ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 ملف صفات العلماء (من اربعة اجزاء الجزء الرابع والاخير)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

ملف صفات العلماء (من اربعة اجزاء الجزء الرابع والاخير) Empty
مُساهمةموضوع: ملف صفات العلماء (من اربعة اجزاء الجزء الرابع والاخير)   ملف صفات العلماء (من اربعة اجزاء الجزء الرابع والاخير) Emptyالسبت أبريل 28, 2012 5:21 am

ملف صفات العلماء (من اربعة اجزاء الجزء الرابع والاخير) 5RK63-uLlk_18631885

ملف صفات العلماء (من اربعة اجزاء الجزء الرابع والاخير)
إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم
يقول الشيخ أحمد بن عمر بازمول حفظه الله تعالى :
ما تضمنه قول ابن سيرين رحمه الله تعالى من الفوائد والحكم، قول ابن سيرين رحمه الله تعالى تضمن عدة فوائد أجملها سريعا :
وحين يتأمل المرء في بعض الكتب الصادرة ، وما يجد فيها من فهم خاطئ لبعض نصوص الكتاب والسنَّة ، وأقوال أهل العلم ، يتيقن بأنَّ الخطأ ليس في صياغة الشيخ في كتابه بدلالاته اللغوية ، ومعانيه الكلاميَّة ، وإنَّما من الفهم القاصر لقارئ الكتاب ، ممَّا يجعله ينزلق في الفهم القاصر ، كما قال ابن القيم ما أكثر ما ينقل الناس المذاهب الباطلة عن العلماء بالأفهام القاصرة) [مدارج السالكين/431].
وصدق من قال:
وكم من عائب قولاً صحيحاً ......... وآفته من الفهم السقيم
ولا عجبَ أن ترى كثيراً من المسائل التي وقعت بها أخطاء علميَّة ، أدَّت فيما بعد لأن تكون أقوالاً تنسب لبعض المنتسبين للعلم ، لتكون خلافاً يحكى أمد الدهر ، وذلك لقلَّة الفهم ، وضعف العلم ، ولو سكت هؤلاء القوم ولم ينطقوا لكان ذلك بهم أحرى وأوْلى من أن يتكالبوا على التدريس والتعليم ، وبضاعتهم في العلم مزجاة ، وممَّا يحسن إيراده في هذا المقام ما قاله كلثوم العتابي حيث قال لو سكت من لا يعلم لسقط الاختلاف ) معجم الأدباء(5/19) وقال أبوحامد الغزالي لو سكت من لا يعرف قلَّ الاختلاف ، ومن قصر باعه وضاق نظره عن كلام علماء الأمَّة والاطِّلاع عليه فماله وللتكلُّم فيما لا يدريه ، والدخول فيما لا يعنيه ، وحق مثل هذا أن يلزم السكوت) [الحاوي للفتاوى/116].
ولهذا كان أهل العلم رحمهم الله جميعاً إذا سئلوا عن مسألة ولم يعرفوا لها جواباً قالوا : الله أعلم ، ولم يفذلكوا أو يكذلكوا ، بل كانوا متَّسمين بالوضوح تجاه مستفتيهم ، إن علموا حكم المسألة قالوا بها ، وإن جهلوها قالوا لا نعرفها ، بل كانوا لا يجزمون في فتاويهم في بعض الأحيان إن شعروا أنَّ المسألة قد تحتمل أوجهاً متعدِّدة ، كما نقل عن الإمام مالك أنَّه في بعض الأحيان إن أفتى قال إن نظنُّ إلاَّ ظنَّاً وما نحن بمستيقنين) [جامع بيان العلم وفضله/146] وممَّا نقل عن بعض أهل العلم حين كانوا لا يعرفون حكم المسألة أو يجهلونها ، ما نُقِلَ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّه قال وابردها على الكبد إذا سئل أحدكم عمَّا لا يعلم ، أن يقول : الله أعلم) [تعظيم الفتيا لابن الجوزي/81].
3 ألاَّ يكون من أصحاب تتبع الرخص ، ومن المتساهلين في فتاويهم وتعليمهم:
والحقيقة أنَّ أصحاب تتبُّع الرخص صاروا يستمرؤون هذه الخصلة وخاصَّة في هذا الزمان ، بل صاروا يأتوننا بأسماء جديدة للفقه ، فطوراً يقولون: نحن من دعاة (تطوير الفقه الإسلامي) وتارة يقولون : نحن أصحاب مدرسة(فقه التيسير والوسطيَّة) وليتهم كانوا كذلك ، فهناك فرق بين التيسير الذي هو سمة الفقهاء الراسخين ، والتفريط الذي هو سمة المتساهلين! بيد أنَّ التيسير والترخيص لا يؤخذ إلاَّ من رجل عالم ثبت ثقة، وأمَّا أن يؤخذ ذلك من كل أحد يدَّعي الاجتهاد والتعليم ، فإنَّ ذلك هو المرفوض قطعاً ، وبما أنَّ الربَّاني يرفض الغلو والتشديد ، فهو كذلك يرفض الترخيص والتساهل من غير الثقات ، لذا قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله (إنَّما العلم عندنا الرخصة من ثقة فأما التَّشدد فيحسنه كلُّ أحد) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر(1/784) فليفرَّق بين أصحاب مدرسة التيسير المتَّبعين لضوابط الشرع ، وبين أولي التساهل والتفريط والتمييع وعلى هذا فقس، من أنصار تطويع الفتوى للواقع ، وليِّ أعناقها لتواكب هذا العصر وتوازن ميوله واتجاهاته خشية أن يٌنْبَزُوا بأنَّهم متشدِّدون متنطِّعون!.
وصرنا نرى فتاوى يضحك الجهلاء منها ، كشيخ يرى جواز كشف شعر المرأة لأنَّ هناك عالماً كان يرى كشف شعر المرأة ؛ ولذا فلا بأس بأن تكشف المرأة شعرها ، وشيخ يفتي النساء المسلمات ويدعوهنَّ إلى التَّخلِّي عن الحجاب تلافياً لموجة الاعتداءات على المسلمين التي شهدتها بريطانيا عقب الهجمات على لندن ، وآخر يرى جوازَ بيعِ المسلمينَ للكفَّارِ الخمرَ ، بدعوى الضرورة والحاجة: أمور تضحك السفهاء منها ويبكي من عواقبها الحليم وثالث يفتي بجواز التطبيع مع اليهود مع أنَّ إباحة ذلك قضيَّة خطيرة للغاية، وشيخ ٌيرى جواز إمامة النساء للرجال ، أو يرى جواز التدخين لمن يقدر على شرائه ، أو بمن يقول بجواز لبس البنطال للنساء في الشوارع بحجَّة أنَّه يستر جسدها ، أو بجواز مصافحة المرأة الأجنبيَّة للرجل وتقبيله لها أو تقبيلها له ، أو من شيخ يرى جواز أن يتغنَّى الفسقة المغنُّون بالقرآن ويعزفوا الوتر على آياته ، وآخر ما اطَّلعت عليه ما نشر عن أحدهم بأنَّه يشكِّكُ في نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام إلى الأرض في آخر الزمان ؛ ضارباً على الأحاديث الواردة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في إثبات هذه المسلَّمة العقديَّة ! .
وقد سمعت من ذلك عجباً لا أحبُّ أن أزيد به القارئ ضحكاً مزجياً بتعجُّبٍ واستغراب.
ومن الوسائل التي يحاول أدعياء تطوير الفكر الإسلامي أن يطرحوها ؛ اتِّخاذ التلفيق الفقهي وسيلة لمعايشة ضغوط الواقع ، والمقصود بالتلفيق: أن لا يلتزم المفتي أو مستنبط الحكم مذهباً معيَّناً في فتاواه وفي حكمه ، بل يحاول أن يأخذ برخص الفقهاء ، ونوادر العلماء ، وتيسيرات المتقدِّمين ، لتكون مناسبة لفقه القرن الواحد والعشرين ، وهو قرن اندماج الثقافات مع الآخر الغربي/الكافر ، ليكون ذلك وسيلة على إظهار الإسلام بروح المعاصرة والمسايرة! .
وقد اطَّلعت مؤخراً على كتاب جديد كتبه مراد هوفمان) بعنوان في تطوُّر الشريعة الإسلامية) يقرِّر فيه إسلاماً يسميه (الإسلام المعتدل) إذ يرى أنَّ الشريعة الإسلامية قابلة للتطور والمرونة ، ولذا يرى أنَّ شهادة المرأة كافية وخاصَّة في الأمور الاختصاصيَّة بل وملزمة /ص47، ويرى أنَّ تعدد الزوجات هو استثناء لحالات خاصَّة حيث يسمح به في حالة الأمَّهات الأرامل ممَّن لديهنَّ أطفال يتامى، أو مع يتيمات ، أو لهدف العناية بالأيتام/ص41، كما يرى أنَّه لا ينبغي إقامة حدِّ الردَّة على المرتد عن الإسلام/ص53 ، ويرى أنَّ الإسلام كنتيجة نهائية لبحث كتبه في عشرين سطراً لم يقرَّ أبداً رجم الزناة/ص55، بل يرى أنَّ الحديث عن مفاهيم دار الحرب ودار الإسلام للتعبير عن العلاقة بين الشرق والغرب بأنَّها مفاهيم تجاوزها الزمن/ص65 ، إلى غير ذلك من الضَّلالات التي وقعَ فيها هذا الرجل ، ليجعل أحكام الإسلام تُؤخذُ بهذه الطريقة المنهزمة ، والمُمَيَّعة!(آلله أذن لكم أم على الله تفترون)يونس(59) .
ولولا أن يُظنَّ بنا غلوٌّ لزدنا في المقال من استزادا فهذا الرجل وأمثاله الذين صار لهم توسع وانتشار ؛ من الأشكال التَّي تعرض الدين الإسلامي بطريقة تجعل النصوص الإسلاميَّة ملويَّة أعناقها لتتواءم كما زعموا مع معطيات الحضارة ، ومتغيرات الزمن، وليؤسٍِّسوا فقهاً اجتهاديَّاً جديداً يرعى مصالح الزمان ، وضغوطه الدولية، والَّتي من أهمِّها أن ينظر الغرب إلى هذه العقول بأنَّها عقول مرنة ومنفتحة ، وصدق من قال من علمائنا المعاصرين:إنَّ الاجتهاد لم يُفتح في هذا الزمان وإنَّما كسر كسراً!.
فرحم الله من قال:
إن رُمْتَ حقَّاً لهذا الدِّين مصلحة ......... لا تظلم القوس أعط القوس باريها
ولقد كان علماؤنا الأجلاَّء يحرِّمون استفتاء المفتي المتساهل ، كما ذكر الإمام ابن مفلح قائلاً يحرم تساهل المفتي ، وتقليد معروف به) [التقرير3/351 بواسطة : زجر الفقهاء عن تتبع رخص الفقهاء/66] وكان الإمام أيوب السختياني رحمه الله يقول يخادعون الله كأنَّما يخادعون الصبيان) [أعلام الموقِّعين4/176177] ولهذا شكا بعضهم إلى الفقيه ابن حجر الهيتمي أحدَ قضاة المسلمين ؛ لأنَّه يشدِّد على الناس فلا يحكم إلاَّ بالقول الصحيح ، ولا يسلك بهم مسلك التخفيف والترخيص فأجاب رحمه الله بقوله ما ذكر عن هذا القاضي إنَّما يُعَدُّ من محاسنه لا من مساوئه ، فجزاه الله تعالى عن دينه وأمانته خيراً ، فإنَّه عديم النظر إلى الآن ثمَّ قال: فقيام هذا القاضي حينئذٍ بقوانين مذهبه ، وعدم التفاته إلى الترخيص للناس بما لا تقتضيه قواعد إمامه يدلُّ على صلاحه ونجاحه وفلاحه) [الفتاوى الكبرى الفقهية 4/34 بواسطة زجر الفقهاء عن تتبع رخص الفقهاء لجاسم الدوسري/ ، وكتاب تحذير الفضلاء للمقطري/3536].
ولهذا فإن المنتسبين لأصحاب مدرسة(فقه التيسير أي التساهل والتمييع لقضايا الشريعة ) المدَّعين أنَّهم أولو الوسطيَّة والاعتدال ، فإنَّك واجد في كتاباتهم ودروسهم وفتاويهم عجائب من الأقاويل ، التي يرون أنَّهم بها قد وافقوا بين الأصالة الفقهية ، والمعاصرة الزمانيَّة،ومن ذلك ما قاله الشيخ مصطفى المراغي لأعضاء لجنة وضع لائحة الأصول للأحوال الشخصيَّة وكان رئيسها ضعوا من المواد ما يبدو لكم أنَّه موافق الزمان والمكان ، وأنا لا يعوزني بعد ذلك أن آتيكم بنص من المذاهب الإسلاميَّة يطابق ما وضعتم) [تراجم الأعلام المعاصرين لأنور الجندي/ص48].
آه من دهر خؤون أهله ........لا يرون العلم للدين شعارا
طلبوا علماً بماضي غيرهم .........حالهم أحسن إذ كانوا صغارا
فإذا ما الشيب في أذقانهم ملؤوا الآفاق ظلماً وبوارا وقد كان أهل العلم يحذِّرون أشدَّ التحذير من الأخذ برخص العلماء وزلاَّتهم ، وأن تُجعل ديناً يدين العبد بها ربَّه ، فإنَّ ذلك علامة على ضعف الإيمان ، وقلَّة الديانة ، قال الأوزاعي من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام) [السير(/15]
4 أن يكون له باع طويل في تلقِّي العلم والاجتهاد في تحصيله:
إنَّ ضرورة التأصيل العلمي ، وقوَّة التمكن الشرعي ، له أثره البالغ ولا شكَّ في أهليَّة العالم أو المعلِّم وقت تعليمه وكتابته وإفتائه ، ذلك أنَّه يعطي المتعلِّم أو المستفتي اطمئناناً لمن يسأله،والقارئ ارتياحاً لما يكتبه الداعية المعلِّم، وقد كان أهل العلم الربَّانيين السابقين منهم واللاحقين يطلبون العلم ، ويجتهدون في نيل مرامه ، من المهد إلى اللحد، كما قال الإمام أحمد ، فكانوا لا يفارقون كواغد العلم ، ولا أوراق الشريعة ، فهي معهم في حلِّهم وترحالهم ، بل لا يتركون معلِّميهم وأساتذتهم في طلب العلم عليهم بثني الركب عندهم، ولك أن تعلم أنَّ إماماً كابن الجوزي طلب علم القراءات وقد كان باقعة في العلم ، علاَّمة في الإدراك والفهم ، مشهوراً بين الأنام ، ومع ذلك يطلب هذا العلم مع ابنه الصغير وهو في سنِّ السبعين ، ولم يكن كبر عمره ، وشرف رسوخه في العلم ، حائلاً بينه وبين طلب العلم ، وملازمة أخذه وإدراكه ، والعيش معه ليل نهار ، حفظاً واطِّلاعاً وبحثاً ومذاكرة وفهماً وتعليماً وإفتاءً ، وقد قال علماؤنا بأنَّه: من لم يتقن الأصول حرم الوصول.
إلاَّ أنَّ القضيَّة وللأسف اختلفت وخاصة في هذا الزمان الذي كثر فيه المستعجلون للتدريس ، والمتزبِّبون قبل أن يتحصرموا ، والمدَّعون للعلم والعلم بريء منهم (فعلى هذا لا يكتفى بمجرَّد انتسابه إلى العلم ، ولو بمنصب تدريس أو غيره ، لا سيما في هذا الزمان الذي غلب فيه الجهل ، وقلَّ فيه طلب العلم ، وتصدَّى فيه جهلة الطَّلبة للقضاء والفتيا ، فتجد بعضهم يقضي ويفتي وهو لا يحسن عبارة الكتاب ، ولا يعلم صورة المسألة ، بل لو طولب بإحضار تلك المسألة وهي في الكتاب لم يهتد إلى موضعها ؛ فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون: لقد هزلت حتَّى بدا من هزالها كلاها وحتَّى سامها كل مفلس) [ما بين القوسين من رسالة في الاجتهاد والتقليد للشيخ: حمد بن ناصر بن معمَّر/4849].
حتَّى قال الأستاذ: مالك بن نبي رحمه الله والحقيقة أنَّنا قبل خمسين عاماً كنَّا نعرف مرضاً واحداً يمكن علاجه ، هو الجهل والأميَّة ، ولكننا اليوم أصبحنا نرى مرضاً جديداً مستعصياً هو(التعالم). وإن شئت فقل: الحرفيَّة في التعلُّم ؛ والصعوبة كلَّ الصعوبة في مداواته . وهكذا فقد أتيح لجيلنا أن يرى خلال النصف الأخير من هذا القرن ظهور نموذجين من أفراد في مجتمعنا:حامل المرقعات ذي الثياب البالية ، وحامل اللافتات العلميَّة) [شروط النهضة/91 ].
ولهذا فإنَّ أحد متعالمي زمننا وهو مهندس ميكانيكي أخرجَ كتاباً عنوانه إصلاح أكبر خطأ في تاريخ الأمَّة الإسلاميَّة) حيث يدَّعي أنَّ مسند الإمام أحمد ليس للإمام أحمد وإنَّما لابنه عبد الله ، بدعوى أنَّ المسند قبل كلِّ حديث أو أثر مرويٌّ بسنده ، يبدأ به بقوله حدَّثنا عبدالله ، قال حدَّثنا الإمام أحمد، فخرج هذا المسكين بالنتيجة العلميَّة التي لم يدركها جميع علماء الحديث على مرِّ الزمن ، واستخرجها هو بفطنته وعلمه وكياسته ، ولم يعلم هذا المتعالم أنَّ مسند الإمام أحمد قد رواه عنه كاملاً ابنه عبدالله ، ولهذا كُتب فيه :حدَّثنا عبدالله بن الإمام أحمد ، وصدق من قال: العلم فضَّاح لغير أهله.
كلُّ من يدَّعي بما ليس فيه ..........فضحته شواهد الامتحان
بل وصل بعضنا إلى درجة (الانحطاط الفكري) في تلقِّي العلم الشرعي ممن لم يعرف عنه نبوغه به ، فقد حدَّثني أحد العلماء المعاصرين عن أحد الكتَّاب الغربيين الذين انتسبوا لدين الإسلام ، أنَّه استضيف في أحد الفنادق، وكان حضور الناس إليه بالمئات ، وكان ممَّن حضر ذلك المؤتمر النساء المسلمات ، وبدؤوا يسألونه عن كلِّ صغيرة وكبيرة وصاحبنا الغربي لايفتأ يجيب عن كلِّ ما يسأل عنه ، حتَّى إنَّ إحدى النساء الحاضرات سألته عن مسألة من مسائل الحيض المشكلة عليها ليجيب عنها بما يراه مناسباًُ ، والعجيب أنَّ المقدِّم له يسأله عن ذلك وهو يعلم أنَّ ذلك الرجل المنتسب لدين الإسلام حديث عهد بإسلامه ! فكيف بالله يلج هذا الرجل تلك المداخل وهو قريب عهد بالإسلام؟!.
ورحم الله ابن رشد إذ قال كان العلم في الصدور واليوم صار في الثياب)[خلاصة الأثر للمجبي1/75 بواسطة التعالم للشيخ الدكتور بكر أبو زيد /ص35].
ولن أستطرد بذكر شيء من هذا القبيل ، فلا أحبُّ أن أنكأ الجراح ، ولا أذرَّ الملح على الجراح!ولله درُّ الإمام ابن تيميَّة حين نَقَلَ عن بعضهم وقد قال بعض الناس : أكثر ما يفسد الدنيا نصف متكلم ، ونصف متفقه ، ونصف متطبب ، ونصف نحوي ، هذا يفسد الأديان وهذا يفسد البلدان ، وهذا يفسد الأبدان ، وهذا يفسد اللسان) [مجموع الفتاوى5/118].
5 أن يتلقَّى العلم ممَّن يقدِّر العلماء ويحترمهم:
المسلم الذي يهوى الحق ويطلبه ، فإنَّه لابدَّ أن تكون لديه علامة لحبِّ أهل العلم وإنزالهم منزلتهم ، واحترام علمهم ، وقد أخبرنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كما في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنَّه قال ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقَّه) [أخرجه أحمد بسند جيد]. بيد أنَّ المطَّلع على حال الكثير من الصحفيين وهم الذين يأخذون العلم من الكتب دون المشايخ كما قال الزمخشري في التعاريف(1/449) أو من يتسمَّون بالصحافيين وهم جمَّاعو الأخبار ، فسيجد المراقب لكتاباتهم شيئاً عجيباً من قلَّة احترام العلماء ، والاستهانة بعلمهم ، بله الاجتهاد في تحقيق كثير من القضايا في مجلاَّت لم تُعرف بروح العلم ، بل عرفت بالعلمنة والفسق ، ثمَّ يأتي أحدهم ويناقش قضيَّة حكم استماع الموسيقى والأغاني في نصف صفحة ، ويعرض قول من شذَّ رأيهم في إجازة الاستماع لتلك المعازف ، ويعرض بل يشنِّع ويشغِّب على العلماء الذين أفتوا بحرمتها ، وخاصَّة في هذا العصر ؛ لأنَّ تلك الفتوى لا تتواءم مع القرن الحادي والعشرين! بينما تجد عند السابقين من طلاَّب العلم قمَّة احترامهم لعلمائهم ، فهذا لا يطرق الباب على شيخه إلاَّ بأطراف أصابعه ، وهذا يهاب من النظر إليه إجلالاً له واحتراماً ، وآخر يخشى أن يزعج شيخه بتصفُّح الأوراق أمامه والانشغال عن درسه بها ، وهذا ينتظر شيخه من المساء إلى الصباح وقد سفَّته الرياح حتَّى يفتح الشيخ له بابه ، وآخر لا يأتي عند شيخه إلاَّ ويقبِّلُ يده ويدعو له بالخير ، وآخر لا يصلي صلاة إلاَّ ويدعو لشيخه بالخير والجنَّة ، ورحم الله ربيعة بن أبي عبدالرحمن إذ قال الناس في حجور علمائهم كالصبيان في حجور أمَّهاتهم) [شرح ابن أبي العز للطحاوية1/15].
أمَّا الآن فتجد أنّ القوم المتعالمين إذا تعلم أحدهم مسألة أو عشر مسائل ، بدأ يكتب في الصحف والمجلاَّت والجرائد، وينشر علمه الغزير! فيخطِّئ الأئمة المجتهدين ، ويستدرك عليهم ما يظنُّه من زلاَّتهم ، بدعوى الحجَّة الزائفة هم رجال ونحن رجال).
ولا شكَّ أنَّ الاحتجاج بهذه المقولة حجَّة ساقطة لوجوه:
الوجه الأوَّل: أنَّ الاحتجاج بهذه الكلمة غير صحيح ؛ لأنَّ الذي قالها الإمام أبو حنيفة ، كما نقل مقولته عنه ابن حزم رحمه الله ما جاء عن الله تعالى فعلى الرأس والعينين ، وما جاء عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فسمعاً وطاعة ، وما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم تخيَّرنا من أقوالهم ، ولم نخرج عنهم ، وما جاء من التابعين فهم رجال ونحن رجال)[الإحكام لابن حزم4/573]فأبو حنيفة حين قال هذه الكلمة ، فقد قالها لأنَّه يصنَّف من التابعين ، حيث رأى أنس بن مالك ، واجتمع مع جمهرة من التابعين الأكابر، فيصدق عليه أنّه رجل وهم رجال لأنَّه هو وهم من التابعين ، ومن لنا بعلم أبي حنيفة في هذا العصر ، لنقول فيه: هو رجل وهم رجال!.
الوجه الثاني: أنَّ هناك فرقاً عظيماً بين هؤلاء الرجال العصريين ، ومن قبلهم من الرجال السابقين ، لأنَّ التابعين هم من القرون المفضَّلة ، التي امتدحها رسول الله ؛ وهو ما أدَّى بابن رجب إلى أن يؤلِّف كتاباً بعنوان فضل علم السلف على علم الخلف) ولذا فإنَّ كلام السلف قليل كثير البركة ، وكلام الخلف كثير قليل البركة.
الوجه الثالث: أنَّ من يدَّعي أنَّه رجل ينبغي عليه أن يعرف قدره وقدر الرجال الذين سبقوه ، وإذا كان أبو عمرو بن العلاء يقول ما نحن فيمن مضى إلاَّ كبقل في أصول نخل طوال)[سير أعلام النبلاء6/47] مع أنَّ أبي عمرو يعدُّ في عُرف أهل السير شيخَ القرَّاء والعربية.
فهؤلاء المدَّعون للعلم والشيخوخة في طلبه ، لم يعرفوا قدر علمائهم ، وإذا كانوا يعدُّون أنفسهم أنَّهم رجال ، فإنَّ الرجال يحترم بعضهم بعضاً ، وأوْلى بهؤلاء المدَّعين للرجولة أن يقال في حقِّهم ما قاله الشيخ عبدالرزاق عفيفي لأحدهم حين ادَّعى أمامه تلك الدَّعوى قائلاً له : نعم ... هم رجال ... وأنت دجَّال!! ورحم الله مجاهداً حين قال ذهب العلماء فلم يبق إلاَّ المتكلِّمون ، والمجتهد فيكم كاللاعب فيمن كان قبلكم)[أخرجه أبو خيثمة في كتاب العلم/66]فالله المستعان.
وفي الختام: فإنَّ مريد الحق ، ومبتغي سبل الهدى ، ينبغي أن يحتاط في الأخذ لدينه ، وأن يعرف من يؤخذ عنهم العلم ، وما صفاتهم ، وقد كان علماؤنا الأجلاَّء يُعْنَوْنَ بهذه القضيَّة أشدَّ الاعتناء ؛ فقد قال الإمام محمد بن سيرين رحمه الله إنَّ هذا العلم دين ؛ فانظروا عمَّن تأخذون دينكم) [شرح مسلم للنووي1/84].
فليس كلُّ من لبس لباس العلم يؤخذ عنه ، وليس كلُّ من صدَّره الإعلام والفضائيَّات والصحف يُظَنُّ أنَّه ذلك الرجل الخِرِّيت الذي فقه دين الله ، ورضي بمقتضاه ، وألمَّ بفحواه ، وليس كلُّ من كتب مقالاً أو بحث مسألة شرعيَّة أو كتب كتاباً يعدُّ عالماً أو طالباً للعلم ، أو مؤهَّلاً لأن يؤخذ عنه العلم ، ويكفي أنَّ أئمتنا قالوا: ليس العلم بكثرة الرواية والدراية ، ولكنَّه نور يقذفه الله في قلب المؤمن الموفَّق ، مصداقاً لقوله تعالى واتَّقوا الله ويعلِّمكم الله) [سورة البقرة/8].
قال الإمام ابن القيِّم: والعلم يدخل قلب كلِّ موفَّق من غير بوَّاب ولا استئذان ويردُّه المحروم من خذلانه لا تشقنا اللهم بالخذلان فاعرف يا ابن الإسلام دينك ، واختر لنفسك عالماً متفقِّهاً في دين الله تنهل منه العلم ، وتأخذ عنه الفتوى ، وإيَّاك ومشايخ السوء ؛ فعنهم ابتعد ، ولهم خالف ، وعلى آرائهم فاضرب ، متأسِّياً بقول العربي الأصيل ليس ذا عشَّك فادرجي).
كتبت هذا المقال مذكِّراً بأهمِّيَّة هذه القضيَّة ، ومنبِّهاً لها في زمن قلَّ فيه من يعطي لأهل العلم الربَّانيين قدرهم ، ويعرف علمهم ، وما أنا والله إلاَّ رجل مستفيد من بضاعتهم ، متطفِّل على موائدهم ، فرحمني الله برحمته، وجعلني ممَّن يهتدي بهدي نبيِّه وصحابته.
أسير خلف ركاب النُّجب ذا عرج .........مؤمِّلاً كشف ما لاقيت من عوج
فإن لحقت بهم من بعد ما سبقوا ......... فكم لربِّ الورى في ذاك من فرج
وإن بقيت بظهر الأرض منقطعاً ......... فما على عَرَجٍ من ذاك في حرج
سائلاً المولى أن يعصمنا من الفتن ، وأن يحفظنا من زلل القول والعمل ، والحمد لله ربِّ العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ملف صفات العلماء (من اربعة اجزاء الجزء الرابع والاخير)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ملف صفات العلماء (من اربعة اجزاء الجزء الثالث)
» دولة الخلافة العباسية من اربعة اجزاء (الجزء الرابع والاخير)
» استقلال الجزائر بعد 132 عاماً من الاستعمار مدعومة بالصور (من اربعة اجزاء الجزء الرابع والاخير)
» ملف صفات العلماء (من اربع اجزاء الجزء الاول)
» ملف صفات العلماء (من ارعة اجزاء الجزء الثاني)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى التعليم والثقافة-
انتقل الى: