ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين(من اربعة اجزاء الجزء الثالث)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين(من اربعة اجزاء الجزء الثالث) Empty
مُساهمةموضوع: الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين(من اربعة اجزاء الجزء الثالث)   الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين(من اربعة اجزاء الجزء الثالث) Emptyالثلاثاء يوليو 05, 2011 2:24 pm

الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين(من اربعة اجزاء الجزء الثالث) 4mq32-NQRr_400063218

الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين(من اربعة اجزاء الجزء الثالث)

42ـ الفاطميون:
قامت دولة الفاطميين في المهدية بتونس سنة 909م، ثم احتلوا مصر سنة 969م، لكن الخلاف مع العباسيين دفعهم للتفكير ببلاد الشام، وكانت فلول الإخشيديين التي قضى عليها الفاطميون لا تزال في جنوب الشام ولابد من استئصالها.
أرسل جوهر الصقلي حملة إلى فلسطين سنة 969م فانتصر قائدها جعفر بن فلاح في الرملة على الإخشيديين، ودخل طبريا دون مقاومة، لكن الحسن بن أحمد القرمطي انتصر عليه سنة 970م بمساعدة البويهيين والحمدانيين، وعاد جوهر الصقلي على رأس حملة عام 975م في عهد العزيز بالله الفاطمي، واشتبك مع أفتكين القائد التركي فانسحب جوهر إلى الرملة وعقد صلحاً مع افتكين وانسحب مهزوماً، لكن الخليفة العزيز قاد حملة بنفسه عام 977م وقضى على أفتكين وقبض عليه ثم عفا عنه الخليفة. في غمرة هذا النزاع العنيف قام بنو الجراح بمحاولة لإنشاء دولة مستقلة لهم في أواخر القرن العاشر الميلادي لكن الجيش الفاطمي انتصر عليهم سنة 988م وكان قائدهم مفرج بن دغفل. عاد الجراحيون عام 1009م بزعامة حسان بن مفرج الذي استولى على الرملة وعمل على إقامة خلافة بفلسطين، وبايع أمير مكة أبو الفتوح بالخلافة سنة 1010م، وجاءت حملة فاطمية إلى فلسطين فهزمها الجراحيون وظلوا يسيطرون على فلسطين.
عام 1013 تمكنت حملة فاطمية من هزيمة الجراحيين، إلا أن حسان بن مفرج بن الجراح عقد سنة 1024م اتفاقاً مع صالح بن مرداس وسنان بن عليان لإخراج الفاطميين من بلاد الشام على أن تكون فلسطين له من الرملة إلى حدود مصر، لكن الفاطميين استردوا فلسطين عام 1029م وهزموا الحلفاء عند طبرية.
جاء الصليبيون واحتلوا أنطاكية وانتزعوا القدس من أيدي الفاطميين سنة 1099م، وانتهى أمر الفاطميين في فلسطين أيام الخليفة المستعلي بعد أن أصبح الفاطميون بين فكي كماشة: الأتراك والفرنجة.
43ـ السلجوقيون:
بدأ نفوذ الفاطميين في بلاد الشام منذ منتصف القرن 11م، وكان جنوب الشام موزع بين جزء فلسطيني مركزه الرملة، وآخر دمشقي مركزه دمشق، لقبيلتي طئ وكلب.
أتاح النزاع بين أمراء الأسرة المرداسية في حلب الفرصة أمام القبائل التركمانية الغزية للدخول إلى بلاد الشام بعد أن استعان بهم المرادسة، وقد خطط السلطان السلجوقي ألب أرسلان لغزو مصر بعد انتصاره على البيزنطيين شرق تركيا عام 1071م.
كانت هناك فرقة تركية من المرتزقة تسمى الناوكية، لم تدن بالولاء لألب أرسلان، وأخذت تغير على دمشق من موقعها في طبريا، لكنهم لم يصمدوا أمام السلاجقة، خاصة بعد وفاة زعيمهم قرلو، وزحفت القبائل السلجوقية بزعامة ألب أرسلان باتجاه فلسطين بعدما دخلت الشام.
حاول أتزين اوق الخوارزمي أحد أبرز زعماء التركمان الجدد السيطرة على دمشق عام 1071م، ثم سار إلى فلسطين ففتح الرملة وبيت المقدس وانتزع بقية فلسطين من الفاطميين ماعدا عسقلان. وجعل الخوارزمي بيت المقدس بيتاً للحكمة وبدأ يعبئ قواته للسيطرة على المدن المجاورة لتوسيع نفوذ السلجوقيين، وباتت القدس على عهده صاحبة النفوذ في جنوب الشام، فأمده السلطان السلجوقي "ملكشاه" بالعون العسكري، فسيطر على عكا سنة 1075م، ثم على دمشق 1076م. لكن حملته على مصر أخفقت وتبعه الفاطميون حتى الرملة.
انتهز الفلسطينيون فرصة هزيمته أمام الفاطميين، فثار عليه أهل القدس بزعامة القاضي فحاول إتسز مفاوضتهم، ثم حاصر المدينة ودخلها وقتل 3000 من أهلها.
بادر الفاطميون بإرسال جيش يقوده ناصر الدولة الجيوشي سنة 1078م، فاحتل القدس ثم تقدم نحو دمشق حيث يوجد اتسز الخوارزمي، فاستنجد بتاج الدولة تتش بن ألب بن أرسلان في حلب، فتحرك تتش ودخل دمشق وقتل اتسز وانفرد بالحكم. قام تتش بإقطاع القدس أحد قواده وهو أرتق بن أكسب التركماني، وحين توفي أرتق تولاها ابنه ايلغازي حتى سقطت بيد الفاطميين سنة 1096م.
تعمقت خلافات السلاجقة بعد موت السلطان ملكشاه سنة 1092م، وقد اصطدام تتش بابن أخيه بركيا روق، في موقعه حاسمة قتل فيها تتش وانهزم جيشه.
بعد موت تتش ظهرت فئة من السلاجقة ولدت وترعرت في الشام وبهذا اختلفوا عن أسلافهم من التركمان، فتولى رضوان بن تتش إمارة دمشق، لكن التمزق عاد إلى بلاد الشام عام 1095م.
وقفت القدس إلى جانب حلب في الصراع ضد دمشق، ولم يقف الفاطميون متفرجين، فقد أرسل الأفضل بن بدر الجمالي حملة عسكرية استطاعت انتزاع القدس وأنحاء كثيرة من فلسطين من يد الآرائقة السلجوقيين سنة 1095-1096م، وأعادتها إلى السيادة الفاطمية.
بدأت الحملات الصليبية عام 1098م مستغلة ظرف الانقسام في المنطقة، وألحق طفتكين وإلي دمشق هزيمة ساحقة بملك القدس بغدوين قرب طبرية سنة 1125م.
44ـ الفرنجة:
في أوائل حزيران 1099م وصلت طلائع الحملة الصليبية الأولى إلى الرملة ثم زحفت إلى القدس التي سقطت في أيديهم في 15 تموز 1099م، فاستباحوا المدينة وقتلوا كل السكان فيها حتى النساء والأطفال. المؤرخ الفرنسي فوشيه دي شارتر رافق الحملة، قال: كانت القدم تغوص حتى الكاحل في دماء المسلمين، وذكر ابن الأثير أن الفرنج قتلوا في المسجد الأقصى سبعين ألفاً منهم عشرة آلاف عالم وفقيه، وبعد احتلال القدس أقام اللاتين فيها مملكة القدس اللاتينية وانتخبوا الأمير غود فري دي بوبون على رأسها ولقب نفسه "حامي المدينة المقدسة"، ورغم عودة معظم أمراء الحملة الصليبية الأولى إلا أن مسلمي الشرق لم يفكروا في استرداد المدينة، "بقي فيها 300 فارس و200 من المشاة فقط".
رغم ذلك تمكنت هذه القوة الصغيرة من الفرنجة من السيطرة على فلسطين فاستولت على قيسارية ويافا التي حصنوها وعمروها وتحولت التجارة إليها بعد أن أصبحت سفن أوروبا ترسو فيها، بعد وفاة غود فري سنة 1100م، تولى السلطة أخوة بغدوين الأول الذي عمد إلى زيادة أملاك الفرنج في فلسطين وخارجها فاحتل مدينة حيفا من المصريين وفشلت محاولات الدولة الفاطمية للتصدي للهجوم الصليبي، فاستمر بغدوين ليحتل عكا في أيار 1104م، واندفع بقواته نحو جنوب الأردن بعد أن احتل شمالاً حتى بيروت، واستقر في الشوبك وأعاد بناء فلعنها عام 1115م، وفي عام 1116م احتل العقبة وبني فيها قلعتين، وبذلك أصبح الساحل الفلسطيني كله بأيديهم ما عدا عسقلان.
طبق الفرنجة النظم الإقطاعية في فلسطين، وامتازت حياتهم بنشاط اقتصادي غزير فتمكنوا من امتلاك الأراضي التي عمل فيها فلاحون فلسطينيون، وقاموا بتصدير الزيت والزيتون والحمضيات إلى أوروبا الغربية وكذلك صدروا من فلسطين الأقمشة والزجاج والبُسُط فحققوا أرباحاً هائلة .
بدأت الصحوة العربية منتصف القرن 12م بظهور صلاح الدين الأيوبي الذي جهز الجيوش في الشام وحرر القدس بعد معركة حطين الشهيرة عام 1187م.
لكن أوروبا أرسلت الحملة الصليبية الثالثة التي احتلت عكا سنة 1191م، وبعد مفاوضات طويلة عقد صلح الرملة سنة 1192م الذي نص على بقاء القدس للمسلمين شرط السماح بالحج للمسيحيين، لكن وفاة صلاح الدين وغضب البابا من الصلح دعا إلى إرسال حملة رابعة لم تصل إلى فلسطين ضمن ملابسات معقدة، فعاد الفرنج ليخرجوا بحملة خامسة من عكا بقيادة يوحنا بربين فطردهم الأيوبيون فعادوا إلى عكا، لكن الخلاف بين الأيوبيين جعل الكامل يستنجد بفردرك الثاني مقابل إعطائه القدس ليساعده على أخيه، فاستجاب فردريك فسلمه الكامل القدس دون حرب عام 1229م.
أقيم تحالف بين الفرنج والتتار بعد قيام دولة المماليك عام 1250م، لكن المماليك هزموا الفرنج في معركة المنصورة سنة 1250م وأسروا لويس التاسع قائد الحملة، وكانت تلك آخر الحملات الصليبية. وقد كان للظاهر بيبرس الأثر الأكبر في تخليص فلسطين من بقايا الفرنجة وتحرير باقي مدنها، وتابع بعده المنصور سيف الدين قلاوون مسيرة تحرير الشام، لكنه توفي عام 1290م فتابع ابنه الأشرف صلاح الدين خليل الذي حرر عكا عام 1291م ودفع ملكها للفرار إلى قبرص، ومضى الأشرف واستولى على بقية المدن، وهكذا سقطت معاقل الصليبين نهائياً عام 1291م.
45ـ مملكة القدس اللاتينية:
إذا كنا تحدثنا عن الفرنجة في هذا الملف وأشرنا إلى كيفية إقامتهم لمملكة القدس اللاتينية فلابد من الحديث عن هذه المملكة لما لها من تأثير في التاريخ الفلسطيني وتاريخ الصراع الإسلامي مع الحملات الصليبية.
بعد أن أسست المملكة من قبل الحملة الصليبية الأولى، توفي أول حكامها غود فري وجاء بعده أخيه بغدوين وبدأ اللاتين في مملكة القدس بالتوسع في فلسطين نفسها، مع العلم أن طابع هذه المملكة لم يكن دينياً بحتاً ولا سياسياً بحتاً نتيجة اختلاف مشارب قواد الحملة الصليبية الأولى على فلسطين وبيت المقدس.
احتل بغدوين عكا بمساعدة الجنويين فمنحهم بعض الامتيازات، وساعده الجنويون أيضاً في احتلال جبلة وطرابلس وبيروت وهكذا قام الأسطول الجنوي بدور مهم في تثبيت أركان المملكة.
بنى اللاتين القلاع في الجليل وعلى طول نهر الأردن لإحكام قبضتهم على القدس، ومن هذه القلاع الشقيف وتبين وبانياس وصفد والطور وكوكب الهوا والكرك والشوبك وغيرها كي يمنعوا أي تسلل عربي من جنوب البحر الميت أو من شرق الأردن. وأحكم اللاتين سيطرتهم على فلسطين فبدؤوا في تنظيم أمورهم الداخلية فقد واجهتهم المشكلة الديمغرافية، فهم كانوا قليلي العدد وقد هاجر سكان المدن أو هجروا فتعطلت الزراعة، وقد قال وليم الصوري المؤرخ: "إن مواطني القدس بصعوبة يملأون شارعاً واحداً"، لذا فقد عمل الفرنجة على تشجيع الهجرة من المناطق المجاورة، لاسيما إلى القدس حتى أنهم سمحوا لمسلمي القدس بالعودة للمدينة مع بعض الامتيازات.
توفي بغدوين عام 1118م، فتعاقب على المملكة بغدوين الثاني وبعده فولك الأنجوي الذي أكمل تحصينات مملكة القدس وأعاد بناء قلعة الكرك، وتوفي عام 1143م فخلفه ابنه بغدوين الثالث الذي بدأت في عهده اليقظة العربية الإسلامية، والتي كان أبرز مظاهرها استيلاء عماد الدين زنكي على قلعة الرها عام 1144م اثر معركة شبهها ابن الأثير بمعركة بدر. وقد صدمت معركة الرها الفرنجة فاهتز كيانهم مما حذا باوروبا أن ترسل حملة صليبية ثانية عام 1147-1149م لكنها هزمت أيضاً حين حاولت احتلال دمشق.
توفي عماد الدين زنكي عام 1146م فخلفه نور الدين زنكي الذي ضم دمشق إلى سلطانه رداً على احتلال عسقلان.
توفي بغدوين الثالث سنة 1163م فخلفه أخوه أموري الأول الذي تسابق مع نور الدين على احتلال مصر، ونجح نور الدين في الاستيلاء عليها واستوزار صلاح الدين سنة 1171م، وفي 1174م توفي نور الدين زنكي، فحاولت مملكة القدس احتلال الشام وفشلت، وتوفي أمور الأول عام 1174م فبدأت مملكة القدس بالضعف كونه آخر ملوكها الأقوياء، إذ دب الصراع بين الأمراء بعد موته، وقام الأمير الفرنسي أرناط بمحاصرة قلعة العقبة وسار إلى اليمن وتهامه وعسير فأرسل صلاح الدين أحد قواده الذي هزم أرناط ففر إلى الكرك.
حكم مملكة القدس في تلك الأثناء بغدوين الرابع الذي لم يتجاوز عمره حين مات أبيه 12 عاماً، وفي أثناء حكمه توزعت السلطة بين العائلات الإقطاعية مما أدى إلى إضعاف مملكة اللاتين وتفتيت قوتها فدب النزاع بين بغدوين الرابع وزوج أخته الذي حاول عزله فرفض، لكنه تنازل عن العرش لابن أخته الصغير سنة 1185م، وكان بغدوين في الرابعة والعشرين وما لبث أن توفي، ولحق به الملك الصغير بغدوين الخامس سنة 1186م ولم يكن قد بلغ التاسعة، فأعلنت أمه سبيلا نفسها ملكة، فاستنكر القائد ريموند ذلك فدب الصارع في جسد مملكة اللاتين، يضاف إلى ذلك كله اصابة البلاد بالقحط والجفاف لانحباس المطر، وفي نهاية 1187م استولى أرناط على قافلة تجارية قادمة من القاهرة إلى دمشق رغم المعاهدة التي عقدوها مع صلاح الدين، فكانت النتيجة أن أعلن صلاح الدين الجهاد ودخل الكرك بقواته سنة 1187م وفتك بالفرنجة وعاد محملاً بالغنائم.
في نفس العام التقى صلاح الدين بقوات الفرنجة في حطين وأباد أكبر قوة حشدها الفرنج. وتمكن الأيوبيون من سحق الفرنج وأسر أرناط وقتله صلاح الدين وعفا عن بقية القادة، وهكذا سقطت مملكة القدس بعد 88 سنة من الحكم وذلك عام 1187م.
46ـ البنادقة:
في القرن العاشر الميلادي ضعفت روما، فنشأت جمهوريات صغيرة منها البندقية التي سعت للسيطرة على تجارة المتوسط.
كانت أوروبا قد بدأت حملاتها الصليبية، فكانت البندقية تشجع الحجاج على الذهاب إلى فلسطين، ونقلتهم بسفنها وقدمت لهم الخدمات. ولبى البنادقة دعوة الحرب الصليبية وكان لهم دور بحري كبير، ومقابل خدماتهم حصلوا على امتيازات بحرية وقضائية وتجارية، ففي عام 1100م عقد معهم غودفري ملك مملكة القدس اللاتينية معاهدة إعفاء جمركي وضريبي، ومنحهم ثلث أي مدينة يساعدون في احتلالها، وبعد شهرين من المعاهدة أسهم أسطولهم في احتلال حيفا، وفي عام 1111م منحهم الملك بغدوين الأول حياً خاصاً في عكا وامتيازات تجارية في القدس مقابل مساعدته في احتلال صيدا وبيروت، وفي عام 1124م وقعت القدس معاهدة مع البنادقة نالوا بموجبها كثيراً من الاعفاءات والامتيازات والحق في امتلاك أحياء والحق في استخدام مقاييسهم ومكاييلهم الخاصة في تجارتهم وأيضاً في وجود محاكم خاصة بهم.
دارت بينهم وبين الجنويين معارك استمرت لعدة سنوات في عكا عرفت بحرب القديس سابا عام 1250م.
47ـ البيازنة:
ينسبون إلى مدينة بيزا الإيطالية، ونشأتهم تشبه نشأة البنادقة والجنويين، وقد حصلوا على عدد من الامتيازات في القدس، فكان لهم أحياء خاصة ومنحوا ربع مدينة يافا، وهذا حدث في الحملة الصليبية الأولى 1099م بعد المساعدات التي قدموها للفرنجة، وذلك بتحصين القدس ويافا، وفي سنة 1157 منحهم أموري الأول كونت يافا منطقة في يافا لإقامة سوق خاص بهم، وفي سنة 1187م عقدت معاهدة بين كونراد مونتفرات صاحب صور وملك القدس والبيازنة منحهم فيها الكثير من الامتيازات والاعفاءات الضريبية في المدن والموانئ مقابل مساعدتهم لمواجهة صلاح الدين، ولما تفجر الصراع بين كونراد مونتفرات وغي لوزنيان 1190-1192م حول عرش مملكة القدس، وقف البيازنة إلى جوار غي لوزينان في عكا، ووقف الجنويون إلى جانب خصمه الذي ربح المعركة وطرد البيازنة من صور، وتبعه ذلك صدام دموي داخل عكا بين البيازنة والجنوبيين، وسعي ريتشارد قلب الأسد للتوفيق بين الفريقين المتخاصمين، لكن الأمر انتهى بطرد البيازنة من صور وعكا وغيرهما ولم يعودوا إلى أحيائهم إلا عام 1195م.
في القرن 13 وصل الإمبراطور فرديك الثاني إلى فلسطين فتجدد الصراع بين البيازنة والجنوبيين، سنة 1231م في عكا، وتجددت مرة أخرى عام 1249م. وقد تحالفوا مع فريدريك الثاني هذه المرة، لكن أمرهم ضعف بعد وفاة فريدريك الثاني سنة 1250م وأزيحوا عن مسرح الصراع.
48ـ الجنويون:
هم أهل جنوة، الضلع الثالث للبيازنة والبنادقة، وقدم الجنويون مساعدات للحملات الصليبية التي لم تكن تملك أساطين بحرية، وساهموا في مد محاصري القدس بالمواد الغذائية عام 1099م، ونالوا حصة من مغانم القدس بعد سقوطها، وفي عام 1109م وقعت معاهدة بينهم وبين ملك القدس بغدوين الأول في مدينة يافا منحهم ثلث غنائم أي مدينة يساعدون في احتلالها وامتلاك شارع واحد منها، وأن يتم اعفاؤهم من الضرائب، ومنحوا شارعاً في القدس وشارعاً في يافا مع تعهد الملك بحماية تجارتهم وتسليمهم ممتلكات أي جنوي يموت في الحرب، كل هذا مع تعهدة بدفع 300 ليرة ذهبية لهم كل سنة.
وأسهم الجنويون فعلاً في احتلال عكا عام 1112م، وبيروت عام 1118م، ومنحوا حق إقامة محاكم خاصة بهم.
سقطت عكا إثر الحملة الصليبية الثالثة (1187م) وحدثت صدامات دموية وقف فيها الجنويون مع كونراد، وطرد البيازنة من عكا وتصادم الجنويون مع البنادقة أيضاً صداماً عنيفاً في القرن الثالث عشر، وعندما لم تفلح جهود المصالحة، تحالف الجنويون مع بيبرس ووعدوا بمساعدته في فتح عكا.
49ـ الأيوبيون:
يمكن القول إن الدولة الأيوبية وليدة الحركة الصليبية، عندما أدرك المسلمون وجوب توحدهم لمواجهة الخطر الصليبي، فشرع عماد الدين زنكي حاكم الموصل في تنفيذ خطة التوحيد، واكتمل توحيدها على يد نور الدين محمود بن زنكي الذي توفي عام 1174م تاركاً لصلاح الدين الأيوبي تحويل هذه الوحدة إلى طاقة تقوض الوجود الصليبي في الشام. ويقسم العصر الأيوبي في فلسطين إلى 3 مراحل:
الأيوبيون قبل حطين (1174-1186م): يبدأ هذا العصر باستقلال صلاح الدين بمصر وخروجه إلى الشام لتوحيد المسلمين، وينتهي باكتمال بناء الجبهة المتحدة سنة 1186م. حيث أحاط صلاح الدين بالفرنجة بعد أن فرض سلطانة على مصر والمغرب والنوبة وغرب الجزيرة وفلسطين وسورية والموصل.
في ذلك الوقت كانت مملكة القدس اللاتينية قد بلغت غاية اتساعها حيث بسطت نفوذها على فلسطين من الساحل إلى الكرك ومن الجليل إلى وادي عربة.
الأيوبيون من حطين إلى وفاة صلاح الدين (1187-1192م): شن صلاح الدين حرباً شاملة على الفرنجة في هذه المرحلة، وأنزل بهم هزيمة ساحقة في حطين سنة 1187م، واسترد معظم المدن الساحلية على شاطئ فلسطين واستعاد بيت المقدس مما غير ميزان القوى بين الفرنجة والمسلمين، وحسب صلح الرملة 1192م فقد احتفظ الفرنجة بمملكة على شاطئ فلسطين كان لها طابع تجاري وليس سياسي.
وبانحسار النفوذ الصليبي عاد لفلسطين طابعها الإسلامي وعاد الازدهار لبيت المقدس وغدا المسجد الأقصى مقصد العلماء، ولم يمنع صلاح الدين الحجاج المسيحيين من زيارة أماكنهم المقدسة في المدينة بل كلف حراساً بحمايتهم.
الأيوبيون بعد صلاح الدين (1193-1260م): هذه المرحلة استمرت حتى نهاية الدولة الأيوبية، فقد ترك صلاح الدين دولة مترامية الأطراف من الفرات إلى النيل، ولم يستطع أحد ملء الفراغ الذي تركه بعد وفاته في 1193م. لكن نفوذ الأيوبيين ظل في فلسطين حتى معركة عين جالوت سنة 1260م.
لم تلبث أن نشبت حرب الوراثة بين أبناء البيت الأيوبي، وفي نهاية 1200م كان الملك العادل سيف الدين أبو بكر قد وحد الدولة الأيوبية مرة أخرى تحت زعامته، وحارب الألمان الذين انتشروا على الساحل وانزل بهم هزيمة عند تل العجول في غزة عام 1197م، وعقد صلحاً مع الفرنجة عام 1198م مدته ثلاث سنوات، ثم عقد صلحاً آخر عام 1204م بين الملك العادل والملك آموري الثاني ملك عكا، واقتضى هذا الصلح أن يترك العادل للفرنجة نصف صيدا واللد والرملة كما منحهم الناصرة ورد يافا إليهم، وكان هذا تساهلاً من العادل مع الفرنجة وصل إلى حد التفريط وهو ما اشتهر به طوال عمره وتوارثه عنه أبناؤه.
عام 1210م قام فرسان الرهبان الداوية باستفزاز المسلمين فخرج الملك عيسى بن العادل بجيش إلى عكا وأنزل بالفرنجة خسائر جسيمة وغنم المسلمون كثيراً وأسروا كثيراً، وعادوا إلى جبل الطور حيث أقام المعظم عيسى قلعة تشرف على الناصرة وتحمي الجليل فأسرع الفرنجة لعقد هدنة مع الملك العادل لمدة ست سنوات (1211-1217م).
في خريف 1217م هاجم الصليبيون القلعة للسيطرة على الجليل، لكنهم فشلوا، غير أنهم استولوا على بيسان، فقام السلطان العادل بتخريب القلعة لأنه لا يمكن حفظها.
عاد أبناء السلطان العادل إلى التفرق خصوصاً الكامل محمد في مصر والمعظم عيسى في دمشق واستعان كل منهما بقوة خارجية.
عقدت معاهدة لمدة عشر سنوات سنة 1229م بين الإمبراطور فردريك الثاني والسلطان الكامل الذي منح الفرنجة بيت المقدس وبيت لحم والناصرة على أن تكون سائر قرى القدس للمسلمين، وألا يجدد سور القدس وأن الحرم والمسجد الأقصى بأيدي المسلمين.
دب الخلاف عميقاً في الأسرة الأيوبية، ووسط هذا الخلاف انتهى أجل الصلح، فانتهز الناصر داوود إقامة الفرنجة للأسوار حول القدس خلافاً للمعاهدة فاستولى على القدس وأخرج منها الفرنجة، لكن الصالح إسماعيل مد يده إليهم طالباً مساعدته على الصالح نجم الدين أيوب في مصر والناصر داوود في الكرك مقابل إعطائهم القدس وعسقلان وقلعة الشقيف وقلعة صفد وقسمة طبريا وصيدا بينهما، وهكذا عادت بيت المقدس للفرنجة.
هزم الفرنجة عند غزة، فعقدوا صلحاً مع الصالح نجم الدين أيوب سنة 1240م، وعاد الصالح إلى الاستعانة بالخوارزمية بعد أن قرر الفرنجة الوقوف مع الصالح إسماعيل، فاندفع الخوارزمية ليستولوا على طبرية ونابلس والقدس عام 1244م وبذلك عادت بيت المقدس للمسلمين.
وتوجه الخوارزمية إلى غزة ولاقوا مع جيوش الصالح أيوب الفرنجة في معركة غزة الثانية وهزموهم هزيمة ساحقة سنة 1244م. وسميت الموقعة "حطين الثانية".
عاقب الصالح أيوب الفرنجة في فلسطين واستولى على طبرية واقتحم عسقلان ودمر تحصيناتها عام 1247م فانحسر الفرنجة إلى حدود يافا.
انتهت الدولة الأيوبية بسبب قيام دولة المماليك، وبسبب زحف التتار على المنطقة، حيث قام الأيوبيون بالخضوع للتتار وحاولوا استرضاءهم، وتخاذلوا عن حربهم وكان ذلك فصل الختام في دولة الأيوبيين.
50ـ التتار:
تعرضت فلسطين لخطر التتار مرتين أيام المماليك؛ الأولى كانت عام 1259م حين اجتاح هولاكو الشام ووقعت مدن الخليل وبيت جبرين وغزة تحت سطوة السلب والنهب والقتل والتدمير.
وعلى أرض فلسطين كانت المعركة الفاصلة في عين جالوت بين جيوش المماليك بقيادة قطز وجيوش التتار بقيادة "كبتغاوين" انتهت بانتصار المماليك (1259م) الذين طاردوا التتار حتى بيسان. لكن المناوشات ظلت قائمة، وفي عهد الناصر محمد بن قلاوون استولى التتار بقيادة غازان التتري على دمشق وقام جنوده بنهب القدس وغزة.
أما المرة الثانية، فكانت في عهد الظاهر برقوق بن آنص، فقد هدد تيمورلنك الشام عام 1394م فأرسل السلطان برقوق الجنود إلى الشام للتصدي لتيمورلنك، لكن يتمورلنك لم يقدم على ملاقاة الجيوش، وعاد لتهديد دمشق عام 1400م بعد وفاة برقوق وتولي ابنه فرج، الذي خرج لملاقاة تيمورلنك فهزم وتشرد الناس من صفد والقدس والرملة وغزة، وهربوا إلى مصر.
51ـ المماليك:
حكموا مصر والشام في الفترة بين 1250ـ1517م، وقد ضموا بين صفوفهم أقواما من الأتراك والشركس وجنسيات أخرى ممن أسروا في الحروب. ألّف الأيوبيون منهم فرقاً عسكريةً خاصة، لكن اسم المماليك الدال على العبودية يتنافى تماما مع طبيعة الدور الحضاري الذي لعبوه في التاريخ.
تقسم حقبة المماليك إلى عهدين؛ المماليك البحرية [الأتراك] والمماليك البرجية [الشراكسة]، ولسنا هنا بصدد استعراض تاريخ المماليك إلا بقدر علاقتهم بفلسطين.
بعد عدة مؤامرات، تولى السلطان سيف الدين قطز، وفي عهده وصل التتار إلى بلاد الشام، فجهز الجيوش إلى عين جالوت في فلسطين عام 1260م، بقيادته وقيادة الظاهر بيبرس، وحقق نصراً حاسماً على التتار حمى المنطقة من دمار شامل.
قتل قطز على يد بيبرس، فاستولى الأخير على السلطة، ويعد بيبرس المؤسس الحقيقي لدولة المماليك، بل هو أعظم قادتها على الإطلاق، فقد جرد عدة حملات على الصليبيين، وقضى على مملكة أنطاكية الصليبية، وساهم ذلك بشكل فعال في القضاء على الوجود الصليبي في الشام ومصر، وقد قام بفتح قيسارية وصفد وهونين وتبنين والرملة وقلعة الشقيف، وهاجم صور وعكا، وإلى جانب ذلك عمر الأسطول ونظم الجيش وحسّن الموانئ وبنى الجوامع وأقام المؤسسات الدينية وجدد الخلافة العباسية في القاهرة.
بعد بيبرس جاء المنصور قلاوون ثم إبنه الأشرف [1290ـ1293م] الذي توج الصراع مع الفرنجة بفتح عكا وانهاء الوجود الصليبي فيها عام 1292م، واسترداد جميع مدن الساحل.
في عهد المماليك البحرية [1250ـ1382م] اكتسبت فلسطين موقعاً خاصاً كونها بلدا ساحليا يقع بين مصر والشام، ولوجود الصليبيين فيها، وقد قسمت إلى ثلاث نيابات هي القدس وغزة وصفد، وكانت غزة عقدة البريد المملوكي بين القاهرة ودمشق والكرك.
أسكن المنصور قلاوون جنوده في أبراج القلعة في القاهرة فعُرفوا بالمماليك البرجية [1382ـ1517م]، واستطاع سيف الدين برقوق القضاء على دولة المماليك الأتراك وأنشأ بذلك دولة المماليك الشراكسة، وقد وضع سياسته على أساس مواجهة المغول والصليبيين، فلم يغير التقسيمات الإدارية القديمة.
خلف المماليك الشراكسة في فلسطين الكثير من المنشآت، مثل مزار سيدي بشير في جسر بنات يعقوب وخان الباشا في صفد ووكالة الفروجية في نابلس والمدرسة الأشرفية في الحرم القدسي وكثير من التكايا والربط والزوايا، كما أنشأ الأمير يونس النوروزي خاناً أصبح فيما بعد مدينة خان يونس الحالية، واحتفظت غزة بأهميتها السابقة، وظهرت في عهدهم أيضاً مؤلفات الفقه والتراجم ومؤلفات ذات طابع موسوعي، ثم سقطت دولة المماليك الشراكسة على يد العثمانيين سنة 1517م في موقعة مرج دابق، وقد كان من أسباب سقوطها تكرر الجفاف والقحط والجراد والمجاعات والأوبئة وهجمات تيمورلنك التتري، أضف إلى كل ذلك اعتماد الأتراك على الأسلحة النارية المخترعة حديثاً حينها.
52ـ الشركس:
شركس أو جركس تعني في الأصل أفراد قبيلة كركت الأديفية القديمة، لكنها عممت لتشمل معظم سكان القفقاس الشمالي.
ويعود وجود الشركس في الشرق العربي إلى عهد الدولة الأيوبية والتركية والشركسية في بلاد الشام ومصر،ً إذ حكموا لمدة 135 سنة ثم انصهروا بين السكان العرب.
بعد الهزائم التي مني بها العثمانيون، قاموا بنقل الشركس من أوروبا إلى بلاد المشرق العربي، وهكذا وصل الشركس إلى فلسطين وسورية والأردن (1878م) ومعظم الشركس في فلسطين جاؤوا عن طريق ميناء حيفا، وقد فتكت بهم الأمراض وهم في البحر، وعندما وصلوا أقاموا في مناطق وزعتها عليهم الحكومة العثمانية، وكانت أحوالهم قاسية، إذ قطنوا منطقة المستنقعات في بيسان وبالقرب من جبولة وقيسارية وقرية لوبيا وخربة كفر كما وعلما، وقاموا بانشاء بعد ذلك قرية الريحانية وقرية كفر كما، واستوطنت مجموعة أخرى خربة شركس وخربة أسطاس في الخليل وقرية صميل، وكان ذلك في عهد السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد، وكان عددهم عند قدومهم عام 1878 حوالي 900 نسمة.
تحسنت أحوال الشركس بعد أن غادروا الأراضي السيئة التي قطنوها في البداية، حتى أن قرية الريحانية أصبحت من أهم قرى طبريا، وكانت مدرسة كفر كما من أقدم مدارس المنطقة (1897)، وبلغ عدد الشركس 950 نسمة عام 1945 وانخفض إلى 806 عام 1949، وقد غادرت عشرون أسرة شركسية فلسطين واستقرت في قرية مرج السلطان قرب دمشق بصفة لاجئين.
حاول الإسرائيليون إبعاد الشركس عن العرب وتمييزهم، فقاموا بإقرار تدريس اللغة الشركسية في مدارسهم ولكن الشراكسة رفضوا إلغاء اللغة العربية، ففرضت إسرائيل عليهم التعليم بالشركسية والعبرية، وأحضرت لهم عام 1973 أستاذاً أمريكياً ليعلمهم الكتابة بلغتهم هو (كاتفورد) المتخصص في القفقاسيات.
عام 1969 بلغ عدد الشركس في فلسطين 1745 نسمة، وتجب الإشارة إلى يهود جبال القفقاس الذين يرجعون إلى عهد نبوخذ نصر واستوطنوا بحر الخزر، وقد هاجرت أفواج منهم إلى فلسطين مطلع القرن العشرين، استوطنوا بير يعقوب وأقام بعضهم في القدس وفي الحي القفقاسي في تل أبيب. ورغم أن هذه الطائفة ترتدي زي الشركس وتتكلم لغتهم إلا أنهم يختلفون عن الشركس الأصليين.
53ـ العثمانيون:
ينحدر العثمانيون من قبائل الغز التركمانية. قاموا بإنشاء إمارة حربية شمال الأناضول1237م وتمكنوا بعدها من إزاحة السلاجقة في عهد السلطان عثمان بن أرطغرل (1280-1300م)، و الذي حملت الأسرة اسمه، ثم خلفاؤه من بعده.
أصبح العثمانيون القوة الرائدة في العالم الإسلامي بعد أن استطاع محمد الفاتح (1451-1481م) فتح القسطنطينية سنة 1453م، وبدأ العثمانيون بعدها في التوجه صوب القوى الإسلامية في الشرق منذ مطلع القرن 16م فتمكن السلطان سليم الأول (1512-1520م) من فتح بلاد الشام وفلسطين 1516م، بعد انتصاره في معركة مرج دابق بالشام وقتل السلطان المملوكي قانصوه الغوري وسقطت دولة المماليك مما أدى إلى انتقال زعامة العالم الدينية والسياسية إلى الدولة العثمانية.
عام 1516م احتل العثمانيون مدينة القدس، وكان حكم العثمانيون في فلسطين الأطول على مر العصور حيث امتد إلى 400 سنة. امتازت بداية العهد العثماني بالبناء والتطور في مختلف أنحاء البلاد بما فيها القدس. ولكن بعد فترة زمنية طويلة بدأ تدهور السلطة المركزية، وتم إهمال البلاد. بالنسبة لأسوار البلدة القديمة والتي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، تم اصلاحها وترميمها طيلة خمس سنوات (1536–1541م) على يد السلطان العثماني "سليمان القانوني".
في نهايات العهد العثماني جرت الكثير من الأحداث على أرض فلسطين خصوصا بعد سيطرة والي مصر محمد علي عليها ومنازعة العثمانيين في ولاية مستقلة تضم فلسطين، أرسل محمد على باشا جيشًا برياً وآخر بحريًا إلى بلاد الشام بقيادة إبراهيم باشا، وسيّر الخليفة العثماني له جيشًا بقيادة رشيد باشا ولكنه هُزم أمام إبراهيم باشا. بعد انتصارات إبراهيم باشا على العثمانيين في الشام اتفقت الدولة العثمانية ومحمد على باشا على توقيع معاهدة "كوتاهية". وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني بدأت تظهر بعض الجمعيات والمؤسسات التي تدعو إلى التعصب القومي ومنها جمعية "تركيا الفتاة" وجمعية "الاتحاد والترقي"، بعضها كان يسيطر عليها اليهود بشكل أو بآخر، وعملت هذه الجمعيات على إسقاط الخلافة الإسلامية والدعوة إلى القومية التركية. وفي هذه الفترة أيضًا كانت الدول الأوربية تشجع الثورة والتمرد على الدولة العثمانية فبدأت الدولة العثمانية تسير خطواتها الأخيرة في طريق الأفول، وبعد الحرب العالمية الأولى تسارعت خطوات التدهور فانتهى التواجد العثماني في فلسطين تماما عام 1921م.
الجزء الثاني
الطوائف والمذاهب والديانات
- الأسينيون:
هي فرقة المغتسلين أو الأطهار، وهي فرقة يهودية ظهرت في فلسطين في القرن الثاني ق.م. كان لهذه الجماعة قوانين صارمة تحرم الملكية الفردية ونظام الرق (الذي كان سائداً حينها). كان أفرادها يعيشون خارج المدن عزابا زاهدين. يقيمون في الكهوف قرب البحر الميت ويفرضون على أنفسهم الاغتسال كل صباح في مياه الينابيع. كانوا يفلحون الأرض ويرعون الماشية، ويتشاركون الطعام بطقوس خاصة، وكانوا يرفضون تأدية القسم وتقديم الذبائح وحضور المراسم في الهيكل.
من الواضح أن آراءهم كان لها تأثير كبير في المسيحية، وقد آمنوا بالمسيح على أنه أحد أنبياء إسرائيل المصلحين، لكنهم رفضوا دعوة بولس الرسول وظلوا متمسكين بالعقيدة اليهودية.
عرفوا بعد دمار الهيكل باسم "المسيحيين اليهود أو الأبيونيين".
- المسيحية:
عرفت هذه الديانة بالمسيحية نسبة إلى المسيح عيسى بن مريم الذي بشر بها، ورغم أن هذه الديانة نشأت بكامل تفاصيلها في فلسطين إلا أن تطورها وانتشارها تأثرا بالحضارة الهلينية والحكم الروماني.
الكتاب الذي جاء به المسيح يعرف بالإنجيل أو العهد الجديد لتمييزه عن التوراة أو العهد القديم، والإنجيل في اليونانية تعني البشارة أو الخبر السار، وقد كان هناك عدد كبير من الأناجيل في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، لكن لم يتم الاعتراف من قبل الكنيسة إلا بأربعة أناجيل هي متى ومرقص ولوقا يوحنا.
وقد كتبت هذه الأناجيل بين أعوام 50-90م باللغة اليونانية ماعدا أنجيل متى الذي كتب بالآرامية لكن نسخته الأصلية فقدت، ويستخلص من الأناجيل أن يسوع ولد حوالي سنة 4ق.م في بيت لحم، وانتقلت أسرته إلى الناصرة حيث عاش مع والدته وإخوته في بيت يوسف النجار لذا فقد عرف باسم يسوع الناصري واشتغل بالتجارة وكان يتردد على المجمع الديني ويختلط بفئات الشعب، وتتحدث المصادر التاريخية عن علاقته بيوحنا المعمدان الذي كان قريبا له من ناحية الأم وقد قام يوحنا بتعميد المسيح في نهر الأردن عندما بلغ الثلاثين، ويوحنا المعمدان هو يحيى بن زكريا المذكور في القرآن وقد كان يعمّد الناس ويدعوهم إلى التمسك بالأخلاق ويبشر بظهور المسيح.
مر الملك هيرودوس أنتيباس بسجن يوحنا ثم قتله، وعند ذلك أخذ يسوع يجوب الجليل والسامرة معلنا إنجيل التوبة، وبرزت في تلك الحقبة عدة فرق يهودية منها الصدوقيون والفريسرن والأسينيون وفرقة الزيلوت وكانت جميع هذه الفرق ضد سيطرة الرومان، وقاموا بعدة ثورات فاشلة، ولما لم يتمكنوا من الخلاص بالسلاح قاموا باللجؤ للتنبؤات في انتظار المسيح الذي تحدثت عنه الكتب المقدسة لديهم.
أنكر المسيح أنه من نسل داوود أو أنه جاء ليعيد الملك إلى بني إسرائيل، ولم يؤيد الثورة على حكم الرومان وقال مقولته الشهيرة" أعطوا مالله لله وما لقيصر لقيصر، ولم يتمسك بالشكل بل سعي إلى الجوهر فكان يقول مثلا عن العمل يوم السبت: إنما جعل السبت من أجل الإنسان ولم يجعل الإنسان من أجل السبت.
كان يعطف على المساكين والفقراء خصوصا واعتبرت تعاليمه ثورة عميقة في المبادئ الأخلاقية، وكثر أتباعه لكنهم أنفضوا عنه حين رفض أن يتوج ملكا أرضيا، وأخذت الفرق اليهودية بمحاربته، فقبض عليه مجلس السنهدرين اليهودي وحكم عليه بالإعدام في الحال، وصادق بيلاطس البنطي على الإعدام وهو متردد، فصلب المسيح وقتل، وآمن أتباعه بقيامه بعد الموت وعرفوا باسم الناصرين أو النصارى.
تحت ضغط السنهدرين، هرب اليهود الذين آمنوا بعيسى من أورشليم إلى السامرة وقيسارية وأنطاكية وعملوا فيها على إنشاء جماعات مسيحية عرفت كل منها باسم "اكليزا" تقابله كلمة كنيسة وتعني المجمع معربة عن الآرامية.
حكم على بطرس وبولس بالإعدام، وبعد مئة عام على موت بولس، ظهرت تأثيراته على المسيحية وتطورها، وقيل أنه فصل المسيحية عن اليهودية، فخرجت المسيحية عن حدود فلسطين وانتشرت في أنحاء الإمبراطورية الرومانية، وعندما أقدم الإمبراطور قسطنطين على اعتناق المسيحية عام 320م تقريبا، عقد المجمع المسكوني عام 325م ، وجعل المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية.
- الحواريون:
هم رسل المسيح "الاثنا عشر"، أولهم بطرس وآخرهم يهوذا الإسخريوطي الذي سلم المسيح لأعدائه، والحواريون هم "سمعان (بطرس)، أندراوس، يعقوب بن زبدي، يوحنا فيلبس، برتلماس، توما، متي العشار، يعقوب بن حلفى، تداوس، سمعان الغيور، يهوذا الاسخريوطي.
كانوا جميعهم من بيئة فقيرة، صحبوا المسيح فأنشأهم ليبشروا ويتكلموا باسمه، وقصر عليهم تأسيس الكنيسة وإقامة الأساقفة عليها، وأمرهم بدعوة الأمم إلى التوبة وغفران الخطايا، وأن يواصلوا عمله على الأرض.
بعد حادثة الصلب، غادر الرسل القدس وانتشروا في العالم كممثلين للمسيح، وتذكر المصادر أن جميعهم سفكوا دماءهم في سبيل الشهادة.
- السامريون:
جماعة من اليهود اشتق أسمهم من السامرة عاصمة إسرائيل القديمة "شمال شكيم" نابلس. وهم ما تبقى من المملكة القديمة والذين لم يرحلهم الآشوريون عام 721ق.م، وحين عاد اليهود من السبي البابلي رفضوا اشراك السامريين في إعادة بناء الهيكل لأنهم تزاوجوا مع المستوطنين الذين جاء بهم الآشوريون، فقام السامريون بإنشاء هيكلهم الخاص على قاعدة جبل جرزيم "الطور".
هناك هوّة عميقة تفصل السامريين عن اليهود، فهم لا يؤمنون إلا بأسفار موسى الخمسة ولا يعترفون بالأنبياء اليهود ولا بالكتب السماوية الأخرى ويعتبرونها من صنع البشر. وقد سنّ اليهود قوانين تحرم الاختلاط بالسامريين أو الزواج منهم. وتعد طائفتهم الآن من أصغر الطوائف في العالم يسكن أكثرهم في نابلس ومستعمرة حولون، يستعملون العبرية في صلواتهم، لكن لغة الحديث فيما بينهم هي العربية، وفي حوزتهم ترجمة عربية للتوراة تعود إلى القرن 11 ميلادي.
وبحكم تكوينهم الديني فهم ليسوا صهاينة، فلا يعترفون بقدسية جبل صهيون فجبلهم المقدس هو جبل الطور (جرزيم). كما لا يؤمنون بداوود وسليمان، ويؤمنون بعودة المسيح المخلص، ولكن إلى جبل جرزيم لا إلى جبل صهيون.
- الفريسيون:
الفريسيون بالأرامية تعني "المنعزلون" وقد أطلقت على فئة من اليهود اشتركت في ثورة المكابيين وانتسب إليها العلماء والكتبة وجمهرة الشعب، وامتلكت أغلب مقاعد مجلس "السنهدرين، وكان الفريسيون يخالفون الصدوقيين، فهم يقبلون التقاليد المتوارثة عن السلف إضافة إلى تعاليم وأسفار موسى، وكانوا يؤمنون بالملائكة والروح والقيامة خلافاً للصدوقيين لكنهم كانوا يتمسكون بالمظهر دون الجوهر، وقد وقفوا بشدة ضد دعوة المسيح الذي وصفهم بأنهم "مرشدون عميان".
- الصدوقيون:
فرقة يهودية تنسب إلى صادوق الكاهن الأعظم زمن الملك سليمان، وقد ظهرت في عهد المكابيين وكانت تضم كبار الكهنة في القدس وبعض الكتبة اليهود الذين مالوا إلى مسالمة الرومان، ورغم ضعف تأثيرهم في جماهير الشعب، إلا أنهم ألفوا كتلة قوية في مجلس "السنهدريم" أعلى سلطة دينية وسياسية عند اليهود (20 عضواً من أصل 70).
دينياً، كان الصدوقيون محافظين، يرفضون السنن الشفوية وكل ما أضيف إلى أسفار موسى الخمسة، وينكرون الأنبياء ولا يؤمنون بالبعث، وكانوا حريصين على امتيازاتهم الأرستقراطية. خشي الصدوقيون تجمع الشعب حول المسيح، فكانوا في طليعة المسؤولين عن محاكمته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين(من اربعة اجزاء الجزء الثالث)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين(من اربعة اجزاء الجزء الاول)
» الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين(من اربعة اجزاء الجزء الثاني)
» الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين(من ارعة اجزاء الجزء الرابع والاخير)
» ملف صفات العلماء (من اربعة اجزاء الجزء الثالث)
» دولة الخلافة العباسية من اربعة اجزاء (الجزء الثالث)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى فلسطين-
انتقل الى: