ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 سنة سبع وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

سنة سبع وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية) Empty
مُساهمةموضوع: سنة سبع وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية)   سنة سبع وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية) Emptyالإثنين يناير 04, 2010 2:21 pm

سنة سبع وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية) WY8wf-8CO0_901944491
سنة سبع وثمانين وخمسمائة من الهجرة
فيها: قدم ملك الفرنسيس وملك إنكلترا وغيرهما من ملوك البحر الفرنج، على أصحابهم الفرنج إلى عكا، وتمالؤا على أخذ عكا في هذه السنة كما سيأتي تفصيله.
وقد استهلت هذه السنة والحصار الشديد على عكا من الجانبين، وقد استكمل دخول العدو إلى البلد والملك العادل مخيم إلى جانب البحر، ليتكامل دخولهم ودخول ميرتهم.
وفي ليلة مستهل ربيع الأول منها خرج المسلمون من عكا فهجموا على مخيم الفرنج فقتلوا منهم خلقا كثيرا، وسبوا وغنموا شيئا كثيرا، سبوا اثني عشر امرأة وانكسر مركب عظيم للفرنج، فغرق ما فيه منهم، وأسر باقيهم، وأغار صاحب حمص أسد الدين بن شيركوه على سرح الفرنج بأراضي طرابلس فاستاق منهم شيئا كثيرا من الخيول والأبقار والأغنام، وظفر الترك بخلق كثير من الفرنج فقتلوهم، ولم يقتل من المسلمين سوى طواش صغير عثر به فرسه.
وفي ثاني عشر ربيع الأول وصل إلى الفرنج ملك الفرنسيين في قريب من ستين بطش ملعونة مشحونة بعبدة الصليب، فحين وصل إليهم وقدم عليهم لم يبق لأحد من ملوكهم معه كلام ولا حكم، لعظمته عندهم، وقدم معه باز عظيم أبيض وهو الأشهب هائل فطار من يده فوقع على سور عكا فأخذه أهلها، وبعثوه إلى السلطان صلاح الدين، فبذل الفرنجي فيه ألف دينار فلم يجبه إلى ذلك.
وقدم بعده كيد فرير وهو من أكابر ملوكهم أيضا، ووصلت سفن ملك الإنكليز، ولم يجيء ملكهم لاشتغاله بجزيرة قبرص وأخذها من يد صاحبها، وتواصلت ملوك الإسلام أيضا من بلدانها في أول فصل الربيع، لخدمة الملك الناصر.
قال العماد: وقد كان للمسلمين لصوص يدخلون إلى خيام الفرنج فيسرقون، حتى أنهم كانوا يسرقون الرجال، فاتفق أن بعضهم أخذ صبيا رضيعا من مهده ابن ثلاثة أشهر، فوجدت عليه أمه وجدا شديدا، واشتكت إلى ملوكهم فقالوا لها: إن سلطان المسلمين رحيم القلب، وقد أذنا لك أن تذهبي إليه فتشكي أمرك إليه.
قال العماد: فجاءت إلى السلطان فأنهت إليه حالها، فرق لها رقة شديدة حتى دمعت عينه.
ثم أمر بإحضار ولدها فإذا هو قد بيع في السوق، فرسم بدفع ثمنه إلى المشتري، ولم يزل واقفا حتى جيء بالغلام فأخذته أمه وأرضعته ساعة وهي تبكي من شدة فرحها وشوقها إليه، ثم أمر بحملها إلى خيمتها على فرس مكرمة، رحمه الله تعالى وعفا عنه.
محتويات
[أخفِ]
• 1 فصل في كيفية أخذ العدو عكا من يدي السلطان
• 2 فصل فيما حدث بعد أخذ الفرنج عكا
• 3 الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب
• 4 الأمير حسام الدين محمد بن عمر بن لاشين
• 5 الأمير علم الدين سليمان بن حيدر الحلبي
• 6 الصفي بن الفائض
• 7 الطبيب الماهر أسعد بن المطران
• 8 الجيوشاتي الشيخ نجم الدين

فصل في كيفية أخذ العدو عكا من يدي السلطان
لما كان شهر جمادى الأولى اشتد حصار الفرنج لعنهم الله لمدينة عكا، وتمالؤا عليها من كل فج عميق، وقدم عليهم ملك الإنكليز في جم غفير وجمع كثير، في خمسة وعشرين قطعة مشحونة بالمقاتلة.
وابتلى أهل الثغر منهم ببلاء لا يشبه ما قبله، فعند ذلك حركت الكؤسات في البلد، وكانت علامة ما بينهم وبين السلطان، فحرك السلطان كؤساته فاقترب من البلد وتحول إلى قريب منه، ليشغلهم عن البلد، وقد أحاطوا به من كل جانب، ونصبوا عليه سبعة منجانيق، وهي تضرب في البلد ليلا ونهارا، ولا سيما على برج عين البقر حتى أثرت به أثرا بينا.
وشرعوا في ردم الخندق بما أمكنهم من دواب ميتة، ومن قتل منهم، ومن مات أيضا ردموا به، وكان أهل البلد يلقون ما ألقوه فيه إلى البحر.
وتلقى ملك الإنكليز بطشة عظيمة للمسلمين قد أقبلت من بيروت مشحونة بالأمتعة والأسلحة فأخذها، وكان واقفا في البحر في أربعين مركبا لا يترك شيئا يصل إلى البلد بالكلية، وكان بالبطشة ستمائة من المقاتلين الصناديد الأبطال، فهلكوا عن آخرهم، رحمهم الله.
فإنه لما أحيط بهم وتحققوا إما الغرق أو القتل، خرقوا جوانبها كلها فغرقت، ولم يقدر الفرنج على أخذ شيء منها لا من الميرة ولا من الأسلحة، وحزن المسلمون على هذا المصاب حزنا عظيما، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولكن جبر الله سبحانه هذا البلاء بأن أحرق المسلمون في هذا اليوم دبابة كانت أربع طبقات، الأولى من الخشب، والثانية من رصاص، والثالثة من حديد، والرابعة من نحاس، وهي مشرفة على السور والمقاتلة فيها.
وقد قلق أهل البلد منها بحيث حدثتهم أنفسهم من خوفهم من شرها بأن يطلبوا الأمان من الفرنج، ويسلموا البلد، ففرج الله عن المسلمين، وأمكنهم من حريقها، اتفق لهم ذلك في هذا اليوم الذي غرقت فيه البطشة المذكورة.
فأرسل أهل البلد يشكون إلى السلطان شدة الحصار وقوته عليهم، منذ قام ملك الإنكليز لعنه الله، ومع هذا قد مرض هو وجرح ملك الإفرنسيين أيضا، ولا يزيدهم ذلك إلا شدة وغلظة، وعتوا وبغيا.
وفارقهم المركيس وسار إلى بلده صور خوفا منهم أن يخرجوا ملكها من يده.
وبعث ملك الإنكليز إلى السلطان صلاح الدين يذكر له أن عنده جوارح قد جاء بها من البحر، وهو على نية إرسالها إليه، ولكنها قد ضعفت، وهو يطلب دجاجا وطيرا لتقوى به، فعرف أنه إنما يطلب ذلك لنفسه يلطفها به، فأرسل إليه شيئا كثيرا من ذلك كرما، ثم أرسل يطلب منه فاكهة وثلجا، فأرسل إليه أيضا فلم يفد معه الإحسان، بل لما عوفي عاد إلى شر مما كان.
واشتد الحصار ليلا ونهارا، فأرسل أهل البلد يقولون للسلطان: إما أن تعملوا معنا شيئا غدا وإلا طلبنا من الفرنج الصلح والأمان.
فشق ذلك على السلطان، وذلك لأنه كان قد بعث إليها أسلحة الشام والديار المصرية وسائر السواحل، وما كان غنمه من وقعة حطين ومن القدس، فهي مشحونة بذلك، فعند ذلك عزم السلطان على الهجوم على العدو، فلما أصبح ركب في جيشه فرأى الفرنج قد ركبوا من وراء خندقهم، والرجالة منهم قد ضربوا سورا حول الفرسان، وهم قطعة من حديد صماء لا ينفذ فيهم شيء، فأحجم عنهم لما يعلم من نكول جيشه عما يريده، وتحدوه عليه شجاعته، رحمه الله.
هذا وقد اشتد الحصار على البلد ودخلت الرجالة منهم إلى الخندق وعلقوا بدنة في السور وحشوها وأحرقوها، فسقطت ودخلت الفرنج إلى البلد، فمانعهم المسلمون وقاتلوهم أشد القتال، وقتلوا من رؤسهم ستة أنفس، فاشتد حنق الفرنج على المسلمين جدا بسبب ذلك.
وجاء الليل فحال بين الفريقين، فلما أصبح الصباح خرج أمير المسلمين بالبلد أحمد بن المشطوب فاجتمع بملك الإفرنسيين وطلب منهم الأمان على أنفسهم، ويتسلمون منه البلد، فلم يجبهم إلى ذلك، وقال له: بعد ما سقط السور جئت تطلب الأمان؟
فأغلظ له ابن المشطوب في الكلام ورجع إلى البلد في حالة الله بها عليم، فلما أخبر أهل البلد بما وقع خافوا خوفا شديدا، وأرسلوا إلى السلطان يعلمونه بما وقع.
فأرسل إليهم أن يسرعوا الخروج من البلد في البحر ولا يتأخروا عن هذه الليلة ولا يبقى بها مسلم، فتشاغل كثير ممن كان بها لجمع الأمتعة والأسلحة، وتأخروا عن الخروج تلك الليلة فما أصبح الخبر إلا عند الفرنج من مملوكين صغيرين سمعا بما رسم به السلطان، فهربا إلى قومهما فأخبروهم بذلك، فاحتفظوا على البحر احتفاظا عظيما، فلم يتمكن أحد من أهل البلد أن يتحرك بحركة، ولا خرج منها شيء بالكلية.
وهذان المملوكان كانا أسيرين، قد أسرهما السلطان من أولاد الفرنج، وعزم السلطان على كبس العدو في هذه الليلة، فلم يوافقه الجيش على ذلك، وقالوا: لا نخاطر بعسكر المسلمين.
فلما أصبح بعث إلى ملوك الفرنج يطلب منهم الأمان لأهل البلد على أن يطلق عدتهم من الأسرى الذين تحت يده من الفرنج، ويزيدهم صليب الصلبوت، فأبوا إلا أن يطلق لهم كل أسير تحت يده، ويطلق لهم جميع البلاد الساحلية التي أخذت منهم، وبيت المقدس، فأبى ذلك.
وترددت المراسلات في ذلك، والحصار يتزايد على أسوار البلد.
وقد تهدمت منه ثلم كثيرة، وأعاد المسلمون كثيرا منها، وسدوا ثغر تلك الأماكن بنحورهم رحمهم الله، وصبروا صبرا عظيما، وصابروا العدو، ثم كان آخر الأمر وصولهم إلى درجة الشهادة، وقد كتبوا إلى السلطان في آخر أمرهم يقولون له: يا مولانا لا تخضع لهؤلاء الملاعين، الذين قد أبوا عليك الإجابة إلى ما دعوتهم فينا، فإنا قد بايعنا الله على الجهاد حتى نقتل عن آخرنا، وبالله المستعان.
فلما كان وقت الظهر في اليوم السابع من جمادى الآخرة من هذه السنة، ما شعر الناس إلا وأعلام الكفار قد ارتفعت، وصلبانهم ونارهم على أسوار البلد، وصاح الفرنج صيحة واحدة، فعظمت عند ذلك المصيبة على المسلمين، واشتد حزن الموحدين، وانحصر كلام الناس في إنا لله وإنا إليه راجعون، وغشي الناس بهتة عظيمة، وحيرة شديدة، ووقع في عسكر السلطان الصياح والعويل.
ودخل المركيس لعنه الله وقد عاد إليهم من صور بهدايا فأهداها إلى الملوك، فدخل في هذا اليوم عكا بأربعة أعلام الملوك فنصبها في البلد، واحدا على المأذنة يوم الجمعة، وآخر على القلعة، وآخر على برج الداوية، وآخر على برج القتال، عوضا عن أعلام السلطان.
وتحيز المسلمون الذين بها إلى ناحية من البلد معتقلين، محتاط بهم مضيق عليهم، وقد أسروا النساء والأبناء، وغنمت أموالهم، وقيدت الأبطال وأهين الرجال، والحرب سجال، والحمد لله على كل حال.
فعند ذلك أمر السلطان الناس بالتأخر عن هذه المنزلة، وثبت هو مكانه لينظر ماذا يصنعون وما عليه يعولون، والفرنج في البلد مشغولون مدهوشون، ثم سار السلطان إلى العسكر وعنده من الهم ما لا يعلمه إلا الله.
وجاءت الملوك الإسلامية، والأمراء وكبراء الدولة يعزونه فيما وقع، ويسلونه على ذلك، ثم راسل ملوك الفرنج في خلاص من بأيديهم من الأسارى، فطلبوا منه عدتهم من أسراهم ومائة ألف دينار، وصليب الصلبوت إن كان باقيا، فأرسل فأحضر المال والصليب، ولم يتهيأ له من الأسارى إلا ستمائة أسير.
فطلب الفرنج منه أن يريهم الصليب من بعيد، فلما رفع سجدوا له وألقوا أنفسهم إلى الأرض، وبعثوا يطلبون منه ما أحضره من المال والأسارى، فامتنع إلا أن يرسلوا إليه الأسارى أو يبعثوا له برهائن على ذلك، فقالوا: لا ولكن أرسل لنا ذلك وارض بأمانتنا.
فعرف أنهم يريدون الغدر والمكر، فلم يرسل إليهم شيئا من ذلك، وأمر برد الأسارى إلى أهليهم بدمشق، ورد الصليب إلى دمشق مهانا، وأبرزت الفرنج خيامهم إلى ظاهر البلد وأحضروا ثلاثة آلاف من المسلمين فأوقفوهم بعد العصر وحملوا عليهم حملة رجل واحد فقتلوهم عن آخرهم في صعيد واحد، رحمهم الله وأكرم مثواهم.
ولم يستبقوا بأيديهم من المسلمين إلا أميرا أو صبيا، أو من يرونه في عملهم قويا أو امرأة.
وجرى الذي كان وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان.
وكان مدة إقامة صلاح الدين على عكا صابرا مصابرا مرابطا سبعة وثلاثين شهرا، وجملة من قتل من الفرنج خمسين ألفا.
فصل فيما حدث بعد أخذ الفرنج عكا
ساروا برمتهم قاصدين عسقلان، والسلطان بجيشه يسايرهم ويعارضهم منزلة منزلة، والمسلمون يتخطفونهم ويسلبونهم في كل مكان، وكل أسير أتي به إلى السلطان يأمر بقتله في مكانه.
وجرت خطوب بين الجيشين، ووقعات متعددات، ثم طلب ملك الإنكليز أن يجتمع بالملك العادل أخي السلطان يطلب منه الصلح والأمان، على أن يعاد لأهلها بلاد السواحل، فقال له العادل: إن دون ذلك قتل كل فارس منكم وراجل.
فغضب اللعين ونهض من عنده غضبان، ثم اجتمعت الفرنج على حرب السلطان عند غابة أرسوف، فكانت النصرة للمسلمين، فقتل من الفرنج عند غابة أرسوف ألوف بعد ألوف، وقتل من المسلمين خلق كثير أيضا.
وقد كان الجيش فرعن السلطان في أول الوقعة ولم يبق معه سوى سبعة عشر مقاتلا، وهو ثابت صابر والكؤسات لا تفتر، والأعلام منشورة، ثم تراجع الناس فكانت النصرة للمسلمين، ثم تقدم السلطان بعساكره فنزل ظاهر عسقلان، فأشار ذوو الرأي على السلطان بتخريب عسقلان خشية أن يتملكها الكفار، ويجعلونها وسيلة إلى أخذ بيت المقدس، أو يجري عندها من الحرب والقتال نظير ما كان عند عكا، أوشد.
فبات السلطان ليلته مفكرا في ذلك، فلما أصبح وقد أوقع الله في قلبه أن خرابها هو المصلحة فذكر ذلك لمن حضره، وقال لهم: والله لموت جميع أولادي أهون على من تخريب حجر واحد منها، ولكن إذا كان خرابها فيه مصلحة للمسلمين فلا بأس به.
ثم طلب الولاة وأمرهم بتخريب البلد سريعا، قبل وصول العدو إليها، فشرع الناس في خرابه، وأهله ومن حضره يتباكون على حسنه وطيب مقيله، وكثرة زروعه وثماره، ونضارة أنهاره وأزهاره، وكثرة رخامه وحسن بنائه.
وألقيت النار في سقوفه وأتلف ما فيه من الغلات التي لا يمكن تحويلها، ولا نقلها، ولم يزل الخراب والحريق فيه من جمادى الآخرة إلى سلخ شعبان من هذه السنة.
ثم رحل السلطان منها في ثاني رمضان وقد تركها قاعا صفصفا ليس فيها معلمة لأحد، ثم اجتاز بالرملة فخرب حصنها وخرب كنيسة لد، وزار بيت المقدس وعاد إلى المخيم سريعا، وبعث ملك الإنكليز إلى السلطان: إن الأمر قد طال وهلك الفرنج والمسلمون، وإنما مقصودنا ثلاثة أشياء لا سواها: رد الصليب وبلاد الساحل وبيت المقدس، لا نرجع عن هذه الثلاثة، ومنا عين تطرف.
فأرسل إليه السلطان أشد جواب، وأسد مقال، فعزمت الفرنج على قصد بيت المقدس، فتقدم السلطان بجيشه إلى القدس، وسكن في دار القساقس، قريبا من قمامة في ذي القعدة.
وشرع في تحصين البلد، وتعميق خنادقه، وعمل فيه بنفسه وأولاده، وعمل فيه الأمراء والقضاة والعلماء والصالحون، وكان وقتا مشهودا، واليزك حول البلد من ناحية الفرنج وفي كل وقت يستظهرون على الفرنج ويقتلون ويأسرون ويغنمون، ولله الحمد والمنة، وانقضت هذه السنة والأمر على ذلك.
وفيها: على ما ذكره العماد تولى القضاء محي الدين محمد بن الزكي بدمشق.
وفيها: عدى أمير مكة داود بن عيسى بن فليتة بن هاشم بن محمد بن أبي هاشم الحسني، فأخذ أموال الكعبة حتى انتزع طوقا من فضة كان على دائرة الحجر الأسود، كان قد لم شعثه حين ضربه ذلك القرمطي بالدبوس، فلما بلغ السلطان خبره من الحجيج عزله، وولى أخاه بكيرا، ونقض القلعة التي كان بناها أخوه على أبي قبيس، وأقام داود بنخلة، حتى توفي بها سنة سبع وثمانين.
وفيها توفي من الأعيان:
الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب
وكان عزيزا على عمه صلاح الدين، استنابه بمصر وغيرها من البلاد، ثم أقطعه حماه ومدنا كثيرة حولها في بلاد الجزيرة، وكان مع عمه السلطان على عكا، ثم استأذنه أن يذهب ليشرف على بلاده المجاورة للجزيرة والفرات.
فلما صار إليها اشتغل بها، وامتدت عينه إلى أخذ غيرها من أيدي الملوك المجاورين له، فقاتلهم فاتفق موته وهو كذلك، والسلطان عمه غضبان عليه بسبب اشتغاله بذلك عنه، وحملت جنازته حتى دفنت بحماه.
وله مدرسة هناك هائلة كبيرة، وكذلك له بدمشق مدرسة مشهورة، وعليها أوقاف كثيرة، وقد أقام بالملك بعده ولده المنصور ناصر الدين محمد، فأقره صلاح الدين على ذلك بعد جهد جهيد، ووعد ووعيد، ولولا السلطان العادل أخو صلاح الدين تشفع فيه لما أقره في مكان أبيه، ولكن سلم الله، توفي يوم الجمعة تاسع عشر رمضان من هذه السنة، وكان شجاعا فاتكا.
الأمير حسام الدين محمد بن عمر بن لاشين
أمه ست الشام بنت أيوب، واقفة الشاميتين بدمشق، توفي ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان أيضا، ففجع السلطان بابن أخيه وابن أخته في ليلة واحدة، وقد كانا من أكبر أعوانه، ودفن بالتربة الحسامية، وهي التي أنشأتها أمه بمحلة العونية، وهي الشامية البرانية.
الأمير علم الدين سليمان بن حيدر الحلبي
كان من أكابر الدولة الصلاحية، وفي خدمة السلطان حيث كان، وهو الذي أشار على السلطان بتخريب عسقلان، واتفق مرضه بالقدس فاستأذن في أن يمرض بدمشق، فأذن له، فسار منها فلما وصل إلى غباغب مات بها في أواخر ذي الحجة.
وفي رجب منها توفي الأمير الكبير نائب دمشق
الصفي بن الفائض
وكان من أكبر أصحاب السلطان قبل الملك، ثم استنابه على دمشق حتى توفي بها في هذه السنة.
وفي ربيع الأول توفي
الطبيب الماهر أسعد بن المطران
وقد شرف بالإسلام، وشكره على طبه الخاص والعام.
الجيوشاتي الشيخ نجم الدين
الذي بنى تربة الشافعي بمصر بأمر السلطان صلاح الدين، ووقف عليها أوقافا سنية، وولاه تدريسها ونظرها، وقد كان السلطان يحترمه ويكرمه، وقد ذكرته في (طبقات الشافعية)، وما صنفه في المذهب من (شرح الوسيط) وغيره.
ولما توفي الجيوشاتي طلب التدريس جماعة فشفع الملك العادل عند أخيه في شيخ الشيوخ أبي الحسن محمد بن حمويه، فولاه إياه، ثم عزله عنها بعد موت السلطان، واستمرت عليه أيدي بني السلطان واحدا بعد واحد، ثم عادت إليها الفقهاء
والمدرسون بعد ذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سنة سبع وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سنة خمس وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية)
» سنة ست وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية)
» سنة أربع وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية)
» سنة إحدى وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية)
» سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة من الهجرة / الجزء الثاني عشر (البداية والنهاية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: