على دولة العثمانيين، فتمزقت الدولة الإسلامية إلى أشلاء ممزعة. وأصبحت دولة الفتوحات العظيمة عرضة للفتح والغزو من الدول الصغيرة والكبيرة. تعاقب عليها منهم من تعاقب، وطمع فيها من طمع، إلى أن جاء عصر النهضة الأوربية الحديثة، وعمل كل من البخار والماكينة (الآلة) . والكهرباء، عمله في اصطناع أسباب القوة المادية للغرب. فنظم زحفه المحكم على الشرق، بالاستعانة بالوسائل العلمية والعملية الحديثة، وكان له ما أراد.
ولكن الاستعمار الغربي أيقن بعد التجارب التي أخذها من الحروب الصليبية، أن قوة السلاح وحدها، لا تكفي لتمكن له في الشرق. فعمل على الاستعانة بوسائل أخرى غير ذلك، كان في مقدمتها بالطبع الوسائل الثقافية عامة. والتعليمية منها خاصة. ويبدو أن هذه الفكرة كانت مدروسة ومتفق عليها من الغربيين جميعاً. حتى أنها لم تفت نابليون، فاستحضر مع بعثته الحربية، بعثة علمية. كما لم تفت الإنجليز حين قذفوا مصر بدنلوب، الذي كان من جنايته على العلم والتعليم ما لازلنا نعاني من آثاره. وعملت تلك الوسائل عملها في عقليات الناس وأفكارهم، حتى نشأ جيل من أهل الشرق والإسلام، هو إلى غير الإسلام أقرب، لشدة تأثره بثقافة الغرب ومدنيته. وأصبح الدين في عرفهم – كما سبق أن قلنا – هو صلة ما بين العبد وربه فقط، أما أن يكون له علاقة بحياة الناس ومجتمعهم، أو أن يكون نظاما اجتماعياً يسلكونه في حياتهم. فلا!! فهناك الديمقراطية، والشيوعية، والنازية، والفاشستية، وأحد هذه النظم هو الذي يمكن أن يسود، لأنه طلق فعلاً على دولة أو دول، وسارت على نظامه سنوات أو قرون.والحقيقة التي يقررها التاريخ، أن الإسلام قد سيطر قروناً عديدة كنظام اجتماعي على كثير من بلاد الشرق و الغرب أيضاً. كما أن الإسلام قد جاء نظاماً اجتماعياً كاملاً ، لا مجرد دين لاهوتي. يقوم على مخاطبة الفطرة الإنسانية، واستثارة ما فيها من قوى روحية، تتمثل عقائد ثابتة، وخلائق فاضلة، وأفكاراً عالية، وأعمالاً نافعة، وتنظيم ملكات الفرد، وحياة الأسرة، وطبقات الأمة، وواجبات الدولة، وعوامل الاتصال والأخوة بين العالمين (96).
طبيعة النظام الاجتماعي: أن طبيعة النظم الاجتماعية المتعارف عليها الآن تستلزم أن يكون النظام مستوفياً للأركان الثلاثة الآتية حتى يكون نظاماً اجتماعياً كاملاً وهي:-
- تنظيم علاقات الناس بعضهم لبعض في كافة شئونهم.
- تنظيم علاقات الحاكمين بالمحكومين.
- تنظيم علاقات الدولة أو المجتمع بالدول الأخرى أو المجتمع الخارجي. ولنتحدث في شيء من التفصيل، عن كل ركن من هذه الأركان الثلاثة لنرى مكانها في الإسلام.
(1) تنظيم علاقات الناس بعضهم ببعض:
كفل الإسلام للناس حرياتهم وحقوقهم، ونظم العلاقات بينهم تحت باب واسع في الفقه الإسلامي هو باب " المعاملات" كما نظم علاقات المسلمين بغير المسلمين، وفرض عقوبات على المخالفين، وعمل على صيانة المصالح العامة، وفرض التكافل الاجتماعي بين المواطنين، ولنتحدث عن ذلك فنقول.
أولاً: ضمان الحريات العامة:
- الحرية الشخصية: كفلت الشريعة الإسلامية لبني الإنسان حريتهم الشخصية، بأوسع مما خطر على باب واضعي الدساتير الحديثة، فقد كتب عمر إلى أحد ولاته يقول: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً .
- حرية الفكر: قال تعالى: ) سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ( ولم يحد من هذه الحرية المطلقة سوى قول الرسول r: " لا تفكروا في الله فتضلوا: وتفكروا في خلق الله " ليصون الناس من الإلحاد.
- حرية القول: وهي جماع ما عرفته الدساتير الحديثة، من حرية الكلام، وحرية الخطابة، وحرية الكتابة، وحرية النقد، فقد أمرنا الله أن نصدع بالحق، ونأمر بالعدل والإحسان، وننهى عن المنكر والبغي، ونحاج باللين والمنطق، وندعو إلى ما نعتقد بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا نقر ظلماً، ولا نسكت على ضيم أو خسف، كل ذلك دون أن تقول زوراً أو نفتري ببهتان، أو نعصي الله. وهذا أبو بكر يقول للناس في أول خطبة له عند الخلافة " أطيعوني ما أطعت الله فيكم وهذا ثاني الخلفاء عمر الفاروق يخطب فيقول: " من رأى منكم في أعوجاجاً فليقومه، فرد عليه واحد من عامة الناس " والله لو رأينا فيك أعوجاجاً لقومناه بحد السيف، فحمد الله على أن جعل في الأمة من يقول أعوجاج عمر بحد السيف. وهو الذي خطب الناس بحثهم على الإقلال من المهور. فتقول له امرأة من آخر المسجد ليس ذلك يا عمر. يطيعنا الله بالقنطار وتعطينا بالدينار، فلم يجفل من مقاطعتها وقلولها بل قال: " أصابت امرأة وأخطأ عمر " وهو الذي كان يمشي في المدينة فلقيته عجوز فاستوقفته وأخذت تملي عليه ارشاداتها، وتنبهه إلى ما تراه حقا، وأوصته بالعدل في الرعية. فما تولاه منها برم، ولا أزعجه منها نقد.
- حرية العمل: وهذه تنتظم أوسع. ما وسعته الدساتير الوضيعة من:-
- حرية الاجتماع: فقد نهى النبي عن الاستماع إلى قوم في مجلسهم من غير إذن منهم، وعن الجلوس بين اثنين بغير رخصة منهم.
ب- حرية المسكن: فحرمته مصونة في الإسلام ) لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا ( ) وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ( ونهى الرسول r عن النظر إلى الجيران من نوافذ منازلهم " من نظر إلى كوة جاره فإنما ينظر إلى النار " " من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته ففضحه في عقر داره "
ج- حرية اللباس: حفظها الإسلام للناس في حدود الكمال، خشية الفتنة، فللرجل أن يلبس ما يشاء ما لم يكشف العورة، ويكره الإسلام للرجل الترف، كلبس الحرير، والتختم بالذهب، وهما غير مكروهين للمرأة ولها أن تتخير ما تشاء من ملابسها، بشرط أن تكون ساترة للعورات لا تشف ولا تفسر، فإن شفت عما تحتها، أو كانت من الضيق بحيث تفسر تقاطيع جسم المرأة، فهي بمثابة الكشف عن العورات وهي حرام.
د- حرية التنقل: فالهجرة والتنقل مأمور بهما في الإسلام ) فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ( ) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ( ) قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا (.
هـ- حرية العقيدة: أمرنا الإسلام أن ندع أهل الأديان الأخرى، ونضمن لهم حرية إقامة شعائرهم وعباداتهم، مقابل أن يدفعوا الجزية، وممكن أن تقوم مقامها الضرائب التي يدفعها لخزانة الدولة المواطنون من ذوي الأديان الأخرى، بل أمرنا أن ندع لهم الحرية في أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية، وألا نقيم عليهم من الحدود إلا ما كان خاصاً بحقوق العباد، أما ما كان خاصاً بحقوق الله فأمره إلى الله ) وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ( ) وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ( ، بل ذهب في تقديس حرية العقيدة إلى أن أمر المسلمين أن يعاملوا المجوس كما يعاملوا الكتابيين فقد جاء في حديث لعلي عن النبي r أنه قال: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب ". (97).
ثانياً: تنظيم المعاملات:
وهي الأحكام التي تنظم علاقات الناس ببعضهم وتقيم الروابط بينهم على العدل والرحمة والتعاون والمحبة ودفع أسباب الضرر والعدوان واجتناب الخير والمنفعة للناس جميعاً ويخل في ذلك نوعان:-
أ- المعاملات المالية: من بيع وإيجار ورهن وشركة.. الخ وهذه القوانين في الشريعة كأحدث القوانين في العصر الحاضر إلا ما حرم الله فهو حرام إلى يوم القيامة.
ب- الأحوال الشخصية: من زواج وطلاق وعدة وثبوت نسب... الخ وقد نظمها الإسلام بصورة لم تصل إلى مستواها معظم القوانين الوضعية الحديثة.
موقف غير المسلمين في المجتمع الإسلامي:
قال تعالى: ) وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ( فنص كتاب الإسلام ودستوره الخالد على طريقة المجادلة وهي الحالة التي قد تبلغ فيها حدة الكلام أشدها، وحددها بأنها ) بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ( وبلغ من حرص الإسلام على هذا المعنى أن أصدر الأمر إلى المسلمين في صورة نهي، ثم اتبعه باستثناء، مبالغة في الأمر " ولا تجادلوا.... إلا.... " وهكذا نظم الإسلام طريقة التفاهم بين المسلمين وغيرهم وحددها.
وكما سبق أن قلنا – إن ما أتى به الإسلام من قوانين الأحوال الشخصية، لا ينطبق على المسيحيين، ولا على غيرهم، بل ينطبق عليهم حكم ديانتهم، لذلك أمرنا بتركهم وما يدينون، وماداموا متفقين على التحكام لكنا بهم فليس لنا بهم شأن، أما إذا جاءونا، فإننا نحكم بينهم بما أنزل الله.
أما المعاملات، مثل البيع، والإيجارة، والرهن، فليس للمسيحيين فيها نصوص،لذلك كان الأخذ بما تراه الأغلبية في مصلحتها واجبا، يأخذه المسلمون على أنه دين، ويأخذه المسيحيون على أنه قانون، ولعله من الخير أن يأخذه المسلمون على أنه دين، لأن هذه الفكرة تعصمهم من الزلل في تنفيذه، وعين الله الساهرة ترقبهم، لا رهبة الحاكم، التي يمكن التخلص منها في كثير من الأحيان.
على أن المعاملات في شريعة الإسلام غاية في السمو والعدالة، وليس للمسيحيين أن يشكو من أنها تحرم الربا، فهو محرم في ديانتهم، فقد أقام المسيحيون على ذلك ثلاثة عشر قرنا، حتى أصبحت شرائع الإسلام بالنسبة لهم، شرائع قومية. (98)
على أن التسمية التي يسميها علماء الفقه الإسلامي لأهل الكتاب، وهي " الذميين " أو " أهل الذمة " هي ضمان الأمان، كل الأمان، فإن فيها استشارة لمعاني الرجولة السامية، التي تجعل الإنسان بعيداً كل البعد عن مجرد التفكير في خفر الذمة، والغدر بقوم أعطوا ميثاق الأمان، لأنها جريمة من أكبر الجرائم في عرف الإسلام، بل على العكس، فإن مجرد الشعور بأنهم " أهل الذمة " يدفع المسلمين دفعاً إلا المبالغة في الحفاظ عليهم، حتى لا يشعروا بأقل مظاهر الظلم والعدوان، ومن ثم تتكون الثقة، وتتحسن العلاقات، ويعيش الجميع في محبة وسلام.
ثالثاً: فرض العقوبات: وقد شرعت في الإسلام لحفظ حياة الناس وأعراضهم، وأموالهم، تأديباً للناس، وزجراً لهم عن ارتكاب الجرائم. مثل عقوبات القتل، والسرقة، وقطع الطريق، وأهل الفساد، والزنا، والقذف، أي القصاص والحدود.
والحق أن الإسلام لم يقم نظامه على العقوبات، بل قام في حقيقة الأمر على تهذيب النفس، وتطهير القلب، وإصلاح المجتمع من المفاسد، والعمل على سد الذرائع للجرائم كافة. وقد قال الرسول r: " ما تركت من خير إلا وأمرتكم به، وما تركت من شر إلا ونهيتكم عنه " فالتربية الدينية التي أوجبها الإسلام كفيلة بتنشئة المرء على حب الخير، ومساعدة الناس، وموادتهم، والإحسان إليهم. وهي التي تخلق فيه روح التسامح، وتبعده عن روح البغي. وكلما تعصب المسلم لعقيدته، بعد عن التعصب ضد الناس وعمل على احترام عقائدهم، وأموالهم، وأعراضهم، وأرواحهم. وأما العقوبات فهي لا تأتي إلا في المقام الأخير لأنها إنما وضعت لشواذ الناس الذين لا تردعهم الموعظة الحسنة.
وأكثر ما يعترض به على العقوبات، هو قطع يد السارق، ورجم الزاني المحصن، وقد أوضح الإسلام أنه لا تقطع يد السارق إلا إذا استوفى حقه من التعليم، والمسكن، والملبس، والمأكل، والعلاج، وسداد دينه إن كان مدينا. لذلك لم يثبت في تاريخ الإسلام أنه قطعت أيدي أكثر من ستة أشخاص، ورهبة العقوبة مانعة من التعدي. وأما حد الزنا فحسبنا أنه لم يثبت ولا مرة واحدة في شهادة الشهود، وهم أربعة. لابد أن يروا رأي العين.
فهذه عقوبات تهديدية، لكي تبين للناس فداحة الجرم، إن هم أقدموا عليه، وعادلة لأنها لا تطبق إلا في مجتمع إسلامي متكامل، توفرت فيه دعائم التربية السليمة. وأسباب الاستقرار الاجتماعي المادية والأدبية.
ووراء الحدود القليلة التي نص عليها الكتاب وبينتها السنة، باب واسع لنظام العقوبة في الإسلام اسمه " التعزير " استفاضت فيه بحوث فقهاء الإسلام، وبلغت حداً من الغنى والدقة، يعز معهما على دارس القانون أن يرى جهل المسلمين بها، وغفلتهم عن الاستفادة منها. وأراء الفقهاء فيها تقابل الآراء المعمول بها في القوانين القائمة. (99)
رابعاً: إقامة المصالح العامة وصيانتها:
ونستطيع أن نلخص المصالح العامة في ثلاثة بنود رئيسية:
- المصالح القومية.
- المصالح الاجتماعية.
- المصالح الاقتصادية.
- المصالح القومية: وهذه نستطيع أن نقسمها إلى قسمين:
(أ) إثارة الاعتزاز القومية. (ب) الاهتمام بالقوة العسكرية.
(ا) إثارة الاعتزاز بالقومية:
تحتاج الأمم الناهضة إلى الاعتزاز بقوميتها كأمة فاضلة مجيدة، لها مزاياها وتاريخها، حتى تطبع الصورة في نفوس الأبناء، فيفدون ذلك المجد والشرف بدمائهم وأرواحهم، ويعملون لخير الوطن وإعزازه وإسعاده . هذا المعنى لن نراه واضحاً في نظام من النظم، عادلاً فاضلاً رحيماً، كما هو في الإسلام الحنيف. فإن الأمة التي تعلم أن كرامتها وشرفها، قد قدسة الله في سابق علمه، وسجله في محكم كتابه فقال تبارك وتعالى ) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ( ) وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ( لهي أجدر بافتداء عزتها الربانية بالدنيا وما فيها، غير أن القومية في الإسلام ليس من نوع العصبية الجنسية، والفخر الكاذب. كما تنادي بعض الدول التي تلقن أبناءها بأنها فوق الجميع. ولكنها قومية فاضلة تدعو العالم إلى الخير ) تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (.
(ب) الاهتمام بالقوة العسكرية:
لم يغفل الإسلام هذه الناحية بل جعلها فريضة من فرائضه حماية للنظام القائم، ولم يفرق بينها وبين الصلاة والصوم في شيء. وليس في الدنيا كلها نظام عنى بهذه الناحية كما عنى بذلك الإسلام في القرآن الكريم والحديث ) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ( ، " علموا أولادكم السباحة والرماية ومروهم ليثبوا على الخيل وثبا " .
وفي آيات القرآن الكريم، وسنة النبي في غزواته، والخلفاء الراشدين من بعده، من الطرق الحربية ما يضارع أحدث النظم الحربية التي تلقنها الكليات العسكرية مما ليس هنا مجال تفصيله.
على أن الإسلام الذي قدس القوة ذلك التقدي، هو الذي آثر عليها السلم فقال تعالى بعد آيات القوة مباشرة ) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (. (100)
2- المصالح الاجتماعية:
وهي التعليم، والصحة العامة، وتقوية الأخلاق، ومحاربة الفقر، والجهل، والمرض، والرذيلة، وقد تناول الإسلام هذه الأمور جميعها كما يأتي:
1- الإسلام والعلم:
يجعل الإسلام العلم فريضة من فرائضه، وأول آية نزلت من كتاب الله ) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ( كما أن رسول الله قد جعل من فداء المشركين في بدر، أن يعلم أحدهم من الأسرى عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة. عملاً على محو الأمية من الأمة، ولم يسو بين العلماء وبين الجاهلين، قال تعالى: ) هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ( ولم يفرق بين علم الدنيا وعلم الدين، بل أوصى بهما جميعاً، وجمع علوم الكون في آية واحدة، وحث عليها، وجعل العلم بها سبيل خشيته، وطريق معرفته، فذلك قوله تعالى: ) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ( وفي ذلك إشارة إلى الهيئة، والفلك، وارتباط السماء بالأرض ثم قال تعالى: ) فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ( وفي ذلك إشارة إلى علم النبات، وغرائبه، وعجائبه، وكيميائه ) وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ( وفي ذلك الإشارة إلى علم الجيولوجيا، وطبقات الأرض، وأدوارها، وأطوارها " ومن الدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك وفيها الإشارة إلى علم البيولوجيا، والحيوان بأقسامه من إنسان وحشرات وبهائم. ثم يردف ذلك كله بقوله ) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ( وهذا يدل على أن الله يأمر الناس بدراسة الكون، ويحضهم على ذلك، ويجعل العارفين بدقائقه وأسراره أهل معرفته وخشيته.
2- الإسلام والصحة العامة:
حث الرسول r المؤمنين على المحافظة على قوة أبدانهم، كما حثهم على قوة أرواحهم حيث يقول: " المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف "، ويقول: " إن لبدنك عليك حقا " ولقد بين رسول الله r للأمة كثيراً من قواعد الصحة، وبخاصة في علم الوقاية وهو أفضل شطري الطب. فقوله r: " نحن قوم لا نأكل إلا إذا جعنا، وإذا أكلنا لا نشبع " وتحريه r فيما يشرب من ماء. في الحديث (كان r يستعذب الماء)، ونهيه عن التبول والتبرز في المياه الراكده، وإعلانه الحجر الصحي على البلد المطعون وأهله فلا يتركونه ولا ينزل غيرهم، وتحذيره من العدوى، وطلب الفرار من المجذوم، وأخيراً عنايته بكثير من فروع رياضة البدن، كالرمي، والسباحة، والفروسية، والعدو، وحث أمته عليها وعلى العناية بها. حتى ورد في الحديث ( من علم الرمي ثم نسى فليس مني ) ونهيه r نهياً مشدداً على التبتل، والترهب؛ وتعذيب الجسوم وإضوائها تقرباً إلى الله تبارك وتعالى. وإرشاده الأمة إلى جانب الاعتدال في ذلك كله كل هذا ينطبق بعناية الإسلام البالغة بصحة الأمة العامة، وتشديده في المحافظة عليها، وإفساح صدره لكل ما فيه خيرها وسعادتها من هذا الجانب الهام، وهكذا حارب الإسلام المرض.
3- الإسلام والخلق:
عنى الإسلام عناية كبيرة بالخلق، فهو الذي جعل صلاح النفس وتزكيتها أساس الفلاح، فقال تعالى: ) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ( وجعل تغيير شئون الأمم وقفاً على تغيير أخلاقها، وصلاح نفسها ) إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ( وهو الذي يحض على الوفاء ) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ( كما يحض على البذل، والتضحية، والصبر، واحتمال الشدائد ) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ( وليس كالإسلام عاملاً على إيقاظ الضمير، وأحياء الشعور، وإقامة رقيب النفس، وذلك خير الرقباء.
وهكذا حارب الإسلام الرذيلة (101).
4- التكافل الاجتماعي ومحاربة الفقر:
حارب الإسلام الفقر نظرياً فجعله قرين الكفر، واستعاذ منه رسول الله r: " اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر " وحبب في المال الصالح فقال: " نعم المال الصالح للرجل الصالح " وجعل الزهادة في القلوب لا في الحطام، فازهد الناس هو من كان بما في يد الله اشد ثقة منه بما في يد نفسه، وحارب الفقر عملياً، فأوصى بالعمل، والكسب وأمر به: ) فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ( وجعل السعي في كسب العيش قربة إلى الله تعالى من أعظم القربات. توجب مثوبته، ومغفرته، ومحبته، حتى قال النبي r: " إن الله يحب المؤمن المحترف " وطارد في نفس الفقير معنى الذلة وأفهمه أن الفقر ليس في أعراض الحياة الدنيا، ولكن في النفوس والأخلاق فقال الرسول r: " ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس ". (102).
أما التكافل الاجتماعي، فقد قرر الإسلام مبدأه في كل صوره وأشكاله. فهناك تكافل بين الفرد وأسرته القريبة ) وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ( ) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ( ) وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ( وقيمة هذا التكافل في محيط الأسرة أنه قوامها الذي يمسكها، والأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع. وهناك تكافل بين الفرد والجماعة، وبين الجماعة والفرد، يوجب على كل من
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاخوان المسلمون / أصول الإصلاح الإسلامي وقواعده (3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاخوان المسلمون مسئولية الحاكم
» الاخوان المسلمون الأخــوات المسلمــات
» الاخوان المسلمون / الأخــوات المسلمــات / اخيرا (6)
» الاخوان المسلمون / تنظيم علاقات الدولة بالدول الخارجية (4)
» الاخوان المسلمون / الدعاية بالمساجد والميادين ولصق الإعلانات على الحوائط. (5)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى فلسطين-
انتقل الى: