ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 سنة إحدى وعشرين هجري وكانت وقعة نهاوند / الجزء السابع / (البداية والنهاية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

سنة إحدى وعشرين هجري وكانت وقعة نهاوند / الجزء السابع / (البداية والنهاية) Empty
مُساهمةموضوع: سنة إحدى وعشرين هجري وكانت وقعة نهاوند / الجزء السابع / (البداية والنهاية)   سنة إحدى وعشرين هجري وكانت وقعة نهاوند / الجزء السابع / (البداية والنهاية) Emptyالإثنين ديسمبر 28, 2009 8:57 am

سنة إحدى وعشرين هجري وكانت وقعة نهاوند / الجزء السابع / (البداية والنهاية) Kunoooz5e4f7befca
سنة إحدى وعشرين هجري وكانت وقعة نهاوند
وهي وقعة عظيمة جدا لها شأن رفيع، ونبأ عجيب، وكان المسلمون يسمونها فتح الفتوح.
قال ابن إسحاق والواقدي: كانت وقعة نهاوند في سنة إحدى وعشرين.
وقال سيف: كانت في سنة سبع عشرة.
وقيل: في سنة تسع عشرة والله أعلم.
وإنما ساق أبو جعفر بن جرير قصتها في هذه السنة فتبعناه في ذلك وجمعنا كلام هؤلاء الأئمة في هذا الشأن سياقا واحدا، حتى دخل سياق بعضهم في بعض.
قال سيف وغيره: وكان الذي هاج هذه الوقعة أن المسلمين لما افتتحوا الأهواز ومنعوا جيش العلاء من أيديهم واستولوا على دار الملك القديم من اصطخر مع ما حازوا من دار مملكتهم حديثا، وهي المدائن، وأخذ تلك المدائن والأقاليم والكور والبلدان الكثيرة، فحموا عند ذلك واستجاشهم يزدجرد الذي تقهقر من بلد إلى بلد حتى صار إلى أصبهان مبعدا طريدا، لكنه في أسرة من قومه وأهله وماله، وكتب إلى ناحية نهاوند وما ولاها من الجبال والبلدان، فتجمعوا وتراسلوا حتى كمل لهم من الجنود ما لم يجتمع لهم قبل ذلك.
فبعث سعد إلى عمر يعلمه بذلك، وثار أهل الكوفة على سعد في غضون هذا الحال، فشكوه في كل شيء حتى قالوا: لا يحسن يصلي كان الذي نهض بهذه الشكوى رجل يقال له: الجراح بن سنان الأسدي في نفر معه، فلما ذهبوا إلى عمر فشكوه، قال لهم عمر: إن الدليل على ما عندكم من الشر نهوضكم في هذا الحال عليه، وهو مستعد لقتال أعداء الله، وقد جمعوا لكم، ومع هذا لا يمنعني أن أنظر في أمركم.
ثم بعث محمد بن مسلمة - وكان رسول العمال - فلما قدم محمد بن مسلمة الكوفة طاف على القبائل والعشائر والمساجد بالكوفة، فكل يثني على سعد خيرا إلا ناحية الجراح بن سنان، فإنهم سكتوا فلم يذموا، ولم يشكروا حتى انتهى إلى بني عبس.
فقام رجل يقال له: أبو سعدة أسامة بن قتادة، فقال: أما إذ ناشدتنا فإن سعدا لا يقسم بالسوية، ولا يعدل في الرعية، ولا يغزو في السرية.
فدعا عليه سعد فقال: اللهم إن كان قالها كذبا ورياءا وسمعة فأعم بصره، وكثر عياله، وعرضه لمضلات الفتن.
فعمى، واجتمع عنده عشر بنات، وكان يسمع بالمرأة فلا يزال حتى يأتيها فيجسها، فإذا عثر عليه قال: دعوة سعد الرجل المبارك.
ثم دعا سعد على الجراح وأصحابه فكل أصابته فارعة في جسده، ومصيبة في ماله بعد ذلك.
واستنفر محمد بن مسلمة أهل الكوفة لغزو أهل نهاوند في غضون ذلك عن أمر عمر بن الخطاب.
ثم سار سعد، ومحمد بن مسلمة، والجراح، وأصحابه حتى جاءوا عمر، فسأله عمر: كيف يصلي؟
فأخبره أنه يطول في الأوليين، ويخفف في الأخريين، وما آلوا ما اقتديت به من صلاة رسول الله .
فقال له عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق.
وقال سعد في هذه القصة: لقد أسلمت خامس خمسة، ولقد كنا ومالنا طعام إلا ورق الحبلة حتى تقرحت أشداقنا، وإني لأول رجل رمى بسهم في سبيل الله، ولقد جمع لي رسول الله أبويه وما جمعهما لأحد قبلي، ثم أصبحت بنو أسد يقولون: لا يحسن يصلي.
وفي رواية: يغرر بي على الإسلام، لقد خبت إذا ضل عملي.
ثم قال عمر لسعد: من استخلفت على الكوفة؟
فقال: عبد الله بن عبد الله بن عتبان، فأقره عمر على نيابته الكوفة - وكان شيخا كبيرا من أشراف الصحابة حليفا لبني الحبلى من الأنصار - واستمر سعد معزولا من غير عجز ولا خيانة ويهدد أولئك النفر، وكان يوقع بهم بأسا، ثم ترك ذلك خوفا من أن لا يشكو أحدا أميرا.
والمقصود: أن أهل فارس اجتمعوا من كل فج عميق بأرض نهاوند.
حتى اجتمع منهم مائة ألف وخمسون ألف مقاتل، وعليهم الفيرزان، ويقال: بندار، ويقال: ذو الحاجب.
وتذامروا فيما بينهم، وقالوا: إن محمدا الذي جاء العرب لم يتعرض لبلادنا، ولا أبو بكر الذي قام بعده تعرض لنا في دار ملكنا، وإن عمر بن الخطاب هذا لما طال ملكه انتهك حرمتنا وأخذ بلادنا، ولم يكفه ذلك حتى أغزانا في عقر دارنا، وأخذ بيت المملكة، وليس بمنته حتى يخرجكم من بلادكم.
فتعاهدوا وتعاقدوا على أن يقصدوا البصرة والكوفة ثم يشغلوا عمر عن بلاده، وتواثقوا من أنفسهم وكتبوا بذلك عليهم كتابا.
فأما كتب سعد بذلك إلى عمر - وكان قد عزل سعدا في غضون ذلك - شافه سعد عمر بما تمالؤا عليه وتصدوا إليه، وأنه قد اجتمع منهم مائة وخمسون ألفا.
وجاء كتاب عبد الله بن عبد الله بن عتبان من الكوفة إلى عمر مع قريب بن ظفر العبدي: بأنهم قد اجتمعوا وهم منحرفون متذامرون على الإسلام وأهله، وأن المصلحة يا أمير المؤمنين أن نقصدهم فنعالجهم عما هموا به وعزموا عليه من المسير إلى بلادنا.
فقال عمر لحامل الكتاب: ما اسمك؟
قال: قريب.
قال: ابن من؟
قال: ابن ظفر.
فتفاءل عمر بذلك، وقال: ظفر قريب، ثم أمر فنودي للصلاة جامعة، فاجتمع الناس، وكان أول من دخل المسجد لذلك سعد بن أبي وقاص فتفاءل عمر أيضا بسعد، فصعد عمر المنبر حتى اجتمع الناس فقال: إن هذا يوم له ما بعده من الأيام، ألا وإني قد هممت بأمر فاسمعوا وأجيبوا وأوجزوا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، إني قد رأيت أن أسير بمن قبلي حتى أنزل منزلا وسطا بين هذين المصرين فاستنفر الناس، ثم أكون لهم ردءا، حتى يفتح الله عليهم.
فقام عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف في رجال من أهل الرأي، فتكلم كل منهم بانفراده، فأحسن وأجاد، واتفق رأيهم: على أن لا يسير من المدينة، ولكن يبعث البعوث ويحصرهم برأيه ودعائه.
وكان من كلام علي رضي الله عنه أن قال: يا أمير المؤمنين، إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة، هو دينه الذي أظهر، وجنده الذي أعزه وأمده بالملائكة حتى بلغ ما بلغ، فنحن على موعود من الله، والله منجز وعده، وناصر جنده، ومكانك منهم يا أمير المؤمنين مكان النظام من الخرز يجمعه ويمسكه، فإذا انحل تفرق ما فيه وذهب، ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا.
والعرب اليوم وإن كانوا قليلا، فهم كثير عزيز بالإسلام، فأقم مكانك واكتب إلى أهل الكوفة، فهم أعلام العرب ورؤساؤهم، فليذهب منهم الثلثان ويقيم الثلث، واكتب إلى أهل البصرة يمدونهم أيضا. - وكان عثمان قد أشار في كلامه أن يمدهم في جيوش من أهل اليمن والشام. ووافق عمر على الذهاب إلى ما بين البصرة والكوفة - فرد علي على عثمان في موافقته على الذهاب إلى ما بين البصرة والكوفة كما تقدم.
ورد رأي عثمان فيم أشار به من استمداد أهل الشام خوفا على بلادهم إذا قل جيوشها من الروم.
ومن أهل اليمن خوفا على بلادهم من الحبشة.
فأعجب عمر قول علي وسرَّ به - وكان عمر إذا استشار أحدا لا يبرم أمرا حتى يشاور العباس - فلما أعجبه كلام الصحابة في هذا المقام عرضه على العباس، فقال: يا أمير المؤمنين، خفض عليك، فإنما اجتمع هؤلاء الفرس لنقمة تنزل عليهم.
ثم قال عمر: أشيروا علي بمن أوليه أمر الحرب وليكن عراقيا.
فقالوا: أنت أبصر بجندك يا أمير المؤمنين.
فقال: ما والله لأولين رجلا يكون أول الأسنة إذا لقيها غدا.
قالوا: من يا أمير المؤمنين؟
قال: النعمان بن مقرن.
فقالوا: هو لها - وكان النعمان قد كتب إلى عمر وهو على كسكر وسأله أن يعزله عنها ويوليه قتال أهل نهاوند - فلهذا أجابه إلى ذلك وعينه له.
ثم كتب عمر إلى حذيفة: أن يسير من الكوفة بجنود منها، وكتب إلى أبي موسى: أن يسير بجنود البصرة، وكتب إلى النعمان - وكان بالبصرة - أن يسير بمن هناك من الجنود إلى نهاوند، وإذا اجتمع الناس فكل أمير على جيشه، والأمير على الناس كلهم النعمان بن مقرن.
فإذا قتل فحذيفة بن اليمان، فإن قتل فجرير بن عبد الله، فإن قتل فقيس بن مكشوح، فإن قتل قيس، ففلان ثم فلان، حتى عد سبعة أحدهم المغيرة بن شعبة، وقيل: لم يسم فيهم. والله أعلم.
وصورة الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر أمير المؤمنين، إلى النعمان بن مقرن، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنه قد بلغني أن جموعا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة نهاوند، فإذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر الله وبعون الله وبنصر الله بمن معك من المسلمين، ولا توطئهم وعرا فتؤذيهم، ولا تمنعهم حقهم فتكفرهم، ولا تدخلهم غيضةً، فإن رجلا من المسلمين أحب إليَّ من مائة ألف دينار، والسلام عليك.
فسر في وجهك ذلك حتى تأتي ماه فإني قد كتبت إلى أهل الكوفة أن يوافوك بها، فإذا اجتمع إليك جنودك فسر إلى الفيرزان ومن جمع معه من الأعاجم من أهل فارس وغيرهم، واستنصروا وأكثروا من لا حول ولا قوة إلا بالله.
وكتب عمر إلى نائب الكوفة - عبد الله بن عبد الله - أن يعين جيشا، ويبعثهم إلى نهاوند، وليكن الأمير عليهم حذيفة بن اليمان، حتى ينتهي إلى النعمان بن مقرن، فإن قتل النعمان فحذيفة، فإن قتل فنعيم بن مقرن.
وولى السائب بن الأقرع قسم الغنائم.
فسار حذيفة في جيش كثيف نحو النعمان بن مقرن ليوافوه بماه، وسار مع حذيفة خلق كثير من أمراء العراق، وقد أرصد في كل كورة ما يكفيها من المقاتلة، وجعل الحرس في كل ناحية، واحتاطوا احتياطا عظيما، ثم انتهوا إلى النعمان بن مقرن حيث اتعدوا، فدفع حذيفة بن اليمان إلى النعمان كتاب عمر وفيه الأمر له بما يعتمده في هذه الوقعة، فكل جيش المسلمين في ثلاثين ألفا من المقاتلة فيما رواه سيف عن الشعبي، فمنهم: من سادات الصحابة ورءوس العرب خلق كثير وجم غفير.
منهم: عبد الله بن عمر أمير المؤمنين، وجرير بن عبد الله البجلي، وحذيفة بن اليمان، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن معدي كرب الزبيدي، وطليحة بن خويلد الأسدي، وقيس بن مكشوح المرادي.
فسار الناس نحو نهاوند وبعث النعمان بن مقرن الأمير بين يديه طليعة ثلاثة:
وهم: طليحة، وعمرو بن معدي كرب الزبيدي، وعمرو بن أبي سلمة.
ويقال له: عمرو بني ثبى أيضا، ليكشفوا له خبر القوم وما هم عليه.
فسارت الطليعة يوما وليلة فرجع عمرو بن ثبى فقيل له: ما رجعك؟
فقال: كنت في أرض العجم، وقتلت أرض جاهلها، وقتل أرض عالمها.
ثم رجع بعده عمرو بن معدي كرب وقال: لم نر أحدا وخفت أن يؤخذ علينا الطريق، ونفذ طليحة ولم يحفل برجوعهما فسار بعد ذلك نحوا من بضعة عشر فرسخا حتى انتهى إلى نهاوند، ودخل في العجم وعلم من أخبارهم ما أحب، ثم رجع إلى النعمان فأخبره بذلك، وأنه ليس بينه وبين نهاوند شيء يكرهه.
فسار النعمان على تعبئته، وعلى المقدمة نعيم بن مقرن، وعلى المجنبتين حذيفة وسويد بن مقرن، وعلى المجردة القعقاع بن عمرو، وعلى الساقة مجاشع بن مسعود، حتى انتهوا إلى الفرس وعليهم الفيرزان، ومعه من الجيش كل من غاب عن القادسية في تلك الأيام المتقدمة، وهو في مائة وخمسين ألفا، فلما تراءى الجمعان كبر النعمان وكبر المسلمون ثلاث تكبيرات، فزلزلت الأعاجم ورعبوا من ذلك رعبا شديدا.
ثم أمر النعمان بحط الأثقال وهو واقف، فحط الناس أثقالهم، وتركوا رحالهم، وضربوا خيامهم وقبابهم.
وضربت خيمة للنعمان عظيمة، وكان الذين ضربوا أربعة عشر من أشراف الجيش، وهم: حذيفة بن اليمان، وعتبة بن عمرو، والمغيرة بن شعبة، وبشير بن الخصاصية، وحنظلة الكاتب، وابن الهوبر، وربعي بن عامر، وعامر بن مطر، وجرير بن عبد الله الحميري، وجرير بن عبد الله البجلي، والأقرع بن عبد الله الحميري، والأشعث بن قيس الكندي، وسعيد بن قيس الهمداني، ووائل بن حجر، فلم ير بالعراق خيمة عظيمة أعظم من بناء هذا الخيمة.
وحين حطوا الأثقال، أمر النعمان بالقتال، وكان يوم الأربعاء، فاقتتلوا ذلك اليوم والذي بعده والحرب سجال، فلما كان يوم الجمعة انحجزوا في حصنهم، وحاصرهم المسلمون فأقاموا عليهم ما شاء الله، والأعاجم يخرجون إذا أرادوا ويرجعون إلى حصونهم إذا أرادوا.
وقد بعث أمير الفرس يطلب رجلا من المسلمين ليكلمه، فذهب إليه المغيرة بن شعبة فذكر من عظم ما رأى عليه من لبسه ومجلسه، وفيما خاطبه به من الكلام في احتقار العرب واستهانته بهم، وأنهم كانوا أطول الناس جوعا، وأقلهم دارا وقدرا.
وقال: ما يمنع هؤلاء الأساورة حولي أن ينتظموكم بالنشاب إلا مجا من جيفكم، فإن تذهبوا نخل عنكم، وإن تأبوا نزركم مصارعكم.
قال: فتشهدت، وحمدت الله وقلت: لقد كنا أسوأ حالا مما ذكرت، حتى بعث الله رسوله فوعدنا النصر في الدنيا، والخير في الآخرة، وما زلنا نتعرف من ربنا النصر منذ بعث الله رسوله إلينا، وقد جئناكم في بلادكم وإنا لن نرجع إلى ذلك الشقاء أبدا حتى نغلبكم على بلادكم وما في أيديكم أونقتل بأرضكم.
فقال: أما والله إن الأعور لقد صدقكم ما في نفسه.
فلما طال على المسلمين هذا الحال واستمر، جمع النعمان بن مقرن أهل الرأي من الجيش، وتشاوروا في ذلك وكيف يكون من أمرهم، حتى يتواجهوا هم والمشركون في صعيد واحد، فتكلم عمرو بن أبي سلمة أولا - وهو أسن من كان هناك - فقال: إن بقاءهم على ما هم عليه أضر عليهم من الذي يطلبه منهم وأبقى على المسلمين.
فرد الجميع عليه وقالوا: إنا لعلى يقين من إظهار ديننا، وإنجاز موعود الله لنا.
وتكلم عمرو بن معدي كرب، فقال: ناهدهم وكاثرهم ولا تخفهم.
فردوا جميعا عليه، وقالوا: إنما تناطح بنا الجدران، والجدران أعوان لهم علينا.
وتكلم طليحة الأسدي، فقال: إنهما لم يصيبا، وإني أرى أن تبعث سرية فتحدق بهم ويناوشوهم بالقتال ويحمشوهم، فإذا برزوا إليهم فليفروا إلينا هرابا فإذا استطردوا وراءهم وانتموا إلينا عزمنا أيضا على الفرار كلنا، فإنهم حينئذ لا يشكون في الهزيمة فيخرجون من حصونهم عن بكرة أبيهم، فإذا تكامل خروجهم رجعنا إليهم فجالدناهم حتى يقضي الله بيننا.
فاستجاد الناس هذا الرأي، وأمر النعمان على المجردة القعقاع بن عمرو، وأمرهم أن يذهبوا إلى البلد فيحاصروهم وحدهم ويهربوا بين أيديهم إذا برزوا إليهم.
ففعل القعقاع ذلك، فلما برزوا من حصونهم نكص القعقاع بمن معه ثم نكص، ثم نكص، فاغتنمها الأعاجم ففعلوا ما ظن طليحة، وقالوا: هي هي، فخرجوا بأجمعهم، ولم يبق بالبلد من المقاتلة إلا من يحفظ لهم الأبواب حتى انتهوا إلى الجيش، والنعمان بن مقرن على تعبئته، وذلك في صدر نهار جمعة، فعزم الناس على مصادمتهم فنهاهم النعمان وأمرهم أن لا يقاتلوا حتى تزول الشمس، وتهب الأرواح، وينزل النصر كما كان رسول الله يفعل.
وألح الناس على النعمان في الحملة فلم يفعل - وكان رجلا ثابتا - فلما حان الزوال صلى بالمسلمين، ثم ركب برذونا له أحوى قريبا من الأرض، فجعل يقف على كل راية ويحثهم على الصبر ويأمرهم بالثبات، ويقدم إلى المسلمين أنه يكبر الأولى فيتأهب الناس للحملة، ويكبر الثانية فلا يبقى لأحد أهبة، ثم الثالثة ومعها الحملة الصادقة.
ثم رجع إلى موقفه. وتعبئت الفرس تعبئة عظيمة واصطفوا صفوفا هائلة في عَدَدٍ وعُدَدٍ لم ير مثله، وقد تغلغل كثير منهم بعضهم في بعض وألقوا حسك الحديد وراء ظهورهم حتى لا يمكنهم الهرب ولا الفرار، ولا التحيز.
ثم إن النعمان بن مقرن رضي الله عنه كبر الأولى وهز الراية فتأهب الناس للحملة، ثم كبر الثانية وهز الراية فتأهبوا أيضا، ثم كبر الثالثة وحمل وحمل الناس على المشركين، وجعلت راية النعمان تنقض على الفرس كانقضاض العقاب على الفريسة، حتى تصافحوا بالسيوف فاقتتلوا قتالا لم يعهد مثله في موقف من المواقف المتقدمة، ولا سمع السامعون بوقعة مثلها، قتل من المشركين ما بين الزوال إلى الظلام من القتلى ما طبق وجه الأرض دما، بحيث أن الدواب كانت تطبع فيه، حتى قيل: أن الأمير النعمان بن مقرن زلق به حصانه في ذلك الدم فوقع وجاءه سهم في خاصرته فقتله، ولم يشعر به أحد سوى أخيه سويد، وقيل: نعيم، وقيل: غطاه بثوبه وأخفى موته ودفع الراية إلى حذيفة بن اليمان، فأقام حذيفة أخاه نعيما مكانه، وأمر بكتم موته حتى ينفصل الحال لئلا ينهزم الناس.
فلما أظلم الليل انهزم المشركون مدبرين، وتبعهم المسلمون، وكان الكفار قد قرنوا منهم ثلاثين ألفا بالسلاسل وحفروا حولهم خندقا، فلما انهزموا وقعوا في الخندق، وفي تلك الأودية نحو مائة ألف وجعلوا يتساقطون في أودية بلادهم فهلك منهم بشر كثير نحو مائة ألف أو يزيدون، سوى من قتل في المعركة، ولم يفلت منهم إلا الشريد.
وكان الفيرزان أميرهم قد صرع في المعركة، فانفلت وانهزم واتبعه نعيم بن مقرن، وقدم القعقاع بين يديه وقصد الفيرزان همدان، فلحقه القعقاع وأدركه عند ثنية همدان، وقد أقبل منها بغال كثير، وحمر تحمل عسلا فلم يستطع الفيرزان صعودها منهم، وذلك لحينه فترجل وتعلق في الجبل فاتبعه القعقاع حتى قتله.
وقال المسلمون يومئذ: إن لله جنودا من عسل، ثم غنموا ذلك العسل وما خالطه من الأحمال، وسميت تلك الثنية: ثنية العسل.
ثم لحق القعقاع بقية المنهزمين منهم إلى همدان وحاصرها وحوى ما حولها، فنزل إليه صاحبها - وهو خسرشنوم - فصالحه عليها.
ثم رجع القعقاع إلى حذيفة ومن معه من المسلمين، وقد دخلوا بعد الوقعة نهاوند عنوة، وقد جمعوا الأسلاب والمغانم إلى صاحب الأقباض وهو: السائب بن الأقرع.
ولما سمع أهل ماه بخبر أهل همدان بعثوا إلى حذيفة وأخذوا لهم منه الأمان.
وجاء رجل يقال له: الهرند - وهو صاحب نارهم - فسأل من حذيفة الأمان ويدفع إليهم وديعة عنده لكسرى، ادخرها لنوائب الزمان، فأمنه حذيفة وجاء ذلك الرجل بسفطين مملوءتين جوهرا ثمينا لا يقوم، غير أن المسلمين لم يعبأوا به.
واتفق رأيهم على بعثه لعمر خاصة، وأرسلوه صحبة الأخماس السائب بن الأرقع، وأرسل قبله بالفتح مع طريف بن سهم، ثم قسم حذيفة بقية الغنيمة في الغانمين، ورضخ ونفل لذوي النجدات، وقسم لمن كان قد أرصد من الجيوش لحفظ ظهور المسلمين من ورائهم، ومن كان رداءا لهم، ومنسوبا إليهم.
وأما أمير المؤمنين فإنه كان يدعو الله ليلا ونهارا، لهم دعاء الحوامل المقربات، وابتهال ذوي الضرورات، وقد استبطأ الخبر عنهم فبينا رجل من المسلمين ظاهر المدينة إذا هو براكب فسأله: من أين أقبل؟.
فقال: من نهاوند.
فقال: ما فعل الناس؟.
قال: فتح الله عليهم وقتل الأمير، وغنم المسلمون غنيمةً عظيمةً أصاب الفارس ستة آلاف، والراجل ألفان.
ثم فاته وقدم ذلك الرجل المدينة فأخبره الناس وشاع الخبر حتى بلغ أمير المؤمنين، فطلبه فسأله عمن أخبره
فقال: راكب.
فقال: إنه لم يجئني، وإنما هو رجل من الجن بريدهم، واسمه: عثيم.
ثم قدم طريف بالفتح بعد ذلك بأيام، وليس معه سوى الفتح، فسأله عمن قتل النعمان فلم يكن معه علم حتى قدم الذين معهم الأخماس فأخبروا بالأمر على جليته، فإذا ذلك الجني قد شهد الوقعة، ورجع سريعا إلى قومه نذيرا.
ولما أخبر عمر بمقتل النعمان بكى، وسأل السائب عمن قتل من المسلمين، فقال: فلان، وفلان، وفلان لأعيان الناس وأشرافهم.
ثم قال: وآخرون من أفناد الناس ممن لا يعرفهم أمير المؤمنين، فجعل يبكي ويقول: وما ضرهم أن لا يعرفهم أمير المؤمنين؟ لكن الله يعرفهم وقد أكرمهم بالشهادة، وما يصنعون بمعرفة عمر.
ثم أمر بقسمة الخمس على عادته، وحملت ذانك السفطان إلى منزل عمر، ورجعت الرسل، فلما أصبح عمر طلبهم فلم يجدهم، فأرسل في إثرهم البُرُد فما لحقهم البريد إلا بالكوفة.
قال السائب بن الأقرع: فلما أنخت بعيري بالكوفة، أناخ البريد على عرقوب بعيري، وقال: أجب أمير المؤمنين، فقلت: لماذا؟
فقال: لا أدري، فرجعنا على أثرنا حتى انتهيت إليه.
قال: مالي ولك يا ابن أم السائب، بل ما لابن أم السائب ومالي؟.
قال فقلت: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟.
فقال: ويحك، والله إن هو إلا أن نمت في الليلة التي خرجت فيها فباتت ملائكة الله تسحبني إلى ذينك السفطين وهما يشتعلان نارا، ويقولون: لنكوينك بهما.
فأقول: إني سأقسمهما بين المسلمين. فاذهب بهما لا أبالك فبعهما فاقسمهما في أعطية المسلمين وأرزاقهم، فإنهم لا يدرون ما وهبوا ولم تدر أنت معهم.
قال السائب: فأخذتهما حتى جئت بهما مسجد الكوفة، وغشيتني التجار فابتاعهما مني عمرو بن حريث المخزومي بألفي ألف.
ثم خرج بهما إلى أرض الأعاجم فباعهما بأربعة آلاف ألف. فما زال أكثر أهل الكوفة مالا بعد ذلك.
قال سيف: ثم قسم ثمنهما بين الغانمين، فنال كل فارس أربعة آلاف درهم من ثمن السفطين.
قال الشعبي: وحصل للفارس من أصل الغنيمة ستة آلاف، وللراجل ألفان وكان المسلمون ثلاثين ألفا.
قال: وافتتحت نهاوند في أول سنة تسع عشرة لسبع سنين من إمارة عمر.
رواه سيف عن، عمرو بن محمد عنه.
وبه عن الشعبي قال: لما قدم سبي نهاوند إلى المدينة جعل أبو لؤلؤة - فيروز غلام المغيرة بن شعبة - لا يلقى منهم صغيرا إلا مسح رأسه وبكى، وقال: أكل عمر كبدي - وكان أصل أبي لؤلؤة من نهاوند فأسرته الروم أيام فارس وأسرته المسلمون بعد، فنسب إلى حيث سبى -.
قالوا: ولم تقم للأعاجم بعد هذه الوقعة قائمة، وأتحف عمر الذين أبلوا فيها بألفين تشريفا لهم، وإظهارا لشأنهم.
وفي هذه السنة: افتتح المسلمون أيضا بعد نهاوند مدينة جَيّ، وهي - مدينة أصبهان - بعد قتال كثير وأمور طويلة، فصالحوا المسلمين، وكتب لهم عبد الله بن عبد الله كتاب أمان وصلح، وفر منهم ثلاثون نفرا إلى كرمان لم يصالحوا المسلمين.
وقيل: إن الذي فتح أصبهان هو النعمان بن مقرن، وإنه قتل بها، ووقع أمير المجوس وهو ذو الحاجبين عن فرسه فانشق بطنه ومات، وانهزم أصحابه.
والصحيح: أن الذي فتح أصبهان: عبد الله بن عبد الله بن عتبان - الذي كان نائب الكوفة -.
وفيها: افتتح أبو موسى قم وقاشان، وافتتح سهيل بن عدي مدينة كرمان.
وذكر ابن جرير عن الواقدي: أن عمرو بن العاص سار في جيش معه إلى طرابلس قال: وهي برقة فافتتحها صلحا على ثلاثة عشر ألف دينار في كل سنة.
قال: وفيها: بعث عمرو بن العاص عقبة بن نافع الفهري إلى زويلة ففتحها بصلح، وصار ما بين برقة إلى زويلة سِلما للمسلمين.
قال: وفيها: ولى عمر عمار بن ياسر على الكوفة بدل زياد بن حنظلة الذي ولاه بعد عبد الله بن عبد الله بن عتبان، وجعل عبد الله بن مسعود على بيت المال فاشتكى أهل الكوفة من عمار، فاستعفي عمار من عمله فعزله، وولى جبير بن مطعم، وأمره أن لا يعلم أحدا.
وبعث المغيرة بن شعبة امرأته إلى امرأة جبير يعرض عليها طعاما للسفر.
فقالت: اذهبي فأتيني به.
فذهب المغيرة إلى عمر فقال: بارك الله يا أمير المؤمنين فيمن وليت على الكوفة.
فقال: وما ذاك؟.
وبعث إلى جبير بن مطعم فعزله وولي المغيرة بن شعبة ثانية، فلم يزل عليها حتى مات عمر رضي الله عنهم.
قال: وفيها: حج عمر واستخلف على المدينة زيد بن ثابت، وكان عما له على البلدان المتقدمون في السنة التي قبلها سوى الكوفة.
قال الواقدي: وفيها: توفي خالد بن الوليد بحمص، وأوصى إلى عمر بن الخطاب.
وقال غيره: توفي سنة ثلاث وعشرين.
وقيل: بالمدينة، والأول أصح وقال غيره.
وفيها: توفي العلاء بن الحضرمي فولى عمر مكانه أبا هريرة، وقد قيل أن العلاء توفي قبل هذا كما تقدم. والله أعلم.
وقال ابن جرير فيما حكاه عن الواقدي: وكان أمير دمشق في هذه السنة عمير بن سعيد، وهو أيضا على حمص وحوران وقنسرين والجزيرة، وكان معاوية على البلقاء، والأردن، وفلسطين، والسواحل، وإنطاكية، وغير ذلك.
ذكر من توفي إحدى وعشرين
خالد بن الوليد
خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي أبو سليمان المخزومي، سيف الله، أحد الشجعان المشهورين، لم يقهر في جاهلية ولا إسلام.
وأمه عصماء بنت الحارث، أخت لبابة بنت الحارث، وأخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين.
قال الواقدي: أسلم أول يوم من صفر سنة ثمان، وشهد مؤتة، وانتهت إليه الإمارة يومئذٍ عن غير إمرة، فقاتل يومئذٍ قتالا شديدا لم ير مثله، اندقت في يده تسعة أسياف، ولم تثبت في يده إلا صفيحة يمانية.
وقد قال رسول الله : « أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها سيف من سيوف الله ففتح الله على يديه ».
وقد رُوي: أن خالدا سقطت قلنسوته يوم اليرموك وهو في الحرب فجعل يستحث في طلبها، فعوتب في ذلك فقال: إن فيها شيئا من شعر ناصية رسول الله ، وإنها ما كانت معي في موقف إلا نصرت بها.
وقد روينا في مسند أحمد: من طريق الوليد بن مسلم، عن وحشي بن حرب، عن أبيه، عن جده وحشي بن حرب، عن أبي بكر الصديق: أنه لما أمر خالدا على حرب أهل الردة قال: سمعت رسول الله يقول:
« فنعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد، خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين ».
وقال أحمد: حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير قال: استعمل عمر بن الخطاب أبا عبيدة على الشام، وعزل خالد بن الوليد، فقال خالد: بعث إليكم أمين هذه الأمة، سمعت رسول الله يقول:
« أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح »، فقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله يقول: « خالد سيف من سيوف الله، نعم فتى العشيرة ».
وقد أورده ابن عساكر من حديث عبد الله بن أبي أوفى، وأبي هريرة، ومن طرق مرسلة يقوي بعضها بعضا.
وفي الصحيح: « وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا، وقد احتبس أدراعه وأعبده في سبيل الله ».
وشهد الفتح وشهد حنينا وغزا بني جذيمة، أميرا في حياته عليه السلام.
واختلف في شهوده خيبر، وقد دخل مكة أميرا على طائفة من الجيش وقتل خلقا كثيرا من قريش، كما قدمنا ذلك مبسوطا في موضعه. ولله الحمد والمنة.
وبعثه رسول الله إلى العزى - وكانت لهوازن - فكسر قمتها أولا ثم دعثرها وجعل يقول:
يا عزى كفرانك لا سبحانك * إني رأيت الله قد أهانك
ثم حرقها، وقد استعمله الصديق بعد رسول الله على قتال أهل الردة وما نعي الزكاة، فشفي واستشفى.
ثم وجهه إلى العراق ثم أتى الشام، فكانت له من المقامات ما ذكرناها، مما تقربها القلوب والعيون، وتتشنف بها الأسماع.
ثم عزله عمر عنها وولي أبا عبيدة وأبقاه مستشارا في الحرب، ولم يزل بالشام حتى مات على فراشه رضي الله عنه.
وقد روى الواقدي: عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: لما حضرت خالدا الوفاة بكى، ثم قال: لقد حضرت كذا وكذا زحفا، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء.
وقال أبو يعلى: ثنا شريح بن يونس، ثنا يحيى بن زكريا، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال: قال خالد بن الوليد: ما ليلة يُهدى إلي فيها عروس، أو أبشر فيها بغلام بأحب إلي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو.
وقال أبو بكر بن عياش: عن الأعمش، عن خيثمة قال: أتي خالد برجل معه زق خمر، فقال: اللهم اجعله عسلا، فصار عسلا وله طرق.
وفي بعضها: مر عليه رجل معه زق خمر فقال له خالد: ما هذا؟
فقال: عسل.
فقال: اللهم اجعله خلا، فلما رجع إلى أصحابه قال: جئتكم بخمر لم يشرب العرب مثله، ثم فتحه فإذا هو خل.
فقال: أصابته والله دعوة خالد رضي الله عنه.
وقال حماد بن سلمة: عن ثمامة عن أنس قال: لقي خالد عدوا له، فولى عنه المسلمون منهزمين، وثبت هو وأخو البراء بن مالك، وكنت بينهما واقفا، قال: فنكس خالد رأسه ساعة إلى الأرض، ثم رفع رأسه إلى السماء ساعة - قال: وكذلك كان يفعل إذا أصابه مثل هذا - ثم قال لأخي البراء: قم فركبا، واختطب خالد من معه من المسلمين، وقال: ما هو إلا الجنة، وما إلى المدينة سبيل. ثم حمل بهم فهزم المشركين.
وقد حكى مالك عن عمر بن الخطاب أنه قال لأبي بكر: اكتب إلى خالد أن لا يعطي شاة ولا بعيرا إلا بأمرك، فكتب أبو بكر إلى خالد بذلك.
فكتب إليه خالد: أما أن تدعني وعملي وإلا فشأنك بعملك. فأشار عليه عمر بعزله.
فقال أبو بكر: فمن يجزي عني جزاء خالد؟.
قال عمر: أنا.
قال: فأنت. فتجهر عمر حتى أنيخ الظهر في الدار، ثم جاء الصحابة فأشاروا على الصديق بإبقاء عمر بالمدينة، وإبقاء خالد بالشام.
فلما ولي عمر كتب إلى خالد بذلك، فكتب إليه خالد بمثل ذلك فعزله، وقال: ما كان الله ليراني آمر أبا بكر بشيء لا أنفذه أنا.
وقد روى البخاري في (التاريخ) وغيره من طريق علي بن رباح، عن ياسر بن سمي البرني، قال: سمعت عمر يعتذر إلى الناس بالجابية من عزل خالد، فقال: أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس، وذا الشرف واللسان، فأمرت أبا عبيدة.
فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: ما اعتذرت يا عمر، لقد نزعت عاملا استعمله رسول الله ، ووضعت لواء رفعه رسول الله ، وأغمدت سيفا سلة الله، ولقد قطعت الرحم، وحسدت ابن العم.
فقال عمر: إنك قريب القرابة، حديث السن، مغضب في ابن عمك.
قال الواقدي رحمه الله: ومحمد بن سعيد، وغير واحد: مات سنة إحدى وعشرين بقرية على ميل من حمص، وأوصى إلى عمر بن الخطاب.
وقال دحيم وغيره: مات بالمدينة، والصحيح الأول، وقدمنا فيما سلف تعزير عمر له حين أعطى الأشعث بن قيس عشرة آلاف، وأخذه من ماله عشرين ألفا أيضا.
وقدمنا عتبة عليه لدخوله الحمام، وتدلكه بعد النورة بدقيق عصفر معجون بخمر، واعتذار خالد إليه بأنه صار غسولا.
وروينا عن خالد: أنه طلق امرأة من نسائه، وقال: إني لم أطلقها عن ريبة، ولكنها لم تمرض عندي، ولم يصبها شيء في بدنها، ولا رأسها، ولا في شيء من جسدها.
وروى سيف وغيره: أن عمر قال حين عزل خالدا عن الشام، والمثنى بن حارثة عن العراق: إنما عزلتهما ليعلم الناس أن الله نصر الدين لا بنصرهما، وأن القوة لله جميعا.
وروى سيف أيضا: أن عمر قال حين عزل خالدا عن قنسرين، وأخذ منه ما أخذ: إنك علي لكريم، وإنك عندي لعزيز، ولن يصل إليك من أمر تكرهه بعد ذلك.
وقد قال الأصمعي: عن سلمة، عن بلال، عن مجالد، عن الشعبي قال: اصطرع عمر وخالد وهما غلامان - وكان خالد ابن خال عمر - فكسر خالد ساق عمر، فعولجت وجبرت، وكان ذلك سبب العداوة بينهما.
وقال الأصمعي: عن ابن عون، عن محمد بن سيرين قال: دخل خالد على عمر وعليه قميص حرير فقال عمر: ما هذا يا خالد؟
فقال: وما بأس يا أمير المؤمنين، أليس قد لبسه عبد الرحمن بن عوف؟
فقال: وأنت مثل ابن عوف؟ ولك مثل ما لابن عوف؟ عزمت على من في البيت إلا أخذ كل واحد منهم بطائفة مما يليه.
قال: فمزقوه حتى لم يبق منه شيء.
وقال عبد الله بن المبارك: عن حماد بن زيد، حدثنا عبد الله بن المختار، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل - ثم شك حماد في أبي وائل - قال: ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال: لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي.
وما من عملي شيء أرجى عندي بعد لا إله إلا الله من ليلة بتها وأنا متترس والسماء تهلني تمطر إلى الصبح، حتى نغير على الكفار.
ثم قال: إذا أنا مت فانظروا إلى سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله.
فلما توفي خرج عمر على جنازته، فذكر قوله: ما على آل نساء الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقعا أو لقلقة.
قال ابن المختار: النقع التراب على الرأس، واللقلقة الصوت.
وقد علق البخاري في صحيحه بعض هذا فقال: وقال عمر: دعهن يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة.
وقال محمد بن سعد، ثنا وكيع، وأبو معاوية، وعبد الله بن نمير قالوا: حدثنا الأعمش، عن شقيق بن سلمة قال: لما مات خالد بن الوليد اجتمع نسوة بني المغيرة في دار خالد يبكين عليه، فقيل لعمر: إنهن قد اجتمعن في دار خالد يبكين عليه، وهن خلقاء أن يسمعنك بعض ما تكره. فأرسل إليهن فانههنَّ.
فقال عمر: وما عليهن أن ينزفن من دموعهن على أبي سليمان، ما لم يكن نقعا أو لقلقة.
ورواه البخاري في (التاريخ) من حديث الأعمش بنحوه.
وقال إسحاق بن بشر: وقال محمد: مات خالد بن الوليد بالمدينة، فخرج عمر في جنازته، وإذا أمه تندبه وتقول:
أنت خير من ألف ألف من القو * م إذا ما كبت وجوه الرجال
فقال: صدقت، والله إن كان لكذلك.
وقال سيف بن عمر: عن شيوخه، عن سالم قال: فأقام خالد في المدينة، حتى إذا ظن عمر أنه قد زال ما كان يخشاه من افتتان الناس به، وقد عزم على توليته بعد أن يرجع من الحج، واشتكى خالد بعده وهو خارج من المدينة زائرا لأمه فقال لها: احدروني إلى مهاجري، فقدمت به المدينة ومرضته، فلما ثقل وأظل قدوم عمر لقيه لاق على مسيرة ثلاث صادرا عن حجة فقال: له عمر بهم. فقال: خالد بن الوليد ثقيل لما به.
فطوى عمر ثلاثا في ليلة فأدركه حين قضى، فرق عليه واسترجع، وجلس ببابه حتى جهز وبكته البواكي، فقيل لعمر: ألا تسمع ألا تنهاهن؟
فقال: وما على نساء قريش أن يبكين أبا سليمان؟ ما لم يكن نقع ولا لقلقة.
فلما خرج لجنازته رأى عمر امرأة محرمة تبكيه، وتقول:
أنت خير من ألف ألف من النا * س إذا ما كبت وجوه الرجال
أشجاع فأنت أشجع من ليث * ضمر بن جهم أبي أشبال
أجواد فأنت أجود من سيل * دياس يسيل بين الجبال
فقال عمر: من هذه؟
فقيل له: أمه.
فقال: أمه، وإلا له ثلاثا، وهل قامت النساء عن مثل خالد.
قال: فكان عمر يتمثل في طيه تلك الثلاث في ليلة وفي قدومه:
تبكي ما وصلت به الندامى * ولا تبكي فوارس كالجبال
أولئك إن بكيت أشد فقدا * من الأذهاب والعكر الجلال
تمنى بعدهم قوم مداهم * فلم يدنوا لأسباب الكمال
وفي رواية: أن عمر قال لأم خالد: أخالدا أو أجره ترزئين؟ عزمت عليك أن لا تبيني حتى تسود يداك من الخضاب.
وهذا كله مما يقتضي موته بالمدينة النبوية، وإليه ذهب دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي.
ولكن المشهور عن الجمهور، وهم الواقدي، وكاتبه محمد بن سعد، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وإبراهيم بن المنذر، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبو عبد الله العصفري، وموسى بن أيوب، وأبو سليمان بن أبي محمد وغيرهم، أنه مات بحمص سنة إحدى وعشرين.
زاد الواقدي: وأوصى إلى عمر بن الخطاب.
وقد روى محمد بن سعد، عن الواقدي، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد وغيره قالوا: قدم خالد بالمدينة بعد ما عزله عمر فاعتمر، ثم رجع إلى الشام فلم يزل بها حتى مات في سنة إحدى وعشرين.
وروى الواقدي: أن عمر رأى حجاجا يصلون بمسجد قباء فقال: أين نزلتم بالشام؟
قال: بحمص.
قال: فهل من معرفة خبر؟
قالوا: نعم مات خالد بن الوليد.
قال: فاسترجع عمر وقال: كان والله سدادا لنحور العدو، ميمون النقيبة.
فقال له علي: فلم عزلته؟
قال: لبذله المال لذوي الشرف واللسان.
وفي رواية أن عمر قال لعلي: ندمت على ما كان مني.
وقال محمد بن سعد: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي، ثنا سفيان بن عيينة، ثنا إسماعيل بن أبي خالد سمعت قيس بن أبي حازم يقول: لما مات خالد بن الوليد قال عمر: رحم الله أبا سليمان لقد كنا نظن به أمورا ما كانت.
وقال جويرية، عن نافع قال: لما مات خالد لم يوجد له إلا فرسه وغلامه وسلاحه.
وقال القاضي المعافا بن زكريا الحريري: ثنا أحمد بن العباس العسكري، ثنا عبد الله بن أبي سعد، حدثني عبد الرحمن بن حمزة اللخمي، ثنا أبو علي الحرنازي قال: دخل هشام بن البحتري في ناس من بني مخزوم على عمر بن الخطاب فقال له: يا هشام أنشدني شعرك في خالد.
فأنشده، فقال: قصرت في الثناء على أبي سليمان رحمه الله، إنه كان ليحب أن يذل الشرك وأهله، وإن كان الشامت به لمتعرضا لمقت الله.
ثم قال عمر: قاتل الله أخا بني تميم ما أشعره.
وقل للذي يبقى خلاف الذي مضى * تهيأ لأخرى مثلها فكأن قدي.
فما عيش من قد عاش بعدي بنافعي * ولا موت من قد مات يوما بمخلدي.
ثم قال عمر: رحم الله أبا سليمان ما عند الله خير له مما كان فيه، ولقد مات سعيدا وعاش حميدا ولكن رأيت الدهر ليس بقائل.
طليحة بن خويلد
ابن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن جحوان بن فقعس بن طريف بن عمر بن قعير بن الحارث بن ثعلبة بن داود بن أسد بن خزيمة الأسدي الفقعسي، كان ممن شهد الخندق من ناحية المشركين، ثم أسلم سنة تسع، ووفد على رسول الله إلى المدينة ثم ارتد بعد وفاة رسول الله في أيام الصديق، وادعى النبوة كما تقدم.
وروى ابن عساكر: أنه ادعى النبوة في حياة رسول الله ، وأن ابنه خيال قدم على رسول الله : « فسأله ما اسم الذي يأتي إلى أبيك؟
فقال: ذو النون الذي لا يكذب ولا يخون، ولا يكون كما يكون.
قال: لقد سمي ملكا عظيم الشأن.
ثم قال لابنه: قتلك الله وحرمك الشهادة ورده كما جاء ».
فقتل خيال في الردة في بعض الوقائع، قتله عكاشة بن محصن، ثم قتل طليحة عكاشة، وله مع المسلمين وقائع.
ثم خذله الله على يدي خالد بن الوليد، وتفرق جنده فهرب حتى دخل الشام، فنزل على آل جفنة فأقام عندهم حتى مات الصديق حياءً منه.
ثم رجع إلى الإسلام واعتمر، ثم جاء يسلم على عمر، فقال له: أغرب عني، فإنك قاتل الرجلين الصالحين عكاشة بن محصن، وثابت بن أقرم.
فقال: يا أمير المؤمنين هما رجلان أكرمهما الله على يدي ولم يهني بأيديهما، فأعجب عمر كلامه ورضي عنه.
وكتب له بالوصاة إلى الأمراء أن يشاور ولا يولي شيئا من الأمر، ثم عاد إلى الشام مجاهدا فشهد اليرموك وبعض حروب كالقادسية ونهاوند الفرس، وكان من الشجعان المذكورين والأبطال المشهورين، وقد حسن إسلامه بعد هذا كله.
وذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من الصحابة وقال: كان يعد بألف فارس لشدته، وشجاعته، وبصره بالحرب.
وقال أبو نصر بن ماكولا: أسلم ثم ارتد، ثم أسلم وحسن إسلامه، وكان يعدل بألف فارس.
ومن شعره أيام ردته وادعائه النبوة في قتل المسلمين أصحابه:
فما ظنكم بالقوم إذ تقتلونهم * أليسوا وإن لم يسلموا برجال
فإن يكن أزاد أصبىً ونسوة * فلم يذهبوا فرعا بقتل خيال
نصبت لهم صدر الحمالة إنها * معاودة قتل الكماة نزال
فيوما تراها في الجلال مصونة * ويوما تراها غير ذات جلال
ويوما تراها تضيء المشرفية نحوها *ويوما تراها في ظلالِ عوالي
عشية غادرت ابن أقرم ثاويا * وعكاشة العمي عند مجال
وقال سيف بن عمر، عن مبشر بن الفضيل، عن جابر بن عبد الله قال: بالله الذي لا إله إلا هو ما اطلعنا على أحد من أهل القادسية يريد الدنيا مع الآخرة، ولقد اتهمنا ثلاثة نفر فما رأينا كما هجمنا عليهم من أمانتهم وزهدهم، طليحة بن خويلد الأسدي، وعمر بن معدي كرب، وقيس بن المكشوح.
قال ابن عساكر: ذكر أبو الحسين محمد بن أحمد بن الفراس الوراق: أن طليحة استشهد بنهاوند سنة إحدى وعشرين مع النعمان بن مقرن، وعمرو بن معدي كرب رضي الله عنهم.
عمرو بن معدي كرب
ابن عبد الله بن عمر بن عاصم بن عمرو بن زبيد الأصعر بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن شيبة، وهو زبيد الأكبر بن الحارث بن ضعف بن سعد العشيرة بن مذحج الزبيدي المدحجي أبو ثور، أحد الفرسان المشاهير الأبطال، والشجعان المذاكير، قدم على رسول الله سنة تسع، وقيل: عشر مع وفد مراد، وقيل: في وفد مراد، وقيل: في وفد زبيد قومه.
وقد ارتد مع الأسود العنسي، فسار إليه خالد بن سعيد بن العاص فقاتله فضربه خالد بن سعيد بالسيف على عاتقه فهرب وقومه، وقد استلب خالد سيفه الصمصامة، ثم أسر ودفع إلى أبي بكر فأنبه وعاتبه واستتابه، فتاب وحسن إسلامه بعد ذلك.
فسيره إلى الشام فشهد اليرموك، ثم أمره عمر بالمسير إلى سعد وكتب بالوصاة به، وأن يشاور ولا يولي شيئا، فنفع الله به الإسلام وأهله، وأبلى بلاءً حسنا يوم القادسية.
وقيل: إنه قتل بها، وقيل: بنهاوند، وقيل: مات عطشا في بعض القرى يقال لها: روذة فالله أعلم.
وذلك كله في إحدى وعشرين.
فقال بعض من رثاه من قومه:
لقد غادر الركبان يوم تحملوا * بروذة شخصا لا جبانا ولا غمرا
فقل لزبيد بلٍ لمذحج كلها * رزئتم أبا ثور قريع الوغى عمرا
وكان عمرو بن معدي كرب رضي الله عنه من الشعراء المجيدين فمن شعره:
أعاذل عدتي بدني ورمحي * وكل مقلص سلس القياد
أعاذل إنما أفني شبابي * إجابتي الصريخ إلى المنادي
مع الأبطال حتى سل جسمي * وأقرع عاتقي حمل النجاد
ويبقى بعد حلم القوم حلمي * ويفنى قبل زاد القوم زادي
تمنى أن يلاقيني قييس * وددت وأينما مني ودادي
فمن ذا عاذري من ذي سفاه * يرود بنفسه مني المرادي
أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مرادي
له حديث واحد في التلبية رواه شراحيل بن القعقاع عنه، قال: كنا نقول في الجاهلية إذا لبينا: لبيك تعظيما إليك عذرا، هذي زبيد قد أتتك قسرا، يعدو بها مضمرات شزرا، يقطعن خبتا وجبالا وعرا، قد تركوا الأوثان خلوا صفرا.
قال عمرو: فنحن نقول الآن ولله الحمد ما علمنا رسول الله : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
العلاء بن الحضرمي
أمير البحرين لرسول الله .
وأقره عليها أبو بكر، ثم عمر، تقدم أنه توفي: سنة أربع عشرة.
ومنهم من يقول: إنه تأخر إلى سنة إحدى وعشرين، وعزله عمر عن البحرين وولى مكانه أبا هريرة، وأمره عمر على الكوفة فمات قبل أن يصل إليها منصرفه من الحج، كما قدمنا ذلك والله أعلم.
وقد ذكرنا في (دلائل النبوة) قصته في سيره بجيشه على وجه الماء وما جرى له من خرق العادات والله الحمد.
النعمان بن مقرن بن عائذ المزني
أمير وقعة نهاوند، صحابي جليل، قدم مع قومه من مزينة في أربعمائة راكب، ثم سكن البصرة وبعثه الفاروق أميرا على الجنود إلى نهاوند، ففتح الله على يديه فتحا عظيما، ومكن الله له في تلك البلاد، ومكنه من رقاب أولئك العباد، ومكن به للمسلمين هناك إلى يوم التناد، ومنحه النصر في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وأتاح له بعد ما أراه ما أحب شهادة عظيمة وذلك غاية المراد، فكان ممن قال الله تعالى في حقه في كتابه المبين وهو صراطه المستقيم: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدا عَلَيْهِ حَقّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [التوبة: 111] .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سنة إحدى وعشرين هجري وكانت وقعة نهاوند / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سنة خمس وعشرين هجري / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» سنة ست وعشرين هجري / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» سنة سبع وعشرين هجري / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» سنة تسع وعشرين هجري / الجزء السابع / (البداية والنهاية)
» سنة إحدى وثلاثين هجري / الجزء السابع / (البداية والنهاية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: