المرحلة الرابعة(1948م- 1960م)

الكارثة او المأساة او النكبة
الحياة السياسية
كانت هذه المرحلة مرحلة الكارثة التي وقعت في فلسطين، ولم تكن أبناء فلسطين فحسب بل كارثة العروبة والعرب والإسلام والمسلمين.وكارثة الإنسانية في القرن العشرين.
ففي 29نوفمبر سنة 1947 أقرت هيئة الأمم المتحدة مشروع تقسيم فلسطين،وثار عليه أبناء فلسطين ،وصمموا على محوه بدمائهم ،واشتبكوا في معارك طاحنة مع اليهود حتى دخلت الجيوش العربية فلسطين في 15 مايو سنة 1948 ، وانتهت حرب فلسطين بالكارثة التي لم يعرف التاريخ مثيلا إذ اغتصبت العاصبات الصهيونية فلسطين ،وشردت أبناءها عن أرضهم وديارهم ،وأقامت دولة إسرائيل .وحين أرغم أبناء فلسطين على مغادرة بلادهم واللجوء الى مكان أمين ،ولم يجدوا أمامهم المكان الأمين الا في القسم الباقي من فلسطين بأيدي العرب ،ويشتمل أولا على قطاع غزة الذي أشرفت عليه الحكومة المصرية ،وثانيا الضفة الغربية لنهر الأردن التي أشرفت عليه الحكومة الأردنية وإلا في الأقطار الشقيقة المجاورة .وقد لجا الى قطاع غزة مائتان وعشرة ألاف لاجئ ،

وللضفة الغربية لنهر الأردن والضفة البعناقيدها،ئة ألف لاجئ أو ما يقرب من نصف مليون لاجئ ، والى لبنان مائة وعشرة آلاف ،والى العرق مثلهم ،وسجل معظم هؤلاء اللاجئين لدى وكالة الإغاثة التي انشائتها الأمم المتحدة بعد المأساة ،وظل من عرب فلسطين في الأرض المحتلة تحت الحكم الصهيوني مائة وثمانون ألفا .وخلف اللاجئون وراءهم مدنا كاملة، و700 فرية وتركوا بيوتهم زاخرة بالغداء والكساء والأثاث والرياش، ومتاجرهم مزدحمة بالسلع والمواد التجارية.وحقولهم بسنابلها قبل الحصاد وكرومهم بعناقيدها، وبساتين برتقالهم بأشجار المثقلات بالثمار، خلفوا وراءهم ثر وات بلغت قيمتها ألفي مليون من الجنيهات الإسترلينية.
وقد تلافت حكومة غزة حكومة فلسطينية في 23سبتمبر سنة 1948 سميت حكومة عموم فلسطين ،ودعي مجلس وطني مكون من150 عضوا يمثلون مناطق فلسطين ، وانعقد المجلس وأذاع في أول أكتوبر سنة 1948 قرارا تاريخيا اعن فيه استقلال فلسطين بحدودها التي عرفت ايام الانتداب استقلالا تاما ،وإقامة دولة حرة ديمقراطية ذات سيادة وابلغ رئيس الحكومة نبا تأليفها الى الحكومات العربية والأجنبية ،والأمين العم للجامعة العربية .
ولم تكد حكومة الأردن تعلم نبا قيام هذه الحكومة حتى ثارت على قيامها ،وعقد مؤتمران أعلن بعد ثانيهما وحدة الأراضي الفلسطينية والأردنية ،وقرر المؤتمر مبايعة الملك عبد الله، وقرر المؤتمر مبايعة الملك عبد الله ملكاً على فلسطين، وفي 24 أبريل سنة 1950م قرر الملك توحيد الضفتين الشرقية ( الأردن ) و الغربية (الجزء الباقي من فلسطين بأيدي العرب ما عدا قطاع غزة و تمثيلها على قدم و المساواة في مجلس الأمة الأردني. و في 27 أبريل 1950 أعلنت بريطانيا اعترافها بضم الضفة الغربية للأردن.
و قد كابد اللاجئون من أبناء فلسطين أهوالاً ينوء بها البشر، فعاشوا في أول الأمر عقب الكارثة مباشرة في خيام مهلهلة لا تقي حراً ولا قراً، و حين كان يسقط المطر، وينحدر السيل يجرف معه الخيام بما فيها و من فيها، وحين تزمجر الريح وتثور العواصف تمزق هذه الخيام، ولكي تتماسك وتقاوم لجأت هيئة الأمم إلى طلائها بالقار، و أصبحت الخيمة السوداء رمزاً للاجئ، وحين تراخى الزمن بدلتهم بالخيام أكواخاً من الطين، وهي بالمغاور و الكهوف أشبه منها بالمنازل، تكدسوا فيها تكدساً مؤلماً، و أخذت تقدم لهم بعض الغذاء الذي لا يكاد يقيم الصلب، وقد صور الشعر الفلسطيني بعد المأساة خيام اللاجئين و بؤسهم و آلامهم المادية و المعنوية أروع التصوير.
و هكذا عاش أبناء فلسطين بعد المأساة، فريق يلقى أشد ضروب العنت و الإرهاق تحت الحكم الصهيوني، وفريق يعيش في مخيمات أقامتها هيئة الأمم في قطاع غزة و الأردن وسوريا و لبنان.
على الرغم مما كابدوا من أهوال، و ما حاق بهم من شقاء و بؤس و حرمان، ثبتوا وواصلوا كفاحهم، وصمموا على الكفاح حتى يعيدوا فلسطين بدمائهم و
أرواحهم يقدمونها رخيصة من أجل هذه الغاية، ووقفت الحكومات العربية الشقيقة من اللاجئين موقفاً كريماً فقدرت ظروفهم، و حاولتن بكل ما تملك أن تخفف عن أعباء العيش، وأهوال الحياة .