ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 السيرة النبوية (الاسراء و المعراج - الرسول فى موسم الحج - الهجرة الى المدينة - الرسول في المدينة )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

السيرة النبوية (الاسراء و المعراج - الرسول فى موسم الحج - الهجرة الى المدينة - الرسول في المدينة ) Empty
مُساهمةموضوع: السيرة النبوية (الاسراء و المعراج - الرسول فى موسم الحج - الهجرة الى المدينة - الرسول في المدينة )   السيرة النبوية (الاسراء و المعراج - الرسول فى موسم الحج - الهجرة الى المدينة - الرسول في المدينة ) Emptyالجمعة أغسطس 20, 2010 5:18 pm

السيرة النبوية (الاسراء و المعراج - الرسول فى موسم الحج - الهجرة الى المدينة - الرسول في المدينة ) R2Qbk-C5X0_394568278

السيرة النبوية (الاسراء و المعراج - الرسول فى موسم الحج - الهجرة الى المدينة - الرسول في المدينة )
السيرة النبوية
موسوعة السيرة النبوية , سيرة خير البشر و خاتم النبيين و المرسلين محمد الهادي الامين , نقدم في هذا القسم السيره النبويه لخاتم الانبياء محمد ابن عبدالله عليه افضل الصلاة واتم التسليم, يقع هذا القسم في 41 قسما كاالتالي :
الاسراء و المعراج - الرسول فى موسم الحج - الهجرة الى المدينة - الرسول في المدينة - مرحلة الجهاد - تحويل القبلة - غزوة بدر الكبرى - اليهود و نقض العهود - غزوة السويق - غزوة أحد - غزوة حمراء الاسد - بعث الرجيع - يوم بئر معونة - غزوة بنى النضير - غزوة بدر الثانية - غزوة بنى المصطلق - غزوة الخندق - غزوة بنى قريظة - سرية نجد - صلح الحديبية - غزوة خيبر - غزوة ذات الرقاع - عمرة القضاء - غزوة مؤتة - فتح مكة - غزوة حنين - غزوة تبوك - دعوة الملوك إلى الإسلام - مجىء الوفود - حجة الوداع - مرض الرسول و وفاته - هديه و خصائصه و شمائله
. الإسراء والمعراج
و هكذا اعرض اهل مكة عن الإسلام ، و خذل اهل الطائف النبي صلى الله عليه و سلم ، و ازداد إيذاء الكافرين له و لصحابته ، و خاصة بعد وفاة السيدة خديجة - رضي الله عنها - و عمه ابي طالب ، و اراد الله -سبحانه- أن يخفف عن نبيه ، فاكرمه برحلة الاسراء و المعراج ؛ فبينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم نائما بعد العشاء جاءه جبريل ، فأيقظه و خرج به حتى انتهيا الى دابة اسمها ( البراق ) تشبه البغل ، و لها جناحان ، فركب الرسول صلى الله عليه و سلم البراق حتى وصل بيت المقدس في فلسطين ، و صلى بالأنبياء ركعتين .
و هذه الرحلة من مكة الى بيت المقدس تسمى ( الإسراء ) قال تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير } _[الإسراء: 1].
ثم بدأت الرحلة السماوية من المسجد الأقصى الى السماوات العلا و تسمى ( المعراج ) و إذا بأبواب السماء تفتح للنبي صلى الله عليه و سلم ، فسلم على الملائكة ، و ظل يصعد من سماء إلى سماء يرافقه جبريل ؛ فرأى الجنة و النار ، و رأى من مشاهد الآخرة ما لم يره إنسان حتى وصل إلى سدرة المنتهى ، و هو موضع لم يبلغه نبي أو ملك قبله ولا بعده تكريما له ، قال تعالى : { فكان قاب قوسين أو أدنى . فأوحى إلى عبده ما أوحى } [النجم: 9-10] وفي هذه الليلة ، فرض الله الصلوات الخمس على المسلمين , و كانت خمسون بداية و لكن الله خفف عن المسلمين فاصبحت خمسا و لكن اجرها بخمسين صلاة ، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ، و ركب البراق عائدا إلى مكة .
وفي الصباح ، حكى رسول الله صلى الله عليه و سلم لقومه ما حدث ، فكذبوه و سخروا من كلامه ، و أراد الكفار أن يختبروا صدق الرسول صلى الله عليه و سلم ، فطلبوا منه أن يصف بيت المقدس -ولم يكن رآه من قبل- فأظهر الله له صورة بيت المقدس ، فأخذ يصفه و هو يراه ، و هم لا يرونه ، و أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأشياء رآها في الطريق ، و بقوم مر عليهم و هم في طريقهم إلى مكة ، فخرج الناس ينتظرونهم ، فجاءوا في موعدهم الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا بصدقه .
و اسرع بعضهم إلى أبي بكر يقول له في استنكار : أسمعت ما يقول محمد ؟ و كان أبو بكر مؤمنا صادق الايمان، فصدق الرسول صلى الله عليه و سلم في كل ما قاله ، فسماه الرسول صلى الله عليه و سلم ( الصديق ) و هكذا كانت هذه الرحلة تسرية عن النبي صلى الله عليه و سلم ، و تخفيفا للأحزان التي مر بها ، و تأكيدا من الله له على أنه قادر على نصرته ، و كانت ايضا ابتلاء للذين آمنوا حتى يميز الله الطيب من الخبيث .
الرسول في موسم الحج
جاء موسم الحج في السنة العاشرة من البعثة ، فاجتمعت القبائل من كل مكان و بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم قائلا : ( يا أيها الناس ، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ، و تملكوا بها العرب ، و تذل لكم العجم ، و إذا آمنتم كنتم ملوكا في الجنة ) _ [ الطبراني و ابن سعد ] و وجد الرسول صلى الله عليه و سلم ستة رجال من ( يثرب ) يتحدثون ، فاقترب منهم ، و قال لهم : ( من أنتم ؟ )
قالوا : نفر من الخزرج .
قال : أمن موالى يهود ( أي من حلفائهم ) ؟
قالوا : نعم .
قال : أفلا تجلسون أكلمكم ؟. قالوا : بلى .
فجلس معهم و حدثهم عن الإسلام ، و تلا عليهم القرآن ، فانشرحت له صدورهم ، و ظهرت علامات القبول على وجوههم ، و كانت بينهم و بين اليهود عداوة ، فكان اليهود يهددونهم بظهور نبي ، و سوف يؤيدونه و يقاتلونهم معه ، فلما سمعوا كلام الرسول صلى الله عليه و سلم نظر بعضهم لبعض وقالوا : تعلمون والله إنه النبي الذي توعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه .. فأجابوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما دعاهم إليه ، و وعدوه بأن يقابلوه في العام المقبل ، ثم انصرفوا إلى قومهم و حدثوهم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فانتشرت أخباره في يثرب . _[ابن إسحاق].
بيعة العقبة الاولى :و في شهر ذي الحجة سنة احدى عشرة من البعثة ، قدم إلى مكة اثنا عشر رجلا من أهل يثرب من بينهم خمسة من الستة الذين كلموا الرسول صلى الله عليه وسلم في العام الماضي ، و اجتمع معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان اسمه العقبة؛ فآمنوا به صلى الله عليه وسلم، وبايعوه على ألا يشركوا بالله شيئا ، و لا يسرقوا ، و لا يرتكبوا الفواحش والمنكرات، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يعصوه صلى الله عليه وسلم في معروف يأمرهم به.
وكانت هذه هي بيعة العقبة الأولى، وعندما عادوا إلى يثرب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ليعلمهم أمور الدين ويقرأ عليهم القرآن، فأسلم على يديه كثير من أهل يثرب.
بيعة العقبة الثانية :و في شهر ذي الحجة من العام الثاني عشر من البعثة ، ذهب ثلاثة و سبعون رجلا وامرأتان من أهل يثرب إلى الحج، ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، وفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة تسلل الرجال والمرأتان وذهبوا إلى العقبة، وجاء إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبدالمطلب، ولم يكن قد آمن وقتئذ، ولكنه جاء ليطمئن على اتفاق ابن أخيه مع أهل يثرب، وليبين لهم أنه قادر على حمايته في مكة إن لم يكونوا قادرين على حمايته في المدينة.
وتمت بيعة العقبة الثانية، وفيها عاهد الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، وقال لهم : (تبايعوني على السمع والطاعة، في النشاط و الكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم
ولكم الجنة) _[أحمد].
وأصبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتباع أقوياء مستعدون لنصرته، والقتال من أجل الإسلام، حتى إن أحدهم وهو العباس بن عبادة -رضي الله عنه- قام وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: والله الذي بعثك بالحق، إن شئت لنميلن على أهل منى غدًا بأسيافنا، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا ما يأمره الله به، فقال له : (لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم)
[ابن إسحاق] واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثني عشر رجلا؛ ليكونوا أمراء عليهم حتى يهاجر إليهم.
وفي الصباح، تسلل الخبر إلى كفار قريش ، فاكتشفوا أمر ذلك الاجتماع الخطير ، وخرجت قريش تطلب المسلمين من أهل يثرب فأدركوا (سعد بن عبادة) وأسروه وأخذوا يعذبونه ويَجُرُّونه حتى أدخلوه مكة، وكان سعد يجير ويحمي تجارة اثنين من كبار مكة إذا مرا ببلده، وهما جبير بن مطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية، فنادى باسميهما فجاءا وخلصاه من ايدي المشركين ، وعاد سعد بن عبادة -رضي الله عنه- إلى يثرب.
الهجرة من مكة الى المدينة
أصبح كفار مكة في غيظ شديد ، بعدما صار لرسول الله صلى الله عليه و سلم انصار في يثرب ، وهم اهل حرب يجيدون القتال ، و سوف ينصرون الإسلام ، فشعر كفار مكة أن الامر سيخرج من ايديهم ، فانقضوا على المسلمين بالتعذيب و الاذى ، و التف المسلمون حول نبيهم الكريم صلى الله عليه و سلم يطلبون منه الاذن في ترك مكة كلها ، و يهاجرون بدينهم ، حتى يستطيعوا أن يعبدوا الله تعالى و هم آمنون ، فاذن لهم الرسول صلى الله عليه و سلم بالهجرة إلى المدينة . فبدأ المسلمون يتسللون سرا إلى المدينة ، تاركين ديارهم و أموالهم من أجل دينهم .
و جاء أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - الى الرسول صلى الله عليه و سلم يستأذنه في الهجرة ، فطلب منه الرسول صلى الله عليه و سلم أن ينتظر لعل الله يجعل له صاحبا ، ففهم أبو بكر أنه سيظفر بالهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانتظر مسرورا ، و أخذ يعد للرحلة المباركة ، فجهز ناقتين ليركبهما هو و رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .
المؤامرة :اجتمع زعماء مكة في دار الندوة - ذلك البيت الكبير الواسع الذي كان لقصي بن كلاب - و على وجوههم الغضب ؛ للتشاور في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد شعروا انه يعد نفسه للهجرة إلى المدينة ، و إذا تم له ذلك فسوف تصبح المدينة مركزا كبيرا يتجمع فيه المسلمون من كل مكان حول النبي صلى الله عليه و سلم ، و بذلك يشكلون خطرا على تجارة أهل مكة عندما تمر بالمدينة في طريقها إلى الشام ذهابا و إيابا ، و بدأ النقاش ، فقال بعضهم : نخرج محمدا من بلادنا فنستريح منه ، و قال آخرون : نحبسه حتى يموت .
و قال أبو جهل : نأخذ من كل قبيلة شابا قويا ، و نعطي كلا منهم سيفا صارما قاطعا ، لينقضوا على محمد ، و يضربوه ضربة قاتلة ، و هكذا لا يستطيع عبد مناف - قوم محمد - محاربة القبائل كلها ، فيقتنعون بأخذ ما يريدون من مال تعويضا عن قتل محمد ، و كان الشيطان اللعين يجلس بينهم في صورة شيخ نجدي و هم لا يعرفونه ، فلما سمع ذلك الرأي قال في حماس : القول ما قال الرجل ، و هذا الرأي لا رأى غيره ، فاتفقوا جميعا عليه .
و سجل القرآن الكريم ما دار في اجتماع المشركين ذلك ، فقال تعالى: {إذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} _[الأنفال: 30] وتدخلت عناية الله؛ فجاء جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يأمره ألا يبيت هذه الليلة في فراشه وأن يستعد للهجرة، قالت عائشة -رضي الله عنها-: فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في حر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يأتينا في مثل هذه الساعة، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: فداء له أبي وأمي ، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذن، فأذن له، فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: (أخرج من عندك) فقال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله ، قال: (فإني قد أذن لي في الخروج) فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم).
أحداث الهجرة :كان الله -سبحانه- قادرا على أن يرسل ملكا من السماء يحمل رسوله إلى المدينة كما أسرى به ليلا من مكة إلى المسجد الأقصى و عرج به السماء ، و لكن جعل الهجرة فرصة كبيرة لنتعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم دروسا عظيمة في كيفية التفكير و التخطيط و الأخذ بالأسباب التي توصل إلى النجاح .
و لنبدأ بأول هذه الدروس ، فكيف يخرج النبي صلى الله عليه وسلم هو وصاحبه أبو بكر -رضي الله عنه- من بين هؤلاء الكفار دون أن يلحقوا بهما؟ فلو خرجا من مكة سالمين فإن المسافة طويلة بين مكة والمدينة وسوف يخرج وراءهما الكفار ويدركونهما، لابد إذن من الاختباء في مكان ما؛ حتى ييأس الكفار من البحث عنهما، ومن هنا وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم خطة محكمة لتتم الهجرة بسلام.
فأمام بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف مجموعة من شباب قريش في الليل، ينتظرون حتى يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم، فينقضوا عليه و يقتلوه ، و كان هؤلاء الكفار يتطلعون بين الحين والحين إلى فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ليطمئنوا على وجوده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالنوم في فراشه، وأن يتغطى ببردته، وطمأنه بأن المشركين لن يؤذوه بإذن الله.
واستجاب علي -رضي الله عنه- بكل شجاعة وحماس، ونفذ ما أمره الرسول صلى الله عليه وسلم به، وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك تضليل المشركين، فإذا نظروا إليه من الباب ووجدوه في فراشه، ظنوا أنه صلى الله عليه وسلم ما زال نائمًا، وقد كانت عند الرسول صلى الله عليه وسلم أمانات كثيرة تركها المشركون عنده، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يردها إلى أصحابها، فأمر عليا أن ينتظر في مكة لأداء هذه المهمة، رغم أنهم أخرجوا المسلمين من ديارهم، وآذوهم، ونهبوا أموالهم ولكن المسلم يجب أن يكون أمينا.
و كان أبو جهل يقول لأصحابه متهكما برسول الله صلى الله عليه وسلم: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه أصبحتم ملوك العرب و العجم ، ثم بعثتم من بعد موتكم ، فدخلتم الجنة ، و إن لم تفعلوا ذبحكم ثم بعثتم من بعد موتكم فتدخلون النار تحرقون فيها.
ونام علي -رضي الله عنه- في فراش الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الباب، وخرج وفي قبضته حفنة من التراب فنثرها على رءوس المشركين، وهو يقرأ سورة يس إلى قوله تعالى: {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون} _[يس: 9] وإذا برجل يمر عليهم فرأى التراب على رءوسهم، فقال لهم: خيبكم الله، قد خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا، أفما ترون ما بكم؟ فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه التراب.
فنظروا من الباب، فوجدوا رجلا نائما في مكان الرسول صلى الله عليه وسلم وعليه غطاؤه، فقالوا: هذا محمد في فراشه، وعليه بردة، ثم اقتحموا دار النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدوا عليا في فراشه، فخرجوا يبحثون عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كل مكان، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم خلال هذه الفترة قد وصل إلى بيت صاحبه أبي بكر -رضي الله عنه- وعزما على الذهاب إلى غار ثور ليختبئا فيه.
وحمل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- كل ماله، وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب صغير في نهاية المنزل حتى لا يراهما أحد، وانطلقا حتى وصلا الغار، وهناك وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل أبوبكر
أولا؛ ليطمئن على خلو الغار من الحيات والعقارب، ثم سد ما فيه من فتحات حتى لا يخرج منها شيء، وبعد ذلك دخل الرسول صلى الله عليه وسلم.
و ها هي ذي أسماء بنت أبي بكر يدخل عليها جدها أبو قحافة بعد أن علم بخروج ولده أبي بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، و كان رجلا كبيرا قد عمى ، يسألها عما تركه أبو بكر في بيته ويقول: والله إني لأراه فجعكم بماله مع نفسه ، قالت : كلا يا أبت ! إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا ، و أخذت أحجارا فوضعتها في المكان الذي كان أبوها يضع ماله فيه، ثم وضعت عليها ثوبا ، ثم أخذت بيده وقالت : يا أبت ، ضع يدك على هذا، فوضع يده عليه فقال: لا بأس ، فإن كان ترك لكم هذا فقد أحسن ، وفي هذا بلاغ لكم .
أما كفار مكة فإنهم حيارى ، يبحثون عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه ويضربون كفا بكف من الحيرة والعجب، فالصحراء على اتساعها مكشوفة أمامهم، ولكن لا أثر فيها لأحد ولا خيال لإنسان، فتتبعوا آثار الأقدام، فقادتهم إلى غار ثور، فوقفوا أمام الغار، وليس بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه سوى أمتار قليلة، حتى إن أبا بكر رأى أرجلهم فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما)
[متفق عليه].
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد انصرف القوم، ولم يفكر أحدهم أن ينظر في الغار، وسجل القرآن هذا، فقال تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم} [التوبة: 40].
ومكث الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار ثلاثة أيام، وكان عبدالله بن أبي بكر يذهب إليهما بأخبار الكفار ليلا، وأخته أسماء تحمل لهما الطعام، أما عامر بن فهيرة راعي غنم أبي بكر فقد كان يسير بالأغنام فوق آثار أقدام عبدالله وأسماء حتى لا يترك أثرًا يوصل إلى الغار، وبعد انتهاء الأيام الثلاثة، خف طلب المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فخرجا من الغار، والتقيا بعبد الله بن أريقط، وقد اتفقا معه على أن يكون دليلهما في هذه الرحلة مقابل أجر.تحرك الركب بسلام، وأبو بكر لا يكف عن الالتفات والدوران حول النبي صلى الله عليه وسلم خوفا عليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن ، ولا يلتفت حوله فهو واثق من نصر الله -تعالى- له، ولا يخشى أحدا ، و بينما أبو بكر يلتفت خلفه إذا بفارس يقبل نحوهما من بعيد ، كان الفارس هو سراقة بن مالك وقد دفعه إلى ذلك أن قريشا لما يئست من العثور على الرسول صلى الله عليه وسلم و صاحبه ، جعلوا مائة ناقة جائزة لمن يرده إليهم حيا أو ميتا.
فانطلق سراقة بن مالك بفرسه و سلاحه في الصحراء طمعا في الجائزة ، فغاصت أقدام فرسه في الرمال مرتين حين رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فنزل سراقة مسرعا عن الفرس ، حتى نزعت أقدامها من الرمال ، فأيقن سراقة أن الله تعالى يحرس رسوله صلى الله عليه و سلم ، و لن يستطيع إنسان مهما فعل أن ينال منه ، فطلب من رسول الله أن يعفو عنه ، و عرض عليه الزاد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (لا حاجة لنا ، ولكن عم عنا الخبر ) فوعده سراقة ألا يخبر أحدا ، و عاد إلى مكة ، وهكذا خرج سراقة يريد قتلهما وعاد وهو يحرسهما ويبعد الناس عنهما، فسار النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى المدينة تحرسهما عناية الله.
وأثناء رحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر إلى المدينة مرا بمنازل خزاعة ودخلا خيمة أم معبد الخزاعية، وكانت سيدة كريمة، تطعم وتسقي من مر بها، فسألاها: عما إذا كان عندها شيء من طعام؟ فأخبرتهما أنها لا تملك شيئا في ذلك الوقت، فقد كانت السنة شديدة القحط، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في جانب الخيمة فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟
فأخبرته أنها شاة منعها المرض عن الخروج إلى المراعي مع بقية الغنم، فقال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك، فقال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: نعم إن رأيت بها حلبا فاحلبها.
فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ضرعها، وسمى الله ودعا، وطلب إناء فحلب فيه حتى علته الرغوة، فسقاها فشربت حتى شبعت، وسقى رفيقيه أبا بكر وعبد الله بن أريقط حتى شبعا، ثم شرب، وحلب فيه ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه صلى الله عليه وسلم وانصرف.
الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء :علم أهل المدينة بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، فكانوا يخرجون كل يوم بعد صلاة الصبح إلى مشارف المدينة ، و عيونهم تتطلع إلى الطريق ، و تشتاق لمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم ، ولا يعودون إلى بيوتهم إلا إذا اشتد حر الظهيرة ، ولم يجدوا ظلا يقفون فيه.
وفي يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول انتظر أهل يثرب رسول الله صلى الله عليه وسلم كعادتهم ، حتى اشتد الحر عليهم ، فانصرفوا لبيوتهم ، وبعد قليل أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، فأبصرهما رجل يهودي كان يقف على نخلة ، فصاح بأعلى صوته : يا بني قيلة ، هذا صاحبكم قد جاء ، فأسرع المسلمون لاستقبال نبيهم وصاحبه أبي بكر الذي كان يظل رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه من حر الشمس .
و بينما الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء ، في بيت سعد بن خيثمة يستقبل الوافدين عليه ، أقبل علي بن أبي طالب من مكة بعد أن ظل فيها ثلاثة أيام بعد خروج الرسول صلى الله عليه و سلم ؛ ليرد الأمانات إلى أهلها ، وقد ظل الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء أربعة أيام يستقبل أهل المدينة ، و عندما أقبل يوم الجمعة ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء متوجها للمدينة بعد أن أسس مسجد قباء ، وهو أول مسجد بني في الإسلام، وقال الله -عز وجل- عنه: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} _[التوبة: 108].
وكانت الهجرة حدثا فاصلا بين عهدين ، فقد أعز الله المسلمين بعد أن كانوا مضطهدين ، وصارت لهم دار آمنة يقيمون فيها ، و مسجد يصلون فيه ، و يؤدون فيه شعائرهم ، ويتشاورون في أمورهم، لهذا كله اتفق الصحابة على جعل الهجرة بداية للتاريخ الإسلامي، فقد تحول المسلمون من الضعف و الحصار و الاضطهاد إلى القوة و الانتشار ورد العدوان .
الرسول في المدينة
كانت يثرب قبل الهجرة تموج بالصراعات و الحروب و الدسائس ، فنار العداوة مشتعلة بين قبيلتي الاوس و الخزرج ، و الحرب بينهما سجال ، فإذا انتصر أحدهما عمل الآخر بكل طاقته على إلحاق الهزيمة به ، حتى فني الرجال ، و ترملت النساء و تيتم الأبناء ، و كان اليهود يقفون خلف الستار ، يزيدون النار اشتعالا ، فيمدون الطرفين بالسلاح ، و يثيرون بينهما العداوات و الفتن ؛ آملين أن يقضي بعضهم على بعض ، حتى تكون لليهود السيادة و الكلمة الأولى في المدينة .
و اجتمع أهل يثرب على ( عبدالله بن أبي بن سلول ) لتكون له الكلمة العليا في إدارة المدينة ، و لكن الله أراد السلامة للمدينة ؛ و أراد لها أن تكون مركز الدولة الإسلامية ، فأقبل موكب رسول الله صلى الله عليه و سلم على المدينة ، فاستقبله أهلها استقبالا عظيما ؛ و كان أمل كل واحد منهم أن يستضيف الرسول صلى الله عليه و سلم في بيته ، فكلما مرت الناقة التي تحمل رسول الله صلى الله عليه و سلم ببيت ، خرج أهل ذلك البيت ، و تعلقوا بزمامها ، و هم يرجون أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهم ، فكان يقول لهم : ( دعوا الناقة فإنها مأمورة ) أي اتركوا الناقة فإنها ستقف وحدها حيث أمرها الله تعالى .
وفي مكان يملكه يتيمان من بني النجار أمام دار أبي أيوب الأنصاري بركت الناقة ، فقال صلى الله عليه وسلم: (هذا إن شاء الله المنزل) فحمل أبو أيوب رحل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته. [ابن إسحاق] وإذا بفتيات صغيرات من بني النجار ، يخرجن فرحات بمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم و ينشدن :
نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد مـن جار
و في بيت أبي أيوب الأنصاري المكون من طابقين ، نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم في الطابق السفلي ، فقال له أبو أيوب : يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، إني لأكره و أعظم أن أكون فوقك ، و تكون تحتي ، فاظهر (اصعد) أنت فكن في الأعلى ، وننزل نحن فنكون في السفل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يا أبا أيوب، إنه لأرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في أسفل البيت) _[أحمد].
وهكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يثقل على أهل البيت، وكان الصحابي أبو أيوب الأنصاري كريما في ضيافته، فإن صنع طعاما لا يأكل هو زوجته إلا بعد أن يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منه أولا، ثم يأكلان من موضع أصابعه حبا فيه و طلبا لبركته .
بناء المسجد :
عاش المسلمون في المدينة حياة آمنة مطمئنة ، يغشاها الهدوء و السكينة ، و رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم في وطنهم الجديد ، لقد أصبحت لهم دولة دينها الإسلام ، وقائدها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان أول ما فكر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو بناء مسجد يجتمعون فيه، فيؤدون فيه صلاتهم، ويقضون أمورهم، ويتشاورون فيما يخصهم، فاشترى صلى الله عليه وسلم الموضع الذي بركت فيه الناقة؛ ليبني فيه المسجد.
وتجمع المسلمون لبناء المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، ينظف المكان، ويحمل معهم الطوب، ويشارك في البناء، فهذا يقطع النخيل، وهذا يحفر أماكن الأعمدة، وذاك يقيم الجدار، وآخر يعد الطين، وهذا يحمل الطوب، كلهم ينشدون:
لَئِنْ قَـعَـدنا والنبــي يَعمَــل لـَذَاك منـَّا العمـلُ المضَـلَّلُ
وينشدون أيضًا::
لا عَيْشَ إلا عيـشُ الآخِـرَة اللَّهُمَّ فارحَمِ الأنْصَارَ والمهاجِرَة
ومن المسجد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظم دولته، وكان أهم شيء في هذه الدولة هم الأفراد الذين يعيشون فيها؛ لأنها تنهض بهم وتعتمد عليهم، فكان المسلمون في المدينة عندئذ قسمين:
-المهاجرون، وهم أهل مكة الذين هاجروا بدينهم إلى المدينة.
-الأنصار، وهم أهل المدينة الأصليون، الذين اعتنقوا الإسلام، واستضافوا المسلمين في بلدهم، ونصروا الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي بداية الهجرة كان المهاجرون في المدينة يعانون من الوحشة والإحساس بالغربة، فحياة المدينة و جوها يختلفان عن مكة، مما جعل أكثرهم يتعرض للمرض ، فتوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه ودعاه أن يحبب المدينة إلى قلوب المهاجرين، وأن يزيل مرض الحمى عنهم، فاستجاب الله تعالى لنبيه وحبَّبَ إلى المهاجرين العيش في المدينة، وصاروا يتحركون في شوارعها، و سوقها بحماس ومرح كأنهم ولدوا ونشئوا فيها.
الصلح بن الأوس والخزرج :وكان الأنصار قبيلتين كبيرتين : الأوس ، و الخزرج ، و كانت الحروب لا تنقطع بينهما قبل أن يعتنقوا الإسلام ، فصالح الرسول صلى الله عليه وسلم بينهما ، و نزع الله من قلوبهم العداوة و الكراهية ، وحل محلها الحب و المودة و الوئام .
المؤاخاة :والآن بعد أن استقر المهاجرون، وصلح حال الأنصار، بقي أن يندمجوا سويًّا فيصبحوا أخوة مسلمين، فلا فرق بين مهاجر وأنصاري، لذلك آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فجعل لكل مهاجر أخًا من الأنصار، فأبو بكر الصديق أخ لخارجة بن زهير، وعمر بن الخطاب أخ لعتبان بن مالك، وعبد الرحمن بن عوف أخ لسعد بن الربيع، ولم تكن الأخوة مجرد كلمة تقال، بل طبقها المسلمون تطبيقًا فعليًّا فهذا سعد بن الربيع الأنصاري يأخذ أخاه
عبد الرحمن بن عوف، ويعرض عليه أن يعطيه نصف ما يملك، ولكن عبد الرحمن بن عوف يشكره ويقول له: بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن دُلَّني على السوق، وذهب عبدالرحمن إليه فربح وأكل من عمل يده. _[البخاري].
ولم يقتصر ذلك على سعد بن الربيع بل فعله كثير من الصحابة حتى إنه كان يرث بعضهم بعضًا بناءً على هذه الإخوة، فيرث المهاجر أخاه الأنصاري، ويرث الأنصاري أخاه المهاجر، وظلوا على ذلك حتى جعل الله التوارث بين ذوي الأرحام، وقد أثنى الله -عز وجل- على المهاجرين والأنصار، فقال تعالى: {للفقراء والمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون . والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} _[الحشر: 8-9].
وجمعهم الله سبحانه في آية واحدة، فقال تعالى: {والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقًّا لهم مغفرة ورزق كريم} [الأنفال: 74] وفي هذا المجتمع الآمن المستقر، حيث يحب كل مسلم أخاه، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه أمور دينهم فيدعوهم إلى كل خير، وينهاهم عن كل شر، وهم ينفذون ذلك راضين سعداء بهداية الله لهم، ووجود رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، وبدأ الناس يتوافدون إلى المدينة، معلنين إسلامهم وانضمامهم لهذه الدولة المنظمة.
اليهود في المدينة :وكان يسكن مع المسلمين في المدينة اليهود وبعض المشركين الذين يحقدون على الإسلام، ويكرهون قيام دولته، لذلك وضع الرسول صلى الله عليه وسلم معاهدة تنظم العلاقة بين المسلمين وغيرهم حتى يأمن مكر الكفار، وهذه بعض المبادئ التي احتوتها المعاهدة:
1- المهاجرون والأنصار أمة من دون الناس يتعاونون فيما بينهم، وهم يد واحدة على من عاداهم .
2- دماؤهم محفوظة ، فلا يقتل مؤمن مؤمنا ، ولا ينصر مؤمن كافرا على أخيه المؤمن .
3- لليهود حريتهم الدينية فلا يجبرون على الإسلام .
4- اليهود الذين يسكنون المدينة يشاركون في الدفاع عنها ، ولا يعينون أعداء الإسلام ، ولا ينصرونهم .
5- كل ظالم أو آثم أو متهاون خائن لا ينفذ ما في هذا العهد عليه اللعنة و الغضب ، ويقوم الآخرون بحربه .
6- إذا حدث خلاف في أي أمر، فإن الحكم هو كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
وهكذا وضح الرسول صلى الله عليه وسلم حقوق كل طائفة في المدينة و واجباتها ، و رسم المنهج الذي يتعاملون به بكل أمانة و عدل ، فلم يظلم اليهود بل حفظ لهم حقوقهم ، و رغم ذلك أظهر اليهود و جههم القبيح ، و كراهيتهم للرسول صلى الله عليه وسلم رغم علمهم أنه صادق ، و اتضح ذلك في موقفهم من عبدالله بن سلام عندما أسلم .
فقد كان عبد الله بن سلام من علماء اليهود ، ومن ساداتهم ، فلما أسلم كتم إسلامه ، و لم يخبر اليهود ، وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسألهم عنه أولا ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال : ( أي رجل فيكم ابن سلام ؟ ) قالوا : ذاك سيدنا و ابن سيدنا ، و أعلمنا و ابن أعلمنا ، فقال : ( أفرأيتم إن أسلم ؟) فقالوا : حاشا لله ، ما كان ليسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يابن سلام ، اخرج عليهم ) فخرج فقال لهم: (يا معشر يهود ، اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، وأنه جاء بالحق ) فقالوا: كذبت. [البخاري].
و هكذا كانت عداوة اليهود للنبي صلى الله عليه و سلم و للمسلمين واضحة منذ أول يوم في المدينة رغم أنهم يعرفون أنه رسول الله حقا و صدقا ، وقد اشتدوا في تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و إظهار حقدهم عليه عند تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، و ظهرت سفاهة عقولهم واضحة حين تشاوروا فيما بينهم ، و اتفقوا أن يؤمنوا بدين الله أول النهار ، و يكفروا في آخره حتى يسعى الناس إلى تقليدهم ، و السير على خطاهم ، و لكن الله فضحهم بكفرهم في كتابه الحكيم ، و أظهر حقدهم على المسلمين بعد تآلف قلوب أهل المدينة من الأوس و الخزرج ، و سعيهم إلى الوقيعة فيما بينهم ، و لكنهم لم يفلحوا في ذلك .

زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة :
و بعد ثمانية أشهر من الهجرة كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أنهى بناء المسجد ، و استقر المسلمون في المدينة، فأتم الرسول صلى الله عليه وسلم زواجه بالسيدة عائشة ودخل بها، وكان قد عقد عليها قبل الهجرة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم بعد زواجه منها يقدرها ، و يفضلها ، فعن عمرو بن العاص قال: قلت يا رسول الله، أي الناس أحب إليك؟ قال: (عائشة) قلت: ومن الرجال؟ قال: (أبوها) _[الترمذي].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السيرة النبوية (الاسراء و المعراج - الرسول فى موسم الحج - الهجرة الى المدينة - الرسول في المدينة )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السيرة النبوية الرسول في موسم الحج
» السيرة النبوية الهجرة من مكة الى المدينة
» السيرة النبوية مرض الرسول ووفاته
» السيرة النبوية ميلاد الرسول ( و طفولته
» السيرة النبوية مجيء الوفود إلى الرسول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: