ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري Empty
مُساهمةموضوع: اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري   اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري Emptyالأحد أبريل 07, 2013 12:31 am

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري QtIU4

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري
كُفّي دُموعَكِ، للتفرّقِ، واطلبي = دمعاً يُبارَكُ مثلَ دمعِ الزاهدِ
فبقطرَةٍ منهُ تَبوخُ جهنّمٌ = ، فيما يُقالُ، حديثُ غيرِ مُشاهد

اللَّهُ صَوّرَني، ولستُ بعالِ = مٍ، لِمَ ذاكَ، سُبحانَ القديرِ الواحدِ
فلتشهدِ الساعاتُ، والأنفاسُ لي = ، أني بَرِئتُ من الغَويّ الجاحدِ

لا شامَ للسلطانِ، إلاّ أنْ يُرى = نَعمُ البداوةِ كالنّعامِ الطّارِدِ
ويكونَ، للبادينَ، عذبُ مياهِه، = مثلَ المُدامَةِ لا تَحِلُّ لوارِد

جَهْلٌ مَراميَ أن تكونَ مُوافقي، = وشكوك نفسي، بينهنّ، تَعادي
ليسَ التكثّرُ من خليقةِ صادِقٍ، = فاذهبْ لعادِكَ أستمرَّ لعادي

أروى دمٌ قلباً، وتلكَ سفاهةٌ؛ = والدّهرُ منْ عَجَلٍ ومنْ إرْوادِ
فَروائحٌ، وبواكِرٌ، ومَعارِفٌ، = ومَناكِرٌ، وحَواضِرٌ، وبوادِ

اذكُرْ إلهكَ، إنْ هَببتَ من الكَرى، = وإذا همَمْتَ لهَجعةٍ ورُقادِ
إحذَرْ مجيئكَ، في الحساب، بزائفٍ، = فاللَّهُ ربُّكَ أنْقَدُ النُّقّاد

قلّدْتَني الفُتيا، فتوّجْني غداً = تاجاً، بإعفائي من التّقليدِ
ومن الرّزِيّةِ أن يكون فؤا = دُكَ الوقّادُ في جسدٍ، عليه، بليد

إن شئتَ كلّ الخَيرِ يُجمَعُ في = الأولى، فبِتْ كالصّارِمِ الفَرَدِ
ماذا يَرُوقُ العَينَ من أُشُرٍ، = عُقباهُ صائرَةٌ إلى درَد

وجَدْنا اختلافاً، بيننا، في إلهنا = ، وفي غيرهِ، عزَّ الذي جلّ واتّحدْ
لنا جُمعَةٌ، والسّبتُ يُدعى لأمّةٍ = أطافتْ بموسى، والنصارى لها الأحد

لا تُكرِموا جسدي، إذا ما حلّ بي = رَيْبُ المَنُونِ، فلا فضيلةَ للجسد
كالبُرْدِ كانَ على اللّوابِسِ نافقاً = ، حتى إذا فَنِيتْ بشاشتُهُ كسدْ

ما جُلِبَ الخيرُ إلى = صاحِبِ عقلٍ، وكسدْ
أشدُّ خطْبٍ، يُتّقى، = فِراقُ رُوحٍ لجسدْ

يلقاكَ، بالماءِ النميرِ، الفتى = ، وفي ضميرِ النّفسِ نارٌ تَقِدْ
يُعطيكَ لفظاً، ليّناً مسُّهُ، = ومثلُ حدّ السيفِ ما يَعتَقِد

إذا اجتمعَ اثنانِ، في منزلٍ = ، على خَرْبةٍ، فُضِحا للأبَدْ
تُبَدُّ الحظوظُ على أهلِها = ، ولكنْ تُبادُ، ومنْ لم يُبَد

يُسمُّون بالجهْلِ عبدَ الرّحيم، = وعبدَ العزيز، وعبدَ الصَّمدْ
وما بلَغُوا أن يكونوا لهُ = عبيداً، وذلك أقصى الأمَد

تغيّبتُ في منزلي بُرْهةً، = سَتيرَ العُيوبِ فقيدَ الحسدْ
فلمّا مضى العُمْرُ، إلاّ الأقلَّ = ، وحُمَّ لروحي فراقُ الجسدْ

ما يُعرَفُ، اليومَ، من عادٍ وشيعَتِها = ، وآلِ جُرْهُمَ، لا بطنٌ ولا فَخِذُ
أطارَهُمْ، شيمةَ العَنقاءِ، دَهرُهُمُ، = فليسَ يَعلَمُ خَلقٌ أيّةً أخذوا

النّاسُ أكثرُ ممّا أنتَ مُلتَمِسٌ = ، إنْ لم يوازِرْكَ هذا المُستعانُ، فذا
وما يَريبُكَ منْ سَهْمٍ رُميتَ به = ، وقد أصابكَ مرّاتٍ فما نَفذا

ليْتَ البسيطةَ لا تلقى بظاهِرها = شَعباً، يُعَدُّ، ولا بطْناً، ولا فَخِذا
أعارَكَ اللَّهُ ما أعطاكَ مَوهِبَةً، = لو كان ما نلتَ موهوباً لما أُخِذا

يا لهفَ نفسي على أني رَجَعْتُ = إلى هذي البلادِ، ولم أهلِكْ ببغداذا
إذا رأيتُ أموراً لا توافقني، = قلتُ: الإيابُ إلى الأوطانِ أدّى ذا

تَلَفّعَ بالعَباءِ رجالُ صدقٍ، = وأوسعَ غيرُهم سَرَقاً ولاذا
فلا تَعجَبْ لأحكامِ اللّيالي، = فإنّ صُرُوفَها بُنيَتْ على ذا

يا واعظي بالصّمتِ! ما لك لا = تُلْقي إليّ حديثكَ اللّذّا؟
إنّ الجديدَيْنِ، اللّذيْنِ هُما = سِبْقانِ، بذّاني وما بُذّا

نَبذْتمُ الأديانَ منْ خَلفِكم، = وليسَ في الحكمةِ أن تُنبَذا
لا قاضيَ المِصرِ أطعتُم، ولا = الحَبرَ، ولا القَسُّ، ولا الموبَذا

تَفادى نفوسُ العالمينَ من الرّدى، = ولا بُدّ، للنّفسِ المُشيحةِ، من أخذِ
ترى المرءَ جبّارَ الحياةِ، = وإنْ دنَتْ منيّتُه ألفَيتَهُ، وهو مستخذي

مَن يَبغِ، عنديَ، نحواً، أو يُرِدْ لغةً، = فما يُساعَفُ منْ هذا ولا هذي
يكفيكَ شَرّاً، من الدّنيا، ومنقَصةً = ، أن لا يَبينَ لك الهادي من الهاذي

شُئِمتِ يا هِمّةً، عادت شآميةً، = من بعد ما أُوطنتْ، عصراً، ببغداذ
ولستِ ذاتَ نخيلٍ، لا ولا أُنُفٍ = كَرْميّةٍ، فتقولي شفّني داذي

لوَ انّكَ، مثل ما ظَنّوا، كريمٌ، = لما فتنتْكَ بنتُ الكرمِ هذي
ولا أصْبَحْتَ فاقِدَ كلّ عقلٍ = ، تُباذي، في المجالسِ، أو تُهاذي

مَن يُوقَ لا يُكلَمْ، وإن عَمدتْ له = نبْلٌ، تُغادِرُ شَخْصَهُ كالقُنْفُذِ
بلغتْهُ مُرْهَفةُ النّصالِ، وأُثبِتَتْ = فيما عليه، وكلُّها لم تَنْفُذِ

صوارِمُهُم عُلّقَتْ بالكُشوحِ، = مكانَ تَمائِمِهِمْ والعِوَذْ
وما يَمنُع، الخائفينَ الحِمامَ = ، لُبْسُ دُروعِهِمُ والخُوَذ

جرى المَينُ فيهمْ، كابراً = بعدَ كابرٍ، عن الخُبر يحكي، لا عن السلف، الحَبرُ
خَبَرْتُ بني الدنيا، وأصبحتُ راغباً = إليهم، كأني ما شَفاني بهمْ خُبْرُ

إذا كان لم يَقْتُرْ عليكَ، عطاءَهُ، = إلهُكَ، فَلْيَهجُر أنامِلَك القَترُ
ونحنُ بنو الدّهر، الذي هو خاتِرٌ، = فليسَ بناءٍ، من خلائقنا، الختْر


قِيانٌ غدتْ، خمساً وعشراً، على عَصا = لخمسٍ وعشرٍ، لا يُحَسُّ لها جَذْرُ
تحلّتْ بشَذْرٍ بعد أطواق حِندسٍ = قديمٍ، ومن صوغ الندى ذلك الشَّذر

تقَنّعْ من الدّنيا بلَمحٍ، فإنّها = ، لدى كلّ زوجٍ، حائضٌ ما لها طُهْرُ
متى ما تُطَلِّقْ تُعطِ مَهراً، وإن تزِدْ = فنفسُكَ، بعد الدَّينِ والرّاحةِ، المَهر

غفَرتُ زماناً في انتكاسِ مآثمٍ، = وعندَ مليكِ الناسِ يُلتَمسُ الغَفْرُ
وفي وَحدةِ الإنسانِ أصنافُ لذّةٍ؛ = وكلُّ صنوفِ الوحش يجْمَعُها القفر

بيوتٌ، فمهدومٌ يُرى ومُقوَّضٌ، = بكَسرٍ، وبيتٌ من قريضٍ لهُ كسْرُ
حوادثُ فيها رائحاتٌ ومُغتَدٍ = ؛ وأمران: عُسْرٌ، في البريّةِ، أو يُسْر

دعي، وذري، الأقدارَ تمضي لشأنِها = ، فلم تحْمِ مُلْكاً لا دمَشقُ ولا مِصرُ
ولا الحَرّةُ السّوداءُ حاطتْ سيادةً؛ = ولا البصرةُ البيضاءُ حصّنها البِصر

إذا زادكَ المالُ افتقاراً وحاجةً = إلى جامِعِيهِ، فالثراءُ هو الفقرُ
ألمْ ترَ أنّ المَلْكَ ليسَ بدائمٍ = على مُلكِهِ، إلاّ وعسكرُهُ وِقْر؟

تلقّبَ مَلكٌ قاهراً، مِن سَفاهةٍ؛ = وللَّهِ مولاهُ الممالكُ والقَهرُ
أتغضبُ أنْ تُدعى لئيماً مُذَمَّماً؛ = وحَسبُكَ، لؤماً، أنّ والدَكَ الدّهرُ

إذا كنتُ قد جاوزتُ خمسينَ حِجّةً، = ولم ألقَ خيراً، فالمَنيّةُ لي سِترُ
وما أتوقّى، والخُطوبُ كثيرةٌ، = من الدّهر، إلاّ أنْ يَحِلّ بي الهِتر

طَـرِبْـنَ لضَوْءِ البَارِقِ المُتَعالي
بـبَـغداد، وَهْناً، ما لَهُنّ وما لي

أجَلُّ سِلاحٍ، يَتّقي المرءُ قِرنَهُ = به، أجَلٌ، يومَ الهِياجِ، مُؤخَّرُ
ورُبّ كميٍّ يحمِلُ السيفَ، صارماً = ، إلى الحربِ، والأقدارُ تلهو وتسخَرُ

إذا صغّر، اسماً، حاسدُوكَ، فلا تُرَع = لذلك، والدنيا، بسعْدكَ، تَفغَرُ
فإنّ الثريّا واللُّجَينَ، وحسبُنا = بها، وسُهيلاً، كلَّهنّ مصغَّرُ

لعَمري، لقد عزّ المباحُ عليكمُ، = وهان، بجَهلٍ، ما يُصانُ ويُحظَرُ
وفي الحقّ أشباهٌ من الذهَبِ، الذي = نشاهدُه، ثِقلٌ ومَكْثٌ ومَنظر

حوَتْنا شُرُورٌ، لا صلاحَ لمثلِها، = فإنْ شذّ منّا صالحٌ، فهو نادرُ
وما فَسَدَتْ أخلاقُنا باختيارِنا = ، ولكنْ بأمرٍ سبّبتْهُ المقادرُ

دَع القومَ! سلُّوا بالضّغائنِ، بينهم، = خناجرَ، واشرَبْ ما سَقَتك الخناجرُ
طَعامُ غنيّ الإنسِ والفاقِدِ الغِنى = سواءٌ، إذا ما غيّبَتهُ الحَناجر

أرى كلّ أُمٍّ، عُبرُها غيرُ مُبطىءٍ، وما أُمُّ دَفرٍ بالتي بانَ عُبرُها
هي النّفسُ تهوى الرُّحبَ، في كلّ منزل، = فكيفَ بها إن ضاق، في الأرض، قبرها

عجِبتُ لورقاءِ الجناحَينِ، شأنُها = ، إذا غنيَ الأقوامُ بالمالِ، فَقرُها
غدتْ أمسِ في قُرّيّةٍ صَفَرِيّةٍ = ، بقِرّيّةٍ يُوعي بها، الزّادَ، نَقرها

أرى أُمنَّا، والحمدُ للَّهِ ربِّنا، = يهُبُّ علينا، بالحوادثِ، مُورُها
فما زِيدَ منها، قبضةَ الكفّ، زَبدُها، = ولا عَمِرَتْ فيها، لخيرٍ، عُمورها

تَسَمّى سروراً، جاهلٌ متخَرِّصٌ، = بفيهِ البَرى! هل، في الزمان، سرورُ؟
نعم! ثَمّ جُزءٌ من أُلوفٍ كثيرةٍ = من الخيرِ، والأجزاءُ، بعدُ، شُرور

عقولُكُم، في كلّ حالٍ، بكِيّةٌ، = ولكنْ دموعُ الباكياتِ غِزارُ
يعودُ فنيدُ الملكِ، إن عادَ جَدُّهُ = مُعَدٌّ، إليكم، أو أبوه نِزار

أسِيتُ، إذ غابتِ الأحجالُ والغُرَرُ؛ = وإنّما النّاسُ، في أيّامهمْ، عُرَرُ
وعُذْتُ باللَّه من عامٍ، أخي سَنةٍ، = نجومُه، في دُخانٍ ثائرٍ، شَرر

زهوي على المرءِ، فوقي، متلِفٌ، وعلى = مثلي، غَباً، وعلى منْ دونَه، أشرُ
حَسْبُ البريّةِ منْ قُرْبَى، تضمُّهمُ = أشياءُ توجَدُ، منها أُلّفَ البشرُ

الدّهْرُ كالرَّبْعِ، لم يَعلمْ بحالتهِ = ، هل عند ذي الدّارِ، من سكانها، خبرُ؟
وسوفَ يقدُمُ، حتى يَسْتَسِرّ به = سَنا النّهارِ، ويُفني، شَرْخَه، الكبر

نخشى السّعيرَ، ودُنيانا، وإن عُشقَتْ، = مثلُ الوطيسِ تَلَظّى، ملؤهُ سُعُرُ
ما زِلْتُ أغسِلُ وجهي للطَّهورِ به، = مُسياً وصبْحاً، وقلبي حَشوُه ذُعُر

حاجي نظيمُ جُمانٍ، والحياةُ مَعي = سِلْكٌ قصيرٌ، فيأبَى جمعَها القِصَرُ
أمّا المُراد فجمٌّ، لا يُحيطُ بهِ = شَرْحٌ، ولكنّ عُمرَ المرءِ مختصَر

أرْمى، وجدِّكَ، من رامي بني ثُعَلٍ = ، حتفٌ، لديه إزاءُ الحوضِ، والعُقُرُ
يغشاهمُ الكرهُ، في الدنيا، فآدِبُهمْ = منهُ، كآدِبِ قيسٍ، ليس ينتقِرُ

من ادّعى الخيرَ من قومٍ، فهم كُذُبٌ، = لا خيرَ، في هذه الدنيا، ولا خِيَرُ
وسيرةُ الدهرِ ما تنفكُّ مُعجِبَةً، = كالبحرِ، تغرَقُ في ضَحضاحِها السّيَرُ

منازلُ المجدِ، من سكّانِها، دُثُرُ، = قد عَثّرَتْهمْ، صُرُوفٌ، بالفتى، عُثُرُ
هَبِ الديانةَ لا تُرعى، فما لَهُمُ = حقَّ المروءةَ لم يرعَوْا، وإن كَثُروا؟

تورّعوا، يا بني حوّاءَ، عن كَذبٍ، = فما لكم، عند ربٍّ صاغكم، خَطَرُ
لم تُجدِبوا لقبيحِ من فعالِكُمُ، = ولم يَجئكم، لُحسنِ التوبة، المطرُ

تشكّتِ، الضِّيعةَ، الشقراءُ، جاهدةً = ، فقيلَ: صبراً إلى أن ينبُتَ الشّقِرُ
ولا مقرّ على اللّذّاتِ، أوّلُها = شُهْدٌ، يَغُرُّ، ولكن غِبّه مِقَرُ

قد شابَ رأسي، ومن نبت الثرى جسدي، = فالنّبتُ آخرُ ما يعتُو به الزّهَرُ
إذا ركبتَ، لإدراكِ العُلا، سفُناً، = فالبحرُ يحمِلُ ما لا يحمِلُ النّهَر


سَمِّ الهلالَ، إذا عايَنتَهُ، قَمَراً = ، إنّ الأهِلّةَ، عن وشكٍ، لأقمارُ
ولا تقولَنْ: حُجَينٌ، إنّهُ لقَبٌ، = وإنّما يَلفِظُ، التلقيبَ، أغمار

لا مُلكَ للمَلِكِ المقصورِ نَعلَمُهُ = ، وكلُّ مُلْكٍ، على الرحمنِ، مقصورُ
مَضَتْ قرونٌ، وتمضي بعدَنا أُممٌ = ، والسّرُّ خافٍ، إلى أن يُنفخَ الصّور

أمورُ سكّانِ هذي الأرضِ كلّهِمُ = ، كلفظِهم، فيه منظومٌ ومنثورُ
يُلقي، المُهَنّدَ مأثوراً، أخو كرَمٍ = ، ولا يَشِيعُ قبيحٌ عنهُ، مأثور

جَيبُ الزمانِ على الآفاتِ مزرورُ = ما فيهِ إلاّ شقيُّ الجَدّ مضرورُ
أرى شَواهِدَ جَبرٍ، لا أُحَقّقُهُ، = كأنّ كلاًّ، إلى ما ساءَ، مجرور

تَخَيُّلٌ من بني الدّنيا، غدا عَجَباً، = للمُفكرِينَ، وكلُّ النّاسِ محسورُ
كأنّ إعرابَ أغرابٍ ثَوَوا، رمَناً، بالدوّ، فينا، بُحكمِ النحوِ، مأسور =

لا يُبصِرُ القَومُ، في مَغناك، غِسلَ يدٍ = على الطعامِ، إلى أن يُرفعَ السُّورُ
ولا يَكُنْ ذاكَ إلاّ بعدَ كفّهِمُ = أكُفَّهمْ، ويَسيرُ الفعل مَيسور

الصمتُ أولى، وما رِجْلٌ مُمَنَّعَةٌ، = إلاّ لها بصُروفِ الدّهرِ تعثيرُ
والنّقْلُ غَيّرَ أنباءً سَمِعتَ بها؛ = وآفةُ القَولِ تَقليلٌ وتكثير

ما باختياريَ ميلادي، ولا هَرَمي، = ولا حياتي، فهل لي بعدُ تَخييرُ؟
ولا إقامةَ إلاّ عن يَدَيْ قَدَرٍ، = ولا مَسيرَ إذا لم يُقضَ تَسيير

غيّر وأنكر، على ذي الفُحش، منطقَهُ، = إذا أجازَ خنا زيرٍ خنازيرُ
أمّا الجسومُ، فإنْسٌ في مناظِرِها = ، لها، من النّحضِ، تشبيكٌ وتأزير

لهفي على لَيلَةٍ ويومٍ = ، تألّفَتْ منهما الشّهورُ
وأُلفِيا عُنْصرَيْ زمانٍ = ، ليسَ، لأسراره، ظُهور

كأنّما الأرضُ شاعَ فيها، = من طِيبِ أزهارِها، بَخُورُ
أثْنَتْ على ربّها السّواري، = والنّبْتُ والماءُ والصّخورُ

كم سبّحَتْ أربَعٌ جَوارٍ، = لها بتسْبيحِها حُبورُ
فمنْ جَنوبٍ ومن شَمالٍ، = ومن صَباً، أختُها الدَّبورُ

إذا سَنَةٌ بكى تشرينُ فيها، = وساعَدَهُ بدمعتهِ أذارُ
فرُودي حيثُ شِئتِ، بغيرِ أزْلٍ، = وليسَ علَيكِ من جَدْبٍ حِذار

ثلاثُ مآرب: عَنْسٌ، وكُورٌ = ، ونَهجٌ قد أبانَ، فهل بُكورُ؟
وبعضُ النّاس، في الدنيا، كطيرٍ = أوانفَ أن تُلائمها الوكورُ

أُمورٌ تَستَخفُّ بها حُلومٌ، = وما يَدري الفتى لمن الثُّبورٌ
كتابُ محمّدٍ، وكتابُ موسى، = وإنجيلُ ابنِ مَريمَ، والزّبور

للحالِ بالقَدَرِ اللّطيفِ تغيُّرُ = ، فلينْأ عنكَ تفاؤلٌ وتطيُّرُ
قد حارَ آدمُ، في القضاءِ، وآلُه = ، أفلِلْملائِكِ، في السّماء، تحيّر؟

أنا، باللّيالي والحوادثِ، أخبرُ = ، سَفَرٌ يَجِدُّ بنا، وجِسرٌ يُعبَرُ
واجهتَ قُبّرَةً، فخِفتَ تطيّراً؛ = ما كلُّ ميتٍ، لا أبا لكَ، يُقبر

إجعل تُقاكَ الهاءَ، تَعرِفْ همسَها، = والرّاءَ، كَرَّرَها، الزّمانَ، مُكرِّرُ
قالوا: جهنّمُ! قلتُ: إنّ شرارَها = ولهيبها، يَصلاهُما المتشرِّرُ

أصبَحتُ غيرَ مميَّزٍ منْ عالَمٍ = مثلَ البَهائمِ، كلُّهمْ متحيّرُ
يتخيّرونَ، على المليكِ، قضاءَهُ؛ = سَفِهَ الغُواةُ، وليس فيهِمْ خَيّرُ

كيفَ احتيالُكَ والقضاءُ مدبِّرٌ، = تجني الأذى، وتقولُ إنّك مُجبَرُ
أرواحُنا معنا، وليس لنا بها = علمٌ، فكيفَ إذا حوَتها الأقبرُ؟

يا صالحُ اجعل وصفَ شخصِك واسمَه = مِثلينِ، إنكَ في بحارِكَ ماهرُ
ما فِضّةُ الإنسانِ إلاّ فَضّةٌ، = والتّبرُ تَتبيرٌ، وجَدُّكَ ظاهر

يا ربِّ! عيشةُ ذي الضّلالِ خسارُ، = أطلِقْ أسيرَكَ، فالحَياةُ إسارُ
وكأنّ عُمْرَ المَرءِ شُقّةُ ظاعنٍ، = تُسرى بأنفاسٍ له، وتُسار

الحَظُّ يُقْسَمُ، عاشَ بِشْرٌ ما اشتكَى = نَظراً، وعُمّرَ، أكمَهاً، بشّارُ
وهي الحوادثُ عُوَّذٌ، ولواقحٌ، = وشوائلٌ، وحوائِلٌ، وعِشار

ذهبَ الكرامُ، فليتَهُم ذهبٌ يُرى، = ونُضارُ أحسابِ الرّجالِ نُضارُ
إنْ يَبقَ لا يَهرَم، وإن يُطرَح إلى = حمراءَ مُوقَدَةٍ، فليسَ يُضار

أقصَرتُ منْ قَصْرِ النّهار، وقد أنَى = مني الغروبُ، وليسَ لي إقْصارُ
ويَنالُ طالبُ حاجَةٍ، بفَلاتِه، = ما لا تجودُ بمثلِهِ الأمْصارُ

أفطِرْ وصُمْ، أو صُمْ وأفطرْ، خائفاً = ، صومُ المنيّةِ ما لهُ إفطار
وأُراعُ منْ تِرْبي، ولا أرتاعُ من = تُربي، وفي قُربِ الأنيسِ خِطارُ

اللُّبُّ قُطبٌ، والأمورُ له رَحًى = ، فيهِ تُدَبَّرُ كلُّها وتُدارُ
والبدرُ يكمُلُ، والمحاقُ مآلُه، = وكذا الأهِلّةُ عُقْبُها الإبدارُ

طُرُقُ العَلا مجْهولةٌ، فكأنّها = صُمُّ العدائِدِ، ما لها أجذارُ
والعقلُ أنذرَنا بما هو كائنٌ = في الدّهر، ثمّ تَشَعّبَ الإنذار

أمتارُ من هذا الأنامِ، وكيفَ لي، = ومنَ الزّمانِ وشرِّه أمتارُ
سِترٌ وبخلٌ، والتجنّبُ والنّوى، = أستارُ مِثِلكَ، دوننا إستار

لا تَصحبنّ، يدَ اللّيالي، فاجراً، = فالجارُ يؤخَذُ أن يعيبَ الجارُ
هذي سجايا آلِ آدمَ، إنّهمْ، = لِثمارِ كلّ ظُلامةٍ أشجار

لا تأسفَنّ لفائِتٍ، ما واحدٌ = يُقضى له، في نَفسِهِ، إيثارُ
ويودُّ أن لا تَنقضي آثارُهُ، = ولتُدْرَسَنّ، كشَخْصِهِ، الآثار

دُنياكَ تُشبِهُ ناضِحاً مترَدداً، = منْ شأنِها الإقبالُ والإدْبار
آلَيتُ ما الحِبْرُ المِدادُ بكاذِبٍ، = بل تَكْذِبُ العلماءُ والأحبار

أجْزاءُ دهرٍ ينقضينَ، ولم يكنْ = بيني وبَينَ جميعِهِنّ جِوارُ
يمضي، كإيماضِ البروقِ، وما لها = مُكثٌ، فيُسمَعَ، أو يُقالَ حوار

أمّا القيامةُ، فالتّنازعُ شائِعٌ = فيها، وما لَخبيئِها إصحارُ
قالت مَعاشرُ: ما للؤلؤِ عائِمٍ، = يوماً، إلى ظُلَمِ المَحارِ، مَحارُ

طَفئتْ عيونُ النّاظرينَ، وأشرَقتْ = عينُ الغزالَةِ، ما بها عُوّارُ
ويكونُ، للزُّهرِ الطوالعِ، مُنتَهًى = يَذْوَيْنَ فيهِ، كما ذَوَى النُّوّارُ

أيَزورُنا شرخُ الشّبابِ، فيُرتجى، = أم يَستَقِرُّ بمنزِلٍ، فيُزارُ؟
هيهاتَ ما لم يَنتَفِضْ من قَبرِهِ = مُضَرٌ، فيُبعثَ، أو يَهُبَّ نِزار

بينَ الغريزَةِ والرّشادِ نِفارُ، = وعلى الزّخارِفِ ضُمّتِ الأسفارُ
وإذا اقتضيتَ، معَ السّعادةِ، كابياً = ، أوْريتَهُ ناراً، فقيلَ عَفار

يا ليلُ! قد نامَ الشجيُّ، ولم يَنمْ = ، جِنحَ الدُّجُنّةِ، نَجمُها المِسهارُ
إن كانتِ الخضراءُ روضاً ناضراً، = فلعلّ زُهرَ نجومِها أزهارُ

كم بالمدينةِ من غريبٍ نازِلٍ = ، لا ضابىءٌ منهمْ، ولا قيّارُ
أمّا الذينَ تديّروا، فتَحَمّلوا، = وتخلّفَتْ، بعدَ القَطينِ، دِيارُ

ما للفتى عقَرَت، حِجاه وما لَه = ، حَمْراءُ صافيةٌ، فقيلَ عُقارُ
قُرِعَتْ بماءٍ، وهي ذائبُ عَسجدٍ، = فطفَت عليه، من اللُّجَينِ، نِقار

قد أذكرتْ هذي السّنونَ من الأذى، = لا أنّ ناسِيَها له أذْكارُ
وتعارَفَ القومُ، الذينّ عرَفتُهُمْ، = بالمُنكراتِ، فَعُطّلَ الإنْكار

يا ظالماً! عقدَ اليدَينِ، مصليّاً = ، مِن دون ظُلمِكَ يُعقَدُ الزُّنّارُ
أتظنُّ أنّكَ للمَحاسن كاسبٌ، = وخبيُّ أمرِكَ شِرّةٌ وشَنار؟

أتِعارُ عينُك يا بن أحمرَ، ضِلّةً، = ويسومُ ليسَ ببارحٍ، وتِعارُ
مِن قَبلِ باهلَةَ، التي يُنمَى لها = جَدّاكَ، قيلت فيهما الأشعار

أعمارُنا جاءت، كآيِ كِتابِنا، = منها طِوالٌ وُفّيَتْ، وقِصارُ
والنّفسُ في آمالِها، كطريدةٍ = بين الجوارحِ، ما لها أنصار

لا علمَ لي بِمَ يُخْتَمُ العُمْرُ؟ = شجرُ الحياةِ، لهُ الرّدى ثُمْرُ
تُغْنيكَ ساعاتٌ، مُواشِكةٌ، = عمّا تَقولُ البِيضُ والسُّمْر

عَبَرَ الشّبابُ، لأمّه العُبرُ، = لا غابرٌ منهُ، ولا غُبْرُ
كالأدهمِ الجاري مضى، فإذا = آثارُه، بمَفارِقي، غُبْر

أشْدُدْ يدَيْكَ بما أقو = لُ، فقَولُ بعضِ النّاسِ دُرُّ
لا تَدنُوَنّ مِنَ النّسا = ءِ، فإنّ غِبّ الأرْيِ مُرّ

إن غاضَ بحرٌ، مدّةً، = فلَطالمَا غَدَرَ الغديرُ
فلكٌ يدورُ بحكمَةٍ، = ولهُ، بلا رَيْبٍ، مُدِير

طالَ صومي، ولستُ أرْفعُ سَوْمي، = ووُفودي، على المنيّةِ، فِطْرُ
أيّها الشّيبُ لا يَرِيبُكَ منْ كَفّـ = ـي مِقَصٌّ، ولا يُواريكَ خِطر

ضَحِكُ الدّهرِ، في محيّاكَ، مَكرُ، = ما له، غيرَ أنْ يسوءَك، فِكرُ
واعتقادُ الإنسانِ، فيك جميلاً، = مِنّةٌ، لا يَنالها منْكَ شُكر

سألتني عنْ رَهْطِ قَيْلٍ وعِترٍ، = أينَ؟ إلاّ الحَديثُ قَيْلٌ وعِترُ
خابَ منْ خلّفَ الحياةَ هتيكاً، = ما عليْهِ، منْ الدّيانةِ، سِتْرُ

إصبرْ، فمِن حيثُ أُهينَ الحصى = يُكرَمُ، في أدْراجِه، الدُّر
نحنُ عبيدُ اللَّه في أرْضِهُ، = وأعْوَزَ، المستَعْبَدَ، الحرّ

لو شاءَ ربّي لصاغَني مَلِكاً = أوْ مَلَكاً، ليسَ يعجَزُ القَدَرُ
أيّدَ منّي، وقال أيَّ دَمٍ، = أرَقْتَ، فهو الجُبارُ والهَدر

ما جُدَرِيٌّ، أماتَ صاحبَهُ، = من جَدَرِيٍّ، أتتْ بهِ جَدَرُ
ما سدِرَتْ، في العيانِ، أعيُنُهم، = لكنْ عيونُ الحِجَى بها سَدَرُ

أيا سارِحاً في الجَوّ، دُنياكَ مَعدِنٌ = يفوزُ بشَرٍّ، فابْغِ، في غيرِها، وكْرَا
فإنْ أنتَ لم تملِكْ وشيكَ فِراقِها، = فعِفَّ، ولا تنكِحْ عَواناً ولا بِكرا

أرى الأرضَ، فيها دولةٌ مُضَريّةٌ، = = يكونُ دَمُ الباغي عداوتَها مِضرا
وأرْدِيَةً بِيضاً تَبدّلَ أهلها، بحُكمِكَ ربّ النّاس، أرْديةً خُضرا

إذا حانَ يومي، فلأوسَّدْ بموضعٍ = من الأرضِ، لم يحفُر به أحدٌ قبرَا
هُمُ النّاسُ إنْ جازاهمُ اللَّهُ بالذي = تَوخَّوه، لم يَرْحَمْ جهولاً ولا حَبرا

أسرَّكَ أنْ كانتْ بوجهِكَ وَجْنَةٌ = سَمِيّةُ عِيرٍ، تَحمِلُ المِسكَ والعِطرا
وما علمَ، الأغراضَ، خاطِرُ حِندِسٍ = يُعِدُّ له غاوٍ، يُعاندُه، الخِطرا

إذا آمَنَ الإنسانُ باللَّهِ، فليكنْ = لبيباً، ولا يَخْلِطْ بإيمانِهِ كُفرا
إذا نفَرَتْ نَفسٌ عن الجِسمِ، لم تعُدْ = إليه، فأبعِدْ بالذي فعلَتْ نَفْرا

لقد أصبحتْ دُنياكَ، من فَرطِ حُبّها = ، تُرينا كثيراً، من نوائبها، نَزْرَا
ولو ظَهرتْ أحداثُها لَسمِعتَها = تَغَيَّظُ، أو عايَنْتَ أعيُنَها خُزْرا

هو البَرُّ في بحرٍ، وإن سكَنَ البَرّا، = إذا هو جاءَ الخيرَ لم يَعْدَمِ الشرّا
وهل تظفَرُ الدّنيا عليّ بمِنّةٍ = ، وما ساءَ فيها النّفسَ أضْعافُ ما سرّا

تعالى الذي صاغَ النّجومَ بقُدْرَةٍ، = عن القَولِ أضْحَى فاعلُ السّوءِ مجبِرَا
أرى عالَماً يَشكو إلى اللَّهِ جَهْلَهُ، = وكم من بَرًى يعْلو، فيخطُبُ، مِنبرا

إذا طَلَعَ الشَّيبُ المُلِمُّ، فحيّهِ، = ولا تَرضَ للعَينِ الشّبابَ المزَوَّرَا
لقد غابَ، عن فَوديك، خمسينَ حجّةً = ، فأهْلاً بهِ لمّا دَنا، وتسوّرا

جِوارُكَ هذا العالَمَ، اليومَ، نكبةٌ = عليك، وليسَ البَينُ عنهُ ميسَّرَا
سيعْلَمُ ذاكَ المدّعي صحّةَ الهدى، = متى كان حقٌّ، أيُّنا كانَ أخسرا

إذا ودَّك الإنسانُ يوماً لخِلّةٍ، = فغيّرَها مَرُّ الزّمانِ، تنكّرَا
ويُشرَبُ ماءُ المُزْنِ، ما دامَ صافياً = ، ويَزهَدُ فيهِ وارِدٌ، إن تعكّرا

أتتْ جامعٌ، يومَ العَرُوبةِ، جامعاً، = تقُصُّ على الشُّهّادِ، بالمِصر، أمرَها
فلو لمْ يقوموا ناصرينَ لصوتِها = ، لخِلتُ سماءَ اللَّهِ تُمطِرُ جمْرَها

إذا رَدَنَتْ فيما يَعودُ لطِفْلِها = بنفعٍ، فآمِرْها ورجِّ إمارَها
وجنّتُكَ الأولى عروسُك وافقَتْ = رِضاكَ، فإن أجنَتكَ فاجنِ ثمارَها

أُريدُ، من الدّنيا، خُمودَ شرورِها = ، فتوقِدُ، ما بينَ الجوانحِ، نارَها
تضلّلُني في مَهمَهٍ بعدَ مَهمَهٍ، = عدمتُ بهِ أنوارَها ومَنارَها

إذا ركبتْ إجّارَها، ورأيتَها = تُكَلِّمُ يوماً، في التستّر، جارَها
فبادرْ إليها البتَّ، واهجُرْ وصالَها = ، وقلْ تلكَ عَنسٌ حلّ راعٍ هِجارها

إنّ التّجارِبَ طيرٌ تألَفُ الخَمَرا، = يَصيدُها مَن أفادَ اللُّبَّ والعُمُرَا
كم جُزْتُ شهراً وكم جرّمتُ من سنةٍ = ، وما أرانيَ إلاّ جاهلاً غُمُرا

ما يفتأ المرءُ، والأبرادُ يُخلِقُها = باللُّبْس، عصراً، إلى أن يَلبَس الكِبرَا
وذاكَ بُرْدٌ، إذا ما اجتابَهُ رجلٌ، = ألغَى الحُبورَ، وألقى بالفمِ الحَبرا

إذا وفتْ، لتِجارِ الهنْدِ، فائدةٌ، = فاجعل، مع اللَّهِ، في دُنياكَ متّجَرَا
ودينُ مكّةَ، طاوعنا أئِمّتَهُ، = عصراً، فما بالُ دينٍ جاءَ من هجَرا

فوارسُ الدّهرِ جاءتْ تَسبقُ النُّذُرا، = كأنّما هيَ خيلٌ تنفُضُ العُذُرا
فاجعلْ شِعارَكَ حمدَ اللَّهِ، تَذكرُهُ = في كلّ دهرِكَ، واستَشعِرْ به حَذَرا

تأخُّرُ الشّيبِ عني مثلُ مقْدَمه = على سوايَ، ووقتُ الشيبِ ما حضرَا
وكم تعدّتْ، يَبيسَ الأرض، راعيةٌ = من السّوامِ، ورامتْ عينُها الخُضرا

أمّا الحياةُ، ففَقرٌ لا غِنى معَهُ = والموتُ يُغني، فسبحانَ الذي قدَرَا
لو أنصَفَ العيشُ لم تُذمَمْ صحابتهُ = ، وما غدَرْنا، ولكن عَيشُنا غدَرا

الدينُ هَجرُ الفتى اللذّاتِ عن يُسُرٍ = ، في صحّةٍ واقتدارٍ منه ما عَمِرا
والحِلْمُ صبرُ أخي عِزٍّ لظالمهِ، = حتى يقولَ أُناسٌ ذلّ أو قُمِرا

يذوي الرّبيعُ وتخضَرُّ البِلادُ لَهُ، = ونحنُ مثلُ سَوامٍ، نرتعي الخُضَرَا
ولا انتباهَ لإنسٍ من رُقادِهمُ، = إلاّ إذا قيلَ: هذا الموتُ قدْ حضَرا

لا يُوقِدِ النّارَ ذاكَ الحَيُّ في أثَري، = فلَستُ أُوقِدُ في آثارِهم نارَا
حِلْفُ السّفاهِ يرى أقمارَ حِندِسِهِ = دراهماً، ويظنُّ الشّمسَ دينارا

يغدو، إلى كسبِ قيراطٍ، أخو عملٍ، = لو يُوزَنُ الإثمُ فيه كانَ قنطارا
يبغي التشبّثَ، بالأوقاتِ، جائزُها = ، هيهاتَ ما الوقتُ إلاّ طائرٌ طارا

يا نحلُ، إن شارَ شُهداً منك مكتسِبٌ = ، فحَسبُهُ أنّ، بعدَ الموتِ، إنشارا
وما أُسَرُّ لتَعشِيرِ الغُرابِ أسًى؛ = ولا أُبكّي خليطاً حلّ تِعشارا

أُبعُد من النّاسِ تَطرَحْ ثِقلَ أُلفَتِهمْ = ، ولا تُرِدْ لك أعواناً وأنصارَا
ولا تُحاوِلُ من قومٍ، إذا صُحِبوا، = أذكَوا لرَغمِكَ أسماعاً وأبصارا

قُرَّ البخيلُ، فأمسى، من تحفّظِهِ، = يُلقي على الجِسمِ دِيناراً فدِينارَا
يَشكو الشّتاءَ، فيرجُو أن يدفّئَهُ؛ = أوْقِدْ صِلاءَكَ، ليسَ العَسجدُ النارا

كم يُسّرَ الأمرُ، لم تأمَلْ تَيسّرَهُ؛ = وكم حَذِرْتَ، فما وُقّيتَ محذورَا
فاغفِرْ ذُنوباً لتُجزى بعدَ مغفِرَةٍ؛ = واعذِرْ لتُصبحَ بينَ النّاسِ مَعْذورا

أقاتِليَ الزّمانُ، قِصاصَ عَمْدٍ، = لأني قد قتلتُ بَنيهِ خُبْرَا؟
ولم أسفِكْ دِماءَهُمُ، ولكنْ = عَرفتُ شُؤونَهم كشفاً وسَبرا

أمَرّتْ هذهِ الدّنْيا، ومرّتْ، = وإمراراً أُؤنّبُ لا مُرُورَا
وأغرانا بها طبعٌ لَئيمٌ؛ = وأعْطَتْ مِنْ حَبائِلها غُرورا

أتفرَحُ بالسّريرِ، عميدَ مُلكٍ، = بجهلِكَ والحُصولِ على السّريرَهْ
ولو قَرّرْتَ فِكرَكَ في المَنايا، = إذاً لبكَيتَ بالعَينِ القريرَه

لا يَجزَعَنّ، من المنيّةِ، عاقِلٌ، = فالنّعْشُ من نُعِشَ الفتى أن يَعْثُرَا
والعيْشُ من عَشِيَ البصيرُ، أصابَه = قلبٌ وإسكانٌ، فسمِّ لتدثُرا

لم أرضَ رأيَ وُلاةِ قومٍ، لقّبوا = ملِكاً بمُقتَدِرٍ، وآخَرَ قاهرَا
هذي صِفاتُ اللَّهِ، جَلّ جَلالُهُ، = فالحَقْ بمنْ هَجَرَ الغُواةَ مُظاهِرا

ما للنّعائِمِ لا تَمَلُّ نِفارَها؛ = والشُّهْبُ تألَفُ سيرَها وسِفارَها
والطّبعُ يخفُرُ ذمّةً من ناسِكٍ؛ = والعَقلُ يكرَهُ، جاهداً، إخفارَها

مَثَلُ الفتى، عندَ التغرّبِ والنّوى، = مَثَلُ الشّرارةِ إن تُفارِقْ نارَها
إن صادَفتْ أرضاً أرَتْكَ خُمودَها؛ = أو وافقَتْ أُكُلاً أرتْكَ مَنارها

ما لي بما بعدَ الرّدى مَخْبَرَهْ؛ = قد أدْمَتِ الآنُفَ هذي البُرَهْ
اللّيلُ، والإصباحُ، والقَيظُ، والـ = إبرادُ، والمنزِلُ، والمَقبَرَه

من عاشَ سبعينَ، فهو في نَصَبٍ، = وليسَ للعَيشِ بعدَها خِيَرَه
والخَيرُ من زئبقٍ تشكُّلُهُ، = وإنّما يَرقُبُ امرؤٌ غِيَرَه

يا حَصانَ النّساءِ! كم فارساً وُلـ = ـدُكِ؟ مَهْ! إنّما ولَدْتِ قُبورَا
من أرادَ البقاءَ، وهو حبيبٌ، = فليُعِدّنْ، للحُزْنِ، قلباً صَبورا

استرَدّ الحياةَ منكِ، لعَمرُ اللَّهِ، = من كانَ، للحَياةِ، مُعِيرَا
ربّما تدرُجينَ في أوّلِ النّمـ = ـلِ، إذا ما عَدَونَ عِيراً فعِيرا

قد يَحُجُّ الفتى ويَغنى بعِرْسٍ، = وهو، من صُرّةِ اللُّجَينِ، صَرورَهْ
بِدَرُ المالِ مثلُ بَدرِ الدّجَى يُمـ = ـحَقُ، من بَعدِ أن يَتِمّ، ضرورَه

أتَدْري النَجومُ بما عندنا، = وتشكو، منَ الأينِ، أسفارَها
وتَغبِطُ غانيةً، في النّساءِ = ، تَعبِطُ، في بَيتِها، فارَها

تباركتَ! إنّ الموتَ فرْضٌ على الفتى، = ولوْ أنّهُ بَعضُ النّجومِ التي تسري
ورُبّ امرىءٍ ، كالنّسرِ في العزّ والعلا، = هَوى بسِنانٍ، مثلِ قادمةِ النّسرِ

غدا رَمضاني ليسَ عنّي بمُنقَضٍ = ، وكلُّ زماني لَيلَتيْ آخِرِ الشّهْرِ
أرُومُ خلاصاً من قَضاءٍ مُسَلَّطٍ = عليّ، توخّى قاهرَ النّاسِ بالقَهْرِ

لقدْ وضعَتْ حوّاءُ، أُمُّكَ، بِكرَها = بدارِ الرّزايا، من عَوانٍ ومن بِكرِ
ولمْ يتناوَلْ، دُرّةَ الحقّ، غائصٌ = من النّاسِ، إلاّ بالرّويّةِ والفكرِ

أرى ابنَ أبي إسحاقَ أسحَقَهُ الرّدى، = وأدرَكَ عمرُ الدّهرِ نفسَ أبي عَمرِو
تَباهَوْا بأمْرٍ صيّروهُ مَكاسباً = ، فعادَ عليهمْ بالخَسيسِ منَ الأمرِ

مغنّيةٌ هذي الحَمامةُ، أصبحتْ = تُغَنّي على ظهرِ الطريقِ، بلا جَذر
أرامتْ، من اللَّهِ، الثوابَ، أم انبرَتْ = تؤمّلُ بالسّجعِ التخلُّصَ من نَذْر؟

غُبِقنا الأذى، والجاشريّةُ همُّنا = ، ونادى ظلامٌ لا سبيلَ إلى الجَشرِ
أتكتبُ سطراً، ليسَ فيهِ تخَوُّفٌ = لربّكَ؛ ما أولى بنانَكَ بالأَشِرِ

ترجَّ بُلطْفِ القَولِ ردَّ مُخالفٍ = إليكَ، فكم طِرْفٍ يُسكَّنُ بالنَّقرِ
وإن لم ترَ الصّقرَ الحَمامةُ، دهرَها، = فمن شِيَمِ الوُرقِ الحذارُ من الصّقرِ

أرى كفْرَ طابٍ أعجزَ الماء حفْرَها، = وبالِسَ أغناها الفُراتُ عن الحفرِ
كذلك مجرى الرّزقِ وادٍ بلا ندًى، = ووادٍ به فَيضٌ، وآخرُ ذو جَفْرِ

إذا سَعِدَ البازي، البعيدُ مُغارُهُ، = تأدّى إليه رِزْقُهُ، وهو في الوَكرِ
ويحوي الفتى بالجَدّ مالَ عدُوّهِ، = على رُغْمِه، من غيرِ حِرصٍ ولا مكر

إذا كسرَ العبدُ الإناءَ، فعَدّهِ = اذاةً له، إنّ الإناءَ إلى كسْرِ
رفيقُكَ أسْرَى في يديك، فلا تكنْ = غليظاً عليهمْ واتّقِ اللَّه في الأسْرِ

إذا كنتَ ذا ثِنْتينِ فاغْدُ مُحارِباً = عدوّينِ، واحذَرْ من ثلاثِ ضرائرِ
وإنْ هُنّ أبدَينَ المودّةَ والرّضا، = فكم من حُقُودٍ غُيّبَتْ في السّرائر!

يَعيبُ أُناسٌ أنّ قوماً تجرّدوا = لحَمّامِهم، نُصبَ العيون الشّوازِرِ
لقد سَعِدوا، إن كان لم يَجرِ، عندَهم = من الوِزْرِ، إلاّ تَرْكُهُمْ للمآزِرِ

عجبْتُ لهذا الشّخصِ يأوي إلى الثّرى = وقد عاشَ، دهراً، في الرّفاقِ السّوائرِ
تُقَلّبُهُ الأيّامُ في كلّ وجهةٍ، = كتقْليبِ وَزْنٍ في فَلوكِ الدّوائرِ

قضاءٌ يوافي مِنْ جميعِ جِهاتِهِ، = كما هوَ عن أيمانِنا والأياسِرِ
ولو لم يُرِدْ، جَوْرَ البُزاةِ على القَطا، = مُكَوِّنُها، ما صاغَها بمناسِر

يقولُ لك العقلُ، الذي بَيّنَ الهُدى: = إذا أنتَ لم تَدْرأ عدُوّاً فدارِهِ
وقَبّلْ يدَ الجاني، الذي لستَ واصِلاً = إلى قَطعِها، وانظرْ سقوطَ جِدارِه

لِنَفسيَ، إن تَنْأ عن الجسم، رَوْعةٌ، = كروعةِ أُنثى، أُجلِيَتْ عن ديارها
فإن رحلَتْ، بالرّغم، مُستقرّها = ، فما كان سُكناها لهُ باختيارها

تعالَيتَ ربَّ النّجمِ، هل هو عالمٌ = بحالاتِه، في مَطلَعٍ ومَغارِ؟
أمِ الشُّهبُ لم تَشعُر، كما جهلَ الهدى، = وَقودٌ، لدى غارٍ، يُحَشُّ بغار

إذا كنتَ لا تَسطيعُ دفعَ صغيرَةٍ = ألمّتْ، ولا تَسطيعُ دفعَ كبيرِ
فسلّم إلى اللَّهِ المقاديرَ، راضياً؛ = ولا تسألنْ بالأمر غيرَ خبير

ما للبصائِرِ لا تخلو من السَّدَرِ، = والعقلِ يُعصى، فيُمسي وهو كالهَدَرِ
آلَيْتُ أُثني على قَومٍ بنُسكِهِمُ = ، وقد تكشّفَ سهلُ الأرضِ عن غَدَر

أمسى خليلُكَ، عند اللُّبّ، محتَقَراً، = وليسَ في المَلإ الغادي بمُحتَقَرِ
تَخالُ نَورَ الأقاحي، في عَوارضِهِ = ، يُدْنَى إليهِ بكأسٍ ذائبِ الشَّقِر

يا رَبّةَ الخِدْرِ عُدّي مِيتَةً وسَناً، = فإنّما أنتِ إحدى الغِيدِ من مُضَرِ
طيبي، ضميراً، بأمرٍ لا مَحيدَ لَه، = يلقاهُ بالرّغمِ أهلُ البدْو والحَضَر

السّعدُ يجعلُ ذَرّيّ الدَّبَا نِعَماً؛ = والنّحسُ يُهلِكُ ما للمَرءِ من أَمَرِ
والخمرُ تخميرُ عقلٍ، فاجْفُ ضاربةً = ترمي الحِجا في ضَراءِ الوِرْدِ والخَمر

قدْ باشروكَ بمكروهٍ أُدِيتَ بهِ، = حتى توهّمتَ أنْ ليْسوا من البشرِ
زَهْوُ التكبّرِ لا زَهْوُ النخيلِ بهم = ، والنّبعُ ليسَ بَمجْنيٍّ من العُشر

كم ينْظِمُ الدّهرُ من عِقدٍ وينَثُرُه، = وليسَ عِقدُ ثُرَيّاهُ بمنتثرِ
وطالَ وقتٌ على ماضٍ، فغادرهُ، = بلا جِهازٍ ولا أُثْرٍ ولا أُثُر



إن كانَ لم يتّركْ قيسٌ له وطَراً = ، إلاّ قضاهُ، فما قضّيتُ من وَطرِ
وربَّ نَفسٍ أصابَتْ عيشةً رغَداً، = لوْ لم تبِتْ، من مَناياها، على خطَر

يا طائِرُ اظعَنْ من الدّنيا، ولا تَكِرِ = للفرْخِ، واعتَشِ للأرزاقِ، وابتكِرِ
وإنْ صدِيتَ، فلا تَشرَبْ مُدامَهُمُ = ، فالعَقلُ يَرهَبُ منها غائلَ السُّكُر

إرِجعْ إلى السّنّ، فانظُرْ ما تَقادُمُها = ، فاحكم عليه ولا تحكم على الشَّعَرِ
فكم ثلاثينَ حَولاً شيّبَتْ، ومضتْ = ستّونَ، والشّيبُ فيها غيرُ مُستَعرِ

جُرْ يا غرابُ وأفسِد، لن ترى أحداً = إلاّ مُسيئاً، وأيُّ الخَلقِ لم يَجُرِ؟
فخذ من الزّرع ما يكفيك من عُرُضٍ، = وحاوِلِ الرّزقَ، في العالي من الشّجر

أكرِمْ عجوزَك، إن كانت مَوحِّدةً = على التحنّفِ، أو كانت بزُنّارِ
نادَتْ على الدّينِ، في الآفاقِ، طائفةً = ، يا قَومُ! مَن يَشتري دِيناً بدينارِ؟

ما بينَ موسى، ولا فرعونَ، تفرقةٌ = عندَ المَنون، بإكبارٍ وإصغارِ
كأنّها ذاتُ قُرٍّ، أطعمَتْ لَهباً = ما ضَمَّهُ الحَطْبُ من سِدرٍ ومن غار

تَناقضٌ ما لنا إلاّ السكوتُ له = ، وأن نَعوذَ بمَولانا من النّارِ
يدٌ بخَمسِ مئين عسجَدٍ فُدِيتْ، = ما بالُها قُطعَتْ في ربعِ دينارِ؟

خيرٌ من الظّلمِ للوالين، لو عقلوا = ، عَزلٌ بعُنفٍ، وغزلٌ بالصّنانيرِ
ذلِلتُ حتى دَنا نيرٌ إلى كَتَدٍ، = وإنّما ذاكَ من حُبّ الدّنانيرِ

لا ينزِلنّ، بأنطاكيّةٍ، ورعٌ؛ = كم حلّلَ، الدينَ، عقدٌ للزّنانيرِ
بها مُدامٌ كذَوْبِ التّبرِ، تمزُجُهُ = ، للشّاربينَ، وُجوهٌ كالدّنانير

عَصرُ شتاءٍ، وعَصرُ قَيظٍ، = وعيدُ فِطرٍ، وعيدُ نحرِ
ويومُ نُعمى، ويومُ بؤسٍ، = ونحنُ في خُدعةٍ وسِحر

سَئِمتُ الكَونَ في مِصرٍ وكَفْرِ، = ومَن لي أن أحُلّ جُنوبَ قَفْرِ
أُعَلَّلُ، حينَ أغرَثُ، بالخزُامى؛ = وأشرَبُ، إن ظَمِئتُ، نزيعَ جفر

حديثُ فواجرٍ، وشِرابُ خَمرِ، = وقتلى يُطرَحونَ لأُمّ عمرِو
ومَهلِكُ دولَةٍ، وقيامُ أُخرى؛ = كذاكَ الدّهرُ أمرٌ بعدَ أمر

أهابُ منيّتي وأُحبُّ سِتري؛ = وخوفُ الشّيخِ من هَرَمٍ وهَترِ
ولو كنتُ الفَنِيقَ، ومثلَ رضوى = سَنامي، هدّتِ الأيّامُ كِتري

عبيطُ ضوائنٍ، ونحيرُ جُزْرِ، = على مَنْ أيُّها الإنسانُ تَزري؟
قد احتالَتْ، على السّفَهِ، البرايا، = بما اتّخَذَتْهُ من راحٍ ومِزْرِ

يُجَلُّ المَلكُ عن نَظمٍ ونَثرِ، = وعنْ خَبرٍ تحدِّثُهُ بأثْرِ
وتضؤُلُ فيه هذي الشّمسُ، حتى = تَعودَ كأنّها دينارُ عَثرِ

رأيتُ الحَتفَ طوّفَ كلّ أُفقٍ ، = وجابَ الأرضَ من مصرٍ وكَفرِ
وكيفَ يُثَمّرُ الإنسانُ وَفراً، = ولم يخرُجْ من الدّنيا بوَفْرِ؟

ألمّا تَعْجبي، من غيرِ سُخرِ = ، لِقَدْحِ الدّهرِ في جَبَلٍ وصَخرِ
ومخرِ الغادِرِ الهَجَريّ أرضاً = ، لهَتْكِ أوانِسٍ، كبناتِ مَخْر

ألمْ تَرَني، مع الأيّامِ، أُمسي = وأُضْحي بَينَ تَفليسٍ وحَجرِ؟
توَخَّ الأجرَ في وحشٍ وإنْسٍ، = ففي كلّ النّفوسِ مَرامُ أجر

بحكمةِ خالِقي طيّي ونَشْري = ، وليسَ بمُعجِزِ الخلاّقِ حَشري
وقد رَفَقَ الذي أوصى أنُاساً = بعُشرٍ في الزّكاةِ، ونِصْفِ عُشرِ

أعَنْ عُفْرٍ تُلِمُّ بسِرْبِ عُفْرِ، = وتَغفِرُ، في الشَّكاةِ، لأمّ غُفرِ؟
أما في الأرضِ منْ رجلٍ لَبيبٍ، = فيفرُقَ بينَ إيمانٍ وكُفر؟

خُذِ المرآةَ، واستَخبِرْ نجُوماً، = تُمِرُّ بمطعَمِ الأرْيِ المشُورِ
تَدُلُّ على الحِمامِ، بلا ارتيابٍ = ، ولكن لا تَدُلُّ على النّشُورِ

غدَتْ دارَ الشّرُورِ، ونحنُ فيها = ، فمَنْ يهدي إلى دارِ السّرُورِ؟
لقد بُدّلتُ حالاً، بعدَ حالٍ، = فصِرْتُ إلى الغُرورِ مِنَ الغُرورِ

أفي الإحسانِ غَرْباً جاءَ جَذْباً، = وعندَ الشرّ ماءً في حُدورِ
فَإنّكَ لا إلى شُهُبِ الثّرَيّا = بلَغتَ، ولا حُسِبتَ من البُدورِ

تزَوّجْ، إن أردْتَ، فتاةَ صِدْقٍ، = كَمُضْمَرِ نِعمَ، دامَ على الضّميرِ
إذا اطّلَعَ الأوانسُ لم تَطلّعْ = إلى عُرُسٍ تَمُرُّ، ولا أميرِ

أرَى بَشَراً، عقولُهُم ضِعافٌ، = أزالوها لِتُعدَمَ بالخُمورِ
أبانُوا عن قَبائحَ مُنكَراتٍ، = فَدَعْ ما لا يُبينُ من الأُمور

أوى ربّي إليّ، فما وُقوفي = على تلكَ المَنازِلِ والأواري؟
وإنّ طَوارَ ذاكَ الرّبعِ أودى = ، برَبْرَبِ أهلهِ، نُوبٌ طَواري

وجَدتُ النّاسَ كالأرَضينَ شتّى، = فمِنْ دَمِثٍ يُرَيِّعُ، أو حِرارِ
جليسُ الخيرِ كالدّارِيّ ألقى = لكَ الرّيّا، كمُنتسَمِ العَرار

أرانا اللُّبُّ أنّا في ضَلالٍ؛ = وأنّا مُوطِنونَ بشَرّ دارِ
نُدارُ، على الذي نَهوى سِواهُ، = بحُكمِ اللَّهِ في الفَلَكِ المُدار

تُخَيّمُ، يا بنَ آدمَ، في ارتحالٍ، = وترقُدُ في ذَراكَ، وأنتَ ساري
ويأمُلُ ساكنُ الدّنيا رَباحاً، = وليسَ الحَيُّ إلاّ في خَسار

أصابَ، الأخْفشَينِ، بصيرُ خطبٍ، = أعادَ الأعْشيَينِ بلا حِوارِ
وغِيلَ المازنيُّ، من اللّيالي، = بزَنْدٍ من خطوبِ الدّهرِ واري



لاتَطلُبِ الغَرضَ البعيدَ وتَسهَرِ، = ما يُقضَ يأتِ، وطالبٌ لم يُبْهَرِ
جيلٌ فجيلٌ يذهَبونَ، ويَنطوي = خبَرٌ، ويُصبِحُ خامِلٌ كمُشهَّرِ

أصحابُ لَيْكَةَ أُهلِكوا بظَهيرَةٍ = حَمِيَتْ، وعادٌ بالرّياحِ الصَّرْصَرِ
هَوّنْ عليكَ أنِلتَ نصراً في الوغى، = أم قال جدُّكَ، صادقاً، لا تُنْصر

يا نَفسُ! آهِ لِمَتْجَرٍ مُتَنزِّرِ، = جرّبتُهُ، فرَجَعْتُ عَيْنَ المُخسَرِ
أعَلى ابنِ أُدٍّ يَفترونَ، كما افترَتْ، = قِدماً، على النّمْروزِ، شأنَ الأنسُرِ؟

النّفسُ، عند فِراقِها جُثمانَها، = مخزونَةٌ لدُروسِ رَبعٍ عامِرِ
كحمامةٍ صِيدتْ، فثنّتْ جيدَها = أسفاً، لتنظرَ حالَ وكرٍ دامر

سألتْ مُنَجّمَها عن الطّفلِ الذي = في المهدِ: كم هو عائِشٌ من دهرِهِ؟
فأجابَها: مائةً، ليأخذَ دِرهماً = ، وأتَى الحِمامُ وليدَها في شهرِه

قَدِمَ الفتى، ومضى بغَيرِ تَئِيّةٍ، = كهِلالِ أوّلِ لَيلَةٍ من شَهْرِه
لقد استراحَ من الحياة معجَّلٌ = ، لو عاشَ كابَدَ شدّةً في دَهره

أنَوارُ تُحسَبُ من سَنا الأنوارِ؟ = ومِن البَوارِ مَهاً عرَضْنَ بواري
بِيضٌ دَوارٍ للقُلوبِ، كأنّها = عِينٌ بدَوّارٍ وعِينُ دَوارِ

لا تأنَفَنّ من احترافِكَ طالِباً = حِلاًّ، وعَدِّ مكاسبَ الفُجّارِ
فالمَجدُ أدرَكَهُ، على عِلاّتِهِ، = قوْمٌ، بيَثرِبَ، من بني النّجّار

الشّيبُ أزهارُ الشّبابِ، فما لَهُ = يُخفى، وحسنُ الرّوضِ بالأزهارِ؟
وَدّ الذي هَوِيَ الحِسانَ لَوِ اشترى = ظَلماءَ لِمّتِهِ، بألفِ نَهار

سُبحانَ ربّكَ! هل يزولُ، كغيرِه، = شرَفُ النّجومِ وسؤدَدُ الأقمارِ؟
فكأنّ من خَلَقَ النّفوسَ رأى له = ا ظُلماً، فعاجَلَها بسوءِ دَمارِ

جاءَتْكَ لذّةُ ساعَةٍ، فأخَذتَها = بالعارِ، لم تحفِلْ سوادَ العارِ
وابتَعتَ ما يَفنى بأغلى سِعرِهِ؛ = هلاّ الخُلودَ بأرخَصِ الأسعار!

تَلَفُ البصائرِ، والزّمانُ مُفَجَّعٌ، = أدهى وأفجَعُ من توى الأبصارِ
بلغَ الفتى هَرَماً، فظَنّ زَمانَهُ = هَرِماً، وذمّ تقادُمَ الأعصار

ما حُرّكَتْ قدمٌ ولا بُسِطَتْ يدٌ، = إلاّ لها سَبَبٌ مِنَ المِقدارِ
خَطبٌ تَساوى فيهِ آلُ مُحَرِّقٍ، = ومُلوكُ ساسانٍ، ورهْطُ قُدار

بالغار، من هَضبَيْ عَمايةَ، نازلٌ = ، ما زالَ تُوقَدُ نارُهُ بالغارِ
وكَبائرُ الأشياءِ تُحدِثُ غيرَها، = فتُعيدُها موصوفَةً بصِغار

غَسَلَ المَليكُ بلادَهُ، من أهلِها، = بالماءِ، إذ جاؤوا بسوءِ شَنارِ
ويقالُ إنّ اللَّهَ، جَلّ ثَناؤهُ، = يوماً يُطَهّرُ أرضَهُ بالنّار

يا شُهْبُ، إنّكِ في السّماءِ قديمةٌ = ، وأشَرتِ للحكماءِ كلَّ مُشارِ
أخبرتِ عن موتٍ، يكونُ مُنَجِّماً، = أفتُخبرينَ بحادِثِ الإنشار؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري Empty
مُساهمةموضوع: رد: اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري   اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري Emptyالأحد أبريل 07, 2013 12:32 am

كيفَ الرّباحُ، وقد تألّى ربُّنا = بالعَصرِ، إنّ المَرءَ حِلفُ خَسارِ
وتَقاسُمُ الأيّامِ مَنْ مَرّتْ بهِ، = من أهلِها، كتَقاسُمِ الأيسار

يا أُمّ دَفرٍ! إنّما أُكرِمتِ عَنْ = أمَهٍ، وحَقُّكِ أن يُقالَ دَفارِ
وإذا التَثَمْتِ ظُنِنتِ ذاتَ نَضارةٍ = ؛ ومتى سَفَرْتِ قُبِحتِ في الإسفار

الدّهرُ يَصمُتُ، وهو أبلَغُ ناطقٍ، = من مُوجِزٍ نَدُسٍ، ومن ثرثارِ
يَمشي على قدمَينِ، مِن ظَلمائِه = ونَهارِهِ، ما همّتا بعِثار

المَرءُ يأبُرُ خِسّةً في طَبعِهِ = ، ولرُبّ صاحبِ مُنصُلٍ أبّار
والحرُّ، في أوطانِهِ، متغَرّبٌ، = فتَظُنُّهُ، في مِصرِهِ، بوَبار

يا رَبِّ لا أدعُو لميسَ كما دَعَا = أوْسٌ، ولا دَعْوى زهيرٍ حارِ
والنّفسُ لاجِئَةٌ إلى جَسَدٍ لها = ، خُلِقَتْ مُحاذِرَةً من الإصحار

أُفنُوا الذّخائرَ، فالقضاءُ مُجهّزٌ = أجنادَهُ، لخبيئَةِ المِذخارِ
لا تَسخَرَنّ، فما الزّمانُ وأهلُهُ = إلاّ سَرابُ تنوفَةٍ مِسخار

الوَغدُ يَجعَلُ ما أُنيلَ غَنيمَةً، = ويُغيرُ في الأطماعِ كلَّ مَغارِ
والحُرُّ يُجزي، بالصّنيعةِ، مسدياً، = فكأنّ فِعلَهُما نِكاحُ شِغار

الدّهرُ إنْ ينصُرْكَ ينصُرْ، بعدَها، = ذا إحنَةٍ، فيحُورُ كلَّ مَحارِ
وهَواجِرُ الأيّامِ يَسلُبُ حَرُّها = ما أودَعَتْهُ ذواهبُ الأسحار

صَلَّ القَبائلُ بالفخارِ، وإنّما = خُلِقوا من الصّلصالِ كالفَخّارِ
وسيوجَدُ الغُدْريُّ عَظماً ناخراً = ، فتَقِلُّ رَغبَتُهُ إلى النَّخّارِ

يَعرى اللّئيمُ من الثّناءِ، ويكتَسي = حُلَلَ النّواسجِ، فهوَ كاسٍ عارِ
والدّهرُ لم يَشعُرْ بما هوَ كائِنٌ = فيهِ، فكيفَ يُذمُّ في الأشعار؟

عايِنْ أواخرَ كائِنٍ بأوائِلٍ؛ = إنّ الهلالَ يُحَقُّ بالإبدارِ
واللّيلُ يُؤذِنُ بالصّباح، فإن تَرُمْ = فيهِ سُراكَ، لحاجةٍ، فَبِدار

إنْ نالَ، من مصرٍ، قضاءٌ نازلٌ، = فمَصيرُ هذا الخلقِ شرُّ مصيرِ
والدّهرُ قصّ قَنا جذيمةَ، في الوغى، = وعَصاهُ تَنضو الخَيلَ تحتَ قصير

إيّاكَ والخمرَ، فهي خالبةٌ = غالبةٌ، خابَ ذلك الغَلَبُ
خابيةُ الرّاح ناقةٌ حفَلَت = ليس لها، غيرَ باطلٍ، حلَبُ

من ليَ أن أقيمَ في بلدٍ = أُذكَرُ فيه بغير ما يجبُ
يُظَنُّ بيَ اليُسرُ والديانةُ والعلـ = ـلمُ، وبيني وبينها حُجُبُ

ما الثريّا عنقودُ كرمٍ مُلاحـ = ـيٌّ، ولا الليلُ يانعٌ غِربيبُ
ونأى عن مُدامةٍ، شفقَ التغـ = ـريبِ، فليتّقِ المليكَ اللبيبُ

رأيتُ قضاءَ اللَّه أوجَبَ خلْقَهُ = ، وعاد عليهم في تصرّفه سَلبا
وقد غلبَ الأحياءَ، في كلّ وجهةٍ، = هواهمْ، وإن كانوا غطارفةً غُلْبا

إذا كُفّ صِلٌّ أُفْعوانٌ، فما لهُ = سوى بيتِهِ، يَقتاتُ ما عَمَرَ التُّربا
ولوْ ذهَبتْ عينا هِزَبْرٍ مُساورٍ، = لما راعَ ضأناً، في المراتع، أو سِربْا

إذا شِئتَ أن يَرْضى سجاياكَ ربُّها = فلا تُمسِ من فعل المقادير مُغضَبا
فإنّ قُرونَ الخيلِ أولتْكَ ناطِحاً؛ = وإنّ الحُسامَ العَضبَ لقّاكَ أعضَبا

لَعمْركَ! ما غادرتُ مطلِعَ هَضبةٍ = ، من الفكرِ، إلاّ وارتقيتُ هَضابها
أقلُّ الذي تجني الغواني تبرّجٌ = ، يُري العينَ منها حَلْيها وخِضابها

إذا ما عراكُمْ حادثٌ، فتحدّثوا = ! فإنّ حديثَ القوم يُنسي المصائبا
وحِيدوا عن الأشياءِ خِيفةَ غَيّها = ؛ فلم تُجعل اللّذّاتُ إلاّ نصائبا

اللَّه لا ريبَ فيه، وهو مُحتجبٌ، = بادٍ، وكلٌّ إلى طَبعٍ له جذبا

لا تفرَحنّ بفألٍ، إنْ سمعتَ به؛ = ولا تَطَيّرْ، إذا ما ناعِبٌ نعبا
فالخطبُ أفظعُ من سرّاءَ تأمُلها = ؛ والأمرُ أيسرُ من أن تُضْمِرَ الرُّعُبا

لو كنتمُ أهْلَ صَفْوٍ قال ناسبُكم: = صَفويّةٌ، فأتى باللّفظ ما قُلِبا
جندٌ لإبليسَ في بدليسَ، آوِنَةٍ = ؛ وتارةً يحلبِون العيشَ في حَلَبا

الأمرُ أيسرُ مما أنتَ مُضمرُهُ؛ = فاطرَحْ أذاكَ، ويسّرْ كلّ ما صَعُبا
ولا يسُرّكَ، إن بُلّغْتَهُ، أمَلٌ؛ = ولا يهمّك غربيبٌ، إذا نعبا

قد يَسّروا لدفينٍ، حانَ مَصْرَعُهُ، = بيتاً من الخُشْبِ، لم يُرْفَع ولا رحُبا
يا هؤلاءِ اتركوهُ والثرى، فلهُ = أنُسٌ به، وهو أوْلى صاحبٍ صُحِبا

رَغِبْنا في الحياةِ لفرط جهلٍ، = وفقدُ حياتِنا حظٌّ رغيبُ
شكا خُزَرٌ حوادثها، وليثٌ، = فما رُحمَ الزّئيرُ، ولا الضغيبُ

عيوبي، إنْ سألتَ بها، كثيرٌ، = وأيُّ النّاس ليسَ له عُيوبُ؟
وللإنسان ظاهرُ ما يراهُ، = وليس عليه ما تُخفي الغيوبُ

لذَاتُنا إبِلُ الزّمانِ، ينالها = منّا أخو الفتكِ الذي هو خاربُ
وأرى عناءً قِيدَ يغشى المرءَ منْ = بنتِ العناقيد الذي هو شارب

عَلِمَ الإمامُ، ولا أقولُ بِظنّه: = إنّ الدُّعاةَ، بسعيها، تتكسّبُ
هذا الهواءُ يلوحُ فيهِ، لناظرٍ = ، صورٌ، ولكن عن قريبٍ تَرسُبُ

إن عذُبَ المينُ بأفواهِكم = ، فإنّ صِدْقي بفمي أعذَبُ
طَلبتُ للعالَمِ تهذيبَهم = والناسُ ما صُفّوا ولا هُذّبوا

يحسُنُ مرأى لبني آدمٍ، = وكلُّهُم، في الذوقِ، لا يعذُبُ
ما فيهمُ بَرٌّ، ولا ناسكٌ = إلا، إلى نفعٍ له، يجذِبُ

هذا طريقٌ، للهدى، لاحبُ، = يرضى به المصحوبُ والصاحبُ
أهرُبْ من الناس، فإن جئتهم = ، فمثلَ سأبٍ جرّه الساحبُ

لسانُكَ عقربٌ، فإذا أصابَتْ = سواكَ، فأنتَ أوّلُ منْ تُصِيبُ
أثِمتَ بما جنتْهُ، فمنْ شكاهَ = وَفى لك، من شَكيّتِه، نصيبُ

إذا هَبّتْ جَنوبٌ، أو شَمالٌ، = فأنت لكلّ مقتادٍ جَنيبُ
رُوَيدَك! إن ثلاثون استقلت = ، ولم يُنِب الفتى، فمتى ينيبُ؟

تريبُ، وسوف يفترقُ التريبُ، = حوانا والثرَى نَسَبٌ قريبُ
جرَى، بفراقِ جيرتِنا، غُرابٌ = فُعالٌ، من مقالتهم، غريبُ

دنا رجُلٌ إلى عِرسٍ لأمرٍ، = وذاك، لثالثٍ خُلقَ، اكتسابُ
فما زالتْ تعاني الثُّقْل، حتى = أتاها الوَضعُ، واتّصَل الحسابُ

وجَدْتُ غَنائمَ الإسلامِ نهباً، = لأصحابِ المَعازِفِ والمَلاهي

العَقلُ إنْ يَضعُفْ يكُنْ مَع = هذه الدّنيا، كعاشق مُومسٍ تُغويهِ
أو يَقوَ، فهيَ لَهُ كحُرّةٍ عاقِلٍ = حَسناءَ يَهواها ولا تُهويهِ

عَنسيَ في الدّنيا سوى الرّاهي = ، طَلّقْتُها تَطليقَ إكراهِ
والجَدُّ أبراها لمنْ راضَها = فانهَضْ إلى عَنسِكَ إبراهِ

بخِيفَةِ اللَّهِ تَعَبّدْتَنا = وأنتَ عَينُ الظّالمِ اللاّهي
تأمُرُنا بالزّهدِ في هذِهِ الـ = ـدّنيا، ما هَمُّكَ إلاّ هي

لن تَريهِ، إن كنتِ لمّا تَريهِ، = ثابتاً خاتماهُ في خِنصِرَيْهِ
لم يَجِدْ عندَ أكبرَيهِ سموّاً، = فاعتَزَى فَضْلُهُ إلى أصغَرَيه

لا تُهادِ القُضَاةَ كيْ تَظلِمَ الخَـ = ـصمَ، ولا تَذكُرَنّ ما تُهديهِ
إنّ من أقبَحِ المَعايبِ، عاراً = ، أن يَمُنّ الفتى بما يُسديهِ

نُضحي ونُمسي كبني آدَمٍ = وما على الغَبراءِ إلاّ سَفيهْ
فنَسألُ العالِمَ إنقاذَنا = من عالَمِ السوءِ، الذي نحنُ فيهْ

أرادوا الشرَّ، وانتَظروا إماماً، = يَقُوم بطَيّ ما نَشَرَ النبيُّ
فإنْ يَكُ ما يُؤمّلُهُ رِجالٌ، = فقَدْ يُبدي لكَ العَجَبَ الخَبيّ



تَدَيّنَ، مَغرِبيٌّ بانتِحالٍ = ، وعارَضَ بالتّنَحّلِ مَشرِقيُّ
فصَمتاً، إن أردْتُم، أو مقالاً، = فَما في هذه الدّنيا تَقيّ

تَسَوّقُوا بالغنا لرَبّهِمُ = ، وأظهرَوُا خيفَةً لهُ ودَعَوْا
سَعَوْا لدُنياهمْ بآخرَةٍ، = فبئسَ ما حاولوا غداةَ سَعَوْا

لعمرُكَ! ما زوجُ الفَتاةِ بحازِم = إذا ما النّدامى، في محلّتِهِ، غَنَّوْا
أتَى بَيتَهُ بالرّاحِ والشُّرْبِ، لاهياً = ، فإمّا رنُوا نحوَ الظّعينَةِ، أو زَنَّوا

كأنّكَ بَعدَ خمسينَ استَقَلّتْ = لَمولِدكَ، البناءُ دَنا ليَهوِي
وإنّكَ، إن تَزَوّجْ بنتَ عَشرٍ، = لأخيَبُ صَفقَةً من شيخ مَهوِ

العقلُ يُوضِحُ، للنُّسْـ = ـكِ، منهَجاً، فاحذُ حَذْوَهْ

الخَلْقُ من أربَعٍ مُجَمَّعةٍ = : نارٍ وماءٍ وتُرْبَةٍ وهَوَا

لَنا خَفضُ المَحَلّةِ والدّنايا = ، وللَّهِ المَكارِمُ والعُلُوُّ
إذا كان الهوَى، في النفسِ طبعاً = ، فليسَ، بغَيرِ ميتتها، سُلُوّ

نُضحي ونُمسي كبني آدَمٍ = وما على الغَبراءِ إلاّ سَفيهْ
فنَسألُ العالِمَ إنقاذَنا = من عالَمِ السوءِ، الذي نحنُ فيهْ

لن تَريهِ، إن كنتِ لمّا تَريهِ، = ثابتاً خاتماهُ في خِنصِرَيْهِ
لم يَجِدْ عندَ أكبرَيهِ سموّاً = ، فاعتَزَى فَضْلُهُ إلى أصغَرَيه

بخِيفَةِ اللَّهِ تَعَبّدْتَنا = ، وأنتَ عَينُ الظّالمِ اللاّهي
تأمُرُنا بالزّهدِ في هذِهِ الـ = ـدّنيا، ما هَمُّكَ إلاّ هي

64 عدد المشاهدات
لهذه القصيدة

أطلّ صليبُ الدّلو، بين نجومِه = ، يكُفُّ رجالاً عن عِبادتِها الصُّلبا
فربُّكُمُ اللَّهُ الذي خلقَ السُّهى، = وأبدى الثريّا، والسّماكينِ، والقَلبا

إذا كان رُعبي يورثُ الأمنَ، فهو لي = أسَرُّ من الأمنِ، الذي يورث الرّعبا
ألمْ ترَ أن الهاشميّينَ بُلّغوا = عظامَ المساعي، بعدما سكنوا الشِّعبا

اللَّه لا ريبَ فيه، وهو مُحتجبٌ، = بادٍ، وكلٌّ إلى طَبعٍ له جذبا
أهلُ الحياةِ، كإخوان المماتِ، فأهْـ = ـوِنْ بالكُماةِ أطالوا السُّمرَ والعَذبا

إن يصحبِ الروحَ عقلي، بعد مَظعنِها = للموتِ، عني فأجدِرْ أن ترى عجَبا
وإنْ مضَتْ في الهواءِ الرّحبِ هالكةً، = هلاكَ جِسميَ في تُرْبي، فواشجبا!

سمّى ابنَهُ أسداً، وليس بآمنٍ = ذيباً عليه، إذا أطلّ الذّيبُ
واللَّهُ حقٌّ، وابنُ آدمَ جاهلٌ = ، من شأنه التفريطُ والتكذيبُ

إصفحْ، وجاهر، بالمرادِ، الفتى؛ = ولا يقولوا هو مغتابُ
إن رابنا الدّهرُ بأفعاله = ، فكلُّنا، بالدهر، مرتابُ

ألا عَدّي بكاءً، أو نحيباً، = فمنْ سَفَهٍ بكاؤكِ والنّحيبُ
محلُّ الجسم في الغبراءِ ضَنْكٌ، = ولكن عَفْوُ خالِقنا رَحيبُ

تنادَوا طاعِنينَ غداةَ قالوا = : أصابَ الأرضَ منْ مطرٍ مُصيبُ
لعلّ شوائماً، رَمقتْ وميضاً، = تَبيدُ، وما لها فيه نصيبُ

في البدوِ خُرّابُ أذوادٍ مسوَّمةٍ، = وفي الجوامع والأسواق خُرّابُ
فهؤلاءِ تسَمّوْا بالعُدولِ، أو الـ = ـتجّار، واسمُ أولاكَ القومِ أعراب

نفوسٌ، للقيامةِ، تشرئِبُّ، = وَغَيٌّ، في البطالةِ، مُتلئِبُّ
تَأبّى أن تجيءَ الخيرَ يوماً = ، وأنتَ، ليومِ غفرانٍ، تئبّ

أقَرّوا بالإلهِ وأثبتوهُ = ، وقالوا: لا نبيّ ولا كتابُ
ووَطءُ بناتنا حِلُّ مباحٌ؛ = رُويدكُمُ فقد بَطَلَ العتابُ

تُرابُ جسومُنا، وهي الترابُ، = إذى ولّى عن الآلِ اغترابُ
تُراعُ، إذا تُحَسُّ إلى ثراها، = إياباً، وهو مَنصِبُها القُرابُ

لا تسألِ الضيفَ، إن أطعمتَه ظُهُراً = ، بالليلِ هلْ لكَ في بعضِ القِرى أرَبُ
فإنّ ذلكَ منْ قولٍ يُلقِّنُهُ = لا أشتهي الزاد، وهو الساغب الحرب

قد أسرف الإنسُ في الدّعوى بجهلِهمُ = حتى ادّعوا أنهم للخلق أربابُ
إلبابُهُمْ كان باللذّاتِ متصلاً، = طولَ الحياةِ، وما للقَوم ألبابُ

يا صاحِ، ما ألِفَ الإعجابَ من نفرٍ، = إلا وهم، لرؤوسِ القومِ، أعجابُ
ما لي أرى المِلكَ المحبوبَ يمنعُهُ = ، أن يفعلَ الخيرَ، مُنّاعٌ وحُجّابُ؟

ما قرّ طاسُك في كفّ المُديرِ لهُ = ، إلا وقرطاسُك المرعوبُ مرعوبُ
تُضحي، وبَطنُك مثل الكَعبِ أبرزه = ريٌّ، ورأسُك مثل القعَب مشعوب

بقيتُ، وما أدري بما هو غائبٌ، = لعلّ الذي يمضي إلى اللَّه أقربُ
تودُّ البقاءَ النفسُ من خِيفة الرّدى، = وطولُ بقاءِ المرءِ سمٌّ مجرَّبُ

أتُذْهبُ دارٌ بالنُّضارِ، وربُّها = يُخلّفُها، عما قليلٍ، ويذهبُ
أرى قبَساً في الجسم يُطفِئُهُ الرّدَى، = وما دمتَ حيّاً، فهو ذا يتلهّبُ

غدوتُ على نفسي أُثرِّبُ جاهداً، = وأمثالَها لامَ اللبيبُ المثرِّبُ
إذا كان جسمي من ترابٍ، مآلُه = إليه، فما حظّي بأنيّ مُتْرِبُ

إذا أقبلَ الإنسانُ في الدهر صُدّقتْ = أحاديثُهُ، عن نفسه، وهو كاذبُ
أتوهِمُني بالمَكر أنّكَ نافعي، = وما أنتَ إلا في حِبالكَ جاذِبُ

لا يُغبَطنّ أخو نُعْمَى بنعمتِه، = بئسَ الحياة، حياةٌ بعدها الشَّجَبُ
والحسُّ أوقَعَ حيّاً في مَساءتِه = ، وللزمانِ جيوشٌ ما لها لَجَبُ

أعَيّبُونيَ حيّاً، ثم قامَ لهمْ = مُثْنٍ، وقد غيّبوني؟ إنّ ذا عجبُ!
نحنُ البريةُ، أمسى كلُّنا دَنِفاً = ، يُحبُّ دُنياهُ حُبّاً فوقَ ما يجبُ

أخلاقُ سكانِ دنيانا معذَّبةٌ، = وإن أتتكَ بما تستعذب العذَب
سمَّوا هلالاً وبدراً وأنجماً وضحى = وفرْقداً وسِماكاً، شَدّ ما كذبوا!

إذا كان علمُ الناسِ ليسَ بنافعٍ = ولا دافعٍ، فالخُسْرُ للعلماءِ
قضى اللَّهُ فينا بالذي هو كائنٌ، = فتَمّ وضاعتْ حكمةُ الحكماءِ

إذا صاحبتَ في أيام بؤسٍ، = فلا تنسَ المودّةَ في الرّخاء
ومن يُعْدِمْ أخوه، على غناه = ، فما أدّى الحقيقةَ في الإخاءِ

يا ملوك البلادِ، فُزتم بنَسءِ الـ = ـعُمر، والجورُ شأنكم في النَّساءِ
ما لكم لا ترَوْنَ طُرْقَ المعالي، = قد يزورُ الهيجاءَ زيرُ نساءِ

أوصيتُ نفسي، وعن وُدٍّ نصحتُ لها = ، فما أجابت إلى نُصْحي، وإيصائي
والرمْلُ يُشبهُ، في أعداده، خطئي، = فما أهمُّ له، يوماً، بإحصاءِ

القلبُ كالماءِ، والأهواءُ طافيةٌ = عليه، مثلَ حَبابِ الماءِ في الماءِ
منه تنمّت ويأتي ما يغيّرها، = فيُخْلِقُ العَهدَ من هندٍ وأسماءِ

الساعُ آنيةُ الحوادثِ ما حوت، = لم يبدُ إلا بعدَ كشفِ غطائِها
وكأنما هذا الزّمانُ قصيدةٌ = ، ما اضطُرّ شاعرُها إلى إيطائها

ما خصّ، مِصْراً، وبأٌ، وحدَها = ، بل كائنٌ في كلّ أرضٍ وبَأْ
أنْبأنا اللُّبُّ بلقيا الرّدى، = فالغوثُ من صحة ذاك النبأ

تقواكَ زادٌ، فاعتقدْ أنّه = أفضلُ ما أودعتَه في السّقاءْ
آهٍ غداً من عَرَقٍ نازلٍ، = ومُهجةٍ مولعةٍ بارتقاء

انفردَ اللَّهُ بسلطانه، = فما له في كلّ حالٍ كِفاءْ
ما خَفِيَتْ قدرتُه عنكمُ، = وهل لها عن ذي رشادٍ خَفاءْ؟

قضى اللَّه أنّ الآدميّ معذَّبٌ، = إلى أن يقول العالِمون به: قضا
فهنّىء ولاةَ الميتِ يومَ رحيله، = أصابوا تُراثاً، واستراح الذي مضى

أقيمي، لا أعُدُّ الحجّ فرضاً، = على عُجُزِ النساء، ولا العَذارَى
ففي بطحاءِ مكّةَ سشرُّ قوم = ، وليسوا بالحُماةِ ولا الغَيارىَ

إذا قيل لك: اخشَ اللَّـ = ـه، مولاك، فقلْ آرا
كأنّ الأنجمَ السبـ = ـعة في لُعبة بُقّارا

سرَيْنا، وطالبنا هاجعٌ، = وعندَ الصباحِ حَمدِنا السُّرى
بنو آدمٍ يطلبون الثّرا = ءَ، عند الثريّا، وعند الثّرى

حياةٌ عناءٌ، وموتٌ عنا؛ = فليتَ بَعيدَ حِمامٍ دَنا
يدٌ صفرَتْ، ولَهاةٌ ذوَتْ، = ونفسٌ تمنّتْ، وطَرفٌ رَنا

بعلم إلهي يوجِدُ الضعفُ شيمتي، = فلستُ مُطيقاً للغدوِّ ولا المسرى
غبرتُ أسيراً في يديهِ، ومن يكنْ = لهُ كرمٌ تُكرَمْ بساحتهِ الأسرى

يدُلُّ على فضلِ المماتِ وكونهِ = إراحةَ جسمٍ، أنّ مسلَكَه صعْبُ
ألم ترَ أنّ المجدَ تلقاك، دونهُ، = شدائدُ، منْ أمثالها وَجَبَ الرّعبُ؟

لِيَشْغَلْكَ ما أصبحتَ مرتقباً له، = عن العيبِ يُبدي والخليلِ يؤنَّبُ
فما أذنبَ الدهرُ، الذي أنتَ لائمٌ؛ = ولكن بنو حوّاءَ جاروا، وأذنبوا

نقِمتَ على الدنيا، ولا ذنبَ أسلفتْ = إليكَ، فأنتَ الظالمُ المُتكذِّبُ
وهَبْها فتاةً، هل عليها جنايةٌ، = بمن هو صبٌّ، في هواها، معذَّبُ؟

لعمرُك! ما بي نُجعةٌ، فأرُومَها = ، وإني على طولِ الزمان لمجدِبُ
حملتُ على الأولى الحَمامَ فلم أقُلْ = يُغنّي ولكن قلتُ يَبكي ويندُبُ

الدّهرُ لا تأمَنُهُ لَقوَةٌ، تَزُقُّ أفراخاً لها بالسُّلَيّ
********

ساءَ بَريّاً، من البرايا،-- منْ لبسَ الدينَ سابريّا
*******

أليَسَ أبوكُمْ آدَمٌ إنْ عُزيتُمُ يكونُ سَليلاً للتّرابِ إذا عُزِي؟
**********

ما الثريّا عنقودُ كرمٍ مُلاحـ = ـيٌّ، ولا الليلُ يانعٌ غِربيبُ
*********

أصبَحتُ ألحَى خَلّتَيّا، = هاتيكَ أُبغِضُها وتَيّا
********

لَعمْركَ! ما غادرتُ مطلِعَ هَضبةٍ، = من الفكرِ، إلاّ وارتقيتُ هَضابها


لو كنتَ رائِدَ قومٍ، ظاعنينَ إلى = دُنياكَ هذي، لما ألفَيتَ كذّابا
لقلتَ: تلكَ بلادٌ، نبتُها سَقَمٌ، = وماؤها العذبُ سمٌّ، للفتى، ذابا

أثْرى أخوكَ، فلم يسكُبْ نوافِلَهُ؛ = وحلّ رُزْءٌ، فظلّ الدّمعُ مسكوبا
أما تُبالي، إذا عَلّتْكَ غانيَةٌ = ، من كوبها، الرّاحَ أن أصبحتَ منكوبا؟

لو كنتَ يعقوبَ طيرٍ كنتَ أرشدَ، في = مسعاكَ، من أمَمٍ تُنمى ليعقوبا
ضلّوا بعجلٍ مصوغٍ من شُنوفهمُ = ، فاستنكروا مِسمعاً للشنَّفِ مثقوبا

سُرحُوبُ! عمن سرى، للَّه مبتعثاً = وجناء في الكور، أو في السرح سرحوبا
في لاحبٍ، لا يعودُ السّالكون به، = مثلَ ابن الأبرص لمّا عاد ملحوبا

لم يقدُر اللَّه تهذيباً لعالَمِنا = ، فلا ترومنّ للأقوام تهذيبا
ولا تصدّق بما البرهانُ يُبطلهُ = ، فتستفيدَ من التّصديق تكذيبا

يا راعيَ المُصرِ! ما سوّمتَ في دَعَةٍ = ، وعِرسُكَ الشّاةُ، فاحْذر جارك الذيبا
تروم تهذيبَ هذا الخَلق من دَنَسٍ؛ = واللَّهُ ما شاءَ، للأقوام، تهذيبا

يا آلَ غسانَ! أقوى منكمُ وطنٌ، = تغشى العُفاةُ به الشبّانَ والشِّيبا
تسقونهم، من حليبِ الجَفْنِ، صافيةً = ، بباردٍ، كحليب الجَفنِ، ما شيبا

إن كنتَ يَعسوبَ أقوامٍ فخف قدَراً = ، ما زالَ كالطّفْل يصطادُ اليعاسيبا
وإن تكن بمَنا سيبٍ، لمَهلَكةٍ، = فكم طوى الدهرُ أقيالاً مُناسيبا

لا تكذبَنَّ، فإن فعلْتَ، فلا تقُلْ = كَذِباً على ربّ السماءِ، تكسُّبا
فاللَّهُ فردٌ قادرٌ، من قبلِ أن = تُدْعى لآدمَ صورةٌ، أو تُحسبَا

لو أنّني سمّيْتُ طيفَكَ صادقاً، = لدعوتُهُ غضبانَ، أو عَتّابا
قال الخيالُ: كذبتَ لستُ بطارقٍ = ليلاً، ولم أكُ زائراً مُنْتابا

أتصحُّ توبةُ مُدركٍ من كونِه، = أو أسْودٍ من لونِه، فيتوبا
كُتبَ الشّقاءُ على الفتى، في عيشه = ، وليبلُغنّ قضاءهُ المكتوبا

عفْوُكَ للعالَم لا تُخلِيَنْ = حُنْظُبةً، منه، ولا عُنْظُبه
لا ظبةُ الصارم باشرتُها = ، فيك، ولا زُرتُ، لِحَجّي، ظُبه

قد صَحِبْنَا الزّمانَ بالرغمِ منّا = ، وهو يُردْي، كما علمتَ، الصّحابا
وحللنا المضيقَ، ثمّ أتينا الرّحبَ، = لو دامَ ترْكُنا والرّحابا

لا تُطيعي هواكِ، أيّتُها النفـ = ـسُ، فنعمى المليك فينا ربيبَهْ
وابن جحشٍ، لمّا تنصّر، لم ترْ = كُنْ، إلى ما يقولُ، أمُّ حَبيبه

زاره حتفُهُ، فقطّبَ للموْ = تِ، وألقى من بعدها التّقطيبا
زوّدوه طيباً، ليلحق بالنّا = سِ، وحَسبُ الدّفين بالتّربِ طيبا

زعَموا أنّ ما يُذكَّرُ، إن قا = رَنَ أنثى، لم يَعْدم التغليبا
باطلٌ ذاك، إنّ لُبّي، إلى الدّنـ = ـيا، قرينٌ، وما يزالُ سليبا

إن يقرب الموتُ مني = فلستُ أكرهُ قُرْبَهْ
وذاكَ أمنعُ حِصْنٍ، = يصبِّرُ القبرَ دَرْبَهُ

اللَّهُ ينقلُ من شا = ءَ، رُتبةً بعدَ رتبه
أبدى العتاهيُّ نُسكاً = ، وتابَ من ذكرِ عُتبه

كريم أناب، وما أُنّبَا، = وأنساهُ طولُ المدى زينبا
لإحدى الأرانبِ، في قومها = ، وإنْ صُبّحتْ، بعدَنا، أرنَبا

صحبتُ الحياةَ، فطالَ العَناءُ ؛ = ولا خيرَ في العيش مُستصحبَا
وقد كنتُ فيما مضى جامحاً؛ = ومن راضَهُ دهرُهُ أصحَبا

يؤدّبك الدهر بالحادثات = ، إذا كان شيخاك ما أدّبا
بدت فتنٌ مثلُ سودِ الغمامِ، = ألقتْ على العالم الهيدبا

بني آدمٍ بئسَ المعاشِرُ أنتمُ، = وما فيكمُ وافٍ لمقتٍ، ولا حبِّ
وجدتكمُ لا تقربون إلى العُلا، = كما أنّكمُ لا تبعدونَ عن السّبّ

أرى اللبّ مرآة اللّبيب، ومن يكن، = مَرائيَّه، الإخوانُ يَصْدُقْ ويَكذبِ
أأخشى عَذابَ اللَّهِ، واللَّهُ عادِلٌ، = وقد عشتُ عيشَ المستضام المعذَّب

لكَ المُلكُ، إن تُنْعِمْ، فذاك تفضّلٌ = عليّ، وإن عاقبتَني، فبواجبِ
يقومُ الفتى من قبرِهِ، إنْ دعوْتَهُ = ، وما جرّ مخطوطٌ له في الرّواجب

عصا في يد الأعمى، يرومُ بها الهدى،- أبرُّ له من كلّ خِدنٍ وصاحبِ
فأوسِعْ بني حوّاء هَجْراً، فإنّهم -يسيرون في نهجٍ من الغدر لاحب

نهانيَ عَقلي عن أمورٍ كثيرةٍ، = وطبعي إليها بالغريزة جاذبي
ومما أدامَ الرُّزءَ تكذيبُ صادقٍ، = على خُبرةٍ منّا، وتصديق كاذبِ

لو اتّبَعُوني، وَيحَهُمْ، لهديْتُهُمْ = إلى الحقّ، أوْ نهجٍ لذاكَ مقاربِ
فقدْ عشتُ حتى ملّني، ومَللْتُه، = زَماني، وناجتْني عيونُ التّجارب

يقولونَ صِنْعٌ من كواكب سبعةٍ؛ = وما هو إلا من زعيم الكواكبِ
إذا رَفَعَتْ تلكَ المواكبُ قسطلاً = ، فرافِعُهُ للعينِ مُجْري الكواكبِ

أجلُّ هِباتِ الدهرِ تركُ المواهبِ، = يمُدُّ، لما أعطاكَ، راحةَ ناهِبِ
وأفضلُ من عيشِ الغنى عيشُ فاقةٍ = ، ومن زيّ مَلْكٍ رائقٍ زِيُّ راهبِ

إذا عِبتَ، عندي، غيريَ اليوم ظَالماً، = فأنتَ بظُلمٍ، عند غيريَ، عائبي
عَرفْتُك، فاعلم، إن ذمَمتَ خلائقي = ورابَكَ بعضي، أنّ كلّك رائبي

توَخّ بهجرٍ أمَّ ليلى، فإنها = عجوزٌ، أضلّتْ حيّ طسم ومارِبِ
دَبِيبُ نِمالٍ، عنْ عُقارٍ، تخالُها = بجسمك، شرٌّ منْ دبيبِ العقاربِ

تناهبت، العيشَ، النفوسُ، بغِرّةٍ، = فإن كنتَ تَسطيعُ النّهابَ، فناهبِ
بقائيَ في الدنيا، عليّ، رزيّةٌ، = وهل أنا إلاّ غابرٌ مثل ذاهبِ؟

متى عدّد الأقوامُ لُبّاً وفطنةً، = فلا تسأليني عنهُما وسَليبي
أرى عالماً يرْجونَ عفوَ مليكهِم، = بتقبيلِ ركنٍ، واتخاذِ صليبِ

وجدْتُ عواريّ الحياةِ كثيرةً، = كأنّ بقاءَ المرءِ شِعرُ حبيبِ
وتلقاهُ، من فرط الصّبابة، جاهلاً = ، يغيّرُ أعلى رأسهِ بصَبيبِ

إذا غيّبوني لمْ أُبالِ متى هفا = نسيمُ شَمالٍ، أو نَسيمُ جَنوبِ
تنوب الرّزايا أعظُمي، لا أصونُها = بمتَخّذٍ من عَرْعَرٍ وتَنوب

وجدتُكَ أعطيتَ الشجاعةَ حقّها، = غداةَ لقيتَ الموتَ غيرَ هَيوبِ
إذا قُرِنَ الظنُّ المصيبُ، من الفتى = ، بتجربةٍ، جاءا بعلمِ غيوب

لقد ترفّعَ، فوقَ المُشتري، زُحَلٌ، = فأصبح الشّرُّ فينا ظاهرَ الغَلَبِ
وإنّ كَيْوَانَ والمرّيخَ، ما بقيا، = لا يُخلِيانِكَ من فَجعٍ ومن سَلَب

الدهرُ ينسَخُ أولاه أواخرُهُ، = فلا يُطيلَنْ بهذا اللّوم إنصابي
داءُ الحياة قديمٌ لا دواء له، = لم يخلُ بُقراطُ من سُقمٍ وأوصابِ

إذا رأيتم كريماً، عند غيركمُ، = فأكرموه على يُسرٍ وإنْضابِ
فالسّيفُ تَعرف ذاتُ الخِدرِ موضعَهُ = من قومها، وهي لم تضرِب بِقرضاب

يأتي الردى، ويواري إثلَبٌ جسداً، = فافعل جميلاً، وجانبْ كلّ ثلاّبِ
والناسُ كالخيلِ، ما هُجْنٌ بمعطيةٍ = ، في مَريها، كعطايا آل حلاّب

أسوانُ أنت، لأنّ الحيّ نيّتُهُمْ = أسوانُ، أيُّ عذابٍ دونَ عيْذابِ
والعقلُ يسعى لنفسي، في مصالحها = فما لطبعٍ، إلى الآفاتِ، جذّابِ

الحظُّ لي، ولأهلِ الأرضِ كلّهمُ، = ألاّ يرانيَ، أخرى الدّهر، أصحابي
وشِقْوَةٌ غَشِيَتْ وجهي، بنضرته، = أبّرُّ بي من نعيمٍ جرَّ إشحابي

استنبط العُربُ لفظاً، وانبرى نبَطٌ، = يخاطبونك من أفواه أعراب
كلّمتُ باللّحنِ أهلَ اللحنِ أنفسَهُم، = لأنّ عَيبيَ، عند القوم، إعرابي

انفضْ ثيابَك من وُدّي ومعرفتي، = فإنّ شخصي هباءٌ، في الضّحى، هابي
وقد نَبذتُ على جمرٍ، خبا، يبساً = ، فإن يكن فيهِ سقطٌ يذْكُ إلهابي

الحمدُ للَّه! ما في الأرض وادعةٌ = ، كلُّ البريّة في همٍّ وتعذيب
جاءَ النبيُّ بحقٍّ، كي يُهذّبكمْ = ؛ فهلْ أحسّ لكم طبعٌ بتهذيب؟

لا يحسب الجود من ربّ النخيل جَداً، = حتى تجودَ على السّود الغرابيبِ
ما أغدرَ الإنس! كم خَشْفٍ تربَّبَهُم، = فغادَرُوهُ أكيلاً بعد تَربيب

إذا قضى اللَّهُ أمراً جاءَ مُبتدِراً، = وكلُّ ما أنت لاقيهِ بتسبيب
ظلّتْ مُلاحِيَةً في الشيءِ تفعلهُ، = جهلاً، مُلاحِيةٌ منْ بعد غربيبِ

دنياكَ تُكْنى بأُمّ دَفرٍ، = لم يَكْنِها الناسُ أمَّ طِيبِ
فأذَنْ إلى هاتفٍ مُجيدٍ، = قامَ على غصنِه الرّطيب

قبيحٌ أن يُحَسّ نحيبُ باكٍ، = إذا حان الردّى، فقضيبُ نحبي
ولم أَرِدِ المنيةَ باختياري، = ولكن أوشك الفَتَيان سحبي

ليالٍ ما تُفيق من الرّزايا، = فويحي من عجائبها وويبي!
أعادت أُسدُها أسَداً أكيلاً، = وأودى ذئبُها بأبي ذُؤيب

يَهابُ الناسُ إيجافَ المنايا، = وهل حادَ القضاء عن الهَيوب؟
إذا كشّفْتَ أجناسَ البرايا، = وجدتَ العالمينَ ذوي عيوب

إذا اصفرّ الفتى لفراق روحٍ، = فأهْوِنْ بالتّصَعْلُكِ والشُّحوبِ
أحُوبيَ صاحبي، فأُعيرَ فضلاً عليّ = ، أم انتُقصْتُ لأجل حوبي؟

بني الآداب! غرّتكمْ، قديما = ً زخارفُ مثلُ زمزمةِ الذُّبابِ
وما شعراؤكم إلاّ ذئابٌ، = تَلصَّصُ في المدائحِ والسِّبابِ

منْ يخضبُ الشّعراتِ يُحسبُ ظالماً، = ويُعَدُّ أخرقَ كالظّليم الخاضبِ
والشَّيبُ في لونِ الحُسامِ، فلا تدَعْ = جسدَ النّجيع على الحسام القاضب

جَدَثٌ أُريحُ، وأستريحُ بلحده، = خيرٌ من القصر الّذي آذى بهِ
وصدقتُ هذا العيشَ في حبّي لهُ، = واغترّني بخِداعِهِ وكِذَابه

كم أمّةٍ لعبتْ بها جُهّالُها، = فتنطّستْ من قبلُ في تعذيبها
الخوفُ يلجئها إلى تصديقها، = والعقلُ يَحمِلُها على تكذيبها

قد قيل: إنّ الروحَ تأسفُ، بعدما = تنأى عن الجسد، الذي غَنِيَتْ بهِ
إن كان يصحبُها الحِجى، فلعلّها = تدري، وتأبه للزّمان وعَتْبهِ

كمْ غادةٍ مثل الثّريّا في العلا = والحُسن، قد أضحى الثرى من حُجبِها
ولِعُجْبِها ما قرّبتْ مِرآتَها، = نزّهْتُ خِلّي عنْ مقالي عُجْ بها

إدْأبْ لرَبّكَ، لا يلومُكَ عاقلٌ = في سَجْنِ هذي النّفْس، أوْ إدآبها
سنَؤوبُ في عُقبى الحياةِ مساكناً، = لا عِلمَ لي بالأمر، بعد مآبها

لا ريبَ أنّ اللَّهَ حقٌّ، فلتعُدْ = باللّوْم أنفُسُكمْ على مرْتابها
وغدتْ عقولُكمُ تعاتبُ أنفُساً، = ليستْ تَريعُ لنُصْحها وعِتابها

لا تلبَسِ الدنيا، فإنّ لباسَها = سَقَمٌ، وعَرِّ الجسمَ من أثوابها
أنا خائفٌ من شرّها، متوقِّعٌ = إكآبَها، لا الشّرْبَ من أكوابها


أهلاً بغائلةِ الرّدى وإيابها، = كيما تُستّرُني بفضل ثيابها
دُنياك دارٌ، إن يكنْ شُهّادُها = عقلاءَ، لا يبكوا على غُيّابها

خبرَ الحياةَ شُرورَها، وسُرورَها، = من عاشَ عِدّةَ أوّلِ المتقارِبِ
وافى بذلكَ أربعينَ، فما لهُ = عُذرٌ، إذا أمسى قليلَ تجاربِ

البابليّةُ بابُ كلّ بليّةٍ، = فَتَوقّيَنّ هُجومَ ذاك البابِ
جَرّتْ مُلاحاةَ الصديقِ وهجْرَهُ = ، وأذى النديمِ، وفُرقةَ الأحبابِ

شُربي، على المُقلةِ، في مَقْلَتٍ، = وأكليَ المشْرِقَ بالمغرِبِ
آثَرُ عندي من طعامٍ لهمُ = يُشفعُ بالمُطرفِ والمطربِ

ماويةُ المرأةِ لا تصحبُ الما = ويّةَ المرأةَ، منْ عُجبِها
لعِلمها أنّ الذي صاغَها = ، آثرها بالحُسْنِ في حُجبها

إتْبعْ طريقاً للهُدى لاحباً، = وخَلِّ آثاراً بملحُوبِ
أفٍّ لدنيايَ، فإني بها = لم أخلُ من إثمٍ، ومن حُوب

قد أهمَلَتْ للخياطِ إبرتَها، = فصادَفتْ إبرَةً لعَقْرَبها
فهيَ تُسقّى الحليبَ ليلتَها = ، ولمْ يكنْ من لذيذِ مَشْربها

إنّ كؤوسَ المُدامِ تُشبهُها السـ = ـيوفُ، والموتُ في مضاربها
شموسُها شمسُ باطلٍ شرقتْ، = فلا يكُنْ فُوكَ من مغاربها

خَفْ دَنِيّاً، كما تخافُ شريفاً، = صالَ ليثُ الشّرى بظُفرٍ ونابِ
والصِّلالُ، التي يخافُ رداها = ، شرُّها في الرّؤوس والأذنابِ

أسْطرٌ لابَ، حولهنّ، جهولٌ، = فهو يرجو هَديْاً بأسطَرلابِ
لا تقِسني على الذي شاعَ عني، = إنّ دُنْياكَ معدِنٌ للخِلاب

إذا ابْنا أبٍ واحدٍ أُلِفيا = جوَاداً وعَيْراً، فلا تَعْجبِ
فإنّ الطويلَ، نجيبَ القريض، = أخوهُ المديدُ، ولم يَنْجُب

تُشاورُ بِكْرَكَ في نفسها = ، وتنسى مشاورةَ الثّيّبِ
وأنت سفيهٌ رأى مثلهُ، = فقال السَّفاهُ له: عيِّبِ

مَعاصٍ تلوحُ، فأُوصيكمُ = بهجرانها، لا بإغبابها
كأنّ المهيمِنَ أوصى النّفوسَ = بعِشقِ الحياةِ، وإحبابها

أمَا والرّكابِ وأقتابِها = ، تجوبُ الفلاةَ بمُجتابها
تُنَصُّ بكلّ فتىً ناسكٍ، = صحيحِ النُّهى غيرِ مُرْتابها

تُحِلُّ إذا استربتُ بك، اهتضامي، = وأنتَ فعلتَ أفعالَ المريبِ
ضَريبُكَ، في بني الدّنيا، كثيرٌ، = وعزَّ اللَّه ربُّك عن ضَريب

يا أيها المغرورُ، لَبَّ من الحِجى = ، وإذا دعاك، إلى التقى، داعٍ فَلبْ
إنّ الشرورَ لكالسّحابة أثجمَتْ، = لاكِ السرورُ، كأنّهُ برقٌ خَلَبْ

للرزق أسبابٌ تَسَبَّبْ، = والعيشُ مأمولٌ، محَبَّبْ
وصبابةُ الإنسان بالدّ = نيا، أرَتك دماً تصبّبْ

جنى ابنُ ستينَ، على نفسهِ، = بالوَلد الحادثِ، ما لا يُحِبّ
تقولُ عِرسُ الشيخ، في نفسها: = لا كنتَ يا شرّ خليلٍ صُحِبْ

كأنما الأجسادُ، إن فارَقتْ = أرواحَها، صخرٌ ثوى أو خُشُبْ
وما درى المْيتُ: أأكفانُهُ = مُخلِقةٌ، في رَمْسه، أم قُشُبْ

قد أعْزبَ العالمُ أحلامَهُمْ = ؛ يا عازِبَ الحلم عنِ الناسِ ثُبْ
نيرانُ حقدٍ بين أحشائهم = ، فلفظُهُم عنها شرارٌ وَثَبْ

أخبرتَ، عن كُتبِكَ، أُعجوبةً؛ = ورُبّ مَيْنٍ ضُمّنَتْهُ الكُتبْ
تُواصلُ الغيَّ، ولولم يكنْ = فيكَ حِجًى، ما عتَبَتْكَ العُتب

عاقبةُ الميّتِ محمودةٌ، = إذا كفى اللَّهُ أليمَ العِقابْ
ليسَ عذابُ اللَّهِ مَنْ خانَهُ = ، كالقَطعِ للأيدي وضربِ الرّقاب

ما أجلي، في أجَلَى، حاضِرٌ، = من بعدِ ما جرّبتُ أهلَ الجَريب
كأنّ حوّاءَ، التي زَوْجُها = آدمُ، لمْ تلقَحْ بشخْصٍ أريب

منْ جالسَ المُغتابَ، فهو مُغتابْ؛ = لستُ على كلّ جنىً بعتّابْ
ولا مجازٍ مخُطياً، إذا تابْ، = وكيفَ لي بوِرْدِ نُسْكٍ مؤتاب

إذا وهبَ اللَّهُ لي نِعْمَةً، = أفَدْتُ المساكينَ مما وهبْ
جعَلْتُ لهمْ عُشرَ سقي الغَمامِ = ، وأعطيْتُهُمْ رُبعَ عُشرِ الذهبْ

يَحِلُّ بمَهْرٍ رَحيقُ الرُّضاب = ، وليسَ يحلُّ رَحيقُ العِنَبْ
يُعيدُ الفتى، كالذي نابَه = جنونٌ، على أنهُ لم يُنِبْ

أخبّتْ ركابي أمْ أُتيحَ لها خَبْتُ، = عَميمُ رياضٍ ما يزالُ به نَبْتُ
وكفّرها ليلٌ ترهّبَ شُهبُهُ = ، تُخالُ يهوداً عاق عن سيرها السّبتُ

ثلاثة أيامٍ لأهلِ تنافرٍ، = ولكنّ قولَ المسلمين هو الثّبتُ
يرى الأحَدَ النّصريُّ عيداً لأهله، = وجمعتُنا عيدٌ لنا، ولك السَّبت

تنافَسَ قَوْمٌ على رُتْبَةٍ؛ = كأنّ الزّمانَ يُديمُ الرُّتَبْ
ودُنياكَ غُرَّ بها جاهِلٌ، = فتبّتْ على كلّ حالٍ وتَبّ

رأيتُ جماعاتٍ من الناس أولعتْ = بإثباتِ أشياءَ استحالَ ثبوتُها
فقد أخبرَتْ، عن غيّها، سنواتُها، = كما أخبرَتْ آحادُها وسبُوتها

ألم ترَ للدّنْيا وسوءِ صَنِيعِها، = وليسَ سوى وَجهِ المهيْمن ثابتُ
تخالفَ بِرْساها: فبِرْسٌ، بهامةٍ = ، أُقرَّ، وبِرْسٌ يُذهبُ القُرّ نابتُ

مسيحيةٌ من قبلها موسويّةٌ ، = حكتْ لك أخباراً، بعيداً ثُبوتها
وفارسُ قد شبّت لها النّارَ وادّعتْ = لنيرانها أنْ لا يجوز خُبوتُها

إنّا حَسَبنا حساباً لم يَصِحّ لنا = ، قد بانَ، في كلّه، التفريطُ والغَلَتُ
وكثرةُ المالِ شغلٌ، زادَ في نَصبٍ = ؛ وقلةٌ منه معدولٌ بها الفلتُ

إذا أتاني حِمامي ماحِياً شبحي = وما صنعْتُ، فعيشي كلّه عَنَتُ
لعلّ قوماً يُجازيهم مليكُهُمُ = ، إذا لقوه، بما صاموا وما قنتوا

أرى الأشياءَ ليسَ لها ثباتُ، = وما أجسادُنا إلاّ نباتُ
بإذن اللَّهِ تفترقُ البرايا = ، لِطِيّتِها، وتجتمعُ الثُّباتُ

سحائبُ مبرقاتٌ، مرعداتُ = ، لمهجَةِ كلّ حيٍّ مُوعِداتُ
وكيف يُقامُ في أمرٍ مهِمٍّ، = ليُفْعَلَ، والمقادِرُ مُقعِداتُ؟

على الكذِبِ اتّفقنا فاختلفنا، = ومِن أسنى خلائِقِكَ الصُّموتُ
وقد كذَبَ الذي سمّى وليداً = : يَعيشُ، وبرَّ مَنْ سمّى: يموت

أيا طفلَ الشفيقةِ! إنّ ربي، = على ما شاءَ من أمرٍ، مُقيتُ
تَكَلَّمُ، بعد موتكَ، باعتبارٍ، = وقدْ أودى بك النّبأ المَقيتُ

أمّا المكانُ، فثابتٌ لا ينطوي، = لكنْ زمانُك ذاهبٌ لا يثبُتُ
قال الغويُّ لقد كبَتُّ مُعانِدي = ؛ خسِرتْ يداه بأيّ أمرٍ يكبِت

قد أصبحتْ، ونُعاتُها نُعّاتُها = ، وكذلك الدّنيا تَخيبُ سُعاتُها
كرّارةٌ أحزانُها، ضرّارةٌ = سُكّانَها، مَرّارَةٌ ساعاتُها

وارحمتا للأنامِ كلّهمُ = ، فإنّهم منْ هوى الحياةِ أُتُوا
أُفٍّ لهم، ما أقلّ فطْنَتَهم = ، لَذّوا أكيلاً، وإنما سُئتوا

بنْتُ عن الدنيا، ولا بنتَ لي = فيها، ولا عِرْسٌ ولا أُخْتُ
وقد تحمّلْتُ، من الوزْرِ، ما = تعجِزُ أن تحمِلهُ البُخْتُ

عليكم بإحسانِكم، إنّكم = متى تَكبِتوا غيركم تُكْبَتُوا
يُرَبّي المَعاشِرُ أبناءَهُمْ، = ويَشْقى الأنامُ بما ربّتوا

أترغبُ في الصّيتِ بينَ الأنامِ؟ = وكم خَمَلَ النّابهُ الصّيِّتُ
وحَسْبُ الفتى أنّهُ مائتٌ = ، وهلْ يعرِفُ الشّرفَ الميت؟

يؤمِّلُ كلٌّ أنْ يعيشَ، وإنّما = تُمارِسُ أهوالَ الزّمانِ، إذا عِشتا
إذا افترقتْ أجزاءُ جسمي لم أُبَلْ، = حُلولَ الرّزايا في مَصيفٍ، ولا مشتا

أكرم ضعيفَكَ، والآفاقُ مجدبةٌ، = ولا تُهِنْهُ، ولوْ أعطيتَه القُوتا
وجانِبِ الناسَ تأمَنْ سوءَ فعلِهمُ = ، وأن تكونَ لدى الجلاّس ممقوتا

إن شئتَ أن تُرزَقَ الدنيا ونِعمتَها، = فخلِّ دنياكَ تظفرْ بالذي شيتا
أنشأتَ تطلبُ منها غيرَ مُسعِفةٍ، = وما لها، أيّها الإنسان، أُنشيتا

عِيدانُ قَيْنَاتِنا منْ تحتِ أرجُلِها = ، وعودُ قينَتِكم، في حُجرها، باتا
وما حَكَينَ النصارى في لِباسِهِمُ، = ولا بغَيْنَ، كأهلِ السَّبْتِ، إسباتا

يا صاحِ! إن حاوَرْتَ آخرَ، مُشفِقٌ = يَبغي رَشادَك، جاهِداً أن تسْكتا
كم بكَّتَ الموتُ الحريصَ على الذي = يأتي، فسَحّتْ مقلتاه، وبكّتا

كادتْ سنيَّ، إذا نطقْتُ، تقيمُ لي = شَخْصاً يُعارضُ بالعِظاتِ مُبَكِّتا
وتقولُ: من بعثَ اللسانُ بغيرِ ما = أرضى، فحقٌّ أن يُهانَ ويَسْكتا

لا أخطبُ الدنيا إلى مالكِ الدّ = نيا، ولكنْ خُطبَتي أُختَها
النفسُ فيها، وهي محسودةٌ، = ذاتُ شقاءٍ، عَدِمتْ بَختَها

أصُمْتَ الشهورَ، فهلاّ صمتَّ، = ولا صومَ حتى تطيلَ الصُّموتا
يلاقي الفتى عيْشَه بالضّلالِ = ، ويبقى عليه إلى أن يموتا

أخو الرّاحِ إنْ قال قولاً وجدْتَ = ، أحسنَ ممّا يقولُ، الصُّموتا
ويشرَبُ منها إلى أن يقيءَ، = ولا غَروَ إن قلتَ: حتى يموتا

يمرُّ بكَ الزمنُ الدّغْفليُّ، = وكم فيه منْ رجلٍ أسْنَتا
فلا تسألِ المرءَ عن سِنّهِ = ، ولا مالِه، واخْشَ أن تُعْنتَا

عذيري من الدّنيا عَرتني بظُلْمِها، = فتمنحني قُوتي لتأخذ قوّتي
وجدْتُ بها ديني دَنِيّاً، فضرّني، = وأضللتُ منها في مُروتٍ مُروّتي

لقد رجّتِ اللَّهَ النفوسُ لكشفهِ = أموراً، فأعطى أنفُساً ما ترجّتِ
فإن تُنْجِكَ الخيلُ المعَدّةُ للوغى = ، فعن قَدَرٍ، يأتي من اللَّهِ، نجّتِ

نوائبُ، إن جلّتْ تجلّت سريعةً، = وإما توالت في الزمان تولّتِ
ودُنياك، إن قلّت أقلّت، وإن قلَت = ، فمن قَلتٍ في الدين نجّت، وعلّت

قديماً كرهتُ الموتَ، واللَّهُ شاهدٌ = ، وقد عشتُ حتى أسمَحتْ لي قَرُونتي
وأحسبُهُ لو جاءني لأبَيْتُهُ، = ومن عندِ ربّي نُصرتي ومعُونَتي

هي الرّاحُ تلقي الرمحَ من راحة الفتى، = وتُبدلُ منه كفَّهُ عُودَ ناكِتِ
وقد وثَبَتْ في بَزلِها وَثبَ حيّةٍ، = وما قُتلت إلاّ بأسود ساكت

أفارسَ مِقْنَبٍ، وأميرَ مصرٍ، = نزَلْتَ عن الكُمَيْتِ إلى الكُمَيْتِ
فتلكَ حميدةٌ آدَتْكَ حيّاً = ؛ وهذي أشعرَتْكَ خُفوتَ مَيْت

إذا لم يكن خلفي كبيرٌ يُضيعُهُ = حِمامي، ولا طِفْلٌ، ففيمَ حياتي؟
وما العيشُ إلاّ علةٌ بُرؤها الرّدى، = فخلِّي سبيلي أنصرفْ لِطِياتي

ألا تتّقُونَ اللَّهَ رَهطَ مسلِّمٍ! = فقد جُرتمُ في طاعةِ الشّهواتِ
ولا تتْبَعوا الشيطانَ في خُطُواتِه = ، فكم فيكمُ من تابع الخُطواتِ

للشّامتين رَزايا في شِماتِهمُ، = فكُنْ مُصاباً ولا تُحسبْ من الشُّمُتِ
يبدوُ سرورُ أُناسٍ أظهروا حَزَناً، = وإن تسَتّرَ خلفَ الألسُنِ الصُّمُتِ

خلَصتُ من سبراتٍ في السّباريتِ، = وربَّ يومٍ كريتٍ دون تكريتِ
كم بالسّماوة من صِلٍّ ومن أسدٍ، = كلاهما خُصّ في شِدْقٍ بتهْريت

الحمدُ للَّهِ قد أصبحتُ في دَعةٍ، = أرضى القليلَ ولا أهتمُّ بالقوتِ
وشاهدٌ خالقي أنّ الصلاةَ، لهُ، = أجلُّ عندي من دُرّي وياقوتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري Empty
مُساهمةموضوع: رد: اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري   اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري Emptyالأحد أبريل 07, 2013 12:33 am

إدفن أخا المُلكِ دفنَ المرءِ مفتقراً، = ما كانَ يملكُ منْ بيتٍ ولا بِيتِ
إنّ التّوابيتَ أجداثٌ مكرَّرةٌ، = فجنّبِ القومَ سَجْناً في التّوابيت

راعتكَ دُنياكَ، من رِيعَ الفؤادُ، وما = راعتك في العيش، من حسن المُراعاةُ
كأنّما اليومُ عبدٌ طالبٌ أمَةً = من ليلةٍ، قد أجدّا في المُساعاة

مرّ الزّمانُ فأضحى في الثّرى جسَدٌ؛ = فهل تملّى رجالٌ بالمُلاوات؟
والرّوحُ أرضيّةٌ في رأي طائفة، = وعند قومٍ ترَقّى في السّماوات

الكونُ في جملةِ العوافي؛ = لا الكونُ في جُملة العُفاةِ
لينُ الثّرى، للجسوم، خيرٌ = من صُحبةِ العالَم الجُفاةِ

دنياك موموقةٌ = أكثرُ من أختها
لم تُبقِ، من جزْلها، = شيئاً ولا شَخْتِها

خُذي رأيي، وحسبكِ ذاك منّي = ، على ما فيّ من عِوَجٍ وأمْتِ
وماذا يبتغي الجُلساءُ عندي، = أرادوا منطِقي وأردتُ صَمتي

ترنّمْ في نهارِكَ، مستعيناً = بذكرِ اللَّه، في المترنِّماتِ
عَنيْتُ بها القوارحَ، وهيَ غُرٌّ، = ولسْنَ بخيلكَ المتقدِّماتِ

رُوَيدَكِ يا سَحابةُ لا تجودي، = على السّبخاتِ، من جهلٍ، هَمَيتِ
طلبتِ ديانَةً بينُ البرايا = ، لقد أشْوتْ سهِامُكِ إذ رَمَيت

كُفّي شُموسَكِ، فالسِّرارُ أمانةٌ، = حُمّلتِها، ومتى ثمِلْتِ رميَتِها
ما أُمُّ لَيلاكِ العتيقةُ بَرّةٌ، = كَنّيْتِها للقوم، أو سمّيتها

قد حاطت، الزّوجَ، حرّةٌ سألتْ = مليكَها العَونَ في حياطتها
غدّتْ ببُرْسٍ إلى مَرادِنها = ، أو خيطِ غزلٍ إلى خياطتِها

إنّما نحنُ في ضلالٍ وتعليـ = ـلٍ، فإن كنتَ ذا يقينٍ فهاتِهْ
ولحُبّ الصحيح آثَرتِ الرّو = مُ انتسابَ الفتى إلى أُمّهاتِهْ

من صفة الدنْيا التي أجمع النّا = سُ عليها، أنّها ما صفَتْ
كم عَفّةٍ ما عفّ عنها الرّدى؛ = وكم ديارٍ لأناسٍ عفَتْ

ثِيابيَ أكفاني، ورَمْسيَ منزِلي، = وعيْشي حِمامي، والمنيّةُ لي بعْثُ
تحلَّيْ بأسنى الحّلْي، واحتلبي الغنى = ، فأفضلُ من أمثالِكِ النّفَرُ الشُّعث

وغانيةٍ في دارِ أشوسَ ظالمٍ، = تُسَوَّرُ ممّا لم يجِبْ وتُرَعَّثُ
يُصاغُ لها، في حَليِها، أيمُ عَسجدٍ؛ = فهلْ أمنت من لدغِه حين تُبْعثُ؟

أيا جَسدي لا تجزَعَنّ من البِلى، = إذا صرت في الغبراء، تُحثى، وتُنبثُ
وإن كانَ هذا الجسمُ قبلَ افتراقه = خبيثاً، فإن الفعلَ شرٌّ وأخْبثُ

من أعجبِ الأشياءِ في دهرنا، = واللَّهُ لا ناسٍ، ولا والثُ
اثنانِ باتا في فِراشٍ معاً، = فَأصْبَحا، بينهُما ثالث

لقد لقيَ المرءُ، من دهرِهِ، = عجائبَ يغلُثُها الغالثُ
وكم بات ثانيَ عِرسٍ لهُ، = فأصبَحَ بينهُما ثالثُ

لا يَرهَبُ الموتَ مَن كان امرأً فَطِناً = ، فإنّ، في العيش، أرزاءً وأحداثا
وليس يأمَنُ قومٌ شرَّ دهرِهمُ، = حتى يحُلّوا، ببطنِ الأرض، أجداثا

إذا مُتُّ لم أحفِلْ بما اللَّهُ صانعٌ = إلى الأرضِ، من جَدبٍ وسقي غيوثِ
وما تشعرُ الغبراءُ ماذا تُجِنُّه = : أأعظُمُ ضأنٍ أم عِظامُ ليوثِ

تقلُّ جسومَنا أقدامُ سَفْرٍ، = مشَتْ في ليلِ داجيةٍ بوعثِ
وظاهرُ أمرنا عيشٌ وموتٌ = ، ويدأبُ ناسكٌ لرجاءِ بعثِ

أراني في الثّلاثة من سجوني، = فلا تسأل عن الخبرِ النّبيثِ
لفقدي ناظري، ولزومِ بيتي، = وكونِ النّفس في الجسد الخبيثِ

لا خيرَ في الدّنيا، وإن ألهى الفتى = ، فيها، مَثانٍ أُيّدَتْ بمثالثِ
شرُّ الحياةِ بَسيطةٌ، مذمومةٌ، = عَمَدَتْ لها، بالسّوء، كفُّ الغالثِ

أكرِهْتَ أن يُدعى وليدُك حارثاً؟ = يا حارِثَ ابنَ الحارثِ ابنِ الحارث
تلك الصّفاتُ لكلّ منْ وطىء الحَصى = ما بينَ موروثٍ وآخرَ وارِثِ

لمّا ثَوتْ في الأرضِ، وهي لطيفةٌ، = قُدَماؤنا أمِنتْ من الأحداثِ
لم يستريحوا من شُرور ديارهم، = إلاّ برِحلتِهم إلى الأجْداثِ

لو نطقَ الدّهرُ في تصرّفهِ = ، لعدّنا، كلنّا، من التَّفثِ
قال لنا: إنّني أحِجُّ إلى اللَّـ = ـه، وأنتم من أقبحِ الرَّفثِ

أيا أرْضُ فوقَكِ أهلُ الذُّنوبِ، = فهلْ بكِ من ذاكَ همٌّ وبَثّ
وقد زعمُوا النّارَ مبْعوثَةً، = تهذِّبُ، ممّن عليك، الخبَثْ

حُظوظٌ: فرَبْعٌ يُخطّى الغَمامَ؛ = وربْعٌ يجادُ؛ وربعٌ يُدَثّ
وكم حَدَثٍ، من صروفِ الزّمانِ = ، يكرَهُهُ شيخُنا، والحَدَث

رأيتُ سَحاباً خِلتُهُ متدفّقاً، = فأنجَم، لم يُمطِر، وإن حسُن الخَرْجُ
وكم فاتكَ الشيءُ، الذي كنتَ راجياً؛ = وجاءكَ، بالمقدار، ما لم تكن ترجو

لقد جاءنا هذا الشّتاءُ، وتحتَهُ = فقيرٌ مُعرّى، أو أميرٌ مدَوَّجُ
وقد يُرزَقُ المجدودُ أقواتَ أمّةٍ؛ = ويُحرَمُ، قوتاً، واحدٌ، وهو أحوَج

جماجمُ أمثالُ الكُراتِ، هفت بها = ، سيوفٌ، ثناها الضّربُ، وهي صوالج
وقد يُغلِقُ الانسانُ من دون شخصه = وِلاجاً، وهمُّ القلب في النّفس والج

إذا دَرَجَتْ، في العالَمينَ، قبيلةٌ، = فخيرٌ لها، من أن تئثّ، خروجُها
فما أمِنَتْ نسوانُ قومٍ أعزّةٍ، = على عزّها، أن تستباحَ فُروجُها

روّحْ ذبيحَكَ، لا تُعجلْهُ ميتَتَهُ، = فتأخذَ النّحضَ منه، وهو يختلجُ
هذا قبيحٌ، وعلمي، غيرُ متّسقٍ، = بما يكونُ، ولكن في الثّرى ألِجُ

بعالجٍ، باتَ هَمُّ النفسِ يعتلِجُ؛ = فهلْ أسِيتَ لعينٍ، حينَ تختلِجُ؟
إنْ بشّرَتْ بدُموعٍ، فهي صادقةٌ؛ = أو خَبّرَتْ بسُرُورٍ، قلتَ: لا يلجُ

إقنعْ بأيسرِ شيءٍ، فالزّمانُ له = مَحيِلةٌ، لا تُقضّى عندها الحِوَجُ
وما يكفُّ، أذاةً عنك، حِلفُ ضنىً = ، وقدْ يشجُّك عُودٌ، مسّه عَوجُ

أعوذُ باللَّهِ منْ ورْهاءَ قائلةٍ، = للزّوج: إني إلى الحمّامِ أحتاجُ
وهمُّها في أمورٍ، لو يُتابِعُها = كِسرى عليها، لشينَ المُلكُ والتّاجُ

لا تفخَرَنّ مَعاشِرٌ بقديمها؛ = فليَنسِبنّ كُلابُها ونُباجُها
والخيلُ، إن مزعت بفرسان الوغى = ، فلترجِعنّ إلى الثرى أثباجُها

تيمّمَ، فجّاً واحداً، كلُّ راكبٍ، = ولا بدّ أني سالكٌ ذلك الفجّا
وسيّانِ أُمٌّ بَرّةٌ، وحمامةٌ = ، غذتْ ولداً في مَهدهِ، وغذتْ بجّا

يا سعْدُ! إنّ أبّا سعْدٍ لَحادِثُهُ = أمسى الحِمامُ يُسمّى عندَهُ فرَجا
والرّوحُ شيءٌ لطيفٌ ليس يُدركُه = عقلٌ، ويسكنُ من جسم الفتى حَرَجا

أغنى الأنامِ تقيٌّ في ذُرى جَبَلٍ، = يَرْضى القليلِ، ويأبَى الوشيَ والتاجا
وأفقرُ النّاس، في دُنياهمُ، مَلِكٌ، = يَضحِي، إلى اللّجبِ الجرّارِ، محتاجا

تسريحُ كفّيَ بُرْغوثاً، ظفِرتُ به، = أبرُّ من درهمٍ تعطيهِ مُحتاجا
لا فرقَ بينَ الأسَكّ الجَونِ أُطلقُهُ، = وجَونِ كِندةَ أمسى يَعقُدُ التّاجا

الوقتُ يُعْجلُ أن تكونَ محلِّلاً = عُقَدَ الحياةِ، بأن تَحُلّ الزّيجا
فالدّهرُ لا يسخو بأريٍ للفتى، = حتى يكونَ، بما أمَرّ، مزيجا

لو لم تكن طرْقُ هذا الموت موحشةَ، = مَخشيّةً، لاعتراها القومُ أفواجا
وكان مَنْ ألقَتِ الدنيا عليه أذىً، = يَؤمُّها تاركاً، للعيش، أمواجا

لا ترُع الطائرَ، يغذو بَجّهْ، = يلتقطُ الحبّ، لكي يمُجّهْ
إنّ الأنام واقعٌ في لُجّهْ، = وظُلمَةٍ من أمْره مُلتَجّهْ

لعَمْرُكَ ما أنجاكَ طِرفُكَ، في الوغى، = من الموْتِ، لكنّ القضاءَ الذي يُنجي
فلا تكُ زيراً للنّساءِ، وإنْ تمِلْ = لهنّ، فلا تأذنْ لزيرٍ ولا صَنْجِ

سرتْ بقوامٍ، يسرِقُ اللُّبَّ، ناعمٍ، = إلى مُدْلجٍ، تلقى البُرى، أُختُ مدلجِ
وقد حار هادي الرّكب، والليلُ ضاربٌ = بأرواقهِ، والصّبْحُ لم يتبَلّجِ

لَكَونُ خِلّك في رمسٍ أعزُّ لهُ، = من أن يكونَ مليكاً عاقِدَ التّاجِ
المَلْكُ يحْتاجُ أُلاّفاً لتنْصرَهُ، = والميتُ ليسَ إلى خَلقٍ بمُحتاجِ

كأنّني راكبُ اللُّجّ، الذي عصفَتْ = رياحُهُ، فهو في هَوْلٍ وتمويجِ
وفي طِباعِكَ زَيْغٌ، والهلالُ، على = سُمُوّهِ، حِلْفُ تقويسٍ وتعوج

وجدتُ الناسَ في هَرْجٍ ومَرْجِ، = غُواةً بين مُعتزلٍ ومُرجي
فشأنُ مُلوكهمْ عَزفٌ ونزفٌ؛ = وأصحابُ الأمورِ جُباةُ خرْجِ

أنا، للصَّرورةِ، في الحياةِ، مُقارنٌ، = ما زلتُ أسبحُ في البحارِ المُوَّجِ
وصرورةٌ في شيمتَينِ، لأنني، = مُذ كنتُ، لم أحجُجْ ولم أتزوّجِ

خُذوا في سبيل العقل تُهدَوا بهَدْيه، = ولا يَرْجُوَنْ، غيرَ المهيمِنِ، راجِ
ولا تُطفِئوا نورَ المليكِ، فإنّه = مُمتِّعُ كلٍّ من حِجىً بسِراج

ألا إنّ الظّباءَ لَفي غُرُورٍ، = تُرَجّي الخُلدَ بعدَ لُيوثِ تَرْجِ
وأشرفُ من ترى، في الأرض، قدراً، = يعيشُ، الدّهرَ، عبدَ فمٍ وفَرجِ

ما عاقدُ الحبل يبغي بالضّحى عَضَداً، = إلاّ كصاحبِ مُلْكٍ عاقِدِ التّاجِ
وما رأينا صرُوفَ الدّهرِ تاركَةً = ليثاً، بتَرْجٍ، ولا ظبياً بفِرتاج

وصلَ الهجيرَ إلى الهجيرِ لعلّه، = في الخُلدِ، يظفَرُ بالهواء السَّجسجِ
سلَبتْهُ، بُرْدَ الوَرْدِ، راحةُ مِيتَةٍ، = غصبته، حين كستْه بُرْدَ بنفسج

عن لاعِجٍ باتوا برملةِ عالجِ، = في رَبْوَتَيْ عَوْدٍ كظهرِ الفالجِ
في مُقْفِرٍ، تنآهُ سَلمى مَدْلجٍ، = من بعدِ طِيتّه، وسلمَا دالجِ

أتعوجُ أم ليس المشوقُ بعائجِ = ؟ هاجتْ وساوسُهُ لبرْقٍ هائجِ
سبحانَ مَن بَرأ النجومَ، كأنّها = دُرٌّ، طَفا من فوق بحرٍ مائج


إن هاجكِ البارقُ فاهتاجي، = لا يُمْنَعُ الرّزقُ بإرتاجِ
أُصبحُ في لحدي، على وَحدتي = لستُ إلى الدّنيا بمحتاج

أطعْتُ، في الأيّام، سَدّاجي = ؛ وسارَتِ الدّنيا بأحْداجي
آليتُ ما أدري، ولا عالَمي = من كوكبي في الحِندِس الدّاجي

حاليَ حالُ اليائسِ الرّاجي، = = وإنّما أرْجِعُ أدراجي
إذا رَأيتُ الخيرَ في رَقْدَتي، عَدَدْتُها ليلةَ مِعْراجي

وصفتُكَ، فابتهجتَ، وقلتَ خيراً، = لتجزيَني، فأدْركني ابتهاجي
إذا كان التّقارضُ من مُحالٍ = ، فأحسنُ من تمادُحِنا التَّهاجي

إذا أثْنى عليّ المرءُ، يوماً = ، بخيرٍ ليسَ فيّ، فذاك هاجٍ
وحقّيَ، إن أساءَ بما افتراهُ، = فلؤمٌ من غريزتيَ ابتهاجي

إذا ما مضى نَفَسٌ، فاحسَبَنْهُ = كالخيطِ، من ثوبِ عُمرٍ، نَهَجْ
وإنْ هاجكَ الدّهرُ، فاصبرْ له، = وعِشْ ذا وقارٍ، كأنْ لم تُهَجْ

يُشَجُّ بنو آدمٍ بالصّخور؛ = وإنّ المدامَ بماءٍ تُشَجّ
فما نَزلَ اليُمْنُ في شَربها = ، ولا في وعاءِ سُلافٍ نَشَجْ

يقولُ لكَ: انعمْ مُصبحاً، متودِّدٌ = إليكَ، وخيرٌ منه أغلبُ، أصبَحُ
رَجوتَ بقُربٍ، من خليلكَ، مرحباً، = وبُعدُكَ منه، في الحقائق، أربحُ

أصاحِ! هي الدّنْيا تُشابهُ مَيتةً؛ = ونحنُ حواليها الكلابُ النّوابحُ
فمن ظلّ منها آكلاً، فهو خاسرٌ، = ومن عاد عنها ساغباً، فهو رابح

لقد سنحتْ لي فكرةٌ بارحيةٌ، = وما زادني، إلاّ اعتباراً، سنوحُها
بربّةِ طَوْقٍ، ما أقلّ جَناحُها = جناحاً، وفي خضر الغصون جنوحُها

لقد برحتْ طيرٌ ولستُ بعائفٍ، = وإن هاجَ لي بعضَ الغرام بُروحُها
أرى هذَياناً، طالَ من كلّ أُمّةٍ، = يَضَمَّنُهُ إيجازُها وشروحها

أعاذلتي! إنّ الحسانَ قِباحُ؛ = فهلْ لظلام العالمين صباحُ؟
يسمّي، ابنَهُ كِسرى، فقيرٌ ممارسٌ = شَقاءً، وأسماءُ البنينَ تُباحُ

يا أيها النّاس! جازَ المدحُ قدرَكمُ، = وقصّرت، عن مدى مولاكمُ، المِدَحُ
إذا استعانوا بأقداحٍ، لها قيمٌ، = على المُدامَةِ، فالإثمُ الذي قدَحوا

يا مُشرِعَ الرّمحِ في تثبيتِ مملكةٍ، = خيرٌ من المارِنِ الخَطّيِّ مِسباحُ
يزيدُ ليْلُكَ إظلاماً إلى ظُلَمٍ، = فما لهُ، آخِرَ الأيّامِ، إصباحُ

تجمّعَ أهلُهُ زُمَراً إليه، = وصاحت عِرسُه: أودى فصاحوا
تُخاطِبُنا، بأفواه المنايا، = من الأيّامٍ، ألسِنةٌ فِصاحُ

نَطيحُ، ولا نطيقُ دِفاعَ أمرٍ = ، فكيف يروعُنا الغادي النّطِيحُ
ولم يَكُ أهلُ خَيْبَرَ أهلَ خُبْرٍ = ، بما لاقى السَّلالِمُ والوَطيحُ

اقنعْ بما رضيَ التّقيُّ لنفسِهِ، = وأباحَهُ لك، في الحياةِ، مبيحُ
مِرآةُ عقلك، إن رأيتَ بها سوى = ما في حِجاكَ، أرَته، وهو قبيح

أستقبحُ الظاهرَ من صاحبي = ؛ وما يُواري صَدْرُهُ أقبحُ
سُبِبْتَ بالكلبِ، فأنكَرْتَهُ = ، والكلبُ خيرٌ منك، إذ يَنبَح

المرءُ، حتى يُغَيَّبَ الشّبَحُ = ، مُغتبِقٌ هَمَّهُ، ومُصْطَبِحُ
والخَلقُ حيتانُ لُجّةٍ لَعِبَتْ، = وفي بِحارٍ، من الأذى، سبحوا

يا كاذباً! لا يَجوزُ زائفُهُ، = وما عليه، من فضّةٍ، وضَحُ
كشّفتُ عمّا تقولُ مُجتهِداً = ، لعلّ حقّاً، لطالبٍ، يضحُ

قد علِموا أنْ سيُخطفُ الشّبحُ، = فاغتَبقوا بالمدامِ واصطبَحوا
ما حَفِظوا جارةً، ولا فعلوا = خيراً، ولا في مكارمٍ رَبِحوا

العلمُ، كالقُفل، إن ألفيتَهُ عَسِراً، = فخلّه، ثمّ عاودهُ لينفتحا
وقد يخونُ رجاءٌ، بعد خِدْمَتِهِ = ، كالغرب خانتْ قواه، بعدما مُتحا

دَعَوْا، وما فيهمُ زاكٍ، ولا أحدٌ = يخشى الإلهَ، فكانوا أكلُباً نُبُحا
وهل أجلُّ قتيلٍ، من رجالِهمُ، = إذا تُؤُمّلَ، إلاّ ماعِزٌ ذُبحا؟

قلّمْتُ ظِفريَ، تاراتٍ، وما جسدي = إلاّ كذاكَ، متى ما فارقَ الرّوحا
ومن تأمّلَ أقوالي رأى جُمَلاً، = يظلُّ، فيهنّ، سرُّ الناسِ مشروحا

عجبي للطبيب يُلحِدُ في الخا = لقِ، من بعد درْسهِ التّشريحا
ولقد عُلّمَ المنجّمُ ما يو = جَبُ، للدّين، أن يكونَ صريحا

غدَوتَ مريضَ العقلِ والدّينِ فالقَني = لتسمعَ أنباءَ الأمورِ الصحائحِ
فلا تأكُلْن ما أخرجَ الماء، ظالماً = ، ولا تبغِ قوتاً من غريض الذّبائحِ

أمَا وفؤادٍ بالغرام قريحِ، = ودمعٍ بأنواع الهمومِ سريحِ
لقد غَرّتِ الدّنْيا بَنِيها بمذْقِها، = وإن سمَحُوا من ودّها بصريح

عجِبتُ للمرْءِ، إذ يَسْقي حليلَتَهُ = سُلافةً، وهو منها تائِبٌ صاح
كأنّها إذْ تحسّتْ، ثمّ، أربعةً، = أو خمسةً، شردتْ عنهُ بصَحصاح

من عاشرَ النّاسَ لم يُعدَمِ نِفاقَهُمُ، = فما يفوهونَ، منْ حقٍّ، بتصريحِ
فاعجبْ لتحريق أهلِ الهندِ مَيْتَهُمُ = ، وذاك أروحُ من طولِ التّباريحِ

كفَتْكَ حَوادثُ الأيّام قتلاً، = فلا تعرِضْ لسيفٍ، أو لرُمْحِ
تراضى أهلُ دهرِكَ بالمخازي، = فكيفَ تعيبُ رامقةً بلمح؟

أهاتفةَ الأيكِ خَلّي الأنام، = ولا تَثلِبيهِ ولا تمدَحي
وإن كنتِ شاديةً، فاصمتي؛ = وإن كنتِ باكيةً، فاصْدَحي

إلى النُّسُك ارْتحْ، وأصحابِهِ، = إذا فاتِكُ القوْمِ لم يرْتَحِ
وإن قرعَ البابَ غاوٍ عليـ = ـكَ، فزدْهُ وثاقاً ولا تفتحِ

بوارِقُ للحابِ لا للسّحابِ، = طرِبتَ إلى ضوءِ لمّاحِها
أرى الخمرَ تجْمَحُ بالشّاربينَ، = فلا تُخدَعنّ بإسماحها

سمعي مُوقًّى، سالمٌ = ، فقُلِ الصّوابَ ولا تَصِحْ
من قبلِ يومِ حليمةٍ = حَلِمَ الأديمُ، فما يَصِحّ

أعوذُ باللَّهِ من أُولي سَفَهٍ، = أن يَعرِفوا عِلّةَ الضّلالِ تُزَحْ
يُسقَونَ راحاً، لهم، معتَّقةً = ، لو أنها من قلبيهمْ لنزَحْ

هي الرّاحُ أهلاً لطولِ الهِجاءِ = ، وإن خصّها معشرٌ بالمِدَحْ
فلا تُعجِبنْكَ عروسُ المُدام = ؛ ولا يُطرِبنْكَ مُغنٍّ صَدَحْ

تنسّكْتَ بعدَ الأربَعينَ ضَرورةً، = ولم يبقَ إلاّ أن تقومَ الصّوارخُ
فكيفَ تُرجّي أن تُثابَ، وإنّما = يرى الناسُ فضل النسك والمرء شارخ

تفرّقُوا كي يَقِلّ شرُّكم، = فإنّما النّاسُ كلُّهمْ وسخُ
أجْهِلْ بساداتهم، وإن زَعَموا = أنهُمُ، في علومهم، رسخوا

لا يَفقِدَنْ، خيرَكمْ، مُجالسُكم = ؛ ولا تكونوا كأنّكُمْ سَبَخُ
ولا كقومٍ حديثُ يومِهمُ، = ما أكلوا، أمسَهم، وما طَبَخوا

إذا عَقَدَتْ عَقداً لياليكَ هذه = ، فإنّ لها من حُكمِ خالِقها فسخا
لعمري لقد طالت على المدلج السُّرى = ، وليس يرى في حندسٍ لهباً يُسخا

أرى طِوَلاً عمَّ البرِيّةَ كلّها، = فيُقْصَرُ بالحكم الإلهيّ، أو يُرْخا
ذكرنا الصّبا والشّرْخَ، ثم ترادفت، = حوادِثُ أنستنا الشّبيبةَ والشَّرخا

ذكّوا على مذهبِ الكوفيّ أرضَكمُ = ، وجانبوا رأيَهُ في مسكرٍ طُبخا
ولا تكُنْ هبة الخَلاّت، عندَكُمُ، = كالغيثِ وافقَ، في إبّانه، السَّبَخا

إذا ماتَ ابنُها صَرختْ بجهلٍ، = وماذا تستفيدُ من الصّراخِ؟
ستَتبعُهُ، كعطف الفاءِ ليستْ = بمَهلٍ، أو كثُمّ على التّراخي؟

إنْ كنتِ يا وَرْقاءُ مَهدِيّةً = ، فلا تُبنّي الوَكرَ للأفرُخِ
ولا تكوني مثلَ إنْسِيّةٍ، = متى يَنُبْها حادثٌ تصرخُ

أحسِنْ بهذا الشّرعِ من ملّةٍ، = يثبُتُ لا يُنسَخُ فيما نُسخْ
جاءَتْ أعاجيبُ، فوَيْحٌ لنا! = كأنّنا في عالمٍ قد مُسِخ

ألم ترَ أنّ الخيرَ يَكسِبُهُ الحِجى = طَريفاً، وأنّ الشرّ في الطبع مُتلَدُ؟
لقد رابني مغدى الفقيرِ، بجَهْلِهِ، = على العَيرِ، ضرباً، ساءَ ما يتقَلّدُ

يكونُ أخو الدنيا ذليلاً، موطَّأً، = وإن قيل، في الدهر، الأميرُ المؤيَّدُ
ولا بدّ من خطبٍ يُصيبُ فؤادَهُ = بسَهمٍ، فيُضحي، الصائدَ، المتصيَّد

رميتَ ظباءَ القفرِ، كيما تصيدَها، = ومنْ صادَ عفوَ اللَّه أرمى وأصْيَدُ
أجَدَّك، هل أُنسيتَ صحبَك في السُّرى، = وكلّهمُ، من نَعسةِ الفجر، أغْيَد

لعلّ نجومَ الليلِ تُعمِلُ فِكرَها = لتَعلَمَ سرّاً، فالعيونُ سواهدُ
خرجتُ إلى ذي الدارِ كُرهاً، ورِحلتي = إلى غيرِها بالرّغمِ، واللَّهُ شاهد

كأنّك، عن كيدِ الحوادثِ، راقد = ، وما أمِنَتْهُ، في السّماءِ، الفراقدُ
سيجري، على نيرانِ فارسَ، طارقٌ = فتخمُدُ، والمِرّيخُ، في العينِ، راقد

يُحقُّ كسادُ الشعرِ في كلّ موطنٍ، = إذا نفَقَت هذي العروضُ الكواسِدُ
عُفاةُ القَوافي، كالذي ولُماتِها، = إذا هنّ لم يُوصَلنَ، فاللّفظُ فاسد

ألا إنّ أخلاقَ الفتى كزمانِه، = فمنْهَنّ بِيضٌ، في العيون، وسودُ
وتأكلنا أيّامُنا، فكأنّما = تمرّ بنا الساعاتُ، وهي أُسودُ

عرفتُ سجايا الدّهرِ: أمّا شرورهُ = فنَقْدٌ، وأمّا خيرُهُ فوعودُ
إذا كانت الدّنيا كذاكَ، فخَلِّها، = ولو أنّ كلّ الطالعاتِ سُعُود

لعمري! لقد أدلجتُ، والركب خالف، = وأحييتُ ليلي، والنّجومُ شهودُ
رجُبتُ سَرابيّاً، كأنّ إكامَهُ = جوارٍ، ولكنْ ما لهنّ نُهود

حَياتيَ، بعدَ الأربعينَ، منيّةٌ = ، ووجدانُ حِلْفِ الأربعينَ فقُودُ
فما لي، وقد أدركتُ خمسةَ أعقدٍ = ؟ أبَيني وبين الحادِثاتِ عُقودُ؟

ألا إنّما الدّنيا نُحُوسٌ لأهلِها = ، فما في زمانٍ أنتَ فيهِ سُعودُ
يُوَصّي الفتى، عندَ الحِمامِ، كأنّه = يَمُرُّ فيقضي حاجةً ويَعودُ

أوَدّعُ يَوْمي عالماً انّ مثْلَهُ، = إذا مرّ عن مثلي، فليسَ يَعودُ
وما غَفلاتُ العَيشِ إلاّ مَناحِسٌ، = وإن ظَنّ قَوْمٌ أنّهُنّ سُعودُ

يَودُّ الفتى أنّ الحياةَ بسيطةٌ؛ = وأنّ شقاءَ العيش ليسَ يبيدُ
كذاكَ نَعامُ القفر يخشى من الردى، = وقوتاهُ: مَرْوٌ، بالفلا، وهبيدُ

إلى اللَّهِ أشكو مُهجَةً لا تُطيعُني = ، وعالَمَ سَوْءٍ، ليسَ فيهِ رشيد
حِجًى، مثلُ مهجورِ المنازلِ، داثرٌ = ، وجهلٌ، كمسكونِ الدّيارِ، مَشيدُ

أبيدةُ قالت للوعولِ، مُسِرّةً: = تَبِدْنَ بحكمِ اللَّه، ثمّ أبيدُ
ولا أدّعي للفَرْقَدينِ بعزّةٍ، = ولا آلِ نعشٍ، ما ادّعاهُ لَبيد

تَسمّى رشيدا، من لُؤَيّ بن غالبٍ، = أميرٌ، وهل في العالمينَ رشيد؟
فإنّ أغانيّ الليالي نياحةٌ = ، ومنها بسيطٌ مقتضىً، ونشيد

ما وُفّقوا، حسبوني من خيارِهمُ، = فخِلِّهمْ، لا يُرجّى منهم الرّشَدُ
أمّا إذا ما دعا الدّاعي لمكرُمةٍ، = فهل قليلٌ، ولكنْ، في الأذى، حُشُد

عاشوا، كما عاشَ آباءٌ لهم سَلَفوا، = وأورثُوا الدّينَ تقليداً، كما وَجَدُوا
فما يُراعونَ ما قالوا، وما سمعوا؛ = ولا يُبالونَ، من غيٍّ، لمن سجدوا

لولا التنافسُ في الدنيا، لما وُضعَت = كتْبُ القناطر، لا المُغني، ولا العُمَدُ
قد بالَغوا في كلامٍ بانَ زُخرُفُهُ، = يُوهي العيونَ، ولم تَثْبُت له عَمَد

تجاوَزَتْ عنّيَ الأقدارُ، ذاهبَةً، = فقد تأبّدْتُ، حتى ملّني الأبدُ
وليسَ هُدبَا جفوني رِيشَتَيْ سُبَدٍ، = إذا تمطّرَ، تحتَ العارضِ، السَّبَد

صيّرْ عَتادَكَ تقوى اللَّهِ تَذخَرُها، = يُنَجّيكِ منه السّابحُ العَتَدُ
والحكْم جارٍ على الأكتادِ، محتَمَلٌ، = ولا يُطيقُ ثباتاً، تحتَهُ، الكَتَدُ

لو يفهمُ الناسُ، ما أبناؤهم جَلَبٌ = ، وبيعَ، بالفَلس، ألفٌ منهمُ كَسدوا
فويحَهم، بئسَ ما ربّوا وما حضنوا = ؛ فهي الخديعةُ والأضغانُ والحسدُ

أهلُ البسيطة، في هَمٍّ حياتُهُمُ = ، ولا يُفارقُ، أهلَ النجدةِ، النَّجَدُ
أَمثالُنا كان جُيْلٌ، قبلنا، فمضَوا = ، ومثلُ رُزْءٍ وجدنا حِسّهُ، وجدوا

في كلّ أمرِكَ تقليدٌ رضيتَ به، = حتى مقالُكَ ربّي واحدٌ أحدُ
وقد أمَرنا بفكْرٍ في بدائعِهِ = ، وإن تفكّرَ فيهِ مَعشَرٌ لحدوا

حوادثُ الدّهرِ أملاكٌ، لها قَنَصٌ = ، والإنسُ وحشٌ، فقد أزرى بها الطَّرَدُ
وما تبقِّي، سهامَ المرءِ، كَثرَتُها = ؛ فاقضِ الحياةَ، وأنتَ الصارمُ الفرَد

عجبتُ للمُدنَفِ المُشفي على تلَفٍ، = ومن يحدّثُ عنه، بالرّدى، خلَدوا
فهلْ بلادٌ يعرّي الموتُ ساكنَها = ، فيُبتَغى، في الثّرَيّا، ذلك البلدُ؟

إن جادَ بالمالِ سَمْحٌ، يبتغي شرَفاً، = آلت مَعاشرٌ: ما في كفّهِ جودُ
لو ماجدَ النجمُ أهلَ الأرض، عارضَهُ = ، منهمْ، رجالٌ، فقالوا: أنت ممجود

عِشْ ما بدا لكَ، لا يبقى على زمنٍ، = مُخوَّداتٌ، ولا أُسْدٌ، ولا خُودُ
إن كنتَ جَلداً، فأجلادي إلى نفَدٍ = ؛ كم صخرةٍ قد تشظّتْ، وهي صَيخود

نقضي الحياةَ، ولم يُفصَد لشارِبنا = دَنٌّ، وَلا عَودُنا، في الجَدب، مفصود
نفارقُ العيشَ، لم نظفرْ بمعرفةٍ؛ = أيُّ المعاني، بأهل الأرض، مقصود

أُودُوا إلى اللَّهِ، ما أُدٌّ مفخرُها = شيءٌ يُعَدُّ، ولا أُودٌ ولا أُودُ
طوبَى لموؤودةٍ في حالِ مَولِدِها = ، ظُلماً، فليتَ أباها الفظّ موؤود

الصبرُ يوجَدُ، إن باءٌ له كُسرَتْ، = لكنّهُ، بسكونِ الباءِ، مفقودُ
ويُحمَدُ الصابرُ المُوفي على غَرَضٍ، = لا عاجزٌ، بعرى التقصيرِ، معقود

أُسَرُّ، إن كنتُ محموداً على خُلُق = ؛ ولا أُسَرُّ بأني المَلْكُ محمودُ
ما يَصنعُ الرأسُ بالتّيجان يعقدُها = ؛ وإنّما هو، بعدَ الموتِ، جُلمود

إنّ الغِنى لَعزيزٌ، حينَ تطلبُهُ، = والفقرُ، في عنصر التركيب، موجودُ
والشّحُّ ليس غريباً عندَ أنفُسِنا = ، بل الغريبُ، وإن لم يُرحَم، الجُود

بقيتُ حتى كسا الخدّين جَونُهُما = ، ثمّ استَحالَ، ومسّ الجسمَ تخديدُ
بلَوتُ، من هذه الدّنيا وساكِنها = ، عجائباً، وانتهاءُ الثوبِ تقديد

أمّا الصّحاب، فقدْ مرّوا وما عادوا = ، وبيننا، بلقاءِ الموتِ، ميعادُ
سرٌّ قديمٌ، وأمرٌ غيرُ متّضِحٍ؛ = فهلْ، على كشفنا للحقّ، إسعادُ؟

إلهنا اللَّهُ، مَلْكٌ أوّلٌ، أحدٌ، = تطيعُهُ، من صنوفِ الناسِ، آحادُ
لقد عرَضنْا على الأبرار دينَكمُ، = فكلُّهُمْ، عن دنايا فعلِكم، حادوا

المُلكُ للَّهِ، لا ننفكُّ في تعبٍ، = حتى تَزايَل أرواحٌ وأجساد
ولا يُرى حيوانٌ، لا يكونُ له = ، فوقَ البسيطةِ، أعداءٌ وحُسّادُ

الناسُ، للأرضِ، أتباعٌ، إذا بَخِلتْ = ضَنّوا، وإن هي جادتْ، مرّةً، جادوا
تماجدَ القومُ، والألبابُ مُخبِرةٌ = أن ليسَ، في هذه الأجيالِ، أمجادُ

قد وعظتْني بكَ الليالي؛ = بغيره يوعظُ السّعيدُ
أبدِىءْ قِلًى، أو أعِدْ جَفاءً؛ = فربُّكَ المُبْدِىءُ المُعيد

إنْ صحّ لي أنّني سَعيدُ، = فليتني ضمّني صَعيدُ
صُمتُ حياتي إلى مَماتي = ، لعلّ يومَ الحِمامِ عيدُ

خُمِرْتَ من الخُمارِ، وذاكَ نجِسٌ، = وأمّا من خِمارِكَ، فهوَ سَعْدُ
ونَفسُكَ ظبيَةٌ رَتَعَتْ بقَفْرٍ، = يُراقبُ، أخذَها، المغوارُ، جعد

أعُدُّ لِبَذْلِكَ الإحسانَ فضلاً؛ = وكم من معشَرٍ بَخلِوا وسادُوا
فجُدْ، إن شئتَ مَرْبَحَةَ اللّيالي، = فَما للجُودِ، في سُوقٍ، كَساد

يحرّقُ نفسَهُ الهنديُّ خوفاً، = ويقصُرُ، دونَ ما صنعَ، الجِهادُ
وما فعلتْهُ عُبّادُ النّصارَى، = ولا شرعيّةٌ صبَأوا وهادُوا

تفَوّهَ دهرُكم عجَباً، فأصغُوا = إلى ما ظلّ يخبر، يا شهودُ
إذا افتكَرَ الذين لهم عقولٌ = رأوا نبأً، يحقُّ له السُّهودُ

إذا بلغَ الوليدُ لديكَ عَشراً، = فلا يدخُلْ على الحُرَمِ الوليدُ
فإنْ خالفْتَني وأضعتَ نُصحي، = فأنتَ، وإن رُزِقتَ حِجًى، بليد

أرى الأيّامَ تفعلُ كلَّ نُكرٍ = ، فَما أنا، في العَجائبِ، مستزيدُ
أليسَ قُرَيشُكم قتلَتْ حُسيناً = ، وصار، على خلافتِكم، يزيدُ؟

تعالى اللَّه! ما تلقى المطايا = من الإنسانِ، والدّنيا تصيِدُ؟
إذا سلِمتْ فنَصٌّ في المَوامي = ، فواصدَ ما به فَنيَ القصيدُ

لا كانتِ الدّنيا، فليسَ يَسُرُّني = أنّي خليفتُها، ولا محمودُها
وجهِلتُ أمري، غيرَ أني سالِكٌ = طرُقاً، وخَتْها عادُها وثَمودها

أنا صائمٌ طولَ الحياةِ، وإنّما = فِطري الحِمامُ، ويومَ ذاك أُعيِّدُ
لونانِ من ليلٍ وصبحٍ لوّنا = شَعري، وأضعفني الزّمانُ الأيّد

قد كان قبلكَ ذادَةٌ ومَقاولٌ = ذادوا وما صرف، الخطوبَ، ذِيادُ
أمراءُ، حكّامٌ كأيّامٍ أتتْ، = شفعاً بها، الجمُعات والأعياد

اللَّه أكبرُ! ما اشتريتُ بِضاعةً، = إلاّ وأدركَ، سُوقَها، الإكسادُ
بَدَنٌ بلا بَدَنٍ يعيشُ، وكم طوى = جسدٌ سنيهِ، وما عليهِ جِساد

ما سَرّني أني إمامُ زمانِه، = تُلقَى إليّ، من الأمورِ، مَقالِدُ
يا حارِ! إنّ العُمْرَ حارٍ، فانتبِهْ! = يا خالدُ اتّقِ، ليسَ يُعرفُ خالد

آلَيتُ ما مُثري الزّمانِ، وإن طَغا، = مُثرٍ، ولا مسعودُهُ مسعودُ
ما سرّ غاوينا الجهُولَ، وإنّما = هتفَ الحَمامُ به، وناحَ العُود

كُوني الثريّا، أو حَضارِ، أو الـ = ـجوزاءَ، أو كالشّمسِ لا تلِدُ
فَلَتلكَ أشرفُ مِن مؤنّثةٍ = ، نَجَلَتْ، فضاقَ بنَسلِها البلد

أُقعُدْ، فما نفعَ القيا = مُ، ولا ثَنى، خيراً، قُعودُ
غَنّتْكَ دُنياكَ الخَلُو = بُ، وحبُّها، في الكفّ، عود

يا سابحاً يَصْهَلُ في غِرّةٍ! = أينَ وجيهُ الخيلِ والذائِدُ؟
آدَى له، في الدّهرِ، ما يبتغي، = ثمّ أتاهُ قدَرٌ آئِدُ

إنْ شرِبوا الرّاحَ، فما شُرْبُنا، = في الرّاح، إلاّ الأزرقُ الباردُ
لا تطرُدِ الوحشَ، فما يلبثُ الـ = ـمطْرودُ، في الدّنيا، ولا الطارِد

مولاك مولاك، الذي ما له = نِدٌّ، وخابَ الكافرُ الجاحدُ
آمِنْ به، والنفسُ ترقى، وإن = لم يبقَ إلاّ نَفَسٌ واحد

ما أسلَمَ المسلمون شرَّهُمُ، = ولا يهودٌ لتوبةٍ هادوا
ولا النّصارى لدينهم نصروا = ، وكلُّهُمْ لي بذاكَ أشهاد

صاحِ، ما تضحكُ البُروقُ شَماتاً = بحِمامٍ، ولا تُبكّي الرّعودُ
يا مَحلّي، عليكَ منّي سلامٌ، = سوفَ أمضي ويُنجَزُ الموعود

سَلُوا، معشرَ الموتى، الذي جاء وافداً = إليكم، يخبرْ، فهوَ أقربُكمْ عهدَا
يُحَدّثْكمُ أنّ البلادَ مقيمةٌ = على ما عهدْتم ذلك الهضبَ والوهدا

ألا ترحمُ الأشياخَ لمّا تأوّدوا، = يقولون: قد كنّا الغَرانقةَ المُرْدا
ترَدّوْا بخُضرٍ من حديدٍ، وأقبلوا = على الخيل تَردي، وهي من فوقها تردى

أرى حيوانَ الأرضِ، غيرَ أنيسِها، = إذا اقتاتَ لم يَفرَحْ بظُلمٍ ولا جَدا
أتعْلمُ أُسْدُ الغيل، بعدَ افتِراسِها، = تحاولُ دُرّاً، أو تحاولُ عسْجدا؟

الخيرُ كالعَرْفجِ المَمْطُور، ضرّمهُ = راعٍ، يَئِطُّ، ولمّا أن ذكا خَمَدا
والشرُّ كالنّار، شُبّتْ، ليلَها، بَغَضاً = ، يأتي على جمرِها دهرٌ، وما هَمَدا

قد ساءها العُقمُ، لا ضمّتْ ولا ولدتْ! = وذاكَ خيرٌ لها لو أُعطيَتْ رَشَدا
ما يأخُذُ الموتُ، من نفسٍ لمُنفردٍ = ، شيئاً سِواها، إذا ما اغتالَ واحتشدا

من عاشَ تسعينَ حَوْلاً، فهو مغتربٌ، = قدْ زايلَ الأهلَ، إلاّ معشراً جُدُدا
وشاهَدَ النّاسَ من كهلٍ، ومُقتَبِلٍ، = ودالفِ الخَطوِ، لا يُحصي لهم عَددا

الصّدرُ بيتٌ، إذا ما السرُّ زايلَهُ، = فما يُكَنُّ ببيتٍ، بعدَهُ، أبدا
فاحفَظْ ضميرَكَ عنْ خِلٍّ تجالسُه = ؛ فكم خفّيٍ خَفاهُ ماكِرٌ، فَبَدا

حورفتُ في كلّ مطلوبٍ هممتُ به، = حتى زَهِدتُ، فما خُلّيتُ والزُّهُدا
فالحمدُ للَّهِ! صابي ما يُزايلُني، = ولستُ أصدُقُ إن سمّيتُهُ شُهدا

نادى حَشا الأمّ بالطفل الذي اشتملت = عليه: ويحكَ لا تظهرْ ومُتْ كَمَدا!
فإنْ خرجتَ إلى الدّنيا لقِيتَ أذىً = من الحوادث، بَلْهَ القيظَ والجَمَدا

الصّبُر أروَحُ من حاجٍ تَكلّفُهُ، = تُرْجي لهُ الخيلَ والمهْرِيّةَ القُودا
والهَمُّ، للحيّ، إلْفٌ لا يفارقُه = ، حتى يَعودَ، مع الأمواتِ، مَفقودا

أنُحتُ جهلاً، وقد ناحتْ مُطوَّقةٌ، = من الحَمامِ، على خضراءَ مَقلودَهْ
قامتْ على النّاعمِ الأمْلودِ، هاتفةً، = وما تُشاقُ إلى بيضاءَ أملودَه

ترْجو يهودُ المسيحَ يأتي، = وتأمُلُ، الدّهرَ، أنْ يهودا
وكيفَ تُرْعى لهم عُهودٌ، = من بعدِ ما ضيّعوا العُهودا

قضاءُ اللَّهِ يبتعثُ المَنايا، = فيُهلِكْنَ الأساودَ والأسودا
فعيشا مُفضِلَينِ، أو استَميحا = ، وسُودا مَعشراً، أو لا تَسودا

أُبيدُ، على التّناسُبِ، كلَّ يومٍ = ، كأني لم أجُبْ بيداً فبيدا
وأقضائي، منَ الرّؤساءِ، كوني = وكونُهُمُ، لخالِقنا، عَبيدا

يا صاعِ، لستُ أُريد صاعَ مَكيلةٍ، = فأضيفَهُ، لكن أرَخّمُ صاعِدا
لا تَدْنونّ منَ الشّرورِ وأهْلِها = ، فتكونَ من أهْل العُلى متباعدا

يَستأسِدُ النّبتُ الغضيضُ، فلا تلُمْ = رَجُلاً، متى أبصَرْتَهُ مُستأسِدَا
وإذا حُسِدْتَ، فإنّ شكرَ فضيلةٍ = أنْ لا تُؤاخذَ، في الإساءةِ، حاسدا

كأنّما العالَمُ ضأنٌ، غدتْ = للرّعيِ، والموتُ أبو جعْدَه
فهادجٌ، حاملُ عُكّازَةٍ، = وفارسٌ، مُعتَقِلٌ صُعدَه

لقد غادرَ العيشُ هذا السّوادَ، = يُعاني، من الدّهرِ، بِيضاً وسودا
وتنعكِسُ الحالُ، حتى ترى = ظباءَ الأراكِ يُخِفْنَ الأسودا

ترومُ، بجهِلكَ، لُقيا الكِرام = ، ولستُ، لذي كرَمٍ، واجِدا
وتحسبُ أنّ التقيّ الذي = تشاهدُهُ، راكِعاً ساجِدا

حوائِجُ نفسي كالغواني قصائِرٌ = ، وحاجاتُ غيري كالنّساء الرّدائد
إذا أغضَبَ، الخيلَ، الشكيمُ، فما لها = عليه اقتِدارٌ، غيرَ أزْمِ الحدائدِ

لقد ركزوا الأرماحَ، غيرَ حميدةٍ، = فبُعداً، لخيلٍ، في الوغى، لم تطارِدِ
تداعَوْا، فقالوا: ناسكٌ وابنُ ناسكٍ = ، وما هوَ إلاّ ماردٌ وابنُ مارد

إذا ما رأيتم عُصبَةً هَجَريّةً، = فمن رأيها، للنّاس، هجرُ المساجدِ
وللدّهرِ سرٌّ مُرقِدٌ كلَّ ساهرٍ، = على غِرّةٍ، أو مُوقِظٌ كلَّ هاجد

خطوبٌ تألّت: لا يزالُ، معذَّباً، = أخوها، وحلّتْ كلَّ كفٍّ وساعدِ
وما فوقَ هذي الأرضِ إلاّ مؤهَّلٌ = لهمٍّ، فقارِبْ في الظّنونِ وباعدِ

إذا كنتَ من فرطِ السّفاهِ مُعطِّلاً، = فيا جاحدُ اشهَدْ أنّني غيرُ جاحِدِ
أخافُ، من اللَّهِ، العقوبةَ آجلاً، = وأزعُمُ أنّ الأمرَ في يدِ واحد

يكونُ الذي سمّى، من القوم، خالداً = كذوباً، لأنّ المرءَ ليسَ بخالِدِ
يُجالدُ محرُومٌ على الأمرِ فاتهُ، = وأحرزَهُ، بالحظّ، منْ لم يجالد

لقد ماتَ جَنِيُّ الصِّبا منذُ برهَةٍ، = وتأبَى عِفاري القلبِ غيرَ مرُودِ
أمرّت، وأمرَت أُمُّ دفرٍ، وإنْ حلَتْ = ، فكم حَلأتْ قوماً غداةَ ورودِ

إذا المرءُ لم يغلِبْ، من الغيظِ، سَورَةً، = فليسَ، وإنْ فضّ الصّفا، بشديدِ
ومن جمعَ الضرّاتِ يطُلبُ لذّةً، = فقد باتَ، في الإضرارِ، غيرَ سديد

كأني، وإنْ أمستْ تضمُّ، جميعَنا، = مدائنُ في غُبرِ المهامِهِ، بيدِ
إذا قلتُ شعراً، لستُ فيهِ بحائبٍ، = فما أنا إلاّ تائبٌ كلبيدِ

خوى دَنُّ شَرب فاستَجابوا إلى التقى، = فعيسُهُمُ نحوَ الطّوافِ خوادي
توي ديّنٌ في ظَنّهِ: ما حرائرٌ = ، نظائرَ آمٍ، وُكّلتْ بتوادي

ما زالتِ الرّوحُ، قبلَ اليومِ، في دَعةٍ = ، حتى استَقرّتْ، بحُكمٍ اللَّه، في الجسدِ
فالآنَ تلكَ وهذا منْ قذىً وأذىً، = لا يُخْليانكَ بَلْهَ الغِلّ والحسدِ

لا بدّ للرّوحِ أن تنأى عن الجسَدِ، = فلا تُخَيّمْ على الأضغانِ والحسدِ
واجعَلْ، لعَزمتِكَ، الظّلماءَ ناجيَةً، = نجُومُها كعلوبِ النِّسع والمسد

إن كانَ قلبُكَ فيه خوفُ بارئِهِ، = فلا تجاوزْ حِذارَ اللَّه بالحَسَدِ
هما نقيضانِ لا يَستَجمِعانِ به، = والظبيُ غيرُ مُقيمٍ في ذَرا الأسد

نِعمَ الوسادُ يميني ما بقيتُ لها = ، وإنْ أُغَيَّبْ أُوَسِّدْها فأتّسِدِ
التُّربُ جَدّي، وساعاتي ركائبُ لي، = والعيشُ سَيري، وموتي راحةُ الجسد

قد أهبِطُ الرّوضةَ الزهراء، عاريَةً، = سدّى لها الغيثُ نسجاً، فالنباتُ سَدِ
تُمسي الشقائقُ فيها، وهي قانيةٌ، = ممّا سقاها رُعافُ الجَدْي والأسد

ما الخيرُ صومٌ يذُوبُ الصّائمونَ له، = ولا صلاةٌ، ولا صوفٌ على الجسدِ
وإنّما هوَ ترْكُ الشرّ مُطّرَحاً، = ونفضُكَ الصّدْرَ من غِلٍّ ومن حسَد

خِدْرُ العروس، وإن كانتْ مُحَبَبَّةً = ، أدهى وأفتَكُ من عرّيسةِ الأسَدِ
وشِركةُ الخِلّ، فيما هانَ، تُفْسِدُهُ = عليك، فاتّقِ منْ أخلاقِكَ الفُسُدِ

ما يُحسِنُ المرءُ غيرَ الغِشّ والحسدِ؛ = وما أخوكَ سوى الضّرغامةِ الأسد
لا خيرَ في النّاسِ، إنْ ألقَوا سيادَتهمْ = إليكَ، طوعاً، فخالِفْهُمْ ولا تَسُدِ

مللتُ عيشي، فعُوجي يا منيّةُ بي، = وذُقتُ فنّيْه: من بُؤسٍ ومن رَغدِ
غَدِي سيُوجِدُ أمسي، لا ينازِعُني = في ذاكَ خَلْقٌ، وأمسي لا يصيرُ غدي

نفسٌ قدِ استُودِعتْ جسماً إلى أمدٍ، = فإن تفارِقْهُ بالمِقدارِ لا يَعُدِ
أوعِد وعِد، سوف يأتي، بعدنا، زمنٌ = كأنّنا فيه لم نُوعِدْ ولم نَعِدِ

أصمُتْ وإن تأْبَ فانطق شطر ما سمعتْ = أُذناكَ، فالفمُ نصفُ اثنينِ في العَددِ
واجعَلهُ غايةَ مايأتي اللسانُ به، = وإن تجاوزَ لم يقرُبْ من السَّددِ

إذا غدوتَ عن الأوطان مرْتحلاً = ، فضاهِ في البينِ حذفَ الواو من يَعِدِ
كانت، فبانت، وما حنّتْ إلى وطنٍ، = وعاد غادٍ إلى وكرٍ، ولم تعُد

وعظتُ قوماً، فلم يُرْعُوا إلى عِظَتي، = مثلَ امرىءِ القيس ناجى طائرَ الوادي
أرى الزّمانَ وشيكاً، مبطئاً، ولهُ = حالٌ تخالفُ إيشاكي وإرْوادي

جاءَت أحاديثُ، إن صحّت، فإنّ لها = شأناً، ولكنّ فيها ضعْفَ إسنادِ
فشاوِرِ العقلَ، واتُرك غيرَهُ هَدَراً؛ = فالعقلُ خيرُ مشيرٍ ضمَّهُ النادي

اللَّهُ يَشهدُ أني جاهلٌ وَرعُ، = فليحضُرِ الناسُ إقراري وإشهادي
هذا، ورُبّ صديقٍ لي أفاد غنًى، = زهِدْتُ فيه، على عُدْمي وإزهادي

يا آلَ يَعقوبَ! ما تَوراتُكُم نبأٌ = من وَرْي زندٍ، ولكن وري أكبادِ
إن كانَ لم يبدُ للأغمارِ سِرُّكمُ، = فإنّهُ ليَ، في أكنانِه، باد

دُنيايَ! فيكِ هوى نَفسي ومُهلِكُها، = والماءُ يُودي بنفس الواردِ الصادي
وما قصدْتُكِ مختاراً فتَعذُلَني = فيكِ العواذلُ، إن حاولتِ إقصادي

سمّيتَ نجلَكَ مَسعوداً، وصادَفَهُ = رَيبُ الزمانِ، فأمسى غيرَ مسعودِ
عودي يخافُ من الإحراق، صاحبُهُ، = إن قال ربّي لأجسام البِلى: عودي

محمودُنا اللَّهُ، والمسعودُ خائفُهُ، = فعَدِّ عن ذِكرِ محمُودٍ ومسعودِ
مَلْكانِ لو أنّني خُيّرتُ مُلكَهُما، = وعُودَ صلْبٍ، أشارَ العقلُ بالعودِ

لا يُعْجبَنّ الفتى بفضلٍ، = فإنّهُ مقتضى بوَعْدِ
يقولُ: جاوزتُ، في المعالي = ، آلَ سعيدٍ وآلَ سعد

إذا دنوتِ لشامٍ، أو مررتِ به = ، فنكّبِيه وراءَ الظّهْرِ، أو حيدي
قد غيّر الدّهْرُ منهُ، بعدَ مبتهَجٍ، = وألحَدَ السّيفُ فيه، بعدَ توحيدِ

تعالى اللَّهُ! كم مَلِكٍ مَهِيبٍ، = تبدّلَ، بعد قصرٍ، ضيقَ لحدِ
أُقِرُّ بأنّ لي ربّاً قديراً = ، ولا ألقَى بدائعَهُ بجَحْد

بوَحدانيّةِ العَلاّمِ دِنّا، = فذَرْني أقطَعُ الأيّامَ وحدِي
سألتُ، عن الحقائقِ، كلَّ يومٍ، = فما ألفَيتُ إلاّ حرْفَ جَحد

أمَا عرَفَ المقيمُ بأرضِ مصرٍ، = وميضَ بوارقٍ، ودَويَّ رعدِ؟
ورُبّ غمامةٍ نشأت، فزالتْ، = وليسَ ثَرى مَحَلّتِنا بجَعد

أُمامةُ! كيفَ لي بإمام صِدْقٍ، = ودائي مُشرِقي، فمتى مَعادي؟
فخافي شِرّتي، ودعي رجائي، = فإني، مثلَ عادِ النّاسِ، عادِ

أكُمْهاً ليس بينَهُمُ بصيرٌ! = أما لكُمُ، إلى العلياءِ، هادي؟
عَمرْنا، الدّهرَ، شبّاناً وشيباً = ، فبؤسٌ للرّقادِ وللسّهادِ!

عجبتُ لشاربٍ بزُجاجِ راحٍ، = دُوينَ العَقلِ، سُداً من حديدِ
ولم يحتَجْ إلى عَوْنٍ بقِطرٍ، = ولم يَكُ صاحبَ الأيدِ الشديد

كأني كنتُ في أزمانِ عادٍ = ، أُعاشِرُ آلَ قَيلٍ، أو مُرَيْدِ
وما عَفتِ الحوادثُ عن شُجاعٍ = ، فتعْفو عن عُتيْبةَ أو دُرَيْدِ

إرْكَعْ لربّكَ في نَهارِكَ واسجُدِ، = ومتى أطقْتَ تُهجُّداً فتَهَجّدِ
وإذ غلا البُرُّ النّقيُّ، فشارِك الـ = ـفرسَ الكريمَ وساوِ طِرفَك تَمجُدِ

أكتمْ حديثَكَ عن أخيك، ولا تكنْ = أسرارُ قلبِكَ مثلَ أسرارِ اليدِ
ولكلّ عصرٍ حائدٌ، ومُقدَّمٌ = للحربِ، يضربُ في جبينِ الأصيدِ

أمّا المُجاورُ، فارْعَهُ وتوقَّه = ، واستعفِ ربّكَ من جوارِ المُلْحِدِ
ليسَ الذي جَحَدَ المليكَ، وقد بدتْ = آياتُه، بأخٍ لمنْ لم يَجْحَد

لا تَبدَءوني بالعداوةِ منْكمُ = ، فمسيحُكمْ، عندي، نظيرُ محمّدِ
أيَعيثُ ضَوءُ الصّبحِ ناظرَ مُدلِجٍ، = أمْ نحنُ أجمعُ في ظَلامٍ سَرْمَد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري
» اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري
» اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » بديع الزمان الهمذاني
» اشعار وقصائد » شعراء العصر الاموي » عمر بن أبي ربيعة
» اشعار وقصائد » شعراء العصر الاموي » الفرزدق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى الخواطر الشعرية-
انتقل الى: