ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 قصة سليمان بن داود عليهما السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

قصة سليمان بن داود عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: قصة سليمان بن داود عليهما السلام   قصة سليمان بن داود عليهما السلام Emptyالجمعة أبريل 03, 2015 6:20 am

قصة سليمان بن داود عليهما السلام 0315_8f9dc77051741
قصة سليمان بن داود عليهما السلام

قال الحافظ ابن عساكر: وهو سليمان بن داود بن أيشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن نخشون بن عمينا دب بن إرم بن حصرون بن فارض بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الربيع نبي الله ابن نبي الله.
جاء في بعض الآثار أنه دخل دمشق. قال ابن ماكولا: فارص بالصاد المهملة، وذكر نسبه قريبا مما ذكره ابن عساكر.
قال الله تعالى: {وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين} أي ورثه في النبوة والملك، وليس المراد ورثه في المال، لأنه قد كان له بنون غيره، فما كان ليخص بالمال دونهم، ولأنه قد ثبت في الصحاح من غير وجه عن جماعة من الصحابة أن رسول الله قال: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة" وفي لفظة: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" فأخبر الصادق المصدوق أن الأنبياء لا تورث أموالهم عنهم كما يورث غيرهم، بل تكون أموالهم صدقة من بعدهم على الفقراء والمحاويج لا يخصون بها أقربائهم، لأن الدنيا كانت أهون عليهم وأحقر عندهم من ذلك كما هي عند الذي أرسلهم واصطفاهم وفضلهم. وقال: {يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء} يعني أنه عليه السلام كان يعرف ما يتخاطب به الطيور بلغاتها ويعبر للناس عن مقاصدها وإرادتها.
وقد قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا علي بن حشاد، حدثنا إسماعيل بن قتيبة، حدثنا علي بن قدامة، حدثنا أبو جعفر الأسواني، يعني محمد بن عبد الرحمن، عن أبي يعقوب العمي، حدثني أبو مالك. قال مر سليمان بن داود بعصفور يدور حول عصفورة فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟ قالوا: وما يقول يا نبي الله؟ قال: يخطبها إلى نفسه ويقول زوجيني أسكنك أي غرف دمشق شئت! قال سليمان عليه السلام لأن غرف دمشق مبنية بالصخر، لا يقدر أن يسكنها أحد، ولكن كل خاطب كذاب.
رواه ابن عساكر عن أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن البيهقي به وكذلك ما عداها من الحيوانات وسائر صنوف المخلوقات، والدليل على هذا قوله بعد هذا من الآيات: {وأوتينا من كل شيء} أي من كل ما يحتاج الملك إليه من العدد والآلات والجنود والجيوش والجماعات من الجن والإنس والطيور والوحوش والشياطين السارحات والعلوم والفهوم والتعبير عن ضمائر المخلوقات من الناطقات والصامتات ثم قال: {إن هذا لهو الفضل المبين} أي من بارئ البريات وخالق الأرض والسماوات كما قال تعالى: {وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون، حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون، فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين}.
يخبر تعالى عن عبده ونبيه وابن نبيه سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام أنه ركب يوما في جيشه جميعه من الجن والإنس والطير، فالجن والإنس يسيرون معه والطير سائرة معه تظله بأجنحتها من الحر وغيره، وعلى كل من هذه الجيوش الثلاثة وزعة، أي نقباء يردون أوله على آخره، فلا يتقدم أحد عن موضعه الذي يسير فيه، ولا يتأخر عنه قال الله تعالى: {حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون} فأمرت وحذرت واعتذرت عن سليمان وجنوده بعدم الشعور. فقد ذكر وهب أنه مر وهو على البساط بواد بالطائف، وأن هذه النملة كان اسمها جرسن، وكانت من قبيلة يقال لهم بنو الشيصبان، وكانت عرجاء وكانت بقدر الذئب.
وفي هذا كله نظر، بل في هذا السياق دليل على أنه كان في موكبه راكبا في خيوله وفرسانه، لا كما زعم بعضهم من أنه كان إذ ذاك على البساط، لأنه لو كان كذلك لم ينل النمل منه شيء ولا وطئ، لأن البساط "يكون" عليه جميع ما يحتاجون إليه من الجيوش والخيول والجمال والأثقال والخيام والأنعام والطير من فوق ذلك كله، كما سنبينه بعد ذلك إن شاء الله تعالى.
والمقصود أن سليمان عليه السلام فهم ما خاطبت به تلك النملة أمتها من الرأي السديد والأمر الحميد وتبسم من ذلك على وجه الاستبشار والفرح والسرور بما أطلعه الله عليه دون غيره، وليس كما يقوله بعض الجهلة من أن الدواب كانت تنطق قبل سليمان وتخاطب الناس حتى أخذ عليهم سليمان بن داود العهد وألجمها فلم تتكلم مع الناس بعد ذلك، فإن هذا لا يقوله إلا الذين لا يعلمون، ولو كان هذا هكذا لم يكن لسليمان في فهم مقالها مزية على غيره، إذ قد كان الناس كلهم يفهمون ذلك، ولو كان قد أخذ عليها العهد أن لا تتكلم مع غيره، وكان هو يفهمها لم يكن في هذا أيضا فائدة يعول عليها، ولهذا قال {رب أوزعني} أي ألهمني وأرشدني {أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} فطلب من الله أن يقيضه للشكر على ما أنعم به عليه وعلى ما خصه به من المزية على غيره وأن ييسر عليه العمل الصالح وأن يحشره إذا توفاه مع عباده الصالحين وقد استجاب الله تعالى له.
والمراد بوالديه داود عليه السلام وأمه، وكانت من العابدات الصالحات كما قال سنيد بن داود، عن يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر، عن النبي قال: قالت أم سليمان بن داود: يا بني لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع العبد فقيرا يوم القيامة. رواه ابن ماجه عن أربعة من مشايخه عنه به نحو.
وقال عبد الرزاق، عن معمر؛ عن الزهري، أن سليمان بن داود عليه السلام خرج هو وأصحابه يستسقون فرأى نملة قائمة رافعة إحدى قوائمها تستسقي، فقال لأصحابه: ارجعوا فقد سقيتم، إن هذه النملة استسقت فاستجيب لها.
"قال ابن عساكر: وقد روي مرفوعا ولم يذكر فيه سليمان. ثم ساقه من طريق محمد بن عزيز، عن سلامة بن روح بن خالد، عن عقيل، عن ابن شهاب حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول: خرج نبي من الأنبياء بالناس يستسقون الله فإذا هم بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء، فقال النبي: ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل هذه النملة".
وقال السدي: أصاب الناس قحط على عهد سليمان عليه السلام، فأمر الناس فخرجوا فإذا بنملة قائمة على رجليها باسطة يديها وهي تقول: "اللهم أنا خلق من خلقك، ولا غناء بنا عن فضلك".
قال: فصب الله عليهم المطر.
وقال الله تعالى: {وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين، لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين، فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين، إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم، وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون، يسجدوا لهى الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون، الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم، قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين، اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون، قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم، إنه من سليمان وإنه باسم الله الرحمان الرحيم، ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين، قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدوني، قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين، قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون، وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون، فلما جاء سليمان قال أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون، ارجع إليهم، فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون}
يذكر تعالى ما كان من أمر سليمان والهدهد، وذلك أن الطيور كان على كل صنف منها مقدمون يقومون بما يطلب منهم ويحضرون عنده بالنوبة، كما هي عادة الجنود مع الملوك، وكانت وظيفة الهدهد على ما ذكره ابن عباس وغيره أنهم كانوا إذا أعوزوا الماء في القفار في حال الأسفار، يجيء فينظر لهم هل بهذه البقاع من ماء، وفيه من القوة التي أودعها الله تعالى فيه أن ينظر إلى الماء تحت تخوم الأرض، فإذا دلهم عليه حفروا "عنه" واستنبطوه وأخرجوه واستعملوه لحاجتهم. فلما تطلبه سليمان عليه السلام ذات يوم فقده ولم يجده في موضعه من محل خدمته {ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين} أي ماله مفقود من ها هنا أو قد غاب عن بصري فلا أراه بحضرتي؟ {لأعذبنه عذابا شديدا} توعده بنوع من العذاب، اختلف المفسرون فيه، والمقصود حاصل على كل تقدير {أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} أي بحجة تنجيه من هذه الورطة.
قال الله تعالى: {فمكث غير بعيد} أي فغاب الهدهد غيبة ليست بطويلة ثم قدم منها {فقال} لسليمان {أحطت بما لم تحط به} أي اطلعت على ما لم تطلع عليه {وجئتك من سبإ بنبإ يقين} أي بخبر صادق {إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم} يذكر ما كان عليه ملوك سبأ في بلاد اليمن من المملكة العظيمة والتبابعة المتوجين، وكان الملك قد آل في ذلك الزمان إلى امرأة منهم ابنة ملكهم لم يخلف غيرها فملكوها عليهم.
وذكره الثعلبي وغيره أن قومها ملكوا عليهم بعد أبيها رجلا فعم به الفساد، فأرسلت إليه تخطبه فتزوجها فلما دخلت عليه سقته خمرا ثم حزت رأسه ونصبته على بابها، فأقبل الناس عليها وملكوها عليهم وهي بلقيس بنت السيرح وهو الهدهاد. وقيل شراحيل بن ذي جدن بن السيرح بن الحارث بن قيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وكان أبوها من أكابر الملوك وكان يأبى أن يتزوج من أهل اليمن، فيقال إنه تزوج بامرأة من الجن اسمها ريحانه بنت السكن، فولدت له هذه المرأة واسمها تلقمه ويقال لها بلقيس.
وقد روى الثعلبي من طريق سعيد بن بشير عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي أنه قال: كان أحد أبوي بلقيس جنيا. وهذا حديث غريب وفي سنده ضعف.
وقال الثعلبي: أخبرني أبو عبد الله بن قبحونه، حدثنا أبو بكر بن حرجه، حدثنا ابن أبي الليث، حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: ذكرت بلقيس عند رسول الله فقال: "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة". إسماعيل بن مسلم هذا هو المكي ضعيف.
وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث عوف، عن الحسن، عن أبي بكرة أن رسول الله لما بلغه أن أهل فارس ملكوا عليهم ابنة كسرى قال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".
ورواه الترمذي والنسائي من حديث حميد، عن الحسن عن أبي بكرة، عن النبي بمثله وقال الترمذي حسن صحيح. وقوله: {وأوتيت من كل شيء} أي مما من شأنه أن تؤتاه الملوك {ولها عرش عظيم} يعني سرير مملكتها كان مزخرفا بأنواع الجواهر واللآلئ والذهب والحلي الباهر.
ثم ذكر كفرهم بالله وعبادتهم الشمس من دون الله وإضلال الشيطان لهم وصده إياهم عن عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما يخفون وما يعلنون، أي يعلم السرائر والظواهر من المحسوسات والمعنويات {الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم} أي له العرش العظيم الذي لا أعظم منه في المخلوقات.
فعند ذلك بعث معه سليمان عليه السلام كتابه يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله وطاعة رسوله والإنابة والإذعان إلى الدخول في الخضوع لملكه وسلطانه ولهذا قال لهم: {ألا تعلوا علي} أي لا تستكبروا عن طاعتي وامتثال أوامري {وأتوني مسلمين} أي وأقدموا علي سامعين مطيعين بلا معاودة ولا مراودة، فلما جاءها الكتاب مع الطير، ومن ثم اتخذ الناس البطائق، ولكن أين الثريا من الثرى، تلك البطاقة كانت مع طائر سامع مطيع فاهم عالم بما يقول ويقال له. فذكر غير واحد من المفسرين وغيرهم أن الهدهد حمل الكتاب وجاء إلى قصرها فألقاه إليها وهي في خلوة لها ثم وقف ناحية ينتظر ما يكون من جوابها عن كتابها، فجمعت أمراءها ووزراءها وأكابر دولتها إلى مشورتها {قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم} ثم قرأت عليهم عنوانه أولا {إنه من سليمان} ثم قرأته {وإنه باسم الله الرحمان الرحيم، ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين} ثم شاورتهم في أمرها وما قد حل بها وتأدبت معهم وخاطبتهم وهم يسمعون {قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدوني} تعني ما كنت لأبت أمرا إلا وأنتم حاضرون {قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد} يعنون لنا قوة وقدرة على الجلاد والقتال ومقاومة الأبطال، فأن أردت منا ذلك فإنا عليه من القادرين "و" مع هذا {والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين} فبذلوا لها السمع والطاعة، وأخبروها بما عندهم من الطاعة، وفوضوا إليها في ذلك الأمر لترى فيه ما هو الأرشد لها ولهم.
فكان رأيها أتم وأشد من رأيهم، وعلمت أن صاحب هذا الكتاب لا يغالب ولا يمانع، ولا يخالف ولا يخادع {، قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون} تقول برأيها السديد: إن هذا الملك لو قد غلب على هذه المملكة لم يخلص الأمر من بينكم إلا إلى ولم تكن الحدة والشدة والسطوة البليغة إلا علي {وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون} أرادت أن تصانع عن نفسها. وأهل مملكتها بهدية ترسلها، وتحف تبعثها، ولم تعلم أن سليمان عليه السلام لا يقبل منهم والحالة هذه صرفا ولا عدلا، لأنهم كافرون، وهو وجنوده عليهم قادرون.
"و" لهذا {فلما جاء سليمان قال أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون} هذا وقد كانت تلك الهدايا مشتملة على أمور عظيمة، ذكره المفسرون.
ثم قال لرسولها إليه ووافدها الذي قدم عليه والناس حاضرون يسمعون {ارجع إليهم، فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون} يقول ارجع بهديتك التي قدمت بها إلى من قد من بها فإن عندي مما قد أنعم الله علي وأسداه إلي من الأموال والتحف والرجال ما هو أضعاف هذا وخير من هذا الذي أنتم تفرحون به وتفخرون على أبناء جنسكم بسببه {ارجع إليهم، فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها} أي فلأبعثن إليهم بجنود لا يستطيعون دفاعهم ولا نزالهم ولا ممانعتهم ولا قتالهم ولأخرجنهم من بلدهم وحوزتهم ومعاملتهم ودولتهم أذلة {وهم صاغرون} عليهم الصغار والعار والدمار.
فلما بلغهم ذلك عن نبي الله لم يكن لهم بد من السمع والطاعة، فبادروا إلى إجابته في تلك الساعة وأقبلوا صحبة الملكة أجمعين سامعين مطيعين خاضعين، فلما سمع بقدومهم عليه ووفودهم إليه قال لمن بين يديه ممن هو مسخر له من الجان ما قصه الله عنه في القرآن: {قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين، قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين، قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم، قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون، فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين، وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين، قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لها رب العالمين}
لما طلب سليمان من الجان أن يحضروا له عرش بلقيس، وهو سرير مملكتها التي تجلس عليه وقت حكمها، قبل قدومها عليه {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} يعني قبل أن ينقضي مجلس حكمك، وكان فيما يقال من أول النهار إلى قريب الزوال يتصدى لمهمات بني إسرائيل وما لهم من الأشغال {وإني عليه لقوي أمين} أي وإني لذو قدرة على إحضاره إليك والأمانة على ما فيه من الجواهر النفيسة لديك {قال الذي عنده علم من الكتاب} المشهور أنه آصف بن برخينا، وهو ابن خالة سليمان. وقيل: هو رجل من مؤمني الجان، كان فيما يقال يحفظ الاسم الأعظم وقيل رجل من بني إسرائيل من علماءهم، وقيل: إنه سليمان، وهذا غريب جدا. وضعفه السهيلي بأنه لا يصح في سياق الكلام قال: وقد قيل فيه قول رابع وهو: جبريل {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} قيل معناه قبل أن تبعث رسولا إلى أقصى ما ينتهي إليه طرفك من الأرض ثم يعود إليك وقيل قبل أن يصل إليك أبعد من تراه من الناس. وقيل قبل أن يكل طرفك إذا أدمت النظر به قبل أن تطبق جفنك. وقيل قبل أن يرجع إليك طرفك إذا نظرت به إلى أبعد غاية منك ثم أغمضته وهذا أقرب ما قيل.
{فلما رآه مستقرا عنده} أي فلما رأى عرش بلقيس مستقرا عنده في هذه المدة القريبة من بلاد اليمن إلى بيت المقدس في طرفة عين {قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر} أي هذا من فضل الله علي وفضله على عبيده ليختبرهم على الشكر أو خلافه {ومن شكر فإنما يشكر لنفسه} أي إنما يعود نفع ذلك عليه {ومن كفر فإن ربي غني كريم} أي غني عن شكر الشاكرين ولا يتضرر بكفر الكافرين.
ثم أمر سليمان عليه السلام أن يغير حلي هذا العرش وينكر لها ليختبر فهمها وعقلها ولهذا قال: {ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون، فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو} وهذا من فطنتها وغزارة فهمها، لأنها استبعدت أن يكون عرشها لأنها خلفته وراءها بأرض اليمن ولم تكن تعلم أن أحدا يقدر على هذا الصنع العجيب الغريب قال الله تعالى إخبارا عن سليمان وقومه: {وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين، وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين} أي ومنعها عبادة الشمس التي كانت تسجد لها هي وقومها من دون الله اتباعا لدين آباءهم وأسلافهم لا لدليل قادهم إلى ذلك ولا حذاهم على ذلك.
وكان سليمان قد أمر ببناء صرح من زجاج وعمل في ممره ماء، وجعل عليه سقفا من زجاج، وجعل فيه من السمك وغيرها من دواب الماء، وأمرت بدخول الصرح وسليمان جالس على سريره فيه {فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير، قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لهذ رب العالمين} وقد قيل أن الجن أرادوا أن يبشعوا منظرها عند سليمان وأن تبدي عن ساقيها ليرى ما عليها من الشعر فينفره ذلك منها، وخشوا أن يتزوجها لأن أمها من الجان فتتسلط عليهم معه وذكر بعضهم أن حافرها كان كحافر الدابة. وهذا ضعيف وفي الأول أيضا نظر. والله أعلم.
إلا أن سليمان قيل إنه لما أراد إزالته حين عزم على تزوجها سأل الإنس عن زواله فذكروا له الموسى، فامتنعت من ذلك فسأل الجان فصنعوا له النورة ووضعوا له الحمام، فكان أول من دخل الحمام فلما وجد مسه قال أوه من عذاب أوه أوه قبل أن لا ينفع أوه.
وقد ذكر الثعلبي وغيره أن سليمان لما تزوجها أقرها على مملكة اليمن وردها إليها، وكان يزورها في كل شهر مرة، فيقيم عندها ثلاثة أيام ثم يعود على البساط، وأمر الجان فبنوا له ثلاثة قصور باليمن: غمدان وسالحين وبيتون. فالله أعلم.
وقد روى ابن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه أن سليمان لم يتزوجها بل زوجها بملك همدان، وأقرها على ملك اليمن، وسخر زوبعة ملك اليمن فبنى لها القصور الثلاثة التي ذكرناها باليمن والأول أشهر وأظهر، والله أعلم.
وقال تعالى في سورة ص: {ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب، إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد، فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب، ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق، ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب، قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب، فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، والشياطين كل بناء وغواص، وآخرين مقرنين في الأصفاد، هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب، وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.
يذكر تعالى أنه وهب لداود سليمان عليهما السلام، ثم أثنى الله تعالى عليه فقال: {نعم العبد إنه أواب} أي رجاع مطيع لله. ثم ذكر تعالى ما كان من أمره في الخيل الصافنات وهي التي تقف على ثلاث وطرف حافر الرابعة، الجياد وهي المضمرة السراع.
فقال: {إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب} يعني الشمس وقيل الخيل على ما سنذكره من القولين. {ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق} قيل مسح عراقيبها وأعناقها بالسيوف. وقيل مسح عنها العرق لما أجراها وسابق بينها بين يديه على القول الآخر.
والذي عليه أكثر السلف الأول، فقالوا اشتغل بعرض تلك الخيول حتى خرج وقت العصر وغربت الشمس. روى هذا عن علي بن أبي طالب وغيره. والذي يقطع به أنه لم يترك الصلاة عمدا من غير عذر، اللهم إلا أن يقال إنه كان سائغا في شريعتهم فأخر الصلاة لأجل أسباب الجهاد وعرض الخيل من ذلك.
وقد ادعى طائفة من العلماء في تأخير النبي صلاة العصر يوم الخندق إن هذا كان مشروعا إذ ذاك حتى نسخ بصلاة الخوف، قاله الشافعي وغيره. وقال مكحول والأوزاعي: بل هو حكم محكم الى اليوم أنه يجوز تأخيرها بعذر القتال الشديد. كما ذكرنا تقرير ذلك في سورة النساء عند صلاة الخوف. وقال آخرون: بل كان تأخير النبي صلاة العصر يوم الخندق نسيانا، وعلى هذا فيحمل فعل سليمان علية السلام على هذا والله أعلم. وأما من قال: الضمير في قوله: {حتى توارت بالحجاب} عائد على الخيل، وأنه لم تنتهي وقت صلاة وأن المراد بقوله: {ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق} يعني مسح العرق عن عراقيبها وأعناقها، فهذا القول اختاره ابن جرير ورواه الوالبي عن ابن عباس في مسح العرق. ووجه هذا القول ابن جرير بأنه ما كان ليعذب الحيوان بالعرقبة ويهلك مالا بلا سبب ولا ذنب لها. وهذا الذي قاله فيه نظر لأنه قد يكون هذا سائغا في ملتهم وقد ذهب بعض علمائنا الى أنه إذا خاف المسلمون أن يضفر الكفار على شيء من الحيوانات من أغنام ونحوها جاز ذبحها وإهلاكها لئلا يتقووا بها. وعليه حمل صنيع جعفر بن أبي طالب يوم عقر فرسه بمؤتة. وقد قيل إنها كانت خيلا عظيمة. قيل كانت عشرة آلاف فرس. وقيل كانت عشرين ألف فرس. وقيل كان فيها عشرون فرسا من ذوات الأجنحة.
وقد روى أبو داود في سننه: حدثنا محمد بن عوف، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأنا يحيى بن أيوب، حدثني عمارة بن غزية، أن محمد بن إبراهيم حدثه عن محمد بن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت: قدم رسول الله من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر، فهبت الريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقالت: بناتي. ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع. فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس. قال: وما الذي عليه هذا؟ قالت: جناحان. قال: فرس له جناحان! قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة. قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه .
قال بعض العلماء لما ترك الخيل لله عوضه الله عنها بما هو خير له منها، وهو الريح التي كان غدوها شهر ورواحها شهر، كما سيأتي الكلام عليها.
كما قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة وأبي الدهماء، وكانا يكثران السفر نحو البيت قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله فجعل يعلمني مما علمه الله عز وجل وقال "إنك لا تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه".
وقوله تعالى: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب}.
ذكر ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما من المفسرين ها هنا آثارا كثيرة عن جماعة من السلف. وأكثرها أو كلها متلقاة من الإسرائيليات، وفي كثير منها نكارة شديدة، وقد نبهنا على ذلك في كتابنا التفسير واقتصرنا ها هنا على مجرد التلاوة.
ومضمون ما ذكروه أن سليمان عليه السلام غاب عن سريره أربعين يوما ثم عاد إليه، ولما عاد أمر ببناء بيت المقدس، فبناه بناء محكما، وقد قدمنا أنه جدده، وأن أول من جعله مسجدا إسرائيل عليه السلام، كما ذكرنا ذلك عند قول أبي ذر: قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: مسجد بيت المقدس، قلت: كم بينهما. قال: أربعون سنة.
ومعلوم أن بين إبراهيم الذي بنى المسجد الحرام وبين سليمان بن داود عليهما السلام أزيد من ألف سنة دع أربعين سنة، وكان سؤاله الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده بعد إكماله البيت المقدس؟ قال الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم بأسانيدهم عن عبد الله بن فيروز الديلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله : إن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل خلالا ثلاثا، فأعطاه اثنتين، ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة: سأله حكما يصادف حكمه.
فأعطاه إياه، وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه. فنحن نرجو أن يكون الله قد أعطانا إياها.
فأما الحكم الذي يوافق حكم الله تعالى فقد أثنى الله تعالى عليه وعلى أبيه في قوله: {وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين، ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما} وقد ذكر شريح القاضي وغير واحد من السلف أن هؤلاء القوم كان لهم كرم فنفشت فيه غنم قوم آخرين، أي رعته بالليل، فأكلت شجره بالكلية، فتحاكموا إلى داود عليه السلام فحكم لأصحاب الكرم بقيمته. فلما خرجوا على سليمان قال: بم حكم لكم نبي الله؟ فقالوا: بكذا وكذا فقال: أما لو كنت أنا لما حكمت إلا بتسليم الغنم إلى أصحاب الكرم فيستغلونها نتاجا ودرا، حتى يصلح أصحاب الغنم كرم أولئك ويردوه إلى ما كان عليه، ثم يتسلموا غنمهم، فبلغ داود عليه السلام ذلك فحكم به.
وقريب من هذا ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "بينما امرأتان معهما ابناهما، إذ عدا الذئب فأخذ ابن إحداهما، فتنازعتا في الآخر، فقالت الكبرى: إنما ذهب بابنك، وقالت الصغرى: بل إنما ذهب بابنك. فتحاكمتا إلى داود، فحكم به للكبرى، فخرجتا على سليمان فقال: ائتوني بالسكين أشقه نصفين لكل واحدة منكما نصفه. فقالت الصغرى: يرحمك الله هو ابنها. فقضى به لها".
ولعل كلا من الحكمين كان سائغا في شريعتهم، ولكن ما قاله سليمان أرجح، ولهذا أثنى الله عليه بما ألهمه إياه، ومدح بعد ذلك أباه فقال: {وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين، وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون}.
ثم قال: {ولسليمان الريح عاصفة} أي وسخرنا لسليمان الريح عاصفة {تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين، ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين}.
وقال في سورة ص: {فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، كل بناء وغواص، وآخرين مقرنين في الأصفاد، هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب، وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.
لما ترك الخيل ابتغاء وجه الله عوضه الله منها بالريح التي هي أسرع سيرا وأقوى وأعظم ولا كلفة عليه لها {تجري بأمره رخاء حيث أصاب} أي حيث أراد من أي البلاد، كان له بساط مركب من أخشاب، بحيث إنه سمع جميع ما يحتاج إليه من الدور المبنية والقصور والخيام والأمتعة والخيول والجمال والأثقال والرجال من الإنس والجان، وغير ذلك من الحيوانات والطيور فإذا أراد سفرا أو مستنزها، أو قتال ملك أو أعداء من أي بلاد الله شاء. فإذا حمل هذه الأمور المذكورة على البساط أمر الريح فدخلت تحته فرفعته فإذا استقل بين السماء والأرض أمر الرخاء فسارت به، فإن أراد أسرع من ذلك أمر العاصفة فحملته أسرع ما يكون، فوضعته في أي مكان شاء، بحيث إنه كان يرتحل في أول النهار من بيت المقدس، فتغدو به الريح فتضعه بإصطخر مسيرة شهر، فيقيم هناك إلى آخر النهار، ثم يروح من آخره فترده إلى بيت المقدس.
كما قال تعالى: {ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير، يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور}.
قال الحسن البصري: كان يغدو من دمشق فينزل بإصطخر فيتغدى بها، ويذهب رائحا منها، فيبيت بكابل، وبين دمشق وبين اصطخر مسيرة شهر، وبين اصطخر وكابل مسيرة شهر.
قلت: قد ذكر المتكلمون على العمران والبلدان أن اصطخر بنتها الجان لسليمان، وكان فيها قرار مملكة الترك قديما، وكذلك غيرها من بلدان شتى، كتدمر وبيت المقدس وباب جيرون وباب البريد اللذان بدمشق على أحد الأقوال.
وأما القطر فقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وغير واحد: هو النحاس. قال قتادة: وكانت باليمن أنبعها الله له. قال السدي: ثلاثة أيام فقط أخذ منها جميع ما يحتاج إليه للبنايات وغيرها.
وقوله: {ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير}. أي وسخر الله له من الجن عمالا يعملون له ما يشاء، لا يفترون ولا يخرجون عن طاعته، ومن خرج منهم عن الأمر عذبه ونكل به {يعملون له ما يشاء من محاريب} وهي الأماكن الحسنة وصدور المجالس {وتماثيل} وهي الصور في الجدران، وكان هذا سائغا في شريعتهم وملتهم {وجفان كالجواب} قال ابن عباس: الجفنة كالجوبة من الأرض. وعنه كالحياض. وكذا قال مجاهد والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم. وعلى هذه الرواية يكون الجواب جمع جابية وهي الحوض الذي يجبى فيه الماء، قال الأعمش:
تروح على آل المحلق جفنة *** كجابية الشيخ العراقي تفهق
وأما القدور الراسيات فقال عكرمة: أثافيها منها، يعني أنهن ثوابت لا يزلن عن أماكنهن، وهكذا قال مجاهد وغير واحد.
ولما كان هذا بصدد إطعام الطعام والإحسان إلى الخلق من إنسان وحيوان قال تعالى {اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور}.
وقال تعالى: {والشياطين كل بناء وغواص، وآخرين مقرنين في الأصفاد} يعني أن منهم من قد سخره الله في البناء ومنهم من يأمره بالغوص في الماء لاستخراج ما هنالك من الجواهر واللآلئ وغير ذلك مما لا يوجد إلا هنالك. وقوله: {وآخرين مقرنين في الأصفاد} أي قد عصوا فقيدوا مقرنين اثنين اثنين في الأصفاد وهي القيود، وهذا كله من جملة ما هيأه الله وسخر له من الأشياء التي هي من تمام الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، ولم يكن أيضا لمن كان قبله.
وقد قال البخاري: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة عن النبي قال: "إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة ليقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه، فأخذته فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخي سليمان: {قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} فرددته خاسئا. وكذا رواه مسلم والنسائي من حديث شعبة.
وقال مسلم: حدثنا محمد بن سلمة المرادي، حدثنا عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح، حدثني ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء قال: قام رسول الله يصلي فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك ألعنك بلعنة الله ثلاثا، وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله: قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك قال: "إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات. ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة. فلم يستأخر ثلاث مرات، ثم أردت أخذه، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة". وكذا رواه النسائي عن محمد بن سلمة به.
وقال أحمد: حدثنا أبو أحمد، حدثنا مرة بن معبد، حدثنا أبو عبيد حاجب سليمان، قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائما يصلي، فذهبت أمر بين يديه فردني ثم قال: حدثني أبو سعيد الخدري أن رسول الله قام فصلى صلاة الصبح وهو خلفه فقرأ فالتبست عليه القراءة. فلما فرغ من صلاته قال: "لو رأيتموني وإبليس فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين إصبعي هاتين الإبهام والتي تليها، ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة، فمن استطاع منكم ألا يحول بينه وبين القبلة أحد فليفعل".
روى أبو داود منه "فمن استطاع" إلى آخره عن أحمد بن سريج عن أحمد الزبيري به.
وقد ذكر غير واحد من السلف أنه كانت لسليمان من النساء ألف امرأة سبعمائة بمهور وثلاثمائة سراري. وقيل بالعكس ثلاثمائة حرائر وسبعمائة من الإماء، وقد كان يطيق من التمتع بالنساء أمرا عظيما جدا.
قال البخاري: حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي قال: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه: إن شاء الله. فلم يقل، فلم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه. فقال النبي : "لو قالها لجاهدوا في سبيل الله". وقال شعيب وابن أبي الزناد: تسعين وهو أصح. تفرد به البخاري من هذا الوجه.
وقال أبو يعلى: حدثنا زهير، حدثنا يزيد، أنبأنا هشام بن حسان عن محمد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على مائة امرأة كل امرأة منهن تلد غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله، ولم يقل: إن شاء الله، فطاف تلك الليلة على مائة امرأة فلم تلد منهن امرأة، إلا امرأة ولدت نصف إنسان، فقال رسول الله : "لو قال: إن شاء الله لولدت كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله عز وجل". إسناده على شرط الصحيح ولم يخرجوه من هذا الوجه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا هشيم، حدثنا هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على مائة امرأة تلد كل واحدة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله، ولم يستثن. فما ولدت إلا واحدة منهن بشق إنسان. قال: قال رسول الله "لو استثنى لولد له مائة غلام يقاتل في سبيل الله عز وجل". تفرد به أحمد أيضا.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : قال سليمان بن داود، لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله قال: نسي أن يقول: إن شاء الله، فأطاف بهن قال: فلم تلد منهن امرأة إلا واحدة نصف إنسان. فقال رسول الله : "لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته".
وهكذا أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الرزاق به مثله. قال إسحاق بن بشر: أنبأنا مقاتل، عن أبي الزناد، وابن أبي الزناد عن أبيه، عن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن سليمان بن داود كان له أربعمائة امرأة وستمائة سرية فقال يوما: لأطوفن الليلة على ألف امرأة، فتحمل كل واحدة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله. ولم يستثن فطاف عليهن، فلم تحمل واحدة منهن، إلا امرأة واحدة منهن جاءت بشق إنسان. فقال النبي : "والذي نفسي بيده لو استثنى فقال إن شاء الله لولد له ما قال فرسان، ولجاهدوا في سبيل الله عز وجل".
وهذا إسناد ضعيف لحال إسحاق بن بشر، فإنه منكر الحديث ولا سيما وقد خالف الروايات الصحاح.
وقد كان له عليه السلام من أمور الملك واتساع الدولة كثرة الجنود وتنوعها ما لم يكن لأحد قبله، ولا يعطيه الله أحدا بعده، كما قال: {وأوتينا من كل شيء} {قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب} وقد أعطاه الله ذلك بنص الصادق المصدوق.
ولما ذكر تعالى ما أنعم به عليه وأسداه من النعم الكاملة العظيمة إليه قال: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} أي أعط من شئت واحرم من شئت، فلا حساب عليك، أي: تصرف في المال كيف شئت، فإن الله قد سوغ لك ما تفعله من ذلك، ولا يحاسبك على ذلك، وهذا شأن النبي الملك، بخلاف العبد الرسول، فإن من شأنه أن لا يعطي أحدا إلا بإذن الله له في ذلك.
وقد خير نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه بين هذين المقامين، فاختار أن يكون عبدا رسولا. وفي بعض الروايات أنه استشار جبريل في ذلك فأشار إليه أن تواضع. فاختار أن يكون عبدا رسولا، صلوات الله وسلامه عليه، وقد جعل الله الخلافة والملك من بعده في أمته إلى يوم القيامة، فلا تزال طائفة من أمته ظاهرين حتى تقوم الساعة. فلله الحمد والمنة.
ولما ذكر تعالى ما وهبه لنبيه سليمان عليه السلام من خير الدنيا، نبه لما أعده له في الآخرة من الثواب الجزيل والأجر الجميل والقربة التي تقربه إليه والفوز العظيم والإكرام بين يديه، وذلك يوم المعاد والحساب حيث يقول تعالى: {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

قصة سليمان بن داود عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة سليمان بن داود عليهما السلام   قصة سليمان بن داود عليهما السلام Emptyالجمعة أبريل 03, 2015 6:21 am

قِصَّةُ سيدنا سليمان عليه السلام مع الفلاح والنملة والطيور
إنّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهدِيهِ ونشكرُهُ، ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنا ومنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ لهُ.
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ ولا مثيلَ لهُ ولا جسمَ ولا أعضاءَ لهُ ولا شكلَ ولا صورةَ لهُ، ولا حدَّ ولا مكانَ لهُ، جلّ ربِّي لا يُشبهُ شيئًا ولا يُشبهُهُ شىءٌ ولا يحِلّ في شىءٍ ولا ينحلُّ منهُ شىءٌ ، ليسَ كمثلِهِ شىءٌ وهو السميعُ البصيرُ .
وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعيُنِنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفِيّهُ وحبيبُهُ، بلّغَ الرِّسالةَ وأدّى الأمانةَ ونصحَ الأمّةَ ، فجزاهُ اللهُ عنّا خيرَ ما جزى نبيًّا منْ أنبيائِهِ، الصلاةُ والسلامُ عليكَ يا سيّدي يا رسولَ اللهِ ، أنتَ طبُّ القلوبِ ودواؤها، وعافيةُ الأبدانِ وشفاؤها، ونورُ الأبصارِ وضياؤها، الصلاةُ والسلامُ عليكَ سيّدي يا محمّد، يا محمّدُ ضاقتْ حيلتُنا وأنتَ وسيلتُنا، أدرِكنا يا رسولَ اللهِ، أدركنا بإذنِ اللهِ.
أما بعدُ عبادَ اللهِ فإني أوُصيكُمْ ونفسِي بتقوَى اللهِ العليِّ القديرِ القائلِ في مُحكمِ كتابِهِ: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَىْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ سورةُ يوسفَ/ 111 .
اعلَموا رحمكُمُ اللهُ أنّ أفضلَ الخلائقِ عُلْوِيِّها وسُفلِيِّها الأنبياءُ لِما أعطاهُمُ اللهُ منَ الصبرِ والتُّقى، وإنّ أحسنَ القَصَصِ قَصَصَهُمْ لِما جعلَ اللهُ فيها منْ مواعظَ وعِبَر. وبالاطلاعِ على قَصَصِ حياتِهم صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهمْ أجمعينَ وما حَفَلَتْ بهِ منْ أحداثٍ واشْتَمَلَتْ عليهِ منْ أفعالٍ لدليلاً لنا نَنْهَجُهُ ونستنيرُ ونستعينُ بهِ لِلوُصولِ إلى الإيمانِ الكاملِ الذي هو سبيلُ النّجاةِ والفوزِ في الآخرةِ ، وكلامُنا اليومَ بإذنِ اللهِ ربِّ العالمينَ عنْ سيّدِنا سليمانَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ. يقولُ ربُّ العزّةِ في مُحكمِ التنْـزيلِ: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَـنُ دَاوُودَ وَقَالَ يَـأَيُّهَا النَّاسُ عُلّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلّ شَىْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾سورةُ النملِ/16 ، أيْ كأنّهُ ورِثهُ وإلا فالنُّبُوَّةُ لا تورثُ .
فلقدْ علّمَهُ اللهُ تعالى مَنطِقَ الطيرِ ولغتَهُ وسائرَ لغاتِ الحيواناتِ، فكانَ يفهمُ عنها ما لا يفهمُهُ سائرُ الناسِ. رُوِيَ أنّهُ صَاحَ هُدْهُدٌ فقالَ سليمانُ عليهِ السلامُ: يقولُ استغفِروا اللهَ يا مُذنِبُونَ، وصاحَ خُطّافٌ فقالَ يقولُ: قدِّموا خيرًا تجدوهُ، وصاحتْ رَخْمَةٌ (وهوُ طائرٌ أبقَعُ يشبِهُ النَّسْرَ في الخِلقَةِ) فقالَ: تقولُ سبحانَ ربِّيَ الأعلى ملءَ سمائِهِ وأرضِهِ، وصاحَ قُمْرِيٌّ (وهو نوعٌ من الحمامِ) فأخبرَ أنّهُ يقولُ سبحانَ ربِّيَ الأعلى ، وقالَ: الحِدَأَةُ تقولُ كلِّ شىءٍ هالِكٌ إلا اللهُ ، والقَطاةُ تقولُ مَنْ سكتَ سَلِمَ ، والدِّيكُ يقولُ اذكروا اللهَ يا غافلونَ ، والنَّسْرُ يقولُ يا ابنَ ءادمَ عِشْ ما شِئْتَ ءاخرُكَ الموتُ ، والعُقابُ يقولُ في البعدِ مِنَ الناسِ أُنْسٌ (أي مَنْ بعضِ الناسِ) ، والضِّفدِعُ يقولُ سبحانَ ربِّي القُدُّوسُ .
وسَخّرَ اللهُ تعالى لنبِيِّهِ سليمانَ عليهِ السلامُ الرِّيحَ فكانتْ تنقلُهُ إلى أيِّ أطرافِ الدنيا شاءَ، يقولُ اللهُ تعالى: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾ سورةُ ص/36 ، وذلك تبليغُ المَلَكِ له عن الله .
وأوْحَى اللهُ تعالى إليه وهو يسير بين السماء والأرض: "إني قدْ زدتُ في مُلكِكَ أن لا يتكلمَ أحدٌ بشىءٍ إلا ألقَتْهُ الريحُ في سَمعِكَ" .
فيحكى أنه مر بفلاح يحرث أرضه، مرّ سليمان وهو على بساط الريح يسير بين السماء والأرض فنظر اليه الفلاح وقال: "لقد أوتي ءال داود ملكًا عظيمًا" فألقت الريح كلام الفلاح في أذن سيدنا سليمان عليه السلامُ ، فنَزل سليمانُ عليه السلام ومشى إلى الفلاح وقال: "إني جئت إليك لئلا تتمنّى ما لا تقدر عليه" ثم قال: "لتسبيحة واحدة يقبلها الله منك خير من الدنيا وما فيها" .
ومنْ نِعَمِ اللهِ تعالى على سليمانَ عليهِ السلامُ أنّ جُندَهُ كانَ مؤلّفًا من الجنِّ والإنسِ والطيرِ وكانَ سليمانُ عليهِ السلامُ قدْ نظّمَ لهمْ أعمالَهم ورتّب لهم شئونَهم فكانَ إذا خرجَ خرجوا معهُ في موكبٍ حافلٍ مُهيبٍ يحيطُ بهِ الجندُ والخدَمُ منْ كلِّ جانبٍ وأخبرَ اللهُ تعالى عنْ عبدِهِ ونبيِّهِ سليمانَ عليهِ السلامُ أنّهُ ركِبَ يومًا في جيشِهِ المؤلّفُ منَ الجنِّ والإنسِ والطيرِ ، يقولُ ربُّنا في القرءانِ العظيمِ : ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَـأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَـاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـنُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ سورة النمل/18 .
فهذِهِ النَّمْلَةُ ( واسْمُها طاخية أو منذرة ) تكلَّمَتْ بِصَوْتٍ أَمَرَتْ فيهِ أُمَّةَ النَّملِ في ذلك الوادِي أَنْ يَدْخُلُوا مَسَاكِنَهُم حَذَرًا مِنْ أَنْ يُحَطِّمَهُمْ سليمانُ عليهِ السلامُ وجنودُهُ أثناءَ سيرِهِمْ، لَقَدْ أَلْهَمَ اللهُ عَزَّ وجلَّ تلكَ النَّملَةَ معرِفَةَ نبيِّهِ سليمانَ عليهِ السلامُ كما أَلْهَمَ النملَ كثيرًا مِنْ مَصالِحِهَا ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَـأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَـاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـنُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ سورة النمل/18 .
﴿وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ لا يَعلَمونَ بِمَكانِكم، أي لَوْ شَعَرُوا لَمْ يَفْعَلوا، قالَتْ ذلك على وَجْهِ العُذْرِ واصِفَةً سليمَانَ وَجُنودَهُ بِالعَدْلِ، فَسَمِعَ سليمانُ قَوْلَها مِنْ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ فَتَبَسَّمَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ مِنْ قَوْلِها مُتَعَجِّبا مِنْ حَذَرِها واهتِدائِهَا لِمَصالِحها وَنَصيحَتِها لِلنَّمْلِ فَأَمَرَ سليمانُ عليهِ السلامُ الريحَ فوَقَفَتْ لِئَلاَّ يذعرنَ حتى دَخَلْنَ مساكِنَهُنَّ أوقَفَ سليمانُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ موكبَهُ العَظِيمَ حَتَّى يَدْخُلْنَ أَيِ النملُ إلى بُيوتِهِنَّ ودَعَا رَبَّه ، قَالَ تعالَى إِخْبَارًا عن سِيّدنا سليمانَ: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَـالِحًا تَرْضَـاهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّـالِحِينَ﴾سورة النمل/19
﴿رَبّ أَوْزِعْنِي﴾ أي أَلْهِمْنِي .
هذا كلُّهُ من فضلِ اللهِ تعالَى عَلَى عبدِهِ ونبيِّه سليمانَ عليهِ السلامُ الذِي كانَ عَبدًا مطيعًا أوّابًا داعيًا إلى عبادةِ اللهِ وحدَه لا شريك له وكانَ مِنْ عبادِ اللهِ الشَّاكِرينَ، يقولُ اللهُ تعالَى: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَـنَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ سورة ص/ 30 .
هذا وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
إن الحمدَ للهِ نحمَدُهُ سُبحانَه وتَعالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُه، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّـئَاتِ أَعْمَالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومن يُضلِلْ فلا هَادِيَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه صلَّى اللهُ عليهِ وعلى كلِّ رسولٍ أرسلَه.
أما بعد عبادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونفسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العظيمِ. واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ، أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ ﴿إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلُّونَ على النبِيِ يَا أيُّهَا الذينَ ءامَنوا صَلُّوا عليهِ وسَلّموا تَسْليمًا﴾ اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيم وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى: ﴿يا أيُّها الناسُ اتَّقـوا رَبَّكـُم إنَّ زلزَلَةَ الساعَةِ شَىءٌ عَظِيمٌ يومَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حملَها وَتَرَى الناسَ سُكارَى ومَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عذابَ اللهِ شَديدٌ﴾.
اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فبجاه محمّد استجبْ لنا دعاءَنا، اللهم بجاه محمّد اغفرِ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا، اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ، اللّـهُمَّ بجاه محمّد اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ، اللّـهُمَّ بجاه محمّد استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

قصة سليمان بن داود عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة سليمان بن داود عليهما السلام   قصة سليمان بن داود عليهما السلام Emptyالجمعة أبريل 03, 2015 6:22 am

قصة النملة مع سيدنا سليمان
بسم الله الرحمن الرحيم
(حتى إذا أتوا على وادي النمل، قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يَحْطِمنَّكم سليمانُ وجنودُه وهم لا يشعرون).
سورة النمل ¬ الآية: 18.
أنعم الله على سيّدنا سليمان عليه السلام نعماً كثيرة؛ منها أنه سخَّر له الإنس والجن والطير، وجعلها تحت إمرته، وعلّمه لغة الطير والحيوان على اختلاف أصنافها.
وفي يوم من الأيام جمع سليمان جنوده من الإنس والجن والطير، ووزَّعهم كلاًّ حسب منزلته، وأمرهم بالمسير في انتظام، بحيث لا يتقدّم أحد على أحد.
وفيما هم يمشون، مرّوا على وادٍ من النمل، وكان النمل منشغلاً في عمله، فلم ينتبه أحد لسليمان وجنوده إلا نملة كانت تراقب ما يقوم به النمل من عمل عن كَثَبٍ، فشاهدتْ سليمانَ وجنودَه يتقدّمون نحوها، فخافتْ على نفسها وعلى أخواتها النمل أن يحطِّمها ويدوسها جيش سليمان دون قصد، فأسرعت خائفة نحو أخواتها من النمل، وقالت بصوت مرتجف ومتقطّع:
- أيها النمل أسرعوا وادخلوا في منازلكم... فإني رأيت سليمان وجنوده يتقدّمون نحونا، ونحن صغار الأجسام ولن يشعروا بنا، فإذا لم تختبئوا فسوف يحطمكم سليمان وجنوده.
سمع سليمان عليه السلام ما دار من حديث بين النملة وأخواتها، وفهم ما قصدته النملة فتبسَّم ضاحكاً من قولها، ثم أمر جنوده بالمسير ببطء، حتى تدخل النمل ولا تصاب بأذى، ثم رفع يديه إلى السماء شاكراً الله تعالى على نعمه الكثيرة قائلاً:
- اللهم ألهمني أن أشكر نعمتك التي أنعمتَ بها عليّ، إذ علّمتني منطق الطير والحيوان، وأن أشكر نعمتك التي أنعمتها عليّ وعلى والديّ بالإسلام والإيمان بك، وأن ترشدني إلى طريق الخير فأعمل به، وأن تدخلني جنتك التي وعدْتَ بها عبادك الصالحين، إنّك سميع مجيب.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

قصة سليمان بن داود عليهما السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة سليمان بن داود عليهما السلام   قصة سليمان بن داود عليهما السلام Emptyالجمعة أبريل 03, 2015 6:23 am


ذكر وفاته وكم كانت مدة ملكه وحياته
قال الله تبارك وتعالى: {فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}.
روى ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما من حديث إبراهيم ابن طهمان عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي قال: كان سليمان نبي الله عليه السلام إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها: ما اسمك؟ فتقول: كذا. فيقول لأي شيء أنت؟ فإن كانت لغرس غرست، وإن كانت لدواء أنبتت. فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه فقال لها ما اسمك: قالت: الخروب. قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت. فقال سليمان: اللهم عم على الجن موتي، حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنحتها عصا فتوكأ عليها حولا، والجن تعمل، فأكلتها الأرضة فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين. قال: وكان ابن عباس يقرؤها كذلك. فشكرت الجن للأرضة فكانت تأتيها بالماء.
لفظ ابن جرير. وعطاء الخراساني في حديثه نكارة. وقد رواه الحافظ ابن عساكر من طريق سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس موقوفا. وهو أشبه بالصواب والله أعلم.
وقال السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن أناس من الصحابة: كان سليمان عليه السلام يتجرد في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل من ذلك وأكثر يدخل طعامه وشرابه فأدخله في المرة التي توفي فيها فكان بدء ذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه إلا نبتت في بيت المقدس شجرة يأتيها فيسألها ما اسمك؟ فتقول الشجرة: اسمي كذا وكذا. فإن كانت لغرس غرسها وإن كانت نبتت دواء قالت نبت دواء لكذا وكذا. فيجعلها كذلك حتى نبتت شجرة يقال لها الخروبة فسألها ما اسمك؟ فقالت: أنا الخروبة. فقال: ولأي شيء نبت؟ فقالت: نبت لخراب هذا المسجد فقال سليمان: ما كان الله ليخربه وأنا حي، أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس. فنزعها وغرسها في حائط له.
ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصاه فمات ولم به تعلم الشياطين. وهم في ذلك يعملون له يخافون أن يخرج فيعاقبهم، وكانت الشياطين تجتمع حول المحراب، وكان المحراب له كوى بين يديه وخلفه، فكان الشيطان الذي يريد أن يخلع يقول: ألست جليدا إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب. فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر. فدخل شيطان من أولئك فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان عليه السلام وهو في المحراب إلا احترق، فلم يسمع صوت سليمان، ثم رجع فلم يسمع ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق ونظر إلى سليمان عليه السلام قد سقط ميتا، فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد مات، ففتحوا عنه فأخرجوه ووجدوا منسأته وهي العصا بلسان الحبشة، قد أكلتها الأرضة ولم يعلموا منذ كم مات فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت منها يوما وليلة، ثم حسبوا على ذلك النحو فوجدوه قد مات منذ سنة، وهي قراءة ابن مسعود: فمكثوا يدأبون له من بعد موته حولا كاملا فأيقن الناس عند ذلك أن الجن كانوا يكذبون ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان ولم يلبثوا في العذاب سنة يعملون له ذلك، وذلك قول الله عز وجل: {ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} يقول: تبين أمرهم للناس أنهم كانوا يكذبون، ثم إن الشياطين قالوا للأرضة: لو كنت تأكلين الطعام لأتيناك بأطيب الطعام، ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب، ولكنا سننقل إليك الماء والطين. قال: فإنهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت. قال: ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فهو ما يأتيها به الشيطان تشكرا لها.
وهذا فيه من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب.
وقال أبو داود في كتاب القدر: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام لملك الموت: إذا أردت أن تقبض روحي فأعلمني. قال: ما أنا أعلم بذاك منك إنما هي كتب يلقى إلي فيها تسمية من يموت.
وقال أصبغ بن الفرج وعبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: قال سليمان لملك الموت: إذا أمرت بي فأعلمني، فأتاه فقال: يا سليمان قد أمرت بك قد بقيت لك سويعة. فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب، فقام يصلي، فاتكأ على عصاه قال: فدخل عليه ملك الموت فقبض روحه وهو متوكئ على عصاه، ولم يصنع ذلك فرارا من ملك الموت. قال: والجن تعمل بين يديه وينظرون إليه يحسبون أنه حي. قال: فبعث الله دابة الأرض يعني إلى منسأته فأكلتها، حتى إذا أكلت جوف العصا ضعفت وثقل عليها فخر، فلما رأت الجن ذلك انفضوا وذهبوا. قال: فذلك قوله: {ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}.
قال أصبغ: وبلغني عن غيره أنها مكثت سنة تأكل من منسأته حتى خر. وقد روى نحو هذا عن جماعة من السلف وغيرهم.. والله تعالى أعلم.
قال إسحاق بن بشر عن محمد بن إسحاق، عن الزهري وغيره أن سليمان عليه السلام عاش اثنتين وخمسين سنة وكان ملكه أربعين سنة. وقال إسحاق: أنبأنا أبو روق، عن عكرمة، عن ابن عباس أن ملكه كان عشرين سنة. والله أعلم. وقال ابن جرير: فكان جميع عمر سليمان بن داود عليهما السلام نيفا وخمسين سنة. وفي سنة أربع من ملكه ابتدأ ببناء بيت المقدس فيما ذكر ثم ملك بعده ابنه رحبعام مدة سبع عشرة سنة فيما ذكره ابن جرير وقال: ثم تفرقت بعده مملكة بني إسرائيل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة سليمان بن داود عليهما السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجزء الثاني/كتاب بداية ونهاية (لابن كثير)/قصة سليمان بن داود عليهما السلام
» قصّة سيدنا داود وسليمان عليهما السلام
» قصة سليمان ابن داود عليه السلام
» قصة سليمان ابن داود عليه السلام
» داود عليه السلام رقم (21)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى الشخصيات الإسلامية-
انتقل الى: