ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 عظماء في التاريخ الاسلامي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

عظماء في التاريخ الاسلامي Empty
مُساهمةموضوع: عظماء في التاريخ الاسلامي   عظماء في التاريخ الاسلامي Emptyالإثنين نوفمبر 22, 2010 5:42 am

عظماء في التاريخ الاسلامي SOat5-b6D2_86238436


عظماء في التاريخ الاسلامي
عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية
كثيرون هم من استطاعوا أن يرقوا لسلم المجد في حياتهم ، ولكن قليل من بين هؤلاء من استطاع أن يورث هذا المجد لأبنائه ، وأقل القليل من جعل هذا المجد ميراثا في ذريته على مدى قرون عدة ، ومن بين هؤلاء عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية ، فمن عثمان هذا ؟
إنه عثمان بن سليمان شاه التركماني ( المعروف بعثمان الأول ) يرجع نسبه إلى التركمان النزالة الرحالة من طائفة التتار (1).
ولد يوم الخميس الرابع من شهر جمادى الأولى، الموافق التاسع من شهر مايو سنة ست وخمسين وستمائة هـ ، وهو العام الذي سقطت فيه بغداد في أيدي التتار ، وكأن الله سبحانه وتعالى قدر أن يولد في نفس اليوم الذي قُتل فيه آخر الخلفاء العباسيين من يعيد الخلافة شابة فتية بعد أن هرمت وضعفت ، وكان ميلاده في بلدة "صوغود " Sogud، أو في "باسين" Pasin. ..
وكان سبب ظهور أسرته على الساحة وصعودهم للملك أن السلاجقة لما تركوا وطنهم من فتنة جنكز خان ملك التتار، ومالوا إلى جانب بلاد الروم جاء معهم أرطغرل ، وكان رجلا شجاعاً ، وبصحبته نحو ثلاثمائة وأربعين رجلاً من بني جنسه ، فعمل في خدمة السلطان علاء الدين كيقباد بن كيخسرو بن قلج أرسلان بن طغرل السلجوقي (سلطان بلاد قرمان ) فأعجب به لشجاعته ، وقربه إليه ، ثم زاد في عطائه ومِنَحه بعد أن فتحت على يديه كثير من البلاد "(2).
وقيل : إن أرطغرل هذا كان راجعا إلى بلاد العجم ( فارس وما حولها ) بعد موت أبيه غرقا عند اجتيازه أحد الأنهر فارا من أمام التتار فشاهد جيشين مشتبكين ، فوقف على مرتفع من الأرض ليمتع نظره بهذا المنظر المألوف لدى الرحل من القبائل الحربية ، ولما آنس الضعف من أحد الجيشين وتحقق انكساره وخذلانه دبت فيه النخوة الحربية ، ونزل هو وفرسانه مسرعين لنجدة هذا الجيش المهزوم ، وهاجم الجيش الثاني بقوة وشجاعة عظيمتين ؛ حتى وقع الرعب في قلوب الذين كادوا يفوزون بالنصر ، وأعمل فيهم السيف والرمح ضربا ووخزا ؛ حتى هزمهم شر هزيمة..
وكان قائد هذا الجيش الذي قام بمساعدته هو الأمير علاء الدين كيقباد .. وقد قام بمكافأته على هذا الفعل النبيل بإقطاعه عدة أقاليم ومدن ، وصار بعد ذلك لا يعتمد في حروبه مع مجاوريه إلا عليه وعلى رجاله ، وكان عقب كل انتصار يقطعه أراضي جديدة ، ويمنحه أموالا جزيلة ، ثم لقب قبيلته بمقدمة السلطان لوجودها دائما في مقدمة الجيوش .
وأمضى أرطغرل بعد ذلك باقي عمره في الجهاد والرباط ؛ حتى سمي في المصادر التاريخية بـ "غازي الثغور" وبعد وفاته ـ سنة سبع وتسعين وستمائة تقريبا ـ كتب السلطان علاء الدين لابنه عثمان بالإمارة من بعده ، وأرسل إليه خلعة وسيفا كعادته عند تثبيت الأمراء (3) .
وكان عثمان خير خلف لأبيه ، إذ قاد قبيلته وواصل بها غزواته حتى فتح الله له قلعة " قره " سنة 688 هجرية الموافقة سنة 1289 ميلادية ، وبعدها منحه السلطان علاء الدين لقب بك ، وأقطعه كافة الأراضي التي فتحها ، وأجاز له ضرب العملة باسمه ، وأن يذكر اسمه في خطبة الجمعة ، وبذلك صار عثمان ملكا بالفعل لا ينقصه إلا اللقب ..وتابع فتوحاته ، ففتح مدن "اينه كولي " و" يني شهر " و" كوبري حصار " و" بلجك " وغيرها .
ثم هيأت له المقادير أن يتسلطن على مملكة علاء الدين كلها ، فقد حصل أن هاجم التتار في سنة 1300 م تقريبا الموافق سنة 699 هـ مدينة قونية ، وقتل أثناء تلك الهجمة علاء الدين وابنه غياث الدين ، ولم يكن على الساحة من يخلفه غير عثمان لقدرته وكفاءته ، فانفتح بذلك المجال أمامه ، واستأثر بجميع الأراضي التي كان يستحوذ عليها علاء الدين من قبل ، ولقب نفسه بادي شاه آل عثمان ، وجعل مقر ملكه مدينة "يكى شهر " ( أي المدينة الجديدة) وأخذ في تحصينها وتحسينها ..
وقيل : إنه لما مات السلطان علاء الدين السلجوقي فيقونية ، ولم يكن له ذرية ، اجتمع الوزراء والأعيان وقرروا أنه لا يليق للسلطنة سوى عثمانالغازي ، فعرضوا عليه هذا الأمر فأجاب طلبهم ، وصار سلطاناً من هذا التاريخ ، وجعلمقر سلطنته يكي شهر.
وبعد جلوسه على تخت السلطنة أمر بصلاة الجمعة ، وخطب باسمه فقيه من أهل العلم اسمه طورسن ، ثم أتاه باقي الأمراء ودخلوا تحت حمايته .. فسعى لتوثيق علاقته بهم وأكرمهم ، وزوج ولده أورخان من ابنة أحدهم ، وهو أمير قلعة " يار حصار " المسماة نيلوفر خان.
ثم واصل توسيع دائرة أملاكه ، وحاول فتح قلعتي " ازميد " و " ازنيك " ولما لم يتمكن من فتحهما عاد إلى عاصمته ..ثم اشتغل فترة بتنظيم أمور بلاده ؛ حتى إذا أمن اضطرابها تجهز مرة أخرى للقتال ، وأرسل إلى جميع أمراء الروم غير المسلمين ببلاد آسيا الصغرى يخيرهم بين ثلاثة أمور ، الإسلام أو الجزية أو الحرب ، فأسلم بعضهم وانضم إليه ، وقبل بعضهم بدفع الجزية له ..
وحاول الباقون أن يستعينوا عليه بالتتار ؛ ليفعلوا به ما فعلوه بعلاء الدين قبله ، لكنه لم يعبأ بهم ، بل هيأ لمحاربتهم جيشا جرارا تحت إمرة ابنه أورخان ، فسار إليهم هذا الشبل ، ومعه عدد ليس بقليل من أمراء الروم ، ومن ضمنهم كوسه ميخائيل صديق عثمان الذي اختار الإسلام دينا ..
واستطاع أورخان بمن معه أن يشتت شمل جموع التتار التي حشدت له ، وقد شجعه هذا النصر السريع على المبادرة بفتح مدينة " بورصة " فقصدها سنة 717 هـ الموافق سنة 1317 م ، وحاصرها نحو عشر سنوات حتى استسلمت له من غير ما حرب ولا قتال ، وذلك بعد أن فتح كافة ما حولها من القلاع والحصون ، ولم يتعرض لأهلها بسوء ...
ولما رأى حاكمها "افرينوس " حسن المعاملة ونبل الخلق من الفاتحين الجدد أعلن إسلامه ، فمنحه عثمان لقب بك ، وصار من مشاهير قواد دولته الفتية .(4). ..
ثم واصل أورخان بأمر أبيه التوغل بجيوشه في ممتلكات الإمبراطورية البيزنطية ، وساعده على ذلك رغبته في الجهاد من جهة ، ومن جهة أخرى أنه كان ملمّاً بالأوضاع العامة بها ..
وكان توغله فيها من خلال البحرين: البحر الأسود وبحر مرمرة ، ثم سعى إلى فصل أراضيها بعضها عن بعض، وقطع الصلة بين مناطقها ليضعف من مقاومتها ، ويسهل عليه افتتاحها .
وكانت سياسة عثمان في توغله داخل الدولة البيزنطية قائمة على : مواجهة كل إقليم على حده ، واتباع أسلوب الحصار طويل المدى ، ثم إقامة الحاميات العسكرية في المناطق التي يتم فتحها ليضمن عدم تمردها عليه ، ثم نشر الإسلام بين أفرادها ، فضلا عن المعاملة الحسنة التي كان يعامل بها أهل كل منطقة بعد أن تسقط في يده وكانت فتوحاته السريعة غالبا ما تلجئ أعداءه إلى التحالف ضده ، فبعد حصار قواته لمدينة "كبري حصار " واستسلام حاكمها له ، ثم تضييقه الخناق على قلعة "أزنيق " اتفق حاكم "بروسه " مع حكام "أطره نوس أوادربانوس " و" كستل وكته " على مهاجمة مدينة " يكي شهر " عاصمة ملكه الجديدة ؛ ليقضوا على دولته قضاء مبرما ، ولكن يقظته جعلته يستعد لغزوهم قبل أن يغزوه ، وخرج إليهم بنفسه على رأس جيشه ، والتقى بهم عند قلعة " قيون حصار " ولم يكتف بهزيمتهم ، وإنما تتبع أثرهم حتى التقى بهم ثانية عند مكان يسمى " ديمبوز " وأوقع بهم هزيمة نكراء قتل فيها أمير مدينة "كستل" بينما فر أمير "أطره نوس " وأمير "بروسه " لينجوا من قتل محقق.
وبعد هذا النصر المبين التفت عثمان إلى دولته ، واستراح من الغزو قليلا ، فشيد في سنة717 هـ بالقرب من مدينة بروسه قلعتين ، جعل على إحداهما ابن أخيه آق تيمور أميرا ، وعلى الأخرى أحد مماليكه ...
وبعدها استخلف أورخان ليرعى أمور دولته ، ثم سار هو بنفسه قاصدا قلعة لبلبنجي ولفكه جادرلق فاستولى عليها بلا حرب ، وأخضع بعد ذلك من "يكيجه حصار " و"آق حصار " و" تكفور بكاري " بلا حرب أيضاً ، وضم الجميع لأملاكه ..
وعاد سريعا إلى عاصمته ، وبعث ابنه أورخان وبعض قواده إلى قلعة " قره جيش " فحاصروها حتى استولوا عليها ، وأسروا حاكمها ، ثم تابعوا غزوهم ففتحوا الجهات المجاورة لها ، واستولوا على مدينة طوز بازاري وقلعة "قره تكبه " كما فتحوا عدة جهات في أطراف أزميد ، وختموا أعمالهم بفتح مدينة " أزنيق ".
وبينما هم يواصلون فتوحاتهم وتقدمهم مرض عثمان ، وجاء خبر مرضه إلى أورخان فعاد إليه مسرعاً ، ولما صار بين يديه نصحه بالمحافظة على ملكه ، والإحسان إلى الرعية ، والحرص على العدل والإنصاف بينهم ، ومن جملة ما جاء في وصيته قوله : يا بني ! إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين ، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلاً ، يا بني ! أحط من أطاعك بالإعزاز ، وأنعم على الجنود، ولا يغرنك الشيطان بجندك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة ، يا بني: إنك تعلم أن غايتنا هي أرضاء الله رب العالمين، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق، فتحدث مرضات الله جل جلاله ، يا بني لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة حكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا وللإسلام نموت، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل)(5). ومات رحمه الله بعد حياة عامرة بالغزو والجهاد ، حيث قضى في السلطنة ما بين 26 و27 سنة .
وانتقل بدولته من مجرد إمارة صغيرة إلى دولة قوية فتية ، قدر لها بعد وفاته أن تصير حامية الإسلام ، ومحط آمال الموحدين ، ولذلك صار يعتز به كل سلاطين الدولة العثمانية ، وآثروا أن ينسبوا إليه دولتهم.
كما ترك سيرة حسنة لكل حاكم يطمع في الجمع بين حظ الدنيا وحظ الآخرة ، فكان مثلا للعدل حتى قيل : إن أباه أرطغرل عهد إليه في حياته بولاية القضاء في مدينة " قره جه حصار " بعد الاستيلاء عليها من البيزنطيين في عام 684هـ/1285م فاحتكم إليه رجلان ، أحدهما مسلم تركي والآخر بيزنطي نصراني ، فحكم للبيزنطي ضد التركي، فاستغرب البيزنطي وسأله : كيف تحكم لصالحي وأنا على غير دينك، فأجابه عثمان: بل كيف لا أحكم لصالحك، والله الذي نعبده ، يقول لنا : " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ " [النساء : 58] فتأثر البيزنطي من هذا الموقف وأعلن إسلامه .
كما كان محسنا للفقراء والمساكين ، حتى قيل : إنه كان يجمع أنواع الطعام وأصناف الحلوى لهم ، ويطبخ لهم بعد كل ثلاثة أيام سماطا عظيما يأكل منه الخاص والعام ممن ذكر وغيرهم.(5) .
وبلغ من حبه للإنفاق أنه ما ترك عند موته سوى فرس وسيف ودرع ونحو ذلك من اللباس والفراش (6) كما بقيت أوقافه من الخيل والغنم تتناسل قرونا طويلة ، أبقتها ذريته تيمنا وتبركا.
ابن تيمية
هو شيخ الإسلام الحافظ المجتهد تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله ابن أبي القاسم بن الخضر بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي .
ولد في حران يوم الاثنين عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة.
وقدم به والده وبأخويه عند استيلاء التتار على البلاد إلى دمشق سنة 667 هـ .
مشائخه وتحصيله :
أخذ الفقه والأصول عن والده
وسمع عن خلق كثير منهم الشيخ شمس الدين والشيخ زين الدين بن المنجا بن عساكر.
وقرأ العربية على ابن عبد القوي ، ثم أخذ " كتاب سيبويه " فتأمله وفهمه.
وعني بالحديث وسمع الكتب الستة و " المسند " مرات.
وأقبل على تفسير القرآن الكريم فبرز فيه.
وأحكم أصول الفقه والفرائض والحساب والجبر والمقابلة وغير ذلك من العلوم.
ونظر في الكلام والفلسفة وبرز في ذلك ورد على أكابر المتكلمين والفلاسفة.
وتأهل للفتوى والتدريس وله دون العشرين من السنين.
وتضلع في علم الحديث وحفظه وكان سريع الحفظ قوي الإدراك آية في الذكاء رأسا في معرفة الكتاب والسنة والاختلاف بحرا في النقليات، وكان له باع طويل في معرفة مذاهب الصحابة والتابعين .
اشتغاله في التدريس :
كان والده من كبار أئمة الحنابلة فلما مات خلفه في وظائفه وكان عمره تسع عشرة سنة فاشتهر أمره وبعد صيته في العالم، وأخذ في تفسير القرآن الكريم أيام الجمع من حفظه.
قال عنه الحافظ أبو حفص عمر بن علي البزار وكان من معاصريه " لقد كان إذا قرئ في مجلسه آيات من القرآن العظيم شرع في تفسيرها فينقضي المجلس بجملته والدرس برمته وهو في تفسير بعض آية منها، وقد منحه الله تعالى معرفة اختلاف العلماء ونصوصهم وكثرة أقوالهم واجتهادهم في المسائل وما روي عن كل واحد منهم من راجح ومرجوح ومقبول ومردود، حتى كان إذا سئل عن شيء من ذلك كأن جميع المنقول عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والعلماء فيه من الأولين والآخرين متصور مسطور بإزائه وهذا قد اتفق عليه كل من رآه أو وقف على شيء من علمه ممن لم يغلظ عقله الجهل والهوى .." انتهى
وقال أيضا : وأما ذكر دروسه فقد كنت في حال إقامتي بدمشق لا أفوتها، وكان لا يهيئ شيئا من العلم ليلقيه ويورده، بل يجلس بعد أن يصلي ركعتين فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على رسوله - صلى الله عليه وسلم - على صفة مستحسنة مستعذبة لم أسمعها من غيره، ثم يشرع فيفتح الله عليه إيراد علوم وغوامض ولطائف ودقائق وفنون ونقول واستدلالات بآيات وأحاديث وأقوال العلماء ونقد بعضها وتبيين صحته أو تزييف بعضها وبإيضاح حجته واستشهاد بأشعار العرب وربما ذكر ناظمها، وهو مع ذلك يجري كما يجري السيل ويفيض كما يفيض البحر، ويصير منذ يتكلم إلى أن يفرغ كالغائب عن الحاضرين مغمضا عينيه من غير تعجرف ولا توقف ولا لحن بل فيض إلهي حتى يبهر كل سامع وناظر فلا يزال كذلك إلى أن يصمت، وكنت أراه حينئذٍ كأنه قد صار بحضرة من يشغله عن غيره، ويقع عليه إذ ذاك من المهابة ما يرعد القلوب ويحير الأبصار والعقول، وكان لا يذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط إلا ويصلي عليه.
ولا والله ما رأيت أحدا أشد تعظيما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أحرص على اتباعه ونصر ما جاء به منه، حتى إذا كان أورد شيئا من حديثه في مسألة ويرى أنه لم ينسخه شيء غيره من حديثه يعمل به ويقضي ويفتي بمقتضاه، ولا يلتفت إلى قول غيره من المخلوقين كائنا من كان، وقال - رضي الله عنه - : " كل قائل إنما يحتج لقوله لا به إلا رسول الله " .
وكان إذا فرغ من درسه يفتح عينيه ويقبل على الناس بوجه طلق بشيش وخلق دمث كأنه لقيهم حينئذٍ، وربما اعتذر إلى بعضهم من التقصير في المقال مع ذلك الحال، ولقد كان درسه الذي يورده حينئذٍ قدر عدة كراريس .
وهذا الذي ذكرته من أحوال درسه أمر مشهور يوافقني عليه كل حاضريه وهم بحمد الله خلق كثير لم يحصر عددهم ؛ علماء ورؤساء وفضلاء من القراء والمحدثين والفقهاء والأدباء وغيرهم من عوام المسلمين ... " . انتهى كلام البزار في كتابه " الأعلام العلية " .
مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية :
خلف - رحمه الله - للمكتبة الإسلامية ثروة ضخمة من المؤلفات القيمة التي تحمل التحقيق والتدقيق والتجديد لدين الله في مختلف الفنون، والتي ترد الزيف والدخيل والدجل والتضليل .
قال الحافظ الذهبي : " وما أبعد أن تصانيفه إلى الآن تبلغ خمسمائة مجلد " .
وقال تلميذه ابن عبد الهادي وللشيخ - رحمه الله - من المصنفات والفتاوى والقواعد والأجوبة والرسائل وغير ذلك من الفوائد ما لا ينضبط . قال : ولا أعلم أحدا من متقدمي الأئمة ولا متأخريها جمع مثل ما جمع ولا صنف نحو ما صنف ولا قريبا من ذلك، مع أن أكثر تصانيفه إنما أملاها من حفظه، وكثير منها صنفه في الحبس وليس عنده ما يحتاج إليه من الكتب؛ فمن ذلك ما جمعه في تفسير القرآن العظيم، وما جمعه من أقوال مفسري السلف الذين يذكرون الأسانيد في كتبهم، وذلك في أكثر من ثلاثين مجلدا وقد بيض أصحابه بعض ذلك وكثيرا منه لم يكتبوه وكان - رحمه الله - يقول : " ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير ثم أسأل الله الفهم، وأقول : يا معلم إبراهيم علمني " . وقال العلامة ابن الزملكاني : " لقد أعطي ابن تيمية اليد الطولى في حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين، وقد ألان الله له العلوم كما ألان لداود الحديد " .
قال الشيخ عمر البزار : " وأما مؤلفاته ومصنفاته فإنها أكثر من أن أقدر على إحصائها، بل هذا لا يقدر عليه أحد لأنها كثيرة جدا - كبارا وصغارا - وهي منتشرة في البلدان؛ فقل بلد نزلته إلا ورأيت فيه من تصانيفه، فمنها ما يبلغ سبع مجلدات كـ " الجمع بين العقل والنقل " ؛ وما يبلغ ست مجلدات ككتاب " بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية " ؛ وما يبلغ خمس مجلدات كـ " منهاج الاستقامة والاعتدال " ؛ وما يبلغ أربع مجلدات ككتاب " الرد على طوائف الشيعة والقدرية و ابن المطهر الرافضي " ؛ وما يبلغ ثلاث مجلدات كـ " الرد على النصارى " ؛ وما يبلغ مجلدين كـ " نكاح المحلل وإبطال الحيل " ، و " شرح العقيدة الأصبهانية " ؛ وما يبلغ مجلدا واحدا فكثير جدا : فكتاب " تفسير سورة الإخلاص " مجلد، وكتاب " الكلام على قوله سبحانه الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " مجلد نحو خمس وثلاثين كراسة، و " الصارم المسلول على شاتم الرسول " مجلد، و " تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل " مجلد، وكتاب " المسائل الإسكندرية في الرد على الملاحدة الاتحادية " ، وله في الرد على الفلاسفة مجلدات، قال : وبالجملة فذكر أسماء كتبه مما يطول وله من الرسائل والقواعد والتعاليق ما لا يمكن حصره، وقد ذكر كثيرا منها الحافظ ابن عبد الهادي في كتابه " العقود الدرية " .
وكان شيخ الإسلام - رحمه الله - إنما يكتب على قدر الحاجة إما إجابة لسؤال أو توضيح مشكل أو ردا على مبطل، وهو - رحمه الله - يقول : " الفروع أمرها قريب، فمن قلد فيها أحدا من الأئمة جاز له العلم بقوله ما لم يتبين خطؤه ، وأما الأصول فقد رأيت أهل البدع تجاذبوا فيها وأوقعوا الناس في التشكيك في أصول دينهم ولذلك أكثرت من التصنيف في أمر الرد عليهم " .
وكان الشيخ سريع البديهة سريع الحفظ، قال بعض من رآه : حضرت مجلس الشيخ - رضي الله عنه - وقد سأله يهودي عن مسألة في القدر قد نظمها شعرا في ثمانية أبيات فلما وقف عليها فكر لحظة يسيرة وأنشأ يكتب جوابها، وجعل يكتب ونحن نظن أنه يكتب نثرا، فلما فرغ تأمله من حضر من أصحابه وإذا هو نظم من بحر أبيات السؤال وقافيتها، تقرب من مائة وأربعة وثمانين بيتا وقد أبرز فيها من العلوم ما لو شرح لبلغ مجلدين كبيرين، وهذا من جملة بواهره .
قال ابن عبد الهادي : بلغني أن بعض مشائخ حلب قدم إلى دمشق وقال : سمعت في البلاد بصبي يقال له : أحمد بن تيمية ، وأنه كثير الحفظ وقد جئت قاصدا لعلي أراه، فقال له خياط : هذه طريق كتَّابه وهو إلى الآن ما جاء، فاقعد عندنا الساعة يمر ذاهبا إلى الكتّاب . فلما مر قيل : ها هو الذي معه اللوح الكبير، فناداه الشيخ وأخذ منه اللوح وكتب من متون الحديث أحد عشرة أو ثلاثة عشر حديثا . وقال له : اقرأ هذا ! فلم يزد على أن نظر فيه مرة بعد كتابته إياه ثم دفعه إليه، وقال : اسمعه عليّ ! فقرأه عليه عرضا كأحسن ما يكون . ثم كتب عدة أسانيد انتخبها فنظر فيه كما فعل أول مرة فحفظها، فقام الشيخ وهو يقول : إن عاش هذا الصبي ليكونن له شأن عظيم فإن هذا لم يُرَ مثلهُ؛ فكان كما قال .
وأما سرعته في الكتابة فقد ذكروا عنه الشيء العجيب وأنه كان يكتب من حفظه من غير نقل، وذكروا أنه كتب مجلدا لطيفا في يوم . وكتب غير مرة أربعين ورقة في جلسته، ومن عجائب حفظه أنه لما سجن صنف كتبا كثيرة وذكر فيها الأحاديث والآثار وأقوال العلماء وأسماء المحدثين والمؤلفين ومؤلفاتهم وعزا كل شيء من ذلك إلى ناقليه وقائليه بأسمائهم، وذكر أسماء الكتب التي ذكرت فيها تلك النقول والأقوال ومواضعها منها، كل ذلك من حفظه ! فسبحان الذي يمنّ على من يشاء بفضله وتوفيقه .
موقف شيخ الإسلام من خصومه :
قد ظهر شيخ الإسلام في عصر قد اشتدت فيه غربة الإسلام، وتفرقت كلمة المسلمين، وظهرت الفرق المخالفة لما كان عليه السلف الصالح في العقائد والفروع، وخيّم الجمود الفكري والتقليد الأعمى فأثّر في الجو العلمي؛ ظهرت فرق الشيعة والصوفية المنحرفة والقبورية ونفاة الصفات والقدرية، وطغى علم الكلام والفلسفة حتى حلّ محل الكتاب والسنة لدى الأكثر من المتعلمين في الاستدلال، هذا كله في داخل المجتمع الإسلامي في ذلك العصر، ومن خارج المجتمع تكالب أعداء الإسلام فغزوا المسلمين في عقر دارهم فجاءت جيوش التتار تداهم ديار المسلمين وتفتك بهم .
في هذا الجو المعتم عاش شيخ الإسلام ابن تيمية ضياء لامعا بعلمه الأصيل الغزير يدرِّس الطلاب ويؤلف الكتب والرسائل ويفتي في النوازل والمسائل، ويناظر المنحرفين، ويرد على المخرفين، وينازل الفرق والطوائف، فيرد على الشيعة والقدرية، ويرد على علماء الكلام والفلاسفة، ويرد على المعطلة والمؤولة في الصفات من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، ويرد على الصوفية المنحرفة وعلى القبوريين والمبتدعة .
ويحرك أهل الجمود الفقهي والخمول الفكري برد الفقه إلى أصوله الصحيحة ومنابعه الصافية وتصحيح الصحيح وتزييف الزائف حتى أعاد للشريعة نقاءها وإلى العلوم الشرعية صفاءها؛ يظهر ذلك في مؤلفاته التي خلفها ثروة علمية هائلة .
وإلى جانب مجهوده العلمي العظيم شارك في الجهاد في سبيل الله فحمل السلاح وخاض المعارك ضد التتار عدة مرات مما كان له أطيب الأثر في تقوية معنوية المجاهدين حتى انتصروا على عدوهم .
وقد تخرج على يد هذا العالم الجليل أئمة من طلابه حملوا الراية من بعده؛ منهم الإمام ابن القيم والإمام ابن كثير والحافظ الذهبي والحافظ ابن عبد الهادي وغيرهم ممن أخذوا عنه العلم ونشروه في الآفاق بما ألفوه من المؤلفات القيمة التي تزخر بها المكتبات الإسلامية اليوم، فجزى الله شيخ الإسلام ابن تيمية عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ونفعنا بعلومه .
ولما قام بهذا الواجب العظيم غاظ خصومه فرَمته كل طائفة من الطوائف المنحرفة بلقب سيئ تريد بذلك صد الناس عن دعوته وتشويه عمله ...
فنفاة الصفات قالوا : إنه مجسم؛ لأن إثبات الصفات عندهم تجسيم، ومتعصبة الفقهاء والمبتدعة قالوا : إنه خرق الإجماع؛ لأن أخذ القول الراجح بالدليل المخالف لما هم عليه، ورد البدع خرق للإجماع عندهم، وغلاة الصوفية والقبوريون قالوا : إنه يبغض الأولياء ويكفر المسلمين ويحرم زيارة القبور؛ لأن الدين عندهم هو التقرب إلى الأولياء والصالحين وتعظيم مشائخ الطرق الصوفية واتخاذهم أربابا من دون الله والغلو في تعظيمهم بصرف العبادة إليهم .
هذا موقف هذه الطوائف من دعوة شيخ الإسلام وهو موقف يتكرر مع كل مصلح ومجدد يدعو إلى دين الله الذي جاء به رسوله - صلى الله عليه وسلم - ونبذ ما خالفه من دين الآباء والأجداد وعادات الجاهلية . وليس هذا بغريب فقد قوبلت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبل بأعظم من هذا، وقيل عنه : إنه ساحر كذاب وإنه شاعر مجنون، إلى غير ذلك من الألقاب السيئة التي يراد بها الصد عن دين الله والبقاء على دين الشرك الذي ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، فلشيخ الإسلام وإخوانه من الدعاة إلى الله أسوة بنبيهم، ولهؤلاء المنحرفين سلف من المشركين والمكذبين، ولكن العاقبة للمتقين .
فهذه كتب شيخ الإسلام تأخذ طريقها إلى أيدي كل من يريدون الحق يتنافسون في الحصول عليها والتنقيب عن المفقود منها لإخراجه للناس، فعليك أيها المسلم الناصح لنفسه أن لا تلتفت إلى أقوال المرجفين في حق هذا العالم المجدد المجاهد وأن تنظر إلى أقواله هو لا إلى ما يقال عنه لتصل إلى الحقيقة (وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ).
منهجه في فتاواه وما أمكن لأهل العلم الحصول عليه وجمعه من كتبه :
قال تلميذه الحافظ ابن عبد الهادي - رحمه الله - : " وأما فتاويه ونصوصه وأجوبته على الملل فهي أكثر من أن تحصى لكن دُوِّن منها بمصر على أبواب الفقه سبعة عشر مجلدا وهذا ظاهر مشهور، وقلّ أن وقعت واقعة وسئل عنها إلا وأجاب فيها بديهة بما بهر واشتهر وصار ذلك الجواب كالمصنف الذي يحتاج فيه غيره إلى زمن طويل ومطالعة كتب وقد لا يقدر مع ذلك على إبراز مثله " ، إلى أن قال : " وكان يكتب على السؤال الواحد مجلدا " ، وأما جواب يكتب فيه خمسين ورقة وستين فكثير جدا " .
وقال عنه أيضا مبينا لمنهجه في الفتوى : " ففي بعض الأحكام يفتي بما أدى إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفى بعضها قد يفتي بخلافهم أو بخلاف المشهور من مذاهبهم " . انتهى .
والمطبوع من فتاواه الآن " الفتاوى المصرية " في خمسة مجلدات . و " مجموعة الرسائل والمسائل " ستة أجزاء طبعت في مطابع المنار وعلق عليها وصححها السيد محمد رشيد رضا .
وأخيرا قام الشيخ عبد الرحمن بن قاسم بجمع الموجود من فتاواه المطبوع منها والمخطوط وترتيبها على الأبواب فبلغت خمسة وثلاثين مجلدا وقد استفاد منها أهل العلم فائدة عظيمة وأصبحت مرجعا كبيرا ومنهلا غزيرا . وقال في مقدمتها : " ولعظيم النفع بفتاويه والثقة منها، واعتماد مبتغي الصواب عليها فتشت عن مختصراتها في بعض مكتبات نجد والحجاز والشام وغيرها فجمعت منها، أكثر من ثلاثين مجلدا ورتبتها . وهو بِدْء؛ وإلا فعسى الله سبحانه أن يقيض لفتاويه من يجمعها من مشارق الأرض ومغاربها ومن المكتبات التي لم نطلع عليها ويلحقه بما جمعته منها فهو سبحانه المستعان " .
وقال ابنه الشيخ محمد : تتألف هذه المجموعة القيمة من فتاوى وهي الأكثر، ومن كتب ورسائل، ونقول بلغ عدد مجلداتها أربعة وثلاثين مجلدا، قسم منها مطبوع، عدد صفحاته 17000 صفحة تقريبا، وقسم لم يسبق له أن طبع بل كان مخبوءا في زوايا المكتبات العامة أو الخاصة وهذا القسم أكثر من الثلث تقريبا .
والمجموع يتكون من أقسام : قسم في أصول الدين يشمل العقائد وما يتصل بها، وقسم في تفسير القرآن الكريم وقسم في الحديث، وقسم في الفقه مرتبا على ترتيب كتب المتأخرين من فقهاء الحنابلة مبتدئا من كتاب الطهارة إلى كتاب الإقرار .
وهذا المجموع يعتبر رصيدا ضخما من علوم شيخ الإسلام ابن تيمية في مختلف العلوم الشرعية قد استفاد منه الباحثون فائدة كبيرة فجزى الله من قام بجمعه وترتيبه، ومن قام بطبعه وتوزيعه خير الجزاء عن الإسلام وأهله .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عظماء في التاريخ الاسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عظماء في التاريخ الاسلامي
» عظماء في التاريخ الاسلامي
» التاريخ الاسلامي
» التاريخ الاسلامي
» التاريخ الاسلامي (دولة الخلافة العثمانية )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: