ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 زوال إسرائيل / من جزئين (الجزء الاول)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

زوال إسرائيل / من جزئين (الجزء الاول) Empty
مُساهمةموضوع: زوال إسرائيل / من جزئين (الجزء الاول)   زوال إسرائيل / من جزئين (الجزء الاول) Emptyالثلاثاء أغسطس 03, 2010 5:28 am

زوال إسرائيل / من جزئين (الجزء الاول) F7eBl-2Yn6_184944298

زوال إسرائيل من جزئين الجزء الاول
2022
والله اعلم
نبوءة أم
صدف رقمية
إنها ملاحظات
لعلنا نعيد النظر في دراسة التاريخ
هل هناك قانون في عالم المادّة يحكم التاريخ وفق معادلات رياضية شاملة؟؟!
اعتذار
نضجت فكرة هذا البحث قبيل عملية الإبعاد التي نفذتها " إسرائيل " بتاريخ 17-12-1992م. إلا أنني تمكنت من تدوينها في هذا الكتيب في أرض المنفى بالقرب من قرية (مرج الزهور) في الجنوب اللبناني.
لذا لم أتمكن من تحقيق شكليات الرجوع إلى المصادر والمراجع، إلا ما تيسر لي في هذا المكان القفر.
فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً
[الإسراء، الآية:7]
مدخل
يطمح البشر بقوة إلى معرفة المستقبل، وكشف أستار الغيب. وقد شاء اللهُ تعالى أن يُطلع عباده على بعض الغيب لحكمة يريدها، فكانت النبوءات يأتي بها الأنبياء والرسل فتكونَ دليلاً على صدق النبوة والرسالة، وتكون دليلاً على أن علم الله كامل، فيدرك الناسُ بعض أسرار القدر. ولما شاء الله أن يختم الرسالات، وشاء أن يرفع صفات النبوة، أبقى الرؤيا الصادقة، والتي هي اطلاع على الغيب قبل وقوعه، ليعلم الناس ما عجزوا عن تصوره ألا وهو علم الله تعالى بالأشياء قبل وجودها، فيدرك الإنسان أن عجزه عن تصور الأشياء لا ينفي وجودها.
الأمثلة في القرآن والسنة كثيرة. يقول سبحانه وتعالى في سورة الروم: غلبت الروم في أدنى الأَرضِ وَهُم مِن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبُونَ. فِي بِضعِ سِنِينَ لِلَهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ وَيومئذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللَهِ..[1]
ويقول سبحانه وتعالى: لَقَد صدقَ اللهُ رَسولهُ الرؤيا بالحق لتدخلُن المسجدَ الحرام إن شاءَ اللهُ ءامنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا [2]
ويقول الرسول  : (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود...) والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا.
ليس هذا مقام بسط الحديث في حكمة الإخبار بالغيب ودور ذلك في حياة الناس. إلا أن البعض يرى أن النبوءات تورث التواكل والتقاعس!! وهذا الرأي قد يجدُ مصداقيةً علي الصّعيد النظري، أو بعبارة أخرى على صعيد الجدل العقلي البعيد عن محاكمة الواقع. أما على الصعيد العملي والواقعي، فان للنبوءات الأثر البالغ في رفع الهمم، واجتثاث اليأس من القلوب، ودفع الناس للعمل. وتاريخ الصحابة أصدق شاهد على ذلك.
هل جلس سرا قةُ في بيته حتى يأتيه سوارَا كسرى؟ وهل تقاعس الصحابة عن فتح بلاد فارس وقد أخبرهم الرسول بحصول ذلك؟ وهل.... وهل ؟. ليس بإمكان المسلم أن يترك واجبا، والمسلم يطلب رضى الله بالدرجة الأولى، أما النتائج فيرجوها ولا يجعلها غاية في سعيه. هب أنني تقاعست لعلمي بحصول النتيجة، فما الذي يمكن أنْ أجنيه وقد خسرتُ نفسي؟! والدنيا دار ابتلاء وامتحان، وليست بدار مثوبة:واًلو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً. لنفتنهم فيه.....[3]
عشرةُ آلافٍ من المشركين يُحاصرون المدينة المنورة، حتى بلغت القلوب الحناجر، وحتى ظن الصحابة بالله الظنون، في مثل هذا الجو جاءت البشرى: (... اللهُ أكبر أُعطيتُ مفاتح كسرى... اللهُ أكبر أُعطيتُ مفاتح قيصر..). نعم فلا يصح أنْ نترك الناس يصلون مرحلة اليأس المطبق:  إنهُ لا ياْيئس من روح الله إلا القوم الكافرون[4] يجب أنْ يتحرك الإنسان بين قطبي الخوف والرجاء فلا هو باليائس، ولا هو بالآمن:فلا يأمنُ مكرَ اللهِ إلا القومُ الخاسرونَ[5]. واليوم وقد أحاط اليأس بالناس حتى رفعوا شعاراً يقولون :"ما البديل؟‍‍‍" في مثل هذا الواقع ما أجدرنا أن نفتح للناس أبواب الأمل مع التنبه التام حتى لا ننزلق فنصبح من أهل الشعوذة والكهانة، فالإسلام حربٌ على كلِ ضروب العرافة والكهانة والشعوذة.
في هذا الكتيب نحاول أن نُفسر النبوءة القرآنية الواردة في سورة الإسراء تفسيراً ينسجم مع ظاهر النص القرآني، ويتوافق مع الواقع التاريخي. ثم نُشفع ذلك بمسلك جديد يقوم على أساس من عالم الأعداد يصح أن نُسميه :"التأويل الرياضي" أو "التأويل العددي". ويغلب على ظني أن الأعداد ستُدهشُ القارئ كما سبق وأدهشتني ودفعتني في طريق لم اكن أتوقعه. وسيجد القارِئ أن العدد "19" هو الأساس في هذا التأويل، مما يجعله يتساءَل: لماذا العدد "19"؟
القصة طويلة، والحديث في مسألة العدد "19" وما ثار حوله من جدال وشبهات، يحتاج إلى تفصيل وإسهاب. وهذا ما فعلتُهُ في كتابي: “عجيبة تسعة عشر بين تخلف المسلمين وضلالات المدعين" والذي طُبع الطبعة الأولى عام (1991م). ثم وفقني الله إلى صياغة الطبعة الثانية هنا في( مرج الزهور) والأمل أن يصدر عن (دار النفائس) في بيروت قريباً إن شاء الله.[6]
بعد الحديث عن حقيقة رشاد خليفة، وحقيقة بحثه، أقوم بتعريف القارئ بالخطأ والصواب في موضوع العدد (‌‌19) في القرآن الكريم. فالقضية استقرائية ورياضية، لا مجال فيها لقيل وقال، ولا مجال أن يستغلها الذين في قلوبهم زيغ من البهائيين وغيرهم.
بناء رياضي مذهل، وإعجازٌ سيكون له ما بعده، ولن يستطيع أحد أن يَحُول بيننا وبين ما يريد أن يجليه الله من كتابه العزيز:  كتب الله لأغلبن أنا ورسلي. لقد بذلت ما في وسعي لأضع هذه الأمانة في أعناق علماء الأمة لعلمي أن هذا الأمر لا يطيقهُ فرد، ولا حتى جماعه. وأملي كبير أن ينهض أهل العزم بهذه المسؤولية لتتم النعمة على المسلمين وعلى الناس أجمعين.
من يقرأ الكتاب الخاص بالعدد (19) سيدرك بشكل جلي معنى أن تقوم المعادلة التاريخية في هذا الكتيب على العدد (19). وأقول للذي لم يقرأ الكتاب: إن هناك بناءً رياضياً مدهشاً يتعلق بالكلمات والأحرف القرآنية، ويقوم على أساسٍ من الرقم (19). وإن هناك ما يُشير إلى أنهُ أساسٌ في عالم الفلك. ويدهشك في هذا الكتيب أن تكتشف أنه قانون في التاريخ أيضا.
يتألف هذا الكتيب من فصلين: الفصل الأول تفسير للنبوءة القرآنية الواردة في سورة الإسراء والمتعلقة بزوال دولة إسرائيل من الأرض المباركة. والفصل الثاني تأويل رياضي لهذه النبوءة ينسجم مع التفسير في الفصل الأول، ويضفي عليه مصداقية رياضية. وهو مسلكٌ جديد نأمل أن يكون مفتاحاً لكثير من أبواب الخير.
رب اغفر لي ولوالدي، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.
والله الموفق
الفصل الأول
التفسير
قبل الهجرة بسنة، كانت حادثة الإسراء والمعراج، فكانت زيارة الرسول  للأرض المباركة، للمسجد الأقصى الذي بارك اللهُ حوله. وانطلق عليه السلام من للذي ببكة مباركا، إلى المسجد الذي باركنا حوله. من أول بيت وضع للناس، إلى ثاني بيت وضع للناس. في ذلك الوقت كانت القدس محتلة من قبل الرومان، وكان المسجد الأقصى مجرد آثار قديمة ومهجورة. وعلى الرغم من ذلك فقد بقيت له مسجديته التي ستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لم يكن لليهود وجود يُذكر في مكة المكرمة، ولم يكن لهم أيضاً وجود في القدس منذ العام (135 م)، عندما دمر (هدريان) الروماني الهيكل الثاني، وحرث أرضه بالمحراث، وشرد اليهود وشتتهم في أرجاء الإمبراطورية الرومانية، وحرم عليهم العودة إلى القدس والسكنى فيها. وعندما أُسريَ بالرسول  كان قد مضى على هذا التاريخ ما يقارب ال (500) عام، وهي مُدة كافية كي ينسى الناس أنه كان هناك يهود سكنوا الأرض المباركة.
بعد حادثة الإسراء نزلت فواتح سورة ( الإسراء)، أو سورة (بني إسرائيل). واللافت للنظر أن ذكر الحادثة جاء في آية واحدة: سُبحانَ الذي أسرى بعبدهِ ليلاً مِنَ المَسْجِدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأَقْصى الذي باركنا حولهُ لنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إنهُ هُوَ السميعُ البَصير. ثم كان الحديث: وآتينا موسى الكتابَ وجعلناهُ هدىً لبني إسرائيلَ ألا تتخِذوا مِنْ دوني وَكيلا.... وقضَيْنَا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لتُفْسِدُن في الأرضِ مَرتَيْن... فَإذا جاءَ وعْدُ أُولاهُما... فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآخِرَة... فما علاقة موسى عليه السلام، وما علاقة بني إسرائيل بتلك الحادثة وتلك الزيارة ؟! وما علاقة النبوءة التي جاءت في التوراة قبل ما يقارب ال (1800) سنة بهذه الحادثة ؟!
هل يتوقع أحد أنْ يخطر ببال المفسرين القدماء إمكانية أن يعود لليهود دولة في الأرض المباركة ؟! أقول: الدولة الأموية، والدولة العباسية، والدولة العثمانية، كانت كل واحدة منها أعظم دولة في عصرها. فأيُ مفسر هو هذا الذي سيخطر بباله أن المرة الثانية لم تأت بعد ؟! وإن خطر ذلك بباله فهل ستقبل عاطفته أن يخط قلمه مثل هذه النبوءة التي تتحدث عن سقوط القدس في أيدي اليهود الضائعين المشردين والمستضعفين؟! من هنا نجد أن المفسرين القدماء ذهبوا إلى القول بأن النبوءة التوراتية قد تحققت بشقيْها قبل الإسلام بقرون. ونحن اليوم نفهم تماماً سبب هذا التوجه في التفسير، لكننا أيضاً نُدرك ضعفه ومجافاته للواقع. ومن هنا نجد الغالبية من المفسرين المعاصرين تذهب إلى القول بأن المرة الثانية تتمثل بقيام إسرائيل عام (1948 م).
المفسر الحقيقي للنبوءات الصادقة هو الواقع، لأن النبوءة الصادقة لا بد أن تتحقق في أرض الواقع. ومن هنا لا بُد من أن نستعين بالتاريخ قدر الإمكان لنصل إلى فهمٍ ينسجم مع ظاهر النص القرآني حتى لا نلجأ إلى التأويل الذي لجأ إليه الأقدمون وبعض المعاصرين. ونحن هنا لا نعطي التاريخ الصدقية التامة، فمعلوم لدينا أن الظن هو القاعدة في عالم التاريخ، لكننا في الوقت نفسه لا نجدُ البديل الذي يجعل تفسيرنا أقرب إلى الصواب، فنحن فقط نحاول أن نقترب من الحقيقة.
قضى الله في التوراة أن بني إسرائيل سيدخلون الأرض المباركة، وسيقيمون فيها مجتمعاً (دولة)، ثم يُفسدون إفساداً كبيراً تكون عقوبته أن يبعث الله عليهم عباداً أقوياء يجتاحون ديارَهم، وسيتكرر إفسادهم، فيبعث اللهُ العباد مرة أخرى، فيدمرون ويهلكون كل ما يسيطرون عليه إهلاكاً وتدميرا، وإليك بيان ذلك:
بعد وفاة (موسى) عليه السلام، دخل (يوشع بن نون) ببني إسرائيل الأرض المقدسة التي كتب اللهُ لهم أن يدخلوها: يا قَوْمِ ادْخُلوا الأرضَ المُقدسَةَ التي كتَبَ اللهُ لَكُمْ[7]، وبذلك تحقق الوعد لهم بالدخول وبإقامة مجتمع إسرائيلي. وقد تمكن (داود) عليه السلام من فتح القدس، وإقامة مملكة. ومن هنا نجد (كتاب الملوك الأول) في (العهد القديم) يُستهل بالحديث عن شيخوخة داود عليه السلام وموته. ومع أن (العهد القديم) قد نسب إلى داود عليه السلام ما لا يليق بمقامه، إلا أنه حكم له بالصلاح على خلاف ابنه وخليفته سليمان عليه السلام. جاء في الإصحاح الحادي عشر، من سفر الملوك الأول: (... فاستطعن في زمن شيخوخته أن يغوين قلبه وراء آلهة أُخرى، فلم يكن قلبه مستقيماً مع الرب ألهه كقلب داود أبيه. وما لبث أن عبد عشتاروت... وارتكب الشر في عيني الرب، ولم يتبع سبيل الرب بكمال كما فعل أبوه داود). أقول: إننا نتفق مع كتبة العهد القديم على أن لداود عليه السلام ولد اسمه (سليمان)، وأنه كان حكيما، وأَنه ملك بعد وفاة أبيه. ولكننا نخالفهم في النظرة إليه عليه السلام، فهو كما جاء في القرآن الكريم: وَوَهَبْنا لِدَاودَ سُليْمانَ نِعْمَ العَبْدُ إنهُ أَواب[8]. من هنا نعتبر أن الفساد بدأ بعد وفاة سليمان عليه السلام، عندما انقسمت دولة النبوة إلى دولتين متنازعتين، وانتشر الفساد وشاعت الرذيلة. جاء في مقدمة (كتاب الملوك الأول)[9]: (... يبين كتاب الملوك الأول، بشكل خاص، تأثير المساوئ الاجتماعية المُفجِع على حياة الأمة الروحية).
تُوفي سليمان عليه السلام عام (935 ق.م)[10]، فحصل أن تمرد عشرة أسباط ونصبوا (يربعام بن نابط) ملكاً على (مملكة إسرائيل) في الشمال. ولم يبق تحت حكم (رحبعام بن سليمان) سوى سبط (يهوذا). وهكذا نشأت مملكة (إسرائيل) في الشمال، ومملكة (يهوذا) في الجنوب، وعاصمتها القدس. وكان الفساد، فكان الجوس من قبل الأعداء الذين اجتاحوا المملكتين في موجات بدأها المصريون، وتولى كبرها الأشوريون، والكلدانيون، القادمون من جهة الفرات. جاء في مقدمة (كتاب الملوك الثاني): "ففي سنة 722 ق.م هاجم الأشوريون مملكة إسرائيل في الشمال ودمروها؛ وفي سنة 586 ق.م زحف الجيش البابلي على مملكة يهوذا في الجنوب وقضوا عليها… ففي هذا الكتاب نرى كيف سخر الله الأشوريين، والبابليين، لتنفيذ قضائه بشعبي مملكة يهوذا وإسرائيل المنحرفين. يجب التنويه هنا أن الخطيئة تجلب الدينوية على الأمة أما البر فمدعاة لبركة الله. يكشف لنا كتاب الملوك الثاني أن الله لا يُدين أحداً قبل إنذاره، وقد بعث بأنبيائه أولاً ليُحذروا الأمة من العقاب الإلَهي"[11].
يلحظ أن دولة إسرائيل الشمالية كانت تشمل معظم الشعب (عشرة أسباط) وكانت هي سبب تمزق دولة سليمان عليه السلام، وحصول الشقاق في الشعب الواحد، وقد زالت وشُرد شعبها قبل مملكة (يهوذا) بما يقارب (135) سنة. وبعد فناء الدولتين حاول الإسرائيليون أن يعيدوا الأمجاد السابقة ففشلوا. أما نجاح بعض الثورات فلم يتعد الحصول على حكم ذاتي، أو مُلك تحت التاج الروماني، لذلك نجدُ كُتب التاريخ تتواطأ على القول أن زوال مملكة يهوذا هو زوال الدولة الإسرائيلية، فلم تولد مرة ثانية إلا عام (1948 م).
لماذا أنزلت النبوءة مرة أخرى بعد نزولها الأول في التوراة قبل الإسراء بما يقارب (1800) سنة ؟ أقول: لو كانت النبوءة قد تحققت كاملة قبل الإسلام لوجدنا صعوبة في فهم العلاقة. أما أن تكون المرة الأولى قد تحققت قبل الإسلام - وهذا ما حصل في الواقع - والثانية ستحقق في مستقبل المسلمين، فإن الأمر يكون مفهوما بشكل واضح، سيما وأننا نعيش زمن تحقق الثانية. وَقَضَيْناإلى بَني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدٌن في الأرضِ مرتينِ وَلَتَعْلٌن عُلواً كبيراً فَإِذا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعثْنا عَلَيْكُم عِباداً لنا أُولي بَأْسٍ شَديد فَجَاسوا خِلالَ الدِيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعولاً[سورة الإسراء].
وَقَضَينا إلى بَني إسرائيل : وإسرائيل هو (يعقوب) عليه السلام، وفق ما ورد في القران الكريم[12]. وأبناء إسرائيل هم الأسباط الاثنا عشر، وما توالد منهم . والقضاء هنا يخصهم بصفتهم مجتمعا، وهذا يستفاد من قوله تعالى : إلى بني إسرائيل. في الكتاب : أي التوراة، ويؤكد هذا قوله تعالى في الآية الثانية:
 وءاتَيْنا موسى الكتاب وجعلناه هُدىً لِبني إسرائيل. والمعروف أن التوراة نزلت لبني إسرائيل. وكان كل رسولٍ يُبعث إلى قومه خاصة، وبُعث محمد  إلى الناس كافة.
 لتُفْسِدُن في الأرضِ : واضح أن الكلام هو إخبار بالمستقبل. وبما أن الكتاب هو التوراة، فالنبوءة تتحدث عن المستقبل بعد زمن التوراة وليس بعد نزول القران الكريم . وقد وردت النبوءة في القران الكريم بصيغة الاستقبال، كقوله تعالى حكاية على لسان ابن آدم مخاطباً أخاه:  قالَ لأَقْتُلَنك.
 في الأرض: الإفساد في جُزء من الأرض هو إفساد في الأرض. والفساد هو خروج الشيء عن وظيفته التي خُلق لها، وهو درجات، منه الصغير، ومنه الكبير :
 وَلَتَعْلُن عُلواً كَبيراً : فهو إفساد عن علو وتجبر. وقد يكون الفساد عن ضعف وذلة. أما الفساد المنبأ به فهو عن علوٍ كبير. والعلو يفسره قول الله تعالى :
 إن فِرْعَونَ علا في الأرضِ وجعلَ أهْلها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفةً مِنْهُم يُذَبحُ أَبناءَهُم وَيَسْتَحيي نِساءَهُم إنهُ كانَ مِنَ المُفْسِدين[13]فإفساد المجتمع الإسرائيلي سيكون عن علو، واستكبار، وغطرسة، وإجرام.
 مرتين : هذا يؤكد أن الإفساد هو إفساد مجتمعي، وفي زمان ومكان معينين. أما الفساد الفردي فهو متكرر في كل لحظة.
 فإذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما: فإذا حصل الإفساد من قبل المجتمع الإسرائيلي في الأرض المباركة، وتحققت النبوءة‏ بحصول ذلك، عندها ستكون العقوبة.
بعثنا عليكم عباداً لنا : ذهب بعض المعاصرين إلى القول بأن العباد هم من المؤمنين، بدليل قوله تعالى :عباداً لنا. وقد ألجأهم هذا إلى القول بأن المرة الأولى هي المرة
التي تم فيها إخراج اليهود من المدينة المنورة في عصر الرسول، ثم دخول عمر بن الخطاب القدس فاتحا، وهذا بعيد عن ظاهر النص القرآني. ولا ضرورة لمثل هذا التأويل لان:
عباداً لنا تحتمل المؤمنين وغير المؤمنين مع وجود القرائن الكثيرة التي تدل على أنهم من غير المؤمنين. وإليك توضيح ذلك :
1- لم يرد تعبير عباداً لنا في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع فقط. وأهل اللغة من المفسرين القدماء لم يقولوا بأن عباداً لنا تعني مؤمنين. بل ذهبوا إلى القول إنهم من المجوس.
2- إذا صحت رسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الجند، والتي أخرجها (ابن سعد)في (الطبقات)، فستكون دليلاً على فهم الصحابة للآية الكريمة. يقول رضي الله عنه: "ولا تقولوا إن عدونا شر منا فلن يُسَلط علينا وإن أسأنا. فرب قومٍ سُلط عليهم شرٌ منهم، كما سُلط على بني إسرائيل لما أتوا مساخط الله كفرة المجوس، فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً".
لاحظ قوله رضي الله عنه: "كفرة المجوس فجاسوا خلال الديار" فهو يجزم أنهم "كفرة"، وقد استشهد بالمرة الأولى، وهذا يوحي بأن المرة الثانية لم تحدث بعد، إذ كان الأولى أن يستشهد بالمرة الثانية، لأنها أقرب في الزمان، وأدعى إلى الاعتبار.
3- نقرأ في القران الكريم:  ذَلِكَ يُخَوفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فاتقونِ]الزمر:16 [. أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ في ما كانُوا فيهِ يَخْتَلِفون]الزمر 46[نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى 42]إِن اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبيرٌ بَصير [فاطر 31 ]  ءَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُم عِبادِي هؤلاء أَمْ ضَلوا السبيل [الفرقان 17]
لاحظ الكلمات عباده.. عبادي.. عبادك.. عبادنا )في الآيات السابقة والتي تؤكد أن المقصود عموم البشر.
4- التخصيص في قوله تعالى: عباداً لنا يقصد به إبراز صفة قادمة وهي هنا: أُولي بأسٍ شديدٍ. فإذا قلت : ولدي ذكي، فهمنا أنك تقصد الحديث عن ولدك. أما إذا قلت: ولدٌ لي ذكي، فهمنا انك تقصد الحديث عن ذكاء ولدك بالدرجة الأولى.
5- ودليل أخر من حديث رسول الله  فقد أخرج مسلم في صحيحه في كتاب الفتن - باب ذِكْر الرجال - عند الحديث عن يأجوج ومأجوج "... فبينما هو كذلك، إذ أوحى اللهُ إلى عيسى عليه السلام: أني قد أخرجتُ عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم"لاحظ: "عباداً لي".
عباداً لنا أولي بأسٍ شديد: لا يتوهم أحد أن هذه الصفة لا تكون إلا في المسلمين، فقد جاء في سورة(الفتح):ستدعون إلى قومٍ أولي باسٍ شديد تقاتلونهم أو يسلمون[14]
فجاسوا خلال الديار: الجوس هو التردد ذهاباً وإياباً. ونحن في العامية نقول: "حاس الدار" إذا أكثر من الذهاب والإياب حتى ظهرت آثار ذلك في أرجاء البيت في صورة من الفوضى. وكذلك عندما نضع البصل في الزيت، ونضعهما على النار، ونكثر من التحريك والتقليب، نقول "إننا نحوس البصل". وإذا وقع إنسانٌ في مشكلة جعلته يضطرب فلا يعرف لحلها وجهاً نقول: "وقع في حوسة ". والحوس والجوس بمعنى واحد. والعقوبة هنا غير واضحة المعالم كالمرة الثانية، ولكنك تستطيع أن تتصورها عندما يجوس قوم أولوا باسٍ شديد ليس في قلوبهم إيمانٌ ورحمة.
بدأ الفساد بانقسام الدولة بعد موت سليمان عليه السلام عام(935 ق. م)، ثم كان جوس المصريين، فالآشوريين، فالكلدانيين. وبارتفاع وتيرة الفساد ارتفعت وتيرة الجوس وخطورته، حتى بلغ الذروة بتدمير الدولة الشمالية (إسرائيل)عام (722 ق.م). وبذلك تم قتل وسبي عشرة أسباط من الأسباط الإثني عشر. وبقي الجوس في الدولة الجنوبية (يهوذا) على الرغم من بعض الإصلاحات، وأبرزها إصلاحات (يوشيا) عام (621 ق.م)[15] إلى أن تم تدميرها من قبل الكلدانيين عام(586 ق.م). وبذلك تلاشت آثار المملكة التي أسسها داود وسليمان عليهم السلام.
عباداً لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار: الدارس للتاريخ يلاحظ:
1- أن الجوس قام به المصريون، والآشوريون، والكلدانيون (البابليون) وبذلك نلحظ دقة التعبير القرآني : عباداً هكذا بالتنكير.
2- كانت الأمم الثلاث قوية وشديدة البأس، وتجد ذلك واضحا في الروايات التاريخية.
3- دخلت جيوش هذه الأمم - خلال الديار - من غير تدمير لكيان المجتمع وأبقوا الملوك في عروشهم، حتى كان الملك (هوشع)، الملك التاسع عشر على مملكة (إسرائيل)، فزالت في عهده عام(722 ق.م). أما (يهوذا) فزالت عام (586 ق.م)في عهد الملكة (صدقيا) الملك التاسع عشر على مملكة (يهوذا). وبذلك انتهى الجوس. من هنا نلحظ دقة التعبير القرآني: خلال الديار.
4- تصاعدت وتيرة الفساد وتصاعد معه الجوس حتى كان الأوج عام (722 ق.م)، وعام (586 ق.م). من هنا ندرك دقة التعبير القرآني: لتفسدن في الأرض... ولتعلن علواً كبيراً. وكان وعداً مفعولاً : لا بُد أن يقع وينفذ.
بعد زوال المملكتين انتهت المرة الأولى، لكن جزءاً من اليهود عادوا إلى الأرض المباركة على مراحل، وبدأت عودتهم في عهد (كورش) الفارسي، الذي حرص على أن لا يقيم لهم دولة. ثم كان الاحتلال اليوناني عام (333 ق.م)، ثم الانباط، فالرومان الذين استمر احتلالهم للأرض المباركة حتى العام (636م)، أي عام فتح عمر بن الخطاب للقدس.
قام اليهود العائدون من الشتات بمحاولات عدة لتحقيق الاستقلال، أو الحصول على حكم ذاتي. وقد نجحت بعض هذه المحاولات لفترة محدودة حتى كان السبي على يد (تيطس) الروماني سنة(70م)، ثم السبي الأخير عام (135 م). وقد التبس الأمر على البعض، فذهبوا إلى القول إن المرة الثانية كانت عام (70 م) و(135 م)، لأن الهيكل الأول دُمر عام (586 ق.م)، ودُمر الهيكل الثاني عام (70م)، ومُحيت آثاره تماما عام (135 م).
على أية حال يمكننا بالرجوع إلى النص القرآني أن نلحظ أن هناك تعريفاً بالمرة الثانية يرفع كل التباس، وإليك بيان ذلك:
ثم: وهي للتراخي في الزمن : سنة... عشرات السنين... آلاف... لا ندري.
ثم رددنا لكم الكرة عليهم: تعاد الدولة لليهود على من أزال الدولة الأولى. ولم يحصل هذا في التاريخ إلا عام (1948 م)، إذ ردت الكرة لليهود على من أزال الدولة الأولى. والذين جاسوا في المرة الأولى هم: المصريون والأشوريون، والكلدانيون. أما التدمير الكامل فكان بيد الآشوريين والكلدانيين. وأحب هنا أن يعلم القارئ أن الآشوريين والكلدانيين هم قبائل عربية هاجرت من الجزيرة العربية إلى منطقة الفرات، ثم انساحت في البلاد، حتى سيطروا على ما يسمى اليوم العراق وسوريا الطبيعية. وقد أسلم معظم هؤلاء وأصبحوا من العرب المسلمين. وهذا ما حصل لأهل مصر أيضاً. أما اليونان والرومان فلم يكن لهم يد في زوال المملكة ولم تُرد الكرة لليهود عليهم. ولم يكن اليهود في يومٍ من الأيام أكثر نفيراً. أما نجاح اليهود في الحصول على شيء من الاستقلال في العهد اليوناني والروماني، فلا يمكن اعتباره رداً للكرة لأن اليونان والرومان لا علاقة لهم بالجوس الأول، ثم إن اليهود استطاعوا أن يحصلوا فقط على ما يسمى اليوم (الحكم الذاتي).
وأمددناكم بأموال لاحظ إيحاءات: أمددناكم، ثم أنظر واقع (إسرائيل) قبل قيامها وبعد قيامها إلى يومنا هذا، فقد قامت واستمرت بدعمٍ مالي هائل من قبل الغرب. ولا أيظن أنني بحاجة إلى التفصيل في هذه المسألة التي يعرفها الجميع.
وأمددناكم بأموالٍ وبنين : قوله تعالى: وبنين لا يعني أنهم لم يُمدوا بالبنات، إذ لا ضرورة للكلام عن البنات في الوقت الذي نتكلم فيه عن رد الكرة وقيام الدولة، وحاجة ذلك إلى الجيوش الشابة المقاتلة. قرأت في كتاب (ضحايا المحرقة يُتهمون) والذي قام على تأليفه مجموعة من الحاخامات اليهود، أن حكومة هتلر عرضت على الوكالة اليهودية أن تدفع الوكالة خمسين ألف دولار، مقابل إطلاق سراح ثلاثين ألف يهودي، فرفضت الوكالة هذا العرض مع علمها بأنهم سيقتلون. ويرى مؤلفو الكتاب أن سبب الرفض هو أن الثلاثين ألفاً هم من النساء، والأطفال، والشيوخ، الذين لا يصلحون للقتال في فلسطين. فقد كانت الوكالة اليهودية تحرص على تهجير العناصر الشابة القادرة على حمل السلاح، أي (البنين).
وجعلناكم أكثر نفيراً: والنفير هم الذين ينفرون إلى أرض المعركة للقتال. ومع أن العرب كانوا أكثر (عدداً)عام 1948 م، إلا أن اليهود كانوا أكثر نفيرا، ففي الوقت الذي حشد فيه العرب (20) ألفا، حشد اليهود أكثر من ثلاثة أضعاف (67) ألفا.
هناك ستة عناصر لقيام الدولة الثانية (الأخيرة) نجدها في القرآن الكريم، تُدهش وأنت تراها بعينها عناصر قيام دولة إسرائيل عام 1948 م:
1- تعاد الكرة والدولة لليهود على من أزال الدولة الأولى. وهذا لم يحصل في التاريخ إلا عام 1948 م كما أسلفنا.
2- تمد إسرائيل بالمال يساعدها في قيامها واستمرارها، ويظهر ذلك جليا بشكل لا نجد له مثيلا في دولة غير إسرائيل.
3- تمد إسرائيل بالعناصر الشابة القادرة على بناء الدولة. ويتجلى ذلك بالهجرات التي سبقت قيام إسرائيل والتي استمرت حتى يومنا هذا.
4- عند قيام الدولة تكون أعداد الجيوش التي تعمل على قيامها أكبر من أعداد الجيوش المعادية. وقد ظهر ذلك جليا عام 1948 م، على الرغم من أن أعداد العرب تتفوق كثيراً على أعداد اليهود.
5- يُجمع اليهود من الشتات لتحقيق وعد الآخرة. وهذا ظاهر للجميع[16].
6- عندما يُجمع اليهود من الشتات يكونون قد انتموا إلى أصول شتى، على خلاف المرة الأولى فقد كانوا جميعا ينتمون إلى أصل واحد وهو إسرائيل عليه السلام. أما اليوم فإننا نجد أن الشعب الإسرائيلي ينتمي إلى (70) قومية أو أكثر.
انظر إلى هذه العناصر الستة ثم قل لي: هل هناك عنصر سابع يمكن إضافته؟! وهل هناك عنصر زائد يمكن إسقاطه؟! وبذلك يكون التعريف جامعاً كما يقول أهل الأصول.
لم يرد تعبير : وعد الآخرة  في القران الكريم إلا في سورة الإسراء، في الآية (7)، والآية (104). والحديث في الآيتين عن بني إسرائيل: فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم، فإذا جاء وَعْدُ الآخرةِ جِئْنا بِكم لفيفافي بداية سورة الإسراء تم تفصيل الحديث في المرتين، وفي نهايات سورة الإسراء تم الإجمال في الحديث عن المرتين فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعاً (103) وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا(104) أي قلنا من بعد غرق فرعون لبني إسرائيل: اسكنوا الأرض المباركة، وبذلك يتحقق وعد الأولى. وقد كان القضاء بحصول المرتين بعد خروج بني إسرائيل من مصر. فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً. وهذا يعني أن اليهود بين(الأولى) و(الآخرة ) يكونون في الشتات، بدليل قوله تعالى :جئنا بكم ومن هذه الآية تم استنباط العنصر الخامس والسادس: "نجمعكم من الشتات في حالة كونكم منتمين إلى أصول شتى". وهذا معنى: جئنا بكم لفيفاً. والله أعلم. أما قولنا إن الأرض هي الأرض المباركة، فيظهر ذلك جليا في الآيتين 136، 137) من سورة الأعراف: فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآيتنا وكانوا عنها غافلين(136) وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفونَ مشارق الأرض ومغاربها التي بركنا فيها.. من هنا يمكن أن نوظف التاريخ لتحديد الأرض المباركة شرقاً وغرباً. والمعروف أن بني إسرائيل سكنوا واستوطنوا فلسطين والتي لم تكن في الصورة الجغرافية المعاصرة، إلا المشارق والمغارب. وقد بوركت فلسطين في القرآن الكريم خمس مرات وقُدست مرة واحدة:
1-وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي
باركنا فيها.
2- إلى المسجدِ الأقصا الذي بركنا حولهُ... [الإسراء: 1 [.
3- ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين[الأنبياء: 71[.
4- تجري بِأمرهِ إلى الأرض التي بركنا فيها]الأنبياء: 81 [.
5- وجعلنا بينهم وبين القرى التي بركنا فيها قرىً ظاهرةً] سبا:18 [.
6- يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة...]المائدة: 21 [.
تتحدث الآية الأولى عن الأرض التي سكنها بنو إسرائيل بعد إخراجهم من مصر وغَرَق فرعون. وهي الأرض المقدسة التي وُعِدوا أن يدخلوها في الآية السادسة.
أمّا المسجد الأقصى فمعلومٌ أنه في فلسطين. أمّا الآية الثالثة فتتحدث عن نجاة إبراهيم ولوط (عليهما السلام) إلى الأرض المباركة. ويتفق أهل التاريخ على القول بأن لوطاً عليه السلام كان في منطقة (أريحا)، في حين سكن إبراهيم عليه السلام (الخليل) ودفن فيها. أمّا الآية الرابعة فتتحدث عن سليمان عليه السلام، ومعلوم أن مملكته كانت في فلسطين، وعاصمتها القدس. أمّا الآية الخامسة فتتحدث عن العلاقة بين (سبأ) و(مملكة سليمان) عليه السلام ومعلوم أن مملكته عليه السلام تعدت في اتساعها حدود فلسطين المعاصرة. أمّا فلسطين فقد كانت الجزء الأساسي والرئيسي في مملكته.
إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتُم فلها وَعْظ يحمل معنى التهديد.
 فإذا جاء وعدُ الآخرة  : إذا تحقق وعد الإفسادة الثانية، وحصل من اليهود العلو والطغيان، عندها ستكون العقوبة:
ليسوءوا وجوهكمولم يقلليسوؤن وجوهكم. وفي الأولي كان جواب (إذا) هو (بعثنا). فأين جواب (إذا) في الثانية؟ أقول: هو أيضاً (بعثنا) والمعنى: فإذا جاء وعد الثانية بعثناهم لتحقيق ثلاثة أمور: ليسوءوا... وليدخلوا... وليتبروا.
ليسوءوا وجوهكم أي يُلحقوا العار بكم، أو يُسيئوا إليكم إساءة تَظْهر آثارها في وجوهكم. وقد يكون المقصود تدمير صورتهم التي صنعوها عبر الإعلام المزيف، بحيث تتجلى صورتهم الحقيقية، ويلحقهم العار، وتنكشف عوراتهم أمام الأمم التي خُدعت بهم سنين طويلة. وهذا يكون بفعل العباد الذين يبعثهم الله لتحقيق وعد الآخرة.
وَلِيَدْخُلوا المسجدَ المقصود المسجد الأقصى، والذي بُني بعد المسجد الحرام بأربعين سنة، وفق ما جاء في الحديث الصحيح.
 كما دخلوهُ أول مرةٍ تكون نهاية كل مرة بدخول المسجد الأقصى، وسبق أن بينا أن نهاية المرة الأولى كانت عام (586 ق.م)، إذ دُمرت دولة يهوذا. وسقطت القدس في أيدي الكلدانيين. أما اليوم فقد اتخذ الإسرائيليون القدس عاصمة لهم، ولا شك أن سقوط العاصمة، والتي هي رمز الصراع، لهو أعظم حدثٍ في المرة الثانية، والتي سماها الله (الآخرة)، مما يشير من طرفٍ خفي إلى أنْ لا ثالثة بعد الأخيرة. وهذا مما يعزز قولنا: إن هذه هي الثانية إذ لا ثالثة، وقد سبقت الأولى.
"وليتبروا ما علوا تتبيراً: يُدمرون، ويُهلكون، ويُفَتتون كل ما يسيطرون عليه، إهلاكا، وتدميرا، وتفتيتا". وذلك يوحي بأن المقاومة ستكون شديدة تؤدي إلى رد فعل أشد. و(ما) تدل على العموم وهي بمعنى (كل) والضمير في (عَلَوْا) يرجع إلى أعداء بني إسرائيل. ويجب أن لا ننسى لحظة أن المخاطَب في هذه النبوءة هم اليهود: لتفسدُن... ولتعلُن... عليكم... رددنا لكم... وأمددناكم... وجعلناكم... أحسنتم... أسأتم... وجوهكم... يرحمكم... عدتم لذلك يجب أن نَصْرِف الضمائر التالية إلى أعداء اليهود في المرتين : فجاسوا... عليهم... ليسوءوا... وليدخلوا... دخلوه.... وليتبروا... علوا... .
هل يكون التدمير في كل الأرض المباركة، أم في جزء منها؟ النص لا يبت في احتمال من الاحتمالين. ولكن يُلاحظ أن الحديث عن التتبير جاء بعد الحديث عن دخول المسجد الأقصى، مما يجعلنا نتوقع أن يكون التدمير في محيط مدينة القدس. وتجْدر الإشارة هنا إلى أن (الواو) لا تفيد ترتيباً ولا تعقيباً: ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد وليتبروا... ولكن الترتيب يرهص بذلك. ويمكن تصور تراخي الدخول عن إساءة الوجه أما الدخول والتتبير، فقد يسبق التتبير الدخول، وقد يتلازمان، وقد يأتي التتبير بعد الدخول وهذا بعيد إذا كان من سيدخل هم أهل الإيمان.
عسى ربكم أن يرحمكم: دعوة إلى التوبة والرجوع إلى الله.
وإن عُدتُم عُدنا وإن عدتم يا بني إسرائيل إلى الفساد عدنا إلى العقوبة، ترغيب وترهيب يُناسبان المقام. فهل يتعظ اليهود بعد هذا الحد؟ المتدبر للقرآن الكريم يُدرك أن فِئة منهم ستبقى تسعى بالفساد أينما حلوا. قال سُبحانهُ وتعالى في سورة الأعراف: وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب[17]. وقال سبحانه في سورة المائدة: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة...[18] وهذه عقوبات دنيوية تحل بهم لفسادهم.
إن هذا القرآنَ يهدي للتي هي أقوم..فهي إذن بشرى قرآنية.
ويُبشرُ المؤمنينَ الذين يعملون الصالحاتِ: فهي بُشرى للمؤمنين السالكين طريق الحق.
وَأن الذينَ لا يُؤمنون بالآخرةِ اعتدنا لهم عذاباً أليماً (10) هي بُشرى للمؤمنين وإنذار لبني إسرائيل الذين يؤمنون بالله والرسل بوجه من الوجوه، ولكنهم لا يؤمنون بالآخرة، فالعهد القديم يزيد عن الألف صفحة، ومع ذلك لا تجد فيه نصا صريحا بذكر اليوم الآخر.
ختمت النبوءة بالحديث عن القرآن الكريم، فهو يهدي، ويبشر، ويُنذر. وهي الخاتمة نفسها التي ختمت بها النبوءة المجملة في الآية(104): وقلنا من بعدهِ لبني إسرائيل اسكنوا الأرضَ فإذا جاءَ وعْدُ الآخرةِ جِئْنا بِكُم لفيفاً(104)
 وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً(105) [19]. وجاء في التعقيب على النبوءة المفصلة:
ويدعُ الإنسان بالشرِ دعاءَهُ بالخيرِ وكان الإنسانُ عجولاً(11) [20]وجاء في التعقيب عليها مجملة: وقرآناً فَرَقْناهُ لتقرأهُ عَلى الناسِ على مُكثٍ ونزلناهُ تنزيلاً(106) [21].
قُل آمنوا بِهِ أوْ لا تُؤْمِنوا إن الذين أُوتوا العلمَ من قَبلِهِ إذا يُتْلى عَليهم يَخِرونَ للأذقانِ سُجداً (107) ويقولونَ سُبْحانَ رَبنا إنْ كانَ وَعْدُ رَبنا لَمَفْعولاً (108) وَيَخِرونَ للأَذْقانِ يَبْكونَ وَيَزيدُهُم خُشوعاً(109) [22] هل يقصد بهذه الآيات الحديث عن بعض رُدود الفعل على الحدث في حينه، وانعكاسه على أهل الكتاب إيجابياً وإدراكهم أن الإسلام حق، واندهاشهم وانبهارهم لحصول النبوءة وفق ما أخبر القرآن الكريم : سُبحانَ رَبنا إنْ كانَ وَعْد ربنا لمفعولا: نعم لابد لوعد الله أن يتحقق. وانظر إلى قوله تعالى وَكانَ وَعْداً مَفْعولاً [23] وقوله في الثانية: إن كان وعد ربنا لمفعولا. ثم تدبر خاتمة سورة الإسراء من جهة المعنى والموسيقى: وَقًلِ الحمدُ للهِ الذي لم يتخذ ولداً ولم يَكُن لهُ شريكٌ في المُلكِ ولم يَكن لَهُ وليٌ منَ الذٌ‎ل وكبرهُ تكبيراً (111).
نقرأ في السيرة النبوية الشريفة أن الرسول  أخرج يهود بني قينقاع من المدينة، ثم أخرج يهود بني النضير، فنزلت سورة (الحشر) والتي تستهل بالتسبيح كسورة الإسراء: سَبحَ للهِ ما في السمواتِ وما في الأرضِ وهو العزيزُ الحكيم (1) هوَ الذي أخرجَ الذينَ كفروا من أهل الكتابِ مِن دِيارِهم لأولِ الحَشرِ قال المفسرون: " لأول جمعٍ لهم في بلاد الشام". والسؤال: ما الحكمة من جمعهم في بلاد الشام؟ ولماذا اعتُبِرَ هذا الإخراج أول الجمع؟ وماذا سيحصل في آخر الجمع؟
ورد في تفسير النسفي أن الرسول قال عندما أخرج بني النضير : "امضوا لأول الحشر وإنا على الأثر" فهل يُشير ذلك إلى وعد الآخرة فإذا جاء وَعدُ الآخرةِ جِئْنَا بِكُم لَفيفاً(104) ؟ فدخول بني إسرائيل الأرض المباركة بعد موسى عليه السلام كان مقدمة لتحقيق وعد الأولى. ودخولهم بعد أن أخرجهم الرسول  كان أيضاً مقدمة لتحقيق وعد الآخرة. أما التراخي في الزمن فلا يعني شيئا، لأن المقصود أن هذا مقدمة لحصول الوعد الذي نزل في سورة الإسراء. فهو مجرد بداية رمزية. وأخرج النسفي أن قسماً من بني النضير سكنوا (أريحا). أقول: لا يكون الجمع في بدايته حشرا، وإن كان يصح أن نقول أول الحشر، لأن الحشر يعني الجمع الذي يكون معه الضيق في المكان، والضيق النفسي. وهذا يرهص بأن وعد الآخرة يتحقق عندما يصبح جمع بني إسرائيل في الأرض المباركة حشراً.
يقول علماء الأجناس إن 90% من يهود العالم هم من الأمم التي تهودت ولا يرجعون في أصولهم إلى بني إسرائيل. ويُقر اليهود بأن هناك عشرة أسباط ضائعة:"رأوبين، شمعون، زبولون، يساكر، دان، جاد، أشير، نفتالي، أفرايم ومنسي"[24] على ضوء ذلك كيف نقول إن يهود اليوم هم أبناء إسرائيل؟ نلخص الإجابة بما يلي:
1- يقول الله تعالى في سورة الإسراء: فإذا جاءَ وَعْدُ الآخرةِ جِئْنا بِكُم لفيفاً(104) والمقصود نجمعكم من الشتات في حالة كونكم منتمين إلى أصولٍ شتى، على خلاف المرة الأولى.
2- أصر اليهود على تسمية الدولة الأخيرة هذه "إسرائيل"، فأصبحت البنوة هي بنوة انتماءٍ للدولة. فلا شك أنهم اليوم أبناء إسرائيل.
3- إن الحكم على الناس في دين الله لا يكون على أساس العرق والجنس، بل على أساس العقيدة والسلوك. وقد آمن بنو إسرائيل باليهودية على صورة منحرفة، فيُلحقُ بهم كل من يشاركهم في عقيدتهم وشرعهم.
4- الانتماء الحقيقي هو انتماء الولاء، يقول سبحانه وتعالى في سورة المائدة : ومَنْ يَتَوَلهم منكمْ فإنهُ منهم [25].
5- لا نستطيع أن ننكر أن قسماً من يهود اليوم يرجعون في أصولهم إلى بني إسرائيل، وعلى وجه الخصوص الشرقيون منهم.
6- قولنا إن هناك قسماً من يهود اليوم يرجعون في أصولهم إلى بني إسرائيل هو قول صحيح، لكننا لا نستطيع أن نعينهم ونسميهم. ومن هنا تعتبر القضية قضية غيبية.
يظن البعض أن نهاية الدولة الإسرائيلية تعني اقتراب اليوم الآخر، وهذا غير صحيح، ولا أصل له. أما قول الرسول  : " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود...." فقد ذهب بعض العلماء إلى القول أن المقصود أن الأمرلا بد أن يحصل، وليس المقصود أن قتالهم من علامات القيامة. أقول: حتى لو كان المقصود أن قتالهم هو من علامات يوم القيامة. فمن قال أن زوال دولتهم هذه في فلسطين هو آخر قتال لهم في الأرض، وإلا فما معنى قول الله تعالى:وإن عُدتُم عُدْنا ؟! وهل نسينا أن عامة أتباع الدجال هم من اليهود وفق ما جاء في الحديث الصحيح؟!
جاء في سنن أبي داود، في كتاب الجهاد:"... يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد اقتربت الزلازل والبلابل والأمور العظام. والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك"أو كما قال . قول الرسول  : "...الخلافة قد نزلت... " دليل على أن الخلافة ستسافر حتى تنزل في بيت المقدس فتكون آخر دارٍ للخلافة. والتاريخ يخبرنا أن الخلافة سافرت من المدينة، إلى الكوفة، إلى دمشق، إلى بغداد، ثم إلى اسطنبول.. ثم... ثم... حتى تنزل بيت المقدس. ويؤيد معنى هذا الحديث قول الرسول  : " هم في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس" فعندما يأتي أمر الله يكون آخر ظهور للمسلمين في بيت المقدس واكناف بيت المقدس. واللافت للانتباه أن المسلمين لم يتخذوا بيت المقدس داراً للخلافة، مع أن دواعي ذلك كثيرة. ولا أظن أن الذين سيحررونها في هذا العصر سيتخذونها عاصمة وداراً للخلافة. أو بمعنى آخر لا أظن أن آخر ظهور للمسلمين سيكون عند تحرير بيت المقدس. بل إن آخر ظهور سيكون على يد المهدي الذي سيحكم الأرض بالإسلام، وتكون عاصمة دولته القدس. كانت البداية في مكة، وستكون الخاتمة في القدس.
سُبحانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ ليلاً منَ المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى الذي باركنا حولهُ لنريهُ من ءايتنا إنهُ هُوَ السميعُ البصيرُ (1) سورة الإسراء، الآية: 1
الفصل الثاني
هل هي نبوءة، أم هي صُدف رقمية؟
كل الأديان السماوية تحدثت عن المستقبل، وكشفت بعض مُغَيباته، وما من نبي إلا وأنبأ بالغيب. وللإخبار بالغيب صور كثيرة، بعضها يكون بالخبر المباشر، وبعضها يكون بالرمز، وبعضها يكون بالوحي الصريح، وبعضها يكون بالرؤيا الصادقة للنبي، أو حتى لغير الأنبياء. وبعضها يتحقق في زمن قريب، وبعضها يتراخى فيتحقق بعد سنين طويلة، أو حتى بعد قرون.
يؤمن المسلمون بالتوراة، لكنهم يعتقدون أنها محرفة، أو أنهم يجزمون بوجود نسبة من الحقيقة، ومن هنا لا يبعد أن تكون هناك نبوءات مصدرها الوحي، وإن كانت تحتاج إلى تأويل، أو فك رموز حتى على المستوى الرقمي. ونحن هنا بصدد تأويل نبوءة قرآنية، سبق أن كانت نبوءة في التوراة، يقول سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: وَقَضَيْنَا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدُن في الأرضِ مرتين... فَإِذا جاءَ وَعْدُ أولَهُما... وَعْدُ الآخرة... 
قبل ما يقارب الخمس عشرة سنة، خرج كاتب مصري ببحث يتعلق بالإعجاز العددي للقران الكريم، يقوم على العدد "19" ومضاعفاته، وقد تلقاه الناس بالقبول والإعجاب، ثم ما لبثوا حتى شعروا بانحراف الرجل، مما جعلهم يقفون موقف المعارض لبحثه، وزاد الرفض شدة أن العدد "19" مقدس عند البهائيين.
لقد تيسر لي بفضل الله تعالى أن أدرس البحث دراسة مستفيضة ومستقصية، فوجت أن الرجل يكذب ويلفق الأرقام، مما يجعل رفض الناس لبحثه مبررا، ولكن اللافت للانتباه أن هناك مقدمات تشير إلى وجود بناء رياضي يقوم على العدد "19". وهذه المقدمات هي الجزء الصحيح من البحث ومقدماته. ويبدو أن عدم صدق الرجل حال بينه وبين معرفة حقيقة ما تعنيه هذه المقدمات. وبعد إعادة النظر مرات ومرات وجدت أن هناك بناء رياضيا معجزاً يقوم على أساس العدد "19"، وهو بناء في غاية الإبداع. وقد أخرجت عام " 1990 م" كتابا بعنوان "عجيبة تسعة عشر بين تخلف المسلمين وضلالات المدعين". فصلت فيه الحديث عن هذا الإعجاز المدهش، والذي يفرض نفسه على الناس، لان عالم الرياضيات هو عالم استقرائي، يقوم على بديهيات العقل، ولا مجال فيه للاجتهاد. ووجهات النظر الشخصية.[26]
وقد وجدت أن العدد "19" يتكرر بشكل لافت للنظر، في العلاقة القائمة بين الشمس والأرض والقمر. مما يشير إلى وجود قانون كوني وقرآني.
ما كنت أتصور أن يكون هذا العدد هو الأساس لمعادلة تاريخية تتعلق بتاريخ اليهودية، وفي الوقت نفسه بالعدد القرآني، ثم بقانون فلكي، حتى وقع تحت يدي محضرة للكاتب المشهور "محمد احمد الراشد" حول النظام العالمي الجديد، كانت هي المفتاح لهذه الملاحظات، التي أضعها بين يدي القارئ الكريم، والذي أرجوا أن يعذرني إذا لم أذكر له أرقام الصفحات للمراجع التي اعتمدتها، إذ أنني أكتب من خيمتي في مرج الزهور، وقد خلفت أوراقي ورائي في وطني، وعلى أية حال سوف لا نحتاج إلى مراجع كثيرة، وسيكون سهلا على القارئ أن يتحقق من كل ما ذكرناه، بالرجوع إلى القران الكريم أو التوراة، أو بعض المصادر التاريخية والفلكية.
لا أقول إنها نبوءة، ولا أزعم أنها ستحدُث حتما، إنما هي ملاحظات من واجبي أن أضعها بين يدي القارئ، ثم أترك الحكم له ليصل إلى النتيجة التي يقتنع بها.
البداية كما أشرت، محاضرة مكتوبة للكاتب العراقي "محمد أحمد الراشد"، وهي محاضرة تتعلق بالنظام العالمي الجديد، وقد يستغرب القارئ أن تتضمن هذه المحاضرة الجادة الكلام التالي الذي أنقله بالمعنى: "عندما أُعلن عن قيام دولة إسرائيل عام "1948 م" دخلت عجوز يهودية على(أم محمد الراشد) وهي تبكي، فلما سألتها عن سبب بكائها وقد فرح اليهود، قالت: إن قيام هذه الدولة سيكون سبباً في ذبح اليهود. ثم يقول الراشد إنه سمعها تقول إن هذه الدولة ستدوم "76 " سنة. وعندما كبر رأى أن الأمر قد يتعلق بدورة المذنب هالي، إذ أن مذنب هالي كما يقول الراشد، مرتبط بعقائد اليهود".
كلام لم يعجبني، لأن المحاضرة قد تكون أفضل لو لم تُذكر هذه الحادثة، إذ أن الناس اعتادوا أن يسمعوا النبوءات المختلفة من السنة العجائز، فاختلط الحق بالباطل، وأصبح الناس، وعلى وجه الخصوص المثقفون، ينفرون من مثل هذا الحديث. إلا أنني قلت في نفسي: وماذا يضرك لو تحققت من هذا الكلام، فلابد أن العجوز قد سمعت من الحاخامات، ولا يتصور أن يكون هذا من توقعاتها، وتحليلاتها الخاصة، ثم إن الحاخامات لديهم بقية من الوحي، مختلطة ببقية من أوهام البشر وأساطيرهم... وهكذا بدأت:
1- تدوم إسرائيل وفق النبوءة الغامضة "76 " سنة، أي 19×4.
ويُفترض أن تكون ال"76" سنة هي سنين قمرية، لأن اليهود يتعاملون بالشهر القمري، ويضيفون كل ثلاث سنوات شهراً للتوفيق بين السنة القمرية والشمسية.
عام 1948 م هي 1367 هجري. على ضوء ذلك إذا صحت النبوءة فإن إسرائيل ستدوم حتى " 1367 + 76 = 1443 هجري".
2- سورة الإسراء أيضا تسمى سورة بني إسرائيل، وهي تتحدث في مطلعها عن نبوءة أنزلها الله على موسى عليه السلام في التوراة، وهي تنص على إفسادتين لبني إسرائيل في الأرض المباركة، على صورة مجتمعية، أو ما يسمى اليوم صورة دولة، ويكون ذلك عن علو واستكبار، يقول سبحانه تعالى : وَءَاتَينا مُوسَى الكتبَ وجعلناهُ هدىً لبني إسرائيلَ أَلا تَتخذوا من دوني وَكيلا(2) ذُريةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إنهُ كانَ عَبْدَاً شَكُوراً (3) وَقَضَيْنَا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدُن في الأرضِ مرتين وَلَتَعْلًن عُلواً كبيراً... (4) فإذا جاء َوْع
[/color:ed70
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
زوال إسرائيل / من جزئين (الجزء الاول)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجزء الاول / قصة بقرة بني إسرائيل‏
» السير والأخلاق من جزئين (الجزء الاول)
» ملف الحج والعمرة (من جزئين الجزء الاول)
» ثورات الجزائر من (جزئين الجزء الاول)
»  خروج المهدي (من جزئين الجزء الاول)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: