ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 الإخوان المسلمون الدين والسياسة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

الإخوان المسلمون  الدين والسياسة Empty
مُساهمةموضوع: الإخوان المسلمون الدين والسياسة   الإخوان المسلمون  الدين والسياسة Emptyالأربعاء سبتمبر 30, 2009 8:43 am

الدين والسياسة
أن لكلمة الدين عند الغربيين مدلول خاص، فلا يتعدى عن كونه العقيدة التي تنظم صلة العبد بربه فقط، كما أن المسيحية، قد نشأت في ظل الإمبراطورية الرومانية، التي كان لها من قوانينها المشهورة، ما لا يزال حتى الآن مصدرا من مصادر التشريعات الأوروبية الحديثة، فلم تكن المسيحية بحاجة يومئذ – ولا كانت قادرة يومذاك - أن تضع الدولة الرومانية الوطيدة، وللمجتمع الروماني المعقد، قوانين، ونظما، وحدوداً، للسير على هداها في الدولة والمجتمع، يقدر ما كانت محتاجة وقادرة على أن تنصرف إلى التهذيب الروحي، والتطهير الوجداني (80).
وعلى ذلك فقد انصرفت المسيحية إلى تطهير الوجدان والأرواح من غير أن تمس مجتمع الناس وواقع حياتهم من قريب أو بعيد، هذا من ناحية الظروف التاريخية التي نشأت فيها المسيحية. وهناك ناحية أخرى، هي أن الناس قد وجدوا استحالة مادية في أن يطبقوا الأوامر المسيحية، وأن يتجردوا من ماديتهم الكاملة في عهد وثنيتهم الإغريقية، إلى الروحية الخالصة في عهد المسيحية، ولم يستطيعوا أن يركنوا في واقع حياتهم، إلى نظريات المسيحية السمحة الموغلة في التسامح – من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً – لقد رأى هؤلاء القوم أن الدين لا يصلح للحياة، فقالوا أن الدين صلة ما بين العبد والرب. وأنه لا بأس عليهم أن يستظلوا بظله في الكنيسة، وأن يستروحوا نسمائه في الهيكل المقدس، وأن يواجهوا صراع الحياة بعد ذلك في المجتمع بتقاليدهم البربرية، وأن يدعوا السيف يقضي بحكمه في إبان الهمجية، ويدعو القانون المدني يقضي بحكمه بعد أن تحضروا. فأما الدين فقد بقى في عزلته الوجدانية، هناك في القلوب والضمائر، وفي الهيكل المقدس، وكرسي الاعتراف، ومن هناك كانت العزلة بين الدين والدنيا في حياة الأوربيين (81).
وحينما زحف الاستعمار الغربي على الشرق والشرقيين، زحفت معه أفكاره ومبادئه، ومثالياته ونظم حياته، وأخذ يروج لها بوسائل الدعاية المنظمة، عن طريق البرامج الثقافية وغيرها من وسائل الاتصال المختلفة (Means of Communication) التي تكيف العقول حسب رغبته، وتوجه الميول حسب مشيئته، وحسبما تملي مصالحه السياسية، والاقتصادية، والثقافية، على حد سواء. ومرت الأيام والسنون، وإذا في الشرق جيل كامل يؤمن بهذه المبادئ، ويعتقدها، ويروج لها، بل ويتشيع ويتعصب لها، إذا أراد أحد أن يناقشه فيها أو يقنعه بخلافها.
والآن فلنعد إلى الإسلام الذي هو الدين الذي قصدناه في بحثنا هذا لنرى مدى علاقته بالسياسة، ولنستعرض بعض أحكام الإسلام وقوانينه، لنرى مدى علاقتها بحياة الناس ومجتمعهم، في جميع شئونهم عامة، وفي شئونهم السياسية خاصة.
ورد في كتاب الإسلام ودستوره الخالد  وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً  أي أن الله تعالى قد استخلف آدم وذريته – وهم البشر أجمعين – في الأرض وهذا معناه أن الله تعالى أسكنهم الأرض واستعمرهم فيها، ومنحهم حق التسلط على الكون للانتفاع بما فيه من خيرات في حدود أمر الله ونهيه.
واستخلاف البشر في الأرض نوعان:-
استخلاف عام، واستخلاف خاص.
فالاستخلاف العام هو استخلاف البشر في الأرض، باعتبارهم مستعمرين فيها، ومسلطين عليها،  هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا  ، وقد بدأ هذا الاستخلاف لآدم  ومن بعده كل ذريته. فهم جميعاً مستعمرون الأرض ومستخلفون عليها.
والاستخلاف الخاص هو الاستخلاف في الحكم وهو نوعان:
استخلاف الدول، واستخلاف الأفراد، والاستخلاف في الحكم هو بنوعيه منة أخرى يمن الله بها على من يشاء من عباده، أمماً وأفراداً، بعد أن من عليهم جميعاً بنعمة الاستخلاف في الأرض ) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ( ، ) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ( .
واستخلاف الدول معناه الأول ت حرير الأمة واستقلالها بحكم نفسها، وجعلها دولة لها من السلطان ما يحمي مصالح الأمة ويعلي كلمتها، ومعناه الثاني اتساع سلطان الدولة حتى يشمل فوق أبناء الأمة أمماً وشعوباً أخرى (83).
وهذه كلها أدلة على أن الإسلام يلزم إتباعه بحكم شريعته لا على أن يستعمروا الأرض ويسخروا ما فيها لصالحهم، ويتحرروا وينهضوا بأنفسهم فحسب، بل على أن يعلموا لنشر مبادئهم بين سائر الأمم والشعوب، التي هي مبادئ الحق الذي استخلفهم الله عليه في الأرض.
ولعل قائل يقول أن هذه الآيات التي أوردناها ليس فيها ما يلزم إلزاماً صريحاً بفرضية الحكم بالقرآن. فلنذكر له الآيات التي تدل على أن الحكم بكتاب الله، فرض علينا لا يحق لنا أن نتحلل منه، بأي وجه من الوجوه، ولا ينبغي أن نتعلل في عدم تطبيقه بالظروف والملابسات، لأن هذه الظروف والملابسات من فعلنا ويجب العمل على إزالتها، هذه هي الآيات فاقرأها إن شئت:
قال تعالى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (. وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ( .
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (
هذه آيات بينات فيها أقطع برهان على وجوب الحكم بكتاب الله ولا يقول بغير ذلك إلا من رضى لنفسه بالكفر والظلم والفسوق ومحادة الله ورسوله، وعدم الاعتصام بحبل الله، فهو قليل الحظ من التوفيق والهداية (82).
هذا من جهة كون الحكم والسياسة من فرائض الدين. فلنعرج على أوامر هذا الدين ونواهيه لنرى مدى اتصالها بحياة الناس. وهل هي لتنظيم الصلة بين العبد وربه فقط. إن صريح هذه النصوص ينفي ذلك.فأكثر ما جاء به الإسلام لا يدخل تنفيذه في اختصاص الأفراد، وإنما هو من اختصاص الحكومات، وهذا وحده يقطع بأن الحكم من طبيعة الإسلام ومقتضياته. وأن الإسلام دين ودولة. فالإسلام قد أتى بتحريم كثير من الأفعال واعتبر إتيانها جريمة يعاقب عليها، وفرض لهذه الجرائم عقوبات ومن هذه الجرائم القتل العمد وعقوبته القصاص) أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ( والسرقة وعقوبتها قطع اليد ) وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ( والقذف عقوبته الجلد ) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ( ولا جدال في أن تحريم الأفعال واعتبارها جرائم، وفرض العقوبات عليها، إنما هو من مسائل الحكم ومن أخص ما تقوم به الدولة، ولو لم يكن الإسلام ديناً ودولة، لما سلك هذه المسالك (84).
ولهذا كان الأستاذ البنا، من أشد الثائرين على النص الذي يتصدر دائماً قوانين الجماعات الإسلامية، وهو أن: " الجمعية لا تتعرض للشئون السياسية، وكان يقول: " إن الإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، وسياسة وقوة، وثقافة وقانون، وإن المسلم مطالب بحكم إسلامه. أن يعني بشئون أمته، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.. وأستطيع أن أجهر في صراحة بأن المسلم لن يتم إسلامه إلا إذا كان سياسياً يعيد النظر في شئون أمته، مهتماً بها، غيوراً عليها، وأن على كل جمعية إسلامية أن تضع في رأس برنامجها الاهتمام بشئون أمتها السياسية. وإلا كانت هي نفسها تحتاج إلى أن تفهم الإسلام ". (85)
ولعل أبلغ دليل على أن الإسلام دين وسياسة، أن طريقته في اختيار الولاة، وفي شغل المناصب العامة، هي طريقة ممعنة في الواقعية، وفي جعل أساس الاختيار هو الكفاءة وحدها، والمقدرة على تحمل التبعة والقيام بمهام المنصب دون أي اعتبار آخر. ويذهب الإسلام في هذا الحد إلى أقصى ما يأمر به نظام دنيوي لصلاح الدنيا وأمورها، " فالواجب في كل ولاية الأصلح بحسبها، فإذا تعين رجلان، أحدهما أعظم أمانة، الآخر أعظم قوة، قدم أنفعهما لتلك الولاية، وأقلهما ضرراً فيها، فيقدم في أمارة الحروب الرجل القوي الشجاع، وإن كان فيه فجور، على الرجل الضعيف العاجز وإن كان أميناً. كما سئل الإمام أحمد عن الرجلين يكونان أميرين في الغزو، وأحدهما قوي فاجر، والآخر صالح ضعيف، مع أيهما يغزي؟ فقال أما الفاجر القوي، فقوته للمسلمين، وفجوره على نفسه، وأما الصالح الضعيف، فصلاحه لنفسه، وضعفه على المسلمين، فيغزي مع القوي الفاجر. وقد قال النبي r: " إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " .
ولهذا كان النبي r يستعمل خالد بن الوليد على الحرب منذ أسلم، مع أنه كان أحياناً يعمل ما ينكره النبي r، حتى أنه مرة رفع يديه إلى السماء وقال: " اللهم أني أبرأ إليك مما فعل خالد " لما أرسله إلى جزيمة فقتلهم وأخذ أموالهم بنوع شبهة، ولم يكن يجوز ذلك، وأنكره عليه بعض من معه من الصحابة. حتى وادهم النبي r، وضمن أموالهم. ومع هذا فما زال يقدمه في أمارة الحرب. لأنه كان أصلح في هذا الباب من غيره. وفعل ما فعل بنوع تأويل.
وكان أبو ذر  أصلح منه في الأمانة والصدق. ومع هذا فقد قال له النبي r: " يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحبه لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم " رواه مسلم.
نهى أبا ذر عن الإمارة والولاية. لأنه رآه ضعيفاً. مع أنه قد روى ما أظلت الخضراء ولا أقلعت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر . (86).
ولعله أن يطمئن بعد ذلك أولئك الذين خيل لهم أفقهم الضيق، وفهمهم الضعيف المحدود للإسلام، أن الولاية والحكم والوظائف العامة، لا توكل في ظل نظامه إلا لأصحاب الأردية الفضفاضة، أو المسابح الطويلة، والعمائم الضخمة، واللحى الوفيرة.
والآن يحسن بنا أيضاً أن نعرض لعوامل تكوين الدولة في العصر الحديث لنرى مدى إمكانيتها وتوفرها في الإسلام.
الوحدة السياسية أو الدولة (State) تعزي إلى عدة عوامل:-
أولاً: إرادة إجماعية (Volonte Generate, The General Will)
ثانياً: قانون ينظمها. وفي بعض التعاريف دستور (Constitution)
ثالثاً: إدارة منفذة وفي بعض التعاريف حكومة أو سلطة Government, Authortg
رابعاً: ولاء النظام القائم Loyalty . (87)
ولنتناول هذه العوامل الأربعة على ضوء الإسلام بشيء من التفصيل فنقول:-
إرادة إجماعية:
وقد تناول الإسلام هذه الناحية بعناية كبيرة. وأولاها اهتماماً كبيراً. فهو يهيئ جميع الوسائل، التي تجعل الأمة تصدر عن إرادة إجماعية، ورأي موحد. وعمل بمختلف الطرق على صيانة وحدة الأمة في كل أمورها، يقول الأستاذ البنا: " وأما عن وحدة الأمة فإن الإسلام الحنيف يفترضها إفتراضاً، ويعتبرها جزءاً أساسياً في حياة المجتمع الإسلامي لا يتساهل فيه بحال، إذ أنه يعتبر الوحدة قرين الإيمان ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ( كما يعتبر الخلاف والفرقة قرين الكفر كما قال تعالى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ( أي بعد وحدتكم متفرقين. وكما قال رسول الله r: " لا ترجعوا من بعدي كفاراً يضرب بعضكم وجوه بعض " فعبر بكلمة الكفر عن الفرقة والخلاف، وأن يضرب بعضهم وجوه بعض " (88).
وهكذا ترى أن الإسلام قد حرص على سد كل أبواب الفرقة التي تحول دون تكوين الإرادة الاجماعية. وجعل كل ضرب من ضروب هذه الفرقة معصية وفسوقاً عن الدين، فضلاً عن كونها عاملاً من عوامل الفساد الدنيوي.
ولعل الدولة المصرية لم يتوفر فيها قبل حركة الجيش الأخيرة ذلك الشرط الأساسي لكمالها وهو الإرادة الجماعية، وكان ذلك بفضل تلك التنظيمات التي كانت تسمي نفسها الأحزاب المصرية، والتي كان كل همها بلبلة الرأي العام بالحق والباطل، لصالح الحزب أولاً، دون صالح الوطن، ولعل هذا أيضاً هو السبب في أن الإخوان أول من طالبوا بحل هذه الأحزاب.
لا ندري ما الذي يفرض على هذا الشعب الطيب، المجاهد، المناضل، الكريم، هذه الشيع، والطوائف من الناس التي تسمى نفسها الأحزاب السياسية؟!!! إن الأمر جد خطير، ولقد حاول المصلحون أن يصلوا إلى وحدة ولو مؤقتة لمواجهة هذه الظروف العصبية التي تجتازها البلاد فيئسوا وأخفقوا، ولم يعد الأمر يحتمل أنصاف الحلول، ولا مناص بعد الآن من أن تحل هذه الأحزاب جميعاً وتجمع قوى الأمة في حزب واحد يعمل لاستكمال استقلالها وحريتها " (89).
ثانياً: القانون الأساسي أو الدستور:
ويكون عادة مصدراً لسائر القوانين والتشريعات التي تحتاجها الدولة والإسلام غني بمصادره التشريعية، التي تكون في مجموعها مصدراً متكاملاً لسائر التشريعات اللازمة للحياة بجميع أنواعها، ومصادر التشريع الإسلامي أربعة:
أولاً – الكتاب: وهو القرآن الكريم في كل ما تلاه من أوامر ونواهي، سواء فهم ذلك من صريح صيغته، أو من طريق الإشارة أو الدلالة، أو الاقتضاء.
ثانياً – السنة: وهي كل حديث صحيح قاله رسول الله r، يوضع منهما، أو يفسر مجملاً، أو يستهدي تفصيلات سكت عنها القرآن، بشرط أن تكون الأحاديث مما يتفق روح القرآن ومما يهضمه العقل الناضج البصير، لتخرج بذلك الأحاديث الموضوعة والمدسوسة على رسول الله.
ثالثاً- الإجماع: وهو اتفاق أغلبية أهل الحل والعقد وثقاته من مجتهدي المسلمين، على رأي من الآراء دينياً كان أو دنيوياً، فيصبح بذلك قانوناً شرعياً من الواجب الانصياع له والأخذ به شرعاً.
رابعاً- القياس: وهو إلحاق فرع بأصل، ويأتي في الأشياء التي لم يرد فيها نص، فيجب على الإنسان أن يحكم عقله مستهدياً روح الكتاب والسنة ويقيس ما يعرض له على ضوء الغاية من التشريع، وعلى ضوء العلة في الأوامر والنواهي....(90)
فالإسلام من هذه الناحية غني بدستوره ومصادر تشريعه، التي تعين على تكوين أصلح الدول في العصر الحديث.
ثالثاً- إدارة منفذة أو حكومة:
وهذه أيضاً أولاها الإسلام عناية كبيرة، واعتبرها من أعظم واجبات الدين، يقول الإمام ابن تيمية: " يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولابد عند الاجتماع من رأس، حتى قال النبي r: " إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم. فأوجب r تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الاجتماع، ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد، والعدل، وإقامة الحج، والجمع، والأعياد، ونصرة المظلوم، وإقامة الحدود، لا تتم إلى بالقوة والإمارة. ولهذا روى أن السلطان ظل الله في الأرض ويقال : " ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة بلا سلطان " (91)
وأحب أن أوضح هنا أن كون السلطان ظل الله في الأرض، لا يعني أن الإسلام يعترف للملوك أو السلاطين بتلك القداسة أو السيادة المطلقة التي كانت تستند في العصور الوسطى إلى (الحق الإلهي)، بل على العكس يؤمن الإسلام بالسيادة الشعبية، التي هي أساس نظرية (العقد الجمعي). أما كون السلطان ظل الله في الأرض، فليس إلا من قبيل ربط الأرض بالسماء، والدين بالحياة، والحكم بالعقيدة، واعتبار الإخلاص في الأعمال جميعاً وعلى رأسها الحكم نوعاً من أنواع العبادة يتقرب الناس بها إلى ربهم. أما الحكم أو الخلافة في الإسلام فهي بيعه، وهي تطابق إلى حد ما نظام الانتخاب الحالي. كما أن الحاكم في الإسلام مسئول بين يدي الله وبين الناس، وهو أجير لهم وعامل لديهم، ورسول الله r يقول: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيه " وأبو بكر t يقول عندما ولى الأمر وصعد المنبر " أيها الناس كنت أحترف لعيالي فاكتسب قوتهم، فأنا الآن أحترف لكم، فافرضوا لي من بيت مالكم. وهو بهذا قد فسر نظرية العقد الاجتماعي أفضل وأعدل تفسير، بل هو قد وضع أساسه، فما هو إلا تعاقد بين الأمة والحاكم على رعاية المصالح العامة. فإن أحسن فله أجره وإن أساء فعليه عقابه.
وهذا هو موقف الإسلام من الحكومة والقائمين على أمرها، أما كيف تسير هذه الحكومة وكيف تحكم فهذا جانب لم يفعله الإسلام أيضاً ولكننا سوف نتحدث عنه عندما نتناول نظام الحكم في الإسلام.
رابعاً: ولاء للنظام القائم: وهذا الركن من أركان وجود الدولة مأمور به في الإسلام فهو كما أوجب العدل على الحاكمين أوجب الطاعة على المحكومين ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (. والجمع في الآية بين الله والرسول وأولي الأمر معناه في بيان طبيعة هذه الطاعة وحدودها، فالطاعة لولي الأمر مستمدة من طاعة الله والرسول. لأن ولي الأمر في الإسلام لا يطاع لذاته، وإنما يطاع لقيامه على شريعة الله ورسوله، ومن تنفيذه لهذه الشريعة دون سواه يستمد حق الطاعة، فإذا انحرف عنها سقطت طاعته، ولم يجب لأمره نفاذ، يقول صاحب الشريعة " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " (93).
وليس معنى هذا التمرد على النظام من كل دعي يحاول التشكيك في تصرفات الحاكم، بل المقصود أن يكون الجميع حراساً على مبادئ الدين والدولة، أو مبادئ الإسلام، وهذه اليقظة الجماعية هو ما يسمونه الآن بالوعي الاجتماعي، أو النضوج السياسي، فالسمع والطاعة واجب مفروض على كل مسلم بحكم الدين. " اسمعوا وأطيعوا ولو أمِّر عليكم عبد حبشي " ولكن الذي نقصده ونود تأكيده هو أنه " ليس لحاكم في الإسلام صفة قداسة ولا صفة آلهية خاصة، فالخلفاء الذين أخطأوا في أحكامهم، وجدوا من الرعية من يقوم باسم الله ورسوله، وبدافع من الإسلام وحده، لينقد تصرفاتهم، ويكشف أخطائهم وخطيئاتهم، فإذا أسقطهم أقام حكماً دينياً آخر، هو في رأيه أقرب إلى الحق. وأعان على ذلك أن كل شخص في الإسلام رجل للدين. وليس الدين احتكارا على طائفة دون أخرى (94).
وعلى هذا فالولاء للنظام القائم في الدولة الإسلامية هو ولاء لا يقف عند حد، لأنه يرتبط بالعقيدة والوجدان الديني، حتى أن الحاكم نفسه لا يبقى في منصبه لحظة واحدة، إذا خرج على هذا النظام أو حاول الخروج عليه. أما إذا ظهر ولاؤه للنظام، وحرصه عليه، وعمله لصالحه، فالسمع والطاعة ولو كان عبداً حبشياً. وليس بعد هذا مبالغة في الولاء للنظام. ولعله لا توجد حتى الآن الدولة التي يتوفر فيها الولاء لنظامها واحترامه كما تفعل الدولة الإسلامية، وكما كانت في عصر الخلفاء الراشدين ومن تبعوهم بإحسان.
وهكذا نرى أن جميع عوامل تكوين الوحدة السياسية أو الدولة في العصر الحديث كما حددها فقهاء العلوم السياسية، ليست متوفرة في الإسلام فحسب، بل إنها جميعاً مما يشترطه الإسلام، وينص على وجوبه لصالح الجماعة الإسلامية.
ولعله قد أتضح بعد هذا العرض، أن الدين والسياسة لا تعارض بينهما في الإسلام، بعكس ما يثيره الكثيرون بغير برهان قائم إلا بتقليدهم الأعمى للغربيين ومن لف لفهم، وترديدهم لأفكار نشأت عن دين آخر غير الإسلام، " إن رد الحكم إلى الإسلام، وقيام نظمه وقوانينه على شريعة الإسلام مسألة لا يمكن فصلها عن العقيدة، لأنها جزء من العقيدة لا تتم تمامها إلا به. فوجودها الذاتي معتمد على تحققه، فالدولة التي لا تحكم بما أنزل الله كافرة قطعاً بحكم هذا النص الذي لا يقبل التأويل، والمسلم لا يجوز له إلا مضطراً في حالة العجز المطلق عن التغيير أن يخضع لدولة كافرة، " ومن هذا يبدو محاولة الفرد المسلم إقامة حكم إسلامي هي محاولة لتحقيق ذات العقيدة الإسلامية، وليست شيئاً آخر غير صميم العقيدة، وفي هذا تختلف العقيدة الإسلامية اختلافاً أساسياً عن العقيدة المسيحية أو العقيدة الهندوكية " (95).
وقد رغبت أن أغير عنوان هذه النقطة كلها فاجعل عنوانها- الإسلام والسياسة – بدلاً من – الدين والسياسة – ذلك لأن كلمة الدين كما سبق أن أوضحت قد تهيأ لها في الأذهان أنها ما ينظم صلة العبد وربه فقط، وليس كذلك الإسلام. فما الناحية العبادية إلا جانب يسير منه. ولهذا صح في اعتقاد الإخوان أن الإسلام ليس دينا فحسب، بل أنه نظام للحياة في كل شأن من شئونها، السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، فضلاً عن الروحية.
أما كيف يحكم هذا الدين وكيف تسيطر هذه الشريعة على شئون الحكم وتنظيمها، فهذا ما سنتعرض له عندما نتناول النقطة القادمة وهي – الإسلام كنظام اجتماعي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإخوان المسلمون الدين والسياسة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإخوان المسلمون / فلسفة الإخوان ومبادئهم – الدين والسياسة – الإسلام كنظام اجتماعي (2)
» الإخوان المسلمون فلسفة الإخوان ومبادئهم
» الإخوان المسلمون
» الإخوان المسلمون (1)
» الإخوان المسلمون تــاريخ الدعوة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى فلسطين-
انتقل الى: