ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 سنة إحدى وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية) (3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

سنة إحدى وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية) (3) Empty
مُساهمةموضوع: سنة إحدى وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية) (3)   سنة إحدى وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية) (3) Emptyالثلاثاء ديسمبر 29, 2009 12:38 pm

سنة إحدى وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية) (3) Kunoooz999c90c773
فخلص إلى شربه منه، فرماه رجل يقال له: حصين بن تميم بسهم في حنكة فأثبته، فانتزعه الحسين من حنكة ففار الدم فتلقاه بيديه، ثم رفعهما إلى السماء وهما مملوءتان دما، ثم رمى به إلى السماء وقال: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تذر على الأرض منهم أحدا، ودعا عليهم دعاء بليغا.
قال: فوالله إن مكث الرجل الرامي إلا يسيرا حتى صب الله عليه الظمأ فجعل لا يروى ويسقى الماء مبردا، وتارة يبرد له اللبن والماء جميعا ويسقى فلا يروى بل يقول: ويلكم! اسقوني قتلني الظمأ.
قال: فوالله ما لبث إلا يسيرا حتى انفذ بطنه انفداد بطن البعير، ثم إن شمر بن ذي الجوشن أقبل في نحو من عشرة من رجالة الكوفة قبل منزل الحسين الذي فيه ثقلة عياله، فمشى نحوهم فحالوا بينه وبين رحله.
فقال لهم الحسين: ويلكم!! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا في دنياكم أحرارا وذوي أحساب، امنعوا رحلي وأهلي من طغاتكم وجهالكم.
فقال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يا ابن فاطمة، ثم أحاطوا به فجعل شمر يحرضهم على قتله.
فقال له أبو الجنوب: وما يمنعك أنت من قتله؟
فقال له شمر: إلي تقول ذا؟
فقال أبو الجنوب: إلي تقول ذا؟ فاستبا ساعة.
فقال له أبو الجنوب - وكان شجاعا -: والله لقد هممت أن أخضخض هذا السنان في عينك، فانصرف عنه شمر.
ثم جاء شمر ومعه جماعة من الشجعان حتى أحاطوا بالحسين، وهو عند فسطاطه، ولم يبق معه أحد يحول بينهم وبينه، فجاء غلام يشتد من الخيام كأنه البدر، وفي أذنيه درتان فخرجت زينب بنت علي لترده فامتنع عليها، وجاء يحاجف عن عمه فضربه رجل منهم بالسيف فاتقاه بيده فأطنها سوى جلده.
فقال: يا أبتاه.
فقال له الحسين: يا بني احتسب أجرك عند الله، فإنك تلحق بآبائك الصالحين.
ثم حمل على الحسين الرجال من كل جانب وهو يجول فيهم بالسيف يمينا وشمالا، فيتنافرون عنه كتنافر المعزى عن السبع، وخرجت أخته زينب بنت فاطمة إليه فجعلت تقول: ليت السماء تقع على الأرض.
وجاءت عمر بن سعد فقالت: يا عمر، أرضيت أن يقتل أبو عبد الله وأنت تنظر؟ فتحادرت الدموع على لحيته وصرف وجهه عنها، ثم جعل لا يقدم أحد على قتله، حتى نادى شمر بن ذي الجوشن: ويحكم! ماذا تنتظرون بالرجل، فاقتلوه ثكلتكم أمهاتكم.
فحملت الرجال من كل جانب على الحسين، وضربه زرعة بن شريك التميمي على كتفه اليسرى، وضرب على عاتقه، ثم انصرفوا عنه وهو ينوء ويكبو، ثم جاء إليه سنان بن أبي عمرو بن أنس النخعي فطعنه بالرمح فوقع، ثم نزل فذبحه وحز رأسه، ثم دفع رأسه إلى خولي بن يزيد.
وقيل: إن الذي قتله شمر بن ذي الجوشن.
وقيل: رجل من مذحج.
وقيل: عمرو بن سعد بن أبي وقاص، وليس بشيء، وإنما كان عمر أمير السرية التي قتلت الحسين فقط. والأول أشهر.
وقال عبد الله بن عمار: رأيت الحسين حين اجتمعوا عليه يحمل على من على يمينه حتى انذعروا عنه، فوالله ما رأيت مكثورا قط قد قتل أولاده وأصحابه أربط جأشا منه، ولا أمضى جنانا منه، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله.
وقال: ودنا عمر بن سعد من الحسين، فقالت له زينب: يا عمر أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر؟ فبكى وصرف وجهه عنها.
وقال أبو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير، عن حميد بن مسلم قال: جعل الحسين يشد على الرجال وهو يقول: أعلى قتلي تحابون؟ أما والله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله أسخط عليكم بقتله مني، وأيم الله إني أرجو أن يكرمني الله بهوانكم، ثم ينتقم الله لي منكم من حيث لا تشعرون، أما والله لو قد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم، ثم لا يرضى لكم بذلك حتى يضاعف لكم العذاب الأليم.
قال: ولقد مكث طويلا من النهار، ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا، ولكن كان يتقي بعضهم ببعض دمه، ويحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء مؤنة قتله، حتى نادى شمر بن ذي الجوشن: ماذا تنتظرون بقتله؟
فتقدم إليه زرعة بن شريك التميمي فضربه بالسيف على عاتقه، ثم طعنه سنان بن أنس بن عمرو النخعي بالرمح، ثم نزل فاحتز رأسه ودفعه إلى خولي.
وقد روى ابن عساكر في ترجمة شمر بن ذي الجوشن، وذو الجوشن صحابي جليل، قيل: اسمه شرحبيل.
وقيل: عثمان بن نوفل.
ويقال: ابن أوس بن الأعور العامري الضبابي، بطن من كلاب، ويكنى شمر بأبي السابغة.
ثم روى من طريق عمر بن شبة: ثنا أبو أحمد، حدثني عمي فضيل بن الزبير، عن عبد الرحيم بن ميمون، عن محمد بن عمرو بن حسن قال: كنا مع الحسين بنهري كربلاء، فنظر إلى شمر بن ذي الجوشن فقال: صدق الله ورسوله، قال رسول الله : «كأني أنظر إلى كلب أبقع بلغ في دماء أهل بيتي».
وكان شمر - قبحه الله - أبرص.
وأخذ سنان وغيره سلبه، وتقاسم الناس ما كان من أمواله وحواصله وما في خبائه، حتى ما على النساء من الثياب الطاهرة.
وقال أبو مخنف: عن جعفر بن محمد قال: وجدنا بالحسين حين قتل ثلاث وثلاثين طعنة، وأربع وثلاثين ضربة، وهَمَّ شمر بن ذي الجوشن بقتل علي بن الحسين الأصغر زين العابدين، وهو صغير مريض حتى صرفه عن ذلك حميد بن مسلم أحد أصحابه.
وجاء عمر بن سعد فقال: ألا لا يدخلن على هذه النسوة أحد، ولا يقتل هذا الغلام أحد، ومن أخذ من متاعهم شيئا فليرده عليهم.
قال: فوالله ما رد أحد شيئا.
فقال له علي بن الحسين: جزيت خيرا، فقد دفع الله عني بمقالتك شرا.
قالوا: ثم جاء سنان بن أنس إلى باب فسطاط عمر بن سعد، فنادى بأعلى صوته:
أوقر ركابي فضة وذهبا * أنا قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أما وأبا * وخيرهم إذ ينسبون نسبا
فقال عمر بن سعد: أدخلوه علي، فلما دخل رماه بالسوط، وقال: ويحك! أنت مجنون، والله لو سمعك ابن زياد تقول هذا لضرب عنقك.
ومنَّ عمر بن سعد على عقبة بن سمعان حين أخبره أنه مولى، فلم ينج منهم غيره.
والمرقع بن يمانة أسر فمنَّ عليه ابن زياد، وقتل من أصحاب الحسين اثنان وسبعون نفسا، فدفنهم أهل الغاضرية من بني أسد بعد ما قتلوا بيوم واحد.
قال: ثم أمر عمر بن سعد أن يوطأ الحسين بالخيل ولا يصح ذلك والله أعلم.
وقتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون نفسا.
وروي عن محمد بن الحنفية أنه قال: قتل مع الحسين سبعة عشر رجلا كلهم من أولاد فاطمة.
وعن الحسن البصري أنه قال: قتل مع الحسين ستة عشر رجلا كلهم من أهل بيته ما على وجه الأرض يومئذٍ لهم شبه.
وقال غيره: قتل معه من ولده إخوته، وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلا.
فمن أولاد علي رضي الله عنه: جعفر، والحسين، والعباس، ومحمد، وعثمان، وأبو بكر.
ومن أولاد الحسين: علي الأكبر، وعبد الله.
ومن أولاد أخيه الحسن ثلاثة: عبد الله، والقاسم، وأبو بكر بنو الحسن بن علي بن أبي طالب.
ومن أولاد عبد الله بن جعفر اثنان: عون، ومحمد.
ومن أولاد عقيل: جعفر، وعبد الله، وعبد الرحمن، ومسلم قتل قبل ذلك كما قدمنا.
فهؤلاء أربعة لصلبه، واثنان آخران هما: عبد الله بن مسلم بن عقيل، ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل، فكملوا ستة من ولد عقيل، وفيهم يقول الشاعر:
واندبي تسعة لصلب علي * قد أصيبوا وستة لعقيل
وسمى النبي غودر فيهم * قد علوه بصارم مصقول
وممن قتل مع الحسين بكربلاء، أخوه من الرضاعة عبد الله بن بقطر، وقد قيل: إنه قتل قبل ذلك حيث بعث معه كتابا إلى أهل الكوفة، فحمل إلى ابن زياد فقتله، وقتل من أهل الكوفة من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلا سوى الجرحى، فصلى عليهم عمر بن سعد ودفنهم.
ويقال: إن عمر بن سعد أمر عشرة فرسان فداسوا الحسين بحوافر خيولهم حتى ألصقوه بالأرض يوم المعركة، وأمر برأسه أن يحمل من يومه إلى ابن زياد مع خولي بن يزيد الأصبحي، فلما انتهى به إلى القصر وجده مغلقا، فرجع به إلى منزله فوضعه تحت إجانة، وقال لامرأته نوار بنت مالك: جئتك بعز الدهر.
فقالت: وما هو؟
فقال: برأس الحسين.
فقالت: جاء الناس بالذهب والفضة، وجئت أنت برأس ابن بنت رسول الله ؟ والله لا يجمعني وإياك فراش أبدا، ثم نهضت عنه من الفراش واستدعى بامرأة له أخرى من بني أسد فنامت عنده.
قالت المرأة الثانية الأسدية: والله ما زلت أرى النور ساطعا من تلك الإجانة إلى السماء، وطيورا بيضاء ترفرف حولها، فلما أصبح غدا به إلى ابن زياد فأحضره بين يديه.
ويقال: إنه كان معه رؤوس بقية أصحابه، وهو المشهور، ومجموعها اثنان وسبعون رأسا، وذلك أنه ما قتل قتيل إلا احتزوا رأسه وحملوه إلى ابن زياد، ثم بعث بها ابن زياد إلى يزيد بن معاوية إلى الشام.
قال الإمام أحمد: حدثنا حسين، ثنا جرير، عن محمد، عن أنس قال: أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين فجعل في طست فجعل ينكت عليه، وقال في حسنه شيئا، فقال أنس: إنه كان أشبههم برسول الله ، وكان مخضوبا بالوشمة.
ورواه البخاري في المناقب عن محمد بن الحسين بن إبراهيم - هو ابن إشكاب - عن حسين بن محمد، عن جرير بن حازم، عن محمد بن سيرين، عن أنس فذكره.
وقد رواه الترمذي، من حديث حفصة بنت سيرين، عن أنس قال: حسن صحيح، وفيه: فجعل ينكت بقضيب في أنفه ويقول: ما رأيت مثل هذا حسنا.
وقال البزار: حدثنا مفرج بن شجاع بن عبيد الله الموصلي، ثنا غسان بن الربيع، ثنا يونس بن عبيدة، عن ثابت وحميد، عن أنس قال: لما أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين جعل ينكت بالقضيب ثناياه ويقول: لقد كان - أحسبه قال جميلا -
فقلت: والله لأسوءنك، إني رأيت رسول الله يلثم حيث يقع قضيبك.
قال: فانقبض.
تفرد به البزار من هذا الوجه، وقال: لا نعلم رواه عن حميد غير يونس بن عبدة، وهو رجل من أهل البصرة مشهور، وليس به بأس.
ورواه أبو يعلى الموصلي: عن إبراهيم بن الحجاج، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس فذكره.
ورواه قرة بن خالد، عن الحسن، عن أنس فذكره.
وقال أبو مخنف: عن سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال.
دعاني عمر بن سعد فسرحني إلى أهله لأبشرهم بما فتح الله عليه وبعافيته، فأجد ابن زياد قد جلس للناس، وقد دخل عليه الوفد الذين قدموا عليه فدخلت فيمن دخل، فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه، وإذا هو ينكت فيه بقضيب بين ثناياه ساعة.
فقال له زيد بن أرقم: ارفع هذا القضيب عن هاتين الثنيتين، فوالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت شفتي رسول الله على هاتين الثنيتين يقبلهما، ثم انفضخ الشيخ يبكي.
فقال له ابن زياد: أبكى الله عينك، فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك.
قال: فنهض فخرج، فلما خرج قال الناس: والله لقد قال زيد بن أرقم كلاما لو سمعه ابن زياد لقتله.
قال: فقلت ما قال؟ قالوا: مر بنا وهو يقول:
ملك عبد عبيدا * فاتخذهم تليدا
أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة، وأمرتم ابن مرجانة فهو يقتل خياركم ويستعبد شرار كم، فبعدا لمن رضي بالذل.
وقد روي من طريق أبي داود بإسناده عن زيد بن أرقم بنحوه.
ورواه الطبراني من طريق ثابت عن زيد.
وقد قال الترمذي: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير قال.
لما جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه، فنصبت في المسجد في الرحبة فانتهيت إليهم وهم يقولون: قد جاءت قد جاءت، فإذا حية قد جاءت تتخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد الله بن زياد، فمكثت هنيهة ثم خرجت فذهبت حتى تغيب.
ثم قالوا: قد جاءت، قد جاءت، ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا.
ثم قال الترمذي: حسن صحيح.
وأمر ابن زياد فنودي الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فصعد المنبر فذكر ما فتح الله عليه من قتل الحسين الذي أراد أن يسلبهم الملك ويفرق الكلمة عليهم، فقام إليه عبد الله بن عفيف الأزدي.
فقال: ويحك يا ابن زياد!! تقتلون أولاد النبيين وتتكلمون بكلام الصديقين! فأمر به ابن زياد فقتل وصلب.
ثم أمر برأس الحسين فنصب بالكوفة وطيف به في أزقتها، ثم سيره مع زحر بن قيس ومعه رؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية بالشام، وكان مع زحر جماعة من الفرسان، منهم: أبو بردة بن عوف الأزدي، وطارق بن أبي ظبيان الأزدي، فخرجوا حتى قدموا بالرؤوس كلها على يزيد بن معاوية.
قال هشام: فحدثني عبد الله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي، عن أبيه، عن الغاز بن ربيعة الجرشي من حمير.
قال: والله إني لعند يزيد بن معاوية بدمشق إذ أقبل زحر بن قيس فدخل على يزيد، فقال له يزيد: ويحك ما وراءك؟
فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله عليك ونصره، ورد علينا الحسين بن علي بن أبي طالب وثمانية عشر من أهل بيته، وستون رجلا من شيعته، فسرنا إليهم فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد أو القتال، فاختاروا القتال.
فغدونا إليهم مع شروق الشمس فأحطنا بهم من كل ناحية حتى أخذت السيوف مأخذها من هام القوم، فجعلوا يهربون إلى غير مهرب ولا وزر، ويلوذون منا بالآكام والحفر، لواذا كما لاذ الحمام من صقر.
فوالله ما كانوا إلا جزر جزور، أو نومة قائل، حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجردة، وثيابهم مزملة، وخدودهم معفرة، تصهرهم الشمس وتسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم.
قال: فدمعت عينا يزيد بن معاوية وقال: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سمية، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، ورحم الله الحسين.
ولم يصل الذي جاء برأسه بشيء.
ولما وضع رأس الحسين بين يدي يزيد قال: أما والله لو إني صاحبك ما قتلتك، ثم أنشد قول الحسين بن الحمام المري الشاعر:
يفلقن هاما من رجالٍ أعزّةٍ * علينا وهم كانوا أعق وأظلما
قال أبو مخنف: فحدثني أبو جعفر العبسي قال: وقام يحيى بن الحكم -أخو مروان بن الحكم - فقال:
لهام بجنب الطف أدنى قرابةً * من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل
سميةً أضحى نسلها عدد الحصى * وليس لآل المصطفى اليوم من نسل
قال: فضرب يزيد في صدر يحيى بن الحكم وقال له: اسكت.
وقال محمد بن حميد الرازي - وهو شيعي -: حدثنا محمد بن يحيى الأحمري، ثنا ليث، عن مجاهد قال: لما جيء برأس الحسين فوضع بين يدي يزيد تمثل بهذه الأبيات:
ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا * جزع الخزرج في وقع الأسل
فأهلّوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا لي هنيا لا تسل
حين حكت بفناء بركها * واستحر القتل في عبد الأسل
قد قتلنا الضعف من أشرافكم * وعدلنا ميل بدرٍ فاعتدل
قال مجاهد: نافق فيها، والله ثم والله ما بقي في جيشه أحد إلا تركه أي: ذمه وعابه.
وقد اختلف العلماء بعدها في رأس الحسين هل سّيره ابن زياد إلى الشام إلى يزيد أم لا؟
على قولين، الأظهر منهما أنه سيره إليه، وقد ورد في ذلك آثار كثيرة فالله أعلم.
وقال أبو مخنف: عن أبي حمزة الثمالي، عن عبد الله اليماني، عن القاسم بن بخيت، قال: لما وضع رأس الحسين بين يدي يزيد بن معاوية جعل ينكت بقضيب كان في يده في ثغره، ثم قال: إن هذا وإيانا كما قال الحصين ابن الحمام المري:
يفلقن هاما من رجال أعزةٍ * علينا وهم كادونا أعق وأظلما
فقال له أبو برزة الأسلمي: أما والله لقد أخذ قضيبك هذا مأخذا لقد رأيت رسول الله يرشفه، ثم قال: ألا إن هذا سيجيء يوم القيامة وشفيعه محمد، وتجيء وشفيعك ابن زياد.
ثم قام فولى.
وقد رواه ابن أبي الدنيا، عن أبي الوليد، عن خالد بن يزيد بن أسد، عن عمار الدهني، عن جعفر.
قال: لما وضع رأس الحسين بين يدي يزيد وعنده أبو برزة، وجعل ينكت بالقضيب فقال له: ارفع قضيبك فلقد رأيت رسول الله يلثمه.
قال ابن أبي الدنيا: وحدثني مسلمة بن شبيب، عن الحميدي، عن سفيان، سمعت سالم بن أبي حفصة قال: قال الحسن: لما جيء برأس الحسين جعل يزيد يطعن بالقضيب. [بالهامش لا يتصور أن يكون يزيد قد تمثل بهذه الأبيات هذه الأيام، فإن المؤرخين قاطبة ذكروا أنه تمثل بها لما جاءه خبر وقعة الحرة بالمدينة الشريفة وقتل الأنصار ووقعة الحرة بعد هذه كما سنراه، وأيضا فإن قضية الحسين رضي الله عنه لم يكن حاضرها أحد من الخزرج يعلم ذلك من الألمام بالأخبار وأيام الناس والله أعلم] ؟؟.
قال سفيان: وأخبرت أن الحسن كان ينشد على إثر هذا:
سمية أمسى نسلها عدد الحصى * وبنت رسول الله ليس لها نسل
وأما بقية أهله ونسائه فإن عمر بن سعد وكّل بهم من يحرسهم ويكلؤهم، ثم أركبوهم على الرواحل في الهوادج، فلما مروا بمكان المعركة ورأوا الحسين وأصحابه مطرحين هنالك بكته النساء، وصرخن، وندبت زينب أخاها الحسين وأهلها.
فقالت وهي تبكي:
يا محمداه، يا محمداه، صلى عليك الله، ومليك السماه، هذا حسين بالعراه، مزمل بالدماه، مقطع الأعضاء يا محمده، وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة، تسفي عليها الصبا.
قال: فأبكت والله كل عدوٍ وصديق.
قال قرة بن قيس: لما مرت النسوة بالقتلى صحن ولطمن خدودهن.
قال: فما رأيت من منظر من نسوة قط أحسن من منظر رأيته منهن ذلك اليوم، والله إنهن لأحسن من مهابيرين.
وذكر الحديث كما تقدم.
ثم قال: ثم ساروا بهم من كربلاء حتى دخلوا الكوفة فأكرمهم ابن زياد وأجرى عليهم النفقات والكساوى وغيرها.
قال: دخلت زينب ابنة فاطمة في أرذل ثيابها قد تنكرت وحفّت بها إماؤها، فلما دخلت على عبيد الله بن زياد قال: من هذه؟
فلم تكلمه.
فقال بعض إمائها: هذه زينب بنت فاطمة.
فقال: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وكذّب أحدوثتكم.
فقالت: بل الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرا لا كما تقول، وإنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر.
قال: كيف رأيت صنع الله بأهل بيتكم؟
فقالت: كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فيحاجونك إلى الله.
فغضب ابن زياد واستشاط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سنة إحدى وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية) (3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سنة إحدى وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية) (1)
» سنة إحدى وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية) (2)
» سنة إحدى وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية) (4)
» سنة ست وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية)
» سنة تسع وستين هجري / الجزء الثامن / (البداية والنهاية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: