ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 من عجائب خلق الله...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

من عجائب خلق الله... Empty
مُساهمةموضوع: من عجائب خلق الله...   من عجائب خلق الله... Emptyالجمعة مارس 05, 2010 7:59 am

من عجائب خلق الله... RMve6-J11w_239894025

من عجائب الذئاب
ومن عجيب الذئب أنه عرض لإنسان يريد قتله ، فرأى معه قوساً وسهماً ، فذهب وجاء بعظم رأس جمل في فيه ، وأقبل نحو الرجل ، فجعل الرجل كلما رماه بسهم اتقاه بذلك العظم حتى أعجزه ، وعاين نفاد سهمه ، فصادف من استعان به على طرد الذئب .
من عجائب القرود
ومن عجيب أمر القرود ما ذكره البخاري في صحيحه ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال : رأيت في الجاهلية قرداً وقردة زنيا ، فاجتمع عليهما القرود فرجموهما حتى ماتا ، فهؤلاء القرود أقاموا حد الله حين عطله بنو آدم .
من عجائب البقر
وهذه البقر يضرب ببلادتها المثل ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنّ رجلاً بينما هو يسُوق بقرة إذ ركبها فقالت : ( لم أخلق لهذا ) فقال الناس : سبحان الله بقرة تتكلم ؟! فقال : ( فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر ، وما هما ثَمّ ) .
قال : ( وبينما رجل يرعى غنماً له إذا عدا الذئبُ على شاة منها فاستنفذها منه ، فقال الذئب : هذه استنفذتها مني ، فمن لها يوم السبُع يوم لا راعي لها غيري ) ، فقال الناس : سبحان الله ذئب يتكلم ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني أومنُ بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثمّ ) .
من عجائب الفئران
ومن عجيب أمر الفئران أنها إذا شربت من الزيت الذي في أعلى الجرة فنقص وعزّ عليها الوصول إليه ذهبت ، وحملت في أفواهها ماءً وصبته في الجرة ، حتى يرتفع الزيت فتشربه
من عجائب الحيوان استخدامه الدواء
والأطباء تزعم أن الحقنة أخذت من طائر طويل المنقار ، إذا تعسر عليه الذرق جاء إلى البحر المالح ، وأخذ بمنقاره منه واحتقن به ، فيخرج الذرق بسرعة .
وهذا ابن عرس والقنفذ إذا أكلا الأفاعي والحيات عمدا إلى الصتر النهري ، فأكلاه كالترياق لذلك .
وهذا الثعلب إذا أصابه صدع أو جرح يأتي إلى صبغ معروف ، فيأخذ منه ، ويضعه على جرحه كالمرهم ، والدبّ إذا أصابه جرح يأتي إلى نبت قد عرفه ، وجهله صاحب الحشائش ، فيتداوى به فيبرأ !
تعلم الإنسان من الحيوان
وكثير من العقلاء يتعلم من الحيوانات البهم أموراً تنفعه في معاشه وأخلاقه وصناعته وحربه وحزمه وصبره ، وهداية الحيوان فوق هداية أكثر الناس قال تعالى : ( أمّ تحسب أنَّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاَّ كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلاً ) [ الفرقان : 44 ] قال أبو جعفر الباقر : والله ما اقتصر على تشبيههم بالأنعام ، حتى جعلهم أضل سبيلاً منها ، فمن هدى الأنثى من السباع إذا وضعت ولدها أن ترفعه في الهواء أياماً تهرب به من الذر والنمل ، لأنها تضعه كقطعة من لحم ، فهي تخاف عليه الذر والنمل ، فلا تزال ترفعه وتضعه وتحوله من مكان إلى مكان حتى يشتد .
وقال ابن الأعرابي : قيل لشيخ من قريش : مَنّ علمك هذا كله ، وإنما يعرف مثله أصحاب التجارب والتكسب ؟ قال : علمني الله ما علم الحمامة تقلب بيضها حتى تعطي الوجهين جميعاً نصيبهما من حضانتها ، ولخوف طباع الأرض على البيض إذا استمر على جانب واحد .
وقيل لآخر : مَنْ علمك اللجاج في الحاجة والصبر عليها وإن استعصت حتى تظفر بها ؟ قال : مِنْ علم الخنفساء إذا صعدت في الحائط تسقط ، ثم تصعد ، ثم تسقط مراراً عديدة ، حتى تستمر صاعدة .
وقيل لآخر : مَنْ علمك البكور في حوائجك أول النهار لا تخل به ؟ قال : من علم الطير تغدو خماصاً كل بكرة في طلب أقواتها على قربها وبعدها ، لا تسأم ذلك ، ولا تخاف ما يعرض لها في الجو والأرض .
وقيل لآخر : مَنْ علمك السكون والتحفظ والتماوت حتى تظفر بأربك ، فإذا ظفرت به وثبت وثوب الأسد على فريسته ؟ فقال : الذي علم السِّنَّورة أن ترصد جحر الفأرة ، فلا تتحرك ولا تتلوى ، ولا تختلج كأنها ميتة ، حتى إذا برزت لها الفأرة وثبت عليها كالأسد .
وقيل لآخر : مَنْ علمك الصبر والجلد والاحتمال وعدم السكون ؟ قال : من علم ابا أيوب صبره على الأثقال والأحمال الثقيلة ، والمشي والتعب وغلظة الجمّال وضربه ، فالثقل والكل على ظهره ، ومرارة الجوع والعطش في كبده ، وجهد التعب والمشقة ملأ جوارحه ولا يعدل به ذلك عن الصبر .
وقيل لآخر : مَنْ علمك حسن الإيثار والسماحة بالبذل ؟ قال : من علم الديك يصادف الحبة في الأرض ، وهو يحتاج إليها فلا يأكلها ؛ بل يستدعي الدجاج ويطلبهن طلباً حثيثاً ، حتى تجيء الواحدة منهن فتلقطها ، وهو مسرور بذلك طيب النفس به ، وإذا وضع له الحب الكثير فرّقه هنا و هنا ، وإن لم يكن هناك دجاج ، لأن طبعه قد ألف البذل والجود ، فهو يرى من اللؤم أن يستبد وحده بالطعام .
وقيل لآخر : مَنْ علمك هذا التحيل في طلب الرزق ووجوه تحصيله ؟ قال : من علم الثعلب تلك الحيل التي يعجز العقلاء عن علمها وعملها ، وهي أكثر من أن تذكر .
ومَنْ علم الأسد إذا مشى وخاف أن يقتفى أثره ويطلب ، عفى أثر مشيته بِذَنَبِه ، ومن علمه أن يأتي إلى شبله في اليوم الثالث من وضعه ، فينفخ في منخريه ، لأن اللبوة تضعه جرواً كالميت ، فلا تزال تحرسه حتى يأتي أبوه فيفعل به ذلك ! .
ومن ألهم كرام الأسود وأشرافها أن لا تأكل إلا من فريستها ، وإذا مر بفريسة غيره لم يدن منها ولو جهده الجوع !
ومن علم الأنثى من الفيلة إذا دنا وقت ولادتها أن تأتي إلى الماء فتلد فيه ، لأنها دون الحيوانات لا تلد إلا قائمة ، لأن أوصالها على خلاف أوصال الحيوان ، وهي عالية ، فتخاف أن تسقطه على الأرض فينصدع أو ينشق ، فتأتي ماء وسطاً تضعه فيه يكون كالفراش اللين والوطاء الناعم .
ومن علم الذباب إذا سقط في مائع أن يتقي بالجناح الذي فيه الداء دون الآخر
ومَنْ علم الكلب إذا عاين الظباء أن يعرف المعتل من غيره ، والذكر من الأنثى ، فيقصد الذكر مع علمه بأنّ عدوه أشد وأبعد وثبة ، ويدع الأنثى على نقصان عدوها ؛ لأنّه قد علم أن الذكر إذا عدا شوطاً أو شوطين حقن ببوله ، وكل حيوان إذا اشتد فزعه فإنه يدركه الحقن ، وإذا حقن الذكر لم يستطع البول مع شدة العدو ، فيقل عدوه ، فيدركه الكلب ، وأما الأنثى فتحذف بولها لسعة القبل وسهولة المخرج ، فيدوم عدوها !.
ومَنْ علمه أنه إذا كسا الثلج الأرض أن يتأمل الموضع الرقيق الذي قد انخسف ، فيعلم أن تحته جحر الأرانب ، فينبشه ، ويصطادها علماً منه بأن حرارة أنفاسها تذيب بعض الثلج فيرق !
ومن علم الذئب إذا نام أن يجعل النوم نوباً بين عينيه ، فينام بإحداهما ، حتى إذا نعست الأخرى نام بها ، وفتح النائمة ! حتى قال بعض العرب :
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ××× بأخرى المنايا فهو يقظان نائم
ومَنْ علم العصفورة إذا سقط فرخها أن تستغيث ، فلا يبقى عصفور بجوارها حتى يجيء ، فيطيرون حول الفرخ ، ويحركونه بأفعالهم ، ويحدثون له قوة وهمة وحركة ، حتى يطير معهم !
قال بعض الصيادين : ربما رأيت العصفور على الحائط ، فأومي بيدي كأني أرميه فلا يطير ، وربما أهويت إلى الأرض كأني أتناول شيئاً فلا يتحرك ، فإن مسست بيدي أدنى حصاة أو حجر أو نواة طار قبل أن تتمكن منها يدي .
ومن علم (( اللبب )) وهو صنف من العناكب أن يلطأ بالأرض ، ويجمع نفسه ، فيرى الذبابة أنه لاه عنها ، ثم يثب عليها وثوب الفهد !
ومن علم العنكبوت أن تنسج تلك الشبكة الرفيعة المحكمة ، وتجعل في أعلاها خيطاً ثم تتعلق به ، فإذا تعرقلت البعوضة في الشبكة تدلت إليها فاصطادتها !
ومن علم الظبي أن لا يدخل كناسه إلا مستدبراً ، ليستقبل بعينه ما يخافه على نفسه وخشفه !
ومن علم السنور إذا رأى فأرة في السقف أن يرفع رأسه كالمشير إليها بالعود ، ثم يشير إليها بالرجوع ، وإنما يريد أن يدهشها فتزلق فتسقط !
ومن علم اليربوع أن يحفر بيته في سفح الوادي حيث يرتفع عن مجرى السيل ليسلم من مدق الحافر ومجرى الماء ، ويعمقه ثم يتخذ يف زواياه أبواباً عديدة ، ويجعل بينها وبين وجه الأرض حاجزاً رقيقاً ، فإذا أحس بالشر فتح بعضها بأيسر شيء ، وخرج منه ، ولما كان كثير النسيان لم يحفر بيته إلا عند أكمة أو صخرة علامة له على البيت ، إذا ضل عنه!
ومن علم الفهد إذا سمن أن يتوارى لثقل الحركة عليه حتى يذهب ذلك السمن ، ثم يظهر !
ومن علم الأيل إذا سقط قرنه أن يتوارى ، لأنّ سلاحه قد ذهب ، فيسمن لذلك ، فإذا كمل نبات قرنه تعرض للشمس والريح ، وأكثر من الحركة ليشتد لحمه ، ويزول السمن المانع له من العدو .
وهذا باب واسع جداً ، ويكفي فيه قوله – سبحانه – ( وما من دابَّةٍ في الأرض ولا طائِرٍ يطير بجناحيه إلاَّ أمم أمثالكم مَّا فرَّطنا في الكتاب من شيء ثمَّ إلى ربهم يحشرون – والَّذين كذَّبوا بِآيَاتِنَا صمٌّ وبكمٌ في الظُّلمات من يَشَإِ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراطٍ مستقيمٍ ) [ الأنعام : 38-39 ] .
وجه المماثلة بين الحيوانات وبني الإنسان :
قال ابن عباس في رواية عطاء : ( إلاَّ أمم أمثالكم ) [ الأنعام : 38 ] ، ويريد : يعرفونني ، ويوحدونني ، ويسبحونني ، ويحمدونني ، مثل قوله تعالى : ( وإن من شيءٍ إلاَّ يسبح بحمده ) [ الإسراء : 44 ] ، ومثل قوله : ( ألم تر أنَّ الله يسبح له من في السَّماوات والأرض والطَّير صافاتٍ كلٌّ قد علم صلاته وتسبيحه ) [ النور : 41 ] .
(1/76)
ويدل على هذا قوله تعالى : ( ألم تر أنَّ الله يسجد له من في السَّماوات ومن في الأرض والشَّمس والقمر والنُّجوم والجبال والشَّجر والدَّواب ) [ الحج : 18 ] وقوله : ( ولله يسجد ما في السَّماوات وما في الأرض من دابّةٍ والملائكة وهم لا يستكبرون ) [النحل : 49 ] ، ويدل عليه قوله تعالى : ( يا جبال أوّبي معه والطَّير ) [ سبأ : 10 ] ، ويدل عليه قوله : ( وأوحى ربُّك إلى النَّحل ) [ النحل : 68 ] ، وقوله : ( قالت نملةٌ يا أيُّها النَّمل ) [ النمل : 18 ] ، وقول سليمان ( عُلّمنا منطق الطَّير ) [ النمل : 16 ] .
وقال مجاهد : أمم أمثالكم ، أصناف مصنفة تعرف بأسمائها ، وقال الزجاج : أمم أمثالكم في أنها تبعث .
وقال ابن قتيبة : أمم أمثالكم في طلب الغذاء ، وابتغاء الرزق ، وتوقي المهالك .
وقال سفيان بن عيينة : ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من البهائم ، فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد ، ومنهم من يعدو عدو الذئب ، ومنهم من ينبح نباح الكلب ، ومنهم من يتطوس كفعل الطاووس ، ومنهم من يشبه الخنازير التي لو ألقي عليها الطعام الطيب عافته ، فإذا قام الرجل عن رجيعه ولغت فيه ، فلذلك تجد من الآدميين من لو سمع خمسين كلمة لم يحفظ واحدة منها ، وإن أخطأ رجل ترّواه وحفظه .
قال الخطابي : ما أحسن ما تأول سفيان هذه الآية واستنبط منها هذه الحكمة ، وذلك أن الكلام إذا لم يكن حكمه مطاوعاً لظاهره وجب المصير إلى باطنه ، وقد أخبر الله عن وجود المماثلة بين الإنسان وبين كل طائر ودابة ، وذلك ممتنع من جهة الخلقة والصورة ، وعدم من جهة النطق والمعرفة ، فوجب أن يكون منصرفاً إلى المماثلة في الطباع والأخلاق .
والله – سبحانه – قد جعل بعض الدواب كسوباً محتالاً ، وبعضها متوكلاً غير محتال ، وبعض الحشرات يدخر لنفسه قوت سنته ، وبعضها يتكل على الثقة بأن له في كل يوم قدر كفايته رزقاً مضموناً وأمراً مقطوعاً ، وبعضها لا يعرف ولده ألبتة ، وبعض الإناث تكفل ولدها لا تعدوه ، وبعضها تضيع ولدها ، وتكفل ولد غيرها ، وبعضها لا تعرف ولدها إذا استغنى عنها ، وبعضها يدخر ، وبعضها لا تكسب له ، وبعض الذكور يعول ولده ، وبعضها لا تزال تعرفه وتعطف عليه .
وجعل بعض الحيوانات يُتمها من قِبل أمهاتها ،وبعضها يُتمها من قبل آبائها ، وبعضها لا يلتمس الولد ، وبعضها يستفرغ الهم في طلبه ، وبعضها يعرف الإحسان ويشكره ، وبعضها ليس ذلك عنده شيئاً ، وبعضها يؤثر على نفسه ، وبعضها إذا ظفر بما يكفي أمة من جنسه لم يدع أحداً يدنو منه .
وبعضها يألف بني آدم ويأنس بهم ، وبعضها يستوحش منهم ، وينفر غاية النفار ، وبعضها لا يأكل إلا الطيب ، وبعضها لا يأكل إلا الخبائث ، وبعضها يجمع بين الأمرين .
وبعضها لا يؤذي إلا من بالغ في أذاها ، وبعضها يؤذي من لا يؤذيها ، وبعضها حقود لا ينسى الإساءة ، وبعضها لا يذكرها ألبتة ، وبعضها لا يغضب ، وبعضها يشتد غضبه ، فلا يزال يسترضى حتى يرضى ، وبعضها عنده علم ومعرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس ، وبعضها لا معرفة له بشيء من ذلك ألبتة ، وبعضها يستقبح القبيح وينفر منه ، وبعضها الحسن والقبيح سواء عنده ، وبعضها يقبل التعليم بسرعة ، وبعضها مع الطول ، وبعضها لا يقبل ذلك بحال .
وهذا كله من أدل الدلائل على الخالق لها سبحانه ، وعلى إتقان صنعه ، وعجيب تدبيره ، ولطيف حكمته ، فإن فيما أودعها من غرائب المعارف ، وغوامض الحيل ، وحسن التدبير ، والتأني لما تريده ، ما يستنطق الأفواه بالتسبيح ، ويملأ القلوب من معرفته ومعرفة حكمته وقدرته ، وما يعلم به كل عاقل أنه لم يخلق عبثاً ، ولم يترك سدى ، وأن له – سبحانه – في كل مخلوق حكمة باهرة وآية ظاهرة وبرهاناً قاطعاً ، يدل على أنه رب كل شيء ومليكه ، وأنه المتفرد بكل كمال دون خلقه ، وأنه على كل شيء قدير ، وبكل شيء عليم .
هداية الخالق الكائنات لطريقة التكاثر
يقول الدكتور يوسف عز الدين موضحاً هذا الموضوع : " من الأشياء العجيبة التي تشترك فيها جميع الكائنات الحية القدرة على التكاثر ، لتكوين ذرية يكون من شأنها الاستمرار بالحياة ، واستمرار بقاء النوع وعدم انقراضه .
وتتم عملية إنجاب الذرية في الكائنات الحية المختلفة بطرق شتى ، ولكنّها تصل إلى الهدف المنشود . (فالبكتريا) (وهي من النباتات) تتكاثر ، وكذلك تفعل باقي النباتات والحيوانات على اختلاف درجة فيها . ولا يمكن من وجهة نظر العلوم الرياضية أن تحدث مصادفات يكون من شأنها إيجاد ذكر أو أنثى في آلاف من النباتات والحيوانات لهدف مرسوم ومحدد وهو إنجاب ذرية تبقى بعد الفناء .
ومن الحيوانات والنباتات ما لا يتميز فيها ذكر وأنثى ، ومع ذلك فإنّها تتكاثر وتنجب ذرية ، فحيوان صغير الحجم أوّلي مثل حيوان (الأميبا) الذي يعيش في الماء والمكّون جسمه من خلية واحدة يتكاثر بطريقة عجيبة ، إذ إنّ الحيوان الواحد ينقسم إلى قسمين ، وكل قسم يتحول إلى حيوان ، والحيوانات المتكونة من الانقسام تنقسم بدورها إلى حيوانين وهكذا ... يحدث هذا عندما تكون ظروف الحياة ملائمة وعادية .
أمَّا إذا شعر هذا الحيوان بما ينذر بالخطر فإنّه يتحوصل ؛ أي يفرز حول جسمه حوصلة ، وينقسم إلى حيوانين ، بل عشرات الحيوانات داخل الحوصلة ؛ لكي يعوض الوقت الذي قد يضيع هباء داخل الحوصلة إلى حين رجوع الظروف الملائمة لحياته .
ويحدث التكاثر عن طريق الانقسام في الحيوانات أولية عديدة غير ( الأميبا ) مثل الحيوان المسمى : (البراميسيوم) وهو يعيش في الماء ، ويتكاثر أيضاً بالانقسام الثنائي في الظروف الملائمة كما تنقسم (الأميبا) ، ولكنه من آن لآخر يحتاج إلى تجديد نشاطه وحيويته ، فيلجأ إلى طريقة أخرى للتكاثر بالغة التعقيد يكون من شأنها تجنيد النَّوى ( ولكل خلية نواة كما هو معلوم ) حيث ينجب كل فرخ في هذه الحالة أربعة أفراد بدلاً من انقسام حيوان إلى حيوانين فقط .
وفي الحيوانات الأرقى من هذه الحيوانات الأولية ، إذا كانت ظروف الحياة تحول دون سهولة التقاء الأنثى بالذكر لإنجاب الذرية ، فإنّ الحيوان في هذه الحالة يصبح أنثى ذكراً في الوقت نفسه ، أي يصبح خنثى حيث يضم جسمه أعضاء التناسل الأنثوية والذكرية جنباً إلى جنب ، فيستطيع بذلك أن ينجب ذريته دون حاجة إلى انتظار فرصة التقاء الجنسين ، يحدث هذا مثلاً في الدودة الكبدية التي تعيش في القنوات المرارية لبعض الحيوانات حيث يصعب على أحد الجنسين التنقل والتجول في هذا المكان الضيق للعثور على الجنس الآخر ، وفي الوقت نفسه إذا حدث أن التقى حيوانان من هذه الديدان من الممكن أن يلقح أحدهما الآخر حيث يصبح أحدهما وكأنه أنثى ، ويصبح الآخر وكأنه ذكر .
إن حدوث ملايين المصادفات في آن واحد لهدف معين مشترك وفي حيوانات مختلفة وبوسائل متباينة شيء لا يقره العلم ، ولا تقره علوم الرياضيات ، وفي هذه الحالة لا بدّ أن يسلم بوجود قوة خالقة عاملة وراء هذا كله .
ومنذ وجود أول حيوان ثديي على هذه الأرض ، والأنثى مزودة بمصنع لإنتاج اللبن ، وذلك لكي يضمن الصغير الحصول على غذائه بمجرد خروجه من بطه أمه ، ولو لم يجد هذا الثدي الذي يبرز من جسم الأم منذ أول حيوان ثديي لما أتيحت فرصة النمو والبقاء على قيد الحياة لأول مولود ، أي أنها عملية مدبرة ومقدرة منذ البداية ، ولا تخضع للتجربة والخطأ ، إذ أنها لا تحتمل الخطأ مرة واحدة .
فهل يمكن أن يتصور أيّ إنسان عاقل أن تزويد الأم بطعام الصغير المولود يأتي نتيجة مصادفة عمياء ؟ ولبن أنثى الحيوانات الثديية – علاوة على فائدته الغذائية – نجده مزوداً بمواد تحمل للمولود مناعة ضد الأمراض إلى أن يشب عن الطوق ، ويمكن جسمه من الدفاع عن نفسه . وجميع الجهود التي تضافرت لصنع الألبان اللازمة لتغذية الصغار فشلت في صنع الألبان التي تحمل نفس صفات اللبن الذي أمد الله به الأنثى " .
أهمية الغريزة الجنسية :
ويحدثنا الدكتور يوسف عن الغريزة الجنسية وأهميتها وعظيم أثرها فيقول : " ومن الأشياء التي حيرت العلماء كنه الغريزة الجنسية ، تلك الغريزة التي تجعل الذكر ينجذب إلى الأنثى ، والأنثى تنجذب إلى الذكر .
والغريزة الجنسية هي أقوى الغرائز ؛ لأنها أهما بالنسبة لبقاء النوع وعدم انقراضه ، والهدف الرئيسي لبقاء بعض الحيوانات هو إتمام الالتقاء الجنسي ، ثم يموت بعد ذلك .
فالطور الكامل للحشرات المسماة (ذباب مايو) ، لا يزيد عن بضعة أيام ، وهي في طورها الكامل هذا لا تتغذى إذ لا توجد بها أجزاء للفم تصلح لتناول الطعام إطلاقاً ، وإنما وظيفتها الرئيسية في هذه الفترة القصيرة من العمر هي التقاء الذكر بالأنثى لإنجاب الذرية ، حيث تموت الأم بعد ذلك مباشرة بعد أن تكون أدّت رسالتها وكذلك يموت الأب .
هداية الخالق تعويض ما يفقده من أجزاء جسمه
ويتعرض الدكتور يوسف في مقالاته في جريدة الأهرام عما زود الله به مخلوقاته من خاصية تعويض الحيوان عما يفقده من أجزاء جسده فيقول : " ومن الصفات الأخرى المذهلة التي نجدها في جميع الحيوانات والنباتات القدرة على تعويض الأجزاء المفقودة ، وتوجد بدرجات مختلفة في الكائنات الحية .
ففي حيوانات عديدة مثل ذلك الحيوان المسمى ((الهيدرا)) نجد شيئاً عجيباً يكتفي العلم بوصفه ، ولكنّه لا يستطيع له تفسيراً ، هذا الحيوان يعيش في الماء ، وهو أنبوبي الشكل لا يزيد طوله عن بضعة مليمترات ، ذو قاعدة مقفلة وفتحة أمامية تستخدم كفم لدخول الطعام ، وفي الوقت نفسه تستعمل كفتحة (( است )) تخرج منها الفضلات . وحول تلك الفتحة نجد عدداً من الزوائد المجوفة ، يتصل تجويفها بتجويف الجسم .
إذا قطعنا هذا الحيوان إلى نصفين ، نصف علوي ، ونصف سفلي ، فإننا نجد أنّ بعض الخلايا في كل نصف تتكاثر بحث تستكمل الأجزاء الناقصة ، فتكون النتيجة تكوين حيوانين يشبهان الحيوان الأصلي ، ولا يقتصر الأمر على ذلك ، إذ أننا لو قطعنا ذلك الحيوان ، إلى عدة أجزاء فإنّ كل جزء ينمو ويعوض جميع الأجزاء المفقودة ، ويصبح حيواناً كامل التكوين .
ويتركب جدار الجسم لهذا الحيوان من طبقتين من الخلايا : طبقة خارجية وطبقة داخلية تحيط بالتجويف الداخلي للجسم ، وفي كل طبقة من الطبقتين توجد أنواع مختلفة من الخلايا لكل نوع منها وظيفة محددة ، ومعظم خلايا الطبقة الخارجية وظيفتها الأساسية حماية جسم الحيوان ، أما الطبقة الداخلية فوظيفتها الرئيسة هضم الغذاء الذي يبتلعه الحيوان من خلال فتحة الفم .
ولو قلبنا ذلك الحيوان كما يقلب الجورب ، فإنّ الخلايا التي كانت خارجية تصبح داخلية ، أي تحيط بتجويف الجسم ، بينما الخلايا التي كانت داخلية تصبح خارجية ، فماذا يحدث في هذه الحالة ؟ لقد وجد العلماء الذين أجروا هذه التجارب أن الخلايا التي أصبحت الآن خارجية تهاجر نحو الداخل ، بينما الخلايا التي أصبحت داخلية تهاجر نحو الخارج لكي يعود تركيب الحيوان إلى ما كان عليه ، ولو لم يحدث ذلك لمات الحيوان ، إذ إن الخلايا التي تحيط بتجويف الجسم لا بدّ أن تكون الخلايا الهاضمة ، لتتم عملية هضم المواد الغذائية التي في تجويف الجسم ، بينما الخلايا الخارجية لا بدّ أن تكون الخلايا الوقائية التي تحفظ الجسم وتقيه من التلف .
وإذا قطعنا دودة الأرض إلى جزءين ، فإنّ كل جزء ينمو ، ويعوض الجزء المفقود .
وفي حيوانات أخرى ( كالجمبري ، أو الكابوريا ) وغيرهما إذا فقدت إحدى الأرجل فإنّ رجلاً جديدة تتكون بدلاً من المفقودة .
والبرص إذا استشعر خطراً أو أمسكه من ذنبه إنسان أو حيوان فإنه يفصل ذلك الذنب عن جسمه ، وينجو من الخطر ، وينمو له ذنب جديد .
ونحن إذا جرحنا أنفسنا في أثناء الحلاقة أو لأي سبب آخر ، فإن خلايا جديدة تتكون بدلاً من الخلايا التي أتلفها الجرح ، ولو لم يحدث ذلك لما أصبح في الإمكان إجراء أية عملية جراحية .
وإذا كسرت لنا عظمة فإنّ خلايا جديدة تتكون ويلتئم الكسر .
لا يمكن أن يحدث هذا نتيجة للمصادفة ، بل لا بدّ أن يكون نتيجة تدبير يتجه نحو هدف معين ، وهو المحافظة على حياة الفرد ، وتحكمه قوى كامنة في الحيوان لم يتوصل العلم إلى كنهها ، إنها قوى أودعها الله في الحيوان ، والحيوان لا يعلم عنها شيئاً ، ولا يدرك ماذا يفعل " .
اتفاق جميع الأحياء في التنفس وإن اختلفت طرائقه
ويعرض الدكتور يوسف في مقالاته القيمة لهذا الموضوع ، فيقول : " إن عملية التنفس التي نجدها في جميع الكائنات الحية من أدناها إلى أرقاها عملية عجيبة ، وهي في جميع الحالات ليست سوى عملية أكسدة ، أي اتحاد الأكسجين بالمواد الغذائية التي في خلايا الجسم ، ونتيجة لهذه الأكسدة تنطلق طاقة اللازمة للكائن الحي التي لولاها ما استطاع القيام بأيّ نشاط من أنشطته المختلفة .
تتم هذه الأكسدة في الحيوانات المختلفة بطرق متباينة ، ولكن النتيجة في جميع الأحوال واحدة ، وهي انطلاق الطاقة ، وفي الوقت نفسه يتكون الماء ( وثاني أكسيد الكربون ) نتيجة لهذه العملية ، ولذا فالمظهر الواضح لعملية التنفس هو أخذ (الأكسجين) اللازم (لأكسدة) المواد الغذائية وبإخراج (ثاني أوكسيد الكربون) والماء الناتجين عن هذه العملية .
ففي حيوان بسيط (كالأميبا) حيث يتكون الجسم من خلية واحدة ، تتم عملية التنفس بطريقة غاية في البساطة ، إنّ هذا الحيوان الذي يشبه قطعة دقيقة من (الجيلاتين) الرخو يعيش في الماء ، ويوجد بالماء المحيط به قدر من (الأوكسجين) المذاب ، هذا (الأوكسجين) الذائب في الماء ينفذ إلى جسم (الأميبا) حيث يؤكسد المواد الغذائية التي في جسمها ، فتنطلق الطاقة اللازمة لحركتها ونموها ، وغيرها من العمليات الضرورة للحياة .ويتكون (ثاني أوكسيد الكربون) والماء نتيجة لعملية (الأكسدة) ، علاوة على انطلاق الطاقة .
وتتخلص (الأميبا) من الماء الزائد بطريقة تثير الدهشة ، حيث تتجمع قطيرات الماء حتى تتكون فجوة مليئة بالماء ، هذه الفجوة تتحرك نحو حافة جسم الحيوان ، ثم تنفجر ملقية بالماء خارج الجسم ، ثم تعود لتتكون من جديد ... وهكذا .أما ثاني (أوكسيد الكربون) فينفذ من داخل الجسم إلى الماء المحيط به .
وتحدث عملية التنفس في الحشرات عن طريق فتحات على جانبي الجسم توصل إلى شبكة من الأنابيب الدقيقة تتفرع داخل جسم الحشرة إلى أنابيب أصغر فأصغر ، حتى تصل في النهاية إلى جميع الخلايا تقريباً ، وبهذا التنظيم يدخل (الأوكسجين) من الفتحات الخارجية ، ويصل مباشرة إلى خلايا الجسم .أمّا في الإنسان وفي عديد من الحيوانات الأخرى فإنّ (الأوكسجين) يصل إلى أنسجة الجسم عن طريق الخلايا الدموية الحمراء التي تسبح في الدم ، ويوجد بداخل هذه الخلايا الدموية المادة المسماة (بالهيموجولبين) .
الخواص العجيبة لهذه المادة سرعة اتحادها ( بالأوكسجين ، وثاني أوكسيد الكربون ) والقدرة على الانفصال عنهما بسهولة . فإذا وصلت هذه الخلايا الدموية إلى الرئتين ، فإنها تتحمل الأوكسجين ، وتسير مع الدورة الدموية حتى تصل إلى الشعيرات الدموية الدقيقة التي في الأنسجة ، فينفصل الأوكسجين عنها وينفذ إلى الأنسجة من خلال الجدران الرقيقة للشعيرات الدموية حيث يستخدم (لأكسدة) المواد الغذائية ، وينفذ إليها من الأنسجة ( ثاني أوكسيد الكربون ) الناتج من عملية ( الأكسدة ) الذي تحمله إلى الرئتين حيث ينفصل عن ( الهيموجلوبين ) ، ويتخلص منه الجسم عن طريق الزفير ، ثم يتحمل من جديد (بالأوكسجين) ...وهكذا .
ويحدث التنفس بوسائل عديدة في الحيوانات المختلفة ، ولكن النتيجة في جميع الحالات واحدة ، وهي وصول (الأوكسجين) إلى خلايا الجسم ، والتخلص من ( ثاني أوكسيد الكربون) .
وهذا يدل دلالة قاطعة على شيئين :
الأول : أنّ هذا التقدير الدقيق لا بد أن يكون من فعل خالق مدبر مقدر ، إذ إنّه لا يمكن أن يحدث شيء بطرق مختلفة ، ليؤدي لنتيجة واحدة عن طريق المصادفة .
والشيء الثاني : أنّ الخالق واحد أحد ، إذ أن أسلوب الخلق مبني على أساس واحد ، ويؤدي إلى نتيجة واحدة لا تتغير "
المكاء يقتل الأفعى
وذكر ابن الأعرابي قال : أكلت حية بيض مكاء ، فجعل المكاء يصوت ويطير على رأسها ، ويدنو منها ، حتى إذا فتحت فاها وهمت به ألقى حسكة ، فأخذت بحلقها حتى ماتت ، وأنشد أبو عمر الشيباني في ذلك قول الأسدي :
إن كنت أبصرتني عيلاً ومصطلماً ××× فربما قتل المكاء ثعباناً
كلبة ترضع طفلاً مات أهله
مزيد من عجائب هداية الله مخلوقاته_كلبة ترضع طفلاً مات أهله
ويعرض علينا ابن القيم جملة من عجائب هداية الله في مخلوقاته مما توصل إليه أهل العم في زمانه ، ولاحظوه من الوقائع في عهدهم فمن ذلك :
قال الجاحظ : لما وقع الطاعون الجارف أتى على أهل دار ، فلم يشك أهل تلك المحنة أنه لم يبق منهم أحد ، فعمدوا إلى باب الدار فسدوه ، وكان قد بقي صبي صغير يرضع ، ولم يفطنوا له ، فلما كان بعد ذلك بمدة تحول إليها بعض ورثة القوم ، ففتح الباب ، فلما أفضى إلى عرصة الدار إذا هو بصبي يلعب مع جراء كلبة قد كانت لأهل الدار فراعه ذلك ، فلم يلبث أن أقبلت كلبة قد كانت لأهل الدار ، فلما رآها الصبي حبها إليها ، فأمكنته من أطبائها ، فمصها ، وذلك أن الصبي لما اشتد جوعه ورأى جراء الكلبة يرتضعون من أطباء الكلبة حبا إليها ، فعطفت عليه ، فلما سقته مرة أدامت له ذلك ، وأدام هو الطلب .
هداية الحمام وعجائب صنع الله فيه
أما حديث ابن القيم عن الحمام وبدائع صنع الله فيه ، وعجيب هدايته إلى ما هداه إليه فحديث طويل ممتع ، يدل على أن التفكير في خلق الله منهج أخذ به أهل العلم أنفسهم تحقيقاً لأمر الله لعباده ، وفي هذا يقول ابن القيم :وهذا الحمام من أعجب الحيوان هداية ، حتى قال الشافعي : أعقل الطير الحمام ، وبُردُ الحمام هي التي تحمل الرسائل والكتب ، وربما زادت قيمة الطير منها على قيمة المملوك والعبد ، فإن الغرض الذي يحصل به لا يحصل بمملوك ولا بحيوان غيره ؛ لأنه يذهب ويرجع إلى مكانه من مسيرة ألف فرسخ فما دونها ، وتنهي الأخبار والأغراض ، والمقاصد التي تتعلق بها مهمات الممالك والدول .
والقيمون بأمرها يعتنون بأنسابها اعتناء عظيماً ، فيفرقون بين ذكورها وإناثها وقت الفساد ، وتنقل الذكور عن إناثها إلى غيرها ، والإناث عن ذكورها ، ويخافون عليها من فساد أنسابها وحملها من غيرها ، ويتعرفون صحة طرقها ومحلها ، ولا يأمنون أن تفسد الأنثى ذكراً من عرض الحمام فتعتريها الهجنة ، والقيمون بأمرها لا يحفظون أرحام نسائهم ويحتاطون لها كما يحفظون أرحام حمامهم ويحتاطون لها .
والقيمون لهم في ذلك قواعد وطرق يعتنون بها غاية الاعتناء بحث إذا رأوا حماماً ساقطاً لم يخف عليهم حسبها ونسبها وبلدها ، ويعظمون صاحب التجربة والمعرفة ، وتسمح أنفسهم بالجعل الوافر له .
ويختارون لحمل الكتب والرسائل الذكور منها ، ويقولون : هو أحن إلى بيته لمكان أنثاه ، وهو أشد متناً ، وأقوى بدناً وأحسن اهتداء ، وطائفة منهم يختار لذلك الإناث ، ويقولون : الذكر إذا سافر وبعد عهده حنّ إلى الإناث وتاقت نفسه إليهن ، فربما رأى أنثى في طريقه ومجيئه فلا يصبر عنها ، فيترك السير ، ومال إلى قضاء وطره منها .
وهدايته على قدر التعليم والتوطين ، والحمام موصوف باليُمْن والإلف للناس ، ويحب الناس ويحبونه ، ويألف المكان ويثبت على العهد والوفاء لصاحبه ، وإن أساء إليه ، ويعود إليه من مسافات بعيدة ، وربما صد فترك وطنه عشر حجج ، وهو ثابت على الوفاء ، حتى إذا وجد فرصة واستطاعة عاد إليه .
والحمام إذا أراد السفاد يلطف للأنثى غاية اللطف ، وإذا علم الذكر أنه أودع رحم الأنثى ما يكون منه الولد يقوم هو والأنثى بطلب القصب والحشيش وصغار العيدان ، فيعملان منه أفحوصة ، وينسجانها نسجاً متداخلاً في الوضع الذي يكون بقدر حيمان الحمامة ، ويجعلان حروفها شاخصة مرتفعة ، لئلا يتدحرج عنها البيض ، ويكون حصناً للحاضن ، ثم يتعاودان ذلك المكان ، ويتعاقبان الأفحوص يسخنانه ، ويطيبانه وينفيان طباعه الأول ، ويحدثان فيه طبعاً آخر مشتقاً ومستخرجاً من طباع أبدانهما ورائحتهما ، لكي تقع البيضة إذا وقعت في مكان هو أشبه المواضع بأرحام الحمام ، ويكون على مقدار من الحر والبرد والرخاوة والصلابة .
ثم إذا ضربها المخاض بادرت إلى ذلك المكان ، ووضعت فيه البيض ، فإن أفزعها رعد قاصف رمت بالبيضة دون ذلك المكان الذي هيأته كالمرأة التي تُسقط من الفزع .
فإذا وضعت البيض في ذلك المكان لم يزالا يتعاقبان الحضن ، حتى إذا بلغ الحضن مداه وانتهت أيامه انصدع عن الفراخ ، فأعاناه على خروجه ، فيبدآن أولاً بفتح الريح في حلقه حتى تتسع حوصلته ، علماً بأن الحوصلة تضيق عن الغذاء ، فتتسع الحوصلة بعد التحامها ، وتنفتق بعد ارتتاقها .
ثم يعلمان أن الحوصلة وإن كانت قد اتسعت شيئاً فإنها في أول الأمر لا تحتمل الغذاء ، فيزقانه بلعابهما المختلط بالغذاء ، وفيه قوى الطعم .
ثم يعلمان أن طبع الحوصلة تضعف عن استمرار الغذاء ، وأنها تحتاج إلى دفع وتقوية ، لتكون لها بعض المتانة ، فيلقطان من الغيطان الحب اللين الرخو ، ويزقانه الفرخ ، ثم يزقانه بعد ذلك الحب الذي هو أقوى وأشد .
ولا يزالان يزقانه بالحب والماء على تدريج بحسب قوة الفرخ ، وهو يطلب ذلك منهما ، حتى إذا علما أنه قد أطاق اللقط منعاه بعض المنع ، ليحتاج إلى اللقط ويعتاده ، وإذا علما أن رئته قد قويت ونمت ، وأنهما إن فطماه فطماً تاماً قوي على اللقط وتبلغ لنفسه ضرباه إذا سألهما الزق ، ومنعاه .ثم تنزع تلك الرحمة العجيبة منهما ، وينسيان ذلك التعطف المتمكن حين يعلمان أنه قد أطاق القيام بالتكسب بنفسه ، ثم يبتدآن ابتداء ذلك النظام .
ومن عجيب هداها أنها إذا حملت الرسائل سلكت الطرق البعيدة عن القرى ومواضع الناس ؛ لئلا يعرض لها من يصدها ، ولا يرد مياههم ، بل يرد المياه التي لا يردها الناس .
ومن هداية الحمام أن الذكر والأنثى يتقاسمان أمر الفراخ ، فتكون الحضانة والتربية والكفالة على الأنثى ، وجلب القوت والزق على الذكر ، فإنّ الأب هو صاحب العيال والكاسب لهم ، والأم هي التي تحبل وتلد وترضع .
ومن عجيب أمرها ما ذكره الجاحظ : أن رجلاً كان له زوج حمام مقصوص ، وزوج طيار ، وللطيار فرخان ، قال : ففتحت لهما في أعلى الغرفة كوة للدخول والخروج وزق فراخهما ، قال : فحبسني السلطان فجأة ، فاهتممت بشأن المقصوص غاية الاهتمام ، ولم أشك في موتهما ؛ لأنها لا يقدران على الخروج من الكوة ، وليس عندهما ما يأكلان ويشربان .
قال : فلما خلي سبيلي ، لم يكن لي هم غيرهما ، ففتحت البيت فوجدت الفراخ قد كبرت ، ووجدت المقصوص على أحسن حال ، فعجبت ، فلم ألبث أن جاء الزوج الطيار ، فدن الزوج المقصوص إلى أفواههما يستطعمانهما كما يستطعم الفرخ فزقاهما .
فانظر إلى هذه الهداية ، فإن المقصوصين لما شاهدا تلطف الفراخ ، للأبوين وكيف يستطعمانهما إذا اشتد بهما الجوع والعطش ، فعلا كفعل الفرخين ، فأدركتهما رحمة الطيارين ، فزقاهما كما يزقان فرخيهما .
ومن هدايتها أيضاً أنه إذا رأى الناس في الهواء عرف أي صنف يريده ، وأي نوع من الأنواع ضده ، فيخالف فعله ليسلم منه ، ومن هدايته أنه في أول نهوضه يغفل ، ويمر بين النسر والعقاب ، وبين الرخم والبازي ، وبين الغراب والصقر ، فيعرف من يقصده ، ومن لا يقصده ، وإن رأى الشاهين فكأنه يرى السم الناقع ، وتأخذه حيرة كما يأخذ الشاة عند رؤية الذئب ، والحمار عند مشاهدة الأسد .
هداية الهدهد وعجائب صنع الله فيه
ويحدثنا ابن القيم بأسلوبه السهل الأخاذ عن نوع آخر من مخلوقات الله التي لها في كتاب الله ذِكْر ، ألا وهو الهدهد ، متحدثاً عن هداية الله له فيقول :" وهذا الهدهد من أهدى الحيوان وأبصره بمواضع الماء تحت الأرض ، لا يراه غيره ، ومن هدايته ما حكاه الله عنه في كتابه أنه قال لنبي الله سليمان ، وقد فقده وتوعده ، فلما جاء بَدَره بالعذر قبل أن ينذره سليمان بالعقوبة ، وخاطبه خطاباً هيجه به على الإصغاء إليه والقبول منه ، فقال : ( أحطت بما لم تُحط به ) [ النمل : 22 ] ، وفي ضمن هذا أني أتيتك بأمر قد عرفته حق المعرفة بحيث أحطت به ، وهو خبر عظيم له شأن ، فلذلك قال : ( وجئتك من سبإ بنبإٍ يقينٍ ) [ النمل : 22 ] ، والنبأ هو الخبر الذي له شأن ، والنفوس متطلعة إلى معرفته ، ثم وصفه بأنه نبأ يقين ، لا شك فيه ولا ريب ، فهذه مقدمة بين يدي إخباره لنبي الله بذلك النبأ استفرغت قلب المخبر لتلقي الخبر ، وأوجبت له التشوق التام إلى سماعه ومعرفته ، وهذا نوع من براعة الاستهلال وخطاب التهييج .
ثم كشف عن حقيقة الخبر كشفاً مؤكداً بأدلة التأكيد ، فقال : ( إنّي وجدت امرأةً تملكهم ) [ النمل : 23 ] ، ثم أخبر عن شأن تلك الملكة ، وأنها من أجلّ الملوك بحث أوتيت من كل شيء يصلح أن تؤتاه الملوك ، ثم زاد في عظيم شأنها بذكر عرشها الذي تجلس عليه ، وأنه عرش عظيم ، ثم أخبره بما يدعوه إلى قصدهم ، وغزوهم في عقر دارهم بعد دعوتهم إلى الله ، فقال : ( وجدتُّها وقومها يسجدون للشَّمس من دون الله ) [ النمل : 24 ] .
وحذف أداة العطف من هذه الجملة ، وأتى بها مستقلة غير معطوفة على ما قبلها ، إيذاناً بأنها هي المقصودة ، وما قبلها توطئة لها ، ثم أخبر عن المغوي لهم ، الحامل لهم على ذلك ، وهو تزيين الشيطان لهم أعمالهم ، حتى صدهم عن السبيل المستقيم ، وهو السجود لله وحده ، ثم أخبر أن ذلك الصد حال بينهم وبين الهداية والسجود لله الذي لا ينبغي السجود إلا له .
ثم ذكر من أفعاله – سبحانه – إخراج الخبء في السماوات والأرض ، وهو المخبوء فيهما من المطر والنبات والمعادن وأنواع ما ينزل من السماء ، وما يخرج من الأرض ، وفي ذكر الهدهد هذا الشأن من أفعال الرب تعالى بخصوصه إشعار بما خصه الله به من إخراج الماء المخبوء تحت الأرض .
قال صاحب الكشاف : وفي إخراج الخبء إمارة على أنه من كلام الهدهد لهندسته ومعرفته الماء تحت الأرض ، وذل بإلهام مَنْ يخرج الخبء في السماوات والأرض جلت قدرته ولطف علمه ، ولا يكاد يخفى على ذي الفراسة الناظر بنور الله مخايل كل شخص بصناعة أو فن من المعلم في روائه ومنطقه وشمائله ، فما عمل آدمي عملاً إلا ألقى عليه رداء عمله " .
هداية الثعلب وحيله
ومن عجيب هداية الثعلب أنه إذا امتلأ من البراغيث أخذ صوفة بفمه ، ثم عمد إلى ماء رقيق ، فنزل فيه قليلاً ، حتى ترتفع البراغيث إلى الصوفة ، فيلقيها في الماء ويخرج .
ومن عجيب أمره أن ذئباً أكل أولاده ، وكان للذئب أولاد وهناك زبية ، فعمد الثعلب وألقى نفسه فيها ، وحفر فيها سرداباً يخرج منه ، ثم عمد إلى أولاد الذئب فقتلهم ، وجلس ناحية ينتظر الذئب ، فلما أقبل وعرف أنها فعلته هرب قدامه ، وهو يتبعه ، فألقى نفسه في الزبية ، ثم خرج من السرداب ، فألقى الذئب نفسه وراءه فلم يجده ، ولم يطق الخروج ، فقتله أهل الناحية .
ومن عجيب أمره أن رجلاً كان معه دجاجتان ، فاختفى له ، وخطف إحداهما وفر ، ثم أعمل فكره في أخذ الأخرى ، فتراءى لصاحبها من بعيد وفي فمه شيء شبيه بالطائر ، وأطعمه في استعادتها بأن تركه وفر ، فظن الرجل أنها الدجاجة ، فأسرع نحوها ، وخالفه الثعلب إلى أختها ، فأخذها وذهب .
ومن عجيب أمره أنه أتى إلى جزيرة فيها طير ، فأعمل الحيلة كيف يأخذ منها شيئاً فلم يطق ، فذهب وجاء بضغث من حشيش وألقاه في مجرى الماء الذي نحو الطير ففزع منه ، فملا عرفت أنه حشيش رجعت إلى أماكنها ، فعاد لذلك مرة ثانية ، وثالثة ، ورابعة ، حتى تواظب الطير على ذلك وألفته ، فعمد إلى جرزة أكبر من ذلك ، فدخل عليها وعبر إلى الطير ، فلم يشك الطير أنه من جنس ما قبله ، فلم تنفر منه ، فوثب على طائر منها وعدا به .
ومن عجيب أمره أنه إذا اشتد به الجوه انتفخ ، ورمى بنفسه في الصحراء كأنّه جيفة ، فتتداوله الطير ، فلا يظهر حركة ولا نفساً ، فلا تشك أنه ميت ، حتى إذا نقر بمنقاره ، وثب عليها ، فضمها ضمة الموت .
ومن عجيب أمره أنه إذا أصاب القنفذ ، قَلَبَهُ لأجل شوكه ، فيجتمع القنفذ حتى يصير كبة شوك ، فيبول الثعلب على بطنه ما بين مغرز عجبه إلى فكيه ، فإذا أصابه البول اعتراه الأسر ، فانبسط ، فيسلخه الثعلب من بطنه ، ويأكل مسلوخه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من عجائب خلق الله...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من عجائب خلق الله...هداية النحل وشيء من عجائب خلق الله فيه
» من عجائب خلق الله...
» عجائب بسم الله الرحمن الرحيم
» عجائب بسم الله الرحمن الرحيم
» عجائب بسم الله الرحمن الرحيم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: