ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 بحث وملف كامل عن الوطن العربي

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:21 pm

رؤساء اليمن
نبذة عن الذين حكموا اليمن ..............!!
بعد تاريخ حافل بالانقلابات والتصفيات الدموية: طريقة مغايرة ورئيس مغاير.. هل يفعلها اليمن اليوم؟
الأربعاء , 20 سبتمبر 2006 م
* مرشحان فوق الستين يتنافسان على جائزة ديمقراطية فتية
* القبيلة والايديولوجيا والجيران وأقطاب الحرب الباردة أبرز الفاعلين في تقرير مصائر رؤساء اليمن
* 10 رؤساء حكموا اليمن: 4 منفيون، 5 قتلى، 1 قضى بعد 12 سنة في السجن
- بشيـــــر السيـــــد
بات من الواضح أن الانتخابات الرئاسية التي تشهدها البلاد اليوم سوف تشكل علامة فارقة في الحياة السياسية اليمنية بعد أن احدثت رجة قوية مباشرة وبعيدة الاثر والمدى في جدار الوعي الشعبي الجمعي تجاه الكرسي الرئاسي، ومنصب رئيس الجمهورية وشخصه الذي طالما احيط بأسيجة وهالات القداسة المنيعة ولم يسبق له ان تنزل إلى مستوى الملامسة والتداول أو التعاطي معه بأفق مفتوح على امكانية صياغته وصناعته من قبل الناس وبأصواتهم في صناديق الاقتراع من يوم انتقال اليمن إلى عتبة تاريخها السياسي الحديث وانخراطها في الزمن الجمهوري بعد ثورة سبتمبر 1962 في شمال البلاد، وثورة اكتوبر ثم احراز الاستقلال في جنوب البلاد عام 1967، وما تلا ذلك من تعاقب لرؤساء جمهوريات صعدوا إلى كرسي الرئاسة على صهوات الدبابات وبالمؤامرات والانقلابات التي يبدو أن صفحتها سوف تنطوي، وكذلك تداعياتها التي نزعم أنها سوف تنكمش اذا ما قُيِّض لحدث اليوم أن يؤشر لدخول اليمن في زمن تاريخي جديد.
ولما كانت الزحزحة، بل والخلخلة التي شهدتها البلاد خلال الأيام السابقة، واضحة للعيان وشديدة الفاعلية في مستوى تأثيرها على وعي نخب السياسة وفي الوسط الاجتماعي برمته، فقد غدا من المبرر والمفيد أن نقوم بعرض لمحي لمحطات كرسي الرئاسة التي طالما ترنحت وتأرجحت وراحت في مرمى التنازع والتقاتل إلى أن حان أوان الانتقال إلى محطة التداول والتبادل وإعادة صياغة وضع هذا الكرسي بعهدة الرشد السياسي الذي لن نغالي إن قلنا ببلوغ مطلعه أو مستهله بدءاً من هذا الصباح.
قحطان محمد الشعبي
اول رئيس لجنوب اليمن بعد الاستقلال (1967 - 1969):
- من مواليد 1920 في محافظة لحج. حصل على الشهادة العليا من السودان، وعمل في وزارة الزراعة واصبح مديراً لإدارة الأراضي في 1955.
- كان من القادة المؤسسين لرابطة أبناء الجنوب التي انشق عنها فيما بعد، والأمين العام للجبهة القومية، التي تسلمت السلطة بعد الاستقلال.
- عمل مستشاراً لشؤون الجنوب اليمني لدى اول رئيس للجمهورية في الشمال المشير عبدالله السلال في (1962-1963).
- في 30 نوفمبر 1967 أعلنت الجبهة القومية تأسيس جمهورية اليمن الجنوبي، ونصبت قحطان الشعبي رئيساً للجمهورية لمدة سنتين.
- كان الشعبي يستند في قوته على رصيد علاقاته الوطنية وميله إلى الاعتدال في مواجهة تيار يساري جذري يسيطر على مفاصل الجبهة.
- مثل ضماناً لاستمرارية حركة السوق العدني والمؤسسات الاقتصادية التي نمت واشتهرت في فترة الاستعمار، فيماالتيار اليساري كان يعلن عن رغبته في ضرب هذه المؤسسات التي مثل وجودها تناقضاً مع تصوراتهم الايديولوجية.
- حاول تطبيق النموذج الناصري في ادارة شؤون الدولة وترتب عليه تهميش الماركسيين، حيث كان الشعبي على الدوام مناهضاً للشيوعية.
- حاول خصومه الاطاحة به أكثر من مرة، كان آخرها عام 1969م، عندما دعا اليساريون في الجبهة إلى عقد اجتماع طارئ للقيادة العليا والتي حضرها الشعبي وتفاجأ في الاجتماع بفصله من الجبهة بموافقة حلفائه الأقوياء كوزير الدفاع.
- أعلنت القيادة العليا للجبهة في اليوم التالي للاجتماع انها اعتقلت قحطان الشعبي.
وبقي قيد الاقامة الجبرية إلى أن توفي في منزله عام 1981.
سالم ربيع علي (سالمين)
ثاني رئيس لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (1969 - 1978):
- من مواليد 1935 قرية الدرجاج محافظة أبين، لأب من صيادي الأسماك.
- تلقى تعليمه في عدن، وعمل في التعليم، ومارس مهنة المحاماة.
- كان احد الثوار ضد الاحتلال، واصبح عضوا في القيادة العامة للجبهة القومية.
- بعد الاطاحة بقحطان الشعبي من قبل يسار الجبهة القومية تولى سالمين رئاسة الجمهورية في 22 يونيو 1969، باتفاق قيادة الجبهة القومية على أن يكون الحكم جماعياً.
- كان الطرف الأقوى اجتماعياً بتزعمه الميليشيات والوحدات العسكرية صاحبة الدور الأبرز في مواجهة الاستعمار والإطاحة بنظام قحطان الشعبي.
- قاد انتفاضة شعبية ضد مشائخ وأعيان متحفظين على النظام، وأصبح يتمتع بشعبية كبيرة في صفوف الفقراء والمعدمين، بعد تمليكهم منازل من أراض مؤممة.
- كان يرى أنه لا ضير من تطبيق الاشتراكية في امور السياسة الداخلية مستلهماً النموذج الماوي، وحاول صياغة سياسة خارجية اكثر انفتاحاً وتوازناً، ولكن بالانفراد بالقرار مما أدى إلى اصطدامه مع قيادة التيار التي رأت في خط سالمين خروجاً على مبادئ الاشتراكية العلمية وانحرافاً باتجاه الديكتاتورية.
- عام 1977 بدت ملامح تيارين متصارعين في السلطة، وبدت الاصوات المعارضة لسالمين ترتفع إزاء سياسته الخارجية على هيئة تيار تزعمه عبدالفتاح اسماعيل.
- تعاون سالمين مع الحمدي من أجل قطع خطوات وحدوية أبرزها اتفاق قعطبة مطلع 1977.
- مثل اغتيال الحمدي في 11 أكتوبر 1977 ضربة قوية لسالمين الذي أصر على حضور جنازة الحمدي برغم تحذيرات دولية له.
- اعتُبر مقتل الرئيس احمد الغشمي في 22 يونيو 1978 بصنعاء كحادث مدبَّر من قبل سالمين الذي اشيع أنه أقسم على الانتقام للحمدي، واستغل خصوم سالمين في الجبهة القومية هذه الحادثة للإطاحة به، فتم اعتقاله وتصفيته جسدياً في 24 يونيو.
عبدالفتاح اسماعيل
ثالث رئيس لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (1978 - 1980):
- من مواليد 1939 في مدينة عدن، لأبوين من فلاحي الشمال (الحجرية).
- أتم دراسته الابتدائية والمهنية في مدارس التواهي- عدن، وعمل في شركة النفط البريطانية (مصافي عدن) عام 1957، ثم مدرساً في إحدى مدارس عدن الابتدائية، وتفرغ للعمل السياسي عام 1963.
- انضم إلى حركة القوميين العرب عام 1959 واصبح لاحقاً المسؤول العسكري والسياسي عن نشاطات الجبهة القومية في عدن عام 1964.
- أصبح عضواً في اللجنة التنفيذية للجبهة عام 1965، وعضواً في مجس الرئاسة عام 1969، وتولى عدة مناصب وزارية بعد الاستقلال.
- جاء إلى الرئاسة في 24 يونيو 1978 بعد أن تمكن ورفاقه من الاطاحة بسالمين.
- أمسك بزمام السلطة من خلال توليه أهم المناصب في وقت واحد (رئيس مجلس الشعب الأعلى، وأمين عام الحزب).
- أعلن ولادة الحزب الاشتراكي اليمني في اكتوبر 1978م وتولى الامانة العامة واصبح الحزب محوراً لكل السلطات في البلاد.
- راهن على تكوين وانتشار المؤسسات الحزبية، كأداة لتعميق الوحدة الوطنية وتجاوز القيم التقليدية.
- وقع اتفاقية قضت ان تكون عدن قاعدة لوجستية وحيدة للسوفييت ولمدة عشرين عاماً.
- دعم بقوة جبهات الكفاح المسلح في الشمال، وتوغل جيش الجنوب في بعض المناطق التي حُسم أمرها بوساطات خارجية ادت إلى عقد قمة في الكويت جمعته بالرئيس صالح، واتفق على تحقيق الوحدة.
- عرض عليه رئيس الوزراء (علي ناصر محمد) أن يقدم استقالته بعد اصطدام مؤسس الحزب الاشتراكي بمراكز النفوذ العسكري والمناطقي، مقابل تأمين حياته والخروج بسلام من البلاد.
- قدم استقالته في النصف الأول عام 1980 وخرج من السلطة وسط حفل اقيم لتوديعه ومنح منصب رئيس الحزب الاشتراكي وهو موقع فخري لم تنص عليه اللائحة الداخلية للحزب.
- غادر إلى موسكو في 1980، وعاد عشية احداث 13 يناير 1986م، ونجى من محاولة تصفيته في اجتماع المكتب السياسي الشهير، ويعتقد أنه قتل فور مغادرته لمقر الاجتماع.
علي ناصر محمد
رابع رئيس لجنوب اليمن بعد الاستقلال (1980-1986):
- من مواليد 1939 في منطقة دثينة بأبين.
- تخرج من دار المعلمين العليا 1959 وعين إثر ذلك مديراً لمدرسة دثينة، الابتدائية، ثم انخرط في صفوف العمل السياسي والعسكري.
- عين بعد الاستقلال عام 1967، حاكماً على الجزر اليمنية، وشغل مناصب وزارية عديدة.
- في اغسطس 1971، أصبح رئيساً للوزراء وعضواً في المجلس الرئاسي.
- في اكتوبر 1980 عقدت الجبهة القومية مؤتمراً استثنائياً وقررت تنحية عبدالفتاح اسماعيل، وتعيين علي ناصر محمد رئيساً لمجلس الشعب الأعلى، وأميناً عاماً للحزب ورئيساً للوزراء.
كان اختيار علي ناصر، لهذا المنصب نتيجة لبعده عن صراعات الكتل الداخلية التي توحدت على غير مصادفة ضد عبدالفتاح اسماعيل.
- انفتح على دول الخليج، وعزز علاقته بقيادة الشمال وحقق مكاسب اقتصادية.
- نشب صراع بين علي ناصر ومعارضيه، آخذ أبعاداً مناطقية، وأدى إلى أحداث 13 يناير، فغادر بعدها إلى الشمال. وبعد قيام الوحدة اليمنية سافر إلى دمشق واستقر فيها حتى الآن.
علي سالم البيض
خامس رئيس لليمن الجنوبي (1986-1990):
- من مواليد 1939 في قرية معبد مديرية الريدة بمحافظة حضرموت، والتي تلقى تعليمه في مدارسها.
- انتمى مبكراً إلى حركة القوميين العرب، وتولى قيادة العمل العسكري في المنطقة الشرقية (حضرموت - المهرة) لمواجهة المستعمر.
- أول وزير دفاع بعد استقلال الجنوب.
- تقلد عدة مناصب حكومية في مرحلة ما بعد حركة 22 يونيو 1969. وكان عضواً للمكتب السياسي للجبهة القومية ثم في الحزب الاشتراكي.
- جرده عبدالفتاح اسماعيل من مناصبه الحزبية (1976-1980) لمخالفته للنظام الداخلي.
- عاد إلى العمل السياسي في عهد علي ناصر وتولى وزارة الحكم المحلي.
- تولى مقاليد الحكم بعد احداث 13 يناير 1986.
- تولى أمانة الحزب الاشتراكي اليمني (الموقع الأول في جنوب اليمن).
- وقع في 30 نوفمبر 1989مع رئيس اليمن الشمالي «علي عبدالله صالح» على اتفاقية دستور دولة الوحدة.
- عند إعلان قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990، اصبح نائباً لرئيس مجلس الرئاسة للجمهورية اليمنية. إضافة إلى موقعه كأمين عام للاشتراكي.
- في 1994م اعلن انفصال جنوب اليمن عن دولة الوحدة بعد اندلاع حرب بين قوات الشمال والجنوب.
في 7/7/1994، غادر البيض إلى سلطنة عمان التي منحته اللجوء السياسي، بعد انتصار معسكرات الشمال على الجنوب وسيطرت القوات الموالية لعلي عبدالله صالح على كافة مناطق الجنوب.
المشير عبدالله السلال
أول رئيس لليمن الشمالي بعد قيام الثورة (1962-1967):
- من مواليد 1917 في قرية شعسان مديرية سنحان محافظة صنعاء.
- التحق بمدرسة دار الايتام عام 1929، وسافر إلى العراق عام 1936 ضمن أول بعثة عسكرية، وتخرج منها برتبة ملازم ثان.
- شارك في حركة 1948 وسيق ورفاقه إلى سجن حجة.
- تولى إدارة المدارس والكليات الحربية التي افتتحت عام 1958 التي كان لها الدور الأكبر في إعداد وتدريب الضباط الشباب الذين دبروا فيما بعد ثورة عسكرية ضد نظام الحكم الإمامي.
- قبل قيام الثورة بيوم واحد في 25 سبتمبر 1962، وفي اجتماع لتنظيم الضباط الشباب والتجمع الوطني، تقرر أن يكون المشير عبدالله السلال رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً للجمهورية. تم إبلاغه بذلك وأبدى استعداده واصبح في صبيحة 26 سبتمبر أول رئيس لليمن الشمالي.
- في اكتوبر 1962 اضطر إلى الاستعانة بقوات مصرية للحفاظ على الثورة ودحر الملكيين.
- لم يستطع السلال خلال حكمه استقطاب كافة القوى اليمنية التي أسهمت في قيام الثورة، فقد اعتمد على السند المصري بشكل كبير، وانعكست هذه السياسة في تدخل الجيش المصري في كل صغيرة وكبيرة.
- هذه السياسة أدت إلى تهميش القوى القبلية المشائخية التي لجأت إلى التواصل مع السعودية ما أدى إلى تصدع داخل المعكسر الجمهوري.
- بعد هزيمة حزيران 1967م انسحبت القوات المصرية من اليمن فانكشف الوضع السياسي للسلال، وقويت جبهة مناوئيه.
- في5 نوفمبر 1967، خرج من الحكم عبر انقلاب عسكري تم تدميره أثناء تواجده في العراق في جولة خارجية اعتبرت مرتبة لتجنب وقوع صدام مع الانقلابيين.
- توفي في صنعاء عام 1994 بعد أن أمضى 15 عاماً في القاهرة وكان عاد إلى اليمن عام 1982.
عبدالرحمن الارياني
ثاني رئيس لليمن في الفترة (1967 - 1974):
- من مواليد 1910، في قرية حصن إريان في محافظة إب.
- عرف بأنه زعيم ديني وسياسي.
- شارك في مراحل النضال الوطني ضد الامامة وسجن عدة مرات
- كان عضواً في مجلس قيادة الثورة، ثم وزيراً للعدل.
- تولى رئاسة الجمهورية، وكان حينها في الستين من عمره، في 5 نوفمبر 1967 بإجماع الفئات السياسية والاجتماعية التي اطاحت بالسلال.
- استطاع الارياني بعد أسابيع من ترؤسه أن يتزعم المقاومة الجمهورية.
- جاء الارياني إلى الحكم بإسم حكم الجماعة أو القيادة الجماعية وظل يمثل هذا الوجه لفترة من الزمن، لكنه لم يستطع الاستمرار ولم يتمكن من ايجاد توازن بين مراكز القوى وتعزيز سلطة الدولة في مواجهتها وتحول إلى خصم لكثير من القوى.
- خسر تأييد مشائخ القبائل وخاصه الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر الذي رأى أن الارياني خرج على مبادئ حركة 5 نوفمبر.
- قدم استقالته في 13 يناير 1974 إلى العقيد ابراهيم الحمدي الذي كان حينها نائب القائد العام للقوات المسلحة.
قام الحمدي بتوديعه في مطار تعز حيث توجه إلى دمشق التي استقر فيها إلى أن توفي في 14 مارس 1998.
ابراهيم الحمدي
ثالث رئيس لليمن الشمالي (1974 - 1977):
- من مواليد (1942) في مديرية ماوية محافظة تعز، حيث كان والده القاضي محمد يتولى الشرع فيها، وهو ينتمي إلى مدينة ثلا.
- تلقى تعليمه في المدرسة التحضيرية بصنعاء، والتحق بكلية الطيران عام 1959.
- ساهم في الدفاع عن الثورة.
- تولى منصب وكيل وزارة الداخلية عام 1967، وتنقل في المناصب العسكرية حتى عين نائب القائد العام للقوات المسلحة في 1972 ونائباً لرئيس الوزراء للشؤون الداخلية.
- ساهم في تأسيس الاتحاد العام للتعاون الاهلي للتطوير. وكان المشروع الذي قدمه باسم القوات المسلحة للتصحيح المالي والاداري 1972، مؤشراً على بروزه كفاعل رئيسي داخل النظام.
- عقب تسلمه استقالة القاضي الارياني والشيخ عبدالله الاحمر، 13 يناير 1974 ترأس مجلس قيادة تشكل من ضباط الجيش لحكم البلاد من ضباط الجيش.
- اعطى اولوية لبناء الدولة المركزية ونحا باتجاه التصالح مع الجنوب والدفع في اتجاه الوحدة اليمنية.
- اهتم بالحركة التعاونية وتعزيز استقلاليتها، وشكل لجاناً للتصحيح المالي والإداري، وشرع في حركة تحديث واسعة للإدارة العامة.
- اصطدمت توجهات الحمدي بمراكز القوى القبلية والتقليدية التي استطاع تقليص نفوذها، عبر ضرب أدواتها داخل الجيش والدولة، من خلال إدارته علاقة ايجابية مع الرياض.
- فقد الحمدي ثقة الرياض صاحبة النفوذ القوي في شمال اليمن، وتشكل ضده حلف واسع برعاية سعودية.
- في اكتوبر 1977، اغتيل ابراهيم الحمدي وشقيقه في ظروف غامضة اثناء تلبيته لدعوة غداء في منزل الغشمي رئيس هيئة أركان الجيش، وذلك عشية سفره إلى الجنوب لتوقيع اتفاقية بشأن الوحدة اليمنية، وشكلت لجنة تحقيق رسمية، لم تنه مهمتها.
احمد حسين الغشمي
رابع رئيس للجمهورية العربية اليمنية (1977 - 1978):
- من مواليد 1941 في ضلاع همدان إحدى ضواحي صنعاء.
- التحق بالقوات المسلحة بعد قيام ثورة سبتمبر، وتولى عدة مهام عسكرية.
- اسهم بدور رئيس في حركة 13يونيو 1974 التصحيحية.
- بدأت رئاسة الغشمي ثاني يوم اغتيال الحمدي في 11/10/1977م. وفي بداية حكمه حافظ على المعالم الرئيسة لعهد الحمدي.
- في فبراير 1978م أصدر إعلاناً دستورياً بتشكيل «مجلس الشعب التأسيسي» كبديل عن انتخابات مجلس الشورى، وقام بتعيين اعضائه.
وبسبب ذلك اصطدم مع مشائخ اليمن وتحديداً عبدالله بن حسين الاحمر الذي رأى في الغشمي خروجاً على الاتفاق الذي التزم به الحمدي وكذا الغشمي في بداية عهده باجراء انتخابات لمجلس شورى جديد.
- اتسعت شريحة القوى المعارضة لنظام الغشمي والتي كانت قد بدأت بغضب شعبي اثناء تشييع جثمان الحمدي الذي اتهم الغشمي باغتياله.
- في هذا المناخ عاودت الجبهة الوطنية (تحالف يساري مدعوم من الجنوب) نشاطها المسلح في المناطق الوسطى بغرض إسقاط نظام الغشمي.
- تعرض نظام الغشمي لكل انواع المعارضة المسلحة وغير المسلحة.
- في 22 يونيو 1978 اغتيل الغشمي في مكتبه بواسطة عبوة متفجرة كانت موضوعة في حقيبة مبعوث شخصي من «سالمين» رئيس الجنوب.
- مساء 24 يونيو صدر بيان في صنعاء حمل سالمين مسؤولية قتل الغشمي.
علي عبدالله صالح
خامس رئيس للجمهورية العربية اليمنية، وأول رئيس لدولة الوحدة:
- من مواليد 21مارس 1942، في قرية بيت الأحمر، منطقة سنحان، محافظة صنعاء.
- في طفولته عمل في رعي الأغنام، ثم عاملاً لدى أحد مشائخ المنطقة.
- تلقى تعليمه الأولي في «معلامة» القرية، وفي عام 1958 إلتحق بالجيش وهو في السادسة عشرة من عمره.
- التحق بمدرسة صف ضباط القوات المسلحة في 1960 ثم بمدرسة المدرعات عام 1964.
- اصبح قائد لواء تعز، وقائد معسكر خالد ابن الوليد عام 1975م.
- تولى منصب رئيس الجمهورية بعد اغتيال الغشمي، حيث قام مجلس الشعب التأسيسي في 17 يوليو 1978 بانتخابه رئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للقوات المسلحة، بعد ترقيته من رتبة رائد إلى مقدم.
- تعرض لمحاولة انقلاب في اكتوبر 1978م من التنظيم الناصري، فتم اعتقال الكوادر الناصرية وإعدام أبرزهم.
- وقع على اتفاقية الوحدة اليمنية مع عبدالفتاح اسماعيل بعد مواجهات عسكرية بين جيشي صنعاء وعدن في 1979.
- ظل رئيساً للجمهورية العربية اليمنية حتى 22 مايو 1990: يوم اعلان الوحدة اليمنية.
- بعد الوحدة صار أول رئيس للجمهورية اليمنية. وأعيد انتخابه عام 1999 في أول انتخابات رئاسية مباشرة في تاريخ اليمن، لكنه لم يواجه مرشحاً جدياً حينها إذ نافسه صورياً أحد أعضاء حزبه








رؤساء اليمن الشمالي
1
عبد الله السلال 1962 1967 1917 1994 رئيس المجلس القيادي الثوري
2
عبد الرحمن الإرياني 1967 1974 1908 1998 رئيس المجلس الجمهوري
3
إبراهيم محمد الحمدي 1974 1977 1943 1977 رئيس المجلس القيادي
4
أحمد حسين الغشمي 1977 1978 1941 1978 رئيس المجلس الرئاسي
5
عبد الكريم عبد الله العراشي 1978 1978
6
علي عبد الله صالح 1978 1990 1942
-----------------
الرئيس (اليمن الموحد)
1
علي عبد الله صالح 1990 1942
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:22 pm

عدد سكان ومساحة اليمن
تتميز اليمن بتنوع مظاهر السطح ويمكن تقسيمها من حيث التكوينات الطبيعية إلى الأقاليم الجغرافية الآتية:-
1. أقليم المرتفعات الجبلية: تكون هذا الإقليم نتيجة للحركات التكتونية التي رفعت الجبال وكونت الهضاب وتشكلت الأحواض الواقعة داخل هذا الإقليم مثل حوض صنعاء وعمران وصعده وقاع يريم وقاع جهران وذمار . ويمتد هذا الإقليم الجبلي من شمال اليمن إلى جنوبه مكوناً أعلى المرتفعات الجبلية في شبه الجزيرة العربية لتصل أعلى قمة في هذه السلسلة الجبلية إلى 3666 متر عن مستوى سطح البحر . وتنحدر من هذا الإقليم العديد من الأودية نحو الشرق والغرب والجنوب ، ومن أهم الأودية – وادي مور- وادي حرض – رسيان – زبيد – تبن – بناء – وادي حضرموت – وادي خب – وادي السد وأذنة – رمح – ووادي شعيث .
2. أقليم الهضاب: يمتد هذا الإقليم موازياً لإقليم المرتفعات الجبلية من جهة الشرق والشمال ، وينحدر تدريجياً نحو الشرق والشمال باتجاه الربع الخالي . وتشكل الصخور الصحراوية معظم سطحه، وتمر فيه بعض الأدوية نذكر منها وادي حريب ووادي حضرموت.
3. أقليم السهل الساحلـي: : الذي يمتد على طول السواحل اليمنية بطول يزيد عن 2200 كم ، شاملاً سهل تهامة – سهل تبن – سهل ميفعة – السهل الساحلي الشرقي (المهرة) وتخترق أقليم السهل الساحلي العديد من الأودية التي تجري فيها السيول الناتجة من سقوط الأمطار.
4. أقليم الصحراء: إقليم رملي يتراوح ارتفاع سطحه من 500 إلى 1000 متر ، ماعدا المناطق التي تجري فيها السيول عقب سقوط الأمطار والتي تصلها من الوديان المنحدرة من المرتفعات الجبلية المتاخمة
5. الجزر اليمنية : توجد في اليمن الكثير من الجزر حيث يستحوذ البحر الأحمر على معظمها نذكر منها جزيرة كمران - جزر أرخبيل حنيش جزيرة ميون - زقر - بكلان أما أهم الجزر اليمنية الواقعة على البحر العربي فهي جزيرة سقطرى وسمحه و درسه وجزيرة عبد الكوري .ونتيجة لامتداد هذه الجزر على المياه الإقليمية اليمنية،من البحر الأحمر و البحر العربي فان لكل جزيرة مايميزها من حيث الطقس والتضاريس والتكوين الطبيعي و حتى البيئة .
الأعلى
الموقع والمساحة
اليمن بلد عربي إسلامي يقع في جنوب شبه الجزيرة العربية في الجنوب الغربي لقارة آسيا ،أي في قلب العروض المدارية، إذ أنه يمتد ما بين خطي عرض 12 و 20 درجة شمال الدائرة الاستوائية . لذا فإنه يتأثر بوضوح بالظواهر المناخية المدارية والاستوائية ، ويقع بين خطي طول (41 و 45) درجة شرقاً (أنظر الخارطة)، وتبلغ مساحة اليمن 555,000 كم2 باستثناء الربع الخالي. ويحدها من الشمال المملكة العربية السعودية ومن الشرق سلطنة عُمان ومن الجنوب البحر العربي والمحيط الهندي ومن الغرب البحر الأحمر . وتطل اليمن مباشرةً على هذه البحار وعلى مضيق باب المندب أحد أهم الممرات البحرية في العالم ، لربطه بالمحيط الهندي مع البحر الأحمر والبحر المتوسط.
الأعلى
السكان
بلغ عدد سكان اليمن عام 2004 ميلادية 19,721,643مليون نسمه. بمعدل نمو سنوي يصل إلى 3.02% نسبة الذكور من إجمالي السكان 50.78% والإناث 49.22% يمثل السكان الذين أعمارهم من 0 – 14 سنه نسبة 46.8 % ونسبة 50.4 % للأعمار من 15 – 64 سنه . بينما اللذين أعمارهم ما فوق 65 سنه يمثلون 2.8 % من أجمالي سكان اليمن .
الأعلى
التسمية
أُطلقت أسماء عديدة على المنطقة الواقعة جنوب شبه الجزيرة العربية وتعدد أسم اليمن في الكتب التاريخية . فهي عند قدماء الجغرافيين (العربية السعيدة) وقديماً (ملكة الجنوب) ويذكر أنها سميت بأسم (أيمن بن يعرب بن قحطان) . وفي الموروث العربي وعند أهل اليمن ، يقال أنها اشتقت من (اليُمن) وآخرون سموها يُمنا لوقوعها على يمين الكعبة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:23 pm

تاريخ تونس
الفترة الماسيلية النوميدية
؟ - 46 ق.م. الليبيون أو اللوبيون هم سكان تونس منذ القدم على غرار باقي بلدان شمال أفريقيا، وهم امتداد للحضارة القبصية ، وهؤلاء اللوبيون هم أسلاف الشعوب الأمازيغية التي يتعبر التونسيون أحد تلك الشعوب، وعندما وصل البحارة الفينيقيون إلى سواحل تونس كان السكان اللوبيون قد انتظموا في حياة اجتماعية بأعرافها ونظمها وارتفت الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وظهرت أول مملكة في التاريخ على التراب التونسي وهي المملكة الماسيلية (Le Royaume Massyle) نفتقر إلى معلومات بسبب ضياع المصادر الأدبية القديمة بعد حرق مكتبة قرطاج خلال احتلال روما لها 146 ق.م. ولكن بعض الإشارات في هيرودوت وغيره من القدامى تشير إلى وجود مملكة ماسيلية من ملوكها يارباس (Hiarbas)الذي منح امتياز قاعدة تجارية (مدينة قرطاج) للسيدة إليسا الهاربة من بلدها على ما تذكر الأسطورة وجاء ذكر ملك آخر هو ايلماس Aylemas وهذان الملكان من المرجح أنهما ضمن سلسلة ملوك الماسيل (Massyles) الذين ينحدر منهم ماسينيسا. كانت مدينة توقة (Thugga) دوقة الحالية إحدى عواصم المملكة الماسيلية.
تحولت القاعدة التجارية قرت حدشت (القرية الحديثة باللغة البونية) إلى مدينة عظيمة وصار لها إقليم يضم شمال شرق تونس الحالية وسوف تستمر قرطاج ومملكة الماسيل متعاصرتان على الأرض التونسية حتى سقطت الأولى في ايدي الرومان واستمرت الثانية قرنا كاملا بعدا لتسقط هي الأخرى وتنشأ من إقليم قرطاج وافيلم الماسيل مقاطعة أفريقيا البروقنصلية.
§الفترة القرطاجية
(814 ق.م. - 146ق.م.)
أقام السكان الموجودون بالبلاد التونسية علاقات تجارية مع الفينيقيين منذ القرن 11 ق.م. حيث قام هؤلاء بإنشاء مرافئ لتبادل البضائع تعتمد في أغلب الأحيان على المقايضة. وتعتبر أوتيكا من أوائل هذه الموانئ وكان تأسيس قرطاج كقاعدة عسكرية لحماية الموانئ التجارية على الساحل الغربي للبحر الأبيض المتوسط. وعلى إثر الإضرابات التي نشبت في فينيقيا قامت مجموعة من التجّار بالفرار إلى ----قرطاج والاستقرار فيها ولكن الروايات التاريخية عن تأسيس المدينة أقرب إلى الأسطورة من الحقيقة أحيانا.
بمرور الزمن ضعفت الإمبراطورية التجارية الفينيقية وورثت قرطاج أمجادها ومستعمراتها وقامت بتوسيع رقعتها لتشمل جزءا كبيرا من سواحل البحر الأبيض المتوسط، ونظرا لموقعها الإستراتيجي والمُطل على حوضي المتوسط، استطاعت بسط نفوذها والسيطرة على حركة التجارة بشكل لم يكون لينال رضاء القوة العظمى آن ذلك. حيث شكل التوسع القرطاجي خطرا على مصالح ونفوذ الإغريقيين مما أدى إلى اشتباكات عسكرية بين الدولتين.


الامبراطورية القرطاجية في 264 ق.م
وفي سنة 753 ق.م. برز كيان جديد في شبه الجزيرة الإيطالية تحت اسم روما ودخلت روما حلبة الصراع منافسة قرطاج، الشيء الذي أدى إلى نشوب سلسلة من الحروب (سنة 264 ق.م) اشتهرت باسم الحروب البونية ولعل أشهرها حملة حنبعل(الحرب البونية الثانية) الذي قام بعبور سلستي البيريني والألب بفيلته (218 ق.م. – 202 ق.م.). انتهت هذه الحروب البونية بهزيمة القرطاجيين واضعافهم بشكل كبير خاصة بعد حرب زاما المفصلية مما مهد الطريق لحرب ثالثة وحاسمة انتهت بزوال قرطاج وخراب المدينة وقيام الرومانيون بإنشاء "أفريقية" أول مقاطعة رومانية بشمال إفريقيا وذلك سنة 146 ق.م.
§الفترة الرومانية
(146 ق.م – 431 م)
سنة 44 ق.م قرر الامبراطور الروماني جول سيزار اعادة بناء مدينة قرطاج بعد أن كانت أوتيكا العاصمة ولكن أعمال البناء لم تبدأ رسميا إلا مع خلفه أوغيست وبذلك بدأت فترة ازدهار في المنطقة حيث أصبحت أفريقية مخزن حبوب روما.
ازدهرت مدن رومانية أخرى بالتزامن مع أرض قرطاج ومازلت الآثار شاهدة على بعض منها مثل دقة بولاية باجة والجم بولاية المهدية.
أدى نمو قرطاج السريع إلى تبوئها مكانة ثاني مدينة في الغرب بعد روما إذ ناهز عدد سكانها 100000 نسمة. وبدأ انتشار المسيحية في تلك الفترة والذي لاقى في البداية معارضة كبيرة من السكان ولم يحسم الأمر للدين الجديد إلا مع القرن الخامس وأصبحت قرطاج إحدى العواصم الروحية الهامة للغرب آنذاك.
§الفترة الوندالية
(431 – 533)
عبر الوندال مضيق جبل طارق في 429 م وسيطروا سريعا على مدينة قرطاج حيث اتخذوها عاصمة لهم. وكانوا أتباع الفرقة الأريانية والتي اعتبرتها الكنيسة الكاثوليكية آنذاك فرقة من الهراطقة (هم الزنادقة في الإسلام) كما اعتبرهم السكان برابرة وأدى ذلك إلى حملة قمع سياسي وديني واسعة ضد المعارضين.
بدأت مناوشات بين الوندال والممالك البربرية المتاخمة للدولة وكانت انهزام الوندال سنة 530 م الحدث الذي شجع بيزنطة على القدوم لطرد الوندال.
§الفترة البيزنطية[عدل]
سيطر البيزنطييون بسهولة على قرطاج سنة 533م ثم انتصر الجيش البيزنطي والذي كان أغلبه مكونا من المرتزقة على الخيل الوندالية والتي كانت أقوى تشكيل في جيش الوندال. واستسلم آخر ملك وندالي سنة 534م.
هجر أغلب الشعب الوندالي قسرا إلى الشرق أين أصبحوا عبيدا بينما جند الباقون في الجيش أو كعمال في مزارع القمح.
سرعان ما عاد الحكام الجدد إلى سياسة القمع والاضطهاد الديني كما أثقلوا كاهل الناس بالضرائب مما حدى بهم إلى الحنين إلى سيطرة الوندال على مساوئهم.
الفتح الإسلامي
استقر الإسلام في المنطقة بعد ثلاث فتوحات متتالية عرفت مقاومة كبيرة من الأمازيغ، بينما لم تُعَرّب شعوب المنطقة إلا بعد ذلك بقرون، ويعود تعرب المنطقة أساسا إلى وفود العائلات والقبائل العربية خاصة مع هجرة بني هلالوبني سليم من جنوب الجزيرة العربية ومنطقة الخليج العربي محدثة بذلك توازنا ديمغرافيا جديدا عرف بغلبة العنصر العربي.
كانت أولى الفتوحات سنة 647م وعرفت بفتح العبادلة لان قوادها يحملون اسم عبد الله وانتهت بمقتل الحاكم البيزنطي.
وقعت الحملة الثانية سنة 661م وانتهت بالسيطرة على مدينة بنزرت. أما الحملة الثالثة والحاسمة فكانت بقيادة عقبة بن نافع سنة 670م وتم فيها تأسيس مدينة القيروان والتي أصبحت فيما بعد القاعدة الأمامية للحملات اللاحقة فيإفريقية والأندلس. إلا أن مقتل عقبة بن نافع سنة 683م كاد يفشل الحملة، واضطر المسلمون إلى حملة رابعة ونهائية بقيادة حسان بن النعمان سنة 693م أكدت سيطرتهم على إفريقية رغم مقاومة شرسة من الأمازيغ بقيادة الكاهنة. وتمت السيطرة على قرطاج سنة 695م ورغم بعض الانتصارات للبربر واسترجاع البيزنطيين لقرطاج سنة 696م فإن المسلمين سيطروا بصفة نهائية على المدينة في 698م وقتلت الكاهنة في السنة نفسها.
لم تسترجع قرطاج هيبتها بعد ذلك وتم استبدالها بعد ذلك بميناء تونس القريب والذي كان مركز انطلاق للغزوات عبر البحر باتجاه صقلية وجنوب إيطاليا.
لم يكتف المسلمون بالسيطرة على السواحل بل أتجهوا برا لنشر الإسلام في صفوف الأمازيغ، الذين أصبحوا من ذلك الحين رأس الحربة في الفتوحات اللاحقة وخاصة في الأندلس بقيادة طارق بن زياد.
احتوت مدينة القيروان على العديد من مراكز تعليم الإسلام، ومثّلت إفريقية مركز الفتح الإسلامي. كما ساهم تأسيس جامعة الزيتونة بتونس سنة 737 م، في ترسيخ ونشر الثقافة العربية الإسلامية في المنطقة، وخاصّة المذهب المالكي.
§الدولة الأغلبية
المصحف الأزرق الذي يرجع إلى القرن الرابع للهجرة
بقيت القيروان عاصمة لولاية أفريقية التابعة للدولة الأموية حتى 750م ثم الدولة العباسية ولم تشهد المنطقة حكما مستقلا إلا بقيادة إبراهيم ابن الأغلب مؤسس الدولة الأغلبيةبقرار من هارون الرشيد سنة 800م والذي كان يريد بذلك وضع سد أمام الدويلات المنتشرة في غرب أفريقية أين انتشر الفكر الخارجي.
دام حكم الأغالبة 100 سنة وازدهرت خلاله الحياة الثقافية وأصبحت القيروان مركز إشعاع كما شهدت نفس الفترة تأسيس أسطول بحري قوي لصد الهجومات الخارجية والذي مكن أسد بن الفرات لاحقا من فتح جزيرة صقلية.
§الدولة الفاطمية
الجامع الكبير بالمهدية الذي يرجع إلى العصر الفاطمي
شكل وصول بني أمية إلى سدة الحكم بعد مقتل الإمام علي نقطة انطلاق تنظيم الشيعة العلويين وتحلقهم حول ذرية الإمام من السيدة فاطمة الزهراء، الحسن والحسين. كما أعطى مقتل الإمام الحسين شحنة جديدة زادت من تكتلهم ومن تقوية صفوفهم وذلك حتى نهاية الحكم الأموي.
لم يتغير وضع الشيعة كثير بعد وصول أبناء أعمامهم العباسيون إلى الحكم مما زاد شعورهم بالإحباط والكبت. وفي عهد الخليفة المنصور ظهرت عدة فرق في صفوف الشيعة لعل أهمها وأكثرها تنظيما سواء من ناحية العقدية أو سياسة أتباع إسماعيل بن جعفر الصادق.
بوفاة إسماعيل بن جعفر بدأت فترة الأئمة المستورين الذين لم يكن لهم مشاركة في الحياة السياسية وهم: الوافي أحمد والتقي محمد والزكي عبد الله والتي انتهت بظهور المهدي عبد الله والمعروف أكثر باسم عبيد الله المهدي.
استطاع عبد الله الشيعي في غضون 7 سنوات الاستيلاء على أغلب مناطق شمال إفريقيا وذلك بمساعدة بعض القبائل البربرية التي استجابت إلى دعوته واعتنقت المذهب الإسماعيلي. وبعد انتصارهم على الجيش الأغلبي دخل عبيد الله رقادة يوم الخميس 20 ربيع الثاني سنة 296 هـ/6 جانفي 909 م والتي كان زيادة الله الثالث قد تخلى عنها. دام حكم الفاطميين في تونس 64 عاما عرفت فيها البلاد ازدهارا كبيرا. عام 969 تمكن الفاطميون من فتح مصر لينقلوا إليها عاصمتهم عام 973.
§الدولة الصنهاجية
لما انتقل الفاطميون إلى مصر ولوا على إفريقية أميرا من أصل أمازيغي يدعى بلكين بن زيري بن مناذ الصنهاجي. استطاع بلكين القضاء على الفتن والثورات القبائلية المجاورة على حدود البلاد مما مكنه من تعزيز حكمه والاحتفاظ بالأراضي الشاسعة التي ورثها عن الفاطميين. في بداية القرن الحادي العشر خرج والي أشير حماد بن بلكين عن سلطة الصنهاجيين مما أدخل الطرفين في حرب طاحنة دامت عدة سنوات. فقد الصنهاجيون شيئا فشيئا جزءا كبيرا من المغرب الأوسط (الجزائر) لتقتصر في النهاية رقعة دولتهم أساسا على تونس وصقلية.
شهدت البلاد في عهد الصنهاجيين نهضة عمرانية وثقافية واقتصادية كبيرة، فازدهرت الزراعة في أنحاء البلاد بفضل انتشار وسائل الري، ووقع تشييد العديد من القصور والمكتبات والأسوار والحصون، فيما أصبحت عاصمتهمالقيروان مركزا هاما للعلم والأدب.
عام 1045 أعلن الملك الصنهاجي المعز بن باديس خروجه عن الخلافة الفاطمية في القاهرة وانحيازه إلى الخلافة العباسية في بغداد. قامت قيامة الخليفة الفاطمي المستنصر بالله الذي أذن، بإيعاز من وزيره أبو محمد الحسن اليازوري، للقبائل البدوية المتمركزة في الصعيد بالزحف نحو تونس. أدى زحف القبائل البدوية (أساسا بنو هلال وبنو سليم) إلى تمزيق أوصال الدولة الصنهاجية وإلى خراب عاصمتهم بعد تعرضها للسلب والنهب.
بعد الغزو الهلالي أصبحت البلاد مقسمة بين عدة دويلات أهمها إمارة بنو خرسان في مدينة تونس والوطن القبلي، ومملكة بنو الورد وعاصمتها بنزرت، ومملكة بنو الرند وعاصمتها قفصة فيما حافظ الصنهاجيون على منطقة الساحل وإتخذوا من المهدية عاصمة لهم.
§الفترة الموحدية
عام 1060 انتهز النورمان انهيار الدولة الصنهاجية ليستولوا على صقلية لتصبح البلاد عرضة لغاراتهم. في عام 1135 تمكن روجيه الثاني من احتلال جزيرة جربة تبعها عام 1148 احتلال المهدية، سوسة، وصفاقس. استنجد الملك الحسن بن علي الصنهاجي بعبد المؤمن بن علي مؤسس الدولة الموحدية في المغرب لطرد الغزاة. استطاع الموحدون في السنوات التالية استرجاع كامل الأراضي التونسية من النورمان ليصبحوا مسيطرين على معظم أجزاءالمغرب الكبير وجزء من الأندلس.
§الدولة الحفصية
راية الحفصيين
عام 1207 ولى الموحدون على إفريقية أحد أتباعهم وهو أبو محمد بن عبد الواحد بن أبي حفص ابن الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص الذي رافق محمد بن تومرت أثناء دعوته. عام 1228 تمكن أبو زكريا يحيى بن حفص من الانفراد بالمنصب لصالحه وأعلن منذ ديسمبر 1229 استقلاله عن الموحدين. إتخذ أبو زكريا مدينة تونس عاصمة له وإتخذ لنفسه لقب السلطان. عام 1249 خلف أبو أبو زكريا إبنه عبد الله محمد المستنصر الذي أعلن نفسه خليفة للمسلمين عام 1255. تعرضت البلاد عام 1270 إلى غزوة صليبية قادها لويس التاسع ضمن الحملة الصليبية الثامنة. شهدت الدولة بعد وفاة المستنصر عام 1277 عدة صراعات خلافة تخللتها عدة ثورات لقبائل جنوب البلاد، ولم تسترجع الدولة وحدتها إلا في عهد أبو يحي أبو بكر. استرجعت الدولة سالف مجدها في عهد أبو العباس أحمد وأبو فارس عبد العزيز الذان شهدت البلاد في عهدتها ازدهار التجارة والملاحة. دخلت الدولة في أواخر القرن الخامس عشر حالة من الركود تخللتها حروب خلافة وأصبحت منذ 1510 عرضة لغارات الإسبان.
§الحقبة الإسبانية[عدل]
دخلت الدولة الحفصية سنة 1535 في صراع خلافة بين السلطان أبو عبد الله محمد الحسن وأخيه الأصغر رشيد. طلب الأخير العون من العثمانيين الذين تمكنوا من الاستيلاء على العاصمة بقيادة خير الدين بارباروسا (دون إرجاع رشيد على العرش). استنجد أبو عبد الله محمد الحسن بشارل الخامس، ملك إسبانيا الذي جهز جيشا قوامه 33،000 رجل و400 سفينة بالتحافل مع الدول البابوية، جمهورية جنوة ونظام فرسان مالطا. تمكن الإسبان من القيام بإنزال شمالي العاصمة في 16 يونيو، ثم بالاستيلاء على ميناء حلق الوادي، ثم تمكنوا من دخول العاصمة في 21 يوليو. أعيد تنصيب السلطان حسن على العرش لكنه أجبر على المصادقة على معاهدة تضع البلاد عمليا تحت الحماية الإسبانية. استمر في السنوات التالية الصراع بين الإسبان وحلفاءهم والعثمانيين. تمكن العثمانيون في النهاية سنة 1574، من طرد الإسبان نهائيا بعد الانتصار عليهم في معركة تونس.
الحكم العثماني
•  مقالة مفصلة: تونس في العهد العثماني
جامع يوسف داي الذي بني عام 1616
تحولت تونس إلى إيالة عثمانية سمي على رأسها باشا يمثل السلطان يساعده مجلس ديوان متكون من كبار ضباط الجيش الانكشاري فيما آلت الأمور القضائية والدينية إلى قاضي حنفي. ولإن تمكن العثمانيون من السيطرة على المدن الكبرى بقيت عدة مناطق داخلية خارجة عن سلطتهم. وفي 1581 قام أحد الأمراء الحفصيين أحمد بن محمد بمحاولة لاستعادة الحكم انطلاقا من إيطاليا فقام بإنزال بحري ناجح في خليج قابس وتمكن في بادئ الأمر من الانتصار على القوات العثمانية إلا أن محاولاته لاقتحام العاصمة باءت بالفشل. وقد أدى التمرد داخل البلاد والخطر الإسباني خارجها إلى طغيان الجانب العسكري على الحكم. وفي 18 أكتوبر 1590 قام صغار الضباط الانكشاري بحركة تمرد تمكنوا على إثرها من فرض تغيير على تركيبة الحكم في الإيالة إذ أصبح الحكم الفعلي في يد مجلس الديوان الذي انتخب على رأسه داي، في حين أصبح حكم الباشا رمزيا. لم يدم الحكم الجماعي للديوان طويلا إذ سرعان ما انفرد الداي بالسلطة وقد توالى عدة دايات على المنصب من أبرزهم عثمان ويوسف داي. شهدت البلاد في أواخر القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر ازدهارا واسعا بفضل مداخيل الجهاد البحري وحلول الأندلسيين المطرودين من إسبانيا الذين أدخلوا حيوية لقطاع الفلاحة ولصناعات النسيج. عام 1609 أحدث منصب الباي لتولي جمع الضرائب وإخضاع القبائل المتمردة على رأس مؤسسة عسكرية سميت بالمحلة. عام 1613 سمي مملوك ذو أصل كورسيكي يدعى جاك سانتي في منصب الباي وقد استطاع من كسب ثقة الباب العالي بعد إخماده لعدة حركات تمرد قبلية فرفع إلى رتبة باشا عام 1631 وقبل وفاته قام بتوريث المنصب لابنه محمد الذي استطاع تدريجيا تهميش دور الدايات وتوريث الحكم بدوره لصالح ذريته لتصبح البلاد عمليا مستقلة من الحكم العثماني.
§المراديون
راية المراديين
استمر تولي حمودة باشا منصب الباي 35 عاما استطاع فيها تدعيم سلطته على حساب الدايات. فعلى عكس الدايات التي كانت سلطتهم محدودة في العاصمة استطاع الباي فرض نفوذه في باقي البلاد بفضل عائدات الجباية وانفتاحه على أعيان التجمعات الداخلية وتحالفه مع القبائل. شهدت البلاد في فترة تولي حمودة باشا منصب الباي، نهضة عمرانية بإنشاء عدة أسواق وبنايات كجامع حمودة باشا ودار حمودة باشا ودار الباي. بعد وفاته عام 1666 خلفه ابنه مراد باي الثاني الذي استطاع التغلب على الداي حاج علي لوز الذي حاول إزاحته من منصب الباي. بعد وفاته دخل أولاده الثلاثة في سلسلة صراعات على الحكم أضعفت البلاد. وآل الحكم على التوالي ابتداء من 1675 إلى 1698، إلى علي الأول (1675 - 1688)، محمد الثاني (1688 - 1695)، ثم رمضان باي المرادي (1695 - 1698). عام 1698 تمكن مراد الثالت من الإطاحة بعمه رمضان إلا أن حكمه لم يستمر طويلا إذ اغتاله آغا الصبائحية إبراهيم الشريف بأمر من العثمانيين ولينتهي بذلك حكم البايات المراديين. كافأ الباب العالي الشريف بتعيينه بايا ودايا في نفس الوقت وبقي محافظا على الحكم إلى أسره من طرف داي الجزائر ليحصل فراغ في السلطة استغله مساعده حسين بن علي ليتولي منصب الباي ليكون بذلك أول البايات الحسينيين.
§الدولة الحسينية
•  مقالة مفصلة: الحسينيون
راية الحسينيين
يعود أصول حسين بن علي من جهة والده إلى جزيرة كريت التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية، في حين تنتمي أمه إلى قبيلة شنوف العربية. تولى الحكم في 15 جويلية1705 وقد اعتمد أولا على العنصر التركي قبل يأخذ شيئا فشيئ ثقة جزء من أعيان البلاد. عرفت البلاد أولا استقرارا بعد اضطرابات أواخر العهد العهد المرادي إلا أنها دخلت في حرب أهلية بعد تمرد ابن أخ الباي علي باشا الذي استعان بداي الجزائر واستطاع التغلب على حسين بن علي الذي اعدم. وأصبحت آلية انتقال السلطة لصالح كبير العائلية الحسينية مهما كانت قرابته بالباي وقد بقي التقليد فاعلا إلى نهاية الحكم الحسيني عام 1957. تداول على الحكم بعد وفاة علي باي الأول كل من محمد الرشيد بن حسين(1756-1759) وعلي باي بن حسين (1759-1782) ثم حمودة باشا (1782-1814) الذي شهدت البلاد في عهده ازدهارا اقتصاديا ومعماريا. عرفت الإيالة التونسية، التي ظلت تتمتع باسقلالية كبيرة عن الباب العالي، فترات عصيبة في عهدي عثمان بن علي ومحمود باي بسبب انحسار الجهاد البحري وانتشار الأوبئة وتتالي حركات التمرد للانكشارية. تواصل ركود البلاد طوال عهدي حسين باي بن محمد (1834-1835) ومصطفى باي بن محمد (1835-1837). وقد حاول أحمد باي في فترة حكمة (1837-1855) تطوير الجيش إلا أن قلة الموارد المالية أدت إلى تدهور ميزانية الدولة. وفي 1859 قام محمد باي بإصدار عهد الأمان كأول وثيقة أساسية تضمن حقوق المواطنة وفي عهد الصادق باي أصدر عام 1861 أول دستور للبلاد لكن أوقف العمل به بعد ثورة 1864 الشعبية التي اندلعت بعد مضاعفة الضرائب. ازدادت الأزمة المالية حدة في السنوات التالية لتصبح البلاد خاضعة لكومسيون مالي فرضته عليها الدول الأوروبية بعد استحالة الحكومة تسديد ديونها الخارجية. ومما زاد الطين بلة في تلك الفترة الفسادالحكومي وتوالي الفضائح المالية ورغم محاولات الوزير الأكبر خير الدين باشا الإسراع بالإصلاحات إلا أن الأزمة ظلت مستفحلة مما ولد أطماع فرنسا وإيطاليا اللتان أصبحتا تتنافسان علنا على البلاد. وفي 1881 استغل الفرنسيون مناوشات على الحدود مع الجزائر التي يحتلونها منذ 1830 لغزو الإيالة، ورغم مقاومة عدة مناطق للقوات الفرنسية إلا أن الصادق الباي أجبر على إمضاء معاهدة باردو التي أصبحت على إثرها البلاد محمية فرنسية.
الحماية الفرنسية
•  مقالة مفصلة: الحماية الفرنسية في تونس
توقيع معاهدة باردو
أبقى الفرنسيون على نظام البايات إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد مقيم عام فرنسي يساعده مراقبون مدنيون. أصبحت الشؤون الخارجية والدفاع وأغلب المسائل المالية من مشمولات فرنسا. وفي جوان 1883 وقع علي باشا باي، الذي خلف الصادق باي، على اتفاقية المرسى التي عمقت الهيمنة الفرنسية. في الجنوب، التي ظلت المقاومة فيه مستعرة شهورا بعد انتصاب الحماية، قام الفرنسيون بإنشاء منطقة عسكرية سميت بالتراب العسكري يشرف عليها مكتب الشؤون الأهلية. سعى الفرنسيون إلى تطوير البنية التحتية لا سيما في الحوض المنجمي حيث يستخرج الفوسفاط، ووقاموا بإنشاء خطوط لسكك الحديد وبعث عدة بنوك في حين استولى معمرون فرنسيون على أراضي فلاحية شاسعة كانت تابعة للأحباس. سياسيا لم يكن هناك معارضة منظمة لنظام الحماية في السنوات الأولى خصوصا بسبب القوانين العسكرية الصارمة، إلا أن عددا من المثقفين على رأسهم علي باش حانبة والبشير صفر أنشئوا عام 1907 حركة الشباب التونسي لتدافع عن حقوق التونسيين. لم تعمر الحركة طويلا إذ تصدت لها سلطات الحماية. وفي 1911تصاعدت حدة احتجاجات التونسيين باندلاع أحداث الجلاز تم بمقاطعة ترامواي تونس (1912)، وفي كل مرة جابهها الفرنسيون بإقامة محاكمات بالمشاركين فيها. وفي أثناءالحرب العالمية الأولى جند آلاف التونسيين للعمل في الجيش الفرنسي، في حين اندلعت في الجنوب مقاومة مسلحة دامت أكثر من عامين. بعد انتهاء الحرب، وفي مناخ إعلان الرئيس الأمريكي ويلسون عن حق الشعوب في تحقيق مصيرها، أسس الحزب الحر الدستوري الذي نادى بالإصلاح دون المطالبة علنا بالاستقلال، وقد لاقى الحزب مباركة ضمنية من الناصر باي إلا أن ضغوط المقيم العام جمحت حركة الحزب ليجبر زعيمه عبد العزيز الثعالبي إلى اللجوء إلى المنفى. وفي 1924 ظهرت جامعة عموم العملة التونسية كأول نقابة وطنية غير أنها لم تعمر طويلا لينفى باعثها محمد علي الحامي بدوره إلى الخارج.
جزء من مظاهرة 9 أفريل
في بداية الثلاثينات شحن الجو في البلاد على خلفية الأزمة العالمية التي كانت لها آثار عميقة على النشاط الاقتصادي المحلي، ومما زاد الطين بلة انتظام المؤتمر الأفخارستي بقرطاج وأحداث التجنيس التي اندلعت بسبب رفض الأهالي دفن المجنسين بالجنسية الفرنسية بالمقابر الإسلامية. وفي تلك الأجواء برزت مجموعة ممن درسوا في الجامعات الفرنسية يقودهم الحبيب بورقيبة بكتاباتها الصحفية لتنضم للجنة التنفيذية للحزب الحر الدستوري لكنها ما لبثت أن انشقت عنه لتؤسس في مارس 1934 حزبا سمي بالحزب الحر الدستوري الجديد. استطاع الحزب الجديد اكتساب تعاطف عدد كبير من المناصرين وتوسعت رقعة مؤيديه لتشمل فئات جديدة ومناطق لم تكن للحزب القديم حضور فيها. لم يدم نشاط بورقيبة ورفاقه طويلا إذ وقع إبعادهم إلى الجنوب في سبتمبر 1934 ولم يخلى سبيله إلا عام 1936. وفي 9 أفريل 1938 اندلعت مظاهرات ضخمة للمطالبة بإحداث إصلاحات لنظام الحماية إلا أنها قمعت من طرف الفرنسيين مما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى في حين حظر الحزب الحر الدستوري الجديد واعتقل قادته مرة أخرى. بقيت البلاد في مأمن من معارك الحرب العالمية الثانية في سنواتها الأولى إلا أنه في عام 1942 دخلتها القوات الألمانية والإيطالية المتقهقرة من ليبيا لتصبح البلاد ساحة للمعارك بعد غزو شمال إفريقيا من طرف الحلفاء الذين دخلوا العاصمة التونسية في ماي 1943. لم تحدث المعارك فقط دمارا كبيرا في أرجاء البلاد، إنما أيضا كان لها آثار سياسية إذ وقع خلع المنصف باي وتعويضه بالأمين باي بسبب قيامه بتوسيم ضباط ألمان. على عكس المنصف الباي سلك بورقيبة سياسة حذرة مع المحور قبل أن ينحاز للحلفاء، ومع إعادة سلطات الحماية الإمساك بزمام الأمور في البلاد، خيّر اللجوء إلى مصر. قاد الحزب في غياب بورقيبة، أمينه العام صالح بن يوسف صحبة المنجي سليم، وقد سعوا لربطه بعدة منظمات شبابية ومهنية ونسائية، وقد ظهر في تلك الفترة الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادةفرحات حشاد الذي شيئا فشيئا أصبح يلعب دورا هاما في صلب الحركة الوطنية. عام 1950 شكلت حكومة مفاوضات شارك فيها الحزب الحر الدستوري الجديد دون التوصل إلى اتفاق، لتندلع في جانفي 1952 المقاومة المسلحة. واجهت الحكومة الفرنسية الثورة بإرسال تعزيزات والقيام بعمليات تمشيط واسعة كما قامت باعتقال زعامات الحزب الدستوري على رأسها الحبيب بورقيبة، فيما قامت منظمة اليد الحمراء القريبة من المخابرات الفرنسية باغتيالفرحات حشاد وعدد من وجوه الحركة الوطنية.
في جويلية 1954 أمام ضغوط الفلاقة وازدياد حدة الأزمات في المستعمرات، أعلن رئيس مجلس الوزراء الفرنسي بيار منداس فرانس نيته إعطاء تونس استقلالها الداخلي. وفي غرة جوان 1955 عاد الزعيم بورقيبة من المنفى في يوم مشهود، ليقع امضاء اتفاقيات الاستقلال الداخلي في 3 جوان، وفي 18 سبتمبر شكلت حكومة جديدة شارك فيها أنصار بورقيبة. عارض أمين عام الحزب صالح بن يوسف الاتفاقيات بشدة ودخل في صراع مفتوح مع بورقيبة، مناديا بضرورة المقاومة من أجل الاستقلال التام والالتحام مع الثورة الجزائرية. في نوفمبر 1955 دعى بورقيبة لمؤتمر للحزب في صفاقس وتمكن من تمرير توجهه المبني على سياسة المراحل. حاول بن يوسف، الذي وقع رفته من الحزب، من تنظيم مؤيديه إلا أنه أجبر على المنفى بعد أن لوحق أنصاره من طرف وزارة الداخلية والبورقيبيين. وفي 29 فيفري 1956 افتتحت بباريس مفاوضات أفضت في 20 مارس إلى إعلان الاستقلال الكامل لتنتهي بذلك حقبة الحماية التي دامت 75 عاما
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:24 pm


§دولة الاستقلال
§عهد الحبيب بورقيبة
§سنوات الاستقلال الأولى
الزعيم بورقيبة في مارس 1957 ويظهر على يساره الأمين باي والملك فيصل آل سعود وعلى يمينه نائب الرئيس الأمريكي آنذاك ريشارد نيكسون
استطاع الحزب الحر الدستوري الجديد إحكام سيطرته على السلطة بفوز قوائمه بكل مقاعد المجلس القومي التأسيسي في 25 مارس 1956 لتشكل في 15 أفريل حكومة عهد للزعيم الحبيب بورقيبة رئاستها في حين اسندت 4 حقائب وزارية لنقابيين ينتمون للاتحاد العام التونسي للشغل مكافئة له على وقوفه إلى جانب الشق البورقيبي ضد بن يوسف. عزز الحكم الجديد تدريجيا إمساكه بدواليب الدولة على حساب الباي وفي 25 جويلية 1957 الغيت الملكية باجماع المجلس التأسيسي وانتخب بورقيبة رئيسا للجمهورية. اعطى بورقيبة منذ الأشهر الأولى وحتى قبل قيام الجمهورية الأولوية للقيام بإصلاحات جذرية في المجتمع التونسي فأصدرت في أوت 1956 مجلة الأحوال الشخصية التي منعت تعدد الزوجات وأوكلت للمحاكم النظر في طلبات الطلاق فيما حلّت الأوقاف ووحّد القضاء وفي عام 1958 ضم نظام التعليم الزيتوني الديني إلى التعليم العمومي الذي اصبح مجانيا وإلزاميا. على المستوى الإداري الغيت في جوان 1956 القيادات وحل محلها 14 ولاية تتكون من معتمديات وفي نفس الشهر بعث الجيش الوطني وقبل ذلك في أفريل 1956 وقعت تونسة الأمن وبذلت مساع حثيثة لتونسة بقية هياكل الدولة. أما على المستوى الاقتصادي فاتخذت خطوات مرحلية ادت تدريجيا إلى تونسة القطاع البنكي والقطاعات الاستراتيجية كالنقل والطاقة وفي سبتمبر 1958 احدث البنك المركزي الذي أوكلت له مهمة صك الدينار التونسي العملة الوطنية الجديدة. على المستوى السياسي تواصلت ملاحقة اليوسفيين الذين حاولوا إغتيال بورقيبة اكثر من مرة وأقيمت لهم محاكمات اصدرت فيها عدة أحكام بالإعدام. في غرة جوان 1959 اصدر أول دستور للجمهوريةوانتخب بورقيبة في نوفمبر من نفس العام رئيسا لولاية من 5 سنوات بنسبة فاقت ال99% وتحصلت لائحات الحزب الحر الدستوري الجديد على كل مقاعد مجلس الأمة الذي أحدث مكان المجلس التأسيسي.
§في الستينات
أحمد بن صالح في الوسط ويظهر على يساره الزعيم الحبيب بورقيبة وعلى يمينه أحمد التليلي.
سعى بورقيبة عام 1961 إلى إجبار فرنسا على إجلاء ماتبقى من قواتها من البلاد إلا أن استراتيجية الضغط المباشر عبر محاصرتها ادّى إلى رد عسكري فرنسي عنيف في بنزرت تسبب في مقتل المئات من المدنيين، ولم تخلي باريس آخر جنودها من تونس إلا في 15 أكتوبر 1963 بعد سلسلة من المباحثات الديبلوماسية. في خضم ذلك اغتيل فيأوت 1961 صالح بن يوسف في ألمانيا بتدبير مباشر من وزارة الداخلية التونسية، وفي ديسمبر 1962 كشف عن محاولة انقلابية تورطت فيها مجموعة من العسكريين والمدنيين قدموا للقضاء العسكري وحكم على اغلبهم بالإعدام. ادت المحاولة الفاشلة إلى حظر الحزب الشيوعي التونسي وحلّ ماتبقى من الحزب الدستوري القديم واصبحت المعارضة تقتصر في الستينات على بعض الشخصيات في الخارج وبعض التنظيمات اليسارية والقومية الصغيرة. في الجانب الاقتصادي سببت مغادرة المعمّرين الفرنسيين وخروج رؤوس الأموال من البلاد وضعف الاستثمار الخاص إلى تحقيق مؤشرات دون المأمول عجلت بإقناع الرئيس بورقيبة ضرورة تغيير التوجه التنموي ليعلن الحزب في23 مارس 1962 تبنيه الاشتراكية وفي أكتوبر 1964 اعلن عن تغيير اسمه إلى الحزب الاشتراكي الدستوري وعهدت مهمة تنفيذ البرنامج الاشتراكي لأحمد بن صالح الذي اسندت له مالايقل عن 6 حقائب وزارية. سعى بن صالح إلى تطبيق نظام تعاضدي أولا في القطاع الفلاحي ثم في القطاع التجاري إلا أن التجربة مالبثت أن باءت بالفشل مع تراكم الديون والعجز المالي لمشاريع التعاضديات الناشئة. رغم التطور الذي زامن تلك الفترة في قطاعات اخرى كالتعليم والصحة والبنية التحتية والتنظيم العائلي سبب فشل تجربة التعاضد وتدهور المستوى المعيشي وغضب المالكين إلى إضعاف الحكومة التي غيرت تركيبتها عام 1969 بإحداث وزارة أولى شغلها لأقل من عام الباهي الأدغم قبل أن يترك مكانه للهادي نويرة الذي نجح على رأس البنك المركزي فيما ألقي القبض على بن صالح وحكم عليه بالسجن.
§في السبعينات
الوزير الأول الهادي نويرة مع الرئيس جيمي كارتر اثناء زيارته الولايات المتحدة الأمريكية عام1978
نجحت حكومة الهادي نويرة في النهوض بالاقتصاد بفضل جملة من الإجراء ات ذات الطابع الليبرالي من اهمها قانون أفريل 1972 الداعم للمؤسسات المصدرة لتبلغ نسبة النمو مالا يقل عن 12% سنة 1972. حزبيا تكتلت حول الوزير أحمد المستيري مجموعة نادت بتحرير النظام السياسي واستطاعت بكسب الأغلبية أثناء مؤتمر الحزب الاشتراكي الدستوري إلا أن بورقيبة رفض نتائجه ونظم مؤتمر ثان عام 1974 وقع فيه رفت عدد منهم فيما استقال آخرون. في جانفي 1974 فجر بورقيبة مفاجأة مدوية بإمضاءه على وثيقة إعلان وحدة تونس وليبيا لكن سرعان ماتراجع عنها مما أدّى إلى توتر علاقته بالقذافي. وفي عام 1975 وقع تغيير الدستور لتمكين بورقيبة من الرئاسة مدى الحياة فيما اصبح الوزير الأول هو خليفته الدستوري. في النصف الثاني من السبعينات وفي ظل تدهور عرضي لصحة الزعيم بورقيبة برز إضافة للهادي نويرة وزير الدفاع عبد الله فرحات ومدير الحزب محمد الصيّاح كرجال الحكم الأقوياء في مقابل شق ضم الحبيب عاشور أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل ووسيلة بورقيبة وبعض الوزراء المقربين منها. في خضم هذا التنافس وفي ظل ظهور توترات اجتماعية، اندلعت أحداث 26 جانفي 1978 اثر إعلان إضراب عام اسفر عن تدخل الجيش وسقوط عشرات الضحايا. شهد عام 1979 إضافة إلى انتقال مقر الجامعة العربية إلى تونس تنظيم مؤتمر العاشر للحزب الذي ادّى إلى تدعيم موقع نويرة في حين أقيل فرحات من مواقعه السياسية على خلفية اسناده للقوات المسلحة مهمة الإشراف التحضير المادي للمؤتمر ممّا اغضب بورقيبة المتمسك بمبدأ عدم إشراك العسكر في السياسة.
§عهد بورقيبة في الثمانينات (1980-1987)
الوزير الأول محمد مزالي مع الرئيس بورقيبةفي جوان 1984
بدأت العشرية على وقائع تسرب كوموندوس يموله القذافي إلى مدينة قفصة في 26 جانفي 1980 في محاولة فاشلة لزعزعة استقرار البلاد في ظل تماسك النظام. وفي الشهر الموالي تعرض نويرة إلى جلطة دماغية اقعدته على العمل ليخلفه أولا بصفة وقتية ثم بصفة نهائية وزير التربية محمد مزالي. رفع مزالي شعار الانفتاح فنظمت في نوفمبر1981 انتخابات تشريعية تعددية إلا أن تزويرها حال دون دخول المعارضة البرلمان. ابتداءً من 1982 بدأت بوادر صعوبات اقتصادية تلوح في الأفق في ظل ارتفاع قيمةالدولار وتراجع سعر الفوسفاط ثم المحروقات في حين ظل المشهد السياسي مراوحا مكانه رغم الاعتراف عام 1983 بحزبين ورفع الحظر عن الحزب الشيوعي على عكسحركة الاتجاه الإسلامي التي رفض مطلب ترخيصها وسجن قادتها منذ جويلية 1981. أدّى الوضع الاجتماعي إلى اندلاع اضطرابات اجتاحت العاصمة في جانفي 1984 بعد مضاعفة الحكومة لسعر الخبز. اخذت الأحداث أبعاد أزمة حكومة بعد اتهام مزالي وزير الداخلية إدريس قيقة بتعطيل عمل قوات الأمن لتأزيم الوضع لغايات سياسية فيما نجح بورقيبة بخطاب مقتضب وماهر في تهدئة الشارع. تواصلت متاعب حكومة مزالي الاجتماعية عام 1985 مع اندلاع أزمة جديدة مع الاتحاد العام التونسي للشغل وبطرد القذافي لآلاف التونسيين من ليبيا كما شهد شهر أكتوبر من نفس العام غارة جوية إسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية المقيمة في تونس منذ 1982. في عام 1986 بلغت الأزمة الاقتصادية أوجها فأقيل مزالي وعوض بالاقتصادي رشيد صفر واجبرت الدولة على القيام بإصلاح هيكلي وبتخفيض قيمة الدينار. شهدت تلك الفترة صعود نجم زين العابدين بن علي وزير الداخلية منذ أفريل 1986 في وقت تغيرت فيه المجموعة المحيطة ببورقيبة بعد طلاقه من زوجته وإبعاده لابنه وبعض مستشاريه القدماء وزيادة تأثير ابنة أخته سعيدة ساسي المقربة من بن علي. استطاع بن علي بسط يده على الأجهزة الأمنية ليجد نفسه في موقع الرجل القوي في ظل تصاعد الصدام مع حركة الاتجاه الإسلامي، وفي 2 أكتوبر 1987 عيّن وزيرا أولا وأمينا عاما للحزب مع ابقاءه على رأس الداخلية. وفي ليلة 7 نوفمبر 1987 أعلن اضطلاعه بالرئاسة استنادا لعدم قدرة بورقيبة صحيا على مباشرة مهامه وادّى القسم في نفس اليوم لتدخل البلاد منعرجا جديدا.
§حكم زين العابدين بن علي
§السنوات الأولى (1987-1989)[عدل]
سعى بن علي إلى تطمنة الرأي العام عبر بيان وعد فيه بإلغاء الرئاسة مدى الحياة وبإرساء "تعددية سياسية" كما ألغى محكمة أمن الدولة وافرج عن الإسلاميين والنقابيين المعتقلين في حين حافظ على نفس التركيبة الحكومية باستثناء الحقائب التي كان يتولاها منافسوه كمحمد الصيّاح الذي اجبر على الابتعاد عن الحياة السياسية. في فيفري 1988 غير اسم الحزب الاشتراكي الدستوري إلى التجمع الدستوري الديمقراطي وفي جويلية 1988 عدّلالدستور في اتجاة زيادة صلوحيات رئيس الجمهورية. في أفريل 1989 نظمت انتخابات رئاسية سارعت فيها عدة شخصيات معارضة كراشد الغنوشي وأحمد المستيري والمنصف المرزوقي تأييد ترشح بن علي فيها. وإن جاءت نتائج الانتخابات الرئاسية منتظرة في ظل عدم وجود منافسين فيها لبن علي كانت نتائج الانتخابات التشريعة مخيبة لآمال المعارضة التي لم تتحصل على أي مقعد فانسحب المستيري من الحياة العامة وغادر الغنوشي البلاد وبدأت بوادر انغلاق سياسي تبرز في الأفق.
§في التسعينات
بدى بن علي في بداية التسعينات ممسكا بزمام السلطة فاحتل الموقع الأول في المشهد السياسي بدون منازع وعيّن مقربيين له في أهم مفاصل الدولة في حين جدّد حزب التجمع هياكله بإدخال آلاف من المنخرطين الجدد. سمحت السلطة بتكوين حزبيين جديدين مقربين منها وأعطت التأشيرة للتجمع الاشتراكي التقدمي ورفضتها لحركة النهضة (الاسم الجديد للاتجاه الإسلامي) التي مالبثت أن دخلت في صدام جديد مع الحكم فاتهمت بمحاولة قلب النظام وبأحداث عنف متفرقة فلوحق أعضاءها وحوكم بعض قادتها أمام القضاء العسكري وفرّ البعض الآخر خارج البلاد. رغم تأييد أغلب الأحزاب الأخرى للسياسات الحكومية ظلت حركتها مقيدة ولم يسمح لها بدخول البرلمان إلا رمزيا من خلال إسنادها بعض المقاعد ابتداءً من 1994 فيما انتخب بن علي ذلك العام بدون منافس بنسبة قاربت المائة بالمائة. على المستوى الاقتصادي استفادت الحكومة من إصلاحات الثمانينات ومن مواسم فلاحية جيدة لتحقق نسب نمو فاقت في بعض الأحيان ال5 %، وعلى المستوى الاجتماعي اعتمدت سياسات حذرة عززتها ببعض البرامج كالصندوق الوطني للتضامن والسيارة الشعبية الذين استهدفت من خلالها محاربة الفقر وتقديم تسهيلات للطبقة الوسطى لتوسيع رقعة مساندة النظام. في النصف الثاني من العشرية بدأ يظهر نفوذ لزوجة بن علي الثانية ليلى الطرابلسي التي أصبح أخواتها فجأة من أصحاب الأعمال إضافة لصهره الأول سليم شيبوب الذي برز كرئيس للترجيووسيط في عدة صفقات عمومية. عام 1999 قدم بن علي نفسه مجددا للرئاسيات، ورغم وجود مرشحين آخرين فاز مرة أخرى بنسبة فاقت ال99% في مااعتبرته الملاحظون إشارة أن النظام ليس له أي نية للإصلاح.
§سنوات الألفين
بن علي في أكتوبر 2000
شهدت بداية الألفية بعض التململ في البلاد فاندلعت في فيفري 2000 مظاهرات ذات طابع اجتماعي وخاض الصحفي توفيق بن بريك إضرابا عن الطعام احتجاجا على غيابحرية التعبير غطته عدة وسائل أجنبية وأسس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المعارض واظهرت حركة التجديد تغييرات في مواقفها المساندة حتى الآن لبن علي، إلا ان النظام باستثناء بعض الوعود النظرية بقي يتوخى نفس السياسات وفي 2002 أقام استفتاءً لإحداث تعديلات دستورية تمكن الرئيس من حصانة قضائية ومن إمكانية تمديد ولايته[1]. في السنوات اللاحقة ازدادت تجاوزات أصهار بن علي أمثال بلحسن الطرابلسي ومروان المبروك وعماد الطرابلسي وصخر الماطري الذين اصبحوا يسيطرون على قطاعات شاسعة من الاقتصاد في حين اصبحت القرارات الهامة تأخذ خارج الحكومة من قبل الحلقة المضيقة للرئاسة من عائلة ومستشارين. في الاثناء اظهر الانموذج التنموي محدوديته فرغم المظاهر الاستهلاكية التي انتشرت، ارتفعت البطالة وبقيت الاسثمارات محدودة وزاد الفساد المالي الذي كان شبه معدوم في عهد بورقيبة. في 2005 شكلت المعارضة هيئة 18 أكتوبر التي طالبت بإصلاحات جذرية للنظام وفي 2008 عرف الحوض المنجمي في ولاية قفصة احتجاجات غير مسبوقة دامت عدة أشهر على خلفية اجتماعية. تلبدت الغيوم فوق البلاد عام 2010 ففي وقت زادت فيه الإضرابات الاجتماعية والمطالبة بتحرير الإعلام ومحاربة الفساد، ظهرت حملة تناشد بن علي الترشح للانتخابات عام 2014 لولاية سادسة جوبهت بحملة مضادة ضد "التمديد والتوريث" [2]، وفي تلك الأجواء جاءت حادثة إحراق محمد البوعزيزي لنفسه لتشعل احتجاجات عارمة أولا في سيدي بوزيد ثم في بقية الجمهورية جابهها النظام بالقوة قبل أن يضطر بن علي أمام امتداد رقعتها إلى الهروب بعد محاولته استرضاءها.
§الفترة الانتقالية
فؤاد المبزع لدى خروجه من مجلس النوابوتوجهه لقصر قرطاج
تولى فؤاد المبزع منصب الرئاسة بصفته رئيس مجلس النواب فيما رافق رحيل بن علي انفلات أمني وعمليات نهب وسط إشاعات عن وجود قناصة وميليشيات وحدوث مواجهات بين الجيش والأمن الرئاسي. حاول وزراء بن علي تكوين حكومة وحدة وطنية يترأسها محمد الغنوشي تضم أحزاب المعارضة القانونية وممثلين عن الاتحاد العام التونسي للشغل إلا أنها لم تدم طويلا بعد اعتصام أول في القصبة ادّى إلى انحساب وزراء التجمع ثم اعتصام ثان ادّى إلى استقالة الغنوشي وتعويضه بالباجي قائد السبسي. وقد اعقبت مغادرة بن علي الحكم عودة المعارضين المنفيين كراشد الغنوشي والمنصف المرزوقي وطارق المكي وترخيص الأحزاب التي سبق وقدمت تأشيرات ثم الأحزاب الناشئة كما أسست في تلك الفترة عديد الجمعيات وتحرّر المشهد الإعلامي كليّا. على المستوى المؤسساتي توقف العمل بالدستور وحلّ مجلس النواب والمستشارين والمجلس الدستوريوفي 9 مارس 2011 قضت المحكمة الابتدائية بحلّ التجمع الدستوري الديمقراطي [3] في حين غيرت آسامي الأماكن والمنشئات التي ترمز لعهد بن علي الذي صودرت ممتلكاته وممتلكات أفراد عائلته. انتشرت في تلك الفترة الاحتجاجات الفئوية تخللتها رغم حالة الطوارئ بعض أعمال العنف. في 23 أكتوبر 2011 أقامت حكومة الباجي قائد السبسي انتخابات مجلس تأسيسي استطاعت فيها حركة النهضة في ظرف موات لها تحقيق المرتبة الأولى بنسبة 36% تلاها حزبا المؤتمر والتكتل. شكل الثالوث الفائز فيديسمبر 2011 حكومة ترأسها حمادي الجبالي في حين انتخب المرزوقي رئيسا مؤقتا للجمهورية ومصطفى بن جعفر رئيسا للمجلس. لم تنجح الحكومة في تحقيق اهدافها وسط تجاذبات سياسية وتأخر سن دستور جديد وتعطل العدالة الانتقالية وارتفاع الأسعار وانحدار قيمة الدينار وتردي الخدمات البلدية وتواصل الاعتصامات المطلبية وتتالي أعمال العنف التي تورط فيها سلفيون.
واثر اغتيال شكري بلعيد شكلت حكومة جديدة ترأسها علي العريّض حيدت فيها وزارات السيادة واعلنت أن اولويتها تتمثل في إجراء الانتخابات في أفضل وأسرع الأوقات وبسط الأمن والنهوض بالاقتصاد ومواصلة الإصلاح ومقاومة الفساد [4].
عهد الحبيب بورقيبة
§سنوات الاستقلال الأولى
الزعيم بورقيبة في مارس 1957 ويظهر على يساره الأمين باي والملك فيصل آل سعود وعلى يمينه نائب الرئيس الأمريكي آنذاك ريشارد نيكسون
استطاع الحزب الحر الدستوري الجديد إحكام سيطرته على السلطة بفوز قوائمه بكل مقاعد المجلس القومي التأسيسي في 25 مارس 1956 لتشكل في 15 أفريل حكومة عهد للزعيم الحبيب بورقيبة رئاستها في حين اسندت 4 حقائب وزارية لنقابيين ينتمون للاتحاد العام التونسي للشغل مكافئة له على وقوفه إلى جانب الشق البورقيبي ضد بن يوسف. عزز الحكم الجديد تدريجيا إمساكه بدواليب الدولة على حساب الباي وفي 25 جويلية 1957 الغيت الملكية باجماع المجلس التأسيسي وانتخب بورقيبة رئيسا للجمهورية. اعطى بورقيبة منذ الأشهر الأولى وحتى قبل قيام الجمهورية الأولوية للقيام بإصلاحات جذرية في المجتمع التونسي فأصدرت في أوت 1956 مجلة الأحوال الشخصية التي منعت تعدد الزوجات وأوكلت للمحاكم النظر في طلبات الطلاق فيما حلّت الأوقاف ووحّد القضاء وفي عام 1958 ضم نظام التعليم الزيتوني الديني إلى التعليم العمومي الذي اصبح مجانيا وإلزاميا. على المستوى الإداري الغيت في جوان 1956 القيادات وحل محلها 14 ولاية تتكون من معتمديات وفي نفس الشهر بعث الجيش الوطني وقبل ذلك في أفريل 1956 وقعت تونسة الأمن وبذلت مساع حثيثة لتونسة بقية هياكل الدولة. أما على المستوى الاقتصادي فاتخذت خطوات مرحلية ادت تدريجيا إلى تونسة القطاع البنكي والقطاعات الاستراتيجية كالنقل والطاقة وفي سبتمبر 1958 احدث البنك المركزي الذي أوكلت له مهمة صك الدينار التونسي العملة الوطنية الجديدة. على المستوى السياسي تواصلت ملاحقة اليوسفيين الذين حاولوا إغتيال بورقيبة اكثر من مرة وأقيمت لهم محاكمات اصدرت فيها عدة أحكام بالإعدام. في غرة جوان 1959 اصدر أول دستور للجمهوريةوانتخب بورقيبة في نوفمبر من نفس العام رئيسا لولاية من 5 سنوات بنسبة فاقت ال99% وتحصلت لائحات الحزب الحر الدستوري الجديد على كل مقاعد مجلس الأمة الذي أحدث مكان المجلس التأسيسي.
§في الستينات
أحمد بن صالح في الوسط ويظهر على يساره الزعيم الحبيب بورقيبة وعلى يمينه أحمد التليلي.
سعى بورقيبة عام 1961 إلى إجبار فرنسا على إجلاء ماتبقى من قواتها من البلاد إلا أن استراتيجية الضغط المباشر عبر محاصرتها ادّى إلى رد عسكري فرنسي عنيف في بنزرت تسبب في مقتل المئات من المدنيين، ولم تخلي باريس آخر جنودها من تونس إلا في 15 أكتوبر 1963 بعد سلسلة من المباحثات الديبلوماسية. في خضم ذلك اغتيل فيأوت 1961 صالح بن يوسف في ألمانيا بتدبير مباشر من وزارة الداخلية التونسية، وفي ديسمبر 1962 كشف عن محاولة انقلابية تورطت فيها مجموعة من العسكريين والمدنيين قدموا للقضاء العسكري وحكم على اغلبهم بالإعدام. ادت المحاولة الفاشلة إلى حظر الحزب الشيوعي التونسي وحلّ ماتبقى من الحزب الدستوري القديم واصبحت المعارضة تقتصر في الستينات على بعض الشخصيات في الخارج وبعض التنظيمات اليسارية والقومية الصغيرة. في الجانب الاقتصادي سببت مغادرة المعمّرين الفرنسيين وخروج رؤوس الأموال من البلاد وضعف الاستثمار الخاص إلى تحقيق مؤشرات دون المأمول عجلت بإقناع الرئيس بورقيبة ضرورة تغيير التوجه التنموي ليعلن الحزب في23 مارس 1962 تبنيه الاشتراكية وفي أكتوبر 1964 اعلن عن تغيير اسمه إلى الحزب الاشتراكي الدستوري وعهدت مهمة تنفيذ البرنامج الاشتراكي لأحمد بن صالح الذي اسندت له مالايقل عن 6 حقائب وزارية. سعى بن صالح إلى تطبيق نظام تعاضدي أولا في القطاع الفلاحي ثم في القطاع التجاري إلا أن التجربة مالبثت أن باءت بالفشل مع تراكم الديون والعجز المالي لمشاريع التعاضديات الناشئة. رغم التطور الذي زامن تلك الفترة في قطاعات اخرى كالتعليم والصحة والبنية التحتية والتنظيم العائلي سبب فشل تجربة التعاضد وتدهور المستوى المعيشي وغضب المالكين إلى إضعاف الحكومة التي غيرت تركيبتها عام 1969 بإحداث وزارة أولى شغلها لأقل من عام الباهي الأدغم قبل أن يترك مكانه للهادي نويرة الذي نجح على رأس البنك المركزي فيما ألقي القبض على بن صالح وحكم عليه بالسجن.
§في السبعينات
الوزير الأول الهادي نويرة مع الرئيس جيمي كارتر اثناء زيارته الولايات المتحدة الأمريكية عام1978
نجحت حكومة الهادي نويرة في النهوض بالاقتصاد بفضل جملة من الإجراء ات ذات الطابع الليبرالي من اهمها قانون أفريل 1972 الداعم للمؤسسات المصدرة لتبلغ نسبة النمو مالا يقل عن 12% سنة 1972. حزبيا تكتلت حول الوزير أحمد المستيري مجموعة نادت بتحرير النظام السياسي واستطاعت بكسب الأغلبية أثناء مؤتمر الحزب الاشتراكي الدستوري إلا أن بورقيبة رفض نتائجه ونظم مؤتمر ثان عام 1974 وقع فيه رفت عدد منهم فيما استقال آخرون. في جانفي 1974 فجر بورقيبة مفاجأة مدوية بإمضاءه على وثيقة إعلان وحدة تونس وليبيا لكن سرعان ماتراجع عنها مما أدّى إلى توتر علاقته بالقذافي. وفي عام 1975 وقع تغيير الدستور لتمكين بورقيبة من الرئاسة مدى الحياة فيما اصبح الوزير الأول هو خليفته الدستوري. في النصف الثاني من السبعينات وفي ظل تدهور عرضي لصحة الزعيم بورقيبة برز إضافة للهادي نويرة وزير الدفاع عبد الله فرحات ومدير الحزب محمد الصيّاح كرجال الحكم الأقوياء في مقابل شق ضم الحبيب عاشور أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل ووسيلة بورقيبة وبعض الوزراء المقربين منها. في خضم هذا التنافس وفي ظل ظهور توترات اجتماعية، اندلعت أحداث 26 جانفي 1978 اثر إعلان إضراب عام اسفر عن تدخل الجيش وسقوط عشرات الضحايا. شهد عام 1979 إضافة إلى انتقال مقر الجامعة العربية إلى تونس تنظيم مؤتمر العاشر للحزب الذي ادّى إلى تدعيم موقع نويرة في حين أقيل فرحات من مواقعه السياسية على خلفية اسناده للقوات المسلحة مهمة الإشراف التحضير المادي للمؤتمر ممّا اغضب بورقيبة المتمسك بمبدأ عدم إشراك العسكر في السياسة.
§عهد بورقيبة في الثمانينات (1980-1987)
الوزير الأول محمد مزالي مع الرئيس بورقيبةفي جوان 1984
بدأت العشرية على وقائع تسرب كوموندوس يموله القذافي إلى مدينة قفصة في 26 جانفي 1980 في محاولة فاشلة لزعزعة استقرار البلاد في ظل تماسك النظام. وفي الشهر الموالي تعرض نويرة إلى جلطة دماغية اقعدته على العمل ليخلفه أولا بصفة وقتية ثم بصفة نهائية وزير التربية محمد مزالي. رفع مزالي شعار الانفتاح فنظمت في نوفمبر1981 انتخابات تشريعية تعددية إلا أن تزويرها حال دون دخول المعارضة البرلمان. ابتداءً من 1982 بدأت بوادر صعوبات اقتصادية تلوح في الأفق في ظل ارتفاع قيمةالدولار وتراجع سعر الفوسفاط ثم المحروقات في حين ظل المشهد السياسي مراوحا مكانه رغم الاعتراف عام 1983 بحزبين ورفع الحظر عن الحزب الشيوعي على عكسحركة الاتجاه الإسلامي التي رفض مطلب ترخيصها وسجن قادتها منذ جويلية 1981. أدّى الوضع الاجتماعي إلى اندلاع اضطرابات اجتاحت العاصمة في جانفي 1984 بعد مضاعفة الحكومة لسعر الخبز. اخذت الأحداث أبعاد أزمة حكومة بعد اتهام مزالي وزير الداخلية إدريس قيقة بتعطيل عمل قوات الأمن لتأزيم الوضع لغايات سياسية فيما نجح بورقيبة بخطاب مقتضب وماهر في تهدئة الشارع. تواصلت متاعب حكومة مزالي الاجتماعية عام 1985 مع اندلاع أزمة جديدة مع الاتحاد العام التونسي للشغل وبطرد القذافي لآلاف التونسيين من ليبيا كما شهد شهر أكتوبر من نفس العام غارة جوية إسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية المقيمة في تونس منذ 1982. في عام 1986 بلغت الأزمة الاقتصادية أوجها فأقيل مزالي وعوض بالاقتصادي رشيد صفر واجبرت الدولة على القيام بإصلاح هيكلي وبتخفيض قيمة الدينار. شهدت تلك الفترة صعود نجم زين العابدين بن علي وزير الداخلية منذ أفريل 1986 في وقت تغيرت فيه المجموعة المحيطة ببورقيبة بعد طلاقه من زوجته وإبعاده لابنه وبعض مستشاريه القدماء وزيادة تأثير ابنة أخته سعيدة ساسي المقربة من بن علي. استطاع بن علي بسط يده على الأجهزة الأمنية ليجد نفسه في موقع الرجل القوي في ظل تصاعد الصدام مع حركة الاتجاه الإسلامي، وفي 2 أكتوبر 1987 عيّن وزيرا أولا وأمينا عاما للحزب مع ابقاءه على رأس الداخلية. وفي ليلة 7 نوفمبر 1987 أعلن اضطلاعه بالرئاسة استنادا لعدم قدرة بورقيبة صحيا على مباشرة مهامه وادّى القسم في نفس اليوم لتدخل البلاد منعرجا جديدا.
§حكم زين العابدين بن علي
§السنوات الأولى (1987-1989)
سعى بن علي إلى تطمنة الرأي العام عبر بيان وعد فيه بإلغاء الرئاسة مدى الحياة وبإرساء "تعددية سياسية" كما ألغى محكمة أمن الدولة وافرج عن الإسلاميين والنقابيين المعتقلين في حين حافظ على نفس التركيبة الحكومية باستثناء الحقائب التي كان يتولاها منافسوه كمحمد الصيّاح الذي اجبر على الابتعاد عن الحياة السياسية. في فيفري 1988 غير اسم الحزب الاشتراكي الدستوري إلى التجمع الدستوري الديمقراطي وفي جويلية 1988 عدّلالدستور في اتجاة زيادة صلوحيات رئيس الجمهورية. في أفريل 1989 نظمت انتخابات رئاسية سارعت فيها عدة شخصيات معارضة كراشد الغنوشي وأحمد المستيري والمنصف المرزوقي تأييد ترشح بن علي فيها. وإن جاءت نتائج الانتخابات الرئاسية منتظرة في ظل عدم وجود منافسين فيها لبن علي كانت نتائج الانتخابات التشريعة مخيبة لآمال المعارضة التي لم تتحصل على أي مقعد فانسحب المستيري من الحياة العامة وغادر الغنوشي البلاد وبدأت بوادر انغلاق سياسي تبرز في الأفق.
§في التسعينات
بدى بن علي في بداية التسعينات ممسكا بزمام السلطة فاحتل الموقع الأول في المشهد السياسي بدون منازع وعيّن مقربيين له في أهم مفاصل الدولة في حين جدّد حزب التجمع هياكله بإدخال آلاف من المنخرطين الجدد. سمحت السلطة بتكوين حزبيين جديدين مقربين منها وأعطت التأشيرة للتجمع الاشتراكي التقدمي ورفضتها لحركة النهضة (الاسم الجديد للاتجاه الإسلامي) التي مالبثت أن دخلت في صدام جديد مع الحكم فاتهمت بمحاولة قلب النظام وبأحداث عنف متفرقة فلوحق أعضاءها وحوكم بعض قادتها أمام القضاء العسكري وفرّ البعض الآخر خارج البلاد. رغم تأييد أغلب الأحزاب الأخرى للسياسات الحكومية ظلت حركتها مقيدة ولم يسمح لها بدخول البرلمان إلا رمزيا من خلال إسنادها بعض المقاعد ابتداءً من 1994 فيما انتخب بن علي ذلك العام بدون منافس بنسبة قاربت المائة بالمائة. على المستوى الاقتصادي استفادت الحكومة من إصلاحات الثمانينات ومن مواسم فلاحية جيدة لتحقق نسب نمو فاقت في بعض الأحيان ال5 %، وعلى المستوى الاجتماعي اعتمدت سياسات حذرة عززتها ببعض البرامج كالصندوق الوطني للتضامن والسيارة الشعبية الذين استهدفت من خلالها محاربة الفقر وتقديم تسهيلات للطبقة الوسطى لتوسيع رقعة مساندة النظام. في النصف الثاني من العشرية بدأ يظهر نفوذ لزوجة بن علي الثانية ليلى الطرابلسي التي أصبح أخواتها فجأة من أصحاب الأعمال إضافة لصهره الأول سليم شيبوب الذي برز كرئيس للترجيووسيط في عدة صفقات عمومية. عام 1999 قدم بن علي نفسه مجددا للرئاسيات، ورغم وجود مرشحين آخرين فاز مرة أخرى بنسبة فاقت ال99% في مااعتبرته الملاحظون إشارة أن النظام ليس له أي نية للإصلاح.
§سنوات الألفين
بن علي في أكتوبر 2000
شهدت بداية الألفية بعض التململ في البلاد فاندلعت في فيفري 2000 مظاهرات ذات طابع اجتماعي وخاض الصحفي توفيق بن بريك إضرابا عن الطعام احتجاجا على غيابحرية التعبير غطته عدة وسائل أجنبية وأسس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المعارض واظهرت حركة التجديد تغييرات في مواقفها المساندة حتى الآن لبن علي، إلا ان النظام باستثناء بعض الوعود النظرية بقي يتوخى نفس السياسات وفي 2002 أقام استفتاءً لإحداث تعديلات دستورية تمكن الرئيس من حصانة قضائية ومن إمكانية تمديد ولايته[1]. في السنوات اللاحقة ازدادت تجاوزات أصهار بن علي أمثال بلحسن الطرابلسي ومروان المبروك وعماد الطرابلسي وصخر الماطري الذين اصبحوا يسيطرون على قطاعات شاسعة من الاقتصاد في حين اصبحت القرارات الهامة تأخذ خارج الحكومة من قبل الحلقة المضيقة للرئاسة من عائلة ومستشارين. في الاثناء اظهر الانموذج التنموي محدوديته فرغم المظاهر الاستهلاكية التي انتشرت، ارتفعت البطالة وبقيت الاسثمارات محدودة وزاد الفساد المالي الذي كان شبه معدوم في عهد بورقيبة. في 2005 شكلت المعارضة هيئة 18 أكتوبر التي طالبت بإصلاحات جذرية للنظام وفي 2008 عرف الحوض المنجمي في ولاية قفصة احتجاجات غير مسبوقة دامت عدة أشهر على خلفية اجتماعية. تلبدت الغيوم فوق البلاد عام 2010 ففي وقت زادت فيه الإضرابات الاجتماعية والمطالبة بتحرير الإعلام ومحاربة الفساد، ظهرت حملة تناشد بن علي الترشح للانتخابات عام 2014 لولاية سادسة جوبهت بحملة مضادة ضد "التمديد والتوريث" [2]، وفي تلك الأجواء جاءت حادثة إحراق محمد البوعزيزي لنفسه لتشعل احتجاجات عارمة أولا في سيدي بوزيد ثم في بقية الجمهورية جابهها النظام بالقوة قبل أن يضطر بن علي أمام امتداد رقعتها إلى الهروب بعد محاولته استرضاءها.
§الفترة الانتقالية
فؤاد المبزع لدى خروجه من مجلس النوابوتوجهه لقصر قرطاج
تولى فؤاد المبزع منصب الرئاسة بصفته رئيس مجلس النواب فيما رافق رحيل بن علي انفلات أمني وعمليات نهب وسط إشاعات عن وجود قناصة وميليشيات وحدوث مواجهات بين الجيش والأمن الرئاسي. حاول وزراء بن علي تكوين حكومة وحدة وطنية يترأسها محمد الغنوشي تضم أحزاب المعارضة القانونية وممثلين عن الاتحاد العام التونسي للشغل إلا أنها لم تدم طويلا بعد اعتصام أول في القصبة ادّى إلى انحساب وزراء التجمع ثم اعتصام ثان ادّى إلى استقالة الغنوشي وتعويضه بالباجي قائد السبسي. وقد اعقبت مغادرة بن علي الحكم عودة المعارضين المنفيين كراشد الغنوشي والمنصف المرزوقي وطارق المكي وترخيص الأحزاب التي سبق وقدمت تأشيرات ثم الأحزاب الناشئة كما أسست في تلك الفترة عديد الجمعيات وتحرّر المشهد الإعلامي كليّا. على المستوى المؤسساتي توقف العمل بالدستور وحلّ مجلس النواب والمستشارين والمجلس الدستوريوفي 9 مارس 2011 قضت المحكمة الابتدائية بحلّ التجمع الدستوري الديمقراطي [3] في حين غيرت آسامي الأماكن والمنشئات التي ترمز لعهد بن علي الذي صودرت ممتلكاته وممتلكات أفراد عائلته. انتشرت في تلك الفترة الاحتجاجات الفئوية تخللتها رغم حالة الطوارئ بعض أعمال العنف. في 23 أكتوبر 2011 أقامت حكومة الباجي قائد السبسي انتخابات مجلس تأسيسي استطاعت فيها حركة النهضة في ظرف موات لها تحقيق المرتبة الأولى بنسبة 36% تلاها حزبا المؤتمر والتكتل. شكل الثالوث الفائز فيديسمبر 2011 حكومة ترأسها حمادي الجبالي في حين انتخب المرزوقي رئيسا مؤقتا للجمهورية ومصطفى بن جعفر رئيسا للمجلس. لم تنجح الحكومة في تحقيق اهدافها وسط تجاذبات سياسية وتأخر سن دستور جديد وتعطل العدالة الانتقالية وارتفاع الأسعار وانحدار قيمة الدينار وتردي الخدمات البلدية وتواصل الاعتصامات المطلبية وتتالي أعمال العنف التي تورط فيها سلفيون.
واثر اغتيال شكري بلعيد شكلت حكومة جديدة ترأسها علي العريّض حيدت فيها وزارات السيادة واعلنت أن اولويتها تتمثل في إجراء الانتخابات في أفضل وأسرع الأوقات وبسط الأمن والنهوض بالاقتصاد ومواصلة الإصلاح ومقاومة الفساد [4].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:25 pm

رؤساء تونس
عرفت تونس منذ استقلالها عن فرنسا في 20 مارس 1956، إلى الآن، وصول 5 رؤساء إلى سدة الحكم، منهم من دام حكمهم عقودا، على غرار الحبيب بورقيبة الذي حكم البلاد لـ30 عاما، وزين العابدين بن علي الذي استمر على رأس الدولة 23 سنة، ومنهم من حكم ليوم واحد فقط.
وبعد زهاء 50 سنة من حكم الحزب الواحد "الحزب الحر الدستوري الذي تحول إلى الحزب الاشتراكي الدستوري في الستينيات، ثم إلى التجمع الدستوري الديمقراطي في عهد بن علي"، سجلت تونس مفارقة لم تعرفها في تاريخ رؤسائها.
ففي ظرف لم يتجاوز 3 سنوات منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي سنة 2011، تقلد 3 رؤساء مقاليد الحكم.
فبعد الإطاحة ببن علي في 14 يناير 2011، تولى رسميا الوزير الأول حينها، محمد الغنوشي الحكم بشكل مؤقت لأقصر فترة لم تتجاوز 24 ساعة، يومي 14 و15 يناير 2011، ليتقلد بعده رئيس مجلس النواب في عهد بن علي، فواد المبزع، منصب رئاسة الجمهورية لمدة تقارب السنة. بعدها تم انتخاب الحقوقي ورئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية حينها، محمد المنصف المرزوقي من قبل المجلس التأسيسي، رئيسا لتونس يوم 13 ديسمبر 2011.
الحبيب بورقيبة
ووصل الرئيس الأسبق الراحل، الحبيب بورقيبة، إلى الحكم إبان حصول تونس على استقلالها من الاستعمار الفرنسي، فقد اُنتخب رئيسا للجمهورية التونسية من قبل المجلس القومي التأسيسي في 25 يوليو 1957 بعد إعلان الجمهورية وإلغاء النظام الملكي.
الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة
وشرع بورقيبة عندها في القيام بإصلاحات داخل المجتمع التونسي، لعل أبرزها تعميم التعليم والصحّة وإصدار مجلّة الأحوال الشخصية يوم 13 أغسطس 1956 لمنح مزيد من الحقوق للمرأة.
وكان بورقيبة شاهدا على جلاء آخر جندي فرنسي من الأراضي التونسية في 15 أكتوبر 1963، إثر حرب بنزرت، والتي سقط فيها عدد هام من الشهداء.
وعرفت فترة حكم الحبيب بورقيبة، في الوقت ذاته، هزّات مختلفة، كمحاولة الانقلاب عليه سنة 1962 بقيادة الأزهر الشرايطي وجماعته والصدام مع الاتحاد العام التونسي للشغل في 26 يناير 1978، و"ثورة الخبز" في يناير 1984.
وفي 7 نوفمبر 1987، وإثر قرابة السنة من المواجهات مع حركة الاتجاه الإسلامي، تمت الإطاحة بالرئيس بورقيبة من قبل وزيره الأول، الجنرال السابق زين العابدين بن علي.
ديكتاتورية بن علي
بشّر زين العابدين بن علي، يوم توليه السلطة بمزيد الحريات والديمقراطية، ولكنه بدأ حملة في 1991 على أبرز قوة معارضة، وهي حركة النهضة "الاتجاه الإسلامي سابقا"، سرعان ما شملت، بعد مدة، معارضين آخرين له، يساريين ونقابيين وحقوقيين، كان من بينهم الرئيس الحالي محمد المنصف المرزوقي.
الرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي
وانتخب بن علي لـ5 ولايات متتالية، في 1989 و1994 و1999 و2004 و2009، وكانت كلها انتخابات تفتقد لشروط الديمقراطية والنزاهة، كما أجمعت شهادات جهات حقوقية داخلية وخارجية.
ووصل حكم الرئيس التونسي الأسبق إلى التآكل مع نهاية عام 2010، ومثلت حادثة إضرام الشاب وبائع الخضار المتنقل محمد البوعزيزي النار في جسده في 17 من ديسمبر 2010 في محافظة سيدي بوزيد، القطرة التي أفاضت الكأس والتي أحدثت هبة شعبية في مختلف المحافظات، انتهت بتجمهر شعبي ضخم في العاصمة تونس، حيث هتف الجميع بضرورة رحيل النظام والرئيس آنذاك، والحزب الذي يمثله "التجمع الدستوري".
رئيس اليوم الواحد
وأحدث فرار زين العابدين بن علي، في 14 يناير 2011 إلى السعودية فراغا في منصب الرئاسة، ما أدى بالوزير الأول، محمد الغنوشي، آنذاك، إلى تولي هذه المهمة لمدة 24 ساعة، وذلك استناداً على الفصل 56 من الدستور التونسي والذي ينص على أن لرئيس الدولة أن يفوض الوزير الأول في حال عدم تمكنه من القيام بمهامه وقتيا، ويبقى في هذه الحالة محتفظا بمنصبه.
غير أن المجلس الدستوري أعلن أنه بعد الاطلاع على الوثائق، لم يكن هناك تفويض رسمي واضح يمكن الارتكاز عليه بتفويض الوزير الأول، كما أن الرئيس لم يستقل رسميا، وبما أن مغادرته حصلت في ظروف معروفة وبعد إعلان الطوارئ، وبما أنه لا يستطيع القيام بما تفرضه مهامه، ما يعني الوصول لحالة العجز النهائي فعليه قرر اللجوء للفصل 57 من الدستور وإعلان شغور منصب الرئيس وبناءً على ذلك أعلن في يوم السبت 15 يناير 2011 عن تولي رئيس مجلس النواب حينها محمد فؤاد المبزع، منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت، كما يقضي الدستور.
المرزوقي الرئيس الحالي
وأواخر 2011، انتخب الطبيب والحقوقي ورئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في ذاك الوقت، محمد المنصف المرزوقي، رئيسا لتونس من قبل نواب المجلس التأسيسي، بـ153 صوتا من مجموع 217 نائبا.
وخلال تقلده هذا المنصب، اختارت مجلة التايم الأمريكية المرزوقي من بين أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم، كما اختارته المجلة الأمريكية فورين بوليسي من بين أفضل 100 مفكر عالمي لسنتي 2012 و2013.
وقد اعترف الرئيس التونسي الحالي، المنصف المرزوقي، بارتكابه أخطاء خلال فترة حكمه، منها تعيينه لمستشارين لم يكونوا في المستوى، وثقته في سياسيين لا يستحقون الثقة.
وتستعد تونس هذه الأيام، لأول انتخابات رئاسية ديمقراطية تجري بالاقتراع العام المباشر في تاريخها، في 23 نوفمبر 2014، يشارك فيها 27 مرشحا، أبرزهم المرزوقي والباجي قائد السبسي، زعيم حزب نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة.
تونسبورقيبةالمرزوقيرئاسةبن عليرؤساء تونس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:26 pm

عدد سكان ومساحة تونس
تونس
تونس دولة عربية تقع في شمال أفريقيا. الاسم الرسمي لها الجمهورية التونسية. يحدها من الشمال والشرق البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب الشرقي ليبيا، ومن الغرب الجزائر. عاصمتها مدينة تونس. تبلغ مساحة الجمهورية التونسية 163,610 كم 2. تمتد الصحراء على 22 % من الأراضي التونسية بينما تغطي باقي المساحة تربة خصبة محاذية للبحر. لعبت تونس أدوارا هامة في التاريخ القديم منذ عهد القرطاجيين فيقرطاج ثم ما عرف باسم مقاطعة أفريقيا إبان الحكم الروماني لها وكانت تسمى مطمور روما. فتحها المسلمون في القرن السابع الميلادي وأسسوا فيها مدينة القيروان سنة 50 هـ.
أشهر مدنها: تونس، صفاقس، سوسة، باجة، بنزرت، نابل، القيروان، قابس، مدنين، القصرين، قفصة، توزر،المهدية، المنستير.
الجمهورية التونسية
جغرافيا تونس
يتألف سطح تونس من سهول ساحلية التي تمتد بامتداد السواحل البحرية المطلة على البحر المتوسط وتتسع في الوسط، المناطق الجنوبية هي امتداد للصحراء الجزائرية. تغطي الصحراء النصف الجنوبي من أراضي تونس . يعد وادي مجردة أكبر أنهار البلاد .
وتنقسم البلاد إلى ثلاث مناطق كبرى :
• التل الأعلى الذي يغطي الشمال،
• الوسط التونسي، حيث الفيافي العليا والمنخفضة التي تنتهي عند الساحل الشرقي،
• المنطقة الداخلية التي يحدها شط الجريد شمالا، وتتميز تلك الربوع بمساحاتها الصحراوية الشاسعة وبواحاتها الغناء الملتفة حول عدد قليل من منابع الماء
التاريخ.
أول السجلات التاريخية الموجودة تشير إلى أن المناطق الداخلية التونسية كانت مأهولة قديما بقبائل بربرية، أما الساحل التونسي فقد قطنه القرطاجيون الامازيغ الذين تأثروا حضاريا بالمهاجرين الفينيقيين القادمين من شرق حوض البحر المتوسط (سكان بلاد الشام الكنعانيين) بدءا من القرن العاشر قبل الميلاد. في القرن السادس قبل الميلاد صعد نجم قرطاج كدولة ذات قوة و مكانة على المتوسط، واستمرت قرطاج حتى سقوطها بيدالرومان في القرن الثاني قبل الميلاد.
في القرن الخامس بعد الميلاد أصبحت تونس في قبضة الوندال ومن ثم تحت سيطرة البيزنطيين في القرن السادس للميلاد. دخل العرب المسلمون تونس في القرن السابع للميلاد، مؤسسين مدينة القيروان فيها جاعليها مركزا لهم في تونس. استمر حكم الولاة المسلمين وسط اضطرابات متقطعة نتيجة الحركات التحررية للأمازيغ سكان المنطقة الأصليين. أهم السلالات التي حكمت تونس وحققت عصورا مزدهرة لتونس كانت الـأغالبةفي القرن التاسع الميلادي، والزيريون بدءا من 972 م، وهم من الأمازيغ التابعين للفاطميين.
في عام 1050 م، خرج الزيريون عن طوع الفاطميين في القاهرة، مما أغضب الفاطميين ودفعهم لإرسال قبائل بني هلال في حملة تخريبية على تونس.وقامت هذه القبائل البدوية القادمة من الجزيرة العربية بمحاربة أهالي تونس، لا لنشر الإسلام لأن سكان البلد كانوا في الغالب مسلمين, ولكن في إطار إتفاق بينهم وبين الخليفة الفاطمي آنذاك, يقضي بمعاقبة التونسيين على ترك المذهب الشيعي، مقابل تمتع الهلاليين بالأراضي التونسية الخصبة بعد فرارهم من الجفاف في الجزيرة العربية.
في القرن الثاني عشر للميلاد، سيطر نورمانديو صقلية لمدة قصيرة على سواحل تونس. لكن في 1159 م سيطر الخلفاء الموحدون في المغرب على تونس بالكامل، وتلاهم الحفصيون الأمازيغ (حوالي.1230–1574)، الذين حققوا عصورا ذهبية أثناء حكمهم لتونس.
في أواخر حكم الحفصيين، استولت إسبانيا على العديد من المدن الساحلية التونسية، لكن العثمانيين استعادوا هذه المدن. حكمت تونس بعد ذلك في ظل الخلافة العثمانية من قبل حكام يطلق عليهم لقب باي، حيث تمتع هؤلاء البايات بشبه استقلال في إدارة شؤون الإقليم التونسي. وقد بدأ حكم الحكام الحسينيين من البايات في 1705، واستمر حتى 1957 م.
سكن الفينيقيون الكنعانيون في هذه المنطقة التي اسمها اليوم تونس. كانت تخضع قديماً لإمبراطورية قرطاج. تأسست مدينة قرطاج في شمال شرق تونس الحالية في سنة 814 قبل الميلاد و بداية قرطاج بعد ذلك مركزا لإمبراطورية سيطرت على شمال إفريقيا وجنوب أوروبا في سنة 264 ق.م حدث صراع بين قرطاجوالإمبراطورية الرومانية حروب عرفت باسم الحروب الغادرة. في الحرب الثالثة هزم الرومان القرطاجية و دمروا عاصمتهم تماما و خلال هذه الفترة من القرن لثاني قبل الميلاد و حتى الخامس الميلادي كانت معظم المنطقة في تونس الحالية خاضعة للإمبراطورية الرومانية.
في القرن الخامس الميلادي استولى الوندال على تونس من ثم فتح المسلمون تونس خلال القرن السابع الميلادي وفى نهاية القرن الثاني عشر قام روجر الثاني باحتلال تونس من النقاط البحرية الهامة ولكن تمكن العرب من استعادتها. من ثم قام القرصان بارباروسا الثاني باحتلال مدينة تونس ولكن في العام التالي قامت 1534 قام الأسبانيون بطرده وفي عام 1574 هزمت جيوش العثمانيين أسبانيا ووضعت القوات التركية تونس تحت الحكم التركي. تمتعت تونس بفترة من الاستقرار ما بين سيطرتها على الحكم التركي يتم من خلال حكام تونسيين حيث كان يحمل 1574 و 1881 و كان 1705 ثم عرف بعد ذلك بلقب "باي".
الحسين بن علي حكم بين عامي 1705-1745 كان أول من حمل لقب "باى"، أثناء الفترة الحسينية تمتعت تونس بقدر من الاستقلال بسبب السلالة الحسينية في تونس تحت الحكم واستمرت أعمال القرصنة تحت الحكم وتحقق الكثير من الازدهار والرخاء الاقتصادي الثامن عشر الميلاديين كان عدد الحسيني وفى نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن تدفع جزية سنوية إلى الحكومة كبير من الدول الأوروبية التي تقوم بتجارة ملاحية التونسية لتأمين مرور سفنها في البحر المتوسط.
سكان تونس
بلغ عدد سكان البلاد التونسية حسب آخر تقدير نشره المعهد الوطني للإحصاء في غرة جويلية 2008 10 ملايين و327 ألفا و800 نسمة موزعين على 24 ولاية فيما يقدر عدد التونسيين بالخارج ب975 ألف نسمة حسب أرقام تعود إلى 2007. شهد عدد سكان البلاد تطورا كبيرا منذ الإستقلال بفضل تحسن مستوى المعيشة وإنخفاض نسبة وفيات الرضع إلا نسبة النمو السكاني شهدت إنخفاضا متواصلا في السنوات الأخيرة من 2,66 % عام 1975، ثم 2,58 عام 1984، ثم 1,7 عام 1994 لتبلغ 0.989% سنة 2008يمثل المسلمونالأغلبية الساحقة من السكان مع وجود أقليات مسيحية ويهودية صغيرة.
تعتبر تونس من أكثر الدول العربية والمتوسطية تجانسا إذ يمثل المسلمون السنة 99% من السكان مما ولد إنتماءا وطنيا قويا لدى التونسيين في غياب النزعات العرقية والطائفيةرغم انه بلد متعدد الاعراق. وتركيبة السكان حاليا هي مزيج من عدة اعراق مختلفة ك العرب وتجمعات من الأمازيغ والفينيقيين والأوروبيين المقيمين وبدرجة أقل من الأتراك والأفارقة.
يعتبر الأمازيغ هم أول من سكن البلاد لكن المحطة الأبرز في تاريخ تونس القديم تتمثل في وفود الفينيقيينالذي قاموا بتأسيس قرطاج في القرن التاسع قبل الميلادي. سيطر الرومان على شمال أفريقيا حتى القرن الخامس الذي شهد سقوط امبراطورية روما، بعدها قدم إلى تونس مجموعات عرقية أوروبية أهمها الوندال. . وفي القرن الثامن فتح العرب المسلمون البلاد عقبها مجيئ عدد كبير من العائلات والقبائل العربية لتأخذ تركيبة البلاد منئذ شكلها الحالي. شهدت البلاد أيضا وفود آلاف الأندلسيين الذين إلتجئوا إليها بعد طردهم من قبل المسيحيين كما عرفت إبتدءا من القرن السادس عشر إستيطان عدد كبير من العائلات التركية.
تقريبا جميع التونسيين (99%) مسلمين سنة) مع وجود 2000 يهودي في جزيرة جربة التونسية حسب مصادر تونسية و 1500 حسب مصادر يهودية، يهود تونس العاصمة قدموا من أسبانيا في أواخر القرن الخامس عشر للميلاد بعد اضطهادهم من قبل الأسبان. لكن يهود جربة قدموا من المشرق العربي بعد حرق معبدهم من قبلنبوخذنصر قبل 2500 سنة و يوجد حوالي 35000 مسيحي و هم من فرنسيي تونس و توانسة من أصول ايطالية و مالطية ولاتوجد اي ارقام رسمية لمسيحيين توانسة.
يتكلم التونسيين اللهجة التونسية و هي لهجة عربية تختلف بعض الشيء عن اللهجة المصرية أو الخليجية جلّ مفرداتها عربية و تحوي على العديد من الكلمات التركية و الايطالية و بدرجة كبيرة الفرنسية نضرا لاعتبارات تارخية تعود لالقرن 18 و 19 وتعتبر العربية اللغة الرسمية والفرنسية اللغة الأجنبية الأكثر انتشارا في تونس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:26 pm

تاريخ جزر القمر
جزر القمر دولة عربية تقع شرقي إفريقيا، وتتكون من أربع جزر هي: جزيرة القمر الكبرى، وجزيرة أنجوانAnjouan ، وموهيليMoheli، ومايوت Mayotte. وتبلغ مساحتها 1862 كيلو متر مربع لذلك فهي تعتبر ثالث اصغر دولة افريقية من حيث المساحة،ويقدر عدد سكانها 798000 نسمة وبذلك فهي تعد سادس اصغر دولة افريقية من حيث عدد السكان،اغلب سكانها مسلمون مع وجود قلة مسيحية مؤلفة من رجال الإرساليات النصرانية وجماعة من مدغشقر. وعاصمتها مورونيMoroni ،حصلت جزر القمر على استقلالها في 6 يوليو 1975م. وكان العرب أول من أطلق تسمية جزر القمر على هذه الجزر في أوائل القرن الثاني الهجري، وأرجع البعض سبب التسمية إلى أن الرحالة العرب العائدة أصولهم إلى مسقط وعدن وحضرموت هبطوا على ساحل الجزر وكان القمر بدرًا فأسموها جزر القمر. وأرجع آخرون سبب التسمية لأن شكلها العام يشبه الهلال، وجزرها الأربع الكبرى موزعة في مواقع محددة تشبه أربعة من أوجه القمر الرئيسية.
جزر القمر"The Comoros " عضو في العديد من المنظمات الدولية والاقليمية فهي عضو في الأمم المتحدة و الاتحاد الإفريقيAfrican Union و"جامعة الدول العربية"Arab League و"منظمة المؤتمر الإسلامي Organization of The Islamic Conference"و"المنظمة الدولية للفرانكوفونية "The Francophonie .
ان افتتاح قناة السويس بمصر في العام 1869م جعل الدول الأوربية تتطلع الى السيطرة على شرقي أفريقيا وكانت فرنسا تبدي اهتماماَ كبيرا بالساحل الأفريقي المطل على خليج عدن وذلك بعد احتلال بريطانيا لعدن في العام 1839م وقد عقدت معاهدات مع شيوخ القبائل في جيبوتي التي كانت تسمى "الدناقل" والصومال الفرنسي ثم سيطرت فرنسا على منطقة الصومال ثم استولت على مدغشقر وجزر القمر.
ساعد الخلاف القائم في جزر القمر بين الأخوة في الجزر على إتاحة الفرصة لفرنسا لكي تسيطر عليها، فقد ثار على عبدالله الكبير أخوه محمد، إلا أنه انتصر عليه، ولكن الحروب هدت قواه فطلب الحماية من فرنسا عام 1887م. غير أن السكان قاموا بثورات ضد الفرنسيين ومات عبدالله مسموماً ، وتولى مكانه أخوه عثمان بن سالم، ولكن أهالي مدينة موتسامودو بايعوا ابن أخيه سالم بن عبدالله بن سالم، وجرى القتال بين الطرفين، فانتصر عثمان، والتجأ سالم إلى الفرنسيين وطلب المساعدة منهم، واعترف بحمايتهم، وبقي عثمان يقاومهم. أخيراً اضطر للاستسلام فنفي إلى الخارج.
خضعت جزر القمر للحماية الفرنسية عندما وقَّع السيد عمر سليمان أنجوان معاهدة مع الفرنسيين واعترف بحمايتهم عام 1892م، ولم يعش السيد عمر بعدها طويلاً إذ مات في السنة نفسها، وخلفه ابنه محمد بن عمر على جزيرة أنجوان وملحقاتها، وخلفه ابنه الآخر وهو علي على جزيرة القمر الكبرى.
اتبعت فرنسا سياسة استعمارية استغلالية، إذ عملت على جعل السياسة الاقتصادية والثقافية في يدها، وعملت على إبقاء المسلمين في حالة من الجهل والفقر والمرض، كما اتبعت سياسة القمع والإرهاب، وحرمت الطلاب الوطنيين من دخول المدارس الحكومية أو المستشفيات التي يشرف عليها المبشرون المسيح إلا الذين اعتنقوا المسيحية. فكانت سياسة فرنسا تقضي باستيعاب المثقفين وتغريبهم وتوجيههم إلى فلك الثقافة الفرنسية. واتبعت كذلك سياسة التمييز بين الفرنسيين والوطنيين تمييزاً يعتمد على العون والتعالي والرتب العسكرية وكل جوانب الحياة.
وكانت جزيرة القمر مقسمة إلى اثنتي عشرة مقاطعة، لكل منها سلطان، وأكبرهم يعرف باسم سلطان تيبه ويخضع جميعهم له، وكان صاحب هذا المنصب السلطان أحمد، وهو اخ السيد عمر أحد وجهاء جزيرة أنجوان. فلما مات السلطان أحمد خلفه ابن أخيه علي بن عمر حسب وصية عمه أحمد، ولكن السلاطين الآخرين رفضوا تعيينه والخضوع له، وثاروا ضده بتحريك من السلطان موسى فومو الذي أراد أن يحل محله، ووقعت الحرب بين الطرفين، وخرج علي منتصرًا في الحرب بمساعدة جزيرة موهيلي له، وكذلك جزيرة أنجوان وبعض المقاطعات الأخرى في جزيرة القمر الكبرى نفسها، كما أن إنجلترا قد عرضت حمايته ولكنه رفض، وطلب من قائد قوات جزيرة مايوت المساعدة والحماية، وعندما عرضت إنجلترا مساعدتها لخصمه السلطان موسى فومو وافق. وأصبح الخصمان المتنازعان في الجزيرة في حماية الدولتين الاستعماريتين المتنافستين إنجلترا وفرنسا.
اقترحت فرنسا مساعدة السلطان علي، وعقدت معه معاهدة حماية عام1886م، غير أن الشعب قد ثار في جزر القمر، واعتبروا السلطان عليا خائنًا لخضوعه لفرنسا، ولكن الثورة قمعت بشدة من قبل السلطات الفرنسية عام 1889م، وأقر السلطان علي سلطاناً على جزيرة القمر الكبرى في الوقت الذي كان أبوه قد وقَّع معاهدة حماية مع فرنسا أيضاً، وأقرها ابنه محمد الذي خلفه على جزيرة أنجوان. ولكن فرنسا اتهمت السلطان عليًّا بمحاولة قتل المقيم الفرنسي هامبلوت، فقبضت عليه ونفته إلى خارج البلاد، وأصبح المقيم الفرنسي هو الحاكم الفعلي في البلاد.
وفي عام 1913م، صدر قرار بوضع جزر القمر تحت السيطرة الفرنسية التامة، وأصبحت تلك الجزر مستعمرة فرنسية، وحتى ذلك الوقت لم تكن مستعمرة سوى جزيرة مايوت ثم ألحقت هذه الجزر بجزيرة مدغشقر عام 1915م، وبقيت تتبعها مدة عامين، ثم عادت مستعمرة منفصلة، واستمر ذلك حتى بعد الحرب العالمية الثانية، إذ أصبحت تحكم الجزر جمعية منتخبة مؤلفة من ثلاثين عضواً.
في عام 1957م، تكوّن مجلس حكومي من ستة وزراء، ويرأس هذا المجلس أحدهم وهو السيد محمد الشيخ، ويتمثل المجلس في الجمعية الوطنية في باريس، وكان المجلس النيابي القمري يتألف من ثمانية وثلاثين عضواً، ويترأس الحكومة السيد أحمد عبدالله، وهو رئيس حزب الاستقلال ووحدة جزر القمر، وذلك بعد انتخابات 1961م، وأصبح لفرنسا مندوب سام، وبدأت المطالبة بالاستقلال منذ عام 1972م بشكل واسع، سواء من قبل الحكومة أو من قبل المعارضة التي يمثلها الحزب الاشتراكي وحزب الحركة القومية لتحرير جزر القمر.
وفي عام 1974م، جرى الاستفتاء على الاستقلال، ودَلَّت النتائج على أن 95% قد أيدوا الاستقلال التام عن فرنسا، غير أن جزيرة مايوت كانت النتيجة فيها مختلفة إذ أن 64% أيدوا البقاء مع فرنسا نتيجة وجود الأجانب فيها.
وفي عام 1975م، أعلن المجلس النيابي القمري استقلال جزر القمر عن فرنسا، غير أن ممثلي جزيرة مايوت لم يحضروا، وأعلن المندوب الفرنسي حالة الطوارئ. واختير أحمد عبدالله رئيساً للدولة الجديدة. وقد عينت فرنسا مندوبها السامي سفيرًا لها في البلاد، واعترفت بهذا الاستقلال عدة دول، كما قبلت فرنسا الاستقلال باستثناء جزيرة مايوت.
باستقلال الجزر ظهرت إلى حيز الوجود دولة باسم جمهورية جزر القمر الإسلامية الاتحادية برئاسة أحمد عبدالله وعاصمتها موروني، وقد انضمت إلى الأمم المتحدة فور استقلالها عام 1975م.
غير أن الأوضاع السياسية في البلاد قد تعرضت لاضطرابات، فحدث انقلاب من حزب المعارضة (الجبهة الوطنية المتحدة) الذي يتزعمه علي صويلح، واختير سيد محمد غفار رئيساً للدولة، وجرت معارضة له فتولى رئاسة الدولة علي صويلح زعيم حزب المعارضة عام 1976م. فمنذ نهاية سبعينيات القرن الماضي أقام المرتزق الفرنسي" جليبير بورغوGlauber Borgo " المدعو "بوب دونارBob Denard " الذي أطلق عليه عالميا لقب "أقذر كلب حرب في العالم"، بينما أطلق هو على نفسه لقب "مرتزق الجمهورية الفرنسية" بجزر القمر،فهذا المرتزق بوب دونار، الذي كان من سلاح المشاة في البحرية خلال حرب الهند الصينية، عمل في المغرب من العام 1952م الى العام 1957 م في الشرطة الشريفية، ثم عمل لحساب الأجهزة الخاصة الفرنسية في الجزائر، ثم ورد اسمه في اليمن والكونغو ونيجيريا "بيافرا" وفي انغولا وفي بنين ثم ابتداء من العام 1975م في جزر القمر حيث شهد العز والانهزام قبل أن يختفي عن الساحة في أيار/مايو عام 1999 م بعد ان حكم ببراءته في فرنسا في دعوى اغتيال الرئيس السابق لجزر القمر أحمد عبدالله، قام بتنظيم الحرس الرئاسي المكون من ستمائة جندي قمري يقوم بتدريبهم بعض الأوروبيين وعلى رأسهم دينار، وفي تلك الفترة قوى علاقاته بحلفائه السابقين في جنوب أفريقيا الدولة الوحيدة التي كانت تعترف بنظام الرئيس أحمد عبد الله، وأصبح بعد ذلك القائد العام للقوات المسلحة القمرية، وقائد الحرس الجمهوري لمدة تزيد على عشر سنوات من 1978م الى 1989م، وبعد إزاحته عن قيادة الجيش، ظل قائداً للحرس حتى يوم اغتيال الرئيس عبد الله في ليلة 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1989م، في ظروف ظلت غامضة للجميع إلا له بالطبع. وخلال هذه العشرية التي قضاها في مواقع المسؤولية العسكرية أشهر إسلامه، فأصبح اسمه سعيد مصطفى محجوب، حتى يستطيع الاندماج في محيطه، والزواج من امرأة قمرية.
منذ استقلال جزر القمر، توالت فيها محاولات انقلابية وحركات تمرد، فقد تم تسجيل عشرين محاولة خلال السنوات الثلاثين التي تلت استقلالها. كما تم غزوها مرارا على نحو مثير من قبل مرتزقة قادهم والذي يحفل تاريخه بتدبير وقيادة الانقلابات في جزر القمر فقد طلبت فرنسا يوم 5 أيلول/ سبتمبر 1977 م من بوب دونار رسميا التدخل بمرتزقته في جمهورية القمر، فأطاح برئيسها أحمد عبد الله الذي أعلن الاستقلال عن فرنسا من جانب واحد وأقام مكانه الرئيس علي صويلحي، وعاد بوب دونار سنة 1978 م إلى جزر القمر ليطيح بالرئيس علي صويلحي ويساهم في مصرعه، ويعيد الرئيس القمري السابق علي عبد الله إلى منصبه.
وحدث انقلاب آخر عام 1978م أطاح بحكومة الرئيس علي صويلح، وتولى زمام الأمر سعيد أتوماني، ثم تولى رئاسة دولة جزر القمر أحمد عبدالله عبدالرحمن، الذي انتخب رئيسًا للبلاد عام 1984م، واغتيل في نوفمبر 1989م. وبحلول شهر مارس 1990م تم انتخاب رئيس آخر لجزر القمر وهو سعيد محمد جوهر.
وبعد ذلك تم ترحيل بوب دونار إلى جنوب أفريقيا من طرف حكومة الرئيس القمري حينها سعيد محمد جوهر.
في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر1989 م أطاح بوب دونار وبعض المرتزقة بالرئيس القمري محمد سعيد جوهر ليحل محله الرئيس محمد تقي عبد الكريم. ثم ارتحل دينار وهو ومرتزقته إلى فرنسا.
وقد منع الرئيس القمري محمد تقي عبد الكريم بوب دونار من العودة إلى جزر القمر، غير أن وفاة الرئيس تقي المفاجئة يوم 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1998 م جعلت أصابع الاتهام تمتد نحو بوب دونار.
صدر قرار فرنسي اتخذ في العام 1997م اقر بموجبه الاحتفاظ نهائياَ بجزيرة مايوت وهي طبعاَ أغنى جزر دولة جزر القمر الاتحادية بحجة ان أهلها الذين يبلغ عددهم مائة وعشرة آلاف نسمة يريدون البقاء جزءاَ من الجمهورية الفرنسية سرعانما انكشف السر الحقيقي وراء هذا الاحتفاظ عندما أعلنت شركات البترول عن وجود ثروة نفطية في هذه الجزيرة.
في لقاء خاص بث من قناة الجزيرة الفضائية بتاريخ 16 آذار/مارس2007م ذكر رئيس جمهورية جزر القمر آنذاك عبدالله سامبي ان فرنسا تنفق على جزيرة مايوت التي تحتفظ بها نحو خمسمائة مليون دولار سنوياَ من اجل الهاء وترغيب سكانها للبقاء مع الجانب الفرنسي والملاحظ ان عدد المستوطنين الفرنسيين في تزايد مستمر على هذه الجزيرة بينما لاتتجاوز ميزانية كامل دولة جزر القمر وبسكانها السبعمائة ألف نسمة مبلغ ستين مليون دولار يذهب منه جزء كبير لسداد الديون الخارجية المتراكمة مع فوائدها المركبة.
لم يكن هذا كله كافياَ فاقتطاع جزيرة مايوت العربية وضمها الى فرنسا ليس بالكافي فقد عمدت الى تحريض ضابط هو العقيد محمد بكر على التمرد في جزيرة انغوان ثاني اكبر جزيرة من جزر القمر والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثمائة ألف نسمة ولم يلبث العقيد محمد بكر ان أعلن انفصال جزيرة انغوان ونصب نفسه حاكماَ لتلك الجزيرة في عام 2002م فقد جرت مساع افريقية من اجل معالجة الموقف والتوصل الى تسوية يبقى بموجبها محمد بكر حاكماَ لتلك الجزيرة على ان تبقى جزء من جزر القمر الاتحادية وبعد عشر سنوات شجعت فرنسا العقيد محمد بكر مرة ثانية على التمرد واعلان الانفصال في منتصف عام 2007م وحجته هي رفض نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس احمد عبدالله سامبي فيها والتي حصل على 58.7%من الأصوات في مواجهة منافسه عبدالرحمن هاليدي الذي حصل على 29% من الأصوات ،لقد تعرض سامبي لهجوم شديد عندما فاز في الانتخابات البرلمانية عام 1996م وطبعاَ بتحريض من فرنسا حيث كان الاتهام الموجه اليه هو التطرف الديني كونه خريج الجامعة الإسلامية في السعودية وأكمل دراساته العليا في كلية الشريعة بجامعة طهران-ايران عاد بعدها الى جزر القمر وعمل في التدريس وقد انشأ مدارس لتعليم القرآن الكريم وقناة تلفزيونية اسمها"اوليزي"والتي تعني التعليم والعديد من المشاريع الأخرى وهذه الحملة التي شنت ضده زادت من شعبيته فنجح في الانتخابات رئيساَ بعد عشر سنوات ،رفض العقيد محمد بكر فوز الرئيس سامبي وأعلن انه نجح في انتخابات انغوان حاكماَ في منتصف عام 2006م لكن الحكومة المركزية الاتحادية رفضت إعلان العقيد محمد بكر نفسه حاكماَ حيث قاطع المرشحون الآخرون في انغوان جولة الانتخابات الأولى معتبرين أنها باطلة وكان هذا ايضاَ موقف الحكومة الاتحادية والمحكمة الدستورية والاتحاد الأفريقي فقد قررت المحكمة الدستورية تعيين خالدي قمبي حمادي رئيساَ بالوكالة الى حين أجراء جولة انتخابات ثانية لكن العقيد محمد بكر رفض القرار وأكد انفصال جزيرة انغوان ومنعت وحدات عسكرية خاضعة له بالقوة هبوط طائرة تقل الرئيس الاتحادي أحمد عبد الله سامبي في مطار الجزيرة. أدى تصاعد التوتر إلى هجرة متزايدة لأبناء تلك الجزيرة الفقيرة إلى جمهورية مدغشقر القريبة، بينما هاجر عشرات الآلاف منهم بعيدا إلى فرنسا وبلدان أوربية أخرى. وهنا حاول الاتحاد الإفريقي مجددا معالجة الوضع الناجم عن التمرد الانفصالي الذي رفضه الاتحاد انسجاما مع سياسة افريقية جماعية ثابتة بهذا الصدد، تدين وترفض أي تمرد أو انفصال في الدول الأفريقية. وعملت جنوب أفريقيا وتنزانيا القريبتين بشكل خاص على احتواء النزاع ومعالجة الوضع.‏
قرر الاتحاد الأفريقي يوم 20شباط/فبراير2008م فرض عقوبات ضد الجزيرة المتمردة" انغوان" التي أكد مجددا رفض انفصالها، وتمثلت العقوبات في حظر سفر 145 من المسؤولين والموظفين في الجزيرة لمدة شهرين، بمن فيهم العقيد محمد بكر، إضافة لعقوبات أخرى سبق أن فرضها الاتحاد الأفريقي في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2007م، أبرزها تجميد الأرصدة المصرفية لهؤلاء الأفراد. لكن حكومة جزر القمر الاتحادية رفضت مسألة العقوبات الأفريقية التي تم فرضها سابقا دون أن تؤدي إلى نتيجة، وأعلن عبد الرحيم سعيد بكار، الناطق الرسمي باسم حكومة جزر القمر، أن استعادة النظام الدستوري سوف تتم فور استكمال الاستعدادات العسكرية لاستعادة جزيرة انغوان بالقوة وأن طائرتي هيلوكبتر أوكرانيتين سوف توفرا الدعم الجوي للقوة التي تتجه بحرا إلى تلك الجزيرة المتمردة، وأن هذا الدعم الجوي سيوفر فرص النجاح التي لم تتوفر لمحاولات سابقة قامت بها قوات الحكومة في العامين 1999م و2007م لإعادة السيطرة على جزيرة انغوان .
ويذكر الدكتور خير الدين عبدالرحمن حادثة عن جزر القمر وحالها وهي شهادة من ضابط في حرس الرئاسة الفلسطيني رواها له عن بؤس أوضاع جزر القمر :" فقد ذكر ذلك الضابط وهو عائد سنة 1988م من موروني عاصمة جزر القمر ،بعدما وضع ترتيبات زيارة رسمية قام بها المرحوم ياسر عرفات بعد أيام قليلة، التي كانت أول زيارة لرئيس عربي إلى تلك الدولة العربية، أنه عندما ذكر مسألة إطلاق الإحدى وعشرين طلقة التي جرى العرف على أن تكون ضمن مراسم استقبال وتوديع الرؤساء في زيارات الدولة التي يقومون بها، فوجئ بكبار المسؤولين العسكريين في جزر القمر يبلغونه أنه لا علم لهم بهذا التقليد، وليست لديهم مدفعية ولا قذائف لهذا الغرض أو لسواه، فكل ما لديهم من ذخائر هي بضع مئات من طلقات بنادق موزعة على العدد القليل من رجال القوات الأمنية. وتدخل رئيس جزر القمر آنذاك آمرا باستعمال طلقات البنادق تلك، حيث لا وقت لاستيراد قذائف صوتية للاستقبال، وهنا تم جمع ما في موروني من طلقات رصاص وجرى تفريغ البارود من أغلفتها النحاسية، وملء علب صغيرة بذاك البارود، واستخدام حبال عادية لتلعب دور فتيل الإشعال ،هذا ما كان من أمر أول مرة تطلق فيها إحدى وعشرين طلقة ترحيب بزيارة رسمية لجزر القمر" صحيح ان الوضع قد تغير الآن عما هو عليه في عام 1988م لكن أيضا ان 38% من سكان جزر القمر يعيشون عند خط الفقر .
تشتهر جزر القمر بالزهور المختلفة التي تصدر معظمها إلى فرنسا لتستخلص منها أثمن أنواع العطور وبعض المستحضرات الطبية، وأشهرها زهور "اللايلنج ylang-ylang" التي تملأ الجزر وتمثل نسبة كبيرة من دخلها الوطني حيث تدخل في صناعة العطور وهي تمثل نفس ، كذلك توجد بها أفضل البيئات البحرية في العالم التي تحوي على أسماك التونة بكميات ضخمة تزيد على ربع مليون طن سنويًا لا تستهلك منها الجزر إلا الشيء القليل جداَ وتعتمد على صيد الأسماك، وهي من المنتجين و المصدرين الرئيسين للفانيلا والقرنفل وكذلك جوز الهند والبن والكاكاو والموز والأناناس بالإضافة الى الماشية.
ان لدى جزر القمر من المقومات العديدة التي تساعد اقتصادها بالنمو والتوسع فهناك الأمطار الغزيرة التي تهطل على هذه الجزيرة سبعة أشهر متواصلة في السنة والتي تسعى جزر القمر الى أقامة مشاريع أنتاج الطاقة الكهربائية من خلال الأمطار التي تشكل انهار سريعة الجريان يمكن الاستفادة منها في أنتاج الطاقة الكهربائية .
اقيمت العديد من المؤتمرات العربية من اجل دعم التنمية في جزر القمر مثل المؤتمر العربي لدعم الاستثمار والتنمية في جمهورية جزر القمر وكذلك مؤتمر دعم التنمية في جزر القمر والعديد من المؤتمرات كما تمت المساهمة في العديد من المشاريع التنموية في جزر القمر من قبل العديد من الدول العربية مثل سورية حيث المشاريع الصحية واللوجستية وبعض المشاريع الصناعية والتعليمية وكذلك بعض المساهمات من دول الخليج .
ان جزر القمر تعتبر بيئة خصبة للاستثمار واقامة مشاريع كبيرة فقد ارتبطت مؤخراَ بالعديد من الاتفاقيات مع الشركات العالمية لأقامه مشاريع تنموية وتطوير البنى التحتية والمشاريع المشتركة لذلك نعتقد لابد من ان يكون الدور العربي في هذا البلد العربي دوراَ فعالاَ لمساعدتة والمساهمة
بشكل اكبر في البناء والتطوير .
تعد جزر القمر من البلدان الإفريقية التي تتميز بوجود موارد جيدة، فهي إضافة إلى مناخها الاستوائي المميز، تذخر بمخزون ثقافي يجذب إليها الكثير من الزائرين كل عام.
والزائر لجمهورية جزر القمر يجد نفسه أمام خيارات متعددة، فالطبيعة الخلابة والشواطئ النظيفة والتراث الثقافي كلها تمثل تنوعا فريدا قلما يوجد في أي بلد من البلدان . وتتباين الأنشطة السياحية من سياحة الصيد والمغامرات إلى السياحة البيئية وسياحة الاسترخاء في الشواطئ الرملية.
وجمهورية جزر القمر بلد عربي إسلامي إفريقي صغير يتكون من عدة جزر تقع في المحيط الهندي محصورة ما بين أراضي قارة إفريقيا غربا ويابس جزيرة مدغشقر شرقا، أي أنها تقع عند المدخل الشمالي لمضيق موزمبيق بين دائرتي عرض 11درجة 13 درجة جنوبي خط الاستواء.
وتتكون مجموعة جزر القمر من أربع جزر بركانية كبيرة ورئيسية هي جزيرة القمر الكبرى التي تعرف أيضا باسم نجا زنجا وعلى ساحلها الجنوبي الغربي تقع عاصمة الدولة مروني وجزيرة أينجوان وجزيرة مايوت وجزيرة موهيلي كما يضاف إليها جزر أخرى صغيرة المساحة.
وتبلغ المساحة الإجمالية لجمهورية جزر القمر 2.236 كيلومترا مربعا فيما يبلغ عدد السكان أكثر من 650 ألف نسمة تصل نسبة المسلمين فيهم إلى 99.7% واللغة الرسمية للدولة هي العربية والفرنسية ، أهم المدن في جمهورية جزر القمر: مروني وهى العاصمة بالإضافة إلى مدينة موتسامودو ودموني.
وفيما تمثل (نجازيدجا) أكبر جزر الأرخبيل المسمى (أرخبيل القمر) فإن (موروني) هي لؤلؤة جزر القمر وعاصمة الدولة الاتحادية التي تتكون من أربع جزر هي (زنجا يدجا) و(نزواني) و(موالي) و(ماهورية)، ومن لغة سواحلية تعد لغة البلاد الحية جاءت هذه الأسماء.
في أوائل القرن الثامن الميلادي هبط على ساحل هذه الجزر بعض الرحالة العرب العائدة أصولهم إلى عدن ومسقط وحضرموت، ولأن القمر كان بدراً يوم اكتشافهم هذه الجزر، فقد أسموها القمر، وأخذ الأوروبيون الاسم فيما بعد، فأطلقوا عليها اسم (كومور أو كوموروس).
وإذا كان أرخبيل القمر يحظى بثروة سمكية لا تقدر، فإن في مدينة (درموني) على الساحل الشرقي، تبدأ حكاية أخرى، تبدع سطورها التلال التي تصعد من الحواري الضيقة، ليدخل الإنسان في وسط غابات كثيفة من شجر قرنفلي الشكل، يقال إن الشجرة منه لا تبلغ سن النضج إلا بعد عشرين عاما حيث تعطي أزهاراً تأخذها فرنسا لتصنع منها أثمن أنواع العطور، لهذا ليس غريباً أن يطلق البعض على جزر القمر ومياهها لقب (أرخبيل العطور).
تاريخيا، وفدت الدفعات السكانية الأولى إلي جزر القمر أساسا من قارة إفريقيا ومن جزيرة مدغشقر وكذلك من ماليزيا فيما يعود اتصال المسلمين بجزر القمر إلى القرن السابع الميلادي ، وحكم السلاطين العرب جزر القمر وكونوا منها ممالك مستقلة، وظل الحال كذلك نحو 400 سنة، وفى عام 1843م تمكنت فرنسا من حكم الجزر، ثم منح الفرنسيون سكان جزر القمر حكما ذاتيا في عام 1961م.
وفى عام 1975م صوت أهل أنجوان وجزر القمر الكبرى إضافة إلى سكان جزيرة مهيلي على الاستقلال التام، لكن مايوت صوتت على بقائها تحت الحماية الفرنسية واعترفت فرنسا باستقلال جزر القمر الثلاث لكنها استمرت في حكم مايوت كأحد توابعها الخاصة.
وباستقلال الجزر ظهرت إلى حيز الوجود دولة باسم جمهورية جزر القمر الإسلامية الاتحادية وعاصمتها مروني ، وقد انضمت إلى الأمم المتحدة فور استقلالها.
ومن الناحية الاقتصادية تعد جزر القمر من الدول الفقيرة، فليست لديها صناعات رئيسية ويعتمد اقتصادها بصفة رئيسية على الزراعة حيث يقوم السكان بزراعة محاصيل متنوعة كالأرز والموز والمنيهوت / الكسافا/ إضافة إلى جوز الهند والفانيلا والزيوت العطرية المستخرجة من نباتات أشجار اليانج لانج.
وتنفق جزر القمر ضعف عائدات صادراتها في عمليات الاستيراد السلعي وتتمثل أهم الدول التي يتم التبادل التجاري معها في: فرنسا ومدغشقر/ مالاجاس/ وباكستان إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:27 pm

رؤساء جزر القمر


6 تموز 1975 - 7 تموز 1975 أحمد عبد الله عبد الرحمن, رئيس الحكومة اتحاد القمر الديمقراطي الفترة الأولى
7 تموز 1975 - 3 أب 1975 أحمد عبد الله عبد الرحمن, حاكم الدولة
3 آب 1975 - 10 آب 1975 سعيد محمد جعفر, رئيس مجلس الثورة الوطني الجبهة الوطنية المتحدة
10 آب 1975 - 3 كانون الثاني 1976 سعيد محمد جعفر, رئيس المجلس الوطني التنفيذي
3 كانون الثاني 1976 - 28 تشرين الأول 1977 علي صويلح, حاكم الدولة الجمعية الديمقراطية لشعب جزر القمر
28 تشرين الأول 1977 - 13 أيار 1978 علي صويلح, رئيس
أزيح بانقلاب عسكري
13 أيار 1978 - 23 أيار 1978 سعيد التومانيالاسم غير مؤكد, رئيس الإدارة السياسية العسكرية الجبهة الوطنية المتحدة
(جمهورية القمر الإتحادية الإسلامية)
(République fédérale islamique des Comores)
Federal and Islamic Republic of the Comoros
23 آيار 1978 - 22 تموز 1978 أحمد عبد الله عبد الرحمن, الرئيس المشارك للإدارة السياسية العسكرية اتحاد القمر الديمقراطي الفترة الثانية
محمد أحمد, الرئيس المشارك للإدارة السياسية العسكرية اتحاد القمر الديمقراطي
22 تموز 1978 - 3 تشرين الأول 1978 أحمد عبد الله عبد الرحمن, الرئيس المشارك للإدارة اتحاد القمر الديمقراطي الفترة الثانية
محمد أحمد, الرئيس المشارك للإدارة اتحاد القمر الديمقراطي
3 تشرين الأول 1978 - 25 تشرين الأول 1978 محمد أحمد, رئيس الإدارة اتحاد القمر الديمقراطي الفترة الثانية
25 تشرين الأول 1978 - 26 تشرين الثاني 1989 أحمد عبد الله عبد الرحمن, الرئيس اتحاد القمر الديمقراطي/الاتحاد القمري للتقدم الفترة الثانية، اغتيل
26 تشرين الثاني 1989 - 27 تشرين الثاني 1989 حريبون شيباني, رئيس مؤقت الاتحاد القمري للتقدم أطيح به بانقلاب عسكري
27 تشرين الثاني 1989 - 20 آذار 1990 سعيد محمد جوهر, قائم بأعمال الرئيس الاتحاد القمري للتقدم/التجمع من أجل الديمقراطية والتجديد
20 آذار 1990 - 29 أيلول 1995 سعيد محمد جوهر, رئيس
الفترة الأولى، اطيح به في انقلاب عسكري

29 September 1995 - 2 October 1995 كومبو أيوب, منسق اللجنة العسكرية الانتقالية عسكري
2 تشرين الأول 1995 - 5 تشرين الأول 1995 محمد تقي عبد الكريم, قائم بأعمال الرئيس الاتحاد الوطني من أجل الديمقراطية في جزر القمر الفترة الأولى
سعيد علي كمال, قائم بأعمال الرئيس أخوة الجزر وحزب الوحدة
5 تشرين الأول 1995 - 26 كانون الثاني 1996 كعبي اليشروت محمد, رئيس مؤقت التجمع من أجل الديمقراطية والتجديد
26 كانون الثاني 1996 - 25 آذار 1996 سعيد محمد جوهر, رئيس
التجمع من أجل الديمقراطية والتجديد الفترة الثانية
25 آذار 1996 - 6 تشرين الثاني 1998 محمد تقي عبد الكريم, رئيس
التجمع الوطني من أجل التنمية الفترة الثانية; توفي وهو في منصبه
6 تشرين الثاني 1998 - 30 نيسان 1999 تاج الدين بن سعيد مسوندي, رئيس مؤقت بدون انتماء اطيح به في انقلاب عسكري
30 نيسان 1999 - 6 أيار 1999 غزالي عثماني, رئيس أركان الجيش الوطني للتنمية عسكري الفترة الأولى
6 أيار 1999 - 23 كانون الأول 2001 غزالي عثماني, حاكم الدولة الفترة الأولى
Union of the Comoros (Union des Comores)
الاتحاد القمري (Udzima wa Komori)
23 كانون الأول 2001 - 21 كانون الثاني 2002 غزالي عثماني, حاكم الدولة عسكري الفترة الأولى
21 كانون الثاني 2002 - 26 أيار 2002 حمداة مادي بوليرو, رئيس مؤقت حزب القمر الجمهوري
26 أيار 2002 - 26 أيار 2006 غزالي عثماني, رئيس
مجتمع تجديد جزر القمر الفترة الثانية
26 أيار 2006 - 26 أيار 2011 أحمد سامبي, رئيس
حركة باوباب
26 أيار 2011 - حتى الآن إكليل ظنين, رئيس
حركة باوباب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:28 pm

عدد سكان ومساحة جزر القمر
الموقع والمساحة:
واسمها الرسمي هو الاتحاد القمُري هي دولة مكونة من جزر تقع في المحيط الهندي على مقربة من الساحل الشرقي لإفريقيا على النهاية الشمالية لقناة موزمبيق بين شمالي مدغشقر وشمال شرق موزمبيق. وأقرب الدول إلى جزر القمر هي موزمبيق وتانزانيا ومدغشقر وسيشيل.
تبلغ مساحة جزر القمر 1.862 كيلو متر مربع (أي 863 ميل مربع) لدا تعد ثالث أصغر دولة إفريقية من حيث المساحة، ويقدر عدد سكانها ب798.000 نسمة وبذلك تعد سادس أصغر دولة إفريقية من حيث عدد السكان على الرغم من أنها من أعلى الدول الإفريقية من حيث الكثافة السكانية، كما أنها هي الدولة الأقصى الجنوب في جامعة الدول العربية.الاسم جزر القمر مشتق من الكلمة العربية “قمر”.
الاقتصاد :
يتصدر تحقيق النمو الاقتصادي وتقليل الفقر قائمة أولويات الحكومة. وتمثل الزراعة وصيد الأسماك وصيد الحيوانات وإدارة الغابات أهم قطاعات الاقتصاد، كما أن 38.4% من السكان يعملون في القطاع الأول.
وتكافح الحكومة من أجل رفع مستوى التعليم والتدريب الفني من أجل خصخصة المؤسسات التجارية والصناعية وتحسين الخدمات الصحية وتنويع الصادرات ودعم السياحة وتقليل معدل النمو السكاني المرتفع.
التعداد السكاني :
تعد جزر القمر من الدول التي تتميز بقلة عدد السكان إذ يبلغ عدد سكانها أقل من مليون نسمة. وعلى الرغم من ذلك، فإنها تعد أيضًا من أكثر الدول كثافةً سكانيةً، حيث تقدر الكثافة السكانية بـ 275 نسمة في كل كيلو متر مربع أي ما يعادل 712 نسمة في الميل المربع. وفي عام 2001 بلغت نسبة سكان الحضر 34% ويتوقع زيادة هذه النسبة نظرًا للنمو السلبي لسكان الريف، وفي الوقت نفسه يستمر النمو السكاني بشكل عام في الارتفاع النسبي.
العاصمة :
موروني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:29 pm

تاريخ جيبوتي
حلت قبائل من عفار وعيسى في جيبوتي ، الأولى قادمة من اثيوبيا والثانية من الصومال. دخل الاسلام البلاد سنة 825 ميلادية مع قدوم التجار العرب من شبه الجزيرة العربية. وسيطر هؤلاء على البلاد حتى القرن السادس عشر .
جاء الفرنسيون سنة 1862 مفتشين عن قاعدة استراتيجية على البحر الأحمر ، وتفاوضوا مع السلاطين العفار للاستقرار في مدينة اوبوك الواقعة على الشاطىء الشمالي من خليج تاجورا.
وفي سنة 1888، أقام الفرنسيون مستعمرة أرض الصومال وبنوا ميناء جيبوتي على الشاطىء الجنوبي من خليج تاجورا. وحلت هذه المدينة الجديدة محل ابخ كعاصمة للمستعمرة. أكمل الفرنسيون سنة 1917 الخط الحديدي بين جيبوتي وأديس أبابا. وما يزال هذا الخط يشكل العمود الفقري لاعمال النقل المتمركزة في جيبوتي.
كان فيها إمارات صومالية لوقت طويل ، ثم حكمتها فرنسا بين 1862 و1977 م وسموها "أرض الصومال الفرنسية".
كانت جيبوتي تتالف من أربعه إمارات عفرية (تابعه لسلطنة العفر في أوسا) ومن ناحيه التقسيم السكاني فتنقسم جيبوتي إلى مجموعتين رئيسيتين همّا قومية العفر وقبائل العيسى ذات الجذور الصومالية بالإضافه إلى بعض المجموعات العربية.
التاريخ الحديث
اصبحت جيبوتي سنة 1946 من اقاليم ما وراء البحار ضمن الاتحاد الفرنسي، وكان لها تمثيل في البرلمان الفرنسي. وفي سنة 1949 تظاهر العيسيون ضد السلطات المستعمرة مطالبين بتوحيد الصومال الايطالي والفرنسي والبريطاني في دولة واحدة وبطرد المستعمرين جميعاً. وفي المقابل ساند العفار الحكم الفرنسي وسعوا للبقاء يحت ظل الحكم الفرنسي مما حدا بالفرنسيين الى ترئيس العفاري علي عارف والى حصر السلطة بأيدي جماعته. وسهل استفتاء جرى سنة 1967 صوتت فيه اكثرية من 60 بالمئة للابقاء على الحكم الفرنسي. وكانت القوى الموالية قد تمكنت من الوصول الى هذه النسبة بعد ان قام الفرنسيون بطرد اعداد كبيرة من الصوماليين واعتقال زعماء المعارضة مما اشعل شغباً عارماً في العاصمة.
أقاليم جيبوتي
استقال علي عارف سنة 1976 وحصلت جيبوتي على استقلالها في 22 يونيو 1977. وكانت بذلك آخر مستعمرة فرنسية في أفريقيا تحصل على الاستقلال. وانتخب حسن گوليد زعيم حركة الاستقلال رئيساً للجمهورية. اعتمدت البلاد بعد ذلك سياسة الحياد تجاه قضايا المنطقة واقامت توازناً داخلياً بين الفئتين الرئيستين المتصارعتين وهما عيسى وعفار .
أنشأ حسن گوليد سنة 1979 حزب التجمع التقدمي الشعبي واصبح هذا الحزب سنة 1981 بموجب الدستور الجديد الحزب الوحيد. وتم التوقيع في جيبوتي العاصمة اتفاقيات صداقة مع اثيوبيا والصومال وكينيا والسودان.
شهد 4 سبتمبر 1992 استفتاءً عاماً أقر بموجبه دستور جديد يقوم على التعددية الحزبية الضيقة. وفي السنة نفسها اندلع قتال بين القوات الحكومية وجبهة عفار لاستعادة ما سمي بالوحدة والديمقراطية في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد.
أعيد انتخاب جوليد رئيساً للجمهورية سنة 1993. وفي عام 1994 تم التوصل الى اتفاق سلام مع جبهة عفار لاقتسام السلطة ولانهاء الحرب الاهلية.
تمت في سنة 1999 أول انتخابات على اساس التعددية الحزبية انتهت بفوز إسماعيل عمر گيله، وكان هذا الاخير المرشح الوحيد. واعيد انتخابه مرة ثانية واخيرة سنة 2005.
انتهت في سبتمبر 2002 الفترة التي حددت الاحزاب الاربعة التي سمح لها بموجب نظام التعددية الضيقة بالعمل والمشاركة بالانتخابات وفتحت الابواب امام نشوء احزاب وتكتلات جديدة تمهيداً لقيام ديمقراطية تقوم على التعددية الحزبية الحقيقية. وجرت اول انتخابات على اساس هذه التعددية في يناير2003 وفازت جبهة مؤلفة من اربعة احزاب موالية للحكومة حملت اسم الاتحاد من اجل الاكثرية الرئاسية بقيادة اسماعيل عمر غيلة وحصدت جميع مقاعد المجلس البالغة 65 مقعداً.
العاصمة : جيبوتي
العملة: الفرنك الجيبوتي.
المساحة :
23,200 كيلومتر مربع.
عدد السكان :447,439 نسمة.
اللغة : اللغة العربية، اللغة الفرنسية، الصومالية، إيسا، أفار.
العيد القومي : 27يونيو.
المناخ : شديد الحرارة جاف صيفًا،معتدل شتاءً.
التعليم : يتألف السلم التعليمي في جمهورية جيبوتي من أربع مراحل :
Øالابتدائية
Øالمتوسطة
Øالثانوية :العامة أو المهنية، والتعليم الجامعي والعالي .
أهم المدن :
Øجيبوتي
الموقع : تقع في شمال شرق أفريقيا وكانت تعرف سابقاً بالصومال الفرنسي وتقع جمهورية جيبوتي وسط قارة أفريقيا وتحدها أثيوبيا شمالاً ومن الشمال الغربي ، و الصومال من الجنوب الشرقي ، و البحر الأحمر شرقاً .
تاريخ الاستقلال :
1977 .
المناخ : مناخ حار كافة أيام السنة وتصل درجة الحرارة ما بين يونيو وأغسطس إلى
45 درجة مئوية (109 فهرنهايت) وتتساقط الأمطار قليلاً .
الجغرافيا الطبيعية: تتكون أغلبيتها من صحراء منخفضة أو شبه صحراء مع سلسلة جبال بركانية في الشمال .
الاقتصاد: أن قوة جيبوتي الاقتصادية الأساسية هو موقعها الجغرافي على البحر الأحمر ولأنها صلة الوصل بين الدول الإفريقية .
اضغط هنا لتكبير الصوره
نبذة تاريخية عن جيبوتي:
يرتبط تاريخ جيبوتي بمنطقة القرن الأفريقي وقد كانت أول بعثة مصرية بحرية إلى تلك المنطقة خلال الألف الثالث قبل الميلاد في عهد فرعون مصر بيبي الأول وقد نزحت قبائل سامية من جنوب شبه الجزيرة الغربية عبر البحر الأحمر. وقد لعب التجار العرب في المنطقة الساحلية دوراً رئيسياً في انتشار الإسلام بين القرنين العاشر والثاني عشر الميلادي.
ثم سيطر المصريون والعثمانيون على شواطىء البحر الأحمر تنافس عليها الاستعمار الأوروبي عام 1869 بعد افتتاح قناة السويس. وإثر احتلال بريطانيا لمصر. اقتسمت أملاكها في أفريقيا كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأثيوبيا وبلجيكا، فاستولى الفرنسيون على جيبوتي التي صارت تُعرف رسمياً عام 1896 باسم «الصومال الفرنسي» سنة 1967 أسمتها فرنسا «الاقليم الفرنسي للعفار والعيسي» نسبة إلى أكبر قبيلتين.
رفضت تلك القبائل الاستعمار الفرنسي إلى أن أعلنت جيبوتي استقلالها عام 1977 برئاسة حسن جوليد.
الحياة التنظيمية والنقابية :
تعتبر الكونفدرالية التي شكلها "الاتحاد العام لعمال جيبوتي" و "الاتحاد الديمقراطي للعمل" في سنة 1995 قوة فاعلة في الحياة السياسية في جيبوتي.
يحدد دستور 1992 عدد الأحزاب السياسية بأربعة أحزاب. والأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب هي: "التجمع الشعبي للتقدم" و "جبهة إحياء الوحدة والديمقراطية". وهذان الحزبان يمثلان الكتلة السياسية الحاكمة.
أما أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان فهي:
Øحزب التجدد الديمقراطي
Øالحزب الوطني الديمقراطي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:32 pm

رؤساء جيبوتي
إسماعيل عمر جيله
إسماعيل عمر جيله
إسماعيل عمر جيله (٢٧ نوفمبر ١٩٤٧ (ديرة داوا، إثيوبيا) -)، ثاني رئيس لجيبوتي منذ استقلالها.
§بداية حياته
ولد في إثيوبيا، وتلقى تعليمه في المعهد الديني في إثيوبيا وجيبوتي. التحق بعد ذلك بالشرطة الفرنسية حتى وصل إلى رتبة مفتش،
§العمل السياسي
ترك الشرطة الفرنسية وقاد حركة استقلال الشعب الأفريقي فمثّل الحركة في كثير من البعثات الخارجية، وكان عضو بفريق التفاوض للاستقلال عن فرنسا في عام ١٩٧٧. وبعد الاستقلال عيّن رئيسًا لمجلس الوزراء الرئاسي، وهو المنصب الذي ظل يشغله لمده ٢٢ عام. واندمجت حركة استقلال الشعب الأفريقي مع أحزاب أخرى لينبثق عنها حزب التجمع الشعبي للتقدم وذلك في عام ١٩٧٩. وفي عام ١٩٨٣ انتخب للجنة المركزية للحزب وترأس اللجنة الثقافية للحزب في باريس. وفي عام ١٩٩٦ انتخب للمرة الثالثة نائبًا لرئيس الحزب.
§رئاسة جيبوتي
وفي فبراير ١٩٩٩ رشحه حزب التجمع الشعبي للتقدم لرئاسة جيبوتي، بعد أن قرر الرئيس الجيبوتي حسن جوليد (١٩١٦-٢٠٠٦)، الذي حكم جيبوتي منذ استقلالها عام ١٩٧٧ حتى عام ١٩٩٩، عدم ترشحه للانتخابات وبذلك رشح إسماعيل عمر جيله للرئاسة وانتخب رئيسًا في ٨ مايو ١٩٩٩.
ظفر بولاية رئاسية ثالثة على التوالي عام ٢٠١١ (ولمدة ٥ سنوات) بحسب النتائج الرسمية بعد فرز الأصوات في نحو ٩٠٪ من مراكز الاقتراع (٣٥٢ من أصل ٣٨٧)، حاصلاً على ٧٩,٢٦٪ من الأصوات مقابل ٢٠,٧٤٪ لمنافسه الوحيد محمد ورسمه راجه (وهو مستقل تدعمه أقلية من المعارضة) وبنسبة مشاركة بلغت ٦٨,٥١٪.
وقاطع الانتخابات تحالفا المعارضة (الاتحاد من أجل التداول الديمقراطي واتحاد الحركات الديمقراطية الذي أنشئ حديثاً) بسبب عدم اتفاقهما على مرشح مشترك ولأنهما يشككان في استقلالية اللجنة الانتخابية. كما انتقدث المعارضة (التي قاطعت الانتخابات الرئاسية في ٢٠٠٥ أيضاً) الإصلاح الدستورى الذي أقره في أبريل ٢٠١٠ برلمان يؤيد جيله بالكامل وأتاح له أن يترشح لولاية ثالثة تم خفضها إلى خمس سنوات بدلا من ست. ورغم تأكيد غيله أن هذه الولاية ستكون ولايته الأخيرة فإن المعارضة ترى فيها «الباب المفتوح للرئاسة مدى الحياة».
حسن جوليد
حسن جوليد (صومالي: Xasan Guuleed Abtidoon العربية:. حسن جولد أبتيدون) (15 أكتوبر 1916 - 21 نوفمبر 2006) كان أول رئيس لجمهورية جيبوتي 1977-1999.
سيرة
وقد ولد في قرية صغيرة تدعى غاريسا في حي Lughaya في شمال الصومال. وكان في عشيرة Mamassan قوية سياسيا من عيسى clan.He لعبت دورا هاما في النضال من أجل الاستقلال جيبوتي عن فرنسا. وفقا لIM لويس "، بدعم قوي من الناخبين الفرنسيين" حملة ضد حسن جوليد Mahamoud الحربي فرح من حزب الاتحاد Republicaine، الذين سعوا للانضمام إلى الأراضي مع الصومال المجاورة. بحلول موعد انتخابات 23 نوفمبر 1958، وكان الحزب محمود حربي وتفككت مع الأغلبية من الأصوات تلعفر، وفاز حزبه بالانتخابات. فر محمود الحربي في وقت لاحق جيبوتي، وتوفي لاحقا في حادث تحطم طائرة. [1]
خدم حسن جوليد نائبا لرئيس مجلس الحكومة في الفترة من 1958 وحتى أبريل 1959. كما عمل حسن جوليد في الجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس الشيوخ 1959-1962 الفرنسية 1952-1958. وكان وزير التربية والتعليم في الحكومة علي عارف برهان في 1963-1967. [2] وفي وقت لاحق شغل منصب رئيس الوزراء في الفترة بين مايو 1977 و يوليو 1977.
في عام 1981، وتحولت حسن جوليد البلاد إلى دولة الحزب الواحد من خلال الإعلان عن حزبه، التجمع الشعبي من أجل التقدم (التجمع الشعبي من أجل التقدم، RPP)، وكان واحدا الشرعية الوحيدة. كمرشح RPP، انتخب دون معارضة لولاية مدتها ست سنوات رئيسا يوم 12 يونيو عام 1981، تلقي 84.58٪ من الأصوات. [3] وبعد اندلاع الحرب الأهلية في عام 1991، وقال انه سمح لاستفتاء دستوري على التعددية الحزبية في سبتمبر 1992، مع أربعة أحزاب يتم السماح؛ في الانتخابات البرلمانية التي جرت في ديسمبر كانون الاول عام 1992، ومع ذلك، تنافس حزبين فقط، وفاز RPP جميع المقاعد 65 في الجمعية الوطنية. أعيد انتخاب جوليد لولاية رابعة مايو 1993 مع 60.7٪ من الأصوات. [4]
في 1990s، تدهورت بشكل كبير الاقتصاد جيبوتي، حيث ارتفع صافي الأصول الخارجية انخفض بنسبة 40 في المائة. أصدر البنك الدولي "والقاتمة في المقابل وتنتقد بشدة" تقييم ونذكر مثل هذه المشاكل الاجتماعية مثل الاستهلاك المفرط من الادمان والمخدرات القات المنهكة من قبل المواطنين في جيبوتي. خلال هذه الفترة، ابن شقيق حسن جوليد إسماعيل عمر جيلة ناور ليس فقط ليكون خليفته، ولكن جاء على نحو متزايد للتعامل مع الشؤون للمسنين حسن جوليد. [5]
بتاريخ 4 فبراير 1999، أعلنت جوليد انه سيعتزل في وقت الانتخابات القادمة، والمؤتمر الاستثنائي للمحطة الاذاعية اختار جيله كمرشح للرئاسة. [6] فاز جيلة الانتخابات الرئاسية التي جرت في نيسان 1999 [7] و نجحت عمه يوم 8 مايو عام 1999. [8] توفي جوليد في منزله في 21 نوفمبر 2006، الذين تتراوح أعمارهم بين 90. [2]
توفي أول زوجة جوليد، والسيدة الأولى السابقة عائشة Bogoreh، من دعاة حقوق المرأة ومختلف الجمعيات الخيرية، في عام 2001. [9] تزوج زوجته الثانية بعد وفاة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:33 pm

عدد سكان ومساحة جيبوتي
المساحة 23.200 كم2

عدد السكان 447.439
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:35 pm

تاريخ عمان
اختلفت الآراء في اصل تسمية عُمان فالبعض يرجعه إلى قبيلة عُمان القحطانية، والبعض يأخذه من معنى الاستقرار والإقامة، فيقول ابن الإعرابي: العمن أي المقيمون في مكان، يقال رجل عامن وعمون، ومنه اشتقت كلمة عُمان، ويستطرد فيقول: أعمن الرجل أي دام على المقام بعُمان.
أما الزجاجي فيقول: أن عُمان سميت باسم عُمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام، بينما يذكر ابن الكلبي: أنها سميت باسم عُمان بن سبأ بن يغثان بن إبراهيم خليل الرحمن لأنه هو الذي بنى مدينة عُمان. أما شيخ الربوة فيقول: أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى عُمان بن لـوط النبي عليه السلام، وقيل أن الازد سمت عُمان (عُمانا) لان منازلهم كانت على واد لهم بمأرب يقال له عُمان فشبهوها به.
ومن أقدم المؤرخين الرومان الذين ذكروا عُمان بهذا الاسم يلينوس الذي عاش في القرن الأول للميلاد (23 – 79م) فقد ورد في كتاباته اسم مدينة تسمى عُمانه، OMANA وكذلك ورد هذا الاسم عند بطليموس الذي عاش في القرن الثاني للميلاد، ويظن جروهمان أن عُمانه المذكورة عند هذين المؤرخين هي صحار التي كانت تعد المركز الاقتصادي الأكثر أهمية في المنطقة في العصر الكلاسيكي.
وقد عرفت عُمان بأسماء أخرى، فقد أطلق عليها السومريون ودول بلاد مابين النهرين اسم (مجان)، ربما نسبة إلى صناعة السفن التي تشتهر بها عُمان، حيث ورد في النقوش المسمارية بأن مجان تعني هيكل السفينة، كما سماها الفرس باسم (مزون).
وورد اسم عُمان في المصادر العربية على أنها إقليم مستقل. فقد أشار الاصطخري وابن حوقل إلى ذلك في قولهما: وعُمان ناحية ذات أقاليم مستقلة بأهلها فسحة. أما ابن خلدون فقـد كان أكثر وضوحـاً في تعريفه لعُمان، فقد ذكرها في جملة الأقاليم العربية التي ظهرت كدول مستقلة في جزيرة العرب وهي اليمن والحجاز وحضرموت والشحر و عُمان، ووصف نظام حكمها، فقال بأنها (إقليم سلطاني منفرد).
ومهما كان الأمر، فأن اسم عُمان كما هو ملاحظ يعود إلى عصور تاريخية قديمة، وإذا رجحنا أن عُمان حملت هذا الاسم نسبة إلى واد في اليمن يسمى عُمان، أو إلى قبيلة يمنية تحمل نفس الاسم، فان ذلك يدل على قدم الهجرات العربية التي توالت من اليمن إلى عُمان، والى أن عُمان كانت تصطبغ بالصبغة العربية منذ أقدم العصور.
والحديث عن تاريخ عُمان في العصور القديمة ذو شقين، يتوجب الشق الأول منه الاستفادة من المصادر المدونة، وبخاصة كتابات الإخباريين والجغرافيين منها، ولكن هذه المصادر لا تستطيع التوغل بالباحثين في أعماق التاريخ العُماني.
أما الأحداث التاريخية ونشاطات العُمانيين خلال العصور الحجرية القديمة أو الحديثة، أو خلال العهود التاريخية منذ مطلع الألف الثالث ق.م وما بعدها، فقد كان حالها مثل حال كثير غيرها من مناطق الجزيرة العربية والخليج، مجهولاً تماماً. وكانت بعض المعلومات المتفرقة التي تتساقط من بين ثنايا الكتابات المسمارية تشكل بصيص الأمل الوحيد أمام الباحثين للتفتيش عن ماضي الأحداث لهذه المنطقة الهامة من مناطق التمدن البشري القديم.
إن العقود الأخيرة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية دفعت بالدراسات التاريخية القديمة للخليج والجزيرة العربية، والمعتمدة في الأساس على المصادر المسمارية العراقية القديمة، لتتبوأ مكانة هامة على صعيد الدراسات التاريخية والأثرية، مثلما شجعت علماء الآثار والمنقبين لبدء أعمال تنقيبات أثرية واسعة في شتى مناطق الجزيرة العربية، وعلى الأخص مراكز الاستيطان القديم على الأطراف وفي الواحات ومناطق السواحل، وهي التي توفرت لها إشارات نصوصية عديدة تشير إلى انهماكها في نشاطات ملاحية وتجارية واسعة.
وهكذا أعانت المصادر المسمارية على البدء في قيام مرحلة جديدة من دراسة التاريخ العربي القديم عموماً، والتي يحتل التاريخ العُماني فصلاً هاما منها. وتعد أعمال الاستكشافات والتنقيبات الأثرية الشق الثاني من الحديث عن تاريخ عُمان القديم، بخاصة وان النتائج التي أسفرت عنها الجهود الخيرة التي قامت بها حكومة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم أثبتت بصورة قاطعة عراقة وأهمية التاريخ العُماني القديم ودوره في بناء الحضارة الإنسانية ودعم مقوماتها بعناصر التواصل والدوام.
وتجدر الإشارة في هذا الخصوص إلى العناية الفائقة التي تبذلها سلطنة عُمان، في مجال الدراسات الأثرية حيث تعتبر مجلة الدراسات العُمانية - The Journal of Oman Studies - التي تصدر عن وزارة التراث والثقافة في سلطنة عُمان خير دليل على ذلك، فقد صدر العدد الأول منها في عام 1395هـ - 1975م ولا تزال تواصل الصدور، وتعد بحوثها وتقارير البعثات الأثرية المختلفة العاملة في عُمان، من أهم المراجع وأوثقها بخصوص التاريخ والحضارة القديمين لهذا الركن الهام من الوطن العربي.
وعُمان تحتل الأجزاء الجنوبية الشرقية من شبه الجزيرة العربية، فهي تطل على البحر العربي وخليج عُمان وتشرف على مضيق هرمز الذي يربط الخليج بالمحيط الهندي ويعد حلقة الوصل الرئيسية. ورغم أهمية عُمان في شؤون الملاحة والمواصلات البحرية، فإن علاقـاتها ببقية أقسام الجزيرة العربية تعززت خلال الفترات المبكرة للتاريخ العُماني من خلال طرق بـرية نشطة، وجدت تأكيداً لها في عدد من المخلفات الأثرية.
وإذا كانت الإشارات النصوصية المسمارية تؤكد على أهمية مجان (عُمان) في تصدير النحاس إلى العراق، وهـو الأمر الذي توفـرت دراسات أثرية حقلية في عُمان لتأكيده في السنوات الأخيرة. فأن التاريخ والحضارة العُمانية القديمة يشكلان جزءاً من النشاط التاريخي والحضاري العام لمنطقة الخليج، والذي لعب الطريق القديم بمراكزه الحضارية دوراً بارزاً في صياغة مكنوناته. وتعد هذه النظرة المنهجية المدخل الصحيح لدراسة التاريخ العُماني القديم.
كانت الملاحة العُمانية القديمة تتميز عن غيرها من مراكز الخليج بعظمة سفنها، وربما أيضاً لأهمية تجارتها من النحاس الذي كان يجد أسواقاً رائجة له في مدن بلاد وادي الرافدين. فالنصوص المسمارية تقرن مجان بسفن معينة تدعوها، سفينة مجان، ولكن الإشارة النصوصية التي تذكرها وهي في قصيدة سومرية تتعلق برحلة جلجامش إلى ارض الحياة، أريد من ورائها أن تكون سفينة مجان مثالاً لأعظم السفن وأشدها. ويتأكد هذا الفهم للسفن المجانية من مقدمة قانون أورنمو التي يتفاخر فيها بتمكنه من إعادة هذه السفن لترسو في رصيف مدينة (أور) والإكثار من ترددها وجعلها مشهورة.
ويبدو ذلك منطقياً من نوع البضائع التي اقترن ذكرها في المصادر المسمارية بمجان وأبرزها النحاس والحجارة والأخشاب. وبذلك يمكننا القول بأن شهـرة البحرية العُمانية في القرون القليلة الماضية تستند إلى خبرة ملاحية طويلة تستمد مقوماتها من تاريخ عُمان القديم، مع ملاحظة المتغيرات في الاتجاهات والرحلات ومواد التجارة بين زمن وآخر.
كما أن نصوصاً أخرى من زمن سرجون الاكدي جد نرام سين، تتحدث عن مزيد من السفن المجانية (العُمانية) التي وصلت إلى بلاد أكاد. حيث يتناسب ذلك مع وجود دولة قوية مزدهرة في عُمان تنشط على يديها الأعمال التجارية والملاحة البحرية الواسعة، وقد ذكر المؤرخون أنها دولة" قاد".
أما المنطلق الثالث لدراسة التاريـخ العُماني القديم فيتوجه صوب استكشاف الأهمية الاستراتيجية التي احتلتها عُمان على صعيد العلاقات العربيـة من جانب، وبينها وبين العالم الخارجي من جانب آخر.
وعندما تعطلت الملاحة في البحر الأحمر نتيجة لانتشار الصخور المرجـانية على سواحله ولعدم توافر الرياح المواتية نشطت تجارة القوافل العربية التي نقلت البضائع من الموانئ اليمنية في الجزيرة العربية إلى أسواق الشام ومدن ساحل البحر المتوسط ومصر.
ولكن تجارة القوافل العربية هذه لم تكن لتحقق هذه المكانة والأهمية في تاريخ الاقتصاد العربي القديم إلا بفضل تدجين الجمل سفينة الصحراء الذي أصبح منذ مطلع الألف التاسع ق.م. حيواناً عربياً مستأنساً على نطاق واسع يخدم عملية النقل والمواصلات بين أقسام بلاد العرب من جانب، وبينها وبين مركز الحضارات على إطرافها في العراق والشام ومصر من جانب آخر.
وبسبب موقع بلاد عُمان الذي تفصله صحراء (الربع الخالي) عن بقيـة أقسام الجزيرة العربية، والى وقت تدجين الجمل في الألفية التاسعة قبل الميلاد، فإن معظم النشاطات التجارية والملاحية العُمانية كانت موجهة صوب مناطق الخليج وبلاد وادي الرافدين من جهة واليمن وشرق أفريقيا والقارة الهندية من جهة أخرى وهو ما تؤكده المصادر المسمارية ونتائج أعمال التنقيب الأثرية في المراكز الحضرية القديمة.
وقد بدأت تتكشف مجاهل تاريخ عُمان القديم أمام البعثات العلمية للتنقيب عن الآثار، وترجع أقدم الآثار التي وجدت على الساحل العُماني الشرقي والغربي إلى الألف الخامس ق. م. وهناك دلائل واضحة على تشكل مجتمعات صغيرة في عصور مبكرة من التاريخ على ارض عُمان تعود إلى الألف السادس قبل الميلاد، كشف النقاب عنها في مـوقع القـرم في محافظة مسقط، حيث عثر على مقابر وبقايا أطعمة وأمتعة شخصية… فقد عاش معظم سكان ذلك الموقع على استخراج المواد الغذائية من الأسماك والمحار من الشواطئ القريبة بينما كان آخرون صيادين عاشوا على قنص الغزلان من الوديان ومن أعماق المناطق الداخلية… ويدل وجود آثار القبور على وجود مؤسسـة للحياة الدينية لها طقوس معترف بها، أما العثور على حلى للرجال وللنساء فيقدم دليلاً على بلوغ درجة ما من التقدم التقني.
أدت الاكتشافات الأثرية في سلطنة عُمان إلى انتشار ما يعرف بمقابر خلايا النحل في كل من بات بالقرب من عبري في منطقة الظاهرة وموقع إبراء في المنطقة الشرقية من عُمان ومما يلفت النظر في بناء هذه القبور، التقنية المتبعة في تغطية السقف القببي الشكل بالحجر الكلسي، وتقسيم داخل القبر إلى حجرتين أو ثلاث… وفي هذا كله تعبير مادي عن معتقدات دينية انعكست في التقاليد الاجتماعية وفي الحياة اليومية للناس، ينبغي البحث عن مصادرها والعوامل المؤثرة فيها.
فإذا أضفنا إلى الكشوف الأثرية في بلاد الخليج ما كشف عنه في تبة يحي في كرمان وباجور في بلوخستان، كان بالإمكان إعادة رسم طرق الاتصال والتبادل بين الحضارتين الكبيرتين اللتين قامتـا على ارض الرافدين والجزيرة العربية (سـومر واكاد)، وفي وادي السند… وقد كان لديلمون في شمال الخليج ولمجان جنوب الخليج دور كبير خلال أكثر من ألفي عام من التاريخ القديم في تأمين هذا الاتصال، ويلاحظ فريق من الباحثين الألمان أن تحرك دول الرافدين في الخليج للحصول على المواد الأولية يقابله تحرك مصري في الخليج المقابل (البحر الأحمر) للوصول إلى منتجات بلاد بونت (ساحل بحر العرب والساحل الإفريقي المقابل).. وفي هذا التحرك المتبادل بدأت تتشكل في الألف الأول ق.م. أسس حضارة جديدة في عُمان تقوم على تجارة البخور بما فيها اللبان والمر والطيوب ونقلها بين المحيط الهندي وحوض البحر المتوسط.
وتكشف التقارير العلمية التي نشرت عام 1987م عن محصلة التنقيبات الأثرية التي أجريت في بعض مناطق عُمان (المنطقة الوسطى من الباطنة) خلال عقد من السنين، ما سبق ذكره من وجود خلفية تاريخية قديمة لتشكيل مجتمع له فعالية اقتصادية سياسية وكيان سياسي منظم للتعامل مع الدول والمجتمعات الأخرى.
وتؤكد الدراسات العلمية أن عُمان تحتوي على كميات كبيرة من النحاس في شمال البلاد، كما دل على ذلك أيضاً تحليل الصخور المخضرة وظهور سيليكات المغنيزيوم المهدرجة فيها، وكان النحاس يستخرج بسهولة من الصخور ومن مناجم محفورة في العصور القديمة، كما أمكن استخراج بعض أنواع الكبريت. وتقع منطقة التعدين وراء المنطقة الزراعية بنحو خمسة وعشرين كيلومترا من الساحل، على سفح جبال الحجر الغربي. ودل العثور على آثار حجرية في المنطقة على استقرار مجتمعات صغيرة في مطلع الألف الثالث ق.م. في الظاهرة عملت في التعدين. وكانت المواد الأولية تستخرج من المناجم، ويصهر المعدن في مصاهر بسيطة، وبنيت مساكن بسيطة لتأمين استقرار العمال.
وقد استمر استغلال هذه المناجم في عُمان إلى العصور الإسلامية الوسطى... وكان الموقع الرئيسي لها منذ نهاية العصر الساساني إلى القرن الثاني عشر للميلاد هو موقع عرجا حيث وجدت آثار منشآت عمرانية يمكن أن تكون لها علاقة بالتعدين، كما عثر على آثار فخارية وخزفية يمكن تأريخها بهذه الفترة. ومما لفت الانتباه العثور على عرق من النحاس على عمق 90م تحت سطح الأرض مع قطع من الخشب والحبال، وقد درست هذه البقايا لتأريخها بطريقة التأريخ بالفحم المشع (14C) فأرجعت إلى القرن التاسع الميلادي.
وقد أشار المسعودي (القرن الرابع للهجرة/ العاشر الميلادي) إلى مناجم النحاس في عُمان... ولكن الأهم من ذلك وهو وجود قواعد تنظيمية خاصة بالتعدين من مصادر عُمانية تعود إلى القرن العاشر للميلاد أيضا.. وكانت مناجم للتعدين تستثمر في وادي الجزي (بالقرب من صحار) من القرن الثاني عشر. ولكن أيا من هذه المراجع لا يقدم لنا أية معلومات تفصيلية، ومما لاشك فيه أنها تدور حول موضوع التعدين، وهي تتضمن مثـلاً عقوداً بين المالكين للموقع وبين المستثمرين، وهي عقود طويلة الأجل تمتد إلى مائة عـام مثلا... ولكن الوثائق نفسها تصمت عن أعطاء أية معلومات عن اليد العاملة أو التقنيات المتبعة.
وبموجب البيانات النصوصية المتوفرة منذ مطلع الألف الثالث ق.م. وكذلك الدلالات الأثرية للمستوطنات البشرية المنتشرة في مناطق واسعة من سواحل وجزر الخليج، فأن النحاس الذي عرفه العراقيون منذ مطلع الألف الرابع ق.م وصلهم من مناجم النحاس في عُمان وعن طريق الرحلات البحرية في الخليج.
وقد شجع على تطور العلاقات التجارية بين العراق و عُمان حيث أن طريق الرحلات البحرية عبر الخليج كان طريقا سالكا أمام وسائط النقل القديمة، ومما ساعد على تطوير العلاقات التجارية خلال الألفيتين الرابعة والثالثة ق.م. والمستندة أساسا على النحاس، توفر مواد أولية أخرى في عُمان أو تستجلبها رحلات التجارة في الخليج، وهي الأحجار بأنواعها المختلفة ومنها الأحجار الكريمة، وكذلك الأخشاب والنحاس.
وكما سبق القول فقد اخذ تدجين الجمل واستخدامه الواسع من قبل سكان الجزيرة العربية للنقل والمواصلات، يقلل من أهمية النقل البحري في الخليج، وفتح آفاقاً وأسواقاً جديدةً أمام تجارة عرب جنوب الجزيرة العربية عامة ومنهم العُمانيون، مثلما أثر هذا الواقع الجديد في الأسواق والمتغيرات السياسية والبشرية والفكرية لعالم الشرق الأدنى القديم خلال الألفية التاسعة ق.م، وشيوع مواد تجارية جديدة، حيث أصبح الطلب على البخور والطيوب يأتي في مقدمة السلع التجارية الهامة. وعليه، فقد أخذت التجارة والسلع العُمانية تتوجه في جانب كبير منها صوب الغرب والشمال ولتتحد مع تجارة قوافل جنوب الجزيرة العربية الواسعة فيما يعرف بطريق البخور.
ومما يعزز هذا الرأي انتشار كتابات المسند في مواقع عُمانية وخليجية كثيرة، كما أصبحت المواشي ومنها الخيول والجمال والطيوب والذهب من بين مواد التجارة العربية القديمة والتي سعى الأشوريون وغيرهم للحصول عليها.وقد زاد التجارة العربية أهمية مقدرتها على توفير سلع أجنبية للأسواق التجارية تتعدى السلع المحلية، مثال ذلك سلعة القرفة التي لعب العُمانيون دورا بارزا من دون شك في توفيرها للأسواق من مناشئها الهندية، وذلك بفضل قدراتهم المتطورة تاريخيا على ركوب البحر، وتهيؤ شروط ملاحية مشجعة للانتقال بين خليج عُمان وبين شواطئ الهند الغربية، حيث يمكن الوصول بعدها إلى مكامن القرفة وأنواع أخرى كثيرة من السلع والمنتجات الهامة.
وعموما فان مراكز الحضارات والأحوال السياسية والعسكرية وكذلك سلع التجارة الرئيسية، وطرق المواصلات ووسائط النقل، كانت ولا تزال تلعب دورها في توجهات الطرق التجارية العالمية، وتخلق أسس العلاقات المختلفة بما فيها العلاقات الحضارية.
ولكن الذي أفادت منه عُمان خاصة وجنوب الجزيرة العربية بشكل عام، أنها مع ضعف الطلب على النحاس وجدت البدائل في الطيوب والتوابل والمنسوجات.
هذا ولم يكن نشاط الإنسان العُماني في العصور التاريخية القديمة قاصراً على التعدين والاشتغال بالتجارة والملاحة، وإنما كان له أيضا نشاطه في مجال الزراعة، ذلك أن الدول القوية في التاريخ القديم أو الحديث تجد مبررات قوتها دائما في اقتصاد متنوع مزدهر، تشكل الزراعة، وبخاصة في اقتصاديات العالم القديم ابرز أركانه. ورغم أن التفاصيل الكاملة لوضع الدولة القديمة في عُمان وأركانها ونشاطاتها غير معروف حتى الآن، ولكن صورة الزراعة المتطورة، إضافة لما عرضناه من أمر التجارة المزدهرة، تمثل وجهاً ناصع البياض لنشاطات الدولة القديمة في عُمان على مختلف مسمياتها.
ويتأكد الحديث عن الزراعة القديمة المتطورة في عُمان في ضوء دليلين هما: الأول، ونستقيه من إشارات بعض النصوص المسمارية التي تحدثت عن استيراد مواد زراعية من مجان (عُمان) منها البصل، إضافة إلى القصب والأخشاب التي تعد من المنتجات الزراعية التي اشتهرت بها التجارة العُمانية الخارجية مع العراق. أما الدليل الثاني، فيتمثل في بقايا عشرات الأميال من قنوات الري القديمة المنتشرة في مناطق شتى من عُمان والتي تعرف محليا باسم الافلاج.
والفلج لغة بمعنى النهر وقيل النهر الصغير وقيل الماء الجاري من العين أو هو الساقية، والفلجات سواقي الزرع والجمع أفلاج... والمبدأ العام لعمل هذا النظام المبدع في الري، هو تسريب المياه الجوفية عبر قنوات تشيد في باطن الأرض يختلف انحدارها عن مستوى انحدار الطبقة الصخرية الحاوية للمياه الجوفية، حتى وصول القناة إلى حدود سطح الأرض على مقربة من القرى الزراعية والمدن، فتتوزع المياه للأغراض الحياتية المختلفة.
وعليه فنظام الافلاج يتطابق عمله مع ما وصفه اللغويون بالقناة وتعني أنبوب الماء المصنوع الذي يجري تحت الأرض ويسمى ايضاً كظامة ونفق واردب.. وتشيد الافلاج على أشكال مختلفة، فقد تكون القناة مخفية في باطن الأرض حتى نقطة وصولها للاستغلال البشري، وقد تظهر وتختفي ثانية وقد يقيم أصحاب الفلج مساقط ماء عند بعض نقاط القناة للاستفادة منها في تشغيل طواحين حجرية.
وتكثر مشاريع الافلاج في عُمان على جانبي سلسلة جبال عُمان المعروفة باسم جبال الحجر، وبذلك فهي تنتشر في مناطق الداخلية والشرقية من عُمان وفي سهول الباطنة المطلة على خليج عُمان والبحر العربي، وسهول الظاهرة المطلة على صحراء الربع الخالي.
ومثلما برع مهندسون عرب قدامى في أعمال الري عرفوا بالقناقن... فان قبائل عُمانية اشتهرت أكثر من غيرها في شق الافلاج وصيانتها في الوقت الحاضر. ورغم أن التقاليد التقنية في إنشاء هذه الافلاج وكذلك اعتمادها الوسيلة الوحيدة لري مناطق مهمة وواسعة في عُمان، تشير إلى قدم مشاريع الري هذه في عُمان. وربما تكشف أعمال التنقيبات المتواصلة في عُمان، عن دلائل أثرية تكشف عن الأبعاد التاريخية لهذا النظام المتطور للري.
ويشير تقرير البعثة الإيطالية حول الافلاج أن الاكتشافات الجديدة في موقع سلوت الأثري بولاية بهلا تشير بأن اصل الافلاج هي عُمانية المنشأ وترجع إلى أواخر الألف الثاني قبل الميلاد حيث ظهر نظام الري في عُمان، وانتقل بعد ذلك بفترة زمنية كبيرة إلى إيران بعد سيطرتها على سواحل جنوب الجزيرة العربية. ويرجع المؤرخون العُمانيون وغيرهم منشأ الافلاج في عُمان إلى النبي سليمان بن داوود في القرن العاشر قبل الميلاد، وتسمية بعض الافلاج بالداؤودية مرجعه إلى ذلك الاعتقاد وهي تمثل 40% من الافلاج العُمانية.
وللافلاج نظام دقيق في الهندسة الإنشائية ونظام الري وطرق الصيانة والتشغيل. وتوجد في عُمان ثلاثة أنواع رئيسية من الافلاج:
1. افلاج داؤودية (عّدية) عبارة عن أنفاق تحت الأرض تصل في طولها إلى (12) كيلومتراً.
2. افلاج (غيليه) وهي عبارة عن قنوات مكشوفة توجد في مجاري الأودية وقد يصل طولها إلى (2) كيلومتراً.
3. افلاج (عينية) منابعها في قمم وسفوح الجبال وتنساب مياهها في قنوات مكشوفة أو أنفاق أو على جسور، ويتم إعداد مجاريها لتصل إلى القرى والأراضي المزروعة.
عُمان في عصر صدر الإسلام
ارتبط العُمانيون بأصول عربية عريقة، والثابت أنه حدثت هجرة عربية كبيرة في العصور التاريخية الأولى من شمال شبه الجزيرة العربية إلى عُمان وسواحلها، وذلك بسبب الجفاف في شبه الجزيرة العربية، ولا يعرف بالضبط تاريخ هذه الهجرة، وهل كانت هجرة كبيرة واحدة أو على دفعات. وهؤلاء المهاجرون ينتسبون إلى قبائل نزار وهم العدنانيون عرب الشمال.
ويستدل من المصادر العربية أن عُمان تعرضت لهجرة يمنية كثيفة العدد، منذ فجر التاريخ وأكثرها شهرة هي الهجرة التي أتت بعد انكسار سد مأرب وتهدمه في القرن الأول الميلادي، فرحلت لخم والزد عن اليمن إلى أطراف شبه جزيرة العرب، فنزل بعض الأزد في الطرف الشرقي من عُمان بينما استقر الأوس والخزرج في يثرب، أما بنو عمرو بن عامر الذي يعود نسبه إلى مازن بن الأزد فقد نزلوا بمشارف الشام.. ويذكر البلاذري أن الأزد بعد خروجهم من بلادهم انتقلوا إلى مكة ومن هناك تفرقوا فأتت طائفة منهم عُمان، وطائفة السراة، وطائفة الأنبار والحيرة، وطائفة الشام.
وفي الحقيقة لا يوجد تاريخ دقيق لهجرة الأزد إلى عُمان.. ولا تحديد ثابت لخط سير هذه الهجرة سواء عن طريق حضرموت انطلاقاً من مأرب، أو عن طريق اليمامة والبحرين انطلاقاً من السراة (عسير).
وان كانت بعض المصادر تشير إلى أن قبيلة الأزد التي كانت تسكن مأرب في نهاية القرن الأول الميلادي، هاجرت من مأرب عبر وادي حضرموت، ونزلت سيحوت (في الشحر) بقيادة مالك بن فهم الذي انتقل بالبحر إلى (قلهات) (15 ميلاً شمال غرب صور) وقام بتحرير عُمان من الفرس خلال معارك شرسة وأصبح السيد الأول المستقل على كل عُمان.
والحق أن المواجهة بين عرب عُمان، والفرس على الخليج جعلت العُمانيين يحرصون على استقلالهم وعلى الاعتزاز بعروبتهم وأصالتهم اعتزازاً كبيراً، ويستكمل العُمانيون النصر على الفرس بنزولهم في أرض فارس نفسها، إذ نجح سليمة بن مالك بن فهم في اقتطاع أرض كرمان من العجم، ولم تخرج كرمان عن حكم العُمانيين إلا بعد وفاة سليمة بن مالك واختلاف رأي أولاده من بعده. فتغلبت الفرس عليهم واستولوا على ملك أبيهم في كرمان، واضمحل أمرهم فتفرقوا بأرض كرمان ورجعت فرقة منهم إلى أرض عُمان.

وهكذا هيمن الأزد على عُمان، ويؤكد ذلك قول البلاذري: "قالوا كان الغالبون على عُمان الأزد وكان بها من غيرهم بشر كثير في البوادي".

ولم يكن سكان عُمان من الأزد فقط، بل كانت تسكن عُمان عند الفتح الإسلامي قبائل عُمانية مشهورة، منها (سامة بن لؤي) وينسبها النسابون إلى قريش واحتفظ بنو سامة بوحدتهم القبلية ولم يندمجوا بالأزد، ولكنهم كانوا حلفاء لهم.
وقال عنهم البكري "فصار بنو سامة بعُمان قوة شديدة لها بأس وثروة ومنعة" وقد هاجر بعضهم إلى البصرة بعد الإسلام.
وقد شارك الأزد سكنى عُمان عند الفتح الإسلامي بعض بطون من عبد القيس، وان كان استيطانهم فيها يرجع إلى أزمنة قديمة يقول ابن دريد "ان الأتلاد بطون من عبد القيس" وقد سكنت منذ القدم عُمان.

وجاء في معجم ما استعجم في هجرة القبائل "ودخلت قبائل من عبد القيس جوف عُمان فصاروا شركاء للازد وهم الأتلاد "أتلاد عُمان". وكانت هناك أيضا بطون من قضاعة تسكن عُمان عند الفتح الإسلامي.
وإذا كانت معظم القبائل العُمانية، وكما رأينا من أصل يمني، لان هجرتها كانت أساساً من اليمن، أو من اليمن إلى جهات أخرى ثم انتهى بها المطاف إلى عُمان فالحقيقة أن الجوار في الموقع، والخصائص البيئية والحضارية والبشرية المشتركة بين اليمن وعُمان... قد أوجدا تقارباً لا حدود له من حيث التكامل التاريخي والبشري وتبادل المنافع المشتركة، وسهل كل من البحر والطريق البري مرور التأثيرات المتبادلة، وأعطى تكاملاً اقتصادياً في منتجات البحر والبر من أسماك ولؤلؤ وبخور ولبان وورس وبن، وتبادلا في الثروة الحيوانية، مما أدى إلى تعميق الاتصال بين اليمن وعُمان، ونتج عن ذلك أن كثيراً من الهجرات اليمنية اتجهت صوب عُمان، ومن ثم كانت معظم قبائل عُمان وكما أشرنا ذات أصل يمني.
وقد جاء الإسلام وهذه القبائل التي سبقت الإشارة إليها وغيرها كثيرا من أصول يمينة وعدنانية كانت تسكن عُمان، وقد تفاعلت هذه القبائل بسرعة مع الدعوة إلى الإسلام، وأرسلت وفودها ورجالها إلى بلاد الحجاز للوقوف على أمر هذا الدين الجديد، وكان مازن بن غضوبة الطائي السمائلي أول من رحل إلى المدينة وأول المسلمين من أهل عُمان.وقد وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له "يا ابن المباركين الطيبين قد هدى الله قوماً من عُمان ومن عليهم بدينك وقد أخصبت وكثرت الأرباح فيه والصيد.
فقال صلى الله عليه وسلم : ديني دين الإسلام، وسيزيد الله أهل عُمان خصباً وصيداً !! فطوبى لمن آمن بي ورآني !! وطوبى لمن آمن بي ولم يراني، ولم ير من رآني، وسيزيد الله أهل عُمان إسلاما !!" وفعلاً أسرع العُمانيون بالدخول في الإسلام وأرسل لهم النبي رسله ورسائله.
واختلفت الروايات التاريخية حول التحديد الزمني لدخول الإسلام في بلاد عُمان في زمن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم سيما وان المعلومات التاريخية المتوافرة تؤكد بأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان هو المبادر في دعوة حكام عُمان إلى الإسلام وهما جيفر وعبد ابنا الجلندي، بيد أن التضارب في الروايات التاريخية يكمن في تحديد الفترة التي اتصل فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بأهل عُمان عارضاً عليهم دعوة الإسلام فمن جهة تذكر رواية تاريخية أن النبي عليه الصلاة والسلام اتصل بزعماء عُمان بعد صلح الحديبية سنة 6هـ وتذهب رواية أخرى إلى القول بان تاريخ اتصال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بحكام عُمان هو بعد حجة الوداع لكن معظم الروايات تؤكد أن الاتصال تم بعد فتح مكة المكرمة سنة 8هـ.
ومن هنا نجد أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يدعو لأهل عُمان بالخير قائلاً: "رحم الله أهل الغبيراء (أي أهل عُمان) آمنوا بي ولم يروني".

وما دعا الرسول الكريم لان يثني ويدعو لأهل عُمان بالخير إلا لأنه صلى الله عليه وسلم كان قد علم بإسلام ملكي عُمان إسلاماً خالصاً مخلصاً من كل شائبة وسوء.يدل على ذلك أن الروايات التاريخية تتفق جميعها على أنهما استجابا لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم دون تردد أو خوف أو ضعف.
وقد شكرهم أبو بكر الصديق، وقام الخطباء بالثناء عليهم والمدح فقالوا: كفاكم معاشر الأزد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وثناؤه عليكم أما عمرو بن العاص فلم يدع شيئا من المدح والثناء إلا قاله في أهل عُمان.
ثم جاءت وجوه الأنصار في المدينة المنورة من الأزد وغيرهم، ليسلموا على عبد بن الجلندى ومن معه. فلما كان من الغداة أمر أبو بكر فجمع الناس من المهاجرين والأنصار، وقام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه وقال:"معاشر أهل عُمان" إنكم أسلمتم طوعاً لم يطأ رسول الله ساحتكم بخف ولا حافر، ولا عصيتموه كما عصيه غيركم من العرب، ولم ترموا بفرقة ولا تشتت شمل، فجمع الله على الخير شملكم، ثم بعث إليكم عمرو بن العاص بلا جيش ولا سلاح فأجبتموه إذ دعاكم على بعد داركم، وأطعتموه إذ أمركم على كثرة عددكم وعدتكم، فأي فضل أبر من فضلكم، وأي فعل أشرف من فعلكم، كفاكم قوله عليه السلام شرفا إلى يوم المعاد، ثم أقام فيكم عمرو ما أقام مكرما ورحل عنكم إذ رحل مسلما!! وقد من الله عليكم بإسلام عبد وجيفر ابني الجلندى، وأعزكم الله به واعزه بكم!! كنتم على خير حتى أتتكم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأظهرتم ما يضاف إلى فضلكم، وقمتم على خير حتى حمدناكم فيه. ومحضتم بالنصيحة وشاركتم بالنفس والمال، فيثبت الله به ألسنتكم ويهدي به قلوبكم، وللناس جولة فكونوا عند حسن ظني بكم! ولست أخاف عليكم أن تغلبوا على بلادكم ولا أن تراجعوا عن دينكم. "جزاكم الله خيرا".
والحق أن خطبة أبي بكر الصديق في الوفد العُماني برئاسة عبد بن الجلندى وفي جمع من المهاجرين والأنصار، لهي وثيقة هامة وخطيرة الشأن في حسن أخلاق العُمانيين وكرم وفادتهم، وفي حسن إسلامهم وفي ثباتهم على الإسلام بعد أن أسلموا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:37 pm


حكم النباهنة لعُمان
اجمع المؤرخون العُمانيون على أن حكم بني نبهان في عُمان استمر خمسة قرون، وكان على فترتين، الاولى عرفت بفترة النباهنة الأوائل واستمرت أربعمائة عام، وبدأت بوفاة الأمام أبي جابر موسى بن أبي المعالي موسى بن نجاد عام (549 هـ / 1154م). وانتهت بالقضاء على حكم سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني الملك الشاعر المشهور، ومبايعة محمد بن إسماعيل إماماً لعُمان سنة (906هـ / 1500م). وقد تخللت هذه الفترة غزوات وحروب واجهت بني نبهان من الداخل والخارج، بالإضافة إلى تنصيب ألائمة بين فترة وأخرى.
أما الفترة الثانية والتي عرفت بفترة النباهنة المتأخرين فاستمرت من عام (906هـ إلى 1034هـ/ 1500 إلى 1624م). وقد تخللتها أحداث مختلفة منها تنصيب الأئمة، والصراع على السلطة بين بني نبهان أنفسهم من جهة وبينهم وبين بعض القبائل العُمانية الطموحة في الوصول إلى الحكم من جهة ثانية.
على أن أهم أحداث تلك الفترة، احتلال البرتغاليين للمنطقة الساحلية من عُمان يمكن القول بأن نفوذ النباهنة قد أقتصر على المناطق الداخلية في بعض الفترات إلا أنه امتد إلى الساحل في مراحل أخرى كثيرة وفي أحيان أخرى تمكنت بعض القبائل المتمردة على حكم النباهنة من الإنفراد بالساحل بعيدا عن سلطة الدولة.
ونظراً لامتداد حكم النباهنة لأكثر من خمسة قرون لذا فقد أطلق على عصرهم عصر النباهنة، وعلى الرغم من أن معظم المؤرخين قد اعتبروا عصرهم عصر جور وظلم لتجاوزهم على حقوق الرعية إلا أن النظرة العلمية المحايدة لا تأخذ بكثير من المسلمات التي افتقدت في مجملها إلى التحقيق العلمي الجاد.
ونظراً للصراع الذي دار بين سليمان بن سليمان بن مظفر وبين الأئمة، لذا فقد تمكن النباهنة من استغلال الموقف لصالحهم ومن خلال عدة معارك اتسمت مجملها بالمباغتة تمكن النباهنة من إعادة سلطتهم مرة ثانية.
وقد وصف عهدهم بالجبروت، ومع أنه لا يوجد وجه للمقارنة بين حكم هؤلاء الملوك الذين اسماهم الفقهاء العُمانيون بالجبابرة، وبين الأئمة الشرعيين المنتخبين، وعليه يجب أن لا تؤخذ هذه الأحكام على أنها مسلمات فكما أن هناك المفسد هناك أيضا المصلح فهذا ينطبق أيضاً على ملوك بني نبهان.
ويستدل على ذلك بوصف الستالي شاعر ملوك بني نبهان لبعض ملوكهم، حيث أشاد بتواضع وحسن أخلاق الملك النبهاني أبي العرب يعرب بن عمر، الذي عرف عنه حبه للعلم والعلماء، كذلك اثني على السلطان أبي الحسن ذهل بن عمر وهنأه بعودته إلى وطنه بعد أدائه فريضة حج بيت الله الحرام، وخير وصف لحسن أخلاق ملوك بني نبهان وكرمهم وتواضعهم ما ذكره أبن بطوطة عند زيارته لعُمان ومقابلته للملك النبهاني أبي محمد حيث قال فيه:" وعادته أن يجلس خارج باب داره في مجلس هناك، ولا حاجب له ولا وزير، ولا يمنع أحدا من الدخول إليه من غريب أو غيره، ويكرم الضيف على عادة العرب، ويعين له الضيافة ويعطيه على قدره له أخلاق حسنة".
ومن الثابت تاريخيا أن سليمان بن سليمان النبهاني كانت له صفات أزعجت أهل الحل والعقد منه، مما جعلهم يتجهون إلى اختيار رجل يكون أهل لتولى أمور البلاد فكان اختيارهم لمحمد بن إسماعيل الحاضري فبايعوه إماماً لعُمان( سنة 906 هـ / 1500 م)، وذلك لتوسمهم في شخصه كفاءة واستقامة، هذا عن الأحداث الداخلية التي وقعت في عُمان في عهد النباهنة.
أما بشأن علاقة بني نبهان بالقوى الخارجية فقد اتسمت بطابعين متباينين احدهما سلبي والآخر ايجابي أما الجانب السلبي فيتمثل في الغزو الخارجي لعُمان، ذلك أن كثرة التمزق والخلاف بين العُمانيين أدت إلى استهانة أعدائهم بهم، فشنوا عليهم عدة غزوات كان مصدر غالبيتها بلاد فارس فقد ذكر الستالي أن هجوماً قام به الفرس على عُمان في عهد الملك النبهاني معمر بن عمر بن نبهان ولكن العُمانيين قضوا على ذلك الهجوم.
وتروى كتب التاريخ انه في عام (660هـ / 1216م ) وفي عهد الملك النبهاني أبي المعالي كهلان بن نبهان قام محمود بن أحمد الكوشي ملك هرمز بهجوم على عُمان فاستولى على ميناء قلهات، واستدعى أبا المعالي كهلان وطلب منه تحصيل الخراج من العُمانيين وتسليمه إياه، فاعتذر أبو المعالي عن ذلك متعللا بأن عُمان ليست كلها طوع يده فأشار عليه بأن يأخذ قوة من جيشه يجبر بها من لا يدفع الخراج، وعندما رأى أبو المعالي كهلان، إصراره على ذلك اخذ يستلطفه راجياً منه العفو عن أهل عُمان، وذلك لعدم استطاعتهم دفع المبلغ الذي طلبه ، فغضب عليه الملك الهرمزي، وقرب أمراء البدو العُمانيين الذين وفدوا إلى معسكره، ملبين دعوته، فأغدق عليهم هداياه من كساء وأموال وطلب منهم نصرته وتنفيذ ما طالب من أموال فوعدوه بذلك.
وعند وصول الملك الهرمزي إلى ظفار، تصدى له أهلها فاستشهد عدد كبير منهم وتمركز جيش الملك الهرمزي في المناطق الساحلية من ظفار حيث قاموا بنهب الأسواق ومنازل الأهالي وسلب ما في أيديهم، وحملت تلك الأمتعة والأموال المسلوبة والرقيق على السفن، وأمر الملك الهرمزي ثلث جيشه بمرافقة هذه السفينة على أن يسبقوه إلى قلهات لكي يجتمع جيشه هناك، أما هو ومن بقى معه من جيشه فتوغلوا إلى الداخل قاصدين داخلية عُمان عن طريق البر.
وتشير بعض المصادر العُمانية إلى تعدد علاقات النباهنة بالقوى الخارجية وخصوصا العلاقات السياسية التي بدت أكثر وضوحاً من خلال تبادل الزيارات مع البلاد المجاورة وخصوصاً في منطقة الخليج وشرق أفريقيا وبعض الممالك الآسيوية.
ووفقا لرواية الستالي شاعر ملوك بني نبهان الذي أشار إلى علاقات النباهنة بشرق أفريقيا أثناء زيارته إليها ويبدوا أن علاقة حكام النباهنة بالممالك الأفريقية كانت وثيقة لدرجة أنه امتدح ثلاثة من الحكام الأفارقة وهم سبخت بن علي وبختان واسحق بن عمر. وعلى الرغم من كل ذلك فان عصر النباهنة يبقى فترة زمنية لم تكشف كل تفاصيلها بعد إلا أن بعض المعلومات المتناثرة قد قدمت صورة لا بأس بها لطبيعية العلاقات بين النباهنة وشرق أفريقيا.
والمعروف أن علاقة عُمان بشرق أفريقيا علاقة قديمة، خاصة العلاقات التجارية بين الطرفين وكان العُمانيون يلجأون إلى هذه المنطقة عندما تجبرهم الظروف على ترك وطنهم سواء كانت تلك الظروف اقتصادية، نتيجة للقحط والأزمات الاقتصادية أو سياسة كلجوء الزعماء والأمراء مثلما حدث لسعيد وسليمان ابني عباد بن عبد بن الجلندى فرارا من اضطهاد الحجاج بن يوسف الثقفي، أو اجتماعية نتيجة للحروب القبلية والثورات التي دفعت بعضهم إلى الفرار إلى شرق أفريقيا خوفاً على حياتهم، ولذا كان استيطان العُمانيين لشرق أفريقيا ظاهرة قديمة ومستديمة.
أما علاقة ملوك بني نبهان بشرق أفريقيا، ونزوحهم إليها وإقامتهم مملكة نبهانية في بات فمن المرجح أن يكون هذا الأمر قد تم في عهد الملك النبهاني مظفر بن سليمان بن مظفر بن نبهان أو في عهد ابنه سليمان بن مظفر – والد الملك الشاعر سليمان بن سليمان، الذي رحل عن عُمان بعد إقصائه عن الحكم على يد الملك الهرمزي نورشاه بن لقمة كما سبق القول، ولجأ إلى مملكة بات وتزوج هناك من ابنة ملكها المدعو اسحق ثم انتقل الحكم إليه أما بوفاة والدها المدعو اسحق، أو بتنازل الأخير عن الحكم طواعية لابنته ثم لزوجها.
دولة اليعاربة
قامت دولة اليعاربة في عُمان عام ( 1034 هـ / 1624 م ) نتيجة لظروف عديدة، منها أن البلاد كانت تعاني الكثير من الفوضى السياسية عند نهاية عهد النباهنة، تلك الدولة التي عمرت خمسة قرون كانت الثلاثة القرون الأولى تمثل فترة قوتها، ومع اقتراب القرن الخامس عشر بدأت عوامل الضغط تعمل في كيانها كنتاج طبيعي لانقسام الدولة إلى ممالك وكيانات ضعيفة عجلت بنهايتها.
وتشير المصادر العُمانية إلى أن تاريخ النباهنة لم يكن كله ضعيفاً وإنما كانت هنالك فترات قوة، حيث حكم عُمان بعض الحكام العظام، لعل أشهرهم فلاح بن محسن. وبينما كان البرتغاليون يجهزون على كل القوي الإقليمية كانت عُمان تشهد مولد عهد جديد وزعامة جديدة. فقد ظهر ناصر بن مرشد كأول أمام لدولة اليعاربة، وقد استطاع هذا الإمام أن يستوعب كل أبعاد القضية، وان يدرك المتغيرات الجارية من حوله سواء على المستوى العُماني أو على مستوى المنطقة بشكل عام، وقدر كل أبعادها حيث اعتقد أن مواجهة البرتغال لا يمكن أن تكون حاسمة إلا إذا استند إلى جبهة وطنية متراصة ومتماسكة، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا إذا خاض حروباً ضارية في سبيل توحيد كل القبائل العربية.
وبما أن منطقة الرستاق هي التي شهدت بعثة إمامة ناصر بن مرشد فقد كان عليه أن يبدأ بها، ولهذا مضى ومعه جمع من أنصاره نحو قلعة الرستاق وكان المالك للرستاق ابن عمه مالك بن أبي العرب اليعربي، وبعد حصار لم يدم طويلاً فتحها الإمام.
ونظراً لثقل المهمة التي كان يقوم بها الإمام ناصر بن مرشد واستعداداً لحروب قد تطول أكثر مما كان يتوقع، لذا فقد كان يقيم في المناطق التي كان يدخلها حصناً أو قلعة بعد أن يترك أحدا من أتباعه لكي يواصل مهمته في ترسيخ مبادئه ومواصلة دعوته التي أخذت تنساب في كل أرجاء عُمان، وقد حققت هذه السياسة تعاظم نفوذ الإمام إضافة إلى عدالته التي كانت مضرب المثل مما دفع المترددين إلى القدوم إليه طالبين بسط سلطته العادلة.
ومما يؤكد صعوبة المهمة التي مضى الإمام في سبيل تحقيقها كثرة الممالك التي أقيمت على مقومات قبلية بحيث يصعب التمييز فيها بين القبيلة والحكومة، وذلك أن الحكم كان بيد شيخ القبيلة الذي كان يطلق عليه تجاوزا ملكاً أو أميراً، أما فكرة الدولة القومية الواحدة والإدارة المركزية فهي من المفاهيم التي لم تتعود عليها القبائل في تلك الفترة. لعل الإمام ناصر كان يعول أهمية كبيرة على نزوى ولذا فبمجرد أن فتحها فضل أن يتريث لبعض الوقت ويبدو انه كان يتوقع توافد القبائل عليه تجنباً لإراقة الدماء وقد تحقق ما توقعه الإمام.
ومن الظواهر اللافتة للنظر في سياسة الإمام انه كلما حقق قدراً لا باس به من الوحدة راح يتريث ترقباً لرد فعل قد يحول دون الحرب، ولعلها فرصة لإعادة ترتيب جنده ومحاولته العودة لتفقد المناطق التي دخلت في حوزته، وهي سياسة حكيمة تتعدد فوائدها على كل المستويات.

وهكذا استطاع الإمام ناصر بن مرشد خلال سنوات حكمه والتي امتدت حتى (1059هـ/1649م)، أن يحقق لعُمان تماسكها. وكانت محاولاته نحو الوحدة باعثة على تحقيق الأمل الكبير الذي افتقرت إليه البلاد منذ زمن طويل، وينفرد الإمام ناصر بن مرشد بين أئمة اليعاربة بتصديه لهذا الكم الهائل من المشكلات حيث حارب في جبهتين (الساحل والداخل) وعند وفاته في (ربيع الثاني 1059هـ /23 ابريل 1649م) كانت القبائل العُمانية تحت لواء واحد، وعموماً فان فترة الإمام ناصر بن مرشد تعتبر من أغنى وأخصب الفترات في تاريخ اليعاربة، ويعد دوره في سبيل الوحدة الوطنية أساساً لكل الانتصارات اللاحقة ضد البرتغاليين.
وإذا كانت عُمان منذ (1034هـ/1624م) وحتى وفاة الإمام ناصر بن مرشد (1059هـ/ 1649م) قد واجهت حروباً أهلية طاحنة إلا أنها استطاعت أن تخرج منها أكثر تماسكا وقوة وبدأت مرحلة جديدة من الوحدة في ظل حكومة مركزية وانتهى العهد الذي كانت فيه مقسمة إلى دويلات صغيرة تحت رئاسة ملوك ضعاف ارتضوا أن يحكموا دويلات هزيلة، بدلا من أن تقوى بلادهم وتتحد.
وإذا كان الإمام ناصر بن مرشد قد أنجز تحقيق الوحدة الوطنية، إلا أن الوجود البرتغالي على السواحل العُمانية كان في حاجة إلى إمكانيات جديدة تفوق الإمكانيات التقليدية التي استخدمها اليعاربة في سبيل القضاء على الحروب الأهلية والانصياع لسلطة الدولة الموحدة، لقد وقعت كل المعارك التي خاضها الإمام ناصر بن مرشد من أجل الوحدة على اليابسة، أما البرتغاليون فقد كانوا أهل بحار، وطريقتهم في الحرب اعتمدت على السفن التي شهدت طفرة كبيرة منذ الكشوف الجغرافية، ولذا فان سياستهم الاستعمارية اعتمدت على احتلالهم لكثير من المدن والقلاع والحصون التي تقع في طريق البحار والمحيطات دون اللجوء إلى التعمق في اليابسة والذي لا يتناسب وإمكاناتهم البشرية.
أدرك اليعاربة مقدرة عدوهم القادم من أقصى الطرف الأوربي كدولة بحرية خاضت معارك طاحنة في سبيل الحفاظ على مكانتها، ولذا فقد كانت العناية بالأسطول وتنمية الموارد الاقتصادية من الركائز الأساسية التي اعتمد عليها اليعاربة، ولذلك فقد طوروا أسطولهم التجاري والعسكري مستفيدين من خبرة الدول الأكثر تقدماً في هذا المجال وخصوصاً شركة الهند الشرقية البريطانية، حيث أقاموا معها علاقات طيبة مستفيدين من تنافسها مع السياسة البرتغالية في تلك الفترة قبل أن تنشأ سياسة الوفاق الجديدة.
وبمجرد أن انشأ الإمام ناصر بن مرشد اسطوله وانتهى من القضاء على جميع القوى المحلية المناوئة ألقى بكل ثقله في محاربة البرتغاليين حيث انتزع منهم صور وقريات، على يد ابن عمه سلطان ابن سيف اليعربي. ويبدو أن انتزاع صور وقريات لم تكن مهمة سهلة، فقد كان التباين واضحاً بين حجم وكفاءة القوتين المتنافستين، إضافة إلى أن الوحدة الوطنية لم تكن قد تحققت بما يتناسب وأعباء المواجهة التي كانت تقضي بقدر كبير من الانسجام والتفاهم خصوصاً وان البرتغاليين كانوا قد استردوا أنفاسهم منذ أن طردوا من هرمز 1622م بسبب انشغال القبائل بالحروب الأهلية وقبل كل ذلك قد استجدت على مسرح الأحداث سياسة وفاق جديدة بين البرتغال وشركة الهند الشرقية بدءاً من عام (1044هـ/1634م)، تحولت إلى صداقة متينة وتعاون بين الطرفين وخصوصاً بعد أن استرد البرتغاليون استقلالهم من أسبانيا عام (1050هـ/1640م).
ومنذ عام (1050هـ/1640م ) بدأ ناصر بن مرشد يجني ثمار الوحدة الوطنية فبمجرد أن علمت القبائل بحصار صحار أخذت تستنفر همم شبابها الذين شاركوا في بناء القلعة، وخصوصاً من مناطق لوى وبات وكافة المناطق المتاخمة لصحار، وبينما ضرب العُمانيون حصاراً منيعاً حول صحار، كانت سرية أخرى قد وصلت إلى مسقط بأمر الإمام، وعلى الرغم من أن تلك السرية لم تحقق نتائج حاسمة، إلا أنها أربكت القوات البرتغالية، سواء في صحار أو مسقط مما مهد لسلسلة من الهجمات العُمانية الخطيرة ضد كافة المعاقل البرتغالية.
ففي عام(1053هـ/1643م) استولى الإمام ناصر بن مرشد على مدينة صحار وبنى بها حصناً مقابلاً للحصن الذي يسيطر عليه البرتغاليون، كما نجح العُمانيون في الحصول على عدد من السفن المتقدمة، وكذا الذخيرة والبارود من الإنجليز مما ضاعف من حجم العمليات العسكرية ضد القواعد البرتغالية، وعموماً فلم يصل حجم المساعدات البريطانية لعُمان بما يتناسب وامكانات البرتغال مثل ما حدث في اتفاقية ميناب عام( 1032هـ/1622م)، حيث حاربت بريطانيا بجانب الفرس لتحرير هرمز أما اليعاربة فقد حاربوا في ظروف مختلفة حيث لم يستعينوا بقوة أجنبية إضافة إلى أن البرتغال أثناء طردها من هرمز كانت في ظل التبعية الأسبانية في حين أن العُمانيين قد تضاعف جهودهم بشكل ملحوظ بعد أن استردت البرتغال استقلالها.
وعند وفاة ناصر بن مرشد لم يبق تحت السيطرة البرتغالية إلا مسقط ومطرح وحصن لهم في صحار، وقد حاول الإمام ناصر أن يسترد هاتين المدينتين وبعث بمسعود بن رمضان على رأس جيش بهدف تحريرهما، وتمكن مسعود بن رمضان من الوصول إلى مطرح وضرب عليها حصاراً في وقت تفشى فيه مرض الطاعون وأصيب البرتغاليون بهلع شديد. ولم يؤد هذا الحصار إلى تحرير مسقط ومطرح وإنما نجم عنه إبرام هدنة جاءت معظم بنودها في صالح العُمانيين.
وقد تضاعفت طموحات العُمانيين وأدركوا أنهم قاب قوسين أو أدنى من تحرير بلادهم من احتلال دام أكثر من مائة وأربعين عاماً، وبوفاة الإمام ناصر بن مرشد كان العُمانيون قد وضعوا أقدامهم عند نهاية الطريق بعد رحلة طويلة من الجهاد والتضحيات وامتد جهادهم إلى جلفار (رأس الخيمة) التي كان البرتغاليون يحتلون إحدى قلاعها بينما الفرس بقيادة ناصر الدين الفارسي يحتلون القلعة الثانية.
بويع الإمام سلطان بن سيف (1059هـ -1649م) بعد وفاة الإمام ناصر بن مرشد ومن البداية أخذ الإمام الجديد يعد العدة للقضاء على البرتغاليين وأدرك أهمية الوقت كعامل هام في الإجهاز عليهم وخصوصاً بعد أن نما إلى علمه إن عدد جنودهم قد نقص نقصاً كبيراً بسبب حملات برتغالية كانت قد أرسلت إلى الهند اعتقاداً بأن موت الإمام ناصر بن مرشد يعد سبباً كافياً لإرجاء أي نوايا عدوانية نحو مسقط ومطرح، إلا أن سلطان بن سيف لم يمكث إلا أياماً قليلة وأسرع متخذاً من طوى الرولة قاعدة للهجوم الشامل عليهم، بينما تحصن البرتغاليون بقلاع وأسوار عالية، حيث رابط جنودهم بعد أن ثبتوا مدافعهم الثقيلة في كل اتجاه، وزيادة في الحيطة فقد حفروا خندقاً عميقاً حول الأسوار، كما بنوا على رؤوس الجبال المحيطة بمسقط ومطرح مجموعة أبراج ثبتوا في داخلها جنوداً أشداء أخذوا يمطرون القوات العُمانية بوابل من نيران مدافعهم.
وكانت الحرب سجالاً بين الفريقين، فلم تكن للبرتغاليين قدرة على مواجهة العُمانيين ولم يكن للعُمانيين قدرة دخول مسقط ومطرح، وأعتمد الجيشان على القنص كلما أتيحت الفرصة لذلك. وهكذا طالت الحرب حتى كاد سلطان بن سيف أن يتراجع عن حصاره، وخصوصاً بعد أن نما الى علمه أن بعض القبائل بدأت تفكر في التراجع عن مساندته.
ولكن حدث شيء لم يكن في الحسبان، إذ أن الإمام سلطان بن سيف قد تلقى معلومات على غاية من الأهمية من العرب القاطنين حول مسقط، مكنته من دخول المدينة ولا يستبعد أن تكون هذه المعلومات كانت تعبر عن حقيقة الأوضاع داخل المدينة خصوصاً عند (نهاية ذي الحجة 1059هـ/ ديسمبر1649م) وهو موعد رأس السنة الميلادية، حيث لم تكن هناك ثمة مراقبة دقيقة مما سهل على العرب مهمة التسلل إلى داخل مسقط، وأطلعوا على أحوال البرتغاليين ونقلوا إلى الإمام ما رأوه، ولم تلبث قوات الإمام أن حاصرت البرتغاليين في قلعة الجلالي، وبعد أن نفذت مؤونتهم اضطروا إلى التسليم وتركوا القلعة، وهذا ما حدث في مطرح أيضاً ولم يبق للبرتغاليين غير سفينتين كانت تحاصران مسقط إلا أن العُمانيين تمكنوا من أسرهما، وعندما وصلت هذه الأخبار إلى السلطات البرتغالية في الهند أسرعت بإرسال أسطول برتغالي كبير ولكنه وصل متأخراً، فقد كانت القلاع وكل الحصون البرتغالية قد تهاوت وسقطت في يد العُمانيين، وأصيب البرتغاليون بخسائر جسيمة، حيث قتل معظم جنودهم، وكل المحاولات التي قاموا بها في الهند لإمداد مسقط باءت بالفشل وبنهاية (1063هـ/1652م) لم يبق البرتغاليون في الخليج، إلا وكالتهم في كنج على الساحل الشرقي من الخليج.
ومع ذلك فلم يفقد البرتغاليين الأمل في استعادة ساحل عُمان، حيث راحوا يدعمون مركزهم في كنج بل واخذوا يتفاوضون مع الفرس على السماح لهم بإنشاء وكالة تجارية في جزيرة هانجام، إلا أن الشروط الفارسية كان مبالغاً فيها، ولذا فقد رفض البرتغاليون العرض الفارسي، ويؤكد لوريمر أن سبب رفض البرتغاليين للعرض الفارسي هو تطلعهم إلى الساحل العربي، حيث كانت تبذل محاولات في هذا الصدد.

لم يكتف العُمانيون بطرد البرتغاليين من سواحل عُمان بل شنوا عليهم حرباً تمثلت في سلسلة من الغارات ضدهم في المحيط الهندي براً وبحراً، وتعرضت المواقع البرتغالية في الهند إلى تلك الهجمات:- بومباي في(1072هـ/1661م) وديو في (رجب1079هـ/نوفمبر1668م) وفي شوال ( 1086هـ/الموافق يناير1676م) وكــذلك في (سنــة1081هـ/المـوافق1670م)، وبــاسين Bassein فــي (1085هـ/الموافق1674م) وامتدت المعارك لتشمل غرب المحيط الهندي حيث خاض الطرفان صراعاً طويلاً للسيطرة على شرقي أفريقيا، فقد اتصل سكان زنجبار الذين ربطتهم عوامل دينية وقومية مع العُمانيين بالإمام سلطان بن سيف من اجل تحريرهم من الاستعباد البرتغالي وبالرغم من الانتصارات التي حققها الإمام سلطان بن سيف في مياه زنجبار، الا أن الجلاء البرتغالي لم يتم إلا في عهد الإمام سيف بن سلطان الذي وضع حجر الأساس لبحرية عُمان الشهيرة التي سيطرت على جميع الساحل الإفريقي الشرقي من (ممباسة) إلى (كلوه) إذ سيطر العُمانيون على ممباسة (1110هـ/1698م) وسيطروا على بيما وزنجبار وبته Patta وكلوه، وكانت (موزمبيق) هي الوحيدة التي قاومت الأسطول العربي العُماني وبقيت بأيدي البرتغاليين إلى القرن العشرين، وقد حاول البرتغاليين استعادة مراكزهم البحرية الضائعة وقاموا بهجوم موحد على زنجبار ومسقط في آن واحد عام (1142هـ/1729م) ولكنهم أصيبوا بهزيمة منكرة، وبذلك انهارت آمال البرتغال في استعادة سيادتها على الخليج والمحيط الهندي، وامتد نفوذ عُمان من جنوب الجزيرة العربية وسواحل شرقي أفريقيا في الغرب إلى سواحل وادي السند في الشرق.
وفي هذه الفترة أصبحت مسقط تتمتع بـ(مركز التوزيع التجاري الرئيسي) لمنطقة الخليج، فأصبحت واحدة من المواني الرئيسية في المحيط الهندي وسواحل الخليج وإيران والعراق والجزيرة العربية، وفي حدوده الغربية امتد هذا النفوذ إلى البحيرات الأفريقية المركزية، وفي الشرق لامس دلتا الكنج. وهكذا ظهرت قوة عُمان بعد القضاء على الهيمنة البرتغالية بشكل بات يخشاه الجميع، فقد أصبحت السفن العُمانية هي التي تبحث عن سفن الأعداء في مياه الخليج والمحيط الهندي، واضطرت السفن الهولندية والإنجليزية إلى تعزيز دفاعاتها تخوفاً من عرب عُمان، وقد عبر المقيم البريطاني في بندر عباس عن مخاوفه من تنامي قوة عُمان بقوله سنة (1106هـ/1694م): "إنهم سيثبتون أنهم كارثة كبرى في الهند كالجزائريين في أوروبا".
وقد أشارت السلطات الصفوية أيضاً إلى تفوق العُمانيين في هذه الفترة من خلال مذكرة رفعتها إلى الحكومة الفرنسية جاء فيهاSadأن تمتعهم بموقع جغرافي مهم يتيح لهم الفرصة للسيطرة على الخليج وهذا يفسر قوة العُمانيين الذين تمكنوا بما يناهز الثلاثين قارباً من الاستيلاء على الغنائم). ذلك أن الانتصارات التي حققها اليعاربة أثارت فارس التي كانت تتطلع إلى وراثة النفوذ البرتغالي، ولذا فقد تعددت المواجهات العُمانية الفارسية والتي جاءت في صالح اليعاربة، بدرجة أن التجارة الفارسية أصيبت بضرر بالغ مما دفع بالفرس إلى الاستعانة بالقوى الأوروبية بهدف القضاء على منافسة عُمان لها في هذا الميدان واتصلوا بالإنجليز لتحقيق هذا الهدف.
وإذا كان الإنجليز لم يتحمسوا للعرض الفارسي خوفاً على مصالحهم الاقتصادية من الأسطول العُماني، فقد توجهت فارس إلى فرنسا على عهد لويس الرابع عشر وتمخضت الاتصالات عن توقيع معاهدة بينهما في عام (1119هـ/1707م) وكان من بين النصوص السرية التي احتوتها تلك المعاهدة أن يقوم الفرنسيون بإرسال أسطول لمساعدة فارس في غزو مسقط، إلا أن فرنسا ترددت قبل الإقدام على تلك الخطوة بنفس السبب الذي منع الإنجليز من تضامنهم مع فارس، على الرغم من الدبلوماسية النشطة التي مارسها الفرس في محاولة للضغط على لويس الرابع عشر.. وعموما فلم تسفر الاتصالات عن قيام تحالف فارسي فرنسي على الرغم من إبرام اتفاقية جديدة في عام (1127هـ/1715م)، ولعل ما حال دون أقدام فرنسا على تنفيذ بنود المعاهدة الجديدة تلك الفوضى التي اجتاحت فارس وما ترتب عليها من غزو أفغاني لها في عام (1135هـ/1722م)، كانت البرتغال قد أدركت في تلك الفترة أن زمن الضعف العربي قد ذهب وان مواجهة اليعاربة في كل مراحل الصراع قد باءت بالفشل وان استمرار الوضع يعني ضياع كل الممتلكات البرتغالية على سواحل الهند وشرق أفريقيا ولذا فقد راحوا ينسقون مع الفرس في محاولة لقيام تحالف عسكري يكون قادرا على ضرب اليعاربة.

وقد أدرك سلطان بن سيف خطورة هذا التحالف الجديد، ولذا فقد عجل بضرب البرتغاليين وتصفية نفوذهم، وقسم أسطوله إلى قسمين أحدهما توجه إلى شرق أفريقيا حيث نجح في انتزاع ممباسا (1110هـ/1698م) تمهيداً لانتزاع الجزيرة الخضراء وكلوه. أما القسم الآخر من الأسطول فقد توجه إلى الهند، حيث نجح في تدمير الوكالة البرتغالية في مانجالور على الساحل الهندي. وهكذا استطاع اليعاربة كسر شوكة البرتغاليين وإنهاء سيادتهم الاحتكارية والقضاء على مراكزهم الاستراتيجية سواء على الشاطئ الأفريقي أو على سواحل الهند، ويقرر المؤرخ الإنجليزي كوبلاند Coupland إن البحرية العُمانية مع مطلع القرن السابع عشر وصلت إلى درجة من القوة يحسب حسابها من مثل الأساطيل الإنجليزية والهولندية.
وبكل المقاييس فقد نجح العُمانيون وحتى نهاية عهد سلطان بن سيف الثاني عام (1130هـ/1718م) في إيجاد قدر كبير من التوازن الدولي انعكست نتائجه على كل المستويات، وترك انطباعاً هائلاً لدي الأوربيين عن هيبة الدولة، حيث عملت العديد من القوى الأوربية على كسب ودها، ولعل الازدهار الاقتصادي الذي وصلت إليه دولة اليعاربة ومكانة أسطولها البحري كان نتاجاً طبيعياً لقوة الدولة وحجم ثقلها البحري في كافة البحار الشرقية، في ظل جو مناسب من الألفة لدى عناصر السكان في عُمان، وبات الناس في أمن على حياتهم وارزاقهم.
وإذا كان اليعاربة قد نجحوا كل النجاح في تحقيق هذا الازدهار الذي يترتب على انهيار النفوذ البرتغالي وكسر احتكاره لتجارة المنطقة، فأن من المفيد في هذا المجال أن نعرض للأسباب التي أدت إلى انهيار هذا النفوذ ومكن اليعاربة من هذا النجاح، والحقيقة فإن الأسباب التي عجلت بانهيار النفوذ البرتغالي في عُمان والخليج عديدة منها:
أولاً:
طبيعة الاستعمار البرتغالي للمنطقة التي كانت ترتكز على سلسلة من القواعد العسكرية الواقعة على الطريق البحري بين الهند والبرتغال، فلم يتوغل البرتغاليون في عمق البلاد التي استعمروها، وما كانوا يستطيعون ذلك لقلة عدد سكان البرتغال, ولاتساع إمبراطوريتهم وكان الإبقاء على تلك القواعد في أيديهم مرهون بقوة البحرية البرتغالية فلما ضعفت ضاع كل شيء.
ثانياً:
كانت حركة المد البرتغالي تمثل الموجة الاستعمارية الاولى المتعطشة للغزو ونهب ثروات الشعوب وكان الميدان خالياً أمامها، فلما دخلته قوى أوروبية أخرى أكثر منها قوة مثل هولندا وبريطانيا وفرنسا، ولا تقل عنها تطلعاً في أن يكون لها نصيب في الغنيمة يتفق مع ثقلها السياسي والعسكري، لم تقو البرتغال على الصمود أمام هذه القوى الطامعة.
ثالثا:
حسن اختيار العُمانيين للظروف الدولية المناسبة لتوجيه ضرباتهم القاضية ضد الوجود البرتغالي في عُمان فالتنافس الذي ساد العلاقات بين البرتغاليين من جهة والفرس والهولنديين والإنجليز من جهة أخرى، ورغبة الفريق الثالث في القضاء على النفوذ البرتغالي وإبعادهم عن الخليج ساعد العُمانيين إلى الحد الكبير.
رابعا:
اتبع البرتغاليون سياسة الشدة والبطش في معاملاتهم للشعوب التي حكموها وقيامهم باستنزاف ثرواتها ومواردها مما زاد في كراهية الشعوب لهم وجعلها تتحين الفرص المناسبة للخلاص من نيرهم.
خامسا:
ازدياد قوة العُمانيين وثقتهم بأنفسهم وتفوقهم في الملاحة البحرية إذ أدرك العُمانيون حقيقة الصراع بينهم وبين البرتغاليين انه صراع بحري أولاً وقبل كل شيء.. ولذا فقد اعدوا أسطولاً بحرياً مدرباً ومنظماً أمكنهم أن يتغلبوا على أهم نقاط القوة لدي البرتغاليين وكان من أهم العوامل التي أدت إلى القضاء على النفوذ البرتغالي في عُمان والمحيط الهندي.
سادساً:
الوحدة الوطنية باعتبارها الدرس الأول الذي التزم به ناصر بن مرشد وبغير الوحدة لن تتحقق المصالح العليا للبلاد، وفي سبيل الالتزام بهذا المبدأ خاض الإمام حروباً ضارية ضد أنصار التجزئة كما سبق القول.
سابعاً:
عناية اليعاربة باستثمار كل مقومات النجاح، وكانت الزراعة في مقدمة اهتماماتهم حيث شقت الأفلاج وتم جلب كثير من المحاصيل الزراعية من شرق أفريقيا ونجاح تجربة زراعتها بشكل ملحوظ مما أوجد رواجاً اقتصادياً.
ثامناً:
عناية اليعاربة بتوفير كل مقومات النجاح لحركة التجارة بعد أن تم القضاء على سياسة الاحتكار التي ابتدعها البرتغاليون وباتت التجارة العُمانية جزءً من حركة التجارة الدولية وهو ما عاد على عُمان بفوائد اقتصادية مهمة.
أسباب كثيرة كما نرى أدت وساعدت على القضاء على النفوذ البرتغالي سواء في عُمان أو في الساحل الشرقي لأفريقيا، بل وفي المحيط الهندي كله وكما رأينا فقد كان للعُمانيين في عهد اليعاربة الدور الهام في القضاء على الوجود البرتغالي الذي استمر قرابة قرن ونصف من الزمان.
وكما كان هنالك أسباب أدت إلى القضاء على النفوذ البرتغالي، فهنالك أيضاً نتائج على درجه كبيرة من الأهمية ترتبت على ذلك وعلى خروجهم من عُمان بالذات وأثرت تأثيراً عميقاً على المنطقة كلها، ويمكن إجمال هذه النتائج فيما يلي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:39 pm


أولاً:
إن نجاح العُمانيين في إجلاء البرتغاليين من أرضهم قد رفع روحهم المعنوية وأشعرهم بقوتهم وبمدى ما يمكن أن يقوموا به وهيأت لهم هذه الفرصة أن يلعبوا دوراً بارزاً في النشاط البحري في المنطقة ولا سيما منذ منتصف القرن السابع عشر وحتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
ثانياً:
افلح العُمانيون في القضاء على سياسة الاحتكار التي انتهجها البرتغاليون وحققوا مبدأ حرية التجارة لجميع الأجناس، فعاد الانتعاش الاقتصادي إليهم وساعدهم هذا على أن يصبحوا قوة مؤثرة في منطقتهم بل وفي شرق أفريقيا كذلك.
ثالثاً:
تطلع الفرس في أن يحلوا محل البرتغاليين وان تكون لهم الزعامة الإقليمية عن طريق إقامة نسيج متداخل من تضارب المصالح مع الفرس والبريطانيين تارةً وتوافقها تارةً أخرى.
وهكذا نرى أن هنالك نتائج عديدة وهامة نتجت عن طرد البرتغاليين من الخليج، وكانت الوحدة الوطنية التي حققها اليعاربة الأوائل هي محور الزوايا في هذا النجاح العظيم، وأيضاً تحقيق كثير من الإنجازات الداخلية التي تمت في عهد اليعاربة الأوائل، وفي عهد من خلفهم من الأئمة وأولهم بلعرب بن سلطان بن سيف الذي بويع بالإمامة بالإجماع (يوم الجمعة 16 من ذي القعدة 1091هـ / منتصف ديسمبر1680م) وقد سار سيرة حسنة، وكان جواداً كريماً وعمر بلدة جبرين وعمق فلجها واستصلح أراضيها. وقام ببناء حصن جبرين الشهير واعتنى به اعتناءاً كبيراً من حيث هندسة بنائه وزخرفته وتحصيناته وتقسيماته واتخذه مقاما له ومركزا لدولته، كما انشأ فيه مدرسة ارتادها الطلاب لتحصيل العلم والمعرفة.
وهكذا كانت السنوات الاولى من فترة حكم الإمام بلعرب استمراراً لفترة الازدهار والاستقرار والرخاء التي أنعمت بها عُمان في عهد دولة أبيه الإمام سلطان بن سيف، ولذلك حافظ الإمام بلعرب على الدولة التي وليها بعد أبيه، واستمر في سياسة الإعمار والبناء، ألا انه في السنوات الأخيرة من فترة حكمه خرج عليه أخوه سيف بن سلطان مطالباً إياه باعتزال الحكم، ومن ثم بدأت عوامل الهرم تسري في هذه الدولة منذ تلك الفترة، وبدأت تسير في غير المسار الذي كانت عليه بالنسبة لعملية اختيار القادة وتوليتهم في عهد اليعاربة، وابتلي أهل عُمان بخروج سيف على أخيه الإمام المنتخب، الذي خرج من نزوى متجهاً ناحية الشمال، ثم عاد إلى نزوى ولكن أهلها في تلك الفترة كانوا قد انحازوا إلى جانب أخيه سيف بن سلطان وأحالوا بينه وبين دخول المدينة، وتوجه إلى جبرين حيث حاصره أخوه سيف في هذا الحصن ولما طال أمد الحصار ورأى أكابر عُمان عجز الإمام عن التصدي لأخيه استسلموا للأمر الواقع فعقدوا الإمامة لأخيه سيف بن سلطان بن سيف بن مالك، وقد بويع بالإمامة بعد وفاة أخيه الإمام بلعرب وقد واصل الإمام سيرة سابقيه كما تابع سياسة مقاومة البرتغاليين بشرق أفريقيا والهند.
لقد عمل الإمام سيف على إعمار عُمان حيث قام بحفر أفلاج جديدة تزيد على خمسة عشر فلجاً كفلج البركة وفلج البزيلي في الظاهرة وفلج الحزم وأفلاج جعلان بني بو حسن، على أن بعض هذه الافلاج كانت صغيرة وغير عميقة فعمل على تعميقها وتوسع في زراعة المحاصيل كالقمح والشعير والحلبة والخضروات، كما أهتم بزراعة قصب السكر وكان يشرف بنفسه على عملية الزراعة وسيرها، كما غرس عددا كبيرا من أشجار النخيل والفواكه كالانبا ( المانجو ) وبعض أشجار العطور والزهور كالورس والزعفران واستقدم من أفريقيا النحل ونتيجة لهذه السياسة اتسعت الأراضي الزراعية المملوكة لبيت المال وزادت إيرادات الدولة زيادة كبيرة وتوفي الإمام سيف بن سلطان في (شهر رمضان سنه 1123هـ/1711م) بعد أن وصلت عُمان في عهده درجة كبيرة من الاستقرار والامتداد إلى مناطق خارج شبة الجزيرة العربية حيث كان يمتلك قوة عسكرية ضاهت القوى الأوربية المعاصرة لها.
ومن أهم الأعمال التي قام بها الإمام سلطان بن سيف الثاني تحرير البحرين من الفرس الذين كانوا قد إحتلوها، وقد مهد الإمام لتحقيق هذا الإنجاز بتقوية قبضته على بعض الجزر التي تقع في مدخل الخليج مثل جزيرة لاركا والقسم وهرمز، وكذلك على بعض المدن الفارسية الهامة مثل لنجه وبندر عباس ثم جهز جيشاً بقيادة الشيخ حمير بن سيف بن ماجد وزحف هذا الجيش على البحرين ودارت معركة كبيرة بين الفريقين كان النصر فيها للجيش العُماني مما أدى إلى خروج الفرس من البحرين وتقلص نفوذهم في الخليج، ومن أشهر الأعمال التي قام بها الإمام لتدعيم نفوذه في البحرين بناء قلعتها المشهورة والتي تسمى قلعة عراد، وقبل وفاته كان التواجد العُماني قد امتد إلى الخليج كله والساحل الهندي وشرق أفريقيا كما كانت بعض بلاد العرب على البحر الأحمر تحت نفوذه.
وقد انتهت حياته بالوفاة في حصن الحزم يوم الأربعاء الخامس من جمادى الآخرة سنه(1131هـ/مايو 1718م) وبذلك دامت إمامته سبع سنوات وبضعة شهور. وبوفاته بدأ تصدع الوحدة الوطنية ونهاية دولة اليعاربة، تخللها عودة الفرس إلى عُمان بناءاً على طلب سيف بن سلطان اليعربي الذي استنجد بالفرس ليعود إمام عام (1145هـ-1732م)، وبهذا تكون بداية النهاية لعهد اليعاربة.

ويعتبر نادر شاه أول من أسس من الحكام الفرس قوة بحرية في مياه الخليج واسند قيادتها إلى لطيف خان وكان هذا القائد يتطلع في توسعاته إلى الساحل العربي من الخليج، واتخذ من طلب سيف بن سلطان باباً ينفذ منه إلى احتلال عُمان وإخضاعها إلى الحكومة الفارسية، وقد رحب نادر شاه بهذه الفكرة وأمر بتشكيل قوة بحرية وبرية للتوجه إلى عُمان وبذل كل ما في وسعه لإنجاح هذه المهمة حيث أشرف بنفسه على إعدادها وتجهيزها، كما أمر بتشكيل هيئة لدراسة المنطقة تكون عوناً للقوات الفارسية ولتمدها بالمعلومات اللازمة، وكان نادر شاه يهدف من ذلك إلى ضم عُمان والبحرين إلى فارس إضافة إلى طموحاته في السيطرة التامة على مياه الخليج.
وفي (منتصف ربيع الأول 1150هـ/14مارس 1737م) أبحرت القوات الفارسية المؤلفة من أربع سفن كبيرة وسفينتين متوسطتين وعدد كبير من السفن والزوارق الصغيرة بقيادة لطيف خان، واكتشف سيف فيما بعد أن هذه القوات لم تأت لمساعدته وإنما جاءت لإخضاع عُمان للسيطرة الفارسية، وفي هذه الأثناء قام بعض رؤساء القبائل بالصلح بينه وبين بلعرب بن حمير على أن يتنازل بلعرب عن الإمامة لسيف حقنا للدماء وإنقاذاً لعُمان من الغزو الفارسي.
وصار سيف بن سلطان إماماً للمرة الثانية واختار الشيخ احمد بن سعيد البوسعيدي (مؤسس الدولة البوسعيدية) والياً على صحار، غير أن سيف لم يلبث أن أساء السيرة وأحدث أحداثاً مخالفة للشريعة الإسلامية، فعزله المسلمون ونصبوا سلطان بن مرشد اليعربي إماماً سنة (1154هـ/1741م) الأمر الذي أغاظ سيفاً فجعله يستنجد بالفرس للمرة الثانية، وقد بعث نادر شاه إمدادات أخرى لقواته بقيادة محمد تقي خان وقد وعد سيف بن سلطان الحكومة الفارسية بأنه سوف يقدم ولاء الطاعة ويعترف بالسيادة الفارسية على عُمان ويدفع الضرائب والإتاوات لها إذا تمكنت من إعادة حقوقه.
وعلى الرغم من التجارب السابقة لسيف بن سلطان مع القوات الفارسية التي جاءت إلى عُمان بزعم نصرته ولكنها ما جاءت إلا لتحقيق أهداف توسعية. وبهذا فانه فقد ثقة العُمانيين ومنهم بعض أعوانه المقربين.. أما الإمام سلطان بن مرشد فقد سار إلى صحار ليتعاون مع واليها أحمد بن سعيد البوسعيدي لمواجهة قوات نادر شاه.

وان دلت هذه الأحداث التي جرت في عُمان من الخلافات الأسرية والعصبية القبلية والتدخل الفارسي على شيء فإنما تدل على أن أسرة اليعاربة التي استطاعت أن تجعل عُمان تتمتع بالازدهار والنمو الاقتصادي طيلة قرن من الزمان، قد وصلت إلى نهايتها بسبب مغامرات القادة الأواخر وسوء تصرفاتهم.
هذا وقد توفي الإمام سلطان بن مرشد في حصن صحار حيث يوجد أحمد بن سعيد نتيجة إصابته في مواجهة مع الفرس، أما سيف بن سلطان المخلوع فقد توفي بعد ذلك بقليل بعد أن لام نفسه على فعلته الشنعاء وظهر له أن الفرس لم يأتوا لمساعدته وإنما للاستيلاء على عُمان وأصابه من ذلك هم وحزن ولكن بعد فوات الأوان، وكان على أحمد بن سعيد أن يظل في الساحة في مواجهة الفرس الذين كانوا محاصرين صحار ومسقط.
وقد استمر حصار القوات الفارسية لمدينة صحار تسعه أشهر واستطاع واليها احمد بن سعيد أن يقاوم الغزاة على الرغم من أن إمداداته قد أوشكت على النفاذ وظلت القوات الفارسية تقذف المدينة ليلاً ونهاراً بالمدافع الثقيلة، فاضطر أحمد بن سعيد إلى طلب الهدنة وعقدت إتفاقية بين الجانبين الفارسي والعُماني في جمادى الأولى (1155هـ/يوليو1742م) بعد أن فقد الأمل في وصول إمدادات من قبل القبائل العُمانية. ولم تكن هذه الاتفاقية استسلاماً كما ذكرت بعض المصادر المحلية وغيرها، وإنما كانت انتصار للعُمانيين وكان الوالي أحمد بن سعيد يهدف من وراء هذه الاتفاقية إلى عدة أمور منها:
(1) وقف إراقة دماء المسلمين بعد أن نفذت جميع المؤن والعتاد والذخائر الحربية الموجودة في الحصن.
(2) إعادة بناء قواته استعداداً لمواجهة الجولة الثانية بهدف التحرير لشامل.
(3) بعد وفاة الإمام سلطان بن مرشد شغر منصب الإمامة حيث وجد الوالي احمد بن سعيد أن أسرة اليعاربة لا يمكنها الاستمرار في إدارة الدولة فخشي أن يحتدم الصراع وتشتد الفتن في عُمان نتيجة لهذا الفراغ السياسي وخاصة إذا ما استمرت المعارك مع الفرس.
(4) إعادة توحيد الأقاليم والمدن العُمانية التي أصبحت منقسمة إلى شبه دويلات وإمارات صغيرة، حتى يمكنه مواجهة الفرس على رأس جبهة قوية موحدة.

وبذلك نجح احمد بن سعيد في توطيد مركزه وضمن تأييد القبائل العُمانية، هذا إلى جانب أن الحكومة الفارسية قد اعترفت رسمياً به كحاكم لعُمان حيث أصبح الطرف الرئيسي في هذه الاتفاقية. وهكذا تزعم أحمد بن سعيد حركة التحرير ضد الفرس، كما أحس شيوخ عُمان أن الأوضاع قد ساءت وان عُمان بحاجة إلى إمام قوي يستطيع أن يوحد البلاد ولا سيما أن المذهب الأباضي لا يجيز وجود أكثر من إمام للدولة.
وقد حاول دعاة إحياء الدولة اليعربية إعادتها بعد وفاه سيف بن سلطان فاجتمع شيوخ وأعيان نزوى وعقدوا البيعة للسيد بلعرب بن حمير اليعربي في ربيع الآخر من عام (1157هـ/1744م)، وأعلنت مجموعة من المدن العُمانية ولائها للإمام الجديد مثل بهلاء ونزوى وأزكي، بينما تحفظ البعض عن الاعتراف به، ولم يمض وقت طويل على هذا الإمام حتى انصرف عنه العُمانيون. وبذلك بدأ نجم أحمد بن سعيد يعلو في عُمان وكان محل تقدير جميع القبائل العُمانية والأعيان الذين كانوا يتطلعون إلى تحرير بلادهم من الغزاة وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع عُمان.
وفيما يتعلق بالعلاقات الفارسية العُمانية فبعد وفاه سيف بن سلطان فقد الفرس نصيرهم وقلت همتهم وتعاظمت المشاكل والقلاقل الداخلية في فارس، حيث ان حكومة نادر شاه كانت مضطرة لسحب قسم من جنودها الرابطين في عُمان لمواجهة تلك المشاكل، وهذا سهل على أحمد بن سعيد تحقيق طموحاته.
ومما هو جدير بالذكر أن أحمد بن سعيد كان سياسياً فطناً، وعلى الرغم من أن الكثير من العُمانيين قد اندهشوا لما كان يقوم به من إكرام الفرس، ألا أنهم أدركوا في النهاية ما كان يدبر للفرس لتحرير بلاده منهم حيث تم له ذلك، مما أدى إلى عقد البيعة بالإمامة له في نفس العام، وفي ذلك يقول ابن زريق (إن أحمد بن سعيد لما آل إليه أمر عُمان كله، وعول أهلها عليه، أجتمع أكابر الرستاق وسائر أكابر عُمان، فاتفقوا على عقد الإمامة لأبي هلال الإمام المعظم، الفاضل الممجد، أحمد بن سعيد بن محمد السعيدي الأزدي العُماني الاستقامي الأباضي المذهب، وكان ذلك في عام (1157هـ/1744م). وبهذا تمت البيعة للإمام أحمد بن سعيد بن محمد بن سعيد البوسعيدي وقامت الدولة البوسعيدية على أنقاض الدولة اليعربية التي أسسها ناصر بن مرشد اليعربي عام (1034هـ).

الدولة البوسعيدية
لقد اختلفت الروايات بشأن مبايعة احمد بن سعيد بالإمامة فابن رزيق لم يحدد تاريخا للإمامة وان كان يفهم من كتاباته أن عام 1154هـ / 1741م هو العام الذي بدأ فيه احمد بن سعيد صراعه مع الفرس ولذا فقد اعتبر ابن رزيق أن ذلك بداية عملية لاختياره إماما بينما مؤرخ مهم كالسالمي اعتبر العام 1158هـ /1744م هو العام الذي بويع فيه أحمد بن سعيد إماماً، وعموما فان رواية السالمي هي الأقرب إلى المنطق على إعتبار انه اعتبر العام الذي تم فيه طرد الفرس من عُمان ونجاح احمد بن سعيد في التخلص من بلعرب بن حمير وهو نفس العام الذي تمت فيه مبايعة احمد بن سعيد. لقد أدرك احمد بن سعيد منذ الوهلة الأولى أهمية عودة الوحدة الوطنية، لذا فقد بذل جهدا فائقا مما مكنه من أن يعيد لعُمان وحدتها وهيأ لها أن تلعب دورا هاما في تاريخ الخليج خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر.
وإذا كان الإمام احمد بن سعيد قد برز في تاريخ عُمان الحديث كمؤسس لدولة البوسعيد إلا أن المعلومات الخاصة بحياته قبل سطوع نجمه تؤكد انه كان تاجراً أمينا صادقا مهابا ينحدر من أسرة عربية أصيلة يعمل معظم أفرادها بالتجارة وقد تميز بجرأة نادرة وشجاعة فائقة لفتت إليه الأنظار مما مكنة من الوصول إلى ولاية صحار كوال من قبل اليعاربة.
ولاشك أن الدور الذي قام به في تثبيت دعـائم الحكم قد استغرق منه الكثير من الجهد ولعل ابرز المشاكل التي واجهته في مستهل عهده ثورات اليعاربة ضده بسبب فقدانهم الحكم ثم تمرد بعض القـــبائل في منطقة الظاهرة ألا أن احمد بن سعيد استخدم أسلوب القوة حينا واللين في كثير من الأحيان كما عمد إلى أسلوب المصاهرة بهدف التقرب مع القبائل المناوئة له. كما عني بتوثيق علاقات الجوار مع القبائل العربية القاطنة في جنوب فارس ومنطقة عربستان وتحالف مع قبائل بني كعب عند شط العرب ونهر القارون وتوطدت علاقاته مع قبائل بني معن القاطنة بالقرب من بندر عباس مما حال دون نجاح كريم خان الزندي في السيطرة على تلك المناطق.
وامتدت علاقاته إلى الهند حيث ساعد شاه علم إمبراطور المغول في الهند وعاونه في حربه ضد القراصنة الذين كانوا يعوقون التجارة بين مانجالور في ساحل الهند الغربية وبين مسقط وتوجت هذه العلاقة بإبرام معاهدة 1766م التي نصت على استمرار علاقات الصداقة وإنشاء دار في مسقط لمبعوث الحاكم المغولي الذي أصبح يعرف ببيت نواب.
ويمكن القول أن البلاد شهدت ولأول مرة بعد أكثر من عشرين عاما نوعا من السلطة المركزية بعد أن تمكن من توحيد القبائل المتناحرة وبادر باتخاذ الإجراءات الكفيلة بترسيخ قواعد الدولة وإعداد قوات مسلحة تتناسب والتحديات التي تواجهها عُمان. ثم قيامه بتحديث الأنشطة الاقتصادية وامتلك أسطولا حربيا وتجاريا وفي عهده حافظت مسقط على مكانتها كإحدى أهم المدن التجارية في المنطقة وغدا ميناؤها من أهم الموانئ التجارية التي ترتاده السفن الأوربية.
لقد واصلت عُمان في عهد الإمام أحمد بن سعيد ترسيخ مكانتها وهيبتها الأمر الذي مهد للسلطات الهولندية والانجليزية الاعتراف بالسيادة العُمانية على كثير من شواطئ الخليج والمحيط الهندي بفضل فطنة وذكاء احمد بن سعيد الذي استمال إليه أبناء وطنه واتسم بالتسامح في تعامله مع الأجانب وامتد نفوذه إلى شرق إفريقيا، ويعترف رسيو Risso أن عُمان هي الدولة الوحيدة التي استفادت من انحدار تجارة بندر عباس وتدهور أوضاع الأوربيين في الخليج خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر. وعلى الرغم من تصارع القوى الأوربية في الخليج فان أحمد بن سعيد راح يتطلع إلى تحقيق المصالح العُمانية بما لا يتعارض مع التنافس الدولي. وعليه يمكن القول انه إذا كانت دولة اليعاربة قد وصفت بأنها (دولة بحرية حربية) فمن المناسب وصف دولة البوسعيد بأنها (دولة بحرية تجارية).
وإذا كان احمد بن سعيد قد نجح في طرد الفرس من عُمان فأنه نجح أيضا في التغلب على المشاكل الناجمة عن الحرب الأهلية العُمانية وتحقق له الولاء من جانب العُمانيين الذين اجمعوا على مبايعته إماما تقديرا للدور الذي لعبه في تحرير عُمان.
والثابت أن أوضاع عُمان عند ظهور أحمد بن سعيد تشبه إلى حد كبيرا أوضاعها عند قيام دولة اليعاربة فبينما تصدى ناصر بن مرشد لأنصار التجزئة في الوقت الذي كان يخوض فيه حربا ضارية على السواحل العُمانية ضد البرتغاليين كذلك فعل احمد ابن سعيد في بداية عهده ففي الوقت الذي اخذ يتصدى فيه لبعض القبائل التي رفعت راية العصيان كان يخوض حربا ضارية ضد المعتدين الفرس، وكلما تحقق الانتصار على الجبهة الداخلية كلما انعكس ذلك ايجابياً على الصراع العُماني الفارسي. وبمجرد أن فرغ أحمد بن سعيد من تحرير بلاده بادر على الفور باتخاذ العديد من الإجراءات التي من شأنها أن تكفل ترسيخ قواعد الدولة في عُمان.
وتجمع المصادر العربية والأوربية على أن الثمانين عاماً الأولى من حكم البوسعيديين تتميز بالازدهار الشديد وهناك عوامل عديدة ساعدت العُمانيين على الانفراد بدور رائد تأتي في مقدمتها المهارة والخبرة الملاحية والتجارية حيث اكتسب العُمانيون رصيداً ضخماً من التجربة تعد محصلة للأحداث التاريخية والموقع الجغرافي والتراث العُماني، ثم الاستقرار الذي شهدته عُمان وتمتعت به الموانئ العُمانية في الوقت الذي سادت فيه الفوضى وعم الاضطراب أغلب موانئ الخليج، ثم تأتي شخصية أحمد بن سعيد الذي تميز بدرجة كبيرة من الانضباط والحسم والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة، إضافة إلى احترام القوى الأوربية له وثقتها في سياسته التي جذبت الأجانب وحفزتهم على إنشاء وكالات تجارية لهم في المدن العُمانية وخصوصاً مسقط التي أصبحت سنة 1790م من أهم المدن الآسيوية وفقا لتقرير أعدته شركة الهند الشرقية الإنجليزية.
حاول نادر شاه بعد أن حرر بلاده من الأفغان، تدعيم مركز فارس في الخليج، مستفيدا دون شك من حالة التمزق التي كانت تعيشها القوة الأولى في منطقة الخليج ألا وهي عُمان.. كما أن المساعدات التي قدمتها الدول الأوروبية كانجلترا وهولندا لنادر شاه أسهمت دون شك في بناء أسطول فارسي قوي على أحدث طراز.
ولقد واجه الأسطول الفارسي في عهد نادر شاه مشاكل عديدة منها اعتماده بالدرجة الاولى على المساعدات الأجنبية في بنائه، وكذلك افتقاره إلى وجود الخبرات المحلية المتمرسة في فنون الملاحة مما دفع بقيادة الفرس إلى الاستعانة بالبحارة العرب لقيادة هذا الأسطول، إلا أن كثير من المؤرخين يجمعون على أن نادر شاه استطاع مواجهة تلك الصعوبات نتيجة لإصراره على بناء أسطول حديث يخدم أهداف سياسته الخارجية، ولهذا فقد ارتبطت قوة الأسطول الفارسي بحياة نادر شاه إلى حد بعيد. وقد تزامن اغتيال نادر شاه في عام (1160هـ / 1747م) ببروز شخصية الإمام احمد بن سعيد الذي تطلع منذ بداية حكمه إلى تدعيم دور عُمان في منطقة الخليج، ولذلك اصطدمت سياسة الإمام أحمد في المنطقة بسياسة كريم خان زند الذي خلف نادر شاه على عرش فارس، حيث حاول هذا الأخير بعد أن نجح في توطيد حكمة في الداخل، السير على منهج سلفه نادر شاه التوسعي في منطقة الخليج.
ومن هذا المنطلق بعث كريم خان برسالة إلى الإمام احمد طالبا منه دفع الجزية السنوية، متعللا بما يدعيه بتبعية عُمان إلى فارس، ولكن الإمام أحمد بن سعيد رفض المطالب الفارسية بأسلوب رجال السياسة المتمرسين الذين يعرفون كيفية مخاطبة التطلعات الاستعمارية، فنجده يعلن بأسلوب ملؤه الإصرار والثقة بالنفس بأن بلاده ترفض المطالب الفارسية جملة وتفصيلا، وضمن ذلك في خطاب ذي لهجة قوية أرسله إلى كريم خان زند، جاء فيه بأن دولة عُمان لا تدفع الجزية لأحد، مشيراً إلى انه إذا ما أصر كريم خان على مطالبه فان عليه أن ينتزعها بالقوة.
ولم يكتف الإمام احمد برفض الطلب الفارسي بخطاب شديد اللهجة، بل شرع في التخطيط لاستخدام القوة التي قد يلجأ إليها عدوه، وذلك عن طريق عقد التحالفات مع خصوم الفرس وخاصة الأتراك، وذلك بهدف ضرب قوة كريم خان الزندي، وقد لعب الإمام دورا فعالاًُ في إفشال الحصار الذي ضربة كريم خان الزندي على البصرة، وعلى ضوء ذلك قرر السلطان العثماني مصطفى الثالث صرف مكافأة سنوية للإمام أحمد، تدفع له من خزانة البصرة، تقديراً من السلطان لموقف الإمام الشجاع.
فقد كان الصراع الدولي ولا يزال صراعاً من اجل الحصول على مناطق للنفوذ والامتيازات، ولذلك لا غرابة من احتدام صراع الدول الكبرى آنذاك (بريطانيا العظمى وفرنسا) حول عُمان ذات الموقع الاستراتيجي المتميز، من اجل ضمها إلى مناطق نفوذها. ولقد فطن الإمام احمد بن سعيد إلى هذه التطلعات الاستعمارية الأوربية، فرسم سياسة خارجية لعُمان مرتكزة بالدرجة الاولى على مبدأ الحياد، ولقد كتب لهذه السياسة كل النجاح عندما كانت العلاقات الفرنسية البريطانية تتميز بالاستقرار، ولكن هذا الحياد تعرض لبعض الهزات، خاصة عندما نشبت حرب السنوات السبع (1170 – 1177هـ / 1756 – 1763م) بين البلدين، ففي هذه الفترة بدأت سفن البلدين تطارد كل منهما الأخرى بالقرب من المياه العُمانية.

وقد ظهرت أولى بوادر الإحراج لعُمان عام (1175 هـ / 1761م) عندما حاول الكونت ديستان الانتقام من الإنجليز بمحاولة الإضرار بتجارتهم في الخليج، حيث تجاهل الكونت ديستان القوانين العُمانية وحاول ملاحقة إحدى السفن البريطانية في داخل المياه الإقليمية العُمانية، مما اضطر الوالي خلفان بن محمد إلى إطلاق النار على الباخرة بولوني التابعة للفرنسيين وإجبارها على الابتعاد، وذلك في محاولة منه لحماية الباخرة البريطانية.
وبالرغم من تكرار حالات الإحراج من العُمانيين الذين اضطروا إلى إطلاق الرصاص على السفن الفرنسية خلال عدت مناسبات، إلا أن هذا التصرف العُماني لا يعكس بأي حال من الأحوال ترجيح عُمان للكفة البريطانية بقدر ما يعكس رغبتها في الحفاظ على حيادها وسيادتها، خصوصاً وان السفن البريطانية كانت عادة ما تكون داخل المياه الإقليمية لعُمان: صحيح أن البريطانيين كانوا قد دعموا مركزهم في منطقة الخليج عقب خروج البرتغاليين والهولنديين وكسبوا أيضاً ثقة بعض القوى المحلية لكن الإمام احمد كما يبدو، وعلى الرغم من إدراكه للموقف البريطاني الخاص في المنطقة، كان مؤمناً بأهمية الصداقة مع فرنسا، حيث وردت في إحدى رسائل الإمام إلى الفرنسيين بعد هذه الحوادث المحرجة، العبارة الودية التاليةSadإنني صديق الفرنسيين). والجدير بالذكر أن الإمام احمد بن سعيد كان أول من بدأ التعامل التجاري مع جزيرة موريشيوس الخاضعة لفرنسا وبعض المستعمرات الفرنسية الأخرى، حيث كانت السفن تأتي محملة بالسكر وتعود وهي محملة بالسمك المملح والبن.
ونتيجة لتطور العلاقات التجارية بين عُمان والمستعمرات الفرنسية في المحيط الهندي في تلك الفترة، فقد أبدى الإمام احمد بن سعيد رغبته في أن ينشئ الفرنسيون لهم وكالة خاصة في ميناء مسقط دون مقابل، وقد أكد الإمام هذه الرغبة لأحد المسؤولين الفرنسيين قائلاً إن بلادي هي بلادكم وصداقتنا باقية كما كانت بل أنها أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى وعندما زار هذا المسؤول مسقط حضي باستقبال حافل فيها، مما دفعه إلى حث حكومته في التقرير الذي رفعه لتعزيز علاقاتها بمسقط. ويبدو أن حكومة فرنسا لم تكن متحمسة لإقامة وكاله تجارية في مسقط وقتئذ، لكنها وتحت إصرار القنصل الفرنسي في بغداد، وكذلك حاكم موريشيوس، قررت إنشاء قنصليتين أحداهما في البصرة والأخرى في مسقط في عام 1793 أي بعد ثلاثة أعوام من الثورة الفرنسية، وقد جاء في الكتاب الذي بعث به وزير الخارجية الفرنسي إلى قنصل فرنسا في بغداد الآتي: (إن رغبة إمام عُمان في اعتماد وكيل لديه، وملاحظتكم عن الفوائد التي ستعود على رعايا صاحب الجلالة في الملاحة والتجارة، وعن تسهيل الاتصال بالهند، كل ذلك جعلنا نقرر إقامة وكالة في مسقط).
وهكذا نرى أن سياسة الحياد التي دفع بها الإمام أحمد بن سعيد والتي سمح بموجبها لسفن الدول الكبرى بزيارة موانئ عُمان والمتاجرة معها، أسهمت في تعزيز مكانة عُمان التجارية التي انعكست دون شك على الوضع الاقتصادي للبلاد. وقد تعززت مكانتها أكثر بعد أن قدمت العون الفوري إلى البصرة لإنقاذها من السيطرة الفارسية.
كان موت الإمام أحمد بن سعيد خسارة كبرى بالنسبة لعُمان وأهلها وتولى الإمامة بعده ابنه سعيد بن أحمد، ولم تبين لنا المصادر التاريخية الصفة التي تولى بها سعيد الإمامة بعد أبيه، هل كان ذلك بولاية العهد له؟ أم باتفاق من العلماء؟ ونظرا لأن الإمام سعيد كان زاهداً في الحكم والإدارة فقد تولى ابنه حمد زمام الأمور واتخذ من مسقط مقرا للحكم، بينما بقي والده سعيد في الرستاق. ومع مضي الأيام تزايدت قوة ونفوذ حمد حتى أصبحت السلطة الفعلية في يده.
ومن أعماله التي ذكرتها وثائق التاريخ أنه بنى برجاً على البحر عند المدخل إلى ميناء مسقط وزوده بمدافع كبيرة رغبة منه في تحصين هذه المدينة. كما بنى قلعة بيت الفلج في روي وعزز حصن بركاء بمدافع ضخمة للدفاع عن المدينة ضد أي هجوم خارجي، كما أمر بصنع باخرة في زنجبار سميت باسم الرحماني التي اشتهر أمرها في عهد الدولة البوسعيدية نظرا لضخامتها وبديع صنعها.
وبعد موته آلت إلى السيد سلطان بن أحمد بن سعيد أمور الحكم التي كان يتولاها حمد، في نفس الوقت الذي كان لا يزال فيه سعيد قائما في الرستاق، ولم تلبث أمور البلاد أن خلصت للسيد سلطان بعد موت أخيه سعيد بن أحمد، وساس الناس سياسة محمودة وسار على وتيرة أبيه الإمام أحمد بن سعيد وزاد في بذل المال فكان لا يرد سائلا، ولا يدخر عن قومه شيئا يستطيع بذله لهم، فأحبه الناس ووقروه واحترموه.

واجه السيد سلطان بن الإمام أحمد بن سعيد – وهو أول من تلقب بهذا اللقب من أولاد الإمام – بعض المشاكل الداخلية والحروب القبلية ولكنه تغلب عليها بسياسته وقوة جيشه، وما لبث أن توجه إلى البناء الداخلي، فقام بتحصين مدينة مسقط وذلك ببناء قلعة ضخمة على أرض الرابية لتكون حصنا لهذه المدينة، كما بنى البرج المقابل لها، والبرج الشرقي الجنوبي، وذلك في ثلاثة أشهر، وبذلك تم تحصين مدينة مسقط تحصينا كاملا. ثم التفت إلى داخل هذه المدينة فبنى فيها قصرا ضخما وهو بيت العلم الذي بني على أرضه قصر العلم الحالي وجعله مقره الخاص، وبنى حصن الفليج في الواحة المعروفة بهذا الاسم وهي واحة الفليج والتي تقع على الطريق بين بركاء ومسقط، وجعل هذا الحصن مقرا للعائلة بعيدا عن العواصف والحروب والتقلبات السياسية ولذلك أسكنه بعض أهله وكان كثيرا ما يتردد عليه ويقيم فيه بعيدا عن السياسة ومشاكل الحكم.
اتجهت أنظار السيد سلطان بن أحمد بعد ذلك إلى خارج عُمان حيث راح يسترد أملاكها التي ضاعت في غفلة من الزمن، ولذلك نراه يشن حملات يستعيد بها جزائر قسم ( القشم ) وهرمز والبحرين. ويبدو أن السيد سلطان فعل ذلك اتقاء لأخطار عدة منها الخطر الفارسي والخطر الأوربي وكذلك الوهابي الذي اطل على عُمان في تلك الفترة، وفي ذلك يذكر الشيخ سالم بن حمود السيابي أن الوهابيين غزوا عُمان في تلك الأيام، وتحالفوا مع أهل البحرين ولذلك كان من الضروري أن يفرض السيد سلطان نفوذه على هذه الجزر، ففتحها وولى عليها الولاة، ولم يلبث أن بسط نفوذه على الموانئ الهامة في ساحل مكران واستولى على ميناءي شهبار وجواذر مما أدى إلى توثيق الصلات بين عُمان وبلوخستان، وازدياد هجرة البلوش إلى عُمان بأعداد كبيرة. وقد أمن السيد سلطان بلاده باستيلائه أيضا على ميناء بندر عباس وذلك بفضل البحرية العُمانية القوية.

فقد ذكرت المراجع أن أسطول عُمان في عهده زاد عدد سفنه عن 500 سفينة كانت حمولتها تتراوح بين 250و 1000 طن عدا 100 سفينة أخرى يمتلكها أهل صور، ويبدو أن هذه السفن كانت سفنا تعمل في التجارة والقتال أيضا إذا لزم الأمر، ذلك أن المراجع أشارت إلى أن السفن الكبيرة المخصصة للقتال وحده لم تزد على ثلاث.

ونظراً لقوة الأسطول العُماني وقوة الجيش الذي كان لا يقل عدد جنده عن 12 ألف مقاتل تمكن السيد سلطان بن أحمد من رد عادية الوهابيين، واسترد نفوذه في البحرين بعد أن كان أشياخها قد دبروا حيلة أخرجوا بها الوالي العُماني واستعانوا بالوهابيين وحالفوهم ودخلوا تحت طاعتهم.
وإزاء الصراع الدولي الذي كان قائما في تلك الفترة بين الفرنسيين والإنجليز في مياه المحيط الهندي والخليج، رأى السيد سلطان أن يستفيد من هذا الصراع لمصلحة بلاده خاصة وأن كلا الطرفين حاول أن يوطد علاقته بعُمان ضد الطرف الأخر، وقد انتهى هذا الأمر إلى إبرام اتفاقية بين السيد سلطان وبين الإنجليز في (جمادى الأولى 1213 هـ / أكتوبر 1798م) متخلياً عن صداقته للفرنسيين لأسباب عده، منها اعتماد عُمان على الهند التي تسيطر عليها بريطانيا في ذلك الحين في مؤونتها من الأرز – وهو الغذاء لمعظم سكان شبه جزيرة العرب – وتكرار اعتداءات القراصنة الفرنسيين على السفن العُمانية، وأخيرا قلق أمراء وحكام شبه جزيرة العرب ومنهم حكام عُمان بطبيعة الحال من ازدياد النفوذ الفرنسي بعد احتلال الفرنسيين لمصر في 1213 هـ / 1798 م.
ورغم ذلك فان هذه المعاهدة لم توضع موضع التنفيذ الكامل في كثير من شروطها لان السيد سلطان بن احمد لم يقطع في الواقع علاقته التجارية بالفرنسيين في جزيرة موريشيوس ولم يكن في وسعه أن يمنع أصحاب السفن العُمانيين من ذلك، كما أن قطع هذه العلاقات التجارية كان ضارا بمصالح رعاياه، والنتيجة الهامة التي ترتبت على هذه الاتفاقية هي قبول ممثل سياسي بريطاني في عاصمة عُمان للمرة الأولى وذلك في عام 1215هـ/ 1800م.
وهكذا وازن السيد سلطان بن أحمد في سياسته الخارجية بين التطلعات البريطانية والفرنسية في منطقة الخليج، كما دعم نفوذه في هذه المنطقة حرصاً منه على أمن وسلامة الخليج، باعتباره بلده عُمان دولة بحرية تجارية. وفي نهاية هذا الجهاد الدائم وقع السيد سلطان بن احمد قتيلا في (14 شعبان 1219 - 30 نوفمبر 1804م) على يد بعض القراصنة أثناء رحلة بحرية كان يقوم بها بين البصرة وعُمان. وخلفه في حكم عُمان ابنه الشهير السيد سعيد بن سلطان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:40 pm


يعتبر عصر السيد سعيد بن سلطان وهو – حفيد مؤسس أسرة البوسعيد الحاكمة في عُمان – من أزهى العصور التي مرت بعُمان خلال القرن التاسع عشر إن لم يكن أكثرها ازدهارا رغم الصعوبات الكثيرة التي واجهته في بناء الدولة، ويرى المؤرخون أن السيد سعيد بن سلطان هو بلا شك من ابرز الشخصيات في أسرة البوسعيد التي لعبت دورا في تاريخ عُمان والخليج وشرق إفريقيا، لا بل من الشخصيات الهامة جداً في تاريخ العرب الحديث والمعاصر للاعتبارات التالية:
1- اتساع نفوذ الدولة العُمانية بشكل لم تشهده من قبل بحيث أصبحت كافة المناطق الواقعة بين بندر عباس على الساحل الشرقي للخليج العربي إلى ميناء زنجبار على الساحل الشرقي لأفريقيا منطقة نفوذ عُمان، هذا بالإضافة إلى أن العديد من الجزر الواقعة في مدخل الخليج والمحاذية للساحل الشرقي للخليج وكذلك إلى جزر بحر العرب والمحيط الهندي بما فيها أرخبيل جزر القمر كانت تحت النفوذ العُماني.
2- المركز المرموق الذي احتله السلطان السيد سعيد بن سلطان في المجال الدولي والاحترام الذي كان يتميز به بين حكام أوروبا وآسيا وأفريقيا والولايات المتحدة في ذلك العصر، هذا بالإضافة إلى شعبيته الواسعة بين أفراد وطنه.
3- استقرار الحكم العُماني رغم المطامع والمؤامرات الأجنبية، ففي الوقت الذي كانت الصراعات العربية – العربية مستمرة على سواحل الخليج، وفي الوقت الذي شهدت فيه الجزيرة العربية حروبا دائمة بين محمد علي باشا والحركة السلفية، وما كان يتعرض له السيد سعيد بن سلطان من تصادم المطامع البريطانية والفرنسية الفارسية، فان السيد سعيد عمل على المحافظة على استقلال بلاده بتوازن دقيق مستخدماً الدبلوماسية أكثر من القوة العسكرية من اجل الوصول إلى أهدافه. فقد اقتضت الظروف التوقيع على اتفاقيات تجارية مع فرنسا والولايات المتحدة وهولندا والبرتغال. وكانت سياسات السيد سعيد المستندة على البراعة الدبلوماسية والمبادئ الواقعية قد جعلت عُمان من اكبر الدول العربية وأكثرها نفوذا على الإطلاق طيلة فترة حكمه.
4- قوة الاقتصاد العُماني المستندة إلى التقدم وتطور التجارة العُمانية التي كانت تعتمد هي الأخرى على أسطول تجاري ضخم تسانده قوة بحرية متميزة، فبالإضافة إلى التجارة العُمانية الواسعة مع الصين وجنوب شرق آسيا والهند وسيلان وإيران، فان السيد سعيد بن سلطان قد طور وبشكل واسع اقتصاديات شرق أفريقيا لدرجة انه في النصف الثاني من فترة حكمه كان الكثير من واردات عُمان يأتي من أفريقيا. ونتيجة لجهود السيد سعيد بن سلطان في الاهتمام بالبحرية العُمانية.
أصبح الأسطول العُماني الحربي والتجاري في الخليج والمحيط الهندي خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر ثاني اكبر أسطول على الإطلاق ويأتي في المرتبة الثانية بعد الأسطول البريطاني. وكان لهذا الأسطول الضخم قواعد رئيسية على الساحل الشرقي للخليج في موانئ بندر عباس وجزر قشم وهرمز ولارك، بالإضافة إلى الساحل العُماني الذي كانت موانيه عامرة بسفن الأسطول، أما على الساحل الأفريقي فكان لعُمان قواعد بحرية في ممباسة ولامو وكلوة ومركه ومقديشو وزنجبار.
وكان للسيد سعيد بن سلطان، الذي حكم أكثر من نصف قرن دولة واسعة في الخليج والمحيط الهندي، ينتقل بين ممتلكاتها في عُمان والساحل الأفريقي، ويقضي وقتاً طويلاً على ظهر السفن يتفقد بلدان هذه الدولة الشاسعة الأطراف، وفي السنوات الأخيرة من حكمه كان يفضل قضاء أطول مده ممكنة في زنجبار حتى يتمكن من الإشراف على الممتلكات العُمانية في ساحل أفريقيا.. وكانت له علاقات واسعة جدا مع زعماء القبائل الأفريقية وملوك المقاطعات والجزر العديدة التي لم يتمكن من السيطرة عليها مثل مدغشقر وغيرها، ولذلك كان القول المأثور: إذا قرعت طبول السلطان في زنجبار يرقص عليه ابنا البحيرات الأفريقية.
ورغم القوة البحرية التي كانت تحت إمرته فقد اتصف بالحذر الشديد، فاقتصر تواجده على السواحل ولم يغامر بالتوسع في الداخل سواء كان ذلك على الساحل الشرقي للخليج أو بالنسبة للساحل الأفريقي. ولكن التجار العُمانيين توغلوا في داخل أفريقيا ووصلوا إلى ما يعرف حاليا بأواسط كينيا والبحيرات الأفريقية، وتاجروا مع الأهالي ونشروا الإسلام وكانوا أول جسر ثقافي ربط بين العرب وأفريقيا الاستوائية.

وان كان السيد سعيد بن سلطان قد استطاع أن يكون هذه الدولة الواسعة، واستطاع أن يؤسس أسطولا تجاريا وحربيا قوياً تمكن من خلاله المحافظة على هذه الدولة، فانه أيضاً تمكن من إقامة علاقات دولية قوية سواء مع مصر أو مع بعض الدول الأوربية أو مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وبالنسبة لعلاقات السيد سعيد بن سلطان بمصر وحاكمها محمد علي، فقد اتصفت العلاقات بين الرجلين بالتقدير المشترك غير المندفع، ورغم أن الرجلين كانا في مواجهة مع النشاط الوهابي في الجزيرة العربية ألا أن الرسائل المتبادلة بين السيد سعيد ومحمد علي كانت قليلة، وان كانت قد عبرت عن إعجاب السيد سعيد بالبناء الحديث للدولة الذي أقامها محمد علي في مصر، كما عبرت عن وجود رغبة لدى السيد سعيد في إقامة علاقات أوثق مع باشا مصر. وأما علاقة السيد سعيد بن سلطان بالدول الأجنبية، فقد تمثلت في ترحيبه بعقد اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 1249هـ / 1833م، وفي ترحيبه بوجود قنصل أمريكي في السلطنة، كما تمثلت تلك العلاقات في عقد معاهدة بين السلطنة وبريطانيا في ربيع الأول 1255هـ/ مايو 1839م تعلقت معظم نصوصها بتنظيم التجارة والملاحة بين البلدين، وتقديم التسهيلات البحرية للسفن البريطانية في موانئ السلطنة.
كما تمثلت علاقات السلطنة الخارجية كذلك في عقد معاهدة تجارية مع فرنسا عام 1260هــ / 1844م حصلت فرنسا بمقتضاها على نفس الامتيازات التجارية والقضائية التي نصت عليها معاهدة عام 1255هــ / 1839م مع بريطانيا العظمى.
ولم يرفض السيد سعيد بن سلطان طيلة فترة حكمه أي عرض تقدمت به أي دولة إقليمية أو دولية لعقد المعاهدات والاتفاقيات التجارية، فكان يفضل التجارة على أي شي آخر، وعندما طلبت منه الدول الأوربية وخصوصا بريطانيا تحريم تجارة العبيد في ممتلكاته والمساهمة معها في محاربة هذه التجارة في كافة إرجاء الخليج والمحيط الهندي، فانه قبل بهذا العرض وحرم تجارة العبيد التي كانت تدر على بعض التجار أرباحا هائلة، وحارب بقوة نشاطات القراصنة من مختلف الجنسيات الأوربية الذين كانوا يمارسون تجارة العبيد. وكان لموقف السيد سعيد هذا ردود فعل ايجابية في الرأي العام العالمي يومئذ، فقد اثنت الصحف البريطانية كما أشاد مجلس العمــوم البريطاني بمجهود السيد سعيد في مجال محاربة تجارة العبيد ومراعاته لحقوق الإنسان. وبالنسبة للنشاط الاقتصادي الأمريكي، فقد اجتذبت عُمان اهتمام الأمريكيين في الثلث الأول من القرن التاسع عشر لوقوع عُمان في طريق الهند والشرق الأقصى، ولأنها كانت مركزا للعلاقات مع بقية أقطار الوطن العربي وإيران وأفريقيا، وفي شرق أفريقيا بالذات.
ادخل السلطان السيد سعيد بن سلطان زراعة القرنفل في زنجبار واعتبره محصولاً تجارياً حيث انشأ عدة مزارع على الأرض الإفريقية للمتاجرة مع الأفارقة، كما قدم مساعدات ذات اثر كبير في نجاح رحلات المستكشفين الأوربيين الذين مارسوا عمليات الكشف داخل إفريقيا خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر.
وكان تطوير القسم الإفريقي للدولة العُمانية في عهد السيد سعيد بن سلطان عامل جذب للقوى الأجنبية لكي تسعى إلى تقوية علاقاتها بالسلطنة ككل، ولتحصل على متاجر زنجبار بصفة خاصة وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أولى القوى الأجنبية في التطلع إلى فتح أسواق زنجبار أمام التجار الأمريكان لبيع السلع الأمريكية من ناحية، ولشراء المنتجات والسلع في الشق الإفريقي من الجولة من ناحية أخرى.
وقد بدأت مقدمات العلاقات التجارية بين عُمان والولايات المتحدة الأمريكية حينما زار التاجر الأمريكي (أدموند روبرتس) Edmond Roberts الذي ينتمي إلى نيوهامبشير زنجبار في عام 1243هـ / 1827م، متطلعاً إلى تحقيق كسب مادي كبير هناك، ولكنه لم يجد التسهيلات التي كان يلقاها البريطانيون الذين كانوا أصدقاء للسيد سعيد بن سلطان. ومن ثم عاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية يحمل فكرة عقد معاهدة مع الحكومة العُمانية لكي تروج التجارة الأمريكية في ممتلكاتها. وقد وافق الرئيس الأمريكي (اندرو جاكسون) Andrew Jackson على فكرة عقد معاهدة تجارية بين الولايات المتحدة وعُمان، وعهد إلى ادموند روبرتس بإرجاء المفاوضات اللازمة والتوصل إلى المعاهدة المنشودة وكان وصول السفينة الأمريكية (بيكويك) حاملة بعثة روبرتس إلى مسقط دليلاً ليس فقط على الاهتمام الأمريكي بكل من آسيا وإفريقيا، بل أيضا لكون عُمان دولة ذات أهمية بارزة لدى الولايات المتحدة الأمريكية.

ولذلك تم توقيع المعاهدة التجارية بين عُمان والولايات المتحدة في جمادى الأولى (1249هـ / الحادي والعشرين من سبتمبر 1833م)، وكانت أول اتفاقية يعقدها السيد سعيد بن سلطان مع دولة كبرى. وقد صارت هذه الاتفاقية المثل الذي سارت على منواله معاهدات عُمان مع بريطانيا عام (1255هـ / 1839م) ومع فرنسا عام (1260هـ / 1844م).
وقد ظلت الاتفاقية الأمريكية العُمانية سارية المفعول حتى عام (1378هـ / 1958م) حين بطل مفعولها واستبدلت بمعاهدة جديدة للصداقة والعلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية بين الطرفين وبموجب هذه الاتفاقية تمتع الأمريكيون بامتيازات اقتصادية وقضائية في ممتلكات السلطان العربية الأفريقية حيث صار التجار الأمريكيون يتاجرون في أراضي عُمان الواسعة وينزلون في موانيها ويدفعون 5% فقط رسوماً على البضائع التي كانوا يجلبونها إلى الموانئ العُمانية ويعفون من دفع أية ضرائب أخرى على الصادرات والواردات، ويعفون كذلك من رسوم الإرشاد الملاحي في موانئ عُمان، كما صار من حق القنصل الأمريكي في عُمان فض المنازعات التي تنشأ بين رعايا دولته، ونصت المعاهدة كذلك على حق قنصل عُمان في الفصل في القضايا بين رعايا دولته في الولايات المتحدة.
وتمشياً مع السياسة الودية بين الإمبراطورية العُمانية والولايات المتحدة بدأت بمعاهدة الصداقة والتجارة التي عقدت بين البلدين عام (1249هـ / 1833م)، فقد بعث السيد سعيد سفينته المسماة (سلطانه) في رحلة إلى ميناء نيويورك الأمريكي عام (1256هـ / 1840م)، لتقوية العلاقات مع الولايات المتحدة، للمتاجرة وشراء الأسلحة التي كان في حاجة إليها أثناء صراعه ضد الوجود البرتغالي في موزنبيق وقد تولى قيادة هذه السفينة ربان بريطاني يدعى (وليام سليمان) William Soliman، واختار السيد سعيد أمين سره الخاص الحاج احمد بن نعُمان ليكون ممثلا له في الولايات المتحدة، بل أول مبعوث عربي إلى الولايات المتحدة.
وتتويجاً لعلاقة السيد سعيد الحميمة مع إفريقيا فقد قرر الإقامة في زنجبار بوصفها العاصمة الثانية لدولته المترامية يعد قرارا خطيرا وخصوصا أن المسافة بين العاصمتين تبلغ 2500 ميل والوصول من عُمان إلى زنجبار تحكمه حركة الرياح الموسمية.

وعلى أية حال فانه كان من المستحيل أن تسيطر حكومة عُمان سيطرة فعلية على ممتلكاتها البعيدة في شرق إفريقيا إلا بإتخذها ذلك القرار. وكانت سياسة السيد سعيد الرامية إلى تدعيم نفوذه في ممتلكاته الجديدة، أهم الأسباب التي دعته إلى نقل بلاطه من بلاد العرب إلى زنجبار في سنة 1248هـ / 1832م، حيث ظل مقيما بها بقية حياته.
على أن السيد سعيد كان يعمل على تسيير دفة الأمور الخاصة بعُمان وهو بعيد عنها، فكان يضطر كثيرا لمغادرة زنجبار لمواجهة المشاكل الناجمة في عُمان وحلها ورغم انه أقام فترة طويلة في زنجبار، فقد ظلت زنجبار طيلة الحكم الطويل للسيد سعيد تابعة لمسقط رسمياً.
وتجدر الإشارة إلى انه قبل عصر السيد سعيد كان معظم سكان جزيرة زنجبار من السواحلية ولكن في ظل الدولة الجديدة كثرت وفود العرب للإقامة فيها، ذلك أن السيد سعيد كان قد شجع هؤلاء العرب على الهجرة إلى بيمبا وزنجبار.
ولاشك أن الدافع الاقتصادي كان أقوى الدوافع التي جعلت السيد سعيد يفضل الإقامة بصفة دائمة في جزيرة زنجبار، والواقع انه لم يكن هناك مكان آخر في إمبراطورية السيد سعيد أكثر ملائمة لتنفيذ سياسته الاقتصادية من هذه الجزيرة. ولذلك انتقل إليها ولم ينتقل إلى ممباسة أو كلوة أو غيرها من المدن الهامة في شرق أفريقيا.وعلى أية حال فقد أكد السيد سعيد منذ البداية بأن التنمية الاقتصادية تعنيه كما يعنيه استتباب نظام الحكم والأمن والاستقرار، ومن المرجح أن يكون أول من ادخل زراعة القرنفل إلى زنجبار وتطويرها حتى أصبحت في أواخر القرن التاسع عشر من أهم المنتجين على مستوى العالم.
وكانت وفاة السلطان سعيد ( في العشرين من صفر 1273هـ / التاسع عشر من أكتوبر من عام 1856م ) نهاية لعهد حاكم عربي بارز، ومهما يكن من أمر، فلا يزال عهده يعتبر مرحلة ماجدة في إطار الحضارة التقليدية للمنطقة ونظامها الديناميكي القديم، إلا أن النفوذ البريطاني وعملية التحديث للمنطقة أثرا على البناء السياسي العام الذي أقامه، وبمعنى آخر لم يكن هناك بين أبناء السلطان سعيد من يتمتع بالكفاءة والتأييد السياسي الكافي الذي يؤهله لحكم السلطنة العربية الأفريقية والحفاظ على وحدتها مثلما كان الحال في عهد والدهم رغم أن السلطان سعيد كان قد عين اثنين من أنجاله نائبين عنه في كل من الجزء الأفريقي – زنجبار – والجزء الآسيوي – عُمان – أثناء الفترات الطـويلة التي يتغيب فيها عن الحكم.
ومنذ عام (1249هـ / 1833م) كان (ثويني) ينوب عن والده في العاصمة مسقط، بينما الابن الثاني (ماجد) ينوب منذ عام (1271هـ / 1854م) عن والده في زنجبار، وقد أصبح لكل منهما نفوذ واسع في المنطقة التي كان يحكمها، ولكن ليس بالدرجة التي تمكنه من ضم الجزء الآخر إلى حيز نفوذه، كما لا يبدو أن السلطان سعيد قد رشح احد أبنائه ليخلفه في الحكم بعد وفاته. ولذلك ظل الصراع بين أبناء السلطان سعيد من السمات المميزة للتاريخ العُماني على امتداد بقية القرن التاسع عشر، علما بأنهم كانوا قادرين بالاستخدام الذكي للإمكانيات الاقتصادية والسياسية التي كانت لديهم على أن يحافظوا على دولتهم بشطريها العربي والأفريقي.
ونتيجة للاضطرابات السياسية التي اجتاحت عُمان بعد وفاة السلطان سعيد، نشبت الحرب الأهلية للاستيلاء على السلطة بين ورثة السلطان المتوفى تلك الحرب التي أخذت تهدد الدولة العُمانية بشطريها الآسيوي والأفريقي بالتمزق والانهيار، وخاصة بعد أن استغلت الدول الأجنبية الطامعة ذلك الخلاف والصراع الذي نشب بين الأخوين ثويني وماجد.
وقد لعبت كل من بريطانيا وفرنسا دورا متفاوتا في استغلال هذا الخلاف بين هذين الأخوين فقد تحركت قواتهما العسكرية والمسـؤولون السياسيون البريطانيون والفرنسيون على الفور لتحقيق مكاسب لمصالح بلدانهم، وقد بذلوا في ذلك جهداً كبيراً وتنقلوا بين مسقط وزنجبار بغرض الحماية والوصاية، وكانوا في حقيقة الأمر يشجعون الخلافات بين الأخوين في وقت كانوا يظهرون فيه على أنهم يبذلون سعيهم وراء التوسط لحل المشاكل.
وكان الخلاف حول كسب الموقف في أشده بين بريطانيا وفرنسا، فقد حشدتا قوات وأساطيل على السواحل العُمانية والأفريقية، وأظهرتا عطفا كل على الطرف الأخر من المتنازعين، مشجعين إياهما على الاندفاع أكثر على كسب المواقف الشخصية. والثابت أن أطماع البلدين في شرق أفريقيا كان واضحا حيث حاولا مرارا إيجاد موطئ قدم لهما على الساحلين الأفريقي والعربي، واستعملا أساليب في نشر الإشاعات والأكاذيب والافتراءات التي لا تمت للحقيقة بصلة للحيلولة دون اتفاق الإخوة على وحدة الكلمة.
وقد اتهموا السلطان الراحل على انه اعد مستندات أصولية لتقسيم الإمبراطورية وتوزيعها بين أبنائه حيث أكدوا أن السلطان أوصى لخالد وبالتالي لابنه ماجد بأرضي زنجبار مستقلة عن الوطن الأم عُمان. وحقيقة الأمر أن هناك أدله قاطعة تدحض أن يكون السلطان الراحل قد وقع أية وصية من ذلك النوع، وكانت الأمور تسير سيرا طبيعيا بين الإخوة، ولكن التدخلات الأجنبية خلقت عدم الثقة والريبة في كل عمل يصدر عن الأخر.
ومهما كان الأمر فقد كانت انجلترا تؤيد تقسيم السلطنة وتعارض فكرة ضم ممتلكات ثويني إلى ممتلكات ماجد، ولذلك وقفت بجانب الأخير متذرعة بأن أية حرب بين الأخوين سوف تشكل خطرا على مصالحها في الطريق البحري إلى الهند. وقد حاول ثويني بالفعل إعادة توحيد السلطنة وبدأ في إعداد حملة سنة 1276هـ / 1859م لإرسالها إلى زنجبار، ألا أن السلطات البريطانية في الهند أسرعت بإرسال الكولونيل رسل Russel وهو احد ضباط البحرية الهندي لكي يوقف تقدم الحملة، واستطاع رسل أن يصل في الوقت المناسب مما اضطر ثويني إلى التراجع إلى مسقط بعد أن أغلق الأسطول البريطاني الطريق في وجهه.
ولم يقف الأمر عند حد تقديم المعونة البريطانية للسيد ماجد، بل حاولت بريطانيا أن تحل النزاع بين مسقط وزنجبار بطريقة يقبلها الطرفان، أو يرغمان على قبولها إذا استدعى الأمر ذلك. فتدخلت في ذلك النزاع الناشب بين مسقط وزنجبار بما يحقق في النهاية الهدوء والسلام بينهما، لان غير ذلك قد يؤثر على المصالح البريطانية في الطريق الموصل إلى إمبراطوريتها في الهند، ونتيجة لذلك أرسلت الحكومة البريطانية بعثة إلى كل من مسقط وزنجبار في عام (1277هـ / 1860م) بهدف التحقيق في أسباب النزاع القائم بين البلدين، وقد رأس هذه البعثة الكولونيل كوجلان Coghlan المقيم السياسي في عدن. وكان من نتيجة الأعمال والدراسات التي قامت بها البعثة، إنها ذكرت أن الطريقة التي يتولى بها سلاطين أسرة البوسعيد الحكم، إنما تقوم على أساس الانتخاب، وانه عقب وفاة السيد سعيد بن سلطان فان أهل زنجبار انتخبوا ابنه السيد ماجد حاكما عليهم، وعلى ذلك فليس هناك مبرر لمطالب السيد ثويني في السيطرة على ممتلكات أخيه، وينبغي إذن أن يبقى كل منهما سلطانا في مكانه.
وهكذا قدمت البعثة تقريرها إلى اللورد كاننج Canning الحاكم العام للهند، والذي استند عليه في وضع التحكيم المشهور عام (1278هـ / 1861م) . وطبقا لهذا التحكيم فقد تم إقرار السيد ماجد في منصبه كحاكم على زنجبار والممتلكات الأفريقية الأخرى خلفا للسيد سعيد، كما نص التحكيم على أن يدفع حاكم زنجبار (40,000 ريال) سنوياً لحاكم مسقط، هذا بالإضافة إلى دفع المتأخرات المستحقة عليه من العامين الأخيرين.
كما نص التحكيم أيضا على انه لا ينبغي لحكام مسقط أو لقبائل عُمان التدخل في شؤون زنجبار، كما أوضح كاننج بأن هذا المبلغ الذي يدفعه حاكم زنجبار إلى حاكم مسقط لا يعني أية تبعية من جانب زنجبار لمسقط، وإنما قصد به تحقيق المساواة بين ميراثي الأخوين، لان أراضي زنجبار أكثر غنى من أراضي مسقط. وهكذا ونتيجة التحكيم أصبحت العلاقة بين زنجبار ومسقط علاقة مالية فقط، أي انه كان على زنجبار أن تدفع تلك الإعانة السنوية لمسقط، وبخلاف ذلك أضحت العلاقات واهية بين قسمي السلطنة السابقة.
ويلاحظ أن الطابع الأفريقي اخذ يغلب على سلطنة زنجبار في عهد السيد ماجد نتيجة لانقطاع الصلة بالوطن ألام، وقد ساعدت سياسة ماجد على تحقيق هذه النتيجة، فقد اتخذ بعض الإجراءات التي أدت إلى إضعاف الصلات بين زنجبار ومسقط ففي عام (1281هـ / 1864م) منعت سفن مسقط من الملاحة في مياه زنجبار إلا إذا أبرزت أوراقا تثبت أنها تتجر في سلع شرعية، كما كتب إلى مشايخ الخليج بأن لا يرسلوا سفنهم بعد ذلك إلى زنجبار، كما حرم السيد ماجد على سكان زنجبار تأجير المساكن للتجار العرب الآتين من شبه الجزيرة العربية، وأخيراً أوقف السيد ماجد الهدايا التقليدية التي كان يقدمها السلاطين لقبائل عُمان، مما يدل على انصرافه نهائيا عن فكرة توحيد السلطنة التي أقامها والده السيد سعيد بن سلطان.
ولقد كانت عملية تقسيم الإمبراطورية العُمانية هي التي أثارت المشكلات، لان عدم دفع زنجبار الإعانة السنوية لمسقط جعل الأخيرة غير قادرة على دفع قيمة إيجار بندر عباس إلى فارس، مما حدا بفارس إلى محاولة استعادة هذا الميناء ثم محاولة القيام بنشاط بحري واسع في الخليج.. وكان من نتائج ذلك تزايد وتكريس النفوذ البريطاني في المنطقة.
الجدير بالذكر أن السيد تركي والسيد برغش أصبحا على علاقة ودية طيبة منذ الوقت الذي تعهدت فيه الحكومة البريطانية بضمان دفع معونة زنجبار، وقد أدت هذه العلاقة الودية إلى أن اقترح السيد تركي فعلا في سنة (1297 هـ/1880 م) أن يتنازل عن حكم عُمان لليسد برغش.
وقد انزعجت حكومة الهند لهذه الأنباء أيما انزعاج وأرسلت إلى روس المقيم البريطاني في الخليج لتحري هذا الأمر، ورد عليها أنه قد تم فعلا اتصالات ومفاوضات بين السيد تركي والسيد برغش، وأن هذا الموضوع أصبح سائدا بين الناس، فأصدرت حكومة الهند تعليماتها لوكيلها السياسي بأنها ستتدخل في حالة وقوع محاولة لإعادة الوحدة بين عُمان وزنجبار.
وهذا يوضح لنا مدى تخوف بريطانيا من اتحاد الدولة العُمانية مرة أخرى ، ويبدو أن بريطانيا ضغطت على السيد تركي حتى لا يتنازل عن حكم عُمان ، لأنها كانت تعلم أنه من الممكن أن يتخلى فعلا عن الحكم ، لأن له سابقة في ذلك عندما ترك الأمر لأخيه عبد العزيز . وبذلك قضى على آخر أمل في امكان إقامة تلك السلطنة الأفريقية العربية مرة أخرى.
استمر الشقيقان بعد أن فشلت فكرة الاتحاد على علاقة طيبة وكانا يتبادلان الهدايا، فقد أهدى السيد برغش شقيقه في سنة (1302 هـ / 1884 م) 22 ألف ربيه كمعونة في مواجهة الحركات الداخلية في عُمان في العام السابق ، وفي سنة (1304 هـ / 1886 م) أهداه السفينة البخارية (سلطاني) واليخت (دار السلام)، وفي منتصف عام (1305 هـ / مارس سنة 1888 م) قام برغش بزيارة عُمان وقضى أسبوعا في ينابيع بوشر الحارة أملا في أن يتخلص من مرض أصابه وعامله تركي بمودة واحترام كبيرين ، وتلقى منهم بعد ذلك هدية قدرها خمسون ألف ربية، ومات الشقيقان بعد ثلاثة أشهر من لقائهما الأخير.
وقد شهدت الفترة الأخيرة من حكم السيد تركي هدوءا حتى وفاته عام (1306 هـ / 1888 م ) بعد أن ترك وراءه مملكة تتميز بقدر من التنظيم والاستقرار وقد هيأ لابنه وولي عهده السيد فيصل أن يتولى مقاليد الحكم في جو سلمي.
وقد تولى السلطان السيد فيصل بن تركي حكم عُمان في فترة شهد فيها العالم العربي موجة من ازدياد النفوذ الاستعماري الأوربي وبخاصة البريطاني والفرنسي، حيث احتلت بريطانيا وفرنسا العديد من أجزاء الوطن العربي أو أصبح تحت نفوذهما والقليل من الدول أفلتت من هذا الغزو الاستعماري ومن بينها عُمان حيث تمكن السيد فيصل بن تركي من أن يدير دفة الحكم وسط هذه الأجواء، كما أولى اهتمامه للوضع الداخلي بهدف تقوية الجبهة الداخلية.. ومن أجل ذلك كون جيشا قويا جعل قيادته لأخيه فهد الذي قام بأكثر من حملة لتوطيد الأمن في ربوع عُمان.
وقد اتسمت سياسة السلطان السيد فيصل بن تركي بالتوازن في علاقة عُمان بكل من بريطانيا وفرنسا.. في عام (1312هـ / 1984 م) وافق عل إنشاء قنصلية فرنسية في مسقط كما أعطى للفرنسيين امتيازا بإنشاء مستودع للفحم في منطقة الجصة في عام (1316هـ / 1898م)، وعندما علمت بريطانيا بذلك أرسلت المقيم السياسي في الخليج كولونيل (ميد) إلى مسقط مبعوثا من نائب الملك في الهند ثم تبعه الأدميرال (دو غلاس)، وبعد مقابلتهما للسيد فيصل انتهى النقاش إلى أن لعُمان الحق في الارتباط بعلاقات خارجية مع أية دولة من الدول، وأن عُمان على استعداد لعقد معاهدات تجارية وود وصداقة مع بريطانيا، واستمر حكم السيد فيصل حتى وافته المنية في (شهر ذي القعدة 1331هـ / اكتوبر عام 1913 م) ليخلفه ابنه الأكبر تيمور.
تولى السلطان السيد تيمور دفة الحكم في ظروف صعبة على المستويين الداخلي والخارجي حيث شهدت عُمان صراعات داخلية كما أن شبح الحرب العالمية الأولى (1332- 1337هـ / 1914- 1918م ) اخذ يلوح في الأفق والأزمة الاقتصادية العالمية تكاد تخنق معظم الدول.
وقد حاول السلطان السيد تيمور أن يتجنب كل ما يمكن تجنبه من هذه المصاعب والازمات، فحاول أن يخلق نوعاً من الاستقرار السياسي الذي يترتب عليه تحسين الوضع الاقتصادي ، ولهذا بادر بعقد اتفاقية السيب في (عام 1339هـ / 1920م) حفاضاً على استقرار عُمان.

وفي أعقاب الحرب العالمية الاولى أخذت التجارة العُمانية تنتعش من جديد، ألا أنها تعرضت لأزمة بسبب الكساد الاقتصادي الذي ساد العالم بعد الحرب العالمية الاولى، كما قام السيد تيمور بإصلاح الوضع الاقتصادي بأن استقدم ثلاثة من الخبراء المصريين لتطوير نظام الجمارك في مسقط، كما شكل أول مجلس للوزراء في تاريخ عُمان برئاسة السيد نادر بن فيصل، ولم يلبث أن عين ولده السيد سعيد رئيسا لمجلس الوزراء وذلك منذ عام (1348هـ / 1929م).
ومن الأحداث في عهد السيد تيمور، توقيع أول اتفاق بين عُمان وشركة داركي لتنقيب عن النفط في السلطنة في (عام 1344هـ / 1925م)، إلا أنه لم يتم اكتشاف أي من آبار البترول في عهده الذي امتد حتى (عام 1351هـ / 1932م) حيث تنازل في ذلك العام عن الحكم لولده السيد سعيد، وذلك لأسباب صحية ألمت به.
ومع تولي السلطان السيد سعيد بن تيمور الحكم كان العالم يعاني معاناة شديدة من وطأة الأزمة الاقتصادية التي تجتاحه، لذلك اختط لنفسه سياسة مالية اتسمت بعدم تحميل البلاد بما لا تطيق من الديون، لان الديون هي مكمن الداء حيث تخلق وضعاً يسمح بالتدخل في شؤون البلاد من قبل الدول الدائنة، لذلك قرر بأن ينفق في حدود دولته، والتزم بتسديد ما على الدولة من ديون.
كما اتخذ خطوات لتدعيم علاقاته الخارجية، فقام بجولة في عام (1356 هـ / 1937م) زار فيها اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، واجتمع مع رئيسها روزفلت (1352- 1365 هـ / 1933- 1945م) الذي استقبله وتبادل معه الهدايا ،فكان أول حاكم عربي يزور الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها سافر إلى بريطانيا حيث استقبله ملكها جورج الخامس ، ثم انتقل إلى فرنسا فايطاليا وأخيراً الهند الذي عاد منها إلى مسقط. وفي (عام 1363هـ / 1944م) قام برحلة إلى مصر واستقبله ملكها فاروق، ثم زار القدس عاصمة فلسطين.

تميز عهد السلطان السيد سعيد بن تيمور بالأحداث الآتية:

اولاً:
حل الخلافات التي كانت قائمة مع المملكة العربية السعودية حول واحة البريمي.

ثانياً:
منح شركة تنمية نفط عُمان امتياز التنقيب عن النفط في السلطنة. وفعلا تم اكتشاف النفط وبدأ تصديره منذ (جمادى الأولى عام 1388هـ / أغسطس عام 1968م). وقد وفر الحدث الأول الهدوء بالنسبة للجبهة الداخلية كما وفر الحدث الثاني الدعم المالي لنهضة شاملة لم تلبث أن بدأت في عهد ولده جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم فيما يعرف بعصر النهضة العُمانية الحديثة.

ثالثاً:
قيام التمرد الأول الذي نشأ عنه حرب الجبل الأخضر وإحكام السيطرة عليه. رابعاً: حرب ظفار التي استمرت حتى عهد جلالة السلطان قابوس حيث تمكن من إخمادها وانتصار القائد الشاب وشعبه العريق في ملحمة وطنية تتوجت بإعلان يوم 11 ديسمبر 1975م عيداً للنصر ويوماً للقوات المسلحة.

المصدر
موقع وزارة خارجية سلطنة عمان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:41 pm

امراء سلطنة عمان


أبو هلال أحمد بن سعيد 1749 1783 1710 1783
سعيد بن أحمد 1783 1786 1811
--- حمد بن سعيد 1783 1786 كان الوصي على والده
حمد بن سعيد 1786 1792 1792
سلطان بن أحمد 1792 1804 1745 1804
سالم بن سلطان 1804 1806 1789 1821 ثم انتقل إلى زنجبار
--- بدر بن سيف 1804 1806 1806 تولى شؤون الحكم في عمان للفترة
--- سعيد بن سلطان 1804 1821 1790 1856 بعد انتقال أخوه إلى زنجبار أصبح الحاكم الأول في عمان
سعيد بن سلطان 1821 1856 1790 1856 بعد وفاة أخيه أصبح سلطانا على البلاد
البوسعيد (السلاطين)
ثويني بن سعيد 1856 1866 1821 1866 تلقب منذ 1861 م بالسلطنة
سالم بن ثويني 1866 1868
البوسعيد (الأئمة)
عزان بن قيس 1868 1871 1871
البوسعيد (السلاطين)

تركي بن سعيد 1871 1888 1832 1888

فيصل بن تركي 1888 1913 1864 1913

تيمور بن فيصل 1913 1932 1886 1965

سعيد بن تيمور 1932 1970 1910 1972 بسط نفوذه على كامل عمان، كانت الأسرة تحكم مسقط وماجاورها وبقية البلاد خاضع اسميا فقط

قابوس بن سعيد 1970 1940
-----------
رئيس الوزراء
طارق بن تيمور 1970 1972 1921 1980

قابوس بن سعيد 1972


حكام عمان على مر العصور
قبل الإسلام:
- مالك بن فهم بن غانم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد.
- هناءة بن مالك بن فهم.
- عبد عز بن معولة بن شمس (من بني معولة بن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن عثمان بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد(.
- الجلندى بن المستكبر المعولي (من بني معولة بن شمس). (من قبائل زهران).
أئمة القرن الأول:
- جيفر وعبد أبناء الجلندى بن المستكبر. (من قبائل زهران).
- عباد بن عبد الجلنداني (من قبائل زهران).
- سليمان وسعيد ابني عباد بن عبد بن الجلندى.(من قبائل زهران).
- زياد بن المهلب (من أزد العتيك)
- جناح بن عباد بن قيس بن عمرو الهنائي.(من قبائل زهران)
- محمد بن جناح الهنائي (من قبائل زهران).
أئمة القرن الثاني :
- الجلندى بن مسعود بن جيفر بن الجلندى(من بني معولة بن شمس((من قبائل زهران) ( وهو أول إمام بعمان).
- محمد بن أبي عفان من اليحمد. (من قبائل زهران).
- الوارث بن كعب الخروصي. (من قبائل زهران)
- غسان بن عبدالله الخروصي. (من قبائل زهران).
أئمة القرن الثالث :
- عبدالمللك بن حميد (من بني علي بن سوده، من أزد العتيك )
- المهنا بن جيفر اليحمدي. (من قبائل زهران).
- راشد بن النظر اليحمدي (من قبائل زهران).
- عزان بن تميم الخروصي. (من قبائل زهران)
- محمد بن الحسن الخروصي (من أهل فشح من أودية الرستاق) ( من قبائل زهران).
- الصلت بن القاسم الخروصي (من أهالي نزوى).من قبائل زهران).
- عزان بن الهزبر المالكي (من اليحمد) (من قبائل زهران).
- عبدالله بن محمد الحداني المعروف بأبي سعيد القرمطي.(من بني الحدان بن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن نصر بن زهران) (من قبائل زهران).
- الحسن بن سعيد السحتني ( النازل نزوى وهو من بني خروص) (من قبائل زهران).
- الحواري بن مطرف الحداني (النازل نزوى) (من قبائل زهران).
- عمر بن محمد بن مطرف.
- محمد بن يزيد الكندي (النازل بسمد نزوى)
- الحكم بن الملا البحري (النازل سعال من نزوى) (من قبائل زهران).
أئمة القرن الرابع:
- سعيد بن عبدالله بن محمد بن محبوب القرشي (من قبيلة قريش العدنانية).
- راشد بن الوليد الكندي.
أئمة القرن الخامس والسادس:
- الخليل بن شاذان بن الصلت بن مالك الخروصي.(من قبائل زهران).
- راشد بن سعيد اليحمدي.(من قبائل زهران).
- حفص بن راشد بن سعيد اليحمدي (من قبائل زهران).
- راشد بن علي الخروصي.(من قبائل زهران).
- عامر بن راشد بن الوليد الخروصي.(من قبائل زهران).
- الخليل بن عبدالله بن عمر بن محمد بن الإمام الخليل بن شاذان الخروصي. .(من قبائل زهران).
- محمد بن خنبش بن محمد.
- محمد بن غسان بن عبدالله الخروصي. .(من قبائل زهران).
ملوك عمان من القرن السابع و حتى القرن التاسع:
ملوك النباهنة ( الاوئل)Sadقبيلة من أزد العتيك).
- أبو عبدالله محمد بن عمر بن نبهان (من أزد العتيك)
- أبو الحسين احمد بن عمر بن نبهان (من أزد العتيك)
- أبو محمد نبهان بن عمر بن نبهان (من أزد العتيك)
- أبو القاسم على بن عمر بن محمد بن عمر بن نبهان (من أزد العتيك)
- أبو الحسن ذهل بن عمر (من أزد العتيك)
- أبو العرب يعرب بن عمر (من أزد العتيك)
- محمد بن عمر بن نبهان (من أزد العتيك)
- أبو إسحاق إبراهيم بن أبي عمر بن معمر (من أزد العتيك)
- أبو عبدالله محمد بن عمر (من أزد العتيك)
- أبو المعالي كهلان بن محمد (من أزد العتيك)
- أبو عبدالله محمد بن احمد بن عمر (من أزد العتيك)
- أبو محمد نبهان بن ذهل (من أزد العتيك)
- أبو المعالي كهلان بن نبهان (من أزد العتيك)
- عمر بن نبهان (من أزد العتيك)
- كهلان بن عمر بن نبهان (من أزد العتيك)
- أبو محمد بن نبهان (من أزد العتيك)
- مظفر بن سليمان بن مظفر(من أزد العتيك)
- سليمان بن مظفر بن سليمان (من أزد العتيك)
- حسام بن سليمان بن مظفر (من أزد العتيك)
- سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني (من أزد العتيك)
ملوك النباهنة ( المتأخرون):
- طهماس بن سلطان (من أزد العتيك)
- سلطان بن محسن بن سليمان بن نبهان (من أزد العتيك)
- سلطان بن محسن بن سليمان بن نبهان (من أزد العتيك)
- مظفر بن سلطان (من أزد العتيك)
- سلطان بن سلطان (من أزد العتيك)
- فلاح بن محسن بن سليمان ( من اشهر ملوك النباهنة) (من أزد العتيك)
- مظفر بن سليمان (من أزد العتيك)
- سليمان بن مظفر (من أزد العتيك)
- عرار بن فلاح (من أزد العتيك)
- مخزوم بن فلاح (من أزد العتيك)
أئمة القرن التاسع:
- الحواري بن مالك
- مالك بن الحواري بن مالك.
- أبو الحسن بن خميس بن عامر
- شاذان بن الصلت بن مالك الخروصي. .(من قبائل زهران).
- عمر بن الخطاب بن محمد بن أحمد الخروصي. .(من قبائل زهران).
- محمد بن سليمان بن أحمد.
-عمر الشريف.
- أحمد بن عمر بن محمد الربخي الضنكي. .(من قبائل زهران).
- أبو الحسن بن عبدالسلام النزوي
أئمة القرن العاشر:
- محمد بن اسماعيل بن عبدالله بن محمد الحاضري الخروصي. .(من قبائل زهران).
- بركات بن محمد بن اسماعيل الخروصي. .(من قبائل زهران).
- عمر بن القاسم.
- عبدالله بن محمدالقرن المنحي.
أئمة القرن الحادي عشر: دولة اليعاربة ويقال أنهم من بني نبهان ولكن الإمام السالمي يرجح أنهم من بني نصر بن زهران .
- ناصر بن مرشد اليعربي. .(من قبائل زهران).
- سلطان بن سيف بن مالك اليعربي. .(من قبائل زهران).
- بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي. .(من قبائل زهران).
أئمة القرن الثاني عشر الهجري:
- سيف بن سلطان قيد الأرض اليعربي. .(من قبائل زهران).
- سلطان بن سيف بن سلطان اليعربي. .(من قبائل زهران).
- مهنا بن سلطان اليعربي. .(من قبائل زهران).
- يعرب بن بلعرب بن سلطان بن سيف بن مالك اليعربي (وهو ابن الإمام بلعرب .(من قبائل زهران).
- محمد بن ناصر بن عامر بن رمثة بن خميس الغافري.(من قبيلة قريش العدنانية).
- سيف بن سلطان بن سيف بن سلطان بن سيف بن مالك اليعربي (وهذا الابن الثاني لقيد الأرض .(من قبائل زهران).
- بلعرب بن حمير اليعربي. .(من قبائل زهران).
- سلطان بن مرشد اليعربي. .(من قبائل زهران)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
أسرة البوسعيد في عمان (من الأزد):
- أحمد بن سعيد البوسعيدي
- سعيد بن احمد بن سعيد البوسعيدي
- سلطان بن أحمد بن سعيد البوسعيدي
السيد / سعيد بن سلطان 1804- 1856م ،(ثويني بن سعيد)، ثم سالم بن ثويني بن سعيد).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
السيد / تركي بن سعيد 1871- 1888م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
السيد / فيصل بن تركي1888 - 1913م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
السيد / تيمور بن فيصل 1913- 1932م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
السلطان سعيد بن تيمور1932- 1970
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
(حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد)
تولى مقاليد الحكم في (23/ يوليو عام 1970م
ولد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم
في السابع عشر من شهر شوال عام 1359ه
الموافق الثامن عشر من نوفمبر 1940م في مدينة صلاله
بمحافظة ظفار من سلطنة عمان وجلالته هو السلطان الثامن
لعمان في التسلسل المباشر لأسرة آل بو سعيد التي تأسست
على يد الإمام أحمد بن سعيد في عام 1744م , والذي
مازالت ذكراه موضع احترام وإجلال في عمان كمحارب وإداري
مستنير, نجح في توحيد البلاد بعد سنوات من الحرب الأهلية .
تلقى جلالة السلطان قابوس حفظه الله – أولى مراحل تعليمه
في عمان , وفي سبتمبر سنة 1958م أرسله والده إلى ( إنجلترا)
لإتمام تعليمه , حيث أمضى عامين في مؤسسة تعليمية خاصة
في ( سافوك ) والتحق بعدها – أي في عام 1960م
بأكاديمية ( سانت هيرست ) الملكية العسكرية كضابط مرشح
تخرج منها بعد سنتين لينضم جلالته إلى إحدى كتائب المشاة
البريطانية الغربية , وهي ( الكتيبة الأولى الكامرونيون – سكوتش رايفلز)
حيث أمضى ستة أشهر كمتدرب في فن القيادة.
بعد أن أكمل جلالته العلوم العسكرية , عاد إلى بريطانيا , حيث درس
لمدة عام واحد في مجال نظم الحكم المحلي وأكمل دورات تخصصية
في شؤون الإدارة , ثم هيأ له والده الفرصة , فقام بجولة حول العالم
لمدة ثلاثة أشهر , عاد بعدها إلى البلاد عام 1964م وعلى امتداد السنوات
الست التالية تعمق جلالته في دراسة الدين الإسلامي وكل ما يتصل بتاريخ
عمان دولة وشعبا على مر العصور .....
( كذلك ظهر أثناء حكم آل بو سعيد عدد من الأئمة وهم:
- الإمام عزان بن قيس البوسعيدي.
- الإمام محمد بن عبدالله الخليلي (من قبائل زهران).
- الإمام غالب بن علي الهنائي (من قبائل زهران)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:41 pm

عدد سكان ومساحة سلطنة عمان
كشفت أحدث الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عمان، أن عدد سكان السلطنة قارب على كسر حاجز 4 ملايين نسمة.
وأوضح المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في بيان بثته وكالة الانباء العمانية ان عدد سكان السلطنة بلغ حتى نهاية ديسمبر الماضي ثلاثة ملايين و957 ألفا و40 نسمة تتوزع على مليونين و212 ألفا و693 عمانيا بنسبة 56 بالمائة ومليون و744 ألفا و347 وافدا بنسبة 44 بالمائة.
وأشار المركز إلى أن محافظة مسقط تحتضن أكبر عدد من الوافدين بنسبة 61 بالمائة من جملة القاطنين فيها حتى نهاية ديسمبر الماضي بينما تنخفض نسبة العمانيين إلى 39 بالمائة من سكان المحافظة في الوقت الذي ترتفع فيه هذه النسبة في محافظة الداخلية لتصل في أقصاها إلى 77 بالمائة من العمانيين مقابل 23 بالمائة من الوافدين.
عُمان ورسمياً سَلْطَنَة عُمان دولة تقع في غرب آسيا وتحتل الموقع الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية وتبلغ مساحتها حوالي 309،500 كيلومتر مربع يحدها من الغرب السعودية ومن الجنوب الغربى اليمن ومن الشمال الغربى الإمارات العربية المتحدة ولديها ساحل جنوبي مطل على بحر العرب و بحر عمان من الشمال الشرقي. نظام الحكم في عمان ملكي مطلق، ولا يسمح الدستور العماني بالأحزاب السياسية بينما حق الانتخاب مكفول لكل مواطن عماني بلغ الواحدة والعشرين من عمره لإختيار أعضاء مجلس الشورى [6]
يعتقد أن مجان الواردة في الكتابات السومرية تشير إلى عمان [7][8] الغالب أن عمان كانت محطة وصل مهمة للقوافل التجارية وعرفت هذه المنطقة التاريخية باسم جبل النحاس ولها ارتباط بثقافة أم النار وصلات تجارية مع بلاد الرافدين ولايعرف الكثير عن طبيعة النظم في تلك المستوطنات الصغيرة وأختفت مجان من النصوص السومرية مبكراً في العام 1800 ق.م. تمتلك عمان أربعة مواقع ضمن مواقع التراث العالمي وصنفت رقصة البرعة ضمن التراث الثقافي اللامادي للإنسانية وأختيرت عدة مرات كوجهة السياحية لتاريخ البلاد وثقافتها وتنوع تضاريسها الجغرافية [9]
تتمتع عمان بوضع سياسي واقتصادي مستقر في العموم، مع ذلك شهدت السلطنة احتجاجات محدودة في ولاية صحار مطالبين برفع الرواتب وإنهاء الفساد وإيجاد المزيد من الفرص الوظيفية، المزيد من حرية التعبير وتقليل الرقابة الحكومية على الإعلام ولم تطالب بإسقاط نظام الحكم [10] رد السلطان قابوس بن سعيد بإقالة ثلث أعضاء حكومته من مناصبهم [11] وتشتهر عمان بأنها أحد أهم مراكز المذهب الإباضي، حيث يعتبر المذهب الآساسي في الحكم ، بالاضافة لوجود المذهب السني والشيعي.[12]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:44 pm

تاريخ سورية
بدأ التاريخ في سورية مع عصر السلالات السورية الأولى، واكتشاف كتابات يمكن الاعتماد عليها في تأريخ المنطقة. فلقد توسعت القرى القديمة لكي تشكل ممالك لها تقاليدها وعاداتها وعبادتها ونظامها الاجتماعي والسياسي. وفقد كشفت وثائق إيبلا المكتشفة في عامي ا 1974-1975 وهي رقم طينية، عن العلاقات الدولية وعن النظام السياسي والاقتصادي. ومن خلالها تم الاطلاع على حقيقة التوسع الذي ادعاه الملك لوغال زاغيري من مدينة "أوما" من أنه سيطر على المنطقة من البحر السفلي الخليج والبحر العلوي المتوسط. وأبانت وثائق "ماري" على الفرات وإيبلا أن "ماري" كانت تسيطر على التجارة عبر الفرات وعلى جميع المناطق الواقعة على الأنهر بل إن من ملوكها من حكم بلاد السومريين
استفاد سكان إيبلا وماري من الكتابة السومرية، وهي كتابة مسمارية رمزية تنقش على الطين، ولكنهم عنوا بالمصطلحات السومرية معانٍ وأسماء عمورية وهي لهجة عربية قديمة
كان صارغون ونارام سين حفيده من الأسماء اللامعة التي عملت على توسيع نطاق الوحدة السياسية ولو بالقوة ولقد تمكنت سلالتهم من الحكم 180سنة
في العصر السوري الوسيط أي في الألف الثاني ق.م كان شمال سورية مسرحاً للميتانيين ثم الحثييّن ، وهم من أصول غير عربية، وكانوا في نزاع مع النفوذ المصري. حتى إذا جاء تحتموس الثالث استطاع التغلب في قادش تل النبي مندو قرب حمص على الحثييّن. وجرى تقاسم النفوذ على سورية، فأصبح الشمال تحت النفوذ الميتاني والجنوب تحت النفوذ المصري، كما تمركز في الساحل السوري
ولكن الحثييّن تمكنوا من التغلب على الميتانيين واحتلوا مكانهم.فتصدى لهم المصريون الذين شنوا معركة بقيادة رمسيس الثاني في قادش ضد الحثييّن بقيادة مواتاليش
ولقد أبانت ألواح أوغاريت رأس الشمرة أن شعوب البحر المتوسط قد أتت نهائياً على نفوذ الحثييّن الذين تركوا في عين دارة اعزاز آثارهم الرائعة
وتعود حضارة أوغاريت إلى هذه الحقبة، وكانت زاهرة بفضل تجارتها الواسعة وأسطولها وبفضل الاحتكاك مع ثقافات أخرى، مصرية وحثية وايجية، ولقد اكتشفت هذه الحاضرة منذ عام 1929، كما تم اكتشاف مرفأ المينة البيضا. وفي المدينة حي سكني وقصر ملكي، وإلى الغرب معبد بل، ومنطقة تجارية وصناعية تنتج المعادن الثمينة والمنسوجات. ويعد رأس ابن هاني امتداداً لها. ونستطيع أن نضيف مدينة إيمار مسكنة إلى قائمة الحواضر التي ازدهرت في العصر السوري الوسيط، وكانت إيمار مرفأ على الفرات استطاع أن يتوسط التجارة بين ماري والساحل السوري
وفي العصر السوري الحديث، كانت السيطرة من حظ الآشوريين، ومن أشهر حواضر هذا العصر، مدينة حداتو أرسلان طاش وبارسيب تل أحمر وغوزانا تل حلف وفي هذا العصر حاول شلمناصر الثالث عام 853ق.م الاستيلاء على دمشق، فتصدى له السكان ورؤساء القبائل وكان منهم جندبو العربي، وأعادوه مخذولاً
المدن الأولى
تعود أولى المنشآت في ماري على الفرات، إلى 2900ق.م وكانت ماري محاطة بسور قطره 1.9كم ولم نعرف شيئاً عن مبانيها ولكن منذ 2350ق.م أعيد إنشاء المدينة وكان من أبرز منشآتها القصر الكبير وحرمه ومعابد: "عشتار" و"نيني زازا" و"عشتارات" و"شماش" وفيها عثر على عدد من التماثيل الهامة وعدد من الأختام الأسطوانية التي نقشت عليها رموز الحرب والسلام والعبادة والأساطير
كان قصر ماري أشبه بمتحف للتماثيل والرسوم الجدارية التي تمثل جنوداً وصيادين، مع مناظر القربان والتضحية للآلهة ومشاهد تتويج ملك ماري، نقل بعضها إلى اللوفر
تم اكتشاف ما يقرب من 25 ألف رقيم في مكتبة القصر في ماري، أبانت مدى ازدهار هذه الحاضرة ومدى توسع نفوذها، والحروب التي دخلتها مع جاراتها لتحقق الوحدة بزعامتها، ولقد استفادت ماري من موقعها الهام بوصفها ملتقى طرق المواصلات الكبيرة التي تصل البحر المتوسط والأناضول وغربي سورية من جهة، وسورية الوسطى والجنوبية من جهة أخرى، وكانت علاقتها التجارية تصل إلى "حاصور" في فلسطين وإلى "كريت" وقبرص و"حاتوشا" في الأناضول وإلى "دلمون البحرين على الخليج العربي. وكانت تستورد النحاس من قبرص والقصدير من شمالي إيران لصنع الأسلحة المتطورة
وهكذا اختلطت الفعاليات التجارية مع الفعاليات العسكرية لتحقيق ثروة ماري ونفوذها وتوسعها الجغرافي، وكان قصر الملك الواسع جداً مقراً للسلطة التجارية والتي تتوضح من خلال الصور الجدارية في باحة القصر، وكانت لوحات جصية ملونة تمثل تقديم القرابين للآلهة شكراً على انتصار أو تحرر، أو تمثل العبادة
الممالك الآرامية
في نهاية النصف الأول من الألف الثاني ق.م ابتدأ ظهور الآراميين في سورية ، وبعد أن تم استقرارهم انتشروا في أنحاء واسعة مشكلين ممالك متجانسة في اللغة والحضارة والعقيدة،
• مملكة فدان آرام وعاصمتها حران.
• مملكة صوبا في سهل البقاع.
• مملكة آرام النهرين بين الفرات والخابور.
• مملكة بيت بخياني وعاصمتها غوازانا تل حلف في حوض الخابور.
• مملكة بيت عديني وعاصمتها تل بارسيب تل أحمر في شمال الجزيرة.
• مملكة بيت آغوشي وعاصمتها أرباد تل رفعت وتشمل منطقة حلب.
• مملكة شمأل عند سفوح جبال الأمانوس.
• مملكة حماة.
• مملكة بيت رحوب عند مجرى الليطاني.
• مملكة آرام معكا في الجولان.
• مملكة جشور بين دمشق ونهر اليرموك.
• مملكة دمشق، وهي من أقوى الممالك.
لعل عين دارة الواقعة غربي حلب طريق اعزاز-عفرين هي من أهم المواقع الأثرية الآرامية التي تحمل آثار النزاع مع الحثيين. يتألف هذا الموقع من مرتفع هو الحي الملكي وتحته يقع الحي الشعبي، ولقد كان هذا الموقع محمياً بسور منيع مبني بالحجارة واللبن يحيط المدينة كلها وتنفتح فيه بوابات تحيط بها من الجانبين أبراج، وتقوم بوابة المدينة الرئيسية عند تمثال الأسد المكتشف هناك. ولقد سكن هذا الموقع في جميع العصور حتى عصر الحمدانيين... وهذا الموقع لم يحدد اسمه القديم بعد، ولكنه يبقى بآثاره الضخمة مرشحاً أن يكون عاصمة لمملكة آرامية وعلى هذا فإننا لا نستطيع الحديث عن أحداث عسكرية تمت فيه
ومن أهم الممالك الآرامية بيت بخياني ومملكة صوبا ومملكة دمشق. أما بيت بخياني فكانت عاصمتها غوزانا تل حلف التي اكتشفت حضارتها الغابرة في الألف الخامسة وتقع قرب "رأس العين" على الحدود التركية
"وأما صوبا ومعناها النحاس بالسريانية نحشا، فكان موضعها "عنجر" في البقاع وصلت حتى دمشق. ومملكة دمشق هي أقوى الممالك الآرامية، لعبت دوراً هاماً في عصر ملكها "ابن حدد بنهدد 879-843ق.م حيث فرضت نفوذها على البلاد المجاورة وعقدت معها أحلافاً ضد أطماع الآشوريين، واستطاع خلفه صد هجومين قاما بهما شلمناصر الثالث سنة 843ق.م و838ق.م إلى أن احتلها "تغلات بلاصر" الثالث 732ق.م بعد حصار سنتين ثم قتل ملكها رصين وقضى على الحكم الآرامي الدمشقي
العصر اليوناني
ابتدأ هذا العصر بعد انتصار الاسكندر في موقعة إيسوس على الفرس
كان "دارا" الثالث ملك فارس يملك قدرات واسعة، فكان عدد رجاله يفوق عدد رجال الاسكندر المكدوني وكانت أمواله في "سوسا" هائلة وجاهزة وكان قصره في "برسيوبوليس" عامراً، وكان لديه أسطول كبير يحمي شواطئ آسيا الصغرى وسورية ومصر. ولكنه لم يكن قائداً ممتازاً
أما جيش الاسكندر فكان مكوناً من 40 ألف رجل مع 12 ألف مكدوني من المشاة و7 آلاف من كورنثا و5 آلاف من المرتزقة و8 آلاف من حملة الأقواس وراشقي المقاليع. وكانوا من تراقيا أما الفرسان فقد بلغ عددهم 5 آلاف منهم 1800 من أشراف المملكة، كما كان يصحبه عدد من المهندسين المختصين بفن الحصار وكان بصحبته الفيلسوف أرسطو معلمه، أما أسطوله فكان مؤلفاً من 180 سفينة
عبر "دارا الثالث" الفرات على رأس جيشه وكان قد حضر بنفسه متحدياً الاسكندر وطموحه، وكان الاسكندر قد أخضع آسيا الصغرى
وقرب أيسوس تأخر الاسكندر في "قلقيلية" عن قتال "دارا"، وكان لهذا التأخير أثر كبير في انتصاره إذ تقدم "دارا" إلى "قرب أيسوس" وقتل المرضى والشيوخ الذين تركهم الاسكندر. ولكنه في ذلك وضع نفسه في كماشة
تقدم الاسكندر على طريقته المألوفة في تنظيم الجيش، فقد كانت فرق المشاة في الوسط والخيالة إلى اليمين ومنها هاجم الاسكندر ميسرة الجيش الفارسي، بينما تقدم المشاة ببطء، وعندما عبروا النهر ارتبك خط القتال وتعرضوا لضغط الخيالة الفرس، ولكن وحداتهم الخيالة ساعدتهم في القضاء على جناح العدو. وبعد ذلك أدار الاسكندر المعركة باتجاه المكان الذي كان فيه دارا على عربته الحربية وحوله بطانته وقواده. ورغم إصابة الاسكندر في ساقه، طارد "دارا" الذي فر مع ميسرة جيشه، مما أرعب جيشه فتقهقروا باتجاه الشمال
كان "دارا" مذعوراً حتى أنه نسي أمه وزوجه فكانتا معه في معسكره في أيسوس. وحينما وصل إلى جبال الأمانوس ترك وراءه عربته ودرعه ورداءه الملكي وامتطى فرساً لينجو بحياته. وعندما احتل الاسكندر معسكر "دارا" وكانت معه هذه الغنائم، اعتقد نساء "دارا" وأهله أنه مات
ولكن الاسكندر أحسن معاملتهم وطمأنهم على سلامته، وعاد "دارا" إلى بلاده وكتب إلى الاسكندر طالباً استرداد أهله وعقد معاهدة معه. ولكن الاسكندر وعده بإعادة نسائه، ولكنه طلب إليه الاعتراف بسيادته على جميع أرجاء المنطقة
وكان انتصار الاسكندر في أيسوس قد فتح له الباب لاجتياح سورية ومصر، فلم يجد مقاومة كبيرة إذ كانت مدن الساحل السوري مفككة، لقد استسلمت جبيل بيبلوس التي حلت مكان صيدا وأرواد للاسكندر حتى أن ملك صور أمر بنحت تابوت الاسكندر وعلى جداره نقش معركة أيسوس، وقد صور الاسكندر وعلى رأسه غطاء من جلد الأسد والتف حوله الجند. وفي الوجه الآخر من التابوت صور الاسكندر مشتركاً في صيد السباع والوعول. وقد عثر على هذا التابوت العالم "مونته" وهو محفوظ في متحف استانبول
ومن دمشق حصل الاسكندر على كنوز "دارا" التي كان قد أودعها هناك خوفاً عليها من الضياع أثناء عبوره ممرات الأمانوس
كان حصار صور صعباً تطلب حيلاً هندسية وكان لسقوط هذه المدينة أثره في الاستيلاء على كامل سورية ومصر بعد استيلائه على دمشق وغزة. ثم توجه إلى بابل وفي عام 331ق.م جابه "دارا" وجيشه في معركة ضخمة، انتصر فيها الاسكندر و دخل بابل وأعاد إليها استقرارها بسرعة، لكي يتابع فتحه ملاحقاً "دارا" في "أكبادانا" عاصمة "ميديا"، ولكن "دارا" هرب إلى "بلخ" حيث قتله حاكمها (بلخ) حماية لما بقي من بلاد الأخمنيين. ثم عثر الاسكندر على الجثة فدفنها "رسمياً في "برسيوبوليس
تابع الاسكندر فتحه الهند، وعند عودته إلى بابل عام 323 توفي وهو في الثانية والثلاثين من عمره
بعد موت الاسكندر المكدوني في سنة 323ق.م اقتسم كبار الضباط التابعين له الممالك الواسعة التي استولى عليها الاسكندر، فكان نصيب "انتيغون" مكدونيا وآسيا الصغرى، وكان نصيب "بطليموس" مصر وفلسطين، وكان نصيب "سليقوس نيكاتور" سورية وبابل وفارس، وفي المنطقة الواقعة عند مصب العاصي أنشأ "انتيغون" مدينة الاسكندرونة أطلق عليها اسم الاسكندر سنة 317ق.م، وتقع بين العاصي ومخرج بحيرة أنطاكية، ثم قام "سليقوس نيكاتور" باحتلال هذه المدينة سنة 301، وأقام مدينة أطلق عيلها اسم "أنطاكية"، نسبةً إلى اسم أبيه "أنطوخيوس"، كما أنشأ مدينة أخرى باسم أمه "لاثوديسيا" لاذقية ثم أنشأ "مدينة أفاميا باسم زوجته "أباميا
واهتم "سليقوس" بمدينة أنطاكية فنقل إليها أنقاض مدينة "انتغونا" التي هدمها وشجّع الناس على سكن أنطاكية بأن منحهم حقوق اليونانيين وامتيازاتهم فازدهرت وصارت عروس الشرق وعاصمة الممالك السلوقية الممتدة من البحر المتوسط إلى حدود الهند
كان عصر هذا الملك مزدهراً وقوياً، فقد استعان بأفيال الهند في حروبه وخاصة عندما حاول الاستيلاء على مصر من بطليموس. ودخل بلاد الشام من الجنوب ولكنه فوجئ بتدخل الرومان الذين نازلوه. وابتدأ حكمهم في سورية
تعاقب على سورية في عصر السلوقيين 18 ملكاً كانوا في صراع مستمر مع البطالمة، ولقد أطلق المؤرخون الإغريق على هذه الحروب اسم الحروب السورية التي انتهت بسيطرة البطالمة على دمشق 276ق.م وعلى أنطاكية 246ق.م. وفي عام 150ق.م كان في سورية ممالك عربية تحاول التحرر والاستقلال كمملكة الأباجرة في "الرها" أديسا وإمارة أذينة في تدمر وإمارة شمسيغرام في حمص والرستن وإمارة الأيتوريين في البقاع عنجر. ودولة الأنباط الذين دخلوا دمشق عام 85ق.م. زمن الحارث الثالث. وهكذا أصبح السلوقيون في مأزق حتى انتهى عصرهم على يد الرومان
الهكسوس وانتقال النظام العموري من سورية إلى مصر
لعل الظروف الحربية القاسية في البلاد العمورية وبخاصة في إيبلا، كانت السبب في نزوح السكان إلى مصر على موجات متتالية، وكان العموريون يحتلون بعض المواقع مثل "قطنة" المشرفة شمال حمص، وكانت عاصمتهم "شكيم" نابلس و"أريحا" تل السلطان حتى استقر بهم الأمر في سيناء ومنها ساروا إلى مصر حيث تمكنوا من الاستيلاء على الحكم خلال 1785ق.م-1580ق.م. وكان المصريون يطلقون عليهم اسم "مينوساتي" أي رعاة آسيا، وأطلق عليهم اليونان فيما بعد اسم "الهكسوس" أي الملوك الرعاة، وجرى على هذا الاسم المؤرخون
"كان "الهكسوس" محاربين أشداء وكانت مواقعهم في سورية محصنة ومسورة ومحاطة بخنادق المياه. وفي مصر أقام زعيمهم "سلاطيس" أولا في "ممف وفرض الجزية على مصر العليا والسفلى، وأقام فيها المعاقل لصد الآشوريين عن وادي النيل، ثم بنى مدينة "أوراس" في ولاية "حمان" وحصنها بالأبراج والقلاع والأسوار وأكثر من حاميتها التي بلغ عددها 240ألف مقاتل. وكان "سلاطيس" يأتي إليها صيفاً لجمع الحنطة ودفع رواتب الجند والإشراف على تنظيم الجيش وتدريبه لحماية سلطانه على مصر. وكان "الهكسوس" قد أدخلوا إلى مصر استعمال الخيل والعربات الحربية التي تجرها الخيول، مما ساعدهم على الفتح والاحتلال وفرض القوة والهيبة على المصريين الذين لم يألفوا هذا النوع من العتاد والسلاح، كالسيف المقوس المصنوع من الحديد والقوس المركب، كما أدخلوا تحسينات هامة في صناعة المعدن
وكان اسم الإله "إيل" شائعاً عند "الهكسوس"، ولكنهم لم يفرضوه على المصريين، إلا أن العقيدة بالإله الواحد قد تسربت عنهم إلى المصريين، فكانت ثورة "أخناتون" التي جعلت "آتون" الإله الذي وراء الشمس وصانعها عوضاً عن "أمون" إله الشمس فقط
وفي عام 1580ق.م استطاع الفرعون "أحمس الأول" أن يقضي على سلطان "الهكسوس" وينتهي حكمهم في مصر
روما و سورية
كانت روما مدينة محدودة الإمكانيات تتطلع إلى استجداء الشرق أو اغتنام ما تستطيع لدعمها. ودخلت إلى الشرق عن طريق البطالمة في مصر الذين استنجدوا بالمرتزقة في حربهم ضد السلوقيين في سورية، وكان من قادة الرومان "بومبيه" الذي استولى على سورية في عام 64ق.م .ووضع حدا لسيطرة "تيجران الأرمني". مما أثار حفيظة زميله قيصر الذي قاتله فهرب منه إلى مصر حيث قتله أتباع قيصر، الذي دخل إلى مصر حليفاً وتزوج من كليوباترا أخت الملك المصري، واتفق مع البطالمة على تجهيز حملة للتوسع في الشرق حيث الحكم السلوقي. وقتل قيصر بخيانة "بروتوس" وأصبح "أكتافيوس" مسيطراً على مصر ولم تكن سلطة الرومان على سورية شديدة الاستقرار، فلقد كان الضغط الفارسي متزايداً مما دفع الرومان لتعيين قائد سوري "أفيديوس كاسيوس"، كي يدافع "عن بلاده ضد الفرس، بل قام باقتحام "طيسفون" و"سلوقية
واكتسبت سورية طابعاً استقلالياً تقريباً في عصر أسرة "سيفيروس" السورية التي اعتلت سلطة الإمبراطورية 211-235م وجاء بعدها فيليب العربي وكان لهؤلاء الأباطرة دور في حماية وجود الإمبراطورية الرومانية أمام الخطر الفارسي
يقوم العرب التدمريون بنصرة الإمبراطور "فاليريان" ومحاولة إنقاذه من الأسر الفارسي في عصر ملك تدمر أذينة، الذي هزم الفرس الساسانيين وهدد عاصمتهم
كانت سورية في العصر الروماني مجزأة إلى ولايات. وكانت تدمر حاضرة مستقلة واسعة عملت على توسيع حدودها حتى وصلت إلى الأناضول وإلى الاسكندرية
ولقد حاولت بعض الولايات الاستقلال، ولكنها بقيت تدين بالولاء إلى روما. وفي بداية القرن الثاني الميلادي أصبحت سورية أكثر ازدهاراً بفضل التنظيمات الإدارية والتطور الاقتصادي، نرى آثاره في منطقة الكتلة الكلسية حيث ازدهرت زراعة الزيتون الوافرة، ونراه في تدمر التي كانت مركز التبادلات التجارية مع المدن المجاورة، بل مركزاً هاماً على طريق الحرير الواصل من الشرق الأقصى إلى البحر المتوسط والغرب
وفي بداية القرن الثالث لعبت سورية دوراً هاماً في سياسية روما، عندما حكمت روما الأسرة السورية من حمص ثم حكم فيليب العربي من شهبا 242-249م
وعلى الرغم من قضاء "أورليان" على نفوذ تدمر، عام 272م فإن سورية عادت إلى الاستقرار بظل الرومان، وكانت الإصلاحات التي تمت في القرن الثالث وبداية القرن الرابع قد وطدت الإدارة السياسية والنشاط الثقافي فيها والإعمار الذي حمل طابع الأسلوب الإغريقي الروماني. ويجب أن نذكر بكثير من الاعتزاز نبوغ المعماريين السوريين في إقامة المنشآت السورية، بل لقد امتد نشاطهم إلى روما وأوربا. وكان أبو للودور الدمشقي أشهر معمار ترك آثاراً معمارية هامة مازالت ماثلة حتى الآن
وفي مجال التصوير والنحت فإن جميع الشواهد التي عثر عليها في تدمر، ومنبج وحوران وفي الساحل، هي من صنع الفنانين السوريين الذين كرروا التماثيل القديمة وابتكروا بطابع محلي صرف تماثيل تحمل الطابع السوري المتميز، ولعل تدمر شاهد قوي على الهوية الفنية السورية الصرفة. وفي مجال الفسيفساء فإن الشواهد الرائعة التي عثر عليها في جميع أنحاء سورية والمحفوظة في متحف دمشق ومتحف السويداء ومتحف أفاميا ومتحف المعرة، تجعل من سورية أكبر مركز على البحر المتوسط لابتكار وتنفيذ الفسيفساء الذي بقي مزدهرا في العصر البيزنطي وبداية العصر الإسلامي
وتأكد هذا التأثير عندما استلمت أسرة سورية زمام الحكم في روما وهي عائلة "سيفيروس"، التي حكمت الإمبراطورية من عام 211-235م
في نهاية الحكم الروماني على سورية انقسمت الإمبراطورية إلى قسمين، شرقي وعاصمته القسطنطينية، وغربي وبقيت عاصمته روما. وفي 323م نشب قتال بين الفريقين بقيادة قسطنطين وليكينيوس، وانتصر الأول الذي أعلن تسامحه الديني وبالتالي تبنيه للمسيحية بعد الاضطهاد الذي كانت تلقاه في العصور المتقدمة. وهكذا انتشرت المسيحية علانية وبقوة السلطة، وانتقل الناس في الإمبراطورية الرومانية الجديدة من الوثنية إلى المسيحية، وفي سورية كان ثمة ديانتان أساسيتان، الوثنية الرومانية والوثنية الآرامية، وكان الغساسنة والمناذرة العرب قد اعتنقوا المسيحية ولعبوا دوراً هاماً في السياسة الدولية بين فارس والبيزنطيين بعد الرومان
اصبحت المسيحية ديناً معترفاً به من قبل الإمبراطور تيودوسيوس سنة 392م وأصبحت بيزانتيوم عاصمة المسيحية يحكمها ابنه أركاديوس وأطلق عليها اسم القسطنطينية تكريماً لاسم الإمبراطور قسطنطين 306-337 الذي أعلن مرسوم ميلانو أقر به حرية الاعتقاد
وفي عصر "جوستنيان" 527-565م انتشر مذهب اليعاقبة مذهب الراهب يعقوب البرادعي وكانت تيودورا السورية المولودة في منبج زعيمة هذا المذهب الذي انتشر بين السوريين والغساسنة على عكس المذهب الأرثذوكسي وهو مذهب القسطنطينية
منذ عام 392م كانت سورية جغرافياً تدخل في نطاق الإمبراطورية البيزنطية، ولكن تعدد المذاهب المسيحية فيها أدى إلى كثير من المنازعات. ومن جهة أخرى فإن الحروب التي كانت تجري بين بيزنطة والساسانيين، كانت سورية أحياناً مسرحاً لها، وكان الغساسنة يشاركون بيزنطة بعد أن كانوا حلفاء روما بينما كان المناذرة في الحيرة يشاركون الفرس. مما دفع جوستنيان إلى عقد الصلح مع الفرس سنة 532م ولكن "كسرى انوشران" اجتاح سورية واسقط عاصمتها أنطاكية ونهبها ثم عقدت بيزنطة صلحاً آخر مع الفرس سنة 562م على أن تدفع بيزنطة جزية إلى الفرس
وفي عام 603م قام الإمبراطور "فوكاس" بالهجوم على الملك الفارسي كسرى الثاني وجيشه في سورية. ثم جاء كسرى الثاني 612م فاستولى عليها حتى وصل إلى القدس فنهبها وأخذ الصليب المقدس، ثم دخل مصر. وبدءاً من 622م يقوم الإمبراطور هرقل هيراكليوس بشن حرب ضارية ضد سيطرة الفرس على سورية فيسحق الجيش الفارسي ويستولي على الولايات الشرقية
خلال هذه الحروب المتبادلة دفعت سورية ثمناً باهظاً ، وكان الشعب السوري من مسيحيين ووثنيين يعمل على التخلص من نير هذه الحرب الدامية بين محتلين عدوين، حتى إذا جاء الفتح العربي كانوا من أنصاره والمتحمسين له خلاصا من البيزنطيين
ولعل أسوار الرصافة دليل على حرص الحواضر المسيحية البيزنطية من عدوان الفرس
وما المدن البائدة من البارة في إدلب حتى تركيا إلا الدليل على الحملات الفارسية 520-532. إلا أن الزلازل الشديدة 582-562 ثم حرب هرقل كان سبباً آخر وفي عام 636 فتح العرب البلاد وانهزم هرقل وابتدأ العرب بتهديد الوجود البيزنطي منذ عصر معاوية وابنه يزيد
الفتح الإسلامي
بعد إعلان دولة الإسلام وعودة الرسول ( إلى مكة، كانت بلاد الشام جزءاً من إمبراطورية الروم البيزنطية وكان إمبراطورها هرقل قد وحّد بلاده ووطد أركانها. وابتدأ الرسول في العام الثامن للهجرة بحملات خفيفة على الروم، وفي العام التاسع للهجرة 630م قاد الرسول معركة تبوك التي حققت توسعاً. وبعد وفاة الرسول انتصر المسلمون على بطريق فلسطين فارتد الروم إلى غزة. وبعد وفاة الرسول وبينما كان خالد بن الوليد يقاتل في العراق، جاء أمر أبي بكر الصديق بالاتجاه إلى الشام بعد أن كانت الحيرة قد سلمت لخالد
قطع خالد البادية بسرعة في عام 13هـ ثم ظهر فجأة في مؤخرة الروم في مرج راهط وأغار على غسان في بصرى وفيها التقى مع باقي الجنود المسلمين فنصبوه قائداً عليهم، وكان أول انتصار له هو في فحل وهو حصن يسيطر على معبر الأردن، مما مهد له الاتجاه نحو دمشق حيث لقى الروم في مرج الصفر فانتصر عليهم، ومضى إلى دمشق فاستسلمت في 14 هـ بعد حصار دام ستة شهور
وعندما تصدى الروم لخالد أسرع للجلاء عن دمشق وحمص كي يمضي إلى وادي اليرموك بعيداً عن المدن، كي يقارع خصمه ضمن خطة محكمة، وكانت المعركة الفاصلة في عام15هـ/ 636م/ فانتصر خالد وجيشه على تيودوس أخي هرقل ولم يسلم من جيشه إلا القليل
وبفتح دمشق سقطت جميع البلاد الشامية حتى جبال طوروس. وكان السوريون أهل البلاد يقفون دعماً للعرب الفاتحين من أبناء عمومتهم، "فكان الفتح يسيراً" كما يقول البلاذري. وعندما تم فتح القدس، قدم عمر بن الخطاب إلى الجابية كي يشارك أبا عبيدة ابن الجراح في دخول المدينة المقدسة
بعد فتح سورية من قبل خالد بن الوليد وأبي عبيدة الجراح و من قبل قادة آخرين، كان لابد من وضع أسس لنظام الحكم في هذه المنطقة العربية التي كانت تحت الحكم الرومي الذي كان في أوج قوته وانتشاره
قسمت الشام إلى أربعة أجناد أقاليم، جند دمشق، وجند الأردن وجند فلسطين، وجند قنسرين في الشمال. وكان انتصار المسلمين قد أكسب بلاد الشام سمعة عالمية، مما جعلها حاضرة الإسلام، منها انطلقت الجيوش العربية إلى الشرق والغرب فاتحة وناشرة الإسلام. ولم يمض قرن واحد على وفاة الرسول حتى استطاع العرب بجنود أهل الشام، من التغلب على إسبانيا الأوربية
لقد عين عمر يزيد بن أبي سفيان واليا على الشام، ولم يلبث حتى خلفه أخوه معاوية أميراً لعشرين سنة، ثم أصبح أول خليفة أموي لعشرين سنة أخرى مؤسساً حكماً وراثياً استمر من عام 661-750م وكانت دمشق عاصمة عالم عربي إسلامي واسع الأرجاء في عصر المروانيين من بني أمية، وأنهي عصر الأمويين على يد العباسيين، ولكنه لم ينقطع في الأندلس بعد انتقال عبد الرحمن الداخل إليها
كان معاوية داهية العرب قد استطاع أن يستميل أهل الشام، فعاضدوه في إدارة الخلافة. وكان عليه أن يسيطر على أحزاب المعارضة، وأن يتوجه إلى خصمه الأكبر الروم، حيث أرسل إليهم ابنه يزيد فحاصر عاصمتهم القسطنطينية، ولقد أنشأ معاوية أسطولاً قاده أهل الشام من عكا وصور. وكانت معركة ذات الصواري مع الروم في عام 655م انتصاراً بحرياً خارقاً بل كانت يرموكاً ثانياً على الروم
طور معاوية جهازاً إدارياً منظماً جعل مقره حول المسجد، وكان معبداً رومانياً هو معبد جوبيتر أقام المسيحيون صلاتهم في هيكله الناوس، بينما صلى هو في زاوية فنائه قرب قصر الخضراء حيث كان يقيم. وكان أول ديوان أنشأه هو ديوان الخاتم الغربي يتولى المراسلات، كما اهتم بديوان البريد. وكانت زوجه ميسون عربية سورية. وكان معاوية حليماً إذ كان يقول: "لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت إذا مدوها خليتها وإذا خلّوها مددتها"
استمرت الدولة الأموية حتى عام 750 ووصلت الشام أوج ازدهارها في عصر المروانيين عبد الملك بن مروان وولديه الوليد وهشام. وفي عصرهم كانت الشام حاضرة أكبر دولة في ذلك التاريخ، امتدت من شواطئ المحيط الأطلسي إلى نهر الأندس وتخوم الصين من الشرق
وفي عصرهم نقلت الدواوين إلى العربية وتسلمها العرب أنفسهم، وضربت النقود العربية الصرفة وطورت دواوين راسخة للبريد. وشيدت المباني التي مازالت قائمة حتى اليوم
في عصر عبد الملك بن مروان اكتملت عمليات تعريب الدواوين والنقد فلقد كانت الدواوين والسجلات تدون باللغات اليونانية والفارسية أو بالقبطية والسريانية بحسب المناطق التي انتشر فيها الإسلام في ذلك العصر. وفي عام 700م أمر عبد الملك بنقل الدواوين إلى العربية وكان "سرجون بن منصور" يدونها بالرومية وانتشرت عمليات التعريب، حتى أصبحت عربية جميع دواوين الخراج في الدولة العربية
وكانت النقود المستعملة فارسية ورومية وهي النقود الشائعة وأهمها الدينار الذهبي البيزنطي والدرهم الفضي الساساني. ثم ضرب عمر بن الخطاب الفلوس على الطراز الهرقلي وسجل اسمه عليها بحروف عربية. ثم ضربت نقود عليها عبارات إسلامية الحمدلة والبسملة مع رموز فارسية أو بيزنطية، وبعد مراحل تطورية قام عبد الملك منذ عام 73ه/692م وحتى عام 77هـ/696م بإصدار الدنانير العربية، منها دينار يعود إلى عام 74ه عليه صورته شاهراً سيفه من غمده وقد أعلن عبد الملك ضرورة استعمال النقود الإسلامية تحت طائلة الموت. وسار الأمويون على سك النقود حتى نهاية حكمهم. وكان عمر بن عبد العزيز الذي أصبح خليفة بعد سليمان بن عبد الملك قد حقق كثيراً من الإصلاحات الجريئة حتى ولو كانت ضد مصالح

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:44 pm


الأسرة الأموية
انتهت الدولة الأموية بعد معركة الزاب والقضاء على آخر الخلفاء الأمويين مروان بن محمد، وقد فتح العباسيون دمشق على يد عبد الله بن علي الذي أصبح والياً على الشام من قبل أبي العباس ابن أخيه. واستمرت الدولة العباسية مستغلة الخلافات القبلية التي كانت الشام مسرحاً لها. واستاء أهل الشام من سوء حكم العباسيين الذين ابتدأوا بالاعتماد على حاشية من الفرس أو الترك، مما مهّد إلى توسع نفوذ هؤلاء الدخلاء، فأقاموا حكماً مستقلاً في مصر بزعامة الطولونيين 870م ثم ظهرت الدولة الإخشيدية في مصر أيضاً، بينما كانت الدولة الحمدانية العربية في شمالي بلاد الشام 947هـ/1002م. وكان بين الدولتين نزاع، خمد بعد ظهور الفاطميين الذين أعلنوا خلافة في مصر امتدت إلى الشام والمغرب واليمن
وإذا أهملت دمشق في عصر العباسيين فإن بعضاً من خلفاء العباسيين كالرشيد والمأمون كانوا يختلفون إليها، كما يذكر ابن عساكر، طلباً للصحة وحسن المنظر. فقد أقام بها المأمون وأجرى إليها قناة من نهر منين إلى معسكره بدير مران، وبنى القبة التي في أعلى الجبل وصيرها مرقباً يوقد في أعلاها النار لكي ينظر إلى ما في عسكره. وصارت هذه القباب بعد ذلك للإعلام عن تحركات العدو، وأقام أيضاً مرصداً فلكياً في الجبل.
ومن أهم القصور القديمة القصر الذي بناه المأمون بين دمشق وداريا، ولا يعرف اليوم محله، وفيه نزل المتوكل العباسي لما نقل دواوين الخلافة من بغداد إلى دمشق. وكان المأمون معجباً بما ترك الأمويون من الآثار ولاسيما جامعهم. وجعل يطوف على قصور بني أمية ويتتبع آثارهم، "فدخل صحناً من صحونهم فإذا هو مفروش بالرخام الأخضر كله، وفيه بركة يدخلها الماء ويخرج منها من عين تصب إليها، وفي البركة سمك، وبين يديها بستان على أربعة زواياه سروات، كأنها "قصت بمقراض من التفافها
لم تكن بلاد الشام في العصر العباسي موضع اهتمام واضح وإن كان هارون الرشيد قد أقام في الرقة منشآت مازالت آثارها ظاهرة
وتعاقب على بلاد الشام ظهور عدد من الدول المستقلة كانت سبباً في تفكك عرى الوحدة والنظام، وفي انشغالها بالفتن الداخلية وبالخصومات
وفي شمالي سورية كانت الدولة الحمدانية في حلب 947-1002م، والحمدانيون عرب من قبيلة تغلب. وكان الأمير الحمداني سيف الدولة أمير نصيبين ثم تطلع لحكم حلب عام 944م، فاستولى عليها وأنشأ فيها بلاطاً استدعى إليه كبار الشعراء مثل أبي الطيب المتنبي وأبي فراس الحمداني، وبعد وفاته لم يستقر الحكم طويلاً وانتهى عصر الحمدانيين، وبدأ حكم المرداسيين في عام 1020م واستمر حتى عام 1080م وكان صالح بن مرداس من الرحبة قد استولى على حلب ومن أولاده ثمال بن صالح الذي أقام في قلعة حلب بعد أن شيد فيها قاعات حديثة
وفي عصر الحمدانيين، ظهر في مصر الفاطميون قادمين من تونس 968م بقيادة جوهر الصقلي وأسسوا فيها مدينة القاهرة المعزيّة. وكانت دمشق تعاني من ثورات داخلية، فاستطاع الفاطميون ضمها إليهم، ولكن حكمهم لم يستمر طويلاً 973-1166م
في عام 1071م حاول السلطان السلجوقي التركي الب أرسلان احتلال مدينة حلب عبثاً، فلقد صده المرداسيون، ولكن أتسز بن أوق، دخل دمشق بعدمامنحها الأمان 1076م وهكذا بدأ حكم السلاجقة في جنوبي البلاد
ثم استولى ملك شاه على حلب عام 1086م. وكان بنو منقذ في شيزر وحماة قد لعبوا دوراً هاماً في ذلك التاريخ
بعد وفاة نور الدين ظهر اضطراب في السلطة، مما دفع صلاح الدين لاستلام زمام الأمور معلناً ظهور الدولة الأيوبية التي شملت مصر وسورية. وكان مقر صلاح الدين في دمشق القريبة من قلاع الصليبيين، الذين انهزموا أمامه في موقعة حطين الظافرة في 4تموز 1187م، وأصبحت مدينة القدس سهلة عليه بعد أن حرر عكا والساحل، ولقد ناصره جميع الأهالي لمبادئه وأخلاقه. وقام برفع مستوى الجيش براً وبحراً، وبالاهتمام بالعلوم وتحصين المدن وترميم القلاع
توفي صلاح الدين مبكراً في عام 1193م وكان موته خسارة للعرب والمسلمين. ودفن في دمشق في المدرسة العزيزية التي أنشأها ابنه شمالي جدار الجامع الأموي
وبعد وفاة صلاح الدين تولى الحكم أخوه الملك العادل الذي تابع رسالة صلاح الدين العسكرية، واهتم بإنشاء القلاع في دمشق وبصرى، وكان من أعقابه الملك الصالح نجم الدين في مصر الذي توفي بعد معركة المنصورة. وفيها تم أسر ملك فرنسا لويس التاسع القديس 1250م. وكانت شجر الدر زوج نجم الدين تدير البلاد بعد موت زوجها مستعينة بالمماليك أمثالها، والذين اغتالوا توران شاه ابن نجم الدين، وأصبح أحد المماليك عز الدين أيبك الذي تزوج الأرملة شجر الدر أول سلطان مملوكي وارثاً الدولة الأيوبية
تمكن نور الدين الذي خلف والده في حلب من تأسيس إمارة ضمت حمص والرحبة، وكان عليه أن يتصدى لمشاكل داخلية وتحريرية
وفي عام 1154م استطاع نور الدين من إنهاء حكم السلاجقة في دمشق واتخذها عاصمة له. وكان أبوه عماد الدين قد حرر الرها عام 1144م من الصليبيين فاتحاً بداية التحرير
وفي عام 1169م أوفد نور الدين،القائد أسد الدين شيركوه وبرفقته ابن أخيه صلاح الدين ابن أيوب إلى القاهرة الفاطمية، وفيها اصبح صلاح الدين وزيراً للفاطميين ونائباً عن نور الدين. ولقد استطاع أن ينهي الخلافة الفاطمية في عام 1171م معلناً ولاءه للخلافة العباسية
توفي نور الدين في دمشق سنة 569هـ/1174م ودفن في المدرسة التي أنشأها. وكان عصره، عصر نضال وإنشاء
مرَّ الحكم المملوكي في مرحلتين، مرحلة التركية، ثم مرحلة الأسرة الشركسية. وكان عليهم أن يواجهوا المغول الذين زحفوا على بلاد الشام ووصلوا إلى فلسطين. فقام السلطان قطز وبيبرس بالتصدي لهم في عين جالوت التي حقق فيها المماليك ظفراً على جيوش المغول الذين عادوا مقهورين. وهكذا تابع الملك الظاهر بيبرس الامتداد إلى بلاد الشام كي يعلن قيام دولة المماليك في مصر والشام. ومع أن القاهرة كانت العاصمة، إلا أن الملك الظاهر جعل دمشق منطلقاً له لمتابعة تحرير البلاد من الصليبيين، فحرر قيسارية واسترد أرسوف واتخذ من صفد قاعدة لمواجهة عكا المنيعة، ثم حرر يافا والشقيف كما حرر قلعة الحصن. وتوفي في دمشق عام 1277 ودفن في المدرسة الظاهرية
في عام 1289م قام السلطان قلاوون بتحرير طرابلس وهي المملكة الصليبية الرابعة، ولم يبق للفرنجة إلا عكا التي كانت تعاني فوضى وفساداً. وبعد وفاة قلاوون عام 1291م قام ابنه الأشرف خليل بتحرير عكا، ومضى الفرنجة إلى قبرص هاربين وتبعهم فرنجة القلاع الأخرى، عتليت وصيدا وصور وبيروت، وبذلك ينتهي الوجود الصليبي في بلاد الشام بعد أن استمر قرابة القرنين
لم تكن سورية في عصر المماليك مستقرة، فالحروب مع الفرنجة والمغول كانت شاغل السلطة والناس. ولأن المماليك كانوا من غير العرب، تركوا رجال الدين العرب كي يكونوا قوة وسيطة لتنفيذ سياستهم، ولذلك ازداد عدد المعاهد والمدارس وازدادت المشيدات المعمارية. ولكن أصحاب السلطة في القلعة والحجاب كانوا في صراع واغتيالات وتمرد، مما أورث اضطراباً مستمراً. وبقيت الأمور على هذه الحال حتى انتصار جيش الدولة العثمانية عام 1516م بقيادة سليم الأول في معركة مرج دابق شمالي حلب
الحروب ضد الفرنجة و المغول
كانت غزوات المغول على سورية متلاحقة، من أبرزها حملة هولاكو على بغداد 1258 فقتل الخليفة السمعتصم وأنهى الخلافة العباسية وأحرق بغداد. ثم يقوم هولاكو بحملة فتاكة عام 1260م فيجتاح سورية وعندما وصل إلى فلسطين تصدى له المماليك وعلى رأسهم قطز وبيبرس، وكانت موقعة عين جالوت الظافرة التي ردت المغول على أعقابهم. وفي سنة 1401 استباح تيمورلنك مدينة حلب وبنى من رؤوس القتلى تلالاً وهدم ما فيها من مساجد ومدارس ثم سار إلى حماه وحمص ووصل دمشق فحاصرها شهراً ثم أحرق عمارتها وقتل أبناءها، ولم تفد وساطة ابن خلدون. وعاد إلى بغداد لكي يكرر جرائمه فيها
وفي الوقت نفسه كانت التجريدات الصليبية قد بلغت سبعاً أو تسعاً ولكنها كانت متلاحقة واستمر وجود الصليبيين في بلاد الشام 1098-1291 قرنين تقريباً أقاموا في قلاع أنشأوها في الساحل السوري خاصة، ومازالت قائمة أو بعض آثارها، وكانت أنطاكية وعكا والقدس من أهم المدن التي استولوا عليها، وفشلوا في احتلال مدن الداخل مثل حلب ودمشق، فيما عدا الرها وكانت أول مدينة احتلت، وأول مدينة حررها عماد الدين زنكي عام 1144م
معركة حطين: كانت هذه المعركة بداية نهاية الصليبين وفيما يلي وصفها
تلقى صلاح الدين من عيونه نبأ تحرك القوات الصليبية ضده، كما أُعلم بالطريق الذي سيسلكونه في مسيرهم إليه، فاطمأن إلى نجاح خطته في استدراج الجيش الصليبي، فترك قوة صغيرة تحاصر طبرية، وانسحب مع جيشه الرئيسي ليعسكر في التلال الواقعة غربي المدينة حيث تقع قرية حطين ذات الماء والمرعى، وكان يعلو تل حطين قمتان بارتفاع مائة قدم تقريباً، مما دعا العرب إلى تسميتها قرون حطين. وتعود أهمية هذا الموقع إلى أنه يقع عند بداية انحدار الطريق الذي سلكه الصليبيون إلى بحيرة طبرية. وقد أراد صلاح الدين بذلك إحكام تطويق العدو المتقدم بهذا الاتجاه
لم يستطع الصليبيون الوصول إلى الماء. وكان حصار صلاح الدين لهم قوياً، وأضاف بإشعال النار في الأعشاب والأشواك، ليزيد حرهم حراً، وليضيق أنفاسهم بالدخان. كما نهض المسلمون كالرجل الواحد يرشقون الصليبيين المحاصرين بسهامهم، فزاد وضعهم حرجاً، وفرّ منهم باتجاه مدينة صور، وعلى رأس هؤلاء "ريموند الثالث"، حيث أفسح له المسلمون الانسحاب عبر صفوفهم، وانسحب بقية الصليبيين صاعدين المرتفع في حالة سيئة من العطش والحر والدخان، فزحف المسلمون إليهم وحاصروهم في القمة حيث استسلم القادة بمن فيهم ملكهم غي دي لوسينيان وكذلك أرناط وغيره وعدد كبير من البارونات والفرسان والدوايّة والاسبتارية. وكان ذلك في 24 ربيع الآخر سنة 583ه/4 تموز 1187م
أمر صلاح الدين بإقامة سرادقه، حيث نزل فيه فصلى صلاة الشكر، ثم طلب إحضار قادة الصليبيين ومقدميهم. ولم يكن بنية صلاح الدين قتلهم عدا أرناط الطائش، ولذلك فإنه بادر بإعطاء ملك بيت المقدس ماء ليشرب بعد أن أهلكه العطش، ورفض أن يفعل ذلك مع أرناط، واعترض على ملك بيت المقدس الذي أراد سقيه لنية في نفسه. ثم نهض صلاح الدين بتذكير أرناط بجرائمه وخيانته، تلك الجرائم التي يستحق القتل على كل منها. وطمأن بقية الملوك والأمراء على حياتهم، وقام برعايتهم ورعاية أسرهم، ونقلهم إلى قلعة دمشق حيث جرى الاحتياط عليهم
كانت حطين من أكبر الكوارث التي حلت بالصليبيين. فقد تمكن المسلمون من تحطيم قوتهم الضاربة، حتى قال فيها ابن الأثير: "من شاهد القتلى قال ما هناك أسير ومن شاهد الأسرى قال ما هناك قتيل
موقعة عين جالوت
قام السلطان قطز بجمع صفوف العرب في الشام ومصر للتصدي للخطر المغولي الذي لم تستطع قوة في الشرق الأدنى الصمود أمامه، وبعد أن تلقى تهديداً من هولاكو استخف به وأعد العدة لمجابهته، أوفد بيبرس على رأس جيش إلى غزة فاحتلها، فعاد هولاكو وترك نائبه كتبغا لكي يجابه قطز في عين جالوت سنة 1260م، وهو يصيح "وا إسلاماه" فقتل كتبغا وكثيراً من رجاله وولى من نجا من المغول الأدبار. ومما ساعد على الانتصار تعصر الصليبيين بالوقوف على الحياد وكان بيبرس قد مضى بجيشه لفتح حلب
وتعد هذه الموقعة من المواقع الفاصلة في التاريخ، فلقد حالت دون وصول المغول إلى مصر وكانت السبب في توحيد مصر وسورية، وأظهرت المماليك على أنهم حماة العرب والإسلام. وجعلت من مصر عاصمة قوية، كما جعلت من دمشق مركز الانطلاق الجنوبي لتحرير البلاد من الصليبيين وصد المغول. ولقد أنقذت موقعة عين جالوت الغرب من زحف المغول
الملك الظاهر بيبرس
استلم بيبرس الحكم بعد مقتل قطز وأصبح يحمل لقب الملك الظاهر، وأخذ يعيد تنظيم الإدارة في مصر ويتقرب من الناس، ويعد العدة لمتابعة الجهاد ضد الفرنجة في بلاد الشام، وكان عليه أن يدعم سلطانه باعتراف خليفة المسلمين العباسي على الرغم من سقوط هذه الخلافة على يد المغول سنة 1258م فاستدعى أحد ورثة الخلافة وهو أحمد بن الظاهر ابن الناصر العباسي، فأحسن استقباله وجعل له مجلساً في القلعة أثبت فيه حقه بالخلافة، ولقبه بالمستنصر بالله، وجعل مقر الخلافة في القاهرة
وقام الخليفة الجديد بتقليد بيبرس السلطنة رسمياً. ولكنه عاد بعد زمن، فرأى إعادته إلى بغداد لكي يجابه المغول، ولم يكد يصل إلى مدينة هيث حتى انقض عليه المغول فقتلوه مع جماعته، فاستحضر بيبرس خليفة آخر هو أبو العباس أحمد مع الحد من نفوذه. واستمرت الخلافة في القاهرة دونما نفوذ وكان عليه فقط أن يفوض السلطان بجميع الأمور العامة
كانت حروب بيبرس عنيفة وقد انتقل إلى دمشق، فلم تنقض السنوات العشر 1261-1271 حتى انتقل من نصر إلى نصر مستولياً على معاقل الفرنجة، وأخيراً توج بيبرس انتصاراته بتحرير أنطاكية في أيار 667هـ 1268 وهي أقوى الإمارات وكانت بداية النهاية. فاستولى على صافيتا وقلعة الحصن وحاصر عكا والقرين وكانت حربه ضد المغول موازية دائماً لحروبه ضد الفرنجة
الحكم العثماني
مرت سورية في العصر العثماني بمرحلة صعبة، ولم تنعم إلا في المرحلة الأولى أيام حكم السلطان سليم، وفي المرحلة الأخيرة أيام حكم الولاة مدحت باشا وناظم باشا. بعد عام 922هـ/ 1516 قام العثمانيون بتقسيم البلاد إلى ثلاث ولايات, الشام ومركزها دمشق, وحلب وطرابلس, وتألفت كل ولاية من عدد من السناجق، أقطعت بعض الأراضي الى السباهية أي الفرسان وكانت الإنكشارية تدير الجيش
وأصبحت جميع الولايات مرتبطة بالعاصمة استانبول عن طريق الولاة الأتراك, الذين اهتموا بجباية الأموال وتسويق المجندين والإثراء السريع
وكان السكان يعتصمون بالأشراف ورجال الدين, ولكن الثورات كانت بقيادة كبار المتنفذين
أما أسرة العظم فلقد حكمت ولاية دمشق خلال ستين سنة كما حكمت ولايات أخرى
ومن أشهرهم أسعد باشا الذي سمي أمير الحج الشامي مع ولايته للشام
في القرن التاسع عشر ظهر إبراهيم باشا في سورية 1831هـ/1740م الذي أراد أن يطبق إصلاحات في الجيش والزراعة والمالية. ولكن النفوذ الأوربي ابتدأ بالظهور وقد أصبح محمد علي في مصر خطراً على الدولة العثمانية وأوربا وانتشر الوعي القومي. وظهر في الشام مفكرون دعوا إلى التحرر والإصلاح منهم عبد الرحمن الكواكبي ونجيب عازوري، ثم ظهرت جمعيات في سورية تدعو إلى يقظة العرب ووحدتهم وتحررهم لمجابهة جمعية الاتحاد والترقي التركية، وكانت الجمعية العربية الفتاة تطالب بالحكم الذاتي، ومن أبرز أقطابها عبد الحميد الزهراوي
ثم كانت مشانق جمال باشا في دمشق وبيروت تعلن عن أول قافلة للشهداء في سبيل الحرية والاستقلال. وما أن اشتد ساعد الداعين للتحرر، حتى ابتدأت المفاوضات بين الحسين شريف مكة وبين بريطانيا التي وعدت بدعم تحرر العرب، وابتدأت الثورة العربية الكبرى في 10/6/1916، ودخل العرب حلفاء في الحرب العالمية الأولى لتحرير وطنهم من نير السلطنة.(20)
نكل الحلفاء الإنكليز والفرنسيين بوعودهم وقسموا البلاد في اتفاقية سايكس-بيكو السرية لتبقى تحت انتدابهم، ثم عدلت هذه الاتفاقية في مؤتمر سان ريمو وأصبحت بلاد الشام مقسمة إلى أربع دول، سورية ولبنان وفلسطين وشرقي الأردن، وكانت سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وأما فلسطين وشرقي الأردن فقد أصبحتا تحت الانتداب الإنكليزي مع العراق
الانتداب الفرنسي
منذ نهاية الحرب العالمية الأولى واستقلال البلاد العربية عن الدولة العثمانية المنحلة، لعبت السياسة الدولية الاستعمارية دوراً قاسياً مخالفاً لمنطلق عصبة الأمم المتحدة ولجنة "كنغ - كرين" التي أوفدها الرئيس الأمريكي ويلسون سنة 1919 للتحقيق في رغبات الشعب، وكان من أهم ما ورد في تقريرها "أن الوحدة الاقتصادية والجغرافية والجنسية السورية، واضحة ولا تبرر تقسيم البلاد وبخاصة أن لغتها وثقافتها وتقاليدها وعاداتها عربية في جوهرها
وأن توحيد سورية يتماشى مع أماني شعبها ومبادئ عصبة الأمم". ولقد أكد المؤتمر السوري في تموز 1919 حق الشعب في وحدة بلاده واستقلالها ضمن حدودها الطبيعية، من جبال طوروس شمالاً إلى خط رفح - العقبة جنوباً، ونهر الفرات والخابور شرقاً وً البحر المتوسط غربا، هذه المنطقة التي جزئت فيما بعد إلى أربع دول هي سورية ولبنان وفلسطين وشرقي الأردن. تم ذلك في اتفاقية سرية بين فرنسا وإنكلترا عرفت باسم اتفاقية سايكس - بيكو التي رفضها السوريون، فأعلنوا استقلال بلادهم ضمن حدودها الطبيعية في 8 آذار 1920 وتوجوا فيصل بن الحسين ملكاً عليهم.(20)
عندها هاجمت الجيوش الفرنسية قادمة من لبنان ودخل الجنرال الفرنسي غورو دمشق بعد يومين من موقعة ميسلون في 24/7/1920 وكان أول عمل أن قسم سورية إلى أربع دويلات، ثم استعادت البلاد وحدتها الوطنية ، ولكن الضغط الأستعماري الفرنسي كان السبب في قيام ثورة اللاذقية بقيادة صالح العلي، وثورة الشمال بقيادة إبراهيم هنانو، وثورة رمضان شلاش في الفرات، والثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش وثورة غوطة دمشق واشتركت فيها جميع الفعاليات الدمشقية، مما اضطر الفرنسيين لإعلان الاتحاد السوري بين هذه الدويلات عام 1922 وتابعت الثورات السورية نضالها.(21)
وفي عام 1925م قامت الطائرات الفرنسية بقصف دمشق للانتقام من الثوار الذي نادوا بتحرير سورية، فدمرت أحياء كاملة، مما أثار استنكاراً دولياً دفع سلطة الانتداب إلى إعلان الدستور عام 1930م وانتخاب أول رئيس للجمهورية السورية محمد علي العابد عام 1932م، وبعد معاهدة 1936 انتخب هاشم الأتاسي رئيسا للجمهورية وظهر أول مجلس نيابي ، ولكن في 29/5/1945م قام الفرنسيون بقصف دمشق والمدن الأخرى فأصابت المجلس النيابي وقتلت الحامية وبعد أن التجأت سورية إلى مجلس الأمن، صدر القرار بالجلاء الفوري الذي تم في 17 نيسان 1946 في عهد الرئيس شكري القوتلي وأصبح هذا اليوم عيداً قومياً لسورية
عهد الاستقلال
لم تكد سورية تشعر بنعمة الاستقلال، حتى صدر قرار تقسيم فلسطين 1947 وأنشئت دولة اسرائيل التي كانت تهدد العرب باحتلال الأرض من الفرات إلى النيل وقامت بتشريد الفلسطينيين الذين بدأوا حركة التحرير ضمن صعوبات كثيرة
وكان على سورية ومصر أن تبادرا إلى توحيد قوة المجابهة اعتماداً على الإيمان بالوحدة العربية، فأعلنت الوحدة بين القطرين في 22/2/ 1958 وأصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة وعاصمتها القاهرة
ولم يطل زمن الوحدة فلقد تم الانفصال في 28/9/1961 فقامت ثورة الثامن من آذار.1963 لتنادي بإعادة الوحدة، ولكن اسرائيل فاجأت بالعدوان على سورية ومصر والأردن في الخامس من حزيران 1967. واحتلت جزءاً من الأرض العربية، وبرغم من صدور قرارات مجلس الأمن بوجوب إعادة الحقوق والأراضي إلى أصحابها، ما زالت اسرائيل تعاند تنفيذ هذه القرارات
وفي تشرين الثاني عام 1970 انعقد المؤتمر العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي، فانتخبت قيادة جديدة للحزب برئاسة الأمين العام الفريق حافظ الأسد وتم إعلان الحركة التصحيحة، وتضمن برنامجها الأساسي إنشاء الجبهة الوطنية التقدمية، وإحداث مجلس للشعب وإعداد دستور دائم للبلاد. وفي 21/3/1971 انتخب الفريق حافظ الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية وتجدد انتخابه عام 1978 و1985 و 1992 و 1999
وفي تشرين الأول من عام 1973 خاضت سورية ومصر حرباً لاسترجاع الأراضي المحتلة من اسرائيل، تبعتها حرب الاستنزاف التي استمرت ثمانين يوماً فاستعادت سورية جزءاً من الجولان وفي مقدمته القنيطرة
وفي نيسان 1975 بدأت الحرب الأهلية في لبنان، وكان لسورية الدور الحاسم في إنهاء هذه الحرب وإعادة الوحدة الوطنية والاستقرار في لبنان، وفي تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي الذي استمر 22 عاماً حتى 10/5/2000
هكذا ومنذ عام 1970 يبتدأ عصر جديد في سورية، عصر حافل بالإنجاز وبالتقدم، إذ تم بناء سد الفرات الذي وفر تأمين الري لمساحة تزيد عن 640 ألف هكتار وازدادت العائدات النفطية أضعافاُ، وحققت المشاريع الكبرى زيادة في الانتاج الزراعي والصناعي، و في توسيع شبكات المواصلات وإعمار المدن والقرى. وتأمين الضمان الاجتماعي للشعب والسكن والتعليم المجاني وإيجاد فرص للعمل، وتشجيع الثقافة والبحث العلمي والرياضة وكانت استضافة الدورة العاشرة لألعاب البحر المتوسط في مدينة اللاذقية عام 1978 من أبرز النشاطات الرياضية الدولية
ولكن هموم تحقيق السلام العادل المعتمد على القرارات الدولية مازالت هاجس السياسة في النطاق الدولي والعربي
وفي 10/6/2000 منيت سورية بخسارة فادحة بوفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد. وكان الشعب بجميع فئاته مجمعاً على متابعة المسيرة ،فقام بإنتخاب الدكتور بشار الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية في 17/7/2000، وفي مجلس الشعب أعلن الرئيس الجديد عن برنامج وطني مستقبلي طموح وعن سياسة عربية ودولية منفتحة متضامنة، وعن عزم في إحلال السلام العادل في المنطقة كلها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:45 pm

لحكومات و الرؤساء الذين حكموا سورية
رؤساء الحكومة السورية
1 محمد سعيد الجزائري 1918
2 - علي رضا باشا الركابي حكم من 1918 الى 1918 عاش من 1866 الى 1942
3 - فيصل بن الحسين الهاشمي حكم من 1918 الى 1920 عاش من 1885 الى 1933
ملك سورية
1 - فيصل بن الحسين الهاشمي حكم من 8 مارس - 28 يوليو 1920
رؤساء الدولة
1 - علاء الدين الدروبي باشا 1920 1920
2 - جميل الألشي 1920 1920
حكام الشام
... 1920 1922
رؤساء الدولة
1 - صبحي بيك بركات الخالدي 1922 1925
2 - ... 1926 1926 1886 1956 بصفة مؤقتة
3 - الداماد أحمد نامي بك: 28 أبريل 1926 - 15 فبراير 1928
4-1 - الشيخ تاج الدين الحسني 15 فبراير 1928 - 19 نوفمبر 1931 عاش من 1880 الى 1943
رؤساء الجمهورية السورية
1 - محمد على بيك العابد : حكم من 1932 الى 1936 عاش من 1867 الى 1939
2 - هاشم بيك خالد الأتاسي : حكم من 21 ديسمبر 1936 - 7 يوليو 1939 عاش من 1875 الى 1960
3 - ناصوحي سالم البخاري : حكم من 1939 الى 1939 بصفة مؤقتة
4 - بهاء الدين الخطيب : حكم من 1939 الى 1941
5 - خالد العظم : حكم من 4 أبريل - 16 سبتمبر 1941 عاش من 1903 الى 1965 بصفة مؤقتة
6-2 - الشيخ تاج الدين الحسني : حكم من 1941 الى 1943
7 - جميل الألوسي : حكم من 1943 الى 1943 بصفة مؤقتة
8 - عطا بيك الأيوبي : حكم من 1943 الى 1943
رؤساء الجمهورية
1 - شكري القوتلي : حكم من 1943 الى 1949 عاش من 1891 الى 1967
2 - حسني الزعيم : (20 مارس 1949 ـ 14 اغسطس 1949 بعد انقلاب بقيادة سامي الحناوي اعدم على اثره) عاش من 1897 الى 1949
3 - محمد سامي حلمي الحناوي 14 اغسطس 1949 ـ 19 ديسمبر 1949 حيث قام العقيد اديب الشيشكلي بانقلاب اسقط فيه الحناوي وتولى منصب نائب رئيس الاركان وعين الاتاسي رئيسا). عاش من 1898 الى 1950
4-2 - هاشم بيك خالد الأتاسي : (1949 ـ 29 نوفمبر 1951 حيث اجبره الشيشكلي الذي اصبح رئيسا للاركان على التخلي عن منصبه وعين في مكانه فوزي سلو لكنه تولى القيادة عمليا).
5 - فوزي السلو : (1951 وحتى استلام الشيشكلي السلطة عمليا في 1953).
6 - أديب الشيشكلي : (1953 ـ 24 فبراير 1954 حيث اطاحه تمرد عسكري غادر سوريا بعده).
7 - مأمون الكزبري : (26 فبراير 1954 لمدة 24 ساعة فقط). عاش من 1914 الى 1998
4-3 - هاشم بيك خالد الأتاسي : حكم من 28 فبراير 1954 - 6 سبتمبر 1955
8 - شكري القوتلي : (انتخب في 18 اغسطس 1955 بعد عودته من منفاه في مصر وحتى فبراير 1958 تاريخ اعلان الوحدة مع مصر).
الجمهورية العربية المتحدة
1 -جمال عبد الناصر (فبراير 1958ـ سبتمبر 1961 تاريخ حركة الانفصال).
الجمهورية السورية
7 - مأمون الكزبري : حكم من 1961 الى 1961
9 -عزت أنوس : حكم من 1961 الى 1961 بصفة مؤقتة
10 - ناظم القدسي : (انتخبه البرلمان بعد اقتراع تشريعي ديسمبر 1961. شهد عهده ثلاث محاولات انقلاب, حتى الثامن من مارس 1963 تاريخ تسلم حزب البعث الحكم وتشكيله مجلسا لقيادة الثورة برئاسة اللواء لؤي الاتاسي). عاش من 1906 الى 1998
11 - لؤي الأتاسي : (رئيس مجلس القيادة الثوري الوطني): حكم من 9 مارس - 27 يوليو 1963
12 - محمد أمين الحافظ (رئيس المجلس الجمهوري): (27 يوليو 1963 رئيسا للدولة ثم في 14 مايو 1964 رئيسا للجمهورية بعد محاولة انقلاب انتهت بتسلم حزب البعث للسلطة ـ الى الحركة التي قادها صلاح جديد في 23 فبراير 1966).
13 - نور الدين مصطفى الأتاسي (رأس الدولة): حكم (1966 ـ 1970 وحتى 16 نوفمبر 1970 تاريخ (الحركة التصحيحية) ). عاش من 1929 الى 1992
14 - سيد أحمد الحسن الخطيب (رأس الدولة): (1970 وحتى انتخاب حافظ الاسد في 12 مارس 1971).
15 - حافظ الأسد : حكم من 22 فبراير 1971 - 10 يونيو 2000 عاش من 1930 الى 2000
16 - عبد الحليم خدام : حكم من 10 يونيو - 17 يوليو 2000 بصفة مؤقتة
17 - بشار حافظ الأسد : 2000 مواليد 1965
]محمد سعيد الجزائري
في 18 تشرين الاول 1918 تحرك الامير محمد سعيد الجزائري حفيد عبد القادر الحسيني منتهزا أنسحاب العثمانيين من دمشق وأعلن نفسه رئيسا للحكومة العربية بأسم الشريف حسين بن علي أمير مكة .
لم يبق الأمير محمد سعيد الجزائري في رأس حكومة دمشق غير أيام معدودة إنتهت بدخول الشريف فيصل بن الحسين إلى دمشق على رأس الفرقة العربيّة التي شكلها البريطانيون بإشراف أحد جواسيسهم الكولونيل لورانس. فلقد قام لورنس المذكور بإقالة الأمير الجزائري وعيّن مكانه رضا باشا الركابي الذي أرسل إلى بيروت شكري باشا الأيوبي على رأس مائة جندي ليكون حاكماً عاماً على بيروت ولبنان ومعه جميل بك الألشي رئيس أركان حرب له، وكان ذلك يعني أن الحكومة العربيّة الجديدة أعتبرت البلاد السوريّة كلها وحدة سياسيّة كاملة ولبنان جزء منها دون أي أمتياز أو أستثناء.
علي رضا باشا الركابي
عاصر الحكم العثماني ، وكان ركناً بارزاً فيه .
عندما رحل الأتراك ، ونهض الحكم العربي الفيصلي ، شكل أول وزارة في تاريخ سورية .
وشكل وزارتين في الأردن ، ووضع للأردن نظامه المالي والإداري .
دعم الثورة السورية لدى قيامها ، وهو رئيس للوزراء في الأردن .
تقلب في عدد كبير من المناصب ، وعهد إليه بعدد كبير آخر من المسؤوليات والمهام.
كان إدارياً حازماً ، ونزاهته تعتبر من الأساطير في هذه الأيام .
رضا الركابي كان جزءاً من تاريخ سورية الحديث .
غير أنه لم ينل حقه الكافي من الشهرة ، والدراسة ، والتحليل .
شيء من حياته
أبصر علي رضا باشا الركابي النور بدمشق في عام 1886 ، وينتمي إلى أسرة دمشقية عريقة ، تعرف بالاستقامة والتقوى .
تلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة الرشدية العسكرية . وانتقل منها إلى المدرسة الإعدادية . ولأنه كان متفوقاً على جميع أقرانه ، وتقديراً لعلامات النبوغ والعبقرية لديه ، فقد أرسل إلى المدرسة الحربية في الآستانة ، حيث درس فيها الشؤون العسكرية . وتخرج منها حاملاً رتبة " رئيس أركان حرب ".
بعد تخرجه من المدرسة الحربية عين قائدا للجيش التركي في القدس ، ووكيلاً لمتصرفها .
عندما أعلن الدستور العثماني ، عين رئيساً للشعبة الخاصة في الآستانة .
ونقل منها إلى المدينة المنورة ، حيث عين محافظاً فيها وقائداً لجيشها ، وذلك بعد أن جرت ترقيته إلى رتبة أمير لواء . رحل إلى العراق ، حيث تسلم قيادة الجيش في بغداد والبصرة .
عندما أعلنت الحرب العالمية الأولى عام 1914 ، استشارته الحكومة العثمانية ، بين من استشارتهم من قواد جيوشها، بشأن دخول الدولة العثمانية الحرب إلى جانب حليفتها الدولة الألمانية ، أو عدمه . وكان رأي رضا باشا الركابي ، أن تظل الدولة العثمانية على الحياد ، لأنه كان مطلعاً على حقيقة وضع الجيش العثماني وأسلحته وعتاده ، وضعف إمكانياته . ولأنه أشار بضرورة الحفاظ على الحياد في هذه الحرب الطاحنة ، فقد اعتبر من الانهزاميين والجبناء ، فصدر الأمر بتسريحه ، وإحالته إلى التقاعد . وكان وراء تسريحه وتقاعده عدد من المسؤولين والضباط المندفعين والمتحمسين لخوض الحرب ، إلى جانب الصديقة والحليفة الدولة الألمانية
عندما عاد الركابي إلى دمشق ، بعد تسريحه ، أراد جمال باشا الإفادة من علمه وخبرته ، مع حرصه على وضعه تحت رقابته ، لذا أمر بتعيينه رئيساً لبلدية دمشق ، ورئاسة التحكيمات . وقد آثر الركابي قبول هذين المنصبين ، كي يدفع عن نفسه الشبهات. فقد كان الرجل في حقيقته من مؤسسي "جمعية العربية الفتاة " و" جمعية العهد " . وهاتان الجمعيتان كانتا أول من زرع بذور القومية العربية في العهد العثماني .
شكل أول وزارة سورية
عقب إعلان الثورة العربية الكبرى ، ودخول الجيش العربي دمشق ، عين رضا الركابي حاكماً عسكرياً للمنطقة الشرقية .
عندما أعلن المؤتمر السوري استقلال سورية ، في الثامن اذار1925 ، وتسلم زمام الحكم الأمير فيصل بن الحسين ، ونودي به ملكاً على سورية ، عهد إليه بتشكيل أول وزارة عربية ، فتسلم الركابي زمام الأمور ، وشكل الوزارة ، ولقب بالحاكم العسكري .
بعد معركة ميسلون غير المتكافئة ، ودخول القوات الفرنسية إلى دمشق ، وانتهاء العهد الفيصلي ، رحل رضا الركابي إلى مصر . وانتقل منها إلى الحجاز . وهناك كلفه الشريف حسين بالذهاب إلى الأردن ، لمساعدة ولده الأمير عبد الله بتأسيس وإدارة دولة شرقي الأردن .
رضا الركابي في الأردن
في عمان إلى الركابي في الثاني عشر من آذار 1922 الحكومة الأردنية الأولى . وعمل على وضع القوانين والأنظمة المناسبة للدولة الأردنية الجديدة ، ولاسيما في نطاق الأنظمة المالية والجهاز الإداري .
وفي الثالث من تشرين الأول 1922 دعاه الأمير عبد الله إلى مرافقته في رحلة إلى لندن ، لعقد معاهدة بين الأردن وبريطانيا ، وبحث الشؤون العربية هناك .
ومكث الركابي مع الأمير عبد الله بعض الوقت. ثم غادر الأمير لندن واستبقى رئيس وزرائه للاتفاق مع وزارة المستعمرات البريطانية على الشكل النهائي لحكومة الأردن .
وقد وفق رضا الركابي بالحصول على موافقة بريطانيا على استقلال المنطقة استقلالاً نيابياً ، على أن لا يشملها وعد بلفور المشؤوم بإنشاء الدولة الصهيونية على الأرض الفلسطينية.
عاد الركابي بعدها إلى الأردن . ثم نشأ بين الأمير عبد الله وبينه خلاف حول بنود هذا الاتفاق ، أدى إلى تقديم استقالته من رئاسة الوزراء .
وفي أوائل عام 1924 دعي رضا الركابي ثانية إلى تشكيل الوزارة في الأردن . فاستجاب لهذه الدعوة ، وشكل الوزارة ثانية . وظل في منصبه هذا إلى حزيران من عام 1936 ، حيث استقال ، وانتقل للإقامة بين حيفا والقدس طوال سنتين ولصف السنة .
وكان الركابي يوم شكل وزارته ، قد أعلن في برنامجه الوزاري ، العمل بالصدق والإخلاص في القول والعمل ، وتوزيع العدالة بين جميع أفراد الشعب ، والمراعاة التامة لشؤون الاقتصاد ، والاعتماد على الكفاءات في التوظيف ، وقمع بذور الفساد ، وكل ما يسيء إلى السمعة . ودعا إلى التعاضد والتكاتف في جميع أمور الإصلاح ، وصيانة المنطقة من الأحوال المخلة بالأمن .
وكان الركابي وهو رئيس للوزراء في الأردن ، يدعم الثورة السورية بكل إمكاناته سراً ، ويذكي روح المقاومة بين صفوف الثوار . ومن أجل هذا ، لم يستطع عقب استقالته من رئاسة الوزارة العودة إلى أرض الوطن ، بل أثر الإقامة في فلسطين ، إلى أن انتهت الثورة ، وصدر العفو العام على كل من شارك بالثورة . وكان خلال إقامته في الأرض الفلسطينية ، يعيش عيش الكفاف ، بسبب فقره وضيق ذات يده .
بعد عودته إلى دمشق ، ووفاة الملك الهاشمي فيصل الأول ، اعتزل الرجل ، النزيه ، المستقيم ، العمل السياسي ولزم بيته ، وانقطع عن الناس .
ورحل رضا الركابي إلى جوار ربه ، في يوم الاثنين الخامس والعشرين من أيار عام 1942 ، بعد أن عانى من المرض طويلا ، وأصيب بالشلل .
بعض صفاته وأخلاقه
يوصف رضا الركابي ، بأنه إنسان مثالي في حياته ، يعشق النظام ، ولا يسامح أو يتسامح مع من يخل به أو يتجاوزه، مهما كان هذا الإخلال صغيراً . كان يحاسب مرؤوسيه على أي خطا أو تجاوز حساباً لا هوادة فيه ولا لين. كان الموظفون الذين يعملون تحت إمرته ، يتصورونه شبحاً مرعباً .
فهو قد يطل فجأة على هذه الدائرة أو تلك ، ليتفقد سير العمل ، ويطمئن إلى حسن سير الأمور، وأنه لا يوجد أي موظف لا يقوم بواجبه على الوجه الأكمل .
كان إلى جانب ذلك مستقيماً ، صادقاً ، نزيهاً ، ونزاهته وطهارة يده مضرب الأمثال .
كان حريصاً على أن ينال كل ذي حق حقه كاملاً ودون وساطة ، أو شفاعة ، أو زلفى من أحد . ويعتبر هذا اللون من الوساطات من أبرز عيوب شرقناً العربي .
هذا شيء عن بعض طباعه واستقامته . أما صفاته الشخصية ، فيقول من عرفوه عن قرب أو صحبوه ، إنه كان ربعة إلى القصر ، ممتلئ الجسم ، حاد النظرات ، عيناه براقتان ، يصعب على محدثه التحديق بهما . وكان يتمتع بحيوية دفاقة ، ونشاط كبير . وكان يصب هذا النشاط والحيوية في العمل الذي يتولى أموره .
ومن مآثر رضا الركابي التي لا تنسى ، أنه أمر ، عندما كان رئيساً للوزارة السورية الأولى ، بتأسيس المجمع العلمي العربي أسوة بالدول الكبرى في العالم . وبذلك سبقت سورية جميع الأقطار العربية إلى تأسيس مثل هذا المجمع
الملك فيصل بن الحسين الهاشمي[/align]
نشأة الملك فيصل
ولد فيصل بن الحسين بن علي عام 1885 في مكة المكرمة، وكان أبوه الشريف حسين شريف مكة وقائد الثورة العربية الكبرى بين عامي 1916 و1918 والتي نشأ عنها الحكم العربي الهاشمي في الحجاز والشام والعراق. وقد نشأ فيصل مع البدو جريا على عادة الأشراف منذ القدم ليتعلم فصاحة العرب وشجاعتهم ويتدرب على حياة الصحراء والتقشف وقسوة المعيشة، وتعلم أيضا الفروسية والقتال بالسيف والبندقية.
وفي عام 1893 سافر مع عائلته إلى الآستانة عاصمة الخلافة العثمانية، فقد كان الشريف حسين بن علي معارضا للسياسات التركية وأراده السلطان عبد الحميد أن يكون قريبا منه وتحت مراقبته فاستدعي إلى الآستانة واختير عمه شريفا لمكة رغم أنه يفترض أن يتبوأ هذا المنصب، وتعلم فيصل في الآستانة اللغات التركية والإنجليزية والفرنسية والتاريخ، وعلمه والده القرآن الكريم.
ينتسب فيصل إلى الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو من الجيل الثامن والثلاثين من أبناء وأحفاد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وينتمي إلى أسرة آل عون من الأشراف وهي إحدى ثلاث أسر كانت تتنافس على الزعامة مع آل زيد وآل بركات، وقد آلت الزعامة إلى آل عون منذ بداية القرن التاسع عشر.
ووصفه البريطانيون الذي عايشوه وعملوا معه، فقال عنه اللورد اللنبي بأنه بهي الطلعة ووسيم، وعيناه معبرتان، وشجاع ولطيف الشمائل، وسياسي قدير، وذو شخصية ملكية حقيقية. ووصفه الرئيس الأميركي ويلسون بأنه "مسيح الشرق"، فقد كان بسيطا متواضعا، ولا يدخر لنفسه من المال الذي تحت تصرفه، حتى إنه عندما خرج من دمشق عام 1920 لم يكن يملك نفقات السفر. وقال عنه السير هنري دوبس المندوب السامي البريطاني في العراق إنه يبدو في نظر البريطانيين شخصا أسطوريا بل هو صلاح الدين هذا العصر. وكتب عنه عباس محمود العقاد أنه ذو شخصية يحسب لها حساب، ومن أصحاب الخلق والألمعية، ويصلح للرئاسة ومعالي الأمور، وكل ما سمعناه عن أفعاله وصفاته يؤيد هذه النظرة، وينم عن رجاحة في الذكاء والأخلاق.
وفي عام 1908 عاد الشريف حسين والد فيصل إلى مكة ليكون شريفا لها، وانتخب فيصل في مجلس "المبعوثان" (البرلمان العثماني) عن مدينة جدة، فعاد إلى الآستانة واكتسب إثناء إقامته هناك خبرة سياسية ومعرفة شاملة بالسياسة التركية ورجالها.
قال عنه اللورد اللنبي إنه بهي الطلعة ووسيم، وعيناه معبرتان، وشجاع ولطيف الشمائل، وسياسي قدير، وذو شخصية ملكية حقيقية. ووصفه الرئيس الأميركي ويلسون بأنه "مسيح الشرق"، وقال عنه السير هنري دوبس المندوب السامي البريطاني في العراق: إنه يبدو في نظر البريطانيين شخصا أسطوريا بل هو صلاح الدين لهذا العصر”
الثورة العربية الكبرى
بدأ فيصل يتصل بالقوميين العرب عام 1915 وكان عضوا في جمعية العربية الفتاة، وكان من قادتها فوزي البكري وياسين الهاشمي وبدر الدين الحسيني ورضا الركابي، وكانت فكرة العمل القومي قائمة على الاستقلال للعرب مع اختلاف في الوسائل، فالبعض يراها بالتفاهم مع الأتراك والبعض يراها بالثورة والتعاون مع بريطانيا، ويبدو أن فيصل كان ميالا إلى التفاهم والتنسيق مع تركيا. وفي الحرب العالمية الأولى التقى كبار المسؤولين الأتراك بدءا بالصدر الأعظم من أجل حشد جيش عربي يقاتل مع تركيا مقابل الاستقلال للعرب بعد الحرب، ولكن الموقف تغير بعد الاعتقالات والإعدامات التي نفذها والي دمشق جمال باشا السفاح وبخاصة إعدام مجموعة من قيادات العرب في 6 مايو/ أيار 1916.
وأعلنت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين بن علي على الأتراك بمناصرة من بريطانيا، وقاد فيصل جيشا عربيا من الحجاز إلى جدة واحتلها، ثم واصل زحفه إلى المدينة المنورة ثم إلى العقبة، وأعلنت الحجاز مملكة عربية بقيادة الشريف حسين بن علي.
وتحركت جيوش الثورة العربية بقيادة فيصل من العقبة باتجاه الشام حتى أمكن دخول دمشق عام 1918، وأعلنت مملكة عربية في سوريا باسم "السلطان أمير المؤمنين الحسين بن علي" وأعلن فيصل بن الحسين ملكا على سوريا.
الحكم العربي في سوريا
كلف الملك فيصل رضا الركابي تشكيل أول حكومة عربية لسوريا، وكان من معاونيه عادل أرسلان ورشيد طليع وإسكندر عمون وساطع الحصري ويوسف العظمة وياسين الهاشمي.
وفي عام 1920 احتلت فرنسا سوريا بعد معركة ميسلون مع الجيش السوري بقيادة يوسف العظمة، وكانت معركة غير متكافئة قاتل فيها السوريون بصمود وبسالة حتى استشهد من جيشهم المكون من ثلاثة آلاف مقاتل 800 شهيد على رأسهم يوسف العظمة، وقتل من الفرنسيين 300 جندي.
مملكة العراق
احتلت بريطانيا العراق في الحرب العالمية الأولى، وقد اندلعت في عام 1920 ثورة كبيرة ضدها، ووجدت بريطانيا أنها بحاجة إلى أن تسمح للعراقيين بحكم أنفسهم لتخفيف الأعباء والتوتر القائم، فكلفت عبد الرحمن الكيلاني تشكيل حكومة تنسق مع المندوب السامي البريطاني، وعين لكل وزير في الحكومة مستشار بريطاني يمتلك صلاحيات واسعة.
وعقد في القاهرة مؤتمر لترتيب الأوضاع في العراق بإشراف وزير المستعمرات تشرشل، وحضره قادة الحكومة العراقية، ورشح في هذا المؤتمر فيصل بن الحسين ليكون ملكا للعراق، فأبرق العراقيون للشريف الحسين بن علي يطلبون أن يكون فيصل ملكا على العراق.
سافر فيصل من جدة إلى العراق عام 1921 وأجري استفتاء شعبي في العراق على الملك فيصل وكانت نتيجته الموافقة عليه ملكا بأغلبية كبيرة تصل إلى 97%، وتوج ملكا على العراق في 23 أغسطس/ آب 1921، وأعلن مجلس الوزراء العراقي مبايعته ملكا.
وقعت معاهدة بين بريطانيا والعراق تنظم العلاقات والصلاحيات، وكانت هذه المعاهدة تقنينا للانتداب البريطاني، ولكن فيصل والعراقيين عملوا على تطويرها والتعديل عليها حتى أمكن الوصول إلى حالة هي أفضل من الانتداب وأقل من الاستقلال، وكان فيصل يستعين بالمعارضة الشعبية والسياسية والرأي العام لتعضيد موقفه تجاه الإنجليز حتى إن كوكس المندوب السامي اعتبره خطيرا على بريطانيا وأنه يحرك الهياج الشعبي، وسرب بنود مشروع المعاهدة قبل توقيعها إلى الصحافة العراقية المعارضة.
وقد ناقشت وزارة المستعمرات البريطانية فكرة تنحية الملك فيصل، وأرسل إليه تشرشل رسالة شديدة اللهجة يقول فيها إن بريطانيا لم تعد تصبر على عناده، ولكن يبدو أنها أدركت أنها لا تستطيع إدارة العراق من دون الملك فيصل، فهو وإن كان يضغط على بريطانيا باتجاه تحقيق المطالب الوطنية فإنه أيضا قادر على تهدئة الأوضاع واستيعاب الناس والقيادات السياسية والشعبية، ويبدو أيضا أن الملك فيصل كان يدرك هذا، فاستغله بذكاء وحكمة حتى أمكن التفاهم على الاستقلال عام 1932 ودخول العراق عضوا في عصبة الأمم.
يقول المؤلف إن بريطانيا رغم موافقتها على الاستقلال للعراق فإنها بدأت تفكر في التخلص من الملك فيصل، وساعدت بقوة وإصرار مجموعة من السياسيين حوله سعت في فرضهم عليه، وبخاصة أن فيصل بدأ فور الاستقلال بالاتصال بدول عدة وعلى رأسها إيطاليا بقيادة موسوليني لتحديث الجيش العراقي وبناء مؤسسات الدولة الحديثة وتخفيف الاعتماد على بريطانيا، ولكنه توفي عام 1933 في ظروف يعتبرها المؤلف غامضة ومريبة.
وفاة فيصل
توفي الملك فيصل عام 1933 في سويسرا، وكان يقوم برحلة للاستشفاء وإجراء فحوص دورية، وكان عمره 48 سنة، وقد نشرت صحف المعارضة العراقية أن الوفاة لم تكن طبيعية، وشككت في دور بريطانيا في القضاء عليه، ودس السم في شرابه أو في الحقن الطبية التي كانت يحقن بها.
وكانت تقارير الأطباء السويسريين قبل وفاته بيومين تؤكد أنه بصحة جيدة ولا يعاني من أمراض خطيرة، ولكن تقرير الوفاة ذكر أن سبب الوفاة هو تصلب الشرايين. وترجع الليدي باجيت -وهي ممرضة بريطانية كانت ترافق الملك فيصل- سبب الوفاة إلى التسمم بالزرنيخ الذي أذيب في الشاي الذي شربه قبل وفاته بست ساعات، وبخاصة أن الأعراض التي ظهرت عليه في الاحتضار هي أعراض التسمم بالزرنيخ.
وفي عام 1988 صدر كتاب "نساء من الشرق الأوسط" لمؤلفه ناصر الدين النشاشيبي، ذكر فيه أن ممرضة يهودية اسمها فيكي كانت على علاقة برستم حيدر رئيس الديوان الملكي، وقد رتب لها حيدر لتعمل في حاشية الملك، وهي تعتقد كما ذكرت بعد سنوات طويلة من الوفاة أن السفير البريطاني في سويسرا بدل الحقن التي كانت تعطى للملك بالتنسيق مع رستم حيدر، ودس بينها حقنة زرنيخ، ثم قتل رستم حيدر والسفير البريطاني بعد ذلك، وقد لا تكون الممرضة نفسها بريئة.
عراقيون بجانب فيصل
ربما يكون نوري السعيد وعبد المحسن السعدون وناجي شوكت أهم الشخصيات التي عملت مع الملك فيصل، وشغل كل منهم منصب رئيس الوزراء بعد سلسلة طويلة من المناصب القيادية والوزارية.
كان نوري السعيد من الضباط العرب في الجيش التركي الذين انضموا إلى الثورة العربية الكبرى، ثم عمل مع حكومة الحجاز، وتقلد مناصب عسكرية رفيعة، وشارك في الحكم الهاشمي في سوريا، ثم رافق الملك فيصل إلى العراق، وساهم في تأسيس الدولة العراقية الحديثة.
وظلت علاقة نوري السعيد بالملك فيصل قوية حتى عام 1930 عندما كلفه تشكيل الحكومة، وبدأ يتصرف كمركز قوة بديلة للملك ويتصل بالبريطانيين متجاوزا الملك، وحدثت أزمة كبيرة بين الرجلين عام 1932 جعلت الملك فيصل يعين أشد خصوم السعيد رشيد عالي الكيلاني رئيسا للديوان الملكي، ثم كلف ناجي شوكت تشكيل الحكومة، ولكنها لم تستمر أكثر من أربعة أشهر كلف بعدها رشيد الكيلاني تشكيل الحكومة واختير السعيد فيها وزيرا للخارجية.
وقد دافعت بريطانيا بقوة عن السعيد وفرضته بالحسنى على الملك فيصل، ولكنه أصر على استبعاده من رئاسة الحكومة، وبعد تشكيل حكومة الكيلاني بأسبوع واحد توفي الملك فيصل، ويتساءل المؤلف هل كان للسعيد بالتعاون مع بريطانيا دور في وفاته؟
ومن الشخصيات المهمة أيضا عبد المحسن السعدون الذي برز على المسرح السياسي العراقي بين عامي 1922 و1929 وشكل في هذه الفترة الحكومة أربع مرات، وشغل أيضا منصب وزير العدل ووزير الداخلية، وترأس المجلس التأسيسي العراقي ثم مجلس النواب.
وقد تميزت حياة السعدون السياسية بالوسطية والتوفيق بين صداقة الإنجليز والمطالب الوطنية، ولكنه في منهجه هذا اكتسب عداوة البريطانيين والمعارضة العراقية، ثم تخلى عنه حزبه مما دفعه إلى الاستقالة ثم الانتحار.
والشخصية الثالثة هي ناجي شوكت وكان جمهوري النزعة، وقد شكل الحكومة العراقية عام 1932 بعد سلسلة من المناصب القيادية والوزارية بدأت بمعاون متصرف بغداد إلى أن اختير وزيرا للعدل ووزيرا للداخلية، وقد توطدت العلاقة بينه وبين الملك فيصل بعد مواجهة قوية كادت تعصف بمستقبله السياسي، وأبدى شوكت صلابة وقوة شخصية لعلها أثرت في الملك فيصل وجعلته يقربه إليه.
تعرض مذكرات الملك فيصل رؤيته ومشاهداته للوضع في العراق ومعالجته لهذه المسائل، ويمكن تلخيص منهجه ورؤيته هذه في: بناء الجيش، وكان ذلك من أسباب الخلاف بينه وبين بريطانيا ونوري السعيد، وإرساء التقاليد والشعائر الدينية، وتطوير الحكم المحلي، وترسيخ الديمقراطية وفصل السلطات، وتدريب الموظفين، وإقامة المؤسسات الإنتاجية والاقتصادية والتعليمية.
علاء الدين الدروبي [/align]
خلال فترة الانتداب الفرنسي على سورية 27 حكومة كانت أولها حكومة علاء الدين الدروبي والتي استمرت 27 يوما من 2 تموز إلى 21 آب 1920 حيث انتهت بمقتل علاء الدين الدروبي وعبد الرحمن اليوسف الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الشورى في قرية خربة غزالة وكانت مؤلفة من سبعه وزراء, وتم في عهدها فصل لبنان عن سوريه .
جميل الألشي [/align]
تسلم رئيس أركان الحرب في عهد الأنتداب الفرنسي في بيروت لبنان ثم تسلم الحكم بعد مقتل علاء الدين الدروبي .
حكومة جميل الالشي التي استمرت شهرين وخمس وعشرين يوما , ومن ثم قام المستعمر الفرنسي بتقسيم البلاد إلى دويلات كانت مدة حكم جميل الألشي من 4-9-1920 حتى 30-11-1920
صبحي بيك بركات الخالدي [/align]
في عام 1924 أعلنت فرنسا عن قيام دولة سوريا ، المؤلفة من دولة حلب و دولة دمشق ، و إبقاء دولة اللاذقية مستقلة .
و عينت رئيسا لدولة سوريا صبحي بيك بركات الخالدي ، و هو من وجهاء إنطاكية المقيمين في حلب .
و كان صبحي بركات من الثوار على فرنسا في البداية كهنانو ، و تصالح مع الفرنسيين لقاء توحيد دول سوريا ، و تعيينه رئيسا عليها ، و كان من الأعداء التاريخيين للزعيم هنانو ، و قد عرف عنه نظافة اليد.
في عام 1925 : قامت الثورة السورية الكبرى التي بدأت في جبل الدروز بقيادة سلطان باشا الأطرش ، و امتدت إلى دمشق و حمص و حماه ، و لم تشارك حلب في الثورة .
و استقال صبحي بركات من الرئاسة بعد قيام الثورة ، موجها كتاب استقالة للفرنسيين فيه الكثير من المطالب الوطنية ، كإلغاء الانتداب و ضم حكومة اللاذقية و جبل الدروز لدولة سوريا ، و غيرها من مطالب وطنية .
و عين الفرنسيين حكومة جديدة ، ضمت بعض الوزراء الوطنيين ، و عندما طلب الفرنسيون من الحكومة الموافقة على قصف دمشق بالقنابل لوأد الثورة ، رفض الوزراء الوطنيين هذا الطلب ، فما لبثت فرنسا أن أقالتهم ، و نفتهم إلى الحسكة و من ثم إلى لبنان و لمدة عامين ، مع سعد الله الجابري الزعيم الوطني الصاعد ، و الذي ترشح بعدها كنائب عن حلب ، و استلم منصب رئيس وزراء سوريا لاحقا ، و الذي أمضى حياته عازبا لم يتزوج .
و استبدلوهم بوزراء آخرين ، و منهم شكيب الميسر و رشيد بك المدرس من حلب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:46 pm

الشيخ تاج الدين الحسني
هو محمد تاج الدين بن محمد بدر الدين بن يوسف الحسني المراكشي الأصل، ولد بدمشق سنة 1890م. والده الشيخ محمد بدر الدين الحسني، محدث الديار الشامية الأكبر، كان شديد الورع، حاد الذكاء قوي الذاكرة ألّف ما يزيد على الأربعين كتاباً وهو لم يتجاوز العشرين من عمره.
نشأ محمد تاج الدين في كنف والده ورعايته، ودخل المدارس الرسمية في دمشق، ثم طلب العلم على والده وتلاميذه مثل علم الحديث والتفسير والعلوم العربية وأصول الفقه والعلوم الدينية.
تميز تاج الدين بالذكاء والدهاء وحسن التودد إلى الناس، واستغل رغبة الحكام العثمانيين في إرضاء والده فانصرف إلى الاتصال بهم، فعين مدرساً للعلوم الدينية في المدرسة السلطانية بدمشق سنة 1912م، ثم كان من أعضاء مجلس إصلاح المدارس، ومن أعضاء المجلس العمومي لولاية سورية في عهد العثمانيين، كما تولى تحرير جريدة الشرق سنة 1916، والتي أمر بإنشائها جمال باشا قائد الجيش الرابع العثماني في الحرب العالمية الأولى.
بعد انتهاء الحكم العثماني على سوريا، انتخب تاج الدين عضواً في المؤتمر السوري، كما عينه الملك فيصل سنة 1920م مديراً عاماً للأمور العلمية في دائرة كانت مرجعاً أعلى لدوائر الأوقاف والفتوى والمحاكم الشرعية والخط الحجازي ـ وهذه الوظائف تشبه المشيخة الإسلامية في العهد العثماني ـ كما درّس في معهد الحقوق مادة أصول الفقه والأحوال الشخصية والفرائض والوصايا.
لماّ دخل الفرنسيون سوريا، خرج تاج الدين لوداع الملك فيصل، ثم لماّ دخل الجنرال غورو دمشق دُعي تاج الدين لاستقباله بصفته الرسمية، فامتنع وقال عبارته المشهورة: (من ودع فيصلاً لا يستقبل غورو)، فأُقصي من عمله، وبقي شهوراً عدة منزوياً، إلى أن تشكل وفد لمقابلة الجنرال غورو في أمور تتعلق بمصلحة البلاد، وكان من جملة حديثهم أن بينوا له مكانة الشيخ تاج الدين، وأن عزله عن منصبه لا يليق، فعين حينذاك عضواً في مجلس الشورى، ثم في محكمة التمييز، وبعد ذلك صار قاضياً شرعياً.
لم تستقر الأوضاع في سوريا منذ دخول الفرنسيين، فأرادت فرنسا اصطناع زعيم تسوس من خلاله المجتمع السوري. فرأت في الشيخ تاج الدين رجلاً مناسباً فعين رئيساً للجمهورية في 14 شباط 1928م.
تولىّ تاج الدين الحسني رئاسة الدولة السورية في الموعد المذكور، فبدأ بإصدار عفو عن السجناء السياسيين مستثنياً ما يزيد عن 70 شخصاً منهم الزعماء الوطنيون الدكتور عبد الرحمن الشهبندر وشكري القوتلي وعادل العظمة وسلطان الأطرش وشكيب أرسلان وفوزي القاوقجي وكان هؤلاء محكوماً عليهم بالنفي خارج البلاد مما جعل الشعب يزداد غضباً، ونعتوا العفو بـ( العفو الأعرج) إشارة إلى العرج المصاب به الرئيس تاج الدين، كما ألغى الأحكام العرفية التي ظلت قائمة خلال ثلاث سنوات، واستطاع نشر الهدوء في البلاد إلى جانب إنشائه المشاريع العمرانية الكثيرة مثل المرافق العامة ودور الدولة وآثار أخرى تشهد بسهره واهتمامه.
وبعد مدة من حكمه، أقنع تاج الدين الفرنسيين بضرورة انتخاب جمعية تأسيسية تضع دستوراً للبلاد، فعلى إثر ذلك جرت انتخابات الجمعية التأسيسية بحماس ونشاط، وظهرت قائمتان رئيسيتان: قائمة الوطنيين وقائمة المعتدلين الموالين للانتداب. وكان اسم الشيخ تاج الدين على رأس كل منهما، وظل يحافظ على دهائه وهدوئه ويبذل من الجهود ما يرضي الفرقاء، مما هيأ له الفوز في الانتخابات دون أي اعتراض.
عملت الجمعية التأسيسية لمصلحة البلاد ووضعت دستوراً وافقت عليه حكومة الانتداب، بعد إقناع مستمر من تاج الدين الحسني رئيس الدولة، ونشرته في 14أيار عام1930، لكن بعد إضافة مادة (116) عطل مضمونها جوهر الدستور، فقد ركزت على أمور كثيرة لا تصبح ناجزة إلا بعد (اتفاق بين الحكومتين الفرنسية والسورية)، مما جعل الأوضاع تزداد اضطراباً. فأصدرت حكومة الانتداب قراراً بإنهاء حكومة تاج الدين الحسني التي استمرت أربع سنوات رغم وصفها بالحكومة المؤقتة.
في سنة 1934 وعلى أثر المظاهرات والاضطرابات التي رفضت معاهدة السلم والصداقة بين فرنسا وسورية، دعي الشيخ تاج الدين إلى تشكيل حكومة جديدة، فازدادت المظاهرات الغاضبة التي عمت أرجاء سورية، ومضى تاج الدين في سياسته الأولى حتى عام 1936 حيث قدم استقالته بعد أن تأزم الوضع، وكثرت الاعتقالات، وسافر إلى أوروبا ينتقل بين عواصمها، وأنهى تطوافه بإقامته في باريس، وبقي فيها إلى قيام الحرب العالمية الثانية ثم رجع إلى دمشق.
عهد المندوب العام لفرنسا في الشرق في 12أيلول1941 إلى الشيخ تاج الدين الحسني بمهمة رئاسة الجمهورية السورية، وفي 27أيلول1941 تقدم المندوب العام إلى الحكومة السورية بتصريح خطي يتضمن إعلان استقلال سورية، وقعه تاج الدين الحسني. في هذه الأثناء عيّنت بريطانيا الجنرال ادوارد وزيراً مطلق الصلاحية لبريطانيا في سورية ولبنان.
اشتد الخلاف بين رئيس الجمهورية تاج الدين ورئيس وزرائه حسن الحكيم، فأصدر مرسوماً بحل الوزارة، وعهد بتأليفها إلى حسني البرازي، وسارت هذه الوزارة مدة ستة أشهر على تفاهم مع رئيس الجمهورية تاج الدين وسلطة الانتداب، إلى أن بدأ الخلاف حول العلاقة مع الانتداب، إذ كان البرازي يصرح بترجيح موالاة بريطانيا، بينما ثابر رئيس الجمهورية على حسن الصلات بفرنسا، ودام هذه الخلاف ثلاثة أشهر كان البرازي خلالها كثير الاتصال بالجنرال البريطاني ادوارد، وتمكن تاج الدين رئيس الجمهورية من إزاحة البرازي وكلف بتشكيل حكومة ثالثة في عهده، وبعد أيام قليلة توفي تاج الدين صريع مرض مفاجئ حار فيه الأطباء في 17ـ كانون ثاني سنة 1943، وأثارت الصحافة الشكوك من حوله إلى حد القول أنه مات مسموماً، خاصة وأن الشيخ تاج الدين كان بين مطرقتين: المطرقة الفرنسية لحمله على عقد معاهدة بين سورية وفرنسا، والمطرقة البريطانية التي كانت تعمل على تحقيق المزيد مما في نفس الشيخ من رفض وإصرار ضد المعاهدة.
لماّ سُئل الأستاذ فارس الخوري عن الشيخ تاج الدين الحسني وصحة ما كانت تقول عنه الكتلة الوطنية من أنه صنيعة الفرنسيين وممالئلاً لسياستهم الاستعمارية أجاب: (لم يكن تاج الدين كذلك، ولكنه كان وطنياً سورياً مخلصاً وعاملاً باراً في الحقل العام.. إلا أنه كان يختلف عنا معشر رجال الكتلة بالاجتهاد، فيقول ليس بالإمكان أبدع مما هو كائن، ولذا فإنه كان يتظاهر بالتفاني بصداقته للفرنسيين لجلب أكبر نفع لبلاده، ودرء ما يمكنه درؤه من الضرر، إضافة إلى أنه كان عمرانياً كبيراً خلّف آثاراً كثيرة في مختلف أنحاء الوطن السوري ناطقة بفضله) كما سُئل فارس الخوري عما إذا كان راضياً بدخول شقيقه فائز الخوري في الحكم كوزير للخارجية السورية في عهد الشيخ تاج الدين غير الدستوري عام (1941ـ1943) فأجاب: طبيعي أنني كنت راضياً وإلا لما كان دخل في الحكم.
محمد على بيك العابد [/align]
هو محمد علي بن أحمد عزت بن محيي الدين أبو الهول ابن عمر بن عبد القادر العابد، ولد في دمشق عام 1867.
نشأ محمد العابد في دمشق، وتعلم القراءة والكتابة في معاهدها الابتدائية ثم انتقل إلى ليكمل دراسته في بيروت، وبعد أن نال شهادتها انتقل إلى الأستانة لاحقاً بأسرته، فدخل مدرسة غلطة سراي، ثم أُرسل إلى باريس فدخل كلية الحقوق ونال شهادتها. عاد إلى الأستانة فعُين في قلم المستشار القضائي لوزارة الخارجية. ثم درس أصول الفقه الإسلامي بعدما درس الفقه الروماني والتشريع الأوروبي، وظل يتدرج في مناصب وزارة الخارجية بفضل نفوذ والده وقربه من السلطان حتى عُين سنة 1908 وزيراً مفوضاً للدولة العثمانية في واشنطن، فقصدها مع زوجته وأولاده.
لم تطل إقامة محمد علي العابد في واشنطن، بل اضطر أن يغادرها على أثر إعلان الدستور العثماني يوم 23 تموز عام 1908، وفرار والده من الأستانة بباخرة خاصة خوف فتك الشعب به، وشعر محمد علي وهو في واشنطن بما شعر به والده من الخوف من الأستانة فغادرها سراً، ومنها قصد كاليفورنيا وركب البحر متخفياً وانضم إلى والده وظلا يتنقلان مع أسرتيهما بين سويسرا وفرنسا وإنكلترا ومصر حتى وضعت الحرب العالمية أوزارها، فقدما مصر وفيها توفي والده.
انتقل محمد علي إلى دمشق في صيف 1920 بعدما تم للفرنسيين الاستيلاء عليها، ولما أنشأ الجنرال غورو الاتحاد السوري سنة 1922 عينه وزير مالية له، فظل في هذا المنصب نحو سنة ثم غادره لإلغائه.
أجاد العابد عدا لغته العربية اللغتين التركية والفرنسية إجادة تامة، وهو محيط بتاريخ الأدب الفرنسي وبالعلوم الاقتصادية فلا يكاد يفوته الإطلاع على شيء، يكتب في جميع هذه العلوم تقريباً. وكذلك فهو يفهم الإنجليزية والفارسية ويستطيع التفاهم بهما.
انتخب محمد علي العابد في 30 نيسان 1932 نائباً عن دمشق بصفته أحد مرشحي السلطة الفرنسية وفي يوم 11 حزيران من السنة نفسها انتخب رئيساً للجمهورية السورية وقد تميز عهده بخضوع الدولة للسلطات الفرنسية، حيث كانت الإرادة الشعبية والوطنية مغيبة.
ظل محمد علي العابد رئيساً للجمهورية السورية حتى عام 1936 حيث استقال ثم غادر البلاد إلى باريس، وتوفي في عام 1939 فنقل جثمانه إلى دمشق. وقد استمر في منصبه رئيساً للجمهورية أربع سنوات وست أشهر وعشرة أيام
هاشم بيك خالد الأتاسي [/align]
هو هاشم بن خالد بن محمد بن عبد الستار الأتاسي، ولد في حمص عام 1875 في بيئة دينية علمية، وتلقى علومه الابتدائية والثانوية فيها، ثم في المدرسة الملكية بالأستانة ونال إجازة في الإدارة، وتدرج في مناصب الإدارة في العهد العثماني ، إذ عُين مأموراً بمعية والي بيروت عام 1894، ثم قائم مقام عام 1897 ثم صار متصرفاً عام 1913، وعُين في حماه وعكا والأناضول، وكان ناجحاً فيها جميعاً بمقدرته ونزاهته وأخلاقه الرفيعة. ويذكر أنه كان منتسباً للجمعية العربية الفتاة لمناهضة أعمال التتريك للعرب.
في العهد الفيصلي اختير عضواً في المؤتمر السوري الأول عام 1919، ثم انتخب رئيساً له عام 1920. تولى رئاسة الوزراء مدة قصيرة أواخر أيام فيصل 30/5/1920 فكانت في أيامه معركة ميسلون حيث دخل الفرنسيون دمشق، فاستقال هاشم الأتاسي وعاد إلى حمص. وفي 25 أيار من العام نفسه اعتقله الفرنسيون لمدة أربعة أشهر في جزيرة أرواد ثم أطلقوا سراحه.
اختير هاشم الأتاسي رئيساً للكتلة الوطنية لدى تشكيلها عام 1927، وظل رئيساً لها حتى انشقاقها، والتي لعبت دوراً بارزاً في الحياة السياسية في ذلك الوقت. وفي نيسان 1928 انتخب نائباً عن حمص في الجمعية التأسيسية ثم رئيساً لها، وهي التي صاغت دستوراً عطل الانتداب الفرنسي أهم مواده بالمادة الملحقة (116) والتي أُضيفت إليه بحيث عطل مضمونها جوهر الدستور من حيث تركيزها على أمور كثيرة لا تصبح ناجزة إلا بعد اتفاق بين الحكومتين الفرنسية والسورية.
ترأس هاشم الأتاسي مؤتمراً وطنياً في 23/10/1927، أي أعقاب الثورة السورية مباشرة، واتخذ المؤتمر موقفاً شجاعاً كان استمراراً سياسياً للثورة السورية الكبرى، التي بدأت أحداثها تتراجع بعد التعب الشديد الذي أصاب الثوار وانقطاع المدد عنهم، والوساطات الفرنسية لوقف الثورة، والمفاوضة بين فرنسا والشعب السوري، وكان هذا المؤتمر قد أعلن في بيان شجاع استمرار المطالبة باستقلال سورية ووحدة أراضيها.
أُعيد انتخاب الأتاسي في مجلس النواب عام 1932 بالتزكية عن حمص، فقاد مجموعة النواب الوطنيين لإحباط التصديق على معاهدة رئيس الوزراء حقي العطم والمفوض الفرنسي (دو مارتيل) والتي وصفت بأنها: (معاهدة سلم وصداقة بين فرنسا وسوريا المستقلة ذات السيادة). وفي 22 كانون الثاني عام 1936 بدأ (دو مارتيل) مفاوضاته مع هاشم الأتاسي بصفته أبرز الزعماء الوطنيين وتقرر إرسال وفد منهم إلى باريس حيث يتفق مع وزارة الخارجية الفرنسية على دستور يضمن لسورية استقلالها ووحدتها بموجب معاهدة تعقد بين البلدين.
ذهب هاشم الأتاسي بصحبة عدد من الوطنيين في عام 1934 في مهمة وساطة بين السعودية واليمن اللتين كانت الحرب بدأت بينهما، وقد نجحت وساطتهم ووقفت الحرب.
ترأس هاشم الأتاسي الوفد السوري إلى المفاوضة في باريس عام 1936، وخرج بمعاهدة تضمنت تسع مواد تنص على مختلف أوجه التعاون بين دولتين حليفتين وعلى إسقاط المسؤوليات المترتبة على الحكومة الفرنسية، وانتقالها إلى الحكومة السورية فور وضع المعاهدة موضع التنفيذ... لكنها لم تأت على ذكر الانتداب ولا على موعد انتهائه وانسحاب الجيش الفرنسي من البلاد والاستقلال الناجز، وتضمنت المعاهدة أيضاً ثماني مواد تدور جميعها حول التعاون العسكري.
انتخب المجلس النيابي هاشم الأتاسي ـ رئيس الكتلة الوطنية ونائب حمص ـ رئيساً للجمهورية في كانون الأول عام 1936 وذلك بعد استقالت محمد علي العابد، وبقي في منصبه حتى استقالته في تموز عام 1939 عندما نقض الفرنسيون المعاهدة وأبطلوا النظام الجمهوري وتم سلخ لواء الاسكندرون وضمه إلى تركيا.
تولى هاشم الأتاسي حكومة انتقالية لإعادة الأوضاع الدستورية والاستقرار في البلاد بعد الانقلاب الثاني الذي قام به الزعيم سامي الحناوي في 14 آب 1949، إلى ما بعد انتخاب الجمعية التأسيسية. وبعد انتخاب الجمعية التأسيسية أعيد انتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية عام 1950.
إلا أنه استقال احتجاجا على تدخل أديب الشيشكلي في شؤون الدولة، وعارض حكمه ورعى مؤتمراً من الأحزاب في حمص لمناهضته ونشر بيان باسمه، وبعد الإطاحة بحكم الشيشكلي أُسندت رئاسة الجمهورية إلى هاشم الأتاسي لاستكمال مدته الدستورية فاستمر حتى انتهت مدة ولايته في أيلول/1955، فاعتكف في داره بحمص إلى أن توفي في 6/12/1960، ودفن في حمص.
عرف هاشم الأتاسي بنقاء السيرة والنزاهة والإخلاص، وكان دائماً في مقدمة الصف الوطني صلابة ومركزاً واحتراماً، ومقدرة على معالجة الأمور باستقامة. وإذا لم يرتح ضميره إلى موقف، غادر الحكم بشجاعة وبلا تردد.
ناصوحي سالم البخاري
كان حكم مؤقت عدة أشهر سنة 1939
بهاء الدين الخطيب
حكم من 1939 الى 1941
خالد العظم
تحدر خالد العظم من أسرة تعتبر من إحدى أكثر الأسر الدمشقية ثراء و نفوذا في سورية ، والده فوزي باشا العظم أرستقراطيا عثمانيا شغل مناصب وزارية في الإمبراطورية و كان أسلافه تقليديا حكاما لسورية في القرن التسع عشر. درس القانون في جامعة دمشق و تخرج منها عام 1923. في العام 25 أصبح عضوا في بلدية دمشق مع إدارة أملاك العائلة المختلفة و المتشرة في معظم أنحاء سورية .
في منتصف الثلاثينات تقرب من قادة الكتلة الوطنية ، الحركة الأساسية المناهضة للانتداب ليصبح شريكا لشكري القوتلي ، ممولا عدة مشاريع للكتلة و تقلد منصب مدير شركة الإسمنت الوطنية . في نيسان 1941 في محاولة لإيجاد توازن بين المطالب الوطنية و المصالح الفرنسية ، اختاره الفرنسيون رئيسا للوزارة ، مخولا بصلاحيات رئيس جمهورية ، احتفظ فيها لنفسه بوزارة الداخلية ، لاعتقاد الفرنسيين باعتداله الكافي لحماية المصالح الفرنسية و حيازته لمشروعية مقبولة من الوطنيين . وعلى الرغم من عدم سبطرة الكتلة على وزارته إلا أن السيد هاشم الأتاسي دعمها جيدا بتعيين السيد نسيب البكري نائب رئيس الكتلة فيها بوزارتين . لم تدم وزارته طويلا ليحل محله في نفس العام تاج الدين الحسني الموالي للفرنسيين حتى وفاته عام 1943 . فانتخب مكانه السيد القوتلي صديق العظم . انتخب العظم نائبا عن دمشق لثلاث دورات متوالية من 43 وحتى 51 ثم في دورتي (54-58) و (62-63 ) . في العام 1943 شغل منصب وزير المالية في وزارة الكتلة برئاسة السيد سعد الله الجابري ،ثم وزيرا للعدل و الاقتصاد عام 46 . لكنه اختلف مع القوتلي و اتهمه بالتفرد بالسلطة مما دفعه للاستقالة. ينتقل للمعارضة ويقودها ضد القوتلي، فاتهمته الصحافة بالطموح للسلطة و إن معارضته ترمي للوصول للرئاسة بدلا منه .
1947 تزداد العلاقة توترا بين الرجلين عندما سعى القوتلي لتعديل الدستور ساعيا لفترة رئاسية ثانية . فشكل العظم كتلة برلمانية مناهضة للتعديل . فأبعده القوتلي بتعينه سفيرا في فرنسا. قبل التعيين وأقام في فرنسا لمدة عام كلف خلالها بشراء الأسلحة للجيش السوري المشكل حديثا فسعى للشراء من الشركات المنتجة الخاصة الراغبة بالبيع لسورية .
ووصلت الشحنة الأولى منه عام 1948 ، وقد بقيت فرنسا موردا أول للسلاح لسوريا حتى قام العظم بإبرام صفقة أخرى مع الاتحاد السوفياتي عام 56 . أثناء غياب العظم في فرنسا أعيد انتخاب القوتلي لفترة رئاسية ثانية . في العام 48 كلف بتشكيل وزارة مستقلة حيث واجه السيد القوتلي أزمة وزارية حادة و كان بحاجة لشخصية مستقلة عن الأحزاب السياسية المختلفة . تجاوز العظم والقوتلي خلافاتهما وعاد الأخير للوزارة في محاولة لمعالجة المشاكل الاقتصادية التي واجهت سورية منذ الاستقلال ، فترأس الوزارة مع حقيبتي الدفاع و الخارجية و علق أهمية على فرنسا و أمريكا للحصول على قروض منهما للإقلاع بالاقتصاد السوري. ذهب لنيويورك عدة مرات في أيلول 48 لحضور اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة حول القضية الفلسطينية. في رئاسته للوزارة فترة الحرب اصطدم بالعسكريين الذين كانوا يقودون جبهة القتال ، و اتهم رئيس الأركان حسني الزعيم بضعف القيادة وأوصى بتنحيته من منصبه. لكن الأخير في 29 آذار قاد انقلابا عسكريا و اعتقل كلا من السيدين العظم والقوتلي وأودعهما سجن المزة العسكري سئ السمعة. أطيح به بانقلاب آخر في نفس العام و أعدم بعد أقل من خمسة أشهر من استيلائه عل السلطة. و أعيدت السلطة الدستورية المدنية لسوريا . فعاد السيد العظم للساحة السياسية عبر الانتخابات البرلمانية لعام 49 ليكلفه المجلس الدستوري بوضع دستور جديد لسوريا بالإضافة لوزارة المالية . في العام 1950 عينه هاشم الأتاسي رئيسا للوزارة مكلفا بالحد من نفوذ العسكر والإصلاح الاقتصادي. في هذه الفترة قام بإجراءاته الشهيرة بالقطيعة الاقتصادية مع لبنان و إغلاق الحدود حماية للصناعة السورية. بين عامي (50-51 ) شكل ثلاث وزارات اصطدم دائما بالقوات المسلحة ناهيك عن حزب الشعب المعارض الساعي لوحدة مع العراق الهاشمي والاشتراكيين بقيادة الحوراني . رفض العظم تعيين عسكري لوزارة الدفاع محتفظا بها لنفسه دائما فرد عليه الضباط بازدراء و رفض تنفيذ أوامره كما عارضه حزب الشعب لأرائه المعادية للهاشميين أما الاشتراكيين فاعتبروه رأسماليا متزمتا و أرستقراطيا ثريا يستعبد الطبقة العاملة في البلاد. ابتعد العظم عن الحياة العامة في السنوات (51-54) احتجاجا على الاجراءات البوليسية التي اتخذها حاكم سوريا العسكري الجديد الرئيس أديب الشيشكلي .
لكنه عاد إلى معتركها بزوال الحكم العسكري ، مرشحا للرئاسة في تنافس واضح مع القوتلي عام 55 . خسر العظم الانتخابات ليعود إلى الظل فترة قصيرة، ليعود في تشرين 56 وزيرا للدفاع في وزارة صبري العسلي لاعبا فيها دورا محوريا في توجهه لإقامة تحالف مع الاتحاد السوفياتي. زار موسكو عدة مرات وحصل على عدة قروض طويلة الأجل مع صفقات اقتصادية هامة . مما أغضب الصحافة الأميركية التي أسمته المليونير الأحمر كما استعمل هذا اللقب مرادافا لاسمه في الصحافة السورية في الخمسينات . ولكنه لم يهتم لهذا قائلا بأنه سيرسخ العلاقات مع أي بلد يرغب في تقديم المساعدة لبلده سوريا . من اللافت أن السيد العظم رغم تحالفه مع السوفييت بقي غير مؤيد لعبد الناصر القائد الاشتراكي في مصر الحليف الأساسي لهم في المنطقة ، وفي العام 1958 صوت ضد الوحدة الاندماجية بين مصر و سورية خلافا للأغلبية البرلمانية في حينها و خلافا لإرادة السيد القوتلي . عارض اشتراكية عبد الناصر منبها أن القائد المصري يدمر النظام الديمقراطي والاقتصاد الحر، داعيا السوريين للتفكير مرتين قبل استدعاء غريب ليحكمهم. خلال سنوات الوحدة (58-61 ) اعتكف في لبنان ولم يلعب أي دور في السياسة السورية. بسقوط الوحدة عام 61 عاد إلى سورية وحضر مؤتمر للأحزاب في دمشق واتهم نظام عبد الناصر بأنه لايختلف عن الانتداب الفرنسي وساعد في صياغة إعلان الانفصال الذي اتهم عبد النصر بإقامة نظام ديكتاتوري غاشم وتشويه فكرة القومية العربية وخنق الحياة السياسية والديمقراطية في البلاد. ترشح العظم مجددا لرئاسة الجمهورية عام 61 لكن العسكريين الذين كانوا حكام سورية الفعليين اعترضوا على ترشيحه مستذكرين موقفه المعادي لهم منذ العام 48 كما أن بعضهم ما زال على ولائه لعبد الناصر رافضين عداءه لزعيمهم . فسحب ترشيحه لصالح ناظم القدسي المعادي أيضا لناصر. فاز بالنيابة في برلمان 62. لكن عبد الكريم النحلاوي عاجل البرلمان بانقلاب عسكري اعتقل بموجبه السيدين القدسي والعظم متهما إياهما باضطهاد الجيش و إساءة استخدام منصبيهما. تبعه انقلاب عبد الكريم زهرالدين الذي أطلق المعتقلين و طرد النحلاوي من الجيش . في أيلول 62 كلفه القدسي بوزارته السادسة والأخيرة في محاولة أخيرة لضبط الوضع المعقد و المتوتر. في هذه الوزارة انصب همه على إنعاش الإقتصاد السوري و الصناعة المنهارة والتي آلت ملكيتها للدولة بتأميمها من قبل ناصر في محاولة لإعادة توزيع الثروة . فأصدر عدة قوانين لإنهاء الإجراءات الاشتراكية التي فرضت على سورية في الوحدة ، و اقترح إعادة جميع المصانع و المؤسسات الاقتصادية المصادرة إلى أصحابها ، كما اقترح التعويض عليهم عن الخسائر التي تكبدوها خلال فترة مصادرتها. خلال تلك الفترة أعلن بعض الصناعيين إفلاسهم مما أسعدهم هذا الاقتراح ، الذي لم يأخذ طريقه للتطبيق أبدا . بانقلاب آذار 1963 ووصول البعثيون للسلطة عادوا لنموذج الدولة الناصرية الاشتراكية وأصدروا أوامر باعتقال الرئيسين القدسي و العظم ، فهرب الأول لعمان بينما لجأ الثاني للسفارة التركية في دمشق وهرب لاحقا إلى لبنان مقيما في بيروت حتى وفاته 1965.
أسقطت في سورية حقوقه المدنية و صودرت أملاكه الشاسعة. خلال إقامته في بيروت كتب مذكراته في 3 أجزاء. أبرز ما فيها عداوته الشديدة للضباط الذين أطاحوا به في السنوات 49 – 58- 62 – 63 . نشرت زوجته مذكراته عام 1973 فأصبحت من أهم المراجع للتاريخ السوري ما قبل 1963 .
جميل الألوشي [/align]
حكم بصفة مؤقتة لمدة قصيرة سنة 1943
]شكري القوتلي[/align]
مولد القوتلي ونشأته
وُلد شكري محمود القوتلي في [ 21 من أكتوبر 1891م]، ونشأ في بيت عريق عرف بالصلاح والتقوى والاستقامة، وكانت أسرته قد نزحت – منذ نحو ستة قرون قبل ميلاده- من بغداد إلى دمشق، وحظيت بمكانة بارزة في المجتمع العربي، ونالت تقدير واحترام الملوك والحكام، ليس في سوريا فحسب، وإنما في الوطن العربي كله، حتى إن الخديوي إسماعيل حينما دعا حكام الدول والرؤساء والشخصيات الكبيرة لحضور الاحتفال بافتتاح قناة السويس -سنة [ 1869م]- كان محمد سعيد القوتلي -شقيق جد شكري القوتلي- في طليعة المدعوين من الشخصيات العربية البارزة.
ونشأ القوتلي -منذ صغره- محبًا للغة العربية، وبعد أن حصل على الشهادة الابتدائية التحق بثانوية عنبر في (دمشق)؛ حيث أتمَّ دراسته الثانوية فيها، ثم اشترك في مسابقة للكلية الشاهانية في إستانبول –وهي أرقي مدرسة للعلوم السياسية والإدارية في الدولة العثمانية - فكان ترتيبه الخامس بين (350 ) طالبًا من الناجحين، فالتحق بالكلية الشاهانية سنة [ 1908م].
من الجامعة إلى المشنقة
وفي أثناء فترة دراسته بالكلية كان النشاط العربي قد بدأ على نطاق واسع، وتأسس المنتدى الأدبي الذي ضم نخبة من الشباب العربي الوطني المتحمس، وكان منهم شكري القوتلي الذي استطاع هو وإخوانه أن يوطدوا أقدام المنتدى.
وبعد أن أتم دراسته بها عاد القوتلي إلى دمشق سنة [1913م]، كما اشترك أيضًا في جمعية "العربية الفتاة" التي انتشرت انتشارًا واسعًا، وكانت تعمل على نشر الفكرة العربية، وتدافع عن مصالح العرب وحقوقهم.
وقد أدى نشاط القوتلي وبعض زملائه من أعضاء الجمعية إلى القبض عليهم وإيداعهم في السجن، ولكنهم ما لبثوا أن أطلقوا سراحه بغية مراقبته حتى يصلوا إلى أماكن بقية رفاقه، وفطن القوتلي إلى ذلك، فأخذ الحذر، ولم يتصل بأحد منهم، وعندما يئسوا من نجاح خطتهم اعتقلوه ثانية، وأودعوه سجن "خالد الباشا" بدمشق، ومورس معه ومع زملائه أشد ألوان التعذيب والتنكيل، فكان بعضهم يذكر أسماء أعضاء الجماعة تحت وطأة التعذيب.
وخشي القوتلي أن يضطر إلى ذكر أسماء الأعضاء الذين يعلمهم جميعًا، ولم يجد أمامه إلا الانتحار، واستطاع الحصول على موسى فقطع به شريانه، إلا أن حارسه انتبه بعد أن رأى الدم يسيل بغزارة من شريانه المقطوع، وأسرع رفيقه في السجن الدكتور "أحمد قدري" فأنقذه من الموت في آخر لحظة، وتم نقله إلى المستشفى؛ حيث مكث به شهرًا للعلاج، ثم أعيد إلى السجن، وقُدِّم إلى المحاكمة أمام المجلس الحربي فحكم عليه بالإعدام.
من الثورة إلى المشنقة مرة أخرى
وعندما قام الملك حسين بالثورة العربية على الأتراك سنة ( 1916م) قام قادة الثورة باحتجاز عدد من الضباط والجنود الأتراك، وهددوا بإعدامهم إذا لم يطلق سراح العرب المعتقلين، وكان منهم القوتلي ورفاقه.
وأنشأ القوتلي حزب "الاستقلال"، فكان أول حزب في العهد الجديد حمل على عاتقه مسئولية توعية الشعب وتهيئته للنضال ضد المستعمر الفرنسي الذي احتل سوريا عام 1920م بعد خروج الأتراك منها، وحاول القوتلي ورفاقه منع الفرنسيين من دخول سوريا بعد أن وصلوا إلى مشارق مدينة ميسلون، ولكنهم لم يتمكنوا من صدهم، فقد كانت المعركة غير متكافئة بين الجانبين، ودخل الفرنسيون سوريا وسيطروا عليها.
ولم ييئس القوتلي فقد ظل في طليعة الأحرار الذين هبّوا يدافعون عن وطنهم، وهو ما أثار المستعمرين فاعتقوا عددًا من رفاقه، وحكموا عليه سنة [ 1920م] وصادروا أملاكه، فاضطر القوتلي ورفاقه إلى النزوح إلى مصر والأقطار العربية الأخرى وإلى عدد من دول أوروبا يستنفرونها ويستنصرون بها على المستعمر الفرنسي، وهو ما اضطر الفرنسيين إلى مصانعتهم وملاينتهم، فأصدروا عفوًا عن السجناء السياسيين، وأعلنوا استعداهم للتفاوض مع القوتلي ورفاقه.
الإعدام من جديد!
وعاد القوتلي وعدد من رفاقه المبعدين إلى سوريا سنة [ 1924م]، وحاول الفرنسيون إقناع الوطنين بالتفاوض معهم، ولكن القوتلي كان يعلن دائمًا أنه لا تفاوض قبل الجلاء.
وهبَّ الشعب السوري كله في ثورة عارمة ضد المستعمر الفرنسي، وكان القوتلي أحد قادتها ومؤججي جذوتها، لكن الفرنسيين واجهوا تلك الثورة بالبطش والعنف، واستقدموا جيشًا كبيرًا لإخمادها والقضاء على قادتها، حتى تمكّنوا من إخماد تلك الثورة، وحُكم على القوتلي بالإعدام مرة أخرى سنة [ 1925م]، فترك دمشق، وراح يتنقل بين القاهرة والقدس والرياض، يحرك المشاعر والنفوس ضد الفرنسيين، ويكشف جرائمهم ويندد بفظائعهم.
وشارك القوتلي في المؤتمر العربي القومي الذي عقده عدد من أحرار العرب في القدس سنة [ 1931م] ليقرروا الميثاق التاريخي الذي ينبغي للعرب السير عليه خلال المرحلة المقبلة.
وعندما شكّل "جميل مردم" أول وزارة في عهد الاستقلال جعل شكري القوتلي وزيرًا للمالية والدفاع، فاستطاع أن يحقق وفرًا كبيرًا في موازنة الدولة، كما أسس وزارة الدفاع، وهو ما أثار عليه حنق الفرنسيين من جديد.
القوتلي وحلم الوفاق العربي
وفي عام [ 1937م] ذهب القوتلي لأداء فريضة الحج، فعقد مع الملك "عبد العزيز بن سعود" اتفاقًا لتسيير خط السكك الحديدية من الحجاز إلى دمشق إلى المدينة.
وبدأ الفرنسيون يضيقون بسياسة القوتلي تجاه لمِّ الشمل العربي والتعاون بين الحكومات العربية، وميله العلني إلى الوحدة العربية.
وراح القوتلي ينادي بالاستقلال، بجلاء فرنسا عن سوريا، وسافر إلى أوروبا ليشرح قضية بلاده ويستجلب لها المؤيدين، حتى أصبح محطَّ إعجاب الجماهير وثقتهم، وصار الإجماع على زعامته منقطع النظير، فكلمة واحدة منه تثير ثائرة الناس، وكلمة تهدئهم، وهو ما جعل الفرنسيين يخشون الإقدام على أي إجراء تعسفي ضده، فعمدوا إلى اللين والمناورة، وشعر القوتلي بذلك فأغلق باب التفاوض معهم.
ولجأ الفرنسيون إلى تعيين حكومة جديدة، واختير "خالد العظم" رئيسًا لها، وأدرك القوتلي أن وراء ذلك خطة مدبرة لإسكات الشعب حتى تنتهي الحرب العالمية الثانية، فتفرض سياستها، ووجودها بالحديد والنار.
وسافر القوتلي إلى كل من السعودية "والعراق" يستحث حكومتهما للاحتجاج على سياسة فرنسا ضد السوريين ومساعدة سوريا لنيل حريتها واستقلالها، وسعى في الوقت نفسه للوساطة بين الدولتين لإنهاء الخلافات الحدودية بينهما، حتى تمكن ـ بعد جهد متواصل ـ من إحلال الوئام والوفاق بينهما.
القوتلي رئيسا لسوريا
وفي [ 17 من أغسطس 1943م] انتخب شكري القوتلي رئيسًا للجمهورية بالإجماع، وانتقلت سوريا إلى مرحلة جديدة نحو الحرية والاستقلال.
وتوالت الاعترافات الدولية باستقلال سوريا من جميع دول العالم عدا فرنسا التي لم تعترف إلا بعد مُضي أكثر من ثلاث سنوات.
واجتمع الرئيس القوتلي بالمستر تشرشل -وزير خارجية بريطانيا- في [ فبراير 1945م]، ودار البحث طويلاً حول ضرورة التفاهم مع فرنسا، لكن القوتلي أبى أن يعترف لفرنسا بأي حق في سوريا، وأعلن عن استعداده لقيادة الثورة بنفسه إذا رفضت فرنسا الانسحاب من سوريا.
وعندما عقد مؤتمر الأقطاب ـ الذي حضره روزفلت وستالين وتشرشل ـ لإقرار ميثاق الأمم المتحدة في [ من فبراير 1945م] لدعوة الدول للانضمام إلى هيئة الأمم، وجّهت الولايات المتحدة الدعوة إلى الدول لحضور الاجتماع، وأغفلت سوريا ولبنان بإيعاز من فرنسا، ولكن القوتلي بذل جهودًا كبيرة مع ممثلي الدول العربية والأجنبية، حتى تم توجيه الدعوة إلى سوريا ولبنان لحضور المؤتمر، وانضما رسميا إلى عضوية هيئة الأمم المتحدة، وتمَّ الاعتراف بهما دوليًا.
في سبيل الوحدة العربية
كذلك كان للقوتلي دور بارز في تأسيس جامعة الدول العربية منذ أن بدأت المشاورات الخاصة لتكوين الجامعة في الإسكندرية في [ من أكتوبر 1943م] وحتى عقد ميثاقها في [ 7 من أكتوبر 1944م] ثم موافقة الدول العربية عليه في 7 أكتوبر 1944م
وكان موقف القوتلي دائمًا مستمدًا من إيمانه العميق بضرورة الوحدة العربية، وهو ما عبّر عنه بقوله: إن البلاد السورية تأبى أن يرتفع في سمائها لواء يعلو على لوائها إلا لواء واحد، وهو لواء الوحدة العربية.
وأكد أيضًا رئيس الوفد السوري "سعد الله الجابري" حينما أعلن أن سوريا مستعدة للتخلي عن كيانها واستقلالها في سبيل الوحدة العربية.
وكان القوتلي يستنفر الهمم لنصرة فلسطين وذلك عندما بدأت المؤامرات الأمريكية البريطانية لإقامة إسرائيل، وتحقيق حلم الصهيونية العالمية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
القوتلي أسطورة البطولة والوفاء
سعى القوتلي لتحقيق استقلال سوريا وجلاء الفرنسيين عنها، لكن فرنسا كانت حريصة على بقاء جيوشها في سوريا وجعلها مستعمرة لفرنسا، وأقدمت فرنسا على تصعيد خطير وعدوان سافر، فأنزلت جيوشها استعدادًا لمواجهة شاملة مع الشعب السوري، وشنت حربًا وحشية مدمرة راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال والشيوخ والنساء، واستخدمت فيها كل أساليب الوحشية، ولكن الشعب السوري الأعزل استبسل في المقاومة، واستهان بالمخاطر والموت في سبيل عقيدته وحريته.
وبالرغم من مرض القوتلي فإنه لم يعبأ بمرضه، وانطلق يُلهب حماس شعبه، ويحثه على الصمود والمقاومة ضد الاستعمار، وهو على فراش المرض، حتى استطاع الشعب السوري أن يجبر الفرنسيين على الفرار بعد أن ألحق بهم هزيمة منكرة وفوجئت بريطانيا بما حدث، وهالها أن ينتصر الشعب السوري على حليفتها، فزحف الجيش البريطاني بمصفحاته الضخمة على سوريا، وأصبحت سوريا تحارب بمفردها أعتى قوتين استعماريتين.
واتجهت سوريا إلى مجلس الأمن تطالب بانسحاب الجيوش البريطانية والفرنسية عن أراضيها، ولم تتوان في طلبها ذلك حتى تم جلاء الجيوش الأجنبية عن سوريا في [ 17 من إبريل 1946م]، وصار هذا اليوم –يوم الجلاء- عيدًا قوميًا لسوريا وزعيمها.
إلى الرئاسة من جديد
واتجه القوتلي إلى الإصلاح الداخلي في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعمرانية.
وفي [ 29 من مارس 1949م] فوجئ السوريون بأنباء الانقلاب الذي قام به رئيس الأركان "حسني الزعيم"، واُعتقل على إثره القوتلي ووزراؤه في السجن "المنزه"، وانهالت برقيات الاحتجاج على اعتقال القوتلي من كل مكان، ولكن القوتلي قرر أن يستقيل، فأُطلق سراحه بعد شهر من سجنه، وفُرضت عليه إقامة جبرية في بيته، حتى سافر إلى مصر.
وارتفعت الأصوات في "سوريا" تطالب بعودة القوتلي وذهب إليه وفد كبير ضم عددًا من الشخصيات السياسية في سوريا يرجونه العودة إلى وطنه.
وعاد القوتلي إلى سوريا، وطلب منه أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، لكنه اعتذر للشعب، وقال: إنه لا يرغب في الرئاسة، ولكن النواب تمسكوا بترشيحه، وتم اقتراع سري على منصب رئيس الجمهورية في مجلس النواب فاز فيه القوتلي بنحو ثلثي الأصوات.
وعاد القوتلي ليتسلم صلاحيات رئيس الجمهورية مرة أخرى في [ سبتمبر 1955م]، وكان حلم الوحدة العربية لا يزال يداعب خياله ويراود عقله، حتى تحقق ذلك أخيرًا حينما أُعلن عن قيام الوحدة بين (مصر وسوريا) ومولد "الجمهورية العربية المتحدة" وتنازل القوتلي للرئيس جمال عبد الناصر عن الرئاسة، واستقبلت جماهير الشعبين في مصر وسوريا نبأ الوحدة بالفرحة الغامرة والترحاب الشديد، ولكن هذه الوحدة لم تستمر كثيرًا فقد انفصلت الدولتان في [ سبتمبر 1961م].
وكان لفشل التجربة الوحدة أسوأ الأثر في حياة القوتلي فقد بدأت صحته تعتل، وأصيب بالقرحة، واستقر في بيروت حيث كان يعالج بها، فعاش فيها حتى تُوفي عام [ 1967م] ودُفن في دمشق تلك المدينة التي أحبها وعاش يناضل من أجلها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:48 pm


حسني الزعيم
هو حسني ابن الشيخ رضا بن محمد بن يوسف الزعيم. ولد في حلب عام 1897، كان والده مفتياً في الجيش العثماني، وكان فاضلاً من رجال العلم، استشهد في هجوم على قناة السويس في الحرب العالمية الأولى سنة 1915. أما والدته فكردية، وله شقيقان: الأول الشيخ صلاح الزعيم والثاني بشير الزعيم.
درس حسني الزعيم في المدرسة الحربية بالأستانة، وقبل أن يتم دراسته جُعل من ضباط الجيش العثماني، اعتقله البريطانيون في الحرب العالمية الأولى. ثم تطوع في الجيش الفيصلي الذي دخل دمشق وحارب العثمانيين، وفي عهد الانتداب الفرنسي تطوع في الجيش الفرنسي، وتابع علومه العسكرية في باريس. بعد وصول قوات فيشي إلى سورية انقلب على الديغوليين، وحارب ضدهم، وفي عام 1941 اعتقله الديغوليون، وأُرسل إلى سجن الرمل في بيروت حتى 17 آب 1943، حيث أُفرج عنه، وسُرح من الجيش وهو برتبة كولونيل (عقيد).
منذ عام 1945 ظل يتردد على السياسيين وأعضاء مجلس النواب لإعادته إلى الجيش، فتعرف على رئيس تحرير صحيفة (ألف باء) نذير فنصة، الذي توسط له وأعاده إلى الجيش، فعين رئيساً للمحكمة العسكرية في دير الزور، ثم انتقل إلى دمشق مديراً لقوى الأمن. وفي أيلول 1948 أصدر رئيس الجمهورية مرسوماً بتعيين الزعيم قائداً للجيش بعد ترفيعه إلى رتبة زعيم.
تطورت العلاقة بين الزعيم ونذير فنصة، بعد زواج الزعيم من شقيقة زوجته. عرف عنه إدمانه على شرب الخمر، ولعب القمار، وحب الظهور والمغامرة بصورة مسرحية ملفتة للانتباه، أصيب بمرض السكري الذي جعله عصبي المزاج متهوراً.
كان الزعيم منذ صغره تواقاً للسلطة. له كلمة مأثورة: (ليتني أحكم سورية يوماً واحداً ثم أُقتل بعده).
يعتبر حسني الزعيم، صاحب أول انقلاب عسكري في تاريخ سورية المعاصر، ففي ليلة 30 آذار 1949 قام بانقلابه متفقاً مع بعض الضباط، فاعتقل رئيس الجمهورية شكري القوتلي، ورئيس وزرائه وبعض رجاله، وحل البرلمان، وقبض على زمام الدولة وتلقب بالمشير. وألّف وزارة، ودعا إلى انتخابه رئيساً للجمهورية، فانتخبه الناس خوفاً في 26 حزيران 1949، وكان يحكم وقد وضع له غروره نصب عينيه صور نابليون وأتاتورك وهتلر.
يقول أوين في كتابه (أكرم الحوراني): (لقد تأكد حديثاً بعد السماح بنشر بعض الوثائق السرية، وبعد ما يقرب من أربعين عاماً من انقلاب حسني الزعيم تورط الولايات المتحدة بأول انقلاب عسكري في العالم العربي، وكان قد أُشيع لسنوات بأنها ساندت انقلاب حسني الزعيم، كما كان مايلز كوبلند عضو المخابرات المركزية السابق قد ذكر في كتابه لعبة الأمم عن المساعدات الأمريكية لحسني الزعيم. ولكن روايته لم تؤخذ آنذاك على محمل الجد، واستناداً لما كتبه فإن سورية كانت على حافة اضطراب سياسي عنيف، بينما كانت حكومة الكتلة الوطنية عمياء عنه. ورأى السفير الأمريكي في سورية أن الأوضاع ستأخذ أحد مجرين: إما احتمال قيام الانتهازيين قريباً مع مساعدة السوفييت بانتفاضة دموية، أو أن يسيطر الجيش على السلطة بمساعدة الأمريكيين السرية للمحافظة على النظام، إلى حين إحداث ثورة سلمية. ويقول المؤلف أيضاً: وهكذا شرعت المفوضية الأمريكية بالقيام بعملية هدفها تشجيع الجيش السوري على القيام بانقلاب، من أجل الحفاظ على سورية من الاختراق السوفييتي، وجلبها إلى طاولة السلام مع إسرائيل، ولم يكن حسني الزعيم الخيار الأول لفريق العمل السياسي الأمريكي المشرف على العملية، ولكنه أصبح هدفها لأنه لم يكن هناك الكثير مما يمكن عمله، لقد رأى فيه الأمريكيون نواحي إيجابية عديدة، فقد كانت له مواقف شديدة العداء للاتحاد السوفييتي، وكان يرغب في الحصول على مساعدات عسكرية أمريكية، بالإضافة لكونه مستعداً لعمل بناّء بخصوص (القضية الفلسطينية)، واستناداً للوثائق السرية التي سمح بنشرها التقى الزعيم حسني الزعيم مرات مع مسؤول من السفارة الأمريكية، للنقاش حول الانقلاب، وقد بدأت هذه اللقاءات في أواخر 1948، وانتهى الإعداد للانقلاب أوائل 1948، وفي شهر آذار من العام نفسه تقدم حسني الزعيم بطلب المساعدة من الأمريكيين للقيام بانقلابه).
دفع حسني الزعيم ثمناً للدول الكبرى لاعترافها به، اتفاقياتٍ تخولها إقامة نفوذ ومصالح لها في سورية، ففي 30 حزيران سُمح لشركة التابلاين الأمريكية أن تمارس عملها، وأن تنشئ المطارات وسكك الحديد وأن تشتري البضائع وتقيم المنشآت المعفاة من الرسوم والضرائب مقابل حصول سوريا على مبلغ 20ألف إسترليني سنوياً.
كما صادق على الاتفاق الموقع بين سوريا وشركة المصافي المحدودة البريطانية، بشأن المصب في بانياس لتصدير البترول العراقي، ونصت الاتفاقية حصول الشركة على امتياز لمدة سبعين عاما لإنشاء وصيانة مصفاة أو مصافي في الأراضي السورية، على أن تؤول ممتلكات الشركة في سورية إلى الحكومة السورية بعد أن تنتهي مدة الامتياز، وتتعهد الحكومة السورية لقاء العائدات بإعفاء الشركة من الضرائب والرسوم وعدم انتزاع الأراضي التي تمتلكها طول مدة الامتياز. وتتعهد الحكومة بإعطاء الشركة أفضلية في الموانئ السورية كما لها الحق في إنشاء وصيانة ميناء أو موانئ في سورية لأغراض المشروع، وأن تضع عوامات لربط السفن وتنشئ إشارات وأضواء على الشاطئ وحواجز لصد الأمواج. ولها حق إنشاء السكك الحديدية، والطرق البرية وإنشاء وصيانة شبكات هاتفية وبرقية ولاسلكية، وتتعهد الحكومة بمنح موظفي الشركات الأجانب تسهيلات خاصة لتنقلاتهم عبر مراكز الحدود. وتحصل الحكومة على عائدات نسبية (6 مليون جنيه عن 2 مليون طن نفط الأولى، و10 مليون عن 4 مليون الأولى و13 مليون جنيه عن 6 ملايين طن فما فوق).
كما صادق حسني الزعيم على الاتفاقية بين الحكومة السورية وشركة خطوط أنابيب الشرق الأوسط المحدودة البريطانية، لنقل النفط العراقي عبر أنابيب مارة في سورية إلى البحر الأبيض المتوسط. وقد حصلت هذه الشركة على امتياز لمدة سبعين سنة أيضاً لمد وصيانة خط أو خطوط الأنابيب من الحدود السورية ـ العراقية شرقاً وحتى البحر الأبيض غرباً. وتضمنت الاتفاقية بنوداً مشابهة لبنود الاتفاقية الموقعة مع شركة المصافي المحدودة.
وفي 7 تموز 1949 سلم الزعيم الحكومة اللبنانية (أنطون سعادة) زعيم الحزب القومي السوري الاجتماعي، الذي التجأ إليه وكان محكوماً عليه بالإعدام، ليتم إعدامه في 8 تموز، مما أثار سخط السياسيين وعامة المواطنين عليه.
فقد الزعيم في غضون ثلاثة أشهر معظم شعبيته، وأثار عداء مختلف فئات المواطنين. فسياسته الموالية للغرب أثارت عليه الفئة المحايدة، وتصرفاته الرعناء جلبت عليه سخط الزعماء الدينيين وأتباعهم من المدنيين، وأساليبه الأوتوقراطية قوضت آماال الليبراليين. والأهم من ذلك كله أنه خلق سخطاً بين الضباط بتعيينه اللواء عبد الله عطفة الذي أخفق كقائد للجيش السوري في الحرب الفلسطينية وزيراً للدفاع، وكذلك بترفيعه لكثير من أصدقائه ومؤيديه في الجيش.
وضع حد لحكم الزعيم حين أطاح به خصومه العسكريون ليلة 13 آب 1949. وضُم إليه رئيس وزرائه محسن البرازي ونذير فنصة مستشاره الخاص، واجتمع المجلس الحربي الأعلى برئاسة الزعيم سامي الحناوي، وأجرى محاكمة سريعة لرؤوس العهد، وأصدر حكمه: بإعدام (حسني الزعيم ومحسن البرازي) وبعد لحظات من صدور الحكم نُفذ بهما حكم الإعدام رمياً بالرصاص، وذلك في 14 آب 1949.
سامي الحناوي
هو محمد سامي حلمي الحناوي، ولد في مدينة إدلب سنة 1898، وتخرج من مدرسة دار المعلمين بدمشق سنة 1916، ودخل المدرسة العسكرية في استانبول فأقام سنة. خاض معارك قفقاسيا وفلسطين في الحرب العالمية الأولى، ثم دخل المدرسة الحربية بدمشق سنة 1918 وتخرج بعد عام برتبة ملازم ثان، وأُلحق بالدرك الثابت في سنجق الاسكندرونة، وكان من قواد الجيش السوري في معركة فلسطين سنة 1948 حيث رقي إلى رتبة عقيد.
عندما ثار حسني الزعيم على شكري القوتلي وأبعده عن الحكم، أبرق الحناوي يؤيد الانقلاب ويعلن ولاءه لحسني الزعيم، فجعله هذا زعيماً (كولونيل) وقائداً للواء الأول، ولما ضج الناس من سيرة حسني الزعيم، اتفق الحناوي مع جماعة كان بينهم ثلاثة من حزب أنطون سعادة فاعتقلوا الزعيم ورئيس وزرائه محسن البرازي، وأعدموهما بعد محاكمة عسكرية سريعة يوم 14 آب/1949، وأقاموا حكومة مدنية يشرف على سياستها العسكريون وفي مقدمتهم سامي الحناوي، وقد لعب فيها عديله الدكتور أسعد طلس (من حلب ومن كبار موظفي وزارة الخارجية حينئذ دوراً مهماً للاتجاه نحو الوحدة مع العراق).
وبعد يومين على الانقلاب سلم الحناوي السلطة رسمياً إلى هاشم الأتاسي الرئيس الأسبق الذي أذاع فوراً تشكيل الوزارة، ثم أعلن الحناوي أن مهمته الوطنية المقدسة قد انتهت، وأنه سيعود إلى الجيش، وكانت تشكلت لجنة بعد ساعات من وقوع الانقلاب ضمت هاشم الأتاسي وفارس الخوري، ورشدي الكيخيا، وناظم القدسي وأكرم الحوراني، أوصت بتشكيل حكومة مؤقتة يرأسها هاشم الأتاسي تعيد للبلاد الحياة الدستورية، وقد سيطر حزب الشعب على شؤون الحكومة الجديدة، واحتل أعضاؤه الوزارات التي اشترط الحزب احتلالها باستمراره (الخارجية والداخلية) بناء على توصيات صاحب الانقلاب سامي الحناوي.
استمرت الوزارة برئاسة هاشم الأتاسي من 14 آب/1949 حتى 10 كانون أول/1949 دون أن يحصل تبديل بين أعضائها، وكان من بين الموضوعات التي عالجتها:-
1ـ استمرار العمل بالأحكام الصادرة في عهد حسني الزعيم: فقد أعلنت الحكومة احترامها للاتفاقيات المعقودة في عهد الزعيم وأبرزها اتفاق شركة التابلاين لإمرار النفط السعودي عبر سورية، واتفاق شركة أنابيب العراق لإمرار الزيت العراقي عبر سورية، واتفاقيات التصفية للمسائل المعلقة بين سورية وفرنسا، ويأتي في مقدمتها الاتفاق النقدي. اضطرت الحكومة لاتخاذ هذا الموقف بعد اتصالات مع الوزراء المفوضين لكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا الذين أكدوا موقف حكوماتهم بعدم الاعتراف بالانقلاب الجديد ما لم يعتبر تلك الاتفاقيات نافذة.
2ـ تطهير الجهاز الحكومي: فبعد أسبوع من تولي حكومة الأتاسي مهامها تلقت مجموعة من المراسيم بعزل بعض الموظفين وإحالة البعض الآخر على التقاعد موقعة من الزعيم سامي الحناوي ومؤرخة بتاريخ 13 آب/1949. وجرت مداولات بين الحكومة وصاحب الانقلاب الحناوي، لكنه أصر على عزلهم لأن وزراء حزب الشعب لا يميلون إليهم.
3ـ انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، وهدف حزب الشعب من ذلك هو استبعاد عودة السيد شكري القوتلي لاستلام منصب رئيس الجمهورية، لهذا أقرت الوزارة المراسيم التي أصدرها حسني الزعيم ومن ضمنها مرسوم قبول استقالة القوتلي وحل مجلس النواب. وكانت النتيجة انتخاب هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية، وأهم المواضيع التي ركز عليها في اجتماعات الجمعية التأسيسية: الوحدة السورية العراقية والتي عكسها نص قسم رئيس الجمهورية الذي جرت الموافقة عليه (أقسم بالله العظيم أن أحترم قوانين الدولة وأحافظ على استقلال الوطن وسيادته وسلامة أراضيه، وأصون أموال الدولة، وأعمل لتحقيق وحدة الأقطار العربية) وكان الحناوي أقرب إلى الجهات التي حبذت هذا الاتجاه.
نجحت حكومة حزب الشعب في الحقلين المالي والاقتصادي عندما أقر مجلس الوزراء السماح بتصدير القطن فارتفعت أسعاره، وكذلك سمح بتصدير كمية من الحنطة إلى الخارج فحققت أرباحاً تحولت نحو شراء كمية من الذهب فازدادت نسبة التغطية الذهبية للعملة السورية.
وبعد النكسات التي أصابت جهود زعامة حزب الشعب لإقرار الصيغ الدستورية الكفيلة بإعلان الاتحاد مع العراق، اتفق أقطاب الحزب مع اللواء (سامي الحناوي) على قيام الجيش باعتباره الورقة الأخيرة المتاحة في أيديهم، بالتحرك لتحقيق هذا الهدف، وبتاريخ 16 كانون الأول/ 1949 وجه اللواء سامي الحناوي دعوة إلى خمسة من كبار الضباط للاجتماع به لمناقشة موضوع الاتحاد السوري ـ العراقي، فشعر هؤلاء بأن حضورهم يعني وضعهم تحت سلطة قائد الجيش فيفرض عليهم ما يريد، فاتخذوا التدابير اللازمة لاعتقاله، وبالفعل اعتقل الحناوي وأسعد طلس وآخرين من أنصارهما، وكان هذا الانقلاب الثالث بقيادة أديب الشيشكلي.
سُجن الحناوي مدة ثم أُطلق سراحه، فغادر دمشق إلى بيروت، وهناك ترصده محمد أحمد البرازي فاغتاله بالرصاص في 30 تشرين أول/1950 انتقاماً لمحسن البرازي ونقل جثمانه من بيروت إلى دمشق فدفن فيها.
اشتهر سامي الحناوي بالخلق الكريم والإخلاص في عمله وبأنه كان طيب القلب.
أديب الشيشكلي
هو أديب بن حسن الشيشكلي، ولد عام1909 في مدينة حماه في سورية، من عائلة كبيرة ومعروفة، نشأ فيها وتخرج بالمدرسة الزراعية في سلمية، ثم بالمدرسة الحربية في دمشق، تطوع في جيش الشرق الفرنسي، ثم انتقل مع غيره من الضباط إلى الجيش السوري، شارك في معركة تحرير سورية من الفرنسيين سنة 1945، ثم كان على رأس لواء اليرموك الثاني بجيش الإنقاذ في فلسطين سنة 1948، اشترك مع حسني الزعيم في الانقلاب الأول في (30 آذار/1949)، لكنهما اختلفا فصرفه الزعيم من الخدمة، كما اشترك مع الحناوي في الانقلاب الثاني في (14 آب/1949) والذي عينه قائداً للواء الأول برتبة عقيد، لكن الشيشكلي لم يحقق في الانقلابين طموحه الشخصي، فهو مغامر يتطلع إلى السلطة ويبحث عن سلم يوصله إلى قمتها بأسلوب بارع ومقبول من الجماهير. له شقيق هو النقيب صلاح الشيشكلي عضو في الحزب القومي السوري الاجتماعي، وبحكم هذا الواقع ارتبط الشيشكلي بصلات قريبة مع العقيد أمين أبو عساف والنقيب فضل الله أبو منصور اللذين ساهما في اعتقال سامي الحناوي، ومهدا الطريق لأديب الشيشكلي المسيطر على مجلس العقداء، لمنازعة رئيس الدولة هاشم الأتاسي على السلطة، حيث أصدر الشيشكلي في صباح (19 كانون الأول/1949) بلاغاً بتوقيعه، أكد فيه إقصاء سامي الحناوي وأسعد طلس عن القيادة، لتآمرهم على سلامة الجيش وكيان البلاد ونظامها الجمهوري.
عُرف عهد الانقلاب الثالث بعهد الحكم المزدوج (أديب الشيشكلي وهاشم الأتاسي)، ولما كان الشيشكلي عضواً في مجلس العقداء ومسيطراً عليه فقد حل هذا المجلس وألّف بديلاً عنه مجلساً أسماه المجلس العسكري الأعلى.
وهكذا دخلت البلاد في عهد الانقلاب الرابع. ففي ليل 31 تشرين الثاني/1951 تمت خطوة الشيشكلي الحاسمة في الطريق إلى الحكم إذ اعتقل رئيس الوزراء معروف الدواليبي وزج به وبمعظم أعضاء وزارته في السجن، واعتقل رئيس مجلس النواب وبعض النواب، فما كان من رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي إلا أن قدم استقالته. بعد ذلك أذيع البلاغ العسكرية رقم (1) بتاريخ (2 كانون الأول/1951) جاء فيه (إن المجلس الأعلى بناء على استقالة رئيس الجمهورية وعدم وجود حكومة في البلاد يأمر بما يلي:-
يتولى رئيس الأركان العامة ورئيس المجلس العسكري الأعلى مهام رئاسة الدولة، ويتولى كافة الصلاحيات الممنوحة للسلطات التنفيذية.
تصدر المراسيم اعتباراً من (2 كانون الأول/1951) من رئيس الأركان رئيس المجلس العسكري الأعلى.
كتب مراسل مجلة (آخر ساعة) المصرية محمد البيلي بتاريخ 10/2/1951مقالاً جاء فيه: (... شيء واحد يجب أن لا يغيب عن البال: أن العقيد أديب الشيشكلي هو الرجل الحديدي في سورية، لقد استطاع أثناء هيمنته على المدنيين أن يتخلص من مناوئيه، فدبر اغتيال العقيد محمد ناصر قائد سلاح الطيران على يد العقيد إبراهيم الحسيني، ثم اغتيل سامي الحناوي في لبنان وأخيراً نفي العقيد إبراهيم الحسيني رئيس المكتب الثاني إلى باريس.. و..و.. وهكذا فرط الزعيم عقَد مجلس العقداء، وبات يحكم البلاد عبر حفنة من الملازمين الأوائل، بينما فُرضت الرقابة العسكرية على جميع الضباط المناهضين للشيشكلي).
انصب اهتمام الشيشكلي نحو ترسيخ جذور الانقلاب الرابع في البلاد عبر حكم عسكري مباشر واجهته الزعيم (فوزي سلو) بعد تعيينه رئيساً للدولة وحقيقته العقيد أديب الشيشكلي رئيس الأركان، وأصدر مرسوماً بحل البرلمان، وآخر بتولي الأمناء العامين في الوزارات صلاحية الوزراء، ريثما يتم تشكيل حكومة جديدة. كما أصدر مرسوماً آخر بإلغاء جميع الأحزاب السياسية، وآخر بتوحيد الصحف وجعلها أربعة صحف تصدر في دمشق وحمص وحلب والجزيرة.
استمر الحكم العسكري المباشر بقيادة العقيد أديب الشيشكلي مدة ستة اشهر، وخلال هذه المدة أراد الشيشكلي الرد على الحملات العربية، ومعارضة الأحزاب والسياسيين لانقلابه بتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية في البلاد، للبرهان على أن ما حققه العسكريون خلال ستة أشهر لم يحققه السياسيون خلال ست سنوات منذ الجلاء. فقد صدر عن رئيس الدولة (257) مرسوماً، تناولت تنظيم الحياة الداخلية في البلاد، فبدأت هذه المراسيم بقانون إلغاء الأحزاب وقانون جمع الصحف، وقانون منع انتماء الطلاب والمعلمين والموظفين والعمال إلى الأحزاب السياسية أو الاشتغال بالسياسة، وصدر قانون لتنظيم الشؤون المالية اعتمد على مبدأ فرض الضرائب التصاعدية والتخفيف قدر الإمكان من الضرائب غير المباشرة التي تقع على كاهل ذوي الدخل المحدود، وأُلغيت الرقابة على النقد الأجنبي فسمح باستيراده بينما منع خروج النقد المحلي، وصدر قانون الإصلاح العقاري لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، وآخر للإصلاح الزراعي يقضي بتوزيع أملاك الدولة على الفلاحين ممن لا أرض لهم، وباشرت الدولة بتوزيع 5 ملايين هكتار على 50 ألف أسرة فلاحية بهدف توطين ربع مليون نسمة.
وبدأت الدولة خططاً لتنفيذ مشاريع الري الكبيرة في البلاد، وأبرزها مشروع تجفيف الغاب، ومشروع اليرموك، وبدأت مفاوضات مع مصرف الإنشاء والتعمير الدولي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة لتمويل خطة الدولة لري 120 ألف دونم، وتوطين 25 ألف أسرة، وقطعت الدولة شوطاً في تنفيذ مشروع مرفأ اللاذقية لتفريغ 800 ألف طن من البضائع سنوياً، ووضعت خطة خمسية لإنجازه، بالإضافة إلى مشاريع الكهرباء وإنارة الريف.
كما أولت الدولة اهتماماً خاصاً بالجيش لزيادة قدراته وتزويده بالأسلحة الحديثة. فاشترت ثلاث سفن حربية فرنسية، وعقدت صفقة لشراء طائرات نفاثة مقاتلة بريطانية ، وأجرت اتصالات مع الولايات المتحدة للحصول على الدبابات والمدفعية، وشجعت أجهزة الإعلام التي تنادي بتجنيد النساء في صفوف القوات المسلحة.
وعلى الصعيد الأمني، شهدت البلاد حالة من الهدوء والطمأنينة. انخفضت نسبة الجرائم وحوادث السرقة والسطو، بينما سارت أمور وزارات الدولة بإشراف الأمناء العامين سيراً حسناُ، وأعلم الشيشكلي مندوبي الدول العربية والأجنبية أن لا حاجة لحصول انقلابه على اعتراف جديد وأنه يكتفي بالاعتراف القائم.
حقق الشيشكلي استقراراً داخلياً لم تشهده البلاد من قبل، ولإزالة طوق العزلة العربي الذي فُرض على نظامه، شن سلسلة من التصريحات ضد إسرائيل، وصلت حد التهديد بشن حرب ضدها، وقال في أحد تصريحاته: (إن الطريق من دمشق إلى الخليل سيكون سالكاً أمام الجيش السوري).
عندما شعر الشيشكلي بتعاظم المعارضة الداخلية لنظامه العسكري، أصدر مرسوم تشكيل وزارة في (6 حزيران/1952) وأعلن بعد تشكيل الوزارة بأن الجيش سيدعم مشاريع الحكومة دون التدخل بشؤونها، وأكد بأن هذه الحكومة مؤقتة مهمتها إيصال البلاد إلى الانتخابات النيابية في إطار قانون جديد للانتخابات يفتح السبيل أمام تمثيل حقيقي للشعب.
اعتمد الشيشكلي على أنصاره من الحزب القومي السوري، ودعا إلى تأسيس حزب جديد باسم (حركة التحرير العربي) حتى يكون الحزب الوحيد في البلاد استعداداً لخوض الانتخابات، وبعد الإعلان عن تأسيسه، بدأ الشيشكلي عقد اجتماعات جماهيرية لإلقاء الخطب الطنانة التي تلهب حماس الجماهير وتجعل تحرير فلسطين في متناول اليد. ولما اطمأن إلى قاعدته الجماهيرية وجهازه الإعلامي، التفت لتنظيم جهاز القمع، وبدأت حملة الاعتقالات والتعذيب ضد كل من يعارض العقيد شملت الطلاب والمدرسين ورجال السياسة وقادة الأحزاب والأقلام الحرة، وعندما شعر الشيشكلي بأن الساحة خلت له ولحزبه دعا إلى إجراء الانتخابات النيابية في (10 تموز/1953)، وفاز حزب التحرير العربي بـ 83 مقعداً، وبعد أن وضع دستوراً جديداً للبلاد، انتخب رئيساً للجمهورية طبقاً لأحكام هذا الدستور، وهكذا مهد لمرحلة فرض الديمقراطية من خلال الديكتاتورية العسكرية. أما قيادة الأحزاب السياسية المعارضة فقد ألّفت جبهة شعبية معارضة تصدت لسياسة الشيشكلي عبر المظاهرات الطلابية والعمالية والفلاحية، وبدأت معركة المعارضة في دمشق بإلقاء المتفجرات، وأًعلن العصيان في جبل الدروز، فقاومه الشيشكلي بالدبابات والطائرات، فزاد من النقمة على النظام، ثم تنادى السياسيون من الأحزاب والهيئات إلى عقد اجتماع في حمص لعقد (ميثاق وطني) فيما بينهم، ووجهوا إنذار إلى الشيشكلي لإعادة الأوضاع الدستورية والإفراج عن المعتقلين السياسيين ووقف الحرب الأهلية في جبل العرب. وكان رد العقيد على الإنذار باعتقال كل من وقع عليه، وشهدت البلاد حالة من الاضطراب والمظاهرات الطلابية، قاومها رجال الأمن بالعنف والقنابل المسيلة للدموع، وعطلت الدراسة في المدارس، وعمت المظاهرات المدن السورية وهي تنادي بسقوط الديكتاتورية وإلغاء البرلمان، وعودة الحياة الدستورية إلى البلاد، فكانت التمهيد الشعبي المناسب لإسقاط الشيشكلي وبدء الانقلاب الخامس.
ولما شعر الشيشكلي بأن زمام الأمور أًفلت من يده، كلف أحد أعوانه بالاتصال مع الحكومة اللبنانية لقبوله كلاجئ سياسي ثم اتخذ ترتيبات مغادرته لسورية وسطر كتاب استقالته وسلمه للزعيم شوكت شقير، وتوجه إلى بيروت في 25 شباط/ 1954 ناجياً بنفسه إلى المملكة العربية السعودية حيث ظل لاجئاً إلى أن توجه سنة 1957 إلى فرنسا، وحُكم عليه غيابياً بتهمة الخيانة فغادر باريس سنة 1960 إلى البرازيل حيث أنشأ مزرعة وانقطع عن كل اتصال سياسي، إلا أن شخصاً مجهولاً يُظن أنه من رجال الدروز فاجأه في شارع ببلدة سيريس في البرازيل وأطلق عليه النار فقتله.
فوزي السلو
ضابط في الجيش السوري ذو أصول كردية .
قام أديب الشيشكلي في 29 تشرين الثاني 1951 بعد فترة من الصراع و الاضطراب السياسي بالانقلاب العسكري الرابع (الانقلاب الثاني للشيشكلي). فاستقال رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي من منصبه، و تولى أديب الشيشكلي بمرسوم عسكري مهام رئيس الدولة، و أعلن حل مجلس النواب، و كلف فوزي السلو بممارسة السلطتين التشريعية و التنفيذية و مهام رئيس الدولة بمعاونة الأمناء العامين في الوزارات.
مأمون الكزبري
كان عالماً من علماء القانون والتشريع في سورية .
ألف العديد من كتب القانون ، وما زالت كتبه هذه مرجعاً ، يعتمده كبار المحامين ، ومدّرسو الحقوق . وكان سياسياً عريقاً ، مستقيما في توجيهه السليم ، وخلقه الرفيع .
تولى عددا من المناصب الوزارية . . وشكّل الوزارة . . ورأس المجلس النيابي ، ولم يسجل عليه أي انحراف أو مأخذ .
درّس الحقوق في معهد الحقوق ، وتخرجت على يديه أجيال من المحامين ورجال القانون .
ومارس المحاماة ، وانتخب نقيباً للمحامين .
عمل في المغرب نحو ربع قرن . وكان أبرز إنجازاته هناك ، تعريب التعليم الجامعي ، بعد أن كان التدريس باللغة الفرنسية .
ورحل مأمون الكزبري مؤخراً إلى جوار ربه ، مأسوفا على علمه الغزير ، وخلقه الرفيع ، واستقامته التي قلّ نظيرها .
لمحة عن حياته
أبصر الطفل مأمون النور بدمشق في شهر كانون الأول من عام 1914 .
وهو ابن السيد شفيق الكزبري ، وينتمي إلى أسرة دمشقية عريقة بالعلم ،والدين ، والأخلاق ، والحفاظ على التقاليد العربية والإسلامية . وترجع شهرة علماء هذه الأسرة في الفقه ، وتدريس علوم الدين في الجامع الأموي ، إلى أكثر من قرنين . من علمائها المشهورين الشيخ الإمام عبد الرحمن الكزبري الكبير ، ثم الشيخ الإمام عبد الرحمن الصغير ، والشيخ الإمام محمد الكزبري وغيرهم ، ممن اشتهر بطول الباع في الفقه وعلم إسناد الحديث .
تلقى مأمون الكزبري علومه الابتدائية والثانوية في مدرسة الإخوان المريميين (( الفريرماريست )) وحصل على شهادة البكالوريا الأولى عام 1932 ، وعلى البكالوريا الثانية عام 1933 .
درس الحقوق في الجامعة اليسوعية ببيروت وتخرج منها عام 1936 . وتابع دراسته العالية في فرنسا ، ونال شهادة الدكتوراه بالحقوق ، من جامعة ليون الفرنسية . وتدرب على المحاماة ببيروت في مكتب أستاذه
-فابيا - ومارس المحاماة في بيروت لغاية العام 1943 ، ثم انتقل إلى دمشق ، وفتح مكتباً خاصاً به في العام نفسه .
عين أستاذاً في معهد الحقوق بدمشق عام 1948 ، ودرس مادة التشريع العقاري لغاية العام1960 ، وألف كتاباً فيها ، وما زال هذا الكتاب يدّرس حتى اليوم .
في العام 1954 رأس حركة التحرير العربي خلال حكم المرحوم أديب الشيشكلي . ثم انتخب نائباً عن دمشق ، ورئيساً للمجلس النيابي .
عقب انتهاء عهد الشيشكلي ، جرت انتخابات نيابية جديدة ، فرشح الدكتور الكزبري نفسه ، وفاز مرة ثانية بالنيابة عن دمشق ، وأحرز أكثرية الأصوات ، وكان ترتيبه الثاني بين المرشحين . ولم يتفوق عليه بالأصوات سوى الأستاذ سعيد الغزي .
شغل الدكتور الكزبري وزارة العدل ، ووزارة التربية ووزارة الشؤون الاجتماعية عدة مرات .
في العام 1958 كان في عداد الوزراء الذين ذهبوا إلى القاهرة لاقتراح الوحدة بين سورية ومصر ، لدى الرئيس جمال عبد الناصر .
لدى الإعلان عن قيام الجمهورية العربية المتحدة عين الدكتور الكزبري في لجنة توحيد القوانين بين القطرين في القاهرة ، ومكث في مصر عدة شهور ، عاد بعدها إلى دمشق لممارسة التدريس في معهد الحقوق ، والمحاماة في مكتبه .
لدى انتهاء الوحدة بين سورية ومصر يوم الثامن والعشرين من أيلول 1961 ، وعقب حركة الانفصال التي قادها العقيد حيدر الكزبري ، استدعي الدكتور مأمون الكزبري ، وطلب إليه معالجة الوضع من الناحية الدستورية ، وتشكيل حكومة مؤقتة ، ريثما تستقر الأمور ، وتعاد الوحدة على أسس متينة ومدروسة . شكل الدكتور الكزبري الوزارة ، واحتفظ لنفسه فيها إلى جانب الرئاسة ، بوزارتي الخارجية والدفاع .
بعد أقل من شهرين دعا الدكتور الكزبري إلى انتخابات نيابية ، فرشح نفسه ، وفاز بالنيابة عن دمشق من جديد ، ثم انتخب رئيسا للمجلس النيابي . وانتخب يومئذ الدكتور ناظم القدسي رئيساً للجمهورية .
وفي عام 1960 انتخب نقيباً للمحامين لعامي 1960و 1961 .
وفي الثامن من آذار 1963 حدث انقلاب حزب البعث ، وشمله العزل السياسي ، فغادر الدكتور الكزبري على أثره دمشق إلى فرنسا . ثم أقام في المغرب منذ أيلول 1964 ، وعين أستاذاً في جامعة الرباط .
كان أول عمل قام به في المغرب ، هو تعريب التدريس الجامعي . وكان التدريس حتى ذلك الحين يجري باللغة الفرنسية .
استمرت إقامة الدكتور الكزبري في المغرب ، نحو خمسة وعشرين عاماً ، كرسها للتدريس والتأليف بالعربية .
وغادر المغرب عام 1990 ، بعد تقدمه في السن ، وأقام في باريس لغاية 16 أيلو ل 1996 .
ثم نقل إقامته إلى بيروت ، بعد استقرار الأوضاع في لبنان .
وانتقل الدكتور مأمون الكزبري إلى جوار ربه في اليوم الأول من عام 1998 ، ونقل جثمانه الطاهر إلى دمشق . وشيع إلى مثواه الأخير ، مبكياً على أخلاقه الحميدة ، ونضاله الطويل في ميادين العلم والسياسة . ووري الثرى في مقبرة الباب الصغير .
شيء عن مكانته وأخلاقه وعلمه
كان الدكتور مأمون الكزبري علماً من الأعلام ، في السياسة والعلم والأخلاق. كان يتمتع بالحب والتقدير والاحترام لدى كافة طبقات الشعب . ولا غرو في ذلك ، لأنه أحد علماء القانون ، وضليع في السياسة ، وتاريخه حافل بالاستقامة والنزاهة . لم يعرف الرشوة ولم يسمع بها ، مع كافة أبناء جيله ، ومن تقدمه من السياسيين وغير السياسيين. وكانت فترات حكمه في الوزارات التي تولاها ، حافلة بالإنجازات لمصلحة الوطن والمواطنين . . .
كان الدكتور الكزبري ذا أخلاق رفيعة . لم يعرف التبذل والانحراف . وكان صورة متكاملة ، لرجل العلم الرفيع ، والسياسي الضليع ، والمدرس الذي يحرص أشد الحرص على فائدة طلابه ، وزرع العلم والأخلاق معاً في صدورهم . وطلابه هؤلاء ، الذين تلقوا العلم على يديه في معهد الحقوق بدمشق ، مما زالوا يذكرون أيامه الحلوة ، ويشيدون بعلمه ، ويترنمون بخلقه وحسن توجيهه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:49 pm


عزت أنوس
عزت أنوس حكم سورية بشكل مؤقت 11-12/1961
ناظم القدسي
أحد سياسي سوريا ولد عام 1905 في مدينة حلب ودرس الحقوق في دمشق، ثم في الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم في جامعة جنيف. كان من حزب الشعب.
أصبح رئيسا لجمهورية سوريا في حكومة الانفصال (14 ديسمبر 1961 - 8 مارس 1963).
عمل كرئيس لمجلس النواب عام 1954 وتولى إحدى الوزارات عام 1949 لمدة ثلاثة أيام وترأس الحكومة السورية لمرتين في عام 1950 و 1951 توفى سنة 1997 في المملكة الأردنية الهاشمية
الحياة السياسية
عاد ناظم القدسي إلى سورية عام 1935، حيث انضم إلى الكتلة الوطنية، الحزب الاستقلالي المناوء للانتداب الفرنسي، والذي كان حركة سياسية تهدف للتخلص من السيطرة الفرنسية عبر الحوار السياسي بدلا من المقاومة المسلحة. اختلف فيما بعد مع قيادة الكتلة الوطنية التي فشلت في منع ضم لواء اسكندرون إلى تركيا عام 1939، وترك على أثرها الكتلة. بعد ذلك قرر أن يشكل في حلب تحالفا من المفكرين حول شخصية المحامي المشهور رشدي الكيخيا الذي وفر الحماية لرؤياه السياسية. تم ترشيح كليهما بسهولة للبرلمان في انتخابات 1943. وحيث أن المعارضة كانت شديدة لتسمية شكري القوتلي -من الكتلة الوطنية- رئيسا للجمهورية، قام القوتلي بتعيين القدسي كأول سفير لسوريا لدى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام ببناء السفارة السورية في واشنطن من الصفر، وأقدم اعتماده أمام فرانكلين روزفلت في 19 آذار/مارس 1945.
في عام 1947 قام القدسي مع الكيخيا بتأسيس حزب الشعب، والذي كان أقوى معارضة في وجه الحزب الوطني، سابقا الكتلة الوطنية، المخلص دائما للقوتلي. كان مؤسسو حزب الشعب بشكل أساسي من أعيان حلب، والذين كانوا موالين للوحدة مع الهاشميين في العراق والتحول الديمقراطي وتطوير العلاقات مع الغرب. كانت العائلة المالكة في العراق تدعم هذا الحزب. فاز القدسي في انتخابات 1943، 1947، 1949 و1962 مرشحا عن حزبه، وصوت ضد تسمية القوتلي رئيسا للجمهورية، ولكن القوتلي مدعوما بالحزب الوطني أعيد تعيينه. بعد الإطاحة بحكومة القوتلي بانقلاب عسكري في 29 آذار/مارس 1949، طلب الرئيس الجديد حسني الزعيم من ناظم القدسي تشكيل حكومة، ولكن الأخير رفض نتيجة الأسلوب اللادستوري الذي ارتقى به الزعيم السلطة، فقام الزعيم بتوقيفه وإغلاق مكاتب حزب الشعب. أطلق سراح الزعيم بعدها بفترة وجيزة، ووضع تحت الإقامة الجبرية في منزله بحلب. أنتقد القدسي بشدة حسني الزعيم، خاصة عندما اراد الأخير إغلاق الحدود مع الأردن والعراق وأراد شن الحرب عليهما متهما إياهما بالعمالة المملكة المتحدة. في 14 آب/أغسطس 1949 ساند القدسي انقلابا بقيادة سامي الحناوي، الصديق القديم لحزب الشعب وحليف العائلة الهاشمية في بغداد، وتم إعدام الزعيم. أسس الحناوي لجنة سياسية لإدارة البلاد في ظل غياب حكومة نظامية وعين القدسي على رأسها. قام القدسي بسن ستور جديد وأصبح وزير الخارجية في أول حكومة بعد انقلاب الزعيم كان رئيسها هاشم الأتاسي، كما أصبح رشدي الكيخيا وزيرا للداخلية وتم توزيع بقية المناصب على أعضاء حزب الشعب. قام القدسي بإجراء محادثات مع ولي عهد العرش العراقي الأمير عبدالله عارضا إقامة وحدة فورية بين سوريا والعراق وقام بعدة رحلات لبغداد لهذا الغرض. لقد صاغ اتفاقية تدعو لوحدة فدرالية، تحافظ على حكومتين مستقلتين في دمشق وبغداد، بينما تجمع الشؤون العسكرية والاقتصادية الثقافية والاجتماعية والسياسية للبلدين، كما ذهب للقاهرة وعرض برامج مماثلة في اجتماع جامعة الدول العربية في 1 كانون الثاني/يناير 1951.
الجمهورية العربية المتحدة
للتسريع في محادثات الوحدة، كلف الأتاسي المنتخب حديثا ناظم القدسي بتشكيل حكومةفي 24 كانون الأول/ديسمبر 1949. صوت العسكريون ضد حكومته فاستقال بعد خمسة ايام. كانت حجتهم أن الحكومة لا تحتوي على أي ضابط وأن أعضاءها معارضون لتدخل العسكريين في السياسة. في 4 حزيران/يونيو الف القدسي حكومة جديدة أقل تطرفا وامن موافقة المعارضة بتعيين فوزي سلو وزيرا للدفاع. كان سلو اليد اليمنى لأديب الشيشكلي. بقيت الحكومة عشرة أشهر لم تستطع خلالها المضي بعيدا بمسألة الوحدة. استقال القدسي في 27 آذار/مارس 1951. في 1 تشرين الأول/أكتوبر انتخب ناطقا باسم البرلمان. في 28 تشرين الثاني/نوفمبر استولى أديب الشيشكلي على السلطة وأوقف كل قيادات حزب الشعب، متهما إياها بالتآمر على النظام الجمهوري في سورية ومحاولة استبداله بنظام ملكي عميل لبريطانيا. عين فوزي سلو رئيسا مؤقتا للجمهورية وأرسل القدسي إلى سجن المزة. أطلق سراحه في كانون الثاني/يناير 1952 ولكن أبقي تحت الإقامة الجبرية. عمل سرا وأيد انقلابا عسكريا أطاح بالشيشكلي في شباط/فبراير 1954.
في تشرين الأول/أكتوبر 1954 أصبح نائبا في أول برلمان بعد فترة حكم الشيشكلي، وانتخب ناطقا باسم البرلمان. حاول أن يستعيد أمجاده السياسية ولكن بذلك الوقت كان حزب الشعب قد فقد كثيرا من شعبيته، ول يبق إلا القليل من السوريين الراغبين بالوحدة مع العراق. بدلا من ذلك، توجهت الأنظار للوحدة مع مصر تحت زعامة الرئيس الشاب وذو الهيبة جمال عبد الناصر، وبدون جدوى، حاول القدسي مقاومة تأثير عبد الناصر، إذ دافع عن أهمية التحالف مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة في حين كان معظم السوريين بتطلعون نحو الاتحاد السوفييتي. نادى بانضمام سورية إلى حلف بغداد، فاتهمته جريدة ناصرية بالعمالة للهاشميين. في 12 تشرين الأول/أكتوبر 1957 استقال من منصبه وحل محله الاشتراكي أكرم الحوراني من أنصار عبد الناصر. صوت ضد الوحدة مع مصر، وعندما تم الاندماج لتشكيل الجمهورية العربية المتحدة استقال من العمل السياسي وعاد إلى حلب.
لؤي الأتاسي
ولد في حمص عام 1926م. تخرج من الكلية الحربية بحمص عام 1948م، ثم تابع دراساته العليا في كلية أركان الحرب العربية. وارتقى في المناصب العسكرية حتى بلغ رتبة اللواء ثم الفريق، واشترك في الحرب العربية-الإسرائلية عام 1948م كقائد فصيل، ورجع منها بإصبع مقطوع من جراء إصابته برصاصة العدو في أحد المعارك. وعندما نهض الأتاسيون بانقلابهم على الشيشكلي في 25 شباط عام 1954م كان الأتاسي أحد المشتركين فيه إلى جانب العقيدين فيصل وزياد الأتاسيين، وقد كان لؤي الأتاسي أثناءها قائداً للشرطة العسكرية في حلب[1].
تولى الأتاسي مهاماً عسكرية عدة ممثلاً فيها بلاده، فعين مرافقا عسكريا لرئيس الجمهورية آنذاك ابن عم والده الرئيس الجليل السيد محمد هاشم بك الأتاسي رحمه الله[2]، ثم عين ملحقاً عسكرياً مساعداً في السفارة السورية بجمهورية مصر العربية قبل الوحدة، فمسؤولاً في إحدى الوحدات العسكرية بالاسكندرية أثناء الوحدة، ثم عين في مناصب عسكرية بسفارة الجمهورية العربية المتحدة بموسكو إلى أن عاد إلى بلاده في تشرين الأول عام 1961م[3].
كان الأتاسي من أنصار الوحدة العربية بين سوريا ومصر، إلا أن الوحدة كان مصيرها الفشل عندما قام عبد الكريم النحلاوي وحيدر الكزبري وموفق عصاصة بانقلاب عسكري في 28 إيلول عام 1961 فاصلين الإقليمين[4]. وفي 28 آذار عام 1962م قامت حركة جديدة غرضها الإعتراض على حكومة الدواليبي قادها ضباط عدة في الجيش يترأسهم العقيد عبدالكريم النحلاوي، وقام قواد الإنقلاب الجديد باعتقال المجلس الوزاري وبعض النواب ورئيس الجمهورية الرئيس ناظم القدسي، ولكن سرعان ما اتضح أن قواد الحركة كانوا على خلاف فيما بينهم، إذ تلا ذلك عصيان في حمص في 1 نيسان 1962م نظمه ناصريون وبعثيون ومستقلون عقدوا مؤتمراً، وكان الإجتماع قد حضره 41 ضابطاً انتدبوا عن قطاعات الجيش كافة ذلك، فكان العقيد الأتاسي أحد المؤتمرين، ممثلاً المنطقة الشمالية الشرقية بحكم كونه قائدها[5].
وتقرر في المؤتمر إبعاد بعض الضباط وإقصاؤهم إلى خارج البلاد كالنحلاوي والهنيدي وعبدالغني دهمان، وإعادة ترتيب هيئة القيادة في الجيش، ودراسة أمر الوحدة، ثم انتخب اللواء عبدالكريم زهر الدين قائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة، وأعاد المجتمعون القدسي إلى رئاسته بشرط تشكيل حكومة جديدة بقيادة بشير العظمة[6].
ولكن بعض أنصار الوحدة قرروا الإنسحاب من المؤتمر والتمرد على مقرراته لما تبين أنها لم تكن في صالح الوحدويين كالعقيد جاسم علوان والمقدم محمد عمران، وحاول هؤلاء القيام بانقلاب عسكري في حلب لصالح الوحدويين الناصريين، فاستولوا على مبنى الإذاعة وطفقوا يطلقون شعارات الوحدة باسم الجمهورية العربية المتحدة، عندها طلبت الرئاسة العسكرية من الأتاسي الذي كان قائدا للمنطقة الشرقية في دير الزور التفاوض مع المتمردين باعتباره من مناصري الوحدة المقربين، فذهب إلى حلب لاخماد الشعلة، إلا أن هؤلاء لم يقبلوا بالتنازل، فأرسلت القيادة العامة طائراتها وقصفت معاقلهم في مبنى الإذاعة وغيره، وأتبعت ذلك بالمدرعات التي أحاطت بقواعدهم، فاضطروا للتسليم[7]. وأبعد بعد ذلك الأتاسي كملحق عسكري للسفارة السورية في واشنطن ذلك العام، ولكنه استدعي في أوائل العام التالي للإدلاء بشهادته في محاكمة ضباط حلب، فلما لم تتلاءم شهادته ورغبات صاحبي القرار في الجيش زج به في سجن المزة ليفرج عنه قبل أيام من قيام ثورة الثامن من آذار عام 1963م[8].
وقامت ثورة الثامن من آذار عام 1963 والتي جاء فيها البعث إلى الحكم، وقد كان لؤي الأتاسي أحد المرتبطين بها، فغدا أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة التسعة[9]. وكان من أول مقررات المجلس الوطني لقيادة الثورة الذي تكون إثر قيامها هو ترقية العميد الأتاسي إلى رتبة الفريق وتعيينه قائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة[10]. وفي 11 آذار (مارس) من ذلك العام عين المجلس الوطني لقيادة الثورة الفريق لؤي الأتاسي نائباً للحاكم العسكري العام في سوريا[11]، وفي 19 آذار (مارس) استقل الفريق الأتاسي الطيارة الرئاسية الخاصة (صالون) يصحبه صلاح الدين البيطار، وميشيل عفلق، والمقدم فهد الشاعر عضو المجلس الوطني لقيادة الثورة، والضابط محمد كنعان عثمان مدير مكتب الأتاسي، والضابط محمد سعيد الدباح المرافق العسكري للأتاسي، وعبدالهادي بكار، وتوجه لزيارة الرئيس جمال عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر في مصر لمباحثة أمور الوحدة، وكان في استقبالهم في مطار القاهرة رئيس الوزراء علي صبري، ووصل القاهرة أيضا وفد عراقي، واستمرت المباحثات بين السوريين والمصريين والعراقيين حتى 17 نيسان 1963م، وتم في النهاية التوقيع على اتفاقية الوحدة الثلاثية[12].
الفريق لؤي الأتاسي والرئيس جمال عبدالناصر يوقعان على ميثاق الصداقة والوحدة في القاهرة عام 1963
الفريق لؤي الأتاسي رئيس دولة سورية في الوسط مع رئيس مصر جمال عبدالناصر إلى يساره، ورئيس وزرائه صلاح الدين البيطار إلى يمينه في مصر عام 1963
وفي 23 آذار (مارس) من عام 1963م تولى الأتاسي منصب رئيس المجلس الوطني لقيادة الثورة، والمخول بسلطات تنفيذية وصلاحيات إقالة الحكومة بأكثرية ثلثي الأصوات للمجلس، فكان بذلك ثاني رئيس للدولة السورية من الأتاسيين، بالإضافة لتوليه مهام القائد الأعلى للقوات المسلحة، واستمر في منصبه حتى 27 تموز (يوليو) من ذلك العام[13]. وإثر توليه رئاسة الدولة كلف الأتاسي الدكتور سامي الجندي لرئاسة المجلس الوزاري من 11 أيار إلى 13 أيار عام 1963 بموجب مرسوم، ثم كلف الأتاسي صلاح الدين البيطار برئاسة مجلس الوزراء بمرسوم صدر في 13 أيار عام 1963م[14].
وفي خلال مدة رئاسته للمجلس الوطني تم إعلان ميثاق الوحدة الثلاثية (مع العراق ومصر) وإبرام مجلس الثورة لها (وإن لم تأت تلك الوحدة إلى حيز الوجود)، وتأميم المصارف السورية، وتشكيل منظمات الحرس القومي المرتبطة مباشرة بمجلس قيادة الثورة والتي أعلن عنها الأتاسي، وقد انضم إلى الحرس القومي 30,000 متطوع[15].
وفي تموز (يوليو) زار الأتاسي الرئيس عبدالناصر في مصر مجددا لإكمال مباحثات الوحدة، وفي أثناء تواجده في مصر نظم الناصريون بقيادة جاسم علوان محاولة انقلاب في 18 تموز (يوليو) من عام 1963م، وجرت معارك حربية بين أطراف قواد البعث، ولكن المنقلبين خرجوا غير منتصرين وأعدم عدد منهم، وبسبب ذلك، ولأنه وجد أن كلا الطرفين السوري والمصري قد سلكا مسارين منفصلين بحيث تعذر أمر الوحدة، رأى الأتاسي أن مبرر وجوده على رأس الدولة قد زال، فقدم استقالته بعد عودته إلى سورية، وحاول آنها نور الدين الأتاسي وأمين الحافظ جاهدين أن يرجعوه عن قراره مترددين على مكتبه لعدة أيام، ولكنه أصر على الاستقالة فقبلت استقالته أخيرا في 27 تموز 1963م، عندها اختير أمين الحافظ محل الأتاسي في رئاسة المجلس الوطني لقيادة الثورة ورئاسة الدولة[16].
واعتزل المترجم السياسة من بعد ذلك حتى تناقل إلى سمعي أنه اختير مؤخراً في أواخر عام 2000م ليصبح مستشاراً في القصر الجمهوري.
اشتهر الأتاسي في البلاد العربية أجمع بجهوده في محاولة توحيد البلاد العربية وخاصة مصر وسورية، وله عند الكثير من إخواننا المصريين معزة لأجل ذلك، ولا زال شعب مصر يذكره ويذكر محادثاته الشهيرة مع عبدالناصر، هذا ويجدر بالذكر أن الأتاسي أسس النادي الثقافي بحمص وتولى رئاسته بين عامي 1942-1946م[17].
جاءت ترجمته وذكر أعماله السياسة في العديد من المؤلفات التاريخية وكتب التراجم فمنها: "الموسوعة التاريخية الجغرافية" للخوند[18]، و"موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين" للبواب[19]، و"موسوعة السياسة"، و[20]Who`s Who in the Arab World، وWho`s Who in the World[21] و International Who`s Who[22]، وThe Middle East[23]، وPolitical Dictionary of the Arab World (Shimoni)[24]، وغيرها من مؤلفات تاريخية وسياسية ومذكرات السياسيين.
وجاءه المنون في صباح التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام 1424 الهجري الموافق للحادي عشر من شهر تشرين الثاني عام 2003م، ونعاه إلى آل الأتاسي عميدهم، سيدي زياد بن خليل الأتاسي، وتوافدت التعزيات والبرقيات إلى منزول آل الأتاسي وتوالت الوفود من الحكومة والجيش إلى المنزول للتعزية بموته، وشيع جثمانه -الذي لف بالعلم السوري- بموكب رسمي حافل حضره الدكتور غسان اللحام وزير الدولة للشؤون الرئاسية ممثلا رئيس الدولة ومحافظ حمص صبحي حميدة واللواء خيرو عطية حسين قائد المنطقة الوسطى وعدد من النواب والمسؤولين بدأ من مستشفى حمص العسكري إلى مسجد سيدنا خالد بن الوليد حيث صلي على جثمانه وانتهى بمقبرة آل الأتاسي حيث وري الثرى، رحمه الله.
]محمد أمين الحافظ
ولد الرئيس السوري الأسبق أمين الحافظ في حي (البياضة) أحد الأحياء القديمة في مدينة (حلب) عام 1921م، حيث كانت تخضع سوريا آنذاك للانتداب الفرنسي. بدأ نشاطه السياسي في وقت مبكر، حيث شارك عام 36 في مظاهرة حاشدة ضد الفرنسيين، اعتقل على إثرها وحكم عليه مع بعض رفاقه بالسجن، حيث قضى به عدة أسابيع، سعى مراراً للالتحاق بالكلية العسكرية إلا أنه لم يتمكن من دخولها إلا بعد خروج الفرنسيين من سوريا عام 1946م.
تخرج من الكلية العسكرية وشارك في حرب العام 48، كان أول من استجاب لدعوة مصطفى حمدون للانقلاب على أديب الشيشكلي عام 54، وكان أبرز الضباط الذين مهدوا لقيام الوحدة بين مصر وسوريا عام 58، أقام في مصر عدة أشهر أثناء الوحدة حيث عمل مدرباً في كلية أركان الحرب عام 61. أوفد بعد ذلك في بعثة عسكرية إلى الاتحاد السوفيتي، وبقي هناك حتى وقوع الانفصال بين مصر وسوريا في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 61، حيث عاد من بعثته الدراسية إلى دمشق وعمل مع رفاقه من البعثيين والوحدويين لضرب الانفصال، فأبعدته حكومة الانفصال إلى الأرجنتين ملحقاً عسكرياً، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تعين فيها سوريا ملحقاً عسكرياً في الأرجنتين، حيث بقي هناك خمسة عشر شهراً، استدعى بعدها للعودة إلى سوريا إثر انقلاب الثامن من مارس عام 63، حيث عين عضواً بمجلس قيادة الثورة ووزيراً للداخلية.
في العاشر من يوليو/ تموز عام 63 رفع إلى رتبة لواء، وأصبح رئيساً للأركان العامة للجيش والقوات المسلحة ووزيراً للدفاع بالوكالة. قام بدور بارز في القضاء على محاولة الناصريين القيام بانقلاب في الثامن عشر من يوليو/تموز عام 63، انتخب رئيساً لسوريا بعد استقالة لؤي الأتاسي وبقي في منصبه في الفترة من السابع والعشرين من يوليو/ تموز عام 63 وحتى الثالث والعشرين من فبراير/شباط عام 66 .
اشتهر بالقسوة في معاملة معارضيه حتى أن الناس كانوا يصفونه بالعبارة الشهيرة التالية: "أبو عبدو السفاح، نصف الناس في المزة ونصفهم في الدحداح" حيث يقصد بـ "أبو عبدو" أمين الحافظ والمزة إشارة إلى سجن المزةـ والدحداح إشارة إلى مقبرة الدحداح.
حيث أنهيت فترة حكمه بانقلاب دموي حوصر فيه بيته عدة ساعات، دارت أثناءها معركة طاحنة بقيادته بين حرسه والانقلابيين، قتل فيها العشرات وأصيب خلالها أحد أبنائه وإحدى بناته. أعتقل بعد ذلك وأودع السجن حتى العاشر من يونيو عام 67، حيث أفرج عنه وانتقل إلى بيروت ومنها إلى بغداد بعد قيام البعث بثورته في العراق عام 68، ولا زال يقيم في بغداد حتى الآن. يصف المؤرخون فترة رئاسته لسوريا بأنها من أخطر الفترات وأهمها، حيث مثلث مفصلاً هاماً في تاريخ سوريا الحديث المليء بالانقلابات العسكرية، والتي كان له دور بارز في كثير منها، كما شهدت فترة رئاسته القمم العربية الأولى الثلاث، القمة الأولى لدول عدم الانحياز، وقضية الجاسوس الإسرائيلي الشهير (إيلي كوهين) التي لا زال يدور حولها كثير من الجدل والغموض، كما قصفت في فترة رئاسته مدينة حماه للمرة الأولى في إبريل عام 1964م.
عاد الى سورية سنة 2003 بعد عفو من الرئيس بشار الأسد ,
]نور الدين مصطفى الأتاسي
هو السيد الدكتور أحمد نور الدين بن محمد علي بن فؤاد بن أحمد بن سعيد الأتاسي، جده لأبيه هو العلامة القاضي الشاعر فؤاد أفندي الأتاسي، وجده لأمه هو عمر بك بن يحيى بن سعيد الأتاسي، زعيم حمص وقائد ثورتها، وقد سبقت ترجمتهما. أبصر نور الدين الأتاسي النور في مدينة حمص عام (1348 للهجرة) المقابل لعام 1929م، وقد توفت والدته صغيراً، فتربى عند جده لوالده القاضي فؤاد أفندي الأتاسي، وحضر مجالس جده التي كانت تعج بالشعراء والعلماء، فحفظ الشعر العربي منذ نعومة أظفاره. ودرس في مدارس حمص، وشارك في مظاهرات المدينة ضد الفرنسيين صغيراً حتى اعتقل مرة قبل أن يتعدى سنه الخامسة عشر بتهمة توزيع المنشورات المحرضة على العصيان على الطلاب في مدارس حمص[1].
ثم التحق الأتاسي بكلية الطب في جامعة دمشق عام 1948، وفي تلك المدينة توثقت صلاته بقواد حزب البعث –أمثال أكرم الحوراني وميشيل عفلق- والذي كان في مرحلة النشوء، وقد كان الأتاسي قد انتمى لحزب البعث منذ عام 1944م. وفي دمشق ومن كلية طبها أصبح الأتاسي من الممثلين المنتخبين للمنظمة الطلابية التابعة للحزب ورئيساً لهيئتها القيادية خلال أعوام دراسته (1948-1955م) وحتى تخرجه، وذلك خلفاً لابن عمه الدكتور جمال الأتاسي والذي تزعم الحركة الطلابية في حزب البعث لما كان طالباً في كلية الطب كذلك بين الأعوام 1943-1947م. وأثناء وجوده في دمشق كان الأتاسي من المنظمين للمظاهرات، وطالما قاد المظاهرات في شوارع المدينة حتى يصل إلى البرلمان السوري فيلقي خطاباته على المتظاهرين. ولما اعتلى سدة الحكم الشيشكلي عام 1951 منهياً الحياة النيابية ومستعملاً نظام القمع اضطر قادة البعث إلى مغادرة البلاد والبدء في العمل السري للحزب فشارك الأتاسي في ذلك العمل عضواً في الهيئة القيادية وممثلاً الجامعة في هذه الهيئة. وفي أواخر تشرين الثاني من عام 1952م خرج الأتاسي بتظاهرة ضد الشيشكلي بمناسبة الذكرى السنوية لنكبة فلسطين ومعه حشود من الطلبة الجامعيين وطلبة المدارس واشتبك هؤلاء مع شرطة الشيشكلي أياماً ثلاثة واضطروا إلى الاعتصام بحرم الجامعة حتى اقتحمته شرطة الشيشكلي واعتقلت قادة المظاهرة وبينهم الأتاسي، ونقل هؤلاء إلى نظارة وزارة الداخلية حيث مورس عليهم الضغط لتوقيع تعهد بترك العمل السياسي والنشاط التظاهري، فرفض نور الدين ذلك وعدد من رفاقه، فسيق هؤلاء إلى سجن تدمر حيث كان لهم نصيب من التعذيب لمدة أشهر خمسة، أعيد بعدها الأتاسي ورفقه إلى سجن المزة بدمشق في نيسان (ابريل) عام 1953. وهنالك أضرب الأتاسي ومن معه من المساجين عن الطعام حتى أفرج عنهم بعد أن فشل السجانون بانتزاع تعهدات منهم بترك مشاكسة النظام الحاكم. وعاد الأتاسي إلى جامعته وباشر لتوه بقيادة المظاهرات من جديد وبنشاطه في هيئة القيادة السرية للبعث، واعتقل تارة أخرى ونقل إلى سجن القلعة حيث مكث فيه قيد الاعتقال مدة شهرين أفرج عنه بعدها ليستمر في نشاطه وتخفيه من السلطات التي كانت في طلبه باستمرار حتى سقطت دولة الشيشكلي في شهر شباط (فبراير) من عام 1954م[2].
تخرج نور الدين من كلية الطب عام 1955م، وقبل أن يبدأ بالاختصاص طلب لخدمة العلم فكان مع القوات السورية التي دخلت الأردن لحمايته أثناء العدوان الثلاثي على مصر، ثم تطوع الأتاسي مع جماعة من أصدقائه الأطباء في صفوف الثورة الجزائرية على الحدود التونسية-الجزائرية، كطبيب معالج، بعد اتصاله بكريم بلقاسم. وهناك كون الأطباء السوريون صداقة متينة مع العقيد علي كافي قائد الولاية الثانية، ومع تيجاني هدام رئيس مصلحة الصحة، وكان قد تعرف الأتاسي بالدكتورين يوسف زعيّن وإبراهيم ماخوس في مطلع شبابه، وكوّن معهما ثلاثياً عرف "بالأطباء الثلاثة"، شاركوا في الثورة الجزائرية، وعادوا إلى سورية فصاروا فيما بعد الجيل المدني الثاني لحزب البعث، وتزعموا القيادة القطرية لهذا الحزب، فلم يفترق هؤلاء منذ اشتراكهم في الثورة الجزائرية، وحتى أطيح بالأتاسي وحكومته عام 1970م[3].
وعاد الأتاسي من المغرب العربي بعد أن عقدت الوحدة بين مصر وسورية، وتخصص في الجراحة العامة في مستشفى دمشق لمدة ثلاث سنين، ثم عين في العديد من المستشفيات في دمشق، كان آخرها مشفى دمشق، فعد من أبرز أطبائه، ثم رجع إلى بلده حمص فمارس الطب الجراحي في المستشفى الوطني وفي عيادته الخاصة، حتى ثورة الثامن من آذار عام 1963م لما تسنى للأتاسي أن يمارس السياسة[4].
وأضحى الأتاسي مع ماخوس والزعين وصلاح جديد أعضاءً في القيادة القطرية لحزب البعث والتي كان رياض المالكي سكرتيراً عاماً لها قبل الثامن من آذار، وقد سارت القيادة القطرية مساراً مخالفاً للقيادة القومية التي تزعمها أمين الحافظ وميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار[5]. وظل الأتاسي متابعاً عمله السياسي حتى ثورة الثامن من آذار (مارس) عام 1963م والتي أدت إلى تمكين الحزب من الحكم. وبعد هذه الثورة تولى ابن عم المترجم، لؤي الأتاسي، مهام رئيس المجلس الوطني لقيادة الثورة إلى أن أطاح به أمين الحافظ في تموز (يوليو) من عام 1963م، وتولى الحافظ منصب الأتاسي في القيادة[6].
وفي الرابع من آب (أغسطس) ذلك العام عين نور الدين الأتاسي وزيراً للداخلية في وزارة صلاح الدين البيطار، والتي استمرت حتى الثاني عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1963. ثم تكرر تعيينه لذات المنصب في الوزارة التي تلتها برئاسة أمين الحافظ، والذي كان مترئساً كذلك للمجلس الوطني لقيادة الثورة، واستمرت هذه الوزارة حتى 14 آيار (مايو) من عام 1964م، وعين أيضاً نائباً للحاكم العرفي بالإضافة إلى عمله الوزاري. ولما تشكلت وزارة الحافظ الثانية في 3 تشرين الأول (أوكتوبر) عام 1964م أنيط بالأتاسي منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، وظل كذلك حتى 23 إيلول (سبتمبر) عام 1965م[7]، وكان أيضا مسؤولا عن قطاع العمل وشؤون الموظفين والرقابة والتفتيش بوصفه عضوا في المجلس الوطني[8]. وبين آيار (مايو) عام 1964 وكانون الأول (ديسمبر) 1965م كان الأتاسي عضواً في المجلس الرئاسي تحت زعامة الحافظ، والذي ضم أيضاً صلاح الدين البيطار، واللواء محمد عمران، ومنصور الأطرش[9]. ولما عقد المؤتمر القطري الإستثنائي لحزب البعث في آب عام 1965م تم انتخاب الأتاسي عضواً للقيادة القطرية والتي بلغ عدد أعضاؤها ستة عشر. ولما أعيد انتخاب المجلس الرئاسي في الثاني من إيلول عام 1965م كان منصب نائب الرئيس من حظ الدكتور الأتاسي، بينما انتخب الحافظ رئيساً للمرة الثانية[10].
وفي 23 شباط (فبراير) عام 1966م قام سليم الحاطوم وصلاح جديد بانقلاب على أمين الحافظ وسجناه بعدما حلت القيادة القومية القيادة القطرية دون اللجوء إلى عقد مؤتمر قومي، وأسندت رئاسة الجمهورية العربية السورية للأتاسي، والذي أصبح عضواً في القيادة القطرية لحزب البعث مع ثلاثيه: يوسف الزعين وابراهيم ماخوس[11]، وخاصة بعد انعقاد المؤتمر القومي التاسع للحزب في تشرين الأول عام 1966، والذي ترأسه الأتاسي بارزاً بقيادته القومية الجديدة للحزب، فتعين أميناً عاماً للحزب بفرعيه القومي والقطري، بينما تعين اللواء صلاح جديد أميناً عاماً مساعداً[12]، والدكتور الزعين رئيساً للوزراء، والدكتور ماخوس نائباً له ووزيراً للخارجية. وقد تشكلت هذه الوزارة من 22 إيلول (سبتمبر) 1966م وحتى 28 تشرين الأول (أكتوبر) عام 1968. أما الوزارة الثانية على عهد الأتاسي فقد تولى رئاستها بنفسه بالإضافة إلى اضطلاعه بمهام رئاسة الجمهورية، واستمرت من 29 تشرين الأول (اكتوبر) 1968 وحتى 15 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1970[13]. ويجدر بالذكر أن الرئيس الأتاسي أيضاً كان رئيساً فخرياً أعلى لمنظمة الهلال الأحمر السورية أثناء حكمه بموجب قرار صدر عام 1966م يجعل من رئيس الدولة رئيساً فخرياً للمنظمة[14].
وخلال فترة حكم الأتاسي ثم توقيع اتفاقية بناء سد الفرات مع الإتحاد السوفيتي، وإصدار مرسوم إنشاء المصرف العقاري، وقانون العقوبات الإقتصادي، ومرسوم إحداث الجيش الشعبي وربطه بوزارة الدفاع، ومرسوم إنشاء الجهاز المركزي للرقابة المالية، ومرسوم تشكيل مجلس الشعب التشريعي في تشرين الثاني 1967م بعد أن عطل المجلس النيابي إثر الثورة، ومرسوم تشكيل محكمة أمن الدولة العليا، وقرار تسهيل السفر للمواطنين إلى أقطار الوحدة الإقتصادية العربية بالبطاقة الشخصية دون تأشيرات، وتوحيد وزارتي الزراعة والإصلاح الزراعي، وافتتاح مركز ألمانيا الديمقراطية الثقافي في دمشق، وإقامة علاقات دبلوماسية مع جمهوريتي كوريا وفيتنام الديمقراطيتين بتبادل السفراء، وإعادة فتح السفارات بين مصر وسوريا لأول مرة بعد الإنفصال، وتوقيع معاهدة دفاع مشتركة بينهما، وافتتاح المؤتمر الأول للصيادلة العرب في دمشق، والتنقيب عن آبار النفط والغاز الطبيعي والكشف عنها في السويدية والسخنة، وإبرام عقود لبناء معامل الجرارات ومحركات الديزل[15].
وفي أثناء مدة رئاسته أيضاً زار البلاد شخصيات عربية وعالمية كبيرة واجتمعوا بالأتاسي، فمن هؤلاء ناجي طالب رئيس وزراء العراق (17/2/1967)، ومحمد صدقي سليمان رئيس وزراء مصر (18/4/67)، وبودغورني رئيس الاتحاد السوفيتي (1/7/67)، وبومدين رئيس الجزائر 9/7/67 وعبدالسلام عارف رئيس العراق 19/7/67 وفايس نائب رئيس وزراء ألمانيا الديموقراطية 11/7/67 وتيتو رئيس يوغوسلافيا 13/8/67 ومحجوب رئيس وزراء السودان (23/8/67) ووزير الدفاع العراقي (13/11/67) والعامري رئيس وزراء اليمن 18/6/68 ووزير الإقتصاد الأردني 11/8/68 وولد دادا رئيس موريتانيا (/11/68.
وزار سوريا وفود كثيرة من دول عديدة، منها وفد اللجنة الجزائرية التحضيرية للمؤتمر الاشتراكي العربي برئاسة الأخضر الإبراهيمي
27/2/67 ووفد الإتحاد الوطني للقوى الشعبية بالمغرب 27/3/67 ووفد اقتصادي تشيكي 3/4/67 وآخر عسكري برئاسة وزير دفاع تشيكوسلوفاكيا 11/5/67 وأعضاء من وفود مؤتمر الكتاب الأفرو أسيويين الثالث المعقود في بيروت في آذار 1967، ووفد الحزب الإشتراكي الألماني (21/2/68) وحزب الشعب العامل (آخيل) القبرصي 10/6/68 ووفد جبهة التحرير الجزائرية 6/68. وقام الأتاسي بدوره بزيارة أقطار عدة كالجزائر والقاهرة حزيران، 1967، كما أنه سافر إلى الولايات المتحدة وألقى خطاباً أمام الجمعية العامة في 18 أيار 1967م. وفي 13 تموز عام 1967 اجتمع الأتاسي بالرؤساء الثلاثة عبدالناصر وبومدين وعارف في القاهرة في اجتماع قمة رباعي[17].
كما افتتح الأتاسي مؤتمرات عديدة وألقى فيها خطباً، ومنها الإجتماع الطارئ للمجلس المركزي لاتحاد العمال العرب تأييداً للنضال ضد الدولة اليهودية (أيار 1967) والإجتماع الأول للجنة الدفاع عن الوطن وحماية الثورة (تشرين الثاني، 1967) بالحسكة، وومؤتمر المحامين العرب بدمشق (إيلول، 1968)[18].
وقد تبنى الأتاسي أثناء حكمه-يشاركه في نهجه هذا صلاح جديد-مساراً صارماً مع بعض الحكومات العربية، فنادى بقطع خطوط البترول التابعة لشركة نفط العراق والتي كانت تمر بالأراضي السورية وأوقف ضخ النفط عبلا الأراضي السورية حتى أسلمت الشركة لمطالب السوريين ، ودأب على مهاجمة العراق والسعودية ولبنان في بياناته، وحث على الإطاحة بالملك الحسين بن طلال، كما أنه دعم المقاتلين الفلسطينيين وأمدهم بالمعونات[19]. ولما أعلنت اريتريا حربها على إثيوبيا منشدة الإستقلال كان الأتاسي أول من اعترف بالحركة الإرتريرية ودعمها، بل وأوفد قوات الثوار إلى بلاده فدربهم وأعانهم بالمال والسلاح وأرسلهم إلى بلادهم، ونالت بفضل معونته اريتريا استقلالها، ولا يزال الأريتريون يذكرون الأتاسي ويشكرون له مبادراته إلى اليوم[20].
ووفي فبراير من عام 1969م أحكم وزير الدفاع حافظ الأسد هيمنته على السلطة الإعلامية (الإذاعة والتلفزيون والصحف) ووضع يده على الجيش بعد أن اشتد الشقاق بينه وبين صلاح جديد، وقد أدت سياسة الأخير إلى عزل سورية عن العالم العربي، إلا أن الأسد أبقى على الأتاسي وجديد في السلطة[21].
وفي 5 إيلول (سبتمير) 1970م قامت مجموعة فدائية فلسطينية بخطف طائرات لدول غربية والهبوط بها بمطار الزرقاء الأردني. ودفعاً للحرج عن بلاده أمر ملك الأردن حسين بن طلال الهاشمي بقتال القوات الفلسطينية، فدارت رحى معارك دموية امتدت إلى كثير من مدن الأردن وشملت عاصمته عمان، الأمر الذي دعا إلى تسمية هذا الشهر بإيلول الأسود. عند ذلك قرر الأتاسي أن يتدخل لحماية القوات الفلسطينية وقد كان أحد الداعمين لعمليات الفلسطنيين الفدائية. وظهر الأتاسي من على شرفة قصر الرئاسة وهدد بغزو الأردن إن لم يرتدع عن مجازره للفلسطينيين. وبالفعل أمر الأتاسي قواته بالتقدم، فدخلت الحدود الأردنية واستولت على إربد وأمنتها للفلسطينين. وسارع ملك الأردن إلى طلب التدخل من الدول الكبرى خوفاً على استقلال بلاده. وأدانت الولايات المتحدة التدخل السوري ووضعت اسطولها السادس في وضع التأهب. ولكن السوريين لم يبقوا فترة طويلة بل تم انسحابهم من الأردن إثر تدخل الطيران الإسرائيلي، إذ لم تكن المدرعات السورية مدعومة بسلاح الجو بسبب الخلاف بين القوات المتنازعة في سورية[22].
وعلى إثر هذه الأحداث استقال الأتاسي من مناصبه الثلاثة: رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء وأمانة الحزب العامة ودعى إلى عقد المؤتمر العاشر الاستثنائي، فقام وزير الدفاع الأسد بانقلابه في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1970م والذي سمي بحركته التصحيحة، وعزل الأتاسي، الذي أدخل سجن المزة وظل فيه مدة اثنين وعشرين عاماً حتى وفاته عام 1992. وفي عام 1980م أنزل الأتاسي من سجن المزة ووضع قيد الإقامة الجبرية في حي القصور وقامت السلطات بمفاوضته عن طريق الجنرال محمد الخولي رئيس المخابرات الجوية، ولكن المفاوضات أدت إلى إعادته إلى سجنه[23].
وفي تشرين الثاني 1992م علمت السلطات الفرنسية بإصابة الأتاسي بسرطان المريء في سجنه فعرضت على السلطات السورية أن تتولى علاجه، فأرسل الأتاسي إلى فرنسا وظل قيد العلاج في المستشفى الأمريكي بباريس من 22 تشرين الثاني حتى وافاه أجله في 3 كانون الأول عام 1992م عن عمر يناهز الثلاثة وستين عاماً[24].
وقد نشرت جرائد العالم وإذاعاته نبأ رحيل الرئيس السابق، ومن هذه الجرائد كانت جريدة الشرق الأوسط العالمية والتي قالت عن الأتاسي:
"وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور نور الدين الأتاسي ينحدر من إحدى العائلات العريقة في مدينة حمص السورية، وهو ثالث أفراد هذه الأسرة الذين تولوا رئاسة الدولة السورية، إذ سبقه كل من هاشم ولؤي الأتاسي"[25].
وجاء ذكره في العديد من المؤلفات التاريخية والسياسية، وترجم له في العديد من كتب التراجم، ومن هذه: "معالم وأعلام" لقدامة[26]، و"تتمة الأعلام"[27] لمحمد خير رمضان يوسف، و"ذيل الأعلام"[28] للعلاونة، و"إتمام الأعلام"[29]، و"موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين" للبواب[30]، و"الحكومات السورية في القرن العشرين" لجمعة وظاظا[31]، و"معجم الشرق الأوسط" لسعدي[32]، و"القاموس السياسي" لعطية الله[33]، و"الموسوعة التاريخية الجغرافية" للخوند[34]، و"سورية: صراع الاستقطاب" للبزي[35]، و"موسوعة السياسة"، و"دليل الإعلام والأعلام في العالم العربي"، وكذلك في:
وغيرها من مؤلفات تاريخية وسياسية ومذكرات السياسيين، وكتب في سيرة حياته كذلك ابنه السيد محمد علي بن نور الدين الأتاسي مقالاً مطولاً في جريدة الحياة بعنوان: "في الذكرى الأولى لوفاته في سجنه بعد رئاسته الجمهورية السورية خلال 1966-1970، قصة نور الدين الأتاسي كما يرويها نجله" جاء فيها على حياة والده قبل توليه المناصب السياسية، وقد أرسل إلينا بنسخة منها مشكوراً[42].
هذا وجدير بالذكر أن الدولة الجزائرية كرمت نور الدين الأتاسي لنضاله في صفوف الثورة الجزائرية فأطلقت اسمه على إحدى أهم مستشفياتها في العاصمة الجزائرية والتابع للقطاع الصحي لبولوغين، فأصبح اسمه "مستشفى نور الدين الأتاسي"، وقد قام وزير المجاهدين بالجزائر برفع الستار عن اللوحة التذكارية في 18 أيار (ماي) عام 1993م[43].
أما والدة المترجم فهي السيدة شمسة بنت عمر بك بن يحيى بن سعيد الأتاسي، وأما جدته لوالده فهي السيدة كرجية بنت الشيخ كمال بن الشيخ سعيد الأتاسي، وأما زوجته فهي الشريفة سلمى الحسيبي تنتمي لبيت من بيوتات النقابة بدمشق من سلالة الشريف الجرجاني، وهي والدة أولاده.
سيد أحمد الحسن الخطيب
تولى الحكم سيد أحمد الحسن الخطيب لمدة أربعة أشهر لفترة انتقالية تمهيدا لانتخابات تشريعية حكم فيها حافظ .
(1970 وحتى انتخاب حافظ الاسد في 12 مارس 1971).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 4 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:50 pm


حافظ الأسد
وُلد حافظ الاسد في قرية القرداحة بمحافظة اللاذقية لأسرة فقيرة من الطائفة العلوية كانت تعمل في فلاحة الأرض. أتم الأسد تعليمه الأساسي في مدرسة قريته التي أنشأها الفرنسيون عندما أدخلوا التعليم إلى القرى النائية و كان أول من نال تعليما رسميا في عائلته ثم انتقل إلى مدينة اللاذقية حيث أتم تعليمه الثانوي و نال شهادة الفرع العلمي. لم يتمكن من دخول كلية الطب في الجامعة اليسوعية ببيروت كما كان يتمنى لتردي أوضاعه المادية و الاجتماعية لذا التحق بالأكاديمية العسكرية في حمص عام 1952 و من ثم التحق بالكلية الجوية ليتخرج منها برتبة ملازم طيار عام 1955 ليشارك بعدها ببطولة الألعاب الجوية و يفوز بها.
التحق الاسد بحزب البعث عام 1946 عندما شكل رسمياً أول فرع له في اللاذقية. كما اهتم بالتنظيمات الطلابية حيث كان رئيس فرع الاتحاد الوطني للطلبة في محافظة اللاذقية، ثم رئيساً لاتحاد الطلبة في سوريا.
بعد سقوط نظام أديب الشيشكلي و اغتيال العقيد عدنان المالكي انحسم الصراع الدائر بين الحزب السوري القومي الاجتماعي و حزب البعث العربي الإشتراكي لصالح البعثيين مما سمح بزيادة نشاطهم و حصولهم على امتيازات استفاد منها حافظ الأسد حيث أختير للذهاب إلى مصر للتدرب على قيادة الطائرات النفاثة ومن ثم أرسل إلى الاتحاد السوفييتي ليتلقى تدريباً اضافياً على الطيران الليلي بطائرات ميغ 15 و ميغ 17 و التي كان قد تزود بها سلاح الجو السوري.
خلال الوحدة بين سوريا و مصر انتقل مع سرب القتال الليلي التابع لسلاح الجو السوري للخدمة في القاهرة حيث كان برتبة نقيب (حسب بعض المصادر رائد). لم يتقبل حافظ الأسد وعدد من رفاقه قرار قيادة حزب البعث بحل الحزب عام 1958 استجابة لشروط عبد الناصر لتحقيق الوحدة. فقاموا بتشكيل تنظيم سري عام 1960 عرف بـ اللجنة العسكرية و التي حكمت سوريا فيما بعد وكان لها دور بارز في الإنقلابات التي حدثت في مطلع الستينات.
ثورة الثامن من آذار
وقع حزب البعث مع عدد من الأحزاب في سوريا على وثيقة الإنفصال في عام 1961. سجن على إثر ذلك حافظ الأسد مع عدد من رفاقه في اللجنة العسكرية في مصر لمدة 44 يوما أطلق سراحهم بعد ذلك و أعيدوا إلى سوريا في إطار عملية تبادل مع ضباط مصريين كانوا قد احتجزوا في سوريا. أبعد حافظ الأسد يعد عودته عن الجيش لموقفه الرافض للانفصال و أحيل إلى الخدمة المدنية في إحدى الوزارات لكنه ظل مرتبطا باللجنة العسكرية التي استطاعات في عام 1962 بالتعاون مع بعض الضباط البعثيين و الناصريين الانقلاب على حكومة الإنفصال.
استولى حزب البعث في انقلاب 8 مارس/آذار 1963 على السلطة فيما عرف في أدبيات الحزب ثورة الثامن من آذار. أعيد بعدها الرائد حافظ الأسد إلى الخدمة من قبل صديقه و رفيقه في اللجنة العسكرية مدير إدارة شئون الضباط آنذاك المقدم صلاح جديد رقي بعدها في عام 1964 إلى رتبة لواء دفعة واحدة وعين قائداً للقوى الجوية والدفاع الجوي. و بدأت اللجنة العسكرية بتعزيز نفوذها وكانت مهمة حافظ الأسد آنذاك توسيع شبكة مؤيدي وأنصار الحزب في القوات المسلحة.
قامت اللجنة العسكرية في 23 شباط/فبراير 1966 بقيادة صلاح جديد و مشاركة حافظ الأسد بالإنقلاب على القيادة القومية لحزب البعث من بينهم مؤسس الحزب ميشيل عفلق و رثيس الجمهورية أمين الحافظ و تخلى بعدها صلاح جديد عن رتبته العسكرية ليتفرغ للسيطرة على حزب البعث و حكم سوريا بينما تولى حافظ الاسد وزارة الدفاع.
الحركة التصحيحية
بدأت الخلافات بالظهور بين حافظ الأسد و صلاح جديد بعد الهزيمة في حرب 1967 حيث انتقد أداء وزارة الدفاع خلال الحرب و خاصة القرار بسحب الجيش و إعلان سقوط القنيطرة بيد الكيان الصهيوني قبل أن يحدث ذلك فعليا بالإضافة إلى تأخر غير مفهوم لسلاح الجو السوري في دعم نظيره الأردني مما أدى لتحميل حافظ الأسد مسؤولية الهزيمة. تفاقمت هذه الخلافات مع توجه صلاح جديد نحو خوض حرب طويلة مع إسرائيل بينما عارض حافظ الأسد ذلك لإدراكه أن الجيش لم يكن مؤهلا لمثل هذه الحرب خاصة بعد موجة التسريحات بعد إنقلاب 8 آذار /مارس 1963 و التي طالت الضباط السنة من غير البعثيين.
وصلت الخلافات أوجها خلال احداث أيلول الأسود في الأردن عام 1970 حيث أرسل صلاح جديد الجيش السوري لدعم الفلسطينيين لكن وزير الدفاع و قائد القوى الجوية حافظ الأسد امتنع عن تقديم التغطية الجوية للجيش و تسبب في إفشال مهمته. على إثر ذلك قام صلاح جديد بعقد اجتماع للقيادة القطرية لحزب البعث و التي قررت بالإجماع إقالة حافظ الأسد و رئيس الأركان مصطفى طلاس من منصبيهما. لكن حافظ الأسد لم ينصع للقرار و تمكن بمساعدة من القطع الموالية له في الجيش من الانقلاب في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970 فيما يعرف ب الحركة التصحيحية على صلاح جديد و رئيس الجمهورية نور الدين الأتاسي و سجنهما مع العديد من معارضيه.
استلام الحكم
تولى حافظ الأسد منصب رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الدفاع في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1970 ثم مالبث أن حصل على صلاحيات رئيس الجمهورية في 22 شباط/فبراير 1971 ليثبت في 12 آذار/مارس 1971 كرئيس للجمهورية العربية السورية لمدة سبعة سنوات بعد إجراء استفتاء شعبي ليكون بذلك أول رئيس في التاريخ السوري ينتمي إلى الطائفة العلوية. وبعدها أعيد انتخابه في استفتاءات متتابعة أعوام 1978 و1985 و1992 و1999 وفي كل مرة كان يحصل على نسبة أصوات تقارب الـ 100%.
حكم الاسد سوريا مدعوماً بالجيش و نال استحسان الجماهير المرهقة في بادئ الامر نتيجة الإصلاحات التي قام بها وبناؤه للجيش السوري المدمر و تحقيق نصر في حرب أكتوبر 1973 . ولكن ظروف السبعينيات القلقة في المنطقة لم توفر نظام الاسد مما أثار اضطرابات داخلية عنيفة لسنوات ، و لم يستطع من فرض سلطته المطلقة إلا بعد نزاع عنيف مع حركة الإخوان المسلمين السورية على خلفيات سياسية و عقائدية توجت بمعارك عنيفة في حماة و حلب 1982 تحت تعمية إعلامية ، ليتوجب عليه بعد ذلك قمع التمرد ضمن صفوف حكمه بقيادة أخيه رفعت . انخرط بشكل فعلي في حرب لبنان الأهلية بعد اجتياح إسرائيل للبنان مانعاً الجبهة اللبنانية من التعاون مع إسرائيل و طبق هناك سياسة (لا غالب و لا مغلوب) عن طريق حفظ توازن القوى بين كل الأطراف اللبنانية ، إلى أن حصل على تفويض من الجامعة العربية في مؤتمر الطائف بمساعدة الأطراف اللبنانية المتصالحة على السيطرة على لبنان .
الصعيد الداخلي والخارجي
على الصعيد الداخلي ، مكنت معارك 1982 و 1984 حافظ الأسد من فرض سيطرته المطلقة و فرض الأحكام العرفية مطورا نظاما أمنيا مشابها لمعظم الأنظمة العربية بعد السبعينات ، و قد استطاع هذا النظام الأمني من إلغاء كل المعارضة و تصفية زعمائها حتى في الخارج ، لتحصل على سيطرة مطلقة و قمع كل مظاهر المجتمع المدني .
على الصعيد الخارجي استمر الأسد في رفض معاهدة كامب ديفيد التي وقعت بين السادات و الكيان الصهيوني مناديا بحل شامل للقضية الفلسطينية إلى أن قامت منظمة التحرير الفلسطينية بتوقيع إتفاقية أوسلو 1993 منفردة الأمر الذي اعتبره الأسد خيانة، في عام 1998 تمت عدة محاولات لإتمام اتفاقية سلام بين سوريا و الكيان الصهيوني تحت إشراف الراعي الامريكي ، لكن إصرار الأسد على استرداد كامل أرض الجولان التي اغتصبت في حرب 1967 ، حال دون إتمام أي اتفاق.
ترأس الاسد سوريا حتى وفاته عام 2000 إثر أزمة قلبية مفاجئة (كنتيجة لمرض شديد استمر أكثر من 10 أعوام) أثناء محادثة هاتفية مع الرئيس اللبناني إميل لحود وعقبه في رئاسة الجمهورية ابنه بشار الاسد بعد تعديل دستوري، مثير للجدل، أزال عقبة السن من أمامه.
بشار الأسد
ولد بشار الأسد في اليوم الحادي عشر من شهر أيلول من عام 1965 في مدينة دمشق وأنجز في مدارسها دراسته الابتدائية والثانوية ومن ثم درس الطب في جامعتها وتخرج طبيباً في عام 1988 .. عمل بعدها في مشفى تشرين ثم سافر عام 1992 .. إلى بريطانيا للتخصص في طب العيون وعاد عام 1994 ..
انتخب في عام 1994 رئيساً لمجلس إدارة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية التي تقود النشاط المعلوماتي في سورية ورعى جميع الأنشطة المعلوماتية على ساحة الوطن، وفي 25/4/1998 .. دشن موقع الجمعية المعلوماتية على شبكة الإنترنيت، هذه الشبكة التي ساهم في إدخالها إلى سورية في إتاحة الاستفادة منها في الفعاليات كافة .. وبهدف نشر الوعي المعلوماتي وجه لإطلاق البرنامج الوطني لنشر المعلوماتية عام 1997 حيث أتاح للمواطنين مجاناً البدء بتعلم استخدام الحاسوب والشبكات الحاسوبية، وذلك في المدن والأرياف والقرى في جميع أرجاء الجمهورية العربية السورية .
كما وجه في عام 1999.. إلى إطلاق البرنامج الجامعي لنشر المعلوماتية الذي أتاح للخريجين من الجامعات ولطلاب الجامعات التدرب على الحاسوب.
أدى دوراً بارزاً في الحياة الاقتصادية للبلاد عبر مشاركته في الأنشطة الاقتصادية المختلفة وفي اطلاعه على ما يجري في مؤسسات الدولة من دراسات في هذا الإطار.
انتسب إلى القوات المسلحة وتدرج في السلك العسكري متبعاً مجموعة دورات عسكرية ميدانية . يجيد إضافة إلى لغته الأم العربية كلاً من اللغتين الإنكليزية و الفرنسية ، تطبيقاً لشعاره القائل : "إن لغة الإنسان هي هويته ووطنه الروحي والهوية هي الانتماء وبالتالي من يبتعد عن لغته إنما يفقد ذاته" .. يتقن بالاضافة للعلوم العسكرية والسياسية علم النفس و الاجتماع و الفلسفة وما سوى ذلك.
رقي إلى رتبة فريق في العاشر من حزيران 2000.. بموجب المرسوم التشريعي رقم (9) .
عين الفريق بشار حافظ الأسد قائداً للجيش و القوات المسلحة في 11/6/2000 ... بموجب المرسوم التشريعي رقم (10) . انتخب الرفيق بشار حافظ الأسد في المؤتمر القطري التاسع الذي انعقد في الفترة مابين 17 ـ 20/6/2000.. وذلك يوم 18/6/2000.. كما انتخب أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب وأميناً قطرياً لـ حزب البعث العربي الاشتراكي .
ترأس أول اجتماع لقيادة القطرية يوم 24/6/2000. في 27/6/2000 .. تسلم من رئيس مجلس الشعب قرار المجلس بالموافقة بالإجماع على ترشيح سيادته لرئاسة الجمهورية العربية السورية وحُدد العاشر من تموز 2000 يوماً للاستفتاء .
- جرى الاستفتاء على منصب رئيس الجمهورية في 10/7/2000.. وأعلن مجلس الشعب في جلسته يوم 11/7/2000.. نتيجة الاستفتاء بانتخاب الفريق الدكتور بشار الأسد قائد مسيرة الحزب والشعب الأمين القطري للحزب رئيساً للجمهورية .
- في السابع عشر من تموز 2000.. أدى الفريق بشار الأسد اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب لولاية رئاسية مدتها سبع سنوات .. وأكد في خطاب القسم أن سورية ستتابع مسيرته على قاعدة التواصل والتحديث وأنها لن تفرط في حبة من ترابها الوطني طال الزمن أم قصر...يذكر أن إسرائيل ما زالت محتلة الجولان السوري, وقد قام بقرار ضمه 14 شباط 1982, بالرغم من معارضة الأمم المتحدة لذلك.
- تم اعادة انتخابه لولاية دستورية جديدة بتاريخ 27/5/2007 ولمدة سبع سنوات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بحث وملف كامل عن الوطن العربي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 4 من اصل 5انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» الوطن العربي
» الوطن العربي
» الوطن العربي
» الوطن العربي والتحديات المعاصرة
» أهم المعلومات عن الوطن العربي الكبير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى العالم العربي والإسلامي-
انتقل الى: