ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 الإمام أحمد بن حنبل / الجزء العاشر (البداية والنهاية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

الإمام أحمد بن حنبل / الجزء العاشر (البداية والنهاية) Empty
مُساهمةموضوع: الإمام أحمد بن حنبل / الجزء العاشر (البداية والنهاية)   الإمام أحمد بن حنبل / الجزء العاشر (البداية والنهاية) Emptyالجمعة يناير 01, 2010 1:55 pm

الإمام أحمد بن حنبل / الجزء العاشر (البداية والنهاية) T87nB-raW5_140489488
الإمام أحمد بن حنبل
فنقول وبالله المستعان هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أقصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن حمل بن النبت بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل - عليهما السلام - أبو عبد الله الشيباني ثم المروزي ثم البغدادي، هكذا ساق نسبه الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي في الكتاب الذي جمعه في مناقب أحمد عن شيخه الحافظ أبي عبد الله الحاكم صاحب المستدرك.
وروى عن صالح بن الإمام أحمد قال: رأى أبي هذا النسب في كتاب لي فقال: وما تصنع به؟ ولم ينكر النسب. قالوا: وقدم به أبوه من مرو وهو حمل فوضعته أمه في ببغداد في ربيع الأول من سنة أربع وستين ومائة.
وتوفي أبوه وهو ابن ثلاث سنين، فكفلته أمه.
قال صالح: عن أبيه، فثقبت أذني وجعلت فيها لؤلؤتين، فلما كبرت دفعتهما إلي بثلاثين درهما.
وتوفي أبو عبد الله أحمد بن حنبل يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومائتين، وله من العمر سبع وسبعون سنة، رحمه الله.
وقد كان في حداثته يختلف إلى مجلس القاضي أبي يوسف، ثم ترك وأقبل على سماع الحديث، فكان أول طلبه للحديث وأول سماعه من مشايخه في سنة سبع وثمانين ومائة، وقد بلغ من العمر ست عشر سنة، وأول حجة حجها في سنة سبع وثمانين ومائة، ثم سنة إحدى وتسعين.
وفيها: حج الوليد بن مسلم، ثم سنة ست وتسعين، وجاور في سنة سبع وتسعين، ثم حج في سنة ثمان وتسعين، وجاور إلى سنة تسع وتسعين، سافر إلى عند عبد الرازق إلى اليمن، فكتب عنه هو ويحيى بن معين وإسحق بن راهويه.
قال الإمام أحمد: حججت خمس حجج منها ثلاث راجلا، أنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهما.
قال: وقد ضللت في بعضها الطريق وأنا ماش، فجعلت أقول: يا عباد الله دلوني على الطريق، فلم أزل أقول ذلك حتى وقفت على الطريق، قال: وخرجت إلى الكوفة فكنت في بيت تحت رأسي لبنة، ولو كان عندي تسعون درهما كنت رحلت إلى جرير بن عبد الحميد إلى الري وخرج بعض أصحابنا ولم يمكني الخروج لأنه لم يمكن عندي شيء.
وقال ابن أبي حاتم: عن أبيه، عن حرملة سمعت الشافعي قال: وعدني أحمد بن حنبل أن يقدم على مصر فلم يقدم.
قال ابن أبي حاتم: يشبه أن تكون ذات اليد منعته أن يفي بالعدة، وقد طاف أحمد بن حنبل في البلاد والآفاق وسمع من مشايخ العصر، وكانوا يجلونه ويحترمونه في حال سماعه منهم، وقد سرد شيخنا في تهذيبه أسماء شيوخه مرتبين على حروف المعجم، وكذلك الرواة عنه.
قال البيهقي: بعد أن ذكر جماعة من شيوخ الإمام أحمد: وقد ذكر أحمد بن حنبل في المسند وغيره الرواية عن الشافعي، وأخذ عنه جملة من كلامه في أنساب قريش، وأخذ عنه من الفقه ما هو مشهور، وحين توفي أحمد وجدوا في تركته رسالتي الشافعي القديمة والجديدة.
قلت: قد أفرد ما رواه أحمد عن الشافعي، وهي أحاديث لا تبلغ عشرين حديثا ومن أحسن ما رويناه عن الإمام أحمد، عن الشافعي، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: قال رسول الله : «نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة يرجعه إلى جسده يوم البعث»
وقد قال الشافعي لأحمد لما اجتمع به في الرحلة الثانية إلى بغداد سنة تسعين ومائة - وعمر أحمد إذ ذاك نيف وثلاثون سنة - قال له: يا أبا عبد الله إذا صح عندكم الحديث فأعلمني به أذهب إليه حجازيا كان أو شاميا أو عراقيا أو يمنيا - يعني لا يقول بقول فقهاء الحجاز الذين لا يقبلون إلا رواية الحجازيين وينزلون أحاديث من سواهم منزلة أحاديث أهل الكتاب -.
وقول الشافعي له هذه المقالة تعظيم لأحمد، وإجلال له، وأنه عنده بهذه المثابة إذا صحح أو ضعف يرجع إليه، وقد كان الإمام أحمد بهذه المثابة عند الأئمة والعلماء، كما سيأتي ثناء الأئمة عليه واعترافهم له بعلو المكانة في العلم والحديث، وقد بعد صيته في زمانه واشتهر اسمه في شبيبته في الآفاق.
ثم حكى البيهقي كلام أحمد في الإيمان وأنه قول وعمل ويزيد وينقص، وكلامه في القرآن كلام الله غير مخلوق، وإنكاره على من يقول: إن لفظه بالقرآن مخلوق يريد به القرآن.
قال: وفيها حكى أبو عمارة وأبو جعفر، أخبرنا أحمد شيخنا السراج، عن أحمد بن حنبل، أنه قال: اللفظ محدث، واستدل بقوله: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 18] .
قال: فاللفظ كلام الآدميين.
وروى غيرهما عن أحمد أنه قال: القرآن كيف ما تصرف فيه غير مخلوق، وأما أفعالنا فهي مخلوقة، قلت: وقد قرر البخاري في هذا المعنى في أفعال العباد، وذكره أيضا في الصحيح، واستدل بقوله عليه السلام: «زينوا القرآن بأصواتكم».
ولهذا قال غير واحد من الأئمة: الكلام كلام الباري، والصوت صوت القاري، وقد قرر البيهقي ذلك أيضا.
وروى البيهقي، من طريق إسماعيل بن محمد بن إسماعيل السلمي، عن أحمد، أنه قال: من قال القرآن محدث فهو كافر.
ومن طريق أبي الحسن الميموني، عن أحمد أنه أجاب الجهيمة حين احتجوا عليه بقوله تعالى: { مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } [الأنبياء: 2] قال: يحتمل أن يكون تنزيله إلينا هو المحدث، لا الذكر نفسه هو المحدث.
وعن حنبل، عن أحمد أنه قال: يحتمل أن يكون ذكر آخر غير القرآن، وهو ذكر رسول الله أو وعظه إياهم.
ثم ذكر البيهقي كلام الإمام أحمد، وفي رؤية الله في الدار الآخرة، واحتج بحديث صهيب في الرؤية، وهي زيادة، وكلامه في نفي التشبيه وترك الخوض في الكلام، والتمسك بما ورد في الكتاب والسنة عن النبي وعن أصحابه.
وروى البيهقي، عن الحاكم، عن أبي عمرو بن السماك، عن حنبل، أن أحمد بن حنبل تأول قول الله تعالى: { وَجَاءَ رَبُّكَ } [الفجر: 22] أنه: جاء ثوابه. ثم قال البيهقي: وهذا إسناد لا غبار عليه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو بكر بن عياش، ثنا عاصم، عن زر، عن عبد الله هو ابن مسعود - قال: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأوه سيئا فهو عند الله سيء، وقد رأى الصحابة جميعا أن يستخلفوا أبا بكر رضي الله عنه، إسناد صحيح.
قلت: وهذا الأثر فيه حكاية إجماع عن الصحابة في تقديم الصديق. والأمر كما قاله ابن مسعود، وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة.
وقد قال أحمد حين اجتاز بحمص وقد حمل إلى المأمون في زمن المحنة، ودخل عليه عمرو بن عثمان الحمصي فقال له: ما تقول في الخلافة؟
فقال: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ومن قدم عليا على عثمان فقد أزرى بأصحاب الشورى، لأنهم قدموا عثمان رضي الله عنه.
ورعه وتقشفه وزهده رحمه الله
روى البيهقي، من طريق المزني، عن الشافعي أنه قال للرشيد: إن اليمن يحتاج إلى قاض.
فقال له: اختر رجلا نوله إياها.
فقال الشافعي لأحمد بن حنبل - وهو يتردد إليه في جملة من يأخذ عنه - ألا تقبل قضاء اليمن؟ فامتنع من ذلك امتناعا شديدا.
وقال للشافعي: إني إنما أختلف إليك لأجل العلم المزهد في الدنيا، فتأمرني أن ألي القضاء؟ ولولا العلم لما أكلمك بعد اليوم. فاستحى الشافعي منه.
وروي أنه كان لا يصلي خلف عمه إسحاق بن حنبل، ولا خلف بنيه، ولا يكلهم أيضا، لأنهم أخذوا جائزة السلطان، ومكث مرة ثلاثة أيام لا يجد ما يأكله حتى بعث إلى بعض أصحابه فاستقرض منه دقيقا، فعرف أهله حاجته إلى الطعام فعجلوا وعجنوا وخبزوا له سريعا فقال: ما هذه العجلة ! كيف خبزتم؟
فقالوا: وجدنا تنور بيت صالح مسجورا فخبزنا لك فيه، فقال: ارفعوا ولم يأكل، وأمر بسد بابه إلى دار صالح.
قال البيهقي: لأن صالحا أخذ جائزة السلطان، وهو المتوكل على الله.
وقال عبد الله ابنه: مكث أبي بالعسكر عند الخليفة ستة عشر يوما يأكل فيها إلا ربع مد سويقا، يفطر بعد كل ثلاث ليال على سفة منه، حتى رجع إلى بيته، ولم ترجع إليه نفسه إلا بعد ستة أشهر، وقد رأيت موقيه دخلا في حدقتيه.
قال البيهقي: وقد كان الخليفة يبعث إليه المائدة فيها أشياء كثيرة من الأنواع، وكان أحمد لا يتناول منها شيئا.
قال: وبعث المأمون مرة ذهبا يقسم على أصحاب الحديث، فما بقي منهم أحدا إلا أخذ إلا أحمد بن حنبل فإنه أبى.
وقال سليمان الشاذكوني: حضرت أحمد وقد رهن سطلا له عند فامي اليمن، فلما جاءه بفكاكه أخرج له سطلين فقال: خذ متاعك منهما، فاشتبه أيهما له فقال: أنت في حل منه، ومن الفكك، وتركه وذهب.
وحكى ابنه عبد الله قال: كنا في زمن الواثق في ضيق شديد، فيكتب رجل إلى أبي إن عندي أربعة آلاف درهم ورثتها من أبي وليست صدقة ولا زكاة، فإن رأيت أن تقبلها. فامتنع من ذلك، وكرر عليه فأبى، فلما كان بعد حين ذكرنا ذلك فقال أبي: لو كنا قبلناها كانت ذهبت وأكلناها، وعرض عليه بعض التجار عشرة آلاف درهم ربحها من بضاعة جعلها باسمه فأبى أن يقبلها وقال: نحن في كفاية، وجزاك الله عن قصدك خيرا. وعرض عليه تاجر آخر ثلاثة آلاف دينار فامتنع من قبولها وقام وتركه. ونفدت نفقة أحمد وهو في اليمن فعرض عليه شيخه عبد الرزاق ملء كفه دنانير فقال: نحن في كفاية، ولم يقبلها، وسرقت ثيابه وهو في باليمن فجلس في بيته ورد عليه الباب، وفقده أصحابه فجاءوا إليه فسألوه فأخبرهم فعرضوا عليه ذهبا فلم يقبله ولم يأخذ منهم إلا دينارا واحدا ليكتب لهم به، فكتب لهم بالأجر رحمه الله.
وقال أبو داود: كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة لا يذكر فيها شيء من أمر الدنيا، وما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط.
وروى البيهقي: أن أحمد سئل عن التوكل فقال: هو قطع الاستشراف باليأس من الناس.
فقيل له: هل من حجة على هذا؟
قال: نعم ! إن إبراهيم لما رمي به في النار في المنجنيق عرض له جبريل فقال: هل لك من حاجة؟
قال: أما إليك فلا.
قال: فسل من لك إليه حاجة.
فقال: أحب الأمرين ألي أحبهما إليه.
وعن أبي جعفر محمد بن يعقوب الصفار قال: كنا مع أحمد بن حنبل بسر من رأى فقلنا: ادع الله لنا
فقال: اللهم إنك تعلم أنك على أكثر مما نحب فاجعلنا على ما تحب دائما، ثم سكت فقلنا: زدنا !
فقال: اللهم إنا نسألك بالقدرة التي قلت للسموات والأرض { اِئْتِيَا طَوْعا أَوْ كَرْها قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } [فصلت: 11] .
اللهم وفقنا لمرضاتك، اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلا إليك، ونعوذ بك من الذل إلا لك، اللهم لا تكثر لنا فنطغى، ولا تقل علينا فننسى، وهب لنا من رحمتك وسعة رزقك ما يكون بلاغا لنا في دنيانا، وغنى من فضلك.
قال البيهقي: وفي حكاية أبي الفضل التميمي، عن أحمد وكان يدعو في السجود: اللهم من كان من هذه الأمة على غير الحق وهو يظن أنه على الحق فرده إلى الحق ليكون من أهل الحق.
وكان يقول: اللهم إن قبلت عن عصاة أمة محمد فداء فاجعلني فداء لهم.
وقال صالح بن أحمد: كان أبي لا يدع أحدا يستقي له الماء للوضوء، بل كان يلي ذلك بنفسه، فإذا خرج الدلو ملآن قال: الحمد لله.
فقلت: يا أبة ما الفائدة بذلك؟
فقال: يا بني أما سمعت قول الله عز وجل: { أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ } [الملك: 30] والأخبار عنه في هذا الباب كثيرة جدا، وقد صنف أحمد في الزهد كتابا حافلا عظيما لم يسبق إلى مثله، ولم يلحقه أحد فيه، والمظنون بل المقطوع به أنه كان يأخذ بما أمكنه منه رحمه الله.
وقال إسماعيل بن إسحاق السراج: قال لي أحمد بن حنبل: هل تستطيع أن تريني الحارث المحاسبي إذا جاء منزلك؟
فقلت: نعم !
وفرحت بذلك، ثم ذهبت إلى الحارث فقلت له: إني أحب أن تحضر الليلة عندي أنت وأصحابك.
فقال: إنهم كثير فأحضر لهم التمر والكسب.
فلما كان بين العشاءين جاؤوا، وكان الإمام أحمد قد سبقهم فجلس في غرفة بحيث يراهم ويسمع كلامهم ولا يرونه، فلما صلوا العشاء الآخرة لم يصلوا بعدها شيئا، بل جاؤوا فجلسوا بين يدي الحارث سكوتا مطرقي الرؤوس، كأنما على رؤوسهم الطير، حتى إذا كان قريبا من نصف الليل سأله رجل مسألة فشرع الحارث يتكلم عليها وعلى ما يتعلق بها من الزهد والورع والوعظ، فجعل هذا يبكي وهذا يئن وهذا يزعق.
قال: فصعدت إلى الإمام أحمد إلى الغرفة فإذا هو يبكي حتى كاد يغشى عليه، ثم لم يزالوا كذلك حتى الصباح، فلما أرادوا الانصراف قلت: كيف رأيت هؤلاء يا أبا عبد الله؟
فقال: ما رأيت أحدا يتكلم في الزهد مثل هذا الرجل، وما رأيت مثل هؤلاء، ومع هذا فلا أرى لك أن تجتمع بهم.
قال البيهقي: يحتمل أنه كره له صحبتهم لأن الحارث بن أسد، وإن كان زاهدا، فإنه كان عنده شيء من علم الكلام، وكان أحمد يكره ذلك، أو كره له صحبتهم من أجل أنه لا يطيق سلوك طريقتهم وما هم عليه من الزهد والورع.
قلت: بل إنما كره ذلك لأن في كلامهم من التقشف وشدة السلوك التي لم يرد بها الشرع والتدقيق والمحاسبة الدقيقة البليغة ما لم يأت بها أمر، ولهذا لما وقف أبو زرعة الرازي على كتاب الحارث المسمى: بالرعاية، قال: هذا بدعة.
ثم قال للرجل الذي جاء بالكتاب: عليك بما كان عليه مالك والثوري والأوزاعي والليث، ودع عنك هذا فإنه بدعة.
وقال إبراهيم الحربي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إن أحببت أن يدوم الله لك على ما تحب فدم له على ما يحب.
وقال: الصبر على الفقر مرتبة لا ينالها إلا الأكابر.
وقال: الفقر أشرف من الغنى، فإن الصبر عليه مرارة وانزعاجه أعظم حالا من الشكر.
وقال: لا أعدل بفضل الفقر شيئا.
وكان يقول: على العبد أن يقبل الرزق بعد اليأس، ولا يقبله إذا تقدمه طمع أو استشراف.
وكان يحب التقليل من الدنيا لأجل خفة الحساب.
وقال إبراهيم: قال رجل لأحمد: هذا العلم تعلمته لله؟
فقال له أحمد: هذا شرط شديد ولكن حبب إلي شيء فجمعته.
وفي رواية أنه قال: أما الله فعزيز، ولكن حبب إلى شيء فجمعته.
وروى البيهقي: أن رجلا جاء إلى الإمام أحمد فقال: إن أمي زمنه مقعده منذ عشرين سنة، وقد بعثتني إليك لتدعو لها.
فكأنه غضب من ذلك، وقال: نحن أحوج أن تدعو هي لنا من أن ندعو لها.
ثم دعا الله عز وجل لها.
فرجع الرجل إلى أمه فدق الباب، فخرجت إليه على رجليها وقالت: قد وهبني الله العافية.
وروي أن سائلا سأل فأعطاه الإمام أحمد قطعة فقام رجل إلى السائل فقال: هبني هذه القطعة حتى أعطيك عوضها، ما تساوي درهما.
فأبى فرقاه إلى خمسين درهما وهو يأبى وقال: إني أرجو من بركتها ما ترجوه أنت من بركتها.
ثم قال البيهقي رحمه الله:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإمام أحمد بن حنبل / الجزء العاشر (البداية والنهاية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وفاة الإمام أحمد بن حنبل / الجزء العاشر (البداية والنهاية)
» ثناء الأئمة على الإمام أحمد بن حنبل / الجزء العاشر (البداية والنهاية)
» باب ذكر ما جاء في محنة أبي عبد الله أحمد بن حنبل / الجزء العاشر (البداية والنهاية)
» ذكر ترجمة الإمام أبي حنيفة / الجزء العاشر (البداية والنهاية)
» أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح / الجزء العاشر (البداية والنهاية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: