مجزرة مخيم جنين/7/4/2002م

هاجمت مئات الدبابات والمجنزرات وآلاف الجنود الإسرائيليين المخيم الذي يعيش فيه حوالي 13 الف نسمة على مساحة 64 دونما فقط وقاموا بإطلاق نيرانهم على المدنيين العزل وهدم المنازل على أهلها بالبلدوزات والذي يعد
مخالف للمادة 16 من القانون الدولي كما ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجازر وجرائم حرب راح ضحيتها ما يزيد عن 380 شهيد متناثرين في المخيم
بالإضافة لمئات الجرحى تركوا ينزفون في الأزقة والشوارع وداخل المنازل لعدة أيام .
وفى صباح يوم الأحد 7/4/2002 أرغمت قوات الاحتلال المواطنين على التجمع في حارة الدمج على أطراف المخيم وفى هذه الأثناء أعدمت شابين فلسطينين أمام أعين أهاليهم كما أكدت المصادر أن الغذاء والماء وابسط أنواع الأدوية قد نفذت كليا …...تعرض المخيم إلى كارثة إنسانية كما أفاد جستن هاغلر ووفل رفيز في مجلة الإندبندنت البريطانية في مقال نشر في صحيفة القدس بتاريخ 15/4/2002 تحت عنوان " إسرائيل تدفن الأجساد ولكنها لا تستطيع أن تدفن الأدلة "
وقد أحدثت قوات الاحتلال الإسرائيلي دمارا كبيرا دمرت خلالها ما يزيد عن 2000 منزلا في مخيم جنين تدميرا كاملا ومئات المنازل تدميرا جزئيا وتشريد آلاف العائلات واعتقال الكثير من المواطنين كما دمرت البنية التحتية في كافة المدن والمخيمات وأحدثت خرابا واسعاً في كثير من المؤسسات المدنية .
فالمنظر في المخيم أشد فظاعة وشراسة وعلى النفس البشرية أشد إيلاما وارتكبت قوات الاحتلال منذ بدء اجتياح المخيم في 3/4/2002 جرائم حرب …فمعظم مباني المخيم الذي كان يضم في ما يزيد عن 13 الف من لاجئ نكبة 48 أصبحت مهدمة والأخر آيلة للسقوط وفى كل جدار ترتسم الفجوات والفتحات التي اخترقتها قذائف وشظايا تدل على فظاعة وشدة النيران التىأطلقتها طائرات الأباتشى والكوبرا الإسرائيلية على مدى نحو أسبوعين وبشكل متواصل 0
وبدا المشهد في مخيم جنين كان زلزال ضربه فتتدلى قطع الحديد والخرسانة من الأبنية وتستطيع أن ترى فوق الحطام والأكوام محتويات من الأثاث والعاب الأطفال والأواني المنزلية وتحت الأنقاض وأكوام الحجارة والأسمنت تشم رائحة الجثث وهى متفحمة وأخرى متحللة وترى أجزاء مبعثرة من أجسام المواطنين في عدة اتجاهات ودماء ملطخة على الجدران ,وقد ذكر شهود عيان
أن نحو 30 جثة تحت أنقاض منزل نصف مدمر بعد أن انتهوا من تكديس الجثث جرفوا المبنى بالجرافات لتنهال الأنقاض فوق الجثث في قبر جماعي في حارة الحواشي وقاموا بتسوية المكان بإحدى الدبابات وهنالك جثث تحت حطام يصل ارتفاعه 25 متر قدم في بعض المواقع .
وضمن خطط التعتيم الإسرائيلية لإخفاء جرائمها ظلت تمنع دخول الطواقم الطبية و جميع سيارات الإسعاف سواء التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني أو الصليب الأحمر الدولي أولو كالة الغوث الدولية أو لأي جهة إنسانية لمخيم جنين منتهكة اتفاقيات جنيف كما منعت الصحفيين وأبعدت عيون الكاميرات وأعلنتها منطقة عسكرية مغلقة تطوق دباباتها الميركافا وناقلات الجنود المدرعة وسيارات الجيب وأغلقوا كل سبل الوصول للمستشفيات ومراكز العناية الطبية كما قطعت الكهرباء والمياه .
وفى بلدة طوباس في محافظة جنين بتاريخ 6/4/2002 اقترفت القوات الإسرائيلية جريمة قتل بدم بارد راح ضحيتها ستة مواطنين كانوا قد أصيبوا في رؤوسهم وفىكما استشهدت الطفلة دينا إبراهيم طوافطة 14 عاما من طوباس بقذيفة أطلقت على بيتها0
وفى بلدة عرابة في محافظة جنين أيضا اقترفت قوات الاحتلال بتاريخ 10/4/2002 جريمة قتل وبدم بارد راح ضحيتها مزارع فلسطيني وزوجتيه والتي كانت إحداهما حامل وقد أصيبوا جميعا برصاص في أنحاء الجسم .
وفى ظل استهدافها للأطقم الطبية تعرض مستشفى جنين إلى قصف مكثف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أسفر عن إلحاق أضرار جسيمة في المختبر ووحدة الأوكسجين هذا بالإضافة إلى أن إمدادات الكهرباء قطعت عن المستشفى لدرجة أن ثلاجات حفظ الموتى لم تعد قادرة على العمل وتم دفن الجثث المتحللة إلى أحضرت من أجزاء أخرى من المدينة في حدائق المستشفى كما تعرض مستشفى الرازى في المدينة لأعمال قصف مماثلة أدت إلى تعطيل العمل داخل المستشفى كما أن أطقم الإسعاف لم تتمكن من إسعاف 7 مصابين سقطوا على بعد مائة متر من المستشفى وظلت تفرض حظر التجول بشكل كامل على مستشفى جنين باعتبارها جزءا من المخيم لنحو أسبوعين .
حتى يوم 15/4/2002 ووزارة الصحة تحاول بالتعاون مع الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدخول لمخيم جنين لإخلاء الجرحى والشهداء ولم يسمح لها كما لم تتمكن من إحضار مرضى الفشل الكلوي إلي مستشفى جنين لعلاجهم مما أدى لوفاتهم وهم راضى أحمد ذيب مرعى وإيناس حسنى صالح ملح
وفى 8/4 تم إحضار وبصعوبة جدا وبعد التنسيق أربعة جرحى ولكن اختطفت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة منهم من داخل سيارات الإسعاف 0
وخرج آلاف الفلسطينيون بعد أكثر من أسبوعين مذهولين من حطام المنازل الذي كان مسرحا لأعنف قتال منذ بدء اجتياحها في 3/4/2002 خرج
الفلسطينيون بعد ما يزيد عن أسبوعين هائمون وسط الحطام غير مصدقين مايرون في الأماكن التي كانت بها منازل قائمة وقد قامت إسرائيل بتعطيل جهود عمال الإغاثة كما منعت رجال الإنقاذ من الاقتراب من الناجين في مخيم جنين .
وقد أدت الجرائم الإسرائيلية إلى أن يعبر العديد من مسؤولى المجتمع الدولي عن استيائهم :
**دعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفى عنان إلى إرسال قوات دولية متعددة الجنسيات على وجه السرعة للأراضي الفلسطينية المحتلة.
** أعلن تيرى رود لارسن الموفد الخاص للأمم المتحدة لدى زيارته مخيم جنين أن الدمار في المخيم يشهد على " فظاعة تفوق التصور " وقال أن المخيم دمر كليا كأن زلزالا حل في المخيم وأكد أن هذا غير مقبول إطلاقا وتابع لدينا خبراء اعتادوا الحروب والهزات الأرضية ويؤكدون انهم لم يشاهدوا حتى الآن شيئا مماثلا مضيفا انه غير مقبول إطلاقا الاتكون الحكومة الإسرائيلية سمحت منذ إحدى عشر يوما لفرق الإنقاذ والبحث عن الناجين من دخول المخيم "
**قال بيتر هانسن المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) أن إسرائيل استخدمت قوة غير متناسبة في هجومها على مخيم جنين ودمرت منازل يسكنها ما يصل إلى 5 الاف فلسطيني هنالك وقال إن هنالك دليلا على الاستخدام الكاسح وغير المتناسب على ما يبدو للقوة.
**قال بيرنز مساعد وزير الخارجية الأمريكية أن ما نراه في جنين هو مأساة إنسانية مروعة وأوضح أن ما حدث هنا تسبب في معاناة إنسانية هائلة لآلاف المدنيين الفلسطينيين ودعا السلطات الإسرائيلية للسماح لوصول منظمات الإغاثة الدولية للمخيم .
**عبر المبعوث الروسي فيدوفين عن صدمته إزاء حجم الدمار في مخيم جنين وقال إنه دمار كبير جدا لم أتخيله أبدا في مثل هذا المخيم وقال " إنه يعيش انطباعات رهيبة بعد أن شاهد مأساة الإنسانية الحقيقية وعايشها في المخيم "
** ودعت منظمة العفو الدولية في تصريحات نشرت يوم 16/4 إلى إجراء تحقيقات فورية في مقتل " مئات الفلسطينيين " في جنين بالضفة الغربية وذلك بعد أن تمكن وفد المنظمة من دخول المخيم مؤخرا وقالت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان والتي تتخذ من لندن مقراً لها " نخشى من أنه إذا لم يتم إجراء التحقيقات فورا لتوضيح ظروف مقتل مئات الفلسطينيين في المخيم فإن أدلة جوهرية يمكن أن تدمر فيما تواصل إسرائيل عرقلة دخول العالم الخارجي إلى المخيم .
**أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة أن السلطات الإسرائيلية منعت رجال إنقاذ واليات رفع الأنقاض من الدخول إلى مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية حيث دفن بعض الأهالي أحياء تحت أنقاض مبانيهم المهدمة كما أعلن مكتب إنقاذ اللاجئين التابع لوكالة الغوث
لوكالة الأمم المتحدة أن الجيش الإسرائيلي حول اقسم الأكبر من المخيم إلى أنقاض .
**وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مارى روبنسون في جنيف في تقرير لها ان خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي الثلاثة أسابيع أن الجنود الإسرائيليين استخدموا في العديد من الحالات مدنيين فلسطينين كدروع بشرية أثناء تفتيشهم المنازل أو فتحهم أي طرود مشبوهة 0
وكانت وزارة الصحة قد حذرت من الوضع المتدهور نتيجة الاحتلال الإسرائيلي ومنع التجول وهدم البنية التحتية وأشارت إلى أن الوضع الصحي ينذر بكارثة قد ينجم عنها انتشار الأوبئة والأمراض المعدية خاصة مع وجود الجثث وتحللها وعبث الحيوانات بها0
وقالت إن تدمير البنية التحتية ووجود المياه العادمة في جميع الشوارع وفى جميع المدن يهدد بتكاثر البعوض والحشرات الناقلة للأمراض من جهة وبتلوث مياه الشرب من ناحية أخرى نتيجة للامتصاص من خلال الأنابيب أو الاختلاط للمياه العادمة مع مياه الشرب .
وذكر وزارة الصحة أن انقطاع المياه عن مخيم جنين واضطرار البعض لشرب المياه العادمة للبقاء على قيد الحياة يهدد دون أدنى شك بالعديد من الأوبئة وحذرت من انتشار وباء الديزونطارية والسلمونيلا وحمى التيفوئيد هذا بالإضافة إلى العديد من الأمراض البكتيرية والفيروسية والطفيلية0
وحذرت وزارة الصحة من خطورة استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي من تقييد حركة الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف واعتبرته مخالف للمواد 23 و55 و56 من القانون الدولي المتعلق بحرية مرور المواد الطبية للمستشفيات وغيرها .