ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 لاعيش إلا عيش الآخرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

لاعيش إلا عيش الآخرة Empty
مُساهمةموضوع: لاعيش إلا عيش الآخرة   لاعيش إلا عيش الآخرة Emptyالثلاثاء مايو 07, 2013 2:03 am

لاعيش إلا عيش الآخرة WVmH7


لاعيش إلا عيش الآخرة
د. حيدر عيدروس علي

هيأته، وأصبح صالحاً للسكنى، فغدا الأجمل والأحسن والأكمل مما سبق لي أن سكنت وامتلكت من بيوت، فقد سكنت قبله في بيت من طين لازب، وآخر من قصب كنت أنتقل إليه مع أبوي وإخوتي في مواسم الحصاد في مشروع عبد الماجد الزارعي التابع لمشاريع النيل الأبيض للإعاشة، ثم نعود إلى بيت الطين مرة أخرى بعد أن تدخل الغلال المطامير، ويذهب القطن إلى المحالج.

عشت في تلك البيوت البسيطة عيشة طيبة، في أبوين وقوم صالحين، كانوا يحمدون الله على بسطه وإن بدا بسيطا في أعين المترفين، ويشفقون من غضبه وإن غاب عن إدراك الغافلين، وتلمس ذلك فيما يبدو لديهم من راحة بال ظاهرة وهم يتخذون من أجربة الخيش ألحفة من البرد في مواسم الحصاد، ويأكلون الكسرة بالملح والماء والزيت وشيء من بصل قليل، فيشعرون كأن قد ملكوا الدنيا بحذافيرها، حتى لُقب أحدهم بـ"الحمدِ لله"- بكسر الدال وما دروا بأن الإمام السيوطي قد أورد في الأشباه والنظائر النحوية أن فقهاء اللغة قد ذكروا هذا الوجه من اللغة- هكذا كان أهلنا في البسط، فإذا برق البرق وزمجر الرعد رفعوا الأيدي متوسلين بضعفهم يبتغون رحمة من الله ورضوانا، وتقول قائلتهم: (ياربي لا عمد ولا سلاطين نحن عرب منقطعين)، ولم يلزمها السجع ما لا يلزم أن تعرفه من النحو وفقه اللغة.

ثم تطورت الأحوال فبنيتُ في قريتنا بيتاً تزاوج في حيطانه الطين واللبِن المحروق، واختلط في سقفه الحديد والخشب الممشوق، كبرت نوافذه وأبوابه ثم طالت، وكثرت ردهاته واتسعت، وطليت حيطانه وازدهرت، وارتفع قرنه في السماء حتى لكأنه يسد على الجيران ممر الهبوب، ولم أكن أتوقع أن تتوق نفسي لما هو أفره منه، ولكنها الدنيا كلما كشفت عن زهرة تمنى أهلها زهرة أخرى، فتاقت نفسي للدعة، واستجابت لطلب المزيد في دار الدنيا، فأصغت لنداء الأهل والولد ببناء بيت في عاصمة البلد، فركنتُ إلى قولهم، تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله دوما هو الصدق المحض: ((لو كان لابن آدَمَ وَادِيَانِ من مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، ولا يَمْلَأُ جَوْفَ ابن آدَمَ إلا التُّرَابُ وَيَتُوبُ الله على من تَابَ)).

وليت نفسي في توقانها كانت مثل نفس عمر بن عبد العزيز رحمه الله، فقد قال: إن لي نفسا تواقة؛ لقد رأيتني وأنا بالمدينة غلام مع الغلمان، ثم تاقت نفسي إلى العلم؛ إلى العربية والشعر، فأصبت منه حاجتي وما كنت أريد، ثم تاقت إلى السلطان، فاستعملت على المدينة، ثم تاقت نفسي وأنا في السلطان إلى اللبس والعيش الطيب، فما علمت أن أحدا من أهل بيتي ولا غيرهم كانوا في مثل ما كنت فيه، ثم تاقت نفسي إلى الآخرة والعمل بالعدل، فأنا أرجو أن أنال ما تاقت نفسي إليه من أمر آخرتي، فلست بالذي أهلك آخرتي بدنياهم.

بدأت في تحقيق أمنية أهلي وأولادي، وكأنني في سعي قد صرت من المنْظَرين إلى يوم الوقت المعلوم، فكلما تذكرت قول الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [15 سورة التغابن]، عللت نفسي بحديث سعد رضي الله عنه الذي قال فيه: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي وأنا بِمَكَّةَ -وهو يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ التي هَاجَرَ منها[1]- قال يَرْحَمُ الله ابن عَفْرَاءَ، قلت يا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قال: لَا. قلت: فَالشَّطْرُ؟ قال: لَا. قلت: الثُّلُثُ؟ قال: فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ من أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ الناس في أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ من نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حتى اللُّقْمَةُ التي تَرْفَعُهَا إلى في امْرَأَتِكَ، وَعَسَى الله أَنْ يَرْفَعَكَ فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، ولم يَكُنْ له يَوْمَئِذٍ إلا ابْنَةٌ)).

وشتان ما بين سنور ورئبال، فقد صدق سعد رضي الله عنه في تطييب لقمته حتى أصبح كسبه من أطيب المكاسب، فكان من مجابي الدعوة، ومن العشرة المبشرين بالجنة، والسعيد من يرفعه الله وينفعه بالتأسي بحرص سعد رضي الله عنه على تحري الحلال، أما أنا فقد أفسدني التأول، فأجدني أتأول لنفسي الدخول في الشبهات لضيق الأبواب، فقد وضعت ثمن الأرض في مصرف قيل إن معاملاته قد ضبطت بأحكام الشريعة الإسلامية، وأنا لا أطمئن لسلامة معاملاته، وأحمل نفسي قسرا لأن أكون من أولئك الذين يقولون عن جهل: ((اجعل بينك وبين النار عالما))، وهو قول من لا ينتبه لحديث وابصة بن معبد رضي الله عنه الذي قال فيه: ((أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وأنا أُرِيدُ أن لاَ أدع شَيْئاً مِنَ الْبِرِّ وَالإِثْمِ إلا سَأَلْتُهُ عنه، وإذا عِنْدَهُ جَمْعٌ فَذَهَبْتُ أَتَخَطَّى الناس، فَقَالُوا: إِلَيْكَ يا وَابِصَةُ عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِلَيْكَ يا وَابِصَةُ! فقلت أنا وَابِصَةُ، دعوني أَدْنُو منه، فإنه من أَحَبِّ الناس إلي أن أَدْنُوَ منه، فقال لي ادْنُ يا وَابِصَةُ، ادْنُ يا وَابِصَةُ. فَدَنَوْتُ منه حتى مَسَّتْ ركبتي رُكْبَتَهُ، فقال: يا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ ما جِئْتَ تسألني عنه، أو تسألني؟ فقلت: يا رَسُولَ اللَّهِ فأخبرني! قال: جِئْتَ تسألني عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ قلت: نعم. فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ الثَلاَثَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بها في صدري، وَيَقُولُ: يا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، الْبِرُّ ما اطْمَأَنَّ إليه الْقَلْبُ وَاطْمَأَنَّتْ إليه النَّفْسُ وَالإِثْمُ ما حَاكَ في الْقَلْبِ وَتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ وإن أَفْتَاكَ الناس قال سُفْيَانُ: وَأَفْتَوْكَ)).

ولما لم أطمئن لسلامة الأمر في المصارف سحبت رصيدي واشتريت أرض المسكن، وبدأت في بنيانها، وأنفقت الطيبات في تشييدها، فلما ارتفعت القواعد من البيت، وقامت الأركان، ووضع القوارير على النوافذ والأبواب، وطليت الجدران، أيقنت أنني سآوي إلى ركن هزيل، فقد علمت أنني ركنت إلى الدنيا وزينتها، فجعلت أتأمل أحوالها وتقلباتها، وكيف أن نقائضها تتبدل وتتحول؛ ضحك وبكاء، وراحة وعناء، ومرض وشفاء. فقادني هذا إلى التردد في الانتقال إلى بيتي الجديد، والاستقرار فيه، حتى أنني تمنيت أن لم أكن قد سعيت في بنيانه وتهيئته. فقد أيقنت أن هذا البيت الجديد هو بيت النقصان، ففيه سوف أبكي فراق الأحبة، وربما شيعني منه الأصحاب والأحباب إلى المقابر.
ـــــــــــــــــــــ
[1] الضمير هنا عائد لسعد رضي الله عنه كما بينته روايات أخرى للحديث في الصحيحين وغيرهما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لاعيش إلا عيش الآخرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدار الآخرة
» النظر بعين الآخرة!!
» القبر أول منازل الآخرة
» حساب الكافر في الآخرة
» أن الحياة الحقيقية حياة الآخرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: