وإذا بحثنا عن عوامل الفرقة الكائنة اليوم بين المسلمين فنجدها تدور على خمسة اسباب منها
السياسة وتنازع الحكم 0
عصبية الجنس أو الحزب والمبدأ0
عصبية المذاهب في الأصول والفروع0
القول في دين الله بالرأي والحكم فيه بالهوى0
دسائس اعداء الإسلام وكيدهم المتواصل للإسلام والمسلمين 0
هذه من اهم عوامل الفرقة والاختلاف بين المسلمين 0
لذا فلا بد من القضاء على تلك النعرات السياسية والحزبية والمذهبية والطائفية التي يدسها العدو في صفوف المسلمين والهدف منها هو الاقتتال والتناحر والعمل على الفرقة 0
لذا يجب على العمل بالوعي الصحيح والتعليم الهادف والتوجيه الصحيح القضاء على الفرقة والخلاف والعودة بالمسلمين الى اصل الدين الإسلامي وهما كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تعلما وتعليما وعملا 0
وكذلك عن طريق التوعية والتربية الإسلامية وتعميق معاني الإخاء الإسلامي في النفوس وغرس الفضائل الخلقية في القلوب ووضع الخطوط العريضة للوحدة بين المسلمين والتعاون افرادا وجماعات والمتمثلة في قوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة) (الحجرات : 10) وقوله تعالى (إن اكرمكم عند الله اتقاكم) 0الحجرات : 13 وقوله تعالى (إن هذه امتكم امة واحدة) (الأنبياء : 92) وقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى) (المائدة: 2) وفي مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم) (والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) وقوله (مثل المؤمن في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)
فإذا تعاونت وتظافرت جميع الجهود الإسلامي والعربية على التوحد فقد نجت هذه الأمة بإذن الله من هذه المحنة القاسية 0
رابعا ـ محنة اليأس الذي اصاب اكثر المسلمين
لاشك ان من المحن يأس المرء وقنوطه من خير يريد الوصول اليه أو من شر يريد التخلص منه ومن المحن الكثيرة التي اصيب بها المسلمين اليوم هذا المرض الخطير والداء العضال اليأس من عودة عز الإسلام والقنوط من رجوع قيادة العالم للمسلمين , في حين ان اليأس كالقنوط كلاهما مما حرم الله عز وجل على المؤمنين ففي يوسف يقول الله تعالى (ولاتيأسوا من روح الله , إنه لايأس من روح الله إلا القوم الكافرين) (يوسف:87) 0
وفي سورة الزمر (لا تقنطوا من رحمة الله) (الزمر : 53)
لأن الداء في الرأس أو القلب ليس هو في خطورته كالداء في باقي الجسم ,فإذا اصاب اليأس رؤساء الأمة ومفكريها قعدت طبعا عن الحركة بالمرة وانقطع املها في النهوض والسير0
ولعل البعض ما يتعلل به ويتخذه مبررا من عودة نهضة الإسلام وعودة قبادته للبشرية جمعاء ولاللمسلمين فحسب وذلك من مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (بدأ الين غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وطوبي للغرباء) وقوله (لا يأتي عليكم يوم إلا والذي يعد شر منه) وقوله (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)0
المراد من ذلك هو حفز السلمين على العمل الجاد وإيقاظ الهمم للعمل المتواصل والتنبه للشر دائما والحذر منه والحرص على الحذر والحيطة دائما وفي السعي للخير والعمل من اجل الحصول عليه 0
ومقاومة اليأس والقنوط ومن يتوكل على الله فهو حسبه ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب0
خامسا ـ محنة المباديء الهدامة 0
من المحن القاسية الشديدة القساوة التي ابتليت بها امة الإسلام محنة وجود مباديء هدامة مخربة في ديارها وبين ابنائها 0
ومن هذا المطلق فإن أي مبدأ يدخل على الأمة الإسلامية خارج نطاق الدين الإسلامي والتربية الإسلامية فهو هدام وخاصة في هذه الأيام الانفتاح على العالم وخاصة من خلال القنوات الفضائية ومن خلال وسائل الإعلام منها المقروئة والمسموعة والمرئية 0
وخاصة اليهود والغرض من ذلك هو القضاء على روح الدين الإسلامي ليخلو لهم الجو فيتنفسوا الصعداء من طول ما خنقتهم الأديان ولعنتهم لخبثهم ومكرهم
والهدف من ذلك هو اجلاء العرب المسلمين من بلادهم لإقامة دولتهم الممتدة في كنعان ومن النيل الى الفرات وبعدها يفكرون في وضع قدمهم الثقيلة الوطأة على العالم اجمع كما هو المخطط المرسوم لديهم 0
وقد اكتشف هذا المخطط ولم يبق سرا مكتوما اليوم , ومن مبرر ذلك عندهم انهم شعب الله المختار وأنهم وحدهم المؤمنون الأطهار وأن من عداهم من الأمم والشعوب انجاس كفار 0
لذا وبفضل الله تعالى بالمقاومة والصحوة الإسلامية والعربية قد ازيلت هذه المخططات الإسرائيلية ولابد من القضاء على هذه الطفيليات العفنة الخبيثة ولن يبقى لها بحال بأن تنبت في ارض المسلمين والعودة الى الإسلام والمباديء الإسلامية وهذا يتطلب جهدا كبيرا وصبرا طويلا فعلى المسلمين جميعا والعرب ان تتلاحم مع بعضها وان تقف صفا واحدا وتجمع كل قواها لكي تقضي على
هذه العفنة الخبيثة الى الأبد إن شاء الله وليحرر المسجد الإقصى المبارك من ايديهم بإذن الله 0
سادسا ـ محنة الجهل بالإسلام
ان من اخطر المحن التي اصابت المسلمين وهم يقاسون من ويلاتهم ويعانون من شدائدها ضعفا وفسادا وشرا محنة جهل بعض المسلمين بإسلامهم , ولعل السبب المباشر فساد مناهج التعليم وعدم الكفاية والإخلاص في الأساتذة والتعليم
اما مناهج التعليم وهي السبب القوي في هذه المحنة وقد نادى الكثير من المصلحين في بلاد المسلمين بوجوب مراجعتها وتعديلها ووضعها على اسس سليمة تكفل للأمة المسلمة حاجاتها الضرورية الملحة في الإصلاح الشامل لجانبي الديني والدنيوي على حد سواء حيث لاغنى للأمة المسلمة عن احدها 0
ومن الملاحظ انه في بعض الدول الإسلامية والعربية تم تعديل بعض المناهج التعليمية ولكن ليس للأحسن ولكن للأسوأ وذلك نتيجة لبعض التدخلات الأجنبية وأصرارها على ذلك , ومن هذا المنطلق انها خدمت اعدء الأمة من الاستعمار والصهيونية العالمية وبخاصة وأن التغييرات التي طرأت على المناهج انصبت
على رفع شأن اليهود وإخفاء سوءاتهم هذا بالإضافة الى إلغاء بعض منهم اسم فلسطين عن الخارطة ووضع اسم اسرائيل 0
لذا فلابد من معالجة الموضوع عن طريق التوعية الإسلامية والتوجيه الإيماني بين الطلاب وذويهم وخاصة طلاب المعاهد والمدارس الدينية وغيرها من المدارس التعليمية والعودة الى الإصلاح وتطوير المناهج وفق اسس دينية اسلامية وتطوير مناهج التاريخ الإسلامي والعربي 0
سابعا ـ محنة الفسق العام
إن الخروج عن القانون والفوضى العامة في السلوك الفردي والجماعي يعدان من دون شك من الرزايا والمحن التي تبتلى بها الأمم والشعوب لما تفتقده من معنى للحياة وسعادتها وما تعرضها له من خراب ودمار 0
وكثير من المسلمين اليوم يعيشون على فسق ظاهر وخروج كامل عن القانون فالفوضى في العقائد والعبادات والأخلاق والآداب عامة كأن لم يكن هناك حدود ولا قواعد ولا قوانين يرجعون اليها في حياتهم ابدا 0
وهذه ظاهرة خطيرة تنذر بشر مستطير وستجر من الكوارث ما لايقادر قدره ولا يعرف مداه ولا حصره 0
فالحدود معطلة كأن لم يكن بشريعة الله حد واحد , والعقائد مختلفة متنوعة ما بين مادية صرفة وثقافية مصطنعة متكلفة 0
والعبادات اختيارية لاجبر فيها ولا إلزام , الفرضية منها كالنفلية فمن شاء صلى ومن شاء ترك ومن شاء صام ومن شاء افطر ومن شاء زكى ومن شاء منع 0
تغلبت البدع فيها على السنن فالبدعة منصورة والسنة مخذولة مستورة ,العادة مأتية مذكورة والعبادة منسية مهجورة 0
والأخلاق جلها نفاق وعداوات وشقاق , لو تساءلت اين الصدق ,أين الوفاء ,اين المحبة , أين ألإخاء ,أين ألأمانة ,أين الحياء؟
لما وجدت من يشير لك الى واحدة منها كلها وذلك لانعدامها في المجتمع واختفائها فيه0
والآداب علقم وصاب , مهاترات كلامية , ومجاملات سياسية لا تعرف الشجاعة في الحق , ولا الصراحة في النطق , باسمها ضاعت الأمانة وأشيعت الخيانة وتظاهر المنكر وتوارى المعروف , فاستبيحت المحرمات وأشيع الربا وانتشر الزنى , وشرب الخمور , وأذيع الغناء والفحش والبذاء وحتى الميسر والقمار اصبح تسلية من بعض اهل كل دار ,وكل هذه خارجة عن شريعة الله 0
لذا فلابد من حكومة اسلامية وطنية عادلة وليست حزبية قوية تقيم حدود الله وتحمي حماه فتضرب على ايدي كل المفسدين والعابثين وتقوي جانب الصالحين والمصلحين فتقف في وجه الباطل والشر وتدفع في مسيرة الحق والخير فما هي إلا جولات بعد صولات والفسق قد اختفى والباطل قد مات ويقول الله تعالى في كتابه الكريم (أما من ظلم فسوف نعذبه , ثم يرد الى ربه فيعذبه عذابا نكرا ,
وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى , وسنقول له من أمرنا يسرا) (88,87)
موضوع: تكملةمحن المسلمين (1) 
