ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 الانتخابات التشريعية الفلسطينية البديل هو حكومة اتحاد وطني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

الانتخابات التشريعية الفلسطينية البديل هو حكومة اتحاد وطني Empty
مُساهمةموضوع: الانتخابات التشريعية الفلسطينية البديل هو حكومة اتحاد وطني   الانتخابات التشريعية الفلسطينية البديل هو حكومة اتحاد وطني Emptyالخميس يناير 14, 2010 11:00 am

الانتخابات التشريعية الفلسطينية البديل هو حكومة اتحاد وطني FN847-Klne_164045105
الانتخابات التشريعية الفلسطينية البديل هو حكومة اتحاد وطني
1- منذ نشوء السلطة الفلسطينية وحتى إنتخابات المجلس التشريعي، أى على إمتداد ما يقارب الإثنى عشر عاماً، تعاقبت تسع حكومات على المستوى التنفيذي، عكست مسار السلطة الفلسطينية وتطورها بمختلف محطاتها:
فى علاقتها مع الإحتلال عبّرت كل من الحكومات الفلسطينية وما زالت، عن ميزان القوى المتحرك فى الإشتباك المفتوح بين الحركة الفلسطينية، الوطنية التحررية، وإسرائيل قوة الإحتلال والإستيطان، فهذه الحكومات هى من جهة نتاج لاتفاقات (17) عقدت باسم م. ت. ف. مع الحكومة الإسرائيلية (أوسلو …)، وتدخلات دولية (18) (خارطة الطريق …)، هذا دون أن ننسى المشاريع والخطط الإسرائيلية (19) (فك الارتباط …) الحاضرة دوماً بتأثيراتها المتعددة، وهى من جهة أخرى نتاج لمواجهة الشعب الفلسطينى للإحتلال والإستيطان على الأرض وفى الميدان (20).
بكلام آخر الحكومات الفلسطينية كإحدى أشكال التعبير السياسى عن كيان سياسى قيد التبلور فى صيرورة الإستقلال الوطني، هى محصلة لجهد نضالى متعدد الأوجه والأشكال يتحرك على مستويى السياسة والميدان. وينشأ خط التداخل بين هذين المستويين من خلال التأثر والتأثير المتبادل بين زخم النضال الوطنى من جهة، ومن جهة أخرى الأطر المعتمدة (غير المطبقة فى معظم الأحيان) للتسوية وأهدافها: من الحكم الذاتى الإنتقالى بأفق الحل الدائم غير محدد المعالم (أوسلو) إلى الدولة ذات الحدود المؤقتة بأفق الدولة المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة، لكن غير معرّفة الحدود، وبلا حق عودة للاجئين (خارطة الطريق)، ومن فك إرتباط فى قطاع غزة إلى - على ما يشاع - فك ارتباط معمم فى أكثر من بقعة فى الضفة الغربية.
وفى علاقتها مع الخارطة السياسية والإجتماعية عبّرت هذه الحكومات بتشكيلاتها المتعاقبة عن نزوع الحزب الحاكم للإستفراد بالسلطة والإنفراد بممارستها. وإذ تسعى بعض الأوساط فى السلطة وحركة فتح إلى تسويغ هذه الحالة المستدامة بإحالتها إلى رفض مشاركة قوى سياسية فى حكومات تستظل بأوسلو واستطراداً بخارطة الطريق، فإنه يسهل تصويب هذا القول وإعادته إلى سياقه الحقيقى (أى السياسى والعملي)، بإستعادة محطات ووقائع يصعب أن تتجاهلها ذاكرة سياسية حتى لو كانت محشوة - عمداً - بالنسيان.
ذلك أن الخيار المطروح أمام القوى السياسية لم يقم فى معظم الأحيان على مانوية حادة، هى ثنائية الأبيض والأسود: الموافقة على أوسلو (أو خارطة الطريق) تقود إلى المشاركة فى الحكومة، وعدم الموافقة يقود إلى المقاطعة. وإلا كيف نفسر مشاركة معظم القوى المعارضة لأوسلو فى إنتخابات التشريعى الثانى التى ينظمها قانون (21) يمكن بالمطالعة القانونية المجردة (أى التى لا تقيم وزناً للحالة السياسية السائدة)، رده إلى أوسلو كما يُرد الفرع إلى الأصل هل لأن هذه القوى السياسية تراجعت عن موقفها من أوسلو..؟ وكيف يمكن أصلاً لقوى كانت تعارض إتفاقات أوسلو وهى فى ذروة صعودها أن تسلم بهذه الإتفاقات وهى فى عزّ فشلها … إتفاقات لم تعد - باعتراف أهلها - صالحة كآلية للتقدم نحو التسوية المتوازنة وطنياً، والتى جرى نقدها من هؤلاء نظراً للنتائج الكارثية التى قادت إليها، ومن بينها مضاعفة الإستيطان - تحت مظلة أوسلو - خلال أقل من عشرة أعوام …
إن حقائق السياسة ومواجهة الإحتلال تشير إلى أن من عارض أوسلو ليس ولم يكن مضطراً للتراجع عن موقفه من عملية سياسية فاشلة، خاصة بعد إندلاع إنتفاضة الإستقلال التى لم تكن تعنى أقل من انحياز أوساط لا يستهان بها من أهل أوسلو إلى موقع معارضى أوسلو وخيارهم الأصلى وليس العكس.
2- عديدة هى المحطات التى كان يمكن أن تستثمر وطنياً من أجل تقريب المواقف وصولاً إلى تجاوز هيمنة اللون السياسى الواحد على مؤسسات السلطة الوطنية بما فيها الحكومة. عديدة كانت الفرص، لكنها فوتت وبُددت، ليس بعد إندلاع الإنتفاضة فحسب إنما قبلها ومن أبرزها فرصتين:
الأولى مع حلول إستحقاق 4/5/1999، التاريخ المفترض بحسب أجندة أوسلو لإنتهاء المرحلة الإنتقالية والمفاوضات حول الوضع الدائم، حيث كان بإمكان حركة فتح من خلال م. ت. ف. والسلطة فى آن، إعلان بسط سيادة دولة فلسطين على كامل أراضيها المحتلة بعدوان 1967، لكن ياسر عرفات تردد وأحجم عن ذلك مستجيباً فى حينها للضغوط الخارجية التى مورست عليه وبخاصة الأمريكية.
والثانية إثر فشل مفاوضات كامب ديفيد (تموز/ يوليو 2000) ومحاولة واشنطن وتل أبيب تحميل الجانب الفلسطينى مسؤولية هذا الفشل، وارتفاع نبرة الإدعاء الإسرائيلى عن غياب الشريك الفلسطيني، وبالمقابل الإلتفاف السياسى والشعبى الواسع الذى حظيت به مواقف الرئيس ياسر عرفات وعززت زعامته.
فى الحالتين كان بالإمكان الدعوة لتشكيل حكومة إتحاد وطنى للتعاطى مع الظرف المصيرى المستجد؛ سواء بعد أن أوصد تعنت باراك فى كامب ديفيد بوابة الإتفاق على عناصر الحل الدائم، حيث نشأت ضرورة وطنية ملحة لمراجعة الاستراتيجية الفلسطينية المعتمدة وتصويب وجهتها، أو بعد اصطدام عملية أوسلو بالجدار، عندما استحق تاريخ 4/5/1999 دون استكمال أجندة المرحلة الانتقالية، ناهيك عن إمكانية الشروع بالحل الدائم، فنشأت حالة وطنية ضاغطة لاعتماد استراتيجية أخرى تقود إلى تجاوز قيود إتفاقات أوسلو بعد أن أخلّت إسرائيل بأجندتها وتنكرت لموجباتها.
أما بعد 28/9/2000 فإنعقدت موضوعياً، الشروط المثلى لإستعادة الوحدة الوطنية فى ضوء إندلاع إنتفاضة الإستقلال التى استندت إلى خيار كفاحى محمول سياسياً وشعبياً على أوسع نطاق، نقيض الحالة التى عاشتها عملية أوسلو، لا سيما بدءاً من النصف الثانى من العام 1996، وهبة النفق تحديداً فى شهر أيلول (سبتمبر) من هذا العام، بعد أن استبانت مضار تطبيقات أوسلو وسلبياتها، ما أدى إلى تعاظم المعارضة الشعبية والمنظمة لها، واتساع دائرتها على نحو غير مسبوق.
الإنتفاضة أخرجت السلطة من إسار الوظيفة الأمنية المحددة لها فى إتفاقات أوسلو (الأمن لإسرائيل كياناً وأفراداً، احتلالاً ومستوطنات) والتى كانت تستجيب لها أجهزة السلطة قمعاً للمقاومة وللحركة الشعبية، إلى أن بدأت قبضتها الأمنية بالارتخاء تدريجياً بقدر ما كانت الأبواب توصد أمام تقدم تطبيقات أوسلو، وبقدر ما كان يتصلب عود المعارضة وتتجذر الحالة الشعبية. وفى هذا السياق تعتبر هبّة النفق فى أيلول (سبتمبر) 1996 علامة فارقة، ونقطة تحول إيجابية فى مسلك السلطة الفلسطينية لجهة بدء إنحسار جوانبه الأمنية والقمعية.
3- بناء على هذه المقدمات، أتت الإنتفاضة لتنقل السلطة بالإتجاه العام إلى موقعها، فباتت إحدى مرتكزاتها الأهم فى المقاومة المسلحة، كما رتبت عليها أعباء مضاعفة فى تنظيم أوضاع وإدامة صمود المجتمع الفلسطينى أمام إنفلات آلة الدمار الإسرائيلية، جيشاً ومستوطنين، من عقالها.
كما أتت الإنتفاضة لتبيّن مدى الحاجة لبلورة إجابات ومواقف مشتركة حيال البرنامج الوطنى الذى ينبغى اعتماده من قوى الإنتفاضة: ما هى أهداف النضال الوطنى فى هذه المرحلة..؟ ما هى الأهداف التى ترمى الحركة الفلسطينية التقدم نحوها أو/ بلوغها بواسطة الإنتفاضة بعد أن إصطدمت المفاوضات بجدار التعنت الإسرائيلي..؟ وفى هذا السياق ما هو الموقع الذى تحتله المقاومة المسلحة، وكيف يمكن أن تصب فى مجرى الإنتفاضة تزخيماً لها ورفعاً لفعاليتها..؟ ما هى أشكال المقاومة المسلحة التى تخدم بنتيجتها العملية الوطنية ولا ترتب سلبيات بإمكان الحالة الفلسطينية تجنبها أو تقليص مفاعيلها كما هو حال العمليات ضد التجمعات المدنية فى العمق الإسرائيلي..؟ ما هى العلاقة بين الإنتفاضة والعملية السياسية إنطلاقاً من الأطر والإتفاقات القائمة أو المقدمة لإجراء التسوية..؟ ما هو السبيل لتعبئة طاقات الشعب الفلسطينى فى الداخل صموداً وانخراطاً فى الإنتفاضة وفى الخارج دعماً لها..؟ ما هو موقع حركة اللاجئين من الانتفاضة..؟ ما هو دور السلطة والحكومة إستتباعاً فى توفير مقومات الصمود للمجتمع الفلسطيني..؟ وفى هذا السياق كيف التعاطى مع ملف الإصلاح..؟ كيف يمكن تفعيل أطر ومؤسسات م. ت. ف. بعد تطويرها لاستيعاب المستجدات..؟ …
مبدئياً، الأرضية الواحدة وأساسها خيار الإنتفاضة التى تقف عليها القوى الفلسطينية على اختلاف برامجها، كانت توفر ما يكفى من عناصر التوافق لإجابات متقاربة على هذه الأسئلة وغيرها، وبما يسمح بصياغة برنامج وطنى مشترك تنهض عليه وحدة الصف ووحدة العمل بين جميع القوى وصولاً إلى قيادة وطنية موحدة وحكومة إتحاد وطني.
غير أن الوقائع برهنت أن معطيات الإنتفاضة وما يترتب عليها لم يكن كافياً، فبافتقاد الإرادة السياسية بالمستوى الذى يقتضيه إدراك المصلحة الوطنية العليا سادت بشكل عام حالة تجاور بين القوى الرئيسية مع استبطان كل منها لبرنامجه الخاص، وسعيه لتقدمه على البرامج الأخرى. وتم الإكتفاء بالحد الأدنى من الوحدة من خلال ما سمى بالوحدة فى الميدان، والتشاور غير الملزم والتنسيق بالنسبة للقضايا المطروحة، كون التلاقى على البرنامج المشترك وما يتفرع من صيغ عمل جبهوية ليس بالمنال.
الوحدة فى الميدان ببرامج متمايزة وبالنسبة لبعض العناوين متخالفة، بديلاً من الوحدة الائتلافية الحقيقية على البرنامج المشترك إنحكمت إلى منطق التوظيف والاستثمار المتبادل بين طرفين رئيسيين سعى كل منهما لإدراج تقاطعاته الميدانية مع الآخر فى سياق برنامجه الخاص: السلطة وحزبها الحاكم التى كانت تتوسل الإنتفاضة لإستعادة المسار التفاوضى المنقطع، وتحسين شروط الجانب الفلسطينى ما أمكن ذلك، وحركة حماس التى كانت ترى فى استمرار الإنتفاضة بتراً للمسار السابق، وتأسيساً لمسار جديد تكمن مشكلته فى أنه غير واضح المعالم، نظراً لاكتفاء هذا الإتجاه السياسى بميثاق مفوّت زمناً وأطروحات عامة بديلاً من البرنامج السياسى المحدد، ما يقود إلى اقتصار طرحه - عملياً - على عناوين عامة ومبهمة وأحياناً حمّالة أوجه لا تجيب على القضايا المطروحة بعينها، وتتجنب الإقتراب من الحلقات الوسيطة فى النضال الوطنى التحررى التى توجهه صوب أهدافه.
لذلك، وعلى الرغم من مسار حوارى مديد لم ينقطع فصولاً منذ العام 1997 (بدأ فى نابلس فى شباط/ فبراير وآذار/ مارس، وفى غزة فى آب/ أغسطس)، وانتقل إلى القاهرة فى ثلاث محطات جامعة (كانون الثاني/ يناير 2003، كانون الأول/ ديسمبر 2003، وآذار/ مارس 2005)، وعلى الرغم من بعض المحطات التى كاد فيها هذا الحوار أن يلامس النجاح (فى غزة فى آب/ أغسطس 2003 تم التوصل إلى برنامج مشترك بين القوى الوطنية والإسلامية أحجمت عنه حركة حماس فى اللحظة الأخيرة. وفى رام الله أقرت فصائل م. ت. ف. بحضور الرئيس عرفات برنامجاً وطنياً مشتركاً فى 30/3/2004، لكن دون أن تترتب عليه أية نتيجة عملية). نقول، على الرغم من جهد حوارى إستغرق تسع سنوات ونيّف لم يقيّض لهذا الحوار النجاح سوى فى محطته الأخيرة فى القاهرة (آذار/ مارس 2005)، حيث تحقق التوافق الوطنى على ثلاثة عناوين: التهدئة، تعديل قانونى الإنتخابات المحلية والتشريعية، واستحداث لجنة وطنية عليا تواصل الحوار لتفعيل مؤسسات م. ت. ف. وتأهيلها لاستيعاب الحالة الفلسطينية بجميع إتجاهاتها.
إنجازات المؤتمر الثالث للحوار الوطنى فى القاهرة، على أهميتها، لم تحرك الحدود التى بقيت عملياً جامدة بين ثلاثة مواقف: الإنفراد بالسلطة والقرار من جانب فتح. المطالبة بالمشاركة الوطنية من قبل حماس بمضمون ينزع إلى القطبية الثنائية بينها وبين فتح، مع تجنب التطرق إلى البرنامج الذى يفترض أن يشكل الأساس للمشاركة الوطنية. وأخيراً المطالبة الصريحة بإقامة حكومة إتحاد وطنى على قاعدة البرنامج المشترك، الذى تمسكت به عديد القوى الديمقراطية واليسارية. وأحد الأسباب الرئيسية لهذا الجمود يُعزى إلى إنتظار وترقب ما سوف تسفر عنه الإنتخابات التشريعية الثانية من نتائج ترسم حدود التوازنات، وما يمكن أن يُبنى عليها من تحالفات.
4- أزمة السلطة وحكوماتها والنظام السياسى الفلسطينى عموماً تقع فى إمتداد أزمة حركة فتح، نظراً للموقع الاستثنائى الذى تحتله الحركة فى مؤسسات السلطة وم. ت. ف. على مختلف المستويات، ومن القمة ابتداءً، وبما أن البحث عن أزمة فتح يفيض عن دائرة ما نحن بصدده نكتفى بتسليط الضوء على التالي:
إنخرطت حركة فتح فى التسوية من خلال عملية أوسلو، وما يترتب عليها من إتفاقات وأجندات وإلتزامات، فتعزز وضعها ودورها مع صعود مشروع التسوية وارتبك وتراجع مع هبوطه، فانعكس سلباً على أوضاعها. لقد دخلت فتح فى هذه التسوية، وفى المناطق الفلسطينية بالذات، بكل ما أوتيت به من طاقات وإمكانيات لبناء السلطة الفلسطينية ومؤسساتها. وبالمقابل فإنها أهملت م. ت. ف. وجوّفت مؤسساتها، وما كان يمكن أن تشكله م. ت. ف. من ظهير لعموم الحركة الفلسطينية لو بقيت معافاة من خلال إضطلاعها بدورها ضمن الائتلاف الوطنى وبقيادته، كمرجعية للسلطة فى الداخل وللشعب الفلسطينى فى الشتات من أجل تعبئة طاقاته فى سبيل أهداف النضال الوطني.
بعد تعثر عملية أوسلو ومن ثم فشلها لجأت حركة فتح إلى خيار الإنتفاضة والمقاومة لتجاوز مأزق التسوية، وفى هذا لم تعتمد استراتيجية واضحة، فارتبكت العلاقة بين مختلف أشكال النضال، واختل الميزان بين الإنتفاضة والمقاومة، فانجرت فتح من خلال تشكيلات شهداء الأقصى وغيرها إلى اتباع أشكال معينة من العمل العسكرى لا تنسجم مع موقع فتح فى السلطة والعملية السياسية ومسعاها لاستئناف المفاوضات.
الرد الإسرائيلى على الإنتفاضة والمقاومة لا سيما مع حملة السور الواقي وما أعقبها لم يقتصر على بنية المقاومة، بل تجاوزها إلى النيل من هياكل السلطة نفسها لتقويضها وزرع القتل والدمار فى المناطق الفلسطينية.
هذا المخطط التدميرى الشامل إندرج فى سياق دعاوى الإفتقاد إلى شريك فلسطينى فى عملية التسوية، فعندما تدمر مرتكزات السلطة وهياكلها، فضلاً عن إقتصاد البلد ككل، يسهل إدعاء غياب الشريك على الجهة المقابلة، باعتبار أن ضعف امتلاكه لأدوات الحكم والسيطرة المهشمة تفقده القدرة على الوفاء بالتعهدات التى تنطوى عليها فى العادة نتائج المفاوضات.
الضغط الخارجى الذى اشتدت وطأته بشكل خاص بعد حملة السور الواقي، استهدف المجيء بقيادة فلسطينية جديدة من خلال فتح ملف مكافحة العنف، فضلاً عن ملف الفساد وضرورة الإصلاح المالى والإداري. وفى هذا السياق افتقدت قيادة السلطة وفتح إلى الرؤية الصحيحة والإرادة السياسية التى كان بالإمكان أن تفتح أمامها المجال، إذا ما تحصنت بالوحدة الوطنية والبرنامج المشترك، للجمع بين إصلاح الوضع الداخلى ودعم صمود المجتمع واستنهاض روافع الإنتفاضة وترشيد المقاومة الخ ...
5 - إن بقاء الإنجازات المحققة فى هذا المضمار دون مستوى ما تتطلبه الحاجة الوطنية، يعكس قصور صيغة الحكم القائمة، إن عجزاً على مستوى مؤسسات السلطة أو شللاً فى أوضاع منظمة التحرير، أو إنكشافاً لبنية فتح على شتى صنوف المتغيرات التى تعصف بالوضع العام.
وإن كنا نفترض لقيادة فتح ومؤسساتها الحركية أساليب عمل وتفاعل خاصة بها، ستسمح لها بوضع أجندتها الخاصة لتجاوز أزمتها، وفى هذا تلبية لمصلحة وطنية بكل تأكيد، فإن إنتخابات 25/1 ستفتح الطريق بعد تولية المجلس التشريعى الثانى بتكوينه السياسى التعددي، لتشكيل حكومة إتحاد وطنى تنهض بأعباء استكمال الإصلاح المالى والإدارى واستئصال الفساد وإنهاء حالة الفوضى، وتنظيم أوضاع الوزارات التى تفتقد إلى جدوى الأداء، ومن أجل تفعيل دورها فى خدمة المجتمع الفلسطينى تأميناً لأمنه وأمانه، ودعماً لصموده أمام الضغوط الخارجية وفى مواجهة الإعتداءات الإسرائيلية.
وستكون حكومة الإتحاد الوطنى معنية بإعادة تقديم الموقف الفلسطينى فيما يتعلق بالعملية السياسية إنطلاقاُ من التمسك بصيغة المؤتمر الدولى الذى ينعقد على أساس من قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وتحقيقاً لثوابتنا الوطنية. إن هذا لا يعنى تنصلاً من إستحقاقات الإتفاقات السابقة مع إسرائيل التى تطولها تهمة التنصل قبل غيرها، بقدر ما يعنى وضع عملية التسوية فى السياق الذى يقود إلى الحل المتوازن (دولة بحدود 67 مع القدس العاصمة، وعودة بموجب القرار 194) بديلاً لرحلة التيه التى تنبئ بها مشاريع فك الارتباط بالقرار الإسرائيلى أحادى الجانب التى سيأخذ بها على الأرجح التيار السياسى المركزى فى إسرائيل بنتيجة إنتخابات الكنيست القادمة فى 28/3/2006، والتى لا تعنى بالنسبة للشعب الفلسطينى سوى تجديد الدخول فى مضيق الترتيبات الإنتقالية والجزئية طويلة الأمد.
المجلس التشريعى تعددى التكوين وحكومة الإتحاد الوطنى التى ينبغى أن تتضافر الجهود فى سبيل قيامها، تجدان إمتدادهما الطبيعى والمنطقى فى استكمال عضوية المجلس الوطني، أى نصفه الآخر من تجمعات الشتات الفلسطينى ومغترباته، بواسطة الإنتخاب كخط عام يحتمل الاستثناء، حيث توجب الظروف، وتنبثق عنه لجنة تنفيذية بتكوين ائتلافى جبهوى ترتكز إلى مجلس مركزي، حلقة الوصل بين التنفيذية والمجلس الوطنى فى الفترة الفاصلة بين دورتى إنعقاده.
اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بموقعها المرجعى حيال السلطة الفلسطينية، وخاصة بعد انخراط الإتجاه الإسلامى فى مؤسسات السلطة وم. ت. ف. التشريعية والتنفيذية، ستكون قادرة على الاضطلاع بالدور التوحيدى لعموم الحركة الفلسطينية على قاعدة استقلالية مؤسسات المنظمة عن مؤسسات السلطة الذى أدى التداخل بينهما (الصندوق القومى مع وزارة المالية، والدائرة السياسية مع وزارة الشؤون الخارجية الخ …) إلى تعزيز منحى مصادرة مؤسسات الأولى على عنوان مؤسسات السلطة، من خلال اتباع سياسة واعية تندرج فى إطار السعى لتهميش م. ت. ف. موقعاً ودوراً فى العملية الوطنية.
إن الهروب من الإستحقاقات الداهمة، كالإنتخابات التشريعية وغيرها، والسعى إلى تأجيلها كسباً للوقت لا يقدم حلولاً بقدر ما يفاقم مشكلات النظام السياسى الفلسطيني، ويصعّب إمكانيات حلها. إن الآفاق الرحبة التى تفتحها إنتخابات 25/1 أمام الحركة الفلسطينية لن تكون تلقائية بكل تأكيد، ومسالكها لن تكون سالكة وممهدة بدون صعوبات، بل ستكون على الأرجح وعرة ومتعرجة، لكن مهما بلغت الصعوبات التى تعترض الطريق، ومهما كانت التعقيدات التى قد تنجم عن إنتخابات التشريعي، فإنها من ذلك النمط الذى يضع النظام السياسى الفلسطينى على سكة بداية الخروج من أزمته عند الإنكباب على معالجة هذه التعقيدات بنفس وطنى وتوحيدي. إن الوقائع المتدافعة فى الساحة الفلسطينية تؤشر إلى هذا الخيار باعتباره الوحيد القادر على استنهاض الحالة الوطنية.
3- آخر تشكيلة قدمت وعممت ثم سحبت فى اللحظة الأخيرة، أتت بالأسماء والحقائب التالية: نبيل شعث (نائباً لرئيس الوزراء)، سلام فياض (وزيراً للمالية)، صائب عريقات (وزيراً للشؤون المدنية وملف المفاوضات)، نصر يوسف (وزيراً للداخلية والأمن الوطني)، ناصر القدوة (وزيراً للشؤون الخارجية)، ناهض الريس (وزيراً للعدل)، رفيق النتشة (وزيراً للعمل)، نعيم أبو الحمص (وزيراً للتربية والتعليم العالي)، عزام الأحمد (وزيراً للاتصالات والتكنولوجيا)، هشام عبد الرازق (وزيراً لشؤون الأسرى والمحررين)، جمال الشوبكى (وزيراً للحكم المحلي)، إبراهيم أبو النجا (وزيراً للزراعة)، حكمت زيد (وزيراً للنقل والمواصلات)، جواد الطيبى (وزيراً للصحة)، غسان الخطيب (وزيراً للتخطيط)، نبيل عمرو (وزيراً للإعلام)، محمد دحلان (وزيراً لدى رئاسة الوزارة)، يحيى يخلف (وزيراً للثقافة)، سعدى الكرنز (وزيراً للاقتصاد والتجارة والصناعة)، عبد الرحمن حمد (وزيراً للأشغال العامة والإسكان)، زهيرة كمال (وزيرة دولة لشؤون المرأة)، جاد اسحق (وزيراً للسياحة والآثار)، دلال سلامة (وزيرة للشؤون الاجتماعية).
تأكيداً على المفاجأة التى تسبب بها سحب التشكيلة الوزارية فى اللحظة الأخيرة، أنها نشرت كجزء من كلمة رئيس الحكومة أحمد قريع فى 24/2/2005 أمام المجلس التشريعى طالباً منه منح الثقة للحكومة. راجع ص (178 - 179) من مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 62 - ربيع 2005.
4- الحرية، العدد 10026 (2100) بتاريخ 27/2 - 5/3/2005.
5- ضمت الحكومة 24 وزيراً، منهم أربعة وزراء كانوا فى الحكومة السابقة وعادوا إلى الحكومة الجديدة بنفس الحقائب: سلام فياض (المالية) + يحيى يخلف (الثقافة) + نعيم أبو الحمص (التربية والتعليم العالي) + زهيرة كمال (وزيرة دولة لشؤون المرأة)، ووزيران كانا فى الوزارة السابقة وعادا بحقائب أخرى إلى الوزارة الجديدة: نبيل شعث (نائب رئيس الحكومة والإعلام بدلاً من الشؤون الخارجية) وغسان الخطيب (التخطيط بدلاً من العمل).
الوزراء الآخرون جدد وعددهم 18 وزيراً: ناصر القدوة (حل مكان نبيل شعث فى الشؤون الخارجية)، فريد الجلاد (حل مكان ناهض الريس فى العدل)، مازن سنقرط (حل مكان ماهر المصرى فى الاقتصاد)، ذهنى الوحيدى (حل مكان جواد الطيبى فى الصحة)، خالد القواسمة (حل مكان جمال الشوبكى فى الحكم المحلي)، محمد دحلان (حل مكان جميل الطريفى فى الشؤون المدنية)، وليد عبد ربه (حل مكان روحى فتوح فى الزراعة)، زياد البندك (حل مكان مترى أبو عيطة فى السياحة والآثار)، محمد اشتيه (حل مكان عبد الرحمن حمد فى الأشغال العامة والإسكان)، صبرى صيدم (حل مكان عزام الأحمد فى الاتصالات)، صخر بسيسو (حل مكان صلاح التعمرى فى الشباب والرياضة)، سفيان أبو زايدة (حل مكان هشام عبد الرازق فى شؤون الأسرى)، نصر يوسف (فى الداخلية والأمن).
6- فى 5/3/2005 صدر مرسوم رئاسى بشأن لجنة المفاوضات من 10 مواد من بينها، تكون لجنة المفاوضات: … مرجعية كافة المفاوضات المتعلقة بمفاوضات الوضع النهائى مع الجانب الإسرائيلى والأطراف الثالثة. 3 - … مرجعية كافة المفاوضات بما فيها السياسية والأمنية والاقتصادية مع الجانب الإسرائيلي، وفيها تحدد الاستراتيجيات والسياسات التفاوضية حول كافة المسائل. 5 - … المرجعية لكافة الاتصالات الفلسطينية مع أطراف ثالثة بخصوص المسائل ذات العلاقة بالمفاوضات مع الجانب الإسرائيلى بما فى ذلك المسائل السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية ودور الأطراف الثالثة ومراقبة تنفيذ الاتفاق على الأرض ….
7- تشكيل الحكومة/ مادة 66: 1 - فور تكليفه من قبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يتولى رئيس الوزراء تشكيل حكومته خلال ثلاثة أسابيع من تاريخ اختياره، وله الحق فى مهلة أخرى أقصاها أسبوعان آخران فقط. 2 - إذا أخفق رئيس الوزراء فى تشكيل حكومته خلال الأجل المذكور أو لم يحصل على ثقة المجلس التشريعى وجب على رئيس السلطة الوطنية استبداله بآخر خلال أسبوعين من تاريخ إخفاقه أو من تاريخ جلسة الثقة حسب مقتضى الحال، وتنطبق على رئيس الوزراء الجديد الأحكام الواردة فى الفقرة (1) أعلاه. [راجع ص (225 - 226) من كتاب قبل الرحيل … فى السياسة والنظام الفلسطيني. مصدر سبق ذكره).
8- ( ) الثقة بالحكومة/ مادة 67: 1 - فور اختيار رئيس الوزراء لأعضاء حكومته يتقدم بطلب إلى المجلس التشريعى لعقد جلسة خاصة للتصويت على الثقة بهم بعد الاستماع والانتهاء من مناقشة البيان الوزارى المكتوب الذى يحدد برنامج وسياسة الحكومة، على أن تعقد الجلسة فى موعد أقصاه أسبوع من تاريخ الطلب. 2 - يتم التصويت على الثقة برئيس الحكومة وأعضاء حكومته مجتمعين، ما لم تقرر الأغلبية المطلقة خلاف ذلك. 3 - تمنح الثقة بالحكومة إذا صوتت إلى جانبها الأغلبية المطلقة للمجلس التشريعي، ص (226) من المصدر السابق ذكره.
9- بعد أن سحب ترشيحه فى قائمة فتح لانتخابات التشريعى فى 25/12/2005، عاد أبو علاء إلى مزاولة مهام رئيس الحكومة (!) … لكن هذا لا يلغى واقع ومكانة الحكومة باعتبارها انتقالية ومعنية بتصريف الأعمال ليس إلا.
10- قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005 فى 15/8/2005.
11- قانون رقم (9) لسنة 2005 بشأن الانتخابات، وكذلك القانون الأساسى لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام القانون الأساسى المعدل لسنة 2003. صدر القانونان فى 13/8/2005.
12- انعقدت المرحلة الأولى للانتخابات المحلية على دفعتين: فى الضفة بتاريخ 23/12/2004، وفى قطاع غزة بتاريخ 27/1/2005.
13- راجع ص (244) من كتاب قبل الرحيل …. مصدر سبق ذكره.
14- راجع نص الكلمة ص (178 - 179) من مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 62 - ربيع 2005.
15- الحرية العدد 1032 (2106) بتاريخ 10 - 16/4/2005.
16- المقصود هو الصدامات فى محافظتى غزة - المدينة وغزة الشمال التى اندلعت فى 14/7 وتواصلت حتى فجر 20/7 واستمرت تداعياتها حتى 21/7، وأدت إلى سقوط عدد من الضحايا وعشرات الجرحى وتسببت بأضرار فادحة فى الممتلكات العامة والخاصة.
17- وهى سلسلة اتفاقات أوسلو المنبثقة عن الرسائل المتبادلة (9/9/1993) وإعلان المبادئ (13/9/1993)، وأهمها: اتفاق القاهرة بشأن غزة وأريحا (4/5/1994)، والاتفاق الانتقالي (28/9/1995)، وبروتوكول الخليل (17/1/1997)، ومذكرة وأى ريفر (23/10/1998)، ومذكرة شرم الشيخ (5/9/1999).
18- وبشكل خاص عشية حملة السور الواقي وما تبعها، وصولاً إلى خطة خارطة الطريق (20/12/2002 و 30/4/2003)، ومواقف ودور اللجنة الرباعية الدولية (الكوارتيت).
19- من مشاريع المرحلة الانتقالية طويلة الأمد إلى خطة فك الارتباط.
20- من عمليات المقاومة المسلحة إلى سلسلة الهبّات الشعبية التى تواترت بشكل خاص ابتداء من أيلول (سبتمبر) 1996، وراكمت بذلك شروط اندلاع انتفاضة الاستقلال فى أيلول (سبتمبر) 2000، بعد أربع سنوات من البروفات الانتفاضية المتتابعة وأهمها: هبّة النفق فى أيلول (سبتمبر) 1996، وهبة الدفاع عن الأرض (جبل أبو غنيم) فى شهرى 3 و 4/1997، وهبة الذكرى الخمسينية للنكبة فى أيار (مايو) 1998، وهبّات العامين 1999 و 2000 حتى عشية اندلاع انتفاضة الاستقلال، وبخاصة الهبة من أجل المطالبة بالإفراج عن الأسرى والمعتقلين.
21- وهو القانون رقم (9) لسنة 2005 العائد إلى القانون رقم (13) لسنة 1995، المستند بدوره إلى القانون رقم (5) لسنة 1995 بشأن نقل السلطات والصلاحيات. ما يفهم منه والحال هذه أن القانون الأخير يندرج فى إطار اتفاق أوسلو الانتقالي.
انتخابات المجلس التشريعي 25 / 1 / 2006
لا يعني إجراء الانتخابات الثانية لمجلس سلطة الحكم الذاتي بالضفة وغزة، المعروف بالمجلس التشريعي الفلسطيني، وضع حد للتناظر المحتدم حول صلة الاحتلال بالديمقراطية، ولا يقدم إجابة نهائية عن السؤال المتعلق بأيهما أولاً: الاستقلال أم الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي؟.
فبعد الانتخابات سيظل هناك من يشكك في مدى شرعية ومشروعية وسلامة هذا الإجراء، على اعتبار أن الانتخابات كركن من أركان النظام الديمقراطي، تقتضي وجود المواطن الحر في وطن حر. كما سيبقى من جانب آخر من يدفع بأن ما لا يدرك كله لا يترك جله، وأن الاحتكام للانتخابات بين يدي سلطة تمارس بالفعل بعض صلاحيات الحكم والسياسة والإدارة أفضل بكثير من أية
آلية أخرى لتصعيد من يضطلعون بهذه المهمات. ويقينا تنطوي كل واحدة من الرؤيتين في حد ذاتها على قدر كبير من الصواب؛ الأمر الذي يبرز تعقيدات الحالة الفلسطينية وحيرة المعالجات الجادة التي تتطلع إلى تكييف عقلاني مقنع لدور الانتخابات التشريعية الماثلة في تحقيق أو معاكسة الهدفين الساميين للحركة الوطنية الفلسطينية: الاستقلال والتطور الديمقراطي.
في غير هذه الحالة، أثبتت التقاليد والسوابق أن الاحتلال والديمقراطية ضدان لا يلتقيان، وأنه لا يمكن غشيان الانتخابات النزيهة في أي كيان يخضع للاستعمار بمعزل عن تأثير القوى الاستعمارية؛ إذ تستحوذ هذه الأخيرة على مداخل ومسارب لا حصر لها، تملك بها التدخل على خطوط التنافس بين المشاركين المحليين وإمكانية ترجيح الموازين الانتخابية لصالح تيار بعينه أو آخر، تعتقد أنه الأقرب إليها ولمصالحها مودة ورحمى سياسيا.
ومن المعلوم بالوقائع الدامغة أن الاستعمار الصهيوني الإسرائيلي لم يشذ عن هذه التقاليد وهو يقارب قضية الانتخابات الفلسطينية؛ بل ولعل هذا النموذج الاستعماري سجل لنفسه مقاما متقدما بين نظائره التاريخية، عندما جاهر إلى مستوى التواقح الفج بتدخله في الحدث الانتخابي الفلسطيني، بأن حاول تحديد من يحق له المشاركة من عدمها على صعيد القوى السياسية (حين استثنى حماس) وعلى صعيد المناطق (حين استثنى القدس)، وكذلك بحديثه عمن يقبل ولا يقبل كمفاوض وشريك في التسوية لاحقا.
وإذا كان من الصحيح أن إسرائيل فشلت في إملاء شروطها في هذا الإطار، فإنه من الصحيح وزيادة أنها ستحتفظ لنفسها بمبدأ التدخل المباشر وغير المباشر على مضمار العملية السياسية الفلسطينية، ولن تعجز عن ابتداع الوسائل اللازمة لذلك في أي وقت تراه مواتيا لها. هذه حقيقة لا تعارضها قوة إسرائيلية تذكر بغض النظر عمن يعتلى منها سدة الحكم في الربيع المقبل.
انطلاقا من هذه التفصيلات ونحوها، يحق الاقتناع بصحة رؤية المرتابين في بلوغ الانتخابات لغاياتها المرجوة فلسطينيا، ما دام الاحتلال قائما. ثم إن هذه الرؤية تكتسب صدقية كبرى إذا ما استطردنا إلى سلبيات أخرى اعترت هذه الانتخابات، كاقتصار المشاركين فيها على أبناء الضفة وغزة والقدس، بما يعني استبعاد زهاء 5 ملايين فلسطيني صميم يعانون اللجوء في جهات الدنيا الأربع، وذلك للمرة الثانية منذ نشوء سلطة الحكم الذاتي. وكان من المحتمل التساهل مع هذه النقيصة في وجود شرطين: الأول هو إحياء دور منظمة التحرير ولاسيما مجلسها الوطني، كمؤسسة مرجعية للسلطة الوطنية. والثاني، امتناع السلطة ومجلسها التشريعي عن الزحف على صلاحيات المنظمة
(المرجعية) والتوقف عن المساهمة في إحالتها إلى الاعتكاف والهجران، ورد الاعتبار لميثاقها الوطني.
فهذان الشرطان كانا في الأصل الضمانة التي طرحت يوم نشأت السلطة؛ لأجل صيانة وحدة الكينونة السياسية الفلسطينية وصفتها الجامعة للفلسطينيين في الوطن والملاجئ. ونحسب أن غيابهما من بيئة الحدث الانتخابي وتواتر هذا الغياب، مرة عام 1996 ومرة في العام 2006م0
لا يطمئن العاطفين على هذه الوحدة ويثير المخاوف من تعدد المصائر بين الداخل والخارج!.
على أن هذه الدفوع والمحاذير القوية، لا تنفي حكمة الرؤية والرأي الآخرين المنحازين إلى إيجابية الأخذ بالانتخابات وعدم نبذها بالمطلق،
وبخاصة في ضوء الخصائص التي ميزتها هذه المرة، ومنها: مشاركة قوى المعارضة المستعصمة بخيار المقاومة بكل أنماطها وعلى رأسها حركة حماس، ووجود ضغوط شعبية ونخبوية تدفع باتجاه دمقرطة السلطة وشدها أكثر إلى الخيارات والثوابت الوطنية وتطهيرها من الفساد والمفسدين، وضرورة الاستجابة لنداء الديمقراطية الخارجي درءا لفكرة أن إسرائيل هي واحة الديمقراطية الوحيدة في "الشرق الأوسط"، وإثباتا لجدارة الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال، ووفاءً ببعض استحقاقات عملية التسوية مع الحذر من الانجرار إلى الأجندة الخفية لهذه الضرورة التي تبغي تصعيد نخبة مطواعة للتسوية المملاة إسرائيليا.
ويمكن الذهاب مع أصحاب هذا التقدير إلى أبعد من هذا؛ وهو أن ترجيح وقوع سلبيات الانتخابات على إيجابياتها ليس قدرا مقدورا؛ إذ ما زالت الفرص متاحة لتفعيل قضية إلزام السلطة ومؤسساتها بمرجعية منظمة التحرير، والدعوة إلى تجديد شرعية المجلس الوطني للمنظمة بالانتخابات في الملاجئ، وبيان مخاطر القطعية بين الداخل الفلسطيني والخارج على الدول المضيفة للاجئين، التي ستعاني من انفلات ملايين اللاجئين على المجهول إذا ما تكرست مثل هذه القطيعة، وإمكانية ترميم السياج الدستوري الفلسطيني الجامع عبر إحياء ميثاق المنظمة في ضوء المستجدات.
تغير إذن المشهد في الهيئة النيابية للسلطة بحيث اصبح الشعب الفلسطيني أمام كتلة كبيرة تمثلها حماس (76 مقعدا من أصل 120) وكتلة كبيرة نسبيا تمثلها فتح (43 مقعدا)، وثالثة أقل حجما قوامها لفيف من الحركات الصغرى من الفصائل اليسارية والتجمعات الديمقراطية والمستقلين (13 مقعدا).
لكثرة ما سيجد النواب الجدد أمامهم من ملفات متراكمة لقضايا عالقة ومرجأة وأخرى مستجدة ملحة، قد يستشعر بعضهم أنهم بصدد أعباء وهموم فوق
الطاقة، وأن تمثيل الشعب هو بالفعل تكليف قبل أن يكون تشريفا... ولأهداف إجرائية تتصل بتسهيل التأمل في انعكاسات أعمال المجلس، يمكن تصور هذه
الأعمال وقد انصبت على معالجة ثلاثة ملفات ثقيلة تتعلق بقضايا الاستقلال والتحول الديمقراطي والتنمية الشاملة.
وإذا أحسنا الظن بالتعامل مع هذه القضايا في ضوء المستجدات وإفرازات الانتخابات التي غيرت مشهد تراتب القوى والمكانات
ووضعت من هم أقل خبرة عموما من مختلف الأطياف في موضع المسئولية الأولى، فسوف نلاحظ أنه على صعيد الهم التحرري، سيوفر المجلس للقيادة الفلسطينية معارضة شرعية تسعفها أمام الضغوط الخارجية متعددة المصادر؛ فنظرا لقوامه التعددي سيحتضن المجلس ممارسة سياسية تحدد صناعة السياسة والقرار وتضبطهما أو تقيدها بالمداولات الشاملة، وعمليات الجرح والنقد والجدل بين الحكم والمعارضة. ومن المقدر أن تفلت السياسة الفلسطينية من زمن وسيطرة الحزب الواحد والتصورات أحادية الجانب، وتقترب بمسافة معقولة من مبدأ تلاقح الأفكار واصطكاك الآراء وإخراج القرارات بعد تدبر معمق، مع تحسب القيادة للرقابة والمحاسبة الحقيقيتين.
في غمرة مشهد كهذا، يستطيع المفاوض أو المقاوم الفلسطيني الاستعاذة بمواقف الهيئة النيابية كلما اشتدت عليه الضغوط من لدن شركاء التسوية الإسرائيليين ومناصريهم الدوليين.
وكشرط ضروري لأداء من هذا القبيل قد يتعين عى قوى النظام الفلسطيني التوافق على أهداف حركتهم التحررية ووسائل اجتراحها، ووضع خطوط حمراء وخضراء لما ينبغي وما لا ينبغي إتيانه على صعيدي التفاوض والمقاومة، وربما تيسر لهم ذلك أكثر بعد انغماس الجميع تقريبا في الشراكة النظامية.
وعلى جبهة الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، فمن المؤكد أن البنية التشريعية الجديدة، حيث التعددية التنظيمية، ستمنح رموز الإصلاح والغيورين على محاربة الفساد فرصا أوسع للحركة والفعالية. مثلاً، سوف لن يسمح الوضع بالتغطية على قضايا الفساد المالي والإداري والاقتصادي بالترضيات الداخلية التي طالما لاذت بها مراكز قوى السلطة أو الحزب الحاكم الواحد!. فثمة من هم معنيون، خارج هذه المراكز وحزبهم، بفضح هذه الألاعيب والتشهير بالقائمين بها أمام الرأي العام، بل وربما سوقهم إلى القضاء.
وفي المناسبة، يفترض أن تتعمد رهبة السلطة القضائية باعتبارها الحارس على القانون والنظام، بمعزل عن هيمنة الحزب الواحد التي نزعت هيبتها مطولاً.
ولا يستبعد على صعيد مهم آخر أن تنعكس هيكلية المجلس التشريعي وما يتصل بها من إعادة ترتيب المكانات بين القوى السياسية على المجال التنموي. وهنا يصح أن يثار احتمالان: أولهما متشائم0
خلاصته إمكانية التضييق على المجتمع الفلسطيني جراء تقليل مستوى الدعم الاقتصادي من قبل الدول المانحة، ومخاوف المستثمرين من إلقاء ثقلهم في ساحة قد تتعرض لهبوب مزيد من رياح التوتر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الانتخابات التشريعية الفلسطينية البديل هو حكومة اتحاد وطني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الانتخابات التشريعية … البديل هو حكومة اتحاد وطني
» تكملةتكملةالانتخابات التشريعية … البديل هو حكومة اتحاد وطني (2)
» تكملةالانتخابات التشريعية … البديل هو حكومة اتحاد وطني (1)
» المشاركة الحزبية في الانتخابات التشريعية عام 2006
» تكملةالمشاركة الحزبية في الانتخابات التشريعية عام 2006 (1)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى فلسطين-
انتقل الى: