ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 الاقتصاد في الحضارة الإسلامية (وفي إطار مناخ التحدي للرأسمالية العالمية تزايدت الدعوة لإحياء الشريعة والقيم والنظم الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

الاقتصاد في الحضارة الإسلامية (وفي إطار مناخ التحدي للرأسمالية العالمية تزايدت الدعوة لإحياء الشريعة والقيم والنظم الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: الاقتصاد في الحضارة الإسلامية (وفي إطار مناخ التحدي للرأسمالية العالمية تزايدت الدعوة لإحياء الشريعة والقيم والنظم الإسلامية   الاقتصاد في الحضارة الإسلامية (وفي إطار مناخ التحدي للرأسمالية العالمية تزايدت الدعوة لإحياء الشريعة والقيم والنظم الإسلامية Emptyالإثنين مايو 30, 2011 11:00 pm

الاقتصاد في الحضارة الإسلامية (وفي إطار مناخ التحدي للرأسمالية العالمية تزايدت الدعوة لإحياء الشريعة والقيم والنظم الإسلامية 20K6A-aRaj_266733619

الاقتصاد في الحضارة الإسلامية (وفي إطار مناخ التحدي للرأسمالية العالمية تزايدت الدعوة لإحياء الشريعة والقيم والنظم الإسلامية )
وفي إطار مناخ التحدي للرأسمالية العالمية تزايدت الدعوة لإحياء الشريعة والقيم والنظم الإسلامية بآليات مناسبة حتى تتم مواجهة الرأسمالية وتحدياتها الاستعمارية، ويمكن للأقطار الإسلامية التخلص من سيطرة الحركات والأفكار الجديدة التي لا تتفق أيضاً مع الشريعة الإسلامية وتحقق التقدم في المجال الاقتصادي، وقد صار من الجلي ما للقوة الاقتصادية من أهمية عظمى في البناء السياسي والاجتماعي، وهكذا ظهر الاهتمام بإقامة الاقتصاد الإسلامي فكراً وتطبيقاً منذ أوائل القرن العشرين في غمرة أحداث وتطورات عديدة داخل الأقطار الإسلامية وخارجها.
وفي الفترة التالية للحرب العالمية الثانية نالت الأقطار الإسلامية الواحدة تلو الأخرى استقلالها السياسي من الدول الاستعمارية الغربية وبدأت مسيرتها لتحقيق التنمية الاقتصادية، وفي ذلك الإطار الجديد ظهرت عدة توجهات فكرية وسياسية تستهدف العمل على إقامة أو إعادة تشكيل النظام الاقتصادي والتأثير في السياسات الاقتصادية الكلية، ومن أبرز هذه التوجهات:
1- التوجه إلى إقامة نظام اقتصادي وطني مستقل ينخفض فيه الاعتماد على الخارج، وتُعطى فيه أولوية للسياسات التي تهتم بتلبية احتياجات السكان الأساسية، وتعمل على تحقيق التنمية اعتماداً على الموارد الذاتية بصفة أساسية.
2- الحفاظ على النظام الاقتصادي السابق للاستقلال من حيث هويته الرأسمالية، واستمرار اعتماد السياسات التي تؤكد الصلة بالعالم الخارجي وبالدول الاستعمارية السابقة، ولكن على أسس جديدة تسعى لتحقيق المصلحة الوطنية.
3- العمل على إقامة نظام اقتصادي ذي نزعة اشتراكية (أو اجتماعية) يتعاظم فيه دور القطاع العام، والارتباط مع الكتلة الشرقية على المستوى العالمي بدلاً من الكتلة الغربية الرأسمالية.
4- المناداة بإقامة نظام اقتصادي إسلامي يسعى لتحقيق المصالح الاقتصادية في إطار وطني مستقل، والحفاظ على علاقات متوازنة مع العالم الخارجي مع السعي إلى تحقيق التكامل مع بقية الأقطار الإسلامية.
ولقد لقي التوجه الأول تأييداً عريضاً، وكان أكثر التوجهات بروزاً من الناحية الواقعية خلال الخمسينات والستينات، خاصة على مستوى الكثير من الأقطار الإسلامية، وبقي التوجه الثاني محدوداً إلا أنه كان قوياً من حيث التأكيد على العلاقات الاقتصادية بالعالم الخارجي، وقد عملت الدول الاستعمارية السابقة من جهتها على دعم هذا التوجه من خلال تنظيمات، مثل الكومنولث البريطانيBritish Commonwealth والكتلة الفرانكفونية (فرنسا)، وذلك لأجل استمرار مصالحها الاقتصادية.
أما التوجه الاشتراكي فقد لقي رواجاً في عدد من الأقطار الإسلامية خلال الستينات والسبعينات والثمانينات، وقد لقي هذا التوجه تأييداً ودعماً من الاتحاد السوفيتي السابق إلى أن انـهار هذا في بداية التسعينات، وانـهارت معه التجربة الاشتراكية على المستوى العالمي.
وبالنسبة للتوجه الإسلامي فقد وجد طريقه إلى الواقع في حالات معدودات وهي باكستان والمملكة العربية السعودية والسودان وإيران، ولكنه ما يزال في طور التجريب إلى الآن، أما في بقية الأقطار الإسلامية فإنه بالرغم من أن التوجه الإسلامي لقي تأييداً شعبياً كبيراً منذ حصولها على الاستقلال السياسي إلا أنه لقي أيضاً تحديات ومعارضات سياسية هائلة من الداخل ومن الخارج على حدٍّ سواء، وقد استهدفت المعارضة أحياناً القضاء على التوجه الإسلامي، وأحياناً أخرى دمجه، أو مزجه مع التوجه الوطني الرأسمالي أو مع التوجه الاشتراكي.
وخلال نصف قرن مضى الآن على حصول معظم الأقطار الإسلامية على استقلالها السياسي لم تنجح الأنظمة الاقتصادية البديلة للنظام الإسلامي في تحقيق الاستقلال السياسي لهذه الأقطار، أو دفع عجلة التنمية فيها على نحو يقلل من الفجوة الاقتصادية بينها وبين الدول المتقدمة، على العكس من ذلك فقد عانى العديد من الأقطار الإسلامية من ازدياد حدّة المشكلات الاقتصادية في شكل عجز مستمر في موازين المدفوعات وارتفاع غير عادي في الدين العام الخارجي وكذلك الدين العام الداخلي واشتداد حدّة التضخم وزيادة حالة الفقراء سوءًا.
ولقد تسببت هذه التطورات في نقد الأنظمة الاقتصادية القائمة وإثارة التساؤلات عن ملائمتها وجدوى استمرارها، وقد أتاح هذا لأصحاب التوجهات الإسلامية سواء من المفكرين أو من العاملين في المجالات السياسية والاجتماعية أن يطرحوا بقوة قضية الاقتصاد الإسلامي، والذي من خلاله يمكن تقديم علاج شامل ويتلاءم مع البيئة العقدية والاجتماعية لعامة الناس، وفي هذا المناخ لم تنقطع اجتهادات المفكرين الإسلاميين في تحليل مشكلات مجتمعاتهم وعرض أنواع العلاج الملائمة لها في إطار إسلامي.
وهكذا تطور الفكر الاقتصادي الإسلامي الحديث وظهرت إسهامات عديدة عن خصائص النظام الاقتصادي الإسلامي، وفي مجالات النقود والربا والبنوك الإسلامية والزكاة والضرائب والتنمية الاقتصادية والتضخم وكيفية تحقيق الاستقرار النقدي، وكذلك في مجال التعاون والتكامل الاقتصادي بين الأقطار الإسلامية.
وبطبيعة الأمر فإن بعض هذه الإسهامات يقل من جهة الإتقان العلمي، أو القابلية للتطبيق العلمي عن البعض الآخر، ولكنها جميعاً اتجهت إلى محاولة إرساء معالم نظام اقتصادي إسلامي ووضع قواعد لعلم اقتصادي إسلامي حديث، وكان للمؤتمرات والندوات العلمية العالمية في الاقتصاد الإسلامي دور كبير في تنظيم الإسهامات الفكرية وتمحيصها.
وكان لجامعة الملك عبد العزيز في جدة فضل في المبادرة بأول مؤتمر عالمي للاقتصاد الإسلامي أُقيم في مكة المكرمة عام 1976م، كما كان للمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية دور كبير في إقامة وإنجاح معظم الندوات والمؤتمرات التي أُقيمت، ولقد عُقدت هذه المؤتمرات والندوات على نحو شبه مستمر منذ أن عُقد الأول منها في مكة المكرمة، وتم نشر أعمالها أيضاً على مستوى عالمي باللغتين العربية والإنجليزية وأحياناً الفرنسية أو بلغات أخرى.
التجديد في الجوانب المؤسسية للاقتصاد الإسلامي:
لقي الاقتصاد الإسلامي أيضاً دفعة كبيرة في الجانب المؤسسي في ربع القرن الأخير على جبهتين أساسيتين: التعليم والمصرفية، فعلى مستوى التعليم الجامعي الأول والعالي في الأقطار الإسلامية تم إنشاء أقسام علمية أو شعب متخصصة في الاقتصاد الإسلامي في جامعة أم القرى وجامعات أخرى بالمملكة العربية السعودية، وفي جامعة أم درمان الإسلامية وخمس جامعات أخرى بالسودان وفي إيران، وتم إنشاء المعهد العالي للاقتصاد الإسلامي في إسلام أباد بباكستان، وكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بالجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا والتي تمنح درجات جامعية في الاقتصاد مع إعطاء الأهمية الكبرى لمقررات الاقتصاد الإسلامي، وغير ذلك هناك عدد من الجامعات في العالم الإسلامي تعرض مقررات ودبلومات متخصصة في الاقتصاد الإسلامي ضمن مقرراتها الأكاديمية منها جامعة الإسكندرية بمصر، وجامعة اليرموك في الأردن، وجامعة الأوزاعي في لبنان، وفي هذا الإطار تخرجت أعداد كبيرة من الشباب الجامعي الذين يحملون فكراً اقتصادياً إسلامياً قابلاً للتطبيق والتطوير، كما تم إنجاز عشرات من الرسائل العلمية في الاقتصاد الإسلامي على مستوى الماجستير والدكتوراه.
أما خارج العالم الإسلامي فقد وجد علم الاقتصاد الإسلامي طريقه أيضاً إلى عدد من الجامعات والمعاهد العليا، كما لقي احتراماً من بعض المنظمات الدولية (كصندوق النقد الدولي IMF) وعلى سبيل المثال فإن جامعة Loughborough وجامعة Durham في وسط وشمال انجلترا تقدم مقررات متخصصة في الاقتصاد الإسلامي ولدى الأخيرة برنامج على مستوى الماجستير يتيح التخصص في التمويل الإسلامي.. وهناك أيضاً المعهد الدولي للاقتصاد الإسلامي والتأمين بجامعة لندن، والمعهد العالي للفكر الإسلامي في الولايات المتحدة.
وبالرغم من هذه التطورات المهمة فإن دراسة الاقتصاد الإسلامي سواء من خلال أقسام متخصصة أو مقررات أو غير ذلك ما زالت تحتل مكانة نسبية بسيطة جداً أو لا تذكر على مستوى جامعات العالم الإسلامي، فما زال معظم هذه الجامعات أو جميعها في بعض الأقطار الإسلامية لا يعرض سوى المقررات الاقتصادية الوضعية، ويُعزى هذا الوضع إلى ثلاثة أسباب رئيسة: أوله:ا تلقي معظم أساتذة الاقتصاد في جامعات العالم الإسلامي تعليمهم الجامعي في جامعات غربية، أو جامعات وطنية تعمل بمناهج علمانية وضعية في إطار الفلسفات الغربية، وثانيها: مقاومة كبار المسئولين في الأقطار الإسلامية للاتجاهات التعليمية الإسلامية تحت ضغوط من الدول الغربية، ومخاوف من هذه الاتجاهات وانعكاساتها السياسية، وثالثها: غياب أو ضعف أو عدم اكتمال الإعداد لمقررات الاقتصاد الإسلامي والمادة العلمية المناسبة فيها، وبينما يرجع السببين الأول والثاني إلى عوامل خارجة عن نطاق سيطرة الاقتصاديين الإسلاميين فإن المسئولية تقع عليهم فيما يخص السبب الثالث.
أما المسئولية المصرفية الإسلامية فقد تنامت من حيث العدد من بنكين اثنين (أحدهما في مصر والثاني في باكستان) في الستينات إلى نحو سبعين في بداية القرن الحادي والعشرين، بالإضافة إلى عدد آخر ليس قليلا من البنوك التجارية التي عملت على تنويع نشاطها بفتح نوافذ مصرفية إسلامية، أو التي اتخذت خطوات فعلية للتحول إلى العمل المصرفي الإسلامي. وأكدت الأبحاث والدراسات نمو النشاط المصرفي الإسلامي بقوة خلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين.
وكان لتميز البنوك الإسلامية بالمعاملات الخالية من الربا أثر كبير في إقبال أصحاب المدخرات الحريصين على دينهم في الاستثمار من خلالها، لكن الحقبة الأخيرة شهدت تراجعاً نسبياً في المصارف الإسلامية لأسباب عديدة منها الهجوم عليها بحجة أن الأساس الذي تقوم عليه وهو ربوية نظام الفائدة غير صحيح (الأمر الذي استند إلى فتاوى دينية رسمية للأسف)، ومنها عدم ملائمة التشريعات المصرفية الوضعية لها وتطبيق لوائح البنوك المركزية بحذافيرها عليها رغم اختلاف نوعية نشاطها الاستثماري عن النشاط الإقراضي للبنوك التجارية.
إلا أننا نرى أن من أخطر ما يوجه للمصارف الإسلامية هو عدم قدرتها على تمييز نشاطها المصرفي عن النشاط المصرفي التجاري بشكل واضح، فقد اعتمدت هذه المصارف الإسلامية في توظيف معظم مواردها على صيغة المرابحة للآمر بالشراء والتي لاقت انتقاداً من الفقهاء والاقتصاديين الإسلاميين كما لاقت تشهيراً من غيرهم، ويرجع هذا إلى عدم فهم جوهر التمويل المصرفي الإسلامي من قبل الأجهزة الإدارية والعديد من العاملين في هذه المصارف، كما يرجع أيضاً إلى عدم القدرة على تجديد وسائل التمويل الإسلامية التقليدية، أو ابتكار الجديد منها في إطار الشريعة الإسلامية، والمسئولية هنا تقع - ولا شك - على رجال الاقتصاد الإسلامي، وهذا ما سوف يُشار إليه فيما بعد عند استعراض وتقويم أعمال البحث في هذا المجال.
وثمة ارتباط لا بد أن يُشار إليه هنا بين نمو المؤسسة المصرفية الإسلامية ونمو المؤسسة التعليمية في مجال الاقتصاد الإسلامي، ذلك لأن نمو الأولى بشكل صحي ومطرد كان يمكن أن يُهيئ فُرصاً متزايدة للعمل بالنسبة للجامعيين المتخصصين في الاقتصاد الإسلامي،
فلقد كان منتظراً في السبعينيات أن يستمر توسع المصارف الإسلامية وتوسع الاستثمارات والأعمال الإسلامية الممولة من خلالها؛ فيستمر نمو فرص العمل والوظائف في الإطار الاقتصادي الإسلامي؛ لذلك فإن ثمة ملاحظة يمكن تسجيلها عن اقتران قلة إقبال الطلاب على التخصص في الاقتصاد الإسلامي (في الجامعات الرائدة في هذا المجال) وقلة فرص العمل الجديدة سواء في المصارف الإسلامية أو في المشروعات الممولة من خلالها، هذه العلاقة يجب بحثها بدقة للتعرف على مدى خطورتها وكيفية معالجتها.
وما زال الجانب المؤسسي في الاقتصاد الإسلامي في حاجة إلى التحديد، فهذا الجانب يمثل العمود الفقري للنظام الاقتصادي الإسلامي، ولا نستطيع أن نفترض قيام هذا النظام دفعة واحدة ولا نتصور أيضاً قيامه دون التنظير للمؤسسات التي يعتمد عليها.
وهناك مؤسسات كانت قائمة قبل انتشار الدعوة إلى الاقتصاد الإسلامي المعاصر وما تزال كمؤسسة الزكاة، فكيف يمكن تنمية مؤسسة الزكاة في الإطار الرسمي؟ ومن جهة أخرى كيف يمكن إحياء مؤسسات إسلامية مهمة كالوقف أو الحسبة؟ والأمر هنا يحتاج إلى أبحاث مستفيضة لا تكتفي ببيان الجوانب النظرية لهذه المؤسسات، وإنما أيضاً بالآليات الضرورية لنجاحها عملياً في القضايا الإسلامية المعاصرة. (ا.د. عبد الرحمن يسري أحمد،تقويم مسيرة الاقتصاد الإسلامي {1396- 1422هـ/1976- 2003م}).
الاقتصاد بين الإسلام والنظم الوضعية
إذا قارنا نظام الإسلام الاقتصادي بالنظام الرأسمالي مثلاً نجد أن الفلسفة التي تحرك النظام الرأسمالي هي الحرية الفردية التي تتيح لكل إنسان أن يسعى إلى تحقيق مصلحته الشخصية أولاً، وفي سعيه لتحقيق مصلحته الشخصية تتحقق المصلحة العامة المشتركة بينه وبين المجتمع، ولأن الصالح المشترك الأكبر يتكون من مجموع أجزائه، فإن إعاقة المصالح الشخصية فيه تقليل من مجموع المصالح المشتركة الكبرى.
يقول العالم الاقتصادي آدم سميث: "إننا لا نتوقع أن يتكرم علينا الجزار أو الخباز بطعام العشاء، لكننا نتوقعه من اعتبارهما لمصلحتهما الشخصية، ونحن لا نخاطب إنسانيتهما لكن نخاطب حبهما لنفسيهما، ولانتحدث عن ضروراتنا، لكن عن مكاسبهما".
فالنظام الرأسمالي علَّق النشاط الاقتصادي على المصلحة الشخصية وعلى المنفعة المتبادلة بين الفرد والمجتمع، وآلية جهاز الثمن كالعرض والطلب هي التي تجعل هذا الهدف سهلاً ميسورًا للجميع. والفرق بين هذه النظرة المنفعية والنظرة الإسلامية هو أن نظام الإسلام يعتبر النشاط الاقتصادي نفسه عبادة، والعمل والاستثمار والاتجار تقربًا لله سبحانه، ويضع في الحسبان مصلحة الآخرين ومصلحة المجتمع قبل المصلحة الشخصية، فعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، فالاقتصاد الرأسمالي اتجه وجهة ذاتية نفعية، واتجه الاقتصاد الإسلامي وجهة غيرية إيثارية لاختلاف التصور المذهبي للحياة وما بعد الحياة.
أما المذهب الشيوعي فيختلف اختلافًا جذريًا عن المذهب الإسلامي في أنه ينكر أساسيات الحياة الإنسانية كنكرانه للملكية الفردية، ونكرانه للحرية الاقتصادية، واعتماده على التخطيط المركزي أساسًا للنشاط الاقتصادي، كل هذه العوامل تجعل الاقتصاد المركزي الشيوعي اقتصادًا مركزيًا جامدً، وقد يتفق مع النظام الإسلامي في دعم الملكية العامة لكن ليس باعتبارها ملكية مركزية لاحَظَّ للمجتمع فيها إلا بإذن الدولة بل العكس في الإسلام هو الصحيح؛ إذ أن المالك الحقيقي في الملكية العامة هو الأمة، والدولة خادمة للأمة ووكيلة عنها في المال العام، وليس لها حق التصرف إلا من خلال التفويض الإلهي المنصوص عليه في التشريعات الاقتصادية الإسلامية.
وطبيعة النظام في الدولة الإسلامية طبيعة شورية وليست دكتاتورية تسلطية، لذلك فإن المذهب الشيوعي بالإضافة إلى أنه ينافي الإيمان بالله واليوم الآخر الذي هو أساس المذهب الإسلامي، فإنه ينافي أيضًا أسس العدالة الإسلامية التي تقوم على البر والإحسان والتكافل الاجتماعي ولا تقوم على التناحر والتقاتل والصراع الطبقي، والتي من شأنها أيضًا ألا تجعل العلاقات الإنتاجية محورًا للعلاقات الإنسانية الاجتماعية، وإنما تجعل علاقات الإنتاج خاضعة للعلاقات الإيمانية الإنسانية بين المسلم وأخيه المسلم، كما جاء في هدي الرسول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمى". رواهما مسلم.
وبهذا يكون الإنتاج وعلاقاته تابعة لمشاعر الإنسان وأحاسيسه، مسخرة له ولوعيه وعقله، يغيِّر فيها كما يشاء، ولا يكون وعي الإنسان وعقله وإحساسه ومشاعره وعلاقاته الاجتماعية معلقة بحبل علاقات الإنتاج، تسوء إذا ساءت وتتحسن إذا تحسنت؛ لأن هذه الآلية ليست من شيم الإنسان العاقل الحر، بل هي من طباع العجماوات، ومن صفة الجمادات التي لا تحس ولا تشعر. (موقع: "الموسوعة العربية العالمية").
الإيمان.. العنصر المفقود في علم الاقتصاد الحديث:
الحديث عن العالم الإسلامي اليوم واقتصادياته يُثِيرُ تساؤلاً أساسيًّا في ذهن المرء ويستوقفه حين يفكر بالأمر: لماذا هذا التخلف الاقتصادي لدول يدعو دينها إلى التقدم والحضارة واحترام قيم العمل، ويعتبر عمارة الأرض جزءاً أساسيًّا من عبادتها ومشروعها الحضاري؟!!
والإجابة لا تحتاج إلى كثير من التفكير، فهذه الدول منذ استقلالها "الرسمي" من الاستعمار الغربي فقدت الذاتية في اختيار نماذج التنمية التي تتبعها، فضلاً عن ممارسات خاطئة من قبل الإدارات الاقتصادية لكثير من هذه الدول جنحت إلى المصالح الشخصية، وعلى رأس الأمر: عدم وجود رؤية تعكس المصالح القومية والوطنية لهذه البلدان.
في كتابه "المسلم في عالم الاقتصاد"، رصد المفكِّر الإسلامي المتميز "مالك بن نبي" - رحمه الله - حقيقة مهمة وهي أن المعادلة الاجتماعية في البلاد الإسلامية تختلف عنها في المجتمعات الغربية، ودلَّل على ذلك بتجربة إندونيسيا بعد استقلالها في مطلع الستينيات، عندما استعانت بالعالِم الاقتصادي الألماني "شخت" ليضع لها خطة التنمية الاقتصادية، وكانت نتيجتها الفشل، بينما الرجل هو واضع خطة النهوض بالاقتصاد الألماني بعد الحرب العالمية الثانية، والتي خرجت منها ألمانيا بهزيمة أتت على الأخضر واليابس.
الاقتصاد يعكس العقيدة:
من المباديء الأساسية التي تدرس في النظرية الاقتصادية، أن علم الاقتصاد علم اجتماعي يؤثر ويتأثر بالكثير من العلوم، ومن هذه العلوم، العلوم السلوكية، والإيمان بالله - كما تُقِرُّه الرسالة الإسلامية - دافع إلى العديد من السلوكيات الإيجابية على مستوى الفرد والمجتمع، وتأتي التصرفات الاقتصادية سواء على مستوى الفرد أو المنشأة أو القطاع أو الدولة انعكاسًا لعقيدتها وتصوُّرها لرسالة الإنسان بصفة عامة والمال بصفة خاصة.
والملاحظ أن تجارب الدول الإسلامية في المجال الاقتصادي أخذت من الحضارة الغربية الكثير في اعتبار أن المادة هي كل شيء، ولا مانع من بقاء بعض الشعائر الدينية المنفصلة تمامًا عن السلوك الاقتصادي القويم، وهو لُبّ المفهوم العلماني الغربي للكون والحياة، وحتى نكون مُنْصفين، فإن عملية النقل عن الغرب كانت طريقتها خاطئة؛ فقد تم الأخذ بسلبيات النظام الغربي دون النظر إلى جوانبه الإيجابية، وهو ما جعلنا نقع في خسارة للدنيا والآخرة.
فمن الصعب تحليل الأوضاع الاقتصادية في البلدان الإسلامية بعيدًا عن عنصر "الإيمان بالله"، وإن كان من العناصر غير المادية التي لا يمكن قياسها، إلا أن انعكاساته المادية يمكن الاستدلال عليها في حالة نقصه وزيادته، حيث يصاحب الإيمان بالله العمل وفقًا لمنهجه الذي يفرض المحافظة على موارد الدولة وتنميتها، والسعي لتحقيق الربح الحلال، وتحريم الاحتكار، وعدم الغش والتدليس، والسعي لتوفير العمل للغير، وأن مقياس جمع المال هو "الحلال والحرام" الذي يحفظ على الناس أموالهم وأعراضهم.
من أسباب التردي الاقتصادي في البلدان الإسلامية:
إن معظم - إن لم يكن كل - البلدان الإسلامية هي من البلدان النامية، بل والمحزن أن هناك نحو 21 دولة إسلامية من الدول الأقل نموًّا على مستوى العالم والبالغ عددها 48 دولة، وهذا الوضع المأساوي له أسباب خارجية وأخرى داخلية، وهي ما سنركز عليها باعتبار أنها من صنع أيدينا، والتي نرى أن السبب الرئيسي لوقوعها نقص أو غياب الإيمان بالله عز وجل:
1- تقديم أهل الثقة على أهل الخبرة في تولِّي الأمور الخاصة بمجال الاقتصاد، وهو ما أوجد مؤسسات اقتصادية هشَّة وضعيفة، وقد ساعد هذا الوضع على هجرة الكفاءات الوطنية إلى الخارج، وقتل روح الابتكار والإبداع بين من ارتضوا البقاء في هذه المؤسسات، يقول الحق تبارك وتعالى: "وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ". (المائدة: .
2- عدم الاهتمام برفع كفاءات العاملين بالمؤسسات العامة، وإهمال الجانب العلمي والبحث والتطوير، يقول الحق تبارك وتعالى: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" (الزمر: 9).
3- انتشار الفساد بين القائمين على الأمور الاقتصادية العامة، خاصة التي تتعلق بإعطاء تراخيص أو ممارسة نشاط اقتصادي معين، ولا يخفى على أحد صور الفساد المنتشرة في بلدان العالم الإسلامي؛ فزوج رئيسة الوزراء في أحد البلدان الإسلامية لُقِّب بـ"مِستر 10%"؛ نظرًا للعمولات التي كان يتقاضاها من المستثمرين لقضاء مصالحهم، وفي بلد آخر تصل ثروة رئيسه المخلوع إلى 40 مليار دولار، بينما أبناء شعبه يتضورون جوعًا ويقعون فريسة للمؤسسات التنصيرية من أجل كسرة خبز أو حفنة أرز، وآخر عقدت حكوماته اتفاقات مع عصابات المافيا، ولم يكتشف الأمر إلا بعد أن وقع حادث سير أفضى إلى وفاة زعيم عصابة كان بصحبة وزير داخلية هذا البلد الإسلامي الذي تربطه علاقات وطيدة مع دولة الكيان الصهيوني، بينما حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".
4- عدم الحرص على خصوصيات الأمة ومقدرات الحلال والحرام، وقد أوجد هذا الأمر أضرارًا بالغة، من أهمها: توجُّه الكثير من المسلمين لعادات استهلاكية ترفيهية لا تتفق ومقدرتهم الدَّخْلية، بل كان ذلك سلوك الدولة نفسه، حيث تعاني معظم الدول الإسلامية من عجز في موازناتها العامة، ويصنّف السبب الرئيسي لهذا العجز: الإنفاق غير الرشيد للأجهزة الحكومية، حتى أن بعض الاقتصاديين يصف إنفاق هذه الحكومات بـ"الإنفاق السفيه".
ونظرًا لعدم اعتبار البلدان الإسلامية قيم الحلال والحرام في المجال الاقتصادي، وُجِدَ أن المؤسسات الدولية التي تقدم استشاراتها لهذه الدول لا تقيم هي الأخرى وزنًا لمباديء الدين، ففي عام 1988 صدر تقريرًا عن عجز الموازنات العامة لدول جنوب آسيا، واقترح التقرير أن تقوم حكومات هذه الدول بتحصيل ضرائب على ممارسة البغاء باعتباره عملاً لا تُحصَّل عليه ضرائب، وكان من بين الدول المعنية في هذا التقرير ماليزيا وإندونيسيا، فمتى كان البغاء عملاً بالمعايير الاقتصادية والشرعية؟ ولكن كانت الطامة الكبرى أن يصدر عن المحكمة الدستورية في بنجلاديش اعتبار ممارسة البغاء من الأعمال التي يعتبرها القانون عملاً اقتصاديًّا!!!
وعن باقي الدول فحدِّث ولا حرج عن غلبة التعامل بالربا أفرادًا وحكومات، وشيوع الخمر والقمار بحجة السياحة، ونسينا أن الله عز وجل قد توعَّدنا بحرب منه لمخالفة أوامره، وأنه رُويَ عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديثه الشريف: "إن الرجل ليُحْرم الرزق بالذنب يصيبه".
5- اعتماد حكومات هذه الدول على تراكم المشاكل، وأن كثرتها يُنْسِي بعضُها بعضًا، مما أوجد حالة من اليأس لدى الشعوب من الإصلاح، وجعل ذهن المعني بهموم العالم الإسلامي يقبل التصرفات غير المقبولة لهذه الحكومات في إطار القاعدة الفقهية: "تحمُّل أقل الضررين".
6- تفاعل النظم الاقتصادية مع دعوة العولمة والنظام الاقتصادي العالمي الجديد كانت شكلية؛ فلم تطوِّر نظمها الاقتصادية، وهو ما كان سيدخلها حلقة المنافسة العالمية التي تُعتبر لُبَّ هذا النظام، فأصبحت هذه المشاركة مجرد حضور "للفرجة"، فعلى سبيل المثال: ما الرابط بين اقتصاديات السوق وأن يسعى من سمُّوا برجال الأعمال إلى تهريب أموال الأمة إلى الخارج؟!! أو أن يكونوا مجرد وكلاء للمنتجين الأجانب، فلا يقيمون صناعة، ولا يطوِّرون علمًا؟!! أو أن ينفقوا على حفلاتهم الخاصة ببذخ يثير العامة والخاصة؟!!
لقد قوبلت دعوات الإصلاح لتجاوزات المتعولمين، المتجهين بـ"التنمية" إلى نماذج لا تتفق ومقدرات وإمكانات الأمة، بمخاوف "التهميش الدولي" وأن اعتبار ما يسمونه "التنمية" مقدم على كل الاعتبارات، وكأن أمر عقيدة الأمة ودينها لا يعنيهم في شيء، وكأنه لا يهدف إلى ذلك بحقه، فكانت النتيجة مزيدًا من التخلف.
ولا يحفظ ماء وجه بعض الدول الإسلامية في المحافل الدولية سوى بعض صور التكافل الاجتماعي التي تقوم بها المؤسسات الإسلامية والأفراد بعيدًا عن الدولة، وقد دعا هذا الأمر البنك الدولي مؤخرًا لدراسة الزكاة كأداة مالية لمعالجة مشكلة الفقر، وكأن البلدان الإسلامية لا ترى أو تعرف شيئًا عن تلك الفريضة التي تُعَدّ ثالث شعائر الإسلام، والتي أعدت فيها الجامعات والمعاهد المختلفة عشرات الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراة لمختلف التطبيقات الاقتصادية والمالية، باعتبارها مخرج للمشكلات الاقتصادية التي تعاني منها تلك الدول.
الإله والكون والحياة:
الحديث عن الاقتصاد الإسلامي والقيم باعتبارها مكونه الأساسي مثير للجدل، سواء على الصعيد الأكاديمي أو العملي، فعلى الصعيد الأكاديمي لا يزال البعض يرفض أن يُوصَف علم الاقتصاد بأنه إسلامي بحجة أن علم الاقتصاد علم مجرد، وإلا جاز لنا أن نسمي: اقتصاد مسيحي أو يهودي أو بوذي وهكذا…
وجاءت مشكلة توظيف الأموال الشهيرة في مصر ليستدلوا بها على خطأ التسمية بالاقتصاد الإسلامي، فمن وجهة نظرهم أن الإسلام دين ويجب أن يُرفع عن المناهج الوضعية حتى لا يُنَالَ من كرامته، بينما الحق أننا نزداد يقينًا بأن الإسلام دين شامل ينظم كافة مناحي الحياة، مقدمًا منهجًا قويمًا يُمكِّن من ذلك، والاجتهاد إنما يكون في تطبيقه، وأن حاضرًا عاشته الأمة قرابة أربعة عشر قرنًا من الزمن على هدي من الشريعة السمحاء لا بد أن يكون لها فيه اقتصادها المميز، وعلينا أن ننقِّب في حضارتنا لنستخرج منها منهج أمتنا الاقتصادي، وأن ما وقع من أخطاء في تجربة توظيف الأموال في مصر كان بسبب غياب المنهج الإسلامي، وبالتحديد غياب الأخلاق، التي يرى هؤلاء البعض استبعادها من التحليل الاقتصادي.
وعَوْدٌ على بدء لا بد من إيقاظ الإيمان في نفوس أفراد الأمة، حيث يكون الحافز لإقامة تنمية حقيقية تتسم بالذاتية، ومن جانب آخر يكون السياج المانع من الاجتراء على مواردها وإهدارها فيما لا ينفع، أو في تحقيق مصالح شخصية تضرُّ بالصالح العام، فالإيمان لا تحرِّكه إلا العقيدة، والعقيدة في تفسيرها البسيط هي: "تصور الإنسان عن الإله والكون والحياة وطبيعة العلاقة بينهم"، وقد تميز الإسلام بالربط بين مكونات العقيدة الثلاث الواردة في هذا التعريف.
ولا يخرج النشاط الاقتصادي عن هذا الإطار العقيدي، فالرغبة أو الحاجة تترجم إلى سلوك، ولهذا السلوك نتيجة إما إيجابية أو سلبية، فإذا ما كان الإيمان متوفرًا فإن النتيجة لا شك معروفة ويكون مردودها إيجابيًّا، وأما إذا غاب هذا الإيمان فإن النتيجة محكومة بالهوى الذي لا يفرِّق بين الحلال والحرام، ولا يُعِير حقوق الآخرين كثيرًا من الاهتمام، وهو ما يستدعي أن تتبنى الدول وجماعات الإصلاح دعوة إيقاظ الإيمان في نفوس الأمة، فكما يقولون: "الناس على دين ملوكهم".(موقع: "إسلام أون لاين" بتصرف).
ومن هنا فإذا كان الاقتصاد الإسلامي يستمد مرتكزاته وأصوله من أربعة آلاف موضع في القرآن الكريم والسنة النبوية تنظم المعاملات الاقتصادية، حيث إن هناك أكثر من 1000 آية قرآنية تتحدث عن الإنفاق في سبيل الله ،والحث على الصدقات، وضرورة إعطاء المال لذوي الحاجات، فإذا كان الأمر كذلك وأردنا علاج الأزمات الاقتصادية المعاصرة التي تعاني منها البلدان الإسلامية فليس هناك علاج سوى العودة للشريعة الإسلامية وتطبيق الاقتصاد الإسلامي المنبثق عنها، وقد عاشت الشعوب الإسلامية في رخاء اقتصادي طوال قرون عديدة حينما كانت تطبق تعاليم الإسلام المعلقة بالنشاط الاقتصادي. (د.محمد عبد الحليم عمر، موقع "الشبكة الإسلامية").
أثر علم الاقتصاد الإسلامي في الحضارة الغربية الحدي
كان من أهم آثار علم الاقتصاد الإسلامي في الحضارة الغربية ما كان من علماء الاقتصاد في الغرب حين طالبوا بضرورة ربط الاقتصاد بالأخلاق والقضاء على الفائدة الربوية التي تعتبر من أهم أسس الاقتصاد الرأسمالي، وكان الإسلام قد سبق كل هؤلاء العلماء بأن جعل الشريعة الإسلامية هي الحاكمة للنشاط الاقتصادي، وطالب منذ 1500 عام بإلغاء الربا التي اكتشف علماء الغرب مؤخرا أنه السبب في الكساد والتضخم وارتفاع الأسعار.
فقد ظهر من علماء الاقتصاد الغربيين من هاجم بشدة الفائدة الربوية التي تتعامل بها البنوك وحمَّل تلك الفائدة الربوية كل حالات الركود والكساد والتضخم التي تصيب النظام الرأسمالي بصفة مستمرة دورية، وطالب بجعل تلك الفائدة صفرا أي إلغاءها حتى يتجنب الاقتصاد الرأسمالي كل هذه السلبيات، وهذا ما قال به الإسلام منذ خمسة عشر قرنا حين حرم الرب، وتوعد المتعامل به بحرب من الله ورسوله.
ولم يقتصر الأمر على مجرد الهجوم أوالمطالبة بإلغاء الفائدة الربوية، بل إنه قد أخذت بعض البنوك الغربية الكبرى في تطبيق الصيغ الإسلامية في محاولة لمنافسة البنوك الإسلامية على جذب أموال المودعين سواء داخل العالم الإسلامي أو خارجه. (د.محمد عبد الحليم عمر، موقع "الشبكة الإسلامية" بتصرف).
وقد أصبحت بريطانيا عاصمة البنوك الإسلامية، سواء في "لندن" أو "برمنجهام"، حيث توجد جالية إسلامية كبيرة، وهناك خطط لفتح 12 فرعا لبنوك إسلامية في المدن البريطانية المختلفة خلال العامين المقبلين،
وقامت بورصة لندن بإنشاء مؤشر "داو جونز الإسلامي"، لقياس حجم التعاملات على الأوراق المالية الإسلامية "الصكوك"، وهو ما يشير إلى زيادة الإقبال على التعامل المالي وفقا للشريعة الإسلامية في أوروبا.
كما أصبحت البنوك الإسلامية مطلبا متزايدا للمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يوجد بنكان إسلاميان، وأشار وزير الخزانة الأميركي إلى النمو المتسارع الذي يشهده القطاع المالي الإسلامي في أمريكا، معبرا عن اهتمامه بالتجاوب السريع الذي تبديه الدول الأوروبية إزاء متطلبات الصناعة المالية الإسلامية، من خلال توفير بيئة العمل المناسبة للمؤسسات المالية الإسلامية في إطار القوانين والتشريعات الأوروبية، ووعد بتسريع وتيرة انتشار البنوك الإسلامية في الولايات المتحدة، عن طريق إزالة جميع المعوقات أمامها. (موقع: "الجسر").
وقد أكد الدكتور "حسين شحاته" أن الدول الغربية أخذت من الإسلام نظام الوقف وبدأت في تطبيقه تطبيقاً رائعاً، حتى إن هناك اعترافاً من المؤسسات الأمريكية بأن نظام الوقف هو أفضل نظام للفقراء والمساكين، وهناك جامعات في أمريكا وإنجلترا يُنفَق عليها من ريع الأوقاف، وذكر أيضا أن الدول الأوروبية تعلم جيداً أن المستقبل للمصارف الإسلامية، وأن أكبر بنك في أمريكا "سيتي بنك" أنشأ مصرفاً إسلامياً في البحرين. (موقع: "نسيج").
تعليق بعض المنصفين من الغربيين:
وهنا يكفي أن نورد وصف فريق من الأكاديميين الاقتصاديين من جامعة هارفارد الأمريكية للبنوك الإسلامية بأنها أهم إسهام للمسلمين في الحضارة المعاصرة. (د.محمد عبد الحليم عمر، موقع "الشبكة الإسلامية").
علماء الاقتصاد المسلمون في العصر الحديث
1) يوسف كمال.. الاقتصادي الفقيه..
على الرغم من الزخم الإعلامي الذي حظيت به الحركة الإسلامية، خاصة في الربع قرن الأخير من القرن العشرين، فإنه انحسر تقريبا عن الأستاذ يوسف كمال محمد حيًّا وميتا، رغم كونه واحدا من أهم أعمدة الاقتصاد الإسلامي.
فلم يكن الرجل جامعا للنصوص ومصنفا ومبوبا لها كما فعل آخرون ممن كتبوا في هذه المساحة، ولكنه امتلك رؤية واضحة، وأعمل عقله وعلمه في إطار منهج آمَنَ به لحدود العقل ومعطيات الوحي. فكان مشروعه الفكري الذي ضم نحو أربعة عشر كتابا في الاقتصاد الإسلامي، وثلاثة كتب في الأعمال الفكرية، وواحد وعشرين كتابا في تفسيره الحضاري للقرآن الكريم الذي اختتم به أعماله العلمية.
ولم يعرف قيمة الرجل إلا مَن هم في مجال البحث والدراسة، فكان أساتذة الجامعات يدلون عليه ليكون عونا للطلاب في توجيههم وإعدادهم لرسائل الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي.
المولد والنشأة:
ولد يوسف كمال بن محمد بن يوسف بمدينة الشهداء في محافظة المنوفية بمصر، في التاسع من شهر يوليو عام 1932، وكان أول الأبناء الثلاثة لأسرة متوسطة حرصت شأنها شأن الأسر المصرية الريفية على تعليم أبنائها القيم والأخلاق والمحافظة على الصلاة. وقد اعتنى والده المزارع بتعليمه؛ إذ التحق -بعد أن نال الشهادة الثانوية عام 1951- بجامعة القاهرة وتخرج فيها حاصلا على بكالوريوس التجارة في عام 1955 ليكون ترتيبه الأول على دفعته في شعبة الاقتصاد. وقد حصل على جائزتين في نفس العام، رشحته لهما الكلية: الأولى تكريما له لحصوله على أكبر مجموع في مادة الاقتصاد، أما الثانية فكانت لأنبغ طالب في مادة الاقتصاد، كما رُشِّحَ من قبل الكلية لبعثة إلى الخارج، ولكن حال دونها اعتقاله بعد تخرجه بقليل.
محنة الاعتقال:
كان يوسف كمال من المعجبين بشخصية مرشد الإخوان الأستاذ حسن البنا فانضم لإخوان كلية التجارة في 1951 وهو العام الذي شهد ما يشبه الثورة والحركة الدائبة للحركة الطلابية ضد الاحتلال الإنجليزي، فأقيمت معسكرات الجهاد في كل جامعات مصر، حيث انتظم هو كواحد من هؤلاء الشباب الذين التحقوا في صفوف التدريب استعدادا للجهاد. وأذن الله عز وجل أن يرحل الاحتلال الإنجليزي في عام 1952، ولكن تعلُّق يوسف كمال بالجهاد كان شديدا، فشارك في معسكرات الجهاد على ضفاف القناة عام 1953، وحين وقع العدوان الثلاثي 1956 كتب من خلف القضبان إلى والده وأسرته يستحثهم على الجهاد وعن أمنيته أن يكون هو وإخوانه خارج السجن للمشاركة في الجهاد.
لم يكن دور يوسف كمال فقط في الجامعة هو الانخراط في صفوف الجماعة والمشاركة في معسكرات الجهاد، ولكنه كان أشبه بمُنظِّر طلاب الإخوان المسلمين بالجامعة لمواجهة الفكر الشيوعي الذي بدأ في التسرب إلى الجامعة، وقد أخذت هذه المواجهة صور المناقشات والمناظرات، وكشف العيوب ونقاط الضعف في الفكر الشيوعي.
في عام 1954 شهدت جماعة الإخوان المسلمين حملة من الاعتقالات والمحاكمات من قِبَل ضباط ثورة يوليو، وشهدت العديد من أسر المعتقلين ارتباكا في حياتها المعيشية، فأخذت مجموعة من الإخوان على عاتقها جمع التبرعات وتقديم العون لهذه الأسر، وكان يوسف كمال واحدا من هؤلاء الذين جندوا أنفسهم لهذا الأمر؛ فاعتقل في 1955/8/15فيما سمي بقضية "تنظيم التمويل" فمكث في السجن منذ ذلك التاريخ حتى 14من نوفمبر 1964، أي ما يزيد عن 9 سنوات بشهرين، وحين خرج لم ينعم بنسيم الحرية أكثر من 9 أشهر فدخل السجن ثانية مع شهر أغسطس من عام 1965 ليمكث به حتى أكتوبر 1968، ثم عاد إليه ثالثة في عام 1981 ليمضي فيه 4 أشهر.
الدكتوراه في السجن:
تميز يوسف كمال بالمحافظة على الوقت واستثماره في القراءة، في الأوقات التي كان يسمح له فيها بذلك في فترة الاعتقال، فكان يمضي معظم الوقت المسموح به في المكتبة، ويعرف عنه أنه كان يجمع الورق الملقى على الأرض في ساحة المعتقل، فإذا ما كانت الأوراق فارغة استغلها في الكتابة وإن كانت مطبوعة كانت فرصة للقراءة والاطلاع، وقد كتب أنه اطلع من أجل مناقشته في بحث لنيل درجة الدكتوراة في مطلع الستينيات على نحو 500 كتاب بين العربية والإنجليزية في مجال الاقتصاد والفلسفة والتاريخ والفقه والتفسير والحديث، وكان رحمه الله قد وُفِّقَ لإنجاز أول أعماله البحثية بعنوان "الأمة الإسلامية.. أصولها الفلسفية والاقتصادية"، وقد وقع هذا البحث في 1000 صفحة مكتوبة بخط اليد. وفي عام 1963 خاطب الجامعات المصرية لمناقشة بحثه هذا لنيل درجة الدكتوراه، أسوة بمنح بعض خريجي كلية العلوم وقتها درجة الدكتوراه دون حصولهم على درجة الماجستير؛ فرفضت كل الجامعات حينها.
وكان قد حرص قبل إقدامه على هذه الخطوة على أن يمر بالخطوات الإجرائية بالجامعات للانتظام في سلك الدراسات العليا؛ فكتب إلى كلية التجارة جامعة القاهرة في أكتوبر من عام 1958 للالتحاق بالدراسات العليا وهو خلف القضبان، فأرسلت إليه الكلية بعدم قبوله بسبب استحالة المشاركة في التدريبات العملية التي تتطلبها الدراسة في هذه المرحلة.
ولكن بعد أن قرأ في إحدى الجرائد عن منح بعض طلاب كلية العلوم درجة الدكتوراه شجعه ذلك على تقديم بحثه الذي أنجزه داخل السجن للمساواة بأمثاله؛ فردت كلية المعاملات والإدارة بجامعة الأزهر -كلية التجارة حاليا- بما نصه: "والكلية مع تقديرها الكامل للمجهود الذي بذل في إعداد البحث لا تستطيع أن تقوم بأعمال مخالفة للقوانين واللوائح؛ إذ لا يجوز مناقشة بحث بمرحلة الماجستير أو الدكتوراه إلا بعد إجراءات معينة"، وأيضا كان رد كلية التجارة جامعة عين شمس بأن لوائح الكلية لا تسمح بذلك. وقد أضاف إلى إنجاز هذا البحث وقراءاته المتعددة حفظه للقرآن الكريم داخل السجن.
الوظائف التي عمل بها:
بعد الإفراج الأول له في عام 1964، عمل في شركة المقاولون العرب كمحاسب، إلى أن أحيل للمعاش في عام 1992، إلا أن ذلك لم يمنعه من العمل في وظائف أخرى بعد حصوله منها على إجازة بدون أجر، فعمل لست سنوات محاضرا بقسم الاقتصاد الإسلامي بكلية الشريعة، جامعة أم القرى خلال الفترة من عام 1980م – 1986م، أشرف خلالها على العديد من الرسائل العلمية لطلاب الماجستير والدكتوراه. كما سافر كأستاذ زائر بالأكاديمية الإسلامية للعلوم والتقنية ببيشاور في باكستان عام 1990 لمدة عام واحد. وعمل أستاذا للاقتصاد الإسلامي بالدراسات العليا في جامعة عين شمس خلال الفترة من 1987 – 1997، وعمل بنفس الوظيفة بجامعة الإسكندرية خلال الفترة 1995 – 1999، وقد شارك في مناقشة العديد من الرسائل العلمية الخاصة بالماجستير والدكتوراه بجامعتي الإسكندرية وعين شمس فيما يتعلق بجانب الاقتصاد الإسلامي، كما عُيِّنَ خبيرا اقتصاديا بالمعهد العالمي للفكر الإسلامي.
رؤيته الفكرية:
القاريء لمؤلفات الأستاذ يوسف كمال يجد وضوح الرؤية التي عمل في إطارها، ويظهر هذا في مقدمات كتبه، شأنه في ذلك شأن الأعمال العلمية الجادة التي توضح منهج الباحث أو المؤلف في تناوله للموضوعات التي تحتويها كتبه ومؤلفاته، ويمكن أن نبلور تلك الرؤية فيما يلي:
أولا- الإيمان بالغيب مصدر المعرفة:
فالمنهج الإسلامي له منهج للمعرفة لا يعرفه العصر وهو التسليم بالغيب، فالله أرسل الرسل رحمة منه لهدايتنا إلى ما نعجز عن معرفته من حقائق الكون وحركة الحياة... فإذا أنذر الله بمحق الربا كان ذلك يقينا لا تغيره ضغوط الواقع، وإذا حذر الرسول الكريم من أن يكون بأسنا بيننا شديدا إذا عطل الحكام شريعة الله، كان متغيرا معتدا به في تحليل أسباب الحروب والخلافات مع عدم إغفال غيرها من العوامل.
ثانيا- التحرر من التعميم والإغراق في التفاصيل معا:
فلا بد للكشف عن هدي الله في تنظيم حياتنا الاجتماعية من التحرر من العموميات ذات الصبغة الأدبية والحماسية والانتقال إلى الدراسات العلمية الجادة، كما أن الحديث في المرحلة الأولى يكون عن قواعد كلية ورؤية عامة وتأتي التفاصيل في مرحلة لاحقة بعد بلورة الرؤية العامة، وكان يرى أن صناعة الرؤية الكلية ليست ضد البحث الدقيق ولكن نرتب الأولويات فنحن نحتاج إلى معلومة عريضة في هذه المرحلة في كل مجال أكثر من حاجتنا إلى معلومة متخصصة تخصصا دقيقا.
ثالثا- العصر والنص معا:
فالتعرض للأنظمة الاجتماعية في الرؤية الإسلامية يحتاج- في رأيه- إلى عدة أمور:
1) إدراك لحقائق المعلومة والتحليل الاجتماعي في مجالاته المختلفة وهو ما يتطلب دراسة الحاضر لغرض المستقبل.
2- إدراك الضوابط الشرعية التي تحكم الموقف الإسلامي في قضايا كل مجال من المجالات.
والظاهرة بذلك تشمل واقعا عصريا من جهة ونصا شرعيا من جهة أخرى، وهذا يتطلب من الباحث أن يكون مستوعبا لأحدث ما انتهى إليه العصر في تحليل الظواهر الاجتماعية في مجاله، وأن يكون قادرا على أن يأخذ من الفقه ما يناسب ما جد من تغيرات حتى نصل العصر بالنص، وحتى نواصل ما انقطع من مسيرة نهضتنا.
رابعا- التمسك بالثوابت وعدم الانسياق وراء التبرير:
كان يوسف يرى أن هناك محاولات ماكرة لتحريك ثوابت الإسلام ليقترب أكثر ما يمكن من النموذج الغربي للحياة وقوانينها، وهي محاولات تتميز بالتخطيط الطويل الذي قد يستغرق أجيالا متعاقبة، وعليه يجب الحذر من المنطق التبريري؛ فلا نجهد العقل والنص لإضفاء الشرعية على أدوات الغرب أو فلسفته دون أن نترك الإسلام يعبر صراحة عما يريد.
خامسا- توفير الوفرة والتزكية معا:
الهدف من المشروع الإسلامي ليس هو تحقيق الوفرة العادية فقط، وإنما تزكية النفس وإسعادها أيضا، فلا بد ليتحقق التوازن والاستقرار ورغد العيش أن ينمو الإبداع المادي في حضن القيم الإيمانية {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص:77).
سادسا- العلاج الجذري:
إن علاج الخلل في حياتنا لا يكمن في إجراءات سطحية قصيرة الأجل بل في إصلاحات أساسية تذهب إلى جذور علل المجتمع، والعلاج بالطرق الروتينية المعهودة قد يواجه أعراض الخلل ولكن لا يقضي على أسبابه.
سابعا- التسليم والاجتهاد معا:
ليس من المقبول أن نتهرب من عناء البحث بدعوى أن مطلق التسليم لحكم الله يكفي، وأن المقارنات والتأمل في أحوال غير المسلمين وتفهم إنجازاتهم أمر يدل على ضعف الإيمان؛ فنحن أمام واقع فيه السلبيات والإيجابيات، وأمام عالم سبقنا في الكشف عن السنن وحقق كثيرا من الإنجازات ونحن أحق بهذه الإنجازات، فلا بد من كشف السلبيات وتحديد علاجها من وحي هدي الله وطاعته، وهذا يتطلب بذل الجهد والبحث، أما الاعتزال والمفاصلة وترك فهم ما الذي يريده الإسلام حتى تقوم دولته فإنه عجز يجعل الباطل يزداد قوة والحق يزداد تراجعا.
ثامنا- وضوح المشروع الإسلامي وأصالته:
حيث نبه على ضرورة وضوح المشروع الإسلامي بأبعاده النهائية حتى يسترشد بها في التطبيق، فإذا كانت هناك ظروف صعبة تمر بها الأمة ونقدر ذلك، فإنه من الخطورة بمكان مع قبول مرحلة التطبيق عدم وضوح المشروع الإسلامي منذ البداية حتى لا يتلون الإسلام نفسه فيصبح الحرام يوما حلال، وتصبح الدعوة الإسلامية معرضة للسخرية من قبل الأعداء، وحماقات المعطلين، ونحن بهذا الإدراك والوعي لا نصادر التيسير ولكن نصادر التحريف.
تاسعا- إذا لم تتحقق الاستجابة فلماذا الجهد؟:
وكان يقول: قد يحاجج البعض أن برامج الإصلاح المطلوبة لا يستجاب لها ونحن نرفض هذا المنطق لأن واجب الدعوة والبلاغ قائمان ولكن على علم {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (يوسف: 108). ثم إنه بدون هذا الجهد سوف نواجه مأزقا إذا قامت دولة الإسلام، وتؤدي الضغوط إلى معايشة الواقع لا تغييره كما حدث في تجارب معاصرة، وعندئذ يفقد الإسلام فاعليته في إحداث التغيير وينطفئ نور إعجازه بعجز أهله، خصوصا إذا استدرجنا التطبيق دون توافر الخبرات والمناهج فيفقد الناس حماسهم للمشروع الإسلامي.
مشروعه الفكري:
يمكن أن نقسم مؤلفات الأستاذ يوسف كمال إلى ثلاثة أقسام حسب مجالات اهتمامها، وهي:
أولا- الاقتصاد الإسلامي: وقد ضمت مؤلفاته في هذا المجال نحو أربعة عشر كتابا، اتسمت بوجود مشروع متكامل للجوانب الاقتصادية، حيث تناول مباديء الاقتصاد الإسلامي من خلال مؤلفَيْه "أضواء على الفكر الإسلامي" و"أصول الاقتصاد الإسلامي"، ثم تناول اقتصاديات المشروع والأفراد في فقه الاقتصاد الخاص0[/colo
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاقتصاد في الحضارة الإسلامية (وفي إطار مناخ التحدي للرأسمالية العالمية تزايدت الدعوة لإحياء الشريعة والقيم والنظم الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاقتصاد في الحضارة الإسلامية ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
» تكملةالحضارة الإسلامية (1)الجانب السياسي في الحضارة الإسلامية
» تكملةالحضارة الإسلامية (3)الجانب الاقتصادي في الحضارة الإسلامية
» الشريعة الإسلامية
» الشريعة الإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: