ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 باب زهد سيدنا محمد عليه السلام وإعراضه عن هذه الدار / الجزء السادس / (البداية والنهاية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

باب زهد سيدنا محمد عليه السلام وإعراضه عن هذه الدار / الجزء السادس / (البداية والنهاية) Empty
مُساهمةموضوع: باب زهد سيدنا محمد عليه السلام وإعراضه عن هذه الدار / الجزء السادس / (البداية والنهاية)   باب زهد سيدنا محمد عليه السلام وإعراضه عن هذه الدار / الجزء السادس / (البداية والنهاية) Emptyالجمعة ديسمبر 25, 2009 2:14 pm

باب زهد سيدنا محمد عليه السلام وإعراضه عن هذه الدار / الجزء السادس / (البداية والنهاية) Kunooozb0d2ecf41c

باب زهد سيدنا محمد عليه السلام وإعراضه عن هذه الدار
قال الله تعالى: { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى } [طه: 131] .
وقال تعالى: { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا } [الكهف: 28] .
وقال تعالى: { فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم }. [النجم: 29-30] .
وقال: { ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم * لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين } [لحجر: 87-88] .
والآيات في هذا كثيرة.
وأما الأحاديث: فقال يعقوب بن سفيان: حدثني أبو العباس حيوة بن شريح، أنا بقية عن الزبيدي، عن الزهري، عن محمد بن عبد الله بن عباس قال: كان ابن عباس يحدث: أن الله أرسل إلى نبيه ملكا من الملائكة معه جبريل.
فقال الملك لرسوله: إن الله يخيرك بين أن تكون عبدا نبيا، وبين أن تكون ملكا نبيا، فالتفت رسول الله إلى جبريل كالمستشير له، فأشار جبريل إلى رسول الله أن تواضع.
فقال رسول الله : « بل أكون عبدا نبيا ».
قال: فما أكل بعد تلك الكلمة طعاما متكئا حتى لقي الله - عز وجل.
وهكذا رواه البخاري فيالتاريخ: عن حيوة بن شريح.
وأخرجه النسائي عن عمرو بن عثمان، كلاهما عن بقية بن الوليد به.
وأصل هذا الحديث في الصحيح بنحو من هذا اللفظ.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة، عن أبي زرعة - ولا أعلمه إلا عن أبي هريرة - قال: جلس جبريل إلى رسول الله فنظر إلى السماء فإذا ملك ينزل.
فقال جبريل: إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خلق قبل الساعة.
فلما نزل قال: يا محمد أرسلني إليك ربك أفملكا نبيا يجعلك، أو عبدا رسولا؟.
هكذا وجدته بالنسخة التي عندي بالمسند مقتصرا، وهو من أفراده من هذا الوجه.
وثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب في حديث إيلاء رسول الله من أزواجه، أن لا يدخل عليهن شهرا، واعتزل عنهن في علية، فلما دخل عليه عمر في تلك العلية فإذا ليس فيها سوى صبرة من قرظ، وأهبة معلقة، وصبرة من شعير، وإذا هو مضطجع على رمال حصير، قد أثر في جنبه، فهملت عينا عمر فقال: « مالك؟ ».
فقلت: يا رسول الله أنت صفوة الله من خلقه، وكسرى وقيصر فيما هما فيه.
فجلس محمرا وجهه فقال: « أوفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ »
ثم قال: « أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ».
وفي رواية لمسلم: « أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ».
فقلت: بلى يا رسول الله.
قال: « فأحمد الله عز وجل ».
ثم لما انقضى الشهر أمره الله - عز وجل - أن يخير أزواجه، وأنزل عليه قوله: { ياأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما }. [الأحزاب: 28 -29] .
وقد ذكرنا هذا مبسوطا في كتابنا التفسير وأنه بدأ بعائشة فقال لها: « إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك » وتلا عليها هذه الآية.
قالت: فقلت: أفي هذا أستأمر أبواي؟ فإني أختار الله ورسوله، والدار الآخرة، وكذلك قال سائر أزواجه - عليه السلام -، ورضي عنهن.
وقال مبارك بن فضالة عن الحسن، عن أنس قال: دخلت على رسول الله وهو على سرير مزمول بالشريط، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، ودخل عليه عمر وناس من الصحابة فانحرف رسول الله إنحرافة فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى.
فقال له: « ما يبكيك يا عمر؟ »
قال: ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا، وأنت على الحال الذي أرى؟
فقال: « يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ »
قال: بلى.
قال: « هو كذلك ».
هكذا رواه البيهقي.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، ثنا مبارك عن الحسن، عن أنس بن مالك قال: دخلت على رسول الله وهو على سرير مضطجع مزمل بشريط، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، فدخل عليه نفر من أصحابه، ودخل عمر فانحرف رسول الله إنحرافة، فلم ير عمر بين جنبه وبين الشريط ثوبا وقد أثر الشريط بجنب رسول الله، فبكى عمر.
فقال له رسول الله : « ما يبكيك يا عمر؟ »
قال: والله ما أبكي ألا أكون أعلم أنك أكرم على الله من كسرى وقيصر، وهما يعيشان في الدنيا فيما يعيشان فيه؟ وأنت يا رسول الله في المكان الذي أرى.
فقال رسول الله: « أما ترضى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة؟ »
قال: بلى.
قال: فإنه كذلك.
وقال أبو داود الطيالسي: ثنا المسعودي عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم، عن علقمة بن مسعود قال: اضطجع رسول الله على حصير، فأثر الحصير بجلده، فجعلت أمسحه وأقول: بأبي أنت وأمي، ألا آذنتنا فنبسط لك شيئا يقيك منه تنام عليه.
فقال: « مالي وللدنيا، ما أنا والدنيا، إنما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها ».
ورواه ابن ماجه عن يحيى بن حكيم، عن أبي داود الطيالسي به.
وأخرجه الترمذي عن موسى بن عبد الرحمن الكندي، عن زيد بن الحباب، كلاهما عن المسعودي به.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقد رواه الإمام أحمد من حديث ابن عباس فقال: حدثنا عبد الصمد، وأبو سعيد وعفان قالوا: ثنا ثابت، ثنا هلال عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر في جنبه.
فقال: يا رسول الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا؟
فقال: « مالي وللدنيا، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها ».
تفرد به أحمد.
وفي صحيح البخاري من حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: « لو أن لي مثل أحد ذهبا ما سرني أن تأتي علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيء أرصده لدين ».
وفي الصحيحين من حديث عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: « اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا ».
فأما الحديث الذي رواه ابن ماجه من حديث يزيد بن سنان عن ابن المبارك، عن عطاء، عن أبي سعيد أن رسول الله قال: « اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين ».
فإنه حديث ضعيف، لا يثبت من جهة إسناده، لأن فيه يزيد بن سنان أبا فروة الرهاوي وهو ضعيف جدا، والله أعلم.
وقد رواه الترمذي من وجه آخر فقال: حدثنا عبد الأعلى بن واصل الكوفي، ثنا ثابت بن محمد العابد الكوفي، حدثنا الحارث بن النعمان الليثي عن أنس أن رسول الله قال: « اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة ».
فقالت عائشة: لم يا رسول الله؟
قال: « إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا، يا عائشة لا تردي المسكين ولو بشق تمرة، يا عائشة حبي المساكين وقربيهم، فإن الله يقربك يوم القيامة ».
ثم قال: هذا حديث غريب.
قلت: وفي إسناده ضعف، وفي متنه نكارة، والله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا أبو عبد الرحمن - يعني: عبد الله بن دينار - عن أبي حازم، عن سعيد بن سعد أنه قيل له: هل رأى النبي بعينه - يعني: الحوارى-؟
فقال له: ما رأى رسول الله النقى بعينه حتى لقي الله - عز وجل -.
فقيل له: هل لكم مناخل على عهد رسول الله؟
فقال: ما كانت لنا مناخل.
فقيل له: فكيف كنتم تصنعون بالشعير؟
قال: ننفخه فيطير منه ما طار.
وهكذا رواه الترمذي من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار به، وزاد: ثم نذريه ونعجنه، ثم قال: حسن صحيح.
وقد رواه مالك عن أبي حازم.
قلت: وقد رواه البخاري عن سعيد ابن أبي مريم، عن محمد بن مطرف بن غسان المدني، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد به.
ورواه البخاري أيضا والنسائي عن شيبة، عن يعقوب بن عبد الرحمن القاري، عن أبي حازم، عن سهل به.
وقال الترمذي: حدثنا عباس بن محمد الدوري، ثنا يحيى ابن أبي بكير، ثنا جرير بن عثمان، عن سليم بن عامر سمعت أبا أمامة يقول: ما كان يفضل عن أهل بيت رسول الله خبز الشعير.
ثم قال: حسن صحيح غريب.
وقال الإمام أحمد: ثنا يحيى بن سعيد عن يزيد بن كيسان، حدثني أبو حازم قال: رأيت أبا هريرة يشير بإصبعه مرارا، والذي نفس أبي هريرة بيده ما شبع نبي الله وأهله ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة حتى فارق الدنيا.
ورواه مسلم والترمذي، وابن ماجه من حديث يزيد بن كيسان.
وفي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الحميد عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: ما شبع آل محمد منذ قدموا المدينة ثلاثة أيام تباعا من خبز بر، حتى مضى لسبيله.
وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم، ثنا محمد بن طلحة عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: ما شبع آل محمد ثلاثا من خبز بر، حتى قبض وما رفع من مائدته كسرة قط حتى قبض.
وقال أحمد: ثنا محمد بن عبيد، ثنا مطيع الغزال عن كردوس، عن عائشة قالت: قد مضى رسول الله لسبيله وما شبع أهله ثلاثة أيام من طعام بر.
وقال الإمام أحمد: ثنا حسن، ثنا زويد عن أبي سهل، عن سليمان بن رومان مولى عروة عن عروة، عن عائشة أنها قالت: والذي بعث محمدا بالحق ما رأى منخلا، ولا أكل خبزا منخولا منذ بعثه الله - عز وجل - إلى أن قبض.
قلت: كيف كنتم تأكلون الشعير؟
قالت: كنا نقول: أف.
تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وروى البخاري عن محمد بن كثير، عن الثوري، عن عبد الرحمن بن عابس بن ربيعة، عن أبيه، عن عائشة قالت: إن كنا لنخرج الكراع بعد خمسة عشر يوما فنأكله.
قلت: ولم تفعلون ذلك؟
فضحكت وقالت: ما شبع آل محمد - - من خبز مأدوم حتى لحق بالله - عز وجل -.
وقال أحمد: ثنا يحيى، ثنا هشام، أخبرني أبي عن عائشة قالت: كان يأتي على آل محمد الشهر ما يوقدون فيه نارا، ليس إلا التمر والماء، إلا أن يؤتى باللحم.
وفي الصحيحين من حديث هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: إن كنا آل محمد ليمر بنا الهلال ما نوقد نارا، إنما هو الأسودان التمر والماء، إلا أنه كان حولنا أهل دور من الأنصار يبعثون إلى رسول الله بلبن منائحهم فيشرب، ويسقينا من ذلك اللبن.
ورواه أحمد عن بريدة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عنها بنحوه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا حسين، ثنا محمد بن مطرف عن أبي حازم، عن عروة بن الزبير أنه سمع عائشة تقول: كان يمر بنا هلال وهلال، ما يوقد في بيت من بيوت رسول الله نارا.
قال: قلت: يا خالة على أي شيء كنتم تعيشون؟
قالت: على الأسودين التمر والماء.
تفرد به أحمد.
وقال أبو داود الطيالسي عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن الأسود، عن عائشة قالت: ما شبع رسول الله من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض.
وقد رواه مسلم من حديث شعبة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا بهز، ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: قالت عائشة: أرسل إلينا آل أبي بكر بقائمة شاة ليلا فأمسكت، وقطع رسول الله أو قالت: أمسك رسول الله وقطعت - قالت: تقول للذي تحدثه: - هذا على غير مصباح.
وفي رواية: لو كان عندنا مصباح لأتدمنا به.
قال: قالت عائشة: إنه ليأتي على آل محمد الشهر ما يختبزون خبزا ولا يطبخون قدرا.
وقد رواه أيضا عن بهز بن أسد، عن سليمان بن المغيرة.
وفي رواية: شهرين، تفرد به أحمد.
وقال الإمام أحمد: ثنا خلف، ثنا أبو معشر عن سعيد - هو ابن أبي سعيد -، عن أبي هريرة قال: كان يمر بآل رسول الله هلال ثم هلال لا يوقدون في بيوتهم النار لا بخبز، ولا بطبخ.
قالوا: بأي شيء كانوا يعيشون يا أبا هريرة؟
قال: الأسودان التمر والماء، وكان لهم جيران من الأنصار جزاهم الله خيرا لهم منائح يرسلون إليهم شيئا من لبن.
تفرد به أحمد.
وفي صحيح مسلم من حديث منصور بن عبد الرحمن الحجبي عن أمه، عن عائشة قالت: توفي رسول الله وقد شبع الناس من الأسودين التمر والماء.
وقال ابن ماجه: حدثنا سويد بن سعيد، ثنا علي بن مسهر عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: أتى رسول الله يوما بطعام سخن فأكل، فلما فرغ قال: « الحمد لله ما دخل بطني طعام سخن منذ كذا وكذا ».
وقال الإمام أحمد: ثنا عبد الصمد، ثنا عمار أبو هاشم صاحب الزعفراني عن أنس بن مالك أن فاطمة ناولت رسول الله كسرة من خبز الشعير فقال: « هذا أول طعام أكله أبوك منذ ثلاثة أيام ».
وروى الإمام أحمد عن عفان، والترمذي، وابن ماجه، جميعا عن عبد الله بن معاوية، كلاهما عن ثابت بن يزيد، عن هلال بن خباب العبدي الكوفي، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله كان يبيت الليالي المتتابعة طاويا وأهله لا يجدون عشاء، وكان عامة خبزهم خبز الشعير، وهذا لفظ أحمد.
وقال الترمذي في الشمائل: ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ثنا عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن محمد ابن أبي يحيى الأسلمي، عن يزيد ابن أبي أمية الأعور، عن أبي يوسف ابن عبد الله بن سلام قال: رأيت رسول الله أخذ كسرة من خبز الشعير فوضع عليها تمرة وقال: « هذا إدام هذه، وأكل ».
وفي الصحيحين من حديث الزهري عن عروة، عن عائشة قالت: كان أحب الشراب إلى رسول الله الحلو البارد.
وروى البخاري من حديث قتادة عن أنس قال: ما أعلم رسول الله رأى رغيفا مرققا حتى لحق بالله، ولا شاة سميطا بعينه قط.
وفي رواية له عنه أيضا: ما أكل رسول الله على خوان، ولا في سكرجة، ولا خبز له مرقق.
فقلت لأنس: فعلى ما كانوا يأكلون؟
قال: على هذه السفر.
وله من حديث قتادة أيضا عن أنس أنه مشى إلى رسول بخبز شعير، وإهالة سنخة، ولقد رهن درعه من يهودي، فأخذ لأهله شعيرا، ولقد سمعته ذات يوم يقول: « ما أمسى عند آل محمد صاع تمر، ولا صاع حب ».
وقال الإمام أحمد: ثنا عفان، ثنا أبان بن يزيد، ثنا قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله لم يجتمع له غداء، ولا عشاء من خبز ولحم، إلا على ضفف.
ورواه الترمذي في الشمائل عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن عفان، وهذا الإسناد على شرط الشيخين.
وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة عن سماك بن حرب، سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت عمر بن الخطاب يخطب، فذكر ما فتح الله على الناس، فقال: لقد رأيت رسول الله يلتوي من الجوع، ما يجد من الدقل ما يملأ بطنه.
وأخرجه مسلم من حديث شعبة.
وفي الصحيح أن أبا طلحة قال: يا أم سليم لقد سمعت صوت رسول الله أعرف فيه الجوع، وسيأتي الحديث في دلائل النبوة.
وفي قصة أبي الهيثم ابن التيهان أن أبا بكر وعمر خرجا من الجوع، فبينما هما كذلك إذ خرج رسول الله فقال: « ما أخرجكما؟ »
فقالا: الجوع.
فقال: « والذي نفسي بيده لقد أخرجني الذي أخرجكما » فذهبوا إلى حديقة الهيثم بن التيهان فأطعمهم رطبا، وذبح لهم شاة، فأكلوا وشربوا الماء البارد.
وقال رسول الله : « هذا من النعيم الذي تسألون عنه ».
وقال الترمذي: ثنا عبد الله ابن أبي زياد، ثنا سيار، ثنا يزيد بن أسلم عن يزيد ابن أبي منصور، عن أنس، عن أبي طلحة قال: شكونا إلى رسول الله الجوع، ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر، فرفع رسول الله عن بطنه عن حجرين.
ثم قال: غريب.
وثبت في الصحيحين من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها سئلت عن فراش رسول الله .
فقالت: كان من أدم، حشوه ليف.
وقال الحسن بن عرفة: ثنا عباد بن عباد المهلبي، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: دخلت علي امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله عباءة مثنية، فانطلقت فبعثت إلي بفراش حشوه الصوف، فدخل علي رسول الله فقال: « ما هذا يا عائشة؟ »
قالت: قلت: يا رسول الله فلانة الأنصارية دخلت علي فرأت فراشك فذهبت، فبعثت إلي بهذا.
فقال: رديه.
قالت: فلم أرده وأعجبني أن يكون في بيتي حتى قال ذلك ثلاث مرات.
قالت: فقال: « رديه يا عائشة، فوالله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة ».
وقال الترمذي في الشمائل: حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى البصري، ثنا عبد الله بن مهدي، ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه قال: سئلت عائشة ما كان فراش رسول الله في بيتك؟
قالت: من أدم حشوه ليف.
وسئلت حفصة: ما كان فراش رسول الله قالت: مسحا نثنيه ثنيتين فينام عليه، فلما كان ذات ليلة قلت: لو ثنيته بأربع ثنيات كان أوطأ له فثنيناه له بأربع ثنيات، فلما أصبح قال: « ما فرشتم لي الليلة؟ »
قالت: قلنا: هو فراشك إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات قلنا هو أوطأ لك.
قال: « ردوه لحالته الأولى، فإنه منعتني وطأته صلاتي الليلة ».
وقال الطبراني: حدثنا محمد بن أبان الأصبهاني، حدثنا محمد بن عبادة الواسطي، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري، حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة، عن حكيم بن حزام قال: خرجت إلى اليمن، فابتعت حلة ذي يزن فأهديتها إلى النبي فردها، فبعتها فاشتراها فلبسها، ثم خرج على أصحابه وهي عليه، فما رأيت شيئا أحسن منه فيها، فما ملكت نفسي أن قلت:
ما ينظر الحكام بالفضل بعدما * بدا واضح من غرة وحجول
إذا قايسوه الجد أربى عليهم * بمستفرع ماض الذباب سجيل
فسمعها النبي فالتفت إلي يتبسم، ثم دخل فكساها أسامة بن زيد.
وقال الإمام أحمد: حدثني حسين بن علي عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير قال: حدثني ربعي بن خراش عن أم سلمة قالت: دخل علي رسول الله وهو ساهم الوجه قالت: فحسبت ذلك من وجع.
فقلت: يا رسول الله أراك ساهم الوجه أفمن وجع؟
فقال: « لا، ولكن الدنانير السبعة التي أتينا بها أمس أمسينا ولم ننفقها، نسيتها في خضم الفراش » تفرد به أحمد.
وقال الإمام أحمد: ثنا أبو سلمة قال: أنا بكر بن مضر، ثنا موسى بن جبير عن أبي أمامة ابن سهل قال: دخلت أنا وعروة ابن الزبير يوما على عائشة فقالت: لو رأيتما نبي الله ذات يوم في مرض مرضه؟
قالت: وكان له عندي ستة دنانير - قال موسى: أو سبعة - قالت: فأمرني رسول الله - - أن أفرقها.
قالت: فشغلني وجع نبي الله حتى عافاه الله عز وجل.
قالت: ثم سألني عنها فقال: ما فعلت الستة - قال: أو السبعة -؟
قلت: لا والله لقد شغلني عنها وجعك.
قالت: فدعا بها ثم صفها في كفه.
فقال: « ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده » تفرد به أحمد.
وقال قتيبة: ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت، عن أنس قال: كان رسول الله لا يدخر شيئا لغد.
وهذا الحديث في الصحيحين، والمراد أنه كان لا يدخر شيئا لغد مما يسرع إليه الفساد كالأطعمة ونحوها، لما ثبت في الصحيحين عن عمر أنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب، فكان يعزل نفقة أهله سنة، ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله - عز وجل -.
ومما يؤيد ما ذكرناه: ما رواه الإمام أحمد: حدثنا مروان بن معاوية قال: أخبرني هلال بن سويد أبو معلى قال: سمعت أنس بن مالك وهو يقول: أهديت لرسول الله ثلاثة طوائر، فأطعم خادمه طائرا، فلما كان من الغد أتته به.
فقال لها رسول الله : « ألم أنهك أن ترفعي شيئا لغد فإن الله عز وجل يأتي برزق كل غد ».
حديث بلال في ذلك
قال البيهقي: ثنا أبو الحسين ابن بشران، أنا أبو محمد بن جعفر بن نصير، ثنا إبراهيم بن عبد الله البصري، ثنا بكار بن محمد، أنا عبد الله بن عون عن ابن سيرين، عن أبي هريرة أن رسول الله دخل على بلال فوجد عنده صبرا من تمر قال: « ما هذا يا بلال؟ »
قال: تمر أدخره.
قال: « ويحك يا بلال، أو ما تخاف أن تكون له بحار في النار! أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا ».
قال البيهقي بسنده عن أبي داود السجستاني، وأبي حاتم الرازي، كلاهما عن أبي ثوبة الربيع بن نافع، حدثني معاوية بن سلام عن زيد بن سلام، حدثني عبد الله الهوريني قال: لقيت بلالا مؤذن رسول الله بحلب.
فقلت: يا بلال حدثني كيف كانت نفقة رسول الله - -؟
فقال: ما كان له شيء إلا أنا الذي كنت ألي ذلك منه منذ بعثه الله إلى أن توفي، فكان إذا أتاه الإنسان المسلم فرآه عائلا يأمرني، فأنطلق فأستقرض فأشتري البردة والشيء فأكسوه وأطعمه، حتى اعترضني رجل من المشركين فقال: يا بلال إن عندي سعة فلا تستقرض من أحد إلا مني ففعلت، فلما كان ذات يوم توضأت ثم قمت لأؤذن بالصلاة فإذا المشرك في عصابة من التجار، فلما رآني قال: يا حبشي.
قال: قلت: يا لبيه، فتجهمني وقال قولا عظيما أو غليظا.
وقال: أتدري كم بينك وبين الشهر؟
قلت: قريب.
قال: إنما بينك وبينه أربع ليال فآخذك بالذي لي عليك، فإني لم أعطك الذي أعطيتك من كرامتك، ولا من كرامة صاحبك، وإنما أعطيتك لتصير لي عبدا، فأذرك ترعى في الغنم كما كنت قبل ذلك.
قال: فأخذني في نفسي ما يأخذ في أنفس الناس، فانطلقت فناديت بالصلاة حتى إذا صليت العتمة، ورجع رسول الله إلى أهله فاستأذنت عليه، فأذن لي.
فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن المشرك الذي ذكرت لك أني كنت أتدين منه قد قال: كذا وكذا، وليس عندك ما يقضي عني ولا عندي، وهو فاضحي، فأذن لي أن آتي إلى بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا حتى يرزق الله رسوله ما يقضي عني، فخرجت حتى أتيت منزلي فجعلت سيفي وحرابي، ورمحي، ونعلي عند رأسي، فاستقبلت بوجهي الأفق فكلما نمت انتبهت، فإذا رأيت علي ليلا نمت، حتى انشق عمود الصبح الأول فأردت أن أنطلق فإذا إنسان يدعو يا بلال أجب رسول الله ، فانطلقت حتى آتيه فإذا أربع ركائب عليهم أحمالهن، فأتيت رسول الله فاستأذنت.
فقال لي رسول الله: « أبشر فقد جاءك الله بقضاء دينك ».
فحمدت الله.
وقال: « ألم تمر على الركائب المناخات الأربع؟ »
قال: قلت: بلى.
قال: « فإن لك رقابهن وما عليهن - فإذا عليهن كسوة، وطعام، أهداهن له عظيم فدك - فاقبضهن إليك، ثم إقض دينك ».
قال: ففعلت، فحططت عنهن أحمالهن، ثم علفتهن ثم عمدت إلى تأذين صلاة الصبح، حتى إذا صلى رسول الله خرجت إلى البقيع، فجعلت إصبعي في أذني فقلت: من كان يطلب من رسول الله دينا فليحضر، فما زلت أبيع وأقضي وأعرض حتى لم يبق على رسول الله دين في الأرض، حتى فضل عندي أوقيتان، أو أوقية ونصف، ثم انطلقت إلى المسجد وقد ذهب عامة النهار فإذا رسول الله قاعد في المسجد وحده فسلمت عليه.
فقال لي: « ما فعل ما قبلك؟ »
قلت: قد قضى الله كل شيء كان على رسول الله - - فلم يبق شيء.
قال: « فضل شيء؟ »
قلت: نعم ديناران.
قال: « أنظر أن تريحني منهما، فلست بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منهما »
فلم يأتينا أحد، فبات في المسجد حتى أصبح، وظل في المسجد اليوم الثاني، حتى إذا كان في آخر النهار، جاء راكبان فانطلقت بهما فكسوتهما وأطعمتهما، حتى إذا صلى العتمة دعاني.
فقال: « ما فعل الذي قبلك؟ »
قلت: قد أراحك الله منه، فكبر وحمد الله شفقا من أن يدركه الموت وعنده ذلك، ثم اتبعته حتى جاء أزواجه فسلم على امرأة امرأة، حتى أتى مبيته، فهذا الذي سألتني عنه.
وقال الترمذي في الشمائل: حدثنا هارون بن موسى ابن أبي علقمة المديني، حدثني أبي عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب أن رجلا جاء إلى رسول الله فسأله أن يعطيه.
فقال: « ما عندي ما أعطيك ». ولكن ابتع علي شيئا فإذا جاءني شيء قضيته.
فقال عمر: يا رسول الله قد أعطيته فما كلفك الله ما لا تقدر عليه.
فكره النبي قول عمر.
فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا.
فتبسم رسول الله وعرف التبسم في وجهه لقول الأنصاري.
وقال: « بهذا أمرت ».
وفي الحديث: « ألا إنهم ليسألوني ويأبى الله على البخل ».
وقال يوم حنين حين سألوه قسم الغنائم: « والله لو أن عندي عدد هذه العضاه نعما لقسمتها فيكم، ثم لا تجدوني بخيلا، ولا ضانا، ولا كذابا » .
وقال الترمذي: ثنا علي بن حجر، ثنا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ بن عمر قالت: أتيت رسول الله بقناع من رطب، وأجرز عنب، فأعطاني ملء كفيه حليا أو ذهبا.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن مطرف، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي قال: « كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر متى يؤمر ».
قال المسلمون: يا رسول الله فما نقول؟
قال: قولوا: { حسبنا الله ونعم الوكيل } [آل عمران: 173] ، { على الله توكلنا } [الأعراف: 89] .
ورواه الترمذي عن ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، عن مطرف ومن حديث خالد بن طهمان، كلاهما عن عطية، وأبي سعيد العوفي البجلي، وأبو الحسن الكوفي عن أبي سعيد الخدري.
وقال الترمذي: حسن.
قلت: وقد روي من وجه آخر عنه، ومن حديث ابن عباس كما سيأتي في موضعه.
ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام
قال أبو عبد الله بن ماجه: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا عمرو بن محمد، ثنا أسباط بن نصر عن السدي، عن أبي سعد الأزدي - وكان قارئ الأزد - عن أبي الكنود، عن خباب في قوله تعالى: { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه } إلى قوله: { فتكون من الظالمين }. [الأنعام: 52] .
قال: جاء الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري، فوجدوا رسول الله مع صهيب، وبلال، وعمار، وخباب، قاعدا في ناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول رسول الله حقروهم فأتوا، فخلوا به.
فقالوا: نريد أن يجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنك، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت.
قال: « نعم ».
قالوا: فاكتب لنا عليك كتابا.
قال: فدعا بصحيفة ودعا عليا ليكتب، ونحن قعود في ناحية، فنزل جبريل عليه السلام فقال: { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين }. [الأنعام: 52] .
ثم ذكر الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن فقال: { وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا: أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين. [الأنعام: 53] .
ثم قال: { وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة }. [الأنعام: 54] .
قال: فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته، فكان رسول الله يجلس معنا فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله عز وجل: { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم } ولا تجالس الأشراف، ولا تطع من أغفلنا قبله عن ذكرنا - يعني: عيينة والأقرع - { واتبع هواه وكان أمره فرطا } قال: هلاكا [الكهف: 28] .
قال: أمر عيينة والأقرع، ثم ضرب لهم مثل الرجلين، ومثل الحياة الدنيا.
قال خباب: فكنا نقعد مع رسول الله فإذا بلغنا الساعة التي يقوم قمنا، وتركناه حتى يقوم.
ثم قال ابن ماجه: حدثنا يحيى بن حكيم، ثنا أبو داود، ثنا قيس بن الربيع عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد قال: نزلت هذه الآية فينا ستة: في، وفي ابن مسعود، وصهيب، وعمار، والمقداد، وبلال.
قال: قالت قريش: يا رسول الله إنا لا نرضى أن نكون أتباعا لهم، فاطردهم عنك.
قال: فدخل قلب رسول الله من ذلك ما شاء الله أن يدخل، فأنزل الله عز وجل: { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه } [الآية:65]
وقال الحافظ البيهقي: أنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، أنا أبو سعيد ابن الأعرابي، ثنا أبو الحسن خلف بن محمد الواسطي الدوسي، ثنا يزيد بن هارون، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا المعلى بن زياد - يعني: عن العلاء بن بشير المازني -، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في عصابة من المهاجرين جالسا معهم، وإن بعضهم ليستتر ببعض من العري، وقارئ لنا يقرأ علينا، فكنا نستمع إلى كتاب الله.
فقال رسول الله: « الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر معهم نفسي ».
قال: ثم جلس رسول الله وسطنا ليعدل نفسه فينا، ثم قال بيده هكذا فاستدارت الحلقة وبرزت وجوههم، قال: فما عرف رسول الله أحدا منهم غيري.
فقال رسول الله: « أبشروا معاشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، وذلك خمسمائة عام ».
وقد روى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي من حديث حماد بن سلمة: عن حميد، عن أنس قال: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله .
قال: وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك.
فصل عبادته عليه السلام واجتهاده في ذلك
قالت عائشة: كان رسول الله يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وكان لا تشاء تراه من الليل قائما إلا رأيته، ولا تشاء أن تراه نائما إلا رأيته.
قالت: وما زاد على رسول الله في رمضان، وفي غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يوتر بثلاث.
قالت: وكان رسول الله يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها.
قالت: ولقد كان يقوم حتى أرثي له من شدة قيامه.
وذكر ابن مسعود أنه صلى معه ليلة فقرأ في الركعة الأولى بالبقرة، والنساء، وآل عمران، ثم ركع قريبا من ذلك، ورفع نحوه، وسجد نحوه.
وعن أبي ذر أن رسول الله قام ليلة حتى أصبح، يقرأ هذه الآية: « إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم » رواه أحمد.
وكل هذا في الصحيحين، وغيرهما من الصحاح، وموضع بسط هذه الأشياء في كتاب الأحكام الكبير.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة عن زياد بن علاقة، عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله قام حتى تفطرت قدماه.
فقيل له: أليس قد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: « أفلا أكون عبدا شكورا ».
وتقدم في حديث سلام بن سليمان عن ثابت، عن أنس بن مالك أن رسول الله قال: « حبب إلي الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة ».
رواه أحمد والنسائي.
وقال الإمام أحمد: ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، أخبرني علي بن زيد عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس أن جبريل قال لرسول الله : قد حبب إليك الصلاة فخذ منها ما شئت.
وثبت في الصحيحين عن أبي الدرداء قال: خرجنا مع رسول الله في شهر رمضان في حر شديد، وما فينا صائم إلا رسول الله وعبد الله بن رواحة.
وفي الصحيحين من حديث منصور عن إبراهيم، عن علقمة قال: سألت عائشة هل كان رسول الله يخص شيئا من الأيام؟
قالت: لا، كان عمله ديمة وأيكم يستطيع ما كان رسول الله - - يستطيع.
وثبت في الصحيحين من حديث أنس، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وعائشة أن رسول الله كان يواصل، ونهى أصحابه عن الوصال وقال: « إني لست كأحدكم، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ».
والصحيح أن هذا الإطعام والسقيا معنويان، كما ورد في الحديث الذي رواه ابن عاصم عنه أن رسول الله - - قال: « لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب فإن الله يطعمهم ويسقيهم ».
وما أحسن ما قال بعضهم:
لها أحاديث من ذكراك يشغلها * عن الشراب ويلهيها عن الزاد
وقال النضر بن شميل عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : « إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة ».
وروى البخاري عن الفريابي، عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله قال: قال رسول الله : « إقرأ علي ».
فقلت: أقرأ عليك، وعليك أنزل؟.
فقال: « إني أحب أن أسمعه من غيري ».
قال: فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت: { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }. [النساء: 41] .
قال: « حسبك ».
فالتفت فإذا عيناه تذرفان.
وثبت في الصحيح أنه عليه السلام كان يجد التمرة على فراشه فيقول: « لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، ثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله وجد تحت جنبه تمرة من الليل فأكلها، فلم ينم تلك الليلة.
فقال بعض نسائه: يا رسول الله أرقت الليلة؟
قال: « إني وجدت تحت جنبي تمرة فأكلتها، وكان عندنا تمر من تمر الصدقة فخشيت أن تكون منه »
تفرد به أحمد، وأسامة بن زيد - هو الليثي من رجال مسلم - والذي نعتقد أن هذه التمرة لم تكن من تمر الصدقة لعصمته عليه السلام، ولكن من كمال ورعه عليه السلام أرق تلك الليلة.
وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: « والله إني لأتقاكم لله، وأعلمكم بما أتقي ».
وفي الحديث الآخر أنه قال: « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ».
وقال حماد بن سلمة عن ثابت، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه قال: أتيت رسول الله وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل.
وفي رواية: وفي صدره أزيز كأزيز الرحا من البكاء.
وروى البيهقي من طريق أبي كريب محمد بن العلاء الهمداني: ثنا معاوية بن هشام عن شيبان، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله أراك شبت؟
فقال: « شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ».
وفي رواية له عن أبي كريب، عن معاوية، عن هشام، عن شيبان، عن فراس، عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله أسرع إليك الشيب.
فقال: « شيبتني هود، وأخواتها: الواقعة، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
باب زهد سيدنا محمد عليه السلام وإعراضه عن هذه الدار / الجزء السادس / (البداية والنهاية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» باب تكثير سيدنا محمد عليه السلام الأطعمة / الجزء السادس / (البداية والنهاية)
» فصل دلائل نبوة سيدنا محمد عليه السلام من خلال سيرته وأخلاقه / الجزء السادس / (البداية والنهاية)
» قصة جابر ودين أبيه وتكثير سيدنا محمد عليه السلام التمر / الجزء السادس / (البداية والنهاية)
» فصل في شجاعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم / الجزء السادس / (البداية والنهاية)
» ذكر إخبار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن الفتن الواقعة / الجزء السادس / (البداية والنهاية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: