المستقبل السياسي للقضية الفلسطينية

وفي تطوَّر بالغ الأهمية، وذي تأثير كبير على مستقبل مسيرة البحث عن حلٍّ سياسيٍّ للقضية الفلسطينية، قام الأخ أبو عمار أثناء رحلته البحرية من طرابلس إلى اليمن مروراً بقناة السويس، بكسر طوق مقاطعة مصر، حيث التقى الرئيس المصري حسني مبارك وأركان حكومته الذين كانوا في استقباله عند مرور السفينة التي استقلها ومقاتلو منظمة التحرير بقناة السويس. غادر أبو عمار السفينة مدة ساعاتٍ للاجتماع بالرئيس محمد حسني مبارك، وكان هذا الاجتماع بين الرئيسين اجتماعاً ذا شأن كبير، حيث أسَّس لعودة العلاقات الفلسطينية المصرية، وتعميقها، ومكَّن منظمة التحرير الفلسطينية من تعويض جانبٍ من الخسارة التي لحقت بها في الساحة السورية، وفتح أمام مصر باب العودة إلى المجموعة العربية والشروع، مجدداً، في ممارسة دور سياسي بارز في الإطارين العربي والإقليمي، وربما في الإطار الدَّولي أيضاً، كما أتاح لها إمكانية الدخول، مجدداً، إلى سوق التجارة العربية ذي الشأن الكبير بالنسبة لاستراتيجيتها الاقتصادية.
ونظراً لما أصاب العلاقات السورية الفلسطينية من أضرار جسيمة عقب حركة الانشقاق ومن جراء مصادمات طرابلس، ولما أحدثه اجتماع الأخ أبو عمار بالرئيس المصري من مفاجأة سياسية، ولما كان يُتوقَّع أنٍ يترتب عليه من نتائج ذات تأثير سياسي كبير، وذلك باعتباره أول لقاء يتمُّ، علناً، بين زعيم عربي
تطورات القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي
بعد خروج القوات الفلسطينية من بيروت وكان آخرها الخروج من طرابلس وعودة العلاقة الفلسطينية المصري فقد تمثَّلت هذه التطورات، على وجه الخصوص، في أمرين:
أولهما:- بدء تفكُّك الاتحاد السوفيتي وانهيار منظومة الدُّول الاشتراكية التي شكلت حليفاً للثورة الفلسطينية وداعماً لها طيلة مسيرتها.
ثانيهما:- إقدام العراق، في الثاني من آب (أغسطس) 1990، على غزو الكويت واحتلاله، وهو الأمر الذي ووجه برفض دولي شامل على نحو أدَّى إلى حشد قوات كبيرة من دول عديدة سُمِيَت " بقوات التحالف ".
وقد قامت هذه القوات بشنَّ حربٍ على القوات العراقية بهدف معلنٍ هو تحرير الكويت، ولكنها هاجمت مناطق عديدة في العراق، وفرضت حصاراً عسكرياً عليه، ثمَّ تطور الأمر إلى محاصرته حصاراً كاملاً بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي. وفي الوقت نفسه تعرَّضت منظمة التحرير الفلسطينية إلى حصار سياسيٍّ وماليٍّ خانقين، وذلك نتيجة للموقف الذي اتخذته ضدَّ هذه الحرب التي أنتجت انقساماً حاداً في الواقع السياسي العربي، حيث انهارت تحالفات كانت قائمةً، وبرز تحالف جديد هو تحالف مجموعة دول "إعلان دمشق".
يلقي الرئيس الأمريكي رونالد ريجان خطابا
1/9/1982م القي الرئيس الأمريكي رونالد ريجان خطابا خصصه لمعالجة قضية فلسطين والشرق الأوسط وقدم فيه إطارا عاما لحل هذه القضية .
الإطار هو اتفاقيات كامن ديفيد التي هي السبيل الوحيد لحل النزاع العربي الإسرائيلي .
مبادرة الرئيس ريجن مباشرة عقب انتهاء جلاء قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت بيوم واحد أطلق الرئيس الأمريكي رونالد ريجن في الثاني من أيلول سبتمبر 1982م مبادرة للسلام أكد فيها إن خسائر منظمة التحرير الفلسطينية ف الحصار لم تقض على تطلعات الشعب الفلسطيني وانه لابد من التوفيق بين المطالب الأمنية المشرعة لإسرائيل والحقوق المشروعة للفلسطينيين .
ودعا الرئيس ريجن الشعب الفلسطيني للتسليم بان تطلعاته السياسية مرتبطة بالاعتراف بحق إسرائيل في مستقبل امن وان إسرائيل موجودة ولها الحق في الوجود في سلام وراء حدود أمنة يمكن الدفاع عنها .
وأوضح انه يوافق على إن للفلسطينيين الحق في القول إن قضيتهم أكثر من مسالة لاجئين .وفيما يتعلق بمستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة أكد الرئيس الأمريكي ريجن إن المادة الخاصة بالانسحاب في القرار 242 الذي هو حجر الأساس لجهود السلام تنطبق على جميع الجبهات بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة ولكنه أكد في المقابل إن لا يمكن للسلام إن يتحقق عن طريق إقامة دولة فلسطينية فيهما مثلما لا يمكن إن يتحقق من خلال سيطرة إسرائيل الكاملة أو سيادتها عليهما .
واعتبر الرئيس الأمريكي إن المفاوضات المباشرة ستتناول مسالة مستقبل هاتين المنطقتين للاتفاق على وضعهما النهائي . ورأى إن حكما ذاتيا من جانب الفلسطينيين للضفة الغربية وقطاع غزة مرتبطين بالأردن يوفر أفضل فرصة لسبل إقامة سلام دائم وعادل وثابت .
وهكذا كرر الرئيس الأمريكي ما كانت اتفاقيات كامن ديفيد قد طرحته بشان إجراء مفاوضات موسعة لجهة عدد المشاركين فيها والموضوعات التي ستتناولها كي تؤدي هذه المفاوضات إلى الاتفاق على مرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات يتمتع فيها الفلسطينيون بحكم ذاتي وسلطة منتخبة وأكد عدم تأييده لاستغلال أي أراض إضافية لإقامة مستوطنات إسرائيلية خلال المرحلة الانتقالية .
وقد تضمنت مبادرة الرئيس ريجن توضيحا للمبادئ التي يستند إليها الموقف الأمريكي وهي إن النزاع العربي الإسرائيلي يجب إن يحل بمفاوضات تنطوي
على مبدأ مبادلة الأرض بالسلام وان حجم الأراضي التي يجب إن يطلب من
إسرائيل التخلي عنها يتأثر إلى حد كبير بحجم ما يتحقق من سلام حقيقي وتطبيع للعلاقات وبالترتيبات الأمنية المعروضة في المقابل وان القدس ينبغي إن تبقى غير مجزاة وان يتقرر وضعها النهائي بالتفاوض وان التزام أمريكا بأمن إسرائيل التزام راسخ .
مؤتمر القمة العربي الثاني عشر الثاني
وبعد أسبوع واحد من إطلاق الرئيس الأمريكي رونالد ريجن مبادرته التئم مؤتمر القمة العربي الثاني عشر في فأس ليعيد مناقشة مبادرة الأمير فهد بن عبد العزيز .
مؤتمر القمة العربي الثاني عشر الثاني الذي عقد في مدينة فأس المغربية مؤتمر فأس بعد إقرارها من قبل هذا المؤتمر حازت مبادرة الأمير فهد بن عبد العزيز تسمية جديدة فأصبحت تعرف باسم مشروع فأس وقد اشتمل هذا المشروع على ثمان نقاط هي :
انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة التي احتلتها في العام 1967م بما فيها القدس العربية .
إزالة المستوطنات التي إقامتها إسرائيل في الأراضي العربية بعد العام 1967م .
ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة
تأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وممارسة حقوقه الثابتة غير القابلة للتصرف بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة الشرعي والوحيد وتعويض من لا يرغب في العودة .
إخضاع الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقال تحت إشراف الأمم المتحدة ولمدة لأتزيد عن بضعة أشهر .
قيا الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
يضع مجلس الأمن الدولي ضمان تنفيذ تلك المبادئ .
يتولى مجلس الأمن الدولي ضمان تنفيذ تلك المبادئ .
شقت هذه المبادرة الساحة الفلسطينية بين قابل ورافض على نحو أدى إلى حدوث شرخ داخل منظمة التحرير الفلسطينية وذلك في الوقت الذي كان للحرب العراقية الإيرانية إن تفرز تحالفات جديدة في الساحة العربية على وجه العموم .
ومن الجدير بالذكر هنا إن بعض الإخوة في القيادة الفلسطينية كانوا قد فتحوا نقاشا وحوارا مع قوى إسرائيلية ديمقراطية او محبة للسلام .
وفي البدء طرح امر هذا الحوار على نحو متردد وخجول على المجلس الوطني الفلسطيني وتبع ذلك مؤشرات تدل على حدوث او امكان حدوث تغير ما في الموقف الاسرائيلي بخصوص الاعتراف بالشعب الفلسطيني.