ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 فصل مقتل عثمان رضي الله عنه / الجزء السابع / (البداية والنهاية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

فصل مقتل عثمان رضي الله عنه / الجزء السابع / (البداية والنهاية) Empty
مُساهمةموضوع: فصل مقتل عثمان رضي الله عنه / الجزء السابع / (البداية والنهاية)   فصل مقتل عثمان رضي الله عنه / الجزء السابع / (البداية والنهاية) Emptyالإثنين ديسمبر 28, 2009 1:46 pm

فصل مقتل عثمان رضي الله عنه / الجزء السابع / (البداية والنهاية) Eskil1bx2yppvwqm1qow
فصل مقتل عثمان رضي الله عنه
ولما وقع هذا الأمر العظيم، الفظيع الشنيع، أسقط في أيدي الناس فأعظموه جدا، وندم أكثر هؤلاء الجهلة الخوارج بما صنعوا، وأشبهوا تقدمهم ممن قصَّ الله علينا خبرهم في كتابة العزيز من الذين عبدوا العجل.
في قوله تعالى: { وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الأعراف: 147] .
ولما بلغ الزبير مقتل عثمان - وكان قد خرج من المدينة - قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم ترحم على عثمان، وبلغه أن الذين قتلوه ندموا.
فقال: تبا لهم، ثم تلا قوله تعالى: { مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } [يس: 49-50] .
وبلغ عليا قتله فترحم عليه. وسمع بندم الذين قتلوه فتلا قوله تعالى: { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } [الحشر: 16] .
ولما بلغ سعد بن أبي وقاص قتل عثمان استغفر له وترحم عليه، وتلا في حق الذين قتلوه: { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعا } [الكهف: 103] ثم قال سعد: اللهم اندمهم ثم خذهم.
وقد أقسم بعض السلف بالله: أنه ما مات أحد من قتلة عثمان إلا مقتولا. رواه ابن جرير.
وهكذا ينبغي أن يكون لوجوه منها: دعوة سعد المستجابة، كما ثبت في الحديث الصحيح، وقال بعضهم: ما مات أحد منهم حتى جن.
وقال الواقدي: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث قال: الذي قتل عثمان كنانة بن بشر بن عتاب التُجيبي.
وكانت امرأة منظور بن سيار الفزاري تقول: خرجنا إلى الحج وما علمنا لعثمان بقتل، حتى إذا كنا بالمرج سمعنا رجلا يغني تحت الليل:
ألا إن خير الناس بعد ثلاثة * قتيل التجيبي الذي جاء من مصر
ولما رجع الحج، وجدوا عثمان رضي الله عنه قد قتل، وبايع الناس علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ولما بلغ أمهات المؤمنين في أثناء الطريق أن عثمان قد قتل رجعن إلى مكة، فأقمن بها نحوا من أربعة أشهر كما سيأتي.
فصل مدة حصاره أربعون يوما
كانت مدة حصار عثمان رضي الله عنه في داره أربعين يوما على المشهور، وقيل: كانت بضعا وأربعين يوما.
وقال الشعبي: كانت ثنتين وعشرين ليلة.
ثم كان قتله رضي الله عنه في يوم الجمعة بلا خلاف.
قال سيف بن عمر عن مشايخه: في آخر ساعة منها، ونص عليه مصعب بن الزبير وآخرون.
وقال آخرون: ضحوة نهارها، وهذا أشبه، وكان ذلك لثماني عشر ليلة خلت من ذي الحجة على المشهور.
وقيل: في أيام التشريق.
ورواه ابن جرير حدثني أحمد بن زهير، ثنا أبو خيثمة، ثنا وهب بن جرير سمعت يونس، عن يزيد، عن الزهري قال: قُتل عثمان، فزعم بعض الناس أنه قتل في أيام التشريق، وقال بعضهم: قتل يوم الجمعة لثلاثٍ خلت من ذي الحجة.
وقيل: قتل يوم النحر، حكاه ابن عساكر، ويستشهد له بقول الشاعر:
ضحَّوا بأشمط عنوان السجود به * يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
قال: والأول هو الأشهر.
وقيل: إنه قتل يوم الجمعة لثماني عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين على الصحيح المشهور.
وقيل: سنة ست وثلاثين.
قال مصعب بن الزبير وطائفة: وهو غريب فكانت خلافته ثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوما، لأنه بويع له في مستهل المحرم سنة أربع وعشرين.
فأما عمره رضي الله عنه، فإنه جاوز ثنتين وثمانين سنة.
وقال صالح بن كيسان: توفي عن ثنتين وثمانين سنة وأشهر.
وقيل: أربع وثمانون سنة.
وقال قتادة: توفي عن ثمان وثمانين أو تسعين سنة.
وفي رواية عنه: توفي عن ست وثمانين سنة.
وعن هشام بن الكلبي: توفي عن خمس وسبعين سنة، وهذا غريب جدا.
وأغرب منه ما رواه سيف بن عمر عن مشايخه وهم محمد، وطلحة، وأبو عثمان، وأبو حارثة أنهم قالوا: قتل عثمان رضي الله عنه عن ثلاث وستين سنة.
وأما موضع قبره: فلا خلاف أنه دفن بحش كوكب -شرقي البقيع - وقد بنى عليه زمان بني أمية قبة عظيمة، وهي باقية إلى اليوم.
قال الإمام مالك رضي الله عنه: بلغني أن عثمان رضي الله عنه كان يمر بمكان قبره من حش كوكب فيقول: إنه سيدفن ههنا رجل صالح.
وقد ذكر ابن جرير: أن عثمان رضي الله عنه بقي بعد أن قُتل ثلاثة أيام لا يدفن، قلت: وكأنه اشتغل الناس عنه بمبايعة علي رضي الله عنه حتى تمت.
وقيل: أنه مكث ليلتين.
وقيل: بل دفن من ليلته، ثم كان دفنه ما بين المغرب والعشاء خيفة من الخوارج.
وقيل: بل استؤذن في ذلك بعض رؤسائهم، فخرجوا به في نفر قليل من الصحابة، فيهم: حكيم بن حزام، وحويطب بن عبد العزى، وأبو الجهم بن حذيفة، ونيار بن مكرم الأسلمي، وجبير بن مطعم، وزيد بن ثابت، وكعب بن مالك، وطلحة، والزبير، وعلي بن أبي طالب، وجماعة من أصحابه، ونسائه منهن امرأتاه نائلة وأم البنين بنت عتبة بن حصين، وصبيان.
وهذا مجموع من كلام الواقدي، وسيف بن عمر التميمي، وجماعة من خدمه حملوه على باب بعد ما غسلوه وكفنوه.
وزعم بعضهم: أنه لم يغسل ولم يكفن، والصحيح الأول. وصلى عليه جبير بن مطعم، وقيل: الزبير بن العوام، وقيل: حكيم بن حزام، وقيل: مروان بن الحكم، وقيل: المسور بن مخرمة.
وقد عارضه بعض الخوارج وأرادوا رجمه وإلقاءه عن سريره، وعزموا على أن يدفن بمقبرة اليهود بدير سلع، حتى بعث علي رضي الله عنه إليهم من نهاهم عن ذلك، وحمل جنازته حكيم بن حزام.
وقيل: مروان بن الحكم.
وقيل: المسور بن مخرمة، وأبو جهم بن حذيفة، ونيار بن مكرم، وجبير بن مطعم.
وذكر الواقدي: أنه لما وُضع ليُصلى عليه - عند مصلى الجنائز - أراد بعض الأنصار أن يمنعهم من ذلك، فقال أبو جهم بن حذيفة: ادفنوه فقد صلى الله عليه وملائكته.
ثم قالوا: لا يدفن في البقيع، ولكن ادفنوه وراء الحائط، فدفنوه شرقي البقيع تحت نخلات هناك.
وذكر الواقدي: أن عمير بن ضابي نزل على سريره وهو موضوع للصلاة عليه، فكسر ضلعا من أضلاعه، وقال: أحبست ضابيا حتى مات في السجن.
وقد قتل الحجاج فيما بعد عمير بن ضابي هذا.
وقال البخاري في (التاريخ): حدثنا موسى بن إسماعيل، عن عيسى بن منهال، ثنا غالب، عن محمد بن سيرين قال: كنت أطوف بالكعبة وإذا رجل يقول: اللهم اغفر لي، وما أظن أن تغفر لي.
فقلت: يا عبد الله، ما سمعت أحدا يقول ما تقول؟.
قال: كنت أعطيت لله عهدا إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته، فلما قتل وضع على سريره في البيت والناس يجيئون يصلون عليه، فدخلت كأني أصلي عليه فوجدت خلوة، فرفعت الثوب عن وجهه ولحيته ولطمته، وقد يبست يميني.
قال ابن سيرين: فرأيتها يابسة كأنها عود.
ثم أخرجوا بعبدي عثمان اللذين قتلا في الدار، وهما صبيح ونجيح، رضي الله عنهما، فدفنا إلى جانبه بحش كوكب.
وقيل: إن الخوارج لم يمكنوا من دفنهما، بل جروهما بأرجلهما حتى ألقوهما بالبلاط فأكلتهما الكلاب.
وقد اعتنى معاوية في أيام إمارته بقبر عثمان، ورفع الجدار بينه وبين البقيع، وأمر الناس أن يدفنوا موتاهم حوله حتى اتصلت بمقابر المسلمين.
ذكر صفته رضي الله عنه
كان رضي الله عنه حسن الوجه دقيق البشرة، كبير اللحية، معتدل القامة، عظيم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، حسن الثغر، فيه سمرة، وقيل: كان في وجهه شيء من آثار الجدري، رضي الله عنه.
وعن الزهري: كان حسن الوجه والثغر، مربوعا، أصلع، أروح الرجلين، يخضب بالصفرة، وكان قد شد أسنانه بالذهب، وقد كسى ذراعيه الشعر.
وقال الواقدي: حدثنا ابن أبي سبرة، عن سعيد بن أبي زيد، عن الزهري، عن عبيد الله بن عتبة قال: كان لعثمان عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم، ومائة ألف دينار، فانتهبت وذهبت، وترك ألف بعير بالربذة، وترك صدقات كان تصدق بها، بئر أريس، وخيبر، ووادي القرى، فيه مائتا ألف دينار.
وبئر رومة كان اشتراها في حياة النبي وسبلها.
فصل قتل عثمان أول الفتن وآخر الفتن الدجال
قال الأعمش: عن زيد بن وهب، عن حذيفة أنه قال: أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن الدجال.
وروى الحافظ ابن عساكر من طريق شبابه، عن حفص بن مورق الباهلي، عن حجاج بن أبي عمار الصواف، عن زيد بن وهب، عن حذيفة قال: أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن خروج الدجال، والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حُبِّ قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه، آمن به في قبره.
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا وغيره: أنا محمد بن سعد، أنا عمرو بن عاصم الكلابي، ثنا أبو الأشهب، حدثني عوف، عن محمد بن سيرين، أن حذيفة بن اليمان قال: اللهم إن كان قتل عثمان بن عفان خيرا، فليس لي فيه نصيب، وإن كان قتله شرا فأنا منه بريء، والله لئن كان قتله خيرا ليحلبنه لبنا، وإن كان قتله شرا ليمتص به دما.
وقد ذكره البخاري في صحيحه.
طريق أخرى عنه
قال محمد بن عائذ: ذكر محمد بن حمزة، حدثني أبو عبد الله الحراني: أن حذيفة بن اليمان في مرضه الذي هلك فيه كان عنده رجل من إخوانه وهو يناجي امرأته ففتح عينيه فسألهما فقالا خيرا.
فقال: شيئا تسرانه دوني ما هو بخير.
قال: قتل الرجل - يعني: عثمان - قال: فاسترجع، ثم قال: اللهم إني كنت من هذا الأمر بمعزل، فإن كان خيرا فهو لمن حضره وأنا منه بريء، وإن كان شرا فهو لمن حضره وأنا منه بريء، اليوم تغيرت القلوب يا عثمان، الحمد لله الذي سبق بي الفتن، قادتها وعلوجها الخطى، من تردى بغيره، فشبع شحما وقبل عمله.
وقال الحسن بن عرفة: ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي موسى الأشعري قال: لو كان قتل عثمان هدى لاحتلبت به الأمة لبنا، ولكنه كان ضلالا فاحتلبت به الأمة دما.
وهذا منقطع.
وقال محمد بن سعد: أنا عارم بن الفضل، أنا الصعق بن حزن، ثنا قتادة، عن زهدم الجرمي. قال: خطب ابن عباس فقال: لو لم يطلب الناس بدم عثمان لرموا بالحجارة من السماء.
وقد روي من غير هذا الوجه عنه.
وقال الأعمش وغيره: عن ثابت بن عبيد، عن أبي جعفر الأنصاري قال: لما قتل عثمان جئت عليا وهو جالس في المسجد، وعليه عمامة سوداء، فقلت له: قتل عثمان.
فقال: تبا لهم آخر الدهر. وفي رواية: خيبة لهم.
وقال أبو القاسم البغوي: أنبأنا علي بن الجعد، أنا شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن ابن أبي ليلى قال: سمعت عليا وهو بباب المسجد أو عند أحجار الزيت رافعا صوته يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان.
وقال أبو هلال: عن قتادة، عن الحسن قال: قتل عثمان وعلي غائب في أرض له، فلما بلغه قال: اللهم إني لم أرض ولم أمالئ.
وروى الربيع بن بدر، عن سيار بن سلامة، عن أبي العالية: أن عليا دخل على عثمان فوقع عليه وجعل يبكي حتى ظنوا أنه سيلحق به.
وقال الثوري وغيره: عن ليث، عن طاووس، عن ابن عباس قال: قال علي يوم قتل عثمان: والله ما قتلت ولا أمرت ولكني غلبت.
ورواه غير ليث، عن طاووس، عن ابن عباس، عن علي نحوه.
وقال حبيب بن أبي العالية: عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال علي: إن شاء الناس حلفت لهم عند مقام إبراهيم بالله ما قتلت عثمان، ولا أمرت بقتله، ولقد نهيتهم فعصوني.
وقد روي من غير وجه عن علي بنحوه.
وقال محمد بن يونس الكديمي: ثنا هارون بن إسماعيل، ثنا قره بن خالد، عن الحسن، عن قيس بن عباد قال: سمعت عليا يوم الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاؤوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوما قتلوا رجلا قال فيه رسول الله : « إني لأستحيي ممن تستحي منه الملائكة » وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل في الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس يسألوني البيعة، فقلت: اللهم إني أشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزمة فبايعت.
فلما قالوا: أمير المؤمنين كان صدع قلبي، وأسكت نفرة من ذلك.
وقد اعتنى الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر بجمع الطرق الواردة عن علي: أنه تبرأ من دم عثمان، وكان يقسم على ذلك في خطبه وغيرها أنه لم يقتله ولا أمر بقتله ولا مالأ ولا رضي به، ولقد نهى عنه فلم يسمعوا منه.
ثبت ذلك عنه من طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث ولله الحمد والمنة.
وثبت عنه أيضا من غير وجه أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى فيهم: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } [الحجر: 47] .
وثبت عنه أيضا من غير وجه أنه قال: كان من الذين { وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا } [المائدة: 93] .
وفي رواية أنه قال: كان عثمان رضي الله عنه خيرنا، وأوصلنا للرحم، وأشدنا حياء، وأحسننا طهورا، وأتقانا للرب عز وجل.
وروى يعقوب بن سفيان، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن مجالد عن عمير ابن رودى كذا أبي كثير. قال: خطب علي فقطع الخوارج عليه خطبته، فنزل فقال: إن مثلي ومثل عثمان كمثل أثوار ثلاثة، أحمر وأبيض وأسود، ومعهم في أجمة أسد، فكان كلما أراد قتل أحدهم منعه الآخران، فقال للأسود والأحمر: إن هذا الأبيض قد فضحنا في هذه الأجمة فخليا عنه حتى آكله، فخليا عنه فأكله، ثم كان كلما أراد أحدهما منعه الآخر فقال للأحمر: إن هذا الأسود قد فضحنا في هذه الأجمة وإن لوني على لونك فلو خليت عنه أكلته، فخلى عنه الأحمر فأكله، ثم قال للأحمر: إني آكلك، فقال: دعني حتى أصيح ثلاث صيحات، فقال: دونك، فقال: ألا إني إنما أكلت يوم أكل البيض ثلاثا، فلو أني نصرته لما أكلت.
ثم قال علي: وإنما أنا وهنت يوم قتل عثمان، ولو أني نصرته لما وهنت قالها ثلاثا.
وروى ابن عساكر من طريق محمد بن هارون الحضرمي، عن سويد بن عبد الله القشيري القاضي، عن ابن مهدي، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: كانت المرأة تجيء في زمان عثمان إلى بيت المال فتحمل وقرها، وتقول: اللهم بدل اللهم غير.
فقال حسان بن ثابت حين قتل عثمان رضي الله عنه:
قلتم بدل فقد بدلكم * سنة حرى وحربا كاللهب
ما نقمتم من ثياب خلفة * وعبيد وإماء وذهب
قال: وقال أبو حميد أخو بني ساعدة - وكان ممن شهد بدرا، وكان ممن جانب عثمان - فلما قتل قال: والله ما أردنا قتله، ولا كنا نرى أن يبلغ منه القتل، اللهم إن لك علي أن لا أفعل كذا وكذا، ولا أضحك حتى ألقاك.
وقال محمد بن سعد: أنا عبد الله بن إدريس، أنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال: لقد رأيتني وأن عمر موثقي وأخته على الإسلام، ولو أرفض أحد فيما صنعتم بابن عفان لكان حقيقا.
وهكذا رواه البخاري في صحيحه، وروى محمد بن عائذ، عن إسماعيل بن عباس، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير قال: سمع عبد الله بن سلام رجلا يقول لآخر: قتل عثمان بن عفان فلم ينتطح فيه عنزان.
فقال ابن سلام: أجل! إن البقر والمعز لا تنتطح في قتل الخليفة، ولكن ينتطح فيه الرجال بالسلاح، والله لنقتلن به أقوام إنهم لفي أصلاب آبائهم ما ولدوا بعد.
وقال ليث: عن طاووس قال: قال ابن سلام: يحكّم عثمان يوم القيامة في القاتل والخاذل.
وقال أبو عبد الله المحاملي: ثنا أبو الأشعث، ثنا حزم بن أبي حزم، سمعت أبا الأسود يقول: سمعت أبا بكرة يقول: لأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن أشرك في قتل عثمان.
وقال أبو يعلى: ثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، ثنا محمد بن عباد الهباني، ثنا البراء بن أبي فضال، ثنا الحضرمي، عن أبي مريم رضيع الجارود قال: كنت بالكوفة فقام الحسن بن علي خطيبا فقال: أيها الناس! رأيت البارحة في منامي عجبا، رأيت الرب تبارك وتعالى فوق عرشه، فجاء رسول الله حتى قام عند قائمة من قوائم العرش، فجاء أبو بكر فوضع يده على منكب النبي ، ثم جاء عمر فوضع يده على منكب أبي بكر، ثم جاء عثمان فكان بيده - يعني: رأسه - فقال: رب سل عبادك فيم قتلوني؟
فانبعث من السماء ميزابان من دم في الأرض، قال فقيل لعلي: ألا ترى ما يحدث به الحسن؟!
فقال: حدث بما رأى.
ورواه أبو يعلى أيضا، عن سفيان بن وكيع، عن جميع بن عمير، عن عبد الرحمن بن مجالد، عن حرب العجلي: سمعت الحسن بن علي يقول: ما كنت لأقاتل بعد رؤيا رأيتها، رأيت العرش ورأيت رسول الله متعلق بالعرش، ورأيت أبا بكر واضعا يده على منكب رسول الله، وكان عمر واضعا يده على منكب أبي بكر، ورأيت عثمان واضعا يده على منكب عمر ورأيت دما دونهم، فقلت: ما هذا؟
فقيل: دم عثمان يطلب الله به.
وقال مسلم بن إبراهيم: ثنا سلام بن مسكين، عن وهب بن شبيب، عن زيد بن صوحان أنه قال: يوم قتل عثمان نفرت القلوب منافرها، والذي نفسي بيده لا تتألف إلى يوم القيامة.
وقال محمد بن سيرين: قالت عائشة: مصصتموه مص الإناء ثم قتلتموه؟
وقال خليفة بن خياط: ثنا أبو قتيبة، ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن عون بن عبد الله ابن عتبة قال: قالت عائشة: غضبت لكم من السوط، ولا أغضب لعثمان من السيف، استعتبتموه حتى إذا تركتموه كالعقب المصفى قتلتموه.
وقال أبو معاوية: عن الأعمش، عن خيثمة، عن مسروق. قال: قالت عائشة: حين قتل عثمان تركتموه كالثوب النقي من الدنس، ثم قتلتموه.
وفي رواية: ثم قربتموه، ثم ذبحتموه كما يذبح الكبش؟.
فقال لها مسروق: هذا عملك، أنت كتبت إلى الناس تأمريهم أن يخرجوا إليه.
فقالت: لا، والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون؛ ما كتبت لهم سوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا.
قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها.
وهذا إسناد صحيح إليها.
وفي هذا وأمثاله دلالة ظاهرة على أن هؤلاء الخوارج قبحهم الله زوروا كتبا على لسان الصحابة إلى الآفاق يحرضونهم على قتال عثمان، كما قدمنا بيانه ولله الحمد والمنة.
وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا حزم القطعي، ثنا أبو الأسود بن سوادة، أخبرني طلق بن حسان قال: قال: قتل عثمان، فتفرقنا في أصحاب محمد نسألهم عن قتله، فسمعت عائشة تقول: قتل مظلوما لعن الله قتلته.
وروى محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة، عن أنس قال: قالت أم سليم: لما سمعت بقتل عثمان رحمه الله، أما إنه لم يحلبوا بعده إلا دما.
وأما كلام أئمة التابعين في هذا الفصل فكثير جدا يطول ذكرنا له، فمن ذلك:
قول أبي مسلم الخولاني حين رأى الوفد الذين قدموا من قتله: إنكم مثلهم أو أعظم جرما، أما مررتم ببلاد ثمود؟
قالوا: نعم!
قال: فأشهد إنكم مثلهم، لخليفة الله أكرم عليه من ناقته.
وقال ابن علية: عن يونس بن عبدي، عن الحسن قال: لو كان قتل عثمان هدىً لاحتلبت به الأمة لبنا، ولكنه كان ضلالا فاحتلبت به الأمة دما.
وقال أبو جعفر الباقر: كان قتل عثمان على غير وجه الحق.
وهذا ذكر بعض ما رثي به رضي الله عنه
قال مجالد: عن الشعبي ما سمعت من مراثي عثمان أحسن من قول كعب بن مالك:
فكف يديه ثم أغلق بابه * وأيقن أن الله ليس بغافل
وقال لأهل الدار لا تقتلوهم * عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت الله صب عليهم * العداوة والبغضاء بعد التواصل
وكيف رأيت الخير أدبر بعده * عن الناس إدبار النعام الجوافل
وقد نسب هذه الأبيات سيف بن عمر إلى أبي المغيرة الأخنس بن شريق.
وقال سيف بن عمر: وقال حسان بن ثابت:
ماذا أردتم من أخي الدين باركت * يد الله في ذاك الأديم المقدد
قتلتم ولي الله في جوف داره * وجئتم بأمر جائر غير مهتد
فهلا رعيتم ذمة الله بينكم * وأوفيتم بالعهد عهد محمد
ألم يك فيكم ذا بلاء ومصدق * وأوفاكم عهدا لدى كل مشهد
فلا ظفرت أيمان قوم تبايعوا * على قتل عثمان الرشيد المسدد
وقال ابن جرير: وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
من سره الموت صرفا لا مزاج له * فليأت مأسدة في دار عثمانا
مستحقبي حلق الماذي قد سفعت * فوق المخاطم بيض زان أبدانا
ضحوا بأشمط عنوان السجود به * يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
صبرا فدى لكم أمي وما ولدت * قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا
فقد رضينا بأرض الشام نافرة * وبالأمير وبالإخوان إخوانا
إني لمنهم وإن غابوا وإن شهدوا * ما دمت حيا وما سميت حسانا
لتسمعن وشيكا في ديارهم * الله أكبر يا ثارات عثمانا
يا ليت شعري وليت الطير تخبرني * ما كان شأن علي وابن عفانا
وهو القائل أيضا:
إن تُمْسِ الدار ابن أروى منه خاوية * باب صريع وباب محرق خرب
فقد يصادف باغي العرف حاجته * فيها ويأوي إليها المجد والحسب
يا معشر الناس أبدوا ذات أنفسكم * لا يستوي الصدق عند الله والكذب
وقال الفرزدق:
إن الخلافة لما أظعنت ظعنت * عن أهل يثرب إذ غير الهدى سلكوا
صارت إلى أهلها منهم ووارثها * لما رأى الله في عثمان ما انتهكوا
السافكي دمه ظلما ومعصيةً * أي دم لا هدوا من غيتهم سفكوا
وقال راعي الإبل النميري في ذلك:
عشية يدخلون بغير إذن * على متوكل أوفى وطابا
خليل محمد ووزير صدق * ورابع خير من وطئ الترابا
فصل كيفية قتله في المدينة وفيها كثير من الصحابة.
إن قال قائل كيف وقع قتل عثمان رضي الله عنه بالمدينة وفيها جماعة من كبار الصحابة رضي الله عنهم
فجوابه من وجوه:
(أحدها): أن كثيرا منهم بل أكثرهم أو كلهم لم يكن يظن أنه يبلغ الأمر إلى قتله، فإن أولئك الأحزاب لم يكونوا يحاولون قتله عينا، بل طلبوا منه أحد أمور ثلاثة، إما أن يعزل نفسه، أو يسلم إليهم مروان بن الحكم، أو يقتلوه، فكانوا يرجون أن يسلم إلى الناس مروان، أو أن يعزل نفسه ويستريح من هذه الضائقة الشديدة.
وأما القتل فما كان يظن أحد أنه يقع، ولا أن هؤلاء يجترئون عليه إلى ما هذا حده، حتى وقع ما وقع الله والله أعلم.
(الثاني): أن الصحابة مانعوا دونه أشد الممانعة، ولكن لما وقع التضييق الشديد عزم عثمان على الناس أن يكفوا أيديهم ويغمدوا أسلحتهم ففعلوا، فتمكن أولئك مما أرادوا، ومع هذا ما ظن أحد من الناس أنه يقتل بالكلية.
(الثالث): أن هؤلاء الخوارج لما اغتنموا غيبة كثير من أهل المدينة في أيام الحج، ولم تقدم الجيوش من الآفاق للنصرة، بل لما اقترب مجيئهم، انتهزوا فرصتهم قبحهم الله، وصنعوا ما صنعوا من الأمر العظيم.
(الرابع): أن هؤلاء الخوارج كانوا قريبا من ألفي مقاتل من الأبطال، وربما لم يكن في أهل المدينة هذه العدة من المقاتلة، لأن الناس كانوا في الثغور وفي الأقاليم في كل جهة، ومع هذا كان كثير من الصحابة اعتزل هذه الفتنة ولزموا بيوتهم، ومن كان يحضر منهم المسجد لا يجيء إلا ومعه السيف، يضعه على حبوته إذا احتبى، والخوارج محدقون بدار عثمان رضي الله عنه، وربما لو أرادوا صرفهم عن الدار لما أمكنهم ذلك، ولكن كبار الصحابة قد بعثوا أولادهم إلى الدار يحاجفون عن عثمان رضي الله عنه، لكي تقدم الجيوش من الأمصار لنصرته، فما فجئ الناس إلا وقد ظفر أولئك بالدار من خارجها، وأحرقوا بابها وتسوروا عليه حتى قتلوه.
وأما ما يذكره بعض الناس من أن بعض الصحابة أسلمه ورضي بقتله، فهذا لا يصح عن أحد من الصحابة أنه رضي بقتل عثمان رضي الله عنه، بل كلهم كرهه، ومقته، وسب من فعله، ولكن بعضهم كان يود لو خلع نفسه من الأمر، كعمار بن ياسر، ومحمد بن أبي بكر، وعمرو بن الحمق، وغيرهم.
وقد ذكر ابن عساكر في ترجمة سهم بن خنش أو خنيش أو خنش الأزدي - وكان قد شهد الدار -.
ورواه محمد بن عائذ، عن إسماعيل بن عياش، عن محمد بن يزديد الرجي عنه: وكان قد استعاده عمر بن عبد العزيز إلى دير سمعان فسأله عن مقتل عثمان، فذكر ما ملخصه: أن وفد السبائية وفد مصر كانوا قد قدموا على عثمان فأجازهم وأرضاهم فانصرفوا راجعين، ثم كروا إلى المدينة فوافقوا عثمان قد خرج لصلاة الغداة أو الظهر فحصبوه بالحصا والنعال والخفاف، فانصرف إلى الدار ومعه أبو هريرة والزبير وابنه عبد الله وطلحة ومروان والمغيرة بن الأخنس في ناس، وطاف وفد مصر بداره، فاستشار الناس، فقال عبد الله بن الزبير: يا أمير المؤمنين، إني أشير بإحدى ثلاث خصال: إما أن تحرم بعمرة فيحرم عليهم دماؤنا، وإما أن نركب معك إلى معاوية بالشام، وإما أن نخرج فنضرب بالسيف إلى أن يحكم الله بيننا وبينهم، فإنا على الحق وهم على الباطل.
فقال عثمان: أما ما ذكرت من الإحياء بعمرة فتحرم دماؤنا فإنهم يرونا ضلالا الآن وحال الإحرام وبعد الإحرام، وأما الذهاب إلى الشام، فإني أستحيي أن أخرج من بينهم خائفا، فيراني أهل الشام، وتسمع الأعداء من الكفار ذلك.
وأما القتال: فإني أرجو أن ألقى الله وليس يهراق بسببي محجمة دم.
قال: ثم صلينا معه صلاة الصبح ذات يوم، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: إني رأيت أبا بكر وعمر أتياني الليلة، فقالا لي: صم يا عثمان فإنك تفطر عندنا، وإني أشهدكم إني قد أصبحت صائما، وإني أعزم على من كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يخرج من الدار سالما مسلوما منه.
فقلنا: يا أمير المؤمنين إن خرجنا لم نأمن منهم علينا فأذن لنا أن نكون معه في بيت من الدار تكون لنا فيه جماعة ومنعة، ثم أمر بباب الدار ففتح ودعا بالمصحف فأكب عليه، وعنده امرأتاه بنت الفرافصة وابنه شيبة، فكان أول من دخل عليه محمد بن أبي بكر فأخذ بلحيته فقال: دعها يا ابن أخي، فوالله لقد كان أبوك يتلهف لها بأدنى من هذا، فاستحيى فخرج.
فقال للقوم: قد أشعرته لكم، وأخذ عثمان ما امتعط من لحيته فأعطاه إحدى امرأتيه، ثم دخل رومان بن سودان رجل أزرق قصير محدد عداده من مراد معه حرف من حديد فاستقبله فقال: على أي ملة أنت يا نعثل؟
فقال عثمان: لست بنعثل ولكني عثمان بن عفان، وأنا على ملة إبراهيم حنيفا مسلما وما أنا من المشركين.
فقال: كذبت، وضربه بالحرف على صدغه الأيسر فقتله، فخر فأدخلته نائلة بينها وبين ثيابها، وكانت جسيمة ضليعة، فألقت نفسها عليه، وألقت بنت شيبة نفسها على ما بقي من جسده.
ودخل رجل من أهل مصر بالسيف مصلتا، فقال: والله لأقطعن أنفه، فعالج المرأة عنه فغلبته فكشف عنها درعها من خلفها حتى نظر إلى متنها فلما لم يصل إليه أدخل السيف بين قرطها ومنكبها فقبضت على السيف فقطع أناملها، فقالت: يا رباح، لغلام عثمان أسود، يا غلام ادفع عني هذا الرجل، فمشى إليه الغلام فضربه فقتله وخرج أهل البيت يقاتلون عن أنفسهم، فقتل المغيرة بن الأخنس، وجرح مروان.
قال: فلما أمسينا قلنا: إن تركتم صاحبكم حتى يصبح مَثّلوا به، فاحتملناه إلى بقيع الفرقد في جوف الليل، وغشينا سواد من خلفنا فهبناهم، وكدنا أن نتفرق عنه، فنادى مناديهم: أن لا روع عليكم البثوا إنما جئنا لنشهده معكم - وكان أبو حبيش يقول: هم ملائكة الله - فدفناه، ثم هربنا إلى الشام من ليلتنا، فلقينا الجيش بوادي القرى عليه حبيب بن مسلمة قد أتوا في نصرة عثمان، فأخبرناهم بقتله ودفنه.
قال أبو عمر بن عبد البر: دفنوا عثمان رضي الله عنه بحش كوكب - وكان قد اشتراه وزاده في البقيع - ولقد أحسن بعض السلف إذ يقول وقد سئل عن عثمان: هو أمير البررة، وقتيل الفجرة، مخذول من خذله، منصور من نصره.
وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي في آخر ترجمة عثمان وفضائله - بعد حكايته هذا الكلام -: الذين قتلوه أو ألبوا عليه، قتلوا إلى عفو الله ورحمته، والذين خذلوه خذلوا وتنغص عيشهم، وكان الملك بعده في نائبه، ومعاوية وبنيه، ثم في وزيره مروان، وثمانية من ذريته استطالوا حياته وملوه مع فضله وسوابقه، فتملك عليهم من هو من بني عمه بضعا وثمانين سنة، فالحكم لله العلي الكبير. وهذا لفظه بحروفه.
بعض الأحاديث الواردة في فضائل عثمان بن عفان
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو عمرو وأبو عبد الله القرشي، الأموي، أمير المؤمنين، ذو النورين وصاحب الهجرتين، وزوج الابنتين. وأمه: أروى بنت كريز بن ربيعة بن عبد شمس.
وأمها أم حكيم، وهي البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله .
وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، وأحد الثلاثة الذين خلصت لهم الخلافة من الستة، ثم تعينت فيه بإجماع المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم، فكان ثالث الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، المأمور باتباعهم والاقتداء بهم. أسلم عثمان رضي الله عنه قديما على يدي أبي بكر الصديق، وكان سبب إسلامه عجيبا فيما ذكره الحافظ ابن عساكر، وملخص ذلك: أنه لما بلغه أن رسول الله زوج ابنته رقية - وكانت ذات جمال - من ابن عمها عتبة بن أبي لهب، تأسف إذ لم يكن هو تزوجها، فدخل على أهله مهموما، فوجد عندهم خالته سعدى بنت كريز - وكانت كاهنة -
فقالت له: أبشر وحييت ثلاثا تترا، ثم ثلاثا وثلاثا أخرى، ثم بأخرى كي تتم عشرا، أتاك خير، ووقيت شرا، أنكحت والله حصانا زهرا، وأنت بكر، ولقيت بكرا، وافيتها بنت عظيم قدرا، بنيت أمرا قد أشاد ذكرا.
قال عثمان: فعجبت من أمرها حيث تبشرني بالمرأة قد تزوجت بغيري، فقلت: يا خالة! ما تقولين؟.
فقالت: عثمان لك الجمال، ولكِ اللسان، هذا النبي معه البرهان. أرسله بحقه الديان، وجاءه التنزيل والفرقان، فاتبعه لا تغتالك الأوثان.
قال: فقلت: إنك لتذكرين أمرا ما وقع ببلدنا.
فقالت: محمد بن عبد الله رسول من عند الله، جاء بتنزيل الله يدعو به إلى الله، ثم قالت: مصباحه مصباح، ودينه فلاح، وأمره نجاح، وقرنه نطاح، ذلَّت له البطاح، ما ينفع الصياح، لو وقع الذباح، وسلت الصفاح ومدت الرماح.
قال عثمان: فانطلقت مفكرا، فلقيني أبو بكر فأخبرته، فقال: ويحك يا عثمان، إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، ما هذه الأصنام التي يعبدها قومنا؟ أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟.
قال: قلت بلى! والله إنها لكذلك.
فقال: والله لقد صدقتك خالتك هذا رسول الله محمد بن عبد الله، قد بعثه الله إلى خلقه برسالته، هل لك أن تأتيه؟.
فاجتمعنا برسول الله، فقال: يا عثمان، أجب الله إلى حقه، فأنا رسول الله إليك وإلى خلقه.
قال: فوالله ما تمالكت نفسي منذ سمعت رسول الله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ثم لم ألبث أن تزوجت رقية بنت رسول الله ، فكان يقال:
أحسن زوج رآه إنسان * رقية وزوجها عثمانُ
فقالت في ذلك سُعدى بنت كريز:
هدى الله عثمانا بقولي إلى الهدى * وأرشده والله يهدي إلى الحقِ
فتابع بالرأي السديد محمدا * وكان برأي لا يصد عن الصدقِ
وأنكحه المبعوث بالحق بنته * فكانا كبدر مازج الشمس في الأفقِ
فداؤك يا ابن الهاشميين مُهجتي * وأنت أمين الله أرسلت للخلقِ
قال: ثم جاء أبو بكر من الغد بعثمان بن مظعون، وبأبي عبيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا، وكانوا مع من اجتمع مع رسول الله ثمانية وثلاثون رجلا.
وهاجر إلى الحبشة أول الناس ومعه زوجته رقية بنت رسول الله ، ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة.
فلما كانت وقعة بدر اشتغل بتمريض ابنة رسول الله ، وأقام بسببها في المدينة، وضرب له رسول الله بسهمه منها، وأجره فيها فهو معدود فيمن شهدها.
فلما توفيت زوَّجه رسول الله بأختها أم كلثوم فتوفيت أيضا في صحبته، وقال رسول الله : « لو كان عندنا أخرى لزوجناها بعثمان ».
وشهد أحدا، وفر يومئذ فيمن تولى، وقد نص الله على العفو عنهم، وشهد الخندق والحديبية، وبايع عنه رسول الله يومئذٍ بإحدى يديه، وشهد خيبر وعمرة القضاء، وحضر الفتح وهوازن والطائف وغزوة تبوك، وجهز جيش العسرة.
وتقدم عن عبد الرحمن بن خباب أنه جهزهم يومئذٍ بثلاثمائة بعير بأقتابها وأحلاسها، وعن عبد الرحمن بن سمرة: أنه جاء يومئذٍ بألف دينار فصبها في حجر رسول الله ، فقال : « ماضر عثمان ما فعل بعد هذا اليوم مرتين ».
وحج مع رسول الله حجة الوداع، وتوفي وهو عنه راضٍ، وصحب أبا بكر فأحسن صحبته، وتوفي وهو عنه راضٍ، وصحب عمر فأحسن صحبته، وتوفي وهو عنه راضٍ.
ونص عليه في أهل الشورى الستة، فكان خيرهم كما سيأتي.
فولي الخلافة بعده ففتح الله على يديه كثيرا من الأقاليم والأمصار، وتوسعت المملكة الإسلامية، وامتدت الدولة المحمدية، وبلغت الرسالة المصطفوية في مشارق الأرض ومغاربها، وظهر للناس مصداق قوله تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا } [النور: 55] .
وقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } [التوبة: 33] .
وقوله : « إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ».
وهذا كله تحقق وقوعه وتأكد وتوطد زمان عثمان رضي الله عنه.
وقد كان رضي الله عنه حسن الشكل، مليح الوجه، كريم الأخلاق، ذا حياء كثير، وكرم غزير، يُؤثر أهله وأقاربه في الله، تأليفا لقلوبهم من متاع الحياة الدنيا الفاني، لعله يرغبهم في إيثار ما يبقى على ما يفنى، كما كان النبي يعطي أقواما ويدع آخرين، يعطي أقواما خشية أن يكبهم الله على وجوههم في النار، ويكل آخرين إلى ما جعل الله في قلوبهم من الهدى والإيمان.
وقد تعنت عليه بسبب هذه الخصلة أقوام، كما تعنت بعض الخوارج على رسول الله في الإيثار، وقد قدمنا ذلك غزوة حنين حيث قسم غنائمها.
وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل عثمان رضي الله عنه، نذكر ما تيسر منها إن شاء الله وبه الثقة، وهي قسمان:
الأول فيما ورد في فضائله مع غيره
فمن ذلك الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه: حدثنا مسدد، ثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن قتادة أن أنسا حدثهم قال: « صعد النبي أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف، فقال: اسكن أحد - أظنه ضربه برجله - فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان ». تفرد به دون مسلم.
وقال الترمذي: ثنا قتيبة، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: « أن رسول الله كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة فقال النبي : اهدئي فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ».
ثم قال في الباب: عن عثمان وسعيد بن زيد، وابن عباس، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، وبريدة الأسلمي، وهذا حديث صحيح.
قلت: ورواه أبو الدرداء، ورواه الترمذي، عن عثمان في خطبته يوم الدار، وقال: على ثبير.
حديث آخر
وهو عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري قال: « كنت مع رسول الله في حائط، فأمرني بحفظ الباب، فجاء رجل يستأذن فقلت: من هذا؟
قال: أبو بكر.
فقال رسول الله : ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عمر، فقال: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عثمان، فقال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فدخل وهو يقول: اللهم صبرا.
وفي رواية: - الله المستعان - ».
رواه عنه قتادة وأيوب السختياني.
وقال البخاري: وقال حماد بن زيد: حدثنا عاصم الأحول، وعلي بن الحكم، سمعا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى الأشعري بنحوه.
وزاد عاصم: « أن رسول الله كان قاعدا في مكان قد انكشف عن ركبتيه، أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها ».
وهو في الصحيحين أيضا من حديث سعيد بن المسيب، عن أبي موسى، وفيه: « أن أبا بكر وعمر دليا أرجلهما مع رسول الله في باب القف وهو في البئر، وجاء عثمان فلم يجد له موضعا »، قال سعيد: فأولت ذلك قبورهم اجتمعت وانفرد عثمان.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن مروان، ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة. قال: قال نافع بن الحارث: « خرجت مع رسول الله حتى دخل حائطا، فقال: امسك علي الباب، فجاء حتى جلس على القف ودلى رجليه فضرب الباب فقلت: من هذا؟
فقال: أبو بكر، فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر.
قال: ائذن له وبشره بالجنة، فدخل فجلس مع رسول الله على القف، ودلى رجليه في البئر، ثم ضرب الباب.
فقلت من هذا؟
قال: عمر، قلت: يا رسول الله هذا عمر.
قال: ائذن لي وبشره بالجنة، ففعلت فجاء فجلس مع رسول الله على القف، ودلى رجليه في البئر.
ثم ضرب الباب، فقلت: من هذا؟
قال: عثمان.
قلت: يا رسول الله هذا عثمان.
قال: ائذن له وبشره بالجنة معها بلاء، فأذنت له وبشرته بالجنة، فجلس مع رسول الله صلى الله على القف ودلى رجليه في البئر ».
هكذا وقع في هذه الرواية.
وقد أخرجه أبو داود والنسائي من حديث أبي سلمة، فيحتمل أن أبا موسى، ونافع بن عبد الحارث كانا موكلين بالباب، أو إنها قصة أخرى.
وقد رواه الإمام أحمد، عن عفان، عن وهيب، عن موسى بن عقبة، سمعت أبا سلمة ولا أعلمه إلا عن نافع بن عبد الحارث: « أن رسول الله دخل حائطا فجلس على قف البئر، فجاء أبو بكر فاستأذن، فقال لأبي موسى: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عمر فقال: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عثمان، فقال: ائذن له وبشره بالجنة وسيلقى بلاء ».
وهذا السياق أشبه من الأول، على أنه قد رواه النسائي من حديث صالح بن كيسان، عن أبي الزناد، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث، عن أبي موسى الأشعري. فالله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، أنا همام، عن قتادة، عن ابن سيرين، ومحمد بن عبيد، عن عبد الله ابن عمر وقال: « كنت مع رسول الله فجاء أبو بكر فاستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عمر، فقال: ائذن له وبشره بالجنة.
ثم جاء عثمان فاستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة.
قال قلت: فأين أنا؟
قال: أنت مع أبيك ».
تفرد به أحمد.
وقد رواه البزار، وأبو يعلى، من حديث أنس بن مالك بنحو ما تقدم.
حديث آخر
قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، ثنا ليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن يحيى بن سعيد بن العاص: أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة زوج النبي وعثمان حدثاه: « أن أبا بكر استأذن على النبي وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن لأبي بكر وهو كذلك فقضى إليه حاجته ثم انصرف، فاستأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحالة فقضى إليه حاجته ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأذنت عليه فجلس، وقال: اجمعي عليك ثيابك فقُضِيت إليه حاجتي ثم انصرفت، فقالت عائشة: يا رسول الله مالي لا أراك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان؟
فقال رسول الله : إن عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة لا يبلغ إلي حاجته ».
قال الليث: وقال جماعة الناس: إن رسول الله قال لعائشة: « ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة ».
ورواه مسلم من حديث محمد بن أبي حرملة، عن عطاء، وسليمان بن يسار، عن أبي سلمة، عن عائشة.
ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث سهيل، عن أبيه، عن عائشة.
ورواه جبير بن نفير، وعائشة بنت طلحة عنها.
وقال الإمام أحمد: حدثنا مروان، ثنا عبد الله بن يسار: سمعت عائشة بنت طلحة تذكر عن عائشة أم المؤمنين: « أن رسول الله كان جالسا كاشفا عن فخذه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله، ثم جاء عمر فاستأذن فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه.
فلما قاموا قلت: يا رسول الله استأذن عليك أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك، فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك؟
فقال: يا عائشة ألا نستحي من رجل والله إن الملائكة لتستحي منه؟ ».
تفرد به أحمد من هذا الوجه عنها.
طريق أخرى عن حفصة
رواه الحسن بن عرفة، وأحمد بن حنبل، عن روح بن عبادة، عن ابن جريج، أخبرني أبو خالد عثمان بن خالد، عن عبد الله بن أبي سعيد المدني، حدثتني حفصة، فذكر مثل حديث عائشة، وفيه فقال: « ألا نستحي ممن تستحي منه الملائكة؟ ».
طريق أخرى عن ابن عباس
قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أبو كريب، ثنا يونس بن بكير، ثنا النضر - هو ابن عبد الرحمن أبو عمر الخزاز الكوفي -، عن عكرمة، عن ابن عباس. قال: قال رسول الله : « ألا نستحي ممن تستحي منه الملائكة عثمان بن عفان؟ ».
ثم قال البزار: لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، قلت: هو على شرط الترمذي ولم يخرجوه.
طريق أخرى عن ابن عمر
قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، ثنا أبو معشر، حدثني إبراهيم بن عمر بن أبان، حدثني أبي عمر بن أبان، عن أبيه. قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: « بينما رسول الله جالس وعائشة وراءه إذ استأذن أبو بكر فدخل، ثم استأذن عمر فدخل، ثم استأذن سعد بن مالك فدخل، ثم استأذن عثمان بن عفان فدخل ورسول الله يتحدث كاشفا عن ركبته، فرد ثوبه على ركبته حين استأذن عثمان، وقال لامرأته: استأخري فتحدثوا ساعة ثم خرجوا.
فقالت عائشة: يا نبي الله! دخل أبي وأصحابه فلم تصلح ثوبك على ركبتك ولم تؤخرني عنك؟
فقال النبي : ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة، والذي نفسي بيده إن الملائكة لتستحي من عثمان كما تستحي من الله ورسوله، ولو دخل وأنت قريب مني لم يتحدث ولم يرفع رأسه حتى يخرج ».
هذا حديث غريب من هذا الوجه وفيه زيادة على ما قبله، وفي سنده ضعف.
قلت: وفي الباب عن علي، وعبد الله بن أبي أوفى، وزيد بن ثابت: وروى أبو مروان القرشي، عن أبيه، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله قال: « عثمان حيي تستحي من الملائكة ».
حديث آخر
قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس قال: قال رسول الله : « أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأشدها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أُبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ».
وهكذا رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه من حديث خالد الحذاء.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وفي صحيح البخاري، ومسلم آخره: « ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ».
وقد روى هشيم، عن كريز بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر مثل حديث أبي قلابة، عن أنس أو نحوه.
حديث آخر
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، ثنا محمد بن حرب، حدثني الزبيدي، عن ابن شهاب، عن عمرو بن أبان بن عثمان، عن جابر بن عبد الله: أنه كان يحدث أن رسول الله قال: « أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر.
فلما قمنا من عند رسول الله قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله ، وأما ما ذكره رسول الله من نوط بعضهم ببعض، فهؤلاء ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه ».
ورواه أبو داود، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن حرب، ثم قال: ورواه يونس، وشعيب، عن الزهري فلم يذكرا عمرا.
حديث آخر
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو داود - عمر بن سعد -، ثنا بدر بن عثمان، عن عبيد الله بن مروان، عن أبي عائشة، عن ابن عمر قال: « خرج علينا رسول الله ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال: رأيت قبل الفجر كأني أعطيت المقاليد والموازين، فأما المقاليد فهذه المفاتيح، وأما الموازين فهي التي يوزن بها، فوضعت في كفة ووضعت أمتي في كفة، فوزنت بهم فرجحت، ثم جيء بأبي بكر فَوُزِنَ، فَوَزَنَ بهم، ثم جيء بعمر فَوُزِنَ، فَوَزَنَ بهم، ثم جيء بعثمان فَوُزِنَ فَوَزَنَ بهم، ثم رفعت ».
تفرد به أحمد.
وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا هشام بن عمار، ثنا عمرو بن واقد، ثنا يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله : « إني رأيت أني وضعت في كفة وأمتي في كفة فعدلتها، ثم وضع أبو بكر في كفة وأمتي في كفة فعدلها، ثم وضع عمر في كفة وأمتي في كفة فعدلها، ثم وضع عثمان في كفة وأمتي في كفة فعدلها ».
حديث آخر
قال أبو يعلى: حدثنا عبد الله بن مطيع، ثنا هشيم، عن العوام، عمن حدثه عن عائشة قالت: « لما أسس رسول الله مسجد المدينة جاء بحجر فوضعه، وجاء أبو بكر بحجر فوضعه، وجاء عمر بحجر فوضعه، وجاء عثمان بحجر فوضعه.
قالت: فسئل رسول الله عن ذلك؟
فقال: هم أمراء الخلافة من بعدي ».
وقد تقدم هذا الحديث في بناء مسجده أول مقدمه المدينة عليه الصلاة والسلام، وكذلك تقدم في (دلائل النبوة) من حديث الزهري، عن رجل، عن أبي ذر في تسبيح الحصا في يده عليه السلام، ثم في كف أبي بكر، ثم في كف عمر، ثم في كف عثمان رضي الله عنهم ».
وفي بعض الروايات: فقال رسول الله : « هذه خلافة النبوة ».
وسيأتي حديث سفينة أن رسول الله قال: « الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا »، فكانت ولاية عثمان ومدتها ثنتي عشرة سنة، من جملة هذه الثلاثين بلا خلاف بين العلماء العاملين، كما أخبر به سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
حديث آخر
وهو ما روي من طرق متعددة عن رسول الله : أنه شهد للعشرة بالجنة، وهو أحدهم بنص النبي .
حديث آخر
قال البخاري: حدثنا محمد بن حازم بن بزيغ، ثنا شاذان، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: « كنا في زمن النبي لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نذر أصحاب النبي لا نفاضل بينهم ».
تابعه عبد الله بن صالح بن عبد العزيز، تفرد به البخاري ورواه إسماعيل بن عياش، والفرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر.
ورواه أبو يعلى: عن أبي معشر، عن يزيد بن هارون، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن عمر به.
طريق أخرى عن ابن عمر
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، ثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن ابن عمر قال: « كنا نعد رسول الله وأصحابه متوافرون أبو بكر وعمر وعثمان، ثم نسكت ».
طريق أخرى عن ابن عمر بلفظ آخر
قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا عمرو بن علي، وعقبة بن مكرم قالا، ثنا أبو عاصم، عن عمر بن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فصل مقتل عثمان رضي الله عنه / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» ذكر شيء من سيرة عثمان بن عفان وهي دالة على فضيلته / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ثم استهلت سنة أربع وعشرين / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» فصل مقتل محمد بن عبد الله بن حسن / الجزء العاشر (البداية والنهاية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: