ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 المؤسسات المجتمعية والأمنية رؤي مستقبلية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

المؤسسات المجتمعية والأمنية  رؤي مستقبلية Empty
مُساهمةموضوع: المؤسسات المجتمعية والأمنية رؤي مستقبلية   المؤسسات المجتمعية والأمنية  رؤي مستقبلية Emptyالأحد أكتوبر 26, 2014 1:59 pm

المؤسسات المجتمعية والأمنية  رؤي مستقبلية UlyaR9
المؤسسات المجتمعية والأمنية رؤي مستقبلية
يحتل الأمن مكاناً بارزاً بين أ لمهتمين والمسؤولين والمواطنين في المجتمع المعاصر، لاتصاله بالحياة اليومية بما يوفره من طمأنينة النفوس وسلامة التصرف والتعامل. كما يعتبر الأمن نعمة من نعم الله عز وجل التي منَّ بها على عباده المؤمنين، فقد قال تعالى: (فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف)([1]).
وقال × “ من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا “([2]).
ولقد رددت كلمة الأمن كثيراً خلال الفترة الماضية في جميع أنحاء العالم منذ أن انتشر الإرهاب وأعمال العنف عند الدول. والأمن بمعناه المباشرة هو أحد أنواع الأمن وليس كلها، فقد بدأنا نسمع كثيراً عن أنوع الأمن مثل: الأمن النفسي (ارتباط وثيق بالشعور والإحساس)، والأمن الغذائي (توافر الغذاء وعلاقته بقضية تحقق الأمن)، الأمن الاجتماعي (توفر الطمأنينة والرفاهية والتغلب على المرض والجهل والاعتداء على النفس)، الأمن الثقافي والفكري (عدم وجود أي عوامل خارجية وغزو فكري)، الأمن الاقتصادي (ثبات في الدخل واستقرار مادي)، الأمن المائي (توفر المياه) .. وهكذا.
والأمن مسئولية الجميع، لقوله تعالى: ( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)([3]) وهو ما يعني توحيد الأمة في مقاومة العدوان على فرد واحد، فضلاً عن العدوان على الجماعة.
تعريف الأمن([4]):
يعد مفهوم الأمن أحد المفاهيم التي تتشعب دلالتها، حيث يتسع هذا المفهوم ليشمل مضامين متعددة تتداخل مع شتى أنظمة الحياة، ليشمل الإصلاح الاجتماعي، والإرتباط بالقضاء والعدل، والتربية والإرشاد كما أن لفظ “ الأمن “ هو من الألفاظ ذات الدلالات الواضحة البينة، إذ تُعرف حقيقته عند النطق به، ولكن شدة وضوحه وكثرة استخدامه وكثرة تعريفاته واشتقاقاته، قد أضفت عليه شيئاً من الغموض.
ومن أهم المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في تحديد مفهوم الأمن، القرآن الكريم وما تضمن من آيات تحمل هذا المعنى العميق. قوله تعالى: (وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرت بأنعم الله، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) ([5]).
وقوله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) ([6]).
وقوله جل جلاله: (وليبدلنهم من بعد خفوهم أمنا) ([7]).
وتدل أحداث تاريخ البشرية بأن العمل لا يثمر والحضارة لا تزدهر ولا ترتقي والرخاء لا يعم ولا يسود والتقدم لا يطور إلا في ظلال الاستقرار، ولا استقرار بغير أمن وأمان. ذلك أن الأمن هو الإحساس بالطمأنينة والشعور بالسلم والأمان، وهو مقياس تقدم الأمم والشعوب، وبدون الأمن لا تستقيم الحياة ولا تقر العيون ولا تهدأ القلوب.
ولذلك لم يعد أمن الفرد مقتصراً على حقوقه المنصوص عليها في القوانين الوضعية فقط، وأنما يمتد أمنه أساساً لحقوقه ومبادئه وحريته التي ينادي بها الدين الإسلامي الحنيف وتتطلبها الأخلاق الحميدة والعرف والمواثيق الدولية والعالمية والقيم المتجددة النابعة من روح العصر الحديث([8]).
والدعوة إلى الأمن توجيه إسلامي لإقامة علاقات طيبة وحسنة بين الناس وإصلاح ذات بينهم، وإغاثة الضعيف وإنصاف المظلوم وإغاثة الخائف ونجدة الملهوف، ونصرة الحق، وردع ا لمجرم، فالحياة لا تهنأ بغير أمن والفرد لا يرتاح نفسيا واجتماعيا بغير أمن، والمجتمع لا يستقر بدون أمن .. فإذا ساد ا لأمن اطمأنت النفوس وانصرفت إلى العمل المثمر والارتياح، والأمن تكليف من الله .. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) ([9]).
إن اهتمام الدين الإسلامي بالأمن نابع من كون الحياة الكريمة التي يدعو إليها الإسلام لا تتم إلا بتوفر مقومات الأمن في المجتمع. وطالما أن الشريعة الإسلامية تضمنت كل ما يرتبط بأمن الفرد والمجتمع، لذا فإن الأمن هو مسئولية الجميع، فالأجهزة الأمنية تقوم بوظائف أساسية لمنع الجريمة والحفاظ على الأمن، وفي الوقت نفسه فإن المؤسسات التربوية والاجتماعية المختلفة خاصة المدارس والمعاهد والجامعات تقع عليها أيضاً بالإضافة إلى وظائفها الأساسية في التعليم، مسئوليات أمنية، ترتبط بالتوعية والتربية والتوجيه لمنع الجريمة بشتى أنواعها والحفاظ على أمن الفرد والمجتمع.
الأمن في معاجم اللغة:
الأمن: من آمن يأمن أمنا فهو آمن([10]).
وآمن أمناً وأماناً، وأمانة وأمناً: اطمأن ولم يخف فهو آمن وأمن وأمين.
والأمن يعني الاستقرار والاطمئنان.
وآمن منه، سلم منه .. وأمن على ماله عند فلان، جعله في ضمانه.
الأمن في أقوال الباحثين:
- الأمن هو: الحالة التي يكون فيها الإنسان محمياً ضد – أو بعيداً عن خطر يتهدده – أو هو إحساس يتملك الإنسان التحرر من الخوف([11]).
- وقيل أن الأمن إحساس بالطمأنينة التي يشعر به الفرد، سواء بسبب غياب الأخطار التي تهدد وجوده، أو نتيجة لامتلاكه الوسائل الكفيلة بمواجهة تلك الأخطار حال ظهورها([12]).
- ونقول أن الأمن حالة وليست إحساسا أو شعورا، وما الإحساس أو الشعور إلا انعكاس لتلك الحالة على صفحة النفس([13]).
مشتقات الأمن:
يشتق من الأمن معاني كثيرة أهما: الأمانة والإيمان، وهي معان متقاربة أو متشابهة.
- فالأمن يفيد الاطمئنان والسكنية ونقيضه الخوف.
- والأمانة تفيد الاطمئنان والثقة ونقيضها الخيانة.
- والإيمان يفيد التصديق والاستيقان ونقيضه الكفر.
فالأمن طمأنينة قلبية تسلم إلى السكون النفسي والرخا القلبي، والأمانة طمأنينة والإيمان طمأنينة وتصديق وتسليم عن يقين.
وعموما يمكن تعريف الأمن بمفهومه العام: بأنه النشاط الذي يهدف إلى استقرار الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد.
أهمية الأمن:
1- الأمن قيمة عظيمة، تمثل الفئ الذي لا يعيش الإنسان إلا في ظلاله، وهو قرين وجوده وشقيق حياته، فلا يمكن مطلقا أن تقوم حياة إنسانية، تنهض بها وظيفة الخلافة في الأرض، إلا إذا اقترنت تلك الحياة بأمن وارف، يستطيع الإنسان الحياة في ظله وتوظيف ملكاته وإطلاق قدراته، واستخدام معطيات الحياة من حوله لعمارة الحياة، والإحساس بالأمن يسمح للإنسان أن يؤدي وظيفة الخلافة في الأرض، ويطمئنه على نفسه ومعاشه وأرزاقه([14]).
2- الأمن أساسي للتنمية: فلا تنمية ولا ازدهار إلا في ظلال أمن سابغ، فالتخطيط السليم والإبداع الفكري والمثابرة العلمية، هي أهم مرتكزات التنمية، وهي أمور غير ممكنة الحدوث إلا في ظل أمن واستقرار يطمئن فيه الإنسان على نفسه وثرواته واستثماراته.
3- الأمن غاية العدل: والعدل سبيل للأمن، فالأمن بالنسبة للعدل غاية وليس العكس، فإذا كان العدل يقتضي تحكيم الشرع والحكم بميزانه الذي يمثل القسطاس المستقيم، فإن الشرع ذاته ما نزل إلا لتحقيق الأمن في الحياة، وغياب العدل يؤدي إلى غياب الأمن، ولذا فإن الحكمة الجامعة تقول: “ إن واجبات الدولة تنحصر في أمرين هما: (عمران البلاد وأمن العباد) “.
4- الأمن غاية الشرائع وهدفها الأسمى: فقد أنزل الله الشرائع متعاقبة متتالية منذ أهبط أول إنسان إلى هذه الأرض، حيث ظلت عناية الله تتابعه وتلازمه، فما تقوم أمة ولا يبعث جيل إلا ويكون لرسالة السماء شأن معه. قال تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) ([15]).
وقد كانت غاية هذه الرسالات هي إقامة السلام الاجتماعي بين بني الإنسان، فتأتي الرسالة مبينة الحلال والحرام والباطل .. وقد ذكر رسول الله r هذا المعنى بقوله: “ المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم “([16]).
مفترضات الأمن:
1- منهج سليم: لقد جبل الإنسان على حب ذاته، فهو أناني بطبيعته، ميال إلى إشباع غرائزه ورغباته، وتلك فطرة منه، كانت هي الثغرة التي نفذ منها إبليس لإغواء آدم عليه السلام غير أن الذي فطر هذه الفطرة وجبل الإنسان عليها، قد وضع منهجاً من شأنه أن يوظف هذه الغريزة توظيفا نافعا يهديها ولا يلغيها، فقد زكى العقل وأحسن توجيهه وفتح للمعروف والبر والإحسان ميدانا واسعاً، وجعل للأخلاق الكريمة مرتبة عظيمة.
2- سلطة عادلة: عدل السلطة أساس لتحقيق أمن البلاد والعباد، وتظهر عدالة السلطة الحاكمة في تطبيق شرع الله الذي شرعه ومنهجه الذي وضعه، فيكون ذلك التطبيق هو ضمان الأمن ومستنده، لأن تطبيق شرع الله يقيم ميزان العدالة بين الناس، ويأمن كل إنسان على نفسه وماله وعرضه.
3- سياسة حكيمة: وهي تعني حسن إدارة شئون الأمة على تقصي ذلك المنهج السليم ومن السياسة الحكيمة سد أبواب الفساد وإغلاق منافذه، وهذا يقتضي وضع سياسة إعلامية وثقافية وتربوية واقتصادية ترسخ مبادئ للخير وتعمق الأخوة. ومن السياسة الحكيمة أيضاً إنزال الناس منازلهم، وكذلك تطبيق النظم الشرعية “ تفريد العقوبة “ أي إنزالها على الجناة بحسب جناياتهم وما اقترن بها من أحوال وظروف تدعوا للتخفيف أو تدعوا للتشديد.
4- حزم متبصر: الأصل في الأمور المذكورة آنفاً، هي سلامة المنهج وعدالة السلطان، وحكمة السياسة أنها تكفي لخلق بيئة مناسبة لاستتباب الأمن وتحقيق الأمان في كل مناحي الحياة، ولكن قد تبقى نفوس مريضة شريرة لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً، وهذه لا يصلحها إلا العقاب العادل، فالعقوبة إيلام مقصود يتقرر في مواجهة اللذة التي يسعى المجرم لتحقيقها بجريمته([17]).
وسائل تحقيق الأمن:
تعددت وسائل تحقيق الأمن وحفظه وتأمينه وتنوعت السبل لكفالة الأمن وحفظه وتأمينه وتنوعت السبل لكفالة الأمن فهو نعمة لا تقدر بثمن أو مجهود، فالله سبحانه وتعالى ضمن الأمن أول ما ضمنه لبيته الحرام، قال تعالى: (( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمن )) ([18])، وللأمن وسائل عديدة منها ما هو مادي ومنها ما هو معنوي ونجملها في الآتي([19]):
1- التعاون والتآزر: وهو يعني تضافر الجهود الوطنية والدولية الموجهة لتجفيف منابع الإجرام والقضاء على أسبابه وتعقب المجرمين المخلين بالأمن، والتعاون على المستوى الوطني، بحشد طاقات الأمن لتقف صفاً واحداً في وجه الانحرافات المخلة بالأمن تحقيقا لقول الرسول الكريم r : “ من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، ولمن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان “([20]).
2- توفير الإمكانات المادية المناسبة: وأهمها في هذا المجال تدعيم وسائل السلامة لتوفير الأمن العام والأمن النوعي، ثم تطوير الأجهزة الأمنية، وذلك بتزويدها بالوسائل الحديثة اللازمة للتعامل مع الأزمات الأمنية ومواجهة التطور المطرد في وسائل وأساليب الإجرام الحديث فإذا كانت معطيات التكنولوجيا الحديثة قد أصبحت في متناول المجرمين، فإنه ينبغي أن تمتلك قوات الأمن ما يفوق ذلك من الوسائل حتى تظل ممسكة بناصية الأمن.
3- تدريب القوات المخصصة لحماية الأمن، تدريباً مناسبا لتصبح قوة فاعلة قادرة، وذلك يقتضي تطوير وتحديث المناهج الدراسية، كما يقتضي تبادل الخبرات في مجال التدريب والتأهيل، فالعنصر البشري القادر والمؤهل، هو الأداة الأولى للحفاظ على الأمن.
4- توظيف مناسب للعقوبة: فمن المعلوم أن ا لعقوبة إنما قررت لكف المجرمين عن الإجرام، وكف غيرهم من الاقتداء بهم، ومن صفاتها أنها تحدث إيلاماً ماديا ونفسيا، فينبغي اختيارها بدرجة تجعلها مناسبة مع الجريمة نوعا ومقدارا، كما ينبغي أن تكون متصفة بصفتي اليقين في التطبيق والسرعة في التنفيذ، كما يجب أن تكون محققة لمبدأ المساواة لتكون ذات أثر فعال في محاربة الإجرام وتحقيق الأمن الشامل.
5- التوعية الموجهة: حيث يجب أن يصاحب كل الوسائل السابقة، توعية مناسبة، وذلك بتوضيح أحكام الشرع والقانون في شأن الأفعال المخلة بالأمن، وتوضيح الجزاء الذي ينتظر العصاة في الدنيا والآخرة، دون أن يغفل أمراً من أمور تلك الأفعال، سواءً قل أو جل، ثم لابد بعد ذلك من وضع سياسة إعلامية مناسبة في شأن نشر أخبار الحوادث والوقائع، ونشر الأحكام القضائية الصادرة بشأنها على نحو يجعلها تحدث أثرها في الردع والزجر كما يجب توعية الجمهور بأساليب المجرمين والطرق الصحيحة لمواجهتها، فإن يقظة ا لمواطن تفسد خطة المجرم وتحبط مسعاه.
أنواع الأمن:
يتسم الأمن بالتنوع والتعدد طبقا لطبيعته وحدوده ويمكن تقسيمه إلى:
1- الأمن الفردي والجماعي:
ويقصد بالأمن الفردي: تحقيق الطمأنينة والسكينة للفرد، باعتباره إنسانا، وذلك بسلامته من كل خطر يهدد حياته أو عرضه أو شرفه أو حريته أو ماله، وبعبارة جامعة فإن الأمن الفردي يعني العصمة والحماية من خلال منع أي عدوان أو ظلم يتهدده.
فالأصل أن يتمتع كل إنسان بهذه العصمة ولا تنقص حقوقه إلا في حدود أمن الشرع والقانون، وقد كفل الإسلام للناس كل هذه الصور من العصمة، وكل هذا القدر من الحماية، فجاء في قول الرسول الكريم r : “ إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام “([21])، وجاء قوله r : “ كل المسلم على المسلم حرام : دمه، وماله، وعرضه “([22])، وإذا كان هذا في شأن المسلم فإن لغير المسلم إذا كان وسالما مثل ذلك من الحماية والعصمة.
ويقصد بالأمن الجماعي: أمن الأمة باعتبارها وحدة واحدة، وذلك بتحقيق العصمة والحماية لحقوقها العامة ومصالحها الجماعية، المتمثلة في وحدتها الدينية والاجتماعية والفكرية، ففي صيانة نظمها وحماية مؤسساتها والحافظ على مقدراتها ومكتسباتها. وقد مقت الإسلام كل دعوة إلى الفرقة أو إلى الفتنة، واعتبرها دعوة شيطانية.
والحقيقة أن الأمن الفردي والأمن الجماعي متداخلان، فأمن الفرد هو أمن الجماعة والعكس صحيح، وما يفسد على الفرد أمنه يمكن أن يفسد أمن الجماعة، والعكس صحيح كذلك.
2- الأمن الداخلي والأمن الخارجي:
يقصد بالأمن الداخلي: تحقيق الاستقرار والاطمئنان للدولة في شأنها الداخلي على نحو يحقق السلامة والصيانة والحماية لكل المصلحة العامة والخاصة فيها، وبذلك يمتد مفهوم الأمن الداخلي ليشمل كل عناصر ومكونات الأمن الفردي والأمن الجماعي، فهو أمن الدولة بكل مؤسساتها وأنظمتها ومصالحها التي يقوم عليها وجودها أو تحقق بها قدرتها على ممارسة وظائفها واختصاصاتها النظامية والإدارية والسيادية.
أما الأمن الخارجي: فهو يعني تحقيق الاستقرار والاطمئنان للدولة في شئونها الخارجية، أي في علاقاتها مع غيرها من الدول والمنظمات الدولية، ويقتضي سلامة وصيانة مصالح الدولة، ومن تلك المصالح مصلحتها في الاستقلال وفي الوحدة وفي سلامة الأرض وفي سلامة قدراتها الدفاعية والاقتصادية وفي حماية مقومات وجودها وأسباب قوتها([23]).
3- الأمن الوطني والأمن الإقليمي والأمن القومي:
- الأمن الوطني: هو أمن الوطن الصغير بما فيه ويشمل الأمن الفردي والأمن الجماعي والأمن الداخلي والخارجي.
- الأمن الإقليمي: ويعنى بتحقيق الاستقرار والأمن لمجموعة الدول الواقعة في نطاق إقليمي محدد.
- الأمن القومي: وهو أمن الأمة الكبيرة التي تمثل كياناً فكريا وثقافيا ودينيا وعرقيا واحداً، وهو يعني تلك الحالة التي تكون فيها الأمة في كيانها الذاتي وشخصيتها القومية بعيدة عن تسلط أو تهديد أي قوة خارجية([24]).
4- الأمن الموضوعي والأمن النوعي:
الأمن الموضوعي: هي صور الأمن السابق ذكرها، باعتبارها أمن مصالح شاملة وأمن حقوق خاصة أو عامة، أمن يمتد إلى كل جوانب الحياة المادية والمعنوية.
الأمن النوعي: فهو نوع معين موصوف كالأمن الصناعي والأمن الغذائي والأمن الفكري والثقافي.
والأمن في واقع الأمر، أمن نسبي، فالفرد لا يستطيع تحقيق أمن مطلق لوجود غيره من الأفراد والجماعات والنظم ممن لهم حقوق في تحقيق أمنهم، الذي قد يتعارض مع أمنه، والجماعة كذلك في وجودها وعلاقاتها بالأفراد والجماعات الأخرى والدولة.
المقومات الأساسية لدعم الأمن وتنمية مسبباته:
1- العقيدة الدينية :
باعتبار أن العقيدة تحث على فعل الخير ومحاربة الشر والإسلام دين عدالة وأمر بمعروف ونهي عن منكر وتآلف ومحبة بين أفراد المجتمع وأمن واستقرار([25]).
2- الإحساس بالتماسك والتعاطف والانتماء بين أفراد المجتمع الواحد:
من أولى شروط المجتمع السليم أن يتوافر بين أفراده قدر عال من التماسك، بحيث يشعر كل منهم بانتمائه إلى وطنه ومجتمعه انتماءً وثيقاً، بحيث يؤلف وحدة عضوية حيه تتفاعل معه، فتحيا بحياته وتنمو بنموه وتتبلور مقوماته، فالانتماء ركن أساسي للحياة الاجتماعية، بحيث يشعر الفرد بأن الوطن له وأنه مسئول عن سلامته، ومن يشعر بأن له دور يتوجب عليه القيام به للمحافظة على وطنه وأمته، وبالتعاطف والتماسك تتكون رابطة إنسانية قوية تشكل سداً منيعاً يحول دون إيذاء الأفراد لبعضهم البعض.
3- التوافق على مبادئ سلوكية وأخلاقية ودينية واحدة:
فحين يتربى الإنسان تربية سليمة يستقى التقوى ومخافة الله وتنمو معه المسؤولية تجاه نفسه وتجاه غيره، ينشأ محباً للناس وللغير، آمرا بالمعروف وناهياً عن المنكر. ومتى ما شب المجتمع على أساس سليم ومبادئ سامية، يتأقلم الإنسان معها وتترسخ لديه وتصبح التزاما أساسياً لا ينحرف عنه. ومن ثم فمتى وجدت هذه القواعد الأخلاقية والدينية والسلوكية في إطار المجتمع، تأمنت معه أحد المقومات الأساسية لتحقيق الأمن([26]).
4- الاستقرار السياسي وتوافر الأجهزة المختصة القادرة على تحقيق الأمن والعدالة:
من المقومات الأساسية أيضاً لتحقيق الأمن، توفر الاستقرار السياسي في المجتمع عن طريق الحقوق الدستورية الشرعية للفرد عبر حكم عادل رادع يراعي شؤون المواطنين ويعمل على توفير أسباب الطمأنينة.
والاستقرار السياسي يتطلب دعائم أساسية تحقق الحقوق الأساسية للمواطنين لممارسة حقوقهم السياسية، في ظل أنظمة ومؤسسات مختصة قادرة على تأمين المجتمع وتتمثل في:
- جهاز أمني قوي وفعال ومستعد للتدخل دوما لصيانة الأمن بوجه عام ولتأمين الوطن وحفظ كيانه وعلى وجه الخصوص حماية الأفراد من المجرمين والمنحرفين والإرهابيين.
- جهاز قضائي عادل وحاسم، يضمن حقوق الجميع ويفصل في الأحكام بسرعة وحسم لقطع المفاسد وردع المعتدين ولجم المخالفين حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
- تخطيط متكامل وسياسة جنائية سليمة وتعاون وثيق بين كافة المؤسسات والجمعيات العدلية والتربوية والأخلاقية والأمنية لتوفير مقومات الأمن والأمان للفرد والجماعة.
5- توافر الأمن الاجتماعي والاقتصادي:
لا يكفي أن يتوافر نوع من التماسك والتعاطف داخل المجتمع وأن يتواجد استقرار سياسي ومؤسسات لضمان توافر الأمن، بل لابد من توفر أمن اجتماعي واقتصادي، يضمن لكل فرد في المجتمع مستوى معيشي معين، يتحقق بتوافر فرص العمل والإنتاج وعائد مجزي، ليؤمن اقتناء حاجات الإنسان الضرورية من مأكل وملبس ومسكن مناسب، يضاف إليها توافر خدمات تعليمية وصحية واجتماعية وإنسانية تجعله في مأمن من الفقر والجهل والمرض.
6- ضمان سلامة الأرواح والأعراض والممتلكات من كل خطر:
إن جوهر الأمن، هو التحرر من الخوف من أي خطر أو ضرر قد يلحق بالإنسان في نفسه أو عرضه أو ممتلكاته، ويكون في مقدوره التنقل بكل حرية داخل وطنه دون خوف، وأن يكون بإمكانه أن يفكر ويدلي برأيه دون تسلط أو إرهاب من قبل الآخرين.
فالإنسان لا يكفيه أن يتوافر على هذه المقومات لنفسه دون أن تكون كمفهوم عام لأمن المجتمع ككل، فإن حصل وأن افترقت هذه الحقوق وتم التعدي عليها حيال غيره اليوم، فيسنتقل إليه غداً، ولذلك فإن برامج الوقاية من الجريمة والتصدي لها يجب أن يتم في إطار تخطيط شامل وتكامل وسياسة صائبة علمية وموضوعية وعقوبات رادعة تمثل ضماناً كافياً لتأمين الوطن والمواطن على السواء.
تحقيق الأمن الشامل مسئولية ا لجميع:
على الرغم من تعدد جوانب مفهوم الأمن، وأختلاف أركانه، إلا أن كل واحد منها مرتبط ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بالآخر وهذا يعني استنفار الطاقات المجتمعية متمثلة في الأفراد والجماعات والهيئات والمنظمات والجمعيات المجتمعية. لتأمين الأرواح والأعراض والممتلكات عن طريق دعم ومساندة الأجهزة الأمنية الرسمية والنظامية لتحقيق الأمن والأمان للجميع، وبجهود الجميع، باعتبار أن مهمة ضبط المجتمع وتوفير الأمن ليست مهمة الأجهزة الأمنية وحدها، وإنما هي مهمة المجتمع ككل.
والضبط المجتمعي يتم من خلال: الوقاية من الجريمة، خلق مجتمع قوي ومتماسك، اتصال وتنسيق وتعاون وتكامل ومشاركة في تحمل تبعات الأمن المتمثلة في أعباء ومسؤوليات الوقاية والمكافحة للإجرام والانحراف.
والأمن الشامل في واقع الأمر يتمثل في: “ برامج حديثة التطبيق استخلصها المختصين والباحثين من التراث الإنساني من واقع تطبيقات محددة وخبرات سابقة، لخلق أجواء التعاون والتكامل والدعم والمؤازرة المتبادلة والمبذولة بين الأجهزة الأمنية وبين المجتمع بكافة أفراده وجماعاته وجمعياته الأهلية ومنظماته الرسمية والشعبية لمواجهة متطلبات تحقيق الأمن في إ طار علاقات حسن متطورة وفعالة، تنمي الثقة وتحقق رضا الجمهور وتوفر إمكانيات العمل الجماعي المشترك والمنظم “ .. وبما يضمن تحقيق الآتي([27]):
- التأكيد على أن المسؤولية الأمنية مسؤولية جماعية ومجتمعية.
- إزالة عوامل الخوف من الإجرام والانحراف والشعور بعدم الأمن، يحقق الرغبة الأكيدة في التعاون من أجل تحقيق الوقاية والتخلص من مثل هذه الأحاسيس من خلال تطبيق مضامين الأمن الشامل.
- توعية وتثقيف الجمهور وضمان إطلاعه على الوضعية الأمنية من واقع الإحصائيات والجهود المبذولة وما تم تحقيق من نتائج إيجابية وما تم توفيره من إمكانيات المشاركة للدعم والمؤازرة.
- خلق رادع ذاتي، من خلال تنشئة المواطن وتعويده على الالتزام بأحكام التشريعات النافذة وتوفير عوامل التحصين الذاتي بجهد متكامل، بدءاً من الأسرة والمدرسة والمسجد والهيئات المجتمعية وغيرها.
الأمن مسئولية جماعية ورؤية مستقبلية:
من الواضح أن مهمة الأمن، هي مهمة كل إنسان، وإن المسئولية عنه مسئولية جماعية، فرداً كان أم جماعة، هيئة أم سلطة، وينبغي لنا جميعا أن نكون على استعداد لاستخدامه ومناشدته بكل الوسائل والسبل حتى نتمكن من إبلاغ الرأي العام على أهميته وإجراءات الوقاية لمنع المشكلات من أن تتفاقم فتتحول إلى صراعات، وبعبارة أخرى يجب علينا أن نوحد الأمن والسلم في القلوب وفي الثقافات، فخلق ثقافة الأمن هو مهمة الجميع (الدولة، السلطة، الهيئات الاجتماعية، المعلم، ا لمربي، الأجهزة الأمنية .. وغيرهم). ولم يعد الأمن اتفاقا بين الأقوياء أو أنه نعمة أسبقها الحق سبحانه وتعالى على بلد سعيد الحظ أو أنه وضع اجتماعي يستطيع كل فرد في أي وقت أن يسهم فيه.
وبالطبع لا يمكن إنكار أهمية دور رجال السلطة، غير أن الفرص المتاحة للعمل الفردي والجماعي لصالح الأمن أكبر بالتأكيد، مما قد يتبادر إلى الذهن، فالأمن سلوك وأخلاقيات وقيم وثقافة، وعلينا الحافظ عنه في كل جوانب الحياة اليومية في المنزل والمدرسة والجامعة ومكان العمل وغيرها([28]).
وبالطبع فإن مؤسسات الدولة تعتبر عامل أساسي في مسئولية تحقيق الأمن والتماسك الداخلي والمنعة الخارجية، سواء في ذلك المؤسسات الحكومية أو غير الحكومية، وهذا يعني أنه لابد من قيام النظام السياسي بوظائفه التي تكفل قدرة الدولة بمؤسساتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية من السيطرة على الصراعات الداخلية ورقابتها وإدارتها بصورة تضمن عدم تفجرها أو تفاقمها العنفوي، بصورة تهدد الدولة وسيادتها أو وحدة المجتمع وكذلك تحقيق الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والتكامل الاجتماعي والتوازن البيئي والتربوي.
وهكذا يمكننا القول أن المتغيرات المعاصرة، قد استدعت النظر إلى المسألة الأمنية باعتبارها تعني كل أفراد المجتمع، ومن ثم أصبح من اللازم اشتراك كل هيئات المجتمع الرسمية والأهلية في دعم مسيرة الأجهزة الأمنية، ولبلوغ تلك الغايات والأهداف الأمنية، لابد من غرس هذه القيم في عقول النشء والشباب من خلال المؤسسات الاجتماعية والتربوية والدينية والإعلامية، بدءاً من ا لأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام، والمجتمع المحلي وغيرها من المؤسسات والهيئات ذات الصلة بالتربية الوطنية، من أجل تكوين المواطن الصالح وتحصين أفراد المجتمع لضمان التزامهم بنظم وقيم وضوابط المجتمع الدينية والأخلاقية والمجتمعية والقانونية، بل وتحفيزهم للمشاركة في تحقيق الأمن الشامل بمشاركة كل الناس (أفراد وجماعات)، تبعا للتوجهات المجتمعية والإقليمية والدولية التي بدأت تترسخ يوما بعد يوم والتي تؤكد على ضرورة الإسهام الجماهيري في المجال الأمني([29]).
ولعل أهم هذه المؤسسات: هي المؤسسات التعليمية والتربوية، التي تختص من جانبها بالأطفال من سن السادسة حتى سن الرشد، وعلى مدى فترة تتراوح ما بين 6-7 أشهر سنويا وبمعدل 5-6 يوم في الأسبوع ونحو 5 ساعات يوميا، أي نحو 1000 ساعة خلال العام الدراسي الواحد وهذه الفترة قادرة على تجسيد الوعي بأهمية المسألة الأمنية وضرورة المشاركة فيها باعتبارها واجبا وطنيا واجبا، ناهيك عن جوانب الالتزام الذاتي والتحصيني من عوامل الانحراف والإجرام أو الانزلاق عند التيارات والأفكار الهدامة، التي تسعى إلى التغرير بأبنائنا وشبابنا إلى مزالق الفرقة والشتات، اعتماداً على أساليب واطروحات عقيمة بالغة تجاوزها الزمن وأن لنا التصدي لها والوقاية منها حتى يشعر المجتمع بالآمن والأمان بتكاتف كافة أفراده وجماعاته وجميعاته وهيئاته الرسمية والشعبية وتعاونهم ودعمهم لمسيرة تحقيق أن المواطن في كل مكان لينطلق بفكره وعقله نحو الإبداع والتألق وصنع التقدم والبناء من أجل النهوض بالأمة نحو التقدم والتنمية.
المؤسسات المسؤولة عن التعاون في المجال الأمني لمواجهة الجريمة والإرهاب:
هناك سبعة أنواع من المؤسسات متمثلة في: “ الأسرة – المدرسة – مؤسسات المجتمع المدني – سوق العمل – مؤسسات الأمن الحكومية – ا لمؤسسات التشريعية والقضائية – المكان “.
وتؤكد الدراسات على ضرورة تكامل عمل جميع المؤسسات وعلى أهمية التنسيق بين جهودها، إن من المفترض أن تكون برامج الوقاية من الجريمة مسؤولية جماعية لكل هذه المؤسسات وتتم في آن واحد متزامنة لكي تؤتي ثمارها في مجال خفض الجريمة والوقاية منها وتكوين المجتمع الآمن. كما ينبغي أن تدرك هذه المؤسسات أن برامج الوقاية من الجريمة لا تعمل من فراغ، فمثلا لا يمكن للبرامج التربوية الموجهة للوقاية من الجريمة أن تؤتي ثمارها في مجتمع يتوفر فيه السلاح مثلاً – للبيع أو لا يوجد احترام للقوانين.
كما أن جهود المدرسة في مجال الوقاية من الجريمة أو مواجهة الإرهاب، لا يمكن أن تنجح بدون دعم الأسرة، وجهود الأسرة لا يمكن أن تنجح بدون دعم سوق العمل وجهود سوق العمل لا يمكن أن تنجح بدون دعم منظم ومؤسسات الأمن الرسمي، وجهود نظام الأمن لا يمكن أن تنجح بدون دعم المواطنين وهكذا، كما ينبغي أن ننظر إلى جميع المؤسسات التي تتعاون من أجل تحقيق الأمن، هو عمل يعود بالخير والنفع لجميع أفراد المجتمع، كما تقوم الأسرة بدور أساسي في مجال سد منابع الجريمة من خلال التنشئة السليمة للأبناء في جو تسوده العلاقات الحميمة بين الآباء والأبناء وتنشئة الأبناء على الالتزام بقواعد الأخلاق والسلوك السليم، حيث أن قيام الأسرة بهذا الدور يمثل أفضل تحصين للأبناء في سن مبكر([30]).
كما أن وجود الشباب داخل المدرسة وفي سوق العمل وفي منزله له أثر كبير في ربط الشاب بأسرته ومدرسته وعمله ومجتمعه المحلي، شكل نوعان من الضغوط نحو الانضباط الاجتماعي والالتزام بالقوانين والقواعد الاجتماعية غير الرسمية لهذه الجهات المرتبط بها وتجنب السلوك غير المقبول من قبلها.
المستويات لتحقيق الأمن للجميع:
في واقع الأمر أن المهتم بالتربية الإسلامية يهتم بمكونات الأمة، متمثلة في الفرد والأسرة والمجتمع المحلي كالآتي:
1- المستوى الفردي([31]):
يعلب الفرد دوراً هاماً في التصدي للجريمة والوقاية منها باعتبار أن الفرد له دور في التعاون مع المؤسسات الرسمية في الحد من الجريمة فالفرد هو ركيزة المجتمع، فبه تتكون المجتمعات، وبصلاحه تصلح الأمم، فكم من الأفراد أثروا في مجتمعات وأمم. والواقع أن المنهج الذي يبحث في تشخيص وعلاج كليات المجتمعات دون الأجزاء لهو منهج قاصر. ومنهج التربية الإسلامية أعطى عناية كبيرة للفرد، واهتم بإصلاحه والعناية به، ويسعى الإسلام إلى إيجاد الأمن النفسي داخل الفرد، حتى يأمن بقية أفراد المجتمع على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، لأن تحقيق أمن المجتمع لا يتم إلا إذا تحقق الأمن داخل الإنسان نفسه، فإذا حلت فيه السكينة والطمأنينة انعدم فيه الاضطراب والقلق وجنح إلى الرفق والإحسان في تعامله مع الناس، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان بالله وتوثيق الصلة بما شرع([32])، وتزداد نسبة الجرائم والجنوح بقدر ضعف نسبة الوازع الديني.
وقد تضمن المنهج الإسلامي على ما يغرس في المسلم الاطمئنان النفسي، ومن ذلك التطلع إلى ما ينفعه والحرص عليه، وبالطبع فإن ما يدفع الفرد للاعتداء على حقوق الآخرين وإيجاد الفوضى، هو التطلع إلى ما عند الناس والرغبة في الاستحواذ عليه، ولكن منهج التربية الإسلامية يغرس في نفس الفرد “ القناعة وعدم التطلع بعين الجشع لما بحوزة الآخرين” والمنهج الإسلامي يرجي الفرد على أن يقدم مصلحة المجتمع على مصلحته الفردية، إذا ترجح ذلك فنظرة الإسلام أكثر دقة وأوسع نطاقا وأكثر مكانة في ربط الفرد بالمجتمع ودفعه إلى العمل من أجله وإيثار مصالحه على مصلحته الخاصة([33]).
2- المستوى الأسري:
تقع على الأسرة المسئولية الأولى للوقاية من الجريمة باعتبارها تتولى تربية أطفالها وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية الصحيحة كما أن الأسرة تعتبر حلقة صلة بين الفرد والمجتمع المحلي، إذ أن الأسرة هي التي تغرس في أفرادها ما يحقق الأمن الاجتماعي من احترام لحقوق الآخرين، ومن العمل على حفظها، وعدم الاعتداء عليها، وهي بالتالي تربط ما بين الفرد الذي ينتمي إليها وبين حقوق المجتمع الذي تنتمي هي إليه. وإذا ما ساءت الأسرة في تربية أفرادها، قدمت لهذا المجتمع ما يزعزع أمنه ويخل بطمأنينته، وقد أكد منهج التربية الإسلامية هذه العلاقة وعالجها من زاويتين([34]):
- بيان مسئولية الأسرة عن اتباعها.
- بيان التأثير القوي للأسرة على سلوكيات أفرادها.
ويؤكد المنهج التربوي الإسلامي على المسؤولية التي تقع على عاتق الآباء والأمهات بمفهومها الواسع، الذي يشتمل على جميع ما ينبغي أن تتكفل به الأسرة تجاه أفرادها .. قال r : “ الرجل راع في أهله وهو مسؤول على رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها “([35]).
وبالطبع فإن عناية الأسرة بأفرادها يحقق الأمن الاجتماعي نتيجة التربية الصالحة وباعتبار أن الأسرة مؤثر عظيم في سلوكيات أفرادها، فالمرء يقضي أطول أطوار حياته في كنف الأسرة يتشرب منها العقيدة والأخلاق والعادات والتقاليد عن طريق المحاكاة والتقليد وطول فترة المعايشة كما أن أثر الأسرة في سلوك الفرد يصل إلى أهم أمور الإنسان وهي الدين.
3- المستوى المحلي وخلق المواطن القادر على العطاء الأمني:
المجتمع المحلي هو مجموعة الشرائح الأسرية التي تعيش في محيط مكاني واحد أو متقارب، كالحي أو القرية. والمجتمع المحلي هو النواة الكبرى للأمة التي بمكوناته يتألف المجتمع، الذي له الأثر الفاعل في تحقيق الأمن الاجتماعي لأنه مسؤول عن الفرد وعن تصرفاته ويعتبر الرقيب عليه.
ولأن المسئولية ذات طابع اجتماعي، فإن المجتمع يحاسب الفرد عندما يحدث خللا يمس النظام الاجتماعي، لأن الفرد المسلم مسؤول أمام الجماعة المسلمة، ويكون المجتمع من خلال مؤسساته المختلفة وقاية على الفرد، ولا يعتبر ذلك تدخلا في حريته، وإنما هو توجيه لها.
ومنهم التربية الإسلامية يغرس في المسلمين، المسؤولية الاجتماعية عن أمن وأخلاق المجتمع، ولا يقصرها فقط على الأفراد، مما يوقظ في المجتمع المسلم، أهمية الأخذ على يد الظالم، ونصرة المظلوم. قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) ([36]) فالمنهج الإسلامي يوقظ في المجتمع استشعار أهمية المسؤولية الاجتماعية التي تحقق للمجتمع أمنه وأخلاقه، وأن واجبه عدم السكوت عن المنكرات والاستسلام لها، ويجب التناهي وفق قواعد متدرجة تحقق الأمن الاجتماعي.
وخلق المواطن الصالح تسهم فيها الأسرة والمدرسة والمجتمع المحلي والمسجد والإعلام وكافة المنظمات المؤثرة في المجتمع، وتهدف إلى تزويد الفرد بالطاقات اللازمة لمعرفة الالتزامات القانونية والأخلاقية الملقاة على عاتقه حتى يصبح مواطناً صالحاً يحظى بالاحترام والرعاية، كما يجب أن تكون التربية الوطنية متكاملة من خلال تجسيد الناحية الفكرية والعاطفية بشكل يؤدي إلى بناء المواطن القادر على المشاركة في تحقيق أمن المجتمع والمشاركة في الأنشطة الخدمية والعمرانية والعمل التطوعي لخدمة البيئة والمجتمع المحلي.
وخلق المواطن الجاد، يتطلب تعويده على التقيد التام بالشريعة الإسلامية ورعاية الأنظمة القائمة وكذلك إشعار المواطن بالتضامن والتفاهم واحترام آراء ومعتقدات الآخرين وحقوقهم، والتأكيد على تعاضد الجميع في سعيهم الدائب إلى إقامة علاقات تكفل للفرد أمانيه وتجعله يحس برغد العيش في بلده([37]).
وسنتحدث فيما يلي عن المسؤولية المشتركة للأمن حاليا ومستقبلا:
أولاً: دور المواطن في تحقيق الأمن:
بعد أن تطورت القوانين في إشكالها الأولية إلى ما هي عليه الآن، وحولت القوانين الوضعية التي تنظم حياة البشر وحرياتهم، كضوابط للسلوك الإنساني والاجتماعي، محل الضوابط التقليدية، التي كانت تتمثل في قواعد ومعايير السلوك الاجتماعية والحضارية، مثل العادات والتقاليد والأعراف والمعتقدات الحضارية، حيث اعتمدت معظم الدول على القوانين التي تعتمدها السلطات التشريعية، وتنفذها السلطات القضائية.
ومع الاعتماد على القوانين والأنظمة الرسمية والتشدد في تطبيقها بدأت الضوابط التقليدية تفقد تأثيرها على سلوك الأفراد تدريجياً([38])، في الوقت الذي لم تستطع فيه القوانين الوضعية القيام بالدور الذي كانت تقوم به تلك الضوابط قبل، خاصة في مجال حماية المجتمعات من انتهاك أفرادها للقوانين المنظمة لها، ولا سيما الانتهاكات التي تعد من باب الجرائم الواقعة على الجماعات والأفراد سواء بسواء، لذلك بدأ علماء الاجتماع في الوقت الحاضر، المناداة بضرورة إحياء مشاركة أفراد المجتمع في مكافحة الجريمة مها كان شأنها، وتبدأ هذه المشاركة من التزام كل فرد بحقوقه وواجباته كما تفرضها القوانين والأنظمة.
والأدوار التي يمكن أن يقوم بها أفراد المجتمع، يمكن أن تبرز في المراحل السابقة لوقوع الجريمة، إذ يمكن للأفراد الإسهام مع أجهزة الأمن، في وقاية أنفسهم وغيرهم من الجريمة، وتقديم العون في الكشف عن الجريمة ومرتكبيها في حالة وقوعها، وذلك عن طريق المحافظة على أدلتها والإرشاد عن الجناة وضبطهم، ومن خلال الشجب الاجتماعي للأعمال المخلة بالقوانين والأنظمة([39]).
ولعل أهم ما يشغل القائمين على إدارة الأجهزة الأمنية في الوقت ا لحاضر، هو إقامة ندوات طيبة تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون بين الأجهزة الأمنية وأفراد المجتمع، وذلك من أجل كسب تأييدهم للجهود المبذولة، وحثهم إلى تقديم كل ما من شأنه أن يسهم في تحقيق الأهداف التي تسعى إليها هذه الأجهزة([40]).
ومما لا شك فيه أن بناء علاقة وطيدة تقوم على التفاهم والتعاون بين أفراد المجتمع والأجهزة الأمنية، يعد مطلباً على جانب كبير من الأهمية لتحقيق أهداف الأمن، التي يتمناها أفراد المجتمع الساعين إلى التقدم، والتي لن تتحقق بصورة مثلى دون أن يسهم أفراد المجتمع في معاونة رجال الشرطة في إنجازها بصورة أو بأخرى، فليس من المبالغة في شيء الإقرار بأن أي جهاز أمني - مهما بلغت إمكاناته البشرية والمادية – أن ينهض بأعباء الرسالة الملقاة على عاتقه، بالشكل الأمثل والأعلى، دون أن تكون هناك علاقة مميزة تربطه بالجمهور الذي يقوم على خدمته.
ويستطيع رجل الأمن، أن يدرك بسهولة، أن العلاقة القائمة حاليا بين الأجهزة الأمنية وأفراد المجتمع أفضل بكثير مما كانت عليه قبل نصف قرن، ومع ذلك فإنها ليست كما ينبغي. فكثيرا ما يلاحظ بأن بعض المواطنين مازالوا يحجمون عن التعاون مع هذه الأجهزة، كما أن بعض رجال الأمن ما زالوا يقترفون من الأخطاء أثناء العمل اليومي، الشيء الكثير، الذي يؤثر سلباً على صورة رجل الأمن في أذهان المواطنين.
المواطن الواعي في خدمة الأمن الشامل داخل المجتمع (نظرة مستقبلية):
إن المواطن الواعي، يستطيع أن يسهم في تحقيق أهداف الأمن الشامل، المتمثلة في منع الجريمة قبل وقوعها، وتعقب الجاني وإلقاء القبض عليه بعد وقوعها، سعيا إلى توفير بيئة آمنة مستقرة لأفراد المجتمع. وإذا ما أردنا توضيح المجالات التي يمكن أن يسهم فيها المواطن من خلال تحقيق أهداف الأمن فإننا نورد ما يلي في إطار النظرة المستقبلية:
1- المجال الأول: إطاعة القوانين والأنظمة:
إن المواطن الملتزم بالقوانين والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبها والامتثال لتوجيهاتها، يحقق هدف الأجهزة الأمنية، في أنه شخصيا لا يقوم بالأعمال المخلة بالنظام والأمن العام، وبالتالي فإنه يترك فرصة مناسبة لرجال الأمن، لملاحقة أولئك المواطنين الذين يحاولون الاعتداء على حرمة النظام والأمن العام([41]).
2- المجال الثاني: اتخاذ الإجراءات ا لكفيلة بمنع وقوع الجريمة:
ولعل من أهم الإجراءات التي يمكن للمواطنين أن يتخذوها لدرء خطر الجريمة عن أنفسهم، وعن أموالهم وعن زوجاتهم وأولادهم، هي تلك التي تأتي مع الحرص على الأموال والمنازل، والانتباه لحيل المحتالين، وتربية الأبناء على الأخلاق الحميدة والسلوك القويم ومراعاة حق الجار، وعدم الاعتداء على الآخرين حتى لا تكون هناك فتنة تؤدي إلى ارتكاب الجريمة.
3- المجال الثالث: التبليغ عن الجرائم:
فالتبليغ عن الجرائم وتقديم البلاغات والشكاوى، تعتبر من الحقوق التي أباحتها الأنظمة للأفراد، لان ذلك يساعد على كشف الجرائم، ويسهل معاقبة مرتكبيها، ويعاون الأجهزة الأمنية على حفظ النظام العام. ولا شك أن تبليغ المواطنين عما يصل إلى علمهم من الجرائم أو ما يعاينونه من الوقائع الجانية، يساعد هذه الأجهزة في تحقيق أهدافها في حماية الأرواح والأموال والأعراض. ومكافحة الجريمة في مهدها، أو منعها قبل وقوعها والتوقي من شرورها






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

المؤسسات المجتمعية والأمنية  رؤي مستقبلية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المؤسسات المجتمعية والأمنية رؤي مستقبلية   المؤسسات المجتمعية والأمنية  رؤي مستقبلية Emptyالأحد أكتوبر 26, 2014 2:00 pm

4- المجال الرابع: التقدم للشهادة:
فالتقدم للشهادة يساعد رجال الأمن على ضبط الجريمة، والتوصل إلى معرفة مرتكبيها وتقديمهم للمحاكمة، وبالتالي فإنه يقع على عاتق المواطنين واجب يتمثل في عدم كتمان الشهادة والتقدم في غير تردد للإدلاء بمعلوماتهم عن الوقائع الجنائية التي يعلمون بها أو يشاهدونها بأنفسهم. فكتمان الشهادة أو الإحجام عن أدائها – بعامل الخوف أو الرهبة – يؤدي في أغلب الحالات إلى ضياع كثير من الجرائم وعدم تمكين الجهات المختصة من تحقيق العدالة.
5- المجال الرابع: المحافظة على مسرح الجريمة:
يترك الجاني عادة مسرح الجريمة بصورة تنبئ عن كيفية ارتكابه الجريمة، حيث أن الجاني بقصد أو بدون قصد يترك أدلة مادية كثيرة في مسرح الجريمة تدل على علاقته بها. وهذه الأدلة التي حرص رجال الأمن والقضاء في العثور عليها، ليستدلوا عن طريقها على كيفية وقوع الجريمة ويتوصلوا بالنهاية إلى مرتكبيها. وأي عبث بهذا المسرح سوف يؤدي بالضرورة إلى تغيير في الصورة الحقيقية لمسرح الجريمة، التي أعقبت وقوع الجريمة مباشرة. وقد أدى هذا التغيير في كثير من الجرائم إلى ضياع ملامح الطريقة التي ارتكبت بها الجريمة، وإلى ضياع كثير من الأدلة المادية الهامة، التي كانت من الممكن أن تساعد رجال الأمن في الوصول إلى مرتكبي الجريمة، ولذلك فإن المواطن الواعي يمكن أن يساعد رجال الأمن من خلال الحفاظ على مسرح الجريمة، كما هو حتى يصل رجال الأمن.
6- المجال السادس: المساعدة في القبض على الجناة:
يجب أن تسعى أجهزة الأمن – في إطار حملات التوعية – إلى ترسيخ مقولة (كل مواطن خفير) في أذهان المواطنين بكافة مستوياتهم، لأن هذه المقولة، تضمن أن يسهم المواطن في كافة ميادين تحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع الذي يعيش فيه، ليس فقط في اتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع وقوع الجرائم والمخالفات، وإنما في مجال تقصي الجناة وإلقاء القبض عليهم وتسليمهم لرجال الأمن.
وفي كثير من الحالات كان المواطنون يلاحقون الجناة الذين يفرون بعد ارتكابهم الجرائم، وكانوا ينجحون في معظم الحالات في أخذ أوصافهم وأرقام السيارات التي كانوا يستخدمونها ويطاردونهم حتى يتمكنوا منهم ويمسكون بهم ويقتادونهم إلى مراكز الشرطة([42]). وفي حالة عدم تمكنهم من اللحاق بالجناة، كانوا يذهبون إلى أقرب مركز للشرطة لتقديم بلاغات رسمية بحقهم ذاكرين في كافة المعلومات التي حصلوا عليها من الواقعة، الأمر الذي يسهل لرجال الأمن تعقب الجناة وإلغاء القبض عليهم بسرعة فائقة. كما تقوم أجهزة الأمن بتكريم هؤلاء المواطنين ومنحهم المكافآت. وكلنا يعلم المكافآت المالية التي خصصتها وزارة الداخلية السعودية في حالة إلقاء القبض على مجموعة الإرهابيين أو الإدلاء بمعلومات عن أي شخص أو إحباط أي عملية إرهابية وهذا لا شك سيساعد وبشكل كبير على إلقاء القبض على المجموعة الإرهابية التي ذكرت أسمائهم ونشرت صورهم.
مما تقدم يتبين أن للمواطنين دور هام وإيجابي في تحقيق أهداف الأجهزة الأمنية المتمثلة في استقرار النظام وتحقيق الأمن، إن هناك مجالات عديدة يمكن أن يسهموا من خلالها في حماية المجتمع من شرور الجريمة والمجرمين. وإذا ما أدرك المواطنون أهمية دورهم، فإنهم سوف يتعاونون مع رجال الأمن في القيام بجميع المهام والواجبات التي تؤدي إلى زيادة فعالية العمل الأمني ويجب أن يكون للإعلام دور في إرساء دعائم هذه العلاقة بين المواطن ورجل الشرطة حتى يترسخ لدى الموطن الاقتناع الكامل بأهمية دوره .. وبأن الأمن هو مسؤولية الجميع “.
ثانياً: دور التعليم والمؤسسات التعليمية في إطار المسئولية عن تحقيق الأمن:
يمكن القول بأن جوهر التربية والتعليم يتمثل في كل ما يقدم للفرد فيقوده إلى نقطة لا يحتاج بعدها إلى وصاية، ويساهم في تكوينه ونموه متشبعاً بالقيم الإنسانية، وتحقيق كيانه الفردي مرتبطا باندماجه في المجتمع، ليصبح رجل اجتماعي مهذب يتألم لآلم الجماعة ويشعر بشعورها، وفي الوقت نفسه إعداده لما يتطلب المجتمع الذي يعيش فيه وللحياة الإنسانية الكاملة.
ويرى الباحثون بأن كل جهود تقوم للحفاظ على حالة التوازن الاجتماعي في أي مجتمع تقليديا كان أو متحضرا تعمل على مستويين أثنين:
الأول: سيطرة الأمن وتحقيق الاستقرار وذلك لمنع الانحراف، وبذل كل جهد ممكن حتى يتوافق السلوك الاجتماعي للفرد مع القيم الروحية والدينية، وهذا يعني ضرورة الحفاظ على العادات والتقاليد ومجموعة الأعراف التي ترمز لثقافة المجتمع.
الثاني: رصد التغيير الاجتماعي وعوامله وأهدافه ونتائجه ومتابعة أبعاده الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعمل على مناهضة آثاره السلبية.
ومن هذا المنطلق نجد أن ثمة علاقة وثيقة فيما بين التربية والتعليم والأمن، إذ أن الجهود التي تُبذل في مجال التربية والتعليم تُعد من أبرز الجهود التي يمكن أن تساهم في حفظ التوازن الاجتماعي في المجتمع، وذلك من خلال دورها المؤثر في توجيه السلوك الاجتماعي على الفرد ومواجهة الآثار السلبية للتغييرات الاجتماعية بمختلف أبعادها، وتبرز أهمية جهود التربية والتعليم في تحقيق الأمن، في أن إسهام الأفراد في حماية أنفسهم والمجتمع من الجريمة، إما يكون بمقاومتهم لأسبابها وكافة العوامل المؤدية لها، وتحصينهم ضدها للحيلولة دون ترديهم في هوتها، وإما بتصديهم للشارعين فيها أو مرتكبيها، وتقديمهم للسلطات أو إبلاغها بكافة ما لديهم من معلومات تتعلق بها.
موضوعات ضمن المناهج الدراسية لخلق الوعي الأمني لدى النشئ:
تؤكد الدراسات الحديثة أن معالجة السلوك الإجرامي، يجب أن تبدأ بمعالجة الأسباب والعوامل المؤدية له، أي بمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية المتردية في المجتمع. كما أن الاتجاهات الحديثة للوقاية من الجريمة ترمي إلى إعطاء كل الإصلاحات الأساسية في المجتمع بُعداً أمنياً، أي أن يدخل ضمن أهدافها تحقيق الوسائل القادرة على توفير الأمن للفرد والسلامة للمجتمع، وهذا المقترح يرتكز على عناصر ثلاث على درجة كبيرة من الأهمية في تحقيق الأمن للفرد والمجتمع وهي: المدرسة، وطلاب المدارس، وأجهزة الأمن والمؤسسات التعليمية الأخرى([43]).
1- المدرسة والمناهج الدراسية:
للمدرسة دور بالغ الأهمية في تنشئة الفرد وتنمية شخصيته الاجتماعية وتأهيله علمياً وعملياً، فالطفل يبدأ في دخول المجتمع الكبير من خلال المدرسة، حيث يتوجب عليه أن يعيش فيها تحت سلطة نظام اجتماعي، فمنها يبدأ في تعلم ما ينعكس بالضرورة على سلوكه وطبعه وتكيفه مع المجتمع الذي يعيش فيه، ومنها ينعطف نحو المستقبل مزوداً بالقيم والمفاهيم التي تقوده في مسيرته وتحدد إلى حد كبير دوره في هذا المجتمع.
ومن هنا ترد أهمية المناهج التعليمية والعلمية التربوية التي تنهض المدارس بتقديمها، والتي يفترض أن يعم من خلالها تربية النشء وتوجيه سلوكه، وتغيير بعض المفاهيم التي نشأ عليها في طفولته المبكرة وما اعتراها من هزات ومشاكل يمكن أن تقوده إلى الجنوح والانحراف، فخير المناهج تلك التي ترمي إلى تربية الإرادة والضمير وتهذيب القوى العقلية لدى النشء، ومن خلالها يؤمن بالحرية لنفسه ولغيره ويلتزم بالأنظمة، فتنعكس آثار ذلك على احترام الغير واستنكار الجريمة.
ولا شك أن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وما تشمله من قيم وأخلاق هي الأجود والأجدى في تربية عقول النشء وتزكية نفوسهم، بيد أن مراعاة ذلك لا يمنع من تضمين المناهج التعليمية التربوية بعض المواد التي تستلزمها مساهمتهم في حياة المجتمع والاندماج فيه، كتلك التي تتجه مباشرة صوب تعريفهم بالجريمة وآثارها السلبية وإعدادهم للمشاركة الفعالة مع مختلف الفئات والقطاعات المعنية في تحقق الاستقرار وحفظ وسلامة الفرد والمجتمع، مع عدم الإخلال بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
وفي هذا الصدد يبرز دور الدولة بمختلف أجهزتها ومؤسساتها المعنية في ممارسة نوع من الرقابة على عملية تصميم المناهج بحيث لا تتناقض مع مبادئ التربية السليمة والمصلحة الاجتماعية([44]).
هذا وتتلخص مسئوليات المدرسة في الآتي:
- تقديم الرعاية النفسية للطلاب ومساعدتهم على حل مشكلاتهم والاعتماد على أنفسهم وكيف يحققون أهدافهم بطرق تتسق مع المعايير الاجتماعية، مع الاهتمام بالتوجيه والإرشاد النفسي والتربوي والديني والمهني.
- بناء علاقة بين الطلاب على أساس من العدل والتشاور والتعاون والتوجيه السليم الذي يقوي تماسك المجتمع المدرسي وبالتالي تماسك المجتمع الكبير وتوجيه النشاط الطلابي لخدمة الأمن ودعم القيم الإيجابية في المجتمع.
- تقديم نماذج للسلوك الاجتماعي المتحضر والمقبول والإشادة بالطلاب المثاليين.
2- طلبة المدارس:
طلبة ا لمدارس – كفئة عمرية – محددة من السكان – هي الفئة التي ينطبق على الفرد فيها وصف الحدث، وهي فئة عمرية ذات نسبة مرتفعة من مجموع السكان، ولهذه الفئة العمرية حاجاتهم ومشكلاتهم، وهي حاجات ومشكلات قد تؤدي بهم إلى الانحراف إذا ما عجز المجتمع عن تلبيتها وإيجاد الحلول الملائمة لها، ومن جهة أخرى فإن طلبة المدارس بالنسبة للمستقبل يشكلون السواعد الفتية الواعدة في بناء وتنمية المجتمع، ولا شك أن مضمون وأسلوب التعليم الذي يتلقونه في مراحلهم التربوية والتعليمية المختلفة يمكن أن يكون له آثار تراكمية سلبية تمتد لفترة طويلة ويصعب التحكم في نتائجها فيما بعد.
3- الأجهزة الأمنية:
أن الوظيفة الأمنية للأجهزة الأمنية تحولت من مفهومها التقليدي كأداة قمع في بعض المجتمعات إلى مفهومها الحديث كوظيفة اجتماعية، بجانب وظيفتها في منع الجرائم وتقصيها وملاحقة المجرمين، وفي إطار الوظيفة الاجتماعية للأجهزة الأمنية، فقد أنيطت بدور وقائي، يهدف إلى الوقاية من الجريمة في إطار تنفيذ عدة مهام، من أبرزها، دعاية الشباب وتنظيم علاقات جديدة معهم ومع المواطنين، مع مهام التوجيه المدني في المدارس ضمن المناهج الدراسية، وذلك باعتبار أن رسالة جهاز الأمن لا يمكن أن يكون بمعزل عن التهديدات الأمنية في البيئة المحيطة بعملياتها، وتشمل هذه التهديدات- ضمن ما تشمل – في المحور الاجتماعي، زيادة نسبة الأحداث والشباب في المجتمع وما يمكن أن يهيئه ذلك من عناصر يسهل اجتذابها نحو الانحراف، كما تشمل في المحور الثقافي ما يتعرض له المجتمع من غزو ثقافي خاصة في ظل الفضاء المفتوح المتخم بالسموم والإباحة، كما تشمل في المحور السياسي ما قد يتواجد من اتجاهات سياسية أو دينية متطرفة، ناهيك عن قضايا المخدرات وكذلك العمالة الوافدة.
كما يجب تعريف الفرد بدور رجال الأمن وأهمية رسالتهم في حفظ الأمن داخل المجتمع، وأهمية دور الفرد في مساعدتهم في أداء تلك الرسالة، وأن تتضمن المناهج الدراسية المواد التي تؤدي إلى:
- المساهمة في عزل العوامل السلبية لدى طلبة المدارس وتحسين وضعهم الاجتماعي من خلال التوجيه والإرشاد.
- اكتساب طلبة المدارس قيم ومعايير سلوكية تتوافق مع المجتمع وحاجاته وإشعارهم بالمواظبة واحترام قواعد الضبط والتنظيم وطاعة القوانين والسلوك داخل المجتمع.
- تفهم طلبة المدارس لدور الأجهزة الأمنية ووظيفتها في تحقيق أمن المواطن والمجتمع، وإشعارهم بدورهم في مساعدتهم والتعاون معهم في القيام بهذا الدور، وتخطي الحواجز النفسية وتعزيز العلاقة فيما بينهم وبين رجال الأمن([45]).
- توعية طلبة المدارس بالجرائم والمخالفات التي تهدد الأمن الاجتماعي والإضرار التي يمكن أن ترتبها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية بالنسبة للفرد والمجتمع.
4- التوعية الأمنية في المؤسسات التعليمية المختلفة:
هناك نوعين من التوعية والتوعية التحذيرية أي تحذير الناس من أساليب المجرمين، والتوعية التقيمية، أي نقد وتقييم ما يشاهدون وهناك عدة أمور تحتم الاهتمام بالتوعية الأمنية في مرحلة التعليم قبل الجامعي ومرحلة التعليم الجامعي وفوق الجامعي ومن هذه الأمور([46]):
- بث القيم الأخلاقية والاجتماعية بما يؤثر على تصرفاتهم وتحميهم من الانحراف، مع تضمين المنهج الدراسي النواحي الأمنية الوقائية، وفي الوقت نفسه حثهم على القيام بمساعدة السلطات المختصة بالقبض على الجناة عند وقوع جريمة.
- الاهتمام بالتثقيف الأمني في مراحل التعليم المختلفة، والذي يقوم على أساس تدعيم مساهمة المواطن العادي مع رجال الأمن في بعض الأحوال في تحقيق الأمن، والمشرع فرض على الفرد العادي واجب الإبلاغ عن الجرائم، ولا شك أن التوعية الأمنية في المناهج الدراسية تمكن الأفراد من تأدية هذا الواجب الملح، والذي يساهم بغير شك في تحقيق الأمن الاجتماعي، بل لقد أعطى النظام للفرد العادي الذي يشاهد الجاني متلبسا بجناية أو جنحة، الحق في أن يتعرض لهذا المجرم ويسلمه إلى أقرب أفراد السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه.
- إن ظاهرة العولمة التي يشهدها العالم المعاصر لها أبعادها على كافة الأصعدة في المجتمع، ولها انعكاسها أيضاً على الأمن، فضلا عن التقدم التكنولوجي الهائل في مجال الإعلام والمعلومات وتزايد استخدام الكمبيوتر والإنترنت في ارتكاب الجريمة، بما يضاعف من أهمية دور المؤسسات التعليمية في الدولة خلال مراحل التعليم المختلفة. فهذه المؤسسات مطالبة بمواكبة هذا التطور المذهل ومطالبة في الوقت نفسه بتزويد الدارسين بالمعلومات والخبرات التي تمكنهم من كشف الأنشطة الإجرامية المختلفة المرتبطة بالتطور التكنولوجي.
- التوعية بأنواع ا لعقاب الإسلامي الشرعي، بما يؤدي إلى الامتناع عن الإجرام .. قال تعالى: (ولكن في القصاص حياة يا أولي الألباب) ([47]).
- الحفاظ على أعراض الناس وممتلكاتهم وعدم ممارسة أنواع الجرائم المختلفة مثل اللواط والسرقة والقتل والتزوير وغيرها.
- احترام رجل الأمن في أي مكان واليقين بأنه يؤدي واجباً مكلفاً به للحافظ على الأمن والكشف عن جريمة وقعت، وأن يتعاون معه ويسهل مهمته، والمحافظة على تعليمات المرور، وعدم الهرب في حالة حوادث السيارات والسعي نحو تحسين صورة رجل الأمن وبيان الجهود المضنية التي يبذلها والمسئوليات الملقاة على عاتقه، وبالتالي يستحق اهتمام ورعاية ومساندة المجتمع لجهوده.
- عدم السكوت عن الجرائم التي يشاهدها والإسراع بالتبليغ عنها والإدلاء بالشهادة دون خوف أو ارتباك، مع عدم اقتناء السلاح إلا بتصريح يخوله ذلك ويجب أن يدرك أن اقتناء السلاح بدون تصريح يعرضه للعقوبة من قبل الدولة، وكذلك التوعية باتباع أساليب الدفاع المدني التي توفر له السلامة.
- ربط التوعية الأمنية بالمقررات الدراسية، مع استغلال المواد المختلفة
والأنشطة الطلابية المتنوعة وبرامج التوجيه والإرشاد في التوعية الأمنية وبنسبة لا تزيد عن 10%، وهي نسبة كافية، وبحيث تتوزع برامج التوعية الأمنية على مدار ساعات الدراسة خلال اليوم.
- التوسع في مشاركة الطلبة في الأنشطة الأمنية مثل حملات التوعية الأمنية في مجال المرور أو الحماية المدنية أو غيرها، مع تفعيل دور المشرف الاجتماعي والأخصائي النفسي داخل المؤسسة التعليمية ليقوم بدور النصح والإرشاد ولإحاطة الطلبة علماً بأسباب الجرائم وشرورها وخلق حس أمني لديهم.
- كما يجب ألا تقتصر مساهمة التعليم على مهمتي التكوين والتوعية، وإنما تتعداها إلى أهمية إشراف المعلم في “ تصنيع “ الأمن تنظيراً وإعداداً وتقديراً من منطلق الإدراك والوقوف على خصائصه وبالتالي الإسهام إيجاباً في ترقيته وتعميمه على كافة الأصعدة ويجب أن تكون مساهمة التعليم في عدم الاقتصار على الحيز الضيق الراهن لمجالات الأمن وإنما البحث عما يعززه، وكذلك عدم الاكتفاء بالمعيار الأخلاقي للمفهوم التربوي، وإنما البحث عن عناصر النجاعة والفاعلية منه.
دور التعليم في تأكيد مفاهيم الأمن والاستقرار:
الواقع أن التعليم في ظل الظروف والمتغيرات المعاصرة، يحتاج إلى مراجعة سريعة حتى يتلاءم مع هذه المتغيرات، وبخاصة فيما يتعلق بالانتشار المعرفي وثورة الاتصالات والثورة التكنولوجية والتقنية، ومن ثم فمن المفيد الآن أن تراجع الغايات والأهداف وفق استراتيجية شاملة تتضمن([48]):
1- البناء العقدي والأخلاقي، الذي تبنى عليه شخصية ا لطلاب، وأن تبصرهم بتعاليم الدين من خير وتعاون وصدق وأمانة تدفعهم إليها، وتحذرهم من الشر ومهالكه، وكل ذلك لا يتأتى إلا بغرس مخافة الله في نفوسهم.
2- أن تقوي فيهم روح المسئولية الفردية والجماعية والولاء للوطن وقيمه والتضحية من أجل المشاركة في الحفاظ على أمنه وسلامته وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
3- أن تفتح أذهانهم للعلوم الحديثة العقلية وتدربهم على البحث العلمي وتملكهم وسائل التقنية الحديثة وإطلاق الفكر في التصور والبحث والاستقراء، مع تنمية المهارات الإبداعية فيهم مع تنمية روح الاتساق بين الماديات والروحيات معتمدين على قوة الدافع الإيماني والتطبيق السلوكي الأخلاقي في المجتمع وتنمية روح السلم العالمي واحترام الآدميين باعتبار أنهم مكرمين من عند الله في آدميتهم.
4- غرس روح الفكر والحرية واحترام آراء الآخرين وتبادل الرأي والمشورة في نفوس الشباب، وإن تقوى مسئولية الأفراد والمجتمع ونظمها وقوانينها واحترامها والمشاركة في الحفاظ عليها والإسهام في حمياتها من المهددات الداخلية والخارجية، باعتبارها تعبيراً عن السيادة الوطنية والهوية الحضارية للأمة، وأن تتضمن المناهج التعليمية:
- البناء الإيماني للمناهج، بحيث تأتي محتويات المنهج وموضوعاته مع الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها.
- أن نعمل على التوحيد بين المفاهيم والقيم المتعلمة والممارسة وفق منهج يربط الاثنين بقيم السماء.
- أن تعمل المناهج على تقوية الشعور بالمسئولية تأكيدا لقوله r : “ فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته “. وقوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فأولئك هم المفلحون) ([49]).
- الأخذ بأسباب العلم والتقنية، ومن أجل توظيف العلوم الطبيعية لاسعاد الناس في حياتهم المادية والروحية، وتوظيف العلوم الاجتماعية والإنسانية لتطوير الحياة والبيئة، فليس هناك فصل بين العلم وتقنياته وحياة الناس في الدنيا وتوجهها نحو الآخرة. ويجب أن نبعث في نفوس الشباب حب الاستطلاع والاكتشاف والاختراع من أجل سعادة الناس جميعا بعد أن تسلحنا بالإيمان القوى([50]).
- توسيع مفهوم الدولة وأمنها، حيث تعتبر الدولة النمط الاجتماعي الذي ألفه الناس وتعارفوا عليه، أنه نظام يحمي الأفراد والجماعات من بعضها ومن غيرهم في شكل أسس تنظيمية وقانونية وإدارية وخدمية. كما يؤكد مفهوم الدولة على التماسك الاجتماعي بين الجماعات والأفراد وتعميق مفهوم السيادة الوطنية والمحافظة على هوية الوطن ونظمه وقوانينه وتماسكه وقيمه، وهذا يتطلب التبصير بنظم وقوانين الدولة ومسئولية العامة للمجتمع، والمحافظة على ثروات الدولة مسئولية الجميع منها بما يخدم المصالح العامة للمجتمع، والمحافظة على الدولة من الغزو الفكري والاقتصادي والسياسي([51]).
دور التعليم في مواجهة أخطار العولمة وآثارها الأمنية (نظرة مستقبلية):
إن النظام التعليمي الذي نستطيع أن نحافظ به على هويتنا، هو التعليم الذي يعمق الهوية ويغرس الانتماء والولاء للوطن ثم للأمة الإسلامية، وفي الوقت نفسه المحافظة على أمن المجتمع من أخطار العولمة، هذا التعليم الذي ننشده لابد أن يقوم على الركائز التالية في المستقبل المنظور:
- تربية الهوية وتعميق الانتماء: إن الاختراق الثقافي، يتطلب من النظام التربوي أن يؤدي دوراً أكثر فاعلية في تعزيز الهوية وتعميق الانتماء والاعتداد بثقافة الأمة، كما يلزم ترسيخ عقيدة الإيمان بالله وترسيخ أن الإسلام منهج شامل للحياة في جميع جوانبها([52]).
- تربية المسئولية الاجتماعية: من خلال تعزيز وتنمية شعور الناشئة بالمسؤولية الاجتماعية وذلك من خلال حس الفرد، وشعوره وتأكيد دوره ومسئوليته تجاه المجتمع. والمسؤولية الاجتماعية تنمو عند الفرد من خلال إدراكه لعقيدة الأمة وتاريخها وتشرب ثقافتها وقيمها وبذلك يكون التأكيد على تكثيف التربية الإسلامية والمعارف التاريخية والجغرافية من أولويات النظام التربوي لتعزيز ارتباط الفرد بالمجتمع والوطن([53]).
- التربية الشورية: إن التربية الشورية خيار لا مناص منه في عصر العولمة وتدفق المعلومات واتساع شبكة الاتصال، ومن ثم لابد أن تتلاشى كل مظاهر التربية التسلطية، وأن تصبح العلاقة داخل مؤسستنا التعليمية قائمة على التقدير والاحترام والحوار. والتربية الشورية مطلب شرعي وحق فطري وهو شرط أساسي لرعاية الإبداع والتشجيع عليه، كما أنها مطلب أمني من أجل مشاركة الجميع في حفظ الأمن والنظام داخل الدولة.
- تربية الإعداد للحياة: من سمات النظام التربوي الناجح أن يُعد الفرد للتأقلم والتكيف مع المتغيرات الثقافية والاجتماعية، والذي يزود أفراده مهارات التفكير المنظم، وأساليب فهم المشكلات وعلاجها. وتحسين مخرجات التعليم يُعد جزءا وقائيا يوفر على المؤسسات الأمنية كثيراً من طاقاتها ونفقاتها.
- تربية الإبداع: فالثورة المعاصرة هي ثورة معلومات وتعتمد على العقول البشرية المتفوقة التي تستطيع أن تولد المعلومات حول شؤون الحياة، ودون رعاية هذه العقول وتحسينها لا تستطيع الصمود في عصر العولمة.
- تربية الترابط والتكامل: من المهم أن تسعى التربية الناجحة إلى تنمية وتعزيز العلاقات والمشاعر، وأن تعزز علاقات التكامل والتساند والتآزر بين أبناء الأمة، ومثل هذا الاتجاه يعمل على تعزيز الهوية والاعتداد بها ويُحد من آثار العولمة الاقتصادية والثقافية والأمنية.
- وحدة المناهج: أن توحد المناهج التعليمية، يسهم في تخريج أجيال قوية، تنتمي إلى الأمة، وتعطي ولاءها الكامل لها. وقد أثبتت الأحداث التاريخية، أن بعض خريجي المدارس الأجنبية والمناهج الوافدة هم قادة حركات التمرد، وهم الذين يشنون الحملات على الثقافة الوطنية.
- تربية البحث العلمي: إن صياغة مشروع حضاري يستلزم من أبناء الأمة دراسة المشكلات ومواجهتها، وذلك يعني إعداد أفراد يتقنون مهارات البحث وفن التعامل مع المعلومات وفق منهجية علمية تهتدي بالتصور الإسلامي، مما يتطلب قيام النظام التربوي بإعداد الطاقات الفكرية القادرة على دراسة الواقع وتحليل الأحداث استنباط المعالجات في ضوء الخصوصية الثقافية([54]).
وبذلك يمكن للدول الحفاظ على وحدتها وبقائها في عصر العولمة، ومن خلال التسلح بالأدوات والوسائل التي استخدمتها العولمة للهيمنة والسيطرة، وهذا يقتضي تطوير نموذج حضاري منبثق من فلسفة الأمة الإسلامية وخصوصيتها الثقافية، مستفيدة من التقدم العلمي والتقني في تحقيق أمنها واستقرارها.
تصور مستقبلي للتوعية الأمنية في المناهج الدراسية:
هناك علاقة واضحة بين مفهوم “ التوعية الأمنية “ و “ مفهوم التربية “، فالتربية تتميز بأنها عملية اجتماعية توائم بين متطلبات الفرد وقيم المجتمع ومعاييره، وأهم الوسائل التي تؤدي بها التربية دورها – في هذا المجال – هي المؤسسات التعليمية والمناهج الدراسية، ومن ثم كان من المهم وضع تصور مستقبلي لتطوير التوعية الأمنية بالمناهج الدراسية بحيث يكون مكثفاً وقوياً ويتناسب مع ما يواجهه مجتمعنا من تحديات أمنية كبيرة. كما لابد أ يكون هذا التطوير متنوعا ومؤثرا ومتدرجاً في تناسب مع إمكانيات الدارسين وقدراتهم الإدراكية ومسايراً لبيئة المجتمع وثقافته وتراثه، وقادرا على التصدي للقيم الأمنية السلبية التي صاحبت التغير الاجتماعي([55]).
وهناك مجموعة من القيم الأمنية يمكن أن تصبح في المستقبل أساسا لتطوير المناهج مثل:
“ الاستقرار الاجتماعي – الطمأنينة على النفس والمال والممتلكات – الأمن في التنقل والسفر – الأمن من الكوارث والأمن البيئي – استقرار الأوضاع الأمنية – الأمن على الأموال – الالتزام بالانظمة – الاستقامة – الاهتمام بخير وسلامة الآخرين – طاعة ولى الأمر – الالتزام الخلقي - الحذر – إغاثة الملهوف –التسامح – التحمل وضبط النفس – الأمن الأسري وتماسك العائلة “.
ومن المقترح أن تقوم السياسة التعليمية في المستقبل على مجموعة من المبادئ الرئيسية والتي تتلخص في الآتي:
- تربية المواطن وتنشئته تنشئة إسلامية قويمة، وفق المقومات والقيم التي تتضمنها العقيدة الإسلامية.
- تعزيز الانتماء الوطني، والهوية الوطنية والذاتية الثقافية العربية والإسلامية وترسيخ مبدأ المسئولية المجتمعية.
- التعليم من أجل العمل النافع المنتج، بحيث يتم ربط المتعلم بالواقع الاقتصادي في جوانبه وأبعاده المتعددة، وتنويع فرص التعليم وتطورها، مع التعليم للإعداد للمستقبل بما يتضمن تعميق دراسة العلوم والرياضيات واللغات واكتساب المتعلمين المهارات اللازمة والتفاعل الإيجابي للتعامل مع معطيات المستقبل وتكسبه المهارات التي تعينه في الاعتماد على النفس.
- كيفية التعامل مع المستجدات الأمنية وسبل مواجهتها من خلال تحديث المناهج بما يتلاءم والمستجدات المعاصرة والتحديات المستقبلية، ومواجهة الإرهاب الفكري وظاهرة ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية وأن تضم المناهج دراسات ميدانية مبسطة تكون في شكل مشروعات تضع الحلول المناسبة لمشكلات اجتماعية معينة مثل ظاهرة العنف والانحراف والتفكك العائلي والمخدرات وغيرها.
- الاستفادة من الاستراتيجيات المطروحة من خلال المنظمات المتخصصة حول تطوير التعليم والتربية، وتوظيفها وتجسد واقعيا مدلول الأمن الشامل وتحقيق المواطنة الصالحة التي نسعى لبلوغها([56]).
التوعية الأمنية في المناهج الدراسية (نظرية مستقبلية):
1- من حيث الهدف المنشود. يجب أن تأتي تلك المناهج في إطار مفهوم التربية المستمرة ونعني بالتربية المستمرة في هذا السياق، أن التربية الأمنية عملية شاملة، تبدأ بالتعليم الأولي (الأساس) وتستمر مدى الحياة بصورة وأشكال متنوعة ومتعددة، منها التعليم العام الذي يمتد حتى نهاية التعليم العالي ومنها التدريب في مراكز التدريب أو في مواقع العمل والإنتاج، ومنها التعليم عن بعد ... الخ. وبحيث لا يقتصر دراسة وتعليم هذه المادة على مرحلة معين من مراحل التعليم، ولكن تأتي في إطار تعزيز الانتماء والمواطنة لدى الأفراد وإذكاء الشعور بالاعتزاز بالوطن والتعليم والثقافة الوطنية.
2- من حيث المحتوى: التركيز على تعلم الطالب مبادئ وأساسيات المواطنة الصالحة وحب الانتماء للوطن وروح التضحية وطرق ووسائل حماية نفسه وماله وعرضه، ومخاطر وعواقب بعض الأفعال غير المشروعة وبتسلسل منطقي.
وبناءاً على هذه الأهداف يمكن أن نبحث موضوع التوعية الأمنية في المناهج الدراسية وفقا للأسس الآتية([57]):
- توضيح مفهوم التوعية الأمنية والبعد الأمني للتعليم والخروج بمفهوم شامل حول معنى المواطنة.
- تحديد الأسباب والمبررات التي تدعو إلى ضرورة إدخال مادة التوعية الأمنية بمناهج التعليم العام وخاصة بالمرحلة الثانوية.
- تحديد الأهداف التربوية التي يجب أن تقوم عليها التربية الأمنية.
- إدخال موضوعات متخصصة في المجال الأمني إلى منهاج التربية الوطنية.
- توضيح علاقة التربية الأمنية بالمناهج التعليمية الأخرى.
- مناقشة الأساليب والطرق التدريسية التي يمكن من خلالها تعليم هذه المادة، وأن تأتي التوعية الأمنية ضمن مواضع مادة التربية الوطنية والتي يمكن أن تشمل على([58]):
- التعريف بكيفية نشأة القوانين والأنظمة المعمول بها في المجتمع.
- بعض الظواهر الخاصة بمشكلات الجريمة وخاصة الجريمة الإرهابية التي يعاني منها المجتمع حالياً.
- التعريف بأهداف الإرهاب ومخاطره وتهديده للأمن الوطني للأمة.
- التركيز على السلوك والواجب اتباعه في مختلف المواقف الأمنية، والتوعية من خطر الوقوع ضحية لبعض الجرائم أو الحوادث.
- التعريف بجهود الأجهزة الأمنية ودورها في خدمة أمن المجتمع، والتأكيد على أهمية تعاون المواطن وتفهمه لجهود الأجهزة الأمنية، وكذا تعريف المواطن بدوره الهام والمتميز في المحافظة على مسرح الجريمة وبيان كيفية مساعدة رجال الأمن في المحافظة على هذا المسرح. مع التعريف بالجهات التي يمكن يلجأ إليها ذلك المواطن للإبلاغ عن أية جريمة يعلم بها أو يشاهدها.
- وضع تصور يعيد الطرق السياسية التربوية من منطلق التحولات الكبرى التي طرأت على المجتمع مع اعتماد التغير المرحلي ابتداءً من الأقسام الدنيا للمنظومة التربوية، ولكن دون إرهاق التلاميذ والمربين ببرامج مكثفة ومثقلة، مع إدراج مادة النقد في مقررات الدراسة لإكساب الطالب آلية التقدير التلقائي لخصوصيات الآخرين وخصوصيات أعمالهم وأفكارهم.
- كما يجب أن نضع في الاعتبار – وفي ظل عصر العولمة – أن التعليم لم يَعُد حكراً على الدولة، بل صار في متناول أطراف عديدة تختلف أهدافها وغاياتها، كما لم تعد له في عصر الإنترنت حدوداً ولا حواجز، بينما الأمن الذي هو أسمى وظائف الدولة يمكن أن يخترق من خلال التكنولوجيا المتقدمة، وبالتالي يتطلب تغير بعض صيغ المناهج لتضمن كل ما هو جديد في عصر التقنية الحديثة من معدات وأجهزة وبرامج، وحتى يتسنى مواجهة الجريمة والإرهاب بنفس الأساليب وفي إطار الدقة والسرعة واستخدام دعائم التقدم.
- زيادة الاتصال الإيجابي بين رجال الأمن والجماهير من خلال خدمات مدنية وإدارية واجتماعية، مع تحسين في الفهم والعمل الداخلي بين المجتمع والشرطة، وتشجيع استخدام المواطنين النشطين ببرامج الوقاية من الجريمة([59]).
ثالثاً: دور المؤسسات الاجتماعية في إطار المسؤولية عن تحقيق الأمن:
تعمل المؤسسات الاجتماعية على إدخال المستجدات في أساليب العمل الاجتماعي، من أجل أن يرقى هذا العمل في توعيته وفي حجمه، وحتى تتمكن هذه المؤسسات من خلال أنشطتها وبرامجها على تصويب مسيرته الحياتية إذا ما اعترتها بعض أسباب القصور. كما تقوم هذه المؤسسات بحل القضايا والمشاكل الاجتماعية والتعاون مع المؤسسات الأخرى من أجل تحقيق أهدافها التي تتعلق بالأسرة والطفولة والدفاع الاجتماعي والإعلام والتثقيف الاجتماعي وغيرها والتي يمكن تناولها في الآتي:
1- في مجال الأسرة والطفولة:
إذا كان للمواطن دور أساسي في تحقيق الأمن والوقاية من الجريمة فإن دور الأسرة في هذا المجال أكبر وأعظم لأنها هي المؤسسة الأولى التي تحتضن الفرد منذ ولادته وحتى مراحله العمرية اللاحقة إن لم يكن حتى وفاته([60]).
حيث تقوم هذه المؤسسات بتقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية وتحقيق التنشئة الاجتماعية للطفل في كافة المجالات ورعاية أطفال الأسر التي تعاني من ظروف اجتماعية معينة ويتم ذلك من خلال([61]):
- برنامج الرعاية والتنشئة الاجتماعية المؤسسية لأطفال الأسر المفككة والأيتام مع تقديم الخدمات الغذائية والصحية والتدريبية.
- التنشئة الاجتماعية للأطفال في سن الحضانة من خلال إقامة الدور الخاصة بتقديم الرعاية لهم.
- تخطيط برنامج للإرشاد الأسري يتضمن مجموعة من اللقاءات والمحاضرات الدورات المتخصصة في المجالات الاجتماعية والصحية والتربوية، والتي تهدف إلى نشر الوعي الأسري وتعزيز الأمن الوقائي.
- إقامة برنامج للدراسات الاجتماعية للتأمين الصحي والإعفاء من نفقات العلاج، لمن هو في حاجة إلى الإعفاء.
2- في مجال الدفاع الاجتماعي (أو حماية المجتمع من أخطار الجريمة والانحراف) وتتضمن برامجها للآتي([62]):
- برنامج لرعاية الأحداث من خلال عمل برامج متنوعة تدفع عنهم أخطار
الانحراف.
- برنامج لتوفير الرعاية الاجتماعية والتأهيل المهني لكافة فئات الأحداث علاوة على برنامج آخر لمكافحة ظاهرة التسول والتشرد والذي يهدف إلى الحد من هذه الظاهرة داخل المجتمع وتقديم المساعدات لهم.
- برنامج الرعاية اللاحقة، والذي يهدف إلى حماية المجتمع من المشاكل المترتبة على ظاهرة العودة للانحراف، وتهدف إلى مساعدة الخريج من المؤسسات بعد تأهيله للعمل في المجتمع الخارجي وتغلبه على المشاكل التي تواجهه بعد عودته للمجتمع.
- تقديم الخدمة الاجتماعية للأسر المحتاجة بعد الوقوف على أوضاعهم الاجتماعية.
- برنامج لمكافحة المخدرات ويتم بالتعاون مع الدوائر المعنية الأخرى.
3- في مجال الإعلام والتثقيف الاجتماعي:
يعتبر الإعلام الهادف والتثقيف المستنير ركنان أساسيان للنهضة والتطور الحضاري ويعتمد على إثارة الوعي وتنوير الرأي العام وإدراك الجمهور لمسئوليته في فهم داع للواقع وتغييره إلى الأفضل، مع السعي إلى توفير الخدمة والتنمية والعمل الاجتماعي بهدف حفز الجهود الذاتية للأفراد وتوجيههم نحو المشاركة الفعالة في عمليات التنمية الشاملة المتكاملة، كذلك المساهمة في البرامج الوقائية للطفل والأسرة، وتهدف إلى([63]):
- نشر ا لوعي والثقافة الاجتماعية بمختلف الوسائل والأساليب والتي من شأنها إيقاظ الوعي والإحساس بالمسئولية الاجتماعية والواجب الوطني، مع غرس روح الانتماء الوطني واستنهاض الهمم والتأكيد على دور المواطن في التنمية والبناء، مع تعزيز ا لمشاركة الأهلية في إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات الاجتماعية والتصدي لها.
- تنفيذ برامج إعلامية وتثقيفية، وتنظيم الحلقات الدراسية والمؤتمرات والقيام بالحملات الإعلامية والتثقيفية الهادفة في المناسبات الاجتماعية.
- التأكيد على أهمية استخدام وسائل الاتصال وأساليب التثقيف الجماهيري، مع تعديل السلوك وتغيير الاتجاهات بما يؤدي إلى تعميق روح المشاركة وتنمية قيم الاعتماد على الذات والمساعدة في استخدام أدوات النقد المعرفية لتعزيز الاتجاهات الأمنية.
أساليب تحقيق الأمن الاجتماعي:
1- غرس التعاطف الاجتماعي:
حيث يحقق التعاطف الاجتماعي التكافل بين أفراد المجتمع، بما يحقق قدراً كبيراً من الأمن الاجتماعي، إذ يتولد عن التعاطف الاجتماعي نصرة المظلوم، ومد يد العون للفقير والمحتاج وتبصير الجاهل وتحذير الغافل، وكل هذه الثمار تؤدي إلى الحيلولة دون وقوع الخلل الأمني للمجتمع، لأن من أسباب الفوضى الأمنية الشعور بالظلم والجهل، مما يجعل الفرد يعمد إلى الإخلال بأمن المجتمع. ومنهج التربية الإسلامية يكون لدى اتباعه روح التعاطف والتراحم الاجتماعي، وأمة لا يسود بين أفرادها هذه الروح لا تكون لها حياة مطمئنة. والإسلام يحقق هذا التعاطف من خلال: الصدقة والزكاة وصلة الأقارب وتأكيد حقوق الجوار والإصلاح بين الناس وغيرها. قال r : “ المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا “([64]).
2- تهذيب المطالب المادية:
إن للإنسان مطالب مادية عديدة، كلما حقق جزءاً أو شيئا منها تاقت نفسه لأخرى، وهكذا تكون حياة الإنسان مليئة بالمطالب التي لا تنتهي، والإسلام لا يترك هذه المطالب دون توجيه، بل يضع لها الضوابط التي تهذبها وتجعلها تسير في الطريق المستقيم، إذ لو تركت لسيطرته الذاتية ، لأصبح يسعى وراء تحقيق مطالبه ولو على حساب أفراد المجتمع، فيغش ويسرق وينتهك الأعراض من أجل تحقيق شهواته، فالإسلام حرم عليه الزنا وحرم عليه الخبائث وأباح له الطيبات وأوجب عليه عبادات، وبالطبع إذا أهملت هذه المطالب دون توجيه لها، أخلت بقوى الفرد وبالتالي يختل توازن المجتمع.
3- الوعد والوعيد:
تعتبر الآمال مرتكزاً توجيهيا لسلوك الإنسان، لأنه عمله الدؤوب من أجل تحقيق رغبات وآمال، أما ليصد بها بعض ما يتخوف منه كالفقر والألم أو لجلب منفعة يتوخاها. وقد يكون ما يتخوف منه متعلق بأمور دنيوية أو أخروية، والمنهج الإسلامي يربط بين هذه المشاعر الفردية وبين المستقبل الأخروي الذي ينتظره الإنسان. والمنهج الإسلامي حافل بما يرغب اتباعه على طاعة الله تعالى ويبعدهم عن الطغيان وأخذ أموال الناس بالباطل. وتضمن الشريعة الإسلامية ما يرغب الإنسان في الخير والبعد عما يؤدي إلى زعزعة أمن المجتمع.
4- فتح سبل التوبة:
يعتمد المنهج الإسلامي في أساليب التربية على مد يد الأمل للمنحرف حتى يصلح حاله، ويعود إلى رشده، فيقلع عن عصيانه وتحرره، وهذا الأسلوب له أكبر الأثر في تحقيق الأمن الاجتماعي لأن التوبة تفتح أمام الإنسان آمال عظام وتنقذه من الشر والعدوان إلى مساحة الأمن والاطمئنان، مما يؤكد لنا أهمية العناية بالمناهج الدراسية التي تشتمل على منهج التربية الإسلامية ليتحقق الأمن والرخاء الاجتماعي.
5- التأنيب والعقوبات:
من ضروريات تحقيق الأمن الاجتماعي وجود العقوبات التي تردع من لم يتعظ بالموعظة والقدوة والترغيب والترهيب، ولا يمكن لهذه العقوبة أن تؤتي أكلها إلا إذا اتصفت بمواصفات تربوية مثل:
- أن يكون مصدر العقوبة من جهة عالمة بالنفس البشرية وبالعقوبة التي تصلحها.
- أن تتصف العقوبة بالعدل، لأن العقوبة لا تكون رادعة إلا إذا كانت عادلة.
- عدم المحاباة في تطبيق العقوبات، لأن ذلك من شأنه إفساد المجتمع.
دور الجمعيات الأهلية في تحقيق الأمن الجماعي:
تسعى الجمعيات الأهلية المنتشرة في بعض الدول إلى مكافحة الجريمة بشتى صورها وأشكالها م خلال تلمس أسبابها ومدى انتشارها بين الأعمار والمراحل، وتدارك ذلك بالعلاج الناجح والوقاية من وقوع الجريمة، كما تعمل في نفس الوقت على معالجة المشاكل الأسرية، والبحث عن الأساليب التي تؤدي إلى السلوك الانحرافي ومن ثم العمل على تقويمه.
كما تقوم المجتمعات الأهلية بتوفير الدعاة الذين يقومون بدورهم في المجتمع، وذلك من خلال غرس مفاهيم الإسلام الاجتماعية، وترسيخ قيم الخير ومعاني التعاون مع الآخرين وبالطبع يؤدي ذلك إلى جعل العلاقات الاجتماعية أكثر شفافية
مع الإحساس بالاتصال والتضامن لمواجهة أعباء الحياة ومسؤولياتها تنفيذا لقول الرسول r : “ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته “([65]).
أساليب مقترحة ويمكن أن تتم في المستقبل المنظور
( في إطار رسالة الأمن مسؤولية الجميع):
يمكن من خلال بعض النماذج الاستفادة من الزخم الجماهيري في دعم الأجهزة الأمنية عن طريق المعلومة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتأمين والحماية للمواطنين وممتلكاتهم من خلال الجمعيات والهيئات والمنظمات الأهلية والشبابية وتنظيمات المجتمع المحلية ومثال ذلك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

المؤسسات المجتمعية والأمنية  رؤي مستقبلية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المؤسسات المجتمعية والأمنية رؤي مستقبلية   المؤسسات المجتمعية والأمنية  رؤي مستقبلية Emptyالأحد أكتوبر 26, 2014 2:02 pm

1- المجالس التشريعية:
والتي تتكون من رؤساء المنظمات الأهلية والشبابية وغيرها، لدراسة الوضعية الأمنية القائمة من خلال الإحصائيات التي تقدم من واقع الإمكانيات والوسائل المتاحة لأداء العمل الأمني ومدى كفايتها من عدمه، والعمل على تحسين العلاقة بين رجال الأمن والمواطنين، وتوفير الدعم والإمكانيات للأجهزة الأمنية عن طريق السلطة المحلية والمنظمات المعنية الممثلة في هذه المجالس.
2- مشروع رجال الأمن المجتمعي:
يقوم هذا المشروع على إحساس رجال الأمن بأنهم مكلفون من قبل المجتمع بالسيطرة الفعلية على الجريمة والانحراف، مع تشجيع الجمهور والمنظمات الأهلية والشبابية والمجتمعات المحلية على المشاركة في إنجازها وتحقيق علاقات مهمة بين رجال الأمن والمواطنين ويقوم هذا المشروع على أساس قيام الأهالي الراغبين في تنفيذ برامج حراسة المباني والمؤسسات مع تقديم المشورة للمواطنين لحماية أنفسهم وممتلكاتهم، مع التعريف بالجريمة من خلال المدارس والنوادي وكافة التجمعات الأهلية([66]).
3- مكافحة الجريمة اعتماداً على الدور الوطني:
ويتم من خلاله عرض أسماء المجرمين المطلوبين والقضايا المجهولة، حتى يتسنى لكل مواطن لديه معلومات أن يقوم بالإخطار الفوري، ويتم تقديم مكافآت مالية مجزية مع الاحتفاظ بسرية اسم المبلغ، وهذا الأسلوب اعتبره من جهة نظري من أنجح الأساليب في تقديم معلومات والقبض على المجرمين.
4- مشروع ضباط الاتصال:
ويقوم على أساس اختيار ضباط مؤهلين في الجوانب الاجتماعية والنفسية، للاتصال بأولياء الأمور ومديري المدارس والجمعيات الأهلية للتعاون معاً لرصد الشباب الذين في طريقهم للانحراف والسعي لمعالجة أوضاعهم بأسلوب علمي تربوي بما يضمن تخليصهم من السلوك الغير سوي وإحالة غيرهم ممن تورطوا إلى عيادات لتتولى دراسة حالتهم قبل استفالحها([67]).
5- إقامة معسكرات للصيف للشباب:
وتتم بتعاون بعض أجهزة الدولة مع بعض الجامعات والمؤسسات الوطنية وتنظم للوقاية من جرائم الشباب في فترة الصيف خلال معسكرات صيفية، تستوعب أعداد هائلة من الشباب، حيث يتلقون برامج تعليمية وتثقيفية وتوعية توفر لهم جوانب الإرشاد للسلوك السوي وتنمي مهاراتهم وقدراتهم وشغل أوقات فراغهم.
رابعاً:   دور وسائل الإعلام والاتصال في تحقيق الأمن بالتعاون مع الأجهزة والمؤسسات الأخرى في إطار تحقيق الأمن المستقبلي:
الواقع أن هناك علاقة قوية بين تحقيق الأمن والإعلام، خاصة وأنها ركيزتان أساسيتان في تحقيق الأمن ا لوطني للدولة. فالأمن كما يعلم مفهوم سياسي عام وليس مفهوم شرطي يقوم على القمع ومنع الجريمة، ولكن الأمن أصبح حالة اجتماعية عامة، إن تحققت تحقق الأمن في ظلها. والإعلام له دور أساسي في تحقيق الأمن من خلال نشر الأخبار والمعلومات الدقيقة ومن خلال مخاطبته عقول الجماهير وعواطفهم والارتقاء بمستوى الرأي([68]).
ومن ثم فإننا نجد أن هناك تماثل وتطابق في بعض أدوار الإعلام والأمن، فكل منهما يستخدم أساليب التوعية والاتصال بالجماهير وتقديم المعلومات الصحيحة، بل ولهما هدفاً مشتركاً، هو حماية أمن الوطن والمواطن من الأخطار المحيطة، وفي الوقت نفسه التأثير على الفرد والمجتمع. فالوظيفة الأساسية للإعلام هو التوعية من خلال الأخبار من أجل المساهمة في بناء المواطن الصالح، وكذلك يقوم الأمن بالدور نفسه من أجل تربية النشء ونشر الفضائل ومحاربة الرذائل([69]).
كذلك فإن الإعلام والأمن يشتركان في العديد من اتجاهات التقارب، فكل منهما يستخدم النظريات الحديثة المبنية على تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، من أجل الحصول على المعلومات والأخبار وتحليلها للوصول إلى نتائج تفيد استراتيجية كل منهما في تحقيق الأمن الوطني للدولة من خلال درء الأخطار والتحديات كما يستخدم مهما أحدث الأساليب من أجل تبادل المعلومات وتوفيرها في الوقت المناسب، كما يمتلك كل منهما أجهزة منتشرة في كافة أنحاء الدولة من أجل متابعة الأحداث.
أهمية التنسيق بين الإعلام والأمن في إطار “ الأمن مسئولية الجميع “ في إطار النظرة المستقبلية:
إن ازدياد معدلات الجريمة وانتشار ظاهرة الإرهاب، علامة على انتشار الأمراض النفسية مع انتشار ظاهرة التطرف وظهور أفكار جديدة “ تضع الدين شعاراً لها والإسلام منها براء “، يكفرون هذا ويحكمون على ذلك بالقتل، وبالطبع فقد أضرت هذه الظاهرة بالدين وشوهت حقيقة الإسلام، بل وأضرت بالمجتمع، ومن هنا كان من المهم أن يقوم الإعلام برسالته لتوضيح الحق من الباطل، وإرشاد المواطن إلى اتجاهات هؤلاء القتلة للنيل من استقرار المجتمع وأمنه. ومن ثم كان من المهم التنسيق بين الإعلام والأمن من خلال تخطيط مشترك لمواجهة هذه الظواهر الغريبة عن مجتمعنا الإسلامي.
كذلك أدى تطور وسائل الاتصال، إلى تزايد معدلات الجريمة المنظمة وظهور أنواع جديدة منها، وبالطبع قد تؤدي انتشار هذه الظاهرة إلى جذب العديد للانضمام إلى منظمات الجريمة المنظمة، وهو بالطبع أمر يحتاج إلى مواجهة قوية من أجهزة ووسائل الإعلام.
وهناك أيضاً مخاطر الاختراق الثقافي والفكري في ظل عالم الفضائيات والإنترنت والعولمة:
ولا شك أن هذا الاتجاه يتطلب دور هام من الإعلام من أجل مواجهة هذا الاختراق والذي يؤدي إلى النيل من أمن الوطن والمواطن، ومن هنا كان من المهم أن يقوم الإعلام بدور رائد من خلال([70]):
-   تعميق الحضارة ا لفكرية لدى الأفراد وخاصة الأجيال الناشئة منهم، بزيادة التوجيه الفكري والديني وتقليل الإعجاب بحضارة الغرب، والسعي إلى تأكيد النظر إليها على أنها ثقافة دنيوية بعيدة عن النواحي الروحية التي تميز حضارتنا ويمكن إثبات جوانب القصور لهذه الثقافات من خلال التعريف بالوقائع التي تنقلها أجهزة الاتصال المختلفة والتي تتعلق بانهيار العلاقات الاجتماعية أو سيطرة النظرة  المادية البحتة على العلاقات بين الأفراد والمؤسسات.
-   السعي نحو تعميق الانتماء الحضاري الوطني وللشريعة الإسلامية من خلال الندوات واللقاءات التي يمكن أن تنظمها المؤسسات التربوية المختلفة، ومن خلال التوعية والدراما التي تبثها شبكات التلفزيون المختلفة، وأن يكون الهدف هو تحديد ما يمكن قبوله وما يمكن رفضه من ثقافة الآخرين.
-   الاهتمام بتقوية المؤسسات التربوية لكي تقوم بدورها الحضاري، من خلال فتح قنوات حوارية بين المؤسسات التربوية والمؤسسات الأمنية والتي يتم من خلالها عرض مجموعة من المشكلات الأمنية الناتجة عن التحديات الثقافية التي تواجه مجتمعنا.
وبالطبع سيكون للإعلام دور هام في نقل هذا الحوار من اجل تأكيد روح المسؤولية الفردية والجماعية والولاء للوطن وقيمه من أجل المشاركة للمحافظة على أمنه وسلامته، مع تقوية مسؤولية الأفراد والمجتمع تجاه الدولة ونظمها وقوانينها واحترامها والمشاركة في الحافظ عليها والإسهام في حماية أمنها.
-   تعزيز حركة البحث العلمي في مجال الاتصالات الفضائية والاستفادة من الخبرات الوطنية في هذا المجال، بغية وضع استراتيجيات العمل عبر الأقمار الصناعية من أجل مواجهة الغزو الثقافي الأجنبي، مع وضع البنى التحتية من أجل تأسيس صناعة إعلامية إلكترونية وفي إطار خطط التنمية الوطنية، مع تنسيق الجهود من أجل الاستفادة من تكنولوجيا الاتصال الفضائية.
وهناك أيضاً المخاطر الأمنية المترتبة على ثورة المعرفة والمعلومات:
فالتحديات الأمنية التي تواجهنا في عصر ثورة المعلومات، تتمثل في العديد من التحديات، أهمها التحديات الفكرية والثقافية، وهذا يتطلب إعادة بناء المؤسسات التعليمية بكافة مستوياتها من حيث الشكل والمضمون لرفع مستوى الأداء والتعليم الجامعي ومراكز البحث العلمي، وكذلك تطوير التشريعات الخاصة بحقوق الملكة الفكرية وحمياتها من الممارسات غير المشروعة ووضع ضوابط تنظيم وتبادل المعلومات عبر الحدود، خاصة بعد ظهور العديد من الجرائم الاقتصادية، وكذلك الممارسات المعلوماتية غير الأخلاقية عبر شبكة الإنترنت، مما يتطلب ضوابط أمنية جديدة تتمشى مع هذه المتغيرات، ومن هنا سيكون لأجهزة الاتصال والمعلومات دورها الهام بهذا الشأن للحفاظ على وحدة الأمة وأمنها.
دور الإعلام بالتعاون مع مؤسسات الدولة في مواجهة الجريمة والجريمة المنظمة:
لا أحد يستطيع أن يتجاهل دور الإعلام في التأثير على المجتمعات، حيث له دوره الهام في حل مشكلات الجماهير والقضايا التي تتصل بهم، وتعريق إدراك الجماهير لحجم التحديات الأمنية، وتوعية المواطنين بدورهم في الإسهام لحل مشكلات المجتمع.
والتلفزيون كأحد وسائل الإعلام، استطاع أن ينفذ إلى كل البيوت وإلى كافة طبقات المجتمع وأعمارها حيث يستطيع أن يغذي العقول بالعواطف والقيم الإنسانية السامية. ومن هنا كان من المهم أن يقوم الإعلام بدوره نحو نشر ثقافة مواجهة الجريمة والجريمة المنظمة بالتعاون مع إمكانات القطاعات المختلفة والأجهزة والمؤسسات الدينية والاجتماعية التي ينبغي أن تقوم بتشخيص مواطن الخلل والانحراف، ثم القيام بتوضيح المفاهيم الصحيحة للشريعة وما تنطوي عليها من قيم إنسانية من تسامح وتعاون بين البشر وإبراز الأحكام والمفاهيم ضد المنحرفين بالمجتمع وسبل التعامل مع المجرمين. هذا بالإضافة إلى مسؤولية المؤسسات الاجتماعية المتمثل في محاربة ظاهرة الفساد الاجتماعي ومحاربة إصلاح المجرم وإدماجه في الحياة الاجتماعية، مع توجيه الشباب الذي يعاني من مشاكل اجتماعية ونفسية وأن يأتي التوجيه من خلال استخدام أساليب ووسائل الإقناع من المتخصصين في هذا المجال.
وللإعلام دور هام في التوعية بمخاطر الجريمة المنظمة وأهدافها من خلال تحقيق أقصى قدر من الربح الحرام عن طريق الاتجار بالمخدرات والجرائم الاقتصادية وجرائم النقد وتزييف النقود وغسل الأموال والاتجار بالسلاح وغيرها، وكلها بالطبع تهدد المصالح الوطنية ومن ثم كان من المهم تكثيف دور الإعلام في توضيح([71]):
-   خطورة التهديد الذي تشكله العصابات الإجرامية للجريمة المنظمة، مع توضيح أهمية إنشاء مؤسسات وطنية تعني بالجريمة المنظمة وتمنح الصلاحيات المناسبة.
-   التأكيد على أهمية تطوير التشريعات التي تتمكن من مواجهة هذه الجرائم، مع توفير الأجهزة اللازمة لقيادة المعلومات بين الأجهزة المختصة.
-   التأكيد على أهمية إنشاء المعاهد المتخصصة للتدريب على منع الجريمة المنظمة ومكافحتها مع وضع أساليب محددة لإقامة حواجز قوية بين الأسواق المالية الشرعية وسوق رؤوس الأموال المتأتية بطرق غير مشروعة.
بناء استراتيجية إعلامية وقائية لمواجهة المخاطر الناجمة عن الجريمة والجريمة المنظمة بالتعاون مع الأجهزة المختلفة:
تشمل هذه الاستراتيجية كل أنواع الجهود التي يجب أن تبذل في نطاق الوقاية من الجريمة المنظمة، ومن الطبيعي أن تكون هذه الجهود في إطار سياسة عامة من أجل التخطيط التنموي الشامل للمجتمع. ومن المؤكد أن السلطات الأمنية والسلطات القضائية لا يقع عليها بمفردها عبء مقاومة الجريمة المنظمة، هي نتاج خلل في النظام الاجتماعي، ولا يمكن أن تعالج الأجهزة الأمنية هذا الخلل بمفردها، لأن مهنة هذه الأجهزة تبدأ بعد وقوع الجريمة.
كما لا يمكن أن تكون العقوبة في ذاتها، فالعقوبة أداة للردع والتخويف، ومن هنا تبرز أهمية وجود استراتيجية وقائية كوسيلة هامة من وسائل مواجهة الجريمة المنظمة ومنع انتشارها، وبالطبع سيكون للإعلام دور هام في بناء هذه الاستراتيجية من خلال تنفيذ مخطط إعلامي يؤدي إلى توظيفها بالشكل المناسب وتتمثل الخطوط العامة لهذه الاستراتيجية في الآتي:
-    التكوين الثقافي للمواطن: من خلال تكوين ا لمواطن تكويناً واعياً، بحيث يكون أكثر قدرة على الفهم ومن ثم يصبح سلوكه معبراً عن عمق إيمانه بقيم الفضيلة في المجتمع وتعلقه بالمثل العليا ويؤكد بعض علماء علم الإجرام أن ارتفاع نسبة التعليم يقلل من نسبة الجريمة، ولذا يجب أن يهتم بالتكوين الثقافي للفرد بمفهومه الاشمل بحيث يشمل بناء المثل العليا والإحساس بالمسؤولية الأخلاقية وتعميق قيم الخير([72]).
-    تنمية الوعي والسلوك الديني: وهو علم هام في تكوين شخصية اجتماعية، مع تعزيز مكانة الفضيلة في السلوك - باعتبار أن النفس بطبيعتها تميل نحو الفضيلة – ويمكن أن تسهم وسائل الإعلام بطريقة إيجابية من خلال تمجيد الفضيلة ونبذ كل أنواع الانحراف باعتباره وسيلة هامة للتوعية.
-    احترام حقوق الإنسان: حيث يعتبر احترام حقوق الإنسان من أهم وسائل الوقاية من الجريمة، فإذا شعر بالظلم اندفع بغير وعي للتعبير عن رفضه لذلك الظلم، وهو في اختياره للسلوك الإجرامي إنما يعبر عن حالة نفسية تجسد معاناته، ولا يجد وسلة للتعبير عن تلك المعاناة سوى بالانحراف والاتجاه نحو الجريمة، ومن ثم كان احترام حقوق الإنسان من أهم الوسائل المفيدة التي يمكن أن تساهم في تطويق ظاهرة العنف.
-    تطوير قوانين العمل والضمانات الاجتماعية: حيث يعتبر العامل الاقتصادي من أهم أسباب الجريمة، فالمجرم قبل ارتكابه للجريمة يجد نفسه مطوقا بظروف مادية قاسية، ومن ثم يزداد لديه الشعور بالحرمان، وعندئذ يندفع تلقائيا إلى السلوك الإجرامي.
وموقف الإسلام من إقرار مبدأ التكامل الاجتماعي عظيم الأثر في الوقاية من الجريمة، كما يجب أن تراعى الاستراتيجية الوقائية في مخططها المسلمات البديهية وتوليها كل الاهتمام من أجل مواجهة الجريمة (الجريمة المنظمة) ([73]).
دور الإعلام بالتعاون مع أجهزة الدولة لمواجهة ظاهرة الإرهاب في إطار تحقيق الأمن للجميع من خلال استراتيجية مستقبلية:
الواقع أن نقطة الانطلاق الرئيسية في مكافحة الإرهاب، تتطلب فهما واضحا لطبيعة الإرهاب والمخاطر التي يسببها داخل المجتمع، وبالطبع أصبح المجتمع بعد التفجيرات الأخيرة، أكثر إدراكا لمخاطر الإرهاب، ومن ثم عدم مهادنته، كما يجب أن يكون التصدي شاملا لكل أنواع الإرهاب، ويجب أن نضع في الاعتبار أن مكافحة الإرهاب ومواجهته لن تتم في إطار الأجهزة الأمنية فقط.
والإسلام كما هو معروف يبرأ ممن يحملون السلاح على الأمة، كما نهى عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، كما أكد الإسلام على حرمة النفس والمال والعرض، وما شرعت الحدود والعقوبات في الإسلام إلا لصيانة هذه الحقوق وحماية لحق النفس من العدوان، وقد شرع القصاص لذلك.
دور الإعلام الأمني في مواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف:
يعتبر النشاط الإعلامي الأمني على درجة كبيرة من الأهمية في ظل الاستراتيجية الأمنية الحديثة، من خلال تبصير الأفراد والجماعات بحقيقية الفكر المنحرف وكشف الأساليب الإجرامية، وفضح أهداف الخارجين على قيم المجتمع ومعاييره وتوضيح الأهداف الخبيثة لظاهرة الإرهاب والتطرف.
ويتطلب الإعلام الأمني تحديد الاحتياجات التي يمكن من خلالها توظيف واستخدام الإعلام من أجل مواجهة المخاطر التي تهدد الأمن الوطني للدولة، وفي مقدمتها ظاهرة الإرهاب، ومن ثم كان لابد للإعلام الأمني أن يقوم بتوظيف وسائله بما يمكن الدولة من مواجهة هذه الظاهرة من خلال محورين:
الأول (داخلي): العمل على تنمية المجتمع وتنظيم قدراته للمساهمة في مواجهة هذه الظاهرة وفي الوقت نفسه توعية الشعب وإثارة حماسه للتعاون مع أجهزة الأمن لإحباط مخططات هذه الظاهرة.
الثاني (خارجي): بالحصول على المعلومات اللازمة لإحباط المخطط الخارجي الداعم لعناصر الإرهاب.
هذا ويعتبر النشاط الإعلامي على درجة كبيرة من الأهمية في ظل الاستراتيجية الأمنية الشاملة والحديثة، وهذه الاستراتيجية لا تكتفي بملاحقة المنحرفين والإرهابيين الذين يعثون في الأرض فساداً ويرعون الناس، وإنما أصبحت تأخذ بعداً آخر يشتمل على الدراسة والتحليل لكافة المتغيرات الإقليمية والعالمية وأثرها على مستقبل الأمن الوطني، والتحرك من أجل مواجهة سلبياتها وتأثيرها على أمن الوطن والمواطن كما أن التركيز على الأمن ومواجهة قوى الإرهاب، أصبحت ضرورة حياة ووجود، لأن الأمن يجعل الإنسان مطمئن على نفسه وماله وعرضه، وهو الدرع الذي يوفر المناخ للإنتاج والإبداع الفكري.
فالإعلام من خلال إسهامه في تحقيق الأمن ومواجهة الفكر الإرهابي والتطرف، يعتبر الركيزة الأساسية، التي توفر الحماية وتمهد الطريق للنمو الاقتصادي والاجتماعي وحماية المال العام من الانحراف وكذا حماية الشباب من الانحراف أو الإقبال للانضمام إلى صفوف المنحرفين والإرهابيين([74]).
ومن ثم كانت أهمية الاستراتيجية الإعلامية لمواجهة الإرهاب والتطرف من خلال:
-    رصد ظاهرة الإرهاب من أجل التوصل إلى مصادر التمويل وأسلوب تجنيد الاتباع وبناء النظم والحصول على الأسلحة وتسلسل تمرير الأوامر.
-          رصد الأنشطة الإرهابية وتحليل مدلولاتها، لإمكانية التوقع والتنبؤ بها لمكافحتها.
-    استمالة الرأي العام للاتجاه المعاكس للإرهاب، عن طريق تشجيع روح الاعتدال والوسطية والحوار الهادئ والمناقشة الموضوعية للآراء المخالفة، مع إتاحة الفرصة الكافية للتعبير عن مختلف الآراء، وتشجيع الحوار ومناقشة القضايا الهامة مع المسؤولين، وإطلاع المواطنين على حجم المخاطر الناتجة عن ظاهرة الإرهاب ومدى التأثير على المجتمع بكافة أنشطته ونشر المعلومات الصحيحة عن ظاهرة الإرهاب والتطرف، حتى يمكن توعية المواطن باتخاذ كافة التدابير الوقائية، مع عدم إتاحة الفرصة للإعلام المعادي من أجل تضخيم الأحداث وترويج المعلومات الكاذبة التي يحقق من ورائها أهدافه الدعائية والنفسية، كما أن النشر الصحيح يتيح الفرصة للتعرف على الأخطار وبالتالي العمل على تفاديها، كما أن نشر صور الإرهابيين في الصحف ووسائل الإعلام المرئية يساعد على عمليات الضبط ويدفع المواطنين لتقديم المعلومات اللازمة لمحاصرة هذه العناصر والقبض عليها. وهذه الوسيلة من أنجح الطرق التي قامت بها الجهات الأمنية في المملكة في العمليات الإرهابية الأخيرة.
-    كما يمكن من خلال الإعلام قياس اتجاهات الرأي العام تجاه الجماعات الإرهابية وتأثيرها على المجتمع، وأسلوب مواجهتها، ومن ثم وقوف المواطنين إلى جانب أجهزة الأمن لمواجهة هذه الظاهرة والإبلاغ عن المشتبه فيهم.
-    كما أن نشر الجهود الأمنية – من خلال وسائل الإعلام – من شأنه أن يردع كل من تسول له نفسه القيام بمثل هذه الجرائم، لعلمه مقدما أن فرصة الإفلات من العقاب تبدو مستحيلة. كما يمكن من خلال الإعلام توضيح الأنظمة والقوانين والعقاب الذي سيواجه هؤلاء المنحرفين.
-    السماح بانسياب وتدفق المعلومات الصحيحة للمواطنين وبأسرع وقت للحيلولة دون التأويلات والتكهنات ، كما يمكن إطلاعهم على حجم المخاطر التي تطرحها هذه التحديات، بالإضافة إلى حث المواطنين على اتخاذ المواقف المتعاونة مع الأجهزة الأمنية ضد عناصر الإرهاب، الذين يشكلون خطرا على مسيرة المجتمع وأمنه، ومن ثم تعميق علاقة المواطن بالسلطة والمشاركة في الأحداث وصنع القرار.
خامساً: أجهزة الأمن ودروها في تحقيق الأمن العام في إطار المسئولية للجميع ونظرة مستقبلية:
قد يكون أهم ما يواجه المؤسسة  الأمنية ما تشهده اليوم من تطور صناعي وتقني واجتماعي وربط إلكتروني للعالم من خلال شبكات المعلومات والفضائيات والإنترنت، وانتشار المدن الكبيرة والعشوائيات السكانية، قد جعل من الصعب تحقيق الأمن بأجهزة رسمية محدودة العدد والعتاد والأهداف في ظل ظروف أمنية عالمية وإقليمية متغيرة ومتعددة، كل تلك المتغيرات استدعت تحولا جذريا في مفهوم  الأمن العام، تجاوز كثيراً معوقات الفكر التقليدي إلى آفاق بعيدة لا تقف عند حد. وأكثر من هذا، فنحن نشهد يوما بعد يوم تبعات ومسؤوليات تضاف إلى أجهزة الأمن لدرجة لم تعد تمثل واجبات هذه الأجهزة التقليدية سوى جزء يسير من واجباتها إذا ما قورنت بالكم الهائل لمجمل ما تقوم به، والذي يكاد يحيط بشتى مجالات الحياة الإنسانية، حيث أن المفهوم الأمني المعاصر للأمن، لا يلقى ولا بأي حال الدور التقليدي لأجهزة الأمن أو يجرد الأمن أهميته، فستظل مقاومة الجريمة هاجس رجال الأمن وواحداً من اهتماماتهم، على أن هذا الدور سيوظف لخدمة الفكر المعاصر، الذي يرى فيه الوظيفة الشرطية مجالا رحبا لحماية الإنسان والفكر والمؤسسات والمجتمع من كافة  الأخطار.
كما أن الخارج على قيم المجتمع، مهما كانت تجاوزاته سيحظى بالحماية لما يعنيه ذلك من تطور مفهوم العقوبة من مجرد رد فعل انتقامي يسعى للنيل من المجرم والتنكيل به، إلى إجراء احترازي يستهدف أولا وقبل كل شيء الإصلاح والتهذيب لتهيئة فرص العودة إلى حظيرة المجتمع معافى من خطر الانزلاق إلى طريق الجريمة أو العودة إليها.
ولذلك نشطت أجهزة الأمن في المؤسسات الحديثة، على استقطاب جهود المواطنين من خلال ما تقوم به من أنشطة بهدف كسب ثقة واحترام المواطن وحقه على أن يقوم بدور إيجابي يضيف إلى جهود رجال الأمن ويكسبهم دعما ليس له حدود، ليتمخض عن هذا التعاون الإيجابي بين المواطن المستفيد الملتزم بدوره في الحافظ على أمن المجتمع، ورجل الأمن المسؤول القادر على تفهم طبيعته وواجباته وحدود مسؤولياته وأهمية أن يكون المواطن إلى جانبه، حيث أن أمن المجتمع لا يتحقق إلا بالإجراءات التقليدية المتعلقة بمقاومة الجريمة في حدود الاختصاصات التقليدية لأجهزة الأمن، وإنما يتطلب من أجهزة الأمن أن تدخل في اعتبارها  جميع المتغيرات التي طرأت على ساحة العمل الأمني من أجل تعزيز دورها ومكانتها، وصولا إلى الأهداف الاستراتيجية التي تعمل من أجل بلوغها على مستوى الدولة([75]).
صياغة معادلة أمن متوازنة بين الأجهزة الأمنية والجمهور:
لقد أثمر التعاون بين أجهزة الأمن والمواطنين، إلى ضرورة صياغة معادلة متوازنة للعلاقة التي يجب أن تكون بين الأجهزة الأمنية والجمهور في إطار توفير وكفالة أسباب أمن المجتمع، الذي لم يعد حكراً على الجهات الأمنية. ومن الطبيعي أن تشارك جهود المواطنين في صياغة معادلة الأمن إذ أريد لإجراءات الأمن أن تصل إلى غاياتها المنشودة، وذلك لن يكون إلا بتوثيق العلاقة مع المواطنين، وكذلك الارتقاء بإدراك المواطنين أو تدعيم الوعي الأمني لديه.
ولصياغة تلك العلاقة المتوازنة التي يجب أن تكون بين رجل الأمن والمواطن، كان لابد من وصول طرفي المعادلة إلى قدر معين من المعرفة والتعليم، يكفل إدراك هذه العلاقة، مما يؤدي بالتالي إلى الوصول للغاية المنشودة من حفظ أمن المجتمع وبالتالي تنفيذه ممثلا بأفراده، من ممارسة حياتهم وحفز طاقتهم وعقولهم إلى الإبداع والخلق.
مؤسسات العلم والتعليم ومساعدة الأمن لخدمة أهدافه وفي إطار التقدم التكنولوجي الحديث:
لا يخفى على أحد ما وصلت إليه العلوم الأمنية من تقدم واستخدام للتقنيات الحديثة، بحيث أصبحت أجهزة الأمن تتعامل مع أكثر التقنيات الحديثة اتقانا وتعقيدا، وأصبحت المعارف العلمية والمهارات التقنية والأجهزة والمعدات الخاصة بها، ابتداءً من وسائل الاتصال ومروراً بوسائل الدفاع والمهارة التدريبية للتعامل مع المعدات الحديثة وبشبكة اتصالات متقدمة، كل ذلك جعل الجهاز الأمني يتسلح بالمعرفة والتقنية والتأهيل والتدريب في أرقى الجامعات والكليات في الأجهزة الأمنية، في مختلف المجالات، سواء في المجالات التقليدية التي تتمثل في ضبط الجريمة بعد وقوعها، أو في الجانب الوقائي المتمثل في منع ا لجريمة قبل وقوعها.
والتحقيق الجنائي يعني كشف الحقيقة، وهو ما يعني أيضا استخدام كافة الوسائل المشروعة التي لا تتناقض مع حقوق الإنسان وحفظ كرامته من أجل الوصول إلى الحقيقة لكشف الجرائم وشبكات التخطيط لهذه الجرائم.
كذلك فإن العمل أمنيا مع جمهور مثقف ومتعلم يعرف ماله وما عليه، أمر غاية الأهمية وبغيابه يعجز الجهاز الأمني عن تحقيق أهدافه، فبوجود المواطن الواعي المدرك يستطيع رجل الأمن أن يتحرك بفعالية أثناء قيامه بعمله الأمني، ويصبح المواطن عونا ويداً أخرى للأمن عن طريق وعيه وحسه الأمني الذي خلقه التعلم.
مشاركة الجماهير في تحقيق الأمن الشامل من خلال التلاحم مع أجهزة الأمن وتأصيل الوعي الأمني لدى المواطن:
تبعا لمضامين الأمن الشامل، الذي يستهدف إقحام الجماهير والمنظمات والجمعيات والهيئات الأهلية لتعمل جنبا إلى جنب مع الأجهزة الأمنية المناط بها العمل الأمني بمختلف مسمياته وتشعباته، فإن الأمر يحتاج إلى توعية الأفراد وإرشادهم إلى المخاطر الناجمة عن الإجرام والانحراف وبيان حجم التعديات والأضرار وتأثيراتها في مجالات التنمية وتطور المجتمع، وبيان الجهود الأمنية المبذولة، وما توصلت إليه من نتائج إيجابية وما تحتاجه من دعم ومؤازرة حتى تتحقق الفاعلية في عمليات الوقاية والمكافحة بجهود جماعية ومجتمعية، قادرة على تحقيق ما نصبوا إليه من أمن وأمان وطمأنينة واستقرار([76]).
والوعي الأمني هو إدراك المواطنين والهيئات المجتمعية، لمخاطر الإجرام والانحراف وتأثيراته على الأفراد والجماعات، وتثمين الجهود المبذولة من الأجهزة الأمنية المختصة وإسهامهم طوعيا في دعمها ومؤازرتها، باتخاذ إجراءات للوقاية والتصدي والتحصين الذاتي، بما يضمن تحقق مضامين الأمن الشامل([77]).
والوعي الأمني لا يتحقق إلا من خلال إدراك المرء لما يحيط به إدراكا مباشرا سواء بالمعايشة أو من خلال معلومات وبيانات إحصائية دقيقة، كما يتحقق من خلال التوعية التي تستهدف نشر الحقائق والمعارف بين أفراد المجتمع لتحسين سلوكهم وأسلوب حياتهم، وتغير اتجاهات وآراء وأفكار ومواقف الفرد والجماعة بالنسبة لقضية الأمن وترشيدهم إلى حقيقة المواقف والظواهر المحيطة بهم، ومن ثم تمكينهم من التفاعل والتعامل معها بيقظة وفهم كاملين([78]).
كما أن الوعي الأمني يتطلب توضيح كافة سبل الوقاية من الجريمة على مستوى الفرد والجماعة، من خلال ترشيد المواطنين لأساليب الوقاية الذاتية وطرق وأساليب تأمين ممتلكاتهم وكيفية التنسيق في إطار الحي أو المنزل أو المحيط السكني مع جيرانهم ومع المنظمات الأهلية وبين هذه جميعا، وبين الأجهزة الأمنية، وكذلك يتطلب تفعيل جهود كافة الجهات الرسمية والمؤسسات الوطنية بتحقيق مضامين الأمن الشامل، لكي يكون  لها دور في علميات التوعية الأمنية وعلى وجه الخصوص، التعليم والصحة والمرافق والإعلام والمساجد والاتحادات المهنية والنوادي الرياضية والملتقيات الشبابية والثقافية، وكلها يمكن أن تتعاون في إطارها لخلق وعي جماهيري لأحياء الضوابط التقليدية وتحسين العلاقة مع الشرطة وتشكيل الجمعيات الأهلية والشبابية للوقاية من الجريمة، وتشجيع الاشتراك في برامج الشرطة المجتمعية، وتعميق كراهية المواطن للجريمة والمجرمين وتحفيزهم على مقاومتها والتعاون مع السلطات للإدلاء بالشهادة وعدم التستر على الفارين من العدالة وإبلاغ رجال الأمن عن الجرائم ومرتكبيها والابتعاد عن استعمال القوة لحل المشكلات والاحتكام إلى القضاء وتحسيس المجتمع بغايات العقوبة وأهدافها والسعي لرعاية المسجونين ومتابعة أحوالهم بعد انتهاء العقوبة ومحاولة إدماجهم في المجتمع، والإسهام في برامج التوعية والتثقيف والإرشاد للشباب وكافة أفراد المجتمع حتى يقلعوا عن كل ما يعكر صفو الأمن ويكونوا معاول بناء للمجتمع لا معاول هدم.
كيف يمكن تفعيل الوعي الأمني من قبل رجال الأمن في المستقبل المنظور ؟
1-   من خلال السعي إلى تطوير مستوى الخدمة الأمنية المقدمة حتى تحوز على رضا المواطنين والهيئات والجمعيات الأهلية، وبالتالي تعاطفهم وتجاوبهم مع رسالة الأمن.
2-   تسخير كافة الإمكانيات  البشرية والمادية والفنية المتاحة لتحقيق أداء أفضل وحلول ناجعة لمواجهة الإجرام والانحراف، بما في ذلك تبني مشروعات المساهمة الأهلية لتحقيق الأمن الشامل.
3-       الحرص على تقنية الأجواء وتحسين الصلات بين رجال الأمن والمواطنين من خلال الارتقاء بالعمل الأمني وأدائه.
4-   توعية المواطنين – خاصته فئة الشباب والعمال – لتحقيق مضامين الالتزام والتحصين الذاتي وتحفيزهم للمشاركة في الأنشطة الوطنية لدعم مسيرة الأمن.
5-   إعادة الاعتبار إلى الضبواط التقليدية النابعة من ديننا وأخلاقنا وقيمنا الاجتماعية بحيث نطور دور المسجد والمدرسة والنادي الرياض الثقافي الاجتماعي والمجتمع المحلي.
6-   تطوير برامج الإعلام العام والإعلام الأمني، حتى يكون أكثر قدرة على تحقيق أهدافه ومتى يستطع أن يخلق رأي عام مستنير معادي للإجرام والانحراف، ويتجاوب مع ما ندعوا إليه من إسهام ومشاركة المواطنين لمؤازرة ومساندة الأجهزة الأمنية المختصة بالوقاية والمكافحة.
التعاون بين المواطنين وأجهزة الأمن لمواجهة العمل الإرهابي “ نظرة مستقبلية “:
الواقع إن ظاهرة الإرهاب، أصبحت سمة العقد الحالي من هذا القرن وهو عنف مجنون لا وجه له ولا هدف، ولكن ما زال بالإمكان وضعها تحت السيطرة إذا تحقق التعاون بين كافة أجهزة الدولة. ولعل نقطة البداية في المواجهة – التي تشمل محوري الوقاية والعلاج – تمكن في مدى التعاون بين أجهزة الدولة توحيد المواقف لتصفية كل الأوكار التي يحتمي بها  الإرهابيون([79]).
ومن المهم أن نواجه تلك الظاهرة من خلال([80]):
1-       مناهضة المفسدين والإرهابيين، وأن يقف الجميع صفاً واحداً، ولا يتستر أحد على  المواطنين.
2-   على جميع المواطنين أن يكون لهم موقف إيجابي يقوم به كل إنسان حسب طاقته وبقدر استطاعته، فيتصدى لهؤلاء المفسدين، ويناهضهم ويكشفهم ولا يتستر عليهم، ويوجههم ويقدم لهم النصح ويردهم عن الغي والعدوان.
3-   أن تكون المواجهة جماعية، ويتعاون كافة أبناء الوطن لمواجهة هذا الإرهاب الأسود الذي طال الجميع بأساليبه مع العمل على تصفية جيوبه في كل مكان، والإمساك بالهاربين وتقديمهم للمحاكمة.
فالإرهابيون يفرضون على دولهم الظلام الدامس بتصرفات تشوه سماحة الدين، من خلال فرض أفكار سياسية بغية الوصول إلى الحكم. والإسلام في واقع الأمر برئ من تصرف هذه الجماعات التي تشوه صورة الإسلام. والإرهاب له خط استراتيجي واضح، وهو مسلك يهدف إلى الضغط على الحاكم، ولا وسيلة لهذه الجماعات للوصول إلى الحكم إلا بالأفعال الإرهابية وقد اثبت الواقع وتحريات الأجهزة الأمنية، إن العديد من التنظيمات الإرهابية، لديها الآن متخصصون على مستوى عال في مجال أنظمة المعلومات والاتصالات. وقد تمكنت بعض هذه التنظيمات من استخدام عدد من المتخصصين في هذا المجال لقاء أجر مالي، كما تدل الشواهد على أن تكنولوجيا المعلومات أصبحت المجال الجديد للمنظمات الإرهابية، بل وأوجدت أهدافا جديدة أصبحت عرضة للأعمال الإرهابية.
كل هذه الأمور تستوجب في المستقبل المنظور. تحرك كل أجهزة الدولة لإعادة حساباتها وتغير مفاهيمها سواء حول الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها منشآتها الحيوية  من قبل المنظمات الإرهابية أو من حيث التركيز على حماية وسائل الاتصال وأنظمة المعلومات.
فنجاح أجهزة الأمن في تحقيق أهدافها في مكافحة الإرهاب، يعتمد إلى حد كبير على سرعة وكفاءة الاتصالات التي تكفل تدفق المعلومات اللازمة لكسر واختراق طرق السرية التي تعتصم به التنظيمات الإرهابية، ومن ثم وضع الخطط التي تؤدي لأمراض الأنشطة الإرهابية وحماية المجتمعات من شرورها.
والواقع أن عملية الاتصالات تشكل حلقة اتصال هامة بين الأجهزة المعنية بالمكافحة وبين المواطنين الذين يزودون هذه الأجهزة بقدر وافر من المعلومات التي تساهم بدور كبير في مكافحة الإرهاب. فلا يمكن مع حدوث الإرهاب ومكافحته إلا إذا توافر قدر من المعلومات عن التنظيمات الإرهابية والمنشآت والأفراد المستهدفة، والمعلومات من الاتصالات، والعمليات السابقة وأماكن تواجدهم وتركيز التنظيم الإرهابي وشبكة الاتصالات الحديثة يمكنها أن توفر هذه المعلومات في الوقت المناسب.
الاستراتيجية الوطنية لمواجهة الإرهاب من خلال تعاون  الجميع (نظرة مستقبلية):
1- تدابير الوقاية من الإرهاب من خلال:
-              زيادة دعم: الدولة للأسرة لكفالة التربية السلمية للنشء والشباب.
-              تضمين المناهج الدراسية، للقيم الروحية والأخلاقية النابعة من تعاليم الإسلام.
-              قيام مؤسسات الدولة المعينة بدراسة الأسباب حول هذه الظاهرة، ومن ثم الحيلولة دون تفاقمها وبالتالي العمل على إزالتها.
-      تكثيف استخدام وسائل الإعلام المختلفة لتوعية الوعي العام لدى المواطن وتعريفه بمخاطر الإرهاب، وكذا أسلوب التعاون مع الأجهزة الأمنية لمواجهة هذه الظاهرة.
2- تدابير مكافحة الإرهاب من خلال([81]):
-      تشديد إجراءات المراقبة وتأمين الحدود والمطارات والمؤاني والمنافذ، لمنع تسلل الإرهابيين أو تهريب الأسلحة والذخائر والمتفجرات.
-              القبض على مرتكبي الجرائم الإرهابية ومحاكتهم، مع تشديد العقوبة.
-              توفير ما يلزم من مساعدات لضحايا الإرهاب.
-              توفير حماية فعالة لمصادر المعلومات وشهود الجرائم الإرهابية، وكذا العاملين في ميدان العدالة الجنائية.
-      تعزيز سبل الحماية والأمن والسلام للبعثات والشخصيات الدبلوماسية والقنصلية والمنظمات الإقليمية والدولية والشركات الأمنية.
-      إصدار قانون خاص بالأسلحة والذخائر والمتفجرات، وتضمينه ضوابط استيرادها أو الاتجار بها أو حيازتها واستعمالها، وتنسيق عمليات مراقبتها من خلال الحدود والمنافذ. وتشديد العقوبة ضد هؤلاء المهربين للأسلحة والمتفجرات.
3- تحديث جهاز الأمن وتطوير أساليب عملة بالتعاون مع المواطنين من خلال([82]):
-      دعم جهاز الأمن بالمؤهلين من ذوي الاختصاص، وتحق دورات تدريبية في مجال مكافحة الإرهاب للارتقاء بمهارات العاملين في هذا المجال.
-              توفير المعدات والتقنيات الحديثة وتطوير أنظمة الحماية الذاتية للمنشآت الخاصة بحيث تصبح قادرة على حماية نفسها.
-              استخدام التقنية الحديثة في الكشف عن المتفجرات والتعامل معها.
-      دراسة وتحليل ما يقع من أعمال إرهابية واستخلاص أوجه القصور، مع القيام بدور هام من أجل توعية المواطنين بأساليب عمل الإرهاب، حتى يكون للمواطن دور هام في الكشف عن الإرهاب.
-      إقامة تعاون فعال بين الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب وبين المواطنين لمواجهة الأعمال الإرهابية، بما في ذلك إيجاد ضمانات وحوافز مناسبة للتشجيع على الإبلاغ عن هذه الأعمال وتقدم المعلومات التي تساعد في الكشف عنها والتعاون في القبض على مرتكبيها.
الاستراتيجية المستقبلية المقترحة لمواجهة الجريمة المنظمة والإرهاب في إطار تعاون الجميع لتحقيق الأمن:
وتتضمن هذه الاستراتيجية تخطيطا قريب المدعى وآخر بعيد المدى، بحيث تتكاتف قوى الدولة جميعا في مواجهة الجريمة  المنظمة والإرهاب.
أولاً: الإرهاب:
التخطيط قريب المدى: ويتضمن
1-   وضع مخطط شامل على مستوى الدولة لسبل التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية وكافة أجهزة الدولة والمواطنين، ودراسة المشكلات وعرض الحلول.
2-   استثمار التقنيات الحديثة في المجالات الأمنية لرفع مستوى الأداء، ومتابعة الكوادر المؤهلة لمتابعة ما يستجد من تطور تقني، والتنسيق بين الإمكانات المادية والخبرات التقنية، وتبادل المعومات من أجل زيادة وكفاءة وفعالية أجهزة الأمن على مستوى الدولة.
3-   تطوير نظم المعلومات والتحريات، وتوسيع قاعدة التعاون بين أجهزة الأمن والمواطنين من أجل تدفق المعلومات وحجمها، مع اتخاذ الإجراءات لتأمين المنشآت والمرافق العامة داخل الدولة مع دراسة إمكانية إنشاء جهاز خاص بالحراسات ليتولى القيام بهذا الدور ويكون مدربا عليه ويمتلك القدرات لذلك.
4-   إنشاء وحدات خاصة تتولى مهام التعامل مع الأعمال الإرهابية([83]) (مثال لذلك: التجربة المصرية، حيث يتوفر لديها الآن عشرون كتيبة للقيام بهذا الدور).
5-       صياغة استراتيجية ثابتة للدفاع الاجتماعي: يكون هدفها قيام المجتمع ككل بتوفير الأسباب اللازمة لتحقيق أمنه واستقرار.
6-   مناقشة قضايا الأمن في ظل إدراك عميق للظروف العالمية والإقليمية والداخلية وفي إطار الانتشار الملحوظ للمد الإرهابي([84]).
7-       توعية المواطنين من خلال وسائل الإعلام وفي إطار إرشادات تحدده لا تثير الفزع.
التخطيط بعيد المدى ويتضمن:
1- دور الأسرة:
يقع على كاهل الأسرة دور كبير في هذا المجال، باعتبارها الخلية الأولى التي يتعامل معها الإنسان منذ الطفولة، وهي التي تلعب الدور التربوي الأول من خلال عمليات التنشئة الاجتماعية والثقافية، وتلقينها للطفل كافة  السبل والأساليب التي يتعامل بها مع المحيطين، سواء داخل الأسرة أو على صعيد المجتمع. ويأتي دور الأسرة من خلال القدرة التي يجدها الشباب في أفراد أسرته والمحيطين به والذين تتقارب مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية، ومن ثم نجد أن من المهم بمكان ضرورة تحسين أوضاع الأسرة ببث برامج الإصلاح الاقتصادي وتدعيم دورها وتوعيتها عن طريق أجهزة الإعلام([85]).
2- دور بعض أجهزة ومؤسسات الدولة:
وزارة التربية والتعليم:
والتي يأتي دورها على مستوى المدرسة وفي مراحل التعليم المختلفة، ويتطلب منها وضع التخطيط السليم من أجل تربية وإعداد الطالب في مراحل التعليم المختلفة، وإعداده إعداداً سليماً وتهذيب سلوكه وجعله متوافق مع إقرانه، وتنمية قدراته الأمنية من خلال برامج محددة وبأسلوب غير مباشر. ومن المهم بمكان إعداد المنهج الدراسي في جميع مراحله، بحيث تتوفر له كل المقومات التي تساعد على تنمية قدرات الفرد والكشف عن مواهبه، وتشجعيه على الحوار والمناقشة والتفاعل اجتماعيا مع غيره وبصورة إيجابية ومع بيئته المحيطة في ضوء المعايير والضوابط الاجتماعية التي تحكم هذا التفاعل. ويتم التركيز بشكل أكبر على المراحل الثانوية والجامعية.
وزارة الثقافة والإعلام:
ويتمثل دورها من خلال وسائل الإعلام المباشرة والغير مباشرة، وكذا الوسائط التربوية، على أن يبتعد الإعلام عن تضخيم الأحداث والمشكلات، ويقدم الحقائق بصدق وواقعية دون اختلاف أو تضارب حتى تتولد الثقة في المواطنين بأجهزة الإعلام، كما يجب أن توضع خطة إعلامية على مستوى الدولة تشترك فيها الأجهزة الأمنية والإعلامية والاجتماعية والنفسية والقضائية، يوضع بها تخطيط شامل لدور كافة الأجهزة على مستوى الدولة والمواطنين. من أجل تبني فكر يقوم على أساليب مواجهة الإرهاب والقضاء عليه. وتفعيل المؤسسات الثقافية ومراكز الشباب وأن يكون هدفها هو الدعوة لكل الأعمار للتواصل والإبداع والابتكار والتنافس الشريف وزيادة النشاط الفكري والثقافي والأدبي لدى الشباب.
دور المؤسسات الدينية:
يتمثل دور المؤسسات الدينية المختلفة في إثراء الفكر الديني والالتحام بمشاكل الجماهير والعمل على حلها، وتوعية الشباب بمخاطر الإرهاب، وتوضيح القيم والتعاليم الدينية الصحيحة من خلال اللقاءات بين رموز الفكر والأدب والدين مع الشباب من مختلف الأعمار والثقافات. وبالطبع فإن ا لدور الاجتماعي والثقافي الذي تلعبه المؤسسات الدينية يعتبر من الأعمال الهامة التي تستهدف في المقام الأول توعية الشباب وتثقيفهم فالدين الحنيف يخلق المواطن الصالح الذي يمكن أن يساهم في التنمية وفي تطوير مجتمعه وفي تحقيق أمنه، وبذلك يبتعد الفرد عن خط الجريمة والإرهاب، ليتحقق الأمن والأمان على مستوى الدولة.
الدور الاجتماعي لمؤسسات الدولة ويتمثل في:
-        تحقيق الكفاية الاجتماعية للمواطن، بحيث يستطيع أن يعيش حياة حرة كريمة، تجعل منه فرداً صالحا قادراً على العطاء واحترام قوانين المجتمع والمساهمة في تنميته وبنائه.
-                   إتاحة الفرص أمام الشباب لإنجاز العمل بما يتناسب مع تخصصاتهم وإمكاناتهم.
-        تنمية أفراد المجتمع وخلق الأجيال القادرة على العطاء من خلال القيام بدور إيجابي لتدعيم حركة التنمية وحل مشاكل الجماهير، بل والمشاركة الأمنية في القبض على الإرهابيين.
-                   العمل على إيجاد فرص وظيفية لكافة التخصصات والمراحل من أجل العمل على القضاء على ظاهرة البطالة.
ثانياً: الجريمة والجريمة المنظمة
1- مواجهة الجريمة والجريمة المنظمة من خلال([86]):
-      وجود آليات تقيم خطورة التهديد الذي تشكله العصابات الإجرامية، بغية تحديد الأساليب المناسبة للتعامل معها، مع تعزيز سلطات تنفيذ القانون وتزويدها بمزيد من الصلاحيات.
-      إنشاء مؤسسة وطنية معنية بالجريمة المنظمة ومنحها صلاحيات مناسبة لتقوم بالتحقيق والحصول على الأدلة اللازمة لمحاكمة المشتركين الرئيسين في نشاط الإجرام المنظم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

المؤسسات المجتمعية والأمنية  رؤي مستقبلية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المؤسسات المجتمعية والأمنية رؤي مستقبلية   المؤسسات المجتمعية والأمنية  رؤي مستقبلية Emptyالأحد أكتوبر 26, 2014 2:04 pm

- تطوير القوانين المتعلقة بالأعمال المصرفية لضمان المساعدة في مكافحة الجريمة المتعلقة بغسيل الأموال.
- وضع ترتيبات جديدة وفعالة – وفي إطار تعاوني بين أجهزة الدولة المختلفة – وعلى أسس أكثر شمولاً، من أجل تبادل المعلومات بين الأجهزة المختصة، وبما يزيد من تعزيز وتطوير التعاون بينها، من أجل القيام بدور مشترك في مكافحة الجريمة المنظمة.
- وضع التشريعات التي تمكن من مصادرة عائدات الجريمة، مع وضع الأساليب المحددة لإقامة الحواجز الوطنية بين الأسواق المالية الشرعية، والأموال المتأتية بطرق غير مشروعة.
- إنشاء قواعد للمعلومات تتعلق بتنفيذ التشريعات، حتى يمكن اتخاذ التدابير العامة لمكافحة الجريمة المنظمة، مع أهمية مشاركة المواطنين لتلقى المعلومات الهامة منهم والتي تكون سببا في كشف العديد من الجرائم.
- في مجال مكافحة المخدرات:
- التشجيع على وضع برامج وطنية لمكافحة المخدرات، والاستفادة من التشريعات الوطنية من أجل مواجهة جادة لردع عملية الاتجار أو تهريب المخدرات.
- القيام بحملات إعلامية وأنشطة تثقيفية من أجل التوعية بمخاطر المخدرات على الفرد والمجتمع.
- تبادل المعلومات بين الأجهزة المختلفة داخل الدولة للوقوف على أنشطة المهربين والتعرف على طرق وأساليب التهريب المستحدثة للاستفادة منها في أعمال المكافحة.
خلاصة القول:
إن وضع هذه الاستراتيجيات السابقة موضع التنفيذ من شأنه أن يحد بشكل واضح من الجريمة المنظمة والإرهاب، ولكنها لن تكون قادرة على منعها كليا، ومن ثم فالتعاون المشترك على مستوى الدولة ومع المواطنين، يعتبر من أفضل الطرق لتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية ووضعها موضع التنفيذ، فعالم اليوم يمر بمنعطف خطير ملئ بالتحديات وفي مقدمتها تطور دور الإرهاب بشكل واضح من أجل إحداث خلخلة داخل الدولة وإحداث الرعب بين المواطنين، ومن الطبيعي أن يصبح الإرهاب أحد الأدوات المستخدمة لتدمير التنمية الاقتصادية داخل الدولة واستنزاف قدراتها .. ومن ثم أصبح “ الأمن مسئولية الجميع حاضراً ومستقبلا ً “ ومن أجل حماية الدولة وتحقيق الرفاهية لشعبها.
التوصيات
1- تدعيم دور المجتمع في تثبيت مفهوم التكافل الاجتماعي في الإسلام، وإيضاح أن كل إنسان له مسئولية في هذا المجتمع.
2- تفعيل الجهود في كافة المؤسسات الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية لترسيخ القيم الفاضلة ومحاربة الرذيلة والتعاون مع رجال الأمن.
3- الحد من البطالة باعتبارها تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي والمادي.
4- تطوير طرق وأساليب التوجيه في البرامج الدينية الإعلامية الموجهة إلى الشباب بما يحقق تمسكهم بالقيم التي تحصنهم من الانحراف.
5- الاهتمام بأنشطة ووقت الفراغ للشباب لكي تصبح بديلاً صحيحاً لهم عن التعرض لبعض المجالس والتأثيرات السلبية.
6- إشراك عموم الأجهزة الأمنية في عملية توجيه الرسالة الإعلامية الموجهة إلى المواطن وخاصة الشباب.
7- الاهتمام بالتدريب في الأجهزة الأمنية لرفع مستوى الكفاءة.
8- العمل على تحذير الشباب من التورط مع زمرة أصدقاء السوء وتقديم النصح والمشورة لهم، وكيفية اختيار نوعية الأصدقاء.
9- التكثيف من البرامج الإعلامية التي توضح سماحة الإسلام ونبذه للإرهاب والجريمة بشكل عام.
10- زيادة قنوات الاتصال التي تربط بين المختصين في التوعية الأمنية في الأجهزة الأمنية وبين العاملين في وسائل الإعلام.
11- رفع المهارات الاتصالية لرجل الأمن لزيادة قدرته على التعامل الملائم مع الجمهور.
12- تشجيع البحوث والندوات والمؤتمرات الأمنية ونشرها في الصحف والمجلات.
13- الاهتمام بالتربية والتوعية الأمنية في المراحل العمرية المبكرة وإدماجها في برامج التربية والتعليم.
14- العمل على إيجاد أولويات في القضايا الأمنية لدى الجمهور ومن ثم التوعية في هذه القضايا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المؤسسات المجتمعية والأمنية رؤي مستقبلية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم الكرامة الإنسانية وتأثيرها في التنمية المجتمعية
» دولة المؤسسات
» دولة القانون و المؤسسات
» العمل في المؤسسات التي فيها منكرات
» المؤسسات التي تعنى بالأسرى الفلسطينيين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: