نشوء اسرائيل

تعتبر مرحله ما قبل اعلان قيام اسرائيل عام 1948 مرحله دخول الولايات المتحده الامريكيه بكل ثقلها الى جانب الحركه، ويسجل للرئيس ترومان انه الابرز والاشد حماسه رغم ليبراليته المعروفه، فقد عبر عن ان الحل الوحيد للمساله اليهوديه ياتى عبر الصهيونيه((235)). وكان ذلك حلقه فى سلسله المكياليين الامريكيه الشهيره والمستمره حتى اليوم.
تجاهلت السياسه الخارجيه لامريكا مبادى‏ء ولسون المعروفه وخاصه حق تقرير المصير للاغلبيه، وارادت تغيير الاغلبيه بادخال مئه الف يهودى الى فلسطين حتى يصل عددهم الى 600 الف، وهذا يعنى الغاء مضمون الكتاب الابيض الصادر عام 1939 عبر بريطانيا. ويشار هنا الى ان الحركه الصهيونيه رفضت مشروع الرئيس روزفلت لتوطين اللاجئين (بعد الحرب العالميه الثانيه) حيث هم واعتبرته مشروعا غادرا، بل على العكس فقد قامت الحركه باظهار معاناه هولاء اللاجئين والمشردين اليهود لكى تستدر العطف لتهجيرهم الى فلسطين.
يمكن اعتبار عام 1946 عاما حاسما فى مساله الدوله اليهوديه، فقد وقف اليهود الى جانب ترومان وبنجاحه عام 1947 ضمن هولاء دعم الاداره الامريكيه الحاسم.
فى بريطانيا افرزت الحرب نتائج هامه، حيث وصل حزب العمال الى السلطه، وكان للحركه الصهيونيه بسبب مواقف (كليمنت ايكى) رئيس الوزراء المناهضه لمشاريعها، ان تستخدم امريكا للضغط عليه، وفى يد امريكا كما هو معلوم اوراق ضغط مهمه يقف على راسها مشروع مارشال لاعاده بناء اوروبا. ومن المعروف ان ايكى عارض ارسال المئه الف يهودى، ونتيجه للضغوط تشكلت لجنه امريكيه بريطانيه كان معظم اعضاءها من الحركه الصهيونيه، وفى مناوره بارعه ايدت اللجنه ادخال العدد المطلوب باضافه بسيطه هى رفض اقامه دوله يهوديه او عربيه.
برزت فكره تقسيم فلسطين على يد الثنائى (موريسون غريدى) من اللجنه المذكوره ورغم اعتراف وايزمان اول رئيس (لاسرائيل) بان قيام الدوله اليهوديه محجف بحق العرب فانه قدم ضمانات لفظيه بالعداله بين الطرفين.
هكذا احيلت المساله برمتها كما هو متوقع الى هيئه الامم المتحده الناشئه فى جو من الصراع الصهيونى ضد الجيش البريطانى بعد توقف الحرب العالميه مباشره. واندفعت امواج الهجره غير المشروعه نحو الارض المقدسه (ذلك ان المشروعه تعنى 1500 مهاجر شهريا فقط)، ووقف العرب عاجزين بشكل مذهل عن التصدى.. وبدا ان القدر قد نفذ، فلم يكن فى كل فلسطين اى مشروع ممكن للتسلح والمقاومه الفعاله بسبب الحصار العنيف حول فلسطين من قبل الدول الغربيه المورده للسلاح.
ايدت امريكا القرار فى 11 تشرين اول وتم اقراره فى الجمعه العامه فى 29 من نفس الشهر بعد مناورات دراميه مشهوره تملا صفحات الكتب المتخصصه.
وفى ضوء اشرس ضغط تعرضت له دول عديده للتصويت الى جانب المشروع ينفى ترومان انه فعل ذلك. وبعد استقباله فى البيت الابيض لرئيس الدوله الصهيونيه وايزمان عام 1948، قدم اعترافه بقيام اسرائيل بعد 11 دقيقه من اعلانها فى ايار 1948.
واخيرا تم تشريد مليون فلسطينى الى الدول المجاوره وضمت الاردن الضفه الغربيه للاردن الى المملكه وبقى قطاع غزه بمساحه 250 كم‏2 مع مصر. وبعدمعارك فاشله عقدت الدول العربيه اتفاقيات الهدنه الدائمه عبر مباحثات
ثنائيه ,وطويت صفحه فلسطين لتبدا صفحه جديده وواقع عربى جديد مختلف تماما عما كان قبل عام 1948.
المفهوم الصهيونى للسلام
لا يخفى اليهود ان الصهيونيه تعبيرهم الشامل عن الملامح القوميه لوجودهم واهدافهم ولا يخفى العهد القديم ان اللّه اعط‏ى لليهود وعدا الهيا ابديا بفلسطين التى هى ارض كنعان تاره، وارض العماليق تاره اخرى.. وفوق هذا وذاك منحهم صلاحيات اباده شعب المنطقه كله، بل وحدد لهم حدودها التى نراها متفاوته اتساعا او ضيقا بين نص وآخر (اصحاح او سفر وآخر) فاذا قرانا بعضها نجد مثلا فى سفر التكوين الاصحاح 15 الفقره 18، وكذلك فى سفر ايشوع الاصحاح الاول فقره 3، 4، ما يلى: (فى ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقا، لنسلك اعط‏ى هذه الارض من نهر مصر الى النهر الكبير نهر الفرات).
الفقره الثانيه ربما كانت اكثر وضوحا ومرونه فهى تقول (كل موضع تدوسه بطون اقدامكم لكم اعطيه.. كما كلمت موسى، من البريه ولبنان هذا الى النهر الكبير نهر الفرات، جميع ارض الحثيين والى البحر الكبير نحو الغرب يكون
تخمكم) وجاء فى التكوين ايضا (واعط‏ى لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك كل ارض كنعان ملكا ابديا..) سفر التكوين الاصحاح 17.
نجد هنا اختلافا فى الدرجه فالمنحه لا تشمل ابراهيم(ع) فقط بل ولنسله من بعده مضافا اليه كلمه (ابديا). وهذا يعنى ان على القارى‏ء ان يدقق فى الانساب التى لم يقصر اليهود فى شرحها وتفصيلها على ايه حال، وان يؤمن مع ذلك ان هولاء الموجودين الان جاووا من نسل اولئك قبل آلاف السنين.
ويقول فى سفر التثنيه اصحاح 7 (لانك شعب مقدس للرب الهك واياك اصطفى الرب ان تكون له امه خاصه من جميع الامم التى على الارض).