ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 باب ذكر أخلاقه وشمائله الطاهرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم / الجزء السادس / (البداية والنهاية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

باب ذكر أخلاقه وشمائله الطاهرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم / الجزء السادس / (البداية والنهاية) Empty
مُساهمةموضوع: باب ذكر أخلاقه وشمائله الطاهرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم / الجزء السادس / (البداية والنهاية)   باب ذكر أخلاقه وشمائله الطاهرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم / الجزء السادس / (البداية والنهاية) Emptyالجمعة ديسمبر 25, 2009 2:10 pm

باب ذكر أخلاقه وشمائله الطاهرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم / الجزء السادس / (البداية والنهاية) Kunooozb0d2ecf41c

باب ذكر أخلاقه وشمائله الطاهرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
قد قدمنا طيب أصله ومحتده، وطهارة نسبه ومولده، وقد قال الله تعالى: { الله أعلم حيث يجعل رسالته }. [الأنعام: 124] .
وقال البخاري: حدثنا قتيبة، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: « بعثت من خير قرون بني آدم قرنا بعد قرن، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه ».
وفي صحيح مسلم عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله : « إن الله اصطفى قريشا من بني إسماعيل، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم ».
وقال الله تعالى: « ن والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لأجرا غير ممنون * وإنك لعلى خلق عظيم ». [القلم: 1-4] .
قال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: { وإنك لعلى خلق عظيم }: يعني: وإنك لعلى دين عظيم، وهو الإسلام.
وهكذا قال مجاهد، وابن مالك، والسدي، والضحاك، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وقال عطية: لعلى أدب عظيم.
وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث قتادة عن زرارة ابن أبي أوفى، عن سعد بن هشام قال: سألت عائشة أم المؤمنين فقلت: أخبريني عن خلق رسول الله .
فقالت: أما تقرأ القرآن؟
قلت: بلى!
فقالت: كان خلقه القرآن.
وقد روى الإمام أحمد عن إسماعيل بن علية، عن يونس بن عبيد، عن الحسن البصري قال: وسئلت عائشة عن خلق رسول الله .
فقالت: كان خلقه القرآن.
وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن ابن مهدي، والنسائي من حديثه، وابن جرير من حديث ابن وهب، كلاهما عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على عائشة فسألتها عن خلق رسول الله .
فقالت: كان خلقه القرآن.
ومعنى هذا: أنه عليه السلام مهما أمره به القرآن العظيم امتثله، ومهما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الأخلاق الجبلية الأصلية العظيمة التي لم يكن أحد من البشر ولا يكون على أجمل منها، وشرع له الدين العظيم الذي لم يشرعه لأحد قبله، وهو مع ذلك خاتم النبيين فلا رسول بعده ولا نبي فكان فيه من الحياء، والكرم، والشجاعة، والحلم، والصفح، والرحمة، وسائر الأخلاق الكاملة ما لا يحد، ولا يمكن وصفه.
وقال يعقوب بن سفيان: ثنا سليمان، ثنا عبد الرحمن، ثنا الحسن بن يحيى، ثنا زيد بن واقد عن بشر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء قال: سألت عائشة عن خلق رسول الله .
فقالت: كان خلقه القرآن يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه.
وقال البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، أنا قيس بن أنيف، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران، عن زيد بن بابنوس قال: قلنا لعائشة: يا أم المؤمنين، كيف كان خلق رسول الله - -؟
قالت: كان خلق رسول الله - - القرآن.
ثم قالت: أتقرأ سورة المؤمنون؟ إقرأ قد « أفلح المؤمنون » إلى العشر.
قالت: هكذا كان خلق رسول الله - -.
وهكذا رواه النسائي عن قتيبة.
وروى البخاري من حديث هشام بن عروة عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير في قوله تعالى: { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين }. [الأعراف: 199] .
قال: أمر رسول الله أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سعيد بن منصور، ثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : « إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق » تفرد به أحمد.
ورواه الحافظ أبو بكر الخرائطي في كتابه فقال: « وإنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ».
وتقدم ما رواه البخاري من حديث أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله أحسن الناس وجها، وأحسن الناس خلقا.
وقال مالك عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: ما خير رسول الله بين أمرين، إلا أخذ أيسرهما مالم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها.
ورواه البخاري ومسلم من حديث مالك.
وروى مسلم عن أبي كريب، عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله بيده شيئا قط لا عبدا، ولا امرأة، ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا نيل منه شيء فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله - عز وجل -.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله بيده خادما له قط، ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئا إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا خير بين شيئين قط إلا كان أحبهما إليه أيسرهما، حتى يكون إثما، فإذا كان إثما كان أبعد الناس من الإثم، ولا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه، حتى تنتهك حرمات الله فيكون هو ينتقم لله - عز وجل -.
وقال أبو داود الطيالسي: ثنا شعبة عن أبي إسحاق سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول: سمعت عائشة وسألتها عن خلق رسول الله .
فقالت: لم يكن فاحشا، ولا متفحشا، ولا سخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح - أو قال: يعفو ويغفر - شك أبو داود.
ورواه الترمذي من حديث شعبة وقال: حسن صحيح.
وقال يعقوب بن سفيان: ثنا آدم وعاصم بن علي قالا: ثنا ابن أبي ذئب، ثنا صالح مولى التوأمة قال: كان أبو هريرة ينعت رسول الله قال: كان يقبل جميعا، ويدبر جميعا، بأبي وأمي لم يكن فاحشا، ولا متفحشا، ولا سخابا في الأسواق.
زاد آدم: ولم أر مثله قبله، ولم أر مثله بعده.
وقال البخاري: ثنا عبدان عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو قال: لم يكن النبي فاحشا، ولا متفحشا وكان يقول: « إن من خياركم أحسنكم أخلاقا ».
ورواه مسلم من حديث الأعمش به.
وقد روى البخاري من حديث فليح بن سليمان عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمر أنه قال: إن رسول الله موصوف في التوراة بما هو موصوف في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا، ومبشرا، ونذيرا، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا.
وقد روي عن عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار.
وقال البخاري: ثنا مسدد، ثنا يحيى عن شعبة، عن قتادة، عن عبد الله ابن أبي عتبة، عن أبي سعيد قال: كان النبي أشد حياء من العذراء في خدرها.
حدثنا ابن بشار قال: ثنا يحيى، وعبد الرحمن قالا: ثنا شعبة مثله: وإذا كره شيئا عرف ذلك في وجهه.
هلي عن محمد بن عبيد عن.
وقال الإمام أحمد: ثنا أبو عامر، ثنا فليح عن هلال بن علي، عن أنس بن مالك قال: لم يكن رسول الله - - سبابا، ولا لعانا ولا فاحشا، كان يقول لأحدنا عند المعاتبة: « ماله تربت جبينه ».
ورواه البخاري عن محمد بن سنان، عن فليح.
وفي الصحيحين واللفظ لمسلم من حديث حماد بن زيد عن ثابت، عن أنس قال: كان رسول الله أحسن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله راجعا وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عري في عنقه السيف وهو يقول: « لم تراعوا، لم تراعوا ».
قال: وجدناه بحرا، أو إنه لبحر.
قال: وكان فرسا يبطأ.
ثم قال مسلم: ثنا بكر ابن أبي شيبة، ثنا وكيع عن سعيد، عن قتادة، عن أنس قال: كان فزع بالمدينة، فاستعار رسول الله فرسا لأبي طلحة يقال له: مندوب، فركبه.
فقال: « ما رأينا من فزع، وإن وجدناه لبحرا ».
قال: كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله .
وقال أبو إسحاق السبيعي عن حارثة بن مضرب، عن علي ابن أبي طالب قال: لما كان يوم بدر اتقينا المشركين برسول الله ، وكان أشد الناس بأسا.
رواه أحمد والبيهقي، وتقدم في غزوة هوازن أنه عليه السلام لما فر جمهور أصحابه يومئذ ثبت وهو راكب بغلته، وهو ينوه باسمه الشريف يقول: « أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب » وهو مع ذلك يركضها إلى نحور الأعداء، وهذا في غاية ما يكون من الشجاعة العظيمة، والتوكل التام - صلوات الله عليه -.
وفي صحيح مسلم من حديث إسماعيل بن علية عن عبد العزيز، عن أنس قال: لما قدم رسول الله المدينة أخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بنا إلى رسول الله فقال: يا رسول الله إن أنسا غلام كيس فليخدمك.
قال: فخدمته في السفر والحضر، والله ما قال لي لشيء صنعته: « لم صنعت هذا هكذا » ولا لشيء لم أصنعه: « لم لم تصنع هذا هكذا ».
وله من حديث سعيد ابن أبي بردة عن أنس قال: خدمت رسول الله تسع سنين فما أعلمه قال لي قط: « لم فعلت كذا وكذا » ولا عاب علي شيئا قط.
وله من حديث عكرمة بن عمار عن إسحاق قال أنس: كان رسول الله من أحسن الناس خلقا فأرسلني يوما لحاجة فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به رسول الله فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله قد قبض بقفاي من ورائي قال: فنظرت إليه وهو يضحك فقال: « يا أنيس ذهبت حيث أمرتك؟ »
فقلت: نعم! أنا أذهب يا رسول الله.
قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته: « لم صنعت كذا وكذا »، أو لشيء تركته « هلا فعلت كذا وكذا ».
وقال الإمام أحمد: ثنا كثير، ثنا هشام، ثنا جعفر، ثنا عمران القصير عن أنس بن مالك قال: خدمت النبي عشر سنين، فما أمرني بأمر فتوانيت عنه، أو ضيعته فلامني، وإن لامني أحد من أهله إلا قال: « دعوه فلو قدر - أو قال: قضي - أن يكون كان ».
ثم رواه أحمد عن علي بن ثابت، عن جعفر هو ابن برقان، عن عمران البصري - وهو القصير - عن أنس فذكره، تفرد به الإمام أحمد.
وقال الإمام أحمد: ثنا عبد الصمد، ثنا أبي، ثنا أبو التياح، ثنا أنس قال: كان رسول الله أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير قال: أحسبه قال: فطيما، قال: فكان إذا جاء رسول الله فرآه قال: « أبا عمير ما فعل النغير؟ ».
قال: نغر كان يلعب به.
قال: فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح، ثم يقوم رسول الله ونقوم خلفه يصلي بنا.
قال: وكان بساطهم من جريد النخل.
وقد رواه الجماعة إلا أبا داود من طرق عن أبي التياح يزيد بن حميد، عن أنس بنحوه.
وثبت في الصحيحين من حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو كامل، ثنا حماد بن زيد، ثنا سلم العلوي سمعت أنس بن مالك أن النبي رأى على رجل صفرة فكرهها قال: فلما قام قال: « لو أمرتم هذا أن يغسل عنه هذه الصفرة ».
قال: وكان لا يكاد يواجه أحدا بشيء يكرهه.
وقد رواه أبو داود والترمذي في الشمائل، والنسائي في اليوم والليلة من حديث حماد بن زيد عن سلم بن قيس العلوي البصري.
قال أبو داود: وليس من ولد علي ابن أبي طالب، وكان يبصر في النجوم، وقد شهد عند عدي بن أرطأة على رؤية الهلال فلم يجز شهادته.
وقال أبو داود: ثنا عثمان ابن أبي شيبة، ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، ثنا الأعمش عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان النبي إذا بلغه عن رجل شيء لم يقل: ما بال فلان يقول، ولكن يقول: « ما بال أقوام يقولون: كذا وكذا ».
وثبت في الصحيح أن رسول الله قال: « لا يبلغني أحد عن أحد شيئا، إني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ».
وقال مالك عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: كنت أمشي مع النبي وعليه برد غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذا شديدا، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله - - فإذا قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته.
ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك.
قال: فالتفت إليه رسول الله فضحك ثم أمر له بعطاء.
أخرجاه من حديث مالك.
وقال الإمام أحمد: ثنا زيد بن الحباب، أخبرني محمد بن هلال القرشي عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول: كنا مع رسول الله في المسجد فلما قام قمنا معه، فجاء أعرابي فقال: أعطني يا محمد.
فقال: « لا! وأستغفر الله ».
فجذبه بحجزته فخدشه.
قال: فهموا به.
فقال: « دعوه ».
قال: ثم أعطاه قال: فكانت يمينه: « لا! وأستغفر الله ».
وقد روى أصل هذا الحديث أبو داود، والنسائي، وابن ماجه من طرق عن محمد بن هلال ابن أبي هلال مولى بني كعب، عن أبيه، عن أبي هريرة بنحوه.
وقال يعقوب بن سفيان: ثنا عبد الله بن موسى، عن شيبان، عن الأعمش، عن ثمامة بن عتبة، عن زيد بن أرقم قال: كان رجل من الأنصار يدخل على رسول الله ويأتمنه، وأنه عقد له عقدا وألقاه في بئر، فصرع ذلك رسول الله فأتاه ملكان يعودانه، فأخبراه أن فلانا عقد له عقدا وهي في بئر فلان ولقد اصفر الماء من شدة عقده، فأرسل النبي فاستخرج العقد فوجد الماء قد اصفر فحل العقد، ونام النبي فلقد رأيت الرجل بعد ذلك يدخل على النبي ، فما رأيته في وجه النبي حتى مات.
قلت: والمشهور في الصحيح: أن لبيد بن الأعصم اليهودي هو الذي سحر النبي في مشط، ومثاقة في جف طلعة ذكر تحت بئر ذروان، وأن الحال استمر نحو ستة أشهر حتى أنزل الله سورتي المعوذتين، ويقال: إن آياتهما إحدى عشرة آية، وأن عقد ذلك الذي سحر فيه كان إحدى عشرة عقدة، وقد بسطنا ذلك في كتابنا التفسير بما فيه كفاية، والله أعلم.
وقال يعقوب بن سفيان: ثنا أبو نعيم، ثنا عمران بن زيد أبو يحيى الملائي، ثنا زيد العمي عن أنس ابن مالك قال: كان رسول الله إذا صافح أو صافحه الرجل لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده، وإن استقبله بوجه لا يصرفه عنه حتى يكون الرجل ينصرف عنه، ولا يرى مقدما ركبتيه بين يدي جليس له.
ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث عمران بن زيد الثعلبي أبي يحيى الطويل الكوفي عن زيد بن الحواري العمي، عن أنس به.
وقال أبو داود: ثنا أحمد بن منيع، ثنا أبو قطن، ثنا مبارك بن فضالة عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: ما رأيت رجلا قط التقم أذن النبي فينحي رأسه حتى يكون الرجل هو الذي ينحي رأسه، وما رأيت رسول الله آخذا بيده رجل فترك يده حتى يكون الرجل هو الذي يدع يده.
تفرد به أبو داود.
وقال الإمام أحمد: وحدثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا: ثنا شعبة قال ابن جعفر في حديثه: قال: سمعت علي بن يزيد قال: قال أنس بن مالك: إن كانت الوليدة من ولائد أهل المدينة لتجيء فتأخذ بيد رسول الله فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت.
ورواه ابن ماجه من حديث شعبة.
وقد رواه البخاري في كتاب الأدب من صحيحه معلقا فقال: وقال محمد بن عيسى - هو ابن الطباع -: ثنا هشيم فذكره.
وقال الطبراني: ثنا أبو شعيب الحراني، ثنا يحيى بن عبد الله البابلتي، ثنا أيوب بن نهيك سمعت عطاء ابن أبي رباح، سمعت ابن عمر، سمعت رسول الله رأى صاحب بز فاشترى منه قميصا بأربعة دراهم، فخرج وهو عليه، فإذا رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله إكسني قميصا، كساك الله من ثياب الجنة، فنزع القميصص فكساه إياه، ثم رجع إلى صاحب الحانوت فاشترى منه قميصا بأربعة دراهم، وبقي معه درهمان، فإذا هو بجارية في الطريق تبكي.
فقال: « ما يبكيك؟ »
فقالت: يا رسول الله دفع إلي أهلي درهمين اشتري بهما دقيقا فهلكا، فدفع إليها رسول الله الدرهمين الباقيين، ثم انقلب وهي تبكي فدعاها.
فقال: « ما يبكيك وقد أخذت الدرهمين؟ »
فقالت: أخاف أن يضربوني، فمشى معها إلى أهلها فسلم فعرفوا صوته، ثم عاد فسلم، ثم عاد فسلم ثم عاد فثلث فردوا فقال: « أسمعتم أول السلام؟ »
قالوا: نعم! ولكن أحببنا أن تزيدنا من السلام، فما أشخصك بأبينا وأمنا.
فقال: « أشفقت هذه الجارية أن تضربوها ».
فقال صاحبها: هي حرة لوجه الله لممشاك معها، فبشرهم رسول الله بالخير والجنة.
ثم قال: « لقد بارك في العشرة، كسا الله نبيه قميصا، ورجلا من الأنصار قميصا، وأعتق الله منها رقبة، وأحمد الله هو الذي رزقنا هذا بقدرته ».
هكذا رواه الطبراني، وفي إسناده: أيوب بن نهيك الحلبي، وقد ضعفه أبو حاتم.
وقال أبو زرعة: منكر الحديث.
وقال الأزدي: متروك.
وثبت في الصحيحين من حديث الأعمش عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: ما عاب رسول الله طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه.
وقال الثوري عن الأسود بن قيس، عن شيخ العوفي، عن جابر قال: أتانا رسول الله في منزلنا فذبحنا له شاة.
فقال: « كأنهم علموا أنا نحب اللحم، الحديث ».
وقال محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة، عن عمر بن عبد العزيز، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه قال: كان رسول الله إذا جلس يتحدث كثيرا ما يرفع طرفه إلى السماء.
وهكذا رواه أبو داود: في كتاب الأدب من سننه من حديث محمد بن إسحاق به.
وقال أبو داود: حدثنا سلمة بن شعيب، ثنا عبد الله بن إبراهيم، ثنا إسحاق بن محمد الأنصاري عن ربيح بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده أبي سعيد الخدري أن رسول الله كان إذا جلس احتبى بيده.
ورواه البزار في مسنده ولفظه: كان إذا جلس نصب ركبتيه، واحتبى بيديه.
ثم قال أبو داود: ثنا حفص بن عمر، وموسى بن إسماعيل قالا: ثنا عبد الرحمن بن حسان العنبري، حدثني جدتاي صفية ودحيبة ابنتا عليبة قال: موسى ابنة حرملة، وكانتا ربيبتي قيلة بنت مخرمة، وكانت جدة أبيهما أنها أخبرتهما أنها رأت رسول الله وهو قاعد القرفصاء، قالت: فلما رأيت رسول الله المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق.
ورواه الترمذي في الشمائل وفي الجامع عن عبد بن حميد، عن عفان بن مسلم بن عبد الله بن حسان به، وهو قطعة من حديث طويل قد ساقه الطبراني بتمامه في معجمه الكبير.
وقال البخاري: ثنا الحسن بن الصباح البزار، ثنا سفيان عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن رسول الله كان يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه.
قال البخاري: وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب، أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة أنها قالت: ألا أعجبك أبو فلان، جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله يسمعني ذلك، وكنت أسبح، فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه أن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم.
وقد رواه أحمد عن علي بن إسحاق، ومسلم عن حرملة، وأبو داود عن سليمان بن داود، كلهم عن ابن وهب، عن يونس بن يزيد به، وفي روايتهم: ألا أعجبك من أبي هريرة فذكرت نحوه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن سفيان، عن أسامة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان كلام النبي فصلا يفهمه كل أحد لم يكن يسرد سردا.
وقد رواه أبو داود عن ابن أبي شيبة، عن وكيع.
وقال أبو يعلى: ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، ثنا عبد الله بن مسعر، حدثني شيخ أنه سمع جابر بن عبد الله - أو ابن عمر - يقول: كان في كلام النبي ترتيل، أو ترسيل.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس أن رسول الله كان إذا تكلم بكلمة رددها ثلاثا، وإذا أتى قوما يسلم عليهم سلم ثلاثا.
ورواه البخاري من حديث عبد الصمد.
وقال أحمد: ثنا أبو سعيد ابن أبي مريم، ثنا عبد الله بن المثنى سمعت ثمامة بن أنس يذكر أن أنسا كان إذا تكلم تكلم ثلاثا، ويذكر أن النبي كان إذا تكلم تكلم ثلاثا، وكان يستأذن ثلاثا.
وجاء في الحديث الذي رواه الترمذي: عن عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس أن رسول الله كان إذا تكلم يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه.
ثم قال الترمذي: حسن صحيح غريب.
وفي الصحيح أنه قال: « أوتيت جوامع الكلم، وأختصر الحكم اختصارا ».
قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، حدثنا ليث، حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: « بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم أوتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي ».
وهكذا رواه البخاري من حديث الليث.
وقال أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى، ثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : « نصرت بالرعب، وأوتيت جوامع الكلم، وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي ».
تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وقال أحمد: حدثنا يزيد، ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : « نصرت بالرعب، وأوتيت جوامع الكلم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فتلت في يدي ».
تفرد به أحمد من هذا الوجه، وهو على شرط مسلم.
وثبت في الصحيحين من حديث ابن وهب عن عمرو بن الحرث، حدثني أبو النضر عن سليمان بن يسار، عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم.
وقال الترمذي: ثنا قتيبة، ثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن الحرث بن جزء قال: ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله - -
ثم رواه من حديث الليث عن يزيد ابن أبي حبيب، عن عبد الله بن الحرث بن جزء قال: ما كان ضحك رسول الله إلا تبسما، ثم قال: صحيح.
وقال مسلم: ثنا يحيى بن يحيى، ثنا أبو خيثمة عن سماك بن حرب قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله - -؟
قال: نعم كثيرا كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون، ويتبسم رسول الله .
وقال أبو داود الطيالسي: ثنا شريك وقيس بن سعد عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس النبي - -؟
قال: نعم، كان قليل الصمت، قليل الضحك، فكان أصحابه ربما يتناشدون الشعر عنده، وربما قال الشيء من أمورهم فيضحكون، وربما يتبسم.
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد ابن أبي عمرو قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق، أنا أبو عبد الرحمن المقري، ثنا الليث بن سعد عن الوليد ابن أبي الوليد أن سليمان بن خارجة أخبره عن خارجة بن زيد - يعني: ابن ثابت - أن نفرا دخلوا على أبيه فقالوا: حدثنا عن بعض أخلاق رسول الله .
فقال: كنت جاره، فكان إذا نزل الوحي بعث إلي فآتيه فأكتب الوحي، وكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا، فكل هذا نحدثكم عنه.
ورواه الترمذي في الشمائل عن عباس الدوري، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن يزيد المقري به نحوه.
كرمه عليه السلام
تقدم ما أخرجاه في الصحيحين من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: كان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريل بالوحي فيدارسه القرآن، فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة.
وهذا التشبيه في غاية ما يكون من البلاغة في تشبيهه الكرم بالريح المرسلة، في عمومها وتواترها وعدم انقطاعها.
وفي الصحيحين من حديث سفيان بن سعيد الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: ما سئل رسول الله شيئا قط فقال: « لا ».
وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن أبي عدي عن حميد، عن موسى بن أنيس، عن أنس أن رسول الله لم يسأل شيئا على الإسلام إلا أعطاه قال: فأتاه رجل فأمر له بشاء كثير بين جبلين من شاء الصدقة.
قال: فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فان محمدا يعطي عطاء ما يخشى الفاقة.
ورواه مسلم عن عاصم بن النضر، عن خالد بن الحارث، عن حميد.
وقال أحمد: ثنا عفان، ثنا حماد، ثنا ثابت عن أنس أن رجلا سأل النبي فأعطاه غنما بين جبلين، فأتى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمد يعطي عطاء ما يخلف الفاقة.
فإن كان الرجل ليجيء إلى رسول الله ما يريد إلا الدنيا فما يمسي حتى يكون دينه أحب إليه وأعز عليه من الدنيا وما فيها.
ورواه مسلم من حديث حماد بن سلمة به.
وهذا العطاء ليؤلف به قلوب ضعيفي القلوب في الإسلام، ويتألف آخرين ليدخلوا في الإسلام كما فعل يوم حنين حين قسم تلك الأموال الجزيلة من الإبل، والشاء، والذهب، والفضة في المؤلفة، ومع هذا لم يعط الأنصار وجمهور المهاجرين شيئا، بل أنفق فيمن كان يحب أن يتألفه على الإسلام، وترك أولئك لما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، وقال مسليا لمن سأل عن وجه الحكمة في هذه القسمة، لمن عتب من جماعة الأنصار: « أما ترضون أن يذهب الناس بالشاء، والبعير، وتذهبون برسول الله تحوزونه إلى رحالكم؟ »
قالوا: رضينا يا رسول الله.
وهكذا أعطى عمه العباس بعد ما أسلم حين جاءه ذلك المال من البحرين فوضع بين يديه في المسجد وجاء العباس فقال: يا رسول الله أعطني فقد فاديت نفسي يوم بدر، وفاديت عقيلا.
فقال: « خذ » فنزع ثوبه عنه، وجعل يضع فيه من ذلك المال ثم قام ليقله فلم يقدر.
فقال لرسول الله: ارفعه علي.
قال: « لا أفعل ».
فقال: مر بعضهم ليرفعه علي.
فقال: « لا ».
فوضع منه شيئا، ثم عاد فلم يقدر، فسأله أن يرفعه، أو أن يأمر بعضهم برفعه، فلم يفعل، فوضع منه، ثم احتمل الباقي وخرج به من المسجد ورسول الله يتبعه بصره عجبا من حرصه.
قلت: وقد كان العباس رضي الله عنه رجلا شديدا، طويلا، نبيلا، فأقل ما احتمل شيء يقارب أربعين ألفا، والله أعلم.
وقد ذكره البخاري في صحيحه في مواضع معلقا بصيغة الجزم، وهذا يورد في مناقب العباس لقوله تعالى: { ياأيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم }. [الأنفال: 70] .
وقد تقدم عن أنس بن مالك خادمه عليه السلام أنه قال: كان رسول الله أجود الناس وأشجع الناس، الحديث.
وكيف لا يكون كذلك وهو رسول الله المجبول على أكمل الصفات، الواثق بما في يدي الله - عز وجل - الذي أنزل عليه في محكم كتابه العزيز: { وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض } [الحديد: 10] الآية وقال تعالى: { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين }. [سبأ: 39] .
وهو عليه السلام القائل لمؤذنه بلال وهو الصادق المصدوق في الوعد والمقال: « أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا ».
وهو القائل عليه السلام: « ما من يوم تصبح العباد فيه إلا وملكان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا ».
وفي الحديث الآخر أنه قال لعائشة: « لا توعي فيوعى الله عليك، ولا توكي فيوكي الله عليك ».
وفي الصحيح أنه عليه السلام قال: « يقول الله تعالى: ابن آدم أنفق أنفق عليك ».
فكيف لا يكون أكرم الناس وأشجع الناس وهو المتوكل الذي لا أعظم منه في توكله، الواثق برزق الله ونصره المستعين بربه في جميع أمره، ثم قد كان قبل بعثته وبعدها، وقبل هجرته ملجأ الفقراء، والأرامل، والأيتام، والضعفاء، والمساكين، كما قال عمه أبو طالب فيما قدمناه من القصيدة المشهورة:
وما ترك قوم لا أبالك سيدا * يحوط الذمار غير ذرب موكل
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل
ومن تواضعه ما روى الإمام أحمد من حديث حماد بن سلمة عن ثابت، زاد النسائي وحميد عن أنس أن رجلا قال لرسول الله : يا سيدنا وابن سيدنا.
فقال رسول الله : « يا أيها الناس قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق ما رفعني الله ».
وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله: « لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله ».
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن شعبة، حدثني الحكم عن إبراهيم، عن الأسود قال: قلت لعائشة: ما كان رسول الله يصنع في أهله؟
قالت: كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
وحدثنا وكيع ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا شعبة عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود قال: قلت لعائشة: ما كان النبي يصنع إذا دخل بيته؟
قالت: كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج فصلى.
ورواه البخاري عن آدم، عن شعبة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدة، ثنا هشام بن عروة، عن رجل قال: سئلت عائشة: ما كان رسول الله يصنع في بيته؟
قالت: كان يرقع الثوب، ويخصف النعل، ونحو هذا، وهذا منقطع من هذا الوجه.
وقد قال عبد الرزاق: أنا معمر عن الزهري، عن عروة، وهشام بن عروة، عن أبيه قال: سأل رجل عائشة: هل كان رسول الله يعمل في بيته؟
قالت: نعم، كان يخصف نعله، ويخيط ثوبه كما يعمل أحدكم في بيته، رواه البيهقي فاتصل الإسناد.
وقال البيهقي: أنا أبو الحسين ابن بشران، أنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البحتري إملاء، حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي، حدثنا ابن صالح، حدثني معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد، عن عمرة قالت: قلت لعائشة: ما كان يعمل رسول الله في بيته؟
قالت: كان رسول الله - - بشرا من البشر يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه.
ورواه الترمذي في الشمائل عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة قالت: قيل لعائشة: ما كان يعمل رسول الله في بيته، الحديث.
وروى ابن عساكر من طريق أبي أسامة عن حارثة بن محمد الأنصاري، عن عمرة قالت: قلت لعائشة: كيف كان رسول الله في أهله؟
قالت: كان ألين الناس، وأكرم الناس، وكان ضحاكا بساما.
وقال أبو داود الطيالسي: ثنا شعبة، حدثني مسلم أبو عبد الله الأعور، سمع أنسا يقول: كان رسول الله يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويركب الحمار، ويلبس الصوف، ويجيب دعوة المملوك، ولو رأيته يوم خيبر على حمار خطامه من ليف.
وفي الترمذي، وابن ماجه من حديث مسلم بن كيسان الملائي، عن أنس بعض ذلك.
وقال البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ إملاء، ثنا أبو بكر محمد بن جعفر الآدمي القاري ببغداد، ثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدروري، ثنا أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي، ثنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه قال: سمعت يحيى بن عقيل يقول: سمعت عبد الله ابن أبي أوفى يقول: كان رسول الله يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يستنكف أن يمشي مع العبد، ولا مع الأرملة حتى يفرغ لهم من حاجاتهم.
رواه النسائي عن محمد بن عبد العزيز، عن أبي زرعة، عن الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن يحيى بن عقيل الخزاعي البصري، عن ابن أبي أوفى بنحوه.
وقال البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالري، ثنا أبو بكر محمد بن الفرج الأزرق، ثنا هاشم بن القاسم، ثنا شيبان أبو معاوية عن أشعث ابن أبي الشعثاء، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: كان رسول الله يركب الحمار، ويلبس الصوف، ويعتقل الشاة، ويأتي مراعاة الضيف، وهذا غريب من هذا الوجه، ولم يخرجوه، وإسناده جيد.
وروى محمد بن سعد عن إسماعيل ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب الربعي، عن سهل مولى عتبة أنه كان نصرانيا من أهل مريس، وأنه كان في حجر عمه وأنه قال: قرأت يوما في مصحف لعمي فإذا فيه ورقة بغير الخط، وإذا فيها نعت محمد لا قصير ولا طويل، أبيض ذو ضفيرتين، بين كتفيه خاتم، يكثر الاحتباء، ولا يقبل الصدقة، ويركب الحمار والبعير، ويحتلب الشاة، ويلبس قميصا مرقوعا، ومن فعل ذلك فقد برئ من الكبر، وهو من ذرية إسماعيل اسمه أحمد.
قال: فلما جاء عمي ورآني قد قرأتها ضربني وقال: مالك وفتح هذه؟
فقلت: إن فيها نعت أحمد.
فقال: إنه لم يأت بعد.
وقال الإمام أحمد: ثنا إسماعيل، ثنا أيوب عن عمرو، عن سعيد، عن أنس قال: ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله ، وذكر الحديث.
ورواه مسلم عن زهير بن حرب، عن إسماعيل بن علية به.
وقال الترمذي في الشمائل: ثنا محمود بن غيلان، ثنا أبو داود عن شعبة، عن الأشعث بن سليم قال: سمعت عمتي تحدث عن عمها قال: بينا أنا أمشي بالمدينة إذا إنسان خلفي يقول: « إرفع إزارك، فإنه أنقى وأبقى » فنظرت فإذا هو رسول الله.
فقلت: يا رسول الله، إنما هي بردة ملحاء.
قال: « أمالك في أسوة؟ » فإذا إزاره إلى نصف ساقيه.
ثم قال: ثنا سويد بن نصر، ثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة، عن أبيه قال: كان عثمان بن عفان متزرا إلى أنصاف ساقيه.
قال: هكذا كانت أزره صاحبي .
وقال أيضا: ثنا يوسف بن عيسى، ثنا وكيع، ثنا الربيع بن صبيح، ثنا يزيد بن أبان عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله يكثر القناع، كأن ثوبه ثوب زيات، وهذا فيه غرابة ونكارة، والله أعلم.
وروى البخاري عن علي بن الجعد، عن شعبة، عن سيار بن الحكم، عن ثابت، عن أنس أن رسول الله مر على صبيان يلعبون، فسلم عليهم.
ورواه مسلم من وجه آخر عن شعبة.
مزاحه عليه السلام
وقال ابن لهيعة: حدثني عمارة بن غزية عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة، عن أنس قال: كان رسول الله من أفكه الناس مع صبي، وقد تقدم حديثه في ملاعبته أخاه أبا عمير وقوله: « أبا عمير ما فعل النغير » يذكره بموت نغر كان يلعب به ليخرجه بذلك كما جرت به عادة الناس من المداعبة مع الأطفال الصغار.
وقال الإمام أحمد: ثنا خلف بن الوليد، ثنا خالد بن عبد الله عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك أن رجلا أتى النبي فاستحمله.
فقال رسول الله : « إنا حاملوك على ولد ناقة ».
فقال: يا رسول الله ما أصنع بولد ناقة؟
فقال رسول الله - -: « وهل تلد الإبل إلا النوق؟ »
ورواه أبو داود عن وهب بن بقية، والترمذي عن قتيبه، كلاهما عن خالد بن عبد الله الواسطي الطحان به.
وقال الترمذي: صحيح غريب.
وقال أبو داود في هذا الباب: ثنا يحيى بن معين، ثنا حجاج بن محمد، ثنا يونس ابن أبي إسحاق عن أبي إسحاق، عن العيزار بن حرب، عن النعمان بن بشير قال: استأذن أبو بكر على النبي ، فسمع صوت عائشة عاليا على رسول الله، فلما دخل تناولها ليلطمها.
وقال: ألا أراك ترفعين صوتك على رسول الله!.
فجعل النبي يحجزه، وخرج أبو بكر مغضبا.
فقال رسول الله حين خرج أبو بكر: « كيف رأيتني أنقذتك من الرجل »
فمكث أبو بكر أياما، ثم استأذن على رسول الله فوجدهما قد اصطلحا.
فقال لهما: أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما.
فقال رسول الله : « قد فعلنا، قد فعلنا ».
وقال أبو داود: ثنا مؤمل بن الفضل، ثنا الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء، عن بشر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن عوف بن مالك الأشجعي قال: أتيت رسول الله في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فسلمت فرد، وقال: « أدخل ».
فقلت: أكلي يا رسول الله؟
فقال: « كلك » فدخلت.
وحدثنا صفوان بن صالح، ثنا الوليد بن عثمان ابن أبي العاتكة إنما قال: أدخل كلي من صغر القبة.
ثم قال أبو داود: ثنا إبراهيم بن مهدي، ثنا شريك عن عاصم، عن أنس قال: قال لي رسول الله : « ياذا الأذنين ».
قلت: ومن هذا القبيل ما رواه الإمام أحمد، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر عن ثابت، عن أنس أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا، يهدي النبي الهدية من البادية، فيجهزه النبي إذا أراد أن يخرج.
فقال رسول الله: « إن زاهرا باديتنا، ونحن حاضروه ».
وكان رسول الله - - يحبه، وكان رجلا دميما، فأتاه رسول الله وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه ولا يبصره.
فقال: أرسلني من هذا؟.
فالتفت فعرف النبي ، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي حين عرفه، وجعل رسول الله يقول: « من يشتري العبد ».
فقال: يا رسول الله، إذن والله تجدني كاسدا.
فقال رسول الله : « لكن عند الله لست بكاسد ».
أو قال: « لكن عند الله أنت غال ».
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط الصحيحين، ولم يروه إلا الترمذي في الشمائل عن إسحاق بن منصور، عن عبد الرزاق.
ومن هذا ما قال الإمام أحمد: ثنا حجاج، حدثني شعبة عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك أن النبي كان في مسير، وكان حاد يحدو بنسائه أو سائق قال: فكان نساؤه يتقدمن بين يديه.
فقال: « يا أنجشة ويحك إرفق بالقوارير ».
وهذا الحديث في الصحيحين عن أنس قال: وكان للنبي حاد يحدو بنسائه يقال له: أنجشة، فحدا فأعنقت الإبل.
فقال رسول الله : « ويحك يا أنجشة، إرفق بالقوارير ».
ومعنى القوارير: النساء، وهي كلمة دعابة - صلوات الله وسلامه عليه - دائما إلى يوم الدين.
ومن مكارم أخلاقه ودعابته، وحسن خلقه، استماعه عليه السلام حديث أم زرع من عائشة بطوله، ووقع في بعض الروايات أنه عليه السلام هو الذي قصه على عائشة.
ومن هذا ما رواه الإمام أحمد: ثنا أبو النضر، ثنا أبو عقيل - يعني: عبد الله بن عقيل الثقفي - به.
حدثنا مجالد بن سعيد عن عامر، عن مسروق، عن عائشة قالت: حدث رسول الله نساءه ذات ليلة حديثا.
فقالت امرأة منهن: « يا رسول الله كان الحديث حديث خرافة ».
فقال رسول الله : « أتدرين ما خرافة؟ إن خرافة كان رجلا من عذرة أسرته الجن في الجاهلية، فمكث فيهم دهرا طويلا، ثم ردوه إلى الأنس، فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب، فقال الناس: حديث خرافة ».
وقد رواه الترمذي في الشمائل عن الحسن بن الصباح البزار، عن أبي النضر هاشم بن القاسم به.
قلت: وهو من غرائب الأحاديث وفيه نكارة، ومجالد بن سعيد يتكلمون فيه، فالله أعلم.
وقال الترمذي في باب خراج النبي من كتابه الشمائل ثنا عبد بن حميد، ثنا مصعب بن المقدام، ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال: أتت عجوز النبي فقالت: يا رسول الله أدع لي أن يدخلني الله الجنة.
قال: « يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز ».
فولت العجوز تبكي.
فقال: « أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز فإن الله تعالى يقول: { إنا أنشأناهن إنشاء * فجعلناهن أبكارا } [الواقعة: 35-36] .
وهذا مرسل من هذا الوجه.
وقال الترمذي: ثنا عباس بن محمد الدوري، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، ثنا عبد الله بن المبارك عن أسامة بن زيد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا؟
قال: « إني لا أقول إلا حقا ».
تداعبنا - يعني تمازحنا -.
وهكذا رواه الترمذي في جامعه في باب البر بهذا الإسناد، ثم قال: وهذا حديث مرسل حسن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
باب ذكر أخلاقه وشمائله الطاهرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم / الجزء السادس / (البداية والنهاية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فصل في شجاعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم / الجزء السادس / (البداية والنهاية)
» ذكر إخبار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن الفتن الواقعة / الجزء السادس / (البداية والنهاية)
» إخباره سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن الخوارج وقتالهم / الجزء السادس / (البداية والنهاية)
» إخبار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بمقتل علي ابن أبي طالب / الجزء السادس / (البداية والنهاية)
» فصل في الإخبار بغيوب ماضية ومستقبلة لسيدنا محمد عليه السلام / الجزء السادس / (البداية والنهاية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: