ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري Empty
مُساهمةموضوع: اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري   اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري Emptyالسبت أبريل 06, 2013 2:36 pm

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري DZwSE


اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري

أَظَلومُ حانَ إِلى القُبورِ ذَهابي = وَبَليتُ قَبلَ المَوتِ في أَثوابي
فَعَلَيكِ ياسَكَني السَلامُ فَإِنَّني = عَمّا قَليلٍ فَاِعلَمِنَّ لِما بي

تَعاتَبَ عاشِقانِ عَلى اِرتِقابِ = أُديلا الوَصلَ مِن بَعدِ اِجتِنابِ
فَلا هَذا يَمَلُّ عِتابَ هَذا = وَلا هَذا يَكَلُّ عَنِ الجَوابِ

صُنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي = وَتَرَفَّعتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ
وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهـ = ـرُ التِماسًا مِنهُ لِتَعسي وَنَكسي

يا بَدِيع الحُسنِ والقَدِّ = ،بهِ وَجدِي بَديعُ
يا رَبيعَ العَيْنِ إلاَّ = أَنَّهُ مَرعىً مَنِيعُ

إِن تأَملْ مَحاسِنَ الأَصبَهَاني = تجدْ طَولهُ أَخا طُولِ بَاعِهْ
أَو تُحصِّلْهُ لاَ تُحصِّل خِلافا = بَيْنَ مَراهُ بَادِياً وسَماعِهْ

بعَدُوّكَ الحِدْثُ الجَليلُ الوَاقِعُ، = وَلِمَنْ يُكَايدُكَ الحِمَامُ الفَاجِعُ
قُلْنَا لَعاً لَمّا عَثَرْتَ وَلاَ تَزَلْ = نُوَبُ اللّيَالي وَهيَ عَنكَ رَوَاجِعُ

يا وَاحِدَ الخُلَفَاءِ، غيرَ مُدافَعٍ = كَرَماً، وأحسَنَهُمْ ندىً صَنِيعَا
أنتَ المُطاعُ، فإنْ سُئِلْتَ رَغِيبَةً = أُلفِيتَ، للرّاجي نَداكَ، مُطِيعَا

أغَداً يَشِتُّ المَجدُ وَهْوَ جَميعُ، = وَتُرَدُّ دارُ الحَمدِ وَهْيَ بَقيعُ
بمَسيرِ إبْرَاهيمَ يَحْمِلُ جُودُهُ = جُودَ الفُرَاتِ، فَرَائعٌ وَمَروعُ

فيم ابتِدارُكُمُ المَلاَمَ وَلُوعَا، = أبَكَيْتُ إلاّ دِمْنَةً، وَرُبُوعا
عَذَلوا فَما عَدَلوا بقَلبي عَن هَوًى، = وَدَعَوْا فَما وَجَدوا الشّجيّ سَمِيعا

كَلّفَني، فَوْقَ الذي أسْتَطيعْ، = مُعتَزِمٌ في لَوْمِهِ مَا يَرِيعْ
لَجَاجَةٌ مِنْهُ تَأدّى بِهَا = إلى الذي يَنصُبُني، أمْ وَلُوعْ

بَني عُثْمانَ! أنْتُمْ، في غُنَىٍّ، = رُعَاعٌ، وَهْيَ في قَيْسٍ رُعَاعُ
مَتَى يُقَرى السّديفُ بساحَتَيكُمْ = وَمُرُّ المَاءِ عِنْدكُمُ يُباعُ

وَنُكثِرُ أنْ نَستَوْدِعَ الله ظَاعِناً، = يُوَدَّعُ صَافي العَيْشِ، حينَ يُوَدِّعُ
بَنو مَخلَدٍ إنْ يُشرَعِ الحمدُ يَشرَهُوا = إلَيهِ، وإنْ يُدعَوا إلى المَجدِ يُسرِعُوا

أمّا الشّبَابُ فَقَدْ سُبِقْتَ بغَضّهِ، = وَحَطَطْتَ رَحلَكَ مُسرِعاً عَن نَقضِهِ
وأفَاقَ مُشْتَاقٌ، وأقْصَرَ عاذِلٌ = أرْضاهُ فيكَ الشّيبُ، إذْ لمْ تُرْضِهِ

شَرْطِيَ الإنْصَافُ، لوْ قِيلَ اشترِطْ، = وعدوي مَنْ إذا قال قَسَطْ
أدَعُ الفَضْلَ، فَلا أطْلُبُهُ، = حَسْبِيَ العَدْلُ من النّاسِ فقَطْ

أمنْ أجلِ أنْ أقوَى الغُوَيرُ فَوَاسطُهْ، = وأقْفَرَ، إلاّ عِينُهُ وَنَوَاشطُهْ
بَكَى مُغرَمٌ نَاطَ الغَليلَ بقَلْبِهِ، = عَشيّةَ بَينِ المَالكيّةِ، نائطُهْ

وَليُّكُمُ الله الذي لمْ يَزَلْ لَنَا = وَليَّ دُرُوءٍ عَنكُمُ وَدِفاعِ
لقَد سرّني أنّ العَوَاقِبَ رَوّعَتْ = عِداكُمْ برَأسَيْ تَامِشٍ وَشُجاعِ

لَكِ عَهْدٌ لَدَيّ غَيرُ مُضَاعِ، = بَاتَ شَوقِي طَوْعاً لَهُ، وَنِزَاعِي
وَهَوًى، كُلّما جرَى عَنهُ دَمْعٌ، = يئِسَ العاذِلونَ مِنْ إقْلاعي

فَدَتْكَ أكُفُّ قَوْمٍ ما استَطاعوا = مَساعِيكَ، التي لا تُستَطاعُ
عَلَوْتَهُمُ بجَمْعِكَ ما أشَتّوا = منَ العَليا، وحِفظِكَ ما أضَاعُوا

يَزْدادُ في غَيّ الصّبا وَلَعُهْ، = فكأنّمَا يُغرِيهِ مَنْ يَزَعُهْ
وإذا نَقُولُ الصّبْرُ يَحْجِزُهُ، = ألْوَى بصَبْرِ مُتَيَّمٍ جَزَعُهْ

طافَ الوُشاةُ بهِ، فصَدّ وَأعْرَضَا، = وَغَلا بهِ هَجْرٌ أمَضَّ، وَأرْمَضَا
والحُبُّ شَكْوٌ، ما تزَالُ تَرَى بهِ = كَبِداً مُجرَّحَةً وَقَلْباً مُحْرَضَا

يَزيدُ قَلْبي بِصَدِّهِ مَرَضاً = ظَبْيٌ غَريرٌ في طَرْفِهِ مَرَضُ
إِنْ صَدَّ عَنِّي بِوَجْهِهِ عَبَثاً = ففي قَفَاهُ مِنْ وَجْهِهِ عِوَضُ

إذا انْبَسَطْنَا رَدَدْنَا عَنْ زِيارَتِنَا، = أوِ انقَبَضْنا، فلَوْمٌ موشكُ المَضَضِ
فلَيسَ تَنْفَكُّ مِنْ منع، وَمن عَذَلٍ = منكُمْ، بمُنْبَسِطٍ مِنّا وَمنُقَبِضِ

لابِسٌ مِنْ شَبِيبَةٍ أمْ نَاضِ، = وَمُلِيحٌ مِنْ شَيْبَةٍ أمْ رَاضِ
وإذا ما امتَعَضْتِ مِنْ وَلَعِ الشّيْـ = ـبِ برَأسِي لمْ يثنُ منه امتِعَاضِي

يا أبا جَعْفَرٍ! غَدَوْنَا حَديثاً، = في سَوَاجيرِ مَنبِجٍ، مُستَفيضَا
عَرَضَتْ عُذْرَتي إلَيكَ، وَطَالَتْ، = فاغتَفِرن ذَنْبيَ الطّوِيلَ العَريضَا

أيّها العَاتِبُ الذي لَيسَ يَرْضَى، = نَمْ هَنِيئاً، فَلَسْتُ أُطْعَمُ غَمضَا
إنّ لي مِنْ هَوَاكَ وَجْداً قَدِ اسْتَهـ = ـلَكَ نَوْمِي، وَمَضْجِعاً قَدْ أقَضّا

أَما لِعيْنيْ طَلِيحِ الشُّوقِ تَغْمِيضُ = أَم الكَرى عَن جُفُونِ الصَّبِّ مَرْ حُوضُ
طَيفُ البَخيِلَةِ وافَانا فَنَّبهَنَا = بعرْفِه أَم خِتامُ المِسكِ مَفضُوضُ

فُتُورُ الجُفُون وإِمراضُها = نُبُوُّ الجُنُوبِ وإِقضَاضُها
وكَمْ سَهَر في الهَوى هاَجهُ = صُدودُ الغَوانِي وإِعراضُها

أَحِجَاباً بَعدَ المدِيحِ ،ومَطْلاً = بَعْدَ وَعْدٍ منْ ذَا بِهَذيْنِ يَرْضَى
ليْسَ مِثْلي عَلىالهَوانِ ،أَبا نَصرٍ = ،ولا الذُّلِّ في المواِطِن أَغْضَى

من قَضَاءِ الحُقوقِ فِي بَعضِ مَا عارَضَ = دُونَ الحُقُوقِ أَلاَّ تُقَضَّى
حَكمَتْ هَذهِ السَّماءُ بأَن نُحْبَسَ = عَن واجِبِ الصَّدِيقِ ويَرْضَى

إِن سِيلَ أَحرزَ مَالهُ بِوقَايةٍ = مِنْ بُخلهِ وسُرادِقٍ من عِرضِهِ
لَبس الخزَي والُّلؤْمَ حتى إِنهُ = يخْزَى ويأْنفُ بعضهُ من بعْضِهِ

لَقَدْ أمْسَكَ الله الخلافَةَ بَعدَمَا = وَهَتْ وَتَلاَفَى سرْبَهَا أن يُنَفَّرَا
بمُعْتَمِدٍ فيها عَلَى الله، أُسندَتْ = إلَيْهِ، فألفَتْهُ الرّضَا المُتَخَيَّراَ

أَميرَ المُؤْمِنينَ،أَما غِياثٌ = نُؤَمِّلُهُ، فَقَد طَالَ القُنُوطُ ؟
أَبى عُمَّالُنَا إِلاَّ فُسُوقاً = لِكُلٍّ مِنْ أَحبَّتِهمْ شُروُطُ

أَتَيْتُكِ تَائِباً مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ = أُبَادِرُ مُنْيتي وحُلول َرَمْسِي
أسَأْتُ فَأَنْعِمِي وتَدَارَكِيني = بِعَفْوٍ مِنْكِ قَبْلَ خُروجِ نَفسِي

مَهْرِجْ صَبُوحَك سَعْدُه ُلم يُنْحَسِ = يَوْمٌ يَطِيبُ بِهِ مَدَارُ الأَكْؤُسِ
واشْرَبْ عُقَارَك مُصْبحِاً ،هُنِّئتهَا = بالرَّطلِ صِرفاً وادع ُلي بِمُشَمَّسِ

إنَّ الكُؤُوسَ بها يَطِيبُ المجْلِسُ = فَعَلامَ تُحْبسُ َأَم لِماذا تَحبِسُ
قَد طَاب مُغتَبقُ الزَّمانِ ونُشِّرَتْ = حُلَلُ الرَّبيعِ كأَنَّهُنّّ السُّندُسُ

سَطَواتُ هَجْرِكِ قطَّعَتْ أَنفاسِي = وَوَصَلنَ عِندَ تجَلُّدي وَسواسِي
أَنا من إذا سَتَرَ الهَوى خوْفَ العِدى = فَضَحتْهُ مُقلتُهُ لَدىَ الجُلاَّسِ

ما لِذا الظّبْيِ لا ينالُ اقتِنَاصُهْ، = وَهْوَ بالقُرْبِ بَيّنٌ إفْرَاصُهْ
باتَ تَختَصُّهُ النّفُوسُ، وَمِنْ حبٍّ = تحَلّى إلى النّفُوسِ اخْتِصَاصُهْ

تَرَوْنَ بُلُوغَ المَجْدِ أنّ ثيَابَكُمْ = يَلُوحُ عَلَيْكمْ حُسنُها وَبَصِيصُها
وَلَيسَ العُلا دَرّاعَةً وَرِدَاؤهَا = وَلا جُبّةً مَوْشيّةً وَقَميصُها

أقامَ كُلُّ مُلِثِّ الوَدْقِ رَجّاسِ، = عَلى دِيارٍ بِعَلْوِ الشّامِ أدْرَاسِ
فِيهَا لِعَلْوَةَ مُصْطافٌ ومُرْتَبَعٌ، = مِنْ بانَقُوسَا، وَبَابِلّي، وَبَطْياسِ

هَلْ فيكُمُ مِنْ وَاقِفٍ مُتَفَرِّسِ، = بَعدي على نَظَرِ الظّبَاءِ الأُنَّسِ
أثّرْنَ في قَلْبِ الخَليّ مِنَ الجَوَى، = وَمَلَكْنَ مِنْ قوْدِ الأبيّ الأشْوَسِ

بالأعْوَرَيْنِ المُعْوِرَيْنِ أخَلّ بي = أمَلي، وَعَاوَدَني تَمَكُّنُ يَاسِي
وَمِنَ الضّلالَةِ أنْ رَجَوْتُ لحَاجَتي = إخْلاصَ مَسْعُودٍ، وَرِفدَ طُماسِ

ضَعَةٌ للزَّمانِ عِنْدي وعَكْسُ = إذْ تَوَلَّى بُزُرْجَسَابُورَ جِبْسُ
شَخْصُهُ المُزْدَرَى ومَخْبَرُهُ المَشْــ = ــنُوءُ قُبْحاً ورأْيُهُ المُسْتَخَسُّ

مَا أنْسَ من شيءٍ، فَلَسْتُ بِناسِ = عَهْدَ الشبابِ، إذ الشّبَابُ لِباسي
إنّ الخُطوبَ طَوَيْنَني، ونَشَرْنَني، = عَبَثَ الوَلِيدِ بجانِبِ القِرْطاسِ

شَوْقٌ لَهُ، بَينَ الأضَالِعِ، هاجسُ، = وَتَذَكّرٌ، للصّدْرِ مِنهُ وَسَاوِسُ
وَلَرُبّمَا نَجى الفَتَى مِنْ هَمّهِ = وَخْد القِلاَصِ، وَلَيلُهُنّ الدّامسُ

قل لابن دينار رسيل القطر = إذا استهل بالنوال الغمر
يكذب ظني أو يخيب شعري = وأنت بحر وأمير البحر

نَاهِيكَ مِنْ حُرَقٍ أبِيتُ أُقاسِي، = وَجُرُوحِ حُبٍّ ما لَهُنّ أوَاسِ
إمّا لَحَظْتَ، فأنْتَ جُؤذُرُ رَمْلَةٍ، = وإذا صَدَدْتَ، فأنتَ ظبيُ كِناسِ

يا لَيْلَتي بالقَصْرِ مِنْ بَطْيَاسِ، = وَمُعَرَّسِي بالقَصْرِ بَلْ إعْرَاسِي
باتَتْ تُبَرّدُ، من جَوَايَ وَغُلّتي، = أنْفَاسُ ظَبْيٍ طَيّبِ الأنْفَاسِ

بُورِكتَ مِن قُبَلٍ ظَرِيفٍ، كَيّسِ، = عَفِّ اللّسانِ، عنِ الفوَاحشِ أخرَسِ
حُرٍّ، تُصَبُّ بهِ القُلُوبُ، وَيُفتَدى، = مِنْ رِقّةٍ وَحَلاوَةٍ، بالأنْفُسِ

يا أبَا نَهْشَلٍ وَداعَ مُقيمٍ، = ظاعِنٍ بَينَ لَوْعَةٍ، وَرَسِيسِ
لا أُطيقُ السّلُوّ عَنْكَ وَلَوْ أنّ = فُؤادي مِنْ صَخْرَةٍ مَرْمَرِيسِ

طُويتَ في أَمرِها عَلَى لَبَسِ = وازْدادْتَ فِيهَا عَجْزاً ولم تَكِسِ
عطْشَانَةٌ أَخْلَصَتْ مَوَّدتَها = لِمنْ سَقَاها كُوبَيْنِ في نَفَسِ

قُلْ للأرَنْدِ، إذا أتَى الرّوحَينِ: لا = تَقْرَا السّلامَ عَلى أبي مَلْبُوسِ
دارٌ بِهَا جُهِلَ السّمَاحُ، وأُنكِرَ الـ = ـمَعْرُوفُ بَينَ شَمامِسٍ وَقُسُوسِ

شاهدتُ مَسْعُودَ في مَجْلِسٍ = فَلَمَّا انْتَحْيْنَا لِشُرْبِ الغَلَسْ
تَغَنَّى ونَحْنُ عَلَى لَذَّةٍ = فَأرْعدَ بَعْضٌ، وبَعْضٌ نَعَسْ

إن السماء إذا لم تبك مقلتها = لم تضحك الأرض عن شيء من الخضر
والزهر لا تنجلي أحداقه أبداً = إلا إذا مرضت من كثرة المطر

هجر الحبيب، فمت من شغف = لما حرمت عزيمة الصبر
فإذا قضيت فناد يا حزني = هذ قتيل الصد والهجر

لا تكمل اللذات إلا = بالقيان وبالخمور
هتك الستور، وإنما اللـ = ــلذات في هتك الستور

وفوارة ماؤها في السماء = فليست تقصر عن ثارها
ترد علة المزن ما أسبلت = على الأرض من فيض مدرارها

أبا العباس برزت على قومــ = ــك آداباً، وأخلاقاً، وتبريزا
فلو صورت من شيء سوى الناس = إذا كنت من العقيان إبريزا

قَد قُلتُ لابْنِ أبي الشّوارِبِ مُشفِقاً = مِن أن يرَى فِيهِ العدُوُّ غَمِيزَهْ
قَدْ ساءني منكَ اشتمالُكَ، دونَ مَنْ = يدْنو إليْكَ، على أبي كَشْنِيزَهْ

وحديثها السحر الحلال لو أنه = لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل، وإن هي أوجزت = ود المحدث أنها لم توجز

أقُولُ لِصَاحِبٍ مِنْ سِرّ عَبْسِ، = أرَى وَرْدي بِرُؤيَتِهِ وَآسي:
شَكوْتَ قَذىً بِعَيْنِكَ باتَ يُدمي، = كأنّكَ قد نَظرْتَ إلى طُمَاسِ


آلَ فلسِيكُمُ، غَدَاةَ بَحَثْنَا = عَنْهُ، فَلساً، وَقيمةُ الفَلسِ فَلسُ
سَامرِيُّ الضّيوفِ، مِن دونِ خُبْزٍ، = مَعَ بَيْضِ الأنُوقِ لَيْس يُمَسّ

وذيِ راحةٍ مِثْل صَوبِ الغما = مِ بَيْسَ له بالعلاَ مُؤنِسُ
تحملَ نَحْوَ بِلادِ الشَّآ = مِ يَحْمِلُه مَهْمَةٌ أمْلَسُ

أَوْضَعْتَ في شَأوِ الجَفَا فاحْبِسِ = واسلُكْ طَرِيقَ العَطْفِ يا مُؤْنِسِي
يَا مَنْ جَرَى حُبِّيهِ في مُهْجَتي = جَرْيَ النَّدى في زَهرِ النَّرْجِسِ

قُلْ ما هوِيتَ، فإنّني = لكَ سامِعٌ، وَالأمرُ أمْرُكْ
وَاعْلَمْ بِأنّ مَسَرّتي = لَوْ أنّ فِيها ما يَضُرّكْ

كُلُّ المَظَالِمِ رُدّتْ، غَيرَ مَظلَمَةٍ = مَجرُورَةٍ في مَوَاعِيدِ ابنِ عَبّاسِ
مَنَعْتَني فَرْحَةَ النُّجحِ الذي التَمَسَتْ = نَفسِي، فَلاَ تَمنَعَنّي راْحَةَ اليَاسِ

خرس الثرى، وتكلم الزهر = وبكى السحاب، وقهقه القطر
نشر الربيع برود مكرمة = خضراً يقوم بنشرها الشعر

أحمد ما لي مطلت موعدتي = ألم تخف من إلهك الغيرا
القوس مني إليك موترة = والسهم ألقمت فوقه الوترا

إقبل معاذير من يأتيك معتذرا = إن بر عندك فيما قال أو فجرا
فقد أطاعك من أرضاك ظاهره = وقد أضلك من يعصيك مستتراً

إسمع هديت أبا يحيى، مقال أخ = يصفي لك الود في سر وإجهار
ماذا عليه بلا جرم ولا ترة = أتته كف الذي يدعى بمنقار

غلت الأشياء حتى الكش = ــخ في هذا الحصار
كان عهدي بابن حما = د لإفراط البوار

يا من يماطلني وصلي بإنكار = ماذا الجفاء؛ وما بالوصل من عار
إني أعيذك أن تزهو على دنف = حيران قد صار بين الباب والدار

مرضت فأمرضت القلوب، وجانبت = كراها جفون ما يجف لها شفر
فلا سقيت مصر، ولا مد نيلها، = ولا دب في أغصانها الورق النضر

أبا الطيب اسمع لا سمعت بحادث = عليك، ولا زلت المجير على الدهر
لشكواي إني للذي قد أظلني = من البين أخشى أن أموت ولا أدري

وقضيب كأنه نفحة المس = ــك على زهرة غدت بين غدر
تتكفا به رياض من الريــ = ـحان تهفو على ديابيج خضر

تلبست للحرب أثوابها = وقلت: أنا الرجل البحتري
فلما رأى الخيل قد أقبلت = وجدناه في سرجه قد خري

لله درك قد أكملت أربعة = ما هن في أحد من سائر البشر
العرض ممتهن، والنفس ساقطة = والوجه من سفن، والعين من حجر

لا يعجبنك قوم أنت بينهم = فلست منهم على عين ولا أثر
الباخلون بماء المزن نشربه = والشاربون دواء البخل بالسحر

حلي سعاد غروض العيس أو سيري = وأنجدي في التماس الحظ أو غوري
كل الذي نترجاه ونأمله = مضمن في ضرورات المقادير

تفتأ عجبا بالشيء تدكره = وإن تولى أو انقضى عصره
ذكرت من واسط وبارحها = ليل السواجير ساجياً سحره

إذا ما حصلت عليا قُرَيْشٌ = فَلا في العِيرِ أنْتَ ولا النّفِيرِ
وَما رَغَشَانُكَ الجَهْمَ بنَ بَدْرٍ = مِنَ الأقْمَارِ، ثمّ، وَلا البدورِ

إنّ الظّبَاءَ، غَداةَ سَفحِ مُحَجَّرِ، = هَيّجْنَ حَرّ جَوًى وَفَرْطَ تَذَكُّرِ
مِن كلّ ساجي الطّرْفِ، أغيدَ أجيدٍ، = وَمُهَفْهَفِ الكَشحَينِ أحوَى أحوَرِ

يا حُسنَ مُبدي الخَيلِ في بكورِها، = تَلُوحُ كالأنْجُمِ في دَيْجُورِهَا
كأنّما أبْدَعَ، في تَشْهِيرِهَا، = مُصَوِّرٌ حَسّنَ مِنْ تَصْوِيرِهَا

مَحَلٌّ على القَاطُولِ أخْلَقَ داثِرُهْ، = وَعادتْ صُرُوفُ الدّهرِ جَيشاً تُغاوِرُهْ
كأنّ الصَّبا تُوفي نُذُوراً إذا انبَرَتْ = تُرَاوِحُهُ أذْيَالُهَا، وَتُبَاكِرُهْ

مِنّيَ وَصْلٌ، وَمنكَ هَجْرُ، = وَفيّ ذُلٌّ، وَفيكَ كِبْرُ
وَمَا سَوَاءٌ، إذا التَقَيْنَا، = سَهْلٌ عَلى خُلّةٍ، وَوَعْرُ

حَبيبٌ سرَى في خِفيَةٍ، وعَلى ذُعْرٍ، = يَجُوبُ الدّجَى حتّى التَقَينا على قَدْرِ
تَشَكّكتُ فيهِ مِنْ سُرُورٍ، وَخِلْتُهُ = خَيالاً أتَى في النّوْمِ من طَيْفِهِ يَسرِي

شَهيٌّ إلى الأيّامِ تَقْليلُها وَفْرِي، = وَخِذْلاَنُها إيّايَ إنْ سِمْتُها نَصرِي
أرَى وَكْدَ دَهْرِي أنْ أُقلّ، وَلاَ أرَى = لدَهْرِي جَمالاً ظاهراً مثلَ أن أُثْرِي

أرَاني مَتى أبْغِ الصّبَابَةَ أقْدِرِ، = وإنْ أطْلُبِ الأشْجَانَ لا تَتَعَذّرِ
أعُدُّ سِنيّ فَارِحاً بمُرُورِها، = وَمَأتَى المَنَايَا منْ سنيّ وأشهُرِي

عَمَرْتَ أبا إسحاقَ ما صَلُحَ العُمْرُ، = وَلاَ زَالَ، مَزْهُوّاً بأيّامكَ، الدّهْرُ
لَنا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَطائِكَ نَائِلٌ، = وَعِنْدَكَ مِنْ تَقْرِيظِنَا أبَداً َشكرُ

كمْ لَيْلَةٍ فيكِ بِتُّ أسْهَرُها، = وَلَوْعَةٍ، في هَوَاكِ، أُضْمِرُها
وَحُرْقَةٍ، والدّمُوعُ تُطْفِئُها، = ثمّ يَعُودُ الجَوَى، فيُسعِرُها

أُخْفي هَوًى لكِ في الضّلوعِ، وأُظهِرُ، = وأُلامُ في كَمَدٍ عَلَيْكِ، وأُعْذَرُ
وَأرَاكِ خُنتِ على النّوى مَنْ لَم يخُنْ = عَهدَ الهَوَى، وَهجَرْتِ مَن لا يَهجُرُ


صبابة راح عنها غير مزجور = ولوعة بات فيها جد معذور
لا يلبث الحلم يدعوه فيتبعه = تألق البرق في طخياء ديجور

غال صبري إما سألت بصبري = ما بعينيك من فتور وسحر
كلما قلت أنفد الشوق دمعي = فاض غزر من غربه بعد غزر

دجالنا أحول من شؤمه = والناس دجالهم أعور
كلفه حاجاتك يقعد بها = مكلف بالبخل مستهتر

أنبل بوهب أنبل بضرطته = إذ صير الناس ذكرها سمرا
فكرما الذي ابتلاه بها = وكان مسكا فصيرته خرا

أطنبت في اللوم فلا تكثري = من منصفي منكم ومن معذري
يا أيها العذال ما حل بي = من نصحكم يا رب لي فانصر

لولا اعتراض الحب في صدري = وخيفتي من لوعة الهجر
لم أجعل الذل لباسي لمن = تاه، ولم أفزع إلى العذر

قد سلم الله من الهجر = ونلت ما آمل بالصبر
وأشمت الله بمن عابني = أحوج ما كنت وما أدري

صيرتني غاية العشاق كلهم = فكلهم يتأسى بي إذا هجرا
لا أذكر الدهر يوما منك أبهجني = والدهر يبعث مني الحزن والعبرا

أما اشتقت يا إنسان حين هجرتني = وقد كدت من شوقي إليك أطير
أراجعة أيامنا مثل عهدها = ونت عليها، إن أدرت، قدير

أخذت جعفر برأس القطار = ثم نادت أن ابدأوا ببوار
فأجابت أم الأمير، وقالت: = قد أتيناك أول الزوار

لله در أبي عما = رة إنه بيت الخساره
ما إن سمعت ولا رأيــ = ــت طويلة في رأس قاره

جعلت فداك لي خبر طريف = وأنت بكل مكرمة خبير
غداة النحر ينحر كل قوم = ولا شاة لدي ولا بعير

النفس من فقدها حرى مولهة = لا في القبور، ولا تحيا مع البشر
الله أصفى لها ودي، فصورها = حسناء تقصر عنها دارة القمر

أنت ابن فلس، وما تنفك مفتخراً = فكيف تصنع لو كنت ابن دينار
وأنت في القوم تستدعي سيادتهم = كسالح يدعي فضلا على خار

أقصِرْ، فإنّ الدّهرَ ليسَ بمُقْصِرِ = حتّى يَلِفّ مُقَدَّماً بِمُؤخَّرِ
أوْدَى بِلُقْمانَ بنِ عَادٍ، بَعدَما = أوْدَتْ شَبيبتَهُ بسَبْعَةِ أنْسُرِ

تُرَى اللّيلُ يَقضِي عُقبَةً من هَزِيعِهِ، = أمِ الصّبْحُ يَجلُو غُرّةً من صَديعِهِ
أوِ المَنْزِلُ العافي يَرُدُّ أنيسَهُ = بُكَاءٌ عَلى أطْلاَلِهِ، وَرُبُوعِهِ

تَرَكَ السّوَادَ للابِسِيهِ، وَبَيّضَا، = وَنَضَا مِنَ السّتّينَ عَنْهُ مَا نَضَا
وشآه أَغْيَدُ في تَصَرُّفِ لحظِهِ = مَرَضٌ أَعلَّ بهِ القُلُوبَ وأمْرَضَا

يَشُوقُكَ تَوخِيدُ الجِمَالِ القَنَاعِسِ = بأمثالِ غِزْلاَن الصّرِيمِ الكوانِسِ
بِبِيضٍ، أضَاءَتْ في الخُدُورِ كأنّها = نجُومُ دُجًى جَلّتْ سَوَادَ الحَنَادِسِ

خُذا مِنْ بُكاءٍ في المَنازِلِ، أوْ دَعَا، = وَرُوحَا على لَوْمي بهِنّ، أوِ أرْبَعَا
فَما أنَا بالمُشتَاقِ، إنْ قُلتُ أسْعِدَا = لِنَنْدُبَ مَغنىً مِنْ سُعَادَ، وَمَرْبَعَا

لدن هجرته زحزحته عن الصبر = سواء عليه الموت أو لوعة الهجر
إليك عن الصب الذي برحت به = صروف هوى لو كن في الماء لم يجر

لَيَالينا بَينَ اللّوَى، فمُحَجَّرِ، = سُقيتِ الحَيا منْ صَيّبِ المُزْنِ مُمطِرِ
مضَى بكِ وَصْلُ الغانياتِ وَنَشوَةُ الـ = ـشّبابِ، وَمَعرُوفُ الهوى المُتَنَكّرِ

ألَمّتْ، وَهَلْ إلمامُها لكَ نَافِعُ، = وَزَارَتْ خَيالاً والعُيُونُ هَوَاجِعُ
بِنَفْسِيَ مَنْ تَنَأى وَيَدْنُو ادّكَارُها، = وَيَبْذُلُ عَنها طَيْفُها، وَتُمَانِعُ

مُنَى النّفسِ في أسماءَ، لَوْ يَستَطيعُها = بِهَا وَجْدُها مِنْ غادَةٍ وَوَلُوعُهَا
وَقَدْ رَاعَني مِنها الصّدودُ، وَإنّما = تَصُدّ لِشَيبٍ في عِذاري يَرُوعُها

سُقيتِ الغَوادِي من طُلُولٍ وأرْبُعِ، = وَحُيّيتِ من دارٍ لأسماءَ بَلْقَعِ
وإنْ كُنتُ لا مَوْعُودُ أسماءَ رَاجعي = بنُجحٍ، ولا تَسوِيفُ أسماءَ مُقنعي

أُحاجِيكَ، هل للحُبّ كالدّارِ تَجمعُ، = وَللهَائِمِ الظّمْآنِ كالسَماءِِ يَنقَعُ
وَهَلْ شَيّعَ الأظعانَ، بَغتاً فراقُهمْ، = كمُنهَلَةٍ تَدمَى جوًى، حينَ تدمَعُ

صُنْتُ نَفْسِي عَمّا يُدَنّس نفسي، = وَتَرَفّعتُ عن جَدا كلّ جِبْسِ
وَتَماسَكْتُ حَينُ زَعزَعني الدّهْـ = ـرُ التماساً منهُ لتَعسِي، وَنُكسي

سَهَرٌ أَصَابَك بَعْدَ طُولِ نُعَاسِ = لِصُدُودِ أغْيَدَ فاتِنٍ مَيَّاسٍ
مِثْلُ القضيبِ عَلَى الكَثِبِ مُهَفْهَفٌ = مِنْ بَانَةٍ أو مِنْ فُروعِ الآسِ

هزيع دجى في الرأس بارده بدر = وليل جلاه لا صباح ولا فجر
ولمة مشتاق ألم مشيبها = على حين لم يود الشباب ولا العمر

كم من أخ لك لست تنكره = ما دمت من دنياك في يسر
متصنع لك في مودته = يلقاك بالترحيب والبشر

متى لاح برق أو بدى طلل قفر = جرى مستهل لا بكيء ولا نزر
وَما الشّوْقُ إلاّ لَوْعَةٌ بَعدَ لَوْعَةٍ، = وَغُزْرٌ منَ الآمَاقِ، يَتبَعُها غُزْرُ

تَبَسَّمُ عَنْ واضِحٍ ذي أشَرْ، = وَتَنْظُرُ مِنْ فاتِرٍ ذي حَوَرْ
وَتَهْتَزُّ هِزّةَ غُصْنِ الأرَاكِ = عَارَضَهُ نشرُ رِيحٍ خَصِرْ

إذا الغَمَامُ حَدَاهُ البَارِقُ السّارِي، = وانهَلّ في دِيمَةٍ وطْفَاءَ، مِدْرَارِ
وَحاكَ إشْرَاقُهُ طَوْراً، وَظُلْمَتُهُ = ما حاكَ مِنْ نَمَطَيْ رَوْضٍ وأنْوَارِ

هَجَرَتْ وَطَيفُ خَيَالِهَا لم يَهجُرِ، = وَنأتْ بحاجةِ مُغرَمٍ لمْ يُقْصِرِ
وَدَعَتْ هَوَاكَ بمَوْعِدٍ مُتَيَسّرٍ = يَوْمَ اللّقَاءِ، وَنَائِلٍ مُتَعَذِّرِ

عِنْدَ العَقيقِ، فَماثِلاَتِ دِيَارِهِ، = شَجَنٌ يَزِيدُ الصّبَّ في اسْتِعْبَارِهِ
وَجَوًى، إذا اعتَلَقَ الجَوَانِحَ لم يدعْ = لِمُتَيَّمٍ سَبَباً إلى إقْصَارِهِ

أبَا سَعِيدٍ، وَفي الأيّامِ مُعْتَبَرُ، = والدّهْرُ في حَالَتَيْهِ الصّفْوُ والكَدَرُ
ما للحَوَادِثِ، لا كانَتْ غَوَائِلُها، = وَلاَ أصَابَ لَهَا نَابٌ، وَلاَ ظُفُرُ

ما بِعَيْنَيْ هذا الغَزَالِ الغَرِيرِ = مِنْ فُتونٍ، مُستَجلَبٍ من فتورِ
إسْتَوَى الحُبُّ بَيْنَنَا فَغَدا الدّهـ = ـرُ قَصِيراً، واللّهوُ غَيرَ قَصِيرِ

فِدَاؤكَ نَفسِي، دونَ رَهطي وَمَعشرِي، = وَمَبدايَ مِنْ عَلْوِ الشّآمِ، ومحْضرِي
فكم شِعبِ جودٍ يَصْغُرُ البحرُ عندَهُ = توَرّدْتُهُ مِنْ سَيْبِكَ المُتَفَجِّرِ

بِسَمَاحِكَ المُسْتَقْبِلِ المُسْتَدْبِرِ، = وَصَفَاءِ وَجْهِكَ في الزّمَانِ الأكدَرِ
ألْقَى الخُطُوبَ فتَنْثَني مَذْعُورَةً = مثلَ السّوَامِ مَوَائلاً من قَسْوَرِ

عَلَيكَ السَلامٌ، أيّها القَمَرُ البَدْرُ، = وَلا زَالَ مَعْمُوراً بِأيّامِكَ العُمْرُ
وَداعاً لشَهرٍ، إنّ مِنْ شاسعِ النّوَى = على الكَبِدِ الحَرّى، إذا التهبتْ، شَهْرُ

وأكثرْتُ غِشْيَانَ المَقابرِ، زَائِراً = عَليّ بن يحيَى، جارَ أهلِ المَقابِرِ
فإلاّ يَكُنْ مَيتَ الحُشاشةِ في الذي = يُرَى، فهو مَيتُ الجودِ مَيتُ المَآثِرِ

يا من رأى الدّامِرُ يَخْتَالُ في = شَاشِيّةٍ شَوْهاءَ، مُغْبَرّهْ
مَرّ فَقامَ النّاسُ من لاعنٍ، = وَقائِلٍ شوهْتَ يا عَرّهْ

إلى كمْ أرَى سَعْداً مُقِيماً مَكانَهُ = وَيَمْضي وَزيرٌ عنْهُ، ثُمّ وَزيرُ
يَزُولونَ صِرْفاً، أوْ حِمامَ منِيّةٍ، = وَأرْسَى، فما ينوِي الزّوَالَ ثَبيرُ

عَدِمْتُ النّغِيلَ، فمَا أدْمَرَهْ، = وَأوْلى الصّديقَ بأنْ يَهْجُرَهْ
إذا قُلْتَ قَدّمَهُ كِيسُهُ، = عَنَاهُ من النّقْصِ ما أخّرَهْ

لكَ في المَجدِ أوّلٌ وَأخيرُ، = وَمَسَاعٍ، صَغيرُهُنّ كَبِيرُ
يا ابنَ عَمّ النّبيّ لا زَالَ للدّنْـّ = ـيَا ثِمَالٌ مِنْ رَاحَتَيكَ غَزِيرُ

قُلْ للوَزِيرِ وَما عَدا سُلطانَهُ التّوْ = فيقُ، فيما يَصْطَفي وَيُؤازِرُ
ما تَنسَ من شيءٍ، فإنّكَ للّذي = صبّرْتُ فيكَ مِنَ القَصَائدِ ذاكرُ

تَطَلّبْتُ مَنْ أدعو لرَدّ ظُلامَتي، = فَكانَ أبُو بَكْرٍ لهَا، وَأبُو بَكْرِ
وَلَوْ شَهِداني أشْهَداني عِنَايَةً، = تَعُودُ بحَقّي، أوْ تُبَلّغُني عُذْرِي

أطلُبُ النّوْمَ كَيْ يَعودَ غِرَارُهْ = بخَيَالٍ، يَحلُو لَدَيّ اغْتِرَارُهْ
كَمْ تَلاقٍ أرَاكَهُ، مِنْ قرِيبٍ، = صِلَةُ الطّيفِ طارِقاً وَازْدِيارُهْ

شَطَّ مِنْ ساكِنِ الغُوَيْرِ مَزَارُهْ، = وَطَوَتْهُ البِلادُ، فالله جَارُهْ
كلَّ يوْمٍ عن ذي الأرَاكِ خَليطٌ، = يُلتَوَى وَصْلُهُ، وَتَعْفُو دِيَارُهْ

يا مَوْعِداً مِنْها تَرَقّبْتُهُ، = وَالصّبْحُ فيمَا بَيْنَنَا يُسْفِرُ
همْتْ بنا، حتّى إذا أقبَلَتْ = نَمّ عَلَيها المِسْكُ وَالعَنْبَرُ

أبَا قَاسِمٍ حَانَ الرّحيلُ، ومَا أرَى = لبائيتي فيكُمْ نَوَالاً وَلا أجْرَا
وَنحنُ جُلُوسٌ حولَ وَرْدٍ مُضَاعَفٍ، = وَلَيسَ لنَا خَمرٌ، فبِعنا بها خَمرَا

نفقت نفوق الحمار الذكر = وبان ضراطك منا فمر
يقول الطبيب: به فالج = فقلت كذبت ولكن قصر

هجَرْتَ، كأنّ الوَصْلَ أعقَبَ وحشة ، = ولم أر وصلاً قبله يعقب الهجرَا
فتى مَذحِجٍ عَفواً، فتى مَذحِجٍ غَفَرا، = لمُعْتَذِرٍ جاءَتْ إساءَتُهُ تَتْرَى

طوى شجنا في الصبر فالدمع ناشره = فإن أنت لم تعذره فالشوق عاذره
هوى عذبت منه موارد بدئه = فلما نمت أعيت عليه مصادره

يا مُسْتَرِدّاً قَلِيلَ نائِلِهِ، = أكُلُّ هذا حِرْصاً على العشَرَهْ
ظننت فيها الغنى فتأخذها = من شاعر أم حسبتها كمره

سرَى من خَيالِ المالكِيّةِ ما سَرَى، = فَتَيّمَ ذا القَلْبِ المُعَنّى، وَأسهَرَا
دُنُوٌّ بأحْلامِ الكَرَى منْ بعِيدةٍ، = تُسيءُ بنا فِعْلاً، وَتَحسُنُ منظَرَا

بين أفق الصبا وأفق الدبور = حسد أو تنافس في الوزير
كلما يسر الركاب لأرض = أوثرت دون غيرها بالحبور

سألْتُكَ بالكُميتيّ الصّغيرِ، = وَصورةِ وجهه الحسنِ المُنيرِ
وَما يَحْوِيهِ مِنْ خُلُقٍ رَضيٍّ = يُشادُ بهِ، وَمن أدَبٍ كَثيرِ

نصب إلى طيب العراق وحسنها = ويمنع منها قيظها وحرورها
هي الأرض نهواها إذا طاب فصلها = ونهرب منها حين يحمى هجيرها

أعجب لظلم زماننا المتواتر = ولأول مما يريك وآخر
تالله أوخذ بالخراج وضيعتي = لحم يطرح في مخالب طائر

أجد الوجد جمرة في ضميري = تتلظى سوم الغضا المسعور
وهو الهجر ليس ينفك يذكي = حر بث يفي بحر الهجير

مغنى منازلها التي بمشقر = مرت عليه جنوب غيث ممطر
غيث أذاب البرق شحمه مزنه = فالريح تنظم فيه حب الجوهر

إذا كان يومي ليس يوماً لقهوة = ولا يوم فتيان فما هو من عمري
وإن كان معموراً بعود وقهوة = فذلك مسروري لعمري من الدهر

في الشَّيبِ زَجْرٌ لهُ، لوْ كانَ يَنزَجِرُ، = وَواعظ منهُ، لَوْلا أنّهُ حَجَرُ
إبيَضّ ما اسوَدّ من فَوْديهِ،وَارْتجَعتْ = جَلِيّةُ الصّبحِ ما قد أغفَلَ السّحَرُ

أنَاةً أيّهَا الفَلَكُ المُدارُ، = أنَهْبٌ مَا تُطَرّفُ أمْ جُبَارُ
سَتَفْنى مثلَ مَا تَفْنى، وَتَبْلى = كمَا تَبلى، فيُدرَكُ منك ثَارُ

عَذيرِيَ مِنْ صَرْفِ اللّيالي الغَوَادِرِ، = وَوَقْعِ رَزَايَا كالسّيُوفِ البَوَاتِرِ
وَسَيْرِ النّدَى، إذْ بَانَ مِنّا مُوَدِّعاً، = فَلاَ يَبْعَدَنْ مِنْ مُستَقِلٍّ، وَسائِرِ

لا تَلْحَني، إنْ عَزّني الصّبْرُ، = فَوَجْهُ مَنْ أهْوَاهُ لي عُذْرُ
غَانِيَةٌ لمْ أُغْنَ عَنْ حُبّها، = يَقْتُلُ في أجْفَانِهَا السّحْرُ

وَلَمّا نَزَلْنا عُكبَرَاءَ، وَلم يكُنْ = نَبيذٌ وَلا كانتْ حَلالاً لَنا الخَمرُ
دَعَوْنا لَها بِشراً، وَرُبّ عَظيمَةٍ، = دَعَوْنا لَهَا بِشراً، فأصْرَخنَا بِشْرُ

يا ابنَ عَيسَى بنِ فَرْخَانَ، وَللعُجْـ = ـمِ بعيسَى بنِ فَرْخَانَ افتِخَارُ
قَدْ حَطَطْنا بِدَيْرِ قُنَّى وَمَا نبـ = ـغي قِرًى، غيرَ أنْ يكونَ العُقَارُ

أبُكَاءً في الدّارِ، بَعْدَ الدّارِ، = وَسُلُوّاً بِزَيْنَبٍ عَنْ نَوَارِ
لا هُنَاكَ الشّغلُ الجَديدُ بحَزْوَى، = عَنْ رُسُومٍ برَامَتَينِ قِفَارِ

أبَرَّ عَلى الألْوَاءِ نَائِلُكَ الغَمْرُ، = وَبِنْتَ بفَخْرٍ مَا يُشاكِلُهُ فَخْرُ
وَأنْتَ أمِينُ الله في المَوْضِعِ الّذِي = أبَى الله أنْ يَسمو، إلى قَدرِهِ، قَدْرُ

للعلاء بن صاعد في مدح = وثناء مجاوز المقدار
باذل بشره ضنين بما يحـ = ـويه من درهم ومن دينار

أبا علي يا فتى الأشعر = وابن فتاها السيد الأزهر
قد كمل المجد لقحطان إذ = كملت للسيف وللمنبر

أتانا هشام والكوؤس تقوده = فجاء كمثل العفر في يده كفر
إذا كان صحو المرء بدء أعوجاجه = فكيف يرجي أن يقومه السكر

مَغَاني سُلَيْمَى بالعَقيقِ، وَدُورُها = أجَدَّ الشّجى إخلاقُها، وَدُثُورُهَا
وَمَا خِلْتُهَا مَأخُوذَةً بصَبَابَتي = صَحائفُ تُمحى، بالرّياحِ، سُطورُهَا

بِنا لا بكَ الخَطبُ الذي أحدَثَ الدّهرُ، = وَعُمّرْتَ مَرْضِيّاً لأيّامكَ العُمرُ
تَعيشُ، ويأتيكَ البَنُونَ بكَثرَةٍ، = تَتِمُّ بها النُّعمَى، وَيُستَوْجبُ الشكرُ

قُلْ للوَزِيرِ الذي مَناقِبُهُ = شَائِعَةٌ في الأنَام، مُشتَهِرَهْ
أعَدْتَ حُسنَ الدّنيا، وجدتَها = فينا، فآضَحتْ كالرّوْضَةِ الخَضِرَهْ

بَرّحَ بي الطّيفُ الذي يسْرِي، = وَزَادَني سُكْراً إلى سُكْرِي
وَنَشْوَةُ الحُبّ، إذا أفْرَطَتْ = بالصّبّ جازَتْ نَشوَةَ الخَمْرِ

بِسُرّ مَنْ رَا لَنَا إمَامٌ، = تَغْرِفُ من بَحْرِهِ البِحَارُ
خَلِيفَةٌ يُرْتَجَى وَيُخْشَى، = كَأنّهُ جَنّةٌ وَنَارُ

ألحَمْدُ لله عَلى مَا أرَى = مِنْ قَدَرِ الله الذي يجْري
مَا كانَ ذا العَالَمُ من عالَمي = يوْماً، وَلا ذا الدهرُ مِن دَهْري

لا زَالَ مُحْتَفِلُ الغَمَامِ الباكِرِ = يَهْمي على حَجَرَاتِ أهْل الحاجِرِ
فَلَرُبّ منزلة، هُنَاكَ، مُحيلَةٍ، = وَمَحَلّةٍ قَفْرٍ، وَرَسْمٍ دائِرِ

يا صَاحبَ الأصْداغِ وَالطُّرّةِ، = وَلابِسَ الحُمْرَةِ وَالصُّفْرَهْ
لَيْتَكَ، إذْ لمْ تُعطِني نَائِلاً، = يُقْنِعُني، أعْطَيْتَني مَرّهْ

لا شك أني ثاكل عمري = ومبوأ عن عاجل قبري
هجر الحبيب فمت من شغف = لما حرمت عزيمة الصبر

مجانيق شؤمك منصوبة = على آل وهب تثير الغبارا
صحبتهم حين نالوا الغنى = فكنت الهلاك وكنت الدمارا

عهدي بربعك للغواني معهداً = نضبت بشاشة أنسه فتأبدا
بخلت جفون لم تعرك دموعها = وقسا فؤاد لم يبت بك مقصداً

هل أنت مصطبر على مضض الأسى = إذ كان بينهم ورحلتهم غدا
لا تكذبن، فما أمارات النوى = للصب إلا من أمارات الردى

وروض كساه الطل وشياً مجدداً = فأضحى مقيماً للنفوس ومقعداً
إذا ما انسكاب الماء عاينت خلته = وقد كسرته راحة الريح بردا

واعذر حسودك فيما قد خصصت به = إن العلا حسن في مثلها الحسد

إذا ما كان عندي قوت يوم = طرحت الهم عني يا سعيد
ولم تخطر هموم غد ببالي = لأن غدا له رزق جديد

أنظر إلى ناظر قد شفه السهد = واعطف على مهجة أودى بها الكمد
لا ذقت ما ذاقه من أنت مالكه = ولا وجدت به مثل الذي يجد

إن الأمير، أطال الله مدته = يعطي من العرف ما لم يعطه أحد
ينسى الذي كان من معروفه أبداً = من العباد، ولا ينسى الذي يعد

رأيت القعود على الإقتصاد = قنوعا به ذلة في العباد
وعز بذي أدب أن يضيــ = ــق بعيشته وسع هذي البلاد

تصدت لنا دعد وصدت على عمد = وأقبل بها عند التصدي وفي الصد
شكوت إليها الوجد يوم تعرضت = فأبت وقد حملت وجداً على وجد

قم فاسقني والنجم يلمع في الدجى = عقاراً لها في الدن عهد ثمود
وللصبح سلطان على الليل قاهر = يرحله عنا بغير جنود

والماء حاشيتاه خضــ = ــراوان من آس وورد
تحبوه أيدي الريح إن = هبت على قرب وبعد

أبقاك ربك في عز وتأييد = وفي سرور وإنعام وتمهيد
يا قسم لا تذكرن عهداً وتخلفه = فالقلب يؤلمه خلف المواعيد

أجدر وأخلق أن ترن عوائدي = ويساء خلصاني، ويشمت حاسدي
ورد الفراق علي يتلف مهجتي، = يا برح قلبي بالفراق الوارد

أبا الحسين، دعاء من فتى علقت = يداه منك بحبل غير مجدود
إني بدولتك الغراء في شرف = أعلو بذكرك فخراً غير مردود

بطول ضنى جسمي بكم وتبلدي = بقوة حبيكم، وضعف تجلدي
بحبي، بذلي، بالجوى، بتحيري، = بسقمي، بضعفي، باتصال تلددي

جعلت فداءك من كل سوء = أتاني الشتاء بقر شديد
ولي حرمة حقها واجب = بعمي حميد بن عبد الحميد

كنت المعزي بفقدي، = وعشت ما عشت بعدي
أهدى إلي أخ لي = سليل مسك وورد

مورد ما دون العذار من الخد = بورد بديع ليس من جوهر الورد
أشد البرايا بالعباد تهاونا = وأسفكهم ظلما دماء ذوي الود

كفاني الله شرك يا صدود = وأشمت لي بك الوصل الجديد
لعل سرور أيام تولت = ببهجتها يعود كما نريد

ألم ترني يوم فارقته = أودعه والهوى يستزيد
أولي إذا أنا ودعته = فيغلبني الشوق حتى أعود

إن شعري سار في كل بلد = واشتهى رقته كل أحد
قلت شعراً في الغواني حسناً = ترك الشعر سواه قد كسد

قل لأسماء أنجزي الميعادا = وانظري كي تزودي منك زادا
إن تكوني حللت ربعاً من الشا = م، وجاورت حميراً ومرادا

أسارقها خوف المراقب لحظة = وأوحي بطرفي ما ألاقي من الوجد
فيفهمه عن طرف عيني قلبها = فتوحي بطرف العين أني على العهد

ألاحظها فتعلم ما أريد = وتلحظني فيرمقها لحسود
وما لي غير مسترقات لحظي = إذا ما ثاب من خير أفيد

يا دائم الهجر والصدود = ما فوق بلواي من مزيد
إني عبد، وأنت مولى، = فابغ رضا الله في العبيد

يا ثقيلاً على القلوب إذا عــ = ــن لها أيقنت بطول الجهاد
يا قذى في العيون، يا غلة بيـ = ـن التراقي حزازة في الفؤاد

قالت: أشدت بكل ما أخفيته = والصب في حكم الصبابة جاحد
فلأسكتن فلا أبوح بسركم = حتى كأني في سكوتي صاعد

لأبي علي في حداثته = فضل سيذكر آخر الأبد
حفظ القديم فليس يسبقه = أحد إلى التعظيم للأحد

لج من قد هويته في الصدود = وجرى بعد ذاك طير السعود
وقضى الله أن أذوب وأبلى = والبلى من وراء كل جديد

بنا داء وليس لنا نبيذ = وليس دواؤنا غير الفصاد
ومن عزم الفصاد بلا نبيذ = كمن عزم الرحيل بغير زاد

أقول له وقد أغري بلومي = بكر بمبدإ مني معاد
ملأت يدي من الدنيا مراراً = فما طمع العواذل في اقتصادي

يا أحمد بن أبي دؤاد = والحادثات بكل ناد
ماذا رأيت إذا انتسبــ = ــت إلى إياد في إياد

ألم يك في وجدي وبرح تلددي = نهاية نهي للعذول المفند
وأخذ مشيب من شباب أرى به = تقاضي دين أو تنجز موعد

مرنت مسامعه على التفنيد = فعصى الملام لأعين وخدود
رام الجحود تجلداً فأمده = تهال أسطر دمعه بشهود

قَدْ لَعَمْري آذَيْتَنَا، = يا ابْنَ عَمرِو بنِ مَسعَدَهْ
بِأحَادِيثِكَ الّتي = هيَ لِلْعَقْلِ مَفْسَدَهْ

ليالينا بين اللوى فزرود = مضيت حميدات الفعال فعودي
لقينا بك الدنيا مربعاً جنابها = وعهد بنات الدهر جد حميد

أما الفلاح فقد غدت أسبابه = معقودة بلوائك المعقود
خفقت عليك ذؤابتاه مشرفا = بالعز من متطول محمود

أُوحِشَتْ أرْبُعُ العَقيقِ وَدُورُهْ، = لأنيسٍ أجَدّ مِنها بُكُورُهْ
زَانَ تِلْكَ الحُمولَ، إذْ زَالَ فيها = مُرْهَفٌ، ناعِمُ القَوَامِ، غَرِيرُهْ

حَذَرْتُ الحُبّ، لَوْ أغْنى حِذاري، = وَرُمْتُ الفَرّ، لَوْ نَجّى فِرَاري
وَما زَالَتْ صُرُوفُ الدّهْرِ، حَتّى = غَدَتْ أسْمَاءُ شاسِعَةَ المَزَارِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري Empty
مُساهمةموضوع: رد: اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري   اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري Emptyالسبت أبريل 06, 2013 2:38 pm

لله عَهْدُ سَوِيقَةٍ ما أنْضَرَا، = إذْ جَاوَرَ البادونَ فيهِ الحُضَّرَا
لم أنسَهُ، وَقُصَارُ مَن عَلِقَ الهَوَى = أنْ يَسْتَعِيدَ الوَجدَ، أوْ يَتَذَكّرَا

شَدّ ما أُغْرِمَتْ ظَلُومُ بهَجْرِي، = بَعْدَ وَجدي بها، وَغُلّةِ صَدرِي
وَلَعَمْرِي، يَمِينُ بَرٍّ، وَحَسبي = في الهَوَى أن أقولَ فيهِ لَعَمرِي

ألَمْ تَرَ تَغْلِيسَ الرّبيعِ المُبَكِّرِ، = وَمَا حَاكَ مِنْ وَشيِ الرّياضِ المُنَشَّرِ
وَسَرْعَانَ ما وَلّى الشّتاءُ، وَلَم يَقِفْ، = تَسَلُّلَ شَخْصِ الخائِفِ، المُتَنَكِّرِ

تُرِيكَ الذي حُدّثتَ عَنهُ منَ السِّحْرِ، = بطَرْفٍ عَليلِ اللّحظِ مُستغرَبِ الفَترِ
وَتَضْحَكُ عَنْ نَظمٍ من اللّؤلؤ الذي = أرَاكَ دُموعَ الصّبّ كاللّؤلؤِ النّثْرِ

أُقيمُ عَلى التّشَوّقِ أمْ أسِيرُ، = وَأعدِلُ في الصّبَابَةِ أمْ أجُورُ
لجَاجُ مُعَذَّلٍ في الوَجْدِ يَبْلى، = وَلا إقْصَارَ مِنْهُ وَلا قُصُورُ

لَهُ الوَيْلُ مِنْ لَيْلٍ تِطَاول آخِرهْ، = وَوَشْكِ نَوَى حَيٍّ تُزَمُّ أبَاعِرُهْ
إذا كانَ وِرْدُ الدّمعِ بالنّأيِ أعوَزَتْ، = بغَيرِ تَداني الحِلّتَينِ، مَصَادِرُهْ

أقْصِرَا! ليس شأنيَ الإقْصَارُ، = وأقِلاّ! لَنْ يُغْنيَ الإكْثَارُ
وَبنَفْسِي مُستَغَرَبُ الحُسنِ، فيهِ = حَيَدٌ عَنْ مُحِبّهِ، وَازورار

لِمَا وَصَلَتْ أسماءُ مِنْ حَبلِنَا شكرُ، = وإنْ حُمّ بالبَينِ الذي لمْ نُرِدْ قَدْرُ
إذا ما استَقَلّتْ زَفْرَةٌ لِفِرَاقِهِمْ، = فَمَا عُذْرُها ألاّ يَضِيقَ بها الصّدْرُ

مِنْ رِقْبَةٍ، أدَعُ الزّيارَةَ عَامِدَا، = وَأصُدُّ عَنكِ، وَعن دِيارِكِ حائِدَا
حَتّى إخَالَ مِنَ الصّبَابَةِ بَارِئاً، = خِلْواً، وَإن كنتُ المُعنّى، الوَاجِدَا

أقصرا قد أطلتما تفنيدي، = ومن الجهل لوم غير سديد
لتجاوزتما بي اللوم والعذ = ل كأني شككت في التوحيد

بجُودِكَ يَدْنُو النّائلُ المُتَبَاعِدُ، = وَيَصْلُحُ فعلُ الدّهرِ، والدّهرُ فاسدُ
وَما ذُكرَتْ أخلاقُكَ الغُرُّ، فانثَنَى = صَديقُكَ، إلاّ وَهوَ غَضْبانُ حاسدُ

صَكَكْتَ على سُلَيمانَ بنِ وَهْبٍ = أبَا حَسَنٍ، بديوَانِ البرِيدِ
وَآلُ أبي الوَزِيرِ رَغَوْتَ فيهِمْ = رُغَاءَ البَكْرِ، في وَادي ثَمُودِ

يا أست وهب بن سليما = ن وهب بن سعيد
قد تحدثت برغم = منه عن أمر رشيد

تعست، فما لي من وفاء ولا عهد = ولست بهل من أخلاي للود
ولا أنا راع للإخاء، ولا معي = حفاظ لذي قرب لعمري ولا بعد

أمن نظري إليك صددت عني = وواجهني التفاتك بالوعيد
فآخر نظرة كانت وعيداً = وأولو أول نظرة سبب الصدود

لو تراني والندامى = من محم ومفد
أطنبوا فيما تمنوا = فتمنيتك عندي

وقف الهجر ساعة ثم زادا = زابتداه ممازحاً فتمادى
ثم أبدى ندامة فتنصلـ = ـــت لأرضيه فاستشاط فعادا

بأنْفُسِنَا، لا بالطّوَارِفِ والتُّلْدِ، = نَقيكَ الذي تُخْفي من الشكوى أوْ تُبدي
بِنا، مَعْشَرَ العواد، ما بكَ من أذًى، = وإنْ أشفَقُوا ممّا أقُولُ فبي وَحدي

أراد سلوا عن سليمى وعن هند = فغالبه غي السفاه على الرشد
وأضحى جنيبا للمطال، مجانبا = لناصحه في الغي، طوعاً لمن يدري

قد خفت ألا أراكم آخر الأبد = وأن أموت بهذا الشوق والكمد
الموت يا مالكي خير وأروح لي = من أن أعيش حليف الهم والسهد

ردت علي هدية لو أنها = بعثت إلى بمثلها لم أردد
وتقول إني قد تركت غوايتي = فاذهب لشأنك راشداً لم تطرد

دعوت فلم يسمع، وقلت فلم يجب، = وتاه بلا فضل علي ولا رفد
فلما رأيت العبد قد جاز حده = توليت عنه واتكأت على سعد

جَدَّد بُكاءَ لبَينٍ جَدِيدْ، = وَنَبّهَ أقاصَي الدّمُوعِ الهُجُودْ
فَسَوفَ تُحِلُّ الخَليطَ القَرِيبَ = دَوَاعي النّوَى في مَحَلٍّ بَعيدْ

بعض هذا الملام والتفنيد، = ليس هجر النوى كهجر الصدود
زعم العاذلون أن الذي يصــ = ــبيه نجل العيون غير رشيد

ما نال ما نال الأمير محمد = بيمن محمد بن يزيد
وبنو ثمالة أنجم مسعودة = فعليك ضوء الكوكب المسعود

أراجعة سعدى على هجودي = ومبدلتي من أنحس بسعود
وكانت سعادات المحبين أن يروا = وصالا من الأحباب إثر صدود

ألا أسعديني بالدموع السواكب = على الوجد من صرم الحبيب المغاصب
وسحي دموعاً هاملات كأنما = لها آمر يرفض من تحت حاجبي

متعت منك بغير الهجر والغضب = اليوم أول يوم كان في رجب
فهب عقابي لهذا اليوم محتسباً = للأجر فيه فهذا أعظم السبب

أين تلك الأيمان يا كذاب = يوم صالحتني بأن لا عتاب
كان تصديقهما ولم يك إلا = مذ ثلاث أن جاء هذا الكتاب

بكت أعين الناس لي رحمة = وتقسو علي وأنت الحبيب
حبيب أتاني على بخله = فتصغر عندي فيه الخطوب

أتاني بما لاقى رسولى ولم يكد = يبينه من عبرة ونحيب
فأبكيت واستبكيت من كان حاضري = وياء أخي من حسرة بنصيب

تعاتب عاشقان على ارتقاب = أديلا الوصل من بعد اجتناب
فلا هذا يمل عتاب هذا = ولا هذا يكل عن الجواب

كدت أقضي إذ غاب عني حبيب = وسواء حضوره والمغيب
كنت إن جئته لأشكو إليه = مضض الحب قال أنت كذوب

أميرتي لا تغفري ذنبي = فإن ذنبي شدة الحب
يا ليتني كنت أنا المبتلى = منك بأدنى ذلك الذنب

أتيناكم وقد كنا غضابا = نصالحكم ولا نبغي العتابا
وقد كنا أجتنبناكم فعدنا = إليكم حين لم نطق اجتنابا

أصبحت في جهد وفي كرب = متيماً مستلب اللب
أورثني الحب جوى لازما = استنصر الله على الحب

إن تك عكل في هاشم آخر = من بعد عكل فساكنو العقبه
ولست أعني أخي أبا حسن = مكرمة ثم جد مغتربه

أبا غانم فيما احشامك عندنا = وكتمانك الداء الذي أنت صاحبه
فلست ملوماً أن تـــاك للذة = يــــاك لها قاضي القضاة وكاتبه

يا راكباً سنن الطريق اللاحب = = ومقلقلاً خوص المطي اللاغب
إن كنت مطلع الثغور فحي ما = خلف القصير ودون درب الراهب

يا امتا أبصرني راكب = يسير في مستحنفر لاحب
ما زلت أحثو الترب في وجهه = طورا وأحمي حوزة الغائب

خل قريب بعيد في تطلبه = والموت أسهل عندي من تغضبه
ولي فؤاد إذا طال العذاب به = طار اشتياقاً إلى لقيا معذبه

ضراط ابن ميمون وصوت العرو = ب، وضراط ابن صالح نعق الغراب
وضراط ابن ميمون نهق الحمـ = ـير وضراط ابن صالح شق الثياب

لي ابن عم معروفة كثب = فيه وفي بعض شأنه عجب
ينأى اقتنائي الدنيا بأجمعها = ويقرب الصنع حين يقترب

ألم تعلمي يا علو أني معذب = بحبكم والحين للمرء يجلب
وقد كنت أبكيكم وأنتم بيثرب = وكانت مني نفسي من الأرض يثرب

إسَاءَةُ دَهْرٍ بَرّحَتْ بي نَوَائِبُهْ، = وَخَطْبُ زَمانٍ، بالمَلامِ، أُخَاطِبُهْ
عَفَاءً عَلى وَادي نَرِيزَ، فإنّهُ = تَسيلُ، بغَيرِ المَكْرُماتِ، مَذانِبُهْ

لَعَمر المَغاني، يومَ صَحرَاءِ أربَدِ، = لقَد هَيّجتْ وَجداً على ذي تَوَجُّدِ
مَنَازِلُ أضْحَتْ للرّياحِ مَنَازِلاً، = تَرَدَّدُ فيْهَا بَينَ نُؤيٍ وَرِمْدِدِ

مَنْ عَذِيرِي مِنَ الظّبَاءِ الغِيدِ، = وَمُجِيرِي مِنْ ظُلْمِهِنّ العَتِيدِ
إنّ سِحْرَ العُيُونِ ضَلّلَ لُبّي، = وَحَمَاني الرُّقَادَ وَرْدُ الخُدُودِ

لا يَرِمْ رَبْعَكَ السّحابُ يَجُودُهْ، = تَبتَدي سَوْقَهُ الصَّبَا وْ تَقُودُهْ
غدقاً يستجد صنعة روض = صنعة البرد عامل يستجيده

حَقّاً أقُولُ: لَقَدْ تَبَلْتَ فؤادي، = وأطَلْتَ مُدّةَ غَيّيَ المُتَمَادِي
بجَوًى مُقيمٍ، لَوْ بَلَوْتَ غَليلَهُ = لَوَجَدْتَهُ غَيرَ الجَوَى المُعتادِ

قَدْ كَانَ طَيْفُكِ مَرّةً يُغرَى بي، = يَعتَادُ رَكْبي طارِقاً، وَرِكَابي
فالآنَ، ما يَزْدارُ غَيرَ مَغَبّةٍ، = وَمنَ الصّدُودِ زِيَارَةُ الإغْبَابِ

أرُسُومُ دَارٍ أمْ سُطُورُ كتابِ، = دَرَسَتْ بَشَاشَتُها مَعَ الأحْقَابِ
يَجْتَازُ زَائِرُهَا، بغَيْرِ لُبَانَةٍ، = وَيُرَدُّ سَائِلُهَا بغَيْرِ جَوَابِ

أمَا، وَهَوَاكِ، حِلفةَ ذي اجتهادِ، = يَعُدُّ الغَيَّ فيكِ مِنَ الرّشَادِ
لَقَد أذكَى فِرَاقُكِ نارَ وَجدِي، = وعَرفَ بَينَ عَيْني والسّهَادِ

رُنُوُّ ذاكَ الغَزَالِ، أوْ غَيَدُهْ = مُولِعُ ذي الوَجْدِ بالذي يجدُهْ
عندَكَ عَقلُ المُحبّ، إنْ فَتكَتْ = بهِ عُيُونُ الظّبَاءِ، أوْ قَوَدُهْ

ضَلالا لَهَا، ماذا أرادَتْ إلى الصّدِّ، = وَنحنُ وُقُوفٌ من فرَاقٍ على حَدِّ
مُزَاوِلَةٌ إنْ تَخْلِطِ الوُدّ بالقِلَى، = وَمُزمعَةٌ إنْ تُلحِقِ القُرْبَ بالبُعْدِ

سَلامٌ عَلَيْكُمْ، لا وَفَاءٌ وَلاَ عَهْدُ، = أما لَكُمُ من هَجرِ أحبابكُمْ بُدُّ
أأحبَابَنا قَدْ أنجَزَ البَينُ وَعْدَهُ = وَشيكاً، وَلمْ يُنْجَزْ لنَا منكُمُ وَعْدُ

أيا مظهر الهجران والمضمر الحبا = ستزداد حبا أن أتيتهم غبا
لنا جارة بالمصر تضحي كأنها = مجاورة أفناء جيحان والدربا

أبلِغْ أبا الفَضْلِ تُبلِغْ خَيرَ أصْحَابهْ = في فَضْلِ أخلاقِهِ المُثلى، وآدابهْ
ألحَمْدُ، والمَجْدُ يَحْتَلاّنِ قِبّتَهُ، = والرَّغْبُ والرَّهْبُ مَوْجُودانِ في بابهْ

كَمْ بالكَثيبِ من اعترَاضِ كَثِيبِ، = وَقَوَامِ غُصْنٍ، في الثّيَابِ، رَطِيبِ
وَبذي الأرَاكَةِ منْ مَصِيفٍ لابسٍ = نَسْجَ الرّياحِ، وَمَرْبَعٍ مَهْضُوبِ

لَعَمْرُكَ! ما لإسحاقَ بنِ سَعْدٍ = ضَرِيبٌ، إنْ طَلَبتَ لَهُ ضَرِيبَا
يُضِيءُ طَلاَقَةً، وأرَى رِجَالاً = يَدُومُ ظَلامُ أوْجُهِهِمْ قُطُوبا

إنْ تَرْجُ طُولَ عُبَيدِالله لا تَخِبِ، = أوْ تَرْمِ في غَرَضٍ من سَيْبِه تُصِبِ
لمْ تَلْقَ مِثْلَ مَساعيهِ، التي اتّصَلَتْ = وَما تَقَيَّلَ مِنْهَا عَنْ أبٍ فأبِ

مَلامُكَ، إنّهُ عَهْدٌ قَرِيبُ، = وَرُزْءٌ مَا عَفَتْ مِنْهُ النُّدوبُ
تُعَلّلُني أضَاليلُ الأمَاني = بعَيشٍ، بَعدَ قَيصرَ، لا يَطيبُ

تعتبت دهراً فلما رجعــ = ــت إلى حاصل الطمع الكاذب
بكيت على عمري المنقضي، = ونحت على شعري الخائب

أمردود لنا زمن الكثيب = وغرة ذلك الرشإ الربيب
وأيام الشباب معقبات = على إبداء آثام المشيب

يا سَعيدٌ، وَالأمْرُ فيكَ عَجيبُ، = أينَ ذاكَ التّأهيلُ وَالتّرْحيبُ
نَضَبَتْ بَيْنَنَا البَشَاشَةُ وَالوِدُّ = وَغَارَا كَمَا يَغُورُ القَليبُ

كَمْ مِن حَنينٍ إليكَ مَجلوبِ، = وَدَمْعِ عَينٍ عَلَيكَ مَسكُوبِ
وَأنْتَ في شَحطِ نِيّةٍ قُذُفٍ، = يَهُونُ فيها عَلَيْكَ تَعْذيبي

سَلِ الحَلَبِيّ عَنْ حَلَبٍ، = وَعَنْ تِرْكَانِهِ حَلَبَا
أرَى التّطْفيلَ كَلَفَهُ = نُزُولَ الكَرْخِ، مُغْتَربَا

أعوذ ببدر من فراق الحبيب = ومن لوعة في أثره ونحيب
ومن فجعتي منه بقرة أعين = إذا شرعت فيه وشغل قلوب

قَدْ قُلْتُ للمَسْدُودِ في عانِسٍ = شَوْهاءَ، يضحي وهو صَبًّ بها
إنّ التي سَمَيْتَهَا خِلّةً، = لَيْسَتْ بأسْمَاءَ، وَلا تِرْبِها

وَأظلَمْتَ حينَ لَبِستَ السّوَادَ = ظَلامَ الدّجَى لمْ يَسِرْ رَاكِبُهْ
وَلَمّا حضرنا لإذن الوَزِيرِ = وَقَدْ رُفِعَ السّترُ أوْ جَانِبُهْ

مَا لَنَا مِنْ أبي المُعَمَّرِ إلاّ = بُعْدُهُ عَنْ عُيونِنا وَاحتِجابُهْ
وَأذَمُّ الفِتيانِ مَنْ باتَ يُلقَى، = دوننا ستره ويغلق بابه

ملامك في صدود واجتناب = ونأيي بالمشارق واغتراب
فقد جعلت دواعي الشوق تدعو = إلى حلل بواسط أو كناب

من فحش أمر الدنيا ومن عجبه = أن ينخس الجوهري في ذنبه
نيكاً ولو بالنزول عن كتفي = برذونه، والخروج من سلبه

إمّا ألَمَّ، فبعَدَ فَرْطِ تَجَنُّبِ، = أوْ آبَهُ هَمٌّ، فمِنْ مُتَأوِّبِ
هَجَرَ المَنَازِلَ بُرْهَةً حتى انبرَتْ = تَثْني عَزِيمَتَهُ مَنَازِلُ زَيْنَبِ

إذا اعتلت درجات الشمس مصعدة = في الحوت أغنت غنى عن خز يعقوب
وفي الربيع إذا استمتعت منه غنى = عن حاكه في طراز السوس والطيب

عَهْدي بِرَبْعِكَ مَأنوساً مَلاعِبُهُ، = أشْبَاهُ آرامِهِ، حُسْناً، كوَاعِبُهُ
يَشُبْنَ للصّبِ في صَفْوِ الهَوى كَدَراً، = إنْ وَخْطُ شَيْبٍ أُعِيرَتْهُ ذَوَائِبُهُ

مُعَادٌ مِنَ الأيّامِ تَعْذِيبُنَا بِهَا، = وإبْعَادُها بالإلْفِ بَعْدَ اقتِرَابِهَا
وَمَا تُملأُ الآمَاقُ مِن فَيْضِ عَبرَةٍ، = وَلَيْسَ الهَوَى البادي لفَيضِ انسِكَابِهَا

نبر على تباعدنا فنجفا = ونكتب في الزمان فلا نجاب
لقد عوتبت في الحسن بن عمرو = وذات الطبل لو نفع العتاب

أبَا جَعفَر ليسَ فضْلُ الفتى = إذا رَاحَ في فَرْطِ إعْجَابِهِ
وَلا في فَرَاهَةِ بِرْذَوْنِهِ، = وَلا في نَظَافَةِ أثْوَابِهِ

أبا نهشل لأبي غانم = خلائق يوحشن من جانبه
بغاء يعود على نفسه = وشؤم يعود على صاحبه

أشكُو إلى الله ثلاثاً وَهُنّ = الجُوعُ والغُرْبَةُ والعُزْبَهْ
وَنَحْنُ أضْيافُ أبي خالد = نَهِيمُ بَينَ القَصْرِ والرّحْبَهْ

كَيْفَ بِهِ، وَالزّمانُ يَهْرُبُ بِهْ، = ماضِي شَبابٍ، أغذَذتُ في طلَبِهْ
مُقترِبُ العَهْدِ، إنْ أرُمْهُ أجِدْ = مَسافَةَ النّجمِ، دونَ مُقترَبِهْ

تُخَطّي اللّيالي مَعشَراً لا تُعِلُّهُم ْ = بشَكْوٍ، وَيَعْتَلُّ الأمِيرُ وَكَاتِبُهْ
وَللبُرْءِ عُقْبَى، سَوْفَ يُحْمَدُ غبه فيهما، = وَخَيْرُ الأُمُورِ ما تَسُرُّ عَوَاقِبُهْ

لتهَنئً أميرَ المؤمنينَ عَطيّةً = منَ الله يَزْكو نَيْلُها وَيَطيبُ
يَدُ الله في فَتْحٍ إليكَ جَميلَةٌ، = وإنْعَامُهُ فيهِ عَلَيْكَ عَجيبُ

عدمت مخاريق عبد الرحـ = ــيم وأبنة فقحته الرحبه
وما في الستارة من حاجز = إذا قرعت ركبة ركبه

لا الدّهرُ مُستَنفَدٌ، وَلاَ عَجَبُهْ، = تَسُومُنَا الخَسْفَ كُلَّهُ نُوَبُهْ
نَالَ الرّضَا مادِحٌ وَمُمتَدَحٌ، = فَقُلْ لهَذا الأميرِ: ما غَضَبُهْ

على مثل رأسك زال السرو = ر ومال الزمان بنا وانقلب
إذا نحن شئنا رأينا البلا = ء بأعيننا وسمعنا العجب

يَمُدُّ عُبَيْدُ الله فينا سِتَارَةً، = قَليلاً على سَمعِ الجَليسِ صَوَابُها
نَهُمُّ بإشرَاعِ الحِجَارَةِ نَحوَها، = إذا نَبَحَتْ للمُنْتَشينَ كِلابُها

ما للكبير في الغواني من أرب = مات الهوى فلا جوى ولا طرب
يا ربة الخدر قري راضية = فإن أبيت فأتلفي من الغضب



لَرَدَدْتُ العِتابَ عَلَيكَ، حتى = سَئِمتُ، وَآخِرُ الوِدّ العِتابُ
فَلَمْ أُبْعِدّكَ مِنْ أدَبٍ، وَلكنْ = شِهابٌ في التّخَلّفِ ما شِهابُ

ما أنتَ، للكَلِفِ المَشُوقِ، بصَاحِبِ، = فاذهَبْ على مَهَلٍ، فَليسَ بِذاهِبِ
عَرَفَ الدّيارَ، وقد سَئِمنَ من البِلَى، = وَمَللْنَ مِنْ سُقيا السّحابِ الصّائبِ

مَنْ سَائِلٌ لمُعَذَّرٍ عَنْ خَطْبِهِ، = أوْ صَافِحٌ لمُقَصِّرٍ عَنْ ذَنْبِهِ
حُمّلتُ للحَسَنِ بنِ وَهبٍ نعمةً، = صعبت على ذُلّ الثّنَاءِ وصَعْبِهِ

قِصّةُ التّلّ، فاسمَعوها عُجَابَهْ، = إنّ في مِثْلِها تَطُولُ الخَطَابَهْ
إدّعَى التّلَّ فُرْقَتانِ تَلاحَوْا: = آلُ عَبدِ الأعلى، وَآلُ ثَوَابَهْ

نحنُ الفِداءُ، فمَأخُوذٌ وَمُرْتَقَبُ، = يَنُوبُ عَنكَ إذا هَمّتْ بك النُّوَبُ
قد قابَلَتْكَ سُعودُ العَيشِ ضَاحِكَةً، = وَأوْصَلَتكَ، وَكانَتْ أمسِ تجتِنبُ

إذا عَرَضَتْ أحْدَاجُ سلمى، فنادِها: = سقَتكِ غَوَادي المُزْنِ صَوْبَ عِهَادِها
أمَا لُبْثَةٌ تُقْضَى لُبَانَةُ عاشِقٍ = بها، أوْ يُرَوّى صائِمٌ باتّئَادِها

تذكر محزوناً، وأني له الذكرى = وفاضت بغزو الدمع مقلته العبري
فؤاد هو الحران من لاعج الجوى = إلى كبد جم تباريحها حرى

يا أبا نَهْشَلٍ، نداءَ غَرِيبِ، = مُسْتَكِينٍ لِنَا زلات الخُطُوبِ
صَابِرٍ مِنْكَ كُلَّ يَوْمٍ عَلى جُمْـ = ـلَةِ هَذا الجَفَاءِ وَالتّثْرِيبِ

رِقّةُ النَّوْرِ، وَاهتِزَازُ القَضِيبِ، = خَبَّرَا مِنْكَ عَنْ أغَرَّ نَجيبِ
في رِداءٍ مِنَ الفُتُوّةِ فَضْفَا = ضٍ، وَعَهْدٍ مِنَ التّصابي قرِيبِ

يا سَوءتَا مِنْ رَأيكَ العازِبِ، = وَعَقْلِكَ المُستَهْتَرِ الذّاهِبِ
ومن رشيق وهو مستقدم = يبصق في شعر استك الشائب

يَوْمُ سَبتٍ، وَعندَنا ما كفى الحُرَّ = طَعَامٌ، وَالوَرْدُ مِنّا قَرِيبُ
وَلَنَا مَجلِسٌ عَلى النّهْرِ فَيّا = حٌ، فَسيحٌ، ترْتاحُ فيه القُلوبُ

ألا لله درك يا جللتا، = وما أحرزت من حظ الكتابة
نقلت من المشارط والمواسي = إلى الأقلام حال بني ثوابه

بعُمرِكَ تَدرِي أيَّ شَانَيَّ أعْجَبُ، = فَقَدْ أشكَلا: باديهِمَا وَالمُغَيَّبُ
جُنُونيَ في لَيلى، وَلَيلى خَلِيّةٌ، = وَصَغْوِيَ إلى سعدى وسعدى تجنب

تَعالَلْتِ عن وَصْلِ المُعَنّى بكِ الصّبِّ، = وَآثَرْتِ بُعْدَ الدّارِ مِنّا على القُرْبِ
وَحَمّلتِني ذَنْبَ الفراق، وَإنّهُ = لَذَنبُكِ إنْ أنصَفتِ في الحكمِ لا ذنبي

ذَكَرْتُ وَصِيفاً ذِكرَةَ الهائمِ الصّبِّ، = فأجرَيتُ سَكباً من دموعي على سَكْبِ
أسيرٌ بأرْضِ الشّام، ما حَفِظُوا لهُ = ذِمامَ الهوَى فيهِ، وَلا حُرْمةَ الحُبّ

أمخلفي يا فتح أنت وظاعن = في الظاعنين وشاهد ومغيبي
ماذا أقول إذا سئلت فحطني = صدقي ولم يستر علي تكذبي

قال الحسين لنا بالأمس مفتخراً = قومي قضاعة أزكى يعرب حسبا
فقلت لما أتى دهياء معضلة = أبل وجدد متى أحدثت ذا النسب

إنْ دَعَاهُ داعي الصبَى، فأجابَهْ = وَرَمَى قَلْبَهُ الهوَى، فأصَابَهْ
عِبْتَ مَا جَاءَهُ، وَرُبّ جَهُولٍ = جَاءَ ما لاَ يُعَابُ يَوماً، فَعابَهْ

لَوَتْ بالسّلامِ بَنَاناً خَضِيبا، = وَلحظاً يَشُوقُ الفُؤَادَ الطّرُوبَا
وَزَارَتْ عَلى عَجَلٍ، فاكتَسَى = لزَوْرَتِهَا أبْرَقُ الحَزْنِ طِيبَا

رَأى البرْقَ مُجتازاً، فباتَ بلا لُبِّ، = وَأصْبَاهُ مِنْ ذِكْرِ البَخيلَةِ ما يُصْبي
وَقَد عاجَ في أطْلالِها غيرَ مُمسِكٍ = لدَمْعٍ، وَلا مُصْغٍ إلى عُذّلِ الرّكبِ

أبَعْدَ الَشبابِ، المُنتَضَى في الذّوَائِبِ، = أُحَاوِلُ لُطْفَ الوُدّ عندَ الكَواعِبِ
وَكَانَ بَيَاضُ الرأس شَخصاً مُذَمّما = إلى كُلّ بَيضَاءِ الحَشا والتّرَائِبِ

لا أرى بالبراق رسماً يجيب = سكنت آيها الصبا والجنوب
خلف الجدة البلى في مغانيــ = ــها كما يخلف الشباب المشيب

عَادَ للصّبّ شَجْوُهُ وَاكْتِئَابُهْ، = بِبِعَادِ الذي يُرَادُ اقْتِرَابُهْ
رَشَأٌ، ما دَنَتْ بهِ الدّارُ إلاّ = رَجَعَ البُعْدَ صَدُّهُ، وَاجْتِنَابُهْ

إلَيكِ ما أنَا مِنْ لَهو، ولاْ طَرَبٍ، = مُنيتِ مِنّي بقَلْبٍ غَيرِ مُنقَلِبِ
رُدّي عليّ الصّبَا، إنْ كنتِ فاعِلَةً، = إنّ الهوَى لَيسَ من شأني وَلا أرَبي

قَليلٌ لهَا أنّي بِهَا مُغرَمٌ صَبُّ = وَإن لم يُقارِفْ غيرَ وَجدٍ بها القَلْبُ
بذَلتُ الرّضَا حتّى تَصَرّمَ سُخطُها، = وَللمُتَجَنّي، بَعدَ إرْضَائِه، عَتْبُ

يا حَارِثيّ! وَمَا العِتاب بجاذِبِ = لكَ عَنْ مُعانَدَةِ الصّديقِ العاتبِ
ما إن تزال تكيده من جانب = أبد، وتسرق شعره من جانب

لعمرك ما العجب العاجب = سوى غنوي له حاجب
وموت الحقوق فلا يأس = يرد غلامي ولا راغب

أرَى الله خَصّ بَني مَخْلَدٍ = بِأفضلِ مَأثَرَةٍ للعَرَبْ
تُضافُ الخِلافَةُ في دُورِهِمْ، = فتُخْبِرُ عَنْ سَرْوِهِم بالعَجَبْ

رضيت للدين وللدينا = صديقي الصدق أبا يحيى
المؤثر العليا على حظه، = والحظ كل الحظ في العليا

كأن تشتكي السفر الحيارى = عويل ضرائرٍ باتت غيارى
نعير القفص والبردان شوقاً = نضن به على بنى وبارى

عزمي الوفاء لمن وفى = والغدر ليس به خفا
صلني أصلك، فإن تخن = فعلى مودتك العفا

جلوت مرآتي، فيا ليتني = تركتها لم أجل عنها الصدا
كي لا أرى فيها البياض الذي = في الرأس والعارض مني بدا

قل لأهل الوقوف، موتوا بغيظ = وآبك مما أقوله يابن عيسى
إن أردتم أن تبصروا كيف أنتم = فانظروا كيف صار وقف ابن موسى

من كان في الدنيا له شارة = فنحن من نظارة الدنيا
نرمقها من كثب حسرة = كأننا لفظ بلا معنى

أيّها الأعَرَجُ المُحَجَّبُ مَهْلاً، = لَيسَ هذا مِنْ فِعلِ مَنْ يتَمَرّى
ما رَأينَا مُعَلّماً قَطّ مَحْجُو = باً، وَلَوْ أنّهُ عَلى ملكِ كِسرَى

رَحَلُوا فَأيّةُ عَبرَةٍ لَمْ تُسْكَبِ = أسَفاً، وَأيُّ عَزِيمَةٍ لَمْ تُغْلَبِ
قَدْ بَيّنَ البَينُ المُفَرِّقُ بَيْنَنَا = عِشْقَ النّوَى لرَبيبِ ذاكَ الرّبرَبِ

ما على الرّكبِ من وُقوفِ الرّكابِ، = في مَغاني الصّبَا وَرَسْمِ التّصَابي
أينَ أهلُ القِبابِ بالأجْرَعِ الفَرْ = دِ، تَولّوا، لا أينَ أهلُ القِبابِ

هل للنّدى عَدلٌ، فيَغدو مُنصِفاً = مِن فِعلِ إسماعيلِهِ ابنِ شِهابِهِ
ألْعَارِضُ الثّجّاجُ في أخْلاقِهِ، = وَالرّوْضَةُ الزّهْرَاءُ في آدابِهِ

مُحَمّدُ! مَا آمَالُنَا بكَوَاذِبِ = لَدَيْكَ، وَلا أيامنا بشواحب
دَعَوْنَاكَ مَدْعُوّاً إلى كُلّ نَوْبَةٍ، = مُجيباً إلى تَوْهينِ كيد النّوَائبِ

لِمْ لا تَرِقُّ لِذُلّ عَبْدِكْ، = وَخُضُوعِهِ، فتَفي بوَعْدِكْ
إنّي لأسْألُكَ القَلِيـ = ـلَ، وأتّقي مِنْ سُوءِ رَدّكْ

مُخْلِفٌ في الذي وَعدْ، = سِيلَ وَصْلاً فَلَمْ يَجدْ
فهْوَ بالحُسْنِ مُسْتَبِـ = ـدٌ وَبِالدّلّ مُنْفَرِدْ

ألْعَيْشُ في لَيْلِ دارَيّا، إذا بَرَدَا، = والرّاحُ نَمزُجُهَا بالمَاءِ مِنْ بَرَدَى
قُلْ للإمَامِ، الذي عَمّتْ فَوَاضِلُهُ = شَرْقاً وَغَرْباً فَما نُحصِي لَهَا عدَدَا

لي حَبيبٌ قَدْ لَجّ في الهَجْرِ جِدّا، = وأعَادَ الصّدودَ مِنْهُ وأبْدَا
ذُو فُنُونٍ، يُرِيكَ في كلّ يَوْمٍ = خُلُقاً من جَفَائِهِ، مُسْتَجَدّا

أُنَبّيكِ عَن عَيني، وَطُولِ سُهَادِها، = وحرقة قلبي بالجوى واتقادها
وَأنّ الهُمُومَ اعتَدنَ بَعدكِ مَضْجِعي، = وَأنتِ التي وَكّلتِني باعْتِيَادِهَا

أمَا مُعِينٌ على الشّوقِ الذي غَرِيَتْ = بهِ الجَوَانِحُ، والبَينِ الذي أفِدَا
أرْجُو عَوَاطِفَ مِنْ لَيلى، وَيؤيسُني = دَوَامُ لَيلى على الهَجْرِ الذي تَلِدا

أحَرَامٌ أنْ يُنْجَزَ المَوْعُودُ = مِنكِ، أو يَقرُبَ النّوَالُ البَعيدُ
وَوَرَاءَ الضُّلُوعِ مِن فَرْطِ حُبّيـ = ـكِ غَرَامٌ يُبلي الحَشَا وَيُبِيدُ

يا أبا غانِمٍ غَنِمتَ، وَلا زَا = لَتْ عِهادُ الأنْوَاءِ تَسقي بلادَكْ
أبْهَجَتْ زَوْرَةُ الوَزِيرِ أخِلاّ = ءَكَ جَمعاً، وَأرْغمتْ حُسّادَكْ

ما يستفيق دد لقلبك من دد = يعتاد ذكراها طوال المسند
بيضاء إن تعلل بلحظ لا تهب = برءا، وإن تقتل بدل لا تد

عش حميداً في ظل عيش حميد = واصل حبله بحبل الخلود
يا أبا نهشل، وأبا الجديديـــ = ـــن بعمر، عمر الليالي، جديد

يا عَارِضاً مُتَلَفّعاً بِبُرُودِهِ، = يَختَالُ بَينَ بُرُوقِهِ وَرُعُودِهِ
لوْ شئتَ عُدتَ بلادَ نجدٍ عَوْدَةً، = فنَزَلْتَ بَينَ عَقيقِهِ، وَزَرُودِهِ

شُغْلانِ مِنْ عَذْلٍ وَمِنْ تَفْنيدِ، = وَرَسيسُ حُبٍّ، طارِفٍ وَتَليدِ
وَأمَا وَأرْآمِ الظّبَاءِ لَقَدْ نأتْ = بِهَوَاكِ أرْآمُ الظّبَاءِ الغِيدِ

رُدّي، على المُشتاقِ، بَعضَ رُقادِهِ، = أوْ فاشرِكيهِ في اتّصَالِ سُهَادِهِ
أسْهَرْتِهِ، حَتّى إذا هَجَرَ الكَرَى، = خَلّيْتِ عَنهُ، وَنُمْتِ عَن إسعَادِهِ

نَبَتَتْ لِحْيَةُ شقْرَا = نَ شَقِيقِ النفسِ بَعْدي
حُلِقَتْ، كيْفَ أتَتْهُ = قبْلَ أن يُنْجِزَ وَعدي

يا ابنَ حَمْدُونَ بنِ إسْـ = ـماعيلَ، وَالجُودُ عَقيدُكْ
وَالعُلا مَا شَادَ آبَا = ؤكَ قِدْماً، وَجُدودُكْ

إنما سلطان بدر عرس = مشبه في الحسن ملك المعتضد
يجمع الجيش بتدبير فتى = بذلت كفاه فيه ما يجد

ما لها اولعت بقطع الوداد = كل يوم تروعني بالبعاد
ما علمت النوى ولا الشوق حتى = أشرقت لي الخدود فوق النجاد

أبَا جَعفَرٍ! لا زِلْتَ مُشترِكَ الرِّفْدِ، = تُعيدُ مِنَ المَعرُوفِ أضْعافَ ما تُبدي
عَطاؤكَ ذا القُرْبَى عُلُوٌّ، وَفَوْقَهُ = عَطاؤكَ في أهْلِ الشّنَاءَةِ وَالبُعْدِ

وَجَدْنا خِلاَلَ أبي صَالِحٍ = شَبَائِهَ ما شِدنَ من مَجْدِهِ
حَوَى، عن أبيهِ، الذي حَازَهُ = أبُوهُ المُهَذَّب عَنْ جَدّهِ

تمادى اللائمون وفي فؤادي = جوى حب يلج به التمادي
أرَى الأهوَاءَ يُنفِدُها الليَالي، = وَما لِهَوَى البَخيلَةِ مِنْ نَفَادِ

تَغَيَّرَ، أوْ حَالَ عَنْ عَهْدِهِ، = وَأضْمَرَ عُذْراً، وَلمْ يُبْدِهِ
مَليءٌ بأنْ يَسْتَرِقّ القُلُوبَ، = عَلى هَزْلِهِ وَعَلى جِدّهِ

جائر في الحكم لو شاء قصد = أخذ النوم وأعطاني السهد
غابَ عَمّا بِتُّ ألْقَى في الهَوَى، = وَهُوَ النّازِحُ عَطْفاً لَوْ شَهِدْ

وَصْلٌ تُقَارِبُ مِنْهُ ثُمّ تُبَاعِدُ، = وَهَوًى تُخالِفُ فيهِ، ثُمّ تُسَاعِدُ
وَجَوًى، إذا ما قَلّ عَاوَدَ كُثْرُهُ = بمُلِمّ طَيْفٍ، مَا يَزَالُ يُعَاوِدُ

نَفْسِي الفِداءُ لِمَنْ أوَدُّهْ، = وَإنِ استَحالَ، وَساءَ عَهدُهْ
مُتَفاوِتُ الحُسْنَيْنِ يَثْـ = ـقُلُ رِدْفُهُ، وَيَخِفُّ قَدّهْ

ألما يكف في طللي زرود = بكاؤك دارس الدمن الهمود
ولوم الركب أن حييت ربعاً = تغير بعد معهده الجديد

هَلاّ سألتَ، بجَوّ ثَهْمَدْ، = طَلَلاً لِمَيّةَ قَدْ تَأبّدَا
دَرَسَتْ عِهَادُ الغَيْثِ مِنْـ = ـهُ، فحالَ عمّا كنتَ تَعهَدْ

إجِرْني منَ الوَاشِي الذي جَارَ واعتَدى، = وَغَابِرِ شوق غَارَ بِي ثُمّ أنْجَدَا
وإلاّ، فأسعِدْني بدَمعِكَ، إنّهُ = يُهَوّنُ مَا بي أنْ أرَى ليَ مُسْعِدا

حاجةُ ذا الحَيرَانِ أنْ تُرْشِدَهْ، = أوْ تَترُكَ اللّوْمَ الذي لَدَّدَهْ
يَمْضي أخُو الحُبّ على نَهْجِهِ، = فَنّدَهُ في الحُبّ مَنْ فَنّدَهْ

يُفَنِّدونَ وَهُمْ أدْنَى إلى الفَنَدِ، = وَيُرْشِدُونَ وَما التَّعذالُ من رَشَدِي
وَكَيفَ يُصْغي إلَيهمْ، أو يُصِيخُ لهمْ = مُستَغلِقُ القَلبِ عَنهُمْ واهنُ الكبِدِ

بَعْضَ هَذا العِتَابِ وَالتّفْنيدِ، = لَيسَ ذَمُّ الوَفَاءِ بالمَحْمُودِ
مَا بَكَيْنَا عَلى زَرُودَ وَلكِنّا = بَكَيْنَا أيّامَنَا في زَرُودِ

يكادُ يُبْدي لسعدى غَيْبَ ما أجِدُ، = تَحَدُّرٌ منْ دِارَكِ الدّمْعِ مطّرِدُ
خَبْلٌ من الحُبّ لم يزْجُرْ سفَاهَتَهُ = حِلْمٌ، وَلمْ يَتَدارَك غَيَّهُ رَشَدُ

يا يَوْمُ عَرّجْ بَلْ وَرَاءَكَ يا غَدُ، = قَدْ أجْمَعُوا بَيْناً، وَأنتَ المَوْعِدُ
ألِفُوا الفِراقَ، كأنّهُ وَطَنٌ لَهُمْ، = لا يَقْرُبُونَ إلَيْهِ. حتى يَبْعَدُوا

بَاتَ عَهْدُ الصّبَا وَباقي جَديدِهْ، = بَينَ أعْوازِ طَالِبٍ وَوُجُودِهْ
ولما قد تقاويان من اللهـ = ـو بيان في بيض فود وسوده

أعادَ شَكوى منَ الطّيفِ الذي اعتَادَا، = رُشْداً تَوَخّيتُ أمْ غَيّاً وَإفْنَادَا
ألَمّ بي، وَبَياضُ الصّبحِ مُنتَظَرٌ، = قَدْ رَقّ عَنهُ سَوَادُ اللّيلِ، أوْ كادَا

وَجَدْتُ وَعْدَكَ زُوراً في مُزَوَّرَةٍ = وصَفْتَ مُبْتَدِئاً بالحِذْقِ طَاهِيهَا
فلا شَفى اللهُ مَنْ يَرْجُو الشِّفَاءَ بِهَا = ولا عَلَتْ كَفُّ مُلْقٍ كَفَّهُ فِيهَا

تُكَلِّفُني رَدَّ ماضِي الأُمُورِ = ، وبَعْثَرَةَ الأَعْظُمِ الْبَالِيهْ
أَبُوكَ الَّذي جَاءَ مَا قَدْ عَلِمْــ = ــتَ ، فَصَارَت له سُنَّةٌ جارِيَهْ

لَوْ كُنتَ سَعْداً لم تَكُنْ قَاتِلا = ً لِصَاعِدٍ بَعْدَ عُبَيْد اللهْ
إِثْنَانِ غُرَّا مِنْكَ فاسْتُؤْصِلاَ = والثَّالِثُ البَاقِي عَلَى عِلَّهْ

راحَ فِيمَنْ يُشَيِّعُ الأَظعَانَا = رَبِّ فاحْفَظْهُ والهَوى حَيْثُ كَانَا
نَقَلَ الْحُسْنَ والْمَلاَحَةَ عنِ بَغْــ = ــدَاد حَتَّى أَحَلَّهَا البَردَانَا

أَمَا وَهَذَا الزَّمَانُ يَمْتَحِنُهْ = بِصَرْفِهِ تارَةً ويَمْتَهِنُهْ
إِذَا جَرَى نَحْوَ غَايَةٍ عَبَأَتْ = لَهُ الرَّدَى مِنْ زَمَانِهِ إِحَنُهْ

تُوعِدُنِي شَيْبَانُ بَغْياً ، وما = تَعْلَمُ مَنْ تُوعِدُ شَيْبَانُ
والعَنَزِيُّونَ فَقَدْ أَوْعَدُو = والحَرْبُ أَطْوَارٌ وأَلْوَانُ

أَيُّهَذَا الأَمِيرُ ، قَدْ مَسَّنا الضُّرُّ = ومُدَّتْ يَدُ الخُطُوبِ إِلَيْنَا
ولَدَيْنَا بِضَاعَةٌ مُزْجَاةٌ = قَلَّ خُطَّابُها فَبَارَتْ لَدَيْنَا

متى تَسألي عَن عَهْدِهِ تَجِدِيهِ = مَلِيّاً بوَصْلِ الحَبلِ لمْ تَصِليِهِ
يُكَلّفُني عنكِ العَذولُ تَصَبُّراً، = وأعْوَزُ شَيءٍ مَا يُكَلّفُنِيهِ

أَرَج ٌَ لِرَيَّا طَلَّةٌ رَيَّاهُ = لا يَبْعَدِ الطَّيْفُ الَّذي أَهْدَاهُ
ومُسَهَّدٍ لَوْ عادَ أَهْلُ كَرًىإِلى = مُحْتَلَّهِمْ مِنْهُ لَعَادَ كَرَاهُ

أبا جَعْفَرٍ كَانَ تَجْميشُنَا = غُلامَكَ إحدى الهَناتِ الدّنِيّهْ
بَعَثْتَ إلَيْنَا بِشَمْسِ المُدا = مِ، تُضِيءُ لَنا معْ شمسِ البرِيّهْ

أنَافِعي، عندَ لَيلى، فَرْطُ حُبّيها، = وَلَوْعَةٌ ليَ أُبْديهَا، وأُخْفِيهَا
أمْ لا تُقَارِبُ لَيْلَى مَنْ يُقَارِبُهَا، = وَلاَ تُدَانِي بِوَصْلٍ مَنْ يُدَانِيهَا

مِيلُوا إلى الدّارِ مِنْ لَيْلَى نُحَيّيهَا، = نَعَم، وَنَسألُها عَن بَعضِ أهْليهَا
يَا دِمْنَةً جاذَبَتْهَا الرّيحُ بَهجَتَها، = تَبِيتُ تَنْشُرُهَا طَوْراً وَتَطْويها

أُنَاشِدُ الغَيْثَ كَيْ تَهْمي غَوَادِيهِ = عَلى العَقيقِ، وإنْ أقْوَتْ مَغَانِيهِ
على مَحَلٍ أرَى الأيّامَ تَضْحَكُ عَنْ = أيّامهِ، واللّيَالي عَنْ لَيَاليهِ

مَلَّ فَمَا تَعْطِفُهُ رَحْمَةٌ = واتَّخَذَ الْعِلاَّتِ أَعْوَانَا
إِن سَاءَكَ الدَّهرُ بِهِجْرانِه = فَرُبَّما سَرَّكَ أَحْيَانَا

لَيْتَ شِعْري عَنْكَ هَلْ تَعْــ = ــلَمُ أَنِّي بك عانِ
فَلَقدْ أَسْرَرْتُهُ مِنْــ = ــكَ ، وأَطلَعْتُ الأَمَاني

فَلَئِنْ حَرَصْتُ عَلى اليَسارِ فَرُبَّما = رَاحَ الحَرِيصُ بِرُمَّةِ الحِرْمَانِ
وَلئِنْ عَدَا صَرْفُ الزَّمَانِ فإِنَّني = مُتَدَرِّعٌ صَبْرِي لِرَيْبِ زَمَانِي

يا أَخَا الفَضلِ والنَّدَى يا أَبَا الْــ = ــعَبَّاسِ زَيْنَ الكُهُولِ والشُّبَّانِ
أَنتَ فَرْدٌ فُتُوَّةً وفَتَاءً = لَيْسَ كلُّ الْفِتْيَانِ بالْفِتْيَانِ

مِنَ اجْلِكِ ظَلَّ العَاذِلاتُ يَلُمْنَنِي = ويَزْعُمْنَ أَنِّي في طِلاَبِكِ عانِ
ويَرْفِدْنَنِي نُصْحاً زَعَمْنَ ، وإِنَّهُ = لَفِي حَرَجٍ مَنْ لامَنِي ونَهَانِي

شَيِّدْ بِفَضلِكَ مُشْرِفَ البُنْيَانِ = لَمْ يَبْقَ إِلاَّ خَتِمُ الإِحْسَانِ
رُدَّ الصَّنِيعَةَ فِي ابْنِ شُكرٍ ، طَبْعُهُ = نَشْرُ الَّذي تُولِيهِ كُلَّ أَوَانِ

ألا هلْ يَحْسُنُ العَيْشُ = لنَا، مِثْلَ الّذي كانَا
وَهَلْ تَرْجِعُ يَا نَا = ئلُ بالمُعْتَزّ دُنْيَانَا

أَغِيبُ عَنكَ بوُدٍّ لا يُغَيِّرُهُ = نَأْيُ المَحَلِّ ولاَ صَرْفٌ مِنَ الزَّمَنِ
فَإِنْ أَعِشْ فَلَعَلَّ الدَّهْرَ يَجْمعُنَا ، = وَإِنْ أَمُتْ فَبِطُولِ الشَّوقِ والحَزَنِ

يا بْنَ عَبْدِ الكَرِيمِ مِنْ أَزْيَدِ الأَشيَاءِ = فِي قَدْرِ نِعْمةٍ أَنْتُهَانَا
لم يَزَلْ شُؤْمُكَ المُجَرَّبُ في الأَحــ = ــزَابِ قِدْماً حَتَّى عَزَاْتَ أَخَانَا

إنّ الزّمَانَ زَمَانُ سَوْ، = وَجَميعَ هَذا الخَلْقِ بَوْ
وإذا سَألْتَهُمُ نَدًى، = فَجَوَابُهُمْ عَنْ ذاكَ وَوْ

بَاكَرَتْنا بَوَاكِرُ الوَسْميِّ، = ثمّ رَاحَتْ، وَأقْبَلَتْ بالوَليِّ
وَأرَى الغَيثَ لَيسَ يَنفَكُّ يَهمي = في غَداةٍ مُخضَلّةٍ، وعَشِيّ

أأحْمَدُ! هَلْ لأعْيُنِنَا اتّصَالُ = بوَجْهٍ مِنْكَ أبْيَضَ، حَارِثيِّ
غَداتَكَ للخِمَارِ، إذا غَدَوْنَا، = وَلَمْ يُطْلِقْ لَنَا أُنْسَ العَشِيّ

وَكانَ الشَّلْمَغانُ أبَا مُلُوكٍ، = فَصَارَ أباً لسُوقَةِ مَادَرَايَا
أكُلُّ بَني دَسَاكِرِها بَنُوهُ، = لأوْشَكَ أنْ يكونَ أبا البرايَا

فَدَتْكَ يَدي مِنْ عاتبٍ، وَلسانِيَا، = وَقَوْليَ في حُكمِ العُلاَ وَفَعَالِيَا
فإنّ يَزِيداً وَالمُهَلّبَ حَبّبَا = إلَيْكَ المَعَالي، إذْ أحَبّا المَعَالِيَا

قَطَعْتُ أَبا لَيْلى ، وما كُنْتُ قَبْلَهُ = قَطُوعاً ولا مُسْتَقْصِرَ الْوُدِّ جَافِيَا
أَغُبُّ السَّلاَمَ حِينَ تَكثِيرِ مَعْشَرٍ = يَعُدُّونَ تَكْريرَ السَّلامِ تَقَاضِيَا

بَكَرَتْ تُعَيِّرُني نَوَارُ سَفَاهةً = وَضَحَ المَفَارِقِ وابْيِضاضَ المِسْحَلِ
ويْكُمْ، بَيَاضُ الصُّبْحِ أَحسَنُ مَنْظَراً = فِي العيْنِ مِنْ ظَلْمَاءِ لَيْلٍ أَلْيَلِ

لِسانُك أَحْلَى من جَنَى النَّحْلِ مَوْعِداً = وَكَفُّكَ بالمَعرُوفِ أَضْيَقُ من قُفْلِ
تُمنِّي الَّذي يأْتِيك حتى إِذا انتَهَى = إِلى أَمَدٍ نَاوَلْتَهُ طَرَفَ الْحَبْلِ

بِكُلِّ سَبيلٍ لِلنِّسَاءِ قَتِيلُ = ولَيْسَ إِلى قَتْلِ النِّسَاءِ سَبِيلُ
وَفي كُلِّ دَارٍ للمُحَبِّينَ حَاجَةٌ = وما هِيَ إِلاَّ عَبْرَةٌ وعوِيلُ

كِلاَنا مُظْهِرٌ للنَّاسِ بُغْضاً = وكُلٌّ عِنْدَ صَاحِبِهِ مَكِينُ
وأَسْرَارُ المَلاَحِظِ لَيسَ تَخْفَى = وقَدْ تُغْرِي بِذِي اللَّحْظِ الجُفُونُ

أَبْطَلَ الدَّمْعُ حُجَّةَ الْكِتْمَانِ = واسْتَرَاحَ الكَرَى مِنَ الأَجْفَانِ
فإِذَا هَمَّ بالرُّجُوعِ إِلَيْهَا = خاصَمَتْهُ وَسَاوِسُ الأَحْزَانِ

قد جَاءَك الْحُبُّ بِي عَبْداً بِلاَ ثَمَنِ = إِنْ خَانَكَ النَّاسُ لَمْ يَغْدُرْ ولَمْ يَخُنِ
مَا لِلْهَوَى ، أَخَذَ اللهُ الْهَوَى بِدَمِي ، = يُحَكِّمُ النَّاسَ فِي رُوحِي وفِي بَدَني

الحَمْدُ لِلهِ شُكْراً = قُلُوبُنا فِي يَدَيْهِ
صَارَ الأَمِيرُ شَفِيعِي = إِلَى شَفِيعِي إِلَيْهِ

لأَيِّ شَيْءِ صَدَدْتَ عَنِّي = يَا بَائِناً بالْعَزَاءِ مِنِّي
هَلْ كانَ مِنِّي فَعَالُ سَوْءٍ = يَحْسُنُ فِي مِثْلِهِ التَّجَنِّي

سَرَى الغَمَامُ ، وَغَادَتْنَا غَوَادِيهِ = كَأَنَّهُ نَائِلٌ بِتْنَا نُرَجِّيهِ
حَكَى نَدًى مِنْ أَبِي العبَّاسِ يُشبِهُهُ = إِذا تَهَلَّلَ وانْهَلَّتْ عَزَالِيهِ

أتَرَى هَيْثَماً يُطيقُ تَرَضّي = حَاجِبٍ جَامِعٍ لَنَا حاجِبَيْهِ
أمْ ترَى المَطلَ مُبقِياً ليَ فَضْلاً = مِنْ نَوَالٍ، أنْفَقَتُ مِنهُ علَيهِ

غِنَاؤُكَ يُورِثُكَ التَّزْنِيَهْ = وشَتْماً وطَرْداً مِنَ الأَفْنِيَهْ
وفَقْدُكَ أَجْدَرُ مِنْ أَنْ تُبَرَّ = وشَتْمُكَ أَوْلَى مِنَ التَّكْنِيَةْ

أَعْفَى ذِرَاعَيْهِ وأَنْحَى على = لِحْيَتِهِ بالنَّتْفِ يُحْفِيهَا
يَمْدَحُهُ الْقَوْمُ ويَهْجُوهُم = ُ ما شَكَرَ النَّعْمَةَ هاجِيها

أَما تَرَى العَارِضَ الْمُنهَلَّ دَانِيهِ = قَدْ طَبَّقَ الأَرْضَ ، وانحَلَّتْ عَزَالِيهِ
فالرِّيحُ تُزْحِيهِ تَارَاتٍ وتَحْدُرُهُ = والرَّعْدُ يُنْجِيهِ طَوْراً أَو يُنَاجِيهِ

يا بْنَ مَنْ طَابَ في المَوَالِيدِ حُرًّا = مِنْ بَنِي جَعْفَرٍ إِلى ابْنَ أَبِيهِ
أَنَا بالْقُرْبِ مِنْكَ عِاْدَ صَدِيقٍ = قَدْ أَلْحَّتْ عَلَيْهِ شُهْبُ سِنِيهِ

رَبْعٌ خَلاَ مِنْ بَدْرِهِ مَغنَاهُ = وَرَعَتْ بهِ عِينُ الْمَهَا الأَشبَاهُ
بَدَلاً شَنِيئاً مِن مَحَاسِنِ صُورَةٍ = وَصَلَ الْقُلُوبَ بِنَاظِرَيْهَا اللهُ

أُرَجِّمُ في لَيْلَى الظُّنُونَ، وَإِنَّمَا = أُخَاتِلُ في وَجْدِي بِهَا مَنْ أُخَاتِلُهْ
وَقَدْ زَعَمتْ أَنِّي تَغَيَّرتُ بَعْدَهَا = وَلَمْ تَدْرِ مَا خَطْبُ الْهَوَى وَبَلاَبِلُهُ

لَنَا أبَداً بَثٌّ نُعانيهِ من أرْوَى، = وحَزْوَى، وكم أدنَتْكَ من لوعةٍ حزْوَى
وَمَا كانَ دَمعي قَبلَ أرْوَى بنُهْزَةٍ = لأدْنَى خَليطٍ بانَ أوْ مَنزِلٍ أقوَى

مِثَالُكَ مِنْ طَيْفِ الخَيَالِ المُعَاوِدِ، = ألَمّ بِنَا مِنْ أُفْقِهِ المُتَبَاعِدِ
يُحَيّي هُجُوداً مُنْتَشِينَ مِنَ الكَرَى، = وَمَا نَفْعُ إهْدَاءِ السّلاَمِ لِهَاجِدِ

أمِنْكَ تأوُّبُ الطّيفِ الطّرُوبِ، = حَبيبٌ جَاءَ يُهْدَى مِنْ حَبيبِ
تَخَطّى رِقْبَةَ الوَاشِينَ، وَهْناً، = وَبُعْدَ مَسَافَةِ الخَرْقِ المَجُوبِ

أتَارِكِي أنْتَ أمْ مُغْرًى بتَعْذيبي، = ولائمي في هَوَى إنْ كَانَ يُزْرِي بي
عَمْرُ الغَوَاني، لَقَدْ بَيّنّ، من كَثَبٍ، = هَضِيمَةً في مُحبٍّ غَيرِ مَحْبُوبِ

أجِدَّكَ مَا يَنْفَكُّ يَسرِي لزَيْنَبَا = خَيَالٌ، إذا آبَ الظّلامُ تأوّبَا
سرَى من أعالي الشّامِ يَجْلُبُه الكَرَى، = هُبُوبَ نَسيمِ الرّوْضِ تَجلُبُه الصَّبَا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري Empty
مُساهمةموضوع: رد: اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري   اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري Emptyالسبت أبريل 06, 2013 2:43 pm

يُجانِبُنَا في الحُبّ مَنْ لا نُجَانِبُهْ، = وَيَبْعَدُ مِنّا في الهَوَى مَنْ نُقَارِبُهْ
وَلاَ بُدّ مِنْ وَاشٍ يُتَاحُ على النّوَى، = وَقَدْ تَجلُبُ الشيءَ البَعيدَ جَوالِبُهْ

مَنْ قَائلٌ للزّمَانِ ما أرَبُهْ، = في خُلُقٍ منْهُ قَدْ خلا عَجَبُهْ
يُعْطَى امرُؤٌ حَظَّهُ، بلا سَبَبٍ، = وَيُحْرَمُ الحَظَّ مُحْصِدٌ سَبَبُهْ

بِنَا أنْتِ مِنْ مَجْفُوّةٍ لمْ تُعَتَّبِ، = وَمَعْذورَةٍ في هَجْرِها لمْ تُؤنَّبِ
وَنَازِحَةٍ، والدّارُ مِنْهَا قَرِيبَةٌ، = وَمَا قُرْبُ ثَاوٍ في التّرابِ مُغَيَّب

حَاشَاكِ مِنْ ذِكَرٍ ثَنَتْهُ كَئِيبَا، = وَصَبَابَةٍ مَلأتْ حَشَاهُ نُدُوبا
وَهَوًى هَوَى بدُمُوعِهِ، فتَبَادَرَتْ = نَسَقاً، يَطَأنَ تَجَلّداً مَغْلُوبَا

لدارِكِ، يا لَيلى، سَماءٌ تَجودُها، = وَأنفاسُ رِيحٍ، كُلَّ يوْمٍ تَعودُهَا
وَإنْ خَفّ مِنْ تِلكَ الرّسومِ أنيسُها، = وَأخلَقَ مِنْ بَعدِ الأنيسِ جَديدُهَا

إنّما الغَيّ أنْ يكونَ رَشيدَا، = فانقِصَا مِنْ مَلامِهِ، أوْ فَزِيدَا
خَلّيَاهُ وَجِدّةَ اللّهْوِ، ما دا = مَ رِداءُ الشّبابِ غَضّاً جَديدَا

معَ الدّهرِ ظُلمٌ ليسَ يُقلِعُ رَاتِبُهْ، = وَحُكمٌ أبتْ إلاّ اعوِجاجاً جَوانِبُهْ
أبِيتُ، وَلَيلي في نَصِيبِينَ سَاهِرٌ، = لهمٍّ عَنَاني، في نَصِيبِينَ، ناصِبُهْ

عَارَضْنَنا أُصُلاً، فَقُلْنَا الرّبْرَبُ، = حتّى أضَاءَ الأُقْحُوانُ الأشنَبُ
واخضَرّ مَوْشِيٌّ البُرُودِ، وقَدْ بَدا = مِنْهُنّ ديبَاجُ الخُدودِ المُذْهَبُ

هَبيهِ لمُنْهَلّ الدّموعِ السّوَاكِبِ، = وَهَبّاتِ شَوْقٍ في حَشاهُ لَوَاعِبِ
وَإلاّ، فَرُدّي نَظرَةً فيه تَعْجَبي = لِما فيهِ، أوْ لا تَحفِلي للعَجائِبِ

رَحَلَتْ ، وأَوْدَعَتِ الفُؤَادَ لَوَاحِظاً = تُوهِي القُوَى وإِشارةً بِبَنَانِ
خَوْدٌ كَبَدْرٍ فَوْقَ فَرْعِ أَرَاكَةٍ = يَهْتَزُّ مَثْنِيَّا عَلَى كُثْبَانِ

أَتَرَى اللاَّحِي ، وَقَدْ ْ = أَرْوَحَ مِن نَتْنِ خَلاِلِهْ
لَمْ يَكُنْ شِيمَ نَسِيمُ = المِسْكِ مِنْ أَخْلاَقِ حَالِهْ

قُلْ للوَزِيرِ الذي وِزَارَتُهُ = صُنْعٌ مِنَ الله راتِبٌ حَسَنُهْ
أنتَ زَعِيمُ السّلطانِ في الحكمِ تُمْـ = ـضيهِ وَمُخْتَارُهُ وَمُؤتَمَنُهْ

مَلّنَا، أمْ نَبَا بنَا، أمْ جَفَانَا، = أمْ قَلانا، فاعتاضَ مِنَّا سِوَانَا؟
سَاخِطٌ نَبْتَغي رِضَاهُ وَلا يَسْـ = ـألُ عَن سُخطِنا، وَلا عن رِضَانَا

يا ابنَ حُمَيْدٍ عِشْ لَنَا سالماً، = ما اختَلَفَ النّوْرُوزُ وَالمِهرَجانْ
وَاستَأنِفِ العُمْرَ جَديداً، فقَدْ = وَلّى زَمَانٌ، وَأتَانَا زَمَانْ

أرّقَ العَينَ أنّ قُرّةَ عَيْني = دَخَلَتْ بَيْنَهُ اللّيالي، وَبَيْني
إنْ يُقَدّرْ لَنَا الزّمَانُ التِقَاءً، = فهوَ حُكمي على الزّمانِ، وَدَيْني

ما فِي مُعَاشَرَةِ ابْنَ أَكْثَمَ ساعَةً = خَطَرٌ لِذِي عَقْلٍ ولا مَجْنُونِ
أَعْمَى لهُ بَصَرٌ يَعِيبُ صَديقَهُ = يأْتي المَثَالِبَ في خَفاً وسُكُونِ

أَيَا مَنْ تَجَنُّبُهُ مُعْضِلُ = وَمَنْ كُلُّ أَفْعَالِهِ مُشْكِلُ
سَاَمْنَحُكَ الهَجْرَ لا عَنْ قِلًى = ولا أَنّني لَكَ مُسْتَثْقِلُ

ألبَيْتُ مَبْنيٌّ على أرْكَانِهِ، = وَالطِّرْفُ جارٍ في امتِدادِ عِنانِهِ
يا عاذِلَ الحَسنِ بنِ وَهبٍ في اللُّهى = مِنْ نَيْلِهِ، وَالغَمرِ مِنْ إحسانِهِ

تَسْعَى ؛ وأَيْسَرُ هَذَا السَّعْيِ يَكْفِينا = لَوْلاَ تَكَلُّفُنَا مَا لَيْسَ يَعْنِينَا
نَرُوضُ أَنْفُسَنَا أَقْصَى ريَاضَتِها = عَلَى مُوَاتَاةِ دَهْرٍ لا يُوَاتِينَأ

عِلَلُ النّفُوسِ قَرِيبَةٌ أوْطانُهَا = وَصَلَتْ، فمَلّ وِصَالَها جيرَانُهَا
سَهُلَتْ لرَائدِها الجِبالُ: ثَبيرُها، = فجَليلُها، فَشَمَامُهَا، فأبَانُهَا

قَدْ تَرَى دارِاساتِ تِلْكَ الرّسومِ، = وَغَرَامَ المَعْذُولِ فِيهَا، المَلومِ
واقِفَاً يَسْألُ المَغَاني. وَيَسْتَغْـ = ـزِرُ فَيْضاً منْ وَاكِفٍ مَسْجومِ

لَيْتَ الخَليطَ الذي قد بانَ لمْ يَبِنِ = وَلَيْتَ ما كانَ من حُبّيكِ لم يَكُنِ
أحْرَى العُيُونِ بأنْ تُدْمىَ مَدامعُها = عَيْنٌ، بكَتْ شَجوَها من مَنظرٍ حسنِ

أأرَاكَ الحَبيبُ خاطِرَ وَهْمِ، = أمْ أزَارَتْكَهُ أضَالِيلُ حُلْمِ
تلكَ نُعمٌ، لَوْ أنعَمَتْ بِوِصَالٍ = لَشَكَرْنَا، في الوَصْلِ، إنْعَامَ نُعمِ

ألاّ شَعَرْتَ بِرِحْلَةِ الأظعانِ، = فيَكونَ شأنُهُمُ بِرَامَةَ شَاني
مَاذا على الرّشإ الغَرِيرِ، لَوَ انّهُ = رَوّى جَوَى المُتَلَدِّدِ الحرََّانِ

أقَصْرَ حُمَيدٍ! لا عَزَاءَ لمَغْرَمِ، = وَلا قَصرَ عن دَمعٍ، وَإن كان من دمِ
أفي كُلّ عَامٍ لا تَزَالُ مُرَوَّعاً = بِفَذّ نَعيٍّ، تارَةً، أوْ بتَوْءَمِ

أدْمُعٌ قَدْ غُرِينَ بالهَمَلانِ، = وَفُؤادٌ قَدْ لَجّ في الخَفَقَانِ
إنَّ يَوْمَ الكَثِيبِ أفْقَدَنَا نَضْـ = ـرَةَ تِلْكَ القُضْبَانِ والكُثْبَان

لا أَنْتَ أَعْطَيْتَ الجَزِيلَ ، ولا حَنَتْ = شاجِي عَلَيَّ ، ولا أَوَتْ لي رامِي
كَانَ السِّرَارُ لِعارِمٍ فِي أَمْرِنا = رُؤْيَا قَصَصْنَاها عَلَى الغُرَّامِ

أبلغْ أبا حَسَنٍ بآيَةِ جُودِهِ = عِندي، وَنِعمَتِهِ التي لا تُجهَلُ
إنّي بَلوْتُ لَهُ خِلالاً، لم يَرُحْ، = في مِثلِ أَصُغرِها، الغَمامُ المُسبِلُ



لَكَ بالْبَابِ حاجِبٌ = كَالِحُ الوَجْهِ سَاهِمُ
كُلَّما جِـئْتُ زائراً = قالَ لي : أَنتَ نائمُ

يا نازِحاً قَدْ نَأَى عَنِ الوَطَنِ = أَوحَشْتَ طَرْفِي مِنْ وَجْهِكَ الحَسَنِ
أَذُمُّ فِيكَ الهَوَى وأَحمْدُهُ ، = فِيكَ مَزَحْتُ السُّرُورَ بالحَزَنِ

أَجْرِ حَدِيثي ، وكُنْ لهُ فَطِناً = مُسْتَخْرِجاً هَلْ تَراهُ غَضْبَانا
واحْفَظْ عَلَيْهِ الحَدِيثَ مُكتَتَماً = ثُمَّ أَعِدْهُ عَليَّ إِعْلاَنَا

خِلْتُهُ لَمَّا تَبَدَّى = قَمَراً في غُصْنِ بَانِ
هَزَّهُ العُجْبُ فَوَلَّى = يَتَثَنَّى كالعِنَانِ

هَدَأَ النَّاسُ ، وَنَامَتْ = كُلُّ عَيْنٍ غَيْرَ عَيْنِي
والأَمَانِي رُسُلٌ بَيْنَ = الَّذي أَهْوَى وبَيْني

لَبّيتُ فيكِ الشّوْقَ، حينَ دَعَاني، = وَعَصَيتُ نَهْيَ الشَّيبِ، حينَ نَهَاني
وَزَعَمْتِ أنّي لَستُ أصْدُقُ في الذي = عِندي مِنَ البُرَحَاءِ، والأشجَانِ

مَنٌّ مِنَ الله مَشْكُورٌ، وَإحسانُ، = وَنِعْمَةٌ، كُفرُها ظُلمٌ وَعُدوَانُ
بالقَصْرِ لا بمَليكِ القَصرِ نَازِلَةٌ، = أضْحَى لها وَهوَ طَلقُ الوَجهِ جَذلانُ

بَقِيتَ مُسَلَّماً للمُسلِمِينَا، = وَعِشْتَ خَليفَةً لله فِينَا
فَقَدْ أنْسَيْتَنَا،َعَدْلاً و بَذْلاً ، = أُبُوّتَكَ الهُدَاةَ الرّاشِدِينَا

بَني مَخْلَدٍ كُفّوا تَدَفُّقَ جُودِكم، = وَلا تَبخَسُونا حَظّنَا في المَكَارِمِ
وَلا تَنصُرُوا مَجدَيْ قِنَانٍ وَمالِكٍ، = بِأنْ تَذْهَبُوا مِنّا بِسِمْعَةِ حاتِمِ

نَصِيبُ عَيْنَيْكَ مِنْ سَحٍّ وتَسْجَامِ = وَحَظُّ قَلْبِكَ مِنْ بَثٍّ وتَهْيَامِ
أَشْجَى وَأْرْمَى بِوْجْدٍ مُنْصِبٍ وهَوًى = مُبْرِّحِ الخَبْلِ في شَاجِي وفِي رَاِمي

هَجَاني النّغيلُ، وَما خِلْتُني = أخَافُ هِجَاءَ أبي حَرْمَلَهْ
وَقَد كُنتُ أُطْنِبُ في وَصْفِهِ، = وَتثْبيتِ نِسْبَتِهِ المُشْكِلَهْ

أبَعْدَ مُبَشِّرٍ، وَأبي عُبَيْدٍ، = وَمَعْيُوفِ المَكَارِمِ وَالمَعَالي
وَبَعدَ أبي أبي العَطّافِ أرْجُو = وَفَاءَ الدّهْرِ، أوْ عَهدَ اللّيَالي

بقَوْمي جَميعاً لا أُحاشِي، وَلا أَكْني، = أبو جَعفَرٍ بْْحرُ العُلاَ وَحيَا المُزْنِ
فتى العَرَبِ المَدْعُوُّ في السّلْمِ للنّدى، = وَفارِسُها المَدْعُوُّ في الحِرْبِ للطّعنِ

خَيرُ نَيلِكَ، إنْ أنَلتَ، الجِزيلُ، = اختيارِيكَ في الأُمُورِ الأصِيلُ
لا تُقَلّلْ، إذا هَمَمْتَ بجَدْوَى، = إنّ شَرّ الأعدادِ عِندي القَليلُ

أعَنْ جِوَارِ أبي إسحاقَ تَطمَعُ أنْ = تُزِيلَ رَحليَ، يا بَهْلُ بنُ بَهْلانَا
غَبينَةٌ سِمْتَنيهَا، لَوْ سَمَحْتُ بها = يَوْماً، لأكْفَلْتُهَا لَخْماً وَغَسّانَا

إنّكَ والاحتِفالَ في عَذَلي، = غَيرُ مُقيمِ زَيْغي، وَلاَ مَيَلي
بلى، إنِ اسطَعتَ أوْ قدَرْتَ فخُذْ = مِنْ خابِلٍ سَلْوَةً لمُخْتَبَلِ

عَلِيُّ بَنِي الفَيَّاضِ يوْمَ نَوَالِهِ = أَخْو الغَيْثِ في إِغْزَارِهِ واحْتِفَالِهِ
إِذا مَا بلَوْنَاهُ حَمدْنَا ،وإِنَّما = يَبِينُ غَنَاءُ السَّيفِ عِنْدَ اسْتِلالِهِ

يا خَليلي، بَلْ لَسْتَ لي بخَليلِ، = جَدّ عَنْ كلّ ما عَهِدْتَ رَحيلي
قَدْ تَرَكْنَا لَك المُدَامَ ونَيْلَ الصَّعْبِ = مِمَّنْ تُحِبُّبهُ والذَّلُولِ

نَعَوْكَ بهِمْ كان النعِيُّ، ولمْ تمُتْ، = وَلَوْ مُتَّ ماتَ الظَّرْفُ بعدَكَ كلّهُ
وَما استثقَلوا منْ مُدّةٍ قَد تَكاملَتْ، = وَمِنْ عُمُرٍ لَمْ يَبْقَ إلاّ أقلّهُ

يَا صَالِحَ بْنَ الفَضْلِ إِنك مُخْبِرِي = عَنْ صَالِحِ الْخُلَطَاءِ والإِخْوَانِ
ومُذَكِّرِي بكَرِيمِ شِيمَتِكَ الَّذي = قَدْ كُنْتُ أَعْهَدُهُ مِنَ الْفِتْيَانِ

تَبَاعَدَ نَصْرٌ عَلى آمِلٍ = يُرَاقِبُ نَصْراً، وإقْبَالَهُ
لَعَلّ حَمُولَةَ أخْنَى عَلى = غُلامي جهَاراً، أوِ اغْتَالَهُ

ضَاعَفَ مِنْ بَثِّي وأَحْزَاني = فقْدُ أَخِلاَّيَ وإِخوَاني
إِنَّ الَّذي أَسْخَطَني لَوْ رَمى = فِيّ إِلى العَدْلِ لأَرْضَانِي

رُوحِي ورُحُكَ مَضْمُومَانِ فِي جَسَدٍ ، = يَا مَنْ رأَى جَسَداً قَدْ ضَمَّ رُوحَيْنِ
يَا باعِثَ السُّكْرِ مِنْ طَرْفٍ يُقَلِّبُهُ = هَارُوتُ ، لا تَسْقِني خَمْراً بِكَاسَيْنِ

عَفّى عَلِيُّ بنُ إسحاقٍ، بِفَتكَتِهِ، = على غَرَائِبِ تيهٍ كُنّ للحَسَنِ
أنْسَتْهُ تَفْقيعَهُ، في اللّفْظِ، نازِلةٌ = لم تُبْقِ عنهُ سوَى التّسليمِ للزّمَنِ

مُنَعَرِّضُ للهَجْرِ وَهْوَ جَبَانُ = وسِلاَحُهُ لِعَدُوِّهِ الهِجْرَانُ
يَصْبُو إَلى غَضَبِي عَلَيْهِ تَشَوُّقاً = فَإِذا غَضِبْتُ أَتَى بهِ الإِذْغَانُ

عِشْنَا بأَنْعَمِ عَيْشٍ = إِلْقَيْنِ كالْغُصْنَيْنِ
فَلَمْ يَزَلْ عُجْبُ عَيْنِي = بأْلْفَةِ الإِلْفَيْنِ

وقَريبِ المزَارِ نَائِي النَّوَالِ = مَانِعٍ وَصْلَهُ عَلَى كُلِّ حَالِ
قُلْتُ لِلْعَاذِلِينَ فِيهِ أَفِيقُوا = لَسْتُ أَصْحُوا لِلَوْمَةِ العُذَّالِ

مَحَا نُورَ النَّواظِرِ والعُقولِ = أُفُولُكَ ، والبُدورُ إِلى أُفُولِ
ومنْ جَلَلِ الخُطوبِ نِعِيُّ ناعٍ = أَتَانَا عَنْكَ بالخَطْبِ الجَليلِ

أمّا العُدَاةُ، فَقَدْ أرَوْكَ نُفُوسَهُمْ، = فاقصِدْ بِسُوءِ ظُنُونِكَ الإخْوَانَا
تَنحاشُ نَفْسِي أنْ أذُلّ مَقَادَةً، = وَيَزِيدُ شَغْبي أنْ ألِينَ عِنَانَا

أَهْلك واللَّيلَ أَيَّها الرَّجُلُ ، = قَدْ طَالَ هذا الرَّجاءُ والأَمَلُ
عَوِّلْ عَلَى الصَّبْرِ ، واتَّخِذُ سَبَباً = إِلى اللَّيَالِي فإِنَّها دُوَلُ

أصْلِحْ أبا صَالحٍ، يا رَبُّ، إنّ لَهُ = نِهايةَ الوَصْفِ مِن ظُلمٍ وَعُدوانِ
بِتْنا بقُطْرَبُّلٍ تَجرِي الكُؤوسُ لَنا = مِنْ فائِضٍ في يَدِ السّاقي، وَمَلآنِ

اسْمَعْ مَديحيَ في كَعْبٍ وَمَا وَصَلَتْ = كَعْبٌ، فَثَمّ مَدِيحٌ مَا لَهُ ثَمَنُ
حَقٌّ مِنَ الشّعْرِ مَلْوِيٌّ بِوَاجِبِهِ، = فَلا سُلَيْمَانُ يَقْضِيهِ، وَلاَ الحَسَنُ

سَلامٌ أيّها المَلِكُ اليَمَاني، = لَقَدْ غَلَبَ البِعادُ على التّداني
ثَمَانٍ قَدْ مَضَينَ بِلا تَلاقٍ، = وَمَا في الصّبرِ فَضْلٌ عَن ثَمَانِ

نَفْسِي فِدَاؤُك أَيُّهَا الغَضْبَانُ = مَا هَكَذَا يَتَعَاشَرُ الإِخْوَانُ
صَدَرَ الأَصَادِقُ عَنْ ذُرَاكَ وَحَظُّهُمْ = مِنْكَ الْوِصَالُ ، وحَظِّيَ الْهِجْرَانُ

يَا أبَا القَاسِمِ، اسْتَجَدّ لَنَا عَبْـ = ـدونُ حالاً تَمامُها في ضَمَانِهْ
جَمَعَتْنا مَوَدّةٌ، واجتَمَعْنَا، = بَعدُ، في بِرّهِ، وفي إحسانِهْ

لا تَجْزِيَنْ أبَا عُبَيدَةَ صَالحاً = عَنْ طُولِ وَقفَتِنَا بقِنَّسْرِينا
جزْنَا، وَما كانَ الجَوَازُ هوًى لَنا = تََعِبينَ مِنْ نَصَبِ السُّرَى، لَغِبِينَا

تَعَاطَ الصّبَابَةَ، أوْ عَانِها، = لتَعْذُرَ في بَرْحِ أشْجَانِهَا
وَمَا نَقَلَتْ لَوْعَتي لِمّةٌ، = تَنَقَّلُ في حَدْثِ ألْوَانِهَا

أبْلِغْ ذَفافِيّنَا رِسالَةَ مُشْـ = ـتاقٍ أسَرّ الشّكْوَى، وَأعلنَها
رُبَّ غَداةٍ للقَصْفِ في حلَبٍ، = يَجْني ضُحىً وَرْدَها وَسوْسنَها

دَعَوْتُكَ للصَّبُوحِ، وَقلتُ سَبتٌ = يَحُثُّ عَلى الصَّبُوحِ وَمِهْرَجانُ
وَغَيْمٍ، قَدْ تَعَلّقَ مُسْتَقِلاًّ، = عَلَيْهِ، بديمَةٍ سَحٍّ، ضَمانُ

قُلْ لِي ، إِذا قُمْتَ عَلَى أَرْبَعٍ = مُحَيِّياً فِي ذَلِكَ الشَّانِ
وقامَ مِنْ خَلْفِكَ فَتْحٌ ، فمَا = يَنْفَعُكَ الفَضْلُ بْنُ مَرْوَانِ

تَرَى لقَزْوِينَ عِنْدَ الله صَالحَةً، = وَقَدْ تَوَلّى طُمَاسٌ أَْرْضَ قَزْوِينِ
مَا للنَّدامَى تَشَكّوْا مِنْهُ أُبّهَةً، = فيها تَطاوُسُ عَاتي الجَهلِ مجْنُونِ

أبلغْ أبا حَسَنٍ، وَكُنْتُ أعُدُّهُ، = من بَينِهِمْ، قَمِناً منَ الإحسانِ
إنْ كُنتَ إنساناً، فقُلْ لي صَادِقاً: = ما الفرْقُ بَينَ القِرْدِ وَالإنْسَانِ

أمِنْ بَعدِ وَجْدِ الفَتحِ بي وَغَرَامِهِ، = وَمَنْزِلَتي مِنْ جَعفَرٍ، وَمَكَانِي
أُكَلَّفُ مَدْحَ الأرْمَنيّ على الذي = لَدَيْهِ مِنَ البَغْضَاءِ والشّنَآنِ

أبا الفَضْلِ أنتَ فَتى فارِسٍ، = لَكَ الشّرَفُ الخُسْرُوَانيُّ كُلّهْ
أَرَاكَ تُحَرّمُ لَحْمَ الجَزُورِ = وَلَوْ قامَ ألْفُ نَبيٍّ يُحِلّهْ

رُوَيْدَكَ! إنّ شانَكَ غَيرُ شَاني، = وَقَصرَكَ! لَستُ طاعةَ مَن نَهَاني
فإنّكَ لَو رأيتَ كَثِيبَ رَمْلٍ = يُجاذِبُ جانِبَاهُ قَضِيبَ بَان

بَني حُمَيْدٍ تَوَلّى العِزَّ أوّلُكُمْ، = وَصَارَ آخِرُكُمْ للذّلّ وَالهُونِ
أبَتْ لكم أن تَنالوا فَضْلَ مَكرُمَةٍ، = لِحَى التّيُوسِ، وَأعطافُ البَرَاذِينِ

نَشَدْتُكَ الله مِنْ بَرْقٍ على إضَمِ، = لمّا سَقَيتَ جُنوبَ الحَزْنِ، فالعَلَمِ
وَصُبْتَ بَيْنَهُمَا، حتى تُسيلَهُمَا = بمُسْتَهِلٍّ، مِنَ الوَسميّ، مُنسَجِمِ

أبْلِغْ أبَا الدَّرْدامِ، إنْ لاقَيْتَهُ = بالرَّقةِ البَيْضَاءِ، أوْ حَرّانِ
ألدّهْرَ، مَا تَنْفَكُّ تَنْدُبُ وَجْنَةً = دَرَسَتْ، وخَدّاً مُنْهَجَ العِرْفانِ

أَرَانَا لا نَزَالُ نُسَامُ خَسْفاً = بِرِجْسِ النَّفْسِ رِجْسَ الْوَالِدَيْنِ
مَتى نَرْضَى، وَدَجّالُ النّصَارَى = يُقَوّمُ ما يَرَاهُ بِفَرْد عَيْنِ

عَلى أيّ أمْرٍ مُشْكِلٍ أتَلَوّمُ، = أُقِيمُ، فأثْوِي، أمْ أهُمُّ، فأعزِمُ
وَلَوْ أنْصَفَتْني سرّ مَنْ رَاءَ لم أكنْ = إلى العِيسِ، مِن إيطانِها، أتَظَلّمُ

يا أبا جَعْفَرٍ! بأيّ مَكَانٍ = ضَاعَ مِنّي رَأيي، وَضََلَّ لساني
وَامتِداحيكَ لا لشَيْءٍ، ولكِنْ = هَذَيانٌ مِنْ شاعرٍ مَجّانِ

طَفِقَتْ تَلومُ، وَلاتَ حينَ مَلامِهِ، = لا عِنْدَ كبَْرَتهِ، وَلا إحْجَامِهِ
لمْ يُرْوَ مِنْ مَاءِ الشّبَابِ، وَلا انجلتْ = ذَهَبِيّةُ الصّبَوَاتِ عَنْ أيّامِهِ

جَادَ الذَّفافيَّ، في أرْضِهِ، = رُكَامُ الغَمامِ على ظُلْمِهِ
أخٌ ليَ لمْ تَتّصِلْ نِسْبَتي = بِقُرْبَى أبيهِ، وَلا أُمّهِ

قُلْ للجَنُوبِ: إذا غَدَوْتِ فأَبْلِغي = كَبِدي نَسيماً مِنْ جَنَابِ نَسِيمِ
أخُدِعْتُ عَنكَ، وأنْتَ بَدْرٌ خادعٌ = لِلّيْلِ عَنْ ظُلَمٍ لَهُ، وَغُيُومِ

عَنْ أيّ ثَغْرٍ تَبْتَسِمْ، = وَبِأيّ طَرْفٍ تَحْتَكِمْ ؟
حَسَنٌ يَضَنُّ بحُسْنِِهِ، = والحُسْنُ أشْبَهُ بالكَرَمْ

ألا هَلْ أتَاهَا، بالمَغِيبِ، سَلاَمي، = وَهَلْ خَبَرَتْ وَجدي بها وَغَرَامي؟
وَهَلْ عَلِمَتْ أنّي ضَنِيتُ، وَأنّها = شِفَائيَ مِنْ دَاءِ الضّنَى، وَسَقَامي

نُطالِبُ بِشْراً بِسُقْيا المُدَام = ، وَبِشْرٌ يُطالِبُنا بالثَمَنْ
أمِنْ عَادَةٍ لَكَ في بَيْعِها، = أمِ البُخلُ مِنْكَ طَرِيقٌ قَمِنْ ؟

أَميرَ المُؤْمنين لَقَدْ سَكَنَّا = إِلى أَيَّامِكَ الغُرِّ الحِسَانِ
رَدَدْتَ الدِّينَ فَذًّ ا بَعْدَمَا قَدْ = أَراهُ فِرْقَتَيْنِ تَخَاصَمَانِ

حُرِمْتُ النُّجْحَ حِرْماناً مُبِينَا = وَدافَعَ ظَالِمِي حِيناً فحِينا
وَأَصْبَحَ قَدْ تَعَرَّضَ دُونَ حَقِّي = أَخَسُّ قُضَاتِكمْ حَسَباً وَدِينا

لا جَديدُ الصِّبَا، وَلاَ رَيَعَانُهْ = رَاجعٌ بَعدَمَا تَقَضى زَمَانُهْ
يأشَرُ الفَارِغُ الخَليُّ، ويَأسَى = مُترَعُ الصّدْرِ مِنْ جَوًى مَلآنُهْ

وَثِقْتُ بسَعْدٍ، فَما أفلَحَتْ = أمانَةُ سَعْدٍ، وَلا خَوْنُهُ
وَقَدْ بُزّ أدْهَمُهُ لَوْنَهُ، = فَرَاحَ سَوَاءً، وَبِرْذَوْنُهُ

أُمْرُرْ عَلى حَلَبٍ ذاتِ البَساتِينِ، = وَالمَنظَرِ السّهلِ، وَالعَيشِ الأفَانِينِ
وَقُلْ لِدُحْمَانَ ، إنْ وَاجَهْتَ جُمّتَه، = تَقُلْ لمُضْطَرِبِ الأخلاقِ مأفُونِ

لَعَمْرُكَ ما أَبُو فَهْمٍ لِفَهْمٍ = صَحِيحاً في الْوَلاَءِ وَلا صَمِيمَا
مَتَى دُعِيَ الكِرَامُ إِلى المَسَاعِي = تَقَاعَسَ دُونَها ابْنُ ابْرَهِيمَا

يا أبَا الصّقْرِ، وَعدُكَ المَضْمُونُ، = وَالمَوَاعيدُ، في الكِرَامِ، دُيُونُ
رُفِعَتْ نَحْوَكَ الأكُفُّ ومُدَّتْ ، = لاِنْتِظَارٍ قَصْداً إلَيكَ العُيُونُ

تَبًّا لِلَحْمِكَ أَيُّها اللَّحَّام ، = وَلِخُبْزِكَ الوَتِحِ الَّذِي تَسْتَامُ
باكَرْتَ خَلَّتَنَا ورأَسُكَ أَشْيَبٌ = ولَوَيْتَ حاجَتَنَا وأَنْتَ غُلامُ

مَنْ مُبْلِغُ الطَّائِيِّ وَهْوَ مُخَيِّمٌ = بالْحِيرَةِ الْبيْضَاءِ أَو كُوفَانِ
أَنَّ الزِّيادةً يَوْمَ رُمْتَ زِيادَتي = عادَتْ عَليَّ بأَكْبَرِ النُّقْصَانِ

عِنْدَ ظِبَاءِ الرَّمْلِ أَوْ عِينِهِ = قَلْبُ مَشُوقِ القَلْبِ مَحْزُونِهِ
يُهَوِّنُ الهَجْرَ خَلِيٌّ = ولَوْ يَعْشَقُ مَا قَالَ بِتَهْوِينِهِ

إنّ طَيْفاً يزُورُني في المَنامِ، = لَخَلِيٌّ منْ لَوْعَتي، وَغَرَامي
غَادَةٌ بِتُّ أحْمِلُ اللَّوْمَ فِيهَا، = وَعَنَاءُ المُحِبّ طُولُ المَلامِ

رأيتُكَ تُنْجِزُ ما لَمْ تَعِدْ = وفاءً ، وتَفعَلُ ما لمْ تَقُلْ
سأَلْتُ بِقَدْرِي ، فأَعْطَيْتَني = بِقَدْرِك تُضْعِفُ نَصْفاً بِكُلْ

غُروبُ دَمْعِ مِنَ الأَجْفَانِ تَنْهَمِلُ = وحُرْقَةٌ بِغَلِيلِ الحُزْنِ تَشْتَعِلُ
ولَيسَ يُطْفِىءُ نار الحُزْنِ إِذ وَقَدَتْ = عَلَى الجَوَانحِ إِلاَّ الوَاكِفُ الخَضِلُ

رأَيتُ الرِّياضَ الزُّهْرَ يُونَقُ نَوْرها = مُدَبَّجَةَ الأََرْجَاء مَوْشِيَّةَ الحَفْلِ
تَرَوَّتْ بدَاراتِ الغَمَامِ وقَدْ سَرَى = فَنَظَّمَ فِي أَوْرَاقِها لُؤْلُؤَ الطَّلِّ

قَدْ تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي = وَبِذَا سُمِّيَ الخَلياُ الخَلِيلاَ
وإِذا مَا نطَقْتُ كُنْتَ صَحِيحاً = وإِذا مَا سَكَتُّ كُنْتَ عَليلاَ

قَبَّلْتُها مِنْ بَعيدٍ فانْثَنَتْ غَضَباً = وقَدْ تَبَيَّنَ فِيهَا التِّيهُ والخَجَلُ
ومَسَّحَتْ خَدَّها مِنْ قُبْلَتِي ،ومشَتْ = كَأَنَّها ثَمِلٌ أَو مَسَّها خَبَلُ

أَلاَ إِنَّ عَلْواً أَفْسَدَتْنِي عَلَى أَهْلِي = وَقَدْ صِرْتُ من عَلْوٍ عن النَّاسِ في شُغْلِ
وإِنِّي ، وكِتْمَانِي هَوَاها وقد فَشا ، = كَذِي الجَهْلِ تَحْتَ الثَّوْبِ يَضْرِبُ بالطَّبْلِ

قالُوا مَطَايَا التي تَهْوى سَتَرْتَحِلُ = في يوْمِنَا أَو غَدٍ ، والبَيْنُ مُقْتَبِلُ
فأَضْرَمُوا ، إِذْ أَشَاعُوا البَيْنَ ،في كَبِدِي = والقَلْبِ نارَ الهَوى والشَّوقِ تَشْتَعِلُ

عسَى آيِسٌ من رَجعةِ البَينِ يُوصَلُ، = وَدَهْرٌ تَوَلّى بالأحِبّةِ يُقْبِل
أيَا سَكَناً فاتَ الفِرَاقُ بأُنْسِهِ، = وَحالَ التّعَادي دُونَهُ وَالتّزَيّلُ

أُنَبِّيكَ عَن طَوْلِ الأَميرِ وفَضْلِهِ = وعَنْ جَدِّهِ في المَكْرُماتِ وهَزْلِهِ
كَريمٌ أَبَى إِلاَّ التَّفَضُّلَ إِنَّهُ = لِدِينَارِهِ إِرْثٌ قَدِيمٌ وَسَهْلِهِ

وَعَدْتَ بِرْذَوْناً فَرَدَّدْتَني = إلَيْكَ، حتّى قَامَ بِرْذَوْني
وَكانَ مَصْقُولَ النّوَاحي، إذا = رَأيْتَهُ مُسْتَغْرَبَ اللّوْنِ

فُؤَادِي منكَ مَلآنُ، = وَسرّي فيكَ إعلانُ
وأنْتَ الحُسنُ لَوْ كَا = نَ وَرَاءَ الحُسنِ إحْسَانُ

رَحَلْتُ عنكَ رَحيلَ المرْءِ عن وَطَنهْ، = وَرِحلَةَ السّكنِ المُشتاقِ عن سكَنِهْ
وَما تَباعَدْتُ، إلاّ أنّ مُستَتِراً = منَ الزّمانِ نأتْهُ الدّارُ عَن جُنَنِهْ

طَيفٌ لعَلْوَةَ ما يَنفَكُّ يأتيني، = يَصْبُو إليّ، على بُعْدٍ، وَيُصْبيني
تَحيّةُ الله تُهْدَى، وَالسّلامُ على = خَيَالِكِ الزّائِرِي وَهْناً، يُحَيّيني

عَذِيريَ منْ وَاشٍ بهَا لَمْ أُوَالهِ = عَلَيها، وَلَمْ أُخْطِرْ قِلاَها ببَالِهِ
وَمنْ كَمَدٍ أسْرَرْتُهُ، فأذاعَهُ = تَرَادُفُ دَمْعٍ مُسْهِبٍ في انْهمَالِهِ

جُمِعَتْ أُمُورُ الدّينِ بَعدَ تَزَيُّلِ، = بالقَائِمِ، المُسْتَخلِفِ، المُتَوَكّلِ
بِمُوَفَّقٍ للصّالحَاتِ، مُيَسَّرٍ، = وَمُحَبَّبٍ، في الصّالحينَ، مُؤمَّلِ

إِنِّي لآمُلُ صُنْعَ اللهِ في حَسَنٍ = وابْنُ الطَّبَخْشيَةِ اللَّكْعَاء مَذْمُومُ
إِذا تَوَاصَى بِيَ الطَّائيُّ لم أَرَ لِلْحِــ = ــرْمَانِ شَخْصاً ، ولَمْ يَعْلُقْ بيَ الشُّومُ

سَقَى رَبْعَها سَحُّ السّحابِ وَهَاطِلُهْ، = وإنْ لمْ يُخَبِّرْ آنِفاً مَنْ يُسَائِلُهْ
وَلاَ زَالَ مَغْنَاهَا بمُنْعَرَجِ اللّوَى، = مُرَوَّضَةً أجْزَاعُهُ، وجَراولُُهْ

قَدْ مَرَرْنَا بِزَحْوَلٍ يَوْمَ دَجْنٍ = فأَتَانا بِعِدْلِ فَحْمٍ تُغَنِّي
خُنْفَسَاءٌ أَعْمَتْ مِنَ الْفُبْحِ عَيْنِي = وأَصَمَّتْ بِسَيِّىءِ الْقَوْلِ أُذْنِي

ما تُقَضّى لُبَانَةٌ عِنْدَ لُبْنَى، = والمُعَنّى بالغَانِيَاتِ مُعَنّى
هَجَرَتْنا يَقظَى، وكادتْ، على عا = دَاتِهَا في الصّدودِ، تهجرُ وَسنَى

لي إِلى الرَّيحِ حاجَةٌ إِن ْقَضَتْهَا = كُنْتُ لِلرِّيح ما بَقِيتُ غُلاَمَا
حَجَبُوهَا عَنْ الرِّياحِ لأَني = قُلتُ للرِّيح : بَلِّغِيهَا السَّلاَمَا

وبِي فَضلَةٌ أَن أَغْتَدِي غَيْرَ شَاكِرٍ = لأَنْعُمِهِ أَو يَغتَدِي غَيْرَ مُنْعِمِ
وما أسْتَعْبَدَ الْحُرَّ الكَريمَ كَنِعْمَةٍ = يَنَالُ بِها عَفواً ولَمْ يَتَكَلَّمِ

الله، الله، يا أبَا الحَسَنِ، = في آلِ وَهْبٍ كَوَاكِبِ اليَمَنِ
لا تُغرِيَنْ شُؤمَكَ القَديمَ بِهمْ، = فيُصْبِحُوا كالرّسومِ وَالدِّمَنِ

وأَمرُّ مِنْ عِلَلِي تَخَلِّي ناظِري = عَنْ حُسْنِ وَجْهِ خَلِيفَةِ الرَّحْمنِ
البَرْجُ مِنْ رَحَبٍ ومِنْ تَمُّوزِهِ = والعَيْشُ فِي آبٍ وفي شَعْبَانِ

عَذيري فيكِ مِنْ لاحٍ، إذا مَا = شَكَوْتُ الحُبّ حَرّقَني مَلاَمَا
فَلا وأبيكِ، ما ضَيّعْتُ حِلْماً، = وَلاَ قَارَفْتُ في حُبّيكِ ذَامَا

أكَانَ الصّبا إلاّ خَيالاً مُسَلِّما، = أقَامَ كَرَجْعِ الطّرْفِ، ثمّ تَصَرّما
أرَى أقصَرَ الأيّامِ أحْمَدَ في الصِّبا = وأطْوَلَهَا مَا كَانَ فيهِ مُذَمَّمَا

أَيُّمَا خُلَّةٍ وَوَصْلُ قَدِيمِ، = صَرَمَتْهُ مِنّا ظِبَاءُ الصّرِيمِ
نَافِرَاتٌ مِنَ المَشيبِ وَقَدْ كُنّ = سُكُوناً إلى الشّبَابِ المُقيمِ

ما جَوُّ خَبْتٍ، وَإنْ نأتْ ظُعُنُهْ، = تارِكَنا، أو تَشُوقَنَا دِمَنُهْ
يَعُودُ للصَّبّ بَرْحُ لَوْعَتِهِ، = إنْ عاوَدَ الصَّبَّ في دَدٍ دَدَنُهْ

يَكَادُ عَاذِلُنَا في الحُبِّ يُغْرينَا = فَمَا لَجَاجْكِ فِي لَوْمِ المُحِبِّينَا
نُلْحَى عَلَى الوَجْدِ مِنْ ظُلْمٍ ، فَدَيْدَنُنَا = وَجْدٌ نُعَانِيهِ أَو لاَحٍ يُعَنِّينَا

يَهُونُ عَلَيْهَا أنْ أبِيتَ مُتَيَّما، = أُعالجُ وَجْداً في الضّمِيرِ مُكَتَّمَا
وَقد جاوَزَتْ أرْضَ الأَعادِي وأصْبَحَتْ = حِمَى وَصْلِها مذ جاوَرَتْ أبرَقَ الحِمَى

بِاللهِ يَا رَبْعُ لَمَّا ازْدَدْتَ تِبْيَانا = وقُلْتُ في الحَيِّ لَمَّابَانَ لِمْ بَانَا
لَيْلٌ بِذِي الطَّلْحِ لَمْ تَثْقُلْ أَوَاخِرُهُ = أَهْوَى لِقَلْبِيَ مِنْ لَيْلٍ بُعُسْفَانَا

أعَنْ سَفَهٍ، يَوْمَ الأُبَيْرِقِ، أمْ حِلْمِ = وُقُوفٌ برَبْعٍ، أوْ بُكَاءٌ على رَسْمِ؟
وَمَا يُعْذَرُ المَوْسُومُ بالشّيبِ أنْ يُرَى = مُعَارَ لِبَاسٍ للتّصَابي، وَلا وَسْمِ

عَزَمْتُ عَلى المَنَازِلِ أنْ تَبينَا، = وَإنْ دُمْنَ بَلِينَ كمَا بَلِينَا
نُمَتَّعُ مِنْ تَداني مَنْ قَلِينَا، = وَنُمْنَعُ مِنْ تَداني مَنْ هَوينَا

لامَتْ ، عَلَى أَنَّها في الدَّمْعِ لم تَلُمِ ، = لكِنْ عَلَى أَنَّ فَيْضَالدَّمْعِ لَمْ يَدُمِ
واسْتَشْعَرَتْ أَلماً لَمَّا رأَتْ أَلَمِي = من حادِثِ البَيْنِ أَنْسَانِي جَوَى الأَلَمِ

كُفِّي المَلاَمَةَ أَو دُومِي عَلَى العَذَلِ = ما اللَّوْمُ أَكْثَرُ هِمَّاتي ولا شُغُلِي
لَوْ ذُقْتِ مَا ذُقْتُهُ مِنْ حَرِّ بَيْنِهِمُ = لَكُنْتِ فِي شُغُلٍ عنِّي وعَنْ عَذَلِي

عَنَاني مِنْ صُدُودِكِ ما عَنَاني، = وَعَاوَدَني هَوَاكِ، كَمَا بَدَاني
وَذَكّرَني التّبَاعُدُ ظِلَّ عَيْشٍ = لَهَوْنَا فيهِ، أيّامَ التّداني

لَيسَ الزّمَانُ بمُعْتِبٍ ، فذَرِيني = أرْمِي تَجَهّمَ خَطْبِهِ بجَبيني
وَخْدُ القِلاَصِ يَرُدُّني لكِ بالغِنَى = في بَعضِ ذا التّطَوَافِ أوْ يُرْديني

كُلُّ أَخْلاَقِ عَلِيٍّ = نَجْتَوِيها ، ونَذُمُّهْ
هُوَ قِرْدٌ حِينَ يَبْدُو = غَيْرَ أَنَّا لاَ نَكُمُّهْ

أَرَى العَرَبَ الْتاثَتْ عَوَائدُ فَضْلِها = فمُسْتَبْطَاً فِي حَاجَتي ولَئِيمُ
فَما نصَرَتْني الأَزْدُ مَرْجُوّ نَصْرِها ، = ولا رَجَعَتْ حَقِّي إِلَيَّ تَمِيمُ

كَلَفِي مَا أَرَاهُ عَني يَرِيمُ = وصُرُوفُ النَّوَى عَذَابٌ أَلِيمُ
يَا أَبَا الْهَيْثَمِ الَّذِي شَيَّد المَجْدَ = لَهُ وَالِدٌ وَجَدٌّ كَرِيمُ

اللَّوْمُ مِنْكَ وإِنْ نَصَحْتَ غَرَامُ = إِذْ حَظُّهُ مِن مِثلِيَ الإِرْغامُ
حُبُّ الصِّبَا ــ لا حُبَّ إِلاَّ وَهْوَ لا = يَبْقَى لمُدَّتِهِ ــ وأَنت لِزامُ

لأَمُوتَنَّ بِغَمِّي = فِي هَوَى مَنْ لا أُسَمِّي
ذَهَبَتْ نَفْسِيوإِنْ كُنْتُ = عَلَى النَّاسِ أُعَمِّي

فَلا تَحْسبِ الغُنْمَ جَمْعَ التِّلادِ = فإِنَّ النَّجَاةَ هِيَ الْمَغْنَمُ
وَلَيْتَ النَّجَاءَةَ للمُنْصِفِين = تُرَجَّى ، فكَيْفَ لمَنْ يَظْلِمُ

وَفي بَقَايا الْفُؤَادِ نَارٌ = تُوقَدُ فِي قَلْبِ مُسْتَهَامِ
وقَد نَهَاني عَنِ الغَوَانِي = مَا أَخَذَ الشَّيبُ مِنْ عُرَامِي

لا يُحْمَدُ السَّجْلُ حَتَّى يُحْكَمَ الوَذَمُ = ولا تُرَدُّ بِغْيرِ الْوَاصِلِ النِّعَمُ
وفي الجَوَاهِرِ أَشْبَاهٌ مُشَاكِلَةٌ = ولَيْسَ تَشْتَبِهُ الأَنْوَارُ والظُّلَمُ

يَا خَلِيلَيَّ والأُيُورُ أَمَانَهْ = والبُظُورُ المُبَقَّيَاتُ دِيَانَهْ
لم تُغِبَّ الخِتَانَ أُمُّ مُويْسٍ = أَنَّهَا لَم تَجِدْ كِرَا الخَتَّانَهْ

أُثَيْلُ العَقيقِ إلى بَانِهِ، = فَعُفْرِ رُبَاهُ، فَقيعَانِهِ
مَغَانٍ لوَحْشٍ تَصِيدُ القُلُو = بَ عُيُونُ مَهَاهُ وَغِزْلانِهِ

بانَ الشَّبَابُ ، وكلُّ شيءٍ بَائِنُ = والمَرْءُ مُرْتَهَنٌ بِمَا هُوَ كَائِنُ
ظَعَنَتْ بهِ أَيَّامُهُ وشُهُورُهُ = إِنَّ المُقِيمَ عَلَى الحَوَادِثِ ظاعِنُ

يا سَوْءَتَا مِنْ طِلاَبي يَا أَبَا الحَسَنِ = أَخْلَيْتُ ظَهْرِي لهُ من مُثْقَل المِنَنِ
بابُ الأَمِيرِ خَلاَءٌ لا أَنيسَ بهِ = إِلاَّ امْرُؤٌ وَاضِعٌ كَفًّا عَلَى ذَقَنِ

قَلّمَا لا تَتَصَبّاني الدّمَنْ، = وَتُعَنّيني بذِكْرَى مِنْ شَجَنْ
وَاجِداً غَايَةَ صَدْرٍ مِنْ جَوًى؛ = ناشِداً بُلغَةَ عَيْنٍ مِنْ وَسَنْ

كَمْ من وُقُوفٍ على الأطلال وَالدِّمَنِ، = لم يَشفِ، من بُرَحاءِ الشّوْقِ، ذا شجنِ
بَعضَ المَلامَةِ، إنّ الحُبّ مَغلَبَةٌ = للصْبرِ، مَجْلَبَةٌ للبَثّ وَالحَزَنِ

لَجّ هذا الحَبيبُ في هِجْرَانِهْ، = وَغَدا، والصّدُودُ أكبرُ شَانِهْ
وَالذي صَيّرَ المَلاَحَةَ في خَـ = ـدّيهْ،وَقْقاً والسّحْرَ في أجْفَانِهْ

طَيفٌ تأوّبَ مِنْ سُعدَى، فَحَيّاني، = أهْواهُ، وَهْوَ بَعيدُ النّوْمِ يَهْوَاني
فَيَا لَهَا زَوْرَةً يَشفَى الغَليلُ بهَا، = لَوْ أنّهَا جُلِبتْيَقظَى ليَقظانِ

أَذُمُّ إِلَيْكَ تَغْلِيسَ الدُّجُونِ = ولَمْعَ البَرْقِ في زَجِلٍ هَتُونِ
ومَيْلَهُمَا بِعَزْمِ أَبِي عَلِيٍّ = إِلى صَهْبَاءَ تُشْرِقُ فِي الْعُيُونِ

لَعَمْرُكَ ما يَنْفَكُّ يَخْطُرُ بَيْنَنَا = مَعَ الرُّومِ حَرْبٌ بالقَنَا والمَنَاصِلِ
نُقَارِعُهِمْ بالمَوْتِ دُونَ بنَاتِهِمْ = مُقَارعَةَ الأُسْدِ الغِضَابِ البَوَاسِلِ

أقُولُ لعَنْسٍ، كالعَلاة، أمُونِ = مُضَبَّرَةٍ، في نِسْعَةٍ وَوَضِينِ
تَقي السّيرَ، إنْ جاوَزْتِ قِلّةَ ساطحٍ، = وَضَمَّكِ في المَعرُوفِ بَطنُ طَرُونِ

عَلَى ابْنِ المُغِيرَةِ أَنْ يُقْتَلاَ = وَإِنْ كَانَ لِلبيْتِ مُسْتَقبِلاَ
تَرَى وَجْهَهُ أَبَداً كالِحاً = وعَنْ نَعَمٍ فَمَهُ مُقْفَلاَ

كم في بني الرُّومِ مِنْ أُعْجُوبَةٍ مَثَلِ = وَفي بَنِي العُرْبِ مِنْ ذِي نَجْدَةٍ بَطَلِ
إِنَّا بِأَسْيَافِنا نَعْلُو أَكَابِرَهُمْ = قَسْراً ، وتَقْتُلَنَا الولْدَانُ بالمُقَلِ

خيَالٌ مُلِمٌّ، أو حَبيبٌ مُسَلِّمُ، = وَبَرْقٌ تَجَلّى، أَم حَرِيقٌ مُضَرَّمُ
لَعَمْرِي، لقد تامتْ فُؤادَكَ تَكتُمُ، = وَرَدّتْ لكَ العِرْفَانَ، وهوَ تَوَهُّمُ

لَعَمْرِي لَئِنْ أَخلَقْتُ ثَوْبَ التَّغزُّلِ = وأَصْبَحْتُ عَنْ عَيْنِ الغَيُورِ بِمَعْزِلِ
وأَعْرَضْتُ عَنْ رِيِّ الصَّبُوحِ تَبلُّداً = وأَقْصَرَ جَهْلِي مِنْ مَراحِ التَّبَطُّلِ

الآنَ أَيْقَنْتُ أَنَّ الرِّزْقَ أَقسَامُ = لمَّا تَقلَّدَ أَمْرَ البُرْدِ حَجَّامُ
صَانَ القِوَارِيرَ خَوْفَ العَزْلِ في سَفَطٍ = فِيهِ مَشَارِطُ لا تُحْصى وأَجْلاَمُ

فَأَحْسَنُ ما قالَ امْرؤٌ فِيكَ دَعْوَةٌ = تَلاَقَتْ عَلَيْها نِيَّةٌ وقُبُولُ
وشُكرٌ كأَنَّ الشَّمسَ تُعْنَى بنَشرهِ = فَفِي كُلِّ أَرْضِ مُخْبِرٌ ورَسُولُ

حَانَ أَن تَنْصُلَ العِدَاتُ عن النُّجْحِ = ، وأَن يَقطَعَ الحَيَا الإِكْرَامُ
فَدَعِ المَطْلَ راشِداً فهو مَيْدَانٌ = تَرُوضُ فيهِ النُّفُوسُ اللِّئامُ

خَيَالٌ يَعْتَرِيني في المَنَامِ، = لسَكْرَى اللّحْظِ، فاتِنَةِ القَوَامِ
لعَلْوَةَ، إنّها شَجَنٌ لنَفْسِي، = وَبَلْبَالٌ لقَلْبي المُسْتَهَامِ

هذا الرَّبِيعُ كأَنَّمَا أَنوَارُهُ = أَوْلادُ فَارسَ في ثِيَابِ الرُّوم
وتَرَى الخِلافَ كشَارِبٍ مِنْ قَهْوَةِ = ثَمِلٍ إِلى شُرْبِ المُدَامَة ِيُومي

مَا ليَ لا يَرْحَمُنِي مَنْ أَرحَمُهْ = يَظْلِمُ بالهِجْرانِ مَنْ لا يَظْلِمُهْ
يُخْطِىءُ سَهْمِي ، وتُصِبيبُ أَسْهُمُهْ = وَإِنَّما أَسْقَمَ قَلْبِي مُسْقِمُهْ

أَنْتَ الرَّبيعُ الَّذي تَحْيَا الأَنَامُ به = كُلٌّ يَعِيشُ بفَضلِ مِنكَ مَقسُومِ
وما السَّحَابُ إِذا ما انحَازَ عن بَلَدٍ = وجَازَ مِيقَاتَهُ فيهِ بمَذمُومِ َ

باللهِ أُقسِمُ لو مُلِّكْتُ أَلْسِنَةً = تَبُثُّ شُكْرَكَ من قَرْني إِلى قَدَمِي
لَمَا وَفَيْتُ لِمَا أَوْلَيْتَ مِنْ حَسَنٍ = ولا نَهَضتُ بِمَا حَمَّلتَ مِنْ نِعَمِ

ولَقدْ جَمَعْتَ فَضَائِلاً مَا اسْتُجْمِعَتْ = يَفنَى الزَّمَانُ وذِكرُهَا لم يَهْرَمِ
مِنْ صِدْقِ قَوْلِكَ تَبْتَدِي ، وإِلى فِعَالِكَ = تَنتَهي ، وإِليْكَ أَجْمَعُ تَنْتَمِي

أبَا حَسَنٍ! أنتَ وَشْكُ الأجَلْ، = وثُُكْلُ الغِنى وَانتِقالُ الدّوَلْ
زَعَمْتَ بأنّكَ لَستَ الدّمَارَ، = وَلَستَ العِثارَ، وَلَستَ الزّلَلْ

أَجِدَّكِ إِنَّ لَمَّاتِ الخَيَالِ = لَمُذْكِرتي بِسَاعَاتِ الوِصَالِ
تُؤَرِّقُني إِذا الرُّقَباءُ نَامُوا = أَناةُ الْخَطْو فَاتِنَةُ الدَّلاَلِ

سَقَى دارَ لَيلى، حيثُ حَلّتْ رُسُومُها، = عِهَادٌ منَ الوَسميّ وُطْفٌ غُيُومُهَا
فَكَمْ لَيْلَةٍ أهْدَتْ إليّ خَيَالَها، = وَسَهْلُ الفَيَافي دُونَها، وَحُزُومُها

شاقَني بالعِرَاقِ بَرْقٌ كَليلُ، = وَدَعَاني للشّامِ شَوْقٌ دَخيلُ
وَأرَى هِمّتي تُكَلّفُني حَمْـ = ـلَ أُمُورٍ، خَفيفُهُنّ ثَقيلُ

يا قَبرَ يَحْيَى! لا عَدِمْتَ تحيّةً = مِنْ كُلّ ذاتِ تَبَسُّمٍ وتَرَنُّمٍ
فيمَ المَرَامُ لرَأيِ صَاحِبِ هِمّةٍ، = قُتِلَتْ بها نُوَبُ القَضَاءِ المُبْرَمِ

أتَرَى الزّمَانَ يُعَيدُ لي أيّامي = بَينَ القُصُورِ البِيضِ، وَالآطَامِ
إذْ لا الوِصَالُ بخُلْسَةٍ فيهِمْ، وَلا = فَرْطُ اللّقَاءِ لَدَيْهِمِ بِلِمَامِ

إنّ السّماحَةَ، والتَّكُرُّمَ، والنّدَى، = لِفَتَى السماحةِ، أحمدَ بنِ الهَيثَمِ
جَعَلَتْهُ أخْلاقُ المُرُوءةِ غُرّةً = بَيْضَاءَ، في وَجْهِ الزّمانِ الأدْهَمِ

لم يَكُنْ بالكَريمِ فِعْلاً ، ولا الْبَارِعِ = فَضْلاً ، فَضْلُ بْنُ عبد الكَريمِ
إِنْ يُسَافِرْ فِي صَالِحٍ من فَعَالٍ = غَلَطاً تَلْفَهُ سَرِيعَ القُدُوم

غَرَامٌ ما أُتيحَ مِنَ الغَرَامِ، = وَشَجْوٌ للمُحِبّ المُسْتَهَامِ
عَشيتُ عن المَشيبِ، غَداةَ أصْبو، = بذِكْرِكَ أوْ صَمَمْتُ عَنِ المَلاَمِ

يا ضَيْعَةَ الدّنْيَا وَضَيْعَةَ أهْلِهَا، = وَالمُسْلِمِينَ، وَضَيْعَةَ الإسْلامِ
طلَبتْ دخولَ الشّرْكِ في أرْضِ الهدى = بَينَ المِدادِ، وَألْسُنِ الأقْلامِ

عَهْدِي بِرَبْعِكَ مُثَّلاً آرَامُهُ = يُجْلَى بِضَوْءِ خُدُودِهِنَّ ظَلاَمُهُ
إِلْمَامةً بالدَّارِ ، إِنَّ مُتَيَّماً = يَكْفِيهِ أَكْثَرَ شَوْقِهِ إِلْمَامُهُ

بِأَبِي أَنْتَ ،يابْنَ وَهْبٍ ، وأَمِّي = وخُؤْولِي مِنْ طَيّىءٍ ، وعُمُومِي
حِينَ مَرَّتْ بِنَا السَّحَابُ أَرَتْنا = خُلُقاً مِنْكَ لَيْسَ بالمَذْمُومِ

يَا مَغَاني الأحْبَابِ صرْتِ رُسُومَا، = وَغَدَا الدّهْرُ فيكِ عِندي مَلُومَا
ألِفَ البُؤسُ عَرْصَتَيكِ، وَقد كُنْـ = ـتِ لَنَا قَبْلُ روْضَةً، وَنَعيما

قَد فقَدْنا الوَفاءَ فَقدَ الحَميمِ، = وَبَكَينَا العُلاَ بُكَاءَ الرّسُومِ
لا أُمِلُّ الزّمَانَ ذَمّاً، وَحَسْبي = شُغُلاً أنْ ذَمَمْتُ كُلّ ذَميمِ

بَرْقٌ أضَاءَ العَقيقُ منْ ضَرَمهْ، = يُكَشِّفُ اللّيلَ عن دُجَى ظُلَمهْ
ذَكّرَني بالوَميضِ، حينَ سرَى، = من ناقضِ العَهْدِ، ضَوْءُ مُبتَسَمهْ

مُغَنّيكَ، للبُغضِ، فيهِ سِمّهْ، = تَلُوحُ عَلى خِلقَةٍ مُبْهَمَهْ
تَزِيدُ الإهَانَةُ في شَأْنِهِ = صَلاحاً، وَتُفسِدُهُ التّكْرِمَهْ

أعَلْتَ بَني وَهْبٍ على العالَمِ، = في حادِثِ الدّهْرِ وَفي القادِمِ
خَلائِقٌ بَرَزْنَ طُرّاً، وَمَا = كُلُّ سُيوفِ الهِنْدِ بِالصّارِمِ

إذا شِئْتَ فاندُبْني إلى الرّاحِ، وانعَني = إلى الشَّرْبِ مِنْ ذي خِلّةٍ وَنَدِيمِ
أمِيلُوا الزّجاجَ الصّفْوَ عَنّي، فإنكُمْ = أقْمْتُمْ، وَمَا شَخصِي لَكُمْ بمُقيمِ

رَأيتُ البَحبَحانيّ اسْتَقَلّتْ = رَكَائِبُهُ بحِرْمَانٍ عَظيمِ
إذا رَامَ التّخَلّقَ جَاذَبَتْهُ = خَلائِقُهُ إلى الطّبْعِ القَدِيمِ

سَطَا فَمَا يَأمَنُهُ خِلُّهُ، = أحْوَى سَقيمُ الطّرْفِ مُعْتَلُّهُ
أبْدَى ثَنَاياهُ، فَقُلْنَا لَهُ: = أوَرَقُ النّرْجِسِ أمْ طَلُّهُ

كَثّرْتَ وَفْرِي، بَعدَ إقْلال، = وَزِدْتَ منْ حَالكَ في حَالي
وَما تَقَضّتْ مِنْكَ أُكْرُومَةٌ، = في سَالِفِ الدّهْرِ، وَلا التّالي

ما كَسِبْنَا مِنْ أحْمَدَ بنِ عَليٍّ، = وَمِنَ النّيْلِ غَيرَ حُمّى النِّيلِ
وَضَلالٌ مِنّي، وَخُسْرَانُ سَعْيٍ، = طَلَبي النَّيْلَ عِنْدَ غَيرِ مُنيلِ

ذكّرَتْنيكَ رَوْحَةٌ للشَّمُولِ، = أوْقَدَتْ غُلَّتي وَهاجَتْ غَليلي
ليتَ شعرِي، يابْنَ المُدبِّرِ، هل يُدْ = نيكَ فَرْطُ الرّجاءِ، وَالتّأميلِ

أقِمْ عَلّها أنْ تُرْجعَ القَوْلَ، أوْ عَلَيّ = أُخَلِّفُ فيها بَعضَ ما بي منَ الخَبَلِ
هيَ الدّارُ، إلاّ ما تَخَوّنَهُ البِلَى، = وَعَفّى لَجَاجُ الرّيحِ والرّائِحِ الوَبْلِ

أَصُدُودٌ غَلاَ بِهَا أَمْ دَلاَلُ = يَوْمَ زُمَّتْ بِرامَةَ الأَجْمَالُ
أَعَرَضَتْ عَطْفَةَ القَضِيبِ، وحَادَثْ = مِنْ قَرِيبٍ كَمَا يَحِيدُ الغَزَالُ

تَزَاجَرَ هَذا النّاسُ عَنّي، تَقِيّةً، = فَمَا بَالُ هَذا الطّاهرِيّ وَبَالي
يُساجِلُني، حتى كأنْ لَيسَ بُحتُرٌ = أبي، وَابنُ هَمّامِ بنِ مرّةَ خالي

وَشَاعِرٍ نِسْبَتُهُ = بحيلَةٍ مِنْ حِيَلِهْ
تُذْكِرُنا رُؤيَتُهُ = مُتَالِعاً مِنْ ثِقَلِهْ

بِمِثْلِ لِقَائِهَا شُفيَ الغَليلُ، = غَداةَ تَزَايَلَتْ تِلْكَ الحُمُولُ
بَعيدَةُ مَطلَبٍ، وَجَمادُ نَيلٍ، = فَها هيَ ما تُنالُ، وَلاَ تُنِيلُ

إنّ سَيْرَ الخَليطِ، حينَ اسْتَقَلاّ، = كانَ عَوْناً للدّمعِ حَتَّى استَهَلاّ
والنّوَى خِطّةٌ منَ الدَّهْْرِ ما يَنفكُّ = يُشجَى بهاِ المُحبُّ، وَيُبْلَى

للفَضْلِ أخْلاقٌٌ يَلقِنَ بفَضْلِهِ، = ما كانَ يَرْغَبُ مِثلُها عن مِثلِهِ
جَمَعَ المَكارِمَ كُلّهَا بخَلائِقٍ، = لمْ تَجتَمِعْ في سَيّدٍ مِن قَبْلِهِ

مَا أَتى عِنْدِيَ ابْنُ طَاهِرَ شَيْئاً = مِثْل حَطِّي إِلى ارْتِجَاءِ نَوَالِكْ
وَعَزِيزُ عَلَيَّ أَنْ أَنْزَلَتْني = مَثُلاَتُ الدُّنيا إِلى أَمثَالِكْ

صَب يُخَاطِبُ مُفْحَمَاتِ طُلُولِ، = مِنْ سائِلٍ باكٍ، وَمِنْ مَسْؤولِ
حَمَلَتْ مَعَالِمُهُنّ أعْبَاءَ البِلَى، = حَتّى كَأنّ نُحُولَهُنّ نُحُولي

لَوْ يَكُونُ الحِبَاءُ حَسْبَ الذي أنْــ = ـتَ لَدَيْنَا لَهُ مَحَلٌّ وأهْلُ
لَحَبَيْتُ اللّجَينَ والدُّرَّ واليَا = قُوتَ حَثْواً، وَكَانَ ذاكَ يَقِلّ

مَدحتُ أَبا العبَّاسِ لِلْحَيْنِ ضَلَّةً = أُؤَمِّلُ فِيهِ فَضْلَ مَنْ مالُهُ فَضْلُ
مدَحْتُ امْرَأً لَوْ كَانَ بالغَيْثِ ما بِهِ = لَمَا بَلَّ وَجْهَ الأَرضِ مِنْ قَطْرِهِ وَبْلُ

سَقاني القَهْوَةَ السّلْسَلْ = شَبيهُ الرّشَإِ الأكْحَلْ
مَزَجْتُ الرّاحَ مِنْ فيهِ = بمِثْلِ الرّاحِ، أوْ أفْضَلْ

رَاَيْتُ الفَضْلَ مِنْ فَرْضِ وقَرْضٍ = تَعَذَّرَ عِنْدَ آبَاءِ الفُضُولِ
وما أَسَدٌ وَلِيُّ يَدٍ فتُرْجَى = نَوَافِلُهُ ،ولا مَوْلَى جَمِيلٍ

يَأْبى الخَلِيُّ بُكَاءَ المَنْزِلِ الخَالي = والنَّوْحَ في أَرسُمٍ أَقْوَتْ وَأَطْلاَلِ
وذُو الصَّبَابَةِ ما يَنْفَكُّ يُنْصِبُهُ = وَجْداً تأَيُّدُ آيالدِّمنَةِ البَالِي

أَجَدَّ لنا مِنْكَ الوَدَاعُ انْتِوَاءَةً = وكُنتَ وما تَنْفَكُّ يَشْغَلُكَ الشُّغْلُ
فَوَاللهِ ما نَدْري الْولاَيةُ تَشْتكِي = عقابِيلَها فِي مُنْتَواكَ أَمِ الْغَزْالُ

قالتِ: الشَّيْبُ بَدا، قلتُ: أجَلْ، = سَبَقَ الوَقْتُ ضِرَاراً، وَعجِلْ
وَمَعَ الشّيبِ، عَلَى عِلاّتِهِ، = مُهْلَةٌ للّهْوِ حِيناً، وَالغَزَلْ

للهِ ما تَصْنَعُ الأَجْيادُ والمُقَلُ = والأُقْحُوانُ الشَّتِيبُ الواضِحُ الرَّتِلُ
تَرَنَّحَ الشَّرْبُ واغْتَالَتْ حُلُومَهُمُ = شَمْسٌ تَرَجَّلُ فِيهمْ ثُمَّ تَرْتَحِلُ

أمَحلّتَيْ سَلمَى، بكاظمةَ، أسلَما، = وَتَعَلّمَا أنّ الجَوَى ما هِجْتُمَا
هَلْ تَرْوِيَانِ، منَ الأحبّةِ، هائماً، = أوْ تُسعِدَانِ، على الصّبَابَةِ، مُغرَمَا

أُنْظُرْ إلى العَلْيَاءِ كَيفَ تُضَامُ، = وَمَآتِمِ الأحسابِ كَيفَ تُقَامُ
حُطََّتْ سُرُوجُ أبي سَعيدٍ، وَاغتَدتْ = أسيَافُهُ، دُونَ العَدُوّ، تُشَامُ

يا أخا الحارِثِ بنِ كَعبِ بنِ عمرو! = أشُهُوراً تَصُومُ أمْ أيّامَا
طالَ هذا الشّهرُ المُبارَكُ، حتى = قَدْ خَشِينَا بأنْ يَكُونَ لِزَامَا

دُموعٌ عَلَيها السّكبُ ضرْبَةُ لازِمِ، = تُجَدّدُ مِنْ عَهدِ الهَوَى المُتَقادِمِ
وَقَفْنَا، فحَيّيْنَا، لأهْلِكِ باللّوَى، = رُبُوعَ دِيَارٍ دارِسَاتِ المَعَالِمِ

بعَيْنِكِ لَوْعَةُ القَلْبِ الرّهِينِ، = وَفَرْطُ تَتَابُعِ الدّمعِ الهَتُونِ
وَقَدْ أصْغَيْتِ للوَاشِينَ، حَتّى = رَكَنْتِ إلَيهِمِ بَعْضَ الرّكُونِ

أتَرَاهُ يَظُنُّني، أوْ يَرَانِي، = نَاسِياً عَهْدَهُ الذي استَرْعَاني ؟
لا وَمَنْ مَدّ غَايَتي في هَوَاهُ، = وَبَلاني مِنْهُ بِما قَدْ بَلاَني

أحْرَى الخُطُوبِ بأنْ يكونَ عَظيمَا = قَوْلُ الجَهُولِ: ألا تَكُونُ حَليمَا
قَبّحْتَ مِنْ جَزَعِ الشّجيّ مُحَسَّناً، = وَمَدَحْتَ مِنْ صَبرِ الخَليّ ذَمِيمَا

بِالله أَولَى يَمِيناً بَرّةً، قَسَمَا، = ما كانَ ما زَعمَ الوَاشِي كمَا زَعَمَا
فكَيفَ يَترُكُني مَن لَستُ أتْرُكُهُ، = أسْيَانَ أنشُدُ حَبلاً منهُ مُنْصَرِما

عَسَتْ دِمَنٌ بِالأَبْرَقَيْنِ خَوَالِ = تَرْدُّ سَلاَمِي أَوْ تُجِيبُ سُؤَالي
إِذا مَا تَأَيَّا الرَّكْبُ فِيهَا تَبَيَّنُوا = ضَمَانَةَ مَتْبُولٍ وَصِحَّةَ سَالِ

لأَيَّةِ حالٍ أَعْلَنَ الوَجْدَ كاتِمُهْ، = وَأقْصَرَ، عَنْ داعي الصَّبَابَةِ، لائِمُهْ
تَوَلّى سَحابُ الجُودِ تَرْقَا سُجُومُه، = وَجادَ سَحابُ الدّمعِ تَدمى سوَاجِمُهْ

لَدَيْكَ هَوَى النّفسِ اللّجُوجِ وَسُولُهَا، = وَفيكَ المُنى لَوْ أنّ وَصْلاً يُنيلُها
وَقَدْ كَثُرَتْ مِنْكَ المُلاَحَاةُ في الهَوى، = وَلَوْ أنّهَا قَلّتْ لَضَرّ قَليلُها

هذي المَعاهِدُ مِنْ سُعَادَ، فَسَلِّمِ، = واسألْ، وإنْ وَجَمتْ، وَلم تَتَكَلّمِ
آيَاتُ رَبْعٍ قَد تَأبّدَ، مُنْجِدٍ، = وَحُدُوجُ حيٍّ، قَد تَحَمّلَ، مُتْهِمِ

هُوَيْنَاكَ مِنْ لَوْمٍ على حُبٍّ تَكَتّمَا، = وَقَصْرَكَ نَسْتَخبِرْ رُبُوعاً وأرْسُمَا
تَحَمّلَ عَنها مُنجِدٌ مِنْ خَليطِهِمْ، = أطاعَ الهَوَى، حتّى تَحَوّلَ مُتْهِمَا

على الحَيّ، سرْنا عَنهُمُ وأقَامُوا، = سَلامٌ، وَهل يُدني البعَيدَ سَلامُ
إذا ما تَدَانَيْنَا، فأنْتِ عَلاَقَةٌ، = وإمّا تَبَاعَدْنا، فأنتِ غَرَامُ

تَوَهَّمَ لَيْلَى وأظعَانَهَا، = ظِبَاءَ الصّرِيمِ، وَغِزْلاَنَهَا
بَرَزْنَ عَشِيّاً، فقُلْتُ استَعَرْ = نَ كُثْبَ السَّرَاةِ، وَقُضْبَانَهَا

هُمُ أُلَى رائِحُونَ، أو غَادُونَا = عن فرَاقٍ، تُُمسُونَ، أوْ مُصْبِحُونَا
فَعَلى العِيسِ في البُرَى تَتَبارَى = عَبرَةٌ أمْ عَلى المَهَا في البُرِينا

سَلاها كيْفَ ضَيّعَتِ الوِصَالا، = وَبَتّتْ منْ مَودّتِنا الحِبَالا
وَأضْحَتْ بالشّآمِ تَرَى حرَاماً = مُوَاصَلَتي، وَهِجْرَاني حَلالا

لَوْلاَ تُعَنّفُني لَقُلْتُ: المُنْزِلُ، = مَعْنًى تُبَيِّنُهُ، وَمَغْنًى مُشْكِلُ
وَبوَقْفَةٍ يَشْفِي غَلِيلَ صَبَابَةٍ، = وَيَقُولُ صَبٌّ مَا أرَادَ وَيَفْعَلُ

ذاكَ وَادي الأرَاكِ فاحبِسْ قليلا، = مُقصِراً مِنْ صَبابَةٍ، أوْ مُطيلا
قِفْ مَشوقاً، أوْ مُسعِداً، أوْ حَزِيناً = أوْ مُعيناً، أوْ عاذِراً، أوْ عَذُولا

تلكَ الدّيارُ، وَدارِساتُ طُلُولِها = طَوْعُ الخُطُوبِ دَقيقُها، وَجَليلُها
مَتْرُوكَةٌ للرّيحِ، بَيْنَ جَنُوبِهَا = وَشَمالِها وَدَبُورِها وَقَبُولِها

رِيحُ الشَّمَالِ أَتَتْ بِرِيحِ شَمَالِ = سَحَراً فَهاجَتْ سَاكِنَ البَلْبَالِ
واهاً بما جَاءَتْ بهِ ، وَاهاً لهُ = أَحْيَتْ بِهِ مَا ماتَ مِنْ أَوصالِي

لمَّا حَصَلْنا عَلَى العَشْرِ الَّتي بَقِيَتْ = وأَدْبرَ الشّهْرُ عنَّا بَعْدَ إِقْبَالِ
وآنسَتْ لَهَواتِي بَعْد ما لَفَظَتْ = طَعْمَ الصيِّيَام حَدِيثاً طَعْمَ شوَّال

هَواهَا عَلَى أَنَّ الصُّدُودَ سَبِيلُهَا = مُقِيمٌ بأَكْنَافِ الحَشَا ما يَزُولُهَا
وَإِنْ جَهَدَ الوَاشُونَ في صَرْمِ حَبْلِها = وأَبْدَعَ فِي فَرْطِ المَلاَمِ عَذُولُهَا

جِسْمِيَ ،لا جِسْمُكَ ،النَّحِيلُ = وَيَا عَليلاً، أَنا العَلِيلُ
حُمَّاكَ حُمَّايَ غَيْرَ شَكٍّ = فَلَيْتَني دُونك البَدِيلُ

إلامَ بابُكَ مَعْقُوداً عَلى أَمَلٍ، = وَرَاءَهُ مِثْلُ ماءِ المُزْنِ مَحلولُ
إذا أتَيْتُكَ إجلالاً وَتَكْرِمَةً، = رَجَعْتُ أحمِلُ بِرّاً، غَيرَ مَقْبُولِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري Empty
مُساهمةموضوع: رد: اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري   اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري Emptyالسبت أبريل 06, 2013 2:44 pm

حَثَثْنَا سَيرَنَا لَمّا مَرَرْنا = عَلى ابنِ أبي الشّوَارِبِ وَالسبَالِ
وَقُلنا: اللّيثُ يَغدو مِن قَريبٍ = فيَفرِسُ إنْ أحَسّ حَسيسَ مالِ

نَوَائِبُ دَهْرٍ، أيُّهُنّ أُنَازِلُ = بعَزْميَ، أوْ مِنْ أيّهنّ أُوَائِلُ
بُلِيتُ بِمَدْحِ البَاخلينَ، كأنّني، = على الأجْوَدينَ الغُرّ، بالشّعرِ باخِلُ

قُلْ لأبي جَعْفَرٍ، وإنّ لَهُ = يَداً يَنَالُ البَعيدُ نَائِلَهَا
تَأبَى يَدُ الغَيْثِ أنْ تُسَاجِلَهَا، = وَيَقْصُرُ الدّهْرُ أنْ يُطَاوِلَهَا

لَئن ثَنَى الدّهرُ من سَهمي فلَمْ يَصِلِ، = وَرَدّ مِنْ يَديَ الطّولى، فلَمَ تَنَلِ
لَقَدْ حَمِدْتُ صُرُوفاً مِنهُ عَرّفني = مَذْمُومُها عُصْباً مِمّنْ عَليّ وُلي

لَئِنْ بَخُلْتَ بما تَحْوي يَداكَ لَقَدْ = أَصبحْتَ سَمْحاً بِمَا تَحْتَ السَّراوِيلِ
زَخْرَفْتُ فِيكَ مَدِيحاً كُلُّهُ كَذِبٌ = فكُنْتَ أَكْذَبَ مِن مَدْحِي وتَأْمِيلي

يا أَبَا جَعْفَرٍ وأَنْتَ كريمٌ ، = ماجِدٌ ، سيِّدٌ ، أَغَرُّ ، نَبيلُ
قَدْ تَلَقَّيْتَ بالقَبُولِ مَدِيحِي ، = وَكَذَا يَفْعَلُ الرَّئيسُ الجَلِيل

لمَّا اسْتَعَنْتُ على اَلخُطُوبِ بِصَالحٍ = سَلَكَتْ هَوادِيهَا الطَّرِيقَ الأَمْثَلاَ
تَقِفُ الموالي حَجْرتَيْهِ فإِنْ غَدَا = أَغْدَى أُسُوداً ما تُرامُ وأَشْبُلا

إِنَّ ألأَميرَ أَبا عَليٍّ أَصْبحَت = كَفَّاهُ قَدْ حَوَتِ المَكَارمَ والعُلاَ
حَاطَ الخِلاَفةَ ذَئِداً عَنْ عِزِّها = وكَفَى الخَليفةَ مَا أَهَمَّ وأَعْضَلاَ

هَلِ الرَّبْعُ قد أَمْستْ خَلاَءً مَنَازِلُهْ = يُجيبُ صَدَاهُ أَو يُخَبَّرُ سَائِلُهْ ؟
وهَلْ مُغْرَمٌ قد ضَعَّفَ الحُزْنُ وَجْدَهُ = يُكَفْكِفُ دَمْعاً قد تَحَدَّرَ هَامِلُهْ ؟

لو أَسْعدَتْ سُعْدَى بتَنْويلهَا = أو يسَّرَتْ عاجِلَ مَبْذُولِهَا
لأَبْرَأَتْ أَحْشَاءَ ذِي لَوْعَةٍ = مُتَيَّمِ الأَحشاءِ مَتْبُولها

يُلاَوطُ والإسْتُ مِنْ عِنْدهِ = فَيَا عَجَبَا لِلِّوَاطِ المُحالِ
أَخَذْتَ غُلاَمِي فَقَنَّعْتَهُ = وخَوَّلَكَ الجَهْلُ أَهْلِي ومالي

قَدْ زَادَ في كَمَدِي وأَضْرَمَ لَوْعَتِي = مَثْوَى حَبِيبٍ ،يَوْمَ بَانَ ، ودِعْبِلِ
وبَقَاءُ ضَرْبِ الخَثْعَمِيِّ وصِنْفِهِ = مِنْ كُلِّ مَكْدُودِ القَريحَةِ مُجْبِلِ

رَأيتُ الإنْبِساطَ إلَيكَ يُحظي = لَدَيكَ، وَيُستَماحُ بِهِ النّوَالُ
وَيُغضِبُكَ السّكوتُ، إذا سكتَنا، = وَبَعضُ القَوْمِ يُغضِبُهُ السّؤالُ

قِفَا في مَغاني الدّارِ نَسألْ طُلُولَها، = عَنِ الأُنَّسِ المَفْقُودِ كانوا حُلولَهَا
مَتى أجمَعَتْ سُعدَى رَحيلاً، فإنّهُ = قَليلٌ لسُعدَى أنْ نُخَشّى رَحيلَهَا

هَذا الحَبيبُ، فمَرْحَباً بخَيالِهِ، = أنّى اهتَدى، وَاللّيلُ في سِرْبالِهِ؟
بَل كيفَ زَارَ، وَدونَهُ مَجهولَةٌ = مِنْ سَبسَبٍ قَفْرٍ، تَمورُ بِآلِهِ

أكْثَرْتَ في لَوْمِ المُحِبّ، فأقْلِلِ، = وَأَمَرْتَ بالصّبْرِ الجمِيلِ، فأجْملِ
لَمْ يَكْفِهِ نَأيُ الأحْبّةِ باللّوَى، = حَتّى ثَنَيْتَ عَلَيْهِ لَوْمَ العُذّلِ

أكْثَرُ هَذي الخُطوبِ أشكَالُ، = وَيَعْقُبُ الإنْصِرَافَ إقْبَالُ
وَبَعْدَ بُعْدِ الأحْبَابِ قُرْبُهُمُ، = وَبَعْدَ شَكْوِ النّفوسِ إبْلالُ

لَيْلي بِذي الأثْلِ عَنّاني تَطاوُلُهُ، = أرَى بِهِ، مُقْبِلاً، قِرْناً أُنازِلُهُ
وَقدْ أبِيتُ وفي باعِ الدّجى قِصَرٌ = بِزَائِرٍ قَرُبَتْ أُنْساً مَخَائِلُهُ

في غَيرِ شأْنكَ بُكْرَتِي وأصِيلي، = وَسوَى سَبيلكَ في السّلُوّ سَبيلي
بخُلَتْ جُفُونُكَ أن تَكونَ مُساعدي، = وَعَلِمتَ ما كَلَفي، فكُنتَ عَذولي

عاوَدََ القلْبَ بَثُّهُ وَخَبالُهْ، = لِخليطٍ زُمّتْ، بِلَيْلٍ، جِمالُهْ
وَسقيمٍ يُخْشى بَلاهُ ولا يُرْ = جَى، من السقمِ والبِلى، إبلالُهْ

أهْلاً بهَذا المَلِكِ المُقْبِلِ، = جِئْتَ مَجيءَ العارِضِ المُسْبِلِ
قَدِمْتَ، فابْتَلّ يَبِيسُ الثّرَى، = وَاخضَرّ رَوْضُ البَلَدِ المُمْحِلِ

لَهَا الله عَنّي ضَامِنٌ وَكَفِيلُ، = يُتَابَعُ فيها، أوْ يُطاعُ عَذُولُ
أبِيتُ بأعْلَى الحَزْنِ، والرّمْلُ عندَهُ = مَغَانٍ لَهَا مَعْْفُوّةٌ وَطُلُولُ

يا بْنَ عَمْروٍ،والخَيْرُ فِيكَ قَليِلُ = كَذَبَ الظَّنُّ فِيكَ والتَّأْمِيلُ
مَنْ يكُنْ حَامِلاً إِليكَ كِتاباً = فَكِتَابي إِليْكَ أَيْرٌ طَوِيلُ

خَيرُ يَوْمَيكَ في الهوَى وَاقتِبَالِهْ، = يَوْمَ يُدنيكَ هاجِرٌ مِنْ وِصَالِهْ
كُلّما قُلتُ: ثَابَ للقَلْبِ رُشْدٌ، = عَاوَدَ القَلْبَ عائدٌ مِنْ خَبَالِهْ

يا ابنَةَ العامرِيّ عَمّا قَليلِ = يأذَنُ الحَيُّ، فاعلَمي، بالرّحيلِ
قد سَمعتُ الغُرَابَ يَُوعَد بَيناً، = وَانْصِرَاماً لحَبلِكِ المَوْصُولِ

تَلُومُ المَادَرَائِّيينَ جَهْلاً = وبَعْضُ اللَّوْمِ أَوْلى بالجَهُولِ
وتَعْذُلُهُمْ إِذا بِيكُوا كَأَنْ لَمْ = تُنَكْ مَنْ قَبْلِهِم شِيَعُ العَذُولِ

نال مِنَ الحُسْنِ مُنْتَهَى أَمَلِهْ = فالحُسْنُ عَبْدٌ يروحُ من خَوَلِهْ
أَيُّ قَضِيبٍ عَلَى كَثِيبِ نَقَا = أَحْسَنُ من خَصْرِهِ عَلَى كَفَلِهْ

ولَقَدْ قال طَبيبي، = وَطَبيبي ذُو احْتِيالِ،
أَشْكُ مَاشِئْتُ سِوَىالـ = ــحُبِّ فَإِنِّي لا أُبَالِي

قِفِ العِيسَ قد أدنَى خُطَاها كَلالُها، = وَسَلْ دارَ سُعدى، إن شَفاكَ سُؤَالُها
وَمَا أعرِفُ الأطلالَ من بَطنِ تُوضَحٍ، = لطُولِ تَعَفّيها، وَلَكِنْ إخَالُهَا

أَخَذْتُ بحَبْلٍ من دُلَيْلٍ فَلَمْ يَكُنْ = ضَعيفَ قُوَى النَّعْمَى ولا وَاهِنَ الحَبْلِ
فَتىً لاَ أَرى في صِحَّةِ العَهْدِ مِثْلَهُ = كَمَا لا يُرَى في شُكْرِ عارِفَةٍ مِثْلي

ما الغيثُ يَهمي صَوْبُ إسبالِهِ، = واللّيثُ يَحمي خِيسَ أشبالِهِ
كالمُستَعِينِ المُسْتَعَانِ، الذي = تَمّتْ لهُ النُّعمَى بإفْضالِهِ

لِتَصْدُقَنِّي، وَمَا أخشاكَ تَكذِبُني، = ماذا تأمّلْتَ، أوْ أمّلْتَ في أمَلِ
ألنّسْلَ حاوَلْتَ مِنْها، فهْيَ مُدبِرَةٌ، = قد جاوَزَتْ مُنذُ حيْنٍ، عِقبَةَ الحَبَلِ

أبَى اللّيلُ، إلاّ أنْ يَعُودَ بِطُولِهِ = عَلى عَاشِقٍ نَزْرِ المَنَامِ قَليلِهِ
إِذا مَا نَهَاهُ العَاذِلُونَ تَتَابَعَتْ = لهُ أَدْمُعٌ لا تَرْعَوِي لِعَذُوِلِهِ

عَهْدٌ لعَلْوَةَ باللّوَى قَدْ أشكَلا، = مَا كَانَ أحْسَنَ مُبْتَدَاهُ وأجْمَلاَ
أنْسَى لَيَالِينَا هُنَاكَ، وَقَدْ خَلا = مِنْ لَهْوِنَا، في ظِلّها، ما قَدْ خَلاَ

كُلّما شاءَتِ الرُّسُومُ المُحيلَهْ، = هَيّجَتْ مِن مَشوقِ صَدْرٍ غَليلَهْ
وَد َخيلاٍ مِنَ الصّبَابَةِ مَا يَتْـ = ـرُكُ مَاءَ الدَّمُوعِ، حتّى يُسيلَهْ

لكَ النَّعْمَاءُ، وَالخَطَرُ الجَليلُ، = وَمِنْكَ الرِّفْدُ، وَالنَّيلُ الجَزِيلُ
أمَرْتَ بأنْ أُقِيمَ عَلى انْتِظَارٍ = لرَأيِكَ، إنّهُ الرّأيُ الأصِيلُ

نَفْسي فِداؤكَ مَا أعلَّكْ، = أَمْ أيُّ مَكْرُوهٍ أضَلَّكْ؟
أرَأيْتَ وَجْهَ أبي فَرَا = شةَ، أم سمعْتَ غِناء عَلَّكْ؟

هَبِ الدّارَ رَدّتْ رَجْعَ ما أنتَ قائِلُهْ، = وأبْدَى الجَوَابَ الرَّبْعُ عَمّا تُسائِلُهْ
أفي ذاكَ بُرْءٌ من جَوًى ألْهَبَ الحَشا = تَوَقُّدُهُ، واستَغْزَرَ الدّمْعَ جَائِلُهْ

إسْلَمْ أبَا العَبّاسِ وَابـ = ـقَ، وَلا أزَالَ الله ظِلَّكْ
وَكُنِ الذي تَحْيَا لَنَا = أبَداً، ونحنُ نموتُ قَبلَكْ



هَلْ أنْتَ مُستَمِعٌ لِمَنْ نَاداكَا، = فَتُهِيبَ مِنْ شَوْقٍ إلَيْكَ دِرَاكَا
يا يُوسُفُ بنُ محَمّدٍ دَعْوَى امرِىءٍ، = عَدَلَ الهَوَى بِلِسَانِهِ، فَدَعَاكَا

أعْزِزْ عَليّ بِأنْ يَبينَ، مُفَارِقاً = مِنّا عَلى عَجَلٍ أخي، وَأخُوكَا
قَد كانَ عَنترَةَ الفَوَارِسِ، نَجدَةً، = تَكِفُ النّجيعَ، وَعُرْوَةَ الصُّعلُوكَا

قَرُبَتْ، من الفِعلِ الكَرِيمِ، يَداكا، = وَنأَى على المُتَطَلّبينَ مَداكَا
فَاسْلَمْ، أبَا نُوحٍ، لتَشييدِ العُلا، = وَفِداكَ مِنْ صَرْفِ الزّمانِ عِدَاكَا

أَقُولُ لِجَاهِلِكُمْ إِذْ مَلَكْ = ودَارَ لَهُ بالسَّعُودِ الفَلَكْ
وَخَنَّثَ لَهجْتَهُ مُسْمِعاً = بلَفْظٍ تُحَلُّ عَلَيه التِّكَكْ

أأُخَيّ! نَهْنِهْ دَمْعَكَ المَسْفُوكا، = إنّ الحَوَادِثَ يَنْصَرِمْنَ وَشِيكا
ما أذْكَرَتْكَ بمُترِحٍ صِرْفِ الجوَى، = إلاّ ثَنَتْهُ بِمُفْرِحٍ يُنْسيكَا

أَتَتْنِي أَنْبَاءُ مَا قَالهُ = قَرَابَةُ موسَى بنِ عبدِ المَلِكْ
ومَا كُنْتُ أَخشَى عَلَيكَ السُّكُوتَ = إِذا حَائِنٌ فِي مَقَالِ أَفَكْ

أتَاني كِتابُك ذاكَ الّذي = تَهَدّدْتَ فيهِ ضَلالاً ونُوكَا
وَلَوْلا مَكانُ أبِيكَ الدّنيّ، = لقدْ كان شِعرُكَ وَشْياً مَحوكا

لَقَدْ عَاجَلَتْني نَظْرْتي بِهَوَاكَا = كَأَنْ لَمْ تَكُنْ عَيْني تُريدُ سِواكا
أَتانِي رَسُولي مُشْرِقاً نُورُ وَجْهِهِ = وَلَمْ يَكُ عِندِي قَبْلَ ذَاكَ كَذَاكَا

قُمْ تأَملْ بِنا عَجَائِبَ دَهْرٍ = كُتِبَتْ فِيهِ للرِّجَالِ الرِّمَاكُ
مَا أَسَرَّت أُمُّ الْعياَلِ سُرُوراً = مُنْذُ قالُوا أَبو الْعيالِ يُنَاكُ

جُعِلْتُ فِدَاكَ ، سُقْيَانا عَلَيْكَا = أَقَمْنَا عَنْكَ أَمْ سِرْنا إِلَيْكَا
فَجُدْ لِرَسُولِنا بِنَبِيذِ يَوْمٍ = يَتِمُّ لَنَا السُّرورُ عَلى يَدَيْكَا

ولقد أَرسَلْتُ دَمْعِي شَاهِداً = ثُمَّ صَيَّرْتْ إِليهَا المُشْتَكَى
فَتَولَّتْ ،ثُمَّ قالَتْ شُغُلي : = كلُّ مَنْ شاءَ تَبَاكى فَبَكَى

يَا ابْنَةَ الدَّهرِ ،هَلْ رَأَيْتِ كَمِثْلِي = عِنْدَ دَفْعِ الَمُنَى ونَفْيِ الشُّكُوكِ
أَركَبُ الْمَهْمَةَ الْمَهُولَ بِعَزْمٍ = وَثَيابِي ظَلاَمَةُ الْحُلْكُوكِ

أَيْرى وَأَيْرُكَ يَا كُوَيْرَةُ = في حِرِ امِّكَ ،ما أَرَكَّك
بِعْتَ الغُلامَ فَمَنْ يَحُكُّ = غَداً حَتَارَك إِنْ أَحَكَّكْ؟

نَعَيْتَ الكِلاَبَ بأَسْمَائِها = ِليْنَا ولَمْ تَنْعَ فيهَا أَبَاكَا
فَقَدْ كانَ أَنْذَلَها طِعْمَةً = وأَهْونَها حِينَ ماتت هَلاَكَا

إِنِّي لأَحمَدُ ناظريَّ عَلَيْكا = حَتَّى أَغُضَّ إِذا نَظرْتُ إِليْكَا
وأَرَاكَ تَخطِرُ شَمَائِلِكَ الَّتِي = هي فِتْنَتي فأَغَارُ مِنكَ عَلَيْكَا

قُلْ للسّحابِ، إذا حَدَتْهُ الشّمألُ، = وسَرَى بلَيْلٍ رَكْبُهُ المُتَحَمِّلُ
عَرّجْ عَلى حَلَبٍ، فَحَيِّ مَحَلّةً = مأنُوسَةً فيها لِعَلْوَةَ مَنْزِلُ

أُخَيَّ مَتى خاصَمْتَ نَفَسكَ فاحْتَشِدْ = لَها،ومَتَى حَدَّثْتَ نَفْسَكَ فاصْدُقِ
أَرى علَلَ الأَشياءِ شَتَّى، ولا أَرى = التَّجَمُّعَ إِلاَّ عِلَّةً للتَّفَرُّق

تَحَمَّلَ آل سُعْدى لِلفِراقِ = وَقَدْ حَارَتْ دُمُوعٌ في المآقِي
وَمَا سَعِدَتْ بِسُعَدى النَّفْسُ حَتَّى = شَجَاهَا البَيْنُ فِيهَا باخْتِرَاقِ

تَيَّمَتْهُ صَبَابَةٌ واشْتِيَاقُ = وَشجَاهُ يَوْمَ الفِراَقِ الفِرَاقُ
سَاعَدَتْهُ عَلَى البُكَا عَبَراتٌ = سَاعَدَتْهَا فِي فَيْضِها الآمَاقُ

سَئِمْتُ مِنَ الوُقُوف عَلَى الطَّريقِ = أُطالِبُ بالْقدِيمِ مِنَ الحُقوقِ
وَأَنْكَدُ مَا سَمِعْتُ بهِ طَلِيحٌ = يُعَلَّلُ باللَّوَامِعِ والبُرُوقِ

لَمَّا تَذَكَّر ،وانْهَلَّتْ مَدَامِعُهُ = بَيْنَ النَّدامَى مِنَ التَّشْوَاقِ والقَلَقِ
أَقْذَى المَآقي لِيُخْفِي أَمْرَهُ عُصَباً = فَبَادَرَتْهُ أَكُفُّ القَوْمِ في نَسقِ

يمْزُجُ خَمْراً بجَنَى رِيقِهِ = رَقْرَقَها السَّاقِي بِتَصْفيقِهِ
كأَنَّهَا مِنْ طِيبِ أَرْياقهِ = شِيبِتْ مِنَ المِسْكِ بمَفْتُوقِهِ

بَيْنَنَا حُرْمةٌ وعَهْدٌ وَثيقُ = وعَلَى بَعْضِنَا لِبَعْضٍ حُقُوقُ
فَاغْتَنِمْ فُرصةَ الزَّمانِ فَما = يَدْري مُطيقٌ لها مَتَى لا يُطِيقُ

تَعُودُ عَوَائِدُ الدّمْعِ المُرَاقِ، = عَلى مَا في الضّلُوعِ منِ احْتِرَاقِ
لَقَدْ رَأتِ النّوَاظرُ، يَوْمَ سُعدَى، = وَيَالاً تُسْتَهَلُّ لَهُ المَآقي

بعَيْنَيْكِ إعْوَالي وَطُولُ شَهيقي، = وَإخفاقُ عَيني مِنْ كرًى وَخُفُوقي
على أنّ تَهْوِيماً، إذا عارَضَ اطّبَى = سُرَى طارِقٍ في غَيرِ وَقتِ طُرُوقِ

كأنّكَ السّيفُ: حَدّاهُ وَرَوْنَقُهُ، = وَالغَيْثُ: وَابِلُهُ الدّاني وَرَيّقُهُ
هَلِ المَكَارِمُ، إلاّ مَا تُجَمّعُهُ، = أوِ المَوَاهِبُ، إلاّ مَا تُفَرّقُهُ

تَزَوّجْتَها، بَعدَ إحْرَاقِها = قُلُوبَ النّدَامى، وَإقْلاقِهَا
وَقد أعطَتِ القَوْمَ مِنْ عَهْدِها = رِضَاهُمْ، وَمِنْ عَقْدِ ميثَاقِهَا

حاطَكَ اللهُ يا أَبا إِسحَاقِ = وَوَقَاكَ المَكْرُوهَ أَجْمَعَ وَاقِ
قَد هَزَزْناكَ بالقَوافِي وَفِيهَا = دَرَجاتٌ إِلى العُلا ومَرَاقِ

بوُدّيَ لَوْ يَهْوَى العَذولُ، وَيَعْشَقُ، = فيَعلَمَ أسْبابَ الهَوَى كيفَ تَعْلَقُ
أرَى خُلُقاً حُبّي لعَلْوَةَ دائِماً، = إذا لمْ يَدُمْ بالعَاشِقِينَ التّخَلُّقُ

زَائرٌ زَارَني ليَسْألَ عَنْ حَا = لي، كمَا يَسألُ الصّديقُ الصّديقَا
كَيفَ حالي، وَقد غَدا ابنُ جُبيرٍ = ليَ، دونَ الإخوَانِ، جاراً لَصِيقا

إلَيكَ، أميرَ المُؤمنينَ، رِسَالَةٌ = منَ الغرْبِ تَسْتَقْرِي فِجاجَ المَشارِقِ
أُعيذُكَ بالنّعْمَى مِنَ الله أنْ تَرى = قدامَي جَنَاحِ المُسْلِمينَ لفَاسِقِ

أمَا والّذي أعْطاكَ فَضْلاً وبَسْطَةً = على كلّ حيٍّ، وَاصْطفاكَ على الخَلْقِ
لقدْ سُسْتَنا بالعَدْلِ والبَذْلِ مُنعِماً، = وَعُدْتَ عَلَيْنَا بالأنَاةِ وَبِالرّفقِ

ياْبن المُدَبِّرِ، يا أبا إسْحَاقِ، = غَيثَ الضّرِيكِ وَطارِدَ الأمْلاقِ
عِشْ للمُرُوُءَةِ، وَالفُتوّةِ، وَالعُلاَ، = وَمحَاسِنِ الآدابِ، وَالأخلاقِ

في حُضُورِ الفِراقِ عِنْدَ لِقائِيك = احتِرَاقٌ يَفْوقُ كُلَّ احْتِراقِ
وإِذا مَا نأَيْتُ هوَّنَ مَا أَلْقَاهُ = مِنْ نأَيِكُمْ رَجَاءُ التَّلاقِي

كَمْ صَدِيقٍ عرَّفْتُهُ بِصَديقٍ = صَارَ أَحْظَى مِنَ الصَّدِيق ِالعتِيقِ
وَرَفِيقٍ رَافَقْتُهُ في طَرِيقٍ = صَارَ بَعْدَ الطَّريقِ خَيْرَ رَفِيقِ

غَيْثُ السَّمَاءِ اسْتَهلَّ بارِقُهُ = وَلَيْسَ بَدْرُ السَّماءِ في أُفقِهْ
إِنْ قُلْتَ فِي خَلْقِهِِ فَإِنَّكَ لاَ = تَقُولُ إِلاَّ الجَمِيلَ في خُلُقِهْ

أَفِقْ، إِنَّ ظُلْمَ الدَّهْرِ غَيْر مُفِيقِ = وَإِِنَّ رَفِيقَ الْبَثِّ شَرُّ رَفِيقِ
تَشَعَّبُ بِي مُسْتَأْنَفَاتُ فُنُونِهِ = طَرِيقاً الى الأَشْجَانِ غَيْرَ طَرِيقي

مُتِّعَا باللِّقاءِ عِنْدَ الفِراقِ = مُسْتَجِيرَيْنِ بالبُكَا والعَنَاقِ
كَمْ أَسَرَّا هَوَاهُمَا حَذَرَ البَيْنِ = ،وكَمْ كَاتَمَا غَلِيلَ اشْتِياقِ

بَكيْتُ مِنَ الفِراقِ غَدَاةَ وَلَّتْ = بِنا بُزْلُ الجِمَالِ عَلَى الفِراقِ
فَمَا رَقَأَتْ دُمُوعُ العَيْنِ حَتَّى = شَفَى نَفْسِي الفِراقُ مِنَ التَّلاقي

لاَ لِصَبْرٍ هَجَرْتُكُمْ، عَلِمَ اللَّهُ = ، وَلكِنْ لِشِدَّةِ الإِشْفَاقِ
رُبَّ سِرٍّ شَرَكْتُ فِيهِ ضَمِيرِي = وطَواهُ اللِّسانُ عِنْدَ التَّلاَقي

يا بنَ مُرٍّ قوْلَ مُرتَدعِ = ولَِهادِى الرُّشدِ مُتَّبِعِ
قَد رَحَلنا عَن ذَراكَ إلى = وطَنٍ رَحبٍ ومُتَّسِعِ

مَنْ أَنت إِن حُصِّلْتَ يا بن اسْتِها = ومَنْ أَبو دِيككَ في الرُّقْعهْ؟
قد وفَّرتْ حَظَّكَ مِنْ إِخوةٍ = أُمك إِذْ زَوَّجتهًَا مُتْعَهْ

جَفَانا الكُميْتِيُّ الكَبيرُ ولمْ يكُنْ = لَنَا في الكُمَيْتيّ الصّغيرِ شَفِيعُ
وَمَا مَتّعَانَا في المَقامِ بِأُنْسَةٍ، = وَقَدْ عَلِما أنّ الفِرَاقَ سَريعُ

إعجبْ من الغَيمِ كيفَ ارْفضّ فانقشعا، = وَصَالحِ العيشِ كيفَ اعتيقَ فارْتُجعَا
لَوْلا الفَقيدُ، الذي عَمّتْ نَوَافِلُهُ، = ما ضَاقَ مِنْ جانبِ الأيّامِ ما اتّسَعَا

يا مُعرضاً يُدْعى فَلا يَسمعُ = يضْحكُ مِمّا بي وأَستَرْجِع
هَبْني تَصبَّرْتُ على ما أَرى = أَمَا يَرى اللّه الَّذي تصْنعُ؟

غِنَاؤُكَ ليسَ يُغْني سامِعِيهِ = وضَرْبُكَ يُوجبُ الضَّربَ الوَجِيعا
وَوَجْهُكَ يَطُرُدُ النَّشوَات عَنا = وقربُكَ يذكْرُ المَوتَ السَّرِيعا

أرَى بَينَ مُلْتَفّ الأرَاكِ مَنَازِلا، = مَوَاثِلَ، لَوْ كانَتْ مَهَاها مَوَاثِلا
فَقِفْ مُسعِداً فيهِنّ، إن كنتَ عاذِراً، = وَسِرْ مُبعِداً عَنهُنّ، إنْ كنتَ عاذِلا

أَمَا كَانَ في تَلْكَ الدُّموعِ السَّوائلِ = بَيانٌ لِنَاهٍ أَو جَوَابٌ لِسائل ؟
سَوَابِقُ دَمْعٍ مِنْ جُفُونٍ سَوَائلٍ = إِذا سُكِبَتْ سَحًّا ذَرَتْ بالأَنامِلِ

بأيّ أسًى تُثْنَى الدّمُوعُ الهَوَامِلُ، = وَيُرْجَى زِيَالٌ مِنْ جَوًى لا يُزَايِلُ
دَعِ المَوْتَ يَغْتَلْ مَنْ أرَادَ، فإنّهُ = ثوَى اليوْمَ من تُخشَى علَيهِ الغَوَائلُ

تَبيتُ لَهُ، مِنْ شَوْقِهِ وَنِزَاعِهِ، = أحاديثُ نَفسٍ أوْشكَتْ من زَماعِهِ
وَمَا حَبَسَتْ بَغدادُ منّا عَزِيمَةً، = بمَكتومِ ما نَهوَى بِها، وَمُذاعِهِ

تَقَضّى الصّبَا، إلاّ تَلَوّمَ رَاحِلِ، = وَأغنى المَشيبُ عَنْ مَلامِ العَوَاذِلِ
وَتأبَى صُروفُ الدّهرِ، سوداً شخوصُها، = على البِيضِ أنْ يحظَينَ منّي بطائِلِ

لَوْ كَانَ يُعْتَبُ هاجرٌ في وَاصِلِ، = أوْ يُسْتَفَادُ لمُغْرَمٍ مِنْ ذاهِلِ
لحرِجتُ مِنْ وَشَلٍ بعَيني سافِحٍ، = وَجَنَفْتَ مِنْ خَبَلٍ بقَلبي خَابِلِ

وُقُوفُكَ في أطْلاَلِهِمْ، وَسُؤالُهَا، = يُرِيكَ غُرُوبَ الدّمعِ كيفَ انهمالُها
وَما أعرِفُ الأطْلالَ في جَنبِ تُوضَحٍ = لطُولِ تَعَفّيها، وَلَكِنْ إخالُها

فُؤادٌ، بذِكْرِ الظّاعنينَ، مُوَكَّلُ، = وَمَنزِلُ حَيٍّ فيهِ، للشّوْقِ، مَنزِلُ
أرَاحِلَةٌ لَيلى، وَفي الصّدرِ حاجَةٌ، = أقَامَ بِهَا وَجْدٌ، فَمَا يَتَرَحّلُ

أكنتَ مُعَنّفي، يوْمَ الرّحيلِ، = وَقد لجّتْ دُموعي في الهُمُولِ
عَشِيّةَ لا الفِرَاقُ أفَاءَ عَزْمِي = إليّ، وَلا اللّقاءُ شَفَى غَليلي

لا دِمنَةٌ بلِوَى خَبتٍ، وَلا طَلَلُ، = يَرُدُّ قَوْلاً على ذي لَوْعَةٍ يَسَلُ
إنْ عزّ دَمْعُكَ في آي الرّسومِ، فلَمْ = يَصُبْ علَيها، فعِندِي أدمُعٌ ذُلُلُ

ضَمَانٌ عَلَى عَيْنَيْكِ أنّيَ لا أسْلُو، = وأنّ فُؤَادي من جَوًى بكِ لا يَخلُو
وَلَوْ شِئْتِ يَوْمَ الجِزْعِ بَلّ غَليلَهُ = محِبٌّ بوَصْلٍ مِنكِ، إنْ أمكَنَ الوَصْلُ

يا من رأى البركةَ الحسناءَ رُؤيتَهُا = والآنساتِ إذا لاحتْ مَغانِـيهـــا
يَحسَبُهَا أنهـا مِن فَضْلِ رُتْبَتِها = تُعــدُّ واحدةً و البـــَحرُ ثانـيهــا

ضَرْطَةُ وهْبٍ نكرَتْ = وزِيرَنا جَامِعها
وأَخْجَلَتْ مُرْسِلَها = وأَضْحَكَتْ سامِعَها

إِنَّ عَبدَ الملِك ِالسَّيِّدَ قَدْ = زَيَّغَ ابنَيْهِ فَلَمْ يَزَيَّغَا
قُلتُ لِلشَّيطانِ إِذ بَيْنَهُما = بِتَأَتِيّهِ وبَيْني نَزَغا

أخَا عِلّةٍ، سارَ الإخاءُ، فأوْضَعا = ، وَأوْشَكَ باقي الوِدّ أنْ يَتَقَطّعَا
بَدأتَ وَبادي الظّلمِ أظْلَمُ، فانتَحى = بكَ القَوْلُ شأواً رُدّ منكَ فأسرَعَا

أصابت قلبه حدق الظباء = وأسلم لبه حسن العزاء
وأقفزت المنازل من سليمى = وكانت للمودة والصفاء

يا قتيلاً للحية السوداء = آفة المرد في خروج اللحاء
آجر الله عاشقيك فقد مـ = ـت، وعريت من ثياب البهاء

ومستضحك من عبراتي وبكائي = بكفيه دائي في الهوى ودوائي
رآني وعيني بالدموع غزيرة = وقد هتك الهجران ستر عزائي

نفسي تقيك، ووالداي كلاهما = وجميع من ولدا، من الأسواء
ثقل الخراج علي دين مؤلم = ولديك مما اشتكيه دوائي

قل للرئيس أبي محمد الرضا = قول آمرئ أبلاه حسن بلا
من حول بركتك البهية سادة الـ = ـعلماء والفضلاء والأمراء

نلت ما نلت يا بغيض بأم = هي أعطتك رتبة الوزراء
فإذا عددت صنائع قوم = كنت فيها صنيعة البظراء

ألله جَارُكَ في انْطِلاقِكْ، = تِلْقَاءَ شَامِكَ، أوْ عِرَاقِكْ
لا تَعْذُلَنّي في مَسِيـ = ـرِي يَوْمَ سِرْتُ، وَلَمْ أُلاقِكْ

أيّها الطّالبُ الطّويلُ عَنَاؤهُ، = تَرْتَجي شأوَ مَنْ يَفُوتُكَ شاؤهْ
دونَ إدْرَاكِ أحْمَدَ بنِ سُلَيْمَا = نَ عُلُوٌّ، يُعْيي الرّجالَ ارْتِقاؤهْ

يا بَرْقُ أفرِطْ في اعْتِلائِكْ، = أوْ صُبْ بجُودِكَ وَانْهِمَائِكْ
أوْ كَشَفِ الظّلْمَاءَ بِالـ = ـنّورِ المُضيءِ مِنِ انْجِلائِكْ

قَدْ أهدَفَ الغَثُّ العَمَى، لوْ لم يكنْ = وَغْداً، وَلَيسَ الوَغدُ مِنْ أهْدافي
وَأتَى بأبْياتٍ لَهُ مَسْرُوقَةٍ، = شَتّى النِّجَارِ، وَنِسْبَةٍ أقوَافِ

دَعْ دُمُوعي في ذَلِكَ الإشْتِياقِ = تَتَنَاجَى بِفِعْلِ يَوْمِ الفِرَاقِ
فعَسَى الدّمْعُ أنْ يُسَكِّنَ بالسّكْـ = ـبِ غَليلاً مِنْ هَائِمٍ مُشْتَاقِ

هُوَ الظَّلاَمُ فَلاَ صُبْحٌ ولاَ شَفَقُ = هَل يُطْلِقُ اللَّيلُ مِنْ طَرفي فأَنْطَلِقُ؟
راحَ ابْنَ رَوْحٍ بِسوءِ اللَّفظ يَحشِمُني = والْغَيظُ يَبْرُقُ في عينْيْهِ والحَنِقُ

هذا كتابُكَ، فيهِ الجَهلُ وَالعُنُفُ، = قَد جاءَنَا، فَفَهِمنا كلَّ ما تَصِفُ
أمَا تَخافُ القَوَافي أنْ تُزِيلَكَ عَنْ = ذاكَ المَقامِ، فتَمضِي ثمّ لا تَقِف

حُيّيتماَ مِنْ مَرَبَّعٍ وَمَصِيفِ، = كانَا مَحَلّيْ زَيْنَبٍ، وَصَدوفِ
وكُسيتُما زَهْرَ الرّبيعِ وَعُشْبَهُ، = مُتَألّفَينِ بأحْسَنِ التّأليفِ

وعالمة وقد جهلت دوائي = بلا جهل، وقد علمت بدائي
يموت بها المتيم كل يوم = على فوت المواعيد واللقاء

أرَيْتُكَ الآنَ ألَمْعُ البُرُوقْ، = أمْ شُعَلٌ مُرْفَضّةٌ عَنْ حَرِيقْ؟
في عَارِضٍ تَعْرِضُ أجْوَازُهُ، = بينَ سَوَى خَبْتٍ، فرَملِ الشُّقُوقْ

شَرْخُ الشّبابِ أخو الصّبَا، وأليفُهُ، = والشَّيبُ تَزْجِيَةُ الهَوَى وَخُفُوفُهُ
وأرَاكَ تَعجَبُ مِنْ صَبَابَةِ مُغرَمٍ = أسْيَانَ طَالَ على الدّيارِ وُقُوفُهُ

إلي أيّ سِرٍّ في الهَوَى لمْ أُخَالِفِ، = وأيِّ غَرَامٍ عندَهُ لمْ أُصَادِفِ
وَلي هَفَوَاتٌ باعِثاتٌ لي الجَوَى، = يُعَرِّضْنَني مِن بَرْحِهِ للمَتَالِفِ

أبالمُنْحَنَى، أمْ بالعَقيقِ أمِ الجُرْفِ = أنيسٌ فيُسلينا عَنِ الأُنَّسِ الوُطْفِ
لَعَمْرُ الرّسومِ الدّارِساتِ لقد غدَتْ = بِرَيّا سُعَادٍ، وَهيَ طَيّبَةُ العَرْفِ

أتَرَاكَ تَسْمَعُ، للحَمَامِ الهُتَّفِ، = شَجْواً، يكونُ كَشَجوِكَ المُستطرَفِ
لله حُلْمٌ، يَوْمَ بُرْقَةِ ثَهْمَدٍ، = يَهْفُو بِهِ بَينُ الغَزَالِ الأهْيَفِ

ها هوَ الشّيبُ لائِماً، فأفيقي، = وَاتْرُكيهِ، إنْْ كانَ غَيرَ مُفيقِ
فلَقَدْ كَفّ مِنْ عَنَاءِ المُعَنّى، = وَتَلافَى مِنِ اشتِيَاقِ المَشُوقِ

مَرّتْ على عَزْمِها، وَلمْ تَقِفِ، = مُبْدِيَةً للشَّنَانِ وَالشَّنَفِ
أيهات ما وجهها بملتفٍ = َفاسْلُ وما عطفها بُمْنعطِفِ

أفي كُلّ دارٍ مِنكَ عَينٌ تَرَقْرَقُ، = وَقَلْبٌ، عَلى طُولِ التّذكّرِ، يخفِق
نَعَمْ قَد تَباكَين على الشِّعبِ سَاعةً، = وَمِنْ دُونهِ شِعبٌ للَيْلى مُفَرَّقُ

لأوْشَكَ شعَبُ الحَيّ أنْ يَتَفَرّقا، = فيُدمي الجَوَى، أوْ يَصْبِحَ الحبُّ، أو لِقَا
أمَا إنّ في ذاكَ النّقَا لأوَانِساً = تَثَنّى أعَاليهِنّ، ليناً، عَلى النّقَا

اسْتَوقِفا الرَّكبَ في أَطْلالِهم، وقِفا = وإِنْ أَمَحَّ بِلىً مأَثُورها وعَفَا
تأَبى المنَزلُ أَنْ آبى الأَسى ،فَمَتى = أَبْللْتُ مِنْهُ سُلُوَّا هِضْننِي كَلَفَا

أمّا الخَيالُ، فإنّهُ لمْ يَطْرُقِ، = إلاّ بعُقْبِ تَشَوّفٍ، وَتَشَوّقِ
قد زَارَ مِنْ بُعدٍ، فَبَرَّدَ من حشاً = ضَرِمٍ، وَسَكّنَ من فُؤادٍ مُقْلَقِ

قُلْتُ للاّئِمِ في الجُبّ أفِقْ، = لا تُهَوّنْ طَعمَ شيءٍ لم تَذُقْ
تَبهَشُ النّفسُ إلى زَوْرِ الكَرَى، = وَمَتَاعُ النّفسِ في زَوْرِ الأرَقْ

أأفاق صَبٌّ مِنْ هَوىً، فأُفِيقَا، = أمْ خانَ عَهْداً، أمْ أطاعَ شَفِيقَا
إنّ السّلُوّ، كما تَقولُ، لَرَاحَةٌ، = لَوْ رَاحَ قلْبي للسّلُوِّ مُطِيقَا

أبْلِغْ لَدَيْكَ عُبَيْدَ الله مألُكَةً، = وما بِدَارِ عُبَيْدِ الله مِنْ بُعُدِ
أضْحَتْ بقُطْرُبَّلٍ والدّارِ حَلّتُهُ، = وَما يُجَاوزُ بَيْتَ النّارِ ذا العُمُدِ

أتَرَى حَمولَةَ لا يُحَمّلُ نَفسَهُ = تَقوِيمَ هالكَةِ ابنِ عَبدِ الوَاحِدِ
قادَ الرّجالَ على العيالِ، وَما امترَى = في أنّ للقُوّادِ أجْرَ القَائِدِ

أخٌ ليَ مِنْ سَعْدِ بنِ نَبْهَانَ طَالما = جرى الدّهرُ لي، من فضْلِ جدواه، بالسَّعْدِ
تَقَيّلَ مِنْ عَبْدِ العَزيزِ سَجِيّةً، = منَ المَجدُ تَمّاً بل تزِيدُ على المَجدِ

أخي إنّه يَوْمٌ أضَعتُ بهِ رُشْدِي، = وَلم أرْضَ هَزْلي في انصرَافي، وَلا جدّي
تَرَكْتُكَ لمّا استَوْقَفَ الدَّجنُ رَكبَه = علَينا وَطارَ البرْقُ خَوْفاً منَ الرّعدِ

أُشَرّقُ أمْ أُغَرّبُ يا سَعيدُ، = وَأُنْقِصُ مِنْ زَماعي، أمْ أزِيدُ
عدَتني، عن نَصِيبينَ، العَوَادي، = فنجحي أبْلَهٌ فيهَا، بَليدُ

ألان علمت أن البعث حق = وأن الله يفعل ما يشاء
رأيت الخثعمي يقل أنفا = يضيق بعرضه البلد الفضاء

أمَوَاهِبٌ هَاتِيكَ أمْ أنْوَاءُ = هُطُلٌ، وَأخْذٌ ذَاكَ أمْ إعْطَاءُ
إنْ دامَ ذا، أوْ بعضُ ذا مِن فعْل ذا، = فني السّخاءُ، فلا يُحَسُّ سَخاءُ

إن الطويل وإن قلت حلاوته = وراح غير مليح الشخص مقدود
لعند إكذاب أنصاف الظنون إذا = عنت وأخلاف أصناف المواعيد

خَانَ عَهْدي مُعَاوِداً خَوْنَ عهدي، = مَنْ لَهُ خِلّتي، وخالصُ وِدّي
بان بالحُسْنِ وَحْدَهُ لَمْ يُنَازِعْـ = ـهُ شَرِيكٌ وَبِنتُّ بالبَثّ وَحْدي

ذاتُ ارْتِجَازٍ بحَنِينِ الرّعْدِ، = مَجرُورَةُ الذّيلِ، صَدوقُ الوَعْدِ
مَسْفُوحَةُ الدّمْعِ، لغَيرِ وَجْدِ، = لَهَا نَسيمٌ كَنَسيمِ الوَرْدِ

طَيْفُ الحَبيبِ ألَمّ مِنْ عُدَوَائِهِ، = وَبَعيدِ مَوْقعِ أرْضِهِ، وَسَمَائِهِ
جَزَعَ اللّوَى عَجِلاً، وَوَجّهَ مُسرِعاً = مِنْ حَزْنِ أبْرَقِهِ، إلى جَرْعَائِهِ

ظَلَمَ الدّهْرُ فيكُمُ، وَأسَاءَ، = فَعَزَاءً، بَني حُمَيْدٍ، عَزَاءَ
أنْفُسٌ مَا تَكادُ تُفْقَدُ فَقْداً، = وَصُدورٌ مَا تَبرَحُ البُرَحَاءَ

عَذيركَ مِنْ نَأيٍ غَدَا، وَبُعَادِ، = وَسَيرِ مُحِبٍّ، لا يَسِيرُ بِزَادِ
لِعَلْوَةَ، في هَذا الفُؤادِ، مَحَلّةٌ، = تَجَانَفْتُ عَنْ سُعْدَى بها وَسُعَادِ

قَامَتْ بِلادُكَ لي مَقامَ بِلادي، = وأرَى تِلادَكَ باتَ دونَ تِلادِي
حتّى كأنّي لمْ أرِمْ وَطَني، وَلمْ = تَشمَتْ بزَائِلِ نِعمَتي حُسّادي

قُلْ للخَيالِ، إذا أرَدتَ، فعَاوِدِ، = تُدْنَ المَسَافَةُ من هَوًى مُتَباعِدِ
فلأنْتَ في نَفِسي، وإنْ عَنّيْتَني = وَبَعَثْتَ لي الأشجانَ، أحْلَى وافدِ

يا عليٌّ، بلْ يا أبَا الحَسَنِ المَا = لكُ رِقّ الظّرِيفَةِ الحَسْناءِ
إتّقِ الله أنْتَ شاعرُ قَيْسٍ، = لا تَكُنْ وَصْمَةً على الشّعَرَاءِ

يَأبَى سُمُوُّكَ واعتِلاَؤكْ، = إلاّ التي فيها سَنَاؤكْ
عَمْرِي لَقَدْ فُتّ الرّجَا = لَ، وَفات يَوْمَ السّبقِ شاؤُكْ

لا يَبْعُدُ اللّهوُ، في أيّامِنَا، المُودي، = ولا غُلُوُّ الهَوَى في الغَادَةِ الرُّودِ
وَجِدّةُ الشّعَرَاتِ السُّودِ يُرْجِعُهَا = بِيضاً تَتَابُعُ مَرّ البِيضِ والسّودِ

وكان البعد عن ملح = عدو الصبر والجلد
أتوب إليك من بين = سوى هذا ومن بعد

أيّها العَاتِبُ الذي لَيسَ يَرْضَى، = نَمْ هَنِيئاً، فَلَسْتُ أُطْعَمُ غَمضَا
إنّ لي مِنْ هَوَاكَ وَجْداً قَدِ اسْتَهـ = ـلَكَ نَوْمِي، وَمَضْجِعاً قَدْ أقَضّا

نجِيئُكَ عَائدينَ، وكَانَ أشْهَى = إلَيْنَا لَوْ تُزَارُ، وَلا تُعَادُ
قدَرْتَ على المَكارِمِ لا انْتِقاصٌ = يُفِيتُكَ قَدْرَهنّ، وَلا ازْديادُ

عهد المشوق بوصل الأنس الخرد = يكاد يشرك نجم الليل في البعد
لم ار كالهجر لم يرحم معذبه = والوصل لم يعتمد معطاه بالحسد

رددت بعيسى الروم من حيث أقبلت = وكان نظير الروم أو هو أزيد
عدو أجلت الرأى حتى جعلته = ولياً يسر النصر فيه ويحمدو

دَهَتْكَ بِعِلّةِ الحَمّامِ فَوْزٌ، = وَمالَتْ في الطريقِ إلى سَعِيدِ
أرَى أخْبارَ بيْتِكَ عنكَ تُطوَى، = فكيْفَ وَلِيتَ أخبار البرِيدِ!

لا أرى بالعقيق رسما يجيب = أسكنت آية الصبا والجنوب
واقف يسأل الديار، وعذل = في سؤال الديار أو تأنيب

بأبي أنتَ كيفَ أخلَفتَ وَعْدِي، = وَتَثاقَلْتَ عَنْ وَفَاءٍ بعَهْدِي
لمْ تَجِدْ مثلَ ما وَجَدتُ، ومَا أنْـ = ـصَفتَ إنْ لمْ تَجِدْ مثلَ وَجْدي

لقَدْ نُصِرَ الإمَامُ على الأعادي، = وأضَحَى المُلْكُ مَوْطُودَ العِمادِ
وَعُرّفَتِ اللّيالي في شُجَاعٍ = وَتامِشَ، كَيفَ عاقبةُ الفَسادِ

دَعا عَبرَتي تجرِي على الجَوْرِ والقَصْدِ، = أظُنُّ نَسيماً قارَفَ الهَجرَ من بَعدِي
خَلا ناظِرِي من طَيْفِهِ، بَعْدَ شَخصِهِ، = فَيا عَجَباً للدّهْرِ فَقْداً عَلى فَقْدِ

عَلِقنا بأسبابِ الوَزِيرِ، وَلمْ نَجِدْ = لنَا صَدَراً، دونَ الوَزِيرِ، وَلا وِرْدَا
جرى فحوى سبق المجدين وادعاً = وأعطى فما أعطى قليلاً ولا أكدى

شَوْقٌ إلَيكِ، تَفيضُ منهُ الأدمُعُ، = وَجَوًى عَلَيكِ، تَضِيقُ منهُ الأضلعُ
وَهَوًى تُجَدّدُهُ اللّيَالي، كُلّمَا = قَدُمتْ، وتُرْجعُهُ السّنُونَ، فيرْجعُ

هاجي بني بحتر وطيئها = حائن قوم يحز في كبده
ولي جليس لولا خساسته = لقد أقام الهجاء من أوده



بني جعفر ما للصغير مقدماً = لديكم على سن الكبير المسود
يخبر عن شيخ ضلال سراحكم = أحاديث من يخبر بهن ينفد

نعتد انحسنا بعزك أسعدا = ونسر فيك بما يساء له العدى
فأسلم ابا نوح فإنك إنما = تهوى السلامة كي تجود وتحمدا

وإذا رأيت شمائل ابني صاعد = أدت إليك شمائل ابني مخلد
كالفرقدين إذا تأمل ناظر = لم يعن موضع فرقد عن فرقد

جرى الله خيرا والجزاء بكفه = بنو السمط أخذان السماحة والمجد
هم جبروني والمهامة بيننا = كما أرفض غيث من تهامة في نجد

وإذا مضى للمرء من أعوامه = خمسون وهو عن الصبا لم يجنح
عكفت عليه المخزيات وقلن قد = أضحكتنا وسررتنا، لا تبرح

لي صاحب ليس يخلو = لسانه من جراح
يجيد تمزيق عرضي = على سبيل المزاح

لنا صاحب ظالم ما يزا = ل يدنسنا بالجليس الوسخ
يكلفنا ود ذي أبنة = إذا ما رأى الأير يوماً ربخ

لكَ الخيرُ ما مقدارُ عَفوِي، وَما جُهدي، = وآلُ حَميدٍ عِنْدُ آخِرِهمْ عِندِي
تَتابَعَتِ الطّاءَانِ طُوسٌ وَطَيَّءٌ، = فقُلْ في خُرَاسانٍ، وَإن شئتَ في نجدِ

أمُرْتَجَعٌ مِنّي حِبَاءُ خَلائِفٍ، = تَوَلّيْتُ تَسييرَ المَديحِ لهمْ وَحدِي
وَلمْ يُشتهر إلاّ الذي قُلتُ فيهِمِ، = وَإنْ رَفَدُوا يَوْماً وَزَادوا على الرِّفْدِ

قَلْبُ مَشُوقٍ عَناهُ البَثُّ وَالكَمَدُ، = وَمُقْلَةٌ تَبذُلُ الدّمْعَ الذي تَجِدُ
تَدْنُو سُلَيْمَى، وَلا يَدْنُو اللّقاءُ بها، = فيَسْتَوي في هَواها القُرْبُ وَالبُعُدُ

طَيفٌ ألَمّ، فحَيّا عندَ مَشهَدِهِ، = قد كانَ يَشفي المُعَنْى مِنْ تَلَدّدِهِ
تَجَاوَزَ الرّمْلَ يَسرِي مِنْ أعِقّتِهِ، = مَا بَينَ أغوَارِهِ السّفلى، وَأنْجُدِهِ

عَجَباً لِطَيفِ خَيالِكِ المُتَعَاهِدِ، = وَلوَصْلِكِ المُتَقَارِبِ المُتَباعِدِ
يَدنُو، إذا بَعُدَ المَزَارُ، وَيَنتَوِي = في القُرْبِ، لَيسَ أخو الهوَى بمباعد

غلّسَ الشّيبُ، أوْ تَعجّلَ وِرْدُهْ، = وَاستَعَارَ الشّبَابَ مَنْ لا يَرُدُّهْ
لا تَسَلْني عَنِ الصّبَا، بعدما صَوّ = حَ رَوْضُ الصّبَا، وَأَنهجَ بُرْدُهْ

دَعِ الشيء لا تَطلُبْهُ من نحوِ وَجْهِهِ = بظَنّك وَارْجُ الشيء من حيثُ لا يُرْجَى
إذا المرءُ لمْ يَرْدُدْ عَلَيكَ اعتِلاقُهُ = مَزِيّةَ نَفْعٍ، كانَ تِرْكانُهُ أحجَى

سَفَاهَاً تَمَادَى لَوْمُهَا وَلَجاجُها، = وإكْثَارُها فيمّا رأتْ، وَضِجَاجُها
وَنَبْوَتُها، إنْ عَادَ كَفّيَ عِيدُها، = وإنْ هَاجَ نَفسِي للسّماحِ هَياجُها

ناولني من كفه بنفسجا = لكل ما أضمره مهيجا
فقد شجاني،، = ولا عدمت من شجا

قد كان يعلم من طرفي بها طرفاً = إذ ليس يخفى عليه منه تزويج
فقلبه من حذاري واجف وله = دوني على بيتها ستر وتحريج

باتَ نَديماً لي، حتى الصّبَاحْ، = أغْيَدُ مَجدولُ مَكانِ الوِشاحْ
كَأنّمَا يَضْحَكُ عَنْ لؤلُؤٍ = مُنَظَّمٍ، أوْ بَرَدٍ أوْ أَقَاحْ

كم ليلة ذات أجراس وأروقة = كاليم يقذف أمواجاً بأمواج
فالزو والجوسق الميمون قابله = غنج الصبيح الذي يدعى بصناج

لكَ الخَلائِقُ فِينا السّهلَةُ السُّمُحُ، = وَالنَّيلُ يَسلُسُ للرّاجي، ويَنسرِحُ
وَالمَكْرُماتُ التي باعَتْ مَعالِمُها، = مَشهُورَةٌ، كَنجومِ اللّيلِ تَتّضِحُ

يا غادِياً، وَالثّغرُ خَلفَ مَسائِه، = يَصِلُ السُّرَى بأصِيلِهِ وَضُحَائِهِ
ألْمِمْ بساحةِ يُوسُفَ بنِ محَمّدٍ، = وَانظُرْ إلى أرْضِ النّدَى وَسَمائِهِ

إنّي تَرَكْتُ الصّبَا عَمداً، وَلمْ أكَدِ = مِن غَيرِ شَيبٍ وَلا عَذلٍ وَلا فَنَدِ
مَن كانَ ذا كَبِدٍ حَرّى، فقَد نضَبتْ = حَرَارَةُ الحبّ عَن قلبي وَعن كَبِدِي

بِتُّ أُبْدي وَجْداً وَأكْتُمُ وَجْدا، = لخَيَالٍ من البخيلة يُهْدَى
أقْسِمُ الظّنّ فِيهِ أنّى تخَطّى الـ = ـرّمحلَ مِنْ عالِجٍ، وَأنّى تَهَدّى

أإبْرَاهِيمُ! دِعْوَةَ مُسْتَعِيدِ = لرَأيٍ مِنكَ مَحْمُودٍ، فَقِيدِ
تَجَلّى بِشْرُكَ الأمسِيُّ عَنّي، = تَجَلّي جانِبِ الظّلّ المَديدِ

أجِزْ منْ غُلّةِ الصّدْرِ العَميدِ، = وَسَكِّنْ نَافِرَ الجائش الشَّرُودِ
فَما جَزعُ الجَزُوعِ مِنَ اللّيالي = بمُحْرِزِهِ، ولا جَلَدُ الجَلِيدِ

سواي مرجي سلوة أو مريدها = إذا واقدات الحب حب خمودها
فرارك من كف البخيل ومقلة الــ = ــمحب اعتراها يوم بين جمودها

دَنَا السّرْبُ، إلاّ أنّ هَجراً يُباعِدُهْ، = وَلاحَتْ لَنَا أفْرَادُهُ، وَفَرَائِدُهْ
بَدَأنَ غَرِيبَ الحُسْنِ ثُمّ أعَدْنَهُ، = فَهُنّ بَوَادِيهِ، وَهُنّ عَوَائِدُهْ

نَفّسَتْ قُرْبَها عَلَيناَ كَنُودُ، = وَالقَرِيبُ المَمنوعُ منكَ بعَيدُ
وَأبيهَا، وإن تَفاحَشَ وَهْيٌ = في هَوَاها، وَاختَلّ منها جديدُ

أصَبَا الأصَائِلِ إنّ بُرْقَةَ مُنْشِدِ، = تَشكُو اختِلافَكِ بالهُبوبِ السّرْمَدِ
لا تُتْعِبي عَرَصَاتِهَا، إنّ الهَوَى = مُلْقًى عَلى تِلْكَ الرّسُومِ الهُمّدِ

يا أخَا الأزْدِ ما حَفِظتَ الإخَاءَ = لمُحبٍّ، ولا َرعيْتَ الوَفَاءَ
عَذَلاً يَترُكُ الحَنِينَ أنِيناً، = في هَوىً يَترُكُ الدّمُوعَ دِماءَ

زَعَمَ الغُرَابُ مُنَبّىءُ الأنْبَاءِ، = أنّ الأحِبّةَ آذَنُوا بِتَنَاءِ
فاثلِجْ بِبَرْدِ الدّمعِ صَدراً وَاغراً، = وَجوَانِحاً مَسْجُورَةَ الرّمْضَاءِ

تعجب أهل مكة إذ رأونا = وحق لهم رأوا أمراً عجاباً
رأوا فيلا يعادله ذباب = وكيف يعادل الفيل الذبابا

بخلت عنا بمقرف عطب = ولن تراني ما عشت أطلبه
فإن تقل: صنته فما خلق الـ = ـله مصوناً وأنت تركبه

فجأته طالب ذي حاجة = ين مولاه على جانب
وقلت: [يا شيخ] أما تستحي = تنيك مولاك بلا حاجب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري Empty
مُساهمةموضوع: رد: اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري   اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري Emptyالسبت أبريل 06, 2013 2:46 pm

ألا تعجبون كما أعجب = حبيبي يسيء ولا بعتب
وأبغي رضاه على جوره = فيأبى علي ويستصعب

أظلوم حان إلى القبور ذهابي = وبليت قبل الموت في أثوابي
فعليك يا سكنى السلام فإنني = عما قليل فاعلمن لما بي

قلوب شجتهن الخدود الملائح = وساق بدا كالصبح والليل جانح
يدير كؤوسا من عقار كأنها = من النور في أيدي السقاة مصابح

يا أخا الحارث إني = خارج عند الرواح
سوف يقريك سلاماً = موصليات الرياح

لا تمازح في غير وقت مزاح = واتخذ آلة لوقت الصياح
ليس بعد الضراط يا وهب فينا = حرب الناس غير وقع السلاح

أرى بك الله نكالا، فكم = أريتنا من فعلة فاضحه
عشقك للقينة أجدى الأسى = في عشق إمراتك للنائحه

رأيتك يا أخي تطيل هزي = وتحريكي بمنطقك القبيح
ولست بثابت فيهم فتهجى = ولا مولى لثابتهم صريح

قَدْ جَاءَ نَصْرُ الله والفَتْحُ، = وَشَقّ عَنّا الظّلمَةَ الصّبْحُ
وَزِيرُ مَلْكٍ، وَرَجَى دَوْلَةٍ، = شيمَتُهُ الإنْعَامُ، والصّفحُ

لَئِنْ رَاحَ رَوحٌ هارِباً مِنْ ضُيُوفِهِ، = فَمَا المَطَرُ الثّاني عَمِيرٌ بِرَائِحِ
تشممت أستاه البغايا وقحمت = بك الغلمة القحماء في تل ماسح

طَلَبَ البَقَاءَ بكُلّ فَألٍ صالِحٍ، = وَبِكُلّ جَارٍ سانِحٍ، أوْ بارِحِ
سَمّاهُ سَعْداً ظَنّ أنْ يحْيَا بهِ، = عَمْري، لقَدْ ألْفاهُ سَعدَ الذابحِ

أبْلِغْ أبا صَالِحٍ، إمّا مَرَرْتَ بهِ، = رِسَالَةً مِنْ قَتيلِ المَاءِ وَالرّاحِ
ألآنَ أقْصَرْتَ إقْصَاراً مَلَكْتَ بهِ = مَقَادَتي، وَأطَعْتَ الله وَاللاّحي

يا سعد إنك قد حجبت ثلاثة = كل عليه منك وشم لائح
وأراك تخدم رابعاً لتبيده = فارفق به، فالشيخ شيخ صالح

لِيَكْتَنِفْكَ السّرُورُ والفَرَحُ، = وَلاَ يَفُتُكَ الإبْرِيقُ والقَدَحُ
فَتْحٌ وَفِصْحٌ قد وَافَيَاكَ مَعَاً، = فالفَتْحُ يُقرَا، والفِصْحُ يُفتَتَحُ

دواعي الحين سقن إلى نجاح = ركوب البغي للأجل المتاح
ولو نصحا أراد لكان فيه = عبيد الله أسبق من نجاح

ما انجحت غطفان في أكرومة = إنجاحها بالصيد آل نجاح
ورثوا الكتابة والفروسة والحجى = عن كل أبيض منهم وضاح

هلِ الفتحُ إلاّ البدرُ في الأُفُقِ المُضْحي = تجَلّى، فأجلى اللّيلَ جُنحاً على جُنحِ
أوِ الضَّيغَمُ الضّرْغَامُ يَحمي عَرِينَهُ، = أوِ الوَابِلُ الدّاني، منَ الدّيمةِ السَّحّ

ألا يا هبوب الريح بلغ رسالتي = سليمى وعرض بي كأنك مازح
وعني اقرئها السم وقل لها: = زعمت بألا يكتم السر بائح

يا أبَا صَالحٍ، صَديقَ الصّلاحِ، = وَشَقيقَ النّدَى، وَتِرْبَ السّماحِ
لا أظُنُّ الصّبَاحَ يُوفي بإشْرَا = قِ خِلالٍ في ساحَتَيكَ صِبَاحِ

وما خِفْتُ جِدّي في الصّديقِ يسوءُهُ، = وَلكِنْ كَثيراً ما يُخافُ مُزَاحي
وَرُبّ مُبَارٍ للرّيَاحِ بجُودِهِ، = منَ الأجْودِينَ الغُرّ، آلِ رِياحِ

يضحكن عن برد ونور أقاح = ويشبن طعم رضابهن براح
وإذا برزن من الخدور سفرن عن = هميك من ورد ومن تفاح

أضْحَتْ بمَرْوِ الشّاهِجانِ مَنَادِحي، = وَلأهْلِ مَرْوِ الشّاهِجَانِ مَدائحي
وَصَلُوا جَنَاحِي بالنّوَالِ، وَأمّنُوا، = مِن خَوْفِ أحداثِ الزّمانِ، جَوَانحي

هَيّنٌ ما يَقُولُ فيكَ اللاّحي = بَعْدَ إطْفَاءِ غُلّتي والتِيَاحي
كنتُ أشكو شكوَى المُصرِّحِ، فالآ = نَ أُلاقي النّوَى بدَمْعٍ صُرَاحِ

نَهَيْتُكُمُ عن صالحٍ، فأبَى بِكُمْ = لَجاجُكُمُ إلاّ اغْتِرَاراً بِصَالِحِ
وَحَذّرْتُكُمْ أنْ تَرْكَبُوا الَغيَ سادراً = فَيَطرَحَكُمْ في مُوبِقاتِ المَطارِحِ

لهَا مَنْزِلٌ بَينَ الدَّخولِ فَتُوضَحِ، = مَتى تَرَهُ عَينُ المُتَيَّمِ تَسفَحِ
عَفَا، غَيرَ نُؤيٍ دارِسٍ، في فِنائِهِ = ثَلاثُ أثَافٍ، كالحَمائمِ، جُنّحِ

أفي مُسْتَهِلاّتِ الدّموعِ السّوَافحِ، = إذا جُدْنَ، بُرْءٌ من جوًى في الجَوَانحِ
لَعَمْرِي، لَقَدْ بقَى وَصِيفٌ بهُلكه = عَقابيلَ سُقمٍ للقلوب الصّحَائحِ

أطَاعَ عَاذِلَهُ، في الحُبّ، إذْ نَصَحَا، = وَكَانَ نَشْوَانَ من سُكرِ الهَوَى فَصَحَا
فَمَا يُهَيّجُهُ نَوْحُ الحَمَامِ، إذا = ناحَ الحَمامُ على الأغصَانِ أوْ صَدَحَا



ألَمْعُ بَرْقٍ سَرَى أمْ ضَوْءُ مِصْبَاحِ، = أمِ ابْتِسَامَتُهَا بالمَنْظَرِ الضّاحِي
يا بُؤسَ نَفْسٍ عَلَيْهَا جِدُّ آسِفَةٍ، = وَشَجْوَ قَلْبٍ إلَيها جِدُّ مُرْتَاحِ

بلوت الحب موصولاً وصولاً = ومهجوراً أثاب سوى ثوابي
فلا عيش كوصل بعد هجر = ولا شيء ألذ من العتاب

عرضت عليها ما تمنى من المنى = لترضى، فقالت: قم فجئني بكوكب
فقلت لها: هذا التعنت كله = كمن يتشهى لحم عنقاء مغرب

أخٌ لي منْ سَرَاةِ الفُرْسِ قضّتْ = يَداهُ عَظْمَ مأرَبَتي وَحاجي
كَفاني بحْرُهُ العذْبُ، المُصَفّى، = وُرُودَ شرَائِعِ الطَّرقِ الأُجَاجِ

أبا جَعْفَرٍ كُلُّ أكْرُومَةٍ، = بأخّلاقِكَ البيض مَنْسُوجَهْ
وَنَفْسُكَ نَفسٌ، إذا ما النّفو = سُ تَوَقّدْنَ للشّحّ مَثْلُوجَهْ

مخبرتي برقة أحواج = عن ظعن سارت وأحداج
طوع رواح وجهوا للنوى = عيرهم أم طوع إدلاج

ودعنا نائل بدلجته = ولم يكن قبلها أخا دلج
يأباه إخواننا ويقبله = أبو علي أخو أبي الفرج

ما قام لكي لعجل حين زاحفها = ولم تقم ما درايا بعد للكرج
لو أنكم كنتم للشلمغان إذن = ثبتم في مضيق المأزق اللحج

أبَا حَسَنٍ إنّ حُسْنَ العَزَا = ءِ عِنْدَ المُصِيبَاتِ وَالنازلاتِ
يُضَاعِفُ فِيهِ الإلهُ الثّوَا = بَ للصّابِرِينَ وَللصّابِرَاتِ

أحين دنا من كنت أرجو دنوه = رمتني صروف الدهر من كل جانب
فأصبحت مرحوماً وكنت محسداً = فصبر على مكروه مر العواقب

عملنا في المقام كما أمرتا = وأخرنا الرحيل كما أشرتا
عدات أعقبت ندماً طويلاً = وما المغرور إلا من غررتا

ليت! تلهفت عليه وما = يغني علي اليوم من ليت؟
إن أبا الفضل على سروه = لم يزعموه طيب البيت

وقالوا: ما الذي يرضيك منه = وأنت تقول لا تطل السكوتا
فقلت: رضاي في الإحسان عنه = فقالوا: ليس ترضى أو تموتا

طال في هذه السوادات لبثي = واشتكائي فيها غرامي وبثي
معمل الفكر يقتل الجرجرائــ = ــي أخلاي بالعراق وإرثي

ألم ترني بليت بشر قوم = أمل إذا لقيتهم حياتي
إذا المغتر لاح لهم بدوه = بأيمان كمثل الأمهات

إذا كنت قوت النفس ثم هجرتها = فكم تلبث النفس التي أنت قوتها
أغرك أني قد تصبرت جاهداً = وفي النفس مني منك ما سيميتها

أنا في إذن فأشكو = فلقد طال السكوت
آمنا من شر ما يو = عدني الهجر المقيت

منْ يَأْمَنِ الْبَلْْوَى ،وبَيْنَا فَتىً = مِنْ آلِ وَهْبٍ بَيْنَنَا إِذْ حَبَقْ
سأَلْتُ عنْ ذَاكَ،فَقِيلَ:أسْتُهُ = مَكْشُوفَةٌ لَيْسَ عَلَيها طَبَقْ

نصيبي منك لوم العاذلات = وهجران بلغت به أذاتي
رأيت الغانيات يرين غنما = ردانا في صدود الغانيات

سأرحل عنك معتصماً بيأس = وأقنع بالذي لي فيه قوت
وآمل دولة الأيام حتى = تجيء بما أؤمل أو أموت

أليس طبعاً في بني آدم = أن يخجل الضارط من ضرطته
قد نال وهب عندها رفعة = وزلفة، فازداد في سطوته

سقياً لمجلسنا الذي آنسته = واهاً لمجلسنا الذي أوحشته
صيرت مجلسنا بذكرك عامراً = وحضرت آخر غيره فعمرته

في أي حين رأيت مولاتي = في خير حين وخير ميقات
تقبل محفوفة محاسنها = بأعين الناس والإشارات

وقالوا : تجنبها تنفق فاجتنبتها = زماناً، فما أسلى فؤادي التجنب
وقالوا، تقرب يخلق الحب أو تجد = علالة قلب، فاختلاني التقرب

عاديت مرآتي فآذنتها = بالهجر، ما كانت وما كنت
كانت تريني العمر مستقبلاً = وهي تريني الفوت مذ شبت

قد كنت أعهد أن الشهب ثاقبة = فقد رأينا شهاباً وهو مثقوب
في كفه -الدهر- أم في ظهره قلم = فنصفه كاتب، والنصف مكتوب

وفي أربع مني حلت منك أربع = فما أنا أدري أيها هاج لي كربي
أوجهك في عيني أم الريق في فمي = أم النطق في سمعي، أم الحب في قلبي

ومجر على الأوتار صوتاً يجاوبه = معقربة أصداغه وذوائبه
إذا ريحته الراح لاح بعارض = ينير إذا ما الليل غابت كواكبه

ترى زعيم الجبال منقينا = إنقاء غسل من نجو ناجيته
إذا اشتهى الكلب أن يقذرنا = لوثنا في غناء جاريته

عدلتم بـ طلحة عن حقه = ونكبتم عن موالاته
وكيف يجوز لكم جحده = وطلحتكم بعض طلحاته

أيكم سائل زريـــ = ــقة عن حال بنتها
هي رتقاء يعجز اللفــ = ــظ عن قبح نعتها

للنَّاسِ بَدْرانِ لا يَخْفَى طُلُوعُهُمَا = بدْرُ السَّماءِ،وبَدْرُ الأَرْضِ إِسْحَاقُ
أَغَرُّ تُفْتَحُ أَبوَابُ النَّوَالِ بِهِ = وللمَنَايا به فَتْحٌ وإِغلاَقُ

حرك يديك اللتين خلتهما = ويحك فيما ترى من الخشب
أنا ترى الناس يأخذون، ويعـ = ـطون، ويستمتعون بالنشب

تروح رواحا على أبلق = وتغدو غدوا على أشهب
يخف بك الناس من مجلس = خصيب إلى مجلس مخصب

لا تعجبن فما للدهر من عجب = ولا من الله من حصن ولا هرب
يا فضل لا تجزعن مما رميت به = من خاصم الدهر جاثاه على الركب

أي حسن للبدر غطى تلاليـ = ـه سحاب إذا علاه سحابه
فتح باب العلاء صعب على من = دون وقد الثناء أغلق بابه

فلو أن ريحاً أبلغت وحي مرسل = خفي لناجيت الجنوب على الجنب
وقلت لها: أدي إليهم تحيتي = ولا تخلطيها، طال سعدك، بالتراب

أنَسيمُ! هَلْ للدّهْرِ وَعْدٌ صَادِقُ = فيما يُؤمّلُهُ المُحبُّ الوامِقُ؟
مَالي فَقَدْتُكَ في المَنَامِ، وَلَمْ يَزَلْ = عَوْنَ المَشُوقِ، إذا جَفَاهُ الشّائِقُ

إِذا ما صَدِيقي رابَني سُوءُ فِعْلِهِ = وَلَمْ يَكُ عَمّا رَابَني بِمُفِيقِ
صَبرْتُ عَلَى أَشياءَ مِنْهُ تَرِيبُني = مَخَافَةَ أَنْ أَبْقَى بغَيْرِ صدِيقِ

إنْ رَقّ لِي قَلْبُكِ مِمّا أُلاقْ = مِنْ فَرْطِ تَعذِيبٍ، وفرْطَِ اشتياقْ
وَجُدْتِ بالوَصْلِ عَلى مُغْرَمٍ، = فَزَوّديني مِنْكِ قَبْلَ انْطِلاَقْ

تَخَلّ منَ الأطماعِ، إمّا تَخَلّتِ، = وَوَلّ صُرُوفَ الدّهْرِ ما قدْ تَوَلّتِ
لَقَدْ كانَ لي فيما تَطَوّلَ جعفَرٌ = بِهِ منْ أيادٍ أنهَضَتْ، فَأقَلّتِ

جُعِلتُ فِداكَ، الدّهْرُ ليسَ بمُنفَكِّ = منَ الحادثِ المَشكُوّ، وَالنازِلِ المُشكي
وَمَا هَذِهِ الأيّامُ إلاّ مَنازِلٌ، = فمِن منزِلٍ رَحبٍ وَمن منزِلٍ ضَنكِ

يشكو إليك هواك المدنف الوصب = بواكف ينهمي طوراً وينسكب
إذ يقال: اتئب، ردت صبابته = إليه ثابت وجد ليس يتئب

هُبِلَ الوَاشِي بهَا، أنّى أفَكْ، = لَجّ في قَوْمٍ عَلَيْها، وَمَحَكْ
وَقَدِيماً لَمْ أزَلْ في حُبّهَا = شارِدَ السّمعِ عنِ القوْلِ الأرَكّ

لامت ملامة مشفق متعتب، = وسطت سطية ناصح لم يكذب
واستشفعت بدموعها، ودموعها = لسن متى تصف الكآبة تسهب

يا فضل فيم الصدود والغضب = أم فيم حبل الصفاء منقضب
أم فيم هجران هائم بكم = تقصونه دائبا ويقترب؟

قُولُوا لِسرْجَسَ يَابْنَ القَحْبَةِ الشَّبِقَهْ = ومَنْ لَهَا فِي حشَاها شَهْوَةٌ حرِقَهْ
وابْنَ الَّتي جَعَلَتْ لِلدَّاء فَقْحَتَها = وَفْقاً علَى كُلِّ فَحْلٍ نَاكَهَا صَدَقَهْ

لا أرى بالعقيق رسما يجيب = أسكنت آية الصبا والجنوب
واقف يسأل الديار، وعذل = في سؤال الديار أو تأنيب

تَظُنُّ شُجُونيَ لَمْ تَعْتَلِجْ، = وَقد خَلَجَ البَينُ مَن قد خَلَجْ
أشَارَتْ بعَيْنَينِ مَكْحُولَتَينِ = مِنَ السحر، إذْ وَدّعتْ، وَالدَّعَجْ

أحْبِبْ إليّ بطَيْفِ سُعْدَى الآتي، = وَطُرُوقِهِ في أعْجَبِ الأوْقَاتِ
أنّى اهْتَدَيْتَ لمُحْرِمِينَ تَصَوّبوا = لسُفُوحِ مكّةَ مِنْ رُبَى عَرَفاتِ

أريحيات صبوة ومشيب = من سجايا الأريب شيء عجيب
وبكاء اللبيب بعد ثلاث = وثلاثين في البطالة حوب

بعَيْنَيْكَ ضَوْءُ الأُقْحُوَانِ المُفَلَّجِ، = وَألحاظُ عَيْنيْ ساحر اللّحظِ، أدْعَجِ
شَجًى من هوى زَادَ الغَليلَ تَوَقّداً، = وَكانَ الهَوَى إلْباً على المُغرَمِ الشجي

كُنتُ إلى وَصْلِ سُعدى جِدَّ محْتَاجِ، = لَو أنّهُ كَثَبٌ للآمِلِ الرّاجي
تُدامِجُ الوَعدَ لا نُجحٌ ولا خُلُفٌ، = مَجْدُولَةٌ بَينَ إرْهَافٍ، وإدْمَاجِ

رَأتْ وَخْطَ شيْبٍ من عذاري، فصَدّت، = وَلَمْ يَنْتَظِرْ بي نَوىً قد أجَدّتِ
تَصُدُّ على أنّ الوِصَالَ هُوَ الّذي = وَدِدْتُ زَماناً أن يدومَ، وَودّتِ

حَلَفْتُ لهَا بالله، يَوْمَ التّفَرّقِ، = وَبالوَجْدِ مِنْ قَلبي بِها المُتَعَلِّقِ
وَبالعَهْدِ ما البَذْلُ القَليلُ بضَائعٍ = لَدَيّ، ولا العَهدُ القَديمُ بمُخلِقِ

لمْ يَبقَ، في تلكَ الرّسُومِ بمَنْعِجِ، = إمّا سَألْتَ، مُعَرَّجٌ لِمُعَرِّجِ
آثَارُ نُؤيٍ، بالفِنَاءِ، مُثَلَّمٍ، = وَرِمَامُ أشعَثَ بالعَرَاءِ مُشَجَّجِ

وراءك عني يا عذول الأشايب = بكلفة عذل بعد شيب الذوائب
ألم تعلمي أن ليس في الأرض مرأة = تقوم على حد اعتدال المذاهب

يا بَدِيع الحُسنِ والقَدِّ = ،بهِ وَجدِي بَديعُ

حبيبي حبيب يكتم الناس أنه = لنا حين تلقاناالعيون حبيب

وذي ثقة تبدل حين أثرى، = ومن شيمي مراقبة الثقات

سَلامٌ عَلَيكُم لا وَفاءٌ وَلا عَهدُ = أَما لَكُمُ مِن هَجرِ أَحبابِكُم بُدُّ
أَأَحبابَنا قَد أَنجَزَ البَينُ وَعدَهُ = وَشيكاً وَلَم يُنجَز لَنا مِنكُمُ وَعدُ

العَيشُ في لَيلِ دارَيّا إِذا بَرَدا = وَالراحُ نَمزُجُها بِالماءِ مِن بَرَدى
قُل لِلإِمامِ الَّذي عَمَّت فَواضِلُهُ = شَرقاً وَغَرباً فَما نُحصي لَها عَدَدا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » البحتري
» اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » أبو العلاء المعري
» اشعار وقصائد » شعراء العصر العباسي » بديع الزمان الهمذاني
» اشعار وقصائد » شعراء العصر الاموي » عمر بن أبي ربيعة
» اشعار وقصائد » شعراء العصر الاموي » الفرزدق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى الخواطر الشعرية-
انتقل الى: