ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 الإخوان المسلمون الإســــلام كنظام اجتماعــي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

الإخوان المسلمون   الإســــلام كنظام اجتماعــي Empty
مُساهمةموضوع: الإخوان المسلمون الإســــلام كنظام اجتماعــي   الإخوان المسلمون   الإســــلام كنظام اجتماعــي Emptyالأربعاء سبتمبر 30, 2009 8:47 am

الإســــلام كنظام اجتماعــي
لاشك أن كل منصف، يسلم معنا تمشياً مع المنطق السليم وطبائع الأشياء أن الأديان السماوية جميعاً، كانت في حد ذاتها، خطوات تقدمية كبيرة في حضارة البشرية، ورفع مستوى الإنسانية، إلا أن الناس ظلوا يتذبذبون بين مادية اليهودية التي لا يسلم معها الوجدان، ورهبانية المسيحية التي لا يستقيم معها العمران، حتى أتى الإسلام فوفق بين الناحيتين، ومزج بين العقيدتين، وخرج منهما بنظام كامل متكامل، لصلاح الدنيا والآخرة، وحياة الروح والمادة. ولا عجب، فهو خاتم الديانات السماوية، وتمام النعمة الإلهية على البشرية ) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ( ومن هنا صار الإسلام دستور الحياة للبشر في دنياهم المادية، وحياتهم الأرضية، كما هو نبراس يهديهم إلى طريق أخراهم، وحياتهم الروحية، ولم يترك شأنا من شئونهم إلا تناوله بالتشريع والتنظيم.
فهم هذا المسلمون الأولون، فكان الإسلام عندهم شريعة دنيوية، إلى جانب كونه عقيدة دينية، ثم فترت حماسة الناس لدينهم كلما بعد العهد بالنبوة، وعصر الخلافة الرشيدة التي كانت تطبيقاً عملياً لمبادئ النظام. وسيطرت الأطماع والأهواء شيئاً فشيئاً على الحاكمين من المسلمين، كما سيطرت الغفلة في الوقت نفسه على المحكومين. وأصبح الناس وإذا أهواء حكامهم هي الشريعة النافذة، ورغبات أمرائهم هي القانون المطاع، وتربى على هذا الوضع الفاسد أجيال وأجيال، حتى صار المسلمون إلى حال هي أبعد ما تكون عن الإسلام، وأخذت دعائم الدولة الإسلامية القوية تنهار مع انهيار النظام. وكشر أعداء الإسلام المتربصين عن أنيابهم. واهتبلوها فرصة للنيل من الإسلام، ودول الإسلام، فكانت هجمات التتر والمغول على دولة العباسيين، ثم حملات الصليبيين على دولة العثمانيين، فتمزقت الدولة الإسلامية إلى أشلاء ممزعة. وأصبحت دولة الفتوحات العظيمة عرضة للفتح والغزو من الدول الصغيرة والكبيرة. تعاقب عليها منهم من تعاقب، وطمع فيها من طمع، إلى أن جاء عصر النهضة الأوربية الحديثة، وعمل كل من البخار والماكينة (الآلة) . والكهرباء، عمله في اصطناع أسباب القوة المادية للغرب. فنظم زحفه المحكم على الشرق، بالاستعانة بالوسائل العلمية والعملية الحديثة، وكان له ما أراد.
ولكن الاستعمار الغربي أيقن بعد التجارب التي أخذها من الحروب الصليبية، أن قوة السلاح وحدها، لا تكفي لتمكن له في الشرق. فعمل على الاستعانة بوسائل أخرى غير ذلك، كان في مقدمتها بالطبع الوسائل الثقافية عامة. والتعليمية منها خاصة. ويبدو أن هذه الفكرة كانت مدروسة ومتفق عليها من الغربيين جميعاً. حتى أنها لم تفت نابليون، فاستحضر مع بعثته الحربية، بعثة علمية. كما لم تفت الإنجليز حين قذفوا مصر بدنلوب، الذي كان من جنايته على العلم والتعليم ما لازلنا نعاني من آثاره. وعملت تلك الوسائل عملها في عقليات الناس وأفكارهم، حتى نشأ جيل من أهل الشرق والإسلام، هو إلى غير الإسلام أقرب، لشدة تأثره بثقافة الغرب ومدنيته. وأصبح الدين في عرفهم – كما سبق أن قلنا – هو صلة ما بين العبد وربه فقط، أما أن يكون له علاقة بحياة الناس ومجتمعهم، أو أن يكون نظاما اجتماعياً يسلكونه في حياتهم. فلا!! فهناك الديمقراطية، والشيوعية، والنازية، والفاشستية، وأحد هذه النظم هو الذي يمكن أن يسود، لأنه طلق فعلاً على دولة أو دول، وسارت على نظامه سنوات أو قرون.والحقيقة التي يقررها التاريخ، أن الإسلام قد سيطر قروناً عديدة كنظام اجتماعي على كثير من بلاد الشرق و الغرب أيضاً. كما أن الإسلام قد جاء نظاماً اجتماعياً كاملاً ، لا مجرد دين لاهوتي. يقوم على مخاطبة الفطرة الإنسانية، واستثارة ما فيها من قوى روحية، تتمثل عقائد ثابتة، وخلائق فاضلة، وأفكاراً عالية، وأعمالاً نافعة، وتنظيم ملكات الفرد، وحياة الأسرة، وطبقات الأمة، وواجبات الدولة، وعوامل الاتصال والأخوة بين العالمين (96).
طبيعة النظام الاجتماعي: أن طبيعة النظم الاجتماعية المتعارف عليها الآن تستلزم أن يكون النظام مستوفياً للأركان الثلاثة الآتية حتى يكون نظاماً اجتماعياً كاملاً وهي:-
- تنظيم علاقات الناس بعضهم لبعض في كافة شئونهم.
- تنظيم علاقات الحاكمين بالمحكومين.
- تنظيم علاقات الدولة أو المجتمع بالدول الأخرى أو المجتمع الخارجي. ولنتحدث في شيء من التفصيل، عن كل ركن من هذه الأركان الثلاثة لنرى مكانها في الإسلام.
(1) تنظيم علاقات الناس بعضهم ببعض:
كفل الإسلام للناس حرياتهم وحقوقهم، ونظم العلاقات بينهم تحت باب واسع في الفقه الإسلامي هو باب " المعاملات" كما نظم علاقات المسلمين بغير المسلمين، وفرض عقوبات على المخالفين، وعمل على صيانة المصالح العامة، وفرض التكافل الاجتماعي بين المواطنين، ولنتحدث عن ذلك فنقول.
أولاً: ضمان الحريات العامة:
- الحرية الشخصية: كفلت الشريعة الإسلامية لبني الإنسان حريتهم الشخصية، بأوسع مما خطر على باب واضعي الدساتير الحديثة، فقد كتب عمر إلى أحد ولاته يقول: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً .
- حرية الفكر: قال تعالى: ) سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ( ولم يحد من هذه الحرية المطلقة سوى قول الرسول r: " لا تفكروا في الله فتضلوا: وتفكروا في خلق الله " ليصون الناس من الإلحاد.
- حرية القول: وهي جماع ما عرفته الدساتير الحديثة، من حرية الكلام، وحرية الخطابة، وحرية الكتابة، وحرية النقد، فقد أمرنا الله أن نصدع بالحق، ونأمر بالعدل والإحسان، وننهى عن المنكر والبغي، ونحاج باللين والمنطق، وندعو إلى ما نعتقد بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا نقر ظلماً، ولا نسكت على ضيم أو خسف، كل ذلك دون أن تقول زوراً أو نفتري ببهتان، أو نعصي الله. وهذا أبو بكر يقول للناس في أول خطبة له عند الخلافة " أطيعوني ما أطعت الله فيكم وهذا ثاني الخلفاء عمر الفاروق يخطب فيقول: " من رأى منكم في أعوجاجاً فليقومه، فرد عليه واحد من عامة الناس " والله لو رأينا فيك أعوجاجاً لقومناه بحد السيف، فحمد الله على أن جعل في الأمة من يقول أعوجاج عمر بحد السيف. وهو الذي خطب الناس بحثهم على الإقلال من المهور. فتقول له امرأة من آخر المسجد ليس ذلك يا عمر. يطيعنا الله بالقنطار وتعطينا بالدينار، فلم يجفل من مقاطعتها وقلولها بل قال: " أصابت امرأة وأخطأ عمر " وهو الذي كان يمشي في المدينة فلقيته عجوز فاستوقفته وأخذت تملي عليه ارشاداتها، وتنبهه إلى ما تراه حقا، وأوصته بالعدل في الرعية. فما تولاه منها برم، ولا أزعجه منها نقد.
- حرية العمل: وهذه تنتظم أوسع. ما وسعته الدساتير الوضيعة من:-
- حرية الاجتماع: فقد نهى النبي عن الاستماع إلى قوم في مجلسهم من غير إذن منهم، وعن الجلوس بين اثنين بغير رخصة منهم.
ب- حرية المسكن: فحرمته مصونة في الإسلام ) لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا ( ) وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ( ونهى الرسول r عن النظر إلى الجيران من نوافذ منازلهم " من نظر إلى كوة جاره فإنما ينظر إلى النار " " من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته ففضحه في عقر داره "
ج- حرية اللباس: حفظها الإسلام للناس في حدود الكمال، خشية الفتنة، فللرجل أن يلبس ما يشاء ما لم يكشف العورة، ويكره الإسلام للرجل الترف، كلبس الحرير، والتختم بالذهب، وهما غير مكروهين للمرأة ولها أن تتخير ما تشاء من ملابسها، بشرط أن تكون ساترة للعورات لا تشف ولا تفسر، فإن شفت عما تحتها، أو كانت من الضيق بحيث تفسر تقاطيع جسم المرأة، فهي بمثابة الكشف عن العورات وهي حرام.
د- حرية التنقل: فالهجرة والتنقل مأمور بهما في الإسلام ) فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ( ) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ( ) قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا (.
هـ- حرية العقيدة: أمرنا الإسلام أن ندع أهل الأديان الأخرى، ونضمن لهم حرية إقامة شعائرهم وعباداتهم، مقابل أن يدفعوا الجزية، وممكن أن تقوم مقامها الضرائب التي يدفعها لخزانة الدولة المواطنون من ذوي الأديان الأخرى، بل أمرنا أن ندع لهم الحرية في أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية، وألا نقيم عليهم من الحدود إلا ما كان خاصاً بحقوق العباد، أما ما كان خاصاً بحقوق الله فأمره إلى الله ) وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ( ) وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ( ، بل ذهب في تقديس حرية العقيدة إلى أن أمر المسلمين أن يعاملوا المجوس كما يعاملوا الكتابيين فقد جاء في حديث لعلي عن النبي r أنه قال: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب ". (97).
ثانياً: تنظيم المعاملات:
وهي الأحكام التي تنظم علاقات الناس ببعضهم وتقيم الروابط بينهم على العدل والرحمة والتعاون والمحبة ودفع أسباب الضرر والعدوان واجتناب الخير والمنفعة للناس جميعاً ويخل في ذلك نوعان:-
أ- المعاملات المالية: من بيع وإيجار ورهن وشركة.. الخ وهذه القوانين في الشريعة كأحدث القوانين في العصر الحاضر إلا ما حرم الله فهو حرام إلى يوم القيامة.
ب- الأحوال الشخصية: من زواج وطلاق وعدة وثبوت نسب... الخ وقد نظمها الإسلام بصورة لم تصل إلى مستواها معظم القوانين الوضعية الحديثة.
موقف غير المسلمين في المجتمع الإسلامي:
قال تعالى: ) وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ( فنص كتاب الإسلام ودستوره الخالد على طريقة المجادلة وهي الحالة التي قد تبلغ فيها حدة الكلام أشدها، وحددها بأنها ) بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ( وبلغ من حرص الإسلام على هذا المعنى أن أصدر الأمر إلى المسلمين في صورة نهي، ثم اتبعه باستثناء، مبالغة في الأمر " ولا تجادلوا.... إلا.... " وهكذا نظم الإسلام طريقة التفاهم بين المسلمين وغيرهم وحددها.
وكما سبق أن قلنا – إن ما أتى به الإسلام من قوانين الأحوال الشخصية، لا ينطبق على المسيحيين، ولا على غيرهم، بل ينطبق عليهم حكم ديانتهم، لذلك أمرنا بتركهم وما يدينون، وماداموا متفقين على التحكام لكنا بهم فليس لنا بهم شأن، أما إذا جاءونا، فإننا نحكم بينهم بما أنزل الله.
أما المعاملات، مثل البيع، والإيجارة، والرهن، فليس للمسيحيين فيها نصوص،لذلك كان الأخذ بما تراه الأغلبية في مصلحتها واجبا، يأخذه المسلمون على أنه دين، ويأخذه المسيحيون على أنه قانون، ولعله من الخير أن يأخذه المسلمون على أنه دين، لأن هذه الفكرة تعصمهم من الزلل في تنفيذه، وعين الله الساهرة ترقبهم، لا رهبة الحاكم، التي يمكن التخلص منها في كثير من الأحيان.
على أن المعاملات في شريعة الإسلام غاية في السمو والعدالة، وليس للمسيحيين أن يشكو من أنها تحرم الربا، فهو محرم في ديانتهم، فقد أقام المسيحيون على ذلك ثلاثة عشر قرنا، حتى أصبحت شرائع الإسلام بالنسبة لهم، شرائع قومية. (98)
على أن التسمية التي يسميها علماء الفقه الإسلامي لأهل الكتاب، وهي " الذميين " أو " أهل الذمة " هي ضمان الأمان، كل الأمان، فإن فيها استشارة لمعاني الرجولة السامية، التي تجعل الإنسان بعيداً كل البعد عن مجرد التفكير في خفر الذمة، والغدر بقوم أعطوا ميثاق الأمان، لأنها جريمة من أكبر الجرائم في عرف الإسلام، بل على العكس، فإن مجرد الشعور بأنهم " أهل الذمة " يدفع المسلمين دفعاً إلا المبالغة في الحفاظ عليهم، حتى لا يشعروا بأقل مظاهر الظلم والعدوان، ومن ثم تتكون الثقة، وتتحسن العلاقات، ويعيش الجميع في محبة وسلام.
ثالثاً: فرض العقوبات: وقد شرعت في الإسلام لحفظ حياة الناس وأعراضهم، وأموالهم، تأديباً للناس، وزجراً لهم عن ارتكاب الجرائم. مثل عقوبات القتل، والسرقة، وقطع الطريق، وأهل الفساد، والزنا، والقذف، أي القصاص والحدود.
والحق أن الإسلام لم يقم نظامه على العقوبات، بل قام في حقيقة الأمر على تهذيب النفس، وتطهير القلب، وإصلاح المجتمع من المفاسد، والعمل على سد الذرائع للجرائم كافة. وقد قال الرسول r: " ما تركت من خير إلا وأمرتكم به، وما تركت من شر إلا ونهيتكم عنه " فالتربية الدينية التي أوجبها الإسلام كفيلة بتنشئة المرء على حب الخير، ومساعدة الناس، وموادتهم، والإحسان إليهم. وهي التي تخلق فيه روح التسامح، وتبعده عن روح البغي. وكلما تعصب المسلم لعقيدته، بعد عن التعصب ضد الناس وعمل على احترام عقائدهم، وأموالهم، وأعراضهم، وأرواحهم. وأما العقوبات فهي لا تأتي إلا في المقام الأخير لأنها إنما وضعت لشواذ الناس الذين لا تردعهم الموعظة الحسنة.
وأكثر ما يعترض به على العقوبات، هو قطع يد السارق، ورجم الزاني المحصن، وقد أوضح الإسلام أنه لا تقطع يد السارق إلا إذا استوفى حقه من التعليم، والمسكن، والملبس، والمأكل، والعلاج، وسداد دينه إن كان مدينا. لذلك لم يثبت في تاريخ الإسلام أنه قطعت أيدي أكثر من ستة أشخاص، ورهبة العقوبة مانعة من التعدي. وأما حد الزنا فحسبنا أنه لم يثبت ولا مرة واحدة في شهادة الشهود، وهم أربعة. لابد أن يروا رأي العين.
فهذه عقوبات تهديدية، لكي تبين للناس فداحة الجرم، إن هم أقدموا عليه، وعادلة لأنها لا تطبق إلا في مجتمع إسلامي متكامل، توفرت فيه دعائم التربية السليمة. وأسباب الاستقرار الاجتماعي المادية والأدبية.
ووراء الحدود القليلة التي نص عليها الكتاب وبينتها السنة، باب واسع لنظام العقوبة في الإسلام اسمه " التعزير " استفاضت فيه بحوث فقهاء الإسلام، وبلغت حداً من الغنى والدقة، يعز معهما على دارس القانون أن يرى جهل المسلمين بها، وغفلتهم عن الاستفادة منها. وأراء الفقهاء فيها تقابل الآراء المعمول بها في القوانين القائمة. (99)
رابعاً: إقامة المصالح العامة وصيانتها:
ونستطيع أن نلخص المصالح العامة في ثلاثة بنود رئيسية:
- المصالح القومية.
- المصالح الاجتماعية.
- المصالح الاقتصادية.
- المصالح القومية: وهذه نستطيع أن نقسمها إلى قسمين:
(أ) إثارة الاعتزاز القومية. (ب) الاهتمام بالقوة العسكرية.
(ا) إثارة الاعتزاز بالقومية:
تحتاج الأمم الناهضة إلى الاعتزاز بقوميتها كأمة فاضلة مجيدة، لها مزاياها وتاريخها، حتى تطبع الصورة في نفوس الأبناء، فيفدون ذلك المجد والشرف بدمائهم وأرواحهم، ويعملون لخير الوطن وإعزازه وإسعاده . هذا المعنى لن نراه واضحاً في نظام من النظم، عادلاً فاضلاً رحيماً، كما هو في الإسلام الحنيف. فإن الأمة التي تعلم أن كرامتها وشرفها، قد قدسة الله في سابق علمه، وسجله في محكم كتابه فقال تبارك وتعالى ) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ( ) وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ( لهي أجدر بافتداء عزتها الربانية بالدنيا وما فيها، غير أن القومية في الإسلام ليس من نوع العصبية الجنسية، والفخر الكاذب. كما تنادي بعض الدول التي تلقن أبناءها بأنها فوق الجميع. ولكنها قومية فاضلة تدعو العالم إلى الخير ) تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (.
(ب) الاهتمام بالقوة العسكرية:
لم يغفل الإسلام هذه الناحية بل جعلها فريضة من فرائضه حماية للنظام القائم، ولم يفرق بينها وبين الصلاة والصوم في شيء. وليس في الدنيا كلها نظام عنى بهذه الناحية كما عنى بذلك الإسلام في القرآن الكريم والحديث ) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ( ، " علموا أولادكم السباحة والرماية ومروهم ليثبوا على الخيل وثبا " .
وفي آيات القرآن الكريم، وسنة النبي في غزواته، والخلفاء الراشدين من بعده، من الطرق الحربية ما يضارع أحدث النظم الحربية التي تلقنها الكليات العسكرية مما ليس هنا مجال تفصيله.
على أن الإسلام الذي قدس القوة ذلك التقدي، هو الذي آثر عليها السلم فقال تعالى بعد آيات القوة مباشرة ) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (. (100)
2- المصالح الاجتماعية:
وهي التعليم، والصحة العامة، وتقوية الأخلاق، ومحاربة الفقر، والجهل، والمرض، والرذيلة، وقد تناول الإسلام هذه الأمور جميعها كما يأتي:
1- الإسلام والعلم:
يجعل الإسلام العلم فريضة من فرائضه، وأول آية نزلت من كتاب الله ) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ( كما أن رسول الله قد جعل من فداء المشركين في بدر، أن يعلم أحدهم من الأسرى عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة. عملاً على محو الأمية من الأمة، ولم يسو بين العلماء وبين الجاهلين، قال تعالى: ) هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ( ولم يفرق بين علم الدنيا وعلم الدين، بل أوصى بهما جميعاً، وجمع علوم الكون في آية واحدة، وحث عليها، وجعل العلم بها سبيل خشيته، وطريق معرفته، فذلك قوله تعالى: ) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ( وفي ذلك إشارة إلى الهيئة، والفلك، وارتباط السماء بالأرض ثم قال تعالى: ) فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ( وفي ذلك إشارة إلى علم النبات، وغرائبه، وعجائبه، وكيميائه ) وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ( وفي ذلك الإشارة إلى علم الجيولوجيا، وطبقات الأرض، وأدوارها، وأطوارها " ومن الدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك وفيها الإشارة إلى علم البيولوجيا، والحيوان بأقسامه من إنسان وحشرات وبهائم. ثم يردف ذلك كله بقوله ) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ( وهذا يدل على أن الله يأمر الناس بدراسة الكون، ويحضهم على ذلك، ويجعل العارفين بدقائقه وأسراره أهل معرفته وخشيته.
2- الإسلام والصحة العامة:
حث الرسول r المؤمنين على المحافظة على قوة أبدانهم، كما حثهم على قوة أرواحهم حيث يقول: " المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف "، ويقول: " إن لبدنك عليك حقا " ولقد بين رسول الله r للأمة كثيراً من قواعد الصحة، وبخاصة في علم الوقاية وهو أفضل شطري الطب. فقوله r: " نحن قوم لا نأكل إلا إذا جعنا، وإذا أكلنا لا نشبع " وتحريه r فيما يشرب من ماء. في الحديث (كان r يستعذب الماء)، ونهيه عن التبول والتبرز في المياه الراكده، وإعلانه الحجر الصحي على البلد المطعون وأهله فلا يتركونه ولا ينزل غيرهم، وتحذيره من العدوى، وطلب الفرار من المجذوم، وأخيراً عنايته بكثير من فروع رياضة البدن، كالرمي، والسباحة، والفروسية، والعدو، وحث أمته عليها وعلى العناية بها. حتى ورد في الحديث ( من علم الرمي ثم نسى فليس مني ) ونهيه r نهياً مشدداً على التبتل، والترهب؛ وتعذيب الجسوم وإضوائها تقرباً إلى الله تبارك وتعالى. وإرشاده الأمة إلى جانب الاعتدال في ذلك كله كل هذا ينطبق بعناية الإسلام البالغة بصحة الأمة العامة، وتشديده في المحافظة عليها، وإفساح صدره لكل ما فيه خيرها وسعادتها من هذا الجانب الهام، وهكذا حارب الإسلام المرض.
3- الإسلام والخلق:
عنى الإسلام عناية كبيرة بالخلق، فهو الذي جعل صلاح النفس وتزكيتها أساس الفلاح، فقال تعالى: ) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ( وجعل تغيير شئون الأمم وقفاً على تغيير أخلاقها، وصلاح نفسها ) إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ( وهو الذي يحض على الوفاء ) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ( كما يحض على البذل، والتضحية، والصبر، واحتمال الشدائد ) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ( وليس كالإسلام عاملاً على إيقاظ الضمير، وأحياء الشعور، وإقامة رقيب النفس، وذلك خير الرقباء.
وهكذا حارب الإسلام الرذيلة (101).
4- التكافل الاجتماعي ومحاربة الفقر:
حارب الإسلام الفقر نظرياً فجعله قرين الكفر، واستعاذ منه رسول الله r: " اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر " وحبب في المال الصالح فقال: " نعم المال الصالح للرجل الصالح " وجعل الزهادة في القلوب لا في الحطام، فازهد الناس هو من كان بما في يد الله اشد ثقة منه بما في يد نفسه، وحارب الفقر عملياً، فأوصى بالعمل، والكسب وأمر به: ) فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ( وجعل السعي في كسب العيش قربة إلى الله تعالى من أعظم القربات. توجب مثوبته، ومغفرته، ومحبته، حتى قال النبي r: " إن الله يحب المؤمن المحترف " وطارد في نفس الفقير معنى الذلة وأفهمه أن الفقر ليس في أعراض الحياة الدنيا، ولكن في النفوس والأخلاق فقال الرسول r: " ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس ". (102).
أما التكافل الاجتماعي، فقد قرر الإسلام مبدأه في كل صوره وأشكاله. فهناك تكافل بين الفرد وأسرته القريبة ) وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ( ) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ( ) وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ( وقيمة هذا التكافل في محيط الأسرة أنه قوامها الذي يمسكها، والأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع. وهناك تكافل بين الفرد والجماعة، وبين الجماعة والفرد، يوجب على كل منهما تبعات، ويرتب لكل منهما حقوقا. فكل فرد مكلف أولاً أن يحسن عمله الخاص. لأن ثمرة العمل الخاص ملك للجماعة، وعائدة عليها في النهاية " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه " وكل فرد مكلف أن يرعى مصالح الجماعة كأنه حارس لها. موكل بها " أنت على ثغرة من ثغر الإسلام، فلا يؤتين من قلبك " وليس هناك فرد معفى من رعاية المصالح العامة " كلكم راع وكلمكم مسئول عن رعيته " والتعاون بين جميع الأفراد واجب لمصلحة الجماعة، في حدود البر والمعروف ) وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (.
والأمة مسئولة عن حماية الضعفاء فيها، ورعاية مصالحهم وصيانتها. فعليها أن تقاتل عند اللزوم لحمايتهم ) وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ( وعليها أن تحفظ لهم أموالهم حتى يرشدوا ) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا ( وهي مسئولة عن فقرائها ومعوزيها أن ترزقهم بما فيه الكفاية، فتتقاضى أموال الزكاة وتنفقها في مصارفها، فإن لم تكف فرضت على القادرين، ما يسد عذر المحتاجين، بلا قيد ولا شرط إلا هذه الكفاية. (103).
وقد أراد الدين الحنيف أن يحيط البر والإحسان بسياج من الضمان، ففرض على كل مسلم قادر أن يساهم في تخفيف عبء الحياة عن الفقراء والمحتاجين، ) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( وشدد الإسلام في جباية الزكاة من الأغنياء. وفرض عليهم نسبة معينة 2.5% من رؤوس أموالهم، بتسلمها بيت مال المسلمين كل عام، ليوزعها على الفقراء والمساكين. ولم تقتصر الزكاة على الذهب والفضة، بل كانت تشمل الإبل والغنم والعروض والأثمار والزروع. وهناك نوعه من الزكاة يفرض في الفطر، أو يكون عقب الصوم.
وقد توخى الإسلام العدل في توزيع الصدقات على مستحقيها، واتبع ما أشار به القرآن الكريم ) إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ( فكانت أموال الزكاة تقسم بنصيب معلوم على الفئات الآتية:-
- المساكين وهم الذين لا شيء لهم.
- الفقراء: وهم الذين ليس لديهم ما يكفيهم.
- العاملين عليها: وهم القائمون بجباية الزكاة وتوزيعها.
- المؤلفة قلوبهم: وهم الذين كانوا يريدون إعلان إسلامهم، ويخشون أن يحرمهم أهلهم من أموالهم وميراثهم.
- العبيد: المسلمين الذين يملكهم الكفار بعنقهم.
- الغارمين: وهم المدينون، فيعطي لهم ما يقضون به ديونهم.
- الغزاة وأهل الجهاد: نفقة ما يحتاجون إليه في حروبهم.
- أبناء السبيل: وهم المسافرون الذين لا يجدون نفقة سفرهم (104).
وهكذا تكفل الإسلام بجميع المصالح الاجتماعية العامة للأمة وصيانتها حتى يقوم المجتمع الإسلامي على أساس التكافل، والتعاون، والمحبة، والثقة بين الفرد ونفسه، والأفراد وبعضهم، والأفراد والمجتمع.
5- المصالح الاقتصادية:
يعمل الإسلام على صيانة المصالح الاقتصادية للأمة. ويلخص قواعد الإصلاح الاقتصادي في نقط كثيرة منها:-
- إيجاب العمل والكسب على كل قادر: فالإسلام يحث على العمل والكسب، ويعتبره واجباً على كل قادر، ويثني على العمال المحترفين، ويحرم السؤال، ويعلن أن من أفضل العبادة العمل، وأنه من سنة الأنبياء، وينعي على أهل البطالة أنهم عالة على المجتمع، مهما كان سبب تبطلهم ولو كان الانقطاع لعبادة الله. فالإسلام لا يعرف هذا الضرب من التبطل، والتوكل على الله إنما هو بالأخذ في الأسباب، وأيضاً بالنتائج، فمن فقد أحدهما فليس بمتوكل، والرزق المقدور مقرون بالسعي الدائب، ) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ( ويقول الرسول r: " ما أكل أحدكم طعاماً قط خير من أن يأكل من عمل يديه، ويقول عمر: " لا يقعد أحكم عن طلب الرزق، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة " .
- الكشف عن منابع الثروات الطبيعية، ووجوب الاستفادة من كل ما في الوجود من مواد. ففي الإسلام لفت النظر إلى ما في الوجود من منابع الثروة، ومصادر الخير، والحث على العناية بها، ووجوب استغلالها، وأن كل ما في هذا الكون العجيب مسخر للإنسان ليستفيد منه، وينتفع به ) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً (.
- تحريم موارد الكسب الخبيث: وتحديد الخبث في الكسب بأنه ما كان من غير مقابل من عمل، كالربا، والقمار، واليانصيب، ونحوها... أو كان بغير حق، كالنصب، والسرقة، والفسق، أو عوضاً عما يضر، كثمن الخمر، والخنزير، والمخدر، ونحوها. فكل هذه موارد للكسب لا يبيحها الإسلام، ولا يعترف بها.
4- تقريب الشقة بين مختلف الطبقات تقريباً يقضي على الثراء الفاحش والفقر المدقع، وذلك لتحريم الكنز، ومظاهر الترف على الأغنياء، والحث على رفع مستوى المعيشة بين الفقراء، وتقرير حقهم في مال الدولة ومال الأغنياء، ووصف الطريق العملي لذلك، وأكثر من الحث على الإنفاق في وجوه الخير والترغيب في ذلك، وذم البخل، والرياء، والمن، والأذى، وتقرير طريق التعاون، والقرض الحسن، ابتغاء مرضاة الله. ) وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى (.
ولكمال الرعاية لهذه المصالح وضمانها جميعاً من قومية، واجتماعية، واقتصادية، أعطت الشريعة أولي الأمر حق التشريع، وإن كان هذا الحق مقيداً بأن يكون ما يضعونه من التشريعات متفقاً مع نصوص الشريعة، ومبادئها العامة، وروحها التشريعية. كما قصرت ذلك الحق على نوعين:-
أ- تشريعات تنفيذية:
يقصد بها ضمان تنفيذ نصوص الشريعة الإسلامية، والتشريع على هذا الوجه يعتبر بمثابة اللوائح والقرارات التي يصدرها الوزراء اليوم، كل في حدود اختصاصه، لضمان تنفيذ القوانين.
ب- تشريعات تنظيمية:
يقصد بها تنظيم الجماعة وحمايتها، وسد حاجتها، على أساس مبادئ الشريعة العامة، وهذه التشريعات لا تكون إلا فيما سكتت عنه الشريعة فلم تأت فيه بنصوص خاصة، ويشترط في هذا النوع من التشريعات، أن يكون قبل كل شيء متفقاً مع مبادئ الشريعة وروحها التشريعية (106).
على أن هناك تشريعات اجتماعية واقتصادية لم تعرفها القوانين الوضعية الحديثة إلا في القرن العشرين، بينما قررتها شريعة الإسلام منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً ومنها:-
- تحريم الخمر وإباحة الطلاق:
وهي قوانين لم تعرفها الدول الحديثة إلا في هذا القرن، وبعض القوانين تحرم الخمر تحريماً مطلقاً، وبعضها يحرمها تحريماً جزئياً، وبعضها يبيح الطلاق دون قيد وبعضها يقيده.
- التعاون والتضامن الاجتماعي:
فالشريعة الإسلامية أول شريعة جاءت بنظرية التعاون الاجتماعي ) وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ( ونظرية التضامن الاجتماعي ) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( وهاتين النظريتين لم يعرفهما العالم غير الإسلامي إلا في هذا القرن أيضاً، وهو يطبقهما إلى حد محدود.
- تحريم الاحتكار والرشوة واستغلال النفوذ:
يقول الرسول r: " لا يحتكر إلا خاطئ " ويقول تعالى: ) وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( وهذه المبادئ لم تعرفها القوانين الوضعية إلا أخيراً . (107)
2- تنظيم علاقات الحاكمين بالمحكومين:
نظم الإسلام علاقة الحاكم بالمحكوم على صورة لم تتوفر حتى الآن في أي نظام من نظم الحكم في المجتمعات الحديثة. فطريقة الحكم " شورية " والحاكم لا يصل إلى مكانه إلا عن طريق واحد، هو رغبة المحكومين واختيارهم المطلق. ) وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( ) وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ( وإذا كانت الشريعة لم تحدد طريقة معينة للشورى. فذلك متروك لحاجات كل عصر وضروراته وطريقة حياته. ولكن المبدأ مقرر، والطريقة معينة، ومن شأنها إشراك الناس في تدبير أمورهم (108).
وعلى هذا نستطيع أن نقول أن الحكومة الإسلامية، هي أقرب ما يكون إلى نظام الحكومات البرلمانية الحالية. كما أن اختيار الحاكم بهذه الطريقة، يشبه نظام اختيار رئيس الجمهورية، إلا أن النظام الإسلامي يختلف عن النظام الجمهوري في أن الحاكم في الإسلام يمكن أن يظل مدى الحياة، ما لم يرتكب من المخالفات ما يوجب العزل. وبهذه الطريقة يجمع الحكم الإسلامي بين أحسن مميزات النظام الجمهوري. وهي اختيار الحاكم من الشعب وللشعب بناء على رغبة الشعب. وأحسن ميزان النظام الملكي، وهي الثبات والاستقرار، والاستفادة من خبرة الحاكم، وتجاربه، من طول ممارسته للحكم، لصالح الأمة والنظام، مع التخلص من عيوب هذين النظامين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإخوان المسلمون الإســــلام كنظام اجتماعــي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإخوان المسلمون / فلسفة الإخوان ومبادئهم – الدين والسياسة – الإسلام كنظام اجتماعي (2)
» الإخوان المسلمون فلسفة الإخوان ومبادئهم
» الإخوان المسلمون (1)
» الإخوان المسلمون
» الإخوان المسلمون تــاريخ الدعوة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى فلسطين-
انتقل الى: