ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 المواقف الفلسطينية من الكتاب الأبيض

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

المواقف الفلسطينية من الكتاب الأبيض  Empty
مُساهمةموضوع: المواقف الفلسطينية من الكتاب الأبيض    المواقف الفلسطينية من الكتاب الأبيض  Emptyالثلاثاء يوليو 05, 2011 1:07 am

المواقف الفلسطينية من الكتاب الأبيض  2V6uc-5RuB_571322881

المواقف الفلسطينية من الكتاب الأبيض
قبل المضي في استعراض وتقييم المواقف الفلسطينية من الكتاب الأبيض، يجدر التعرف على المواقف السياسية التي اتخذتها القيادة السياسية الفلسطينية قبل مرحلة الكتاب الأبيض.
فمنذ عام 1929، إن لم يكن قبل ذلك، قبلت اللجنة التنفيذية، التي كانت بمثابة القيادة الشرعية لعرب فلسطين إلى حين حلها في عام 1934، بحل وسط يتمثل في إقامة حكومة فلسطينية على قاعدة التمثيل النسبي للسكان من عرب ويهود، ومع حق المندوب السامي البريطاني في استخدام الفيتو إذا لزم الأمر، إضافة إلى شرط تقييد الهجرة وبيع الأراضي لليهود[54]. كان عدد اليهود في فلسطين في ذلك الحين قليلا نسبياً حيث كانوا يشكلون نحو 18% من السكان. ومع ذلك، فقد ظلت القيادة الفلسطينية متمسكة بهذه المبادئ خلال الثلاثينيات على الرغم من تزايد الهجرة وارتفاع النسبة السكانية لليهود. ففي 8/7/1937، أي بعد يوم واحد من صدور تقرير لجنة بيل الملكية المتضمن التوصية بتقسيم فلسطين، أصدرت اللجنة العربية العليا، التي تشكلت عام 1936 لقيادة الثورة، مذكرة رفضت فيها توصيات اللجنة، وطالبت فيها "بوقف الهجرة وبيع الأراضي، وإقامة حكومة وطنية ديمقراطية ترتبط مع بريطانيا بمعاهدة تحفظ جميع الحقوق المشروعة لليهود[55].
وفي الاجتماع التمهيدي الذي عقدته الوفود العربية في القاهرة قبل التوجه إلى لندن لحضور المؤتمر، اتفق العرب بما فيهم الفلسطينيون على الحد الأدنى المقبول عربياً من مؤتمر لندن، والذي تضمن إقامة حكومة فلسطينية يتم فيها تمثيل اليهود وفقاً لنسبتهم العددية، على الرغم من أن نسبة اليهود كانت قد ارتفعت كثيراً عما سبق[56]. فخلال الاجتماع المذكور الذي عقد في 17/1/1939 تم الاتفاق على المطالبة بما يلي:
1ـ إقامة دولة "عربية" فلسطينية يكون تمثيل اليهود فيها وفقاً لنسبتهم العددية.
2ـ منح اليهود ضمانات دستورية، حيث يمنحون استقلالاً داخلياً واسع النطاق في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية، فيكون تعليمهم بلغتهم والموظفون المحليون منهم ويكون لهم الاستقلال المطلق في شؤونهم وأحوالهم الشخصية، وذلك في إطار وقف الهجرة، وإلغاء فكرة الوطن القومي اليهودي.
3ـ عقد معاهدة بين بريطانيا وفلسطين على غرار المعاهدة البريطانية العراقية[57].
وتضيف مصادر أخرى ما يلي: "خطة تستند في محتواها على الميثاق الفلسطيني قدر الإمكان.. تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية في المناطق التي يؤلف لعرب الأكثرية فيها، وكذلك الإسلام دينها، وتكون اللغة العربية اللغة الثانية في المناطق اليهودية[58].
وخلال مؤتمر سنت جيمس، طالب رئيس الوفد في خطابه بإقامة "حكومة ديمقراطية فلسطينية"، كما تشير بعض المصادر إلى أن الوفد الفلسطيني قد تلقى خلال انعقاد المؤتمر إيعازاً من الحاج الحسيني يتضمن الموافقة على تشكيل حكومة انتقالية يكون ثلثاها من العرب والثلث من اليهود[59].
هكذا يبدو واضحاً أن القيادة الفلسطينية وتحت ضغط الظروف المستجدة وموازين القوى، قد تخلت عن مطالبها السابقة المتمثلة في دولة عربية خالصة والتمييز بين يهود ووطنيين وغير وطنيين أو الاعتراف فقط باليهود الذين كانوا في فلسطين قبل الحرب العالمية الأولى.
فلماذا رفض الفلسطينيون العرب الكتاب الأبيض وقرروا عدم التعاون مع بريطانيا على أساسه في البيان الصادر في 29/5/1939؟ وهل رفضوه حقاً؟ ومن رفضه ومن قبل به؟ ولماذا لم يتم التعاون مع بريطانيا عملياً لاستخلاص ما يمكن استخلاصه من الكتاب؟
تشير الشهادات التي أوردها عدد من أعضاء اللجنة العربية العليا الذين شاركوا في تلك الأحداث، وكذلك كتابات عدد من المراقبين الفلسطينيين الذين عاشوا تلك الأحداث، ثم الدارسين لتلك الفترة، والتي سوف نستعرضها لاحقاً، إلى أنه فيما يتعلق بالكتاب الأبيض نفسه، فقد كان الاعتراض الرئيس منصباً بدرجة أو بأخرى، على وجود فترة انتقالية وتأجيل إقامة الحكومة إلى ما بعد عشر سنوات[60]، وذلك على الرغم من موافقة الحكومة البريطانية خلال المباحثات التي جرت بعد انفضاض المؤتمر، على تسليم المراكز الرئاسية في الدوائر الحكومية للعرب فور عودة السلام لفلسطين كما ورد سابقاً.
كما تشير الرسالة التي بعث بها محمد عزة دروزة الذي كان يمثل رأي الحاج أمين الحسيني آنذاك، إلى عوني عبد الهادي بتاريخ 14/5/1939 إلى عدم وجود اعتراض على فترة انتقالية، حيث تطالب الرسالة بتشكيل "حكومة وطنية بدستورها ومجلس نوابها ورئيس دولتها خلال ثلاث سنوات"، يتم بعدها إنهاء الانتداب "خلال فترة معقولة"[61]، الأمر الذي يوضح أن الأمر لم يكن غير قابل للتفاوض، فيما لو توفرت الإرادة العربية الفلسطينية لفرض وقائع جديدة فوق الأرض.
وكان البيان الصادر بتوقيع الحاج أمين الحسيني في 29/5/1939 الذي أعلن فيه رفض اللجنة العربية العليا للكتاب الأبيض قد أدرج العديد من الانتقادات يمكن تلخيصها بما يلي: الإشارة إلى صك الانتداب، عدم ضمان الاستقلال لأنه معلق بموافقة اليهود، الفترة الانتقالية ليست نهائية، الدستور يشير إلى وطن قومي يهودي، ما ورد في الفقرة الخاصة بمراسلات حسين ـ مكماهون حول فلسطين، إعطاء اليهود نسبة الثلث، تدابير انتقال الأراضي غير كافيه، وتم اختتام البيان الذي صدر بتوقيع الحاج أمين الحسيني بالفقرة التالية: "من أجل هذا، فإن اللجنة العربية العليا لا يسعها إلا أن تعلن باسم الشعب العربي في فلسطين رفضها لهذه الخطة، وعدم تعاونها مع الحكومة البريطانية لتنفيذها.. إن الأمم الحية لا يكون القول الفصل في حياتها ومستقبلها والقرار الأخير في مصير أوطانها داريها للكتب البيض والسود، إنما القول الفصل والقرار الأخيرة لإرادة الأمة نفسها، وقد أعلنت الأمة العربية إرادتها وقالت كلمتها داوية وجارفة، وستصل إلى ما تريد بعون الله، وستستقل فلسطين ضمن الوحدة العربية وستبقى عربية إلى الأبد"[62].
غير أن الكثير من الشهادات والاستنتاجات الأخرى، تؤكد على المسؤولية الشخصية للحاج أمين الحسيني في رفض الكتاب، وتعزو ذلك إلى أسباب شخصية. ففي كتابة الخاص بالحاج أمين الحسيني، يورد فيليب مطر عدة أسباب تتلخص في رفض بريطانيا التعاون معه شخصياً، على الرغم من أن مصادر أخرى تؤكد على أن بريطانيا كانت تنوي العفو عنه والسماح له بالعودة إلى فلسطين. كما يقول مطر بأن المفتي كان يضع الاعتبارات الشخصية فوق الاعتبارات السياسية العملية، إضافة إلى مثاليته، كما يضيف إلى ذلك سبب رفض بريطانيا العفو عن الثوار في فلسطين فوراً، وكذلك موقف الثوار أنفسهم الذين أعلنوا رفضهم للكتاب[63]، في وقت كان الحاج أمين الحسيني يشكل رمزاً ومصدر إلهام لهم.
أما عوني عبد الهادي أمين سر اللجنة العربية العليا وممثل حزب الاستقلال فيها، فيقول: لابد لي من القول بأنني كنت من القائلين بقبول الكتاب الأبيض لأنني كنت أعتقد أنه من المستحيل على الحكومة البريطانية أن تذهب مع العرب إلى أبعد ما ذهبت إليه، وبأن مهمة السياسي أن يعرف ما هو ممكن وما هو غير ممكن، وأن السير على سياسة خذ وطالب هي أفضل من التعنت غير الجدي". ويرد عوني عبد الهادي على تشدد المفتي إزاء المطالبة بتشكل الحكومة الفلسطينية فوراً، بقوله: "وهنا أبديت رأيي وقلت، أنا لا أفهم تشددنا بطلب تشكيل الحكومة دفعة واحدة، إذ لا يوجد هناك أي استقلال بعد قبولنا بأن يكون المندوب السامي على رأس هذه الحكومة وله حق الفيتو وأن يكون مع كل وزير مستشار بريطاني"[64].
ممثلاً لوجهة نظر الشيوعيين يقول إميل توما الذي عايش كل تلك الأحداث: "القوى الديمقراطية رأت في الكتاب الأبيض نجاحاً حققته تضحيات الجماهير، ودعت إلى القبول به بوصفه خطوة على الطريق التحرري"[65].
أما أحمد الشقيري، الذي عايش أيضاً تلك الأحداث، فيقول: "لم يكن الكتاب الأبيض محققاً لمطالبنا القومية بكاملها، بل لم يكن يخلو من فجوات وسقطات، ولكنه كان خطوة على الطريق، وكانت جميع الدول العربية تلح على اللجنة العربية العليا بقبول الكتاب الأبيض كحل مرحلي يضع زمام الأمور بأيدينا، معظمه إن لم يكن كله.. كان معروفاً أن الحكومة البريطانية لم تكن مستعدة أن تتعاون معه، بل مع جمال الحسيني.. ولكن الحاج أمين ضعف أمام نوازعه الشخصية، فازداد عداؤه للكتاب الأبيض ولأنصاره، وبات يشير إلى المجاهدين علي ألا يوافقوا على الكتاب الأبيض[66].
ويقول تسفي بيليغ الذي ألّف كتاباً هاماً عن الحاج أمين الحسيني: "كان الكتاب الأبيض الثمرة الأكثر أهمية للكفاح السياسي العسكري الذي قاده الحاج أمين الحسيني بعد عشرين عام تقريباً، لكن تطرفه كان السبب في ألاّ يقطف الفلسطينيون هذه الثمرة، وذلك لأنه وقف مع تعنت قادة فصائل الثورة الذين رفضوا الانصياع للقيادة السياسية وقبول الكتاب الأبيض، فهؤلاء القادة ما كانوا ليكتفوا بأقل من الاستقلال الكامل، وطالبوا كشرط لإيقاف الثورة بالعفو عن المئات من زملائهم الموجودين في السجون، بالإضافة إلى ذلك، أقلقت الحاج أمين إمكانية قيام خصومه بقطف ثمار كفاحه وأن يسيطروا بمساعدة البريطانيين على مواقع مركزية في التسوية النهائية". ويختتم بيليغ بقوله: "لقد أزالت معارضة الحاج أمين للكتاب الأبيض أحد عوامل الخطر المهدد للصهيونية[67]."
ما الحاج أمين نفسه، فبعد أن هاجمه الكثيرون على رفضه للكتاب الأبيض، وبخاصة بعد ما آلت إليه الأمور في عام 1948، قام خلال الخمسينيات بنشر سلسلة مقالات في الصحف المصرية، أنكر فيها أنه رفض الكتاب الأبيض، وألقى باللوم على بريطانيا لأنها لم تنفذه[68]. غير أنه ما لبث في عام 1967 أن اعترف بالموقف الرافض الذي اتخذه من الكتاب الأبيض، وعزا ذلك إلى تأجيل إقامة الدولة[69].
أما بالنسبة لمواقف أعضاء اللجنة العربية العليا، يصف عزة طنوس الذي شارك في مؤتمر سنت جيمس الوضع بقوله: اجتمعنا أعضاء الوفد بعد عودتنا من لندن مع المفتي في لبنان، باستثناء راغب النشاشيبي ويعقوب فراج (حزب الدفاع).. كانت معنوياته عالية.. (وإذا صح ذلك فهو يعني أن الوفد لم يرفض الكتاب الأبيض في لندن وإنما انتظر إلى حين الاجتماع مع الحاج أمين لاتخاذ القرار).. وثم احتدت المناقشة حين تنبه بعضنا إلى أن الحاج أمين لم يكن راضياً عن الكتاب الأبيض.. وتبين لنا بعد مناقشات استمرت خمسة عشر يوماً، أن الشخص الوحيد الذي يرفض الكتاب الأبيض هو الحاج أمين، بينما كان الأربعة عشر عضواً مع الكتاب، وقد عقدوا العزم على إنهاء السياسة السلبية التي تبنتها القيادة العربية من قبل، وصار شعارنا الآن: خذ وطالب بالباقي. وعند هذا الحد من المناقشات، هيمن جو من الامتعاض والفزع.. فقد كان الأعضاء الأربعة عشر يعرفون تأثير الحاج أمين الحسيني السحري على الجماهير الفلسطينية، وبأن شيئاً لا يتم دون موافقته، وبأن الكتاب الأبيض لا ينفّذ إلا إذا باركه القائد الأعلى.. واستمرت اجتماعات اللجنة العليا دون نتيجة، ويستطرد طنوس: "حين فشل أعضاء اللجنة في إقناع الحاج أمين بتغيير موقفه، لم يجدوا مخرجاً غير حل اللجنة العربية العليا وأن يتفرقوا.. والبديل الآخر كان في مواجهة المفتي وإعلان قبولهم بالكتاب الأبيض، لكنهم وللأسف، لم تكن لديهم الشجاعة، والسبب في ذلك هو عقلية الجماهير الفلسطينية المتعلقة بالمفتي.. ورأوا أن مجال العمل سُدّ أمامهم، فما بقي لهم إلا أن يمضوا كل في طريقه بحثاً عن ملجأ أمين يقيهم من أذى الأيام السوداء المقبلة، وترك كل منا الأخر على مضض، حزيناً مرغماً، وبقي البعض منا مع الحاج أمين مثل جمال الحسيني وأمين التميمي. أما البقية: ألفرد روك ويعقوب الغصين وأحمد حلمي عبد الباقي وعبد اللطيف صلاح وحسين الخالدي وفؤاد سابا ورشيد الحاج إبراهيم وعوني عبد الهادي، فقد سمحت لهم حكومة الانتداب بالعودة إلى فلسطين، كما عاد موسى العلمي وجورج أنطونيوس وأنا إلى القدس"[70].
ويبدو أن فشل أعضاء اللجنة في إقناع الحاج أمين لم يحدث إلا بعد مساعٍ أخرى، حاول فيها بعض الأعضاء العمل من أجل إقناع الحكومة البريطانية بإجراء بعض التعديلات على الكتاب الأبيض، حيث توجه عزة طنوس إلى لندن وعقد اجتماعاً مطولاً مع وزير المستعمرات مالكوم ماكدونلد الذي رد عليه بقوله: "لا توجد وثيقة سياسية بصورة عامة بدون فجوات.. إن الكتاب الأبيض يلغي الدولة الصهيونية وينهي سياسة الوطن القومي اليهودي ويبدأ سياسة جديدة تؤدي بعد فترة انتقالية إلى فلسطين مستقلة أنتم دائماً فيها أكثرية، إن الخوف من أكثرية يهودية ومن فقدان الأرض العربية قد زال وليس للعرب الآن ما يخافون منه"، واستطرد قائلاً: "وإذا أخذنا بعين الاعتبار العطف المتزايد على اليهود بسبب اضطهاد هتلر لهم، نجد أن الكتاب الأبيض هو إنجاز حكومي كبير"، واختتم قائلاً: "سيكون شيئاً مؤسفاً إن رفضت اللجنة العربية العليا سياسة جهدت الحكومة في إقامتها ضد صعوبات كبرى. إذا أضعتم هذه الفرصة، فلن تعود أبداً[71].
كما حدت بعد ذلك اجتماع القاهرة الذي وعدت فيه الحكومة البريطانية بإجراء بعض التعديلات، وهو المشار إليه سابقاً.
وفي حين يقول عزة طنوس أن جميع أعضاء اللجنة كانوا مع الكتاب باستثناء الحاج أمين، فإن أحمد الشقيري يقول بأن اللجنة "قد انقسمت بين فريق هو الأكثرية يرى أن نقبل بالكتاب ونعمل على تحقيقه حتى تصير مقاليد الأمور بأيدينا.. وفريق آخر هو الأقلية ويرأسه الحاج أمين يرى أن نرفضه". أما الحاج أمين نفسه فادعى في جزء من مذكرات كتبها عام 1971 أن جميع أعضاء اللجنة العربية العليا قد أيدوه في موقفه الرافض للكتاب الأبيض[72]، علماً بأن العديد من أعضاء اللجنة لم يحضروا الاجتماع الذي دعا إليه لإصدار البيان الخاص برفض الكتاب الأبيض، بينما يقول أحمد الشقيري إن أكثرية اللجنة: جمال الحسيني، أحمد حلمي عبد الباقي، عوني عبد الهادي حسين الخالدي وغيرهم رضخوا أمام رفض المجاهدين كما عبر عنه الحاج أمين، فيما يصف عصام سخنيني الانقسام الذي حدث في الساحة السياسية العربية الفلسطينية إزاء الكتاب الأبيض، بأنه لم ينحصر في الخلاف التقليدي بين الحسينيه والنشاشيبية فقط، بل وصل هذا الخلاف إلى داخل اللجنة العربية العليا نفسها وإلى صفوف أنصار الحاج أمين نفسه[73]. بالإضافة إلى ذلك، فإن حزب الدفاع الذي كان يرأسه راغب النشاشيبي الذي لم يشارك في الاجتماع مع الحاج الحسيني، عقد في 29/5/1939 مؤتمراً يقال بأن عدد الحاضرين فيه بلغ 1400 شخص، معلناً قبول الحزب والحاضرين بالكتاب الأبيض وكان ذلك في نفس اليوم الذي أصدر فيه الحاج أمين الحسيني الرفض الرسمي للكتاب الأبيض. كما أعلن حزب الكتلة الوطنية الذي كان يرأسه عضو اللجنة العربية العليا عبد اللطيف صلاح، عن تأييده للكتاب الأبيض.
ولكن كيف كانت ردود الفعل على الكتاب الأبيض داخل فلسطين؟
فعلى صعيد الثورة والثوار، فقد رفض الثوار الكتاب وصدر بيان عنهم يندد بالحسينية والنشاشيبية والملوك العرب "الذين يحكمون تحت إمرة بريطانيا، ورفضوا الهدنة وطالبوا بالاستقلال التام لفلسطين عربية"[74] وعلى الأرض شهد الوضع خلال انعقاد مؤتمر سنت جيمس تصعيداً "في العمليات العسكرية تواصل حتى أيلول 1939، تكبد خلالها الفلسطينيون العرب "خسائر لم يكن من الممكن تعويضها"، وفقاً لغسان كنفاني[75]. وجاء استشهاد عبد الرحيم الحاج محمد في آذار 39 بمثابة ضربة قاصمة للثورة.. وأخذت القيادات المحلية بعد ذلك تنهار وتغادر ميادين القتال عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث أدى التقارب الفرنسي ـ البريطاني إلى إغلاق طريق الإمدادات القادمة من سورية ولبنان، كما كانت الحدود مع شرقي الأردن قد أغلقت[76]. ووفقاً لما كتبه أكرم زعيتر في مذكراته بتاريخ 3/11/1939، "فإن الثورة قد انتهت قتالاً وسلاحاً ومعارك". أما الأسباب فيوجزها بظروف الحرب وغياب القادة وإنهاك القوى وشح المال والسلاح ونفاذ الذخيرة وقطع بريطانيا وعد على نفسها بتنفيذ الكتاب الأبيض" [77]. وعبثاً يحاول الحاج أمين الحسيني خلال عام 1940 إحياء الثورة من مقره في بغداد [78]، حيث كان قد غادر لبنان هارباً إلى بغداد في 16/10/1939 بعد التقارب الفرنسي ـ البريطاني.
يصف عجاج نويهض الذي عايش تلك الفترة في فلسطين، الوضع بقوله: "وصلت بنا الحالة هنا.. إذا سألت العربي اليوم أياً كان تقريباً عن رأيه في الكتاب الأبيض، فإنه يعلم ما فيه من نقص وإن اختلفت وجوه التعبير، ولكنه عندما يتكلم بجوارحه بقول: "متى الخلاص متى الخلاص"[79].
كما يصف عمر صالح البرغوثي، الذي عايش أيضاً تلك الفترة في فلسطين، ردود الفعل على الكتاب الأبيض بقوله: "المجلس (أي اللجنة العربية العليا) معلق بقرارات وآراء سماحته وهم قليلون، والمثقف يرى أنه يصلح للتعاون مع الحكومة (البريطانية) بشرط أن يكون الطرف الوطني غير حسيني وغير نشاشيبي، وهؤلاء كثيرون. وهذه الفكرة منتشرة في السهل والجبل والمدينة والقرية.. أما السواد، فقد تعبوا وملوا ويريدون انهاء الموقف بأي حل كان.. فالفلاح تعطلت أرضه والتاجر كذلك والعامل.. والحزازات زادت"[80].
ومع تدهور مكانة الحج أمين الحسيني في فلسطين بعد فشل انقلاب رشيد عالي في العراق عام 1941، وما حققته بريطانيا في العام نفسه من انتصارات، بدأت بالقضاء على انقلاب رشيد عالي ثم احتلال إيران وسورية، أخذ الفلسطينيون العرب يشقون حياتهم بدون قيادة ولا زعامة ولا مؤسسات وطنية تحميهم أو تنير لهم طريقهم. فتراجع نفوذ الحاج أمين الحسيني وقابله ازدياد تقارب وتحالف حزب الدفاع مع الأمير عبد الله في شرقي الأردن، ولم تفلح بعض المحاولات المحلية لتجميع الأحزاب والقوى السياسية. كما أن بقية الأحزاب، التي كانت في الأساس مؤسسات نخبوية، تكاد تكون قد اختفت مع تشرذم وتشتت قادتها. وبفعل غياب القيادة السياسية الفاعلة، تزايد الاعتماد على الحكام العرب وانتشرت الفئوية، وبخاصة مع بداية انتشار الحديث عن مشاريع عربية وحدوية منذ عام 1943. وتشير رسالة بعث بها وفد عراقي برئاسة جميل المدفعي إلى فلسطين للتباحث في قضايا الوحدة العربية، موجهة إلى نوري السعيد، أن الوفد لم يتمكن من لقاء أي من الزعامات الفلسطينية المعروفة بسبب تشتتهم[81]، حيث كان قد تم اعتقال بعضهم ونفيهم إلى خارج البلاد، بينما هاجر البعض الآخر إلى الدول العربية المجاورة واحتلوا مناصب وظيفية عالية في مصر وسورية والعراق وشرق الأردن بشكل خالص.
ولدى بدء الإعداد والتحضير لتشكيل جامعة الدول العربية، لم تتمكن الزعامات العربية من إيجاد جسم سياسي عربي فلسطيني لحضور مؤتمر الإسكندرية في عام 1944، وعقدت الدورة الأولى من المباحثات دون أي ممثل فلسطيني، حيث تم الاتصال بموسى العلمي فحضر الدورة الثانية من أعمال الاجتماع المذكور الذي صدر عنه برتوكول الإسكندرية. وقد ألقى موسى العلمي في 4/10/1944 كلمة فلسطين مركزاً على الكتاب الأبيض، حيث ألقى اللوم أولاً على جميع العرب في رفض الكتاب، غير أنه ادعى بعد ذلك أن الجانب الفلسطيني قد وافق عليه في عام 1940 بعد المباحثات التي جرت في بغداد بين جمال الحسيني والكولونيل نيوكمب، الناطق باسم الحكومة البريطانية[82].
وفي ختام هذه المطالعة فمن حقنا بعد كل ما ورد فيها من "أسباب" لرفض الكتاب، أن نتساءل: لماذا؟
إنني أميل إلى الاعتقاد بأن الكتاب الأبيض قد رفض من قبل الحاج أمين الحسيني بمفرده، وبأن ذلك الرفض لم يكن لأي من الأسباب الواردة سواء في بيان اللجنة العربية العليا أو في أقوال أعضاء اللجنة والتحليلات اللاحقة، أو في أقوال الحاج أمين الحسيني نفسه، وإنما كان في ما قاله عزة طنوس، والمتمثل بما يلي: ".. وأصبح واضحاً لدينا أنه كان لديه مخطط آخر لمستقبل فلسطين، ولم يعرف أحد في ذلك الوقت أنه كان يبني مخططه على نصر الألمان النهائي أو على أي شيء آخر[83]."
فبعد رفض الحاج أمين طلباً فرنسياً بإعلان تأييده للحلفاء في الحرب، هرب إلى بغداد، معتقداً، أن بإمكانه تغيير الصورة الإستراتيجية في المنطقة من خلال عزل العراق عن الجبهة المؤيدة للحلفاء ولبريطانيا بالذات، والتأثير بالتالي في مسار الحرب، لصالح ألمانيا.
فعلى المستوى العسكري، يمكن القول بأن الحاج أمين الحسيني وجماعته من الضباط العراقيين بزعامة رشيد عالي الكيلاني قد أساؤوا التقدير حين قاموا بانقلابهم في أيار1941، قبل التأكد من الخطط العسكرية الألمانية، حيث كان مقرراً أن تشن ألمانيا هجوماً على الممتلكات البريطانية في المنطقة العربية في حزيران 1941، غير أن هتلر قد غير فجأة من خططه وشن هجومه على الاتحاد السوفييتي في التاريخ نفسه. كما كان تشرشل قد استبق الأحداث باحتلال العراق وسورية وإيران. لم يخسر رشيد عالي الكيلاني وضباطه إلا أنفسهم نتيجة ذلك الخطأ الاستراتيجي. أما الحاج أمين الحسيني، فقد خسر وطناً. أما على المستوى السياسي، فقد أساء الحاج أمين الحسيني التقدير لأوضاع الثورة في فلسطين واحتمالات قدرتها على الصمود والاستمرار، متخذاً قراره على أساس أنها قادرة على ذلك، وانصاع لما أراده الثوار، دون تقدير لمسؤولياته كزعيم وقائد سياسي، حيث ما لبث الثوار أن انهاروا بعد أن اكتمل التطويق البريطاني ـ الفرنسي لهم. أما المستوي الثالث، فيتعلق بطبيعة القيادة الفردية للحاج أمين الحسيني وللضعف الشديد في بنية القيادة السياسية الفلسطينية، ولفردية اتخاذ القرار من جانبه وتقبل أعضاء القيادة لتلك الفردية.
ويتأكد هذا الضعف السياسي، كما تتأكد محدودية الثقافة السياسية لهؤلاء الأعضاء في عدم تحملهم لأية مسؤولية سياسية أو أخلاقية حين حلوا اللجنة العربية العليا وانفضوا تاركين فلسطين بدون قيادة، متجهين للبحث عن مصالحهم الشخصية.
أما على المستوي العربي، فإن الكتاب الأبيض ما لبث أن ضاع في خضم مشاريع الوحدة أو الاتحاد العربي التي شكلت مقدمات، بل ورافداً لفكرة التقسيم من خلال قبولها بحكم ذاتي لليهود، الذي يعني في المطاف الأخير، دولة لليهود في فلسطين.
الهوامش
فيصل ابن سعود ووفد مصري برئاسة سفير مصر في لندن الأمير محمد عبد المنعم ووفد شرق أردني برئاسة رئيس الوزراء توفيق أبو الهدي كما دعي وفد يمني بصفة مراقب، ولم يحضر وفد من سورية أو لبنان بسبب معارضة فرنسا. أما الوفد الصهيوني، فقد ترأسه حاييم وايزمن رئيس الوكالة اليهودية.
* يمكن الرجوع لأجل ذلك إلى كتب محمد عزة دروزة، وسخنيني وطنوس وغيرهم.
* لا مجال في هذه المطالعة لمتابعة الصراع الصهيوني – البريطاني خلال الأربعينات والذي لم يتم استغلاله على أي مستوي من الجانب العربي – الفلسطيني .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المواقف الفلسطينية من الكتاب الأبيض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المواقف الأمريكية من الكتاب الأبيض
» المواقف العربية من الكتاب الأبيض
» الكتاب الأبيض ... فصل في السياسات الفلسطينية
» من الوثائق الفلسطينية البرنامج السياسي المرحلي لمنظمة التحرير الفلسطينية
» من الوثائق الفلسطينية(النص الحرفي "لإعلان القاهرة" الصادر عن الفصائل الفلسطينية في 17/3/2005)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى فلسطين-
انتقل الى: