1-التيار الديمقراطي العلماني

: برز أول تكتل معارضة لسياسية هيرتسل في وسط الطلاب الجامعيين اليهود الروس في أوروبا و قد انطلقت معارضتهم من واقع التناقضات بين مفاهيم الصهيونية و المفاهيم الصهيونية لليهود الغربيين الذين كان يمثلهم هيرتسل ورفاقه أمثال نورداو.
كتب وايزمن أحد هؤلاء الطلاب الروس في مذكراته – فيما بعد – عن أهداف هذا التكتل قائلاً أنه كان يجتمع – بداية – سبعة طلاب في سويسرا و لما أعلنوا تكتلهم باسم "جمعية الفجر" كانوا يعلنون في الواقع ولادة أول جمعية معارضة فهبت البورجوازية الرجعية لمقاومتهم و إخضاعهم مما دعا هؤلاء إلى عقد مؤتمر عام للطلاب و الجامعيين اليهود في سويسرا سنة 1901 و أصبحوا يعرفون باسم الكتلة الصهيونية الديمقراطية.
لم يكن هؤلاء الطلاب ثوريين كما إنهم لم يكونوا رجعيين كانوا شبانا أكاديميين لا يملكون قوة سياسية لكنهم يملكون رؤية محددة للصهيونية.
ثم يتضح أن وايزمن ورفاقه كانوا – في تلك المرحلة – يعرفون جيداً ما لا يريدونه في صهيونية هيرتسل أكثر ما كانوا يعرفون ما يريدون هم؟ كيف السبيل إلى ما يريدون؟ كانوا مطمئنين إلى أن هيرتسل لا سبيل له إلى قلب الحركة الطالبية الروسية أو قلب المجتمعات اليهودية الروسية.
عارض هؤلاء ملاحقة هيرتسل للملوك و الأمراء و عارضوا يمينيته على الرغم من أنهم ليسوا يساريين ولم يعجبهم اتكاءه على رجال الدين. و انتقدوا انتقاد هيرتسل لأسلوب الإحسان من أثرياء اليهود إلى فقرائهم لكنه إحسان في كل حال فالمسألة بالنسبة إليه أيضاً مسألة يهود أثرياء و يهود فقراء فهو يأخذ من مال الأثرياء للسلطان من أجل السماح لفقراء اليهود بالذهاب إلى فلسطين.
شرح وايزمن الخلاف الجذري بين اليهود الروس و يهود غرب أوروبا بقوله: إن صهيونية الغربيين بدت بالنسبة إلينا ميكانيكية. فهي من منطلق المفهوم الاجتماعي قائمة على فكرة مجردة لا جذور لها في تقاليد الشعب اليهودي و عواطفه.
أعلنت الكتلة الصهيونية الديمقراطية في برنامجها : إن تحرير الأمة اليهودية يهدف إلى بعث الشعب اليهودي و بنائه مجدداً كوحدة عضوية تكون مؤهلة عند تجديد شبابها لتطوير مواهبها الأصلية الحقيقية و خلق قيم تربوية و اجتماعية قيمة.
و طالبت الكتلة القيادة الصهيونية بالمناخ الديمقراطي و حق الصهيونيين في إنشاء الأحزاب السياسية.
لما عقد المؤتمر الصهيوني الخامس في بازل في سويسرا سنة 1901 كان قد سبقه بأيام عقد المؤتمر العام للطلاب و الجامعيين الروس و إعلان ولادة الكتلة الصهيونية الديمقراطية. وكان متوقعاً أن يهاجم هيرتسل و جماعته الكتلة الجديدة غير أن الهجوم كان أيضاً من الاتجاهات الأخرى العملية و الدينية: فالعمليون و كانوا أيضاً من الروس و بزعامة أوسشكين خافوا من ردة الفعل في روسيا و المتدينون أعلنوا سخطهم على شعارات العلمنة التي رفعتها الكتلة.
2-التيار الديني
لم يثمل التيار الصهيوني الديني الذي يعترف بالقومية اليهودية في كل المؤتمرات الصهيونية الأولى إلا بأقلية لكنها أقلية فاعلة و كان الحاخام صموئيل موهي ليقي من أبرز قادة هذا التيار فهو عالم تلمودي اتجه نحو العمليين بسبب الاضطهاد الذي لاقاه يهود روسيا في أوائل الثمانينات ثم أصبح من أنصار حركة " أحباء صهيون". و لما قام هيرتسل ورفاقه العلمانيون تعاون معهم أيضاً و هو مقتنع بإمكان التأثير فيهم لمراعاة الأمور الدينية.
أنشاء موهي ليفي منذ سنة 1893 جمعية أسماها " المركز الروحاني" أو " مزراحي". ثم تحولت هذه الجمعية إلى حركة سياسية ضمن الحركة الصهيونية بفضل الحاخام اسحق يعقوب راينس الذي كان يتمتع بشخصية نادرة. و قد انطلق
مع " أحباء صهيون" ثم انتقل إلى فلك هيرتسل وكان له الفضل في إدخال الدراسات العلمانية إلى جانب الدينية في بعض الأماكن في روسيا.
ترأس راينس مؤتمراً للصهيونيين المتدينين الروس في فيلنا في شباط / فبراير 1902 و أعلن فيه للصهيونيين المتدينين الروس في فيلنا في شباط / فبراير 1902 و أعلن فيها إعادة تنظيم "مزراحي" كعصبة داخل إطار الحركة الصهيونية ووفق مقررات مؤتمر بازل.
رفعت "مزراحي" شعار : أرض إسرائيل لشعب إسرائيل بموجب توراة إسرائيل, وبشر راينس في كتبه الدينية الفلسفية بخلاص مزدوج لأرض إسرائيل و للروح اليهودية. غير إن أيا من الخلاصين لايتم إلا من خلال قواعد المعتقدات الصارمة.
حتى الحرب الكبرى لم يشارك حزب مزراحي بأكثر من اثني عشر ممثلاً في المؤتمرات الصهيونية غير أن ميدان تأثيرهم الأكبر كان في كونهم قد جعلوا الصهيونية الحديثة مستساغة و مقبولة من العناصر التقليدية بين اليهود؛فلولا مزراحي لوجد هؤلاء التقليديون أنفسهم معزولين من قبل العلمانيين ومن قبل الاشتراكيين معاً. وعندما قامت إشكالية بين الثقافة القومية التقليدية التي يرفع لواءها آحاد هاعام و بين الثقافة القومية الدينية التي ينادي حزب مزراحي بها قرر المؤتمر الثاني للصهيونيين الروس في مدينة مينسك, في أيلول/ سبتمبر 1902 برنامج كل من التيارين الثقافيين المتعارضين تأليف لجنة مستقلة لكل منهما..
3-التيار الاشتراكي
مع بدايات عهد التصنيع في روسيا عانى اليهود نتيجة المتغيرات الاقتصادية كما عانوا من جراء اضطهاد القياصرة و في تلك الأوضاع القاهرة التي أحاطت بهم في أوروبا الشرقية بصورة عامة نبتت جذور الصهيونية العمالية.
ورد في الإحصاءات الروسية لسنة 1897 أن نصف اليهود قد أصبحوا من العمال في قطاعات النسيج و التعدين و البناء و في صناعات أخرى خفيفة إلا أن معظم هؤلاء العمال كان هامشياً في أحسن الحالات مما دفع بالعمال اليهود و عائلاتهم إلى الاشتراكية ملاذاً و ملجأ لهم.
كانت اللغة الروسية في المرحلة الأولى و حدها لغة الاشتراكيين و لم يكن هناك ما يميز الاشتراكي اليهودي من الروسي حتى ظهر حزب البنود و هو الحزب اليهودي الاشتراكي الديمقراطي عقب مؤتمر بازل سنة1897 فقد تجمع اليهود الاشتراكيون في مؤتمر سري عقدوه في فيلنا و أسسوا حزبهم الذي أصبح الآلية التي يناضلون من خلالها طبقياً و كذلك من أجل حقوق طائفتهم اليهودية.
رأى يهود أوروبا الشرقية ( و أكبر تجمعاتهم في روسيا و بولينا و ليتوانيا في حزب " البنود" ذلك الحزب الثوري الاشتراكي الذي سيحل مشكلة الهوية اليهودية المستعصية, بإيصال اليهود لدرجة الاعتراف بهم جماعة قومية لها خصائصها الأثينية ولها تراثها ولها لغتها القومية وهي البيدش .

[size=24]اشكرك جزيل الشكر على تعليقك وعلى لمساتك الفنية التي تبهرنا بها دائما وجزاك الله خيرا وبارك الله فيك[/size]