ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 ذكر ما قاله أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حج متمتعا /الجزء الخامس / (البداية والنهاية)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

ذكر ما قاله أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حج متمتعا /الجزء الخامس / (البداية والنهاية) Empty
مُساهمةموضوع: ذكر ما قاله أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حج متمتعا /الجزء الخامس / (البداية والنهاية)   ذكر ما قاله أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حج متمتعا /الجزء الخامس / (البداية والنهاية) Emptyالجمعة ديسمبر 25, 2009 8:38 am

ذكر ما قاله أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حج متمتعا /الجزء الخامس / (البداية والنهاية) Kunoooz5afd32617b

(البداية والنهاية)
ذكر ما قاله أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حج متمتعا
قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، ثنا ليث، حدثني عقيل عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال: تمتع رسول الله في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهل فساق الهدي من ذي الحليفة، وبدا رسول الله فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، وكان من الناس من أهدى فساق الهدي من ذي الحليفة، ومنهم من لم يهد، فلما قدم رسول الله مكة قال للناس: «من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجته، ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد، فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام، وسبعة إذا رجع إلى أهله».
وطاف رسول الله حين قدم مكة استلم الحجر أول شيء، ثم خب ثلاثة أشواط من السبع، ومشى أربعة أطواف، ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم فانصرف، فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة، ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه، ونحر هديه يوم النحر، وأفاض فطاف بالبيت، وفعل مثل ما فعل رسول الله من أهدى فساق الهدي من الناس.
قال الإمام أحمد: وحدثنا حجاج، ثنا ليث، حدثني عقيل عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أن عائشة أخبرته، عن رسول الله في تمتعه بالعمرة إلى الحج، وتمتع الناس معه بمثل الذي أخبرني سالم بن عبد الله عن عبد الله، عن رسول الله .
وقد روى هذا الحديث البخاري عن يحيى بن بكير.
ومسلم وأبو داود عن عبد الملك بن شعيب، عن الليث، عن أبيه.
والنسائي عن محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، عن حجين بن المثنى، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة كما ذكره الإمام أحمد رحمه الله.
وهذا الحديث من المشكلات على كل من الأقوال الثلاثة.
أما قول الإفراد: ففي هذا إثبات عمرة، إما قبل الحج أو معه.
وأما على قول التمتع الخاص: فلأنه ذكر أنه لم يحل من إحرامه بعد ما طاف بالصفا والمروة، وليس هذا شأن المتمتع.
ومن زعم أنه إنما منعه من التحلل سوق الهدي، كما قد يفهم من حديث ابن عمر عن حفصة أنها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة، ولم تحل أنت من عمرتك؟
فقال: «إني لبدت رأسي، وقلدت هدي، فلا أحل حتى أنحر».
فقولهم بعيد لأن الأحاديث الواردة في إثبات القران ترد هذا القول، وتأبى كونه عليه السلام إنما أهل أولا بعمرة، ثم بعد سعيه بالصفا والمروة أهل بالحج.
فإن هذا على هذه الصفة لم ينقله أحد بإسناد صحيح، بل ولا حسن ولا ضعيف.
وقوله في هذا الحديث: تمتع رسول الله في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، إن أريد بذلك التمتع الخاص، وهو الذي يحل منه بعد السعي، فليس كذلك فإن في سياق الحديث ما يرده ثم في إثبات العمرة القارنة لحجه عليه السلام ما يأباه، وإن أريد به التمتع العام دخل في القران وهو المراد.
وقوله: وبدأ رسول الله فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، إن أريد به بدأ بلفظ العمرة على لفظ الحج بأن قال: «لبيك اللهم عمرة وحجا» فهذا سهل ولا ينافي القرآن.
وإن أريد به أنه أهل بالعمرة أولا ثم أدخل عليها الحج متراخ، ولكن قبل الطواف قد صار قارنا أيضا، وإن أريد به أنه أهل بالعمرة ثم فرغ من أفعالها تحلل أو لم يتحلل بسوق الهدي، كما زعمه زاعمون، ولكنه أهل بحج بعد قضاء مناسك العمرة وقبل خروجه إلى منى، فهذا لم ينقله أحد من الصحابة كما قدمنا.
ومن ادعاه من الناس فقوله مردود لعدم نقله، ومخالفته الأحاديث الواردة في إثبات القران كما سيأتي.
بل والأحاديث الواردة في الإفراد كما سبق والله أعلم والظاهر والله أعلم.
و الظاهر و الله أعلم: أن حديث الليث هذا عن عقيل، عن الزهري، عن سالم عن ابن عمر يروى من الطريق الأخرى عن ابن عمر حين أفرد الحج، ومن محاصرة الحجاج لابن الزبير فقيل له: أن الناس كائن بينهم شيء فلو أخرت الحج عامك هذا.
فقال: إذا أفعل كما فعل النبي يعني: زمن حصر عام الحديبية، فأحرم بعمرة من ذي الحليفة، ثم لما علا شرف البيداء قال: ما أرى أمرهما إلا واحدا، فأهل بحج معها، فاعتقد الراوي أن رسول الله هكذا فعل سواء، بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، فرووه كذلك.
وفيه نظر لما سنبينه، وبيان هذا في الحديث الذي رواه عبد الله بن وهب، أخبرني مالك بن أنس وغيره أن نافعا حدثهم أن عبد الله بن عمر خرج في الفتنة معتمرا وقال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنع رسول الله فخرج فأهل بالعمرة، وسار حتى إذا ظهر على ظاهر البيداء التفت إلى أصحابه فقال: «ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة».
فخرج حتى جاء البيت فطاف به، وطاف بين الصفا والمروة سبعا لم يزد عليه، وأرى أن ذلك مجزيا عنه وأهدى.
وقد أخرجه صاحب الصحيح من حديث مالك.
وأخرجاه من حديث عبيد الله عن نافع به.
ورواه عبد الرزاق عن عبيد الله، وعبد العزيز ابن أبي رواد، عن نافع به نحوه.
وفيه ثم قال في آخره: هكذا فعل رسول الله .
وفيما رواه البخاري حيث قال: حدثنا قتيبة، ثنا ليث عن نافع أن ابن عمر أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير.
فقيل له: إن الناس كائن بينهم قتال، وإنا نخاف أن يصدوك.
قال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، إذا أصنع كما صنع رسول الله ، إني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة.
ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء قال: «ما أرى من شأن الحج والعمرة إلا واحدا، أشهدكم أني أوجبت حجا مع عمرتي».
فأهدى هديا اشتراه بقديد، ولم يزد على ذلك، ولم ينحر ولم يحل من شيء حرم منه، ولم يحلق ولم يقصر حتى كان يوم النحر فنحر وحلق، ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول.
وقال ابن عمر: كذلك فعل رسول الله .
وقال البخاري: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا ابن علية عن أيوب، عن نافع أن ابن عمر دخل عليه ابنه عبد الله بن عبد الله، وظهره في المدار فقال: إني لا آمن أن يكون العام بين الناس قتال فيصدوك عن البيت فلو أقمت.
قال: قد خرج رسول الله فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فإن حيل بيني وبينه أفعل كما فعل رسول الله ، فقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، إذا أصنع كما صنع رسول الله إني أشهدكم أني قد أوجبت مع عمرتي حجا، ثم قدم فطاف لهما طوافا واحدا.
وهكذا رواه البخاري عن أبي النعمان، عن حماد بن زيد، عن أيوب ابن أبي تميمة السختياني، عن نافع به.
ورواه مسلم من حديثهما عن أيوب به.
فقد اقتدى ابن عمر رضي الله عنه برسول الله في التحلل عند حصر العدو والاكتفاء بطواف واحد عن الحج والعمرة، وذلك لأنه كان قد أحرم أولا بعمرة ليكون متمتعا، فخشي أن يكون حصر، فجمعهما وأدخل الحج قبل العمرة قبل الطواف، فصار قارنا.
وقال: ما أرى أمرهما إلا واحدا - يعني: لا فرق بين أن يحصر الإنسان عن الحج أو العمرة أو عنهما - فلما قدم مكة اكتفى عنهما بطوافه الأول، كما صرح به في السياق الأول الذي أفردناه.
وهو قوله: ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول.
قال ابن عمر: كذلك فعل رسول الله يعني: أنه اكتفى عن الحج والعمرة بطواف واحد - يعني: بين الصفا والمروة - وفي هذا دلالة على أن ابن عمر روى القران.
ولهذا روى النسائي عن محمد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن نافع أن ابن عمر قرن الحج والعمرة فطاف طوافا واحدا.
ثم رواه النسائي عن علي بن ميمون الرقي، عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أمية، وأيوب بن موسى، وأيوب السختياني، وعبد الله بن عمر، أربعتهم عن نافع أن ابن عمر أتى ذا الحليفة فأهل بعمرة، فخشي أن يصد عن البيت.
فذكر تمام الحديث من إدخاله الحج على العمرة، وصيرورته قارنا.
والمقصود: أن بعض الرواة لما سمع قول ابن عمر: إذا أصنع كما صنع رسول الله .
وقوله: كذلك فعل رسول الله اعتقد أن رسول الله بدأ فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج فأدخله عليها قبل الطواف، فرواه بمعنى ما فهم.
ولم يرد ابن عمر ذلك، وإنما أراد ما ذكرناه والله أعلم بالصواب، ثم بتقدير أن يكون أهل بالعمرة أولا، ثم أدخل عليها الحج قبل الطواف، فإنه يصير قارنا لا متمتعا التمتع الخاص، فيكون فيه دلالة لمن ذهب إلى أفضلية التمتع، والله تعالى أعلم.
وأما الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه: حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا همام عن قتادة، حدثني مطرف عن عمران قال: تمتعنا على عهد النبي ونزل القران قال رجل برأيه ما شاء.
فقد رواه مسلم عن محمد بن المثنى، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن همام، عن قتادة به.
والمراد به: المتعة التي أعم من القران، والتمتع الخاص، ويدل على ذلك ما رواه مسلم: من حديث شعبة وسعيد ابن أبي عروبة عن قتادة، عن مطرف، عن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن الحصين أن رسول الله جمع بين حج وعمرة - وذكر تمام الحديث -.
وأكثر السلف يطلقون المتعة على القران كما قال البخاري: حدثنا قتيبة، ثنا حجاج بن محمد الأعور عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب قال: اختلف علي وعثمان رضي الله عنهما وهما بعسفان في المتعة.
فقال علي: ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله رسول الله فلما رأى ذلك علي ابن أبي طالب أهل بهما جميعا.
ورواه مسلم من حديث شعبة أيضا عن الحكم بن عيينة، عن علي بن الحسين، عن مروان بن الحكم عنهما به.
وقال علي: ما كنت لأدع سنة رسول الله بقول أحد من الناس.
ورواه مسلم من حديث شعبة أيضا عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق عنهما فقال له علي: ولقد علمت إنما تمتعنا مع رسول الله ؟
قال: أجل!ولكنا كنا خائفين.
وأما الحديث الذي رواه مسلم: من حديث غندر عن شعبة، وعن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة، عن مسلم بن مخراق القري سمع ابن عباس يقول: أهل رسول الله بعمرة، وأهل أصحابه بحج، فلم يحل رسول الله ولا من ساق الهدي من أصحابه، وحل بقيتهم.
فقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده، وروح بن عبادة عن شعبة، عن مسلم القري، عن ابن عباس قال: أهل رسول الله بالحج - وفي رواية أبي داود - أهل رسول الله وأصحابه بالحج، فمن كان منهم لم يكن له متعة هدي حل، ومن كان معه هدي لم يحل الحديث.
فإن صححنا الروايتين جاء القران.
وإن توقفنا في كل منهما وقف الدليل.
وإن رجحنا رواية مسلم في صحيحه في رواية العمرة.
فقد تقدم عن ابن عباس أنه روى الإفراد وهو الإحرام بالحج، فتكون هذه زيادة على الحج فيجيء القول بالقران، لا سيما وسيأتي عن ابن عباس ما يدل على ذلك.
وروى مسلم: من حديث غندر ومعاذ بن معاذ عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس أن رسول الله قال: «هذه عمرة استمتعنا بها، فمن لم يكن معه هدي فليحل الحل كله، فقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة».
وروى البخاري عن آدم ابن أبي إياس، ومسلم من حديث غندر كلاهما، عن شعبة، عن أبي جمرة قال: تمتعت فنهاني ناس، فسألت ابن عباس فأمرني بها، فرأيت في المنام كأن رجلا يقول: حج مبرور، ومتعة متقبلة.
فأخبرت ابن عباس فقال: الله أكبر سنة أبي القاسم صلوات الله وسلامه عليه.
والمراد بالمتعة ههنا: القران.
وقال القعيني وغيره عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أنه حدثه أنه سمع سعد ابن أبي وقاص، والضحاك بن قيس عام حج معاوية ابن أبي سفيان يذكر التمتع بالعمرة إلى الحج.
فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله.
فقال سعد: بئس ما قلت يا ابن أخي.
فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب كان ينهى عنها.
فقال سعد: قد صنعها رسول الله وصنعناها معه.
ورواه الترمذي، والنسائي عن قتيبة، عن مالك.
وقال الترمذى: صحيح.
وقال عبد الرزاق عن معتمر بن سليمان، وعبد الله بن المبارك كلاهما، عن سليمان التيمي، حدثني غنيم بن قيس سألت سعد ابن أبي وقاص عن التمتع بالعمرة إلى الحج.
قال: فعلتها مع رسول الله وهذا يومئذ كافر في العرش - يعني: مكة - ويعني به: معاوية -.
ورواه مسلم من حديث شعبة، وسفيان الثوري، ويحيى بن سعيد، ومروان الفزاري أربعتهم عن سليمان التيمي سمعت غنيم بن قيس، سألت سعدا عن المتعة.
فقال: قد فعلناها وهذا يومئذ كافر بالعرش.
وفي رواية يحيى بن سعيد - يعني: معاوية -.
وهذا كله من باب إطلاق التمتع على ما هو أعم من التمتع الخاص، وهو الإحرام بالعمرة والفراغ منها ثم الإحرام بالحج ومن القران، بل كلام سعد فيه دلالة على إطلاق التمتع على الاعتمار في أشهر الحج، وذلك أنهم اعتمروا ومعاوية بعد كافر بمكة قبل الحج إما عمرة الحديبية، أو عمرة القضاء وهو الأشبه، فأما عمرة الجعرانة فقد كان معاوية أسلم مع أبيه ليلة الفتح، وروينا أنه قصر من شعر النبي بمشقص في بعض عمره، وهي عمرة الجعرانة لا محالة، والله أعلم.
ذكر حجة من ذهب إلى أنه عليه السلام كان قارنا
رواية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد تقدم ما رواه البخاري من حديث أبي عمرو الأوزاعي، سمعت يحيى ابن أبي كثير عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله بوادي العقيق يقول: «أتاني آت من ربي عز وجل فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة».
وقال الحافظ البيهقي: أنبأنا علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقبري ببغداد، أنبأنا أحمد بن سليمان قال: قرئ على عبد الملك بن محمد وأنا أسمع، حدثنا أبو زيد الهروي، ثنا علي بن المبارك، ثنا يحيى ابن أبي كثير، ثنا عكرمة، حدثني ابن عباس، حدثني عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله «أتاني جبرائيل عليه السلام وأنا بالعقيق فقال: صل في هذا الوادي المبارك ركعتين، وقل عمرة في حجة، فقد دخلت العمرة في الحجة إلى يوم القيامة».
ثم قال البيهقي: رواه البخاري عن أبي زيد الهروي.
وقال الإمام أحمد: ثنا هاشم، ثنا يسار عن أبي وائل: أن رجلا كان نصرانيا يقال له: الصبى بن معبد، فأراد الجهاد.
فقيل له: إبدأ بالحج، فأتى الأشعري فأمره أن يهل بالحج والعمرة جميعا، ففعل، فبينما هو يلبي إذ مر بزيد بن صوحان، وسلمان بن ربيعة.
فقال أحدهما لصاحبه: لهذا أضل من بعير أهله، فسمعهما الصبي فكبر ذلك عليه، فلما قدم أتى عمر بن الخطاب فذكر ذلك له.
فقال له عمر: هديت لسنة نبيك .
قال: وسمعته مرة أخرى يقول: وفقت لسنة نبيك .
وقد رواه الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد القطان، عن الأعمش، عن شقيق، عن أبي وائل، عن الصبى بن معبد، عن عمر بن الخطاب فذكره.
وقال: إنهما لم يقولا شيئا، هديت لسنة نبيك .
ورواه عن عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن أبي وائل به.
ورواه أيضا عن غندر، عن شعبة، عن الحكم، عن أبي وائل، وعن سفيان بن عيينة، عن عبدة بن عبدة ابن أبي لبابة، عن أبى وائل قال: قال الصبى بن معبد: كنت رجلا نصرانيا فأسلمت، فأهللت بحج وعمرة، فسمعني زيد بن صوحان، وسلمان بن ربيعة وأنا أهل بهما.
فقالا: لهذا أضل من بعير أهله.
فكأنما حمل علي بكلمتهما جبل، فقدمت على عمر فأخبرته، فأقبل عليهما فلامهما، وأقبل علي فقال: هديت لسنة النبي .
قال عبدة: قال أبو وائل: كثيرا ما ذهبت أنا ومسروق إلى الصبى بن معبد نسأله عنه.
وهذه أسانيد جيده على شرط الصحيح.
وقد رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجه من طرق عن أبي وائل شقيق بن سلمة به.
وقال النسائي في كتاب الحج من سننه: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، ثنا أبي عن جمرة السكري، عن مطرف، عن سلمة بن كهيل، عن طاوس، عن ابن عباس، عن عمر أنه قال: والله إني لأنهاك عن المتعة، وإنها لفي كتاب الله، وقد فعلها النبي . إسناد جيد.
رواية أميري المؤمنين: عثمان وعلي رضي الله عنهما.
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب قال: اجتمع علي وعثمان بعسفان، وكان عثمان ينهى عن المتعة، أو العمرة.
فقال علي: ما تريد إلى أمر فعله رسول الله تنهى عنه.
فقال عثمان: دعنا منك.
هكذا رواه الإمام أحمد مختصرا.
وقد أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب قال: اختلف علي وعثمان وهما بعسفان في المتعة.
فقال علي: ما تريد إلى أن تنهى عن أمر فعله رسول الله فلما رأى ذلك علي ابن أبي طالب أهل بهما جميعا.
وهكذا لفظ البخاري.
وقال البخاري: ثنا محمد بن يسار، ثنا غندر عن شعبة، عن الحكم، عن علي بن الحسين، عن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان وعليا، وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى علي أهل بهما لبيك بعمرة وحجة قال: ما كنت لأدع سنة النبي لقول أحد.
ورواه النسائي من حديث شعبة به.
ومن حديث الأعمش عن مسلم البطين، عن علي بن الحسين به.
وقال الإمام أحمد: ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن قتادة قال: قال عبد الله بن شقيق: كان عثمان ينهى عن المتعة، وعلي يأمر بها.
فقال عثمان لعلي: إنك لكذا وكذا.
ثم قال علي: لقد علمت أنا تمتعنا مع رسول الله .
قال: أجل، ولكنا كنا خائفين.
ورواه مسلم من حديث شعبة.
فهذا اعتراف من عثمان رضي الله عنه بما رواه علي رضي الله عنهما ومعلوم أن عليا رضي الله عنه أحرم عام حجة الوداع بإهلال كإهلال النبي وكان قد ساق الهدي، وأمره عليه السلام أن يمكث حراما، وأشركه النبي في هديه كما سيأتي بيانه.
وروى مالك في الموطأ عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن المقداد بن الأسود دخل على علي ابن أبي طالب بالسقيا وهو ينجع بكرات له دقيقا وخبطا، فقال: هذا عثمان بن عفان ينهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة، فخرج علي وعلى يده أمر الدقيق والخبط - ما أنسى أثر الدقيق والخبط على ذراعيه - حتى دخل على عثمان فقال: أنت تنهى أن يقرن بين الحج والعمرة؟
فقال عثمان: ذلك رأيي.
فخرج علي مغضبا وهو يقول: لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معا.
وقد قال أبو داود في سننه: ثنا يحيى بن معين، ثنا حجاج، ثنا يونس عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: كنت مع علي حين أمره رسول الله على اليمن، فذكر الحديث في قدوم علي.
قال علي: فقال لي رسول الله : «كيف صنعت؟».
قال: قلت: إنما أهللت بإهلال النبي قال: «إني قد سقت الهدي وقرنت».
وقد رواه النسائي من حديث يحيى بن معين بإسناده، وهو على شرط الشيخين.
وعلله الحافظ البيهقي بأنه لم يذكر هذا اللفظ في سياق حديث جابر الطويل، وهذا التعليل فيه نظر، لأنه قد روى القران من حديث جابر بن عبد الله كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
وروى ابن حبان في صحيحه عن علي ابن أبي طالب قال: خرج رسول الله من المدينة، وخرجت أنا من اليمن وقلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي.
فقال النبي : «فإني أهللت بالحج والعمرة جميعا».
رواية أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد رواه عنه جماعة من التابعين، ونحن نوردهم مرتبين على حروف المعجم.
بكر بن عبد الله المزني عنه قال الإمام أحمد: حدثنا هشيم، ثنا حميد الطويل، أنبانا بكر بن عبد الله المزني قال: سمعت أنس بن مالك يحدث قال: سمعت رسول الله يلبي بالحج والعمرة جميعا، فحدثت بذلك ابن عمر.
فقال: لبي بالحج وحده.
فلقيت أنسا فحدثته بقول ابن عمر.
فقال: ما تعدونا إلا صبيانا سمعت رسول الله يقول: «لبيك عمرة وحجا».
ورواه البخاري عن مسدد، عن بشر بن الفضل، عن حميد به.
وأخرجه مسلم عن شريح بن يونس، عن هشيم به، وعن أمية بن بسطام، عن يزيد بن زريع، عن حبيب بن الشهيد، عن بكر بن عبد الله المزني به.
ثابت البناني عن أنس: قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى، عن ثابت، عن أنس أن النبي قال: «لبيك بعمرة وحجة معا».
تفرد به من هذا الوجه الحسن البصري عنه.
قال الإمام أحمد: ثنا روح، ثنا أشعث عن أنس بن مالك أن رسول الله وأصحابه قدموا مكة وقد لبوا بحج وعمرة، فأمرهم رسول الله بعد ما طافوا بالبيت وبالصفا والمروة أن يحلوا، وأن يجعلوها عمرة، فكأن القوم هابوا ذلك، فقال رسول الله : «لولا أني سقت هديا لأحللت»، فأحل القوم وتمتعوا.
وقال الحافظ أبو بكر البزار: ثنا الحسن بن قزعة، ثنا سفيان بن حبيب، ثنا أشعث عن الحسن، عن أنس أن النبي أهل هو وأصحابه بالحج والعمرة، فلما قدموا مكة طافوا بالبيت وبالصفا والمروة، أمرهم رسول الله أن يحلوا، فهابوا ذلك فقال رسول الله : «أحلوا فلولا أن معي الهدي لأحللت» فحلوا حتى حلوا على النساء.
ثم قال البزار: لا نعلم رواه عن الحسن إلا الأشعث بن عبد الملك.
حميد بن تيرويه الطويل عنه: قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن حميد سمعت أنسا سمعت رسول الله يقول: «لبيك بحج وعمرة وحج».
هذا إسناد ثلاثي على شرط الشيخين، ولم يخرجاه ولا أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه، لكن رواه مسلم عن يحيى بن يحيى، عن هشيم، عن يحيى ابن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن صهيب، وحميد أنهم سمعوا أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله أهل بهما جميعا «لبيك عمرة وحجا، لبيك عمرة وحجا».
وقال الإمام أحمد: حدثنا يعمر بن يسر، ثنا عبد الله، أنبأنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: ساق رسول الله بدنا كثيرة وقال: «لبيك بعمرة وحج» وإني لعند فخذ ناقته اليسرى.
تفرد به أحمد من هذا الوجه أيضا.
حميد بن هلال العدوي البصري عنه: قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الوهاب عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، وحدثناه سلمة بن شبيب، ثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر عن أيوب، عن أبي قلابة، وحميد بن هلال عن أنس قال: إني ردف أبي طلحة وإن ركبته لتمس ركبة رسول الله وهو يلبي بالحج والعمرة.
وهذا إسناد جيد قوي على شرط الصحيح، ولم يخرجوه، وقد تأوله البزار على أن الذي كان يلبي بالحج والعمرة أبو طلحة قال: ولم ينكر عليه النبي .
وهذا التأويل فيه نظر ولا حاجة إليه لمجيء ذلك من طرق عن أنس كما مضى، وكما سيأتي، ثم عود الضمير إلى أقرب المذكورين أولى، وهو في هذه الصورة أقوى دلالة، والله أعلم.
وسيأتي في رواية سالم ابن أبي الجعد عن أنس صريح الرد على هذا التأويل.
زيد بن أسلم عنه: قال الحافظ أبو بكر البزار: روى سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن زيد بن أسلم، عن أنس بن مالك أن النبي أهل بحج وعمرة، حدثناه الحسن بن عبد العزيز الجروي، ومحمد بن مسكين قالا: حدثنا بشر بن بكر عن سعيد بن عبد العزيز، عن زيد بن أسلم، عن أنس.
قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الصحيح، ولم يخرجوه من هذا الوجه.
وقد رواه الحافظ أبو بكر البيهقي بأبسط من هذا السياق فقال: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأنا العباس بن الوليد بن يزيد، أخبرني أبي، ثنا شعيب بن عبد العزيز عن زيد بن أسلم وغيره، أن رجلا أتى ابن عمر فقال: بم أهل رسول الله ؟
قال ابن عمر: أهل بالحج.
فانصرف ثم أتاه من العام المقبل فقال: بم أهل رسول الله؟
قال: ألم تأتني عام أول!
قال: بلى ولكن أنس بن مالك يزعم أنه قرن.
قال ابن عمر: إن أنس بن مالك كان يدخل على النساء وهن مكشفات الرؤوس، وإني كنت تحت ناقة رسول الله يمسني لعابها، أسمعه يلبي بالحج.
سالم ابن أبي الجعد الغطفاني الكوفي عنه قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، ثنا شريك عن منصور، عن سالم ابن أبي الجعد، عن أنس بن مالك يرفعه إلى النبي أنه جمع بين الحج والعمرة فقال: «لبيك بعمرة وحجة معا».
حسن ولم يخرجوه.
وقال الإمام أحمد: ثنا عفان، ثنا أبو عوانة، ثنا عثمان بن المغيرة عن سالم ابن أبي الجعد، عن سعد مولى الحسن بن علي قال: خرجنا مع علي فأتينا ذا الحليفة.
فقال علي: إني أريد أن أجمع بين الحج والعمرة فمن أراد ذلك فليقل كما أقول، ثم لبى قال: «لبيك بحجة وعمرة معا».
قال: وقال سالم: وقد أخبرني أنس بن مالك قال: والله أن رجلي لتمس رجل رسول الله وإنه ليهل بهما جميعا.
وهذا أيضا إسناد جيد من هذا الوجه، ولم يخرجوه، وهذا السياق يرد على الحافظ البزار ما تأول به حديث حميد بن هلال عن أنس كما تقدم، والله أعلم.
سليمان بن طرخان التيمي عنه: قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي، ثنا المعتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي يلبي بهما جميعا.
ثم قال البزار: لم يروه عن التيمي إلا ابنه المعتمر، ولم يسمعه إلا من يحيى بن حبيب العربي عنه.
قلت: وهو على شرط الصحيح، ولم يخرجوه.
سويد بن حجير عنه: قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن أبي قزعة سويد بن حجير، عن أنس بن مالك قال: كنت رديف أبي طلحة، فكانت ركبة أبي طلحة تكاد أن تصيب ركبة رسول الله فكان رسول الله يهل بهما.
وهذا إسناد جيد تفرد به أحمد، ولم يخرجوه، وفيه رد على الحافظ البزار صريح.
عبد الله بن زيد أبو قلابة الجرمي عنه: قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس قال: كنت رديف أبي طلحة وهو يساير النبي قال: فإن رجلي لتمس غرز النبي فسمعته يلبي بالحج والعمرة معا.
وقد رواه البخاري من طرق عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس قال: صلى الظهر بالمدينة أربعا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح، ثم ركب راحلته حتى استوت به على البيداء، حمد الله وسبح وكبر، وأهل بحج وعمرة، وأهل الناس بهما جميعا.
وفي رواية له: كنت رديف أبي طلحة وأنهم ليصرخون بهما جميعا الحج والعمرة.
وفي رواية له عن أيوب، عن رجل، عن أنس قال: ثم بات حتى أصبح فصلى الصبح، ثم ركب راحلته حتى إذا استوت به البيداء أهل بعمرة وحج.
عبد العزيز بن صهيب: تقدمت روايته عنه مع رواية حميد الطويل عنه عند مسلم.
علي بن زيد بن جدعان عنه: قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا إبراهيم بن سعيد، ثنا علي بن حكيم عن شريك، عن علي بن زيد، عن أنس أن رسول الله لبى بهما جميعا.
هذا غريب من هذا الوجه، لم يخرجه أحد من أصحاب السنن، وهو على شرطهم.
قتادة بن دعامة السدوسي عنه: قال الإمام أحمد: حدثنا بهز، وعبد الصمد المعني قالا: أخبرنا همام بن يحيى، ثنا قتادة قال: سألت أنس بن مالك، قلت: كم حج النبي ؟
قال: حجة واحدة، واعتمر أربع مرات: عمرته زمن الحديبية، وعمرته في ذي القعدة من المدينة، وعمرته من الجعرانة في ذي القعدة حيث قسم غنيمة حنين، وعمرته مع حجته.
وأخرجاه في الصحيحين من حديث همام بن يحيى به.
مصعب بن سليم الزبيري مولاهم عنه: قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، ثنا مصعب بن سليم سمعت أنس بن مالك يقول: أهل رسول الله بحجة وعمرة.
تفرد به أحمد.
يحيى بن إسحاق الحضرمي عنه: قال الإمام أحمد: ثنا هشيم، أنبأنا يحيى بن إسحاق، وعبد العزيز بن صهيب، وحميد الطويل عن أنس أنهم سمعوه يقول: سمعت رسول الله يلبي بالحج والعمرة جميعا، يقول: «لبيك عمرة وحجا، لبيك عمرة وحجا».
وقد تقدم أن مسلما رواه عن يحيى بن يحيى، عن هشيم به.
وقال الإمام أحمد أيضا: ثنا عبد الأعلى عن يحيى، عن أنس قال: خرجنا مع رسول الله إلى مكة قال: فسمعته يقول: «لبيك عمرة وحجا».
أبو الصيقل عنه: قال الإمام أحمد: حدثنا حسن، ثنا زهير، وحدثنا أحمد بن عبد الملك، ثنا زهير عن أبي إسحاق، عن أبي أسماء الصيقل، عن أنس بن مالك قال: خرجنا نصرخ بالحج، فلما قدمنا مكة أمرنا رسول الله أن نجعلها عمرة.
وقال: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة، ولكني سقت الهدي وقرنت الحج بالعمرة».
ورواه النسائي عن هناد، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي أسماء الصقيل، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله يلبي بهما.
أبو قدامة الحنفي: ويقال: إن اسمه محمد بن عبيد عن أنس، قال الإمام أحمد: ثنا روح بن عبادة، حدثنا شعبة عن يونس بن عبيد، عن أبي قدامة الحنفي قال: قلت لأنس: بأي شيء كان رسول الله يلبي؟
فقال: سمعته سبع مرات يلبي بعمرة وحجة.
تفرد به الإمام أحمد، وهو إسناد جيد قوي، ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.
وروى ابن حبان في صحيحه عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله قرن بين الحج والعمرة، وقرن القوم معه.
وقد أورد الحافظ البيهقي بعض هذه الطرق عن أنس بن مالك، ثم شرع يعلل ذلك بكلام فيه نظر.
وحاصله: أنه قال: والاشتباه وقع لأنس لا لمن دونه، ويحتمل أن يكون سمعه رسول الله يعلم غيره كيف يهل بالقران، لا أنه يهل بهما عن نفسه، والله أعلم.
قال: وقد روي ذلك عن غير أنس بن مالك، وفي ثبوته نظر.
قلت: ولا يخفى ما في هذا الكلام من النظر الظاهر لمن تأمله، وربما أنه كان ترك هذا الكلام أولى منه، إذ فيه تطرق احتمال إلى حفظ الصحابي مع تواتره عنه كما رأيت آنفا، وفتح هذا يفضي إلى محذور كبير، والله تعالى أعلم.
حديث البراء بن عازب في القران قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا علي بن محمد المصري، حدثنا أبو غسان مالك بن يحيى، ثنا يزيد بن هارون، أنبأنا زكريا ابن أبي زائدة عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: اعتمر رسول الله ثلاث عمر كلهن في ذي القعدة.
فقالت عائشة: لقد علم أنه اعتمر أربع عمر بعمرته التي حج معها.
قال البيهقي: ليس هذا بمحفوظ.
قلت: سيأتي بإسناد صحيح إلى عائشة نحوه.
رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني: حدثنا أبو بكر ابن أبي داود، ومحمد بن جعفر بن رميس، والقاسم بن إسماعيل أبو عبيد، وعثمان بن جعفر اللبان، وغيرهم قالوا: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، ثنا زيد بن الحباب، ثنا سفيان الثوري عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: حج النبي ثلاث حجج: حجتين قبل أن يهاجر، وحجة قرن معها عمرة.
وقد روى هذا الحديث الترمذي، وابن ماجه من حديث سفيان بن سعيد الثوري به.
وأما الترمذي فرواه عن عبد الله ابن أبي زياد، عن زيد بن حباب، عن سفيان به، ثم قال: غريب من حديث سفيان لا نعرفه إلا من حديث زيد بن الحباب، ورأيت عبد الله بن عبد الرحمن - يعني: الرازي - روى هذا الحديث في كتبه، عن عبد الله ابن أبي زياد، وسألت محمدا عن هذا فلم يعرفه، ورأيته لا يعده محفوظا.
قال: وإنما روي عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن مجاهد مرسلا، وفي (السنن الكبير للبيهقي) قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ، وإنما روي هذا عن الثوري مرسلا.
قال البخاري: وكان زيد بن الحباب إذا روى خطأ ربما غلط في الشيء.
وأما ابن ماجه فرواه عن القاسم بن محمد بن عباد المهلبي، عن عبد الله بن داود الخريبي، عن سفيان به.
وهذه طريق لم يقف عليها الترمذي ولا البيهقي، وربما ولا البخاري، حيث تكلم في زيد ابن الحباب ظانا أنه انفرد به، وليس كذلك والله أعلم.
طريق أخرى عن جابر قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا أبو معاوية عن حجاج، عن أبي الزبير، عن جابر أن رسول الله قرن الحج والعمرة، وطاف لهما طوافا واحدا.
ثم قال: هذا حديث حسن.
وفي نسخة صحيح رواه ابن حبان في صحيحه، عن جابر قال: لم يطف النبي إلا طوافا واحدا لحجه ولعمرته.
قلت: حجاج هذا هو: ابن أرطأة، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، ولكن قد روي من وجه آخر عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله أيضا.
كما قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا مقدم بن محمد، حدثني عمي القاسم بن يحيى بن مقدم عن عبد الرحمن بن عثمان بن خيثم، عن أبي الزبير، عن جابر أن رسول الله قدم فقرن بين الحج والعمرة، وساق الهدي وقال رسول الله : «من لم يقلد الهدي فليجعلها عمرة».
ثم قال البزار: وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن جابر إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، انفرد بهذه الطريق البزار في مسنده، وإسنادها غريبة جدا، وليست في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه، والله أعلم.
رواية أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري رضي الله عنه قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، ثنا حجاج - هو: ابن أرطأة - عن الحسن بن سعد، عن ابن عباس قال: أخبرني أبو طلحة أن رسول الله جمع بين الحج والعمرة.
ورواه ابن ماجه عن علي بن محمد، عن أبي معاوية بإسناده، ولفظه: أن رسول الله قرن بين الحج والعمرة.
الحجاج بن أرطأة فيه ضعف، والله أعلم.
رواية سراقة بن مالك بن جعشم قال الإمام أحمد: حدثنا مكي بن إبراهيم، ثنا داود - يعني: ابن سويد - سمعت عبد الملك الزراد يقول: سمعت النزال بن سبرة صاحب علي يقول: سمعت سراقة يقول: سمعت رسول الله يقول: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة».
قال: وقرن رسول الله في حجة الوداع.
رواية سعد ابن أبي وقاص عن النبي أنه تمتع بالحج إلى العمرة وهو القران.
قال الإمام مالك عن ابن شهاب، عن محمد بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أنه حدثه أنه سمع سعد ابن أبي وقاص، والضحاك بن قيس عام حج معاوية ابن أبي سفيان يذكر التمتع بالعمرة إلى الحج.
فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله.
فقال سعد: بئس ما قلت يا ابن أخي.
فقال الضحاك: فإن عمر بن الخطاب كان ينهى عنها.
فقال سعد: قد صنعها رسول الله وصنعناها معه.
ورواه الترمذي والنسائي جميعا عن قتيبة، عن مالك به.
وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وقال الإمام أحمد: ثنا يحيى بن سعيد، ثنا سليمان - يعني: التيمي -، حدثني غنيم قال: سألت ابن أبي وقاص عن المتعة.
فقال: فعلناها وهذا كافر بالعرش - يعني: معاوية - هكذا رواه مختصرا.
وقد رواه مسلم في صحيحه من حديث سفيان بن سعيد الثوري، وشعبة، ومروان الفزاري، ويحيى بن سعيد القطان، أربعتهم عن سليمان بن طرخان التيمي سمعت غنيم بن قيس، سألت سعد ابن أبي وقاص عن المتعة؟
فقال: قد فعلناها، وهذا يومئذ كافر بالعرش.
قال يحيى بن سعيد في روايته - يعني: معاوية -.
ورواه عبد الرزاق عن معتمر بن سليمان، وعبد الله بن المبارك، كلاهما عن سليمان التيمي، عن غنيم بن قيس سألت سعدا عن التمتع بالعمرة إلى الحج.
فقال: فعلتها مع رسول الله وهذا يومئذ كافر بالعرش - يعني: مكة، ويعني به: معاوية.
وهذا الحديث الثاني أصح إسنادا، وإنما ذكرناه اعتضادا لا اعتمادا، والأول صحيح الإسناد، وهذا أصرح في المقصود من هذا، والله أعلم.
رواية عبد الله ابن أبي أوفى: قال الطبراني: حدثنا سعيد بن محمد بن المغيرة المصري، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا يزيد بن عطاء عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن عبد الله ابن أبي أوفى قال: إنما جمع رسول الله بين الحج والعمرة لأنه علم أنه لم يكن حاجا بعد ذلك العام.
رواية عبد الله بن عباس في ذلك: قال الإمام أحمد: ثنا أبو النضر، ثنا داود - يعني: القطان - عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: اعتمر رسول الله أربع عمر: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، والثالثة من الجعرانة، والرابعة التي مع حجته.
وقد رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه من طرق عن داود بن عبد الرحمن العطار المكي، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس به.
وقال الترمذي: حسن غريب.
ورواه الترمذي عن سعيد بن عبد الرحمن، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة مرسلا.
ورواه الحافظ البيهقي من طريق أبي الحسن علي بن عبد العزيز البغوي عن الحسن بن الربيع، وشهاب بن عباد، كلاهما عن داود بن عبد الرحمن العطار فذكره.
وقال: الرابعة التي قرنها مع حجته، ثم قال أبو الحسن علي بن عبد العزيز: ليس أحد يقول في هذا الحديث عن ابن عباس إلا داود ابن عبد الرحمن، ثم حكى البيهقي عن البخاري أنه قال: داود بن عبد الرحمن صدوق إلا أنه ربما يهم في الشيء، وقد تقدم ما رواه البخاري من طريق ابن عباس عن عمر أنه قال: سمعت رسول الله يقول بوادي العقيق: «أتاني آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة».
فلعل هذا مستند ابن عباس فيما حكاه، والله أعلم.
رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنه: قد تقدم فيما رواه البخاري ومسلم من طريق الليث عن عقيل، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر أنه قال: تمتع رسول الله في حجة الوداع، وأهدى فساق الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج.
وذكر تمام الحديث في عدم إحلاله بعد السعي، فعلم كما قررناه أولا أنه عليه السلام لم يكن متمتعا التمتع الخاص، وإنما كان قارنا، لأنه حكى أنه عليه السلام لم يكن متمتعا، اكتفى بطواف واحد بين الصفا والمروة عن حجة وعمرته، وهذا شأن القارن على مذهب الجمهور كما سيأتي بيانه، والله أعلم.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: ثنا أبو خيثمة، ثنا يحيى بن يمان عن سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله طاف طوافا واحدا لإقرانه لم يحل بينهما، واشترى من الطريق - يعني: الهدي -.
وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات؛ إلا أن يحيى بن يمان وإن كان من رجال مسلم في أحاديثه عن الثوري نكارة شديدة، والله أعلم.
ومما يرجح أن ابن عمر أراد بالإفراد الذي رواه إفراد أفعال الحج، لا الإفراد الخاص الذي يصير إليه أصحاب الشافعي، وهو الحج في الاعتمار بعده في بقية ذي الحجة قول الشافعي: أنبأنا مالك عن صدقة بن يسار، عن ابن عمر أنه قال: لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة.
رواية عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو أحمد - يعني: الزبيري -، حدثنا يونس بن الحارث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله إنما قرن خشية أن يصد عن البيت وقال: «إن لم يكن حجة فعمرة».
وهذا حديث غريب سندا ومتنا، تفرد بروايته الإمام أحمد.
وقد قال أحمد في يونس بن الحارث الثقفي: هذا كان مضطرب الحديث، وضعفه، وكذا ضعفه يحيى بن معين في رواية عنه والنسائي.
وأما من حيث المتن فقوله: إنما قرن رسول الله خشية أن يصد عن البيت، فمن الذي كان يصده عليه السلام عن البيت وقد أطد الله له الإسلام وفتح البلد الحرام، وقد نودي برحاب منى أيام الموسم في العام الماضي أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان، وقد كان معه عليه السلام في حجة الوداع قريب من أربعين ألفا فقوله: خشية أن يصد عن البيت، وما هذا بأعجب من قول أمير المؤمنين عثمان لعلي ابن أبي طالب حين قال له علي: لقد علمت أنا تمتعنا مع رسول الله .
فقال: أجل ولكنا كنا خائفين.
ولست أدري علام يحمل هذا الخوف من أي جهة كان؟
إلا أنه تضمن رواية الصحابي لما رواه وحمله على معنى ظنه، فما رواه صحيح مقبول، وما اعتقده ليس بمعصوم فيه، فهو موقوف عليه، وليس بحجة على غيره، ولا يلزم منه رد الحديث الذي رواه، هكذا قول عبد الله بن عمرو لو صح السند إليه، والله أعلم.
رواية عمران بن حصين رضي الله عنه: قال الإمام أحمد: ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا: ثنا شعبة عن حميد بن هلال سمعت مطرقا قال: قال لي عمران بن حصين: إني محدثك حديثا عسى الله أن ينفعك به، إن رسول الله قد جمع بين حجته وعمرته، ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل قرآن فيه يحرمه، وأنه كان يسلم علي، فلما اكتويت أمسك عني، فلما تركته عاد إلي.
وقد رواه مسلم عن محمد بن المثنى.
ومحمد بن يسار عن غندر، عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه.
والنسائي عن محمد بن عبد الأعلى، عن خالد بن الحارث، ثلاثتهم عن شعبة، عن حميد بن هلال، عن مطرف، عن عمران به.
ورواه مسلم من حديث شعبة، وسعيد ابن أبي عروبة عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن الحصين أن رسول الله جمع بين حج وعمرة - الحديث -.
قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني: حديث شعبة عن حميد بن هلال، عن مطرف صحيح، وأما حديثه عن قتادة، عن مطرف فإنما رواه عن شعبة كذلك بقية بن الوليد، وقد رواه غندر وغيره عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة.
قلت: وقد رواه أيضا النسائي في سننه عن عمرو بن علي الفلاس، عن خالد بن الحارث، عن شعبة، وفي نسخة عن سعيد بدل شعبة، عن قتادة، عن مطرف، عن عمران بن الحصين فذكره، والله أعلم.
وثبت في الصحيحين من حديث همام عن قتادة، عن مطرف، عن عمران بن الحصين قال: تمتعنا على عهد رسول الله ثم لم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات رسول الله .
رواية الهرماس بن زياد الباهلي: قال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن عمران بن علي أبو محمد من أهل الري وكان أصله أصبهاني، حدثنا يحيى بن الضريس، حدثنا عكرمة بن عمار عن الهرماس قال: كنت ردف أبي، فرأيت النبي وهو على بعير له وهو يقول: «لبيك بحجة وعمرة معا».
وهذا على شرط السنن ولم يخرجوه.
رواية حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضي الله عنها: قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة أنها قالت للنبي مالك لم تحل من عمرتك؟
قال: «إني لبدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر».
وقد أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك وعبيد الله بن عمر، زاد البخاري: وموسى بن عقبة، زاد مسلم: وابن جريج، كلهم عن نافع، عن ابن عمر به، وفي لفظهما أنها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك؟
فقال: «إني قلدت هديي، ولبدت رأسي، فلا أحل حتى أنحر».
وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا شعيب ابن أبي حمزة قال: قال نافع: كان عبد الله بن عمر يقول: أخبرتنا حفصة زوج النبي أن رسول الله أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع، فقالت له فلانة: ما يمنعك أن تحل؟
قال: «إني لبدت رأسي، وقلدت هديي، فلست أحل حتى أنحر هديي».
وقال أحمد أيضا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي عن أبي إسحاق، حدثنا نافع عن عبد الله بن عمر، عن حفصة بنت عمر أنها قالت: لما أمر رسول الله نساءه أن يحللن بعمرة.
قلنا: فما يمنعك يا رسول الله أن تحل معنا؟
قال: «إني أهديت ولبدت فلا أحل حتى أنحر هديي».
ثم رواه أحمد عن كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة فذكره.
فهذا الحديث فيه أن رسول الله كان متلبسا بعمرة ولم يحل منها، وقد علم بما تقدم من أحاديث الإفراد أنه كان قد أهل بحج أيضا، فدل مجموع ذلك أنه قارن مع ما سلف من رواية من صرح بذلك، والله أعلم.
رواية عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: قال البخاري: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة زوج النبي قالت: خرجنا مع رسول الله في حجة الوداع فأهللنا بعمرة، ثم قال النبي : «من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منها جميعا».
فقدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله فقال: انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج، ودعي العمرة، ففعلت، فلما قضيت الحج، أرسلني رسول الله مع عبد الرحمن ابن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت فقال: «هذه مكان عمرتك».
قالت: فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا.
وكذلك رواه مسلم من حديث مالك عن الزهري فذكره.
ثم رواه عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع فأهللت بعمرة ولم أكن سقت الهدي.
فقال رسول الله : «من كان معه هدي فليهل بالحج مع عمرته لا يحل حتى يحل منهما جميعا» - وذكر تمام الحديث كما تقدم -.
والمقصود من إيراد هذا الحديث ههنا قوله : «من كان معه هدي فليهل بحج وعمرة» ومعلوم أنه عليه السلام قد كان معه هدي، فهو أول وأولى من ائتمر بهذا، لأن المخاطب داخل في عموم متعلق خطابه على الصحيح، وأيضا فإنها قالت: وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا - يعني: بين الصفا والمروة -.
وقد روى مسلم عنها أن رسول الله إنما طاف بين الصفا والمروة طوافا واحدا، فعلم من هذا أنه كان قد جمع بين الحج والعمرة.
وقد روى مسلم من حديث حماد بن زيد عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: فكان الهدي مع النبي ، وأبي بكر، وعمر، وذوي اليسار، وأيضا فإنها ذكرت: أن رسول الله لم يتحلل من النسكين فلم يكن متمتعا، وذكرت أنها سألت رسول الله أن يعمرها من التنعيم.
وقالت: يا رسول الله ينطلقون بحج وعمرة وأنطلق بحج، فبعثها مع أخيها عبد الرحمن ابن أبي بكر فأعمرها من التنعيم، ولم يذكر أنه عليه السلام اعتمر بعد حجته فلم يكن مفردا، فعلم أنه كان قارنا لأنه كان باتفاق الناس قد اعتمر في حجة الوداع، والله أعلم.
وقد تقدم ما رواه الحافظ البيهقي من طريق يزيد بن هارون عن زكريا ابن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب أنه قال: اعتمر رسول الله ثلاث عمر، كلهن في ذي القعدة.
فقالت عائشة: لقد علم أنه اعتمر أربع عمر، بعمرته التي حج معها.
وقال البيهقي في الخلافيات: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنبأنا أبو محمد ابن حبان الأصبهاني، أنبأنا إبراهيم بن شريك، أنبأنا أحمد بن يونس، ثنا زهير، ثنا أبو إسحاق عن مجاهد قال: سئل ابن عمر كم اعتمر رسول الله ؟
فقال: مرتين.
فقالت عائشة: لقد علم ابن عمر أن رسول الله اعتمر ثلاثا سوى العمرة التي قرنها مع حجة الوداع.
ثم قال البيهقي: وهذا إسناد لا بأس به، لكن فيه إرسال - مجاهد لم يسمع من عائشة في قول بعض المحدثين -.
قلت: كان شعبة ينكره، وأما البخاري ومسلم فإنهما أثبتاه، والله أعلم.
وقد روى من حديث القاسم بن عبد الرحمن ابن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وغير واحد، عن عائشة أن رسول الله كان معه الهدي عام حجة الوداع، وفي إعمارها من التنعيم ومصادقتها له منهبطا على أهل مكة وبيتوته بالمحصب، حتى صلى الصبح بمكة ثم رجع إلى المدينة، وهذا كله مما يدل على أنه عليه السلام لم يعتمر بعد حجته تلك، ولم أعلم أحد من الصحابة نقله، ومعلوم أنه لم يتحلل بين النسكين ولا روى أحد أنه عليه السلام بعد طوافه بالبيت، وسعيه بين الصفا والمروة حلق وقصر ولا تحلل، بل استمر على إحرامه باتفاق، ولم ينقل أنه أهل بحج لما سار إلى منى، فعلم أنه لم يكن متمتعا، وقد اتفقوا على أنه عليه السلام اعتمر عام حجة الوداع، فلم يتحلل بين النسكين، ولا أنشأ إحراما للحج، ولا اعتمر بعد الحج، فلزم القران، وهذا مما يعسر الجواب عنه، والله أعلم.
وأيضا فإن رواية القران مثبتة لما سكت عنه أو نفاه من روى الإفراد والتمتع، فهي مقدمة عليها، كما هو مقرر في علم الأصول، وعن أبي عمران أنه حج مع مواليه قال: فأ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ذكر ما قاله أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حج متمتعا /الجزء الخامس / (البداية والنهاية)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فصل دعاءء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم عرفة / الجزء الخامس / (البداية والنهاية)
» ذكر طوافه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة / الجزء الخامس / (البداية والنهاية)
» مرور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بمساكن ثمود / الجزء الخامس / (البداية والنهاية)
» ذكر خطبة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى تبوك إلى نخلة هناك / الجزء الخامس / (البداية والنهاية)
» فصل في ذكر أمور مهمة وقعت بعد وفاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقبل دفنه / الجزء الخامس / (البداية والنهاية)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: