فلسطين ما بعد تحرير الكويت

وعقب انتهاء الحرب بما أسفرت عنه من نتائج وتحالفات، ومع تمركز القوات الأمريكية في مناطق عديدة في دول الخليج العربي، أعلن الرئيس (جورج بوش)، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، في بيان ألقاه أمام (الكونجرس الأمريكي) في السادس من آذار (مارس) 1991 أنَّ على الولايات المتحدة الأمريكية أنْ "تعمل كلَّ ما تستطيعه من أجل سدِّ الفجوة بين إسرائيل والدُّول العربية، وبين إسرائيل والفلسطينيين"، وأعلن أيضاً أنَّ "السَّلام الشامل ينبغي أن يقوم على أساس قرارات مجلس الأمن الدَّولي 242 و 338، وعلى مبدأ الأرض مقابل (من أجل) السَّلام، وأنه لا بدَّ لهذا المبدأ من أن يدرس بالتفصيل من قبل جميع الأطراف، وأنْ يُطبَّق على نحوٍّ يكفل أمن إسرائيل والاعتراف بها، وفي الوقت نفسه، يكفل حقوق الفلسطينيين السياسية المشروعة". وعقب هذا البيان، شرع وزير الخارجية الأمريكي (جيمس بيكر) في بذل جهود مستمرِّة من أجل الوصول إلى صفقة للسَّلام في الشَّرق الأوسط.
وفي مجرى الاتصالات السياسية بشأن المؤتمر المزمع عقده، تبَّين بوضوح أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية قد رضخت للضغوط الإسرائيلية بشأن استبعاد منظمة التحرير الفلسطينية عن المشاركة فيه حيث أصرت إسرائيل، ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية، ألا يكون هناك تمثيلٌ فلسطينيٌ مستقلٌ وأنْ يُشارك الفلسطينيون من داخل الأراضي المحتلة ضمن وفد أردني فلسطيني مشترك لا تشارك فيه قيادات بارزة من منظمة التحرير الفلسطينية، ولا تشترك منظمة التحرير الفلسطينية في اختيار أعضائه. وقد كان لهذا الإصرار أنْ يُوحي بتصورات كلٍّ من إسرائيل وأمريكا للحل المزمع ترويجه. وبعد مفاوضات شاقة قامت منظمة التحرير الفلسطينية باختيار أعضاء الوفد الفلسطيني ضمن الوفد
الأردني الفلسطيني المشترك، وهو الأمر الذي يعني أنها شاركت في مؤتمر مدريد، ولكن من وراء قناع. وحين انتقل مؤتمر مدريد إلى واشنطن، فيما بعد، بدأت مفاوضات "الكريدور" التي أكَّدت الوجود المستقل للوفد الفلسطيني. وقد استمرت المفاوضات دون تحقيق أي نتيجةٍ تذكر.