ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 بحث وملف كامل عن الوطن العربي

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:51 pm

ملوك سورية، 1920
 فيصل الأول: 8 مارس - 28 يوليو 1920
قادة دول سوريون، 1922-1936 (تحت الإنتداب الفرنسي)
 صبحي بك بركات الخالدي: 28 يونيو 1922 - 21 ديسمبر 1925
 فرانسوا بيير-أليب (مؤقت): 9 فبراير - 28 أبريل 1926
 دمادي شارياري أحمد نامي بك: 28 أبريل 1926 - 15 فبراير 1928
 تاج الدين الحسني: 15 فبراير 1928 - 19 نوفمبر 1931
 محمد علي بك العابد: 11 يونيو 1932 - 21 ديسمبر 1936
رؤساء سورية، 1936-الحاضر (الجمهورية)
 هاشم الأتاسي: 21 ديسمبر 1936 - 7 يوليو 1939
 بهيج الخطيب (رئيس مجلس النظار): 10 يوليو 1939 - 16 سبتمبر 1941
 خالد العظم (مؤقت): 4 أبريل - 16 سبتمبر 1941
 تاج الدين الحسني: 16 سبتمبر 1941 - 17 يناير 1943
 جميل الألشي (مؤقت): 17 يناير - 25 مارس 1943
 عطاء بك الأيوبي (رأس الدولة): 25 مارس - 17 أغسطس 1943
 شكري القوتلي: 17 أغسطس 1943 - 30 مارس 1949
 حسني الزعيم: 30 مارس - 14 أغسطس 1949
 هاشم الأتاسي (رأس الدولة): 15 أغسطس 1949 - 2 ديسمبر 1951
 فوزي سلو (رأس الدولة): 3 ديسمبر 1951 - 11 يوليو 1953
 أديب الشيشكلي: 11 يوليو 1953 - 25 فبراير 1954
 هاشم الأتاسي: 28 فبراير 1954 - 6 سبتمبر 1955
 شكري القوتلي: 6 سبتمبر 1955 - 22 فبراير 1958
 جزء من الجمهورية العربية المتحدة: 22 فبراير 1958 - 29 سبتمبر 1961
 مأمون الكزبري (مؤقت): 29 سبتمبر - 20 نوفمبر 1961
 عزت النص (مؤقت): 20 نوفمبر - 14 ديسمبر 1961
 ناظم القدسي: 14 ديسمبر 1961 - 8 مارس 1963
 لؤي الأتاسي (رئيس مجلس القيادة الثوري الوطني): 9 مارس - 27 يوليو 1963
 أمين الحافظ (رئيس المجلس الجمهوري): 27 يوليو 1963 - 23 فبراير 1966
 نور الدين الأتاسي (رأس الدولة): 25 فبراير 1966 - 18 نوفمبر 1970
 أحمد الخطيب (رأس الدولة): 18 نوفمبر 1970 - 22 فبراير 1971
 حافظ الأسد: 22 فبراير 1971 - 10 يونيو 2000
 عبد الحليم خدام (مؤقت): 10 يونيو - 17 يوليو 2000
 بشار الأسد: 17 يوليو 2000 -
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:52 pm

عددسكان ومساحة سوريا
الموقع والمساحة
تقع سورية في الجزء الغربي من آسيا وبموقع متوسط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا بين خطي طول شرقا 35-42، وبين خطي عرض شمالا 32-37 ، تحوي تضاريس متنوعة جبال وبادية وواحات وسهول أعلى قمة في سورية 2800 وهي إلى الجنوب من سلسلة جبال لبنان الشرقية ، عدد الأنهر 18 نهر وأكبر نهرين الفرات والعاصي ، الفرات 600 كم ضمن سورية، 55% من مساحة سورية بادية.سهل الغاب أخصب السهول 80كم طول و12كم عرض معدل الأمطار فيه: 1400-1200مم
المساحة الكلية لسورية
المساحة: 185000 كم2 أو 71000 ميل مربع أو 18500000هكتار
مساحة الجولان 1860كم2 أغلبه أحتل عام 1967، تحرر قسم منه عام 1974 بعد حرب تشرين والاستتراف، والباقي المحتل 1260كم2
السكان
المتواجدين منتصف عام 2004 : 18.200.000 المسجلين منتصف عام 2004 20 مليون
معدل النمو السكاني : 2.6% عام 2003 متوقع معدل نمو %2,4 عام 2005، المعدل العالمي للنمو السكاني 1،57%، المعدل النمو السكاني في أوروبا تقريبا صفر
- متوسط الكثافة السكانية في سورية 99 في كم2
- معدل الزواج ذكور 30 سنة إناث 26 سنة
- التركيب العمري: 14-0 39,6%
64-15 56,8% أو أكثر من 50% أقل من 18سنة
+65 3,6% من إجمالي عدد السكان
عدد سكان كل محافظة (المدينة وريف المدينة) المتواجدين بعد التقريب إلى رقم صحيح
دمشق وريف دمشق 4 مليون
حلب وريف حلب 3.8 مليون
حمص وريف حمص 1.5 مليون
حماة وريف حماه 1.5 مليون
اللاذقية وريف اللاذقية 1 مليون
إدلب وريف إدلب 1.2 مليون
دير الزور وريف دير الزور 1 مليون
الحسكة وريف الحسكة 1.3 مليون
الرقة وريف الرقة 750ألف
السويداء وريف السويداء 350 ألف
طرطوس وريف طرطوس 700ألف
درعا وريف درعا 800ألف
القنيطرة 70ألف
ديانة السكان
86% مسلمين 13,5% مسيحيون ، أما اليهود بضعة آلاف
الاقتصاد
معدل نمو الإقتصاد 3.3% عام 2002 متوقع 5 % عام 2005
موازنة الدولة: 450مليار ليرة سورية عام 4 200
إجمالي الناتج المحلي المتوقع 957 مليار ليرة سورية عام 2004
نسب إجمالي الناتج المحلي حسب القطاعات
26%زراعة، 27% صناعة ،7% سياحة، 40 % باقي القطاعات
65% من إجمالي الناتج المحلي من القطاع الخاص
الزراعة
- سورية تملك أكثر من اكتفاء ذاتي بالغذاء
- نسبة الأراضي القابلة للزراعة 32 % من إجمالي مساحة سورية
- نسبة الأراضي المزروعة 25 % من إجمالي مساحة سورية
- تشكل الزراعة 26 % من إجمالي الناتج المحلي
- أهم المحاصيل
القمح 5 مليون طن
القطن تزيد عن 1 مليون طن
الزيتون 1 مليون طن 70 مليون شجرة
الحمضيات 11 مليون شجرة
التفاح 16 مليون شجرة
فستق حلبي 10 مليون شجرة
بالإضافة لأنواع متعددة من الخضراوات والفواكه والتبغ
- الثروة الحيوانية
15 مليون رأس غنم و ماعز
1 مليون رأس بقر
125ألف رأس جمل
بالإضافة إلى الفرّوج والبيض والسمك والحليب
الصناعة
تشكل الصناعة 27 % من الناتج المحلي ، تطورت الصناعة بالعشر السنوات الأخيرة خاصة بعد صدور قانون الاستثمار رقم /10/ بعطي للمستثمر السوري والأجنبي العديد من الميزات خاصة إعفاء أي مشروع مرخص حسب القانون / 10 / من الضرائب لمدة / 7 / سنوات بدأ من تاريخ الإنتاج
أهم الصناعات
استخراج النفط وتكريره :/ 600 / ألف برميل يومياً إنتاج سورية من النفط أو / 220 / مليون برميل سنوياً ، احتياطي سورية من الغاز / 241 / مليار متر مكعب وإنتاجها السنوي 22 مليون م3
§ المواد الغذائية : زيوت ، أجبان ، كونسروة ، سكر ، بسكويت ، مشروبات ، طحن وتصنيع حبوب
§ النسيج والجلود : منسوجات حديثة وتقليدية مثل بروكار وأغباني والملبوسات الجاهزة والداخلية ، مناشف ، دباغة الجلود ، أحذية
§ إسمنت بورسلين أحجار بناء
§ أخشاب ومفروشات وموزاييك
§ صابون والمنظفات
§ أدوية شبة اكتفاء ذاتي / 89 % / من حاجة سورية منتج محليا
§ استخراج الفوسفات 2.5 مليون طن في السلاسل التدمرية
§ صناعات معدنية وميكانيكية : أفران برادات وغسالات ومكيفات ، جرارات ، رافعات ، حفارات
§ صناعات إلكترونية : تلفزيون ومقاسم هاتف
§ صناعات كيماوية وأسمدة
§ سجائر
التجارة
الصادرات 7 مليار دولار عام 2002
نفط ومشتقاته ، قطن ، قمح ، نسيج ، ملبوسات جاهزة ، قطنيات ( داخلي ومناشف ) زيوت
صناعات تقليدية ، فوسفات ، خضراوات وفواكه ، تبغ ، غنم ، منتجات غذائية، منتجات ميكانيكية وإلكترونية ، أدوية
المستوردات
5 مليار دولار عام 2002
زيوت، أسمدة، مشروبات، آليات (سيارات)، خطوط إنتاج، إطارات، محركات، سجائر، حاسبات، ورق، أدوية، معدات إلكترونية وميكانيكية
أهم دول التبادل التجاري مع سورية : دول الاتحاد الأوربي + الدول العربية
السياحة
§ السياحة تشكل 7 % من الناتج المحلي
§ عدد القادمين: 4.4مليون في العام 2003 منهم3.4 مليون عرب و 680 ألف إيراني وتركي و 320 ألف أوربي ومن الأمريكيتين واليابان وكوريا واستراليا (سياحة ثقافية)
§ عدد الأسرة 38000 ألف سرير 2004 (بعد إضافة الأسرة التي ستدخل في الخدمة خلال عام 2004)
§ عدد المتاحف: 47 متحف
§ عدد المواقع الأثرية : أكثر من 3000 موقع وأكثر من 1000 موقع ينتظر التنقيب
§ عدد المساجد والجوامع: 5000 مسجد أو جامع ؟

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:53 pm


قطر في التاريخ
دلت الاكتشافات الأثرية والحفريات والنقوش ومجموعات من القطع الفخارية النادرة التي تم العثور عليها في مناطق متفرقة من البلاد من قبل بعثات استكشافية أثرية دانمركية وبريطانية وفرنسية على أن أرض قطر كانت مأهولة منذ الألف الرابعة قبل الميلاد.
في القرن الخامس قبل الميلاد، ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوتس أن أول من سكن قطر هم القبائل الكنعانية التي اشتهرت بفنون الملاحة والتجارة البحرية. كما أن عالم الجغرافيا الإغريقي بطليموس ضمّن خريطته المسماة (بلاد العرب) ما أسماه (قطرا) وهو ما يعتقد أنه إشارة إلى شهرة مدينة "الزبارة" القطرية التي كانت قديماً بين أهم الموانئ التجارية في منطقة الخليج.
قطر في التاريخ الاسلامي
لعبت قطر دوراً مهماً كما تروي مصادر التاريخ العربي الإسلامي عندما شارك سكانها في تجهيز أول أسطول بحري لنقل الجيوش خلال الفتوحات الإسلامية. في ظل الدولة العباسية، إبان القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) شهدت قطر مرحلة من الرخاء الاقتصادي، ويستدل على ذلك من المدونات المكتوبة في قلعة (مروب) الموجودة على الساحل الغربي والتي تمثل الطابع المعماري العباسي.
وفي القرن العاشر الهجري (السادس عشر للميلاد)، تحالف القطريون والأتراك لطرد البرتغاليين، ثم خضعت كل المناطق في الجزيرة العربية بما في ذلك قطر لحكم الإمبراطورية العثمانية واستمر ذلك لحوالي أربعة قرون متوالية غير ان السيطرة العثمانية على المنطقة كانت اسمية حيث كانت ادارة شئون المنطقة في حكامها من شيوخ القبائل.
أدى نشوب الحرب العالمية الأولى في عام 1914م وما تمخض عنها من نتائج إلى زوال الحكم التركي عن البلاد، توقيع معاهدة مع بريطانيا عام 1916م نصت على حماية أراضي قطر ورعاياها. وكان النفوذ البريطاني في البلاد لا يتجاوز الإشراف على بعض الجوانب الإدارية.
قطر في القرن العشرين
وفي مطلع القرن الثامن عشر للميلاد حكمت قطر أسرة آل ثاني التي أخذت اسمها من عميدها ثاني بن محمد والد الشيخ محمد بن ثاني، الذي كان أول شيخ مارس سلطته الفعلية في شبه الجزيرة القطرية خلال منتصف القرن التاسع عشر.
وكانت قبيلة آل ثاني قد استقرت حول واحة "جبرين" في جنوبي نجد، قبل ارتحالها إلى قطر في أوائل القرن الثامن عشر وهي فرع من قبيلة بني تميم، التي يعود نسبها إلى مضر بن نزار. وقد استقرت بادئ الأمر في شمال شبه الجزيرة القطرية، ثم انتقلت إلى الدوحة في منتصف القرن التاسع عشر بزعامة الشيخ محمد بن ثاني.
وفي عام 1878م خلف الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني والده الشيخ محمد بن ثاني.
في عام 1913م تولى الحكم الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، وفي عهده تم أول اكتشاف للنفط في البلاد.
وفي عام 1940م تولى الحكم الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني حتى عام 1948م.
وفي عام 1949م تولى الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني الحكم حتى عام 1960م. وفي ذلك العام حكم البلاد الشيخ أحمد بن علي آل ثاني حتى عام 1972م.
وفي عام 1972م، تولى الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الحكم، بينما نالت قطر استقلالها في الثالث من سبتمبر من عام 1971م.
وفي عام 1995م تولى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم في البلاد بمبايعة وتأييد الأسرة الحاكمة والشعب القطري.
قطر، تاريخ. قَطر دولة عربية مستقلة، عضو في الجامعة العربية وفي الأمم المتحدة. وعضو في مجلس التعاون لدول الخليج العربية. تشكِّل أرضها شبه جزيرة شبيه بإبهام اليد، عاصمتها الدوحة ومن أشهر بلدانها الزبارة ودخان وهي منطقة حقول النفط. دينها الرسمي الإسلام. تنسب إلى قطر الثياب القطرية المعروفة، كما تنسب إليها النجائب القطريات التي تحدث عنها شعراء العرب.
التاريخ القديم لقطر
يعود استيطان شبه جزيرة قطر إلى العصر الحجري الحديث (8000 -4000ق.م). ويُستدل من مجموعات غزيرة من أدوات العصور الحجرية المكتشفة، على تعاقب أجيال عديدة وقيام حياة مستقرة في البلاد منذ الألف الرابع قبل الميلاد. كما يوجد ما يؤكد علاقتها بالحضارة العبيدية في جنوب العراق.
عرف العالم قطر قبل ظهور الإسلام بقرون عديدة، ووردت في مؤلفات المؤرخ الروماني بلانيوس، وفي أطلس بطليموس. وكانت في الجاهلية موطن استقرار ورعي وترحل لقبائل من بكر بن وائل وعبد قيس وغيرها. وقد دخلت في الإسلام في عهد الرسول ³، ومنها انطلقت بعض بعوث الفتح الإسلامي بحرًا إلى جنوبي فارس وكرمان والسند.
وفي فترة الفتن المتلاحقة من العصر العباسي، كانت قطر بين بلدان الساحل العربي على الخليج التي ترعرع فيها الزنج وراجت دعوتهم، ثم القرامطة حتى تلاشى أمرهم في القرن السابع للهجرة.
وفي القرن الثامن الهجري استولى بنو نبهان العمانيون على قطر. ولم يطل مقامهم بها، وتناوب عليها بعدهم كثير من البحرينيين. انظر: عمان، تاريخ. في عام 1517م استولى البرتغاليون على قطر ضمن بقية أجزاء الخليج العربي. وفي عام 1537م أرسل السلطان العثماني سليمان القانوني أسطولاً بقيادة سليمان باشا والي مصر لطرد البرتغاليين، وتمكن هذا الأسطول من القضاء على البرتغاليين وطردهم من هذه البلاد واستولى على البحرين والقطيف وقطر.
في الدولة السعودية الأولى استولى عبدالعزيز بن محمد على قطر، بعد أن جرد لها حملتين إحداهما عام 1202هـ بقيادة سليمان بن عفيصان والأخرى عام 1208هـ بقيادة ابراهيم بن عفيصان. وفي عام 1267هـ أعاد السعوديون غزوهم لقطر في عهد الإمام فيصل بن تركي، وطلب آل ثاني الأمان فأمنهم الأمير السعودي إلا أن ذلك لم يدم طويلاً، فقد تدخلت الدولة العثمانية واستولت على الأحساء وقطر إثر نزاع وقع بين الأميرين الشقيقين عبدالله بن فيصل وسعود بن فيصل.
آل ثاني في قطر
يعد الشيخ ثاني بن محمد مؤسس أسرة آل ثاني. كان الشيخ ثاني خير عون لحاكم البحرين في حربه ضد بلاد فارس، إذ حقق انتصارًا ضد بلاد فارس عام 1782م. نقل الشيخ سلمان آل خليفة عاصمته من الزبارة إلى المنامة بالبحرين وأصبح آل ثاني حكامًا على قطر.
ويعد الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني المؤسس الحقيقي لدولة قطر، فقد كان من كبار الساسة، عمل نائبًا لوالده الشيخ محمد مما أكسبه خبرة ودراية سياسية كبيرة. عمل الشيخ قاسم آل ثاني على أن تكون قطر بلدًا موحدًا مستقلاً، مما استدعى تدخل بريطانيا التي ازداد نفوذها في تلك الآونة.
في عام 1878م تولى إمارة قطر رسميًا الشيخ قاسم ابن محمد بعد وفاة والده. لمع نجم الشيخ قاسم بعد أن وحد قطر وزادت شعبيته، وامتنع عن دفع الضريبة التي كان يدفعها لحاكم البحرين. أثار بروز نجم الشيخ قاسم مخاوف العثمانيين من أن ينقض عليهم فأرسلت الدولة العثمانية جيشًا للقضاء عليه وطلبت من الكويت أن ترسل جيشًا للمساعدة، إلا أن الجيش الكويتي تلكأ في السير عمدًا حتى وصل الجيش العثماني. وقد انتصر الشيخ قاسم على العثـمانيـين، وأرسى دعائـم استقـرار البـلاد والحكـم لآل ثاني في هذه الفترة.
التدخل البريطاني. حاولت الدولة العثمانية التقرب إلى بريطانيا علّها تساعدها في تسوية علاقاتها مع دول البلقان فتنازلت لبريطانيا عن حقوقها في قطر، ووقعت اتفاقية بذلك على أن يبقى الشيخ قاسم في الحكم هو وأولاده. كما تدخلت بريطانيا في النزاع بين قطر والبحرين؛ فقد كانت هناك معاهدة بين حاكم البحرين والبريطانيين تقضي بعدم قيام أي حرب أو أي أعمال قرصنة في الخليج مقابل الحماية البريطانية الخارجية للبحرين. وفسرت بريطانيا اشتراك البحرين وأبو ظبي في حربهما ضد قطر بأنه نقض للمعاهدة المبرمة بينهما. فطلب المقيم البريطاني في الخليج من حاكم البحرين أن يسلم كل السفن التي تملكها أسرته للقائد البحري البريطاني فأحرقها البريطانيون ودمروا قلعة أبو ماهر في مدينة المحرق وطلب المقيم من حاكمي البحرين وأبو ظبي دفع غرامة لحاكم قطر. وفي 12 من سبتمبر عام 1868م وقّع القائد البريطاني نيللي مع محمد آل ثاني معاهدة سلام في الدوحة أعادت الأمر لما كان عليه قبل الحرب.
مرت قطر بقلاقل وفتن داخلية عام 1905م أيام حكم قاسم آل ثاني، ويرجع الفضل للملك عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية في مساعدة الشيخ قاسم على حسم تلك الخلافات وإخماد الفتن، وإعادة الأمور إلى نصابها. وقد خشي الإنجليز من أن ينافسهم الملك عبدالعزيز في مناطق الخليج فوقعوا معه معاهدة دارين، التي تعرف أيضًا باسم معاهدة القطيف في ديسمبر 1915م. كما وقعوا اتفاقية مع حاكم قطر تقضي بأن تظل قطر تحت الحماية البريطانية. واستمرت قطر ـ بناءً على هذه الاتفاقية ـ تحت الحماية البريطانية حتى عام 1971م وهو العام الذي نالت فيه استقلالها التام.
وفي فبراير 1972م تقلد صاحب السمو الشيخ خليفة آل ثاني مقاليد الحكم. وتولى الحكم من بعده ابنه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في يونيو 1995م. انظر: قطر (نبذة تاريخية).
قطـر حديثًا
العلاقات الخارجية. بعد أن نالت قطر استقلالها سعت إلى خلق علاقات قوية مع جيرانها من دول المنطقة، ومع بقية البلاد العربية وسائر أقطار العالم. وقد بدأت علاقاتها الخارجية بالانضمام إلى جامعة الدول العربية عام 1971م أي في العام نفسه الذي نالت فيه الاستقلال. كما أصبحت في العام نفسه أيضًا عضوًا في الأمم المتحدة.
وفي عام 1981م اشتركت قطر مع جاراتها من دول الخليج في تكوين مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وظلت تعمل متعاونة مع جيرانها لتحقيق الأمن العسكري والاقتصادي الداخلي والخارجي. وإضافة إلى ذلك فقد انضمت دولة قطر إلى بعض المنظمات الاقتصادية العالمية فهي من الأعضاء المهمين في منظمة الدول المصدرة للنفط (الأوبك).
الاقتصاد. اعتمد اقتصاد قطر منذ تاريخها القديم، وحتى قُبيل منتصف هذا القرن، على الحرف التقليدية وعلى صيد اللؤلؤ. وأصبح اقتصاد البلاد يعتمد على النفط منذ اكتشافه في عام 1939م.
ومنذ أواسط سبعينيات القرن العشرين آلت ملكية صناعة النفط إلى الحكومة القطرية، وبدأت في العمل على تطوير إنتاجه ومنتجاته. وتُعد قطر اليوم من أغنى أقطار العالم حسب متوسط دخل الفرد.
الزراعة. تهتم دولة قطر بالزراعة اهتمامًا كبيرًا، رغم أن أغلب أراضيها لا تصلح للزراعة. وقد نجحت البلاد في إنتاج كثير من الخضراوات لدرجة أن الإنتاج المحلي يغطي حاجة كل سكان قطر. ومما ساعد على اهتمام المواطنين بالزراعة أن الدولة تقدّم البذور المحسَّنة بلا مقابل لكل المزارعين، كما تقدّم لهم المبيدات الحشريّة والأسمدة اللازمة. وقد جذبت هذه المساعدات التي تقدمها الدولة للمزارعين عددًا كبيرًا من الناس للعمل في هذا المجال، فازدهرت زراعة الفواكه إلى جانب الخضراوات.
الصناعة. تقوم صناعة قطر أساسًا على النفط وتصفيته، وعلى إعداد مشتقاته وتصنيعها. وتشمل الأسمدة والعقاقير والعطور والبلاستيك وغيرها. وتعادل صناعة النفط ومشتقاته 70,7% من دخل قطر الكلي. وإضافة إلى النفط فهناك مصانع للحديد والإسمنت والبلاستيك. ومصانع ضخمة للأسمدة. وتأتي الأسمدة في المرتبة الثانية في قائمة التصدير في دولة قطر.
نظام الحكم. يقوم الحكم في قطر على نظام الإمارة؛ وللبلاد أمير يقوم بتعيين مجلس الوزراء، ويتكون مجلس الوزراء من 17 عضوًا، وإلى جانب مجلس الوزراء هناك مجلس شورى يساعد الأمير في إدارة دفة الحكم. ويأتي أعضاء هذا المجلس عن طريق التعيين. ويتكون التشكيل الحالي لمجلس الشورى من 30 عضوًا.
السكان. منذ اكتشاف النفط عام 1939م استمر ازدياد الوافدين إلى قطر بشكل واضح وأغلبهم من الدول العربية المجاورة. وتوضح الإحصائيات أن عدد سكان قطر قد تضاعف20مرة خلال الفترة الممتدة من عام 1950م إلى عام 1990م. كما توضح أيضًا أن 95% من سكان قطر من أصل عربي.
التعليم. تسعى دولة قطر إلى نشر التعليم والوعي بين أفراد الشعب، وتقدمه بلا مقابل لسائر المواطنين. وقد بدأ التعليم بإنشاء مدرسة واحدة عام 1952م واستمر في الازدياد السريع المتلاحق حتى تضاعف عدد المدارس أضعافًا كثيرة خلال ثلاثة عقود من الزمان. وتوضح إحصائية عام 1990م أن عدد المدارس في قطر قد بلغ 160 مدرسة. وانتشرت فصول محو الأمية وتعليم الكبار في سائر أرجاء قطر فأصبح أكثر من 80% من السكان الآن يعرفون القراءة والكتابة. ولا يزال التوسع مستمرًا في مجال التعليم.
الخدمات العامة. اهتمت الدولة في قطر بكل ما يحقق سعادة ورفاهية أفراد المجتمع. فأنشأت في المجال الصحي عددًا من المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية. وأمدتها بالأطباء المختصين والأدوية اللازمة، كما أنشأت شبكة من الطرق البرية تربط أطراف البلاد وتسهل تنقل المواطنين دون عناء. كما أنشأت عددًا من دور الرعاية الاجتماعية التي تهتم بشؤون المحتاجين من أهل البلاد. وقد حفرت الدولة آبارًا ارتوازية يبلغ عددها نحو خمسين بئرًا في المنطقة المعروفة باسم روضات راشد لاستخراج المياه العذبة. كما أنشأت بها محطة للكهرباء، ومحطة للأسلاك، وهذه المنطقة تبعد عن الدوحة بنحو 22كم في اتجاه الجنوب الغربي.
وأنشأت الدولة كذلك أماكن عامة وميادين لراحة المواطنين وقامت ببناء عدد من المباني الحكومية الضخمة التي تدار منها شؤون البلاد وتُؤدى فيها حاجات المواطنين. وتقدم الحكومة قروضًا ومساعدات للمواطنين لإنشاء مساكنهم بالصورة التي يريدونها. وقد انتشرت المباني الحديثة في سائر أجزاء قطر خاصة في الدوحة. انظر: الدوحة.
وتعمل الحكومة القطرية على تحقيق مزيد من الرخاء والتقدم للشعب القطري.
ترأست قطر منظمة المؤتمر الإسلامي حتى عام 2003م، حيث استضافت الدوحة قمة المؤتمر التاسعة في نوفمبر 2000م.
وفي 16 مارس 2001م أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي قرارها في النزاع بين قطر والبحرين معلنة سيادة الدوحة على فشت الديبل والزبارة وجزيرة جنان، وسيادة المنامة على جزر حوار وقطعة جرادة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:53 pm

حكام قطر
الشيخ محمد بن ثاني
في عام 1848م وصلت أسرة آل ثاني إلى الدوحة قادمة من فويرط بزعامة محمد بن ثاني الذي ولد في فويرط. وبعد وفاة والده ثاني بن محمد أصبح هو زعيم قبيلته في فويرط.
وفي نهاية الأمر بسط محمد بن ثاني نفوذه في مختلف أنحاء قطر، كما عزز مركزه خارجياً بالتحالف مع فيصل بن تركي أمير الدولة السعودية الثانية الذي قام بزيارة قطر في أوائل عام 1851م
وفي أوائل الستينيات من القرن التاسع عشر ظهر الشيخ محمد بن ثاني كأهم شخصية ليس فقط في قطر بل أيضاً في شبه الجزيرة العربية كلها.
وفي 12 سبتمبر عام 1868م وقع معاهدة مع الكولونيل لويس بيلي المقيم البريطاني في الخليج تم بمقتضاها الاعتراف باستقلال قطر. وفي عام 1871م طلب من العثمانيين في الأحساء حمايته من أي اعتداء خارجي.
وبحلول عام 1876م سلم المسؤولية الإدارية لابنه الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني وذلك بسبب تقدمه في العمر.
وتوفي محمد بن ثاني عام 1879م.
الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني
ولد الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني حوالي عام 1825م وتولى المسؤوليــة الكاملة في قطر عام 1876م. حيث مُنح الشيــخ قاسـم لقب قائم مقام نائب الحاكم من قبل العثمانيين في العام نفسه.
لقد أدت محاولات العثمانيين إلى زيادة قوتهم في قطر عن طريق تعيين مسؤولين عثمانيين بما في ذلك إداريين في الزبارة والدوحة والوكرة وخور العديد، وأيضاً عن طريق إنشاء جمرك في الدوحة وكذلك تعزيز الحامية العثمانية في الدوحة- كل ذلك أدى إلى نشوب حرب مع الشيخ قاسم في شهر مارس 1893م في الوجبة على مسافة 15 كيلومتر غربي الدوحة.
واستطاع الشيخ قاسم وقواته إلحاق الهزيمة بالعثمانيين في المعركة. وتعتبر هزيمة العثمانيين هذه بمثابة علامة بارزة في تاريخ قطر الحديث نظراً للشجاعة التي واجه بها الشيخ قاسم وشعبه العثمانيين.
وفي يوليو 1913م توفي الشيخ قاسم الذي يعتبر مؤسس قطر الحديثة.
الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني
ولد الشيخ عبدالله بن قاسم عام 1880م بمدينة الدوحة.
وفي 17 يوليو عام 1913م أصبح حاكم قطر. واعترفت بريطانيا والإمبراطوريـة العثمانية بالشيخ عبدالله وورثته حاكماً على شبــه جزيرة قطر بأكملها، وتخلى العثمانيون عن كل حقوقهم في قطر في أعقاب نشوب الحرب العالمية الأولى. وأجبر الشيخ عبدالله العثمانيين على ترك الدوحة في عام 1915م.
وفي 3 نوفمبر 1916م وقعت بريطانيا معاهدة مع الشيخ عبدالله وذلك لإدخال قطر تحت نظامها المعروف باسم إدارة الإمارات المتصالحة.
وبمقتضى هذه الاتفاقية وافق الشيخ عبدالله على عدم الدخول في أي علاقات مع أي دولة أخرى بدون موافقة مسبقة من الحكومة البريطانية، وفي المقابل فإن بيرسي زكريا كوكس المقيم السياسي في الخليج والذي وقع المعاهدة نيابة عن الحكومة البريطانية ضمن حماية قطر من كل اعتداء تتعرض له من البحر.
وفي 5 مايو 1935م استطاع الشيخ عبدالله الحصول على موافقة بريطانيا على حماية قطر من الهجمات الداخلية والخارجية التي تتعرض لها بدون أن تكون هي السبب المحرك لهذه الهجمات.
وبعد اعتراف بريطانيا بالشيخ حمد الابن الثاني للشيخ عبدالله ولياً للعهد في قطر، وقع الشيخ عبدالله أول اتفاقية لمنح امتياز بترولي لشركة البترول الإنجليزية-الفارسية وذلك في 17 مايو 1935م.
وبموجب ذلك تم في أكتوبر 1938م حفر أول بئر للبترول في قطر وتم اكتشاف البترول في منطقة دخان في شهر يناير عام 1940م. غير أنه تم إغلاق آبار البترول بسبب تطورات الحرب العالمية الثانية.
وفي 30 يونيو 1948م قام الشيخ عبدالله بتعيين ابنه الشيخ علي بن عبدالله نائباً للحاكم وذلك عقب وفاة الشيخ حمد يوم 27 مايو 1948م. وكان آخر عمل قام به الشيخ عبدالله بوصفه حاكم قطر هو التوقيع على إمتياز قاع البحر مع شركة التعدين والاستثمار المحدودة في 5 أغسطس عام 1949م.
وتوفي الشيخ عبدالله يوم 25 أبريل عام 1957م.
الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني
ولد الشيخ علي بن عبدالله حوالي عام 1896م وأصبح حاكماً لقطر عقب تنازل الشيخ عبدالله عن الحكم لصالحه يوم 20 أغسطس 1948م.
وفي 31 ديسمبر 1949م تم تصدير أول شحنة من بترول الحقول البرية في قطر من محطة مسيعيد وبذلك دخلت قطر عصر البترول.
وفي 29 نوفمبر 1952م وقع الشيخ علي اتفاقية مع شركة شل للاستكشافات الخارجية المحدودة وذلك لاستخراج البترول من حقول بحرية.
وفي أول سبتمبر 1952م تم أيضاً توقيع اتفاقية جديدة مع شركة بترول العراق (التي أصبحت فيما بعد شركة بترول قطر). وبمقتضى هذه الاتفاقيات حصلت قطر على %50 من أرباح تصدير البترول.
وتمشياً مع استكشاف البترول في قطر اتخذ الشيخ علي خطوة لإنشاء نظام إداري فعال يتولى إدارة الاقتصاد البترولي.
وتم تكليف رونالد كوكرين بتنظيم قوة شرطة، بينما تم في يناير 1950م تعيين فيليب بلانت وهو ضابط سابق في سلاح الطيران الملكي البريطاني مستشاراً لحاكم قطر.
وفي أغسطس 1950م عينت بريطانيا آرثر ويلتون كأول مسؤول سياسي في قطر.
وتوفي الشيخ علي يوم 31 أغسطس عام 1974م.
الشيخ أحمد بن علي آل ثاني
ولد الشيخ أحمد بن علي حوالي عام 1920م في الدوحة.
وأصبح حاكماً لقطر في 24 أكتوبر 1960م عندما تنازل والده الشيخ علي عن الحكم. وفي نفس التاريخ تم تعيين الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني ولياً للعهد ونائباً للحاكم.
وشهدت فترة حكم الشيخ أحمد نمو النشاط الاقتصادي في قطر نتيجةً لاكتشاف عدد ٍ كبير من حقول البترول في البلاد. وفي يناير 1964م بدأ الإنتاج على نطاق واسع في حقل العد الشرقي وهو أول حقل ٍ بحري في العالم يتم تشغيله كمرفقٍ بحري بصورةٍ تامة.
وفي عام 1963م تم اكتشاف حقل بترول ٍ أكبر: هو ميدان محزم.
وفي عام 1965م تم إنشاء محطة لتجميع البترول على جزيرة حالول. وفي العام نفســه، بدأت عمليـــات الاستكشاف في حقــل أبو الحنين ثم بدأ الإنتاج عام 1977م.
ومع نمو الاقتصاد البترولي تقدمت قطر بسرعة نحو استحداث نظام إداري حديث. وأنشأ الشيخ أحمد وزارة ً للمالية في نوفمبر 1960م وعين الشيخ خليفة كأول وزير ٍ للمالية، كما تم إنشـــاء الإدارة المالية العامـة للتعامــل مــع جميع المسائــل الحكومية ذات الطابع المالي والإداري. وفي عام 1967م تم إنشاء إدارة شؤون الموظفين. وتدريجياً بدأت الإدارة في قطر تأخذ شكلها النهائي واتجهت البلاد صوب الاستقلال.
وعقب إعلان حكومة حزب العمال البريطاني في شهر يناير 1968م سحب قواتها من شرق قناة السويس منهية ً بذلك معاهدات الحماية مع حكام الخليج، ومع اخفاق هؤلاء الحكام في تكوين اتحاد كونفيدرالي يضم إمارات الخليج التسع، اتجهت قطر حينذاك لتشكيل مجلس وزراء لها.
وفي 2 أبريل 1970م صدر الدستور المؤقت وتم تشكيل أول مجلس للوزراء في البلاد يوم 28 مايو 1970م.
وفي 3 سبتمبر 1971م أعلن استقلال قطر وبذلك أنهيت المعاهدة البريطانية القطرية التي أبرمت عام 1916م.
وتوفي الشيخ أحمد يوم 25 نوفمبر 1977م.
الشيخ خليفه بن حمد آل ثاني
ولد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني في الريان عام 1932م.
وفي 22 فبراير عام 1972م تقلد الحكم في البلاد. فشرع في عملية إعادة تنظيم الحكومة. وكان أول عمل قام به في هذا الاتجاه هو تعيين وزير للخارجية، ومستشار للأمير في شؤون البلاد اليومية، وفي 19 أبريل عام 1972م عدل الدستور، وزاد عدد الوزراء بتعيين وزراء جدد، وتمت إقامة علاقات دبلوماسية مع عدد من الدول على مستوى السفراء، وفي 18 يوليو 1989م أجري تعديل وزاري لأول مرة، خرج به معظم الوزراء السابقون من الوزارة، والتي أصبحت تضم 15 وزيراً.
وتم تعديل وزاري آخر في 1/9/1992م برئاسة الشيخ خليفة وصار عدد الوزراء 17 وزيراً.
وتمشياً مع التوسع في الوظائف الإدارية للدولة أعيد تكوين مجلس الشورى في 4/12/1990م، وتم تعيين 19 عضواً وأحتفظ 11 عضواَ سابقين بعضويتهم، إضافة إلى ذلك تم إنشاء ديوان المحاسبة للتدقيق في كل من أداء الأجهزة الحكومية و ذلك وفقاً للموازنة، وفي الإدارة المالية. ومع توسع مهام الحكومة وخدماتها أعيد تنظيم ديوان الخدمة المدنية.
وزادت عائدات الدولة من النفط نتيجة ً لزيادة عدد اتفاقيات الشراكـــة في الإنتاج والتي وقعتها الحكومة مـــع عدد من شركات النفط الأجنبية. وقد أبرمت اتفاقيتا مشاركة في الإنتاج مع شركة ستاندارد أويل أف أوهايو في يناير 1985م، ومع أموكو في فبراير 1986م، كما أبرمت اتفاقية أخرى في يناير 1989م بين قطر وشركة ألف أكتين الفرنسية.
وفي أواسط عام 1991م بدأ إنتاج الغاز الطبيعي في حقل الشمال الذي يعتبر ثاني أكبر حقل منفرد للغاز غير المصاحب في العالم، واحتياطيه المثبت حوالي 250 تريليون قدم مكعب، وربما هو 500 تريليون قدم مكعب.
في يونيو عام 1995م انتقل حكم البلاد من الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني إلى ولي عهده سمو الشيخ حمد بن خليفة
آل ثاني
الشيخ حمد بن خليفه ال ثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:54 pm

عدد سكان ومساحة قطر
الموقع
دولة قطر شبه جزيرة تقع في منتصف الساحل الغربي للخليج العربي، ويتبعها عدد من الجزر أهمها جزر حالول وشراعوه والأسحاط.
التضاريس
تتكون أراضي قطر من سطح صخري منبسط مع بعض الهضاب والتلال الكلسية في منطقة دخان في الغرب ومنطقة جبل فويرط في الشمال ويمتاز هذا السطح بكثرة الأخوار والخلجان والأحواض والمنخفضات التي يطلق عليها (الرياض) وتتواجد في مناطق الشمال والوسط التي تعتبر بدورها من أخصب المواقع التي تكثر فيها النباتات الطبيعية.
المساحة
تبلغ مساحة دولة قطر (11,521) كيلومتراً مربعاً.
السكان
يبلغ عدد سكان قطر حوالي مليون وثمانمائة ألف نسمة (بحسب تعداد عام 2012) ويسكن ما نسبته 83% من السكان في الدوحة وضاحيتها الرئيسية الريان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:55 pm

لبنان:نشأته و فصله عن أصله
الإسلام والغرب
حمَّلَ الرسولُ أمَّته أمانةً عظيمة، وأمرَها بنشرِها وحراستِها، ألا وهي الإسلامُ بوصفه عقيدة ونظاماً. فبعد أن أقام أولَ دارٍ للإسلام، خاضَ في سبيلِ نشرِ هذه الأمانةِ صراعاً مع الباطل، واستمرَّ المسلمون من بعده في هذا الصراع، وعملوا على نشر الإسلام وإقامةِ العدل، فعظُمَت دولة الإسلام واتسعَت مساحتُها، حتى تاخمَت بلاد الصين والمحيطَ الهادئ شرقاً، والمحيطَ الأطلسيَ غرباً، مخترقةً أوروبا من غربها وشرقها. وكان لبلاد الشام، بما فيها رقعةُ الأرضِ المعروفة اليوم "بلبنان" شرفُ الانضواء في دار الإسلام في وقت مبْكرٍ زمنَ الخلفاء الراشدين. وكان من ضمن هذا الصراع؛ صراعُ المسلمين مع الغرب والذي استمرَّ مئات السنين ولا زال.
وما زال المسلمون يرتقون سلَّمَ النهضة، حتى وصلوا إلى منتهاه، وسادوا عدةَ قرون، لا تقوى حضارةٌ على منافسةِ حضارتهم، ولا جيشٌ في الانتصار عليهم، ولا تجرؤُ أمةٌ على عرقلةِ مسيرتهم، فمقولةُ الجيشِ الذي لا يقهر كانت عَلَماً على جيشهم...إلى أنْ دخلَ في الإسلام ما ليس منه، وتراكمَت المفاهيم المغلوطة والأفكار الفاسدة لدى الأمةِ لعدةِ قرون. ووصل الانحطاط أدنى مداركِه مع تغلغل الفكر الغربي في عقول أبنائنا؛ ففقدَت الخلافة مناعتها، وفتكت الجراثيمُ بأعضائها، فسقطَت هيبتُها وانهارَت قواها، ما جرَّأ أعداءها الذين كانوا يتربصون بها الدوائر ويكيدون المؤامراتِ عليها، حتى كان لهم ما أرادوا بإتيانها من قواعدها وهدمِها ونهشِ جسدها وتقطيعِ أوصالها ونهبِ ثرواتها، من خلال التدخل بدايةً في شؤونها وفرضِ الامتيازات عليها منذ القرن السادس عشر، حين بدأت بعضُ الدول الأوروبية، في مقدمتها فرنسا، تَمُدُّ نفوذها داخلَ دار الإسلام من خلال ما عُرِف بالامتيازات التي منحَتها إياها الدولةُ العثمانية. وفي القرن الثامن عشر، بلغَ تدخل الدول الأوروبية مبلغاً عظيماً، من خلال ادِّعائها حمايةَ الأقلياتِ داخل الدولة، وسنِّ القوانين وفرضها على الدولة العثمانية، بالترافق مع تغلغل أفكارِها ونشرِ ثقافتها وإحداثِ القلاقل والاضطرابات والفتن والانقسامات داخلها، إلى أن توصلَت لإلحاق الهزيمةِ الشديدةِ والتاريخيةِ، بالمسلمين على كافَّة الصُّعد: الفكرية والسياسية والاقتصادية والتعليمية... ونتيجةً لذلك سقطت دولة الإسلام صريعة، ولأوَّل مرةٍ في تاريخ المسلمين، بعد أن حكمَت بالإسلام أكثرَ من ثلاثةَ عشرَ قرناً، فضاع المسلمون وحاروا في الأسباب وطريق الخلاص، وقسِّمت بلادُ المسلمين تحقيقاً لمصالح الدول الاستعمارية، ومُزِّقت أكثر من خمسين مِزقة، وسميت كل مزقة دولة، فكان "لبنان" و"سوريا" و"العراق" و"مصر" و"السعودية" ...
نشأة الكيانات نتيجة الهزيمة
إن نشأة لبنان وغيرِه من الكيانات، هي نتيجةٌ لهزيمةٍ تاريخية للمسلمين، لم يسبق أن هُزموا مثلها، ولا أيام غزو المغول. ولم يكن لدول الغرب أن تقسِّم دولتنا، لولا الضعف الفكري والسياسي والاقتصادي... الذي انتابها. إلا أنه ضعفٌ طارئ وحالةٌ استثنائية لن تلبث أن تزول، إذا ما قيست بزمن السيادة لهذه الأمة. والتاريخُ يؤكد ذلك، فالمسلمون طردوا الفرنجة الصليبيين من الساحل الشامي بعد احتلاله مئتي عام. وستعودُ الأمورُ إلى نصابها بإذن الله، ولاغرو، إذ الأمة تشهد حالة تحول جذري في الفكر والشعور ستعيدها بإذن الله إلى الوعي الذي كان عند الجيل المسلم الأول، لتقوم على أساسه خلافةٌ راشدة، بشَّر بها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبدأت بشائرها تلوح في الأفق.
نشأة الكيان اللبناني التاريخية
لم يُعرفْ تاريحٌ للبنان بوصفه كياناً مستقلاً قبل عام 1920. إذ كان جزءاً من المنطقة، وهذه حقيقة لم يقدر مزوّرو تاريخِ لبنان على إخفائها. فقبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة كان الفينيقيون يقطنون المدن الساحلية كطرابلس وجبيل وصيدا وصور وعكا ... ولم تعرف هذه المدن وحدة سياسية فيما بينها فكانت بمثابة دول مستقلة، وبعد العهد الفينيقي خضعت هذه البقعة الجغرافية بالإضافة إلى المناطق المجاورة ، إلى نفوذ دول متعددة ولفترات زمنية مديدة، كالآشوريين والفراعنة والاسكندر المقدوني والدولة التدمرية والامبراطورية الفارسية و البيزنطيةثم الفتح الإسلامي . ولم يكن الكيان اللبناني المعروف اليوم في أي فترة من الفترات ككيان مستقل عن المنطقة .(انظر الخرائط ص)
فلفظةُ لبنان تعني جبلا معيَّنا، اختلفَ المؤرخون حولَ مداه الجغرافي. يذكر صاحبُ كتابِ "نقد الفكرة اللبنانية" وليد نويهض أن "جميع الدِّراساتِ والمؤلفات التاريخية، تُجْمع على أن اسم جبل لبنان، ليس ذا دلالةٍ جغرافية في كل زمان، فحتى القرنين السابع عشر والثامن عشر لم يكن اسم جبل لبنان يشمل سوى المناطقِ الجبلية الشمالية من البلاد، وهي: بشري والبترون وجبيل. أما المناطقُ الأخرى من كسروان إلى الجنوب، فكانت تُعرف بأسماءٍ محلية ومختلفة، وبقيت كذلك إلى بداية القرن التاسع عشر، بدأ الاسم يتعمَّم على مجموع المناطق الجبليَّة اللبنانية المعروفة حاليا" وتجدر الإشارة هنا إلى أن جبال لبنان لم تكن مسكونة قبل الفتح الإسلامي بل كانت عبارة عن غابات كثيفة ، يقول د محمد علي الضناوي في كتابه تاريخ لبنان والمنطقة" فعندما وجد الموارنة أنفسهم في عزلة متصاعدة عن الحكم البيزنطي وكنيسته، بل هدفاً للتشويش عليهم وللتأثير في عقائدهم، ووجدوا أن سهول سوريا وسواحلها قد اتبعت الدين الجديد، اعتقدوا أن الجبال العالية في لبنان أضمن لسلامتهم، خاصة وأنها بعيدة عن بيزنطة، وقد تركها المسلمون دون أن يدخلوها لخلوها من السكان من جهة، ولسيطرتهم على سواحلها وسهولها في البقاع من جهة أخرى ... انتقال عائلات مسيحية إلى جبال لبنان كان على شكل موجات وبعد الفتح الإسلامي بخمسين سنة... وهكذا يمكن أن نردد مع الأب لامانس اليسوعي، قوله (فجاء الموارنة إلى لبنان على موجات صغيرة واستقروا، في أعاليه الشمالية في منطقة الجبة القريبة من وادي العاصي، وفي بلاد العاقورة (بلاد جبيل) التي كانت ولا تزال قليلة السكان كثيرة الغابات )([1]) ". ويبدأ تاريخ "لبنان" الحديث مع نجاح التدخل الغربي في (جبل لبنان) في القرن التاسع عشر وإحداث الفتن والقلاقل. ويتفق المؤرخون على أن بداية النزاع على أساس طائفي في (جبل لبنان)، كان بفعل التحريضِ الذي مارسته دولُ أوروبا بين الطوائف. فقد عاشت الطوائف والمذاهب في ظلِّ حكم الإسلام مئاتِ السنين جنباً إلى جنب بأمن واطمئنان، ولم يعرف النظام الإسلامي فكرة الأكثرية والأقلية. فلم يحكم المسلمون بوصفهم أكثرية تستبد وتتسلط على الجماعات الدينية الأخرى، بل كانوا يخضعون هم والآخرون لنظام الإسلام الذي ينظر إلى الناس نظرة واحدة بوصفهم أناساً. وما المشكلاتُ والفتن والقلاقل والاضطرابات التي حدثت في جبل لبنان بين الدروز والموارنة بين عامي 1840 و 1860 إلا بسببِ تدخلِ دول الغرب في شؤون الخلافة. يقول جورج قرم في كتابه لبنان المعاصر: "بين عامي 1840 و 1860 اصطرعت الطوائف الدينية بشكلٍ عنيف ودموي على خلفية الصراع بين فرنسا وإنكلترا للتحكم بطريق الهند..."، ويقول عند الكلام عن أحداث 1840: "إن نهاية الوجود المصري من سوريا ولبنان، والتنافسَ بين فرنسا وإنجلترا لكسب ود الطوائف في الجبل والسيطرة عليها، أديا إلى صدامات دامية بين هذه الطوائف". ويقول: "إن متصرفية جبل لبنان استُعملَت كحقل اختبار من قبل القوى الأوروبية الساعية إلى الإخضاع التدريجي لهذه السلطنة وتجزئتها". ويقول وليد نويهض في كتابه "نقض الفكرة اللبنانية": "ومن هنا تأسس في ما بعد ما يسمى بمشكلة الأقليات في الشرق عند بدء تغلغل الرأسمالية الأوروبية، وازدياد نفوذها في المنطقة". هذا التدخل الذي أخذ صوراً متعدِّدة، على رأسها حمايةُ الرعايا الأجانب، كما حدث حين افتعلت إنكلترا حادثةَ قتل الأجانب في مصر واتخذت ذلك ذريعةً لاحتلالها، ومنها صورة حماية الأقليات. فادّعت فرنسا حمايةَ نصارى الشرق لا سيّما موارنة لبنان، وادّعت بريطانيا حمايةَ الدروز، وادعى الروس حماية الأرثوذكس... كل ذلك من أجل مصالح تلك الدول.
وقد بلغ التدخل في لبنان مبلغاً عظيماً، فقد ورد في رسالة من يوسف كرم إلى البطريرك الماروني سنة 1857م: "لقد أصبحت أمورنا في هذه الأيام، تابعةً لإنكلترا وفرنسا، وإذا ضرب أحدهم جارَه تصبح المسألة إنكليزية أو فرنسية، وربما قامت إنكلترا أو فرنسا بالتدخل من أجل فنجان قهوة يهرق على أرض لبنان". وهذا التدخل الأوروبي في شؤون البلاد الإسلامية، ولا سيما جبل لبنان، وضع أُولى بذور الكيان اللبناني، إذ سنة 1843م قام أولُ نظام إداريٍّ متميزٍ في الجبل، فرضتْه الإرادةُ الأوروبية على دولة الخلافة المتداعية، وهو نظام القائمقاميتين الذي قسَّم الجبل إدارياً على أساسٍ طائفي بين الموارنة والدروز. وقد أثبت هذا النظام فشله في أقل من عشرين عاماً، إذ أجَّج الفتنَ الطائفية بدل أن يخمدها، فانتهى بفتنة 1860 التي أزهقت أرواحَ الألوف من أهل الجبل. وحين حاولت دولةُ الخلافة إنهاءَ هذه الحالة الشاذَّة بإعادة الجبل إلى الوضع الإداري الموافق لسائر ولاياتها، سارعَت بعضُ الدُّول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، إلى إرسال ألوف الجنود إلى المنطقة، بحجة الدفاع عن الأقليات، ما أجبر السلطنةَ على الموافقة على وضع نظامٍ خاصٍّ جديد لمنطقة الجبل، فنشأ سنةَ 1863م ما عُرِفَ بنظام المتصرفية، الذي قضى بأن يكون الجبلُ منطقةً إدارية يحكمها متصرفٌ عثماني كاثوليكي من غير أهل الجبل، تعيِّنه دولةُ الخلافة بعد موافقة الدول الكبرى عليه.
سنة 1918م هُزِمَت السلطنة العثمانية أمامَ الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وخرجَت جيوشُها من بلاد الشّام والعراق وجزيرة العرب، وكانت المنطقةُ المعروفة اليوم "بسوريا" و"لبنان" من نصيب الاحتلال الفرنسي، بناءً على اتفاقية سايكس بيكو. وكانت فرنسا قد أعدت مشروعاً لتقسيم المنطقة التي نالتها إلى خمس دول، تقوم على أساسٍ طائفي، منها: دولة للموارنة ودولة للعلويين وأخرى للدروز. لكن هذا المشروع لم يلقَ قبولاً لدى السُّكان، اللّهم إلا المشروعُ المتعلِّق بدولة لبنان، لأنَّ معظم الموارنة تبنَُّوه وجعلوه قضيتهم، بناء على حسابات مغلوطة لديهم، ولا زلنا نحصد نتائجها حتى يومنا هذا. ولذلك أقدمت فرنسا في الأول من أيلول عام 1920 على إعلان دولة لبنان على لسان الجنرال غورو الحاقد على المسلمين وصاحب المقولة الشهيرة أمام قبر صلاح الدين: "ها قد عدنا يا صلاح الدين". وكان ذلك على أساس توسيع مساحة متصرفية الجبل، ليضم إليها مدن الساحل، طرابلس وبيروت وصيدا ومناطقَ عكار والبقاع وجبل عامل، فضمَّ إلى مساحة المتصرفية البالغة مساحتها 3500 كلم2 ضعفيها، ليوجد "لبنان" المعروف اليوم، فكان نشوء الكيان اللبناني. وتجدر الأشارة هنا إلى أن مزوري التاريخ اللبناني يركزون على تاريخ الجبل في العهد الإسلامي والذي يعتبر ثلث مساحة اليان المصطنع من قبل الفرنسيين ؛ ويتجاهلون تاريخ ثبثي هذا اليان مع العلم أن الجبل كان يخضع لولايتي طرابلس وصيدا ، يقول الدكتور محمد علي الضناوي في كتابه تاريخ لبنان والمنطقة "من الاطلاع على مناهج وزارة التربية والمناهج الجامعية وعلى مجمل الكتابات التاريخية التي تحدثت عن "تواريخ" لبنان، نجد أن تاريخ جبل لبنان يكاد يكون هو تاريخ لبنان، فكأن لبنان هو الجبل والجبل هو لبنان، أما تاريخ المناطق التي ألحقت بالجبل لتكون دولة لبنان الكبير فلا تاريخ لها، إلا بالقدر الذي يخدم تاريخ أمراء الجبل أو يرتبط بهم... الجبل لم يكن منذ الفتح الإسلامي وحتى المتصرفية ولاية بنفسه، بل كان دوماً جزءاً تابعاً في قسمة الشمالي لولاية طرابلس وبقسمة الجنوبي لولاية صيدا يعقل أن تدرس مقاطعات جبل لبنان التابعة لولايتي طرابلس وصيدا ،وتهمل الولايتان إلا ما كان من تاريخهما ضرورياً لتوضيح صورة الجبل "
انقسام السُّكان حول الكيان الجديد
ولم يحظَ هذا الكيان بقبول أهله سوى الطائفةِ المارونية التي رأت فيه تحقيقاً لطموح تنامى لديها مع تنامي التدخُّل الفرنسي في شؤون الدولة العثمانية. وقد جاء في كتاب "تاريخ لبنان الحديث" للكاتب فواز الطرابلسي: "إنَّ عدداً لا يُستهان به من المسيحيين غير المارونيين من الروم الأرثوذوكس والكاثوليك، عبَّروا عن رغبات مشابهة لتلك التي عبَّر عنها المسلمون، فغالبية سكان زحلة مثلاً الحاضرة ذات الأكثرية الكاثوليكية، صوَّتت إلى جانب الانضمام إلى سورية وضد الانتداب، ووقع 500 من وجهائها عريضة بهذا المعنى، سلمت إلى لجنة كينغ كراينغ ". وجاء في كتاب "نقد الفكرة اللبنانية" لوليد نويهض: "جاء إعلان الجنرال غورو بتوسيع رقعة جبل لبنان الجغرافية وضم الأقضية الأربعة إليه رغم أنف الأهالي (المسلمون بغالبيتهم)". وجعلت فرنسا من الكيان اللبناني أمراً واقعاً، فرضته على الناس بمنطق أن الحق للقوة، ما اضطَرَّهم للتعامل معه على مضض.
هدف فرنسا من تكوين "لبنان" بهذا الشكل
حين تشكيل هذا الكيان الجديد لم تكن فرنسا جاهلةً بهشاشة هذه الدولة، وضعفِ تركيبتها، ورفضِ معظم أهلها لها، بل عملت كغيرها من الدول الاستعمارية وبقصد هادف، على جعل الأقليات في سدَّة الحكم، حتى لا تقوى على الحكم بمعزل عن معونتها، وحتَّى توجِد لها موطئ قدم في قلب العالم الإسلامي تحرِّكه لصالحها متى شاءت، وتشعل الحروب منه، وتنشر الاضطرابات والقلاقلَ كلَّما أرادت، وتبثّ الأفكارَ الهدّامة والثقافة الغربية من خلالها، وما إنشاءُ لبنان بهذه التركيبة العجيبة والمخالفة للمنطق والواقع إلا بسبب ذلك. ومن أعجب الأمور أن يُروّج أن "لبنان" بهذا النظام الطائفي والعلماني في آن معاً يتمتع بخصوصية فريدة، وأن هذا مصدر غنى وقوة له، وأن هذا النموذج يجب أن يعمم على سائر الأقطار والكيانات المصطنعة، لإخفاء الحقيقة المعاكسة لذلك، وهي أن هذه التركيبة مصدر ضعف لا موضع فخر، إذ تشكل بؤرة توتر تسهّل على الآخرين التدخل وإحداث القلاقل فيه وفي المنطقة من خلاله.
جاء في كتاب "نقد الفكرة اللبنانية": "في فترة الانتداب، كان لجبل لبنان حصَّة الأسد من الاهتمام الغربي، بصفته أول اختراق أوروبي سياسي جدي للسلطنة العثمانية، ولأنه يتمتع بموقع خاص، وتركيبة سكانية مميزة يتيح للمصالح الغربية حرية التصرف دون حسيب أو رقيب". وفي إطار خطة الغرب لضرب الأمة الإسلامية وإسقاط دولة الخلافة، يذكر العالم القدير عبد القديم زلوم أمير حزب التحرير السابق رحمه الله تعالى في كتاب "كيف هُدمت الخلافة": "وُضِع لمركز بيروت المخطط على أن يعمل للمدى الطويل والنتائج البعيدة...وكان مركز بيروت سُمّاً ناقعاً قتّالاً، حوّل الآلاف من أبناء المسلمين إلى كفار، وحوّل العلاقات الإسلامية إجمالاً إلى علاقات تسير حسب أحكام الكفر، وكان أثره فظيعاً في ضرب الدولة أثناء اشتباكها مع الكفار في الحرب العالمية الأولى...إلا أن المستوى الذي أنتجته أعمال الدول الأوروبية من مركز بيروت، هو إيجاد جواسيس، والقيام بأعمال تخريبية للأفكار والنفوس " ومن هذه الأفكار:
ـ القومية، حيث أنشئ في بيروت عام 1875 أول حزب قومي في البلاد الإسلامية باسم "الجمعية السرية" والتي راحت تعمل على الدعوة للقومية العربية.
ـ إثارة العداء للدولة العثمانية.
ـ إيهام الناس أن النهضة لا تقوم إلا بفصل الدين عن الحياة، فأوروبا لم تنهض إلا بعد فصل الدين عن الحياة.
ـ إثارة النعرة الوطنية.
ـ نشر الديموقراطية والحريات.
ـ محاربة اللغة العربية والدعوة لوضع قواعد للعامية.
ـ العمل على الغزو التبشيري والثقافي باسم العلم، فأقاموا المدارس والإرساليات الأجنبية للترويج لهذه الأفكار. كما وأنشأوا الجمعيات العديدة لتعمل على تحقيق مصالح الغرب والترويج لأفكاره على ألسنة أبناء الأمة المضبوعين بالغرب.كل ذلك انطلاقا من "لبنان".
سعي بريطانيا لإقامة كيان شبيه
وبالمناسبة إن تجاوب الموارنة مع الغرب، لاسيما فرنسا، دفع بريطانيا إلى خلق وضع مشابه لما في لبنان، بإقامة كيان لليهود في فلسطين، بعد نقلهم من أوروبا والعالم إليها. فقد جاء في كتاب جورج قرم "لبنان المعاصر" نقلاً عن عادل إسماعيل "تاريخ لبنان": "منذ تاريخ 1840، أدرك قنصل إنكليزي في بيروت، خطر هذه السياسة الفرنسية، فكتب إلى وزارة الخارجية في لندن مقترحاً قيام الحكومة الإنكليزية بإقناع الطائفة اليهودية في إنكلترا بالاستيطان في فلسطين، بهدف أن تستفيد إنكلترا بدورها من وجود مجموعة دينية تدين لها بالولاء...".
الخلاصة
جاء في كتاب "نقد الفكرة اللبنانية": "فالكيان اللبناني في صيغته الراهنة، كان نتاج القرار السياسي الفرنسي في العام 1920، والدستور اللبناني هو بمثابة طبعة منقحة عن الدستور الفرنسي... قرار إعلان الكيان قرار فرنسي، ودستور تركيبة الكيان دستور فرنسي، وقد أعيد إنتاجهما في تسوية العام 1943".
ومنذ قيام هذه الدولة، والصراعات والفتن قائمة، لا تخبو فترة حتى تعود شرارتها لتنطلق مرة أخرى، حاصدة الدمار والخراب والقتل والتشريد والمجازر...
فلِمَ الوهم بأن وجود هذا الكيان هو ضرورة تاريخية وحضارية ؟! ولِمَ الوهم بأنه يشكل َضمانة لغير المسلمين، ولاسيما للنصارى، بينما هو في الحقيقة أنشئ ليضعهم في مواجهة أهل المنطقة من المسلمين، بل في مواجهة بعضهم البعض؟!
والحـمـد لله رب العـالمـين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:56 pm

تاريخ رؤساء جمهورية لبنان منذ الإستقلال
1926 1934
2 أنطوان أبو أرض 1934 1934 بصفة مؤقتة
3
حبيب باشا السعد 1934 1936 1867 1942
4
إميل إده 1936 1941 1886 1949
5 بيير جورج أرلبوسي 1941 1941 1891 1950 بصفة مؤقتة
6
ألفرد جورج النقاش 1941 1943 1887 1978
7
أيوب ثابت 1943 1943 1884 1951 بصفة مؤقتة
8
بترو طراد 1943 1943 1886 1947
رئيس الجمهورية (الاستقلال)
9
بشارة الخوري 1943 1943 1892 1964
4-2
إميل إده 1943 1943
9-2
بشارة الخوري 1943 1952
10
فؤاد شهاب 1952 1952 1902 1973 بصفة مؤقتة
11
كميل شمعون 1952 1958 1900 1987
10-2
فؤاد شهاب 1958 1964
12
شارل الحلو 1964 1970 1912 2001
13
سليمان فرنجية 1970 1976 1910 1992
14
إلياس سركيس 1976 1982 1924 1985

بشير جميل 1982 1982 1982 تم انتخابه إلا أنه اغتيل قبل أن يتولى المنصب
15
أمين جميل 1982 1988 1942
16
سليم أحمد الحص 1988 1989 1929 بصفة مؤقتة
17
رينيه معوض 1989 1989 1925 1989 ثم اغتبل
16-2
سليم أحمد الحص 1989 1989 1929 بصفة مؤقتة
18
إلياس الهراوي 1989 1998 1926
19
إميل لحود 1998 1936
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:56 pm

مساحة لبنان وعدد سكانه
10452 كيلو مربع
عدد سكان 4.5 مليون نسمة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:58 pm

تاريخ موريتانيا من البداية وإلى غاية الإستقلال
معطيات عامة حول موريتانيا
• أصل التّسمية: تعتبر موريتانيا همزة وصل بين العالمين العربي والإفريقي وتمثّل الصّحراء الجزء الأكبر من أراضيها، ويرجع اسم موريتانيا أصلا إلى الكلمة اليونانية Mauros بمعنى الأسمر، واللاّتينية Mauritania بمعنى الأسود. وقد تأسّست شنقيط سنة 660هـ على ايدي رجال من قبائل الأغلال وإدوعلي والسماسيد وربما غيرهم، ولعلّ تأسيسها الأوّل تم على يدي مجموعات تلتها أخرى بتأسيس ثان، وبها ترسّخت تقاليد الدرس والإمامة والقضاء والفتيا ولتكون بمثابة عاصمة وسوق تجارية وأدبية وتمّ بناؤها في منطقة آدرار.
• الموقع الفلكي: ينحصر أقصى امتداد لموريتانيا بين درجتي عرض 16، 28 شمالا ودرجتي طول 4 و28 غربا ، وكل حدودها تقريبا عبارة عن حدود هندسية مستقيمة.
• الموقع الجغرافي: موريتانيا أو بلاد شنقيط دولة عربية إفريقية إسلامية تقع في الجزء الشّمالي الغربي من قارة إفريقيا بين دول المغرب العربية في الشّمال ودول السّاحل الإفريقي من الجنوب .
يحدّ موريتانيا من الشّمال الصّحراء الغربية ومن الشمال الشّرقي الجزائـر، ومالي من الجنوب الشّرقي والشّرق، والسنغال من الجنوب الغربي والمحيط الأطلسي من الغرب ويبلغ طول ساحلها 1500 أو 2000 كم ، أمّا سطحها فمعظم أراضيها عبارة عن صحاري فيما عدا المنطقة الّتي تقع قرب نهر السّنغال الخصيب في جنوب البلاد، وفي الوسط سهول رملية وأشجار هزيلة والشّمال جاف ويمتدّ في الصّحراء الكبرى.
تشغل موريتانيا الجزء الغربي من الصحراء الكبرى التي تمتدّ حزاما بين السّودان والبلاد المغربية وتتناثر على رقعتها مناطق جبلية أشبه بهضاب متّسعة وتلتقي فيها من حين لآخر بآبار وواحات صغيرة.
• المناخ: موريتانيا بلاد صحراوية وأرضها قاحلة ومناخها حار ولكنه صحّي باستثناء بعض المناطق الموبوءة والمناطق الجافّة وهي قليلة ويمكن تقسيم البلاد من حيث المناخ إلى أربع مناطق:
1- منطقة بوراتيين السّاحلية وهي تتمتّع بجوّ بحري وهواء مستمر
2- منطقة نواكشوط وهي أيضا تتمتّع بجوّ بحري إلى حدّ بعيد ولكن حرارتها في موسم الجفاف تشبه حرارة الدّاخل.
3- منطقة النّهر وهي في جنوب البلاد وتتمتّع بجوّ لا بأس به مدّة 6 أو 7 أشهر، ولكن درجة الرّطوبة فيها مرتفعة وفصل المطر فيها يدوم من جوان إلى أكتوبر واختلاف الحرارة بين النهار واللّيل قليل في الغالب.
4- المنطقة الصّحراوية وهطول الأمطار فيها غير موقوت ولا منتظم وتدوم الحرارة فيها 6 أو7 أشهر ويحدث فيها اختلاف كبير في الحرارة بين اللّيل والنّهار.
• المساحة واللّغــة: تقدّر مساحة موريتانيا بـ 1030700كم2 وهي رابع دولة عربية من حيث المساحة بعد الجزائر والسعودية وليبيا ، أمّا في مايخصّ اللّغـات السائدة فيها فنجد أنّها مرتبطة بوضعها التّاريخي وهي تتمثّل في اللّغة الفرنسية قبل الإستقلال واللّغة العربية واللّهجات الإفريقية المحلّية كالتكرور والسنوينكه أو السراكولي ولهجة الوولف، ولقد أدّى رفض القبائل إلى تعريبها تماما منذ الإستقلال إلى عرقلة حركة التّعريب، وتطوّرت الأزمة عام 1968م عندما أصدرت الحكومة قرارا يجعل العربية لغة رسمية إلى جانب الفرنسية تمهيدا للإنضمام إلى الجامعة العربية الّذي تمّ فعلا عام 1973م، وأصبحت الإجازة الأسبوعية منذ عام 1983م يوم الجمعة بدلا من الأحد وبدأت موريتانيا تشهد ملامح وعمليات تكرس التعريب وعروبة البلاد.
• التركيبة السكّانية: يتألّف المجتمع الموريتاني من النّاحية السّلالية والعرقية إلى ثلاث مجموعات سكّانية رئيسية هم الزّنوج والبربر والعرب، وقد أسهمت عوامل متعدّدة في تكوين ملامح المجتمع الموريتاني وتركيبته السّلالية وأهمّ هذه العوامل هي الموقع بالنّسبة ودخول الإسلام ونزوح القبائل العربية إلى هذه البلاد.، إنّ سكّان هذه البلاد مع بداية العصر التّاريخي كانوا يتألّفون عرقيا من مجموعتين رئيسيتين هما: البربر القدماء في المناطق الشّمالية والمجموعات الزّنجية في المناطق الجنوبية، ولم يحدث تغيير على التركيبة السلالية للسّكّان حتّى مجيء الفتح الإسلامي في النّصف الثّاني من القرن الهجري الأوّل 64هـ حيث أتى العرب ليكوّنوا المجموعة الثّالثة.
الزنوج: تشكّل القبائل الإفريقية 14% وهي من الولوف والسوننكية والفالبور وهناك الزناكة أي الأوباش وهناك الحراتون وهي سلالة زنجية تعيش جنبا إلى جنب مع القبائل العربية والبربرية، أمّا الزوايا فهو اصطلاح يطلق على الّذين يسيرون ف طلب العلم.
البربر: سكنوا المنطقة منذ عصور مبكرة وهم قبائل عديدة منها جدالة ومسوفة ولمتونة وهم من قبائل صنهاجة الّذين يعتبرون عرب قحطانيون حميريون على حسب بعض المؤرخين!!! وبغضّ النّظر عن الجذور الأولى للبربر فإن القبائل البربرية في موريتانيا قد تعرّبت منذ دخولها الإسلام وتزاوجوا مع القبائل العربية حتّى أصبحوا كيانا واحدا.
العرب: قدم العرب مع الطلائع الأولى للفتح الإسلامي وكانت أعدادهم محدودة لم تؤثّر في التركيب السلالي للمجتمع الموريتاني الّذي كان يتألّف من البربر والزّنوج كما ذكرنا سابقا.، ومن أهمّ الهجرات إلى موريتانيا والّتي أثّرت في المجتمع الموريتاني قبائل المعاقيل العربية منذ القرنين 6 و7 هـ (13م) وذلك بعد خلافهم مع الدّولة المرينية في المغرب الأقصى، فبدؤوا في الهجرة جنوبا نحو الصّحراء الغربية وشمال موريتانيا طلبا للحرّية والنفوذ، والجدير بالذّكر هنا أنّ عرب موريتانيا تزاوجوا مع قبائل البربر وشكّلوا لنا طبقة اجتماعية جديدة سمّيت بـ"البيضــان" وذلك لتمييزهم عن الزنوج. ، فالمجتمع الموريتاني خليط من الزّنوج والبربر والعرب جمعهم الإسلام فجعلهم كتلة واحدة حيث يدين جميع السّكّان بالإسلام ومعظمهم على المذهب المالكي لذا لا نجد صراعا عقائديا كما انتشرت الطرق الصّوفية عندهم كالتجانية والشاذلية والقادرية. هذه الأخيرة انتشرت غربي السودان على يد الشيخ سيدي المختار الكبير الكانتي والكنتيون اخذوا هذه الطريقة بدورهم من عالم تلمساني هو عبد الكريم المغيلي الّذي ادخل الطّريقة القادرية إلى موريتانيا غير أنّها انقسمت إلى قسمين كبيرين هما الطريقة القادرية الفاضلية والطريقة القادرية البكائية.
ومنذ القرن 2هـ/8م على الأقل أصبحت غالبية المجتمع الموريتاني تتكوّن من قبائل بدوية تعيش متنقّلة بحثا عن الماء وتصارع الطّبيعة من أجل تحصيل لقمة العيش.
• الموارد الإقتصادية: كان الإقتصاد الموريطاني يعتمد على الثّروة السمكية والزراعة على ضفاف نهر السنغال، وذلك قبل استقلال البلاد، كن بعد منتصف الستينيات بدأت تظهر بالبلاد قطاعات جديدة خاصّة التّعدين وبعض الخدمات.
تعدّ موريتانيا من الدول الإفريقية الأكثر فقرا من حيث الإقتصاد، تعتمد على تصدير الحديد والنّحاس وخاصّة الأسماك، أمّ قطاع الفلاحة والرّعي فإنّ مساحتها تقريبا كلّها عبارة عن صحراء ونجد فيها مراعي فقيرة.
الزراعــــــة: تشكّل الحبوب الغذائية خاصّة الذرى قاعدة التركيب المحصولي في موريتانيا خاصّة في منطقة النهر وازراعة المطرية بينما يكتسب النخيل أمية كبيرة في واحات وسط البلاد، ومن المحاصيل الّتي شهدت تكورا كبيرا في الإنتاج خلال السنوات الأخيرة محول البقول والخضار والفواكه، أمّا محصول التمور فمن الواضح أنّه أقلّ المحاصيل تقلّبا في إنتاجه حيث حافظ تقريبا على الإنتاج نفسه خلال ثلاثة عقود، وبالإضافة إلى هذه المحاصيل تنتج البلاد كمّيات جيّدة من الصّمغ العربي.
تشكّل الأراضي الزّراعية نسبة %38,5 ، كما تشكّل نسبة %29 من الدّخل الوطني وتعتبر المناطق الجنوبية المحاذية لنهر السنغال أكثر المناطق ملائمة لقيام النّشاط الزراعي والغنية بالأراضي الفيضية، فهذه المناطق تتميز بأنّها ذات ترب جيدة وصالحة للزراعة.
أماّ الأقاليم الزراعية في موريتانيا الرئيسية فنجد: إقليم واد نهر السنغال، إقليم الزراعة المطرية، إقليم زراعة الأودية والسدود، إقليم الواحات.
*الثروة السمكية والحيوانية:* يشكّل قطاع الثروة الحيوانية أحد الدعائم الأساسية للإقتصاد الموريتاني، وتعتمد هذه الثروة على المراعي الطبيعية الّتي تشكل حوالي %96 من الأعلاف المتاحة لتغذية الحيوان وتبلغ مساحتها نحو 34.7 هكتار وتوجد في الثلث الجنوبي للبلاد، أمّا باقي المراعي المتاحة فتوجد في المناطق الصحراوية وشبه صحراوية.
إنّ أهمّ أنواع الثروة الحيوانية في موريتانيا هي:
- الأبقار: تتركز في الثلث الجنوبي للبلاد وتزداد كثافتها كلّما اتّجهنا جنوبا خاصّة ولايات "قيدي"، "جرجل"، وهي تنتمي لسلالة أبقار المناطق الحارة وهي تتأثر بموجات الجفاف التي تصيب البلاد بين قترة وأخرى.
- الأغنام والماعز: تنتمي أغنام موريتانيا إلى أغنام غربي إفريقيا ذات الذيل الطويل، وهي من بين أكثر الحيوانات المنتشرة في موريتانيا، عدا المناطق الشمالية الشرقية لخلو السكان وهي اقل تأثّرا بالجفاف.
- الإبل: نجدها في المناطق الصحراوية وشبه صحراوية وكانت تتركز في وسط وشمال البلاد قبل جفاف 1968 و1973 وبعد توالي فترات الجفاف دفع اعدادا منها إلى الجنوب بحثا عن المرعى والمياه.
- الثروة السمكية: تعد سواحل موريتانيا من أغنى مناطق العالم بالأسماك (حوالي 600 ألف طن سنويا) وذلك بسبب وجود الخلجان والجزر والشطوط خاصّة في الشمال. ويحتل قطاع الصيد البحري المرتبة الثانية بعد التعدين حيث يساهم بـ %44 من الدخل الوطني.
التعديـن والصناعة: التعدين هو الركيزة الساسية للبلاد نظرا لما تحتويه من مناجم غنية بالحديد والنحاس والجبس.
- الحديد: تتركز في مناطق كدية الجل والزويرات وفي اكجوجت وكريس وزمور وعدد من مناطق شمال شرق موريتانيا، وتوجد في أفديرك منشأة تعمل على تركيز خام الحديد.
- النحاس: بدأ في انتجه عام 1971م في منطقة قلب الفرن (غرب أكجوجت) بكميات بلغت 4.5 آلاف طن ثم بدا في التناقص بسبب ارتفاع أسعار البترول الّذي يستهلك منه كميات كبيرة في هذه الصناعة، ثم اسست الحكومة شركة عام 1981م بمعية عدد من المستثمرين العرب كان من المقرر أن تبدأ الإنتاج عام 1989م.
- الجبس: تقع موريتانيا في قائمة الدول الرّئيسية بسبب احتياطها المقدر بـ 4000 مليون طن ويتركز في السباخ القريبة من الساحل ومن أهمها سبخة اندراهمشة شمال نواكشوط.
بالإضافة إلى هذه المعادن يوجد في مناطق مختلفة من موريتانيا الملح في سبخة الجل وفي السباخ الساحلية والفوسفات في منطقة بوفال قرب نهر السنغال.
ونرى كذلك الصناعة التحويلية والخفيفة التي ليست لها أهمية كبيرة، ومن أهمّ المدن نجد "نواذيبو" حيث تحتوي على ميناء مهم بسبب تصديره للحديد والأسماك والفوسفات كما يستقبل بواخر الصيد لتخزين الأسماك استعدادا لتصديرها ومصانع لتعليبها، وفيها بعض الصناعات اليدوية والحديثة ومن أهمّ صناعاتها الزرابي والسجاد المزخرف.
التجارة الخارجية: مرّت التجارة الخارجية الموريتانية بتطوّرات عديدة خلال العقود الثلاثة التالية لاستقلال البلاد سواء من حيث قيمة الصادرات والواردات وهيكلها العام أو قيمة الميزان التجاري سلبا أو ايجابا أو اتجاه التجارة.
النقل والمواصلات: يقتصر وجود السكك الحديدية في موريتانيا بخط واحد يربط منطقة الزويرات الغنية بالحديد بميناء نواذيبو ويبلغ طوله 670كم، وتم تمديده نحو الشمال ليصل منطقة القلب الغنية كذلك بالحديد ويبلغ طوله 40 كم، أمّا النقل البري فقد أولت لها الحكومة بعد الإستقلال أهمية وبدأت في تطوير هذا القطاع خاصة في فترة السبعينيات وحتى 1990 كان هناك 1675كم طرق معبدة و 1040كم محسنة ومرصوفة لذا نلاحظ أنّ هذا القطاع لا زال متخلفا، أمّا النقل البحري فيشمل النقل النهري في نهر السنغال والنقل البحري في ميناء نواذيبو ونواكشوط وهما البوابتين الرئيسيتين اللتين تربطان موريتانيا بالعالم الخارجي.أما النقل الجوي فأولت الحكومة منذ الإستقلال أهمية لها.
أمّا المواصلات اللّاسلكية فيوجد لديها نظام ضعيف من الكابلات ومحطتان على الموجة AM ومحطة تلفزيون واحدة ومحطة واحدة للأقمار الصناعية ولا توجد اي محطة على الموجة القصيرة FM.
أمّا مجال السياحة فمناطق اجتذاب السياح مدينة "أتار" ومدينة "شجينجاتي" حيث توجد بهذه الأخيرة العديد من الجوامع والمنازل القديمة.
- التقاليد الشعبية والثقافة في المجتمع الموريتاني:
من بعض تقاليدهم في الحياة اليومية أنّه إذا نزلت على الحي عائلة من جديد أرسل إليها شاة أو مائدة ويسمونها "تاكشي" أي شاة بالصنهاجية، أمّا في مايخص شرب الشاي في موريتانيا فإنهم يشربون منهفي اليوم ثلاثة كؤوس في ثلاث دورات، أمّا العادات في الملابس فالرّجل يلبس قميص واسع الكمّين مفرط في العرض وقد يكون له جيب من الأمام، وتلبس المرأة ملحفة سوداء تنسحب إلى قدميها تلتحف في بعضها بمثابة القميص وتجعل بعضها فوق رأسها ثمّ تجعل طرفه أمامها وترمي جانبه الأعلى فوق منكبها الأيسر، ويلبس الصبي غشابة وإذا أصبح مراهقا فإنه يلبس رداءا وإذا بلغ لبس سروالا، أمّ في ما يخصّ الزواج فالوليمة على أهل الزّوجة ويعلن النكاح بالدف ويعطي الزوج المال للاعبين عليه كما يعطي شاة لطلبة القرءان والعلم، ويتبادل الأصهار الإكرام والإحترام فعلى الزوج ضحية لأم الزوجة أو خالتها مثلا عند كلّ عيد، وعليها هي مائدة للزوج .
يوجد عادات وتقاليد أخر مختلفة على غرار قيمة المرأة في المجتمع الموريتاني، والعادات في الشَّعر والحلي والأعياد التقليدية والألغاز والأحجيات ويتحدث المختار بن حامد على الثقافة و الحياة الدينية وعن أهم المدارس الموريتانية وأهم علماء بلاد شنقيط في كتابه حياة موريتانيا الذي خصّصه للحياة الثقافية في موريتانيا. وقد تميّزوا بالشّعر وكان من أهم شعراء موريتانيا "الذيب الكبير" و"بوفمين المجلسي" "حرمة بن عبد الجليل العلوي" وآخرون وقد كان الشعر عندهم يتمثل في شعر الغزل والمدح والرثاء والفخر والمديح وشعر الحكم والمواعظ والتوسّل وكلّ هذا نراه في كتاب الشعر والشعراء لصاحبه محمد المختار ولد أباه.
- الصّحافة:
تأخّرت بداية الصّحافة في موريتانيا عن سائر بلدان المغرب العربي، ومع أنّ تاريخ الصّحافة فيها يبقى مجهولا أو بالأحرى غير معروف كثيرا إلاّ أنّ بعض المصادر تذكر من دورياتها الجارية ثماني دوريات متعدّدة المجالات وأقدمها يعود إلى منتصف السبعينات.

الفصل الأوّل: موريتانيا في العصور القديمة
1- ما قبل التاريخ في موريتانيا:
لم تكن البلاد الموريتانية صحراوية منذ القدم، فالآثار المنقوشة على صخورها والّتي تبدو فيها أشكال مختلفة من الأدوات الّتي استعملها الإنسان القديم تؤكد أنّ البلاد كانت غنية بالمياه وتتساقط فيها الأمطار وأنهار جفت بمرور الزمن للتغيرات المناخية فهجر الإنسان نحو الشرق او المناطق الجنوبية، وكان الإنسان في العصر الحجري الحديث يعتمد على الزّراعة في تلك المنطقة. وقد أجريت بحوث في منطقة "دارتشت" في جنوب موريتانيا قد كشفت وجود 08 مراحل مؤرخة جيدا من العصر الحجري الحديث. وقد بلغ الإعمار البشري لما يعرف الآن بموريتانيا أوجّه قبل 3000 سنة ومنذ ذلك الوقت أصبح الإنسان مندمجا في توازن بيئي، وفي تلك الفترة أصبح المزارعون يتراجعون نحو الجنوب وأصحاب المواشي أقلعوا عن عادة الإستقرار وأصبحوا يتبعون قطعانهم من مرعى لآخر، منذ تحوّلت الصحراء إلى أرض جرداء .
كما ظهر في موريتانيا الإنسان الأسترالوبيتيك منذ 500000 عام قبل الميلاد، وقد وجد فيها حقل كبير من حصى البيفاص، كما ظهر بها الإنسان العاقل حوالي سنة 35000 قبل الميلاد ثمّ أتى بعد ذلك الإنسان العاقل العاقل الذي ترك أدوات متطوّرة عن الأولى ابتداءا من 6300 قبل الميلاد، كما وجدوا آثارا كثير تعود لعصر الباليوليتيك.
2- التاريخ القديم لموريتانيا:
مع مرور الوقت بدأت تتوافد على موريتانيا جماعات من القبائل أبرزها "الطوارق"، وعند انتشار المسيحية في غرب إفريقيا كانت هذه القبائل قد اختلطت بالسّكان الأصليين، وكانت تعتمد في عيشها على التجارة مع الشّعوب المجاورة وعلى ما تنتجه الأرض من حبوب في الواحات.
في القرن 3م توجهت القبائل من إفريقيا الشمالية وتوجهت نحو الغرب وبدأت احتلال الصحراء من الشمال، مع أنّ بدايات هذه الهجرة كانت موغلة في البلاد قبل الميلاد كما ذكرنا سابقا، وقد دفع هؤلاء أمامهم مجموعات أخرى لها صلة قربى مع أهل العصر الحجري الحديث .
في عهد متأخّر نسبيا أي في حدود 2800 أو 2000 سنة قبل الآن أصبح البربر حاضرين في عموم الإقليم وانضافت نقوشهم الصخرية إلى نقوش سابقيهم ونعتقد أن اللوبيين-البربر هم أجداد الصنهاجيين وأشهر هؤلاء اللّوبيين "الغرامنت" وكانوا يجوبون الصحراء قصد التجارة وكانوا في عداء مستمر مع الرومان، وتقول بعض الروايات انه حصل تحالف بينهما تأسست خلاله رحلتان واحد نحو إثيوبيا والأخرى إلى السودان ومنها نحو موريتانيا سنة 100م.
وهناك قبائل أخرى يطلق عليها اسم "البافور" هم من أسلاف صنهاجة. وصف الغرمانتيون أنفسهم بأنهم سود نوعا ما، ويوصفون أنّهم قليلو السواد حسب "بطليموس"، وفي القرن 5م سمع "هيرودوت" عن مجموعتين قبليتين هما "الغرمانتيون" و"الناسامونيون" وعن طريق هؤلاء الغرمانتيون حصل الرومان على معلومات عن مراكز داخل إفريقيا في القرون التالية ومن هذه المراكز موريتانيا.
كانت بلاد موريتانيا القديمة موطنا للزنوج والبربر وظلّت هاتان الجماعتان تتنازعان على الصّحراء، أمّا في السّواحل فقد بدأ الفينيقيون منذ القرن 12م بارتياد سواحل شمال غرب إفريقيا لكتهم اكتفوا بإقامة مراكز لهم فقط، لكنّهم ما لبثوا أن سيطروا على أجزاء من موريتانيا الحالية بحلول القرن 5 ق.م، كما سيطر الرومان على شمال وغرب إفريقيا بما فيها موريتانيا من القرن 2 ق.م، وكانت هناك ممالك محاذية لموريتانيا منها "غانة" في أقصى الجنوب الشرقي لموريتانيا ومملكة "اوداغست" الزنجية، وباختصار فإنّ موريتانيا قبل دخولها الإسلام كانت مقسّمة إلى قسمين جنوبها تسيطر عليه "غانة" وشمالها تعيش فيه مجموعات من القبائل البربرية والزنجية والّتي من أهمّها القبائل الصنهاجية الثلاث "جدالة" و"لمتونة" و"مسوفة".

الفصل الثّاني: موريتانيا في العصور الوسطى
1- الفتح الإسلامي ودولة المرابطين:
الفتح الإسلامي: كانت قبائل صنهاجة الصحراوية تنزل في الشطر الغربي من الصحراء الكبرى وكانت بعضها تنحدر حتّى تصل نهر السنغال وكانت تنقسم إلى 70 قبيلة منها "لمتونة" و"كدالة" و"مسوفة"...، وكلّ قبيلة لها بطون وعشائر كثيرة وظلّت هذه القبائل تعيش في الحزام الصحراوي الفاصل بين البلاد المغربية والسودان وكانوا يسمّون بالملثّمين لوضعهم اللّثام على وجوههم ، وأخذ الإسلام يصل إليهم وإلى موريتانيا الحالية في منتصف القرن 1هـ على يد "عقبة بن نافع" الّذي قاد جيوش الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا في عهد "معاوية بن أبي سفيان" وابنه "يزيد" _رضي الله عنهما_، وتقول بعض الروايات أنّ "عقبة" لما أدرك البحر (المحيط الأطلسي) توغّل جنوبا حتّى وصل السوس (جنوب المغرب الأقصى) ثمّ واصل فتحه حتّى بلغ إلى "ولاتة" الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي من موريتانيا الحالية. وتوجد رواية أخرى تقول أنّه حين وصل بلاد المغرب خاض في الصّحراء وفتح بلاد التكرور وغانه ووصل إلى حدود موريتانيا سنة 60هـ، وانتشر الإسلام في تلك البقاع بعد فتوحات "موسى ابن نصير" ، وهناك بعض الرّوايات تقول أن الإسلام لم يدخل إلاّ مع حفيد عقبة وهو "حبيب بن عبيدة بن عقبة" مابين سنتي 116 و117هـ.
في أيّام الأدارسة انضمت ديار الملثّمين إلى لوائهم ونتج عن ذلك تحالف قويّ بين بطون صنهاجة المختلفة بزعامة "لمتونة" وأخذ الحلف يتوسّع نحو الجنوب لقوّة الأدارسة وحلفائهم من "زناتة" و"مصمودة" في الشمال واصطدم هذا الحلف مع امبراطورية غـانـا الّتي نشأت في بداية القرن 4هـ ويبدو أنّ أحد الأشراف وصل إلى هذه الإمبراطورية وأسسّ مدينة "كومبي صالح" .
توسّعت هذه الإمبراطورية حتّى شملت أراضي موريتانيا اليوم ، ثمّ بدأت قبائل "صنهاجة" تنظّم شأنها وتحكم أمرها فاجتمعت حول الأمير "تميم اللمتوني" وتحت راية الإسلام داعيى تثبيت أركانه فيما بينها وإلى نشره فيمن حولها، فاستطاعت أن تزعزع أركان امبراطورية غانا الكبيرة، واحتلت مدينة "اودغست" .
استطاعت "جدالة" في الجنوب الغربي من البلاد أن تسيطر على مناطق تحتلها قبائل "البافور" ، ولمّا فرضت القبائل الصّنهاجية البربرية سيطرتها على مملكة اودغست الزنجية في جنوب موريتانيا بداية القرن 9م كان لملوكها وشعوبها البربر بعد دخولهم للإسلام أثر كبير في نشر الإسلام نحو الجنوب والشرق حيث لم يكن قبل ذلك قد تخطّى مناطق وسط موريتانيا إلاّ بصورة جزئية على يد التّجّار وبعض الدّعاة.
ومع بداية القرن 10م انهارت هذه القبائل نتيجة الخلافات وسيطرت دولة غانة على أراضيها واسترجعت أودغست" لكن هذا التفرّق لم يدم طويلا حيث جمعهم خطر "غانة" تحت إمرة القائد "تارسينيا" الّذي اشتهر بمحاربته للوثنيين فاستشهد سنة 414هـ/1023م، ولكن هذا التّحالف لم يبرز إلى الوجود دولة إسلامية منظّمة لكنّه هيّأ الفرصة لظهور دولة إسلامية كبرى هي دولة المرابطين الّتي استولت على المغرب وامتدّت حتّى غرناطة في الأندلس وجزء كبير من الشّمال الإفريقي وهم الّذين بنوا مدينة "مراكش"، كما أنّهم انحدروا إلى الجنوب واستولوا على امبراطورية "غانة" ولكنّهم اضطرّوا إلى التّخلّي عنها تحت ضغط جيش امبراطورية "مالي"
بعد وفاة "تارسينا" آلت قيادة الحلف الصنهاجي إلى "يحي بن ابراهيم الجدالي" فأراد أن يوطّد الحركة الصنهاجية بفتح البلاد أمام التعليم الديني ، وقد أدرك استعصاء أهل الصحراء على الإسلام وتعاليمه دون وجود مدد ثقافي وعلمي وتجربة حية تنقل إليها من البلاد التي تركّز فيها الإسلام من قبل وكانت فكرته أن يستجلب إليها بعض العلماء، فخرج الأمير إلى دياره في رحلة إلى الحجّ ولدى عودته مرّ بالقيروان ولقي "أبا عمران الفاسي" أحد فقهائها فشكا إليه حال قومه وطلب منه إرسال فقيه معه ليعلّم قومه فوجّهه "أبو عمران" إلى "وكاك بن زولو اللّمطي" في السّوس والّذي بدوره بعث معه "عبد الله بن ياسين" الجزولي، وعندما جاء الأمير "يحي" رفقة "عبد الله بن ياسين" أقام رباطا للتّعليم والجهاد سنة 426هـ وكان هذا الرّباط أوّل محضرة عرفتها البلاد وكان ابن ياسين أوّل شيخ محضرة في بلاد شنقيط ، وكان معلّما ومربّيا مدّة يحي بن إبراهيم ويحي بن عمر وصدرا من ولاية أبي بكر بن عمر.
التفّ البربر حوله ولكنّهم بعد فترة ازورّوا عنه وتركوه وتوفّي حاميه "يحي بن ابراهيم" فأجمعوا على الإنصراف عنه لما يأخذهم به من مشاقّ التّكاليف الدّينية، ففكّر في تركهم والعودة إلى وطنه غير أنّ زعيما من قبيلة لمتونة هو "يحي بن عمر" أشار إليه أن يذهبا معا إلى جزيرة على مقربة من مصبّ نهر السنغال للعبادة والنّسك فوافق ومن هناك بنى "عبد الله بن ياسين" رباطا وأخذ يلتحق به العشرات من أشراف صنهاجة حتّى بلغوا ألفا وبذلك سمّاهم "المرابطون"، وغلب هذا الإسم على صنهاجة الصّحراوية إلى جانب الإسم القديم "الملثّمين" .
على الرّغم من المصاعب الّتي لقيها الدّاعية الجديد فإنّ الدّعوة سارت بسرعة من دعوة إصلاحية إلى حركة جهادية سيطرت على "أودغست" وقد ظلّت مدينة "آزوكي" الواقعة حاليا قرب مدينة "آطار" في آدرار الموريتاني عاصمة للمرابطين . وعندما خرج المرابطون خرجوا معلنين للجهاد، فاستشهد "يحي" في المعركة الّتي فتحت فيها "اودغست" وخلفه في زعامة المرابطين "يحي بن عمر اللمتوني" وجاء بعده أخوه "ابا بكر بن عمر اللمتوني" ولم يمض وقت طويل حتّى استشهد "عبد الله بن ياسين" في الحرب الّتي دارت بينهم وبين قبيلة "برغواطة"، حيث سار إلى أرض برغواطة وكان الأمير عليهم يومئذ "أبو حفص بن عبد الله بن أبي غفير بن محمد بن معاذ"، ونشبت بين المرابطين والبرغواطيّين وقائع شديدة أصيب فيها "عبد الله بن ياسين" بجراح بالغة، توفّي على إثرها عام 451هـ/1059م.
في هذه المرحلة قامت إمارة "التكرور" وكان لأميرها "وارجيي" صلة وثيقة مع "أبي بكر بن عمر" وقد حكمت هذه الدّولة جزءا من موريتانيا الحالية، وعاون أبو بكر ابن عمّه "يوسف بن تاشفين" ثمّ وقع خلاف بينهما إذ سار "يوسف" إلى الشمال (الأندلس) وأبو بكر نحو الجنوب، وضعف أمر المرابطين في الجنوب فاستقلّ حكّام "غانا" وقامت دولة "مالي" عام 638هـ وامتدّ نفوذها حتّى شمل الأجزاء الشّرقية لموريتانيا.
لقد كانت دولة المرابطين هي البداية الفعلية للوجود الإسلامي (السياسي، الجهادي ، الثقافي، الفكري) في موريتانيا وقد ترك اختفاؤها فراغا سياسيا كبيرا إذ تحوّلت البلاد إلى كيانات ممزّقة تعتمد على الّنظام القبلي، وقد ازداد الوضع تعقيدا بهجرة القبائل العربية إلى موريتانيا منذ القرن 11م كبني عقيل وبني سليم وبني هلال وبني حسان الّذين تنافسوا مع القبائل العربية على حكم هذه البلاد.
2- التغلغل العربي في موريتانيـا جذوره ونتائجه:
دخول قبائل بني حسان العربية إلى موريتانيا: بنو حسان هم بطن من عرب المعقل المنحدرين من "كعب بن الحارث" من قبائل مذحج اليمانية ، ويدّعون أنّهم يعودون في أصولهم إلى "الحسن بن علي رضي الله عنهما ، وكان وصولهم مع الهجرة الهلالية إلى شمال إفريقية في القرن 5هـ ثمّ عمّروا صحاري المغرب الأقصى وتغلّبوا على "فيافيه"، خضعوا للسّلطة الموحّدية ثمّ المرينية، طاردهم المرينيّون زمن "يعقوب بن عبد الحق" (656هـ-685هـ/1258م-1286م) وحاصرهم "يوسف بن يعقوب" (658هـ-701هـ/1286م-1306م) ثمّ طاردهم ثانية سنة 786هـ ممّا اضطرّهم للتّقدّم جنوبا، ويذكر "ابن حامد" أنّ أولى الحروب الّتي خاضوها ضدّ الصّنهاجيّين كانت شمال آدرار الموريتانية في إقليم يسمّى "ايكيدي".
بعد أن صمّم "المنصور الذهبي السعدي" غزو مملكة "صنغاي" الّتي استولت على "تغازي" الغنية بمناجم الملح فغضب "المنصور" وأرسل إليها جيشا كبيرا وانتصر عليها وأهمّ ماعاد على موريتانيا من انتصار الجيش السعدي أنّه رفع يد "صنغاي" على البلدان الموريتانية التي دانت إليها، ثمّ فكّر المنصور في إرسال رجال إلى موريتانيا والسّودان وحراسة ماغنمه فلبّته قبائل بني حسّان ووافقت على ذلك ونزلت عشائر منها في بلاد شنقيط، واستقرّوا في مدن موريتانيا مع إخوانهم من القبائل الصّنهاجية.
إنّ الحرب أصل معهود بينهم فترى قبائلهم تحارب بعضها بعضا، كما وقع بين "ايدوعيش" وسكّان "تكانت" و"الترارزة" وكذلك بين "ايدوعيش" وأبناء "أحمد بن دامان" جيرانهم، وكما وقع بين الترارزة والبراكنة، وكانت الحروب الموريتانية تبدأ ضعيفة ثمّ تقوى وتستحكم بمرور الزّمن ولم تنج منها بلدة موريتانية .كانت بين قبائل بني حسّان والقبائل الصّنهاجية حروب كثيرة وحاسمة انتهت بانتصار بني حسّان وسيطرتهم على المنطقة ومن أبرز هذه الحروب "حرب شربـبه" .
حرب شربـبّـه: كان الإمام ناصر الدّين فقيه ومجاهد واسمه أبو بكر بن ابهم بن الفغ الشمشوي عاش في اواسط قبائل من الزوايا فنادى بالجهاد لنشر الإسلام فغاظت حركة الجهاد هذه الفرنسيين في السنغال وبنو حسان في موريتانيا ذلك أن هذه القبائل ذات الشوكة بعد أن ظهر لها ما أحرزته حركة الإمام ناصر الدين من نجاح في نشر الإسلام في أوساط القبائل الزنجية وجذبه لهم شعرت أن هذه الحركة أصبحت تهدد مركزهم لذا أقدمت على تحدّيه لكن هذا التّحدي كان السبب المباشر في اشتعال حرب شرببه . فنرى أنّ هذه حرب دينية وتفاصيلها أنّ واحدا من اللّحمة اسمه "ببّه" منع الزّكاة فأراد الزّوايا أخذها منه بالقوّة فدافع عنه حسّان وصاروا يدا واحدة وقال أنّه لا يعطيها إلاّ عن طيب نفس، أمّا الزّوايا فإنّ بعض قبائلهم حارب بأجمعه كقبائل "تشمشه" و"اجيجبه" وبعضها الآخر منهم من دخل ومنهم من اعتزل هذه الحرب كـ"إدوعل" و"إدا بلحسن" فإدوعل لم يصل منهم إلاّ عدد قليل رئيسه "عبد الله بن الطالب" المعروف بالقاضي فدخل حرب شرببه منهم ثلاثون رجلا فاستشهد نصفها ونجا النّصف الآخر أمّا إدا بلحسن فبعض النّاس يزعم أنّهم اعتزلوها كلّهم، استمرّت هذه الحرب مدّة ثلاثين سنة (1644م-1674م) وهناك من يعطي أسبابا أخرى منها رغبة الصنهاجيين التخلّص من العرب الحسّانيّين لأنهم أثقلوهم بالضّرائب على العموم انتهت هذه الحرب بهزيمة الزّوايا في الموقعة الشهيرة باسم "تنيفظاظ"، لقلّة معرفتهم بتدبير الحرب بعدما كان النّصر حليفهم، وأغلظ عليهم حسّان في شروط الصّلح فمنها أنّ قبائل بني حسّان من ذلك التاريخ لا يحفرون الآبار بل كلّ بئر للزّوايا وردوا عليها ثلث مائها.
وكان من اسباب انهزام الزّوايا كذلك عدم انضواء كلّ القبائل في بداية الحرب، أمّا نتائج هذه الحرب فألخّصها فيما يلي:
- أسفرت هذه الحرب عن أزمة اقتصادية نتيجة لنهب وإبادة المواشي وإحراق المزارع، ممّا أدّى إلى مجاعة كبرى.
- أخذت الأوضاع الإجتماعية شكلها النّهائي من تشكيل طبقات المجتمع من حسان وزوايا ولحمة وثبت على هذا التقسيم الهرم الإجتماعي.
- لقد تطوّر المجتمع في هذا الصراع إلى درجة التنظيم شبه المركزي، تتمثّل في بروز هيكل سياسي جديد كإطار تتمّ داخله الهيمنة السياسية في القبائل الحسّانية على العناصر الأخرى، وهكذا تجسّدت سيطرة بني حسّان في المنطقة القبلية في بروز وحدات سياسية عرفت بالإمارات فظهرت غمارة الترارزة وإمارة البراكنة وغيرها...
سيطر بنو حسّان على البلاد وفرضوا اللّغة العربية الّتي انتشرت انتشارا واسعا وباتت لغة 80% من السّكّان، وخلال القرن 15م تمكّن بنو حسّان من فرض نفوذهم وأقاموا علاقات تجارية مع الشّمال ووصلوا بذلك إلى أوروبا وخصوصا البرتغال الّتي أنشأت أسواقا ومراكز تجارية على السّاحل الغربي لإفريقيا.
كان لحسّان ثلاثة أبناء هم: "دليم" و"ودي" و"حم" فانتشر "دليم" وأبناؤه في منطقة وادي الذّهب وعلى السّاحل الأطلسي، وانتشر "ودي" وقومه في بلاد شنقيط إلى أطراف السودان، وكان "حم" وقومه في قلب الصحراء من "اييدي" إلى نهر النيجر، وكان أولاد "شبل بن حم بن حسان" يسيطرون على منطقة آدرار إلى أن غلبهم أبناء عمومتهم "اولاد رزق بن ودي" وأقاموا إمارة قويّة واضطرّ "اولاد شبل" إلى النّزوح بعيدا فهم الآن منتشرون ما بين النيجر وتوات. يرتفع نسب القبائل الحسّانية إلى "جعفر بن أبي طالب"، فهم بنو حسان بن المختار بن محمد بن عقيل بن معقل بن موسى الهداج بن جعفر بن الأمير بن إبراهيم الأعرابي بن محمد الجواد بن علي الزينبي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأبرز هذه القبائل الّتي استوطنت بلاد شنقيط وحكمتها اولاد داود عروف والبراكنة والترارزة وغيرهم...
تشكّل الإمارات الحسّانية: أسّس الحسّانيّون عدّة إمارات، ومن أهمّها إمارة اولاد رزق بن ودي بن حسان وقد حكمت منطقة الترارزة والبراكنة واستمرّ سلطانهم من القرن 9هـ إلى القرن 11هـ ثمّ تغلّب عليهم بنو عمّهم "المغافرة" فأنشؤوا عدّة إمارات منها:
1- إمارة الترارزة: مؤسّسها "أحمد بن دامان" وهو الّذي انتصر على اولاد رزق في معركة "أنتيتام" عام 1040ه وبقيت هذه الإمارة إلى أن جاء الإستعمار وقاعدتها "بوتيليميت".
2- إمارة البراكنة: حاضرتها مدينة "إلاك" واستمرّت إلى أن جاء الإستعمار الفرنسي.
3- إمارة أولاد مبارك: حكمت منطقة الحوض، وعاصمتها مدينة العيون.
4- إمارة أهل يحي بن عثمان: حكمت منطقة آدرار أسّسها "عثمان بن الفضيل" حوالي سنة 1145ه واستمرّت حتىّ جاء الإستعمار الصّليبي وعاصمتها مدينة "أطار" ومن مدنها الرّئيسية مدينة "شنقيط".
5- إمارة أدوغيش الصنهاجية: قامت في القرن 11ه وانشقّت منها إماراتان فرعيتان هما غمارة "تاغنت" وقاعدتها مدينة "تجكجة" وإمارة "العصابة" وقاعدتها مدينة "كيفا".
6- إمارة مشطوف: في الحوض وهي إمار صنهاجية.
7- إمارة نواذيبو: قاعدتها "ايتبن".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:58 pm


الفصل الثّالث: موريتانيا في العصور الحديثة
1- جذور التّدخّل الأوروبي في موريتانيا:
بعد هزيمة المسلمين بالأندلس وسقوط غرناطة عام 1492م دفع بالنّصارى إلى اللّحاق بهم في عقر ديارهم ، وزيادة على هذا فإنّ التّفكّك السّياسي الّذي أصاب المغرب الكبير قبل ذلك أي بعد سقوط دولة الموحّدين في النّصف الثّاني من القرن 13م (1269م) عرّض موريتانيا وابتداءا من القرن 14م لبعثات احتلالية نظّمتها القوى الأوروبية البرتغالية والإسبانية والفرنسية والإنجليزية وبمشاركة هولندية وبلجيكية منذ عصر الكشوفات الجغرافية نهاية القرن 15م والفترات اللّاحقة.
اتّسم الكشف البرتغالي لساحل غرب إفريقيا في بداية الأمر بالبطء، لكن بعد ذلك بدأ يسير سيرا حسنا، ففي عام 1418م اكتشف البرتغاليون "جزر ماديرا" ثمّ "جزر الآزور" سنة 1439م، وفي عام 1441م طافوا حول "راس بلانكو"، ثمّ اكتشف "دنيس دياز" جزيرة "نونو تريستا" وتعرف كذلك بجزيرة "أرجوين" عندئذ اكتشف البرتغاليون قيمة هذه الكشوفات، وفي الفترة ما بين 1444م و1445م وصل "دياز" إلى مصبّ نهر السّنغال و"جزر الرّأس الأخضر" و"غينيا".
أغرت البرتغال تجارة الصّمغ والذّهب والرّقيق فاستقرّوا بالسّاحل وأسّسوا مراكز تجارية لهم وتحكّموا فيها قرابة القرنين من الزّمن ، هذه المراكز تمكّنهم من التّحكّم في طرق القوافل التّجارية الّتي تعبر المنطقة شمالا وجنوبا، لكن جهودهم لم تسفر إلاّ عن احتلال بعض المراكز السّاحلية لفترات محدودة.
وصل البرتغاليّون في النّصف الأوّل من القرن 15م إلى سواحل موريتانيا وزار "Joas Fernandez " منطقة "وادان" الواقعة شرقي آدرار، وفي عام 1448م أنشا البرتغاليّون حصن "أرجيوم" وهو مقابل للرّأس الأبيض ومنه توغّلوا نحو المناطق الدّاخلية فتقدّموا صوب السّودان الغربي بهدف الوصول غلى مدينة "تمبكتو" الّتي ذاعت شهرتها بسبب كثرة مناجم الذّهب بها، ولكنّهم سرعان ما انصرفوا إلى تجارة الرّقيق وأصبحت "آرجيوم" هي المركز الرّئيسي لتجميعه ومنها كان ينقل عبر الأطلسي، ولم تستقر الأمر للبرتغاليين في المنطقة ففي القرن 17م ازداد التّنافس بين الدّول الأوروبية وظهرت هولندا كدولة بحرية كبيرة واستطاعت عام 1638م انتزاع "الآرجيوم" من البرتغال.
وصل الإسبان بعد البرتغال ولحقهم الفرنسيون ثمّ الهولنديون وسار على إثرهم الإنجليز ووقعت المنافسة وزاد الطّمع في الحصول على الصّمغ العربي.
2- العلاقات التجارية بين الفرنسيّين والإمارات الموريتانية:
إنّ الشّيء الّذي جذب أنظار الإستعمار إلى موريتانيا هو الصّمغ العربي الّذي تشتهر به لذلك كانت كلّ شركة تحاول أن تحتكر هذه التّجارة لنفسها وأخذت تنشء مراكز تجارية لها على طول نهر السّنغال، ولم تحل مشكلة السّيطرة إلاّ في عام 1815م عندما أعطيت منطقة السّنغال رسميّا إلى فرنسا بموجب المعاهدة الّتي عقدت بين دول أوروبا الكبرى في أعقاب نهاية الحروب النابليونية ، وفي واقع الأمر فإنّ هدف الفرنسييّين حتّى ذلك الوقت لم يكن السّيطرة الكاملة على البلاد بل كانوا يهدفون إلى أمرين اثنين: الهدف الأول هو تأمين تجارة الصّمغ والهدف الثّاني منع انتشار نفوذ الموريتانيّين وخاصّة أمراء الترارزة نحو الجنوب (إلى ما وراء نهر السنغال) وعليه فقد تمّ عقد سلسلة من الإتّفاقيات بين الفرنسيّين والأمراء الموريتانيين كانت تكفل المصالح التّجارية الفرنسية من التّهديد خاصّة تجارة الصّمغ في مقابل دفع الإتاوات والهدايا للأمراء، وظلّ مفعول هذه الإتفاقيات ساريا طوال القرن 19م مع محافظة موريتانيا على استقلالها على النّظام القبلي في نطاق الإمارات.
أقام الفرنسيّون علاقات تجارية مع القبائل الموريتانية الموجودة على الضّفّة اليسرى من نهر السنغال وكان الغرض من دفع هذه الإتاوات للقبائل هو الإبقاء على تجارة الصمغ وإرضاء هذه القبائل لمنعها من عبور نهر السنغال ومهاجمة الوكالات الفرنسية التجارية، وفي عهد "لويس الرابع عشر" اهتمّ "كوليير" بتثبيت اقدام الفرنسيّين عند مصبّ نهر السنغال فأقام حاميات عسكرية لحماية الوكالات من الهجمات الموريتانية.
نظرا لما حقّقته هذه التّجارة من أرباح للطّرفين فقد اصبح لأمراء القبائل الموريتانية مثل الترارزة والبراكنة ممثّلون تجاريون يتولّون التّجارة مع الأوروبيّين عرفوا باسم "كاتي". أقيمت معاهدات لتنظيم عملية التبادل التّجاري ونذكر منها:
- معاهدة وقعت بين مدير الوكالة الفرنسية Durent وقبيلة Darman Cour في 02 ماي 1785م تبعتها معاهدة أخرى في 10 ماي من نفس العام وقام بتوقيع المعاهدتين De Repentigny حاكم السنغال.
- معاهدة وقعت بين Durent و Cory أمير الترارزة في جويلية 1785م لتنظيم تجارة الصمغ
- معاهدة 1819م مع "عمر بوري" ملك "أوالو" الّتي لها أهمّية استراتيجية وتدعيما لحسن الجوار بين الطرفين
- مع البراكنة في 25 جويلية 1821م.
- 25 جوان 1821مع قبيلة "الدويش" الّتي سمحت للفرنسيّين بإنشاء مركز تجاري.
- توالت المعاهدات في 19 أوت 1824م و 26فيفري 1826م، 25 ابريل 1829م و24 أوت 1831م وتوضّح لنا هذه المعاهدات المتتالية حرص فرنسا على التّعامل مع القبائل لتمنعها من الإغارة على وكالاتها.
- معاهدة فرنسية مع البراكنة في 05 ماي 1834م تعهّد فيها الأمير "أحمد بن سيدي" حراسة المراكب الفرنسية مقابل دفع جزية.
إلى جانب هذه المعاهدات التّجارية الّتي لم نذكرها كلّها هناك معاهدات سياسية كالّتي عقدتها مع أمير آدرار في 08 أوت 1892م تعهّدت فيها فرنسا بعدم التّدخّل في شؤون آدرار السياسية.
كما ذكرنا سابقا فخلال القرن 19م وقّع الفرنسيون معاهدات مع بعض الأمراء المحلّيّين ولكن الموريتانيّين قاموا بهجمات على مراكز التّجارة الفرنسية ممّا اضطرّ بالفرنسيّين إلى التّفكير بالإستيلاء على موريتانيا لتأمين السنغال.
3- البعثات الإستكشافية للمجال الموريتاني:
لقد كان القرن 19م بالنّسبة لفرنسا هو عصر الإستكشافات للبلاد الموريتانية حيث أرسلت بعثات كثيرة لاستكشاف هذه البقعة من إفريقيا، ونذكر بعضا منها:
بعثة Léopold Pante: (1850م) هو سنغالي الأصل أرسل من قبل وزير البحرية والمستعمرات في مهمّة لعبور الصّحراء من "سان لويس" إلى الجزائر.
بعثة Faidherbe: (1859م) وهي بعثة للقيام باستكشاف أقاليم السّودان الغربي غير المعروفة وخاصّة موريتانيا من أجل إكمال المعلومات غير الكاملة الّتي يملكها حول الجغرافيا وأجناس وخيرات هذه الأصقاع.
بعثة Vincent: (1860م) وهو النّقيب من القيادة العليا الّذي كُلّف بمهمّة استكشاف آدرار حيث في طريقه استكشف عدّة مناطق منها محلّة "محمد الحبيب" وقبيلة "لعلب" و"توروت" و"ميناء هدى" و"آركين" ثمّ تابع سيره نحو الشّمال الشّرقي عابرا "تاريازت" و"تيرس" حتّى وصل إلى النّقطة القصوى في الشّمال.
بعثة "أبو المقداد": غادر "سان لويس" السنغالية في ديسمبر 1860م وسلك الشّاطئ ومرّ بأنجاكو ثمّ مرّ قريبا من ميناء هدى وواصل سيره وفي كلّ مرذة ينزل بمنطقة حتّى وصل إلى الساقية الحمراء، وكانت وجهته المغرب لاستكشاف هذه المنطقة الواقعة بين السّنغال والمغرب.
بعثة Burrel: هذا ضابط بحرية تمّ تكليفه لاستكشاف أرض البراكنة حيث اكتشف بحيرة "آلاك" واتّجه نحو الشّرق واستكشف عدّة مناطق إلى أن وصل إلى نقطة البدء.
بعثة Mage Biosonkey: وهو ضابط بحرية حيث كلّف بمهمّة دراسة إقليم "تكانت".
بعثة Fulcrand: (1859م) هو نقيب هندسة أرسل رفقة الملازم Anbe لاستكشاف جزيرة "آرغين" ودراسة الرّأس المجاور لها المسمّى Bais du Lévrier.
بعثة Léon Fabert: كلّف بمهمّة في بلاد الترارزة فبدأ سلسلة من خمس رحلات استكشافية في موريتانيا الجنوبية فقام بدراسة ناحية آخطوط السّاحلي والمستنقعات الموجودة فيه.
بعثة Gaston Doneet: حيث بعثه وزير المستعمرات في مهمّة التّعرّف على آدرار وإذا أمكن أن يصل إلى المغرب مرورا بالترارزة ثمّ باقاليم اولاد أبي السباع واولاد دليم، وبوادي الذّهب، لكنّها لم تنجح نظرا لنهب هذه القافلة.
بعثة Blanchet: حيث كان رفقة Gouinot Gambetta والترجمان أبو المقداد وتهدف هذه البعثة إلى دراسة النّواحي الملحمية في سبخة الجل والمنخفضات المجاورة، وكانت هذه آخر بعثة على حسب قول "جلييـه": {...وأخيرا، وقبل احتلالنا لموريتانيا تمّ إرسال بعثة علمية بقيادة بلانشي...}

الفصل الرابع: موريتانيا المعاصرة
1- دور Coppolani في فرض الحماية الفرنسية على موريتانيا:
بمقتضى الإتّفاق البريطاني الفرنسي لعام 1890م حصلت فرنسا على الأراضي الواقعة جنوب المتوسّط وكان معنى هذا الإتّفاق أنّ أراضي موريتانيا اعترفت بها بريطانيا كمناطق نفوذ فرنسية.
كان القائد الفرنسي Xavier Coppolani قد قام برحلات إليها سنتي 1898م و1899م حيث تنقّل خلالها في موريتانيا وترجع أهمّية رحلاته أنّها نبّهت الحكومة الفرنسية ووزارة المستعمرات لأهمّية ضمّ موريتانيا.
تمّ تكليف Coppolani الّذي كان معروفا بدراساته الإسلامية بالتّفاوض مع قبائل البيضان والطوارق والقيام بدراستهم من وجهة النّظر السّياسية والدّينية، وكان هدفه هو مسالمة القبائل والتّفاوض معها وإقناعهم بدور فرنسا الإنساني في العالم الإسلامي !!! والدّور الّذي تزمع القيام به في أرض البيضان، وفي سنة 1899م كانت القبائل البيضانية الأساسية الّتي تقطن مناطق النّفوذ السّوداني قد أعلنت خضوعها وأصبحت ملزمة بدفع رسوم الإنتجاع والعشور، فاستطاعت الدّبلوماسية الكوبولانية المهيّأة والمدعومة بعمليات ضبّاط من السّاحل أن تضع حدّا لهذه الوضعية الصّعبة دون مقاومة ولا قتال، ثمّ ذهب Coppolani إلى بلاد الطوارق مصحوبا بمساعدة من Arnoud فوصل إلى "تمبكتو" ثمّ زار قبائل الرّحّل في إقليم "آزواد".
بوصول Coppolani إلى السّنغال أو إلى فرنسا حسب روايات بعض المؤرّخين عرض مشروع احتلال موريتانيا على الحاكم العام لغرب إفريقيا لكنّ هذا الأخير عارض المشروع كما عارضه التّجّار الفرنسيون الّذين كانوا يفضّلون بقاء موريتانيا بعيدة على السّلطة الفرنسية حتّى يحتكروا تجارة الصّمغ، وكذلك لم تلق الفكرة ترحيبا من وزارة الخارجية الفرنسية لاعتبارات دبلوماسية .
كان Coppolani على دراية بأحوال المسلمين في موريتانيا وقد أتقن اللّغة العربية واطّلع على العادات والتّقاليد الإسلامية، ويمكننا القول أنّ Coppolani هو أوّل من مهّد للسّيطرة الفرنسية على القبائل الموريتانية بفضل تعامله معهم ، بل مهّد أيضا للإحتلال الفرنسي لموريتانيا.
تردّد الفرنسيون كثيرا في طريقة جدوى إخضاع موريتانيا لهم قبل أن تجبرهم الإعتبارات الإستراتيجية على التّنافس مع انجلترا وإسبانيا على إفريقيا ، وأصبحت تبحث عن طريقة تربط بها المستعمرتين القديمتين لها (الجزائر والسنغال).
مع بداية القرن 20م اتّفقت فرنسا مع إسبانيا على أن تسيطر الثّانية على مناطق الصّحراء الغربية في حيت تبسط فرنسا نفوذها على موريتانيا وقام الفرنسيّون بعد ذلك سنة 1905م أي بعد احتلالهم لموريتانيا بترسيم الحدود بين الجزائر وموريتانيا ثمّ بين موريتانيا والصّحراء الغربية.
استغلّ Coppolani الخلافات القائمة بين القبائل فأثارها إلى أن طلبت إحدى القبائل الحماية الفرنسية خوفا من خصومها، فأسرع Coppolani واحتلّ منطقة الترارزة عام 1903م والبراكنة عام 1904م، وأتبعها بمنطقة تكانت عام 1905م، وأخذت فرنسا تتصرّف فيها وتتدخّل في مناطقها.
• احتلال الترارزة 1903م: تمّ تنظيم رتل عسكري في مارس 1902م تحت قيادة الرّائد De Laplane وسمّي هذا الرّتل بـ"رتل مراقبة الترارزة" وهو مؤلّف من فرقة من الرّماة وكتيبتين من الفرسان وكان هذا الرّائد مكلّفا بإعادة تنصيب الأمير "أحمد سالم" أميرا على البلاد، وهذا الأخير كان على خلاف مع شخص آخر اسمه "سيدي" الّذي هرب نحو البراكنة فقرّر "أحمد سالم" الهجوم وملاقاة "سيدي" وحدث قتال عنيف، في هذا الوقت تدخّل Coppolani ليتصرّف سلميا واستغلّ بلباقةٍ التّنافس الّذي يقسم القبائل وقام بوساطة بين المترشّحين لإمارة الترارزة "أحمد سالم" و"سديي ولد أحمد فال" واستطاع أن يجعل "أحمد سالم" أن يتنازل عن صلاحيته ويقبل الحماية الفرنسية، وكان له ذلك وبعدها خضع "سيدي" للسّيطرة الفرنسية في فبراير 1903م، وفي السّنة نفسها عُيّن Coppolani حاكما عامّا على الترارزة.
• احتلال البراكنة 1904م: لم يقبل أمير البراكنة "أحمد ولد سيدي اعلي" تقدّم الفرنسيّين فاتّحد مع أمير تكانت "بكار شيخ إدوعيش" وهاجم بعثة فرنسية ثمّ انسحب ثمّ بعد ذلك وعلى وجه الإنتقام قام النّقيب Chofou بمباغتة حي الأمير أحمدّ وهاجمه ثمّ باغت حي إدوعيش كذلك، ثمّ في فبراير 1904م قام إدوعيش بهجوم على مركز تجاري فرنسي الّذي لوحق من طرف الفرنسيّين وطرد من المنطقة وسهلت مفاوضات الخضوع مع البراكنة.
تمكّن الفرنسيّون خلال الفترة الممتدّة من 1900م إلى 1912م من إخضاع أمراء موريتانيا لسيطرتهم ولم يبق إلاّ بعض جيوب المقاومة الّتي قضي عليها في منتص الثلاثينيات وعليه يمكن تقسيم الإحتلال الفرنسي لموريتانيا إلى ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى: (1900-1905): مرحلة التّغلغل السّلمي والسّيطرة غير المباشرة.
- المرحلة الثّانية: (1905-1914): مرحلة الإخضاع العسكري وإخضاع معظم البلاد لفرنسا.
- المرحلة الثّالثة: (1914-1934): تمّ فيها تصفية بقيّة الجيوب المقاوِمة وتأمين الإحتلال.
ظلّ حكم فرنسا لموريتانيا يعتمد على أساس أنّها جزء من السّنغال، وكان ذلك واضحا من خلال المرسوم الجمهوري الفرنسي الصّادر عام 1904م بإلحاق موريتانيا برمّتها كمنطقة تابعة للسّنغال وذلك بعد سنة واحدة فقط على فرض الحماية الفرنسية عليها، وقد عُيّن Xavier Coppolani حاكما لها ولُقّب بمفوّض حاكم إفريقيا الغربية الفرنسية العام لموريتانيا، ورغم أنّه صدر مرسوم 1944م يجعل موريتانيا مستعمرة فرنسية إلاّ أنّها ظلّت تابعة للسّنغال حتّى عام 1958م.
ألحقت فرنسا موريتانيا بالسّنغال من النّاحية الإدارية بعد أن قسّمت البلاد إلى 10 دوائر يوجد في كلّ دائرة مدير فرنسي يعاونه 03 أشخاص وقد خطّط الإستعمار لمحاربة الإسلام باتّباعه وسائل وأساليب عديدة منها: سياسة التّفريق بين المسلمين البيض والزّنوج ومحاربة اللّغة العربية ونشر اللّغة والثّقافة الفرنسية وإهمال التّعليم والصّحّة ومحاولة نشر المسكرات وإفقار الشّعب وإذلاله.
2- المقاومة الشّعبية الموريتانية للإستعمار الفرنسي (القرن 19م-20م):
في القرن 19م:
ظهرت في مطلع القرن 19م شخصيات وطنيات قادت الكفاح المسلّح أمثال "محمد الحبيب" (1829-1860) و"الشيخ سيدي الكبير" (1776-1868) والّذي دعا إلى وحدة الإمارات والمشايخ لمواجهة التّغلغل الفرنسي، وقد كان لهما جولات خاسرة، وفي أواخر القرن 19م ظهرت الدّعوات الجهادية لمقاومة الفرنسيّين وكان للشّيخ سيدي الكبير دورا في هذا المجال.
في القرن 20م:
منذ مطلع القرن 20م وبعد إعلان اتّفاقية الحماية تصاعدت عمليات الإخضاع العسكري منذ عام 1905م فيما رافقت الكفاح المسلّح مقاومة اجتماعية واقتصادية كانت قائمة على رفض التّعامل مع المستعمر، وقد سخّر علماء البلاد أقلامهم وخطبهم لشحذ الهمم والعزائم ضدّ المستعمر .
بعد إخضاع كلّ من الترارزة والبراكنة همّ الإستعمار لإخضاع آدرار وتكانت لكنّه اصطدم بمقاومة عنيفة وظهر الكثيرون من أبطال المقاومة هناك من أمثال "أحمد بن الديد ولد عساس" و"بكار ولد أسوف أحمد" و"سيدي أحمد ولد عبده" ، وقد نجحت هذه المقاومة الوطنية في أن تضع أمام التّقدّم الفرنسي حدّا، وقد دفع Coppolani حياته ثمنا بعد ما تحرّك نحو آدرار لإخضاعها حيث لقي حتفه على يد "الشريف زين" أخو السّلطان "عبد العزيز" ثمّ استشهد "الشريف زين" في المعركة نفسها، فتولّى قيادة الفرنسيّين الجنرال "مانغان" فزحف نحو آدرار فوقف في طريقه "الشّيخ ماء العينين".
- مقاومة الشّيخ ماء العينين:
قاد الشّيخ ماء العينين بن محمد حركة المقاومة ضدّ الفرنسيّين منذ بدء الإحتلال، فجعل آدرار مركز قيادته وأعلن الجهاد المقدّس واستعان بسلطان المغرب الّذي أمدّه بالمساعدات، وبدأت المعركة الّتي دامت عامين كاملين (1908-1910) وانتهت بدخول الفرنسيّين إلى آدرار بعد وفاة ماء العينين .
كلّف القائد "مونتانييه" بالبحث والتّحقيق حول مقتل Coppolani وعلم أنّه قُتل بتحريض من الشّيخ ماء العينين وهو زعيم ديني له نفوذ في منطقة آدرار استقرّ في السّاقية الحمراء في الأراضي الخاضعة للنّفوذ الإسباني، وقد ساعده في قتل Coppolani "أحمد ولد عيد" حاكم آدرار ، لذا يمكننا القول أنّ الشيخ ماء العينين قد اقتصرت مقاومته شمال موريتانيا وجنوب الصّحراء الغربية.
كان الشّيخ ماء العينين يكتب إلى كافّة الزّوايا الموريتانية يطلب منهم حمل السلاح لوقف الزّحف الفرنسي ووجدت دعوته صدى وخاصّة في آدرار، ولم يقتصر نشاطه على النّاحية المعنوية فقط بل كان يزوّد القبائل الأخرى بالسّلاح وقد استفادت قبائل عديدة من هذا السلاح في "تكانت" والّتي سبقت أن أعلنت خضوعها لـ Coppolaniقبل وفاته فاستغلّت الظّروف ورجعت في تعهّداتها. .
طلب الشّيخ ماء العينين من سلطان المغرب مساعدته، فأرسل إليه حملة بقيادة الأمير "إدريس" ووصلت الحملة إلى آدرار وأخذت بالإستعداد للمواجهة، وتولّى أمر القيادة في هذه الأثناء الجنرال المعروف والمشهور "غورو" (الّذي دخل إلى دمشق إثر معركة ميسلون عام 1919م).
بعث الأمير "إدريس" إنذارا إلى النّقيب "Tissot " يأمره إخلاء "تكانت" لكنّ هذا الأخير أبى وأرسل جيشا على رأسه الملازم Andrieu وDe franssu فنصب لهم "إدريس" كمينا وحصلت معركة كبيرة سقط فيها رقيبان هما Philippe وFleurette وجرح فيها الجنرال De franssu الّذي قتل فيما بعد رفقة Andrieu وكانت هذه المعركة في منطقة "نيملان" حيث تمكّن من الحصول على تعزيزات كبيرة بعد هذه المعركة، وقد بادرت إدارة السنغال بإرسال نجدة سريعة بقيادة الملازم Michard.
أصبح للشّيخ "ماء العينين" سيطرة روحية وعسكرية على المنطقة الصّحراوية الواقعة في شمال موريتانيا وجنوب الصّحراء الغربية، ويلاحظ أنّه تلقّى مساندة من القوى الأجنبية إذ كانت السّفن الألمانية والإسبانية واليونانية تزوّده بالأسلحة واتّصاله بالسّلطان العثماني كلّ هذا أزعج السّلطة الفرنسية.
بنى "غورو" حصنا في "أكشوط" عام 1908 وقد أثار بناؤه "أحمد ولد عيدا" فقام بتهديده وأغار عليه، كما أرسل ماء العينين قوّاته فهاجمت الفرنسيّين في "دامان" جنوب هذا الحصن، وأعلن ابنه الشّيخ "حسان" الجهاد ضدّ الفرنسيّين والمسلمين المتعاونين واشتدّت الإشتباكات بين ماء العينين، وكان لابدّ لفرنسا من اتّخاذ خطوات حاسمة للقضاء عليه، فاستولت على "آطار" عاصمة آدرار وتراجعت قوّات ماء العينين، فاضطرّ هذ الأخير إلى الإنسحاب إلى الصّحراء الغربية، ورغم هزيمته إلاّ أنّه استمرّ في الجهاد وسار إلى فاس وتغلّب على القائد الفرنسي في "تادلة" عام 1910 ولكنّه توفّي في نفس العام.
كان الأمر في المغرب قد ضعف ونودي بـ"عبد الحفيظ" في مراكش عام 1907 وكان نائبا عليها من قبل أخيه "عبد العزيز" فانقسمت الدّولة إلى قسمين دولة مراكش ودولة في فاس، ثمّ خلع "عبد العزيز" من طرف أخيه "عبد الحفيظ" الّذي ثار عليه أخوه "زين" في مكناس واضطرّ "عبد الحفيظ" إلى توقيع معاهدة الحماية مع فرنسا عام 1912، وأخيرا أجبر على التّخلّي عن الحكم وتولّى مكانه أخوه "يوسف" وانتقل إلى الرّباط . لمّا انتهت مرحلة مقاومة الشيخ ماء العينين خلفه ابنه " الشيخ أحمد الهيبة" وهناك بعض الروايات تقول أن اسمه "أحمد هبة الله"الّذي تميّزت علاقته بالتّوتّر مع سلطان المغرب "مولاي حفيظ بن الحسن الأول"، الّذي اتّهمه بالتّآمر مع الفرنسيين ضدّ أبيه فزحف بمقاتليه نحو مدينة مراكش عاصمة السلطان واستطاع احتلالها لبعض الوقت ونودي سلطانا على المغرب الأقصى في 17 أوت 1912 فأرسلت فرنسا جيشا إلى هبة الله وكان النّصر إلى جانب هذا الأخير ثمّ أرسلت فرنسا جيشا ضخما فهُزم هبة الله في المرّة الثانية في معركة سيدي بوعثمان عام 1916م وفرّ من مراكش لكنّه واصل ثورته وتحصّن في "تارودانت" فطاردته القوّات الفرنسية حتّى وصل إلى "تندوف" فهزمهم، ثمّ جهّزت فرنسا قوّات من المغرب والجزائر ومالي والسّنغال بقيادة "غورو" الّذي هزم هبة الله بعد انقسام رجال هذا الأخير عن أنفسهم وتوفّي هبة الله إثر إصابته بالمرض عام 1919، وهكذا انتهت مقاومته.
بالإضافة إلى مقاومة هبة الله بن ماء العينين استمرّت مقاومة القبائل الموريتانية جنوب موريتانيا وظهر "يد الأغدف" ابن ماء العينين وأخ "هبة الله" الّذي شنّ هجوما على الفرنسيّين جنوب الصّحراء الغربية واستطاع تكبيدهم خسائر فادحة، كما أثار أهالي "السمارة" شمال موريتانيا لكنّهم هزموا وعقدت معاهدة في 1913 بين أمير آدرار ومندوب الحاكم العام في موريتانيا.
بعد الحرب العالمية الأولى شعر الفرنسيّون باطمئنان في موريتانيا فعدّوا هذه الأخيرة جزءا من إفريقيا الغربية الفرنسية ولكن الحركات عادت تظهر من جديد وكان من قادة هذه الثّورات "إبراهيم ديانكو"، "ديرويكو" وأمير البراكنة "أحمد بن سيدي علي" وأمير تكانت "بكار بن اسويد أحمد" وأمير آدرار "أحمد بن سيدي أحمد بن عبده" و"أحمد بن الديد" من الترارزة و"محمد تقي الله بن الشيخعلي" و"محمد المختار بن الحامد" و"الشيخ عابدين بن سيدي محمد الكنتي" و"أحمد حمادي" "وعلي بن مبارة".
ألحق الثّوّار خسائر فادحة عام 1923 بمجموعة عسكرية فرنسية وعلى أخرى في آدرار، وفي عام 1931 تجدّد القتال بعد توقّفه أكثر من 06 سنوات ولم تتوقّف المعارك إلاّ سنة 1934 ، بعدما أصيب الثّوّار بخسائر فادحة ونتيجة الجفاف الّذي ضرب مناطقهم، وتمكّن الكفاح الشّعبي المسلّح من التّصدّي للمستعمر وإلحاق خسائر جسيمة بين صفوفه على مستوى الأفراد والمعدّات وقد تمكّنت المقاومة المسلّحة من تأخير احتلال الفرنسيّين للبلاد حتّى عام 1934م إذ استطاع الفرنسيّون إخضاع موريتانيا والمغرب بعد إنهاء عمليات الكفاح المسلّح والّتي جاءت كما نقل عن المصادر الفرنسية بفعل الجفاف أكثر ممّا هو بالسّلاح.
وأذكر بعض المعارك الهامّة الّتي كانت في فترة المقاومة: معركة واد التاكليات-معركة اشريريك 28 نوفمبر 1923- الهجوم على موقع نواذيبو 26 مارس 1924- معركة بوكرن 05 ماي 1924م- معركة الطريفية ابريل 1925.
3- الحركة الوطنية الموريتانية والإستقلال:
لم تكد الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها حتّى نشطت حركات التّحرّر في المستعمرات الفرنسية بغرب إفريقيا ومنها موريتانيا وتحت الضّغط الّذي واجهته فرنسا لزيادة المشاركات الشّعبية في حكم بلدانها عقد مؤتمر "برازافيل" (الكونغو) سنة 1944م وكان من نتائجه أن أعطى حقّ الإنتخابات للموريتانيّين عام 1946 وفاز بها مواطن موريتاني يدعى " حرمه العلوي" وأصبح نائبا لبلاده في المجلس الفرنسي وكانت هذه الإنتخابات هي الشّرارة الّتي أوقدت الحركة الوطنية الموريتانية ، ولذلك تشكّل حزبان هما "حزب الإتّحاد الدّيموقراطي" و"حزب منظّمة الشّباب" وانحصرت مطالبهما بالإستقلال المباشر والحرّيّة المطلقة، كما نجحت الحركة الوطنية في توحيد الحزبين في حزب واحد هو "حزب التّفاهم الموريتاني" سنة 1948م لكن لم يلبث أن انقسم وكوّن حزبين هما "حزب التّفاهم الموريتاني" وزعيمه "أحمد بن حرمة بن بابانا" و"الحزب التّقدّمي" وزعيمه "المختار أنجاي"، وقد فاز هذ الأخير في انتخابات 1951 و1956، وفي عام 1958 تقرّر دمج الحزبين في حزب "التّجمّع الموريتاني" الّذي دعا للإستقلال، كما نشأ "حزب النّهضة" ويدعو لاستقلال موريتانيا وانضمامها إلى الوطن الأم المغرب !!!!!! واعتبار موريتانيا جزء لا يتجزّأ من المغرب !!!!! وقد تشكّل بعد استقلال المغرب عام 1956، وأنشأ جيش التّحرير الموريتاني لكنّه فشل في تحقيق شيء.
عُقد مؤتمر بباماكو المالية يضمّ ممثّلي أقاليم إفريقيا الغربية وكان من مقرّراته ضرورة اعتراف فرنسا بحقّ تقرير المصير إن يخشى من اندلاع حركات المقاومة في هذه الأقاليم على شكل ثورة كما حدث في الجزائر وأصدر رئيس وزراء فرنسا "غي موليه" قانون الإصلاح الإداري عام 1957.
وفي جانفي 1958 تشكّلت لجنة الإئتلاف من ممثّلي الهيئات الرّئيسية في البلاد، ودعا "المختار ولد داده" جميع الأعضاء إلى عقد مؤتمر عام في مدينة "إلاك" وتمّ عقده في ماي 1958 وافتتحه بخطاب أكّد فيه على ضرورة الخروج من واقع التّمزّق السّياسي وتمخّض عن المؤتمرات توحيد الكتل السّياسية وهنا ظهر "حزب التّجمّع الدّيموقراطي" كما ذكرنا سابقا.
عند مجيء "شارل ديغول" عام 1958 حدث تطوّر مهمّ نحو منح موريتانيا حكما ذاتيا حيث تمّ إجراء استفتاء في الأقاليم التّابعة لفرنسا يخيّر السّكّان بين البقاء ضمن نظام مرن جديد "مجموعة الشّعوب الفرنسية" أو الإستقلال التّام، وقد اختارت الأغلبية في المجلس الوطني الموريتاني البقاء في هذه المجموعة رغم المعارضة .
أصبحت موريتانيا بعد الإستفتاء دولة مستقلّة ذاتيا وأصبح "المختار ولد داده" بوصفه رئيسا للحكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية عضوا في المجلس التنفيذي للجماعة الفرنسية ومثلت البلاد في مجلس الجماعة الفرنسية بثلاثة أعضاء موريتانيّين، وفي 22 مارس 1959 تمّ في العاصمة نواكشوط التّصديق على الدّستور الموريتاني الّذي تمّت صياغته بإشراف من "المختار ولد داده" الّذي أقرّ أنّ دين الدّولة والشّعب هو الإسلام وأنّ اللّغة العربية هي اللّغة الوطنية، كما نصّ على شعار الدّولة هو الشّرف والإخاء والمساواة والعلم أخضر فيه هلال ونجمة ذهبية، وفي17 ماي 1959 أسفرت هيمنة "حزب التّجمّع الدّموقراطي" وفي جوان اختارت الجمعية الوطنية "ولد داده" وزيرا ومنحته حقّ التّفاوض مع الفرنسيّين حول الإستقلال التّام ، وعلى الرّغم من تضييقه على "حزب النّهضة" المطالب بالإنضمام إلى المغرب !!!!! فإنّه اصطدم بحزبين جديدين هما "حزب الإتّحاد الوطني الموريتاني" الّذي يعدّ فرعا من "حزب الإتّحاد الإفريقي" لكنّ هذا الحزب كان ضعيفا ، والحزب الآخر هو "حزب اتّحاد الإشتراكيّين المسلمين الموريتانيّين" بزعامة "أحمد سالم بن بيوط" و"أحمد بن كركوب" و"سيدي بن عباس" فقد تأسّس في 25 فيفري 1960 الّذي كان له أهداف مطابقة لولد داده، لكن كان تحت قيادته مجموعة من العسكريّين الفرنسيّين المتقاعدين والمعروفين بتأييدهم للمشروع الصّحراوي والّذي جاء بسبب خشيتهم من امتداد نفوذ الثّورة الجزائرية للصّحراء ومطالب المغرب في موريتانيا.
منذ بداية الستّينات بدأ مبدأ الإستقلال التام وتوجّه "المختار ولد داده" إلى باريس للتّفاوض مع المسؤولين الفرنسيّين وبعد مفاوضات دامت من جويلية حتّى أكتوبر 1960 تمّ التّوقيع في 19 أكتوبر من نفس السنة على اتّفاق موريتاني فرنسي يقضي بنقل السّلطات في موريتانيا إلى مسؤولين وطنيّين وإعلان الإستقلال الكامل للبلاد في 28 نوفمبر 1960، وأُعلن الإستقلال في اليوم المحدّد وأصبحت البلاد تُعرف بالجمهورية الموريتانية الإسلامية وانتقلت العاصمة من "سان لويس" السنغالية إلى نواكشوط الّتي بناها المختار ولد داده في فترة سابقة لتصبح عاصمة البلاد بعد الإستقلال وأصبح هو أوّل رئيس للبلاد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 3:59 pm

رؤساء موريتانيا
المختار ولد محمدن ولد داداه(1924 أبي تلميت - 14 أكتوبر 2003 باريس )
ولد في بداية عشرينيات القرن العشرين بمدينة مشهورة بتاريخها العلمي والسياسي في موريتانيا. تزوج عام 1950 بمريم داداه الفرنسية الجنسية وهي أم أولاده الثلاثة (ولدين وبنت).
أبو الأمة انتسب المختار ولد داداه إلى الاتحاد التقدمي الموريتاني المتأسس عام 1948، ويعد هذا الحزب ذو الاتجاه المعتدل أكثر الأحزاب الموريتانية قربا من الإدارة الفرنسية، وقد عين ولد داداه رئيسا لمجلسه التنفيذي عام 1958. عرفت الساحة السياسية الموريتانية نهاية الخمسينيات تنافسا حادا بين دعاة الانضمام إلى المغرب (حزب الوئام بزعامة أحمدو ولد حرمة ولد بابانا أول نائب موريتاني في البرلمان الفرنسي) وبين دعاة الانضمام لكونفدرالية غرب أفريقيا (العناصر الزنجية الموريتانية) فوقف ولد داداه في وجه الاتجاهين رافعا شعار "موريتانيا همزة وصل بين العالمين العربي والأفريقي".
درس الابتدائية في موريتانيا وبعد ذلك سافر إلى فرنسا ودرس في معاهد ثانوية خاصة فحصل منها على شهادة الثانوية العامة عام 1948، ثم تابع دراسته في الحقوق في إحدى الكليات الباريسية حتى حصل على شهادة المحاماة، فكان أول موريتاني يعود إلى بلاده حاملا شهادة جامعية.
وفي عام 1959 أسس المختار حزبا جديدا عرف باسم حزب التجمع الموريتاني الذي خاض انتخابات محلية أدت نتائجها الطيبة إلى تعيينه رئيسا للوزراء في حكومة تحت الاستعمار الفرنسي، فأسس أول دولة موريتانية حديثة وشيد مدينة نواكشوط عام 1957. وفي 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 1960 عين رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية التي نالت في هذا التاريخ استقلالها عن فرنسا. طالبت المملكة المغربية بموريتانيا منذ نهاية الخمسينيات، وقد وقف ولد داداه في وجه تلك المطالبات ولم يعترف المغرب بموريتانيا دولة مستقلة إلا عام 1969.
في 14 سبتمبر / أيلول 1970 عقدت قمة نواذيبو اللتى استضافها المختار ولد داداه وحضرها الملك المغربي الحسن الثاني والرئيس الجزائري هواري بومدين ، فأكدوا على ضرورة إنهاء وتصفية الاستعمار الإسباني من الصحراء. وبعد خمس سنوات من لقاء نواذيبو تقاسمت موريتانيا الإقليم الصحراوي مع المغرب بموجب الاتفاق الثلاثي الإسباني المغربي الموريتاني الموقع عليه بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1975، وينص على خروج إسبانيا من الصحراء وتقسيمها بين الدولتين (الساقية الحمراء للمغرب ووادي الذهب لموريتانيا). تحالفت موريتانيا مع المغرب عسكريا ودبلوماسيا في مواجهة البوليساريو وحليفتها الجزائر، فركزت جبهة البوليساريو هجماتها العسكرية على موريتانيا بوصفها الحلقة الأضعف في الصراع، وايتصف ولد داداه بالبساطة والابتعاد عن المظاهر السلطوية وقد عاش وهو رئيس في منزل بسيط لا تتعدى غرفه ثلاثا. وقد اشتهر ولد داداه بدبلوماسيته الهادئة والفعالة خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء حيث ترأس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1971. لم يتأثر ولد داداه عندما أعلمه الحسن الثاني بالتخطيط للانقلاب عليه قبل ستة أشهر من وقوع الانقلاب، ولا بإشعار الرئيس الزائيري موبوتو له في شهر فبراير/ شباط 1978، فترك الأمور تسير على طبيعتها حتى تم اعتقاله.
ستطاعت قواتها أن تتابع الضربات تلو الضربات حتى هاجمت نواكشوط عاصمة البلاد في يوليو / تموز 1977 . وقد أعطت استراتيجية البوليساريو العسكرية نتيجتها حيث دخل نظام المختار ولد داداه في أزمة اقتصادية وأمنية خانقة دفعت بالجيش الموريتاني إلى الإطاحة بحكمه في 10 يوليو / تموز 1978 تم اعتقال ولد داداه 14 شهرا في سجون مدينة ولاته شرقي موريتانيا. وفي 3 أكتوبر / تشرين الأول 1979 أخرج ولد داداه من السجن لتدهور صحته لينقل إلى فرنسا للعلاج، بعدها اختار الإقامة في تونس أولا ليقيم بعد ذلك فى
نيس على ساحل البحر الأبيض المتوسط بفرنسا. عاد المختار ولد داداه من منفاه الفرنسي إلى موريتانيا يوم 17 يوليو/ تموز 2001 مقررا الإقامة في بلده وقد بلغ به الضعف والكبر مبلغهما.
المصطفي ولد محمد السالك (1936 م كيفة)
ينحدر ومحمد السالك من ولاية لعصابة جنوب شرق موريتانيا, بدأ رحلته الدراسية من مدينة دكار لصبح في النهاية معلما وبعد الاستقلال سنة 1960 كان من أوائل الضباظ الذين شكلو نواة الجيش الموريتاني, تلقى تكوينه العسكري في فرنسا، تو لى قيادة الجيش ما بين 1968 م و 1969 م خلفا للعقيد امبارك ولد بون مختار. بداية من سنة 1970 م عين واليا لولاية آدرار شمال البلاد ليبقي في هذا المنصب حتىكرئيس للجنة العسكرية للخلاص الو طني التي قادت الانقلاب أصبح العقيد ولد السالك الرئيس الثاني لموريتانيا بعد الاستقلال ورئيسا للوزراء كذلك ولكنه فشل فشلا ذريعا في إدارة الأزمة التي خلفتها حرب الصحراء والتي كانت هي سسب الانقلاب الذي اتى به إلى السلطة ليستقيل في أبريل 1979 م من رآسة الوزراء ليخلفه المرحوم العقيد أحمد ولد بوسيف في المنصب وفي 3 يونية 1979 م تمت الإطاحة به من الرآسة من خلال انقلاب آحر.
مارس سنة 1978 م حيث تم تعيينه للمرة الثانية قائدا للجيش, لقود هو ومجموعة من الضباط انقلابا على الرئيس المختار ولد داداه في يوم 10 يوليو 1978 م.
بعد الإطاحة به من طرف زملائه في اللجنة العسكرية للخلاص الوطني تعرض للسجن في السنوات ما بين 1981 م و 1984 م. في سنة 1991 م ومع أول انتخابات رآسية حرة في موريتانيا ترشح ولد السالك ضد الحاكم العسكري آنذاك و لد الطايع حيث حصل على نسبة 4,25 من الأصوات.
محمد محمود ولد لولي(1 يناير 1943 م تجكجة) رئيس موريتانيا في الفترة ما بين 3 يونيو 1979 م و 4 يناير 1980 م.
دخل الجيش في نوفمبر 1960 م حيث تم تكوينه كضابط من طرف القوات الفرنسية العاملة آنذاك في موريتانيا, تولى عدة حقائب في الجيش الموريتاني في فترة الرئيس المختار ولد داداه.
في سنة 1978 م لم يكن أحد الأعضاء المؤسسين للجنة الوطنية للإنقاذ الوطني (Comité militaire de redressement national) ,التي انهت بانقلاب أبيض سلطة الرئيس المختار ولد داداه في 10 يوليو 1978 م بقيادة قائد الجيش آنذاك المصطفي ولد محمد السالك ولكنه انضم إليها لاحقا ليصبح أحد أهم وانشط اعضائها.
تولى عدة حقائب في الحكومة العسكرية بعد الانقلاب، في 6 إبريل 1979 م و انشأ مع كل من أحمد ولد بوسيف و محمد خونه ولد هيداله مايعرف باللجنة العسكرية للخلاص الوطني ( Comité militaire de salut national)، ليتولى في 3 يونيو 1979 م رئاسة موريتانيا بعد استقالة المصطفي ولد محمد السالك بسبب تبعات أزمة حرب الصحراء الغربية و ما كانت البلاد تتخبط فيه من مشاكل داخلية والصراع على السلطة من طرف ضباط الجيش. بعد سبعة أشهر من الحكم أي في 4 يناير 1980 م تنازل ولد لولى بدوره عن السلطة لصبح ولد هيدالة هو الرئيس، منذ ذلك الوقت وهو يعيش في عزلة تامة عن السياسة و عن الحياة العامة حيث بدأ حياته الدراسية من مدينة روصو واكملها في السنغال حيث حصل على الباكلوريا سنة 1961 م في دكار ودخل الخدمة العسكرية في العام الموالي ليبدأ بذلك مسيرته العسكرية, شارك في حرب الصحراء وكان من ضمن القادة العسكريين الذين انقلبو في 10 يوليو 1978 م على الرئيس الراحل المختار ولد داداه, حيث كان يوصف بالرجل القوي في الحكومة العسكرية، تولى قياة أركان الجيش لفترة ثم أصبح بعد ذلك وزيرا للدفاع.
يث كان أول ظهور علني له أثناء تنصيب الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
محمد خونا ولد هيدالة (1940 انواذيبو ) رئيس موريتانيا بين الاعوام 1980 -1984
بدأ حياته الدراسية من مدينة روصو واكملها في السنغال حيث حصل على الباكلوريا سنة 1961 م في دكار ودخل الخدمة العسكرية في العام الموالي ليبدأ بذلك مسيرته العسكرية, شارك في حرب الصحراء وكان من ضمن القادة العسكريين الذين انقلبو في 10 يوليو 1978 م على الرئيس الراحل المختار ولد داداه, حيث كان يوصف بالرجل القوي في الحكومة العسكرية، تولى قياة أركان الجيش لفترة ثم أصبح بعد ذلك وزيرا للدفاع.
في 31 من مايو 1979 م تولى رآسة الوزراء خلفا للعقيد الراحل احمد ولد بوسيف الذي توفي في حادث الطائرة الشهير فوق اجواء العاصمة السينغالية دكار.
في 4 يناير 1980 م تولى رآسة اللجنة العسكرية للخلاص الوطني ورآسة الدولة خلفا للعقيد محمد محمود ولد لولي في عملية لتبادل الأدوار بين العسكريين على السلطة، حيث إحتفظ لنفسه بمنصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وقام باجراء تعديلات في المناصب العليا في الحكومة كان من نتائجها إقالة نائب الرئيس العقيد المرحوم أحمد سالم ولد سيد وبالتالي القضاء على كل المنافسين السياسيين، لعب دورا مهما وحاسما في تطبيع وتحسين العلاقات بين بلاده والجزائر واعرب عن تأييده لاعتراف منظمة الوحدة الإفريقية بالصحراء الغربية حيث قام في نفس السنة بإستقبال وفد من جبهة البوليساريو في نواكشوط التي اعترف بها كممثل شرعي ووحيد لشعب الصحراوي والتوقيع على معاهدة سلام ليضمن لبلاده الحياد التام من الصراع الدائر آنذاك وفي نفس الوقت قطع العلاقات مع المغرب وطرد قواتها من أكجوجت وأطار.
عرفت موريتانيا في بداية عهده محاولة انقلابية فاشلة يوم 16 مارس 1981 م قادتها مجموعة من ضباط الجيش تلقوالدعم من طرف النظام المغربي, تم القبض على المنفذين وأعدمو رميا بالرصاص بعد عشرة ايام في قاعدة اجريدة شمال انواكشوط.
شهدت فترته كذلك صدامات مع التيارات العروبية الناصرية والبعثية حيث تم التنكيل بهم والزج بالعشرات منهم في السجون.
بقي في الحكم حتى 12 دجمبر 1984 م، حيث تمت الاطاحت به من طرف قائد الجيش آنذاك العقيد معاوية ولد سيدي أحمد الطايع وهو في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية وتم اعتقاله في مطار نواكشوط لدى عودته وأودع السجن الذي بقي فيه حتى 28 نفمبر 1988 [1] م.
اهم انجازاته
إلغاء الرق
تطبيق الشريعة إلإسلامية والصرامة الكاملة في تسيير االمال العام.
إنشاء أول شركة للصيد في موريتانيا
رفض التعامل يشكل قاطع مع المؤسسات النقدية الدولية
إضافة إلى حالة عدم الأستقرار التي تميزت بها قترة حكمه ياحذ عليه كثيرون انه حول الجيش إلى قبضة مجموعة من الضباط تنحدر أساسا من منطقة الشمال [3] هي التي ما زالت تتحكم وتدير السلطة والجيش إلى يومنا هذا, ومما يأخذ عليه القسوة التي عامل بها قادة انقلاب 16 مارس 1981 م، حينما حكم عليهم بالإعدام الذي نفذ أيضا بكل قسوة، حتى في حق الضابط الجريح المصطفى ولد ابن المقداد[2] الذي حمل من سريره في المستشفى إلى ساحة الإعدام.
معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطايع (1941 -)، رئيس جمهورية موريتانيا الإسلامية من عام 1985 إلى 3 أغسطس 2005.
تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في ولاية ترارزة التي عاد إليها لاحقا كمدرس في الابتدائية.
لكن "بريق" الجيش الذي كان طور التأسيس جذبه لتتغير حياته بشكل جذري، بطريقة دراماتيكية، أُرسل ولد الطايع في بعثة إلى فرنسا حيث التحق بالكلية الحربية، سلاح المدرعات عام 1958-1961م. ليواصل دراساته بالأكاديمية العسكرية الفرنسية "سان سير" Saint Cyr وكان من أوائل ضباط الجيش الموريتاني الوليد, عاد بعدها للبلاد ليتقلد عدة مناصب عسكرية، إضافة لعمله لسنوات مرافقا عسكريا للرئيس الموريتاني الأسبق المختار ولد داداه، ونال ثقة الضباط الأوائل في الجيش
كان أحد الذين شاركو بالانقلاب سنة 1978م وهو الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المختار ولد داداه في نفس العام. عُيّن معاوية ولد طايع على إِثر ذلك الانقلاب وزيراً للدفاع, تقلد مناصب عديدة منها قيادة أركان الجيش والدرك ورئاسة الوزراء.
وفي الأربعاء 12 ديسمبر 1984م قاد انقلاباً عسكرياً أبيضا أدى إلى خلع الرئيس محمد خونه ولد هيداله. بعد سنوات من توليه مقاليد الحكم أعلنت موريتانيا من خلال دستور يوليو 1991 عن نظام تعددي أجريت بموجبه أول انتخابات رئاسية في ديسمبر 1992 فاز فيها الرئيس معاوية بنسبة 62.65%. وأعيد انتخابه في ديسمبر 1997 في انتخابات رئاسية قاطعتها المعارضة بنسبة زادت على 73.25%. ليعود لاحقا للفوز مجددا بالرئاسة في الانتخابات التي أجريت في 7 نوفمبر 2003 بنسبة 66.69 % من أصوات الناخبين، بعيد المحاولة الانقلابية الفاشلة(يونيو 2003) واعتبرت المعارضة الانتخابات باطلة، وطالبت بإجراء انتخابات جديدة مجمعة على حدوث "أعمال تزوير " خلال العملية الانتخابية. حكم ولد الطايع البلاد 21 سنة، بنظام تعددي قريب من نظام الحزب الواحد، بواسطة الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي الذي كان الحزب الأقوى حتى بعد سقوط الطايع، عرف العقد الأخير من حكمه ازدهارا اقتصاديا توج باكتشاف النفط وإلغاء الديون من طرف عموم المانحين، أقام علاقات دبلوماسية لأول مرة مع إسرائيل، تعرض لمحاولات عدة بقصد زعزعة نظامه نجم عنها اعتقال بعض من معارضيه وخصوصا من الأفارقة الزنوج في الثمانينات، واصطدم بالتيار الإسلامي الذي يتزعمه محمد الحسن ولد الددو خصوصا في السنوات الأخيرة. وقد نجا خلال فترة حكمه من محاولتين انقلابيتين فاشلتين في سنة 2003 م، و2004 م ولكن الحظ تخلى عنه في الانقلاب الثالث، الذي أداره رفاقه في السلاح بقيادة مدير أمنه العقيد اعلي ولد محمد فال.
أمضى الرئيس ولد الطايع أيام الانقلاب الأولى في النيجر، ومن هناك وجه نداء عبر قناة العربية إلى الضباط وضباط الصف والجنود لوقف ما أسماه "الوضعية الإجرامية" في نواكشوط، ثم غادرها إلى غامبيا في 8 أغسطس 2005 ثم انتقل مع عائلته إلى دولة قطر في 20 أغسطس 2005. التي يقيم فيها حتى الآن ويزداد الحديث على نطاق واسع عن احتمال عودته.
أصدر الرئيس الموريتاني السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع من منفاه في قطر، كتابا تحت عنوان "نجاة العرب" في 1 يناير 2012، يتكلم فيه عن الربيع العربي والثورات التي تشهدها بعض الدول العربية، مقدماً رؤية خاصة للتحديات التي يواجهها العالم العربي.
إعلي ولد محمد فال (1950 -)
رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية رئيس الدولة بالجمهورية الإسلامية الموريتانية وصل إلى السلطة اثر انقلاب عسكري أبيض في 3 اغسطس 2005 اطاح بالرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع ووعد العقيد علي ولد محمد فال بأنه سيسلم السلطة لرئيس منتخب بعد عامين من الانقلاب وهي ما أسماها بالفترة الانتقالية وبالفعل قام علي ولد محمد فال بتسليم السلطة بعد اقل من عامين . وقد كان مديرا للشرطة الوطنية الموريتانية منذ 1985 وكان من أقرب معاوني الرئيس السابق معاوية ولد الطايع قبل أن يطيح به ، شكل العقيد ومجموعة من 18 عقيدا ما يسمى بالمجلس العسكري للعدالة والديمقراطية وقام المجلس بتسليم السلطة للرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله يوم 19 إبريل 2007. بدايته 1966حصل على شهادة ختم الدروس الابتدائية متفوقا فاهله ذالك للالتحاق بالتعليم العسكري الفرنسي الموريتاني المشترك والمبكر سافر في نفس السنة لفرنسا ودرس التعليم الاعدادي والثانوي بنظام عسكري وحصل على شهادة الباكالوريا والتحق بالاكاديمية العسكرية هناك حتى سنة 1973بعد عام من دخوله الاكاديمية العسكرية في فرنسا انتهت اتفاقية التكوين العسكري المشترك بين فرنسا وموريتانيا ارسل ولد محمد فال للمغرب ودخل الاكاديمية العسكرية بمكناس امضى ثلاثة سنوات اكمل فيها تعليمه الاكاديمي بالتوازي مع حصوله على ليصانص حقوق تخرج 1976 مع مرتبة الشرف العسكري الاولى تلك السنةاستدعي للحرب بين موريتانيا وجبهة البوليزاريو وعين في سابقة كضابط حديث التخرج يعهد له قيادة وحدات مستقلة في خطوط التماس الاولى والمتقدمة ضد جيش معادي ولقب باسد الصحراء في تلك الحرب كان دائما محط انظار القيادة العسكرية في موريتانيا كضابط متعلم وعسكري من الطراز الاول اسندت له قيادات أكبر من رتبته دائما حسب العرف العسكري وشارك سنة 1984كعضو اساسي وحيوي في الانقلاب اللذي اطاح بالرئيس ولد هيدالة وكان اصغر المشاركين في هاذا الانقلاب رتبة عسكرية لكن دوره كان محوريا في الانقلاب من أهم مايميز تاريخ الرجل تاريخه العسكري المشرف في الحرب وتاريخه خلال ادارته لجهاز الامن فطيلة 20سنة تولى فيها إدارة الامن لم يشتكي مواطن او سياسي او اجنبي من ولد محمدفال من واقع انه سجنه اوظلمه سنة 2003قام بالتنسيق السريع والمحكم مع قادة الوحدات العسكرية لماله من سمعة معروفة لدى العسكريين واحبط اخطر المحاولات العسكرية في تاريخ موريتانيا خلال 48ساعة وهو عضو مجلس أمناء المؤسسة العربية للديمقراطية.وقد ابتعد موخرا عن السياسة وكان اخر ظهور له اجتماعي بحت,خلال حفل زفافه علئ فتاة صحراوية من مدينة العيون تنتمي «الركيبات السواعد» في حفل عائلي باحد الفنادق الفخمة بجزيرة لاس بالماس الأسبانية يوم السبت 14يوليوز2012.
سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله (1938 - )،
رئيس موريتانيا الأسبق. فاز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في مارس 2007 وتولى رئاسة موريتانيا في 19 أبريل 2007، ويعتبر أول رئيس مدني في موريتانيا يصل إلى الحكم بأصوات الشعب في أول انتخابات دعمه خلالها العسكر، بحسب ما اعترف هو لاحقاً بعد انقلابهم عليه. وتعتبر الفترة التي حكم فيها ربيع الحريات والديمقراطية.
أطيح به أثر انقلاب عسكري تزعمه الجنرال محمد ولد عبد العزيز في 6 أغسطس 2008 بسبب عزله لقادة الجيش بسبب التدخل في السياسة. قاوم سيدي الانقلاب ولم يرض بالأمر الواقع متحملا السجن ثم الإقامة الجبرية وساندته مجموعة أحزاب سمت نفسها "الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية" في العمل على إفشال الانقلاب، ولكن فشل الطرفان في تحقيق هذا الهدف، وكل ما تحقق لهما هو التوصل إلى اتفاق في العاصمة السنغالية داكار، سمح للرئيس بإعلان استقالته في إشارة إلى استمرار شرعيته خلال أشهر الانقلاب.
في 27 يونيو 2009 ألقى الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله خطابا أعلن من خلاله تخليه الطوعي عن السلطة، بعد أن وقع على مراسيم إقالة الوزير الأول السابق يحيى ولد أحمد الوقف وحكومته، وتكليف الوزير الأول الذي عينه العسكر وتم التوافق عليه مولاي ولد محمد الأغظف، وتعيين أعضاء حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية.
محمد ولد عبد العزيز ولد اعلي (وُلِدَ 1956 م أكجوجت) هو رئيس موريتانيا.
وهو ثامن رئيس لموريتانيا منذ الاستقلال وسادس رئيس عسكري منذ إطاحته في انقلاب عسكري في 6 أغسطس 2008 بالرئيس محمد ولد الشيخ عبد الله بعدما قام الأخير بإصدار قرار رئاسي بخلعه من رئاسة الحرس الرئاسي، فانتفض جراء القرار وقام بوضع الرئيس تحت الإقامة الجبرية.
ولد بمدينة اكجوجت وتخرج من الاكاديمية العسكرية بمكناس, ساهم في إفشال انقلاب صالح ولد حننا على الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع في عام 2003، حيث تمت ترقيته بعدها إلى رتبة عقيد، إلا إنه لعب لاحقاً دور بارز في انقلاب عام 2005 وظهر اسمه كأبرز قادة الانقلاب الذي أطاح بالرئيس معاوية ولد الطايع، كما لعب دور بارز في تولي الرئيس محمد ولد الشيخ عبد الله لمنصب الرئاسة، وقد كافئه على دعمه فقام بترقيته إلى رتبة جنرال وهي أعلى رتبة في الجيش الموريتاني، كما كلفه أيضا بقيادة الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية.
ترشح للانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم 18 يوليو 2009 وهي الأولى بعد الانقلاب العسكري الذي قاده، واستطاع أن يحقق النجاح بها بعد حصولة على نسبة 52.58% من الأصوات، رغم اتهام المعارضة له بتزوير الانتخابات وعدم اعترافها بالنتائج النهائية. تم تنصيبه رسمياً يوم 5 أغسطس 2009.
با مامادو إمباري (1946 - )،
رئيس مجلس الشيوخ الموريتاني. تولى رئاسة موريتانيا بالإنابه بالفترة من 15 أبريل 2009 إلى 5 أغسطس 2009 خلفاً للجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي استقال للمشاركة في الانتخابات الرئاسية.
ولد في قرية والي ديإنتاج في جنوب غرب موريتانيا على الحدود مع السنغال. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في موريتانيا، ودرس في الاتحاد السوفياتي في أكاديمية العلوم الزراعية والتي تقع في كييف بأوكرانيا وذلك في الفترة من 1967 إلى 1973 وحصل على شهادة في الطب البيطري.
عمل في موريتانيا كباحث في مختبر الثروة السمكية وذلك في الفترة من 1974 إلى 1975، ثم رئيساً لمختبر الثروة السمكية في نواديبو، ورئيساً لقسم البيولوجيا البحرية والأوقيانوغرافيا من 1976 حتى 1978. وبعد ذلك عمل كمدير للمركز القومي للبحوث لدراسة المحيطات والصيد من عام 1978 إلى 1980. وفي عامي 1980 - 1981 عمل كمستشار فني لوزير الصيد والاقتصاد البحري. ومن عام 1986 حتى 2003 كان عمدة ل[بلدية ولي]، كما إنه عمل مديراً لموظفي وزارة الصيد والاقتصاد البحري خلال فترة رئاسته لبلدية والي. وفي عام 2002 عين مديراً عاماً لمناطق الحكم الذاتي من ميناء نواديبو.
وعلى الرغم من إنه كان معارضاً للرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع إلا إنه عمل في حكومته كوزير للصيد والاقتصاد البحري وذلك في الفترة من 13 نوفمبر 2003 إلى أن أطيبح به الانقلاب العسكري في 3 أغسطس 2005.
وبعد الإتقلاب انتخب لعضوية مجلس الشيوخ وذلك في الانتخابات التي أجريت في يناير وفبراير 2007. وانتخب رئيساً لمجلس الشيوخ في 26 أبريل 2007.
وبعد الانقلاب العسكري على الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله وتولي محمد ولد عبد العزيز رئاسة المجلس العسكري الحاكم 6 أغسطس 2008 ثم استقالته في 15 أبريل 2009 من جميع مناصبة السياسية والعسكرية ليتمكن من الترشيح في لانتخابات الرئاسة في 6 يونيو 2009 تولى الرئاسة بصورة مؤقتة ليصبح بذلك أول زعيم السود في موريتانيا.
محمد ولد عبد العزيز ولد اعلي (وُلِدَ 1956 م أكجوجت) هو رئيس موريتانيا.
وهو ثامن رئيس لموريتانيا منذ الاستقلال وسادس رئيس عسكري منذ إطاحته في انقلاب عسكري في 6 أغسطس 2008 بالرئيس محمد ولد الشيخ عبد الله بعدما قام الأخير بإصدار قرار رئاسي بخلعه من رئاسة الحرس الرئاسي، فانتفض جراء القرار وقام بوضع الرئيس تحت الإقامة الجبرية.
ولد بمدينة اكجوجت وتخرج من الاكاديمية العسكرية بمكناس, ساهم في إفشال انقلاب صالح ولد حننا على الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع في عام 2003، حيث تمت ترقيته بعدها إلى رتبة عقيد، إلا إنه لعب لاحقاً دور بارز في انقلاب عام 2005 وظهر اسمه كأبرز قادة الانقلاب الذي أطاح بالرئيس معاوية ولد الطايع، كما لعب دور بارز في تولي الرئيس محمد ولد الشيخ عبد الله لمنصب الرئاسة، وقد كافئه على دعترشح للانتخابات الرئاسية التي أجريت يوم 18 يوليو 2009 وهي الأولى بعد الانقلاب العسكري الذي قاده، واستطاع أن يحقق النجاح بها بعد حصولة على نسبة 52.58% من الأصوات، رغم اتهام المعارضة له بتزوير الانتخابات وعدم اعترافها بالنتائج النهائية. تم تنصيبه رسمياً يوم 5 أغسطس 2009.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 4:00 pm

عدد سكان ومساحة موريتانيا
1.030.700 كم2
عدد السكان
3 ملايين نسمة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 4:01 pm

تاريخ ليبيا واصل التسمية
كان ظهور الاسم ليبيا وتداوله في النقوش المصرية القديمة ليدل وبوضوح على القبائل الليبية التي كانت تقطن جبل برقة والصحراء الغربية لمصر، فورد ذكرها على لوحة الملك مرنبتاح وكذلك في معبد الكرنك.
من الناحية التاريخية يبدو انه اشتق من الكلمة المصرية القديمة (ريبو) او (الليبو)وتقابلها في اليونانية (ليبوس) مما يقابلها في العربية ليبيا، وورد اسم الليبو أو ليبيا في نقش مصري قديم يرجع إلى عهد رمسيس الثاني (1298-1232) قبل الميلاد وكان يطلق على إحدى الفرق العسكرية التي عملت في الجيش المصري آنذاك وشاركت في الحملات على بلاد فلسطين وسوريا.
من الواضح ان الليبيين هم من اتصل بهم في بادئ الأمر وذلك في عصر الملك رمسيس السادس من الأسرة العشرين ثم انتقل الاسم ليبيا حيث تلقفه الفينيقيون قبل هجرتهم إلى الشمال الإفريقي وعُثر على نقوش فينيقية متعددة ورد بها هذا اللفظ ( ليبيا ) وما لبث ان انتقل إلى الإغريق سكان اليونان الحالية وذلك خلال العصر البرونزي مما الهب خيالهم وهم المولعون بالخرافات والأساطير فراحو ينسجون الأساطير عن ليبيا مثال ذلك ما ورد في الأوديسا ل هوميروس حيث ورد بالفظ ما معناه ( إن من يأكل اللوتس من غير الليبيين سينسى وطنه ويعيش في ليبيا ليقضى حياته يأكل اللوتس) أما هيروديت أبو التاريخ الذي زار ليبيا في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد فذكر ليبيا في عدة مواضع وكان يعنى بها قارة إفريقيا بأسرها وكان يقسم ليبيا إلى قسمين :- الليبيون في الشمال و الافيوب في الجنوب.
اما الرومان فقد اخدوا اسم ليبيا من الإغريق دون تحريف مع تقنين المساحة الجغرافية لذلك بحيث اصبح يدل عندهم على الأراضي الواقعة غرب مصر من برقة حتى طرابلس واطلقوا على قورينا اسم ليبيا العليا وهى المساحة الممتدة من غرب مدينة درنه الحالية إلى شرق مدينة سرت والمنطقة من شرق درنه حتى الدلتا القريبة من وادي النيل فعرفت عندهم باسم ليبيا السفلى او(مرماريداي) والتي عرفت عند العرب باسم (مراقية)
وعندما جاء العرب المسلمون كانت لوبية ومراقية اسم لكورتان من كور مصر الغربية حيث يذكر ابن عبد الحكم إن لوبية ومراقية (كوران) من كور مصر الغربية وعرفهما بأنهما مما يشربان من السماء ولا ينالهما النيل ويذكر ابن عبد الحكم انه في ولاية حسان بن النعمان كانت انطابلس ولوبية ومراقية إلى حدود اجدابية من أعمال حسان ولم يحدد اسم ليبيا ذو مذلول جغرافي محدد إلا في مطلع القرن الحالي.
وربما يكون أول ذكر محدد لليبيا هو ما خرجه الجغرافي الإيطالي (ف.مينوتلى) في كتابه (جغرافية ليبيا) المطبوع في تورينتو سنة1903 ميلادية ليدل على الولاية التركية التي تشمل طرابلس وبرقة ثم اتخذت إيطاليا ( ليبيا )اسما رسميا لولاية طرابلس بعد إعلان السيادة الإيطالية عليها في يونيه 1924م ومنذ ذلك الوقت شاع استعمال اسم ليبيا في جميع أنحاء العالم، وشمل طرابلس وبرقة وفزان والواحات التابعة لها.
نبذة مختصرة عن تأريخ ليبيا
يمكن تقسيم تاريخ ليبيا إلى مجموعة من المراحل، تبدأ من تاريخ ليبيا القديم ويضم علاقة الليبيين بالمصريين خلال حكم الفراعنة ويتميز بوصول احد الليبيين إلى عرش مصر الفرعونية وهو الفرعون شيشنق ثم مرحلة العلاقة مع الفينيقين وانشاء المدن الثلاث اويا و صبراتة و لبدة الكبرى ، ثم مرحلة العلاقة مع الاغريق أو اليونان وانشاء قورينا والمدن الخمس ثم العلاقة مع قرطاج او قرطاجنة وظهور حنبعل أو هنيبال ثم العلاقة مع الامبراطورية الرومانية ويتميز بوصول احد الليبيين إلى عرش الامبراطورية الرومانية وهو الامبراطور سيبتيموس سيفيروس وابنائه، كم تتميز ميلادالرسول مرقس رسول المسيح إلى أرض مصر وليبيا ثم حكم البطالمة وغزو الوندال. ثم تبدا المرحلة الاسلامية وتبدأ بالفتح الاسلامي على يد عمرو بن العاص في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وتستمر مع الدولة الاموية ثم العباسية مع تبعيتها المختلفة لولايات مختلفة او كولاية منفصلة ودويلات مثل بني الغلب او الدولة الرستمية و المرابطون و الموحدون ثم الخلافة الفاطمية وما حصل فيها من هجرة بني هلال وبني سليم وتعريب ليبيا بسبب هذه الهجرة ثم الدولة الايوبية ثم غزو فرسان القديس يوحنا ثم الانضمام إلى الخلافة العثمانية وولاية القرمانلي وحتى بداية التاريخ الحديث والغزو الايطالي و الجمهورية الطرابلسية ثم الحرب العالمية الثانية والاستقلال ثم انشاء المملكة الليبية المتحدة وحتى قيام ثورة الفاتح.
تأريخ ليبيا القديم
صورة رجل ليبي كما وردت في النقوش الفرعونيةالعلاقة مع المصريين عرّف قدماء المصريين الأقوام التي تقطن إلى الغرب من مصر بالليبيين، وكانت القبيلة الليبية التي تعيش في المنطقة المتاخمة لمصر هي قبيلة الليبو قد ورد ذكر هذه القبيلة لأول مرة في النصوص المصرية التي تنسب إلى الملك مرنبتاح من الأسرة التاسعة عشرة (القرن الثالث عشر قبل الميلاد)، ومن اسمها اشتق اسم ليبيا، وقد عرف الإغريق هذا الاسم عن طريق المصريين ولكنهم أطلقوه على كل شمال افريقيا إلى الغرب من مصر وهكذا ورد عند هيرودوت الذي زار ليبيا في بداية النصف الثاني من (القرن الخامس قبل الميلاد). وقد بلغت بعض القبائل درجة من القوة مكنتها من دخول مصر وتكوين أسرة حاكمة هي الأسرة الثانية والعشرون التي احتفظت بالعرش قرنين من الزمان (من القرن العاشر إلى القرن الثامن قبل الميلاد) واستطاع مؤسس تلك الأسرة الملك شيشنق الاول أن يوحد مصر، وأن يجتاح فلسطين ويستولي على عدد من المدن ويرجع بغنائم كثيرة.
العلاقة مع الفينيقين
بدأ اتصال الفينيقيين بسواحل ليبيا منذ فترة مبكرة، وبلغ الفينيقيون درجة عالية من التقدم والرقي وسيطروا على البحرالابيض المتوسط واحتكروا تجارته وكانوا عند عبورهم هذا البحر بين شواطىء الشام و إسبانيا التي كانوا يجلبون منها الفضة والقصدير يبحرون بمحاذاة الساحل الغربي من ( ليبيا ) وذلك لأنهم اعتادوا عدم الإبتعاد كثيرا عن الشاطىء خوفا من اضطراب البحر، وكانت سفنهم ترسو على شواطىء ( ليبيا ) للتزود بما تحتاج إليه أثناء رحلاتها البحرية الطويلة، وقد أسس الفينيقيون مراكز ومحطات تجارية كثيرة على طول الطريق من موانئهم في شرق البحر الابيض المتوسط إلى إسبانيا غرباً، وعلى الرغم من كثرة هذه المراكز والمحطات التجارية فإن المدن التي أنشأها وأقام فيها الفينيقيون في ليبيا كانت قليلة وذلك لأنهم كانوا تجاراً لا مستعمرين، ويرجع بعض المؤرخين أسباب إقامة المدن التي استوطنها الفينيقيون في ليبيا وشمال افريقيا إلى تزايد عدد السكان وضيق الرقعة الزراعية في الوطن الأم، وكذلك بسبب الصراع الذي كثيرا ما قام به عامة الشعب والطبقة الحاكمة، أضف إلى ذلك ما كانت تتعرض له فينيقيا بين فترة وأخرى من غارات، كغارات الآشوريين و الفرس ثم الغارات اليونانية.
امتد نفوذ الفينيقيين إلى حدود برقة (قورينا) وأسسوا بعض المدن التجارية المهمة على ساحل ليبيا ( طرابلس ولبدة و صبراته) التي لعبت دوراً كبيراً في تاريخ ليبيا والشمال الإفريقي، وقد ازدهرت تجارتهم على الساحل الغربي من ليبيا وذلك لسهولة الوصول إلى أواسط إفريقيا الغنية بمنتجاتها المربحة كالذهب والأحجار النفيسة والعاج وخشب الأبنوس وكذلك الرقيق، وكانت أهم طرق القوافل تخرج من مدينة جرمة. ولهذا صارت تلك المدينة مركزا مهما تُجمع فيه منتجات أواسط إفريقيا التي تنقلها القوافل عبر الصحراء إلى المراكز الساحلية حيث تباع للفينيقيين مقابل المواد التي كانوا يجلبونها معهم، واستمر الجرمانيون مسيطرين على دواخل ليبيا لفترة جاوزت الألف سنة.
وفي حين دخل الفينيقيون و الإغريق في علاقات تجارية معهم، حاول الرومان إخضاع الجرمانيين بالقوة والسيطرة مباشرة على تجارة وسط إفريقيا عبر ليبيا، ولكنهم فشلوا في ذلك وفي النهاية وجدوا أنه من الأفضل مسالمة تلك القبيلة، واستمر وجود الفينيقيين وازداد نفوذهم في ليبيا وشمالا افريقيا خاصة بعد تأسيس مدينة قرطاجنة في الربع الأخير من القرن التاسع قبل الميلاد (814 ق .م)، وصارت قرطاجنة أكبر قوة سياسية وتجارية في حوض البحر الابيض المتوسط الغربي، وتمتعت بفترة طويلة من الإستقرار السياسي والإزدهار الاقتصادي.
دخلت قرطاجنة بقيادة حنبعل (هنيبال) بعد ذلك في صراع مرير مع روما وكان الحسد والغيرة يملآن قلوب الرومان على ما وصلت إليه تلك المدينة الفينيقية من قوة وثراء وبدءوا يعملون ويخططون من أجل القضاء عليها وبعد سلسلة من الحروب المضنية تكبد فيها الطرفان الكثير من الأرواح والأموال، وهي الحروب التي عرفت في التاريخ ب الحروب البونية ، استطاعت روما أن تحقق هدفها وأن تدمر قرطاجنة تدميرا شاملا وكان ذلك سنة (146 ق.م.) وآلت بذلك كل ممتلكات قرطاجنة بما فيها مدن ليبيا الثلاث (طرابلس، لبدة، وصبراته) إلى الدولة الرومانية .
اما السواحل الشرقية من ليبيا برقة (قورينا)، فكانت من نصيب المستعمرين الإغريق، ومثلت سواحل برقة أحد انسب المواقع التي يمكن أن ينشئ فيها المهاجرون الإغريق مستعمراتهم فهي لا تبعد كثيرا عن بلادهم، بالإضافة إلى ما كانوا يعرفونه من وفرة خيراتها وخصب أراضيها وغنى مراعيها بالماشية والأغنام.
العلاقة مع الاغريق
بدأ الإستعمار الإغريقي لإقليم قورينا (برقة) في القرن السابع قبل الميلاد عندما أسسوا مدينة قوريني (شحات) سنة 631 قبل الميلاد، وكان باتوس الأول هو أول ملك للمدينة، وقد توارثت أسرته الحكم في قوريني لفترة قرنين من الزمان تقريبا ولم يكن عدد المهاجرين الأوائل كبيرا إذ يقدره البعض بحوالي مائتي رجل. ولكن في عهد ثالث ملوك قوريني باتوس الثاني حضرت أعداد كبيرة من المهاجرين الإغريق واستقرت في الإقليم وقد أزعج هذا الأمر سكان ليبيا، فدخلوا في حرب مع الإغريق من أجل الدفاع عن وجودهم وأراضيهم التي طردوا منها والتي منحت للمهاجرين الجدد، وعلى الرغم من أن الأسرة التي أسسها باتوس الأول استمرت في حكم ليبيا زمناً طويلاً إلا انها لم تنعم بالإستقرار وذلك بسبب الهجمات المتتالية التي كانت القبائل الليبية تشنها على المستعمرات الإغريقية في المنطقة الساحلية لليبيا.
في عهد أركيسيلاوس الثاني رابع ملوك قوريني، ترك بعض الإغريق وعلى رأسهم أخو الملك مدينة قوريني ليؤسسوا بمساعدة الليبيين مدينة برقة (المرج)، ولما ازداد عدد المهاجرين الذين أتوا إلى مدينة قوريني، أرسلت تلك المدينة بعضا منهم لإنشاء بعض المواقع السكانية الجديدة على شواطىء ليبيا وكان ان أنشئت طوخيرة (توكرة)، كما أسست مدينة قوريني مستعمرة أخرى هي مدينة يوهسيبريديس (بنغازي) وميناء أبولونيا (سوسة)، كما أنشأت مدينة برقة (المرج) ميناء لها في موقع بطولوميس (طلميثه).
عندما احتل الفرس مصر، بعث ملك قوريني رسولاً إلى الملك الفارسي معلنا خضوع اقليم قورينا، واستمرت تبعية الإقليم لمصر وواليها الفارسي وان كانت في الغالب تبعية اسمية، وفي منتصف القرن الخامس قبل الميلاد (440 ق .م) قتل أركيسيلاوس الرابع، آخر ملوك أسرة باتوس ، في يوهسيبريديس (بنغازي)، وأصبحت قورينا تضم مدنا مستقلة عن بعضها البعض، وعلى الرغم من أن مدن الإقليم في هذه الفترة قد تمتعت بشيء من الازدهار الاقتصادي، الا انها عانت من الاضطرابات السياسية، فبالإضافة إلى ازدياد خطر هجمات القبائل الليبية، كانت تلك المدن تتصارع فيما بينها، كما عصفت بها الإنقسامات الداخلية.
العلاقة مع الرومان
غزا الإسكندر المقدوني مصر (332 ق .م.) واستولى البطالمة الذين خلفوه في حكم مصر على إقليم قورينا (332 ق .م.) إذ ساد شيء من الهدوء النسبي وأصبحت مدن الإقليم تعرف جميعا باسم بنتابوليس ، أي أرض المدن الخمس، فقد تكون اتحاد إقليمي يضم هذه المدن ويتمتع بالاستقلال الداخلي، وبقيت قورينا تحت الحكم البطلمي حتى أرغم على التنازل عنها لروما سنة (96 ق .م.) وصار الإقليم تحت رعاية مجلس الشيوخ وكان يٌكوّن مع كريت ولاية رومانية واحدة إلى أن فصلها الإمبراطور قلديانوس في نهاية القرن الثالث الميلادي.
عند اعتراف الإمبراطور قسطنطين الأول بالمسيحية في النصف الأول من القرن الرابع الميلادي، نجد أن تلك الديانة كانت قد انتشرت في ليبيا، ولكن يجب ألا نفهم أن ذلك كان يعني القضاء على الوثنية، فقد تعايشت الديانتان جنبا إلى جنب فترة قاربت القرن ونصف القرن من الزمان حتى بعد أن جعل الإمبراطور ثيودوسيوس الأول المسيحية الدين الرسمي والأوحد في الإمبراطورية في مرسوم أصدره سنة (392 م) وهذا أمر لا تختلف فيه ليبيا عن بقية أقاليم الدولة الرومانية. وكان أول أسقف لإقليم برقة بليبيا سجّله التاريخ شخصا يدعى آموناس، وحضر أساقفة من مدن البنتابوليس أول مؤتمر مسيحي عالمي، وهو المؤتمر الذي دعا إلى عقده الإمبراطور قسطنطين في مدينة نيقيا سنة (325 م) وكان الأسقف سينسيوس القوريني أهم شخصيات الفترة المسيحية في برقة، تولى أسقفية طلميثة وذهب إلى البلاط الإمبراطوري في القسطنطينية في عهد الإمبراطور أركاديوس ليعرض المشاكل التي كانت تواجه الإقليم والتي كان من أهمها الضرائب الثقيلة المفروضة على مدنه، وان المشكلة الرئيسية التي واجهت الإقليم في أيامه هي الدفاع ضد غزوات القبائل الليبية التي زادت حدتها بعد عام (332 م) ولما لم يكن في الإمكان الاعتماد على مساعدة الحكومة الإمبراطورية، قام المستعمرون سكان المدن والمناطق الريفية القريبة بتنظيم حرس محلي لصد هجمات قبائل ليبيا، وان الصورة التي يعطيها سينسيوس عن الأوضاع في الإقليم دفعت كثيرا من الدارسين إلى القول بأن الحياة في البنتابوليس قد خبت نهائيا في القرن الخامس الميلادي، ومع ذلك فإن الآثار القديمة تثبت أنه بينما كانت المدن تتضاءل ظل الريف محتفظا بحيوية ملحوظة لمدة قرنين من الزمان بعد ذلك.
ولم يكن الأمر يختلف بالنسبة لمدن الساحل الغربي لليبيا، فبعد زوال الأسرة السيفيرية في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي سادت الإمبراطورية حالة من الفوضى والحروب الأهلية لمدة نصف قرن، بينما استطاعت الأقاليم الأخرى في الإمبراطورية استرداد أنفاسها بعد تلك الأزمة وعاد إليها شيء من الأمن والنظام، استمرت الاضطرابات تعصف بليبيا والشمال الإفريقي، الأمر الذي سهل وقوعه في أيدي الوندال ، حيث عبرت جموع الوندال إلى ليبيا وشمال أفريقيا حوالي سنة (430 م) واستولت على مدن إقليم طرابلس (ليبيا) التي عانت الكثير مما يلحقه الوندال عادة من خراب ودمار في كل مكان يحلون فيه، وعلى الرغم من أن الإمبراطورية الرومانية قد استعادت اقليم ليبيا في القرن السادس الميلادي في عهد الإمبراطور جستينيان عندما نجح قائده بلزاريوس من طرد الوندال، فإن ليبيا سواء في إقليم برقة أو في إقليم طرابلس، ظلت تعاني من آثار تلك الجروح العميقة التي خلفتها جحافل الوندال، وأصبحت ليبيا بأكملها مستعدة لاستقبال أي فاتح جديد يخلصها من حالة الفوضى والاضطراب والضعف، وفي هذه الأثناء لاحت في الأفق طلائع الفاتحين من العرب المسلمين، الذين جاءوا ليضعوا نهاية لذلك الوضع السيئ وليفتحوا صفحة جديدة في تاريخ ليبيا العربي الإسلامي.
الدولة الاسلامية
انتشر المسلمون العرب في كل أرجاء ليبيا واندمجوا مع السكان المحليين استطاع العرب بعد فترة وجيزة من قدومهم لليبيا أن يوطدوا أركان حكمهم وأن ينشروا الأمن في ربوعها، وبقيت ليبيا تابعة للخليفة في المشرق العربي حتى استقل إبراهيم بن الأغلب بولاية أفريقيا حوالي سنة(800 م) وأصبحت تبعيته للخلافة في المشرق العربي تبعية اسمية، وهو أمر يبدو أن الخليفة لم يعترض عليه كثيرا وذلك لأن الظروف السياسية في دولته المترامية الأطراف اقتضت اللامركزية في الحكم.
أسس ابن الأغلب أسرة ظلت تحكم ليبيا حتى قيام الدولة الفاطمية سنة (909-910 م) هذا بالنسبة للجزء الغربي من ليبيا، أما الجزء الشرقي من ليبيا فقد ظل في معظم الأحيان تابعا لولاية مصر.
الدولة الفاطمية وغزوة القبائل القيسية
في مطلع القرن العاشر الميلادي، كان دعاة الشيعة نشطين في ليبيا وشمال أفريقيا فجمعوا حولهم عددا كبيرا من الأعوان من الليبين الذين ثاروا على الحكاكم الاغلبي، واستطاعوا في (910 م) أن ينتزعوا تونس من الأغالبة، وعملوا على توطيد أركان حكمهم وأخذ أمراؤهم لقب خليفة، مُتَحَدِين بذلك الخليفة العباسي في بغداد، وفي سنة ( 969 م) نجح جوهر الصقلي قائد جيوش الخليفة العبيدي الفاطمي الرابع المعز لدين الله في أخذ مصر من الإخشيديين و ذلك في مايزيد عن مائة الف جندي من البربر، واختط مدينة القاهرة، التي أصبحت حاضرة الدولة الفاطمية التي انتقل إليها المعز لدين الله سنة (973 م) صحبة اعداد كبيرة من اعوانه من القبائل البربرية "الامر الذي احدث حالة من الاخلاء السكاني "وترك المعز بلكين بن زيري واليا على افريقية (تونس الحالية و نواحي طرابلس )، وعلى الرغم من الود الذي ميز العلاقة بين الخليفة الفاطمي ونائبه على أفريقية في البداية، فإن ابن زيري وجد أن الترتيبات التي وضعها المعز لدين الله لولاية ليبيا غير مناسبة له، حيث جعل المعز لدين الله كل شؤون ولاية ليبيا المالية في أيدي موظفين يتبعونه مباشرة وهذا ما رفضه ابن زيري الذي ألقى القبض على عمال الخليفة وأرسل خطابا شديد اللهجة إلى المعز في القاهرة. مات المعز لدين الله قبل أن يتمكن من اتخاذ أي إجراء ضد ابن زيري. فخلفه العزيز الذي اعترف بالأمر الواقع وأقر ابن زيري على ولاية ليبيا التي أصبحت الآن تمتد حتى أجدابيا، وظلت الولاية في أيدي بني زيري حتى سنة (1145 )م
وفي عهد المعز بن باديس بن منصور (398-454 هـ/1008-1062 م) الذي حكم الشمال الافريقي في الفترة 406-454 هـ/1016-1062 م، استقل عن الفاطميين فانتقم الخليفة الفاطمي من ابن زيري بارسال القبائل القيسية من بني هلال وبني سليم و من معهم من جموع القبائل العربية الاخرى والتي كان الفاطميون قد جلبوها من مواطنها في الجزيرة العربية و اسكنوها شرق النيل و دخلت تلك القبائل في موجات متتالية كانت اولى تلك الموجات المتكونة من بني هلال و جشم و المعقل كافية لهزيمة و الي افريقية و من معه في معركة حيدران التاريخية واحتلوا القيروان وسوسة فتقهقر إلى المهدية ، كانت في حالة من الفوضى والضعف ثم تلى ذلك دخول موجة بني سليم و غطفان (فزارة ، و رواحة ) و التي استوطن اغلبها في ليبيا.
وقد حدث ان احتل النورمانديين مدينة طرابلس الا ان نجح الموحدون في طرد النورمانديين من طرابلس في عام (1158م)و بشكل عام فانه و بسبب سيطرة قبائل الاعراب على اغلب المناطق الليبية و لصعوبة السيطرة على هذه القبائل فانها كانت دائما محتفظة باستقلاليتها ولدى فمن المعروف تاريخيا ان السيطرة على مدينة طرابلس ((و التي كانت تتم في الغالب بمعاونة هذه القبائل ))لم تكن يوما كافية للسيطرة على الاراضي المكونة لليبيا الحالية،و قد بقي هذا الوضع حتى فترة الجهاد الليبي ضد الطليان و ما بعدها .
احتل الأسبان طرابلس سنة (1510م) وظلوا يحكمونها حتى سنة (1530م) عندما منحها شارل الخامس إمبراطور الإمبراطورية الرومانية لفرسان القديس يوحنا الذين صاروا يعرفون في ذلك الوقت بفرسان مالطا. وبقي الفرسان في طرابلس إحدى وعشرين سنة، ولم يكن الفرسان متحمسين كثيرا للاحتفاظ بطرابلس، فبالإضافة للعداء الذي أظهره الليبيون تجاههم لأنهم اعتبروهم عنصرا أجنبياً دخيلاً وأهم من ذلك أنهم أعداء في الدين، اعترض الفرسان على تلك المنحة التي تعني تقسيم قواتهم، كما أن المسافة التي تفصل مالطا عن طرابلس تعني تعذر العون في حالة أي هجوم.
الخلافة العثمانية
في سنة (1551 م)، وبعد الاستغاثات التي وجهها سكان ليبيا إلى السلطان العثماني، باعتباره خليفة للمسلمين، حضر سنان باشا ودرغوت باشا إلى طرابلس، ففرضا عليها حصارا دام أسبوعاً واحداً وانتهى بسقوط المدينة، وفي الواقع أن طرابلس لم تكن أبدا مركزا يستطيع فرسان القديس يوحنا الاحتفاظ به ضد أية مقاومة.
دخلت ليبيا منذ (1551 م) عهدا جديدا اتفق المؤرخون على تسميته ب العهد العثماني الأول والذي ينتهي (1711 م) عندما استقل أحمد باشا القره مانلي بزمام ولاية ليبيا .
وقد شمل الحكم العثماني كافة أقاليم ليبيا: طرابلس الغرب وبرقة وفزان، وكان يدير شؤونها وال (باشا) يعينه السلطان، ولكن لم يمض قرن من الزمان حتى بدأ الضعف يدب في أوصال الدولة العثمانية نتيجة تكالب الدول النصرانية الاوروبية على الولايات العثمانية، ودخول دولة الخلافة العثمانية عدة حروب في آن واحد، مع الروس واليونانيين والبلغار والرومان والأرمن واليوغسلاف والانجليز وعرب الجزيرة الذين تحالفوا مع الانجليز وخسارتها الحرب العالمية الثانية، وأصبحت حكومة الخلافة عاجزة عن حماية ولاياتها وفرض النظام والتحكم في الولاة الذين صاروا ينصبون ويعزلون حسب نزوات الجند في جو مشحون بالمؤامرات والعنف. وفي كثير من الأحيان لم يبق الوالي في منصبه أكثر من عام واحد حتى أنه في الفترة ما بين سنة (1672 م-1711 م) تولى الحكم أربعة وعشرون واليا على ليبيا، ولقد مرت ليبيا بأوقات عصيبة عانى الليبييون فيها الويلات نتيجة لاضطراب الأمن وعدم الاستقرار.
الدولة القره مانلية
في سنة 1711م قاد أحمد القره مانلي ثورة شعبية أطاحت بالوالي العثماني، وكان أحمد هذا ضابطاً في الجيش العثماني فقرر تخليص ليبيا من الحكام الفاسدين ووضع حد للفوضى، ولما كان شعب ليبيا قد ضاق ذرعا بالحكم الصارم المستبد فقد رحب بأحمد القره مانلي الذي تعهد بحكم أفضل، وقد وافق السلطان على تعيينه باشا على ليبيا ومنحه قدرا كبيرا من الحكم الذاتي، ولكن القره مانليين كانوا يعتبرون حتى الشؤون الخارجية من اختصاصتهم، وكانت ليبيا تمتلك أسطولا بحرياً قويا مكنها من أن تتمتع بمكانة دولية مهيبة وأصبحت تنعم بنوع من الاستقلال.
أسس أحمد القره مانلي أسرة حاكمة استمرت في حكم ليبيا حتى (1835م) ويعتبر يوسف باشا القره مانلي أبرز ولاة هذه الأسرة. كان يوسف باشا حاكما طموحا أكد سيادة ليبيا على مياهها الإقليمية وفرض الجزية (رسوم المرور) عبر مياه البحر الابيض المتوسط على كافة سفن الدول البحرية الأمريكية والأوروبية (بريطانيا و السويد و فرنسا و إيطاليا)، وفي سنة 1803م طالب بزيادة الرسوم على السفن الأمريكية تأمينا لسلامتها عند مرورها في مياه ليبيا والبحر المتوسط وعندما رفضت الولايات المتحدة النزول عند رغبة ليبيا، استولت البحرية الليبية على إحدى سفنها، الأمر الذي دفع حكومة أمريكا إلى الدخول في حرب مع ليبيا فيما عرف ب "حرب السنوات الاربع " وفرضت حصاراً على طرابلس وضربتها بالقنابل ولكن ليبيا استطاعت مقاومة ذ لك الحصار وأسرت البحرية الليبية إحدى أكبر السفن الحربية الأمريكية (فيلاديلفيا) آنذاك مع كامل بحارتها وجنودها في عام 1805م الأمر الذي جعل أمريكا ترضخ وتخضع في النهاية لمطالب ليبيا، وبذلك استطاع يوسف باشا أن يملأ خزائن ليبيا بالأموال التي كانت تدفعها الدول البحرية تأميناً لسلامة سفنها، وتركت هذه الحرب آثارها حتى الآن في البحرية الامريكية حيث لازال نشيد مشاة البحرية يشير الي شواطئ طرابلس كما ان هناك قطعة حربية تسمى طرابلس ولكن يوسف باشا ما لبث أن أهمل شؤون ليبيا وانغمس في الملذات والترف ولجأ إلى الإستدانة من الدول الأوروبية.
كان السلطان العثماني قد بدأ يضيق بيوسف باشا وبتصرفاته في حكم ليبيا، خاصة عندما رفض يوسف مساعدة الدولة العثمانية في حربها ضد اليونانيين 1829م وفي هذه الأثناء قامت ضد القره مانليين ثورة شعبية عارمة بقيادة عبد الجليل سيف النصر. واشتد ضغط الدول الأوروبية على يوسف لتسديد ديونه، ولما كانت خزائنه خاوية فرض ضرائب جديدة، الأمر الذي ساء شعب ليبيا وأثار غضبه، وانتشر السخط وعمت الثورة كل ليبيا وأرغم يوسف باشا على الاستقالة تاركاً الحكم لابنه علي وكان ذلك سنة 1832م، ولكن الوضع في ليبيا كان قد بلغ درجة من السوء استحال معها الإصلاح.
وعلى الرغم من أن السلطان محمود الثاني ( 1808 -1839) اعترف بعلي واليا على ليبيا فإن اهتمامه كان منصباً بصورة أكبر على كيفية المحافظة على ما تبقى من ممتلكات الدولة العثمانية خاصة بعد ضياع بلاد اليونان و الجزائر (1830 م). وبعد دراسة وافية للوضع في ليبيا (طرابلس) قرر السلطان التدخل مباشرة واعاد سلطته وحكمه على ليبيا، ففي 26 مايو 1835 م وصل الأسطول التركي طرابلس والقي القبض على علي باشا ونقله إلى تركيا، وانتهى بذلك حكم القره مانليين في ليبيا وتفاءل الليبيون خيراً بعودة الأتراك العثمانيون ورأوا فيهم حماة لهم ضد مخاطر الفرنسيين في الجزائر و تونس ، وكذلك خطر الإنجليز الذين بدأ نفوذهم يتزايد في مصر و السودان، ولكن اتصال الدولة التركية بليبيا أصبح صعباً ومحفوفاً بالمخاطر نتيجة لوجود الإنجليز في مصر ، الأمر الذي أدى إلى ضعف الحكم التركي في ليبيا وجعل الليبيين يدركون أنه سيكون عليهم وحدهم عبء مواجهة وصد أي خطر خارجي.
الاحتلال الايطالي
كانت إيطاليا آخر الدول الأوروبية التي دخلت مجال التوسع الاستعماري. وكانت ليبيا عند نهاية القرن التاسع عشر، هي الجزء الوحيد من الوطن العربي في شمال أفريقيا الذي لم يتمكن الصليبيون الجدد من الاستيلاء عليه، ولقرب ليبيا من إيطاليا جعلها هدفا رئيسا من أهداف السياسة الاستعمارية الإيطالية، ولم يصعب على إيطاليا اختلاق الذرائع الواهية لاحتلال ليبيا فاعلنت الحرب على تركيا في 29 سبتمبر سنة 1911 م، وبدأت الحرب العثمانية الإيطالية واستطاعت الاستيلاء على طرابلس في 3 أكتوبر من السنة نفسها.
قاومت القوات الليبية و العثمانية الإيطاليين لفترة قصيرة، ولكن تركيا تنازلت عن ليبيا لإيطاليا بمقتضى المعاهدة التي أبرمت بين الدولتين في 18 أكتوبر 1912م (معاهدة اوشئ)، وأدرك الليبيون الآن أن عليهم أن ينظموا صفوفهم ويتولوا بأنفسهم أمر المقاومة والجهاد ضد المستعمر، وقد اشتدت مقاومة الليبيين للقوات الإيطالية مما حال دون تجاوز سيطرة الإيطاليين المدن الساحلية، ولما دخلت إيطاليا الحرب العالمية الأولى 1915 م انضم أحمد الشريف ، الذي كان يتولى قيادة المقاومة ضد الغزو الإيطالي في برقة، إلى جانب تركيا ضد الحلفاء، ولكن بعد هزيمة قواته تنازل عن الزعامة لإدريس السنوسي وقاد الجهاد نيابة عنه في المنطقة الشرقية المجاهد عمر المختار. وفي المنطقةالغربية قاد الجهاد سليمان باشا الباروني ومجموعم من المجاهدين في منطقة طرابلس منهم السويحلي والمريض وسوف المحمودي و اعلان الجمهورية الطرابلسية ثم حكومة الاصلاح.
الحرب العالمية الثانية
وعندما قامت الحرب العالمية الثانية، رآها الليبيون فرصة يجب استغلالها من أجل تحرير ليبيا، فلما دخلت إيطاليا الحرب 1940 م انضم الليبيون إلى جانب صفوف الحلفاء، بعد أن تعهدت بريطانيا صراحة بأنه عندما تضع الحرب أوزارها فإن ليبيا لن تعود بأي حال من الأحوال تحت السيطرة الإيطالية. و قد تحالف السنوسية مع البريطانيين مكونيين الجيش السنوسي من أبناء القبائل بزعامة ادريس السنوسي و دخلوا مع القوات البريطانية اقليم برقة من مصر حيث كانوا فارين من وجه الطليان ، حيث تم اعلان ادريس السنوسي اميرا على برقة .
و كذلك دخل الشيخ حمد سيف النصر بمن معه من القبائل صحبة القوات الفرنسية التي دخلت عن طريق مناطق السودان الاوسط (تشاد) و اعلن الشيخ حمد اميرا على فزان .
كانت الشكوك تساور الليبيين في نوايا بريطانيا بعد انتهاء الحرب، واتضحت هذه النوايا بعد هزيمة إيطاليا الفاشية وسقوط كل من بنغازي وطرابلس في أيدي القوات البريطانية. كان هدف بريطانيا المتماشي مع سياستها المعهودة (فرق تسد)، هو الفصل بين إقليمي برقة وطرابلس ومنح فزان لفرنسا، وكذلك العمل على غرس بذور الفرقة بين أبناء ليبيا وبينما رأى الليبيون أنه بهزيمة إيطاليا سنة 1943م يجب أن تكون السيادة على ليبيا لأهلها، الا ان الإنجليز والفرنسيين رفضوا ذلك وصمموا على حكم ليبيا حتى تتم التسوية مع إيطاليا.
أصبحت هاتان الدولتان تتحكمان في مصير ليبيا ضد رغبات الشعب الليبي، وبعد كثير من المفاوضات، تم بفضل الله الاتفاق على منح برقة استقلالها الذي اعترف به الإنجليز على الفور، وكان ذلك في أول يونيو 1949م ولكن هذا الإجراء الذي كانت غايته تقسيم ليبيا وتهدئة الليبيين وإلهائهم عن قضيتهم لم يُسكت صوت أحرار ليبيا الذين استمروا في المطالبة بحقوقهم واستعادة حريتهم، هذا الإصرار من جانب شعب ليبيا ضمن لقضية ليبيا مكاناً في جداول أعمال المؤتمرات التي عقدتها الدول الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية كما نقل الليبيون قضيتهم إلى الأمم المتحدة.
استقلال ليبيا
في هذه الأثناء كانت الدوائر الاستعمارية تدبر المكائد وتحيك المؤامرات على مستقبل ليبيا، فقد اتفقت بريطانيا و إيطاليا في 10 مارس 1949 م على مشروع (بيفن سيفورزا) الخاص بليبيا الذي يقضي بفرض الوصاية الإيطالية على طرابلس والوصاية البريطانية على برقة والوصاية الفرنسية على فزان، على أن تمنح ليبيا الاستقلال بعد عشر سنوات من تاريخ الموافقة على مشروع الوصاية، وقد وافقت عليه اللجنة المختصة في الأمم المتحدة في يوم 13 مايو 1949 م وقُدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للإقتراع عليه، ولكن المشروع باء بالفشل لحصوله على عدد قليل من الأصوات المؤيدة، نتيجة للمفاوضات المضنية لحشد الدعم لإستقلال ليبيا التي قام بها وفد من احرار ومناضلي ليبيا للمطالبة بوحدة واستقلال ليبيا، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 289 في 21/11/1949 م الذي يقضي بمنح ليبيا استقلالها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 1952 م، وكُوِنت لجنة لتعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة ولتبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق وحدة ليبيا ونقل السلطة إلى حكومة ليبية مستقلة.
وفي شهر أكتوبر 1950م تكونت جمعية تأسيسية من ستين عضواً يمثل كل إقليم من أقاليم ليبيا الثلاثة (عشرون عضواً) وفي 25 نوفمبر من السنة نفسها اجتمعت الجمعية التأسيسية برئاسة مفتي طرابلس لتقرر شكل الدولة، وعلى الرغم من اعتراض ممثلي طرابلس على النظام الإتحادي فقد تم الإتفاق، وكلفت الجمعية التأسيسية لجنة لصياغة الدستور، فقامت تلك اللجنة بدراسة النظم الإتحادية المختلفة في العالم وقدمت تقريرها إلى الجمعية التأسيسية في سبتمبر 1951 م وكانت قد تكونت حكومات إقليمية مؤقتة بليبيا، وفي 29 مارس 1951م أعلنت الجمعية التأسيسية عن تشكيل حكومة اتحادية لليبيا مؤقتة في طرابلس برئاسة السيد محمود المنتصر، وفي يوم 12/10/1951 م، نقلت إلى الحكومة الإتحادية والحكومات الإقليمية السلطة كاملة ما عدا ما يتعلق بأمور الدفاع والشؤون الخارجية والمالية، فالسلطات المالية نقلت إلى حكومة ليبيا الاتحادية في 15/12/1951 م، وأعقب ذلك فق 24 ديسمبر 1951 م إعلان الدستور واختيار ادريس السنوسي ملكا ل المملكة الليبية المتحدة بنظام فيدرالي يضم ثلاثة ولايات (طرابلس، برقة، فزان). ولكن على الرغم من كل ما قامت به بعض الدوائر الاستعمارية بعد 1951 م من أجل الإبقاء على ليبيا مقسمة وضعيفة تحت ذلك النظام الإتحادي، فإن شعب ليبيا عبر ممثليه المنتخبين قاموا في 26 أبريل 1963م بتعديل دستورهم وأسسوا دولة ليبيا الموحدة وأزالوا جميع العقبات التي كانت تحول دون وحدة ليبيا تخت اسم المملكة الليبية وعاصمتها طرابلس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 4:02 pm

تاريخ ليبيا
تاريخ ليبيا، إلى ألف سنة أو أكثر قبل الميلاد.. حيث كانت قبائل ليبية تعيش على الزراعة والرعي والتجارة , كانت تلك القبائل متفاوتة في القوة و تصارع بعضها البعض ( مثل قبيلة الناسامون وقبيلة البسيلي اللتان كانا تحاربان بعضهما البعض سنة 450 ق.م. ولأسباب غير واضحة تاريخيا غير أن بعض المؤرخين حددوا السيطرة على طرق التجارة كعامل مهم أدي إلى طرد هذه الأخيرة تماما من موطنهم في سرت ). نفس الأسباب التي أدت إلى حروب بين القبائل الليبية والفراعنة في مصر.. كما أننا نقرأ في التاريخ عن استعمار حضارات أخرى لليبيا في فترات متعاقبة.. من الفينيقيين إلى الإغريق والرمان والبيزنطيين .. كانت دوافع تلك السياسة الاستعمارية دوافع تجارية عسكرية بين قوتين عظميين .. الفينيقية والإغريقية وترجع إلى أكثر من تسعة قرون قبل الميلاد. وبالرغم من القوة العسكرية الكبيرة لهاتين القوتين .. ومن بعدهما قوة الإمبراطورية الرومانية ، فلم تتعدي سيطرتهم على ليبيا الشريط الساحلى الذي بنو فيه مدنهم المهمة .. قورينا و يوسبيريدس ( بنغازي) ولبدة الكبرى وأويا وصبراتة. استمرت الحروب بين قبائل الدواخل وبين الأجانب المستعمرين قرونا طويلة.. وفي نفس الوقت كانت الحروب قائمة بين القبائل الليبية فيما بينها.. تحاول فيها القبائل القوية السيطرة على القبائل الضعيفة وطردها من مناطق الرعي الخصبة و الطرق التجارية الهامة. و لم تستقر الأوضاع حتى الفتح الإسلامي الذي وحد القبائل على دين الإسلام وعم السلام منطقة شمال أفريقبا بأسرها باستثناء الفترات التي قامت فيها الحروب بين الفاطميين و الأغالبة ثم بعدها ضد الزيريين ( التابعين لوالى أفريقيا بلكين بن زيري). وقد مرت بليبيا فترة احتلال النورمانديين مدينة طرابلس ومن لعدهم الأسبان وفرسان القديس يوحنا.. ثم جاء حقبة السيطرة التركية في شكل الخلافة العثمانية ( سنة 1551 م ) التي انتهت بعد قرون من الحكم الضعيف، تخللته فترات من الظلم والقهر و التجهيل و الابتعاد عن العلم وانتشر فيها الجور والتعسف ضد المواطنين وسيطر فيها الولاة على القبائل الذين أرهقوهم بالضرائب المرتفعة و كثرت عمليات السبي و السلب والنهب و.. حتى في تلك الفترة لم يتمكن الأتراك من السيطرة التامة على كل التراب الليبي وكانوا يتحصنون في قلاع الساحل فقط .. وبالذات في القلعة في طرابلس.. و ترسل الحملات العسكرية لإخماد أي تمرد من قبل قبائل الصحراء الذين كانوا يثورون بين الحين والآخر بسبب الضرائب المرتفعة التي كان يجبيها الولاة لإرضاء رغباتهم في العيش الرغيد على حساب الشعب. ونحن نعلم من كتب التاريخ أن تلك الفترة.. وخاصة إبان حكم أسرة القره مانلي الليبية.. كانت ليبيا تعيش حالة من الفقر تحاول تعويضها عن طريق تشجيع القرصنة البحرية في المتوسط وفرض الإتاوات على السفن الأجنبية. كما كان القناصل الأوربيين يسطرون سيطرة شبه تامة على مجريات الأمور، عن طريق التأثير في الولاة والحكام القره مانليين. وبعد ضعف الحكم القره مانللي رجعت السيطرة التركية مرة أخرى ولكنها فشلت في إنقاذ البلاد و وأدت الحروب الأوربية ضد الإمبراطورية العثمانية إلى إضعافها مما شجع الدول الأوربية على تقسيم الأراضي الخاضعة لتركيا فيما بينها. وكانت ليبيا قد وقعت فريسة الأطماع الإيطالية بمباركة الدول الكبرى آنذاك.. بريطانيا وفرنسا و أسبانيا و روسيا.
تاريخ ليبيا الحديث وكيف احتلت إيطاليا ليبيا و كيف كانت حركة المعارضة والمقاومة الشعبية لذلك الاحتلال.
تطلعت إيطاليا لتكوين إمبراطورية استعمارية مثل فرنسا و بريطانيا ولإحياء الإمبراطورية الرومانية القديمة..فبعد أن احتلت أريتريا والصومال اتجهت إلى شمال أفريقيا.. نحو تونس، غير أن فرنسا كانت سبقتها إليها فاتجهت إلى ليبيا لقرب شواطئها من إيطاليا ولكي تتخذ منها رأس حربة للتوسع في أفريقيا.. عقدت إيطاليا اتفاقا مع فرنسا سنة 1902م تحتل بموجبه فرنسا مراكش و إيطاليا ليبيا.. كما أخذت موافقة روسيا مقابل عدم معارضتها لتحكم روسيا في المضايق التركية..و بالطبع ضمنت موافقة بريطانيا العظمى وأسبانيا. ثم بدأت تخطط لكي تكون صاحبة مصالح في ليبيا ففتحت فرعا لبنك روما في ليبيا وزادت من بعثاتها التبشيرية و أنشأت المدارس الإيطالية الحديثة وأصبحت قنصلياتها في طرابلس وبنغازي مركزين للنشاط السياسي والدعاية و التجسس على أبناء الوطن.. فأصبحت للإيطاليين العديد من المشاريع التي تحدثوا عن حمايتها. وفي سنة 1911 اختلقت إيطاليا الذرائع الواهية لاحتلال ليبيا و ادعت أمام العالم والشعب الليبي بأنها تريد تحريرها من الحكم التركي ووجهت إنذارا لتركيا بأن انعدام الأمن في ليبيا كان بهدد مصالحها الاقتصادية .. ثم استطاعت أن تحتل السواحل الليبية بسهولة نتيجة لضعف القدرات الدفاعية التركية ولأن تركيا كانت تواجه دول البلقان التي أعلنت الحرب عليها ولانشغالها في الحرب في اليمن، كما أن البريطانيين لم يسمحوا لتركيا بإدخال قوات برية عن طريق مصر التي كانت تحتلها آنذاك. وقد جرت الأحداث كما يلي:
27 سبتمبر م1911: وجهت إيطاليا إنذارا إلى الدولة العثمانية تتهمها بأنها أهملت الشأن الليبي وبأنها كانت تحرض الشعب الليبي ضد الإيطاليين وتضطهدهم.
28 سبتمبر م1911: أقبل الموعد المحدد لانتهاء الإنذار وكانت السفن الحرية الإيطالية في مياه طرابلس تحمل 39 ألف جندي و 6 آلاف حصان وخمسين مدفع ميدان.
29 سبتمبر 1911: أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا.
3 أكتوبر م1911 وعلى تمام الساعة الثالثة والنصف بدأ قصف طرابلس وإنزال 2000 جندي لاحتلال المدينة.
4 أكتوبر 1911م: استمرار القصف على حصون طرابلس وبدء قصف حصون طبرق بنيران المدفعية وكانت طبرق أول بقعة ليبية يحتلها الإيطاليون... وكانت المقاومة العثمانية/ الليبية ضعيفة للغاية وتنازلت تركيا عن ليبيا لإيطاليا بموجب معاهدة ( أوشي ) التي تم التوقيع عليها في 15 أكتوبر سنة 1912م.
16 أكتوبر 1911م: قصف مدينة درنة التي نزلت فيها القوات يوم 18 أكتوبر.
17 أكتوبر 1911م: قصف مدينة الخمس .. ويوم 19 أكتوبر قصف مدينة بنغازي و إنزال القوات بها.
26 أكتوبر 1911م: أبعاد أكثر من خمسة آلاف ليبي إلى الجزر الإيطالية.
ولم يتوقف المجاهدون الليبيون عن مقاومتهم للاحتلال الإيطالي في أي وقت من الأوقات منذ سنة 1912 وحتى سنة 1933.. ولكي نعرف ضراوة القتال وشدة المقاومة نذكر بأن مرزق و غات لم تسقطا في أيدي الإيطاليين إلا سنة 1930م والكفرة سنة 1931م. وحتى بعد إعدام شيخ الشهداء عمر المختار في 16 سبتمبر 1931م لم تهدأ المقاومة في برقة واستمرت قرابة عامين آخرين على الأقل.
قام الليبيون بتنظيم أنفسهم وأعلنوا الجهاد ضد الايطاليين منذ البداية وتحت قيادة رجال وطنيون أذكر منهم الآن الشيخ سليمان الباروني نائب جبل نفوسة والشيخ أحمد سيف النصر من زعماء الجنوب والوسط والسيد أحمد الشريف السنوسي ومن معه من السنوسيين في برقة وسآتي على ذكر أسماء أخرى في مقالات لاحقة بإذن الله. سنتكلم المرة القادمة عن التفاصيل المتعلقة بحركة الجهاد إلى حين نيل ليبيا استقلالها سنة 1951م.
ليس من السهل بأي حال من الأحوال تلخيص كفاح شعب دام عشرات .. بل مئات السنين في سطور قليلة .. وكانت قد كتبت مجلدات عنها من قبل مؤرخين كتاب متمرسين .. غير أنها لم تجد الطريق إلى التمحيص والتدقيق من القراء.. وكان أكثرهم قد أجبروا على قراءتها ضمن مناهج هزيلة في المدارس كتبت لتؤدي إلى غاية دنيئة من الحكام الذين أرادوا أن يفرضوا رأيهم على التلاميذ و الطلاب وهم يعرفون بأن محاولاتهم ستجدي في التأثير على عقولهم اليافعة..
ذكرنا بأن مقاومة الشعب الليبي للطليان لم تتوقف منذ دخولهم ليبيا كمحتلين وحتى بداية الثلاثينات.. توقفت بعدها لتبدأ مع بداية الحرب العالمية الثانية وحتى هزيمة قوات المحور في شمال أفريقيا. في برقة قاد الجهاد الحركة السنوسية تحت قيادة السيد أحمد الشريف السنوسي في البداية ولاحقا تحت قيادة السيد محمد إدريس المهدي السنوسي.. وخاض المجاهدون معارك طاحنة كبدوا فيها الإيطاليين خسائر فادحة في المعدات والأفراد بالرغم من قلة تسليح المجاهدين ، اللهم من الإيمان الراسخ بالله وحب الوطن مع توفر الرغبة في الاستشهاد في سبيل تحرير الوطن. و كان من نتيجة تلك المقاومة الشرسة تأخير سيطرة الإيطاليين بمناطق الدواخل حتى بداية الثلاثينات بالرغم من وجودهم في ليبيا منذ سنة 1911م. وفي غرب ليبيا قاد حركة الجهاد رجال وطنيون من أمثال الشيخ سليمان الباروني و رمضان السويحلي وسوف المحمودي والمريض و عبد النبي بالخير.
فيما يتعلق بحركة الجهاد في الغرب الليبي سنتوقف عند بعض المحطات الهامة.
رجع الشيخ سليمان الباروني من الأستانة عاصمة دار الخلافة العثمانية إلى مصراته بعد غيابه المفاجئ من طرابلس تحمله غواصة ألمانية في 16 أبريل 1916 بعد أن أصدر السلطان فرمانا سلطانيا بإلحاق طرابلس بتركيا. وكان الأتراك والألمان قد عقدوا العزم على إذكاء نار الثورة في طرابلس واستئنافها في برقة. وحيث كان الطرابلسيين محتاجين للمساعدة فقد رحبوا وفرحوا بها. قام الشيخ الباروني بتشكيل المجلس العرفي الشرعي كجزء من الإجراءات الإدارية والمالية ليتمكنوا من حل القضايا الجنائية والشرعية المعلقة بسبب الحرب و للإشراف على قيادة وتنظيم المجاهدين لمواجهة تحركات الجيوش الإيطالية وفي إطار التنظيمات الإدارية للولاية. وضم المجلس في عضويته ممثلين عن الجبل والمنطقة الغربية و مصراته والنواحي الأربع و ورفلله.
كانت الأوضاع العسكرية في تلك المرحلة تميل لصالح المجاهدين وقام الباروني بتوجيه رسائل إلى الأعيان والمشايخ يخبرهم بقدومه والمهمة الملقاة على عاتقه. كما وجه رسالة إلى السيد محمد إدريس السنوسي طالبا منه العمل على سحب القوة البرقاوية التي جاءت واحتلت قصر سرت في مهمة لقتل الفتنة التي اشتعلت بين السويحلي و ترهونة.
كانت تركيا حريصة على دعم ثورة ليبيا في تلك الأيام، ولذلك أرسلت الأمير عثمان فؤاد إلى مصراتة قائداً عاما بدلا من الباروني في شهر مارس 1918م وبصحبته البارون فريد فون توندروف الألماني مع فريق فني. كان الأمير يحمل لقي القائد الأعلى للقوات الأفريقية. وكانت مهمته تغذية الثورة في طرابلس ضد الطليان والعمل على تمديدها إلى برقة بعد نجاحها ومن ثم الإغارة على الإنجليز في مصر مرة ثانية. كما كانت تلك السياسة تنطوي على إحياء فكرة جمهورية شمال أفريقيا التي قامت من أجلها ثورة الحامد في تونس 1915م، وكان نشاط الطرابلسيين العامل الذي شجعهم على المضي في العمل أجلها. غير أن الفرنسيين أخمدوا تلك الثورة بوحشية وقضوا على فكرة جمهورية شمال أفريقيا التي اعترفت بها بعض دول أوربا وتم تسجيلها في محكمة لاهاي الدولية.
كانت الحرب قائمة على قدم وساق في شبه الجزيرة العربية بين العرب والإنجليز من جهة والأتراك من جهة أخرى ،ـ رجحت بعدها كفة الإنجليز على الأتراك.. واشتد ضغط الجيوش العربية والانجليزية عليهم في الشام وهزموا المرة تلو الأخرى وتحطمت جيوشهم واضطرت تركيا إلى توقيع معاهدة ( موندروس ) في 31 أكتوبر 1918تعهدت فيها بسحب جيوشها من جميع البلاد.. وفيما يتعلق بطرابلس جاء في المادة 17 ما يلي:
( يجب على جميع الضباط الأتراك في طرابلس الغرب أن يسلموا أنفسهم إلى أقرب مركز إيطالي. ويجب على تركيا أن تقطع الأرزاق و المساعدات وكل صلة مع هؤلاء إذا لم يذعنوا ويسلموا).
كما جاء في المادة 19 : ( تسليم جميع الموانئ في طرابلس و مصراته إلى أقرب قائد لجيش الحلفاء).
كانت هذه المعاهدة آخر سلاح لقطع الصلة بين العرب والترك وانتهت بها الصبة بينهم وبين الدولة العثمانية التي تفككت أوصالها.
كان لسقوط تركيا الأثر السيئ على حركة الجهاد في طرابلس وأدى إلى إخماد جذوة الحماس كما هبطت الروح المعنوية لديهم وباتوا لا يعلمون ما تخبيه لهم الأقدار. وكان ذلك السبب الرئيسي في ظهور فكرة الجمهورية الطرابلسية ونوقشت من قبل صفوة السياسيين في ذلك الوقت ومن بينهم رمضان بك وعزام بك والباروني باشا والأمير عثمان و مختار بك كعبار ووافق الجميع على الفكرة و أرسلت الدعوات إلى شيوخ وزعماء القبائل باسم الأمير عثمان لعقد اجتماع عام في مسلاته.. وعقد الاجتماع في جامع المجابرة بمسلاته وخطب فيهم عبد الرحمن عزام بك نيابة عن الأمير عثمان وتمت الموافقة على الجمهورية وأجريت انتخابات في الحال لاختيار أعضاء الجمهورية وأسفرت الانتخابات عن الآتي:

1 – تشكيل مجلس إدارة الجمهورية: من أربعة من أقوى الزعماء نفوذا على سكان مناطقهم: سليمان الباروني، أحمد بك المريض، رمضان بك السويحلي، عبد النبي بك بالخير. كما انتخب مختار بك كعبار مراقبا ماليا( وكان أحد نواب طرابلس في البرلمان العثماني باسطنبول) و الأستاذ عبد الرحمن بك عزام مستشارا لشؤون الجمهورية.
2 – مجلس شورى الجمهورية: شبيهة إلى حد كبير مجالس النواب والشيوخ في البلاد المتقدمة ومؤلف من 24 عضوا ضم كافة أعيان الجهات من فزان جنوبا إلى العجيلات شمالا، ومن سرت شرقا إلى نالوت وغدامس غربا. كما تم اختيار كل من الشيخ محمد بك سوف زعيم قبيلة المحاميد وحفيد غومة المحمودي رئيسا لمجلس الشورى السيد يحي بك الباروني ..شقيق سليمان بك الباروني نائبا له.
3 – مجلس الجمهورية الشرعي: يستمد أحكامه القضائية من الفقه الإسلامي وأحكامه على مذهب الإمام مالك وعرف وتقاليد البلاد.
الجمهورية الطرابلسية والأسباب التي أدت إلى فشلها و مراحل الجهاد في برقة بقيادة الحركة السنوسية وكيف تمت مبايعة السيد محمد إدريس المهدي السنوسي أميرا على كل البلاد والأسباب التي أدت إلي تلك المبايعة من جموع الشعب الليبي متمثلة في قياداته السياسية الواعية.
بعد إعلان الجمهورية الطرابلسية ، وكان ذلك في يوم 16 نوفمبر سنة 1918م، أذيع البلاغ الأول على أبناء الشعب الطرابلسي . ثم أذيع البلاغ الثاني إلى الضباط الوطنيين، والبلاغ الثالث إلى رئيس الحكومة الإيطالية، طالبين عقد صلح مع الحكومة الإيطالية ضمن شروط معينة، وأرسلت البلاغات الرابع والخامس والسادس إلى كل من الرئيس ولسون ورئيس الوزراء البريطاني ورئيس الجمهورية الفرنسية والتي لم تجدي في الحصول على اعتراف أمريكا وبريطانيا وفرنسا بالجمهورية الجديدة. أما إيطاليا فقد مارست القوة ضد الطرابلسيين ولكن بدون جدوى واضطرت للدخول في مفاوضات معهم انتهت بانعقاد صلح (سواني بن يادم ) يوم 17 أبريل سنة 1919م .واعتبر الطرابلسيون ذلك نصراً سياسيا وعسكرياً على خصمهم العنيد المتعجرف. أصدرت إيطاليا بعدها القانون الأساسي الذي جعل الفرد الطرابلسي في مصاف الفرد الإيطالي في الحقوق السياسية والاجتماعية .. من الناحية النظرية، واستنكر غرسياني القانون واعتبره انتقاص لسيادة إيطاليا على طرابلس. وكان القانون أو الدستور يتكون من أربعين فصلا، غير أن قواعده الأساسية ارتكزت على 16 مادة منها ( وننقل النص حرفيا ):
1 – تسمى الحكومة ( حكومة طرابلس الغرب ).
1 – يدير أمور قطر طرابلس مجلس حكومة مؤلف من ثمانية أعضاء وطنيين ينتخبهم مجلس النواب الطرابلسي من بين أعضائه، و من عضوين إيطاليين ينتخبهم النائب العام.
3 – يرأس هذا المجلس حاكم عام بيده السلطات الملكية والعسكرية معين من جانب ملك إيطاليا.
4 – يسن قوانين البلاد مجلس ينتخبه الأهالي ، يتمتع بما لمجالس الدول الأخرى المتمدينة من سلطات حقوق وتكون مدته أربع سنوات، كلما جدد انتخابه جدد مجلس الحكومة من بين أعضائه.
5 – لا تنفق ضرائب البلاد إلا فيها حسبما يقرره مجلس نوابها في وصفها وتوزيعها و جبايتها.
6 – لا يطبق من القوانين الإيطالية في طرابلس إلا ما يقبله مجلس النواب الطرابلسي ويوافق عليه لمصلحة البلاد.
7 –ينظم من أبناء البلاد جند وطني بالتطوع حسبما تقتضيه الحاجة، وقائده هو الحاكم العسكري.
8 – للوطنيين حق التوظيف في الوظائف ملكية وعسكرية وقضائية وصحية و غيرها بالامتحان.
9 – التعليم الأهلي حر تحت إشراف الحكومة.
10 - اللغة العربية رسمية كاللغة الإيطالية.
11 – ينتخب الأهالي رؤساء البلديات في العاصمة والملحقات.
12 – يؤلف مجلس شرعي تستأنف إليه الأحكام الشرعية، وهو يعين القضاة.
13 – للطرابلسيين الحائزين على شهادات عالية الحق في مزاولة المهن الحرة كالطب والمحاماة وغيرها في إيطاليا، كما هو في طرابلس.
14 – الطرابلسي والإيطالي متساويان في الحقوق.
15 – الأوقاف تدار بمعرفة هيئة إسلامية.
16 – تراعى حرية الدين والتقاليد الوطنية الحسنة كما في السابق.
ووقع على هذا الدستور عن الطرابلسيين : سليمان الباروني.. أحمد المريض.. رمضان اشتيوي.. وأحمد الصويعي عن عبد النبي بالخير.
ووقعها عن الجانب الإيطالي: الجنرال ماجور تارديتي، رئيس الدائرة السياسية .. الجنرال باسكانو رئيس هيئة أركان حرب الجيش الإيطالي.
كانت في نية إيطاليا سرا نقض العمل بهذا القانون الأساسي ولكن تطلبت تلك المرحلة من الحكومة الإيطالية تهدئة الشعب الإيطالي الذي أنهكت دولته جراء الحرب العالمية الأولى وسئم تلك الحروب و الأوضاع المزرية.
شكلت حكومة وطنية مقرها مدينة طرابلس من ثمانية أعضاء وصدر أمر من الوالي الإيطالي بتعيينهم حسب ما جاء في القانون الأساسي وتكونت من السادة :
عمر بك أبو دبوس .. أحمد بك اشتيوي.. علي بك الشنطة.. أحمد بك الفسطاوي.. محمد الصويعي بك.. الحاج محمد فكيني بك.. ومحمد بك بن الفقيه حسن.
ماطل الإيطاليون كثيرا ولم يوفوا بالتزاماتهم مما حدا بالطرابلسيين إلى تشكيل حزب الإصلاح وجريدة اللواء وكانوا يطالبون في مجمله بتفعيل القانون. وكان رئيس الحزب السيد أحمد بك المريض و ضم في عضويته النشطين عبد الرحمن عزام و خالد القرقني وعثمان الغرياني.
عملت إيطاليا على إثارة الفتن والانقسام بين صفوف الزعماء كما سعت إلى استمالة البعض و تأليبهم ضد البعض الآخر.. وكان أهم ما أرادته إحداث الانقسام بين مصراته و ورفلله وبين ترهونة و مصراته ثم بين زعماء جبل نفوسة. وقد نجحت في ذلك إلى حد كبير، فقامت حرب طاحنة بين الزنتان والأمازيغ استمرت.. مع بعض الانقطاع.. حتى سنة 1921م ،فقد فيها الكثير من أبناء الوطن من الطرفين. واستغل الإيطاليون ذلك النزاع فحركوا جيوشهم للقضاء على الطرابلسيين واحتلوا يفرن في 13 أكتوبر سنة 1922م، وكان معهم عدد كبير من الليبيين العملاء الذين انضموا إلى الجيش الإيطالي، وفي 17 نوفمبر احتلت غريان وبدأت المدن تتساقط أمام الجيش الإيطالي وانتهي الصراع بين مصراته و ورفلله بمقتل رمضان السويحلي في عام 1920م. يقول المؤرخون :ة ( لقد كانت فترة ما بعد صلح بن يادم 1919 من أتعس الفترات التي مر بها التاريخ الليبي المعاصر، فترة سواد يتحاشى المؤرخ الحديث عنها ).
قال الأساذ خليفة التليسي رحمه الله في هذا الخصوص:
( يلاحظ أن هيئة الإصلاح المركزية لم تكن حكومة بالمعنى المفهوم للحكومة، وأن كثيراً من المناطق قد ظلت غير خاضعة لحكمها ونفوذها ، كما أن بعض الزعامات قد ظلت محافظة على موقفها الفردي، وكانت تستقل في كثبر من الحالات بتقدير الوضع السياسي على أساس جهوي وبما تقتضيه مصلحة منطقتها أو مقاطعتها وأحيانا قبيلتها وعشيرتها. مما انعدم معه عنصر الوحدة الوطنية الملزمة بالموقف الموحد، خاصة في هذا الظرف العسير، بحيث بعد الخروج عليه أو التخاذل عنه خيانة تحسب على الخارج أو المتخاذل. وكانت هذه هي الثغرات التي نفذ منها الإيطاليون واستطاعوا استغلالها أحسن استغلال. وقد فطن الوطنيون إلى الخطر الكامن وراء انعدام توحد القيادة ، ولكن ذلك كان بعد فوات الأوان، ولقد نتج عن ذلك تعدد المواقف واختلاف وجهات النظر وترك الأمر للاجتهاد الخاص، يحدد الموقف ويرسم الطريق، فرأينا بعض الزعماء يعارضون ..عن اجتهاد خاص.. المقاومة المسلحة لإيطاليا عقب نزولها بقصر حمد، ورأينا آخرين يقفون على الحياد، كأن الأمر لا يتصل بهم من قريب أو بعيد. ورأينا بعضهم بتشبث بأن يكون صاحب الكلمة النهائية في إبرام الهدنة، نظرا لأن الاعتداء واقع على أرضه ( بالمعنى الجهوي). وهكذا تحددت مواقف الزعماء في تاريخنا في كثير من الحالات على أساس جهوي، وكان لكل جهة صاحب يتولى أمرها ويقرر مصيرها ويحدد موقفها، وانعدام القاعدة السياسية قد عرض مواقف الزعماء وشخصياتهم لكثير من الخلخلة والاهتزازات).
كان هذا هو ما آل إليه الوضع في المنطقة الغربية وسنتطرق في المقالة القادمة إلى تداعيات تلك الأحداث وما صحبها من بيعة للسيد محمد إدريس المهدي السنوسي ليكون القائد الذي تتوحد وراؤه كل الصفوف ضد العدو الإيطالي..
رأي عقلاء طرابلس وسياسيوها ، بعد التطورات والانشقاقات الكبيرة التي حدثت بين الزعماء، ضرورة الاجتماع لتدارس الأوضاع الراهنة واتخاذ مواقف مشتركة حيالها. وحدث ذلك في مؤتمر عام بمدينة غريان في شهر نوفمبر سنة 1920م. وتم تمثيل كل البلاد الطرابلسية بمندوب باستثناء بلاد الأمازيغ. وانتخبت هيئة من 21 عضواً من بينهم أحمد بك المريض( رئيساً ).. الأستاذ عبد الرحمن عزام ( مستشاراً ).. وعضوية الباقين، و منهم ..محمد بك فرحات.. الصادق بك بالحاج.. عمر أبو دبوس.. الشيخ أحمد الرحيبي..عبد الرحمن زبيدة.. بشير السعداوي.. نوري السعداوي.. مختار كعبار.. وغيرهم .
كان رمضان السويحلي قد قتل وسليمان الباروني امتنع عن الحضور بسبب الحرب التي وقعت بين الأمازيغ و الزنتان كما امتنع عبد النبي بالخير عن الحضور بسبب مقتل السويحلي ومثل ورفلله عبد الرحمن زبيدة ومحمد العيساوي. و أسفر المؤتمر عن القرار التالي الهام :
( إن الحالة التي آلت إليها البلاد لا يمكن تحسينها إلا بإقامة حكومة قادرة ومؤسسة على ما يحقق الشرع الإسلامي بزعامة مسلم ينتخب من الأمة ولا يعزل إلا بحجة شرعية وإقرار مجلس النواب، وتكون له السلطة الدينية والمدنية والعسكرية بأكملها بموجب دستور تقره الأمة بواسطة نوابها، وأن يشمل حكمه جميع البلاد بحدودها المعروفة) وقرر المؤتمر إرسال قراراته التي توصل إليها إلى الحاكم الإيطالي في طرابلس و إرسال وفد إلى روما للمطالبة بالتنفيذ. وسافر الوفد المكون من كل من السادة محمد بك فرحات الزاوي( رئيسا )، محمد نوري السعداوي، الصادق بالحاج، خالد القرقني وعبد السلام البوصيري. استطاع الوفد الاتصال برؤساء الأحزاب السياسية في إيطاليا وأصحاب القرار، وفي نفس الوقت أرسل والي طرابلس وفدا مناهضا لوفد غريان وفشل وفد غريان في تحقيق أي مكاسب سياسية ورجع إلى ليبيا خالي الوفاض.
اشتدت الفتنة بين طرابلس وبرقة مع اندلاع الحرب العالمية الأولى وساد فتور بينهما دام خمس سنوات حصل خلالها تعد على الأشخاص والأموال، و رأى عقلاء طرابلس الذين لم يرضوا بتلك الحالة أن يصلحوا الأمور وبادر السيد أحمد المريض بإرسال رسالة إلى السيد محمد إدريس السنوسي في برقة بهذا المعنى، وكان رد السنوسي إيجابيا ترتب عليه عقد اجتماع سرت العظيم الذي حضره عن طرابلس كل من السادة :
أحمد بك السويحلي، عبد الرحمن بك عزام، عمر أبو دبوس، محمد نوري السعداوي، الشتيوي بن سالم، الصويعي الخيتوني والحاج صالح بن سلطان.
وحضر عن برقة كل من السادة :
الشيخ صالح الإطيويش، الشيخ نصر الأعمى، الشيخ خالد القيصة و الشيخ صالح السنوسي بن عبد الهادي.
خرج المجتمعون بالقرارات الهامة التالية، بعد حمد الله تعالى والصلاة علي رسوله الكريم :
( .... فقد اجتمعنا نحن الموقعون على هذه المعاهدة المفوضون من قبل طرابلس وبرقة ، و قررنا بعد مداولة الفكر المواد الآتية المتضمنة اتفاق القطر الطرابلسي و القطر البرقاوي على الاتحاد والتعاون في السراء والضراء:
1 – يجب أن نوحد كلمتنا ضد عدونا الغاصب لبلادنا وضد المفسدين.
2 – يجب أن يكون عدونا واحداً وصديقنا واحداً.
3 – إن كافة ما وقع بين الطرفين من التجاوز لا يطالب به أحد الآخر إلى أن تستقر الحالة في الوطن، وتتعين وضعية البلاد العمومية. ومع ذلك يجب أن يسعى الطرفان في المسامحة بين العربان، ومن يتعدى بعد الآن فعلى الحكومة التابعة لها أن تعاقبه يما يستحق.
4 – كل من يخالف الجماعة ويدس الدسائس الأجنبية ، على الحكومة المنسوب إليها إعدامه ومصادرة أمواله حسب الشريعة الإسلامية.
5 – يري الطرفان أن مصلحة الوطن وضرورة الدفاع ضد العدو المشترك تقضي بتوحيد الزعامة على البلاد، ولذلك يجعلان غايتهما انتخاب أمير مسلم تكون له السلطة الدينية والمدنية داخل دستور ترضاه الأمة.
6 – يتخذ الطرفان الوسائل اللازمة لتحقيق هذه الغاية المذكورة في المادة الخامسة ، وأن تكون تولية الأمير بإرادة الأمة.
7 – متى تحققت الغاية المذكورة في المادة الخامسة يجب انتخاب مجلس تأسيسي من الفريقين لوضع القانون الأساسي والنظم اللازمة لإدارة البلاد ، وقبل ذلك ، وتمهيدا لهذه الأعمال ، يجب على الفريقين أن يرسل كل واحد منهما مندوبا للبلدين لأجل أن يشتركا في سياسة البلاد والتدابير المقتضاة للدفاع عن الوطن.
8 – يتعهد الطرفان بأن لا يعترفا للعدو بسلطة، وأن يمنعوه من بسط نفوذه خارج الأماكن المتحصن بها الآن، وفي حالة وقوع حرب يتضافر الفريقان على حرب العدو، وألا يعقد صلح أو هدنة إلا بموافقة الفريقين.
9 – إذا خرج العدو من حصونه مهاجما جهة من الجهات وجب على الجهة الأخرى أن تمد المهاجم بالمعدات الحربية والمال والرجال، وأن تنذر العدو بالكف عن التجاوز وإذا لم يكف تهاجمه بدورها.
10 –تجتمع هيئة منتخبة من أهالي طرابلس و برقة مرتين في كل سنة في شهر المحرم ورجب للنظر في مصالح البلاد.
11 – يشترط أن توافق على هذه المعاهدة كل من حكومة برقة والهيئة المركزية في جهة طرابلس.
12 – مهمة الهيئة المذكورة تأييد العلائق الودية بين الطرفين وتأييد هذه الاتفاقية.
قصر سرت في يوم السبت 22 جمادي الأولى سنة 1340 هجرية ، الموافق 21 يناير سنة 1922م.
بسبب خوف الحكومة الإيطالية من التقارب الطرابلسي البرقاوي قرر والي طرابلس وولبي احتلال مصراته قيل وصول الليبيون إلى اتفاق في سرت، واحتلوا قصر حمد وبدأ الجهاد من جديد. وحتى يستطيع الإيطاليون كسب الوقت في انتظار المدد من إيطاليا فإنهم اقترحوا عقد مفاوضات مع المجاهدين في فندق الشريف، وفشلت المفاوضات في يوم 10 أبريا سنة 1922م
وكان ظهور الفاشية في إيطاليا مع بوادر قرب استيلائها على السلطة من أقوي العوامل التي شجعت وولبي على التشدد مع المجاهدين. واستؤنفت الحرب من جديد و أصبح الغزاة الطليان يتوغلون في طرابلس مع تراجع المجاهدين أمام ضرباتهم الشرسة.
رأى الطرابلسيون إرسال وفد إلى الأمير محمد إدريس السنوسي ليبايعوه بالإمارة تنفيذا لما قررته هيئة الإصلاح المركزية في فندق الشريف، وتألف ذلك الوفد من كل من السادة والشيوخ : محمد بن حسن، محمود المسلاتي و الطاهر الزاوي. وصل الوفد مدينة اجدابيا ، مقر الحكومة البرقاوية، في شوال سنة 1340 هجرية وقابل الأمير محمد إدريس السنوسي وأبلغه هدفه الذي جاء من أجله. ولكن الحكومة الإيطالية أرسلت أمندولا.. وزير المستعمرات للدخول في مباحثات مع الأمير محمد إدريس واشترط مغادرة بشير السعداوي ممثل الحكومة الوطنية الطرابلسية مدينة اجدابيا. وكان الأمير محمد يأمل إيقاف الحرب بين ايطاليا و الطرابلسيين في ذلك الوقت، ولذا طلب من بشير السعداوي وزملائه أن يخرجوا إلى موقع يسمى الطبيل. انعقد الاجتماع في 22 يونيه سنة 1922م وعمل الأمير على إقناع أمندولا بضرورة تهدئة الأحوال في طرابلس، و بعد انتهاء المباحثات أرسل الأمير كلا من صالح الإطيويش و الفضيل المهشهش و أحد أبناء الكزة مع كتاب لبشير السعداوي أخبره فيه عن نتائج مباحثاته مع الوفد الطلياني التي أسفرت عن استعداد إيطاليا للصلح. كما أرسل الأمير كتابا آخر إلى هيئة الإصلاح المركزي بنفس المعنى. غادر بشير السعداوي على إثر ذلك إلى طرابلس فورا لإتمام إجراءات البيعة، وبمجرد وصوله اجتمع بالزعماء في طرابلس و نادى بالبيعة لسمو الأمير محمد إدريس السنوسي مستندا في ذلك إلى أنه لا سبيل إلى الخلاص البتة إلا بالاتفاق والتعاون ضد العدو الإيطالي وكتب بشير السعداوي نص البيعة بنفسه ثم ذهب بها من مصراته إلى مسلاته ثم إلى غريان حيث كانت هيئة الإصلاح المركزية مجتمعة برئاسة أحمد المريض ، فقرأ عليهم نص البيعة فوافقوا عليها بالإجماع ودون مناقشة.
ما أن علم الإيطاليون بتلك التطورات ووصول الوفد الطرابلسي إلى مدينة اجدابيا حتى ثاروا وانزعجوا. أعلمت عندها الحكومة الإيطالية الأمير محمد إدريس بأنها لن تتوانى عن مهاجمة اجدابيا ذاتها. وعندما أدرك ا|لأمير خطورة الموقف بدأ ببذل قصارى جهده لإقناع الحكومة الإيطالية بأن الطرابلسيين ما قصدوا بما فعلوه سوى حقن الدماء وفض خلافهم مع إخوانهم في برقة. وأن من واجب الحكومة الإيطالية أن توقف اعتداءاتها على الطرابلسيين فضلا عن أن الأمير كان له الحق.. حسب اتفاقية الرجمة التي سنتحدث عنها فيما بعد.. في أن يعرض على الحكومة الإيطالية ما يراه في مصلحة البلاد، كما أن تلك الاتفاقية ألزمت الطليان بأن يأخذوا في اعتبارهم كل ما يبديه الأمير من آراء في ذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 4:03 pm


المبايعة
تقرر أن يذهب السيد بشير السعداوي بوصفه مندوبا من هيئة الإصلاح على رأس وفد لتسليم كتاب البيعة إلى الأمير محمد إدريس، وكان ضمن هذا الوفد كل من السادة والشيوخ عبد الرحمن عزام، محمد الصادق بالحاج، نوري السعداوي و محمد عبد الملك، ووقع على كتاب البيعة كل من السادة والشيوخ أحمد المريض( رئيس الهيئة)،عبد الرحمن عزام ( المستشار)، ثم أعضاء الهيئة:محمد بن عمر، بشير السعداوي ، حسين بن جابر،محمد فرحات، عبد الرحمن زبيدة، محمد التايب، سالم البحباح، عثمان القيزاني، عمر أبو دبوس، محمد الصادق بالحاج، محمد مختار كعبار، محمد فكيني و الصويعي الخيتوني. كما وقع على البيعة من الأعيان السادة محمد الديب، محمد سوف، عمر ضياء ، على أبوحبيل، حمد القاضي ، محمد القرقني، أحمد السني، البغدادي بن معيوف و محمد الصغير.
نص البيعة للأمير محمد إدريس المهدي السنوسي بالإمارة على ليبيا كلها:
( سمو مولانا الأمير الجليل السيد محمد إدريس – حفظه الله و رعاه – أنهى لا يخفى على سموه أن الخلاف ما يزال قائما بينهم و بين الحكومة الإيطالية، وذبك لأن الحكومة الإيطالية وجهت عزمها إلى العبث بجميع حقوقنا شرعيها وسياسيها وإداريها، وجعلت من قوتها مبررا للتصرف في مصيرنا وحقوقنا الطبيعية.ونحن خير أمة أخرجت للناس لا نتحمل ضيماً ولا نرضى أن تضمحل شرعيتنا، ولا أن يتطرق الخلل إلى ديننا القويم كائنا من كان.الأمر الذي حملنا على ركوب الأخطار واقتحام الحروب المتوالية، معتمدين على قوة الحق إلى أن نظفر بتحقيق أمنيتنا القومية ،ألا وهي تأسيس حكومة دستورية يرأسها أمير مسلم جامع للسلطات الثلاثة، الدينية والسياسية والعسكرية، مع مجلس نيابي تنتخب الأمة أعضاءه، وبهذا يسلم وطننا و يتم أمر ديننا وتصلح أحكام قضايانا ونحفظ شرعنا، وعنعنة تاريخنا الباهر، وهذا لا ينافي ما تدعيه إيطاليا و ما دأبت عليه من خطب رجالها من أنها تحتل ديارنا بينية الاستعمار، وإنما ساقتها دواعي السياسة الدولية في البحر المتوسط، ولو كانت صادقة في دعواها هذه لما عرضت بلادنا للخراب بتوالي الهجمات واستعمال دهائها وقدرتها للتفريق والفوضى و قد حاولت فصل الأمة بعضها عن بعض بطرق مختلفة، وأبى الله إلا أن يجمع كلمة القطرين الشقيقين بأن يلتفا حول أمير واحد يرضيانه، وحيث أن سموكم من أشرف عائلة وأكرم بيت مع ما تجتمع في ذاتكم الشريف من المزايا العالية والأوصاف الجليلة، فإن (هيئة الإصلاح المركزية )الحائزة للوكالة المطلقة من مؤتمر غريان الذي يمثل الأمة الطرابلسية بانتخاب واقع منها لقد وجدت في سموكم أميراً حازماً قادرا على جمع الأمة للثقة العامة محبوباً، فهي لذلك تبايع سموكم أميراً للقطرين ( طرابلس وبرقة )على أن تقودهما إلى ما يحقق أمانيهما الشريفة الإسلامية المنوه عنها. على لأن مبايعتكم كانت مضمرة في كل نفس منذ وقع الاتحاد بين مندوبي القطرين في ( سرت ).. وكان السبب في تأخير تحقيقها طوارئ الحرب التي طوحت بكل واحد من أعضاء الهيئة ورجال القطر في منطقة شاسعة من المناطق الحربية . و بهذه البيعة إن شاء الله أصبح سموكم الأمير المحبوب للقطرين المباركين، ومتى سنحت الفرصة عند تشريفكم إيانا حسب رغبة الأمة تقام لكم مظاهر هذه البيعة في موكب لائق بسموكم. والله سبحانه وتعالى يمدكم بروح من عنده ويجعل البركة في البيت السنوسي المؤسس على التقوى والصلاح ).
قبل الأمير محمد إدريس السنوسي البيعة وصافح الأيدي الممدودة بدون تردد ورد على كتاب البيعة بتاريخ 22 ربيع الأول سنة 1341 هجرية الموافق 22 نوفمبر سنة 1922م بالخطاب التالي:
( وبعد.. فقد تناولت بيد الشكر عريضتكم التي أظهرتم فيها رغبتكم الخالصة في تحقيق غاياتكم التي أجمعتم عليها في مؤتمر غريان وجاهدتم لها جهادا صادقاً بالنفس والثمرات في شخصي، فأخذتها داعياً الله أن يحقق آمال هذه الأمة ويكلل مساعيها كلها بالنجاح. ولما كان اتحاد الوطن و سلامته هما الغاية التي طالما سعيت إليها، وجدت من واجبي أن أتلقى طلبكم بالقبول وأن أتحمل المسؤولية العظمى التي رأت الأمة تكليفي بها، فعلي إذاً أن أعمل بجد معكم، ولكن لا تنسوا أنني بغير إقدامكم وجدكم لا قدرة لي على شيء. إني أعلم أن الحياة الخالدة هي للأمم لا للأفراد، وكذلك الأعمال العظيمة الباقية هي التي تنصرف إلى صالح الجميع، فلذلك أدعوه سبحانه وتعالى أن يهدينا إلى كل عمل ثمرته للأمة, إذ من حق كل شعب أن يسيطر على شؤونه، والناس منذ نشئوا أحراراً.
وقد أظهر شعبنا في كب أدواره مقدار محبته للحرية فدفع مهوراً غاليةً، فلا يصح لأحد أن يطمع في استعباده و الاستبداد بشؤونه.
لقد اشترطتم علي الشورى وهي أساس ديننا، وسأعمل على قاعدتها. هذا وقد رأيت أن أقر الأمور على ما هي عليه حتى تجتمع جمعية وطنية لوضع نظام البلاد، فلذلك أوكل إلى الهيئة المركزية – لما أبدت من الحمية والعدل والدراية – إن تستمر على إدارة القطر الطرابلسي، ولي الثقة العظيمة في حكمة رئيسها البطل الحازم أحمد بك المريض ورفاقه والرؤساء الكرام الذين أيدوا مساعي الهيئة المركزية أن يتحملوا مشاق المسؤولية بصبر ، لتثبيت دعائم البناء الوطني الذي شيدوه، وأسأل الله تعالى أن يمد الجميع بعنايته ويثبت الأقدام ويقهر الأعداء ويمن بالنصر الموعود إنه على ما يشاء قدير ).
حاول مستشار الأمير محمد إدريس السيد عمر منصور الكيخيا أن يوافق بين سياسة الأمير مع الطليان وحرصه على وحدة الصف واجتماع الكلمة تحت زعامته، وانعقدت اجتماعات ومناقشات، واستمر هذا الميدان مفتوحاً نحو أربعين يوماً، ولم يهتد الباحثون إلى الحل المطلوب إلا بمغادرة الأمير محمد إدريس اجدابيا إلى مصرفي الثاني من جمادي الأولى سنة 1341 هجرية الموافق 2 ديسمبر سنة 1922م.، وكان ذلك السفر بسبب مرض ألم به ونصحه الأطباء بالسفر إلى مصر للعلاج. كانت قبل سفره العلاقات بين السنوسية والطليان قد تعكرت وذبك بسبب حرص الطليان و تأكيدهم على نزع سرح العربان، كما تم اعتقال الشيخ المجاهد العوامي ظلماً وزوراً، وكانت هناك محاولة للقبض على السيد صفي الدين السنوسي باءت بالفشل بسبب تحذير عثمان العنيزي له من غدر الإيطاليين.
سنأتي فيما بعد لتحليل الدوافع السياسية الني أدت إلى هجرة الأمير محمد إدريس السنوسي إلى مصر والترتيبات التي اتخذت في سبيل استمرار حركة المقاومة. ولكن سنتحدث قبل ذلك في المقالة القادمة عن دور الحركة السنوسية في تحرير ليبيا من الحقبة المظلمة و الجاهلية الدينية التي كانت تسيطر على البلاد في القرن التاسع عشر، و العمل على تقوية الدين الإسلامي في ليبيا ومن ثم نشره في دول أفريقيا مثل تشاد والنيجر و السودان، و جهادهم ضد الفرنسيين في تلك الدول والوقوف ضد عملية التنصير التي كانت قائمة على قدم وساق في ذلك الوقت.
وهذه نبذة مختصرة عن الحركة السنوسية ليتعرف عليها من لم يعرفها ولكي ( وهذا هو المأمول ) يصحح من فهمها خطأً معلوماته التي ولا شك تم تلقينها للناس على مدي 42 عاما عبر أجهزة إعلام كانت مهمتها تشويه دور الحركة السنوسية في ليبيا وشمال أفريقيا وتم تصويرها لهم على أنها حركة سيطرة سياسية من قبل الأسرة السنوسية، متجاهلين الدور العظيم الذي قامت به لتنظيف المجتمع الليبي من المعتقدات الخاطئة وانتشال الناس من بئر الجهل والتخلف الديني ونشر الدين الإسلامي بين القبائل الوثنية الأفريقية، ثم تحريك المواطنين وتشجيعهم على الجهاد ضد الغزاة الإيطاليين وقيادته حتى النصر و تحقيق الاستقلال.
السنوسية حركة دعوة إسلامية إصلاحية تجديدية اعتمدت في معظم أمورها على الكتاب والسنة مع تأثر بالصوفية، وقد ظهرت في ليبيا في القرن الثالث عشر الهجري ومنها انتشرت إلى شمال أفريقيا والسودان والصومال وبعض البلاد العربية. وقد تأثرت هذه الحركة الدعوية بالإمام أحمد ين حنبل وشيخ الإسلام بن تيمية وأبي حامد الغزالي والشيخ محمد عبد الوهاب وحركته السلفية بوجه خاص.. كما تأثرت بالتصوف الخالي من الشركيات والخرافات كالتوسل بالأموات والصالحين واعتمدت منهجاً متكاملاً للارتقاء بالمسلم. مؤسس هذه الحركة هو محمد بن علي السنوسي (1202-1276 هجري) الذي تأثر بالمذهب المالكي ( إلا أنه كان يخالفه إن جاء الحق مع غيره ) و اعتمدت هذه الحركة في الدعوة إلى الله على أسس الحكمة والموعظة الحسنة والابتعاد عن العنف، واهتمت بالعمل اليدوي الجاد والاعتماد على النفس والجهاد الدائم في سبيل الله ضد المستعمرين والصليبيين.
- محمد بن على السنوسي الحسني الإدريسي:
ينحدر من سلالة ملوك الأدارسة الذين أسسوا الدولة الإدريسية ويعود نسبه إلى إدريس الأكبر ابن عبد الله الكامل ابن السيد الحسن المثنى ابن السيد الحسن السبط ابن الإمام على بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنهم جميعا. ولد في ربيع الأول سنة 1202هجري الموافق كانون الأول سنة 1787م في بلدة مستغانم بالجزائر في بيت دين و علم وفضل.
سعى منذ صغره إلى طلب العلم ودرس علوم القرآن والفقه والحديث ونبغ فيها. درس على أيدي علماء أجلاء وتعلم على يديه فيما بعد علماء كبار ذاع صيتهم. خرج يعظ الناس وزار عدة بلدان منها المغرب و تونس وطرابلس وبرقة ومصر ومنها توجه إلى مكة المكرمة وأنشأ بها أولى زواياه سنة 1257 هجري الموافق 1841م على جبل بني قبيس ثم غادرها إلى الجبل الأخضر في ليبيا وشيد الزاوية البيضاء هناك. كثر تلاميذه وانتشرت طريقته ثم انتقل إلى واحة الجغبوب وأقام بها حتى وفاته سنة 1276هجري الموافق 1859م.
ألف نحو أربعين كتاباً ورسالة وأمل من دعوته زيادة العبادة واقتفاء أثر السلف الصالح و دعوة إخوانه ومريديه إلى الدين الصحيح وإرشاد عباد الله لما فيه سعادتهم . ولم يتطلع يوما لمهاجمة الخلافة العثمانية أو التعرض لها لأنه كان يعتقد أن الخلافة العثمانية لا تشكل أكثر من قطر من أقطار هذا العالم الواسع الذي يريد إصلاحه ولأن السيطرة العثمانية في برقة لم تتعدى السواحل، أما الدواخل فكانت في أيدي شيوخ القبائل و رؤسائها.
كانت الزوايا السنوسية دور عبادة وتعلم و مراكز حياة اجتماعية ومقر سلام ونظام. لم تتدخل السنوسية في تفاصيل الحياة البشرية كافة ولكن كانت تنهي الناس عن ما نهى الله عنه ولم تدعو إلى حمل السلاح واستعمال القوة، و إنما دعت إلى التودد إلى الناس ودعوتهم إلى الخير.. ولم تكن الزوايا صوامع أو أديرة للنساك والرهبان والمتعبدين والمنقطعين للعبادة أو حلقات الدراويش المنصرفين عن أمور الدنيا ، وإنما كانت مراكز كبيرة للنشاط الاجتماعي والديني. فقد كان أصحاب الزوايا يهتمون بشؤون الدين والدنيا معا وحرمت على أتباعها التسول وحضتهم على الكد في العمل والسعي من أجل لقمة العيش على أساس الأخوة والتعاون. ونشطت الزراعة والتجارة حول الزوايا. وذاع صيت الدعوة وعم مناطق كثيرة في أفريقا ووصلت حتى الملايو وإندونيسيا شرقا. وتوافد الناس عليها لاعتناق الإسلام.
بلغ عدد الزوايا التي أحصاها المؤرخون 180 زاوية، 25 منها في شبه الجزيرة العربية و 163 في أفريقيا منها 97 في ليبيا و 47 في مصر و 17 في السودان الأفريقي و2 في تونس.
كانت كل زاوية عبارة عن وحدة إدارية متكاملة يوجد بها المسجد ومنازل لقائدها ( المقدم ) وللوكيل والشيخ وبيوت للضيوف وعابري السبيل و الفقراء الذين لا مأوى لهم ، ومساكن للخدم ومخزن للمؤن وإسطبل ومتجر وفرن وسوق. وتحيط بهذه المباني مساكن القبائل الني تقوم الزاوية في منطقتهم. وتخصص أراض زراعية وقفاً للزاوية بها آبار جوفية وصهاريج لحفظ المياه.. كانت أراضي الزاوية تزرع جماعيا كل يوم خميس بدون أجر وينفق المحصول الزراعي على الفقراء والضيوف وعلى التعليم.. والفائض يذهب إلى مركز الطريقة. وكما كان بوم الخميس يوم العمل الجماعي التطوعي، فقد كان يوم الجمعة خاصاً بالتدريب على الفروسية واستخدام السلاح و فنون الحرب والقتال.
كان السنوسي الكبير يقيم وزنا للعمل والكد والكفاح ومحاربة الكفر وأهل الكفر المستعمرين و لذا كان حريصا على أن يتعلم أتباعه فنون القتال بجانب الزراعة والأعمال الحرفية. طلب منه بعض أتباعه في يوم من الأيام أن يعلمهم الكيمياء ليكون في استطاعتهم تحويل المعادن العادية إلى معادن نفيسة فقال لهم ( الكيمياء تحت سكة المحراث.. إنها كد اليمين وعرق الجبين).. وكان يعلم تلاميذه بأن ( العاكفين على الأوراد والمسابح لن يتقدموا على أهل الزراعة و الحرف عند الله أبدا).
كان المقدم هو ممثل شيخ الطريقة فيها وقائد قبائلها عند الجهاد.. كما كان الوكيل المشرف على الزراعة وشؤون الإدارة والمالية والاقتصاد,, ويتولى شيخها تعليم الصغار وإبرام عقود الزواج. ويكون هؤلاء في مجملهم مع رؤساء القبائل المجاورة ووجهائها مجلس إدارة الزاوية.
من هذه الزوايا انطلق الناس ينشرون الإسلام، كما تفهمه الطريقة السنوسية. ينشرونه بين قبائل الأعراب في الصحراء وقبائلها الذين كانوا مسلمين بالاسم، ولكنهم لم يكونوا يعرفون الكثير عن العبادات ولم يكونوا قادرين على قراءة القرآن بطريقة صحيحة، وكانوا يتعلقون ببعض شكليات الإسلام، كما كانوا يؤمنون بالشعوذة وزيارة الأولياء التي كانت أقرب للشرك منها للإسلام. كما قامت بنشر الإسلام بين القبائل الوثنية في قلب أفريقيا و تصدت للمد الاستعماري هناك و الذي كان بقوم بعمليات التنصير فوقفت ضد الفرنسيين في تشاد وغرب السودان وأوقفت زحفهم ألتنصيري وحاربوهم قرابة الخمسة عشر عاما( 1319-1332هجري /1901-1914م) كما أنهم قاوموا الغزو الإيطالي لليبيا من سنة 1911 ولمدة عشرين عاما.
لم تر الدولة العثمانية في الدعوة السنوسية وزواياها عائقا يحول دون بسط نفوذها وتعميق سلطانها. وطلبت من واليها في طرابلس تأييد السيد محمد بن على السنوسي ودعوته وتقديم الدعم المادي و المعنوي له. وحاولت فيما بعد استخدام نفوذه لإصلاح ذات البين بين العرب والأتراك. و كانوا يأملون ضمان مؤازرة الدعوة لهم من خلال علاقاتهم الطيبة عند الحاجة.
ــ محمد المهدي السنوسي ( 1844- 1902م ): ولد بالقرب من مدينة البيضاء بالجبل الأخضر في شهر ذي القعدة سنة 1260 هجري الموافق نوفمبر سنة 1844م. و حفظ القرآن الكريم وهو في سن السابعة. أخذه زوج خالته الشيخ محمد بن إبراهيم الغماري إلى الحجاز حيث كان والده لتلقي تعليمه على أيدي نخبة من العلماء، ثم واصل تعليمه تحت إشراف والده بمعهد الجغبوب و خلف والده في قيادة الدعوة السنوسية وعمره اثنا عشر عاما.
نظم المهدي الحركة و أنشأ مجلسا أعلى من كبار الإخوان من رؤساء الزوايا في برقة وطرابلس والحجاز والسودان وشمال أفريقيا ويمثل رأس الهرم الذي قاعدته الزوايا ويجتمع سنويا في الجغبوب للنظر في أمور الحركة الهامة. كما أسس المجلس الخاص الذي يتكون من كبار الإخوان المقيمين في الجغبوب و شكل بالفعل قيادة الحركة ( وهو كما وصفه المرحوم الطيب الأشهب يمثل وجلس الوزراء في الحكومات). كما ازدهرت الحركة التجارية والزراعة في الجغبوب بسبب موقعها على طرق تجارة القوافل التي تربط الساحل بالواحات في عمق الصحراء وبمصر في الشرق. انتشر الإسلام في الفترة التي قضاها قائدا للدعوة وهي 40 سنة انتشارا كبيرا في أفريقيا ووصل إلى بحيرة تشاد ومنطقة غرب السودان والصومال والنيجر و الكونغو والكمرون وانتعشت الحياة في جميع المناطق التي بها الزوايا واستتب الأمن، و عندما شعرت دول الغرب بخطر الحركة السنوسية على برنامجها التنصيري الاستعماري في أفريقيا شرعت في حبك الدسائس و المؤامرات وتأليب الدولة العثمانية عليها. لقد اشتاطت غضبا وكانت مندهشة وهي ترى القبائل الوثنية من التبو و البرقو تدخل طوعا في الإسلام. بعد انتقال محمد المهدي من الجغبوب إلى الكفرة وجعلها مركز قيادة الحركة انتعشت المنطقة و زاد نفوذ السنوسيون في أفريقيا. ثم دخل في حرب مع القوات الفرنسية استشهد فيها المئات إن لم يكونوا الآلاف من المجاهدين دفاعا عن الإسلام. كانت المنظمات التبشيرية الأوربية تمثل طلائع المد الاستعماري ووظفت الدين في خدمة النهب الاستعماري و استغاثت بحكوماتها فضغطت على السلطان العثماني كي يحد من نشاط السنوسيين. قاوم السلطان هذا الضغط في بادئ الأمر ولكنه اضطر في آخر الأمر لأن يحاول دعوة السيد محمد المهدي كي يعيش في الآستانة عيشة الأمراء.. الأمر الذي نجح للسلطان مع جمال الدين الأفغاني.. ولكن السيد المهدي رفض وكان هذا أحد الأسباب التي جعله ينقل مقر قيادته إلى جوف الصحراء .. إلى الجنوب مقترباً بذلك من الأماكن التي كان يستهدفها بنشر الوعي الإسلامي.
كان هذا السرد مهما للتعريف بالحركة السنوسية ودورها الرائد في ليبيا منذ أن جاء مؤسس الحركة وللتعريف في المقالات القادمة بوريثه على قيادة الدعوة السنوسية السيد محمد إدريس المهدي السنوسي و الدور المهم الذي قامت به الحركة تحت قيادته على الطريق لتحرير ليبيا.
محمد إدريس المهدي السنوسي:
ولد في واحة الجغبوب يوم الجمعة في 20 رجب سنة 1307 هجرية الموافق 12 مارس سنة 1883م. حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة وتعلم على يدي والده في البداية وثم عهد به إلى مجموعة من أفضل العلماء اشتهر من بينهم الشيخ العلامة العربي الفاسي و أحمد أبو سيف والشيخ العربي الغماري ( جد كاتب هذه المقالات لأبيه) و حسين السنوسي وأحمد الريفي وأحمد الشريف السنوسي، فأتقن القراءات وعلوم الحديث ( البخاري ومسلم ومسند أبي داوود والترمذي والنسائي ابن ماجة وموطأ مالك ومسند إلي حنيفة والإمام أحمد وكتب الإمام الشافعي وغيره من كتب الفقه والتفسير واللغة والتاريخ.. وتحصل على عدة إجازات فيها. أصبح فيما بعد من أعضاء مجلس الشورى في الحركة السنوسية وعكف على الدراسة بهمة ونشاط وكون لنفسه مكتبة خاصة أصبحت في طليعة المكتبات العربية. كان مجلسه عامرا بالعلماء والأدباء الذين كان يحبهم ويجلهم . كلن أحب العلوم إليه الحديث الشريف والتاريخ والأدب والسياسة. كان معروفا عنه قوة الذاكرة و سرعة الخاطر كما كان متين الحجة جميل المعشر رحيما بأتباعه وذو اهتمام خاص بالفقراء والمساكين. كان أيضا كثير المطالعة و خطيبا بارعاً. حرص بشدة على وحدة الصف السنوسي أمام أعداء الإسلام.. وعندما كان السيد أحمد الشريف السنوسي يقود كتائب الجهاد ضد فرنسا في السودان الغربي، لم يشأ أن يطلب منه التخلي عن الزعامة له.. وهو الوريث الشرعي لها كما كان الإخوان السنوسيون يرون..وفاءً منه للسيد أحمد الشريف الذي كفله بعد وفاة والده السيد محمد المهدي.. و عمل على لم شمل المسلمين وتوحيد كلمتهم عندما بدأ الإيطاليون هجومهم الغادر على الأراضي الليبية. وكان ذلك التصرف منه دلالة على حرصه الشديد على المصلحة الوطنية و سير حركة الجهاد، فاجتمعت كلمة الناس على قيادة أحمد الشريف.
رحلته إلى الحج:
لن أنقل كل ما كتبه السيد محمد إدريس السنوسي شخصيا عن تلك الرحلة توفيرا للوقت، تلك الرحلة التي لم تكن فقط مهمة لأجل الحج ولكن لأنها كانت تتعلق بالاتصالات التي جرت أثناء الرحلة مع قادة عرب والإنجليز الذين احتك بهم لأول مرة. سأنقل مما كتبه فقط فقرات تساعد على استيعاب الموضوع. قال بأنه بعد بلوغه سن الرشد في عام 1330 هجرية/ 1912م رفض طلب الإخوان السنوسيين له لقيادة الحركة، كما ذكرنا سابقا، وبـأنه فضل أن يستمر أحمد الشريف بقيادة كتائب الجهاد نظرا لخبرته الطويلة في إدارة شؤون الطريقة وفي القتال والقيادة ولأن السيد أحمد الشريف كان يستعد للسفر إلى الجغبوب بناءً على طلب أنور باشا الذي كان يقود حركة المقاومة ضد الطليان في برقة مع المجاهدين. وبقي هو في الكفرة عاما كاملا يتدرب على كيفية تسيير الأمور المتعلقة بمسؤولياته المقبلة. وفي تلك الفترة تخلت تركيا عن ليبيا. وبينما كان أحمد الشريف يحارب الإيطاليين قرر الذهاب إلى مكة للحج ثم العودة لمساعدته. غادر الكفرة في أغسطس سنة 1913م برفقة بعض الإخوان ووصل الجغبوب التي مكث بها عدة أشهر وغادرها في أبريل سنة 1914 متجها إلى مصر واستقبله ضابط مصري اسمه صالح حرب مكلفا من الخديوي عباس الثاني ونزل ضيفا على الخديوي الذي رحب به أعظم ترحيب.. وزار خلال رحلته العديد من الزوايا السنوسية في مصر. وقال بأن المصريين، بالرغم من حيادهم المعلن رسميا في الحرب مع إيطاليا ، إلا أنهم كانوا يقفون مع إخوانهم المسلمين في ليبيا ويبذلون كل ما في وسعهم لمساعدة السنوسيين وإمدادهم بالسلاح والمعدات الطبية.. كان اللورد كيتشينز يشغل حينها منصب المندوب البريطاني في مصر. ومن مصر سافر إلى حيفا حيث استقبله الوالي التركي استقبالا رسميا، ثم استقل القطار إلى الحجاز حيث مرض بالحمى وهو في المدينة المنورة. وسافر مع مرافقيه ممتطيا فرسه التي أخذها معه من المدينة إلى مكة وقطع المسافة في أحد عشر يوماً. ذهب إلى الطائف ومكث بها عدة أشهر في انتظار موسم الحج. اندلعت الحرب العالمية الأولى في تلك الأثناء. وصل إلى مكة المكرمة في شهر أكتوبر سنة 1914م. وبعد الحج اضطر للبقاء في المدينة المنورة مدة شهرين بسبب انقطاع المواصلات. وأثناء انتظاره في المدينة قامت الحرب بين بريطانيا وتركيا وحاول كل طرف منهما كسب العرب في صفه والتزم الشريف حسين الحياد متجنبا إعطاء أي رد مباشر على الدعوة التركية للجهاد. في شهر ديسمبر استأنفت القطارات رحلاتها فسافر إلى حيفا واضطر للانتظار مرة أخري بسبب القتال بين بريطانيا وتركيا في منطقة السويس، وكان البريطانيون قد أعلنوا الحماية على مصر بعد خلع الخديوي عباس الثاني واستبداله بعمه حسين كامل الذي منح لقب السلطان. ولما كان السنوسيون في برقة حلفاء للأتراك ويحاربون تحت قيادة أحمد الشريف ضد الإنجليز، فلم يضمن قبطان السفينة السماح لهم بالنزول إلى مصر. غير أن العلاقات كانت قد بدأت تتحسن بين السنوسيين والإيطاليين، الذين أخذوا يسعون للتفاهم مع السيد أحمد الشريف فخاطروا بالسفر إلى مصر في شهر فبراير سنة 1915م. استضافهم السلطان حسين، وكان الجنرال ماكماهون قد خلف اللورد كيتشينز في منصب المندوب السامي البريطاني في مصر. وانتهز السيد محمد إدريس الفرصة والتقى بكل من الجنرال ماكسويل، قائد القوات البريطانية في مصر و الكولونيل كلينتون مندوب حكومة السودان المقيم بالقاهرة اللذان أعربا عن رغبتهما في أن يقطع الليبيون في برقة علاقتهم بالأتراك ويقوموا بتأييد البريطانيين عليهم أو البقاء على الحياد. ويقول السيد إدريس بأن ذلك كان أول لقاء بينه و بين البريطانيين خرج منه بانطباع جيد عن سلوكهم الودي وقوتهم العسكرية. ويقول أيضاً بأنه لم يلتزم بأي تعهد لهم نيابة عن السنوسيين قبل استشارة السيد أحمد الشريف أولا. غير أنه وافق على مبدأ الاتصال بهم من خلال علاقاته بعائلة الإدريسي في مصر فوافقوا على ذلك كما أنهم وافقوا على تسهيل عودته إلى برقة.
ساهمت هذه الرحلة في بلورة رأي السيد محمد إدريس السياسي وتفكيره، حيث كان لاحتكاكه بالحكومة المصرية وبزعيم الثورة العربية الكبرى آنذاك الشريف حسين وقادة الإنجليز في مصر أثراً كبيراً. لقد كان للنقاشات التي دارت بينه وبين الأطراف المذكورة بلا أدنى شك تأثيرا على قناعات مهمة فيما يتعلق بمجريات السياسة الدولية و بطبيعة الصراع بين بريطانيا وتركيا. بدون أدنى شك قد يكون رسم لنفسه تصورا عن المسار الذي يجب أن يأخذه لخدمة شعبه ومصالح بلاده في خضم تلك الأحداث الدولية التي كانت تعصف ببلاده وليس للشعب الليبي فيها حرية الاختيار، ولذا رأى أنه ليس من مصلحة الحركة السنوسية الدخول مع الأتراك في حربهم ضد الإنجليز.. خاصة وأن الأتراك قد تنازلوا عن البلاد لإيطاليا، متناسية الشعب الليبي الذي كان في حمايتها.. وبعد رجوعه إلى برقة نصح السيد أحمد الشريف بعدم الدخول في الحرب مع الأتراك وأعلن رأيه بصراحة.
بالرغم من كل ذلك فقد قرر السيد أحمد الشريف مساندة الأتراك والألمان ضد الإنجليز على الحدود المصرية الغربية وبدأ في تنظيم شؤون الإدارة في برقة حتى يتفرغ هو للجهاد، فقسم القطر البرقاوي إلى مناطق وجعل إدريس على منطقة برقة ومركزه اجدابيا ولكن تحت إشرافه و عين في كفنا السيد محمد هلال و في الجبل الأخضر السيد محمد الرضا وأرسل السيد صفي الدين إلى منطقة طرابلس.
تحرك محمد إدريس من السلوم شرقا وحتى اجدابيا غربا في قوة قوامها سبعون مجاهدا( كان من بينهم جمعة بوشناك و والشارف الغرياني وإبراهيم الشلحي ومحمد أحمد أبوبكر وغيرهم ). كان يتنقل بين القبائل وكتائب الجهاد وشرع في إدارة دفة الحكم في برقة بكل حزم ومهارة.. كانت برقة تعاني من اختلال الأمن في تلك الفترة المضطربة وعانى الأهالي من أعمال الفساد والسطو والقتل. استصدر من علماء البلاد فتوى بإعدام بعض السودانيين الذين كانوا يعيثون في الأرض فساداً فقام بشنق سبعة رجال منهم. تم توطيد الأمن وتم تنظيم شؤون الإدارة وضرب بيد من حديد على أيدي المفسدين..غير أن المهمة كانت شاقة وعسيرة وخاصة بعد الفشل الذي أصاب المجاهدين بزعامة أحمد الشريف على أيدي الإنجليز في مصر بسبب تخلي الأتراك عنه وعدم إمداده بما وعدوه من عتاد وجند. انتشرت المجاعة وتفشت الأمراض و بالذات الطاعون في برقة وغزا الجراد المنطقة فأتى على الزرع سنة 1917م واحتبست الأمطار طيلة تلك السنوات وعم الجفاف وابتليت البلاد بالمجاعة.
اجتمع بعض أعيان أهل برقة وتدارسوا الموقف وتشاورا في تلك الحالة المخيفة التي حلت بالوطن وأهله، وأرسلوا وفودهم و كتبهم إلى السيد إدريس في اجدابيا بصفته صاحب الحق الشرعي في قيادة السنوسيين لإنقاذ الموقف وتدارك ما وقع فيه ابن عمه الوصي على الإمارة بمحاربته الإنجليز ومساندته للأتراك الذين خذلوه. قال عبد الرحمن عزام ملخصا تلك الحالة :
( كنا نترقب السواحل باستمرار مؤملين أن ترى الغواصات الألمانية إشاراتنا بالرايات في النهار أو نيراننا الني كنا نشعلها في الليل، وتركزت آمالنا في أن تمدنا الغواصات بشيء من السلاح والمال والمؤونة، وقد بقينا نحو أربعة أشهر وصلنا فيها إلى حالة مروعة من الفقر).
كان السيد محمد إدريس مؤدبا مع ابن عمه السيد أحمد الشريف، فكتب إليه شارحا له ما يجري في برقة و لم يطلب منه التنازل عن القيادة. فرد عليه السيد أحمد أواخر سنة 1916م بأن يقوم بما يراه مناسباً وجاء في الرسالة: ( ....اعمل ما تراه مناسباً والحاضر يرى ما لا يراه الغائب وأنا موافق على مطالب أهل الوطن حيث أن لهم الحق في ذلك... )
كان لظهور السيد محمد إدريس السنوسي على المسرح السياسي الليبي في تلك الفترة الحرجة مهما للغاية، لما تمتع به من صفات أهلته لزعامة البلاد، وآلت الأمور إلى أن بايعه أهل برقة بالإمارة لم أهل طرابلس فيما بعد، بعد فشل الجمهورية الطرابلسية كما ذكرنا سابقاً. كان من رأيه الدخول في مفاوضات مع الانجليز والوصول على الأقل على اتفاق مؤقت من أجل فتح الطرق مع مصر، حتى يتمكن من القضاء على خطر المجاعة . و أيده زعماء برقة في التفاوض مع إيطاليا وبريطانيا ( وكانتا حليفتين آنذاك) ما دامت تلك المفاوضات ستساعدهم في القضاء على شبح المجاعة الذي هدد البلاد. وكان للقاءاته في مصر مع البريطانيين الأثر في موافقتهم على المفاوضات ، غير أنهم اشترطوا وجود الإيطاليين طرفاً فيها، ولم يجد محمد إدريس مفراً من قبول ذلك الشرط بسبب موقفه الصعب بعد هزيمة جيش السيد أحمد الشريف في مصر، التي جردت السنوسيين من عنصر القوة العسكرية.. واضطر للتفاوض معهم من موقف ضعف عسكري، بينما كان رصيده الوحيد ولاء أهل برقة وقبائلها له، وحرص الانجليز على كسبه لصفهم وإضعاف السنوسيين الموالين للأتراك.. كما ساعدت ثورة الأتراك ضد السنوسيين في دعم موقفه.
سنتكلم في المقالة القادمة إن شاء الله عن ثورة الأتراك ضد السنوسيين وعن سير المفاوضات بين السيد محمد إدريس والإنجليز والإيطاليين.ونحلل الموقف لنجد التبرير الديني والعلمي لضرورة إجراء تلك المفاوضات بناءً على ما ذكرناه اليوم.
يتساءل الكثيرون من المهتمين بالسياسة والتاريخ عن سر تقرب السيد إدريس السنوسي من الإنجليز.. وهنا وقبل أن أتحدث في أي شيء آخر سأتطرق إلى هذه الموضوع الهام والذي بنيت عليه نظريات خاطئة وأحكام مسبقة لمجرد أن البعض زوروا الحقائق وتلاعبوا بالتاريخ تحقيقا لأغراضهم في دفع الناس إلى القبول بهم على أنهم المخلصون الوحيدون لليبيا من أزماتها والفوز برضاهم لتحقيق أغراض نعرف سرها الآن.. ذكرنا آنفا بأن محمد إدريس السنوسي استلم الزعامة في فترة حرجة خسر فيها الجيش السنوسي بقيادة السيد أحمد الشريف أمام الإنجليز وهو يقاتل بجانب الأتراك الذين خذلوه، و في وقت الجفاف الشديد الذي اشتدت فيه المجاعة التي كانت تفتك بالبشر والحيوانات على حد سواء، وأن الناس في برقة كانوا في حالة فقر شديد مع انتشار الأمراض والأوبئة و خاصة الطاعون. بدأت ثورة الأتراك ضد السنوسية سنة 1916 تمكن فيها الأتراك من الانتصار عليها في فزان في شهر سبتمبر 1917م و طرد منها السيد محمد عابد السنوسي الذي لجأ إلى الكفرة تاركا واحة واو.. و أصبحت فزان تحت سيطرة الأتراك حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.
انتهز الأتراك فرصة انشغال إدريس السنوسي بالمفاوضات في عكرمة .. سنأتي على ذكرها بالتفصيل لاحقاً.. وبدؤوا في تأليب المجاهدين ضد السنوسيين في اجدابيا. حينها قطع إدريس المفاوضات وجاء مسرعاً بقوات كبيرة تحت قيادة كل من عمر المختار وقجة عبد الله وعسكر بقواته خارج المدينة ضاربا حصارا حول معسكر الأتراك.. ثم تم تخييرهم بين أمرين.. إما التسليم أو مغادرة اجدابيا إلى طرابلس فقبلوا بالأمر الثاني. غادر الكثير منهم برقة إلى الأراضي الطرابلسية واعتقل البعض منهم وأرسل البعض الآخر إلى الكفرة .. عاد إدريس بعد ذلك إلى عكرمة لاستكمال المفاوضات. غير أن الأتراك لم يتوقفوا عن محاولة الإطاحة بالسنوسية والتضييق على محمد إدريس ، ولذ أرسل نوري باشا بعثته الأولى إلى الكفرة لضرب نفوذه هناك، غير أن البعثة العسكرية فشلت ووقع أعضاؤها أسري بيد السيد صفي الدين السنوسي وأودعهم السجن.. أما في فزان فقد نجح أنور باشا في تأليب الناس ضد السنوسيين كما ذكرنا.
قام الأتراك بمهاجمة الجفرة التي كان بها عبد الجليل سيف النصر.. كان قائدة الحملة الضابط التركي برتو توفيق وعبد النبي بالخير وتكونت الحملة من في معظمها من مسلحي مصراته و زليطن برئاسةشرف الدين العمامي الزليطني و الحاج محمد الروياتي المصراتي.. كانت تركيا تأمل من نتائج تلك الحملة كسر شوكة السنوسيين و تأمين المواصلات بين طرابلس و فزان . وصلت الحملة إلى الجفرة وتمكنت من طرد الأهالي من أولاد سليمان وقذاذفة وبعض المغاربة. وبعد أن جمع السنوسيون صفوفهم مؤدين من أنصارهم في النوفلية شنوا هجوما مضاداً على الأتراك وأعوانهم في منتصف شهر نوفمبر سنة 1917م وانتصروا عليهم نصراً كبيراً وتم طرد القوات التركية الطرابلسية وأسر القائمقام التركي برتو توفيق وأعدم شنقاً.
ومن هنا نرى أن مواقف الأتراك من السنوسيين شجعت محمد إدريس على المفاوضات مع الإنجليز، ليس فقط لتدارك المجاعة الشديدة وحماية الناس من الفقر و القضاء على الأمراض و الأوبئة التي كانت متفشية في البلاد فحسب، ولكن أيضاً للقضاء على الأتراك الذين سعوا إلى القضاء على نفوذ السنوسيين وإقصائهم من ليبيا وتمكين القيادات الطرابلسية الموالية لهم.
لقد فقد محمد إدريس الثقة في الأتراك الذين سلموا البلاد لإيطاليا بعد معاهدة أوشي في شهر أكتوبر سنة 1912م و أرسل إلى ابن عمه أحمد الشريف رسالة في 26 ربيع أول سنة 1335 هجرية الموافق 2 يناير سنة 1917م تساءل فيها عن ثمرة وعود الأتراك المتكررة .. والذين قاموا بتعيين الباروني ممثلا لجلالة السلطان العثماني في طرابلس و قاموا بتسليحه وتزويده بما يلزم للجهاد ضد الإيطاليين، بينما أحمد الشريف لم يتلق منهم إلا الوعود الكاذبة والغدر مع أن أنور أخبره بأن السلطان سيعينه ممثلا عنه في أفريقيا.
من أسباب التقارب بين إدريس و الإنجليز قناعته بأن نهوضه ببرقه لا يتأتى إلا بالدعم الخارجي.. دعم مادي و معنوي.. كما أنه لا شك رأي ببعد نظره السياسي أن الحلفاء سينتصرون في الحرب العالمية الأولى في نهاية الأمر. كانت بريطانيا العظمى صاحبة التفوق العسكري في المنطقة في ذلك الوقت وتحتل مصر التي تعتمد عليها برقة في التجارة .. كان يسعى إلى التقليل من الخسائر والمحافظة على الكيان السنوسي الذي عملت القيادة التركية على تحطيمه.. ولذا نجده قد اتخذ قراراً بالانسحاب من الحرب ضد إيطاليا وبريطانيا .. ووافقه زعماء القبائل التابعين للحركة السنوسية على قراره ذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 4:04 pm


قال الأمام الشافعي رحمه الله :
( إذا ضعف المسلمون عن قتال المشركين أو طائفة منهم لبعد دارهم أو كثرة عددهم أو خلة بالمسلمين أو بمن يليهم منهم ، جاز لهم الكف عنهم ومهادنتهم من غير شيء يأخذونه من المشركين ).. ثم يقول ( فأحب الإمام إذا نزلت بالمسلمين نازلة- وأرجو أن لا ينزلها الله عز وجل بهم ، إن شاء الله تعالى- مهادنة يكون النظر لهم فيها، ولا يهادن إلا لمدة ولا يجاور بالمدة مدة أهل الحديبية، كانت النازلة ما كانت، فإن كانت بالمسلمين قوة قاتلوا المشركين بعد انقضاء المدة. فإن لم يقو الإمام فلا بأس أن يجدد مدة مثلها أو دونها ).
كما قال في كتابه( المهذب ): ( لا يجوز عقد الهدنة لإقليم أو صقع عظيم إلا للإمام أو لمن فوض إليه الإمام ). ونعرف أن الرسول صل الله عليه وسلم هادن قريش عشر سنوات.
يفهم مما سبق أن المحور الأساسي الذي يجب أن تدور حوله عقد المعاهدات مع العدو هي مصلحة الإسلام و المسلمين .. وأن هذه المصلحة يرجع تقديرها إلى خليفة المسلمين أو من يتم تفويضه من قبل الناس.
في هذا العصر تتكالب الدول الاستعمارية على بلاد العرب والمسلمين وتبحث عن الذرائع أمام العالم أو تهيئ الأسباب للانقضاض عليها ونهب ثرواتها وإذلال المسلمين. ولذا وبسبب ضعفنا يجب علينا أن نتجنب كل ما يجعل تلك الدول الطامعة تكشر عن أنيابها وهي في موقف القوة الني تؤهلهم للفتك بنا.
ما قام به محمد إدريس السنوسي هو ما ينصح به الإسلام، كان عليه أن يعقد المعاهدات والتفاوض من أجل مصلحة البلاد ودرء الخطر و محاربة العدو.. في مثل هذه الأحوال تضطر الشعوب إلى عقد المعاهدات.. وعندما نعقدها يجب أن تكون مشروعة و بحيث يكون نفعها أكبر من ضررها بالنسبة للإسلام والمسلمين والبلاد.. من أجل قطع الطريق على مخاطر أكبر و أجل. في نفس الوقت يجب علينا أن نسعى إلى القضاء على الفقر والجهل والتخلف و الفرقة التي مزقت البلاد، والعمل على اللحاق بركب حضارة تلك الدول والاستفادة من فترات الهدنة إلى أقصر الحدود.
يجب علينا أن نكون منصفين عند الحكم على ما اضطر إليه محمد إدريس السنوسي من مهادنة و مفاوضات مع الانجليز .. و وحلفائهم الطليان، العدو المغتصب للوطن، أو ما قام به زعماء طرابلس بعد إعلان الجمهورية الطرابلسية مع إيطاليا..
دراسة الموضوع من هذا المنطلق ستساعد الأجيال القادمة .. وهذا الجيل أيضا.. على فهم كثير من الأمور المتعلقة بالعلاقات الدولية في الإسلام.. تتعلم كيف توظف قدراتها على فهم المعادلة الدولية التي يجب مراعاتها إثناء السعي لتحكيم الإسلام في دنيا الناس وواقع الحياة.
المفاوضات بين إدريس السنوسي مع الإنجليز والطليان ما نتج عنها من معاهدات واتفاقات.:
اتفاقية عكرمة بطبرق:
رأي البريطانيون في مصر بأن محمد إدريس السنوسي كان أكثر أهمية لهم من أحمد الشريف و بعثوا بوفد إدريسي إلى برقة قبيل بدء الحرب الليبية الإنجليزية على الحدود مع مصر الذي أعطى وصفاً لإدريس كما يلي:
(هو أكثر اعتدالا وأشد حزما وأنه من أشد المعارضين لغزو حدود مصر الغربية والاشتباك في حرب مع الإنجليز لما تنطوي عليه من أخطار، وأنه غادر المسيعيد إلى جهة الجبل الأخضر احتجاجا على سياسة أحمد الشريف المائلة إلى الترك والألمان والتساهل معهم....)
أذن الحكام في مصر للوفد بأن يتصل بإدريس للتوصل إلى اتفاق معه. كما ساعدت العلاقات التي كانت قائمة آنذاك بين البيت الإدريسي في مصر( من أبناء وأحفاد أحمد بن إدريس الذي كان معلما للسيد السنوسي الكبير في مكة المكرمة) وبين الأسرة السنوسية، في التهيئة لتلك المفاوضات. أشترط الإنجليز على محمد إدريس أن يقبل التفاوض مع حليفتهم إيطاليا لبدء المفاوضات ووصل وفدهم ( الأنجليزي/ الإيطالي ) إلى الزويتينة في أواخر سنة 1916م. ورافق الإنجليز من المصريين السادةأحمد محمد حسن أفندي و محمد الشريف الإدريسي و محمد المرغني إضافة إلى الكولونيل تالبوتالخبير في شؤون شمال أفريقيا والضابط هسلم. كان الوفد الإيطالي مكون من الكولونيل بيلا و الكومانداتور بياجينتيني يرافقهم مترجم. ووصل السيد إدريس في وفد يرافقه السيد علي باشا العابدية.
استمرت المفاوضات طيلة شهري أغسطس وسبتمبر وكان هناك تفاهما واضحا بين الليبيين والإنجليز، غير أنه كان معدوما مع الإيطاليين. قدم الإيطاليون شروطا كان أولها أن يقوم الليبيون بتسليم الأسرى الإيطاليين لدى الجيش السنوسي.. وماطل السيد إدريس في هذه النقطة وصرح لأنه لا يستطيع البث في أمرها إلا بعد الرجوع إلى السيد أحمد الشريف الذي أسرهم.؟ وكانت الشروط الأخرى كالآتي:
1 – أن يعترف إدريس بالسيادة الإيطالية على كل من برقة من منطقة بنغازي إلى الكفرة.
2 – أن يسلم المجاهدون أسلحتهم فلا يبقي لديهم سوى ما يكفي للمحافظة على أنفسهم.
3 – إحلال السلام في وقف العمليات الحربية بين الجانبين.
4 – اعتراف إيطاليا بالسنوسية زعامة وطريقة.
5 – منح الكفرة – مقر السنوسيين – استقلالا إدارياً.
6 – تتعهد إيطاليا بقيام المحاكم الإسلامية الشرعية.
7 – تتعهد إيطاليا بالعمل على تحسين الأحوال الصحية في البلاد وإنشاء المستشفيات والمدارس.
كان شرط الإيطاليين الخاص باعتراف السنوسيين بالسيادة الإيطالية في برقة يهدد بفشل المفاوضات بصفة عامة ، ولذا فقد تأجل النظر في هذه الموضوع من الجانب السنوسي، غبر أن الإيطاليين تمسكوا بهذه النقطة بشدة. كان بند الاعتراف بسلطتهم شرطا بالنسبة للإيطاليين. و قدم الوفد الليبي شروطه كالآتي:
1 – وجوب اعتراف إيطاليا باستقلال السنوسيين.
2 – الاعتراف بشخص إدريس السنوسي أميراً على برقة.
3 – وضع حدوداً بين الأراضي الخاضعة لكل من الطرفين ( السنوسي والإيطالي).. فكل طرف يحتفظ بما تحت يديه من أرض، تحدد بخرائط واضحة مع عدم التعدي على أراضي الطرف الآخر.
4 – الإسراع بفتح الطرق التجارية وضمان سلامتها.
كان الاتفاق مع إيطاليا يمثل ضرورة ملحة بالنسبة للسيد إدريس والوفد الموافق له مع أنه كان في صالح إيطاليا بدرجة أكبر. و يقال في المثل الليبي في هذا الخصوص ( الشر فيه ما تختار ). أي أن الإنسان قد يكون مضطرا في وقت من الأوقات للاختيار مابين أمرين .. كلاهما شر.. فعليه أن يختار أخف الشرور.
انتهت المفاوضات بالاتفاق على الأسس التالية:
1 - تنتهي حالة الحرب بين السنوسيين و الإيطاليين وينادى بالسلام.
2 – يعترف الإيطاليون باستقلال السنوسيين داخل برقة.
3 – يبقى الايطاليون في الساحل ويحتفظون بما في حوزتهم من الأراضي الساحلية.
4 – تحدد مناطق النفوذ بين أراضي الطرفين.
5 – تفتح الطرق التجارية وتعود البلاد إلى حالة السلم ويكون الدخول والخروج بتصاريح.
6 – يعترف الإيطاليون بإدريس زعيماً للطريقة السنوسية في برقة.
كما تم اعتماد الحدود بين الأراضي على خرائط في نهابة الاجتماعات واحتفظ كل طرف بنسخة منها. ومع كل ذلك لم ترض الحكومة الإيطالية بنتيجة المفاوضات ونقضتها على أساس أن مفاوضيها لم تكن لديهم صلاحيات التوقيع عليها. أصدر بعدها والي برقة الإيطالي ( جيوفاني أميلدا ) أمرا بقطع المفاوضات.
بالنسبة للوفد الإنجليزي لم تكن هناك أية صعوبة في الوصول إلى اتفاق مع الليبيين.. إلا أن المشكلة كانت في إصرار الكولونيل تالبوت على اتفاق الليبيين مع الإيطاليين قبل أن يوقع هو على أي شيء. و يذكر أن الإنجليز طلبوا من إدريس السنوسي القبض على المصريين الذين تطوعوا للحرب ضدهم وتسليمهم لهم.. الأمر الذي رفضه السيد إدريس. غير أنه كانت هناك عوامل دعمت موقفه في المفاوضات كان من أهمها:
1 – لم بكن هناك منافساً قوياً له في برقة، فالجميع كانوا يؤيدونه، خاصة بعد فشل حملة أحمد الشريف ضد الإنجليز في مصر، وفي مقدمتهم قادة المجاهدين وضباطهم وشيوخ القبائل ورؤساء الزوايا الدينية مثل عمر المختار وإبراهيم المصراتي وخالد الحمري والشارف الغرياني ومنصور الكيخيا،وغيرهم الكثيرون.
2 – انشغال الجميع بالحرب العالمية الأولى التي كانت مستعرة جعل الأطراف المتحاربة غبر راغبين في فتح جبهات أخرى هم في غنى عنها.
3 – كان هناك ضباط أتراك وألمان ممن يدعمون موقف إدريس السنوسي مما جعل الإيطاليين يسعون إلى الوصول إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن.
4 – كانت بريطانيا في ذلك الوقت تشجع العرب الثائرين ضد الحكم العثماني وتساعدهم على نيلهم استقلالهم و تكوين دول وإمارات مستقلة ، فشجعت سياستها محمد إدريس على المطالبة بتكوين إمارة مستقلة في برقة لا تخضع للإيطاليين على غرار ما حدث في الحجاز ( ثورة الشريف حسين ) وفي عسير ( إمارة الأدارسة ).
في أوائل سنة 1917م لعب محمد الشريف الإدريسي وابنه المرغني دوراً هاماً في إنجاح اتصالات أدت إلى موافقة الأطراف المعنية على استئناف المفاوضات. تضمن الوفد الإنجليزي الكولونيل تالبوت والضابط ابن السفير البريطاني في روما وأحمد محمد حسنين.. وجاء في الوفد الإيطالي الكولونيل أرتوري برينتو والكولونيل دي فيا ومترجم.
بدأت المفاوضات مع بداية العام الجديد في عكرمة بالقرب من طبرق حيث كان يقيم الوفدان البريطاني والإيطالي، واتسمت بالحذر و الحيطة من الجميع وبذلت مساعي كبيرة لإنجاحها. وكان هدفهم الوصول إلى قرارات ترضي جميع الأطراف. تقدم الوفد الإيطالي بالمذكرة رقم
( 1 ) التي جاء فيها:
1 – حل المعسكرات السنوسية وتسريح حامياتها.
2 – يتم نزع السلاح من رجال القبائل بصورة تدريجية في فترة زمنية قدرت بسنة واحدة.
3 – للحكومة الإيطالية تعيين شيوخ الزوايا الدينية التي تقع في مناطقها وذلك بمشورة إدريس.
لم يوافق الوفد السنوسي على كل ما جاء في المذكرة الإيطالية وتقدم بالمذكرة رقم ( 2 ) :
1 – يقوم الإيطاليون بتنفيذ جميع طلبات الوفد السنوسي التي قدمها أثناء مفاوضات الزويتينة العام الماضي 1916م .
2 – يرجأ البحث في نقاط المذكرة الإيطالية رقم ( 2 ) إلى مباحثات تتم في المستقبل.
وتقدم الإيطاليون بمذكرة رقم ( 3 ) تحمل مقترحات جديدة وتنازل فيها عن بعض شروطه وتساهل في قبول بعض شروط إدريس الذي تقدم بعدها بالمذكرة رقم ( 4 ).
استمرت المفاوضات من شهر يناير حتى منتصف شهر أبريل. وكان للضغوط التي مارسها الطرف البريطاني على الطرفين أثر كبير في التوصل إلى اتفاق يرتضيه الجميع. وكانت بنود الاتفاق كالآتي:
1 – إيقاف العمليات الحربية بين الطرفين ابتداءً من تاريخ هذه المعاهدة.
2 – يقف الإيطاليون عند النقاط التي كانوا يحتلونها في شهر أبريل 1917 و يتعهدون بأن لا يعملوا على إقامة وتجديد مراكز عسكرية مستقبلاً، على أن يكون هذا الشرط مقيدا للسنوسيين أيضاً.
3 – لا يحق لأي من الطرفين نهب أو اغتصاب أو أخذ ممتلكات الطرف الآخر.
4 – يعتبر كلا من الطرفين مسؤولا عن الأمن والسلام في المنطقة التي تخضع لنفوذه.
5 – يسمح لكافة التجار والعاملين بالتجارة الارتحال والمتاجرة مع الدواخل في ( طبرق و درنة وبنغازي) على أن تشمل حربة التجارة بقية الموانئ مستقبلا.
6 – بقاء جميع الزوايا السنوسية التي سيطر عليها الإيطاليون سابقاً تحت النفوذ السنوسي.
7 – تعفى جميع الزوايا السنوسية و ممتلكاتها من الرسوم و الضرائب.
8 – تدفع الحكومة الإيطالية مرتبات لمشايخ الزوايا الواقعة ضمن مناطق نفوذها على أن يقوم هؤلاء بدور الوسيط للسلطات الإيطالية وأهل البلاد حين الحاجة.
9 – يطبق على السكان الليبيين القاطنين في مناطق النفوذ الإيطالي قانون الأحوال الشخصية الإيطالي.
10 – تدريس القرآن الكريم وأصول الدين في المدارس والمساجد الليبية الواقعة ضمن مناطق النفوذ السنوسي.
11 – تعفى البضائع المستوردة للسنوسيين و طلابهم من الجمارك عدا تجارة السلاح.
12 – تقدم إيطاليا المعونة المالية و تسمح بتوصيل الأدوار بأقرب المراكز الإيطالية بالهاتف لتسهيل الاتصال و تبادل الرأي.
13 – يقوم محمد إدريس بإبعاد كل من يكدر العلاقات بينه وبين الإيطاليين.
14 – يؤجل النظر في مرتبات العائلة السنوسية.
15 – يلزم الاتفاق استعجالاً ويتفق الجميع على الإصلاح وإطفاء الفتن.
كما تم الاتفاق على تبادل الأسرى وإعادة فتح الأسواق.
ونص الاتفاق السنوسي الإنجليزي على الآتي:
1 – فتح طرق التجارة عند السلوم واتخاذ ميناء السلوم مركزا للتبادل التجاري، على أن يكون طريق الإسكندرية – السلوم الطريق الوحيد الذي تمر منه السلع إلى برقة.
2 – تسليم الضباط الأتراك وغيرهم من أعداء بريطانيا إذا وقعوا في قبضة إدريس مستقبلاً إلى الإنجليز.
3 – خروج جميع المسلحين التابعين للسنوسية وأعوانها من كل الأراضي المصرية.
4 – عدم قيام أي تجمعات عسكرية أو مدنية مسلحة قرب الحدود المصرية الليبية.
5 – صيانة أموال السنوسية في مصر.
6 – تسمح السلطات البريطانية في مصر بجمع المعونات المادية من أنصار الطريقة السنوسية ومؤيديها.
7 – تخضع واحة الجغبوب إلى إدارة وإشراف السنوسيين.
8 – يكف السنوسيون عن إنشاء زوايا دينية لهم داخل الأراضي المصرية.
9 – إبعاد المفسدين والعابثين بالأمن ومحدثي الشغب والقلاقل من مناطق الحدود بين البلدين.
10- إطلاق سراح المعتقلين في مصر من أتباع السيد أحمد الشريف.
11 – تسليم جميع الرعايا البريطانيين والمصريين التابعين لدول الحلفاء إلى الحكومة البريطانية في مصر.
في نهاية المباحثات طلب رئيس الوفد البريطاني من إدريس السنوسي عدم السماح ببقاء مسلحين في واحة الجغبوب.. ورد عليه السيد إدريس بطريقة دبلوماسية في خطاب قائلا:
( ... إن الجغبوب واقعة في مكان سحيق في الصحراء وهي موصلة لعدة طرق مع مصر ومع الجهات الغربية، والآن بما أن مهمتي حفظ النظام ومنع الدسائس في مصر و قطع دابر السرقات والتهريب، فلابد أن يكون لدي لهذا الغرض قوة يخشى الناس بأسها) . كما قال بأن وجود رجال مسلحين تابعين له مهم لحفظ الأمن في الصحراء.
يري كثير من المؤرخين بأن معاهدة عكرمة في طبرق كانت خير وسيلة لتحقيق السلم و الحفاظ على مصالح الليبيين المجاهدين في برقة.. كما أنها أتاحت الفرصة لإدريس السنوسي لتنظيم القبائل تنظيماً من شأنه أن يجمع كلمتهم ويقضي على بذور الفتنة .. وساعد ذلك على تقوية نفوذ إدريس حتى لقبه الأهالي ( بالمنقذ ).
كان من أهداف الطليان من المعاهدة تمكينهم من الاتصال مباشرة مع السكان والعمل على بسط نفوذهم داخل البلاد عن طريق هذا الاتصال المباشر. وقد أدرك السيد إدريس ذلك حق الإدراك وكان يعمل من جانبه على إفشال مخططهم. ولذا فقد تركزت جهوده في النقطتين الهامتين التاليتين:
أولا : إقامة حكومة وطنية رشيدة تحفظ مصالح البلاد وتتولى زعامة القبائل في برقة وتطالب بكل حقوقهم.
ثانيا : مقاومة نفوذ الطليان منع اتصالهم بالعرب بكل الوسائل في داخل البلاد.
واستطاع محمد إدريس أن يكون حكومة وطنية فعلية عاصمتها اجدابيا عام 1917م
سنتكلم في المقالة القادمة عن حكومة برقة واتفاقية الرجمة بإذن الله.
بعد التوقيع على اتفاقية عكرمة شكل السيد محمد إدريس الحكومة الوطنية واتخذ مدينة اجدابيا مفراً لقيادته للأسباب التالية:
1 – موقعها استراتيجي هام يبعد عن البحر بمسافة معقولة و يتصل بالخارج عن طريق مينائي الزويتينة و مرسى بريقة.
2 – تقع اجدابيا في مفترق طرق تجارية تربط الساحل بالواحات الجنوبية مثل جالو و أوجلة و جخرة التي تقع على طريق القوافل إلى الكفرة والسودان مما يعطيها بعداً استراتيجياً هاماُ
3 – من أهم المناطق التجارية التي تربط طرابلس ببرقة والواحات الجنوبية والمدن الساحلية وبين برقة وتشاد والسودان.
4 – تسكنها معظم القبائل المؤيدة للحركة للسنوسية.
5 – أهمية عسكرية لقربها النسبي من طرابلس.
6 – كان أحمد الشريف قد جعلها المركز الرئيسي لمحمد إدريس لإدارة برقة البيضاء في الترتيبات القديمة عندما كلن مشغولا في حملته على الإنجليز في مصر.
تم تنظيم دواوين الحكومة السنوسية وتقسيم الإدارات وتنظيم الجيش .. وشكل نفوذ الحكومة المناطق من الحدود الليبية المصرية شرقاً وحتى قصر سرت غرباً فيما عدا المناطق الخاضعة لإيطاليا بالساحل.
لقد اضطر السيد محمد إدريس إلى قبول ما وصل إليه باتفاق عكرمة نظراً للظروف القاهرة التي كانت سائدة آنذاك.. لم يكن الاتفاق يشكل استسلاما أو حتى قبولا بالواقع، وإنما كان لاجتياز تلك المرحلة الصعبة التي ذكرناها، إنقاذ البلاد وتوحيد الصفوف والتقاط الأنفاس، وأثبت عن طريقها حرص الحركة السنوسية على مصلحة وحماية البلاد. لقد كان أهل برقة في حاجة للتهدئة الانتعاش. ثم تبع اتفاق عكرمة اتفاق الرجمة (25 أكتوبر سنة 1920م ) الذي اعترفت فيه إيطاليا بإمارة برقة و بمحمد إدريس أميرا عليها. لم توافق إيطاليا على ذلك إلا ظناً منها بأنها ستنجح في تقسيم ليبيا ، غير أن زعماء ليبيا في غرب ليبيا وطرابلس أفشلوا خططها بعقدهم مؤتمر غريان سنة 1921م و الذي سبق أن تحدثنا عنه بالتفصيل وأقرا ( في سبتمبر سنة 1922 ) مبايعة السيد محمد إدريس أميرا على كل البلاد الليبية. وكما أوضحنا سابقاً فقد تأثرت ليبيا بالحرب العالمية الأولى وانقسمت إلى معسكرين.. زعماء المنطقة الغربية .. سليمان الباروني و رمضان السويحلي وغيرهم.. و زعيم الحركة السنوسية في الشرق، أحمد الشريف ساندوا تركيا وألمانيا.. أما محمد إدريس مهادن الإنجليز.. بعد هزيمة تركبا وألمانيا ظهرت فكرة الجمهورية الطرابلسية التي بم بكتب لها النجاح. وانتهى المطاف إلى ما ذكرنا من مؤتمر غريان وما تبعه مكن أحداث.
عمل السيد إدريس على تسوية الخلافات بين القبائل و كون نواة لجيش نظامي وتمكن بإتباع سياسة حازمة من القضاء على العناصر المجرمة التي كانت تعبث في البلاد فسادا من سبي ونهب وقتل.. من قبل عصابات أطلقت على نفسها اسم ( حكومة الصلب ).
كلف السيد صفي الدين بمسؤولية فض النزاعات بين القبائل وتم تكليف وكيله الشارف الغرياني باستلام الأسلحة والذخائر من الطليان لإنشاء مراكز أمنية على مناطق الحدود وتأمين سلامتها. كما قام بتقسيم برقة إلى منطقتين غربية وشرقية تقسيما إداريا. وشكل مجلسين:
1 – المجلس الخاص: ويضم كبار العلماء والإخوان ويملك السلطة التشريعية والتنفيذية معاً
2 – مجلس الأعيان: يتكون من شيوخ وأعيان القبائل.
كما أنشئت العديد من المعسكرات في مناطق العقيلة و البريقة وأسندت مهمة الإشراف عليها في بادئ الأمر إلى الشارف الغرياني ثم إلى حسين الجويفي..و كان توزيع تلك المعسكرات كالآتي:
- معسكرات التدريب الاحتياطي بمنطقتي العقيلة و البريقة ويقال لها ( خط النار ).
- معسكر المعية باجدابيا ( الحرس الخاص ).
- معسكر يضم قدماء المحاربين مقره اجدابيا.
- معسكرات الزويتينة و الأبيار وجردي العبيد و مراوة وعكرمة و الخولان.
- معسكر خاص أطلق عليه اسم ( معسكر الطلبة) مرتبط بالقيادة مؤلف من الجنود الذين يحسنون القراءة والكتابة.
كما أنشئت مراكز يتواجد بكل مركز منها قائمقام ( مأمور أو وكيل ) وقاض ونائب قاض للنظر فيما يتعلق بالأحكام الشرعية ومجلس من المشايخ برجع إليه حاكم المركز.. ومركز للشرطة لحفظ الأمن والنظام.
كما شرعت الحكومة في بناء المدارس والاهتمام بالتعليم تحت إشراف مجموعة من العلماء في مسجد اجدابيا الكبير ومعهد الجغبوب، و ازدهرت التجارة و استتب الأمن في جميع أنحاء برقة بعد أن كادت المجاعة أن تقضي عليهم. كما عين السيد عمر باشا منصور الكيخيا ممثلا محمد إدريس في بنغازي لتوثيق الصلات مع الوالي الإيطالي هناك بما يخدم مصلحة الوطن.. وكان السيد الكيخيا نائيا عن برقة في المجالس العثمانية في استانبول قبل الاحتلال الإيطالي لليبيا وذو خبرة سياسية ودبلوماسية عاليتين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 4:05 pm


اتفاقية الرجمة:
حاولت إيطاليا بسط نفوذها في برقة على كل الأراضي البرقاوية ولم تكن راضية تماماً عن اتفاقية عكرمة وحاولت التقرب من الأهالي وأصدرت ما يسمى ( بدستور برقة) الذي نص على أن يعين ملك إيطاليا واليا يشرف على شؤون برقة المدنية والعسكرية وعلى تكوين مجلس نواب محلي عن الحضر والبدو وغيرها من الإجراءات الني كانت يتمكن لهم من السيطرة الكاملة. رفض مشايخ القبائل تلك البادرة وعقد اجتماع في اجدابيا ضم حوالي المائة شيخ وتقرر ( أنهم لا يقبلون بالإيطاليين إلا في مدن الساحل على أن يقتصر عملهم هناك على التجارة...). وكان من الضروري عقد مفاوضات جديدة تمت في الرجمة لوضع الأمور في نصابها.. و تم تقسيم المنطقة إلى شمال : وفيه السواحل والجبل الأخضر ويخضع للسيادة الإيطالية.. والجنوب: ويشمل الجغبوب و الواحات والكفرة ويكون إدارة مستقلة هي الإمارة السنوسية ويلقب السيد محمد إدريس بأمير برقة ويكون اللقب وراثيا. كما أن له الحق بالتجول في جميع أنحاء برقة والتدخل في المناطق الإيطالية متى شعر بالحاجة إلى ذلك. كما أعلنت إيطاليا بأنها لا تنوي نزع ملكية أراضي الأفراد أو الزوايا في المناطق الخاضعة لها؟ وتعهد أمير برقة بحل الأدوار وتسريح الوحدات العسكرية في مدة أقصاها ثمانية أشهر على أن يحتفظ بألف جندي فقط لحفظ النظام والإدارة، كما رضيت إيطاليا بتقديم مساعدات مالية للإمارة لتنظيم شؤونها الإدارية.
تم انتخاب مجلس نيابي عام 1921 واختير السيد صفي الدين رئيساً له.. وكان ذلك المجلس الأول من نوعه في البلاد العربية واستمر حتى مارس 1923 وعقد خمس جلسات..
عند توقيع الاتفاقية في 25 أكتوبر سنة 1920م كانت تتكون من مقدمة و عشرين مادة. ويلاحظ أنه بعد مرور المدة المتفق عليها لحل الأدوار العسكرية لم يقم الأمير إدريس بحلها .. بل قام بتعميرها وتقويتها بأفراد من المقاومة السنوسية. وكانت تلك الأدوار منتشرة على أراضي إمارة برقة. كان كل دور عبارة عن وحدة إدارية و عسكرية وقضائية متكاملة . في 11 نوفمبر سنة 1921م توصل الطرفان في اتفاق ( بو مريم) إلى صيغة إنشاء أدوار مخالطة يكون فيها السنوسيون والإيطاليون بنسبة 4إلى 5.. وتكون القيادة فيها مشتركة. ولكن يلاحظ بأن ذلك لم يكن حلا دائما وإنما تمريرا للوقت إلى حين بدء القتال من جديد.
ذكرنا فيما سبق بأن مستشار الأمير محمد إدريس السيد عمر منصور الكيخيا حاول أن يحدث توافقاً بين سياسة الأمير مع الطليان وحرصه على وحدة الصف واجتماع الكلمة تحت زعامته، وانعقدت اجتماعات ومناقشات.. بعد البيعة.. واستمرت المحاولات نحو أربعين يوماً، ولم يهتد الباحثون إلى حل وتقرر مغادرة الأمير محمد إدريس اجدابيا إلى مصرفي الثاني من جمادي الأولى سنة 1341 هجرية الموافق 2 ديسمبر سنة 1922م.، كما ذكر بأن ذلك السفر كان إثر مرض ألم به ونصحه الأطباء بالسفر إلى مصر للعلاج. و كانت العلاقات بين السنوسيين والطليان قد تعكرت قبل ذلك بسبب حرص الطليان و تأكيدهم على نزع سلاح مجاهدي القبائل، كما تم اعتقال الشيخ المجاهد العوامي قبل سفره ظلماً وزوراً، وكانت هناك محاولة للقبض على السيد صفي الدين السنوسي باءت بالفشل .
يقول المؤرخون بأن الأمير إدريس اضطر لاتخاذ قرار الهجرة لعلمه بدقة الموقف وحساسيته في تلك المرحلة، وبسبب التطورات السياسية والعسكرية التي حدثت في المنطقة. كان قد حاول إقناع الآخرين باستحالة تحقيق نصر عسكري على الإيطاليين بسبب ضعف تسليح المجاهدين ضد الجيش الإيطالي المدجج بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة والطائرات.. مما يزيد في إراقة دماء الليبيين و تحطيم معنوياتهم بدون فائدة تذكر، كما كان يعول على الدبلوماسية والسياسة لحل أزمة البلاد، فكانت النتائج التي وصل إليها باتفاقية عكرمة و الرجمة وأبي مريم أقصى ما استطاع الوصول إليه في صالح البلاد. ثم حدثت تغيرات وانقلب الطليان، وخاصة بعد وصول الفاشيست إلى الحكم فنقضوا كل الاتفاقيات المبرمة مع الليبيين في برقة وقاموا بحل الأدوار واحتلال اجدابيا وقبضوا على بعض قادة الجهاد وكان في نيتهم القبض على ادريس نفسه. كانت أهميته بالنسبة لليبيين تكمن في حنكته السياسية وسعة نفوذه وقدرته على التفاوض السياسي ومعرفته بالقضايا الدولية. كان من الضروري مراقبة الوضع من الخارج وتحين الفرص مع البقاء على اتصال بالداخل وجمع التأييد و تقديم المساعدات من الخارج.
قبل سفره عهد بالأعمال السياسية والعسكرية في برقه إلى الشيخ عمر المختار و أنابه عنه في تنظيم الأدوار ومعسكرات المجاهدين، و اتفق معه على بعض المجاهدين المقتدرين لقيادة معسكرات المجاهدين في برقة والذين كان من بينهم السادة والشيوخ محمد الصديق الرضا وأخيه الحسن الرضا وقجة عبد الله السوداني و الفضيل بوعمر ويوسف بورحيل وحسين الجويفي وعبد الله بوسلوم،على أن تكون هذه المعسكرات كلها تحت قيادة عمر المختار. وأوكل المسائل الدينية والشؤون الخاصة بالعائلات السنوسية إلى أخيه السيد محمد الرضا. كما ناقش مع السيد بشير السعداوي أمر استمرار الجهاد في طرابلس و المناطق الغربية ضد الطليان، وكان قبل ذلك أن تقدم بشير السعداوي بمقترح تكوين هيئة مركزية في برقة من رؤساء القبائل تكون مهمتها إدارة الإمارة ووافق الأمير على الاقتراح وأسند رئاستها إلى الشيخ مختار الغدامسي، وكان قاضي شرعي ومن كبار علماء البلاد. اجتمعت الهيئة عدة مرات بعد مغادرة الأمير إدريس وحضر السيد بشير السعداوي تلك الجلسات، الني نوقشت فيها أمور تتعلق بالتنسيق للجهاد ضد الإيطاليين، واقترح بشير السعداوي تكوين جبهة موحدة من طرابلس وبرقة وتمت الموافقة على ذلك الاقتراح.
سافر السعداوي و معه صفي الدين السنوسي يوم 21 رجب سنة 1341 هجرية ، الموافق 9 مارس سنة 1932م إلى الغرب وبرفقتهم مجموعة من كبار المجاهدين من بينهم أحمد باشا سيف النصر وعمر سيف، وانظم إليهم السادة خالد بك القرقني وعثمان بك الجيزاني واتجهوا إلى سرت، وفي الطريق وصلهم نبأ استشهاد محمد سعدون السويحلي، وكان من خيرة قواد العمليات العسكرية الأخيرة. من سرت اتجهوا إلى وادي نفد الواقع بين مصراته و ورفلله حيث التحق بهم أحمد شتيويوكان متصرفا على مصراته ومن أخوة رمضان السويحلي، ومن هناك توجهوا إلى معسكر المجاهدين العام.
كانت مساعي السعداوي جبارة لحشد المجاهدين حول السيد صفي الدين وتحت زعامة السنوسية، وكان قائد المجاهدين الطرابلسيين في وادي نفد مدة ثمانية أشهر استمرت من شعبان سنة 1341 هجرية وحتى شهر جمادي الأولى من سنة 1342هجرية، الموافق من أبريل – ديسمبر 1923م . وبعد عدة أشهر بدأ زعماء المجاهدين في ترك المعسكر الذي لم يبقى فيه سوى أحمد السويحلي.. وكانت القوات الإيطالية تتقدم في منطقة طرابلس الواحدة تلو الأخرى واضطر صفي الدين أمام تقهقر المجاهدين وضعف المقاومة إلى السفر إلى جالو ثم بعث إلى الأمير إدريس في مصر يخبره بما حدث.
لم يتوقف بشير السعداوي عن العمل المتواصل لجمع كلمة المجاهدين ومواصلة الكفاح المرير، وعقد لهذه الغاية عدة اجتماعات في القرضابية و قصر بوهادي واستطاع تأسيس مركزا للجهاد في بوهادي وتسلم القيادة في سرت وبدأ في جمع شتات المنهزمين اللاجئين إلى سرت الذين بلغ عددهم قرابة خمسين ألف مجاهد، مما ساعد على الصمود في مصراته ضد جحافل الجيش الإيطالي المجهزة بأحدث العتاد الحربي والطائرات. واندحرت قوات المجاهدين ثم تم القضاء على المقاومة نهائيا بعد هجوم الطليان على ورفلله واحتلالها. واضطر بشير السعداوي إلى مغادرة سرت في عام 1924م
كان السيد بشير السعداوي من أكثر المجاهدين حماسة للقتال في تلك الفترة العصيبة من الجهاد ومن أعظمهم مثابرة على الجهاد. كان رجلا رزينا متميزا برجاحة العقل هادئ الطباع بعيد النظر وقادرا عل تحليل وقائع الأمور والاستنتاج.
جاء في أقوال الكثيرين بأن خروج السيد بشير السعداوي كان مؤذنا بنهاية الثورة ضد الطليان في طرابلس حيت استتب لهم الأمر.. وبقيت برقة وحدها لتتحمل عبء المقاومة ضد العدو الشرس.
يقول الأمير إدريس بأنه بعد بضعة أشهر من وصوله إلى مصر أبلغه الوزير الإيطالي المفوض في القاهرة بأن حكومة موسوليني قد ألغت كافة العقود المبرمة معه.. كان ذلك في مايو 1923م، كما أن الإيطاليين ألقوا القبض على عمر باشا العابدية ونقلوه إلى معتقلات في المنفي بإيطاليا.. ويقول أيضا بأنه بعد عدة أشهر طلبت إيطاليا من الإنجليز تسليمه إليهم وتعهدت بعدم التعرض له بضرر. غير أن الإنجليز رفضوا الطلب، و منذ ذلك الحين بدأ الجهاد مرة أخري في برقة بقيادة عمر المختار و بلا هوادة.
جهاد الليبيين في المهجر:
هاجر الليبيون إلى البلدان الأخرى هربا من الظلم والجور والفتك الإيطالي بهم.. ثم شرعوا في جمع شتاتهم استعدادا لما سيأتي، عاقدين العزم على مواصلة الكفاح حتى تحرير البلاد. لم تكن حياتهم في المهجر نعيما وضاقوا شتى أنواع الذل والهوان. وبالرغم من ذلك واصلوا الجهاد حتى ضاق بهم الطاليان ذرعا.
برز في مصر إدريس السنوسي الذي قال الجنرال غراسياني عنه: ( إذا أردنا أن نقضي مرة واحدة على العصيان يجب أن يغيب إدريس من عالم الوجود، فإذا مات هو مات معه التمرد و العصيان، يجب لتحقيق هذا أن نضغط على مصر حتى تسلمه لنا ، أو نقضي المهمة وراء ستار).
أما بشير السعداوي فقد ظهرت جهوده على الساحة في بلاد الشام، فأسس هو ومن معه من الوطنيين ( جمعية الدفاع الطرابلسي البرقاوي بالشام ) وانتخب السعداوي رئيسا لها. و كان من أعضائها السيد عمر فائق شنيب سكرتير الجمعية و أمين الصندوق فوزر النقاش وعبد الغني الباجقني وكامل عياد وعبد السلام أدهم البمباشي طارق ومحمد ناجي التركي ومصطفى بن نوح و أحمد راسم و أبوبكر قدورة و أبوبكر التركي وخليفة بن شعبان.
اضطلعت الجمعية بموضوع التوعية .. فنشرت الكثير في الصحف والمجلات عن الفظائع التي يرتكبها الطليان في ليبيا وعملت على كشفهم لدى الرأي العام العالمي. وفي سنة 1929 وضعت الجمعية الميثاق الوطني للشعب الطرابلسي البرقاوي الذي نصت مواده على ما يلي:
المادة الأولى: تأليف حكومة وطنية ذات سيادة قومية لطرابلس وبرقة يرأسها زعيم مسلم تختاره الأمة.
المادة الثانية: دعوة جمعية تأسيسية لسن دستور البلاد.
المادة الثالثة: انتخاب الأمة مجلسا نيابيا حائزا على الصلاحية التي يخوله إياها الدستور.
المادة الرابعة: اعتبار اللغة العربية الرسمية في دواوين الحكومة والتعليم.
المادة الخامسة: المحافظة على شعائر الدين الإسلامي وتقاليد القطر في جميع أرجائه.
المادة السادسة: العناية بالأوقاف وإدارتها من قبل لجنة إسلامية منتخبة.
المادة السابعة: العفو العام عن جميع المشتغلين بالسياسة داخل القطر وخارجه.
المادة الثامنة: تحسين العلاقات والمصالح بين الأمة الطرابلسية البرقاوية والدولة الإيطالية بمعاهدة خاصة يعقدها الطرفان ويصدقها المجلس النيابي.
تم فتح فرع للجمعية في تونس سنة 1930م برئاسة محمد عريقيب الزليطني، وكان الأمير إدريسيمدها بالمساعدات المالية والمعلومات الجديدة عن ليبيا وحققت نجاحات قيمة وتمكنت من تدعيم مركزها ومتابعة النشر والقيام بالحملات الإعلامية، طالبة من الدول الإسلامية والعربية الوقوف مع الشعب الليبي ومساندته بشتى الطرق. كما عممت اللجنة التنفيذية للجاليات الطرابلسية البرقاوية نص الميثاق على الشعوب العربية واستطاعت الجمعية في الشام توسيع دائرتها ونشاطها وطلبت منالصحفي الكبير شكيب أرسلان في سنة 1929م الوقوف معها|، فشرع في الكتابة عن مخازي ومظالم الطليان في ليبيا و معاناة الشعب الليبي في الصحف والمجلات العالمية والعربية مما جعل الرأي العام العالمي ينتبه إلى قضية الشعب الليبي وكفاحه من أجل التحرر. لقد نجحت الجمعية في الحرب الإعلامية وشاركت في المؤتمر الإسلامي في القدس وعرضت قضيتها في نص الوثيقة التاريخية التي قدمتها للمؤتمر الموقعة من السيد السعداوي رئيس اللجنة التنفيذية بتاريخ 26 رجب سنة 1350هجرية الموافق 6 ديسمبر1931. وحيث أن الوثيقة طويلة فلا يتسع المجال لسردها بالكامل في هذا السرد المختصر جدا.. لذا أنصح بالاطلاع عليها في المصادر التي سأذكرها في نهاية هذا السرد. جاء في الوثيقة تصوير حي لما حدث على الساحة الليبية منذ الاحتلال الإيطالي إلى تلك اللحظة .. وذكر الجهاد الليبي والمعاهدات التي وقعت وكيف غدر الإيطاليون بالليبيين والفضائع التي ارتكبت ضدهم من تقتيل وشنق على أعمدة المشانق والمعتقلات الجماعية، طالبين من الدول الإسلامية الوقوف مع الشعب الليبي الذي يدافع عن أرضه وعرضه ودينه.
لقد كان السيد السعداوي من الشخصيات الفريدة في التاريخ الليبي المعاصر وتصدى للاستعمار الايطالي في ليبيا وقام بدور فعال في حركة الجهاد في المهجر، بعد أن أخضعت إيطاليا منطقة طرابلس بالكامل وتوقف حركة الجهاد في المنطقة. في سنة 1940 أعيد تشكيل اللجنة التنفيذية ليصبح الدكتور كامل عيد رئيسا لها والسيد عبد الغني الباجقني أمينا للسر مع آخرين تحت إرشاد الأمير إدريس السنوسي.
احتلت إيطاليا الحبشة سنة 1936م وكان الليبيون المجندون وقودا لحربها هناك. لم تنجح عصبة الأمم آنذاك في فرض عقوبات على إيطاليا . كان من الممكن أن يكون ذلك في صالح تقارب بين بريطانيا والمجاهدين الليبيين لولا المصالح البريطانية في التهدئة مع إيطاليا، ولم يفلح اللقاء بينإدريس السنوسي وأدميرال الأسطول البريطاني بالإسكندرية .. الذي حدث بناء على طلب إنجليزي.. لم يفلح في جعل بريطانيا تقف ضد إيطاليا وذلك لانتهاج بريطانيا سياسة التهدئة في أوربا في ذلك الوقت، غير أن الموقف تغير مع اقتراب الحرب العالمية الثانية..
كانت بداية الحرب العالمية الثانية في شهر سبتمبر سنة 1939م عندما هجمت ألمانيا النازية على بولندا. ولم تدخل إيطاليا الحرب آنذاك إلى أن سقطت فرنسا في بأيدي الألمان. فأعلنت الحرب على إنجلترا وفرنسا في 10 يونيو 1940م وكان ذلك بمثابة دق المسمار الأول في نعش الإمبراطورية الإيطالية في أفريقيا. وما أنت دخلت إيطاليا الحرب حتى تحرك الليبيون في المهجر وبدؤوا في العمل للاستفادة من الوضع لصالح تحرير ليبيا. اتصل فريق منهم بالمفوضية الفرنسية في القاهرة واتصل بعضهم بالجنرال الفرنسي نوجس في الجزائر وتم الاتفاق على تجهيز حملة من الليبيين المتواجدين في تونس والجزائر للعمل العسكري ضد إيطاليا في ليبيا. غير أن استسلام فرنسا قوض المحاولة.
أما السيد إدريس السنوسي فقد تحرك في مصر بمجرد أن اتضح له بأن الحرب العالمية واقعة لا محالة، وكان أول شيء فعله هو دعوة الزعماء الليبيين للاجتماع والتشاور ودراسة احتمالات الموقف، ومن ثم وضع الخطط المناسبة و الكفيلة بتحقيق نصر لليبيين على الطليان وتحرير البلاد. وعقد اجتماع تاريخي في منزل الأمير إدريس بمنطقة فيكتوريا بالإسكندرية بتاريخ 6 رمضان سنة 1358 هجرية الموافق 20 أكتوبر سنة 1939م حضره قرابة الأربعون شيخا من الزعماء الليبيين المتواجدين في مصر، واستمر اللقاء ثلاثة أيام متتالية وتمخض عن اتخاذ قرار بتفويض الأمير محمد إدريس لمفاوضة الحكومتين المصرية و البريطانية بشأن تكوين جيش سنوسي بمكنه الاشتراك في الحرب من أجل تحرير ليبيا من العدو الإيطالي عند دخول إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا. ثم تم التوقيع على الوثيقة التاريخية المهمة بتاريخ 9 رمضان سنة 1358 هجرية الموافق 23 أكتوبر سنة 1939م. وهذا نص الوثيقة:
( بعد حمد الله والصلاة على رسول الله قد اجتمع زعماء ومشايخ الجالية الطرابلسية البرقاوية المهاجرين بالديار المصرية في اليوم السادس من شهر رمضان المعظم سنة 1358 هجرية بالإسكندرية وتشاوروا في حالتهم الاستقبالية و قر قرارهم على انتخاب من يمثلهم في كل الأمور و يعرب عن آرائهم وبذلك وضعوا ثقتهم في سمو السيد محمد إدريس السنوسي الذي يمثلهم تمثيلا حقيقيا، لما له من المكانة الرفيعة في نفوسهم حيث يرونه أحسن قدوة يقتدي بها. وقد قبل منهم ذلك على أن تكون هيئة منتخبة شورية مربوطة به ومربوطا بها لتكون الأداة المبلغة و المعربة عن منتخبيها وهي التي تمثل جميعهم تمثيلا صحيحا، وأن يعين وكيلا لها يقوم مقامه في حالة الغياب ويكون من أفراد الهيئة في حالة حضوره، وللهيئة الحق في تثبيت هذا الوكيل أو رفضه بـغالبية الأصوات، وعليه حرر هذا التوقيع رؤساء القبائل الطرابلسية البرقاوية، والمولى سبحانه وتعالى يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه)
وقع على هذا التفويض واحد وخمسون شيخا منهم من المجاهدين القدماء يمثلون جل القبائل الطرابلسية البرقاوية.. وسرعان ما بادرت جمعية الدفاع الطرابلسي البرقاوي لعقد اجتماع في دمشق بتاريخ 29 شوال سنة 1358 هجرية واطلعت على صورة القرار المذكور ووافقت علبه وأصدرت البيان التالي:
( إن جميع الزعماء ورؤساء القبائل وكبار المجاهدين يدون استثناء اتفقت كلمتهم وتعاهدوا جميعا على أن يدينوا بالولاء و الطاعة والإخلاص لسمو الأمير إدريس المهدي السنوسي، وأنهم عقدوا عليه الآمال في حالهم وستقبلهم ليمثل أمام الحكومات و السلطات والهيئات أماني القطر الطرابلسي البرقاوي تمثيلا حقيقيا صحيحا، ويتكلم باسم الجميع على أن تكون هيئة منتخبة منهم وله نائب يقوم مقامه عند مسيس الحاجة، وتليت التوقيعات فتبين أنها هي توقيعات من بأيديهم الحل والعقد في القطر الطرابلسي البرقاوي من الأحرار الذين عاهدوا الله على الدفاع عن الوطن وحقوق الأمة، فكان ما جاء فيه من الغاية السامية أبلغ الأثر في نفوس الجميع، لأنه حقق رغباتهم الصادقة في توحيد الكلمة، و برهن على ثبات هذه الأمة في المطالبة بحقوقها وولائها بالإمارة أولا و آخرا،وهو محط آمال الجميع في الحاضر و المستقبل لإخلاصه للوطن و دفاعه المجيد عنه ولا يوجد من يشذ عن آرائه الصائبة ولا من يخالفه في التضحية بالنفس والنفيس في سبيل سعادة الوطن والأمة وإعلاء كلمة الله ، قرر الجميع تأييد قرار إخوانهم الطرابلسيين البرقاويين في القطر المصري بدون قيد ولا شرط، وكلفت الهيئة تنظيم هذا القرار الجماعي للإعراب لسمو الأمير محمد إدريس المهدي السنوسي في الثقة التامة به و الولاء الكامل له مادام متمسكا بكتاب الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم، متخذا التأهبات اللازمة للقيام لعمل جدي حين تدعو الظروف إليه، وهذه تواقيعنا تشهد أمام الله والوطن بعهدنا هذا، ومن ينكث فإنما ينكث على نفسه، والله ولي الجميع)
يقول السيد إدريس ( ملك ليبيا فيما بعد ) بأنه بعد إعلان إيطاليا الحرب على بريطانيا في 10 يونيو سنة 1940م اتصل به في مقر إقامته بمنطقة الحمام الجنرال ويلسون.. آمر القوات البريطانية في مصر تحت قيادة الجنرال ويفل، وطلب منه المساعدة في المجهود الحربي ضد الإيطاليين، وبأنه.. أي السيد إدريس.. قد دعا الزعماء الليبيين للاجتماع في القاهرة لمناقشة ما ينبغي اتخاذه من إجراءات لتحديد موقفهم من الحرب. كما قال بأن البرقاويين لم يبدو أي اعتراض على لانتهاز الفرصة لاستئناف الجهاد ضد الإيطاليين وكان هناك ترددا من بعض الطرابلسيين خوفا من أن تنتصر إيطاليا وألمانيا في الحرب مما يكون له أثر سلبي عليهم وعلى أسرهم. كما ذكر أيضا بأنه كان شخصيا واثقا من نصر الحلفاء لثقته في قدرة بريطانيا على تحقيق النصر.
ويستطرد السيد محمد إدريس قائلا بأنه قد صدر قرار بالأغلبية (باستثناء بعض الطرابلسيين ) معبرا عن الثقة في الحكومة البريطانية والاعتراف به مفوضا عن الليبيين في علاقاتهم مع بريطانيا كما تم الاتفاق على تكوين جيش ليبي تحت اسم ( القوات العربية الليبية ) للقتال إلى جانب القوات البريطانية ضد الإيطاليين.. يقول أنه بعد ذلك أصدر تعليماته الفورية بالبدء في تجنيد جيش من الليبيين المقيمين في مصر كما تم تعيين ضابط بريطاني ( الكولونيل بروميلو ) قائدا لذلك الجيش. ولم يلبث أن تكون الجيش من قوة قوامها أربعة كتائب قتالية وكتيبة أركان كان معظمهم من البرقاويين، وكان مقر المعسكر ومستودعات الأسلحة والذخيرة عند الكيلو 9 بجوار الأهرام. كان مكتبه في القاهرة وكان يقوم بالأعمال الضرورية لحل المشكلات المتعلقة بالإشراف على التجنيد والرفع من القدرة التالية للمجندين الذين كانوا كلهم على أحر من الجمر لخوض القتال. وفي معركة قرب سيدي براني لحقت بجيش غرسياني أول هزيمة في ديسمبر 1940م ووقع آلاف اللبيبين المجندين في الجيش الإيطالي في الأسر و نقلوا إلى معسكرات أسرى الحرب في منطقة قناة السويس، وقال بأنه كلن يتردد عليهم باستمرار محاولا إقناعهم بالانضمام إلى القوة العربية الليبية وبأن أغلب الطرابلسيين امتنعوا خوفا من التعرض للانتقام من قبل الإيطاليين من جهة ، ومن جهة أخرى لأنهم كانوا سعداء بمجرد الخروج من خضم الحرب. كانت وحدات من الجيش الليبي ترسل إلى خطوط القتال أولا بأول حالما ينتهي تدريبها ومنها كتيبتان شاركتا في معركة الدفاع عن طبرق عام 1941م. كما كان يوجه نداءاته إلى الليبيين في الداخل عبر الإذاعة يدعوهم فيها إلى الوقوف مع بريطانيا ضد الطليان.
الليبيون في الحرب:
قامت كتائب المجاهدين بدور بارز في حرب الصحراء إلى جوار القوات البريطانية، كما لم يقصر المدنيون في تقديم المساعدات الجريئة بعد أن أصبحت ليبيا ميدانا للاقتتال وحقلا مزروعا بالألغام. آوت القبائل البرقاوية الجنود البريطانيين الفارين من الأسر وأوصلتهم إلى مواقع وحداتهم إذا ضلوا الطريق مما ساعد الوحدات البريطانية العاملة خلف خطوط الألمان والإيطاليين في تنفيذ مهامهم و من بينها مفرزة العمليات الصحراوية البعيدة المدى وقوة بنياكوف لحرب العصابات التي اشتهرت باسم (ة جيش بوسكي الخصوصي ).. واعترف البريطانيون رسميا بالمساعدات التي قدمها الليبيون بقيادة السيد إدريس السنوسي في تصريح وزير خارجيتهم ( إيدن ) أمام مجلس العموم البريطاني بتاريخ 8 يناير سنة 1942. و يمكنكم الاطلاع على نص الخطاب في المصدر ( الملك محمد إدريس السنوسي للكاتب د, الحسيني الحسيني معدي) والذي ذكر فيه على الخصوص اتصال السيد إدريس بهم قبل شهر من سقوط فرنسا. كذلك أنوه على ما قاله من أن بريطانيا مصممه على أن لا يعود السنوسيون في برقة بأي حال من الأحوال للوقوع تحت السيطرة الإيطالية مرة أخرى بعد انتهاء الحرب.. لهذه الكلمات أهمية كبيرة حيث يتضح منها بأن البريطانيين كانوا يخططون لشيء آخر غير استقلال ليبيا .. وهذا ما سنأتي على ذكره فيما بعد.
آثار الحرب على برقة:
كانت برقة والصحراء الغربية في مصر مسرحا لأطول وأشد المعارك خلال الحرب العالمية الثانية، دمرت خلالها جميع المدن و القرى الليبية والموانئ والمطارات والطرق التي شيدها الإيطاليون على مدى عشرات السنين.. لقد كان لعمليات الكر والفر بين قوات بريطانيا وحلفاؤها، ومن بينهم القوات العربية الليبية وبين الألمان والإيطاليين الأثر السيئ بجلب الدمار الهائل والخراب في جميع المناطق. كان في كل مرة يرجع فيها الإيطاليون إلى منطقة تنسحب منها القوات البريطانية يقومون بالانتقام من الأهالي لوقوفهم ضدهم مع البريطانيين ,, وكانت تقوم بإعدام العشرات منهم .. وقصة الثلاثمائة شهيد الذين قامت إيطاليا بشنقهم في مدينة المرج معروفة لدى المهتمين بتاريخ ليبيا ( مذكرات السيد إبراهيم الغماري، معتقلات العقيلة ).
تسليم طرابلس:
التقى الجيشان .. الثامن البريطاني بقيادة الجنرال مونتجمري والفرنسي بقيادة الجنرال ليكرك حول مدينة طرابلس في يناير سنة 1943م .. لحظة وصفها الحاكم الإيطالي بأنها كانت رهيبة توقعوا فيها العنف من قبل الحلفاء.. وذكر بمرارة كيف أن النخبة من الضباط الإيطاليين قد هربوا ونهبوا ما يسهل حمله تاركين بقية الإيطاليين لمصيرهم.. على حد قوله. و في يوم 23 يناير 1943 تسلم مونتجمري مدينة طرابلس من الحاكم الإيطالي رسميا بمنطقة بن غشير في حضور نائب الحاكم و رئيس البلدية، وانتزعت بقية البلاد من الهيمنة الإيطالية ليتم احتلالها من قبل الإنجليز والفرنسيين. تم اعتقال قادة الفاشيست وأغلقت المدارس والنوادي والمنظمات الاجتماعية. وأصبحت ليبيا تحت الاحتلال البريطاني ( برقة و طرابلس ) و الفرنسي ( فزان ) بموجب اتفاق عقد بين الجنرال الكسندر الإنجليزي والجنرال ليكرك الفرنسي.
كان مونتجمري قد أعلن في 11 نوفمبر سنة 1942م في رسالة إلى الشعب الليبي في منطقة برقة بأن المنطقة ستدار من قبل حكومة عسكرية بريطانية حتى نهاية الحرب العالمية، وليس حتى نهاية الحرب في شمال أفريقيا، كما أضاف قائلا بأن الحكومة لن تتدخل في المسائل المتعلقة بالشؤون السياسية الخاصة بالمستقبل ، ولكنها ستحكم بحزم وعدل وبالنظر إلى مصالح الشعب في البلد.
أثر الليبيين في القتال:
كان الدور الذي لعبه الليبيون أثناء الحرب فاعلا ونشيطا طيلة مدة الحرب العالمية الثانية على الأرض الليبية من سنة 1940 وحتى سنة 1943م. حارب الليبيون جنبا إلى جنب مع الجنود البريطانيين و ساند الأهالي المدنيون قواتهم خلف خطوط المواجهات وترك المجندون من قبل الإيطاليين الجيش الإيطالي كلما سنحت لهم الفرصة، والتحق الكثير منهم بالبريطانيين. لقد انتقد بعض القادة من الليبيين سياسة السيد إدريس في تأييد بريطانيا قبل الحصول على ضمانات أكيدة باستقلال ليبيا. وزاد ضغطهم لدرجة أن البعض منهم هدد بالانسحاب من التعاون مع بريطانيا. وفي الحقيقة، وكما ذكرنا سابقا، فإن كل ما وعد به البريطانيون جاء على لسان وزير خارجيتهم في مجلس العموم في يناير سنة 1942م والذي قال فيه ( أن حكومة صاحبة الجلالة مصممه في نهاية الحرب على أن لا يرجع السنوسيون في برقة بأي حال تحت السيطرة الإيطالية ). و لم يعد حتى باستقلال برقة ، ناهيك عن استقلال ليبيا بأكملها.. ولم يذكر طرابلس بشيء، مما كان ينذر بنية البريطانيين الحلول محل الإيطاليين في السيطرة على البلاد بالكامل. وحتى بعد رفض بريطانيا لحق إدريس في المطالبة باستقلال ليبيا في فبراير عام 1942 اضطر إدريس إلى القبول بوعودهم الشفهية التي أعطيت له .وهكذا حكم القوي على الضعيف. الشعوب الصغيرة والضعيفة تضطر في أغلب الأوقات لقبول ما تمليه القوى العظمى في خضم السياسة الدولية.. سياسة البوارج وحاملات الطائرات ..و كما هي الحال الآن .. الطائرات بدون طيار والعولمة .. إذا كانت الدول الآن ترزخ تحت نار الغرب والشرق المحرقة ولا تستطيع عمل شيء بدون موافقتهم في مجلس الأمن وغيرة.. مع أن الدول الآن في مراحل متقدمة جدا مقارنة بليبيا في ذلك الوقت الذي كانت فيه البلاد مدمرة تماما و تحتاج للتعليم والخدمات الطبية و الإعمار، فكيف كان لمحمد إدريس أن يتصرف بطريقة أخرى. كان الجميع محقون في طلب الاستقلال ولكن لم يثكن من السهل الحصول عليه بسهولة في وجود أطماع لدى الدول الكبرى والقوية.
الطريق نحو الاستقلال:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 4:07 pm


كفاح الليبيين من أجل الاستقلال:
يعتقد البعض بأن الاستقلال كان سهلا ولم يتكبد فيه الليبيون العناء والتعب.. لقد كان ثمرة كفاح طويل ضحى فيه الليبيون بكل نفيس وغالي. ضحوا بأرواحهم وأرواح ذويهم وقبائلهم وسنين من عمرهم وشبابهم؛ ليأتي في سبتمبر سنة 1969 من يقلب الأمور ويشوه التاريخ.. وي كأن تاريخ ليبيا لم يبدأ إلا حين أتى هو ومجموعته المضللة.. نسي أن تاريخ ليبيا يرجع للآلاف السنين من التبعية والاضطهاد والاستعمار الفينيقي والإغريقي والروماني و البيزنطي و النورماندي والمالطي من قبل فرسان القديس يوحنا والتركي والإيطالي والبريطاني.. نسي أن الشعب الليبي كان يكافح دوما بالرغم من ضعفه المتمثل في الجهل والتخلف والفرقة ومحاربة القبائل بعضها البعض.. إلى أن جاء اليوم الذي تعلم فيه النخبة وعرفوا بأنهم سوف لا يحققوا أي نصر وهم متفرقون.. وكان مؤتمر غريان في نوفمبر سنة 1920م بعد فشل الجمهورية الطرابلسية بسبب الفتن التي أدت إلى الفرقة التي حدثت بين القبائل الليبية في منطقة طرابلس وجبل نفوسة.. فتوحدت كلمتهم على مبايعة السيد إدريس السنوسي لتولي القيادة الشاملة تحقيقا للوحدة الوطنية و توحيدا للجهود على طريق التحرير الشامل، وكان الشرق الليبي في برقة قد توحد تحت قيادته قبل ذلك. وكان ما كان مما ذكرناه آنفا.
في سنة 1943م سيطرت بريطانيا على طرابلس و برقة و فرنسا على فزان.. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصبحت أنظار الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تتجه أيضا نحو ليبيا.. فأقامت أمريكا أكبر قاعدة جوية لها في أفريقيا في منطقة الملاحة بالقرب من طرابلس وأنفقت عليها قرابة المائة مليون دولار لتطويرها لأهميتها الاستراتيجية. ولذا فقد ظهرت مقترحات خلال الحوار العالمي حول ليبيا ومستقبلها، واتفق الجميع على أن ليبيا لم تكن لديها مقومات الدولة وأن الليبيين لم يكونوا أكفاء لحكم أنفسهم بأنفسهم و اتفق الغالبية العظمى منهم على أن توضع ليبيا تحت وصاية قوتين أو ثلاثة لمدة أرع سنوات بعد الحرب. ووجد الليبيون أنفسهم يكافحون ضد هذه الأفكار والمقترحات التي ظهرت في الحوار العالمي بين الدول الكبرى.. وهذا عكس الوضع في الدول الأخرى التي كانت تكافح ضد المستعمر الحاكم. وكان الضمان الوحيد الذي أعطية لليبيين هو بيان ‘يدن في مجلس العموم البريطاني السابق ذكره ولم يطبق إلا في منع رجوع الإيطاليين إلى برقة.كان الشعب الليبي في ذلك الوقت خاليا من القيادة الإسلامية الرشيدة ومن شخصيات فعالة ، بعد استشهاد معظمهم ووجود الباقي منهم في المهجر ولم يبق إلا بعض الشخصيات السياسية الوطنية الخيرة والجمعية المحلية وبعض القيادات الدينية الضعيفة وزعماء الحركة السنوسية الذين أصبحوا يعانون من ضغوط الإنجليز عليهم. كان الشعب الليبي لا يتجاوز في تعداده أكثر من مليون بقليل، كما لم تكن هناك خبرة سياسية كافية وكان مستوى التعليم في الحضيض.. كما كانت البلاد فقيرة ولم يتجاوز دخل الفرد الخمسة عشر جنيها في السنة. انهارت البلاد في نهاية الحري نهائيا ودمرت كل المدن و المنشآت من طرق و موانئ ومطارات في برقة تدميرا كليا وزرعت المنطقة الوسطى وبرقة بالألغام.. كانت ليبيا ككل ضحية الحرب وتحتاج إلى مساعدات مالية اقتصادية واجتماعية وطبية وفنية و مدارس لتعليم الأطفال.
حكمت بريطانيا وفرنسا ليبيا في ذلك الوقت وفق شروط اتفاقية لاهاي لسنة 1907م الخاصة بالتصرف الحربي في الأراضي التي يتم احتلالها وقت الحروب، على أساس العناية والصيانة و استمرت القوانين الإيطالية سارية المفعول ولكن جردت من العناصر الفاشستية. كما أضحت السلطات كاملة في يد القائد العام لقولت الشرق الأوسط الذي اصدر قرارا بتعيين العميد بلاكلي حاكما بطرابلس و العميد وبوكان كيمينج حاكما في برقة.
عزلت فزان عن طرابلس وأصبحت تابعة لفرنسا التي استخدمتها مركزا هاما للدفاع عن مصالحها في أفريقيا.. أما بريطانيا فكانت طرابلس وبرقة بالنسبة لها ذواتا أهمية إستراتيجية قصوى وقامت بالسيطرة الإدارية الكاملة على المنطقة ودربت عناصر وطنية وطورتها وأعدتها لخدمة مصالحها مستعينة في ذلك بخبرات عربية سودانية ومصرية و فلسطينية ممن يحملون الجنسية البريطانية ممن يعملون في خدمة التاج البريطاني. كما أنشأت قاعدة العدم في طبرق و القاعدة البحرية التي أصبحت ضمن سلسلة من القواعد البريطانية من جبل طارق حتى سنغافورة وممرا هاما على الطرق إلى جنوبي أفريقيا والمحيط الهندي والشرق الأقصى.. وهناك من يقول بأن بريطانيا كانت ستهيئ برقة لكي تكون قاعتها المهمة في الشرق الأوسط إذا ما اضطرت إلى مغادرة قناة السويس عند انتهاء الاتفاقية الأنجلو-مصرية.
اعتراض الليبيين على مواقف الدول الكبرى من قضيتهم العادلة:
لم يقف الليبيون موقف المتفرج و عبروا عنك معارضتهم ووجهوا انتقاداتهم إلى الدول الكبرى، وخصوصا إلى بريطانيا التي أخلت بعهودها لليبيين، كما قام بعض الزعماء بتبرير وقوفهم مع بريطانيا بأسلوب علمي رفيع وكتب المجاهد عمر فائق شنيب سنة 1945م وثيقة بعنوان ( ليبيا مهد البطولة)..هذه الوثيقة يجب أن يقرأها كل ليبي كان يعتقد بعدم وجود أوفياء لهذا الوطن.. الذين أخلصوا له ولم يخدعوا شعوبهم كما فعل الطغاة في آخر الزمان، وأن أبناء ليبيا البررة لم يقصروا في حقها وفي طلب الحرية والعدالة لشعبها
نشاط الليبيين خارج ليبيا وما تم تأسيسه من جمعياتٍ ونوادٍ:
لم يتوقف الزعماء الليبيون في الخارج عن العمل الدءوب في سبيل الحصول على التأييد الدولي.. العربي والإسلامي في بداية الأمر.. عن طريق جمعية الدفاع الطرابلسي البرقاوي سنة 1928م و فرعها الذي أنشأته في تونس سنة 1930م، والتي تحدثنا عنها سابقا، والنشاط الإعلامي المكثف كما ذكرنا. ثم اجتمع رأي القيادات من الزعماء والمجاهدين في مصر على تفويض الأمير محمد إدريس السنوسي ليقوم بواجبه في السعي لمصالح الليبيين والتفاوض مع بريطانيا والدخول إلى جانبها في الحرب العالمية الثانية ضد إيطاليا سنة 1938م وما تلاه من تأسيس الجيش الليبي ( القوة العربية الليبية) والتي سميت فيما بعد ( بجيش 9 أغسطس ) أو ( الجيش السنوسي ) الذي شارك في معارك الحرب العالمية ومن بينها معركة العلمين، تحت الراية السنوسية.. حيث لم يكن هناك علم خاص بليبيا في ذلك الوقت، والتي اندحرت فيها قوات المحور. كما ظهر سنة 1942م نادي عمر المختار الرياضي ( جمعية عمر المختار) الذي كان له نشاط سياسي وكلن ينادي بوحدة ليبيا .. برقة وطرابلس.. ونشط فيه الشباب في ذلك الوقت، وأصبح النادي مع مطلع سنة 1944 يصرح بانتقاداته للإدارة البريطانية و بميوله الوحدوية. كان جل المهتمين بالسياسة في ذلك الوقت من العائدين من المهجر في مصر وسوريا ولبنان وكان البعض منهم قد تأثر بالأفكار السياسية التي كانت تسيطر على الفكر العربي المستنير وبدأ البعض فعلا في تأسيس أحزاب سياسية وخاصة في طرابلس الغرب التي بدأت المظاهرات فيها ، مما دل على ظهور بعض الوعي السياسي في المنطقة. لم يكن الاتجاه الإسلامي ممثلا إلا في شخص الأمير محمد إدريس السنوسي لكونه الوريث الشرعي لقيادة الحركة السنوسية و بعض الأشخاص القلائل وشيوخ القبائل.
رأى البريطانيون سنة 1947 أن يمنحوا برقة نوعاً من الحكم الذاتي وأوصت لجنة بريطانية ببرنامج استقلال يتم على ثلاث مراحل بإشراف بريطاني، ولكن الوضع كان مختلفاً في طرابلس حيث كبر عدد الجالية الإيطالية هناك و الخوف من عودة الحكم الإيطالي.
حل الأحزاب في برقة وإنشاء المؤتمر الوطني و وضع الأحزاب في طرابلس:
أوقف السيد إدريس نشاط جمعية عمر المختار في ديسمبر سنة 1947م و أسس المؤتمر الوطني بحجة التحدث باسم أهالي برقة جميعا، غير أن المؤتمر كان يتألف في معظمه من رجال الجيل القديم من القادة الموالين له، وترأس المؤتمر أخوه محمد الرضا. وفي طرابلس فكانت هناك عشرة أحزاب وجماعات ونوادٍ لها أهداف تختلف بعضها عن بعض ولو أنها كانت في عمومها تسعى لتحقيق الاستقلال وتوحيد طرابلس و برقة و فزان. وكان الاختلاف يتركز على القيادة المحتملة للبلاد وهل سيكون النظام ملكي أم جمهوري.. ومن هذه الأحزاب والتكتلات الحزب الوطني بقيادة أحمد الفقيه حسن ولجنة تحرير ليبيا المتعاونة مع الجامعة العربية برئاسة بشير السعداوي. وكان يعيش في ليبيا في ذلك الوقت قرابة ثمانية وأربعون ألف إيطالي ظهر من بينهم حزب فاشستي يتمتع بالدعم من روما وحزب آخر معارض له.
وفي خضم هذا الاضطراب والبلبلة قامت الدول الكبرى بإرسال لجنة لتقصي الحقائق وتشخيص الوضع في البلاد، و اكتشفت هذه اللجنة رغبة الشعب العارمة في الاستقلال التام ورفعت تقريرا بهذا المعنى، ولكن جاء في التقرير أيضا بأن ليبيا لم تكن مؤهلة للاستقلال وفي وضع اقتصادي لا بمكنها من الاعتماد على نفسها، وأضافت بأن حوالي 94% من السكان أميون ولا يزيد عدد المتخرجين الليبيين فيها عن 15 ، ليس فيهم طبيباً واحداً، كما أن متوسط دخل الفرد السنوي لا يزيد عن 15 جنيها ، وأن نسبة الوفيات بين الأطفال كانت 40%. واقترحت بريطانيا أن تضل برقة تحت رعايتها وأن تكون منطقة طرابلس تحت الوصاية الإيطالية و فزان تحت الوصاية الفرنسية. ورأت الولايات المتحدة الأمريكية أن توضع ليبيا كلها تحت وصاية الأمم المتحدة لمدة عشر سنوات وتحتفظ أمريكا بقاعدة الملاحة ( هويلس ) وجميع التسهيلات الحربية ، و وافقت بريطانيا على ذلك غير أن فرنسا رفضته. أما بالنسبة للاتحاد السوفيتي فقد استحسن في البداية الرأي الأمريكي غير أنه غير رأيه بالنظر إلى مصالحه الخاصة في المنطقة.
كانت ليبيا في وضع سيء للغاية وفي أطماع الدول الاستعمارية التي كانت تسعى إلى حلول تتمشى مع مصالحها. عندما أنظر إلى الموضوع بتمعن أسأل نفسي: ماذا كانت ستفعل تلك الدول المتحالفة ضد النازية لو أن لديها علم الغيب لتعرف أن ليبيا كانت تعوم على بحر من النفط .. أعتقد بأن حربا كانت ستشتعل بينها للسيطرة التامة.
لم تكن ليبيا في وضع يسمح لها بالوقوف بحزم ضد الدول الكبرى الفائزة لتوها بالحرب ضد قوات المحور، و مع ذلك، ومع نمو الوعي السياسي والحس الوطني.. الذي لم يكن معدوما.. قامت مظاهرات كبيرة لم تدع مكانا للشك في الشعور العام برفضها تلك الخطط والاقتراحات.
اجتاحت المظاهرات الضخمة ، التي قدر عدد المشاركين فيها بحوالي الستين ألف متظاهر، شوارع طرابلس رافضين الوصاية الإيطالية على طرابلس كما اشترك في المظاهرات متظاهرون قدموا من المدن الأخرى . كان لتلك المظاهرات صدىً كبيراً في الأوساط الإعلامية الدولية وكسبت الرأي العام العالمي والعربي إلى صف الشعب الليبي. واتحد الحزب الوطني والجبهة الوطنية المتعددة وغيرهما من الأحزاب والتنظيمات في حزب المؤتمر الطرابلسي تحت قيادة بشير السعداوي. و استمر حزب المؤتمر في تنظيم المظاهرات والاحتجاجات حتى رفضت نهائيا الخطة التي كانت تعرف بمشروع ( بيفن- سيفوروزا ) من قبل الأمم المتحدة، وكان هذا هو السبب في بروز الحزب كقوة سياسية فاعلة في منطقة طرابلس.
عندما كانت الجمعية العمومية للأمم المتحدة تناقش مشروع بيفن –سيفوروزا في 18 مايو سنة 1949م كانت كل الدلائل تشير إلى نجاحه بأغلبية الثلثين في منح ليبيا الاستقلال، غير أن مندوب هاييتي ( إميل لوت ) عارض الوصاية الإيطالية على منطقة طرابلس وكانت النتيجة أن فشلت الخطة عند الاقتراع عليها بسبب نقص صوت واحد كان مطلوبا لتأمين الأغلبية التي أعطت أصواتها لإقرار الخطة ( 33 مقابل 17 وغياب 8 ) وكان الذي أقنع إميل لوت بالوقوف مع الشعب الليبي الدكتور على العنيزي رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته وجزاه خيرا عن جميع أفراد الشعب الليبي.. هذا هو السبب الذي جعل ليبيا بعد نيل الاستقلال تطلق اسم هاييتي على أحد الشوارع الرئيسية في طرابلس.
لم تقصر الوفود العربية واستطاعت إقناع الاتحاد السوفييتي وبعض الوفود الأخرى لمعارضة الخطة والوقوف مع مصلحة الشعب الليبي في الاستقلال.. وانضمت كتلة أمريكا اللاتينية إلى المجموعة الرافضة واقترعت ضدها مما تسبب في هزيمة الخطة بأغلبية ( 37 صوتا ضد 14 صوتا وغياب7 أصوات ).
ونادى الاتحاد السوفيتي باستقلال ليبيا في غضون ثلاثة أشهر، بعد أن كان يطمع في الوصاية على منطقة طرابلس ومن ثم إرجاعها للإيطاليين. ورأت بريطانيا عند ذلك أن مصلحتها تكمن في استقلال ليبيا ، خاصة إذا أمكنها الاحتفاظ بقواعدها العسكرية في منطقتي طرابلس وطبرق.
بعد وفض خطة ( بيفن –سيفوروزا ) أعلن إدريس السنوسي استقلال برقة وتم تنصيبه أميرا عليها وتسلمت الحكومة المحلية الشؤون الداخلية، أما الشؤون القضائية و المالية فبقيت تحت مسؤولية المستشارين البريطانيين، وبقيت الشؤون الخارجية والدفاع والأملاك الإيطالية تحت السيطرة البريطانية. أما بالنسبة لاستقلال ليبيا فقد أصبح ضروريا بالنسبة للأمم المتحدة، ولذا أعيدت القضية الليبية إلى اللجنة السياسية في صيف سنة 1949م وسمح لإيطاليا بالاشتراك في النقاش. كما سمح لممثلين عن المؤتمر الوطني البرقاوي وحزب المؤتمر الوطني الطرابلسي وممثلين عن الجالية اليهودية بطرابلس بالحضور والمناقشة. وبدأت لجنة فرعية في وضع قراراً يتضمن جميع المقترحات التي تقدمت بها وفود كل من الهند والعراق وباكستان والولايات المتحدة الأمريكية، ثم تم التصويت على القرار و تمت الموافقة عليه بأغلبية ساحقة في اللجنة السياسية في 12 نوفمبر سنة 1949م وقدم بعد أسبوع للموافقة علية من قبل الجمعية العمومية.
إعلان الاستقلال وتأسيس المملكة الليبية المتحدة:
وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار اللجنة السياسية المقدم من كل من الولايات المتحدة الأمريكية والهند وباكستان والعراق بتاريخ 21 نوفمبر سنة 1949م و تبنته بأغلبية 48 صوتا ضد صوت واحد ( الحبشة ) وغياب تسعة دول منها فرنسا وخمس دول شيوعية.
نص القرار:
1 – أن تصبح ليبيا المكونة من مناطق برقة وطرابلس و فزان دولة مستقلة ذات سيادة.
2 – أن يصبح هذا الاستقلال ساري المفعول في أسرع وقت ممكن وألا يتأخر لأي حال من الأحوال عن أول يناير سنة 1952م.
3 – أن يقرر دستور ليبيا ، ينضم شكل الحكومة من قبل ممثلين عن سكان مناطق برقة وطرابلس و فزان يجتمعون ويتشاورون معا في جمعية وطنية.
4 – ومن أجل مساعدة شعب ليبيا على وضع دستور و إقامة حكومة مستقلة يرسل مندوب من الأمم المتحدة إلى ليبيا تعينه الجمعية العامة ومعه مجلس لمساعدته ونصيحته.
5 – أن يقدم مندوب الأمم المتحدة، بالمشاورة مع المجلس، تقريرا سنويا مع التقارير التي يعتبرها ضرورية، ويضاف إلى هذه التقارير مذكرة أو وثائق يرغب مندوب الأمم المتحدة أو أي عضو في المجلس أن يضعها أمام انتباه الأمم المتحدة.
6 – أن يتكون المجلس من عشرة أعضاء، وبالتحديد:
أ – ممثل ترشحه حكومة كل من البلدان التالية: مصر وفرنسا وإيطاليا وباكستان و المملكة المتحدة و الولايات المتحدة.
ب – ممثل عن شعب كل من المناطق الثلاثة في ليبيا وممثل عن الأقليات.
7 – أن يعين مندوب الأمم المتحدة الممثلين المذكورين في الفقرة 6-ب بعد التشاور مع القوى الإدارية و مع ممثلي الحكومات المذكورين في الفقرة 6-أ و مع الشخصيات القيادية وممثلي الأحزاب السياسية و المنظمات في المناطق المعينة.
8 – وإنجازاً لمهامه، يشاور مندوب الأمم المتحدة ويسترشد بمشورة أعضاء مجلسه، ويجب أن يكون معلوماً أن بإمكانه أن يقابل أشخاصاً مختلفين لسماع النصيحة بخصوص المناطق المختلفة أو المواضع المختلفة.
9 – يمكن لمندوب الأمم المتحدة أن يقدم المقترحات إلى الجمعية العامة وإلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي وإلى السكرتير العام فيما يخص الإجراءات التي يمكن أن تتبناها الأمم المتحدة خلال الفترة الانتقالية بخصوص المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية في ليبيا.
10 – أن تقوم القوى الإدارية بالتعاون مع مندوب الأمم المتحدة:
أ - باتخاذ جميع الخطوات اللازمة حالا لنقل السلطة إلى حكومة دستورية مستقلة.
ب – إدارة المناطق بهدف مساعدة أقسام الوحدة الليبية والاستقلال والتعاون في تكوين الإدارات الحكومية وتنسيق نشاطاتها من أجل هذه الغاية.
ج – تقديم تقرير سنوي للجمعية العامة حول الخطوات المتخذة لتطبيق هذه التوصيات.
11 – أن تدخل ليبيا الأمم المتحدة حسب المادة ( 4 ) من الميثاق، بعد أن تصبح دولة مستقلة.
وبعد أسبوعين قامت الجمعية العامة بتعيين مساعد السكرتير العام ( أدريان بيلت ) مندوبا للأمم المتحدة في ليبيا.
وصل أدريان بلت إلى ليبيا يوم 18 يناير سنة 1950م في مهمة استطلاع ولخص مهمته في أنه هناك لمساعدة الشعب الليبي على وضع دستوره وإقامة حكومته المستقلة. وتم تكوين المجلس المنصوص عليه في قرار الأمم المتحدة من الأعضاء المرشحين من قبل الدول المذكورة أعلاه ومرشحين عن مناطق ليبيا الثلاث وممثلا عن الجاليات الإيطالية واليهودية و اليونانية بمنطقة طرابلس، فقدمت فزان مرشحاً واحدا وقدمت برقة ثمانية وطرابلس سبعة والجاليات أربعة مرشحين.. ثم تم تعيين أسد الجربي ممثلا لبرقه ومصطفى ميزران ممثلا لطرابلس وأحمد الحاج السنوسي ممثلا لفزان وجياكومو مارشينو الإيطالي عن الأقليات. ثم أنشأ مجلس ليبيا ( المعروف بمجلس العشرة ) في 15 أبريل وكان يضم ثلاثة ليبيين وممثلين عن دولتين أسلاميتين مستقلتين ( مصر وباكستان ) وإيطاليين ( واحد يمثل إيطاليا والآخر للأقليات الأجنبية) وثلاثة يمثلون ثلاث قوى غربية ( بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ).. وهذا يعتبر تحيزا للغرب بنسبة 7 من الغرب إلى 3 من الليبيين ,, وإذا اعتبرنا أن الثلاث مناطق الليبية خاضعة للقوى الأجنبية ومصر وباكستان خاضعتين لبريطانيا , فإن النسبة في التمثيل تكون غير عادلة البتة، وفي صالح الدول الاستعمارية. واحتج الليبيون احتجاجا شديدا على هذا التمثيل ورفضوا أن يشترك الإيطاليون والأقليات في تقرير مصير الشعب الليبي المسلم، وكان هناك تخوف واضح من تدخل الإدارة البريطانية في الانتخابات.. وكانت النتيجة أن ألغيت خطة أدريان بلت. ولكن بلت لم ييأس واستطاع استدراج العديد من الشخصيات الدينية والوطنية وشكل جمعية وطنية من طرابلس و فزان وتم إخماد الأصوات المعارضة. وأعطيت الجمعية الصلاحيات اللازمة لوضع الهيكل التنظيمي والدستوري للبلاد واختيار لجنة خاصة لوضع الدستور. ثم عقدت اللجنة أول اجتماع لها في 25 يناير سنة 1950م وانتخب مفتي طرابلس رئيسا لها ثم اتفقت اللجنة على أن تكون ليبيا دولة ديمقراطية ملكية دستورية فدرالية ذات سيادة.. وكانت هناك معارضة شديدة لقرارات الجمعية الوطنية وظهر بشير السعداوي في مقدمة المعارضين وكان من المتحمسين للوحدة.. وسانده معظم الوطنيون في تطلعاته نحو وحدة البلاد وقاد حملات ضد الجمعية الوطنية، التي اعتبر قراراتها غير قانونية و أنها خالفت رغبات الشعب الليبي و قرارات اللجنة السياسية بالأمم المتحدة وأنها لم تكن منتخبة من الشعب وليس لها أن تبث في أمور تؤثر على مستقبل البلاد. واستمر هذا الاحتجاج طيلة النصف الأول من سنة 1950م. غير أن أدريان بلت أرسل مفتي طرابلس إلى مصر لكسب عطف الجامعة العربية.. وتم له ذلك.
أقرت الجمعية الوطنية في 4 ديسمبر 1950 العلم الليبي وانتخبت لجنة الدستور على أساس ستة أعضاء عن كل منطقة لتحضير مسودة الدستور. قامت اللجنة بدورها بتشكيل مجموعة عمل لهذا الغرض و تمت دراسة أحد عشر دستورا لمختلف الدول، منها الهند و سويسرا و مصر والعراق والأردن ولبنان وغيرها... ولكن غيبت عن الليبيين قواعد النظام الأساسي في الإسلام.
كان الضغط على ليبيا عظيما ولذا لم يستطع السيد إدريس السنوسي و القوى الوطنية المسلمة التدخل بحيث يكون الإسلام هو المصدر الرئيسي و الوحيد للتشريع في البلاد.
تم أنجاز الدستور في مدة عشرة أشهر فقط بعد دراسة وافية ومناقشات عدة وكان هناك اختلاف في بعض النقاط.. مثل العاصمة.. حيث أراد البرقاويون أن تكون بنغازي هي العاصمة في حين أصر الطرابلسيون على مدينة طرابلس .. وتقرر في نهاية الأمر على أن تكون طرابلس وبنغازي عاصمتين مشتركتين لليبيا. وأطلق على ليبيا اسم المملكة الليبية المتحدة و سميت المناطق بالولايات بدلا من دول.. ووضعت السلطة التشريعية في يد الملك و مجلس الشيوخ والبرلمان على أن يتكون مجلس الشيوخ من 24 عضوا، على أساس ثمانية من كل ولاية، نصفهم يعينه الملك والنصف الآخر منتخب ، أما نواب البرلمان فيتم انتخابهم من الذكور بمعدل واحد عن كل عشرين ألف نسمة من السكان.. ويتم اختيار أعضاء الوزارة من البرلمان الاتحادي ويعين الملك رئيس الوزراء ووالي كل ولاية.
قسمت لجنة بلت نقل السلطات من الإدارات البريطانية والفرنسية إلى الاتحاد الليبي على أربع مراحل وأصدرت الجمعية العمومية قرارا في فبراير 1951م بتشكيل حكومات محلية لاستلام السلطات الإدارية ، وفي 3 مارس أصدرت الإدارة البريطانية، بموافقة إدريس، بيانا بتأليف حكومة محلية في طرابلس ولم يكن حزب المؤتمر الوطني الطرابلسي راض عن سير الأمور بتحكم بريطانيا في إجراءات نقل الوضع إلى السلطات المحلية.
خاطب أدريان بلت الأمم المتحدة قائلا بأن ليبيا ستعاني انهياراً اقتصادياً كبيراً وتتحول إلى اقتصاد رعوي ما لم تقم الأمم المتحدة بمساعدتها لتحسين الزراعة وخلق رأسمال استثماري جديد فيها.. وإلا فستتعرض الدولة الجديدة للانهيار. وفعلا قدمت الأمم المتحدة مساعدات للدولة الجديدة وقدمت اليونسكو و منظمة الصحة العالمية مساعدات محدودة. واستطاعت الأمم المتحدة أن تجد طريقة لتحصل ليبيا على الوسائل الإدارية والاقتصادية لدعم استقلالها ( الذي يعتبر غير كامل ).
كما تعهدت بريطانيا بتغطية العجز في الميزانية للسنة المالية 52-1953م لولايتي طرابلس وبرقة وكذلك فرنسا لفزان,, وأعطيت الأولوية للتعليم.
في 24 ديسمبر سنة 1951م تم إعلان استقلال ليبيا أسبوع قبل الموعد الذي حددته الأمم المتحدة وأصبح الدستور معدا للتنفيذ واستلمت الحكومة المؤقتة السلطات والصلاحيات كاملة. وتولى رئاسة أول حكومة السيد محمود المنتصر، وتولى السيد فتحي الكيخيا منصب نائب الرئيس ووزير العدل والمعارف. و عين السيد عمر فائق شنيب رئيسا للديوان الملكي وتم نعيين الولاة الثلاث وتقدمت ليبيا بطلب الانضمام لعضوية الأمم المتحدة.
فيما يلي صور من قوائم أعضاء اللجنة التحضيرية المختصة بالإعداد للجمعية الوطنية.. و الجمعية الوطنية التأسيسية ( لجنة الستين ) وصورة من خطاب مبايعة الجمعية الوطنية التأسيسية الأمير محمد إدريس السنوسي ملكا دستوريا للملكة الليبية المتحدة سنة 1950م، وصورة من خطاب الملك إدريس السنوسي لإعلان الاستقلال يوم 24 ديسمبر سنة 1951م.
كان هذا مختصراً لتاريخ ليبيا جمعته من عدة مصادر، و الآن حان الوقت .. وبعد التعرف على ما فات .. لكي ننظر إلى ما يمكن عمله لتحسين الوضع المزري في البلاد. يحب علينا أن ندرس الأسباب التي باعدتنا عن المصلحة الوطنية العامة وأصبح كل واحد منا يغني على ليلاه.. الوطن ملك الجميع وليس لفرد أو قبيلة أو منظمة.. وحكم ليبيا يجب أن يكون من قبل مؤسسة ديمقراطية يساندها ويختارها الجميع بغض النظر عن الانتماء القبلي أو الجهوي، وبدون النظرة إلى المصالح الشخصية. هنا سنجد أنفسنا نختلف كليا عن آبائنا وأجدادنا الذين جاهدوا حق الجهاد ولم يطلب أيا منهم التعويضات الخيالية والمناصب والثروة.. لقد تعرفنا على الأبطال الوطنيين الذين وقفوا ضد القوى الكبرى التي كانت تطمع في بلادنا ولم يعطوها الفرصة لتطبق على الشعب الليبي والبلاد. لم يكونوا يتبعون أي جهة أجنبية ولم يخدموا أية أجندات خارجية . إيمانهم بأوطانهم ورجالهم مكنهم من المضي قدما ، بالرغم من وجود العراقيل.. والكثير منها .. ولكنهم جمعوا كلمتهم على جهة واحدة وشخص واحد .. الملك إدريس السنوسي.. مع العلم بأنه كان هناك من يخالفه.. ولكنهم تناسوا ذلك في وقت كانت البلاد في أمس الحاجة لقيادة موحدة مسلمة يلتف حولها الناس للخروج من المآزق، وليس المأزق الواحد.. نحن بحاجة إلى مثل هذه القيادة المسلمة الحكيمة التي يلتف حولها جميع إفراد الشعب وجميع القبائل.. ما دامت بلادنا تحكمها القبائل والعرف منذ آلاف السنين .. ولم تنجح الجامعات و التعليم في قتل النزعة القبلية والتفكير الجهوي المحدود،و التي قد تكون معوقة لتقدم البلاد نتيجة الجهل عند كثير من الناس. سأترككم الآن مع هذه الأفكار لكي نناقشها معا في لقاءاتنا القادمة .. لكي نري من هو ذلك الشخص الذي قد يوحد الأمة .. ولو لفترة زمنية محدودة بالسنوات وليس بعشرات السنين.. ترضية للبعض. أما أن نترك بلادنا فريسة للمجرمين الخونة أعداء الوطن وأعداء أنفسهم ليعيثوا في الأرض فسادا، فهذا لن تغفره لنا الأجيال القادمة. ها نحن نبجل الأجيال القديمة التى مهدت لنا الطريق إلى الاستقلال ثم مرحلة بناء الدولة التى عرقلها انقلاب عسكري متآمر في خدمة الغرب تحت ستار كاذب من الوطنية والقومية والحرية والعدالة .. فماذا ستكتب عنا الأجيال القادمة يا تري ؟.. هذا هو ما يجب أن نعمل عليه الآن. فكروا معي ولنا لقاء قادم إن شاء الله.
التاريخ يبين لنا بكل وضوح أن الشعب الليبي كان دائما ضحية الاستعمار الأجنبي من جهة، وضحية التوجهات القبلية والنظرة الضيقة للمجتمع من ناحية أخرى. لم تنعم ليبيا بالاستقلال عن الدول الأخرى في أي فترة من فترات التاريخ.. حتى في العهد الملكي كان فقر الدولة المدقع سببا في إذلالها بقبول القواعد الأجنبية على أراضيها. بعد تداول الاحتلال من الفينيقيين إلى فرسان القديس يوحنا، الذين طردوا من ليبيا على يد سنان باشا و درغوت باشا، المرسلين في حملة عسكرية من قبل السلطان العثماني سنة 1551م، جاء الإيطاليون طالبين حصتهم في أفريقيا باحتلال ليبيا والحبشة والصومال. و نلخص الأحداث التي ذكرناها فيما سبق كما يلي:
ــ بدأ تفتت الدولة العثمانية بعد أن خسرت الحرب ضد روسيا سنة 1878م.. وسقطت الجزائر وتونس في أيدي الفرنسيين سنة 1881م ثم مصر في أيدي الإنجليز سنة 1882م.
ــ أعلنت حكومة إيطاليا بأن ليبيا هي منطقة توسع لها، بعد أن أخذت موافقة الدول الأوربية الكبرى آنذاك، منتهزة فرصة تخصيص الدولة العثمانية ليبيا منطقة امتياز لأجل استثمار رؤوس الأموال الأجنبية، حيث كانت ليبيا تعاني من الجفاف و الفقر مما أثقل كاهل الدولة العثمانية التي كانت ترسل المساعدات تباعا لإنقاذ السكان من المجاعة. وقد نبه السيد عمر منصور الكيخيا النائب الليبي عن منطقة بنغزي في البرلمان العثماني في الآستانة في أبريل سنة 1911م في خطاب له بأن الوضع خطير وأن الإنجليز والفرنسيين يسعون إلى السيطرة على الجنوب الليبي والمناطق الشرقية.. فقام الباب العلي باجتذاب السنوسية إلى جانبه ورفع العلم العثماني على الكفرة. كما شرح عمر منصور الكيخيا دور السنوسية في نشر الإسلام في المنطقة .. وتراجعت فرنسا وبريطانيا عن خططهما.
ــ أنشأت إيطاليا لها مصالح في المنطقة ..و منها بنك روما ومدارس إيطالية وزاد عدد أفراد الجالية الإيطالية في منطقة طرابلس، وسارعت في مكافحة مرض الكوليرا الذي تفشي في المنطقة قبل حكومة الدولة العثمانية مما جعلها تكسب ثقة المواطنين وبالذات اليهود. ونبه كل من النواب الليبيون السادة الصادق بالحاج ومحمود الناجي ( عن طرابلس الغرب ) في البرلمان التركي على أن ذلك يشكل خطرا كبيرا وطالبوا الباب العالي باتخاذ إجراءات مناسبة.
ــ في 27 سبتمبر1911م وجهت إيطاليا إنذارا إلى الدولة العثمانية تجعلها مسؤولة عن إهمال ليبيا واتهمتها بأنها تحرض الليبيين على الإيطاليين و تضطهدهم.
ــ في 28 سبتمبر 1911م اقبل الموعد المحدد لانتهاء الإنذار وكانت السفن الحربية في ميناء طرابلس.
ــ في 29 سبتمبر 1911م أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا.
ــ 3 أكتوبر 1911م بدء قصف طرابلس وتم احتلال طرابلس بقوة قوامها 39 أف جندي بعد مقاومة من الأهالي والأتراك البالغ عددهم ثلاثة آلاف جندي.
ــ تنازلت تركيا عن ليبيا لإيطاليا بالتوقيع على معاهدة أوشي التي أبرمت بين البلدين في 15 أكتوبر سنة 1912م.. وبالمقابل تعهدت إيطاليا بعدم محاربة تركيا.
ــ في 17 أكتوبر أعلن ملك إيطاليا فيكتور عمانويل خضوع طرابلس وبرقة خضوعا تاما للسيادة الإيطالية.
ــ بعد تولي موسوليني الحكم في إيطاليا أعلن أن ليبيا جزء من إيطاليا وعمل كل ما يستطيع للقضاء على الإسلام وقتل مئات الألوف من المواطنين وزج بعشرات الآلاف من قبائل الجبل الأخضر في المعتقلات ونفوا المئات منهم إلي سجون في إيطاليا و أرسل آلاف الصغار قهرا إلى إيطاليا لتنصيرهم.
ــ لم يتوقف جهاد الليبيين ضد الغزاة منذ اليوم الأول حيث حاربوا مع الحاميات التركية رغم قلة عددهم وضعف تسليحهم.
ــ تحرك نواب البلاد وزعماؤها في طرابلس و فزان و برقة نحو معسكرات الجهاد ،ومن بينهم سليمان الباروني وأحمد سيف النصر وأحمد الشريف وأحمد المريض ورمضان السويحلي وعبد النبي بالخير. ثم برز بعد ذلك عمر المختار ويوسف بورحيل و الفضيل بوعمر والكزه عبد الحميد العبار .. وغيرهم من قادة الجهاد الكبار وآلاف مؤلفة من المجاهدين الأفاضل.
ــ في 16 أبريل سنة 1916م رجع سليمان الباروني إلى ليبيا ووصل على مصراتة على متن غواصة ألمانية قادما من تركيا و بدأ في تنظيم المجاهدين لمواجهة تحركات الجنود الإيطاليين. كما قام بالاتصال بقادة الجهاد في المنطقة الغربية لتوحيد الصفوف وشجعت الحكومة التركية فكرة إنشاء الجمهورية الطرابلسية وعقد اجتماع ضم جميع زعماء الجهاد في المنطقة الغربية وأعلنت الجمهورية الطرابلسية.
ــ وافقت إيطاليا وعقدت هدنة مع الزعماء، ولكنها انتهزت فترة الهدنة و قامت منذ البداية في التملص من التزاماتها تجاه هيئة الإصلاح المركزي وعملت على إثارة الفتنة والانقسام في صفوف الزعماء، وسعت إلى استمالة بعض الفئات وتأليبها ضد الفئات الأخرى. لقد خسرت إيطاليا في البداية عسكريا أمام المقاومة، وخاصة بعد معركة القرضابية ، ولكنها نجحت في سياسة الدهاء والمكر التي أدت إلى الوقيعة والحرب بين البربر ( الأمازيغ ) و الزنتان وبين مصراتة و ورفلله، و بين مصراتة و ترهونة وبين مجموعات من قبائل جبل نفوسة بين البدو والحضر. ولقد كانت الحرب الطاحنة بين الزنتان و الأمازيغ سنة 1916م ثم بعد ذلك سنة 1920/21م نتيجة لتلك السياسة.. وفشلت الجمهورية الطرابلسية.
ــ عقد مؤتمر غريان في نوفمبر سنة 1920م وقرروا بأن ليبيا تحتاج إلى قيادة أسلامية بزعامة مسلم ينتخب من الأمة وتكون لديه جميع السلطات بموجب دستور تقره الأمة بواسطة نوابها. عقد بعد ذلك اجتماع في سرت بتاريخ 21 يناير سنة 1922م بين زعماء طرابلس وبرقة واتفقوا على إنهاء فترة الفتور التي دامت 5 سنوات بينهم، وعلى توحيد الجهود ضد الإيطاليين وتوحيد الزعامة على البلاد والعمل على انتخاب أمير مسلم لهذه القيادة حسب ما جاء أعلاه، ثم انتخاب مجلس تأسيسي لوضع القانون الأساسي والنظم اللازمة لإدارة البلاد.
ــ بعد فشل الطرابلسيين في تحقيق أية نتائج إيجابية مع الطليان قرروا مبايعة السيد محمد إدريس السنوسي أميرا على البلاد تنفيذا لقرارات هيئة الإصلاح المركزية في فندق الشريف.
ــ كان المجاهدون في برقة يحاربون العدو الإيطالي منذ بداية الاحتلال بلا هوادة تحت قيادة الحركة السنوسية بزعامة السيد أحمد الشريف وتكبدهم الخسائر الجسيمة في الأموال و الأرواح. ولم تكن هناك المشاكل التي كانت بين القبائل في غرب ليبيا نتيجة توحد القبائل تحت راية السنوسية بزعامة أحمد الشريف و بعد ذلك محمد إدريس السنوسي.
ــ خسر أحمد الشريف الحرب إلى جانب الألمان والأتراك ضد بريطانيا سنة 1915م و أدي الجفاف الذي أصاب البلاد لسنوات إلى انتشار المجاعة والفقر والأوبئة والأمراض كل ذلك مع غزو الجراد البلاد.. ووجد أحمد الشريف نفسه مضطرا إلى تسليم القيادة لوريثها الشرعي إدريس السنوسي في تلك الظروف القاسية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 4:07 pm


ــ 1916م بدأت ثورة الأتراك ضد السنوسية.
ــ اضطر محمد إدريس للدخول في مفاوضات من الإنجليز الذين اشترطوا عليه التوصل إلى اتفاق مع حلفائهم الطليان أثناء المفاوضات. فكانت مفاوضات في الزويتينة بالقرب من اجدابيا أواخر سنة 1916م ثم في عكرمة بالقرب من طبرق في أوائل سنة 1917م ثم عقد اتفاقية الرجمة في أكتوبر سنة 1920م.
ــ هاجر الأمير إدريس و إلى مصر وبشير السعداوي إلى سوريا ,, كذلك آخرون مثل أحمد المريض وعبد الحميد العبار و كثير من الزعماء، بعد اجتياح الإيطاليين المدن الليبية مثل مصراته ومدن جبل نفوسة و فزان و اجدابيا. وبقي عمر المختار ومقاتليه الوحيدون على ساحة القتال حتى سنة 1933 بعد أن تم القضاء على المقاومة نهائيا بالقبض على عمر المختار.
ــ استمر نضال الليبيين في المهجر بدون انقطاع في مصر وسوريا وتونس.
ــ كان لدخول إيطاليا الحرب العالمية الثانية الأثر الإيجابي الذي جعل الأمير إدريس ينتهز الفرصة للاتفاق مع بريطانيا لخوض الحرب إلى جوارها لطرد الطليان من ليبيا.
ــ اجتمع الزعماء والقادة الليبيون في المهجر بمصر يوم 20 أكتوبر سنة 1939م تحت قيادة الأمير إدريس الذي تم تفويضه للدخول في مفاوضات مع بريطانيا لغرض الاشتراك في الحرب وتم أنشاء القوة العربية الليبية ( الجيش السنوسي ) في أغسطس سنة 1940م ، كما وافقت جمعية الدفاع الطرابلسي البرقاوي بزعامة بشير السعداوي على ذلك التفويض.
ــ دخل الجيش السنوسي الحرب إلى جانب بريطانيا واشترك في معارك كثيرة. بعد انتهاء الحرب أخلت بريطانيا بعهودها واعترفت فقط بإمارة برقة و محمد إدريس أميرا عليها وأبدت النية في الاحتفاظ ببرقة وطرابلس تحت إدارتها وسيطرتها، كما سيطرت فرنسا على فزان.
ــ لم يتوقف الليبيون عن المطالبة بالاستقلال التام وسعوا إلى ذلك لدي منظمة الأمم المتحدة وقاوموا بلا هوادة كل المحاولات التي كانت ترمي إلى وضع ليبيا تحت الوصاية الدولية ورجوع طرابلس تحت الوصاية الإيطالية.
ــ نجح الليبيون في إقناع الأمم المتحدة للتصويت على منحها الاستقلال التام والتي ساعدت عن طريق مندوب عينته لها في ليبيا على تشكيل الجمعية الوطنية التي عملت على إخراج الدستور إلى حيز الوجود.
ــ قامت الجمعية الوطنية التأسيسية بمبايعة الأمير محمد إدريس المهدي السنوسي ملكا دستوريا للمملكة الليبية المتحدة بتاريخ 2 ديسمبر 1950م.
ــ ألقي الملك إدريس الأول خطابا بتاريخ 24 ديسمبر 1950 أعلن فيه استقلال ليبيا التام.
إخوتي .. أخواتي .. حاولت أن أختصر الأحداث بقدر الإمكان دون الخروج عن التسلسل لكي نستطيع مقارنة الماضي بالحاضر .. و يا له من تشابه.
عند إعلان استقلال ليبيا في يوم 24 ديسمبر 1951م كانت ليبيا دولة وليدة ليس لها من مقومات الدولة شيء يذكر. كانت مفلسة ماديا وتعاني القحط والجفاف ولكن لم تكن مفلسة فيما يخص الرجال. كان هناك رجال بكل معنى الكلمة .. مؤمنين بالله، وطنيين مخلصين للوطن وللرجل الذي اختاروه ملكا موحدا للبلاد، وجلهم من الذين كافحوا الاستعمار الإيطالي بالمال والسلاح والنفس. كان هدفهم تحرير البلاد من الاستعمار الإيطالي في البداية، ثم الاستقلال التام من سيطرة الإنجليز والفرنسيين في النهاية. وبعد تحقيق ذلك كانت مهمتهم بناء دولة من لا شيء. لم تكن ليبيا دولة في يوم من الأيام، بل مستعمرة فينيقية أو إغريقية أو رمانية أو ولاية من ولايات الإمبراطورية العثمانية. في 24 ديسمبر 1951م أعلن ميلاد دولة لم تكن موجودة.. كانت القوة العسكرية البريطانية تسيطر على الجيش والبوليس في برقة وطرابلس و وتسيطر القوات الفرنسية في فزان. استلمت الحكومة المؤقتة برئاسة المرحوم محمود المنتصر إدارات البلاد رويدا رويدا من الإدارة البريطانية مع الاحتفاظ بمستشارين انجليز تقريبا في كل وزارة وإدارة للمساعدة في تسيير دفة المركب الجديد. لم يكن للبلاد جيش ولا شرطة ولا رجال يحافظون على الأمن .. كل شيء في أيدي الأجانب. ومع ذلك تحقق كل شيء بالتدريج وتحت عيون الأمم المتحدة، وتم بناء الجيش والشرطة وأنشأت كلية عسكرية لتخريج الضباط في الزاوية وواجهت صعوبات عندما وضعت شروط حصول الطلبة على الشهادة الإعدادية .. ولم يكونوا كثيرين بسبب السياسة التعليمية الإيطالية التي حرمت الليبيين من التعليم المتقدم. ومن أهم المشاكل التي واجهت الدولة الجديدة مشكلة تغطية ميزانية البناء و التنمية. كانت الخزينة خاوية. وأرسل السيد على الجربي إلى مصر و قابل محمود فوزي وزير الخارجية ومحمد نجيب رئيس مجلس قيادة الثورة وجمال عبد الناصر نائب الرئيس آنذاك وقائد ثورة 23 يوليو الفعلي لطلب سلفه بمقدار مليوني جنيه واعتذرت مصر لعدم قدرتها على ذلك و سافر الوفد إلى العراق واعتذرت العراق أيضا. كانت الحكومة قد قررت الدخول في حلف عسكري مع بريطانيا للحصول على دعم مالي، ولتبديد احتمالات تدخل إيطاليا في الشؤون الليبية، فدخلت ليبيا مجبرة في مفاوضات مع البريطانيين وبعدها مع الأمريكيين لعقد اتفاق على تأجير القواعد العسكرية التي كنت تحت أيديهم على أية حال. وبعد مناقشات توصلوا إلى اتفاق مالي تحت شروط معينة يمكن الرجوع إليها في بعض المراجع المذكورة نهاية هذه المقالة. وكان الاتفاق يشمل دعما ماليا في حدود ثلاثة ملايين وسبعمائة وخمس وسبعون ألف جنيها إسترليني يخصص منها مليون جنيه للتنمية والباقي لدعم الميزانية. غير أن المفاوضات مع أمريكا كانت أصعب، ولم يرد الأمريكيون منح أية مبالغ مالية على أساس أنها تساعد عن طريق النقطة الرابعة المنبثقة عن مشروع مارشال لبناء أوربا، كما كان من وجهة نظرهم أن القاعدة الأمريكية في الملاحة بطرابلس كانت لحماية العالم الحر.. بما فيها ليبيا، وأعلنت عن طريق وزيرها المفوض في ليبيا آنذاك أن أمريكا ترفض رفضا قاطعا فتح الباب لمسألة دفع إيجارات عن قواعدها المنتشرة في أنحاء العالم خاصة وأن الجانب الليبي كان متمسكا بالمطالبة بمبلغ لا يقل عن خمسة وعشرين مليون دولار. وبعد جهود مضنية وافق الأمريكيون على دفع مليوني دولار فقط كمساعدات سنوية.
كان المخلصون من أبناء الوطن في الحكومة يعملون حثيثا للحصول على تغطية مالية تمكنهم من البدء في بناء الدولة. وإذا ما قورنت تلك الفترة بما يحدث الآن في ليبيا نجد الفارق الشاسع في كل شيء.. كانت ليبيا فقيرة وليس لها من الموارد من شيء وتعيش على الإعانات الدولية متمثلة في مساعدات النقطة الرابعة الأمريكية وقمح أمريكي وتغذية مدرسية.. واستطاعت الحصول على مبالغ نظير القواعد الأجنبية.. الآن ليبيا تسبح على بحيرة من النفط ولديها إيرادات تبلغ المليارات من الدولارات، لديها مدارس وجامعات ومعاهد وعشرات الآلاف من خريجي الجامعات.. ولكن تفتقر إلى الشرفاء من السياسيين الذين وصلوا إلى مكان يسيطرون فيه على مفاصل الدولة. لو أرادوا بناء الدولة وسعوا له لما واجهوا ما واجهه الآباء و الأجداد من تحديات. لم تستغرق كتابة الدستور تحت إشراف الأمم المتحدة سوي عشرة أشهر ثم أعلن قيام الدولة بإعلان استقلالها.. لم يستطع المؤتمر الوطني الآن وبعد ثلاث سنوات عمل نفس الشيء.. اتفق جميع قادة البلاد في الفترات الحرجة قبل الاستقلال على توحيد القيادة في شخص السيد محمد إدريس السنوسي بالرغم من اختلافاتهم الإيديولوجية. كان همهم طرد المستعمرين الطليان ثم الاستقلال. لم تكن لهم أطماع شخصية ولم يخدموا أجندات أجنبية مثل سياسيي اليوم أو أشباه الثوار أو الثوار المنقلبون على مبادئ الثورة ، الطامعون في مليارات البترول والذين يخدمون مصالح أجنبية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
لقد آن الأوان لأن نجد الشخص الذي تلتف عليه الأمة بأسرها، إنقاذا لها وللبد الطيب الذي أنجبها.
لقد آن الأوان لكي ننبذ القبلية و الجهوية والأنانية.
لقد آن الأوان لكي نعي مدى الدمار الذي سببه نظام الحكم السابق لعقلية الإنسان الليبي فجرده من إنسانيته وأخلاقه المبنية على تعاليم الإسلام والعرف الصحيح والنخوة.
لقد آن الأوان لكي نتناسى الأحقاد التي أشعلها نظام جائر ورسخها في عقليات الناس على مدى 42 سنة عجاف.. دمر فيها النسل والحرث.
لقد آن الأوان لكي يعي أتباع النظام السابق أن التاريخ دولة بين الناس، وأنه لا يوجد مخلدون على وجه الأرض . لقد ولت حقبة القذافي إلى غير رجعة ولن يرض الليبيون بعودة المستغلين المجرمين لحكم البلاد مرة أخرى ، وأنه عليهم الانخراط في عملية البناء بدلا من الاعتقاد في نظريات أثبتت فشلها على مدى أربعة عقود من الزمن. لو كانت نظريات العهد السابق صحيحة وسليمة لكانت ليبيا في مقدمة دول العالم بما لديها من إمكانيات مادية ضخمة .. ألا يعي أولئك التابعون لذلك العصر الفاشل فشل تلك الحقبة في تحقيق أي شيء إيجابي لليبيا. أم هم مصرون على التخريب والدمار. لقد سرق من سرق وقتل من قتل وخان من خان، أتركونا وشأننا وتمتعوا بما سرقتم من أموال الشعب الليبي. عندكم المليارات فلماذا لا تضعوها في البنوك وتعيشوا على الأرباح. اتركونا لنبني البلاد التي دمرتموها.

يا شعب ليبيا الحر .. الذي أصبح حرا بتضحية الشباب والشيب.. يا من وقفتهم ضد الطاغية في عنفوان جبروته وقلتم له ( يكفي يكفي.. اذهب إلى غير رجعة ).. إنكم بما تقومون به الآن تقتلون أنفسكم و تدمرون القواعد التي يجب أن نبنى عليها مستقبل الأجيال القادمة. يا قادة الدروع ويا نواصي ويا قعقاع ويا ثوار مصراته ويا بني وليد ويا ترهونة ويا ويا ويا .. آن الأوان آن تعقلوا. لن يرضى بعضكم ببعض حاكما على الآخر .. لكل منكم وجهة نظر ولبعض منكم سياسيون يخططون لما لا تعلمون. اتفقوا على رجل ليس منكم ولا منا ولا منهم .. رجل يقود هذه المرحلة الخطيرة في تاريخ بلادنا. تذكروا بأن ليبيا لا زالت تحت البند السابع للأمم المتحدة ويمكن للنيتو أن يتدخل في أي وقت يشاء. تذكروا بأن ليبيا كانت ستكون تحت وصاية الأمم المتحدة لولا الرجال المخلصين الذين كافحوا للحصول على الاستقلال. هل تريدون أن نخسر ما حققوه ونرجع إلى الوراء، إما تحت وصاية الأمم المتحدة أو تحت احتلال جديد تحت أي مسمى ؟ فكروا معي في الرجل الذي يمكنه قيادة البلاد بموافقة الجميع بمختلف إيديولوجياتهم و آرائهم السياسية. سأفكر معكم وسيكون لنا لقاء قادم بإذن الله تعالى.
المراجع التي استندت إليها في تحليلي وسردي لما كان ولما سيأتي بإذن الله:
ــ الملك محمد إدريس السنوسي.. حياته وعصره.. للدكتور الحسيني الحسيني معدي .. من منشورات كنوز للنشر والتوزيع.
ـــ بحوث ودراسات في التاريخ الليبي منذ أقدم العصور حتى سنة 1911: تأليف مجموعة من الأساتذة والباحثين تحت إشراف الدكتور صلاح الدين حسن السوري و سعيد على حامد.. من بين المؤلفين الأستاذ محمد الجراري، الدكتور محمد علي عيسى، الدكتور خليفة بن ناصر والدكتور عبد السلام محمد شلوف.. وغيرهم. من منشورات المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية طرابلس.
ــ ذكريات معتقل العقيلة للمرحوم إبراهيم العربي الغماري.. من منشورات المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية .. طرابلس.
ـــ ليبيا والليبيون في مجالس النواب العثمانية: من تأليف الأستاذ الدكتور أورخان سعد الله كولوغلو، الأستاذ عبد الكريم عمر أبوشويرب . من منشورات المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية/ طرابلس.
ــ محطات من تاريخ ليبيا للمرحوم محمد عثمان الصيد. أحد المسؤولين السياسيين السابقين وريسا للوزراء في العهد الملكي. من منشورات طوب للاستثمار والخدمات .. الرباط.. المغرب
ــ حقيقة مصطفى بن حليم و هذا ردي على افتراءاته للمرحوم أبي القاسم العربي الغماري.. من منشورات دار الرواد .. طرابلس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 4:08 pm

تاريخ حكام ليبيا


الخلفاء الراشدون
644 661 23 41
الأمويون
661 750 41 132
العباسيون
750 932 132 320
الطولونيون
868 904 254 291
الإخشيديون
935 946 323 334
ولاة طرابلس
الفاطميون 969 1171 358 566
الأيوبيون 1171 1250 566 648
...
...
فزان
بني محمد
1550 1820 957 1235 في فزان
ولاة فزان
العثمانيون
1824 1909 1239 1327
طرابلس
حكام طرابلس
الإسبان 1511 1530 917 936 قامت أسبانية بنقل شؤون الحكم إلى جماعة فرسان القديس يوحنا أصحاب مالطة
حكام طرابلس
فرسان القديس يوحنا 1530 1551 936 958
الدايات
العثمانيون
1551 1711 958 1123 طرابلس
القرمنليون
1711 1835 1123 1251
ولاة طرابلس
العثمانيون
1835 1918 1251 1336
الجمهورية الطرابلسية
1918 1923 1336 1341 قامت في طرابلس بعد سقوط تركية مع النهاية الحرب الأولى
حكام طرابلس
الإيطاليون 1911 1942 1329 1361
حكام طرابلس
البربطانيون
1942 1951 1361 1370
برقة
السنوسيون
1843 1929 1259 1348 في الجبل الأخضر
الإيطاليون
1929 1941 1348 1360
البريطانيون
1941 1963 1360 1383
كامل ليبيا
الجنرالات
الإيطاليون 1934 1943 1353 1362
قوات الحلفاء
1943 1949 1362 1368
مفوضية الأمم المتحدة
1949 1951 1368 1370
المملكة الليبية
1951 1969 1370 1389 العائلة السنوسية
--- رؤساء الوزارة
1951 1969 1370 1389
الجماهرية الليبية
1969 حالياً 1389
--- رؤساء الوزارة
1969 1977 1389 1397 ثم ألغي المنصب
--- لجنة الشعب
1977 حالياً 1397
--- مجلس الشعب
1977 حالياً 1397
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث وملف كامل عن الوطن العربي    بحث وملف كامل عن الوطن العربي  - صفحة 5 Emptyالثلاثاء مارس 10, 2015 4:09 pm

عدد سكان ومساحة ليبيا
معلومــات عن لــيبيا
الموقع الجغرافي
تقع ليبيا وسط ساحل أفريقيا الشمالي على البحر المتوسط، وتمتد رقعتها الشاسعة حتى مرتفعات شمال وسط القارة الأفريقية، يحدها من الشرق مصر، ومن الجنوب السودان وتشاد والنيجر، ومن الغرب الجزائر وتونس، وجغرافياً تمتد ليبيا بين خطي طول 9° و25° شرقا، ودائرتي عرض 25 18° و33° شمالا
و بناء على موقعها الجغرافي تعد ليبيا جسرا مهما يربط بين أفريقيا وأوروبا، كما أدى موقعها المميز على الساحل الجنوبي للمتوسط إلى تأثرها منذ أقدم العصور تأثرا مباشرا بالأحداث التاريخية المهمة التي عرفتها منطقة البحر المتوسط، وتعد موانؤها الصالحة لاستقبال السفن على مدار السنة مثل مينائي بنغازي وطرابلس وغيرهما منافذ جيدة لتجارة بعض الأقطار الأفريقية كالنيجر وتشاد ومالي مع العالم الخارجي، هذا وتمثل ليبيا بموقعها الإستراتيجي حلقة وصل مهمة بين مشرق الوطن العربي ومغربه، ولهذا السبب يظهر فيها بوضوح التقاء وامتزاج التيارات الثقافية والحضارية العربية الإسلامية
وسياحيا فإن قرب ليبيا من الأسواق السياحية الرئيسية المتمثلة في دول أوروبا الغربية، وارتباطها بدول الجوار بشبكة من الطرق المعبدة يجعل الوصول إليها سهلا ميسورا سواء عن طريق البحر أو البر أو الجو
المساحة
تتميز ليبيا بالاتساع المكاني حيث أن مساحتها في حدود 1,774,440 كم مربع، وهي بذلك تأتي في الترتيب الرابع من حيث المساحة بالنسبة للأقطار الأفريقية، كما يبلغ طول شاطئها المطل على البحر المتوسط قرابة الألفي كم
عدد السكان
يبلغ عدد السكان في ليبيا حوالي 6097556 مليون نسمة و ذلك حسب تعداد عام 2005م
الأحوال المناخية
يتميز مناخ معظم أراضي ليبيا بالجفاف مع اختلاف كبير في درجة الحرارة، وتعتبر منطقة الصحراء الكبرى في الجنوب والبحر المتوسط في الشمال بمثابة العوامل الرئيسية التي تحدد المناخ في البلاد، ففي المنطقة الساحلية يعتبر فصل الشتاء معتدلا رغم تساقط الثلج في بعض المناطق المرتفعة أحيانا، ولا ينخفض معدل درجة الحرارة عن 5 درجات مئوية، أما فصل الصيف فيعتبر حارا نسبيا حيث تبلغ درجة الحرارة أقصاها في شهر “اغسطس” ولا يتجاوز معدل الحرارة الشهري خلال هذه الفترة 30 درجة مئوية، كما أنه لا تسقط أمطارٌ خلال فصل الصيف، في المناطق الجبلية كالجبل الغربي والجبل الأخضر يكون للارتفاع والقرب من البحر تأثير معدل لدرجة الحرارة
أما فيما يتعلق بالمنطقة الصحراوية فإن معدل درجة الحرارة العام يزيد عن 30 درجة مئوية خلال فصل الصيف ولا يتجاوز 5 درجات مئوية خلال فصل الشتاء
وبينما يعتبر سقوط الأمطار غير شائع في المناطق الصحراوية تحدث أحيانا عواصف مطرية بل يسقط الثلج في بعض الأحيان
وعموما فإن ليبيا تتميز بمناخ معتدل يتسم بالتنوع من مناخ البحر المتوسط في الساحل إلى المناخ الصحراوي في الجنوب مما يجعله عامل جذب و مقوم هام من مقومات صناعة السياحة بها
التضاريس
تضم الأراضي الليبية العديد من الوحدات التضاريسية المميزة والمتباينة والتي يمكن تحديدها ضمن ثلاث نطاقات رئيسية يحتوي كل منها على مجموعة من الوحدات التضاريسية التي تتشابه نوعا ما في أشكالها وفي العوامل الجيومورفولوجية المسئولة عنها وهي
نطاق السهول الساحلية: سهل الجفارة، سهل الخمس، سهل مصراته، سهل بنغازي، سهل سرت، السهول الشرقية
نطاق المرتفعات الشمالية: الجبل الغربي، الجبل الأخضر، هضبة البطنان والدفنة
:النطاق الصحراوي
الهضاب: هضبة الحمادة الحمراء
المنخفضات الشمالية: منخفض الجغبوب، منخفض أوجلة وجالو واجخرة، منخفض مرادة
الأحواض: حوض أوباري، حوض مرزق، حوض الكفرة
الجبال: جبل السودا، جبل الهروج، جبل تيبستي، جبل العوينات، جبل أكاكوس
الأودية: وادي الشاطىء، وادي الحياة
المسطحات الرملية والسرير
بناء على ماسبق فإن ليبيا تتميز بالتنوع الهائل في المناظر الطبيعية والناتج عن تعدد المظاهر التضاريسية بها، وهو ما يعد أحد أهم عوامل الجذب السياحي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بحث وملف كامل عن الوطن العربي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 5 من اصل 5انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5
 مواضيع مماثلة
-
» الوطن العربي
» الوطن العربي
» الوطن العربي
» الوطن العربي والتحديات المعاصرة
» أهم المعلومات عن الوطن العربي الكبير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى العالم العربي والإسلامي-
انتقل الى: