ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 الرسل دعت إلى الإيمان بالقضاء والقدر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

الرسل دعت إلى الإيمان بالقضاء والقدر Empty
مُساهمةموضوع: الرسل دعت إلى الإيمان بالقضاء والقدر   الرسل دعت إلى الإيمان بالقضاء والقدر Emptyالسبت مارس 20, 2010 2:51 pm

الرسل دعت إلى الإيمان بالقضاء والقدر 27f0k-SIhI_265341650

الرسل دعت إلى الإيمان بالقضاء والقدر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى - في كلامه على القضاء والقدر:
وإلى ما وصفنا: دعت الرسل، وأُنْزِل في الكتب .
يعني: إلى ما ذكر من أنه: يجب الإيمان بعلم الله الأزلي، وكتابته للأشياء، وإرادته، وخلقه، وأن ما قدره الله واقع، لا يتقدم الوقت، ولا يتأخر؛ على ما سبق بذلك علم الله، وأن ما أصاب العبد لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه - يقول:
"إلى هذا - إلى ما وصفنا -: دعت الرسل إلى هذا، وأنزلت الكتب ": أنزلت الكتب بهذا، ودعت الرسل إلى الإيمان بقضاء الله وقدره -كما سبق-: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وكما في حديث جبريل - لما سأل عن الإيمان-؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن تؤمن بالقدر خيره وشره. .
وكما في حديث عبادة: قال -صلى الله عليه وسلم-: أن تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك. وكما في حديث ابن عباس: رفعت الأقلام، وجفت الصحف .
كل هذا: جاءت به الرسل، وأنزلت به الكتب، وعليه أتفق أهل التوحيد - يعني-: آمن بذلك أهل التوحيد: آمنوا بقضاء الله وقدره، وسبق علم الله الأزلي، وكتابته لكل شيء في اللوح المحفوظ، وأن كل شيء مقدر.
اتفق على هذا أهل التوحيد، وأهل التوحيد: ممن أقروا لله بالربوبية، وعلى أنفسهم بالعبودية، وعبدوا الله، وأخلصوا له بالعبادة من ملك مقرب، ونبي مرسل: من ملك مقرب مثل: جبريل، ونبي مرسل: كمحمد -صلى الله عليه وسلم-.
وسائر الأنبياء، وسائر الملائكة، وكذلك عباد الله الصالحون - كلهم يؤمنون بالقضاء والقدر، ويقرون لله بالربوبية، وعلى أنفسهم بالعبودية، ويعبدون الله: " منذ كان الخلق إلى انقضائه مجمعون على أنه: ليس شيء كان، ولا شيء يكون في السماوات، ولا في الأرض، إلا ما أراده الله -عز وجل -.
آمن بهذا أهل الحق المؤمنون: من الملائكة، والأنبياء والرسل، وعباد الله الصالحين، من لدن خَلَقَ الله آدم إلى قيام الساعة، والمؤمنون على هذا، والملائكة -قبل ذلك- كلهم مقرون بهذا.
ولهذا قال المؤلف:
منذ كان الخلق، إلى انقضائه مجمعون على أنه: ليس شيء كان، ولا شيء يكون في السماوات، ولا في الأرض، إلا ما أراده الله -عز وجل-.
يعني المراد: الإرادة الكونية القدرية؛ كل شيء أراده في هذا الكون -كونا وقدرا- من: خير وشر، وإيمان وكفر، وطاعات ومعاصٍ، الأفعال، والذوات، والصفات: كلها مقدرة.
وإرادة الله نوعان: إرادة كونية، قدرية، شاملة لكل شيء: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ كل شيء يقع في هذا الكون فالله أراده؛ لا يقع في ملك الله ما لا يريد؛ ولهذا المعتزلة أنكروا أفعال العباد، وقالوا: ما أرادها الله: من طاعات ومعاصٍ.
يقال لهم: أنتم وصفتم الله بالعجز، وأوجدتم شيئا لم يرده الله، ولم يخلقه، وهذا نوع من الشرك؛ ولهذا سُمُّوا: مجوس هذه الأمة (القدرية).
الذين يقولون: أفعال العباد: ما أرادها الله، ولاشاءها، ولا قدرها، ولا خلقها، بل العباد أرادوها، وخلقوها؛ حنى لا يكون الله خلقها، وفرضها، وعذب عليها.
لكن أنتم فررتم من شيء، ووقعتم في شر مما فررتم منه: وقعتم في أنه قد يقع في ملك الله ما لا يريد، ولازمكم -على ذلك-: أن مشيئة العبد قد تغلب مشيئة الله.
فإذا قلتم: إن المعاصي والكفر ما أرادهما الله؛ فيكون الله - تعالى- أراد من الكافر الإيمان، والكافر أراد الكفر، فوقعت إرادة الكافر، ولم تقع إرادة الله، فغلبت مشيئة الكافر مشيئة الله، وهذا باطل.
أما قول أهل السنة والجماعة: إن الله خلق كل شيء، وقدر كل شيء؛ لحكمة بالغة -هذا مبني على الحكمة، والله -تعالى- خلق الإنسان، وخلق ذواته، وصفاته، وأعطاه السمع والبصر والعقل، وأعطاه البراهين والأدلة: قامت عليه الحجة.
ولهذا قال المؤلف: " على أنه ليس شيء كان، ولا شيء يكون في السماوات، ولا في الأرض، إلا ما أراده الله -عز وجل -" يعني: كونا وقدرا.
أما الإرادة الدينية والشرعية: فالله -تعالى- لا يريد الكفر ولا المعاصي -دينا وشرعا-، ولا يحب الفساد، بل أمر العباد بالطاعات، ونهاهم عن المعاصي؛ ولهذا قال المؤلف:
إلا ما أراده الله -عز وجل- وشاءه، وقضاه - يعني: كونا وقدرا-، والخلق كلهم أضعف في قوتهم، وأعجز في أنفسهم من أن يحدثوا في سلطان الله -عز وجل- شيئا يخالفون فيه مراده، ويغلبون مشيئته، ويردون قضاءه .
نعم:لا شك أن الخلق أضعف، وأعجز من أن يحدثوا في سلطان الله شيئا لم يرده الله، بل لا يقع في ملك الله إلا ما يريد؛ فلا يستطيع العباد أن يحدثوا شيئا يخالفون فيه مراد الله، ويغلبون مشيئته، ويردون قضاءه.
وأراد المؤلف -رحمه الله- بهذا: الرد على القدرية الذين يقولون: إن أفعال العباد واقعة بغير مشيئة الله، وبغير خلقه وإيجاده؛ فيقولون: العباد هم الذين أحدثوا أفعالهم، وخلقوها استقلالا من طاعات ومعاصٍ؛ ولهذا قالوا:
"إنه يجب على الله -عقلا- أن يعذب العاصي، ولا يجوز له أن يعفو عنه، وهكذا المعتزلة والقدرية؛ لأن الله وعدهم بالنار، ولا يجوز أن يخلف وعيده.
وقالوا: يجب على الله -أيضا- أن يثيب المطيع؛ لأنه هو الذي خلق الطاعة، وقالوا:" إن المطيع يستحق الثواب على الله كما يستحق الأجير أجرته ".
هذا كله ناشئ من مذهبهم الفاسد في قولهم: إن العباد خلقوا أفعالهم، وهذا من أبطل الباطل؛ العباد ليس لهم حق على الله واجب، بل حق تفضل وإكرام:
مــا للعبــاد عليــه حــق واجــب كــلا ولا سَــعْيٌ لديــه ضــائع
إن عُـــذِّبُــوا فبعــدله أو نُعِّمُــوا فبفضلـه وهــو الكــريم الواســع
ولما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذٍ: أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ حق الله: حق إيجاد وإلزام -حق الله على العباد أن يعبدوه- وأما حق العباد حق تفضل وإكرام فهناك فُرْقٌ بين الحقين.
يقول المؤلف: -رحمه الله -:
فالإيمان بهذا: حق لازم، فريضة من الله -عز وجل- على خلقه؛ فرض أن يؤمن بقضاء الله وقدره، وأنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريد -؛ فمن خالف ذلك، أو خرج منه، أو طعن فيه، لم يثبت المقادير لله -عز وجل- ويضفها، ويضف ما شاء إليه، فهو أول الزندقة؛ لأنه جاءت الأخبار: أن القدر أبوجاد الزندقة .
-ما قرأنا شيئا من هذا ؟
-لا.ما قرأنا هذا، قرأنا إلى:"وإلى ما وصفنا..".
-نعم، اقرأ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلي الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
قال - -رحمه الله- تعالى-:
وإلى ما وصفناه: دعت الرسل، وأُنْزِلَتِ الكتب، وعليه اتفق أهل التوحيد: ممن أقر لله بالربوبية، وعلى نفسه بالعبودية من مَلَكٍ مقرب، ونبي مُرْسَلِ.
منذ كان الخلق إلى انقضائه مجمعون على أنه: ليس شيء كان، ولا شيء يكون في السماوات، ولا في الأرض، إلا ما أراده الله -عز وجل - وشاءه، وقضاه.
والخلق كلهم أضعف في قوتهم، وأعجز في أنفسهم -من أن يحدثوا في سلطان الله -عز وجل - شيئا يخالفون فيه مراده، ويغلبون مشيئته، ويردون قضاءه؛ فالإيمان بهذا حق لازم، فريضة من الله -عز وجل- على خلقه.
فمن خالف ذلك، أو خرج عنه، أو طعن فيه: لم يثبت المقادير لله -عز وجل - ويضفها، ويضف المشيئة إليه، فهو أول الزندقة؛ لأنه جاءت الأخبار: أن القدر أبو جاد الزندقة .
نعم، أراد المؤلف -رحمه الله تعالى - بهذا: الرد على القدرية والمعتزلة الذين أنكروا أن يكون الله خلق أفعال العباد؛ ولهذا قال المؤلف -رحمه الله-: " فالإيمان بهذا حق لازم، فريضة من الله -عز وجل- على خلقه." يجب على كل أحد أن يؤمن بأن الله خلق العباد، وخلق أفعالهم، وقدر أرزاقهم وآجالهم.
" فمن خالف ذلك أو طعن فيه: لم يثبت المقادير لله -عز وجل -، ويضفها، ويضف المشيئة إليه، فهو أول الزندقة ": أول الزندقة: النفاق؛ ولذلك قيل: "إن الزندقة معناها: النفاق، والزنديق هو المنافق. "
وأصل الزندقة: كلمة فارسية معربة، وكان في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- يُسَمَّى: منافقا، ثم بعد ذلك سمي زنديقا، وهو المنافق.
وفي زماننا يسمى علمانيا: وهو الذي يظهر الإسلام، ويبطن الكفر؛ يقال في عصر الصحابة: منافق، ثم قيل له: زنديق، في زماننا يسمى: علمانيا، وهو واحد، وهو: الكافر الذي يبطن الكفر، ويظهر الإسلام، وهو في الدرك الأسفل من النار، نعوذ بالله.
يقول لهؤلاء المبتدعة -الذين أنكروا أن يكون الله قَدَّرَ كل شيء، حتى أفعال العباد-: " من خالف ذلك، أو خرج منه، أو طعن فيه، ولم يثبت المقادير لله -عز وجل- ويضفها -يعني: المقادير- إلى الله ويضف المشيئة إليه، هذا أول الزندقة ": أول النفاق: بدءوا في أول النفاق، أو الزندقة.
لا ينكر الإنسان قضاء الله وقدره، ولكن يقول: أفعال العباد: ما قدرها الله، ولا خلقها. هذا أول الزندقة، ثم تتدرج به الحال حتى ينكر القدر؛ فيكون زنديقا، فهو أول الزندقة.
" لأنه جاء في الأخبار: أن القدر أبو جاد الزندقة" أبو جاد الزندقة، يعني: أول الزندقة، كما أن حروف أبجد هوز أول الحروف.
المقصود: القدر أبو جاد الزندقة، يعني: أول الزندقة، كما أن الحروف الأبجدية: أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت. .... هذه الحروف الأبجدية أولها ما هي؟ أبجد، وأول الزندقة: هو إنكار أفعال العباد؛ ولهذا قال:" القدر أبو جاد الزندقة ". كما أن أبجد أول الحروف الأبجدية.
أما قوله: " بأنه جاءت الأخبار: أن القدر أبو جاد الزندقة ": كلمة الأخبار عامة، ولعل مرادها: جاءت الأخبار عن السلف، وعن العلماء، وعن الأئمة بأن التكلم في القدر، أو إنكار شيء من القدر أول الزندقة.
كلمة الخبر تشمل: أخبار النبي، ولا أعلم الحديث -يعني-: أن القدر أبو جاد الزندقة، ولعل جاءت الأخبار: يعني: عن أهل العلم والأئمة أن القدر أبو جاد الزندقة: يعني: أول الزندقة. نعم.

القضاء والقدرمن واقع القرآن والسنة
القضاء والقدر
للإيمان بالقدر أهمية كبرى بين أركان الإيمان ، يدركها كل من له إلمام ولو يسير بقضايا العقيدة الإسلامية وأركان الإيمان ؛ ولذلك ورد التنصيص في السنة النبوية على وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره .
وترجع أهمية هذا الركن ومنزلته بين بقية أركان الإيمان إلى عدة أمور :
الأول : ارتباطه مباشرة بالإيمان بالله – تعالى – وكونه مبنياً على المعرفة الصحيحة بذاته – تعالى – وأسمائه الحسنى ، وصفاته الكاملة الواجبة له – تعالى - ، وقد جاء في القدر صفاته سبحانه صفة العلم ، والإرادة ، والقدرة ، والخلق ، ومعلوم أن القدر إنما يقوم على هذه الأسس .
الثاني : حين ننظر إلى هذا الكون ، ونشأته ، وخلق الكائنات فيه ، ومنها هذا الإنسان ، نجد أن كل ذلك مرتبط بالإيمان بالقدر .
الثالث : الإيمان بالقدر هو المحك الحقيقي لمدى الإيمان بالله – تعالى – على الوجه الصحيح ، وهو الاختبار القوى لمدى معرفته بربه – تعالى - ، وما يترتب على هذه المعرفة من يقين صادق بالله ،وبما يجب له من صفات الجلال والكمال ؛ وذلك لأن القدر فيه من التساؤلات والاستفهامات الكثيرة لمن أطلق لعقله المحدود العنان فيها .
مراتب القـــدر
مراتب القدر أربع هي : العلم ، الكتابة ، المشيئة ، الخلق :
المرتبة الأولى : مرتبة العلم :
يجب الإيمان بعلم الله عز وجل المحيط بكل شيء ، وأنه علم ما كان ، وما يكون ، وما لم يكون كيف يكون ، وأنه علم ما الخلق عاملون قبل أن يخلقهم ، وعلـم أرزاقهم وآجالهم ، وحركاتهم ، وسكناتهم ، وأعمالهم ، ومن منهم من أهل الجنة ، ومن منهم من أهل النار ، وأنه يعلم كل شيء بعلمه القديم المتصف به أزلاً وأبداً .
المرتبة الثانية : مرتبة الكتابة :
وهي أن الله – تعالى – كتب مقادير المخلوقات ، والمقصود بهذه الكتابة الكتابة في اللوح المحفوظ ، وهو الكتاب الذي لم يفرط فيه الله من شيء ، فكل ما يجرى ويجري فهو مكتوب عند الله .
المرتبة الثالثة : مرتبة الإرادة والمشيئة :
أي : أن كل ما يجري في هذا الكون فهو بمشيئة الله – سبحان وتعالى – فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فلا يخرج عن إرادته الكونية شيء .
المرتبة الرابعة : مرتبة الخلق :
أي : أن الله – تعالى – خالق كل شيء ، من ذلك أفعال العباد ، فلا يقع في هذا الكون شيء إلا وهو خالقه ، وهذه المرتبة هي محل النزاع الطويل بين أهل السنة ومن خالفهم .
أقوال في القـــدر
يقول شيخ المالكية في المغرب ابن أبي زيد القيرواني :
(( والإيمان بالقدر خيره وشره ، حلوه ومره ، وكل ذلك قد قدره الله ربنا ، ومقادير الأمور بيده ، ومصدرها عن قضائه ، علم كل شيء قبل كونه ، فجرى على قدره ، لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه وسبق علمه به ] ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير [ [ الملك : 14 ] ، يضل من يشاء فيخذله بعدله ، ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله ، فكل ميسر بتيسيره إلى ما سبق من علمه ، وقدره من شقي أو سعيد ، تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد ، أو يكون لأحد عنه غنى ، خالقاً لكل شيء ، ألا هو رب العباد ، ورب أعمالهم ، والمقدر لحركاتهم وآجالهم )) .
ويقول الإمام البغوي في شرح السنة : ((الإيمان بالقدر فرض لازم ، وهو أن يعتقد أن الله- تعالى – خالق أعمال العباد ، خيرها وشرها ، كتبها عليهم في اللوح المحفوظ قبل أن خلقهم ، قال تعالى : ) والله خلقكم وما تعملون ( [ الصفات : 96 ] ، وقال عز وجل : ) قل الله خالق كل شيء ( [ الرعد : 16 ] ، وقال عز وجل : ) إنا كل شيء خلقناه بقدر ( [ القمر : 49 ] ، فالإيمان والكفر ، والطاعة والمعصية ، كلها بقضاء الله وقدره ، وإرادته ومشيئته ، غير أنه يرضي الإيمان والطاعة ، ووعد عليها الثواب ، ولا يرضى الكفر
والمعصية ، وأوعد عليها العقاب ،والقدر سر من أسرار الله لم يطلع عليه ملكًا مقربًا ، ولا نبيًا مرسلاً ، لا يجوز الخوض فيه ، والبحث عنه بطريق العقل ، بل يعتقد أن الله – سبحانه وتعالى – خلق الخلق فجعلهم فريقين : أهل يمين خلقهم للنعيم فضلاً ، وأهل شمال خلقهم للجحيم عدلاً )) .
مسألة الاحتجاج بالقـــدر
عقيدة الإيمان بالقدر لقيت كثيرًا من الاعتراضات ، و أثيرت حولها كثير من الشبهات ، ومن المعلوم أن كثيرًا من الكافرين والمشركين الضالين والمقصرين في عبادة الله والمنحرفين عن منهج الله ، قد وجدوا في القدر مجالاً للاحتجاج به على كفرهم وفسادهم وتقصيرهم. ولذلك أوردنا الجواب على مسألة الاحتجاج بالقدر بأربع قواعد :
( القاعدة الأولى ) : أن علم الله الأزلي محيط بكل شيء مما كان ومما سيكون ومما لم يكن لو كان كيف يكون . والأمور تقع على مقتضى علمه الكامل ، لا يخرج شيء عنه .
( القاعدة الثانية ) : غنى الله الكامل عن العباد ؛ حيث لا تنفعه طاعة المطيع كما لا تضره معصية العاصي . وغناه تعالى شامل ومطلق ، وهو يفيد في طمأنينة القلب عند المؤمن في هذا الباب ، وأن الله تعالى ليس بحاجة إلى العباد حتى يجبرهم أو يعذبهم بغير ذنب يستحقون العقاب عليه .
( القاعدة الثالثة ) : وهي مبنية على القاعدة السابقة ، وهي أن الله تعالى لا يظلم ، وقد حرم على نفسه الظلم ، ونفاه في كتابه ، قال تعالى : ] إن الله لا يظلم الناس شيئاً [
[ يونس : 44 ] ، وفي معنى هذه الآية آيات كثيرة تنفي عن الله تعالى ظلم العباد لا في عقوباتهم في الدنيـا ولا في جزائهـم يوم القيامة .
وهذه قاعدة مهمة في باب الاحتجاج بالقدر ، فإذا توهم العبد أو وسوس له الشيطان فليتذكر أن الله تعالى لا يظلمه مثقال ذرة ، حتى يطمئن قلبه.
( القاعدة الرابعة ) : قيام الحجة على العباد ، وهذه مسألة ينبغي أن يدركها كل مسلم ، ومقتضاها أن حجة الله قد قامت على عباده .
وقيام الحجة على العباد بأمور :
1. أن لا يكلف إلا البالغ العاقل ؛ فالصغير والمجنون قد رفع عنه القلم .
2. وجود الإرادة للعبد ؛ ففاقد الإرادة المكره لا يكلف ، وحصول هذه الإرادة للعبد مما لا ينكره أي عاقل ، وبهذه الإرادة يختار بين الطاعة والمعصية .
3. القدرة ؛ فالعاجز عن فعل الشيء المطلوب لا يكلف ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، والله لم يكلف الناس ما لا يطيقون .
4. قيام الحجة الرسالية ، بإرسال الرسل وإنزال الكتب .
وبهذه الأمور نعلم أن الحجة قد قامت على العباد ، ولا تعارض بينها وبين القدر .
آثار الإيمان بالقدر
وللقدر آثار كبيرة على الفرد وعلى المجتمع نجملها فيما يلي :
1. القدر من أكبر الدواعي التي تدعو إلى العمــل والنشاط والسعي بما يرضي الله في هذه الحياة ، والإيمان بالقدر من أقوى الحوافز للمؤمن لكي يعمل ويقدم على عظائم الأمور بثبات وعزم ويقين .
2. ومن آثار الإيمان بالقدر أن يعرف الإنسان قدْر نفسه ، فلا يتكبر ولا يبطر ولا يتعالى أبدًا ؛ لأنه عاجز عن معرفة المقدور ، ومستقبل ما هو حادث ، ومن ثمّ يقر الإنسان بعجزه وحاجته إلى ربه تعالى دائمًا . وهذا من أسرار خفاء المقدور .
3. ومن آثار الإيمان بالقدر أنه يطرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول مكروه ، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السموات والأرض وهو كائن لا محالة ، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر ، وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ذلك على الله يسير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور ) [ الحديد : 22 ، 23 ]
4. الإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تعصف بالمجتمعات وتزرع الأحقـاد بين المؤمنين ، وذلك مثل رذيلة الحسد ، فالمؤمن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ؛ لأنه هو الذي رزقهم وقدر لهم ذلك ، وهو يعلم أنه حين يحسد غيره إنما يعترض
على المقدور . وهكذا فالمؤمن يسعى لعمل الخير ، ويحب للناس ما يحــب لنفسه ، فإن وصل إلى ما يصبو إليه حمد الله وشكره على نعمه ، وإن لم يصل إلى شيء من ذلك صبر ولم يجزع ، ولم يحقد على غيره ممن نال من الفضل ما لم ينله ؛ لأن الله هو الذي يقسم الأرزاق .
5. والإيمان بالقدر يبعث في القلوب الشجاعة على مواجهة الشدائد ، ويقوي فيها العزائم فتثبت في ساحات الجهاد ولا تخاف الموت ، لأنها توقن أن الآجال محدودة لا تتقدم ولا تتأخر لحظة واحدة .
6. والإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سببًا في استقامة المسلم وخاصة في معاملته للآخرين ، فحين يقصر في حقه أحد أو يسيء إليه ، أو يرد إحسانه بالإساءة ، أو ينال من عرضه بغير حق ، تجده يعفو ويصفح ؛ لأنه يعلم أن ذلك مقدر ، وهذا إنما يحسن إذا كان في حق نفسه ، إما في حق الله فلا يجوز العفو ولا التعلل بالقدر ؛ لأن القدر إنما يحتج به في المصائب لا في المعايب .
7. والإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة ، فهو دائم الاستعانة بالله ، يعتمد على الله ويتوكل عليه مع فعل الأسباب ، وهو أيضًا دائم الافتقار إلى ربه – تعالى – يستمد منه العون على الثبات ، ويطلب منه المزيد ، وهو أيضًا كريم يحب الإحسان إلى الآخرين ، فتجده يعطف عليهم .
8. ومن آثار الإيمان بالقدر أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته ، ويجهر بها أمام الكافرين والظالمين ، لا يخاف في الله لومة لائم ، يبين للناس حقيقة الإيمان ويوضح لهم مقتضياته ، وواجباتهم تجاه ربهم – تبارك وتعالى - ، كما يبين لهم حقائق الكفر والشرك والنفاق ويحذرهم منها ، ويكشف الباطل وزيفه .

المؤمن و القـــدر
إن المؤمن الصادق لا يذل إلا لله ، ولا يخضع إلا له ، ولا يخاف إلا منه ، وحين يكون كذلك تجده يسلك الطريق المستقيم ، ويثبت عليه ، ويدعوا إليه ، ويصبر على ما يلقاه في سبيل الدعوة من عداء المعتدين ، وحرب الظالمين ، ومكر الماكرين ، ولا يصده شيء من ذلك ؛ لأن هؤلاء لا يملكون من أمر الحياة ولا أمر الأرزاق شيئًا ، وإذا كان الأمر هكذا
فكيف يبقي في نفس المؤمن الداعية ذرة من خوف وهو يؤمن بقضاء الله وقدره ؟ ! فما قـدر سيكون ، وما لم يقدر لن يكون ، وهذا كله مرجعه إلى الله ، والعباد لا يملكون من ذلك شيئًا .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرسل دعت إلى الإيمان بالقضاء والقدر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإيمان بالقضاء والقدر
» الإيمان بالقضاء والقدر
» ما هي صفات الرسل
» احصائيات قرانية الرسل والانبياء
» تكملة العقيدة (22) الإيمان بالقضاء والقدر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: