ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 قضية تحرير المرأة (من ثلاث صفحات 1/3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

قضية تحرير المرأة  (من ثلاث صفحات 1/3) Empty
مُساهمةموضوع: قضية تحرير المرأة (من ثلاث صفحات 1/3)   قضية تحرير المرأة  (من ثلاث صفحات 1/3) Emptyالخميس أبريل 29, 2010 2:25 pm

قضية تحرير المرأة  (من ثلاث صفحات 1/3) 7mLR1-k3Be_120951746


قضية تحرير المرأة (من ثلاث صفحات 1/3)
" بطل " هذه القصة هو قاسم أمين
شاب نشأ في أسرة تركية مصرية أي محافظة فيه ذكاء غير عادي حصل علي ليسانس الحقوق الفرنسية من القاهرة وهو في سن العشرين بينما كان هناك في عصره من يحصل علي الشهادة الابتدائية في سن الخامسة والعشرين
ومن هناك التقطة الذين يبحثون عن الكفاءات النادرة والعبقريات الفذة ليفسدوها، ويفسدوا الأمة من ورائها ألتقطوه وابتعثوه إلي فرنسا.. لأمر يراد.
أطلع قبل ذهابه إلي فرنسا علي رسالة لمستشرق يتهم الإسلام باحتقار المرأة وعدم الاعتراف بكيانها الإنساني وغلي الدم في عروقه، كما يصف في مذكراته وقرر أن يرد علي هذا المستشرق ويفند إفتراءاته علي الإسلام.
ولكن عاد بوجه غير الذي ذهب به
لقد أثرت رحلته إلي فرنسا في هذه السن الباكرة تأثيرا بالغا في كيانه كله، فعاد إلي مصر بفكر جديد وعقل جديد ووجه جديدة.
عاد يدعو إلي " تعليم المرأة وتحريرها " علي ذات المنهج الذي وضعه المبشرون وهم يخططون لهدم الإسلام
يقول في مذكراته إنه إلتقي هناك بفتاة فرنسية أصبحت" صديقة " حميمة لهو إنه نشأ بينه وبينها علاقة عاطفية عميقة، ولكنها " بريئة " وإنها كانت تصحبه إلي بيوت الأسر الفرنسية والنوادي والصالونات الفرنسية فتفتح في وجه البيوت والنوادي والصالونات ويكون فيها موضع الترحيب... ( )
وسواء كان هو الذي " التقي بها " أم كانت موضوعية في طريقة عمدا ليلتقي بها، فقد لعبت هذه الفتاة بعقله كما لعبت بقلبه، وغيرت مجري حياته، وجعلته صالحا للعب الدور المطلوب، الذي قررت مؤتمرات التبشير أنه لابد منه لهدم الإسلام
ونحن نميل إلي تصديقه في قوله إن العلاقة بينه وبينها كانت " بريئة " لا بالمعني الإسلامي للبراءة بطبيعة الحال، ولكن بمعني عدم وصول هذه العلاقة إلي درجة الفاحشة فإنها علي هذه الصورة تكون أقدر علي تغيير أفكاره من العلاقة المبتذلة التي تؤدي إلي الفاحشة،لأن الفتاة ستكون حينئذ ساقطة حسة غير جديرة بالاحترام، وغير جديرة بأن تكون مصدر " إلهام "
وسواء كانت الفتاة قد " مثلت " الدور بإتقان، لتظل العلاقة بينه وبينها " روحية " و " فكرية " لتستطيع التأثير عليه، أم كانت تربيته المحافظة في الأسرة المنحدرة من أصل تركي هي التي وقفت بهذه العلاقة عند الحد الذي يصفها بالبراءة فالنتيجة النهائية كانت انقلابا كاملا في كل كيانه
ولنحاول أن نتصور كيف حدث التغيير ..
هذا شاب عبقري، نعم، ولكنه قادم من بلاد محتلة ن تحتلها إحدي الدول الأوروبية وهو قادم إلي أوروبا تلك التي يتحدث قومه عنها بانبهار الماخوذ، وتمثل في حسهم العملاق الضخم الذي يتضاءل الشرق أمامه وينزوي، فنستطيع عندئذ أن نتوقع أنه قادم إلي أوروبا وهو منخنس داخل نفسه، يحس بالضآلة والقزامة ن ويتوجس أن يزدري في بلاد العمالية لأنه قزم قادم من بلاد الأقزام، وأقصي ما يتمناه قلبه أن يجد الطمأنينة النفسية والعقلية في تلك البلاد الغربية التي لا يكاد يستوعبها الخيال
وبينما هو كذلك منكمش متوجس – إذا هذه الفتاة تبرز له في الطريق فتؤنس وحشته بادئ ذي بدء، فيزول عنه انكماشه وتوجسه، ويذهب عنه توتر اعصابه ويشعر بالطمأنينة في المهجر
ثم إن هذه الفتاة تبادله عواطفه – كما قص في مذكراته – فيشعر فوق الطمأنينة بالساعدة والغبطة ويزداد استقرار نفسه فلا يعود يشعر بالغربة النفسية الداخلية، وإن بقيت الغربة بالنسبة للمجتمع الخارجية الذي لم يحتك به بعد
غير أن الفتاة تنتقل معه – فتنقله – خطوة أخري.. فهي تصحبه إلي الأسر الفرنسية فتفتح له تلك الأسر أبوابها وترحب به، وتصحبه إلي النوادي والصالونات فترحب به كذلك وهنا تزول الغربة نهائيا، سواء بالنسبة لمشاعره الخاصة أو بالنسبة للمجتمع الخارجي، وينطلق في المجتمع الجديد واثقا من خطواته
كيف تصير الأمور الآن في نفسه؟
كيف ينظر إلي العلاقة بينه وبين هذه الفتاة؟
وكيف ينظر إلي التقاليد التي تم عن طريقها كل ما تم في نفسه من تغيير
علاقة " بريئة " أي لم تصل إلي الفاحشة نمت من خلالها نفسه نموا هائلا، فخرجت من انكماشها وعزلتها، واكتسبت إيجابية وفاعلية، مع نمو في الثقافة وسعة في الأفق، ونشاط وحيوية
ما عيب هذه التقاليد إذن؟ وما المانع أن تكون تقاليدنا نحن علي هذا النحو " البرئ "
هناك بلا شك – مهما احسنا الظن مجموعة من المغالطات في هذا المنطق.
المغالطة الأولي:هي دعواه " ببراءة " هذه العلاقة علي اعتبار خلوها من الفاحشة المبينة فحتي لو صدقناه ونحن أميل إلي تصديقه كما قلنا فهي ليست " بريئة " في الميزان الإسلامي الي يقيس به المسلم أمور حياته كلها فهي تشتمل علي " خولة " محرمة في ذاتها سواء أدت إلي الفاحشة أم لم تؤد إليها وهي محرمة في دين الله لحكمة واضحة، لأنها تؤدي في النهاية إلي الفاحشة، إن لم يكن في أول مرة ولا حتي في أول جيل فإنه ما من مرة أباحت البشرية لنفسها هذه الخلوة إلا وصلت إلي الفاحشة في نهاية المطاف لم تشذ عن ذلك أمة في التاريخ
والمغالطة الثانية: هي تجاهله ما هو واقع بالفعل في المجتمع الفرنسي من آثار مثل هذه العلاقة، وقد علم يقينا بلا شك أن ذلك المجتمع يعج بألوان من العلاقات الأخري " غير البريئة " ويسمح بها بلا رادع " فلم يكن ذلك سرا مخفيا عن أحد ممن يعيش في ذلك المجتمع، سواء من أهله أو من الوافدين عليه فحتي لو صدقناه في أن علاقته هو الخاصة لم تصل إلي ما يصل إليه مثلها في ذلك المجتمع لظروف خاصة مانعة في نفسه أو في نفسها فليس ذلك حجة لإباحة تلك العلاقات، أو الدعوة إلي مثلها نه وهو يري بنفسه نتائجها الواقعية حين يبيحها المجتمع
والمغالطة الثالثة: هي زعمه في كتابه الأول " تحريرا المرأة" أن هذا التحرير لن ينتج عنه إلا الخير ولن تنشأ عنه العلاقات الدنسة التي رآها بعينه في المجتمع الفرنسي إنما سينشأ عنه تقوية أواصر المجتمع وربطها برباط متين! ( ).
وأيا كان الأمر فقد عاد قاسم أمين من فرنسا داعيا لتحرير المرأة داعيا إلي السفور ونزع الحجاب
نفس الدعوة التي دعا بها رفاعة الطهطاوي من قبل عند عودته من فرنسا مع فارق رئيسي.. لا في الدعوة ذاتها، ولكن في المدعوين فإن أكثر من نصف قرن من الغزو الفكري المستمر كانت قد فعلت فعلها في نفوس الناس، فلم تقابل دعوة قاسم أمين بالاستنكار البات الذي قوبلت به دعوة رفاعة الطهطاوي، ولم توءد في مهدها كما وئدت الدعوي الأخري من قبل
ومع ذلك فلم يكن الأمر سهلا فقد أثار كتاب "تحرير المرأة " معارضة عنيفة جعلت قاسم أمين ينزوي في بيته خوفا أو يأسا، ويعزم علي نفض يده من الموضوع كله.
ولكن سعد زغلول شجعه وقال له: أمض في طريقك وسوف أحميك!
عندئذ قرر أن يعود، وأن يسفر عن وجهه تماما فلئن كان في الكتاب الأول قد تمحكم في الإسلام، وقال إنه يريد للمرأة المسلمة ما أعطاها الإسلام من حقوق وفي مقدمتها التعليم فقد أسقط الإسلام في كتابه الثاني " المرأة الجديدة " ولم يعد يذكره إنما صار يعلن إن المرأة المصرية ينبغي أن تصنع كما صنعت أختها الفرنسية، لكي تتقدم وتتحرر، ويتقدم المجتمع كله ويتحرر! وهكذا سقط الحاجز المميز للمرأة المسلمة، وصارت هي المشركة أختين بلا أفتراق!
بل وصل الأمر إلي الدعوة إلي السير في ذات الطريق الذي سارت فيه الغربية من قبل، ولو أدي ذلك إلي المرور في جميع الأدوار، التي قطعتها وتقطعها النساء الغربيات وقد كان من بين تلك الأدوار ما يعلمه قاسم أمين ولا شك من التبذل وانحلال الأخلاق!
قال:
(.. ولانري مانعا من السير في تلك الطريق التي سبقتنا إليها الأمم الغربية لأننا نشاهد أن الغربيين يظهر تقدمهم في المدنية يوما فيوما.
(وبالجملة فإننا لا نهاب أن نقول بوجوب منح نسائنا حقوقهم في حرية الفكر والعمل بعد تقوية عقولهن بالتربية ن حتي لو كان من المحقق أن يمررن في جميع الأدوار التي قطعتها وتقطعها النساء الغربيات) ( ).
وكان آخر ماقاله في ليلة وفاته مخاطبا - بالفرنسية - مجموعة من الطلبة والطالبات الذين جاءوا من روما في زيارة لمصر:
(أحيي هذه البعثة العلمية وأشكرها علي زيارة نادي المدارس العالية, أحي منها بصفة خاصة هاتة الفتيات اللواتي تجشمن مصاعب السفر متنقلات من الغرب إلي الشرق حبا في الاستزادة من العلوم والمعارف أحييهن وقلبي ملؤه السرور حيث أري نصيبهم من العناية بتربيتهن لا يقل عن نصيب رفقائهن، أحييهن ولي شوق عظيم أن أشاهد ذلك اليوم الذي أري فيه حظ فتياتنا المسلمات المصريات كحظ هاته الفتيات السائحات من التربية والتعليم. ذلك اليوم الذي نري فيه المسلمات جالسات جنبا إلي جنب مع الشبيبة المصرية في اجتماع أدبي كاجتماع اليوم، فيشاركننا في لذة الأدبيات والعلوم التي هن منها محرومات,فعسي أن تحقق الآمال حتي يرتقين فيرتقي بهن الشعب المصري) ( ).
والآن وقد صار للمرأة " قضية " فلا بد للقضية من تحريك
وتبني القضية فريق من النسوة عليرأسهن هدي شعراوي، وفريق من الرجال " المدافعين " عن حقوق المرأة، وأصبح الحق الأول الذي تطالب به النسوة هو السفور.. وصارت القضية التي يدور حولها الجدل هي السفور والحجاب.
من أين جاءت القضية؟
حين قامت الحركة النسوية في أوربا كان للمرأة بالفعل قضية! قضية المساواة في الأجر مع الرجل الذي يعمل معها في نفس المصنع ونفس ساعات العمل، بينما تتقاضي هي نصف ما يتقاضاه الرجل من الأجرة ( ).
وحين اتسعت القضية هناك وتعددت مجالاتها – تلقائيا أو بتخطيط الشياطين – فقد كان محورها الأول هو قضية المساواة مع الرجل في الأجر، وترجع إليه كلما طالبت أو طولب لها بحق جديد حتي أصبحت القضية هناك في النهاية هي قضية المساواة التامة مع الرجل في كل شئ ومن بين " كل شئ" " حق الفساد " الذي كان الرجل قد وصل أو وصل إليه فصار حق الفساد داخلا بدوره في قضية المرأة تحت عنوان " حق المرأة في اختيار شريك حياتها " في مبدأ الأمر، ثم تحت عنوان " حق المرأة في إبداء عواطفها " وأخيرا تحت عنوان " حق المرأة في أن تهب نفسها لمن تشاء!!
أما في مصر أو في العالم الإسلامي – فلم تكن للمرأة قضية خاصة إنما كانت القضية الحقيقية هي إنحراف هذا المجتمع عن حقيقة الإسلام، مما سميناه " التخلف العقدي " وما نتج عن هذا التخلف العقدي من تخلف في جميع مجالات الحياة، وما تحقير المرأة وإهانتها وعدم إعطائها وضعها الإنساني الكريم إلا مجال من مجالات التي وقع فيها التخلف عن الصورة الحقيقة للإسلام، وعلاجها – كعلاج غيرها من الحالات جمعيا هو العودة إلي تلك الصورة الحقيقية، والتخلي عن ذلك التخلف المعيب؟.
تلك هي " القضية " وهي ليست " قضية المرأة " ولا " قضية الرجل " إنما قضية الأمة الإسلامية كلها، بجميع رجالها ونسائها وأطفالها وحكها وعلمائها وكل فرد فيها، وتخصصها بأنها " قضية المرأة " فضلا عن مجانبته للنظرة " العلمية " الفاحصة، فإنه لا يعالج القضية لأنه يأخذ عرضا من أعراض المرض فيجعله مرضا قائما بذاته، ويحاول علاجه فلا يقدر لهذا العلاج أن ينجح، لأنه يتعامي عن الأسباب الحقيقة من ناحية، ويفتقر إلي الشمول من ناحية أخري.
ولكن هل كان في ذهن أحد أن يبحث القضية بحثا جادا مخلصا فاحصا دقيقا ليتعرف علي الأسباب الحقيقة فيعالجها؟
أم هل كان أحد ممن تناول القضية في تمام وعليه ليناقشها علمية موضوعية مبصرة
أم هل كان أحد ممن تناول القضية سيد نفسه لينظر إليها بنظرته الخاصة ويري فيها ما يري بمناظرة الخاص؟! أم كانوا كلهم من العبيد سواء عبيد شهواتهم أو عبيد الغرب، الذين يساقون سوقا لتنفيذ مخططات أعدائهم وهم سادرون في الغفلة، غارقون في الضلال البعيد!
بل! لقد كانوا كلهم كذلك، رجالا ونساء دعاة واتباعا مخططين ومنفذين! وإذا كان لابد للقضية من موضوع فقد جعلت القضية فجأة وبلا مقدمات حقيقية قضية الحجاب والسفور!
لقد كانت القضية في أوربا " منطقية" في ظاهرها علي الأقل.. أو في بدايتها علي الأقل
فحين تضطر المرأة إلي العميل لظروف ليس هنا مجال هنا مجال تفصيلها ( )- ثم تعطي نصف أجر الرجل الذي يقوم بنفس العمل، فطلب المساواة في الأجر قضية حقيقية من جهة، وجيهة كل الوجاهة من ناحية أخري
أما قضية الحجاب والسفور مكانها من المنطق، وما مكانها من الحق؟
لم يكن " الرجل " هو الذي فرض الحجاب علي المرأة، فترفع المرأة فترتفع المرأة قضيتها ضده لتتخلص من " الظلم " الذي أوقعه عليها، كما كان وضع القضية في أوروبا بين المرأة والرجل إنما فرض الحجاب علي المرأة هو ربها وخالقها ( ), الذي لا تملك إن كانت مؤمنة إن تجادلة سبحانه فيما أمر به، أو يكون لها الخيرة في الأمر:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (36)} [سورة الأحزاب 33/36]
ثم إن الحجاب في ذاته لا يشكل قضية
فقد فرض الحجاب في عهد سول الله e، ونفذ في عهده، واستمر بعد ذلك ثلاثة عشر قرنا متوالية.. وما من مسلم يؤمن بالله ورسوله يقوم إن المرأة كانت في عهد رسول الله e مظلومة ( ). فإذا وقع عليها الظلم بعد ذلك، حين تخلف المسلمون عن عقيدتهم الصحيحة ومقتضياتها، فلم يكن الحجاب - بداهة - هو منبع الظلم ولا سببه ولا قرينه لأنه كان قائما في خير القرون علي الإطلاق، التي قام عنها رسول الله e " خيركم قرني.... " ( ) وكان قرين النظافة الخلقية والروحية، وقرين الرفعة الإنسانية التي لا مثيل لها في تاريخ البشرية كله...
ولكن المطلوب هو نزع الحجاب!
المطلوب هو السفور!
المطلوب هو التبرج!
المطلوب هو ان تخرج المرأة في النهاية عارية في الطريق!
ذلك ما تطلبه مؤتمرات المبشرين، وما يطلبه الصليبيون الذين يخططون ( )، فلتكن القضية إذن هي قضية السفور والحجاب، وليوصف الحجاب بكل شر يمكن أن يرد علي الذهن، وليوصف السفور بكل خير يخطر علي البال
ولتبدأ القضية من هنا.. ولتنته حيث يريد الشياطين!
تلقفت " القضية " كما قلنا مجموعة من النسوة فطالبن بالسفور علي أنه " حق" للمرأة سلبها إياه المجتمع، أو سلبها إياه الرجل الأناني المتحجر المتزمت الرجعي المتعفن الأفكار!
وكانت " زعميه " " النهضة النسوية " هدي " هانم " شعراوي، التي اتخذت من بيتها " صالونا " تقابل فيه الرجال سافرة في غير وجود محرم ( ).
كانت هدي شعراوي بنت محمد باشا سلطان أحد باشوات ذلك العصر، ومن هنا فهي " هانم " بالوراثة! سافرت إلي فرنسا لتتعلم وسافرت محجبة ولكنها حين عادة كانت سافرة وكان أبوها يستقبلها في ميناء الإسكندرية ومعه مجموعة من أصدقائه، فلما نزلت من الباخرة سافرة أحمر وجهه خجلا وغضبا،وأشاح بوجهه عنها وانصرف دون أن يحييها، ولكن ذلك لم يرد عها عن صنيعها، ولم يردها عن غيها الذي عادت به من فرنسا.
وتحلق حولها بعض النسوة، وبعض الرجال! الرجال الذين " يدافعون" عن قضية المرأة في الصحف والمجلات، بالنثر وبالشعر. لقاء جلسة " لطيفة " في صالون الهانم، أو ابتسامة خاصة تخص بها احدهم، أو مبلغ من المال تدسه في يد واحد من الصحفيين المرتزقة فيكتب مقالا في " رقة " الهانم "و " لطفها " وابتسامتها العذبة وحسن استقبالها لضيوفها - الرجال أو يكتب عن اجتماعاتها وتحركاتها أو يكتب عن " القضية "
وكانت قمة المسرحية هي مظاهرة النسوة في ميدان قصر النيل (ميدان الإسماعيلية) أمام ثكنات الجيش الإنجليزي سنة 1919
فقد كانت الثورة المصرية قد قامت ( ), وملأت المظاهرات شوارع القاهرة وغيرها من المدن تهتف ضد الإنجليز، وتطالب بالجلاء التام أو الموت الزؤام، ويطلق الإنجليز الرصاص من مدافعهم الرشاشة علي المتظاهرين فيسقط منهم كل يوم قتلي بلا حساب.
وفي وسط هذه المظاهرات الجادة ( ) قامت مظاهرة النسوة وعلي رأسها صفية هانم زغلول زوجة سعد زغلول ( ) وتجمع النسوة أمام ثكنات قصر النيل، وهتفن ضد الإحتلال ثم بتدبير سابق، ودون مقدمات ظاهرة، خلعن الحجاب، وألقين به في الأرض، وسكبن عليه البترول، وأشعلن فيه النار.. وتحررت المرأة!!! ( )
ويعجب الإنسان الآن للمسرحية وخلوها من المنطق
فما علاقة المظاهرة القائمة للاحتجاج علي وجود الاحتلال الانجليزي، والمطالبة بالجلاء عن مصر.. ما علاقة هذا بخلع الحجاب وإشعار النار فيه؟!
هل الإنجليز هم الذين فرضوا الحجاب علي المرأة المصرية المسلمة من باب العسف والظلم، فجاء النسوة يعلن احتجاجهن علي وجود الإنجليز في مصر، ويخلعن في الوقت ذاته ما فرضه عليهن الإنجليز من الحجاب؟
هل كان الإنجليز هم الذين ألبسوا المرأة الحجاب ما يزيد علي ثلاثة عشر قرنا كاملة قبل ذلك؟! أو كانوا هم الذين سلبوا المرأة " حق " السفور منذ ذلك الزمن السحيق، فجئن اليوم " يتحررن " من ظلمهم ويلقين الحجاب في وجههم تحديا ونكاية فيهم؟!
ما المنطق في المسرحية؟!
لا منطق في الحقيقة!
ولكن التجارب التالية علمتنا أن هذا المنطق الذي لا منطق فيه، هو الطريقة المثلي لمحاربة الإسلام
إن الذي يقوم بعمل من أعمال التخريب والتحطيم ضد الإسلام ينبغي أن يكون " بطلا" لتتداري في ظل " البطولة " أعمال التخريب والتحطيم!
كما أتاتورك.. جمال عبد الناصر.. أحمد بن بيلا - وعشرات غيرهم من " الأبطال " الذين حاربوا الإسلام بوسيلة من الوسائل.. كلهم ينبغي أن يكونوا " أبطالا " وقت قيامهم بمحاربة الإسلام وإلا انكشفت اللعبة من ورائهم، وانكشفت عمالتهم لأعداء الإسلام من الصليبين واليهود
كما أتاتورك الذي أطاح بالخلافة، وأراد أن يقطع ما بين الأتراك وبين إسلامهم ن فمنع الأذان اللغة العربية، وكتب اللغة التركية بالحروف اللاتينية وأمر بخلغ الحجاب وذبح عددا من علماء المسلمين.. كان " بطلا " صنعت له البطولات المسرحية الزائفة لتخفي يده التي تقطر بدماء المسلمين، وتخفي جريمته الكبري في حرب الإسلام.
جمال عبد الناصر الذي ذبح قادة الدعوة الإسلامية في مصر، وأنشأ للتنكيل بهم في سجون مصر ألوانا من التعذيب الوحشي لا مثيل لها في تاريخ البشرية كله، إلإ في محاكم التفتيش التي أقامها الصليبيون في الأندلس للقضاء علي الإسلام، وألغي المحاكم الشرعية وهم بالغاء الأزهر، وأضاف جرعات جديدة " لتحرير المرأة " كان " بطلا " أضفيت عليه البطولات المصطنعة لاخفاء الجريمة الهائلة التي ارتكبها ضد الإسلام.
أحمد بن بيلا الذي جاء ليسرق الثورة الإسلامية، ويحولها إلي ثورة اشتراكية بعيدة عن الإسلام مناوئه له، والذي دعا المرأة الجزائرية إلي خلع الحجاب بحجة عجيبة حين قال: إن المرأة الجزائرية قد امتنعت عن خلع الحجاب في الماضي لأن فرنسا هي التي كانت تدعوها إلي ذلك! أما اليوم فإني أطالب المرأة الجزائرية بخلع الحجاب من أجل الجزائر! أحمد بيلا يوم أن دعا تلك الدعوة كان " بطلا " أضفيت عليه البطولة المصطنعة بخطفة من الطائرة وهو متوجه من فرنسا إلي الجزائر.. حتي إذا نضجت اللعبة.. لعبة " البطولة " أطلق سراحة ليقوم بعمله ضد الإسلام.
وعلي هذا الضوء نفهم مظاهرة النسوة في ميدان الإسماعيلية بالقاهرة سنة 1919 لابد من بطولة تضفي علي كل عمل من أعمال التخريب ضد الإسلام، لتخفي ما وراءه من تدبير.
وأي بطولة للنسوة يومئذ أكبر من أن يقفن أمام قوي الاحتلال، يهتفن ضدها، ويفتحن صدورهن للرصاص؟
يقول حافظ إبراهيم في شأن هذه المظاهرة:
خرج الغواني يحتججن ورحت أرقب جمعنّهْفإذا بهن تخذن من سود الثياب شعارهنه فطلعن مثل كواكب يسطعن في وسط الدجنهوأخذن يجتزن الطريق ودار سعد قصدهنهيمشين في كنف الوقار وقد أبن شعور هنهوإذا بجيش مقبل والخيل مطلقة الأعنهوإذا الجنود سيوفها قد صوبت لنحورهنهوإذا المدافع والبنادق والصوارم والأسنهوالخيل والفرسان قد ضربت نطاقا حولهنه والورد والريحان في ذاك النهار سلاحهنهفتطاحن الجيشان ساعات تشيب لها الأجنهفتضعضع النسوان والنسوان ليس لهن منه ( )ثم انهزمن مشتتات الشمل نحو قصورهنه
وتدريجيا في ظل البطولة المدوية.. سقط الحجاب!
وأصبح من المناظر المألوفة في العاصمة أولا، ثم في المدن الأخري بعد ذلك، أن تري الأمهات متحجبات، والبنات سافرات، وكانت الأداة العظمي في عملية التحويل هذه هي التعليم من جهة، والصحافة من جهة أخري.
فأما التعليم فقد أقتضي معركة طويلة حتي تقرر علي المستوي الابتدائي أولا ثم المستوي الثانوي ثم في المرحلة الجامعية
واستفاد اعداء الإسلام فائدة عظمي من الوضع الجاهلي الذي كان يسود المجتمع الإسلامي تجاه المرأة وتعليمها، فأثاروها قضية ن ودقوا دقا عنيفا علي الأوضاع الظالمة لينفذوا منها إلي ما يريدون
ولسنا الآن في مجال تحديد المسئوليات، إنما نحن نتابع خطي التاريخ
وإلا فقدكان المسلمون علي خطأ بين وظلم بين للمرأة حين منعوا تعليمها كما أمرهم رسول الله e أن يعلموها، وحين أهانوها وحقروها في ذات الأمر الذي كرمها الله به ورفعها ن وهو الأمومة وتنشئة الأجيال.
{وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)} [سورة لقمان 31/14]
" من أولي الناي بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أبوك " ( ).
ولكن الذين استغلوا هذا الوضع ليطلقوا دعوتهم لم يكن همهم الحقيقي رفع الظلم عن المرأة، إنما كان رائدهم الأول هو تحطيم الإسلام، وإخراج المرأة فتنة متبرجة في الطريق لإفساد المجتمع الإسلامي، ولم تكن الفوضي الخلقية التي عمت المجتمع فيما بعد مفاجئة لهم ن ولا شيئا مستنكرا من جانبهم يشعرهم بالندم علي ما قدمت أيديهم.. بل كانت شيئا محسوبا ومتوقعا ومرغوبا بالنسبة إليهم، وقد كانوا يرون تجربة الغرب ماثلة أمام أعينهم، ويعرفون ما يئول إليه الأمر في المجتمع المسلم حين يتجه ذات الوجهه، ويسر علي ذات الخطوات
ولا ينفي هذا بطبيعة الحال وجود مخدوعين مستغفلين يتلقفون الدعوة بإخلاص ولكنه إخلاص لا ينفي الغفلة! وهم بغفلتهم أدوات معينة للشياطين، يستغلون موقفهم لتقوية دعوتهم، لأن الناس تري إخلاصهم فتظن أنهم علي خير فيتبعونهم، فيتم ما أراد الشياطين!
وقد كان هناك بديل ثالث للمصلح المخلص، الذي يريد الله ورسوله، ويريد تصحيح الأوضاع في المجتمع المنحرف، ورفع الظلم عن المظلومين، وهو الدعوة والجهاد لإعادة المجتمع الإسلامي إلي صورته الصحيحة التي ينبغي أن يكون عليها ولكن أحد من " المصحلين " القائمين يومئذ لم يدع إلي ذلك البديل الثالث وظل الخيار المعروض دائما هو إما الإبقاء علي الأوضاع السيئة المتخلفة الجامدة الظالمة وإما محو الإسلام ونبذة والإنسلاخ منه، والاتجاه إلي أوروبا من أجل التقدم والتحضر والرقي، بل إنه حين جاءت الدعوة إلي البديل الثالث في موعدها المقدور وعند الله، وجدت أبشع الاضطهاد والتنكيل من الحكام، ووجدت الاعراض العنيف والمعارضة من " المصلحين " مما يكشف عن الاتجاه الحقيقي لحركات " الإصلاح " التي أقيمت في المجتمع الإسلامي وأن هدفها لم يكن الإصلاح حقا بقدر ما كان هو تحطيم الإسلام أولا.. وليكن بعد ذلك ما يكون!
سقط الحجاب تدريجا عن طريق " بنات المدارس "!
أو لم تقرر المؤتمرات التبشيرية في مخططاتها ضد الإسلام ضرورة العمل علي تعليم المرأة المسلمة وتحريرها؟
وفي مبدأ الأمر لم يكن التبرج والتهتك هو طابع بنات المدارس،ـ بل لم يكن مقبولا أصلا في المدارس!
والحكمة في ذلك واضحة بطبيعة الحال! فلا المجتمع في ذلك الوقت كان يسمح ولا كشف الخطة كاملة منذ اللحظة الأولي كان يمكن من تنفيذها، بل كان قمينا بالقضاء عليها في مهدها!
ولو خرجت بنات المدارس عن تقاليد المجتمع المسلم دفعه واحدة ومن أول لحظة، هل كان يمكن أن يقبل أحد من أولياء الأمور أن يرسل بنته إلي المدرسة لتتعلم؟
كلا بالطبع! إنما لا بد من طمأنة أولياء الأمور تماما ن حتي يسمحوا بإرسال بناتهم إلي المدارس, ولتكن الخطة علي الأسلوب المتبع في عملية التحويل كلها " بطئ ولكنه أكيد المفعول "!" معنا لإثارة الشكوك "!
بالتدريج..
الشعر في مبدأ الأمر مغطي بقبعة.. وتتدلي من الخلف ضفيرتان تربطهما شريطة من القماش.الضفيرتان مكشوفتان أما الرأس فتخفيه القبعة! والوجه سافر..نعم.. ولكن.. صغيرات يا أخي! لا بأس!
ولم يمر الأمر في الحقيقة بسهولة.. ولكنه مر في النهاية! كما مرت كل الخطوات التالية حتي كشف الصدر والظهر والساقين والذراعين والعري علي الشواطئ والتهتك في الطرقات
كيف مر؟!
إن لهذا الأمر دلالاته ولا شك.. نعم كانت هناك جهود شيطانية لإفساد المجتمع المصري بالذات، لتصدير الفساد منه إلي بقية المجتمع الإسلامي كما مر القول، وشاركت في هذه الجهود كل الوسائل الممكنة من صحافة وإذاعة وسينما ومسرح.. إلخ، وكان التركيز عنيفا والوسائل فعالة.. ولكن هل يكفي ذلك كله لتفسير ما حدث؟!
لبيان ذلك نقول: إن كل هذه الوسائل ما تزال مستخدمة حتي هذه اللحظة، وبعنف أشد مما كان قبل خمسين عاما ودون شك، وقد أحدثت هذه الوسائل في خلال ما يزيد علي نصف قرن تيارا هائلا نافرا من الاسلام منسلخا منه.. ومع ذلك توجد اليوم فتيات محجبات، جامعيات مثقفات، لا يتنازلن عن حجابهن ولو دخلن من أجله السجون والمعتقلات.
فما الفرق؟!
بعبارة أخري نسأ: هل كان الحجاب الذي سقط عقدية أم تقاليد؟!
والأخلاق التي سقطت.. هل كانت ذات رصيد إيماني حقيقي أم كانت تقاليد؟! والرجل الذي ثار يوم كشفت " بنات المدارس " عن وجوهن " هل ثار للعقيدة، أم ثار للتقاليد؟!
والرجل الذي ثار يوم نزلت المرأة إلي الشارع لتعمل.هل كانت ثورته نابعة من عقدية حقيقية، دينية أو غير دينية، أم كانت " عنجهية " الرجل هي المحرك، والمحافظة عليها هي الدافع إلي الثورة؟
حين يكون الحجاب عقدية فإنه لا يسقط، مهما سطل عليه من ادوات التحطيم، وحين تكون الأخلاق ذات رصيد إيماني حقيقي، فليس من السهل أن تسقط ولو سلطت عليها عوامل الإفساد – إلا بعد مقاومة شديدة وزمن مديد.
أما التقاليد الخاوية من الروح.. وأما العنجهية الفارغة.. فهي عرضة للسقوط إذا أشتد عليها الضغط، وقد كان الضغط عنيفا بالفعل، بل كان شيطانيا بكل ما تحمله الكلمة من معان!
بدأت بنات المدارس يكشفن عن وجوههن ويسرن في الطريق علي النحو الذي وصفناه، ولكن في ملابس طويلة تغطي الذراعين جميعا وتصل إلي القدمين، وفي أدب ظاهر و " استقامة " كاملة.
وهل كن يملكن غير ذلك؟!
إن الفتاه التي يحدثها شيطانها أن تلتفت فقط يمنه أو يسرة تضيع! تسقط في نظر المجتمع، وتكون عبرة لمن يعتبر! فمن التي في مبدأ الأمر تلتفت يمنه أويسره؟!
إنما هو الأدب الكامل والانضباط الشديد!
وحين أفتتحت أول مدرسة ثانوية للبنات في القاهرة.. "مدرسة السنية " كانت ناظرتها انجليزية. وكانت " قمة " في المحافظة إلي حد التزمت! فهكذا ينبغي أن تكون الأمور في مبدأ الأمر! حتي يكتب لهذه الخطوة الثبات في الأرض والتمكين، ويمكن مدها فيما بعد إلي آفاق جديدة! أما لو كشف المستور من أول لحظة فلن تدخل فتاة واحدة المدرسة الثانوية، يبوء المخطط كله بالخسران!
كانت هيئة التدريس نسوية خالصة، في ماعدا مدرس اللغة العربية لتعذر وجود مدرسات للغة العربية يومئذ ولكنه كان يختار من الرجال المتقدمين في السن ن المتزوجين، المشهود لهم حقا بالصلاح والتقوي، فهو بالفعل أب يرعي بناته، ويشعرن نحوه بما تشعر به الفتاة نحو أبيها الوقور، فتقدم له الإحترام والتوقير.
وليس في المدرسة كلها رجل آخر إلا كاتب المدرسة، وهو منعزل عن المدرسة كلها في مكتب خاص لمقابلة أولياء الأمور، والقيام بالأمور الكتابية والحسابية للمدرسة، وحارس الباب، وهو كذلك رجل وقور متقدم في العمر تقول له البنات " يا عم!" إذا حدث علي الإطلاق أن وجهن له الكلام!
وكانت الفتيات يحضرن إلي المدرسة في عربات مغطاه بالستائر، ويعدن إلي بيوتهن بنفس الوسيلة ن فأما إن كان أهل الفتاة لا يريدون أن يتحملوا نفقات العربة، فيأتي معها ولي أمرها يسلمها إلي المدرسة صباحا ويتسلمها في نهاية اليوم المدرسي، لكي لا يتركها تسير وحدها في الطريق.
أي شئ يريد الآباء أكثر من ذلك؟!
بل أن " حضرة الناظر " لهي أشد في تأديب البنات من أولياء أمورهن! إنجليزية يا أخري! الإنجليز حازمون في التربية! قل ما تشاء فيهم، ولكن في التربية!
وكانت المناهج في مدارس البنات رجالية في الحقيقة لأمر يراد فيما بعد.. ولكنها بعد مغطاه.. فالفتاة تدرس نفس المناهج المقررة في المدارس الثانوية للبنين، ولكنها تدرس إلي جانبها مواد " نسوية" كالتدبير المنزلي ورعاية النشء … وذلك لإيهام بأن المقصود من التعليم في هذه المدارس هو إعداد الفتاة لحياة الأسرة التي تنتظرها. إذ كانت أشج نقط المعارضة في تعليم البنات بعد المرحلة الابتدائية أن الدراسة الثانوية ستعطل الفتاة عن الزواج وهي في سن الزواج وتبعدها عن جو البيت الذي خلفت له ن والذي ستقضي بقية حياتها فيه
فأما تعطيل الفتاه عن الزواج فقد واجهة أصحاب (القضية) بالمطالبة بإرجاء سن الزواج، وتحريم الزواج قبل سن السادسة عشرة (وصدر تشريع بذلك) ومحاولة تزيين هذا التأخير بمختلف الحجج ن حتي صار أمرا واقعا فيما بعد، لا عند السادسة عشرة، بل عند الثلاثين وما بعدها في بعض الأحيان!
وأما إبعاد البنت عن جو البيت فقد واجهة أصحاب القضية بتلك الدروس المتناثرة في التدبير المنزلي ورعاية النشء، وفي مقابلها تزاد سنوات الدراسة الثانوية للبنات ن فتصبح ست سنوات بدلا من خمس للبين.
حتي إذا هدأت ثورة المعارضين، وصار التعليم الثانوي للبناء أمرا واقعا بعد المعارضة العنيدة التي كانت من قبل، اخذت هذه الدروس النسوية تتضاءل، حتي محيت في نهاية الأمر، وأصبح المنهج رجاليا خالصا في مدارس البنات، وألغيت السنة السادسة، وأصبحت الفتاة تتخرج بعد خمس سنوات علي ذات المناهج التي يتخرج عليها الفتي.. لتصبح للفتاه قضية جديدة.. قضية الدخول إلي الجامعة!
ولكن لا نسبق خطي التاريخ!
تعددت مدارس البنات الثانوية في القاهرة ثم في الإسكندرية ثم في غيرها من المدن.. وخفت قبضة الناظرة الانجليزية فلم يعد يهمها إلا " النظام " الصارم في داخل المدرسة أما " أخلاق " البنات فلم تعد تعيرها اهتماما كما كانت من قبل، وجاءت بعدها ناظرات مصريات، أقل انضباطا من ناحية النظام، وأقل اهتماما بقضايا الأخلاق.
وسارت الأمور فترة من الزمن سيرها الرتيب، وكثر الإقبال علي مدارس البنات حتي ضاقت بهن ن فقامت إلي جانبها مدارس أهلية تسير علي ذات المنهج م وتحقق ذات الأهداف وأطمأن الناس اليوم علي بناتهم فلم يعودوا يصحبونهن في الذهاب والإياب وأصبحت أفواج البنات تذهب في الطرقات وحدها وتجئ.
ولكن.. هل كان يمكن أن تستمر الأمور في داخل هذا النطاق المحدود؟!
يوجد دائما في كل مجتمع فتاة " جريئة " وفتي "جرئ"!( ) يخرجون علي تقاليد المجتمع ويتحللون منها.
وفي المجتمعات المتماسكة يكون نصيب هؤلاء هو الردع الفوري، الذي يمنع العدوي، ويقضي علي الجرثومة قبل أن يستفحل أمرها، أما في المجتمعات المفككة فلا يحدث الردع المطلوب، أو لا يحدث بالقوة الحاسمة التي تؤتي أثرها،فتظل الجرثومة باقية ن وتظل تنتشر حتي يحدث الوباء.
لذلك مدح الله خير أمة أخرجت للناس بقوله تعالي: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [سورة آل 3/110]
ولعن شر أمة أخرجت للناس بقوله تعالي: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)} [سورة المائدة 5/78-79]
وفي المجتمعات التي تتحول فيها القيم والأخلاق إلي " تقاليد " خاوية من الروح، يحدث الإنكار ويحدث الاحتجاج،ولكن لا يحدث الردع الحاسم الذي يقتل الجرثومة قبل أن تستفحل، فتبقي، ثم تنتشر في خطي بطيئة ولكنها أكيدة المفعول!
وهذا هو الذي حدث في المجتمع المصري أمام الغزو الفكري الصليبي في القرن الرابع عشر الهجري، وفي المجتمع الإسلامي كله. كانت هناك بقايا قيم وبقايا دين ن ولكنها كانت تقاليد خاوية من الروح ن فلم تستطيع ان تصمد طويلا أمام الغزو الكاسح ن الذي يزين الفساد للناس باسم الرقي والحضارة والتقدم "التحرر " من الرجعية والتحرر من الجمود
بدأت أول فتاة " جريئة " تلتفت برأسها حين يلقي إليها الفتي " الجرئ" بألفاظ الغزل المستور أو المكشوف.
وتسقط الفتاة الجريئة في نظر المجتمع من أجل هذه الالتفاته، وتعتبر فتاة فاسدة الأخلاق، ولكنها لا تردع! ولا يردع الفتي الجرئ الذي ألقي بألفاظ الغزل علي قارعة الطريق، فيتكرر النموذج من هنا ومن هناك.. وتتبلد أعصاب الناس علي المنظر المكرر,.وتصبح ظاهرة " معاكسة" " بناء المدارس " ظاهرة مألوفة في المجتمع المصري، لا يتحرك لها أحد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ويفرح الشياطين!
ورويدا رويدا تتغير ملابس بنات المدارس!
تقصر "المريلة " قليلا.هل هناك مانع؟! الجورب يغطي ما كشتفه " المريلة" فماذا يحدث؟!
ويقصر الكم قليلا.. هل هناك مانع؟! سنتيمترات قليلة لا تقدم ولا تؤخر.. ماذا يحدث؟! هل تخرب الدنيا إذا قصرت الأكمام قليلا أو قصر " الذيل " لا تحبكوها أيها المتزمتون!
وتتبلد الأعصاب علي المنظر المكرور، فتقصر الأكمام بضعة سنتيمترات اخري أو يقصر الذيل،أو يقصر الجورب.. وينكشف من المرأة ما أمر الله بستره بنفس المقدار!
أف لكم أيها المتزمتون! تفتئون تذكرون الأخلاق وتنادون بالويل والثبور! ماذا حدث للأخلاق حين تراجعت الملابس بضعة سنتيمترات؟ هل تقاس الأخلاق بالسنتيمتر أيها الجامدون؟ الأخلاق قيم (!!).. والقيم محلها القلب (!!) ما دامت الفتاة (مقتنعة) بالقيم في داخل نفسها فلن تفسد ولو سارت عارية في الطريق!
وحين تكثر الفتيات في الشوارع، حاسرات مقصرات، سواء من بنات المدارس الثانوية أو مدارس المعلمات، أو من خريجات المدارس الأخيرة اللوايت صرن معلمات وصارت لهن رواتب خاصة يستطعن الانفاق منها علي حوائجهن.. عند ذلك تبدأ (المودات) في الظهور.. وتصبح هناك صحافة نسوية تتخصص في عرض " المودات" أو ركن في المجالات والصحف العامة يسمي " ركن المرأة " يقدم النصائح ويقدم "المودات "
فأما النصائح فتبدأ في غاية " العفة " وفي غاية الاتزان!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قضية تحرير المرأة (من ثلاث صفحات 1/3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قضية تحرير المرأة (من ثلاث صفحات 2/3)
» قضية تحرير المرأة (من ثلاث صفحات 3/3)
» حقيقة قضية تحرير المرأة
» قضايا اسلامية تحرير المرأة
» المرأة في عمق الزمن تحرير أم تغرير؟؟؟!!!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى المرأة-
انتقل الى: