ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 فصل فراغ علي رضي الله عنه من أمر الجمل / الجزء السابع / (البداية والنهاية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

فصل فراغ علي رضي الله عنه من أمر الجمل / الجزء السابع / (البداية والنهاية) Empty
مُساهمةموضوع: فصل فراغ علي رضي الله عنه من أمر الجمل / الجزء السابع / (البداية والنهاية)   فصل فراغ علي رضي الله عنه من أمر الجمل / الجزء السابع / (البداية والنهاية) Emptyالإثنين ديسمبر 28, 2009 2:04 pm

فصل فراغ علي رضي الله عنه من أمر الجمل / الجزء السابع / (البداية والنهاية) Eskil1bx2yppvwqm1qow
فصل فراغ علي رضي الله عنه من أمر الجمل
ولما فرغ علي من أمر الجمل، أتاه وجوه الناس يسلمون عليه، فكان ممن جاءه الأحنف بن قيس في بني سعد - وكانوا قد اعتزلوا القتال - فقال له علي: تربعت - يعني بنا - فقال: ما كنت أراني إلا قد أحسنت وبأمرك كان ما كان يا أمير المؤمنين، فارفق فإن طريقك الذي سلكت بعيد، وأنت إلي غدا أحوج منك أمس، فاعرف إحساني، واستبق مودتي لغدٍ، ولا تقل مثل هذا فإني لم أزل لك ناصحا.
قالوا: ثم دخل علي البصرة يوم الاثنين فبايعه أهلها على راياتهم، حتى الجرحى والمستأمنة.
وجاءه عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي فبايعه، فقال له علي: أين المريض؟ - يعني: أباه -.
فقال: إنه والله مريض يا أمير المؤمنين، وإنه على مسرتك لحريص.
فقال: امش أمامي، فمضى إليه فعاده، واعتذر إليه أبو بكر فعذره، وعرض عليه البصرة فامتنع.
وقال: رجل من أهلك يسكن إليه الناس، وأشار عليه بابن عباس فولاه على البصرة، وجعل معه زياد بن أبيه على الخراج وبيت المال، وأمر ابن عباس أن يسمع من زياد، - وكان زياد معتزلا -.
ثم جاء علي إلى الدار التي فيها أم المؤمنين عائشة فاستأذن ودخل، فسلم عليها ورحبت به، وإذا النساء في دار بني خلف يبكين على من قتل، منهم عبد الله وعثمان ابنا خلف، فعبد الله قتل مع عائشة، وعثمان قتل مع علي، فلما دخل علي قالت له: صفية امرأة عبد الله، أم طلحة الطلحات: أيتم الله منك أولادك كما أيتمت أولادي، فلم يرد عليها علي شيئا، فلما خرج أعادت عليه المقالة أيضا فسكت.
فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، أتسكت عن هذه المرأة وهي تقول ما تسمع؟
فقال: ويحك! إنا أمرنا أن نكف عن النساء وهن مشركات أفلا نكف عنهن وهن مسلمات؟.
فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إن على الباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر علي القعقاع بن عمرو أن يجلد كل واحد منهما مائة، وأن يخرجهما من ثيابهما.
وقد سألت عائشة عمن قتل معها من المسلمين، ومن قتل من عسكر علي، فجعلت كلما ذكر لها واحد منهم ترحمت عليه ودعت له.
ولما أرادت أم المؤمنين عائشة الخروج من البصرة، بعث إليها علي رضي الله عنه بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع وغير ذلك، وأذن لمن نجا ممن جاء في الجيش معها أن يرجع إلا أن يحب المقام، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، وسير معها أخاها محمد بن أبي بكر.
فلما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء علي فوقف على الباب وحضر الناس، وخرجت من الدار في الهودج فودعت الناس، ودعت لهم، وقالت: يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه على معتبتي لمن الأخيار.
فقال علي: صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة.
وسار علي معها ودعا ومشيعا أميالا، وسرح بنيه معها بقية ذلك اليوم - وكان يوم السبت مستهل رجب سنة ست وثلاثين - وقصدت في مسيرها ذلك إلى مكة فأقامت بها إلى أن حجت عامها ذلك، ثم رجعت إلى المدينة رضي الله عنها.
وأما مروان بن الحكم فإنه لما فر استجار بمالك بن مسمع فأجاره ووفى له، ولهذا كان بنو مروان يكرمون مالكا ويشرفونه، ويقال: إنه نزل دار بني خلف، فلما خرجت عائشة خرج معها، فلما سارت هي إلى مكة سار إلى المدينة.
قالوا: وقد علم من بين مكة والمدينة والبصرة بالوقعة يوم الوقعة، وذلك مما كانت النسور تخطفه من الأيدي والأقدام فيسقط منها هنالك، حتى أن أهل المدينة علموا بذلك يوم الجمل قبل أن تغرب الشمس، وذلك أن نسرا مر بهم ومعه شيء فسقط، فإذا هو كف فيه خاتم نقشه عبد الرحمن بن عتاب.
هذا ملخص ما ذكره أبو جعفر بن جرير رحمه الله عن أئمة هذا الشأن، وليس فيما ذكره أهل الأهواء من الشيعة وغيرهم من الأحاديث المختلفة على الصحابة، والأخبار الموضوعة التي ينقلونها بما فيها. وإذا دعوا إلى الحق الواضح اعرضوا عنه وقالوا: لنا أخبارنا ولكم أخباركم، فنحن حينئذ نقول لهم: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين.
فصل في ذكر أعيان من قتل يوم الجمل
في ذكر أعيان من قتل يوم الجمل من السادة النجباء من الصحابة من الفريقين رضي الله عنهم أجمعين، وقد قدَّمنا أن عدة القتلى نحو من عشرة آلاف، وأما الجرحى فلا يحصون كثرة، فممن قتل يوم الجمل في المعركة:
طلحة بن عبيد الله
ابن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة أبو محمد القرشي التيمي، ويعرف: بطلحة الخير، وطلحة الفياض لكرمه ولكثرة جوده.
أسلم قديما على يدي أبي بكر الصديق، فكان نوفل بن خويلد بن العدوية يشدهما في حبل واحد، ولا تستطيع بنو تميم أن تمنعهما منه، فلذلك كان يقال لطلحة وأبي بكر القرينان.
وقد هاجر وآخى رسول الله بينه وبين أبي أيوب الأنصاري، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله إلا بدرا - فإنه كان بالشام لتجارة - وقيل: في رسالة، ولهذا ضرب له رسول الله بسهمه وأجره من بدر.
وكانت له يوم أحد اليد البيضاء، وشلت يده يوم أحد وقى بها رسول الله ، واستمرت كذلك إلى أن مات، وكان الصديق إذا حدث عن يده أحد يقول: ذاك يوم كان كله لطلحة.
وقد قال له رسول الله يومئذ: « أوجب طلحة »، وذلك أنه كان على رسول الله درعان، فأراد أن ينهض وهما عليه ليصعد صخرة هنالك فما استطاع، فطأطأ له طلحة فصعد على ظهره حتى استوى عليها وقال: « أوجب طلحة ».
وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، وقد صحب رسول الله فأحسن صحبته، حتى توفي وهو عنه راض، وكذلك أبو بكر وعمر.
فلما كانت قضية عثمان اعتزل عنه، فنسبه بعض الناس إلى تحامل فيه، فلهذا لما حضر يوم الجمل واجتمع به علي فوعظه تأخر فوقف في بعض الصفوف، فجاءه سهم غرب فوقع في ركبته، وقيل: في رقبته، والأول أشهر.
وانتظم السهم مع ساقه خاصرة الفرس، فجمح به حتى كاد يلقيه، وجعل يقول: إليَّ عباد الله، فأدركه مولى له فركب وراءه، وأدخله البصرة فمات بدار فيها.
ويقال: إنه مات بالمعركة، وإن عليا لما دار بين القتلى رآه، فجعل يمسح عن وجهه التراب، وقال: رحمة الله عليك أبا محمد، يعز علي أن أراك مجدولا تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجزي وبجري، والله لوددت أني كنت مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.
ويقال: إن الذي رماه بهذا السهم مروان بن الحكم، وقال لأبان بن عثمان: قد كفيتك رجالا من قتلة عثمان.
وقد قيل: إن الذي رماه غيره، وهذا عندي أقرب، وإن كان الأول مشهورا والله أعلم.
وكان يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، ودفن طلحة إلى جانب الكلأ، وكان عمره ستين سنة.
وقيل: بضعا وستين سنة، وكان آدم، وقيل: أبيض، حسن الوجه، كثير الشعر، إلى القصر أقرب وكانت غلته في كل يوم ألف درهم.
وروى حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبيه: أن رجلا رأى طلحة في منامه وهو يقول: حولوني عن قبري فقد آذاني الماء، ثلاث ليال، فأتى ابن عباس فأخبره - وكان نائبا على البصرة - فاشتروا له دارا بالبصرة بعشرة آلاف درهم، فحولوه من قبره إليها، فإذا قد اخضر من جسده ما يلي الماء، وإذا هو كهيئة يوم أصيب.
وقد وردت له فضائل كثيرة.
فمن ذلك: ما رواه أبو بكر بن أبي عاصم: حدثنا الحسن بن علي بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، حدثني أبي، عن جده، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: سماني رسول الله يوم أحد طلحة الخير، ويوم العسرة طلحة الفياض، ويوم حنين طلحة الجود.
وقال أبو يعلى الموصلي: ثنا أبو كريب، ثنا يونس، عن ابن بكر، عن طلحة بن يحيى، عن موسى وعيسى ابني طلحة، عن أبيهما: أن ناسا من أصحاب رسول الله قالوا لأعرابي جاء يسأل عمن قضى نحبه فقالوا: سل رسول الله ، فسأله في المسجد فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه ثم اطلعت من باب المسجد وعلي ثياب خضر، فقال رسول الله: « أين السائل؟
قال: ها أنا ذا.
فقال: هذا ممن قضى نحبه ».
وقال أبو القاسم البغوي: ثنا داود بن رشيد، ثنا مكي، ثنا علي بن إبراهيم، ثنا الصلت بن دينار، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : « من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله ».
وقال الترمذي: حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا أبو عبد الرحمن بن منصور العنزي - اسمه النضر -، ثنا عقبة بن علقمة اليشكري: سمعت علي بن أبي طالب يقول: سمعت أذناي رسول الله يقول: « طلحة والزبير جاراي في الجنة ».
وقد روي من غير وجه عن علي أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير وعثمان ممن قال الله: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } [الحجر: 47] .
وقال حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب: أن رجلا كان يقع في طلحة والزبير وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فجعل سعد ينهاه، ويقول: لا تقع في إخواني فأبى، فقام فصلى ركعتين ثم قال: اللهم إن كان سخطا لك فيما يقول، فأرني فيه اليوم آية واجعله للناس عبرة.
فخرج الرجل فإذا ببختي يشق الناس فأخذه بالبلاط فوضعه بين كركرته والبلاط فسحقه حتى قتله.
قال سعيد بن المسيب: فأنا رأيت الناس يتبعون سعدا ويقولون: هنيئا لك أبا إسحاق أجيبت دعوتك.
والزبير بن العوام بن خويلد
ابن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، أبو عبد الله القرشي الأسدي، وأمه: صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله .
أسلم قديما، وعمره خمس عشرة سنة، وقيل: أقل.
وقيل: أكثر، هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، فآخى رسول الله بينه وبين سلمة بن سلامة بن وقش، وقد شهد المشاهد كلها، وقد قال رسول الله يوم الأحزاب: « من يأتينا بخبر القوم؟
فقال: أنا، ثم ندب الناس فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدب الزبير، فقال رسول الله : إن لكل نبي حورايا وحواري الزبير ».
ثبت ذلك من رواية زر، عن علي.
وثبت عن الزبير أنه قال: « جمع لي رسول الله أبويه يوم بني قريظة ».
وروي: أنه أول من سل سيفا في سبيل الله، وذلك بمكة حين بلغ الصحابة أن رسول الله قد قتل فجاء شاهرا سيفه حتى رأى رسول الله فشام سيفه، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض.
وصحب الصديق فأحسن صحبته، وكان ختنه على ابنته أسماء بنت الصديق، وابنه عبد الله منها أول مولود ولد للمسلمين بعد الهجرة.
وخرج مع الناس إلى الشام مجاهدا فشهد اليرموك فتشرفوا بحضوره، وكانت له بها اليد البيضاء والهمة العلياء، اخترق جيوش الروم وصفوفهم مرتين من أولهم إلى آخرهم، وكان من جملة من دافع عن عثمان وحاجف عنه، فلما كان يوم الجمل ذكره علي بما ذكره به فرجع عن القتال وكر راجعا إلى المدينة، فمر بقوم الأحنف بن قيس - وكانوا قد انعزلوا عن الفريقين - فقال قائل يقال له الأحنف: ما بال هذا جمع بين الناس حتى إذا التقوا كر راجعا إلى بيته؟ من رجل يكشف لنا خبره؟
فاتبعه عمرو بن جرموز، وفضالة بن حابس، ونفيع في طائفة من غواة بني تميم، فيقال: إنهم لما أدركوه تعاونوا عليه حتى قتلوه.
ويقال: بل أدركه عمرو بن جرموز فقال له عمرو: إن لي إليك حاجة؟
فقال: ادن!
فقال مولى الزبير - واسمه عطية -: إن معه سلاحا.
فقال: وإن، فتقدم إليه فجعل يحدثه وكان وقت الصلاة، فقال له الزبير: الصلاة.
فقال: الصلاة، فتقدم الزبير ليصلي بهما فطعنه عمرو بن جرموز فقتله.
ويقال: بل أدركه عمرو بواد يقال له: وادي السباع، وهو نائم في القائله فهجم عليه فقتله.
وهذا القول هو الأشهر، ويشهد له شعر امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت آخر من تزوجها، وكانت قبله تحت عمر بن الخطاب فقتل عنها، وكانت قبله تحت عبد الله بن أبي بكر الصديق فقتل عنها، فلما قتل الزبير رثته بقصيدة محكمة المعنى فقالت:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة * يوم اللقاء وكان غر معرد
يا عمرو لو نبهته لوجدته * لا طائشا رعش الجنان ولا اليد
ثكلتك أمك أن ظفرت بمثله * ممن بقي ممن يروح ويغتدي
كم غمرة قد خاضها لم يثنه * عنها طرادك يا بن فقع العردد
والله ربي إن قتلت لمسلما * حلت عليك عقوبة المتعمد
ولما قتله عمرو بن جرموز فاجتز رأسه، وذهب به إلى علي، ورأى أن ذلك يحصل له به حظوة عنده، فاستأذن، فقال علي: لا تأذنوا له وبشروه بالنار.
وفي رواية: أن عليا قال: سمعت رسول الله يقول: « بشر قاتل ابن صفية بالنار ».
ودخل ابن جرموز ومعه سيف الزبير، فقال علي: إن هذا السيف طالما فرج الكرب عن وجه رسول الله .
فيقال: إن عمرو بن جرموز لما سمع ذلك قتل نفسه.
وقيل: بل عاش إلى أن تأمر مصعب بن الزبير على العراق فاختفى منه، فقيل لمصعب: إن عمرو بن جرموز ها هنا وهو مختف، فهل لك فيه؟
فقال: مروه فليظهر فهو آمن، والله ما كنت لأقيد للزبير منه، فهو أحقر من أن أجعله عدلا للزبير.
وقد كان الزبير ذا مال جزيل وصدقات كثيرة جدا، لما كان يوم الجمل أوصى إلى ابنه عبد الله، فلما قتل وجدوا عليه من الدين ألفي ألف ومائتا ألف فوفوها عنه، وأخرجوا بعد ذلك ثلث ماله الذي أوصى به، ثم قسمت التركة بعد ذلك فأصاب كل واحدة من الزوجات الأربع من ربع الثمن ألف ألف ومائتا ألف درهم، فعلى هذا يكون مجموع ما قسم بين الورثة ثمانية وثلاثين ألف ألف وأربعمائة ألف، والثلث الموصى به تسعة عشر ألف ألف ومائتا ألف، فتلك الجملة سبعة وخمسون ألف ألف وستمائة ألف، والدين المخرج قبل ذلك ألفا ألف ومائتا ألف.
فعلى هذا يكون جميع ما تركه من الدين والوصية والميراث تسعة وخمسين ألف ألف وثمانمائة ألف، وإنا نبهنا على هذا لأنه وقع في صحيح البخاري ما فيه نظر ينبغي أن ينبه له والله أعلم.
وقد جمع ماله هذا بعد الصدقات الكثيرة والمآثر الغزيرة مما أفاء الله عليه من الجهاد، ومن خمس الخمس ما يخص أمه منه، ومن التجارة المبرورة من الخلال المشكورة، وقد قيل: إنه كان له ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فربما تصدق في بعض الأيام بخراجهم كلهم رضي الله عنه وأرضاه.
وكان قتله يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وقد نيف على الستين بست أو سبع، وكان أسمر ربعة من الرجال معتدل اللحم خفيف اللحية رضي الله عنه.
وفي هذه السنة أعني سنة ست وثلاثين
ولى علي بن أبي طالب نيابة الديار المصرية لقيس بن سعد بن عبادة، وكان على نيابتها في أيام عثمان عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فلما توجه أولئك الأحزاب من خوارج المصريين إلى عثمان وكان الذي جهزهم إليه مع عبد الله بن سبأ المعروف: بابن السوداء محمد بن أبي حذيفة بن عتبة.
وكان لما قتل أبوه باليمامة أوصى به إلى عثمان، فكفله ورباه في حجره ومنزله وأحسن إليه إحسانا كثيرا، ونشأ في عبادة وزهادة، وسأل من عثمان أن يوليه عملا، فقال له: متى ما صرت أهلا لذلك وليتك.
فتعتب في نفسه على عثمان، فسأل من عثمان أن يخرج إلى الغزو فأذن له، فقصد الديار المصرية وحضر مع أميرها عبد الله بن سعد بن أبي سرح غزوة الصواري كما قدمنا، وجعل ينتقص عثمان رضي الله عنه، وساعده على ذلك محمد بن أبي بكر.
فكتب بذلك ابن أبي سرح إلى عثمان يشكوهما إليه، فلم يعبأ بهما عثمان ولم يزل ذلك دأب محمد بن أبي حذيفة حتى استنفر أولئك إلى عثمان، فلما بلغه أنهم قد حصروا عثمان تغلب على الديار المصرية، وأخرج منها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وصلى بالناس فيها، فلما كان ابن أبي سرح ببعض الطريق جاءه الخبر بقتل أمير المؤمنين عثمان فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
وبلغه أن عليا قد بعث على إمرة مصر قيس بن سعد بن عبادة، فشمت بمحمد بن أبي حذيفة، إذ لم يمتع بملك الديار المصرية سنة، وسار عبد الله بن سعد إلى الشام إلى معاوية فأخبره بما كان من أمره بديار مصر، وأن محمد بن أبي حذيفة قد استحوذ عليها، فسار معاوية وعمرو بن العاص ليخرجاه منها لأنه من أكبر الأعوان على قتل عثمان، مع أنه كان قد رباه وكفله وأحسن إليه، فعالجا دخول مصر فلم يقدرا فلم يزالا يخدعانه حتى خرج إلى العريش في ألف رجل فتحصن بها.
وجاء عمرو بن العاص فنصب عليه المنجنيق حتى نزل في ثلاثين من أصحابه فقتلوا، ذكره محمد بن جرير.
ثم سار إلى مصر قيس بن سعد بن عبادة بولاية من علي، فدخل مصر في سبعة نفر، فرقي المنبر وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:
بسم الله الرحمن الرحيم! من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المؤمنين والمسلمين.
سلام عليكم، فإني أحمد الله كثيرا الذي لا إله إلا هو.
أما بعد، فإن الله بحسن صنيعه وتقديره وتدبيره اختار الإسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله، وبعث به الرسل إلى عباده، وخص به من انتخب من خلقه.
فكان مما أكرم الله به هذه الآمة، وخصهم به من الفضيلة أن بعث محمدا يعلمهم الكتاب والحكمة والفرائض والسنة، لكيما يهتدوا، وجمعهم لكيما يتفرقوا، وزكاهم لكي يتطهروا، ووفقهم لكيلا يجوروا.
فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله إليه، صلوات الله وسلامه عليه وبركاته ورحمته، ثم إن المسلمين استخلفوا بعده أميرين صالحين، عملا بالكتاب و السنة، وأحسنا السيرة ولم يعدوا السنة، ثم توفاهما الله فرحمهما الله.
ثم ولى بعدهما والٍ أحدث أحداثا، فوجدت الأمة عليه مقالا فقالوا، ثم نقموا عليه فغيروا ثم جاؤوني فبايعوني، فأستهدي الله بهداه، وأستعينه على التقوى، ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسول الله، والقيام عليكم بحقه والنصح لكم بالغيب، والله المستعان، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وقد بعثت إليكم قيس بن سعد بن عبادة أميرا فوازروه، وكاتفوه، وأعينوه على الحق، وقد أمرته بالإحسان على محسنكم، والشدة على مريبكم، والرفق بعوامكم وخواصكم.
وهو ممن أرضى هديه، وأرجو صلاحه ونصيحته، أسأل الله لنا ولكم عملا زاكيا وثوابا جزيلا ورحمة واسعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتب عبد الله بن أبي رافع في صفر سنة ست وثلاثين قال: ثم قام قيس بن سعد فخطب الناس ودعاهم إلى البيعة لعلي، فقام الناس فبايعوه.
واستقامت له طاعة بلاد مصر سوى قرية منها يقال لها: خربتا، فيها ناس قد أعظموا قتل عثمان - وكانوا سادة الناس ووجوههم، وكانوا في نحو من عشرة آلاف وعليهم رجل يقال له: يزيد بن الحارث المدلجي -.
وبعثوا إلى قيس بن سعد فوادعهم، وكذلك مسلمة بن مدلج الأنصاري تأخر عن البيعة فتركه قيس بن سعد ووادعه، ثم كتب معاوية بن أبي سفيان - وقد استوثق له أمر الشام بحذافيره - إلى أقصى بلاد الروم والسواحل، وجزيرة قبرص أيضا تحت حكمه، وبعض بلاد الجزيرة كالرها وحران وقرقيسيا وغيرها، وقد ضوى إليها الذين هربوا يوم الجمل من العثمانية، وقد أراد الأشتر انتزاع هذه البلاد من يد نواب معاوية، فبعث إليه عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ففر منه الأشتر.
واستقر أمر معاوية على تلك البلاد، فكتب إلى قيس بن سعد يدعوه إلى القيام بطلب دم عثمان، وأن يكون مؤازرا له على ما هو بصدده من القيام في ذلك، ووعده أن يكون نائبه على العراقين إذا تم له الأمر ما دام سلطانا.
فلما بلغه الكتاب - وكان قيس رجلا حازما - لم يخالفه ولم يوافقه، بل بعث يلاطف معه الأمر وذلك لبعده عن علي، وقربه من بلاد الشام وما مع معاوية من الجنود، فسالمه قيس وتاركه ولم يواقعه على ما دعاه إليه ولا وافقه عليه.
فكتب إليه معاوية: إنه لا يسعك معي تسويتك بي وخديعتك لي، ولا بد أن أعلم أنك سلم أو عدو - وكان معاوية حازما أيضا - فكتب إليه بما صمم عليه: إني مع علي إذ هو أحق بالأمر منك، فلما بلغ ذلك معاوية بن أبي سفيان يئس منه ورجع، ثم أشاع بعض أهل الشام أن قيس بن سعد يكاتبهم في الباطن ويمالئهم على أهل العراق.
وروى ابن جرير: أنه جاء من جهته كتاب مزور بمبايعته معاوية، والله أعلم بصحته.
ولما بلغ ذلك عليا فاتهمه وكتب له أن يغزو أهل خربتا الذين تخلفوا عن البيعة، فبعث إليه يعتذر إليه بأنهم عدد كثير، وهم وجوه الناس.
وكتب إليه: إن كنت إنما أمرتني بهذا لتختبرني لأنك اتهمتني، فابعث على عملك بمصر غيري، فبعث علي على إمرة مصر الأشتر النخعي، فسار إليها الأشتر النخعي.
فلما بلغ القلزم شرب شربة من عسل فكان فيها حتفه، فبلغ ذلك أهل الشام فقالوا: إن لله جندا من عسل، فلما بلغ عليا مهلك الأشتر، بعث محمد بن أبي بكر على إمرة مصر.
وقد قيل وهو الأصح: إن عليا ولى محمد بن أبي بكر بعد قيس بن سعد، فارتحل قيس إلى المدينة، ثم ركب هو وسهل بن حنيف إلى علي فاعتذر إليه قيس بن سعد فعذره علي، وشهدا معه صفين كما سنذكره، فلم يزل محمد بن أبي بكر بمصر قائم الأمر مهيبا بالديار المصرية حتى كانت وقعة صفين.
وبلغ أهل مصر خبر معاوية ومن معه من أهل الشام على قتال أهل العراق، وصاروا إلى التحكيم، فطمع أهل مصر في محمد بن أبي بكر واجترأوا عليه وبارزوه بالعداوة، فكان من أمره ما سنذكره.
وكان عمر بن العاص قد بايع معاوية على القيام بطلب دم عثمان، وكان قد خرج من المدينة حين أرادوا حصره لئلا يشهد مهلكه، مع أنه كان متعتبا عليه بسبب عزله له عن ديار مصر، وتوليته بدله عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فتسرح عن المدينة علي تغضب فنزل قريبا من الأردن، فلما قتل عثمان صار إلى معاوية فبايعه على ما ذكرنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فصل فراغ علي رضي الله عنه من أمر الجمل / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ابتداء وقعة الجمل / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» فصل مقتل عثمان رضي الله عنه / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» فصل خطبة علي رضي الله عنه بعد انصرافه من النهروان / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعالى / الجزء السابع / (البداية والنهاية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: