ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 الجزء الاول / ذكر وفاة موسى عليه السلام‏

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

الجزء الاول / ذكر وفاة موسى عليه السلام‏ Empty
مُساهمةموضوع: الجزء الاول / ذكر وفاة موسى عليه السلام‏   الجزء الاول / ذكر وفاة موسى عليه السلام‏ Emptyالإثنين نوفمبر 23, 2009 6:15 pm

الجزء الاول / ذكر وفاة موسى عليه السلام‏ Kunoooz9fc8d2b72e

كتاب بداية ونهاية (لابن كثير)
ذكر وفاته عليه السلام‏ (موسى)
قال البخاري في (صحيحه) وفاة موسى عليه السلام: حدثنا يحيى بن موسى، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فلما جاءه صكه، فرجع إلى ربه عز وجل، فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال: ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة، قال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. قال: فالآن.
قال فسأل الله عز وجل أن يدنيه من الأرض المقدسة رميه بحجر، قال أبو هريرة: فقال رسول الله :
« فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر ».
قال: وأنبأنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة عن النبي نحوه.
وقد روى مسلم الطريق الأول من حديث عبد الرزاق به.
ورواه الإمام أحمد من حديث حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة مرفوعًا وسيأتي.
وقال الإمام أحمد: حدثنا الحسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو يونس يعني - سليم بن جبير- عن أبي هريرة، قال الإمام أحمد: لم يرفعه.
قال: جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال: أجب ربك فلطم موسى عين ملك الموت، ففقأها.
فرجع الملك إلى الله فقال: إنك بعثتني إلى عبد لك لا يريد الموت.
قال: وقد فقأ عيني.
قال: فرد الله عينه.
وقال: ارجع إلى عبدي، فقل له: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور، فما وارت يدك من شعره، فإنك تعيش بها سنة.
قال: ثم مه؟
قال: ثم الموت.
قال: فالآن يا رب من قريب.
تفرد به أحمد وهو موقوف بهذا اللفظ.
وقد رواه ابن حبان في (صحيحه)، من طريق معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة قال معمر: وأخبرني من سمع الحسن، عن رسول الله فذكره، ثم استشكله ابن حبان، وأجاب عنه بما حاصله، أن ملك الموت لما قال له هذا لم يعرفه، لمجيئه له على غير صورة يعرفها موسى عليه السلام، كما جاء جبريل في صورة أعرابي، وكما وردت الملائكة على إبراهيم ولوط في صورة شباب، فلم يعرفهم إبراهيم ولا لوط أولًا، وكذلك موسى لعله لم يعرفه.
لذلك ولطمه ففقأ عينه، لأنه دخل داره بغير إذنه، وهذا موافق لشريعتنا في جواز فقء عين من نظر إليك في دارك بغير إذن.
ثم أورد الحديث من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :
« جاء ملك الموت إلى موسى ليقبض روحه.
قال له: أجب ربك، فلطم موسى عين ملك الموت، ففقأ عينه ». وذكر تمام الحديث.
كما أشار إليه البخاري، ثم تأوله على أنه لما رفع يده ليلطمه، قال له: أجب ربك، وهذا التأويل لا يتمشى على ما ورد به اللفظ من تعقيب قوله: أجب ربك بلطمه، ولو استمر على الجواب الأول لتمشى له، وكأنه لم يعرفه في تلك الصورة.
ولم يحمل قوله هذا على أنه مطابق، إذلم يتحقق في الساعة الراهنة أنه ملك كريم، لأنه كان يرجو أمورًا كثيرة، كان يحب وقوعها في حياته من خروجه من التيه، ودخولهم الأرض المقدسة، وكان قد سبق في قدرة الله أنه عليه السلام يموت في التيه بعد هارون أخيه، كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
وقد زعم بعضهم أن موسى عليه السلام، هو الذي خرج بهم من التيه، ودخل بهم الأرض المقدسة، وهذا خلاف ما عليه أهل الكتاب وجمهور المسلمين. ومما يدل على ذلك قوله لما اختار الموت: رب أدنني إلى الأرض المقدسة رمية حجر، ولو كان قد دخلها لم يسأل ذلك، ولكن لما كان مع قومه بالتيه.
وحانت وفاته عليه السلام أحب أن يتقرب إلى الأرض التي هاجر إليها، وحث قومه عليها، ولكن حال بينهم وبينها القدر رمية بحجر، ولهذا قال سيد البشر ورسول الله إلى أهل الوبر والمدر:
« فلو كنت ثم لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر ».
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد، حدثنا ثابت، وسليمان التيمي، عن أنس بن مالك أن رسول الله قال: « لما أسري بي مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره، عند الكثيب الأحمر ».
ورواه مسلم من حديث حماد بن سلمة به.
وقال السدي: عن أبي مالك، وأبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة قالوا: ثم إن الله تعالى أوحى إلى موسى إني متوف هارون فائت به جبل كذا وكذا، فانطلق موسى وهارون نحو ذلك الجبل، فإذا هم بشجرة، لم تر شجرة مثلها، وإذا هم ببيت مبني، وإذا هم بسرير عليه فرش، وإذا فيه ريح طيبة، فلما نظر هارون إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه، قال: يا موسى إني أحب أن أنام على هذا السرير.
قال له موسى: فنم عليه.
قال: إني أخاف أن يأتي رب هذا البيت فيغضب علي.
قال له: لا ترهب أنا أكفيك رب هذا البيت فنم.
قال يا موسى: نم معي، فإن جاء رب هذا البيت غضب علي وعليك جميعًا، فلما ناما أخذ هارون الموت، فلما وجد حسه قال يا موسى: خدعتني، فلما قبض، رفع ذلك البيت، وذهبت تلك الشجرة، ورفع السرير به إلى السماء، فلما رجع موسى إلى قومه وليس معه هارون قالوا: فإن موسى قتل هارون، وحسده حب بني إسرائيل له.
وكان هارون أكف عنهم، وألين لهم من موسى، وكان في موسى بعض الغلظة عليهم، فلما بلغه ذلك قال لهم: ويحكم كان أخي أفتروني أقتله، فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين، ثم دعا الله فنزل السرير حتى نظروا إليه بين السماء والأرض.
ثم إن موسى عليه السلام بينما هو يمشي ويوشع فتاه، إذ أقبلت ريح سوداء، فلما نظر إليها يوشع ظن أنها الساعة، فالتزم موسى وقال: تقوم الساعة وأنا ملتزم موسى نبي الله، فاستل موسى عليه السلام من تحت القميص، وترك القميص في يدي يوشع، فلما جاء يوشع بالقميص آخذته بنو إسرائيل وقالوا: قتلت نبي الله، فقال: لا والله ما قتلته ولكنه استل مني، فلم يصدقوه وأرادوا قتله.
قال: فإذا لم تصدقوني فاخروني ثلاثة أيام، فدعا الله فأتى كل رجل ممن كان يحرسه في المنام، فأخبر أن يوشع لم يقتل موسى، وإنا قد رفعناه إلينا فتركوه، ولم يبق أحد ممن أبى أن يدخل قرية الجبارين مع موسى إلا مات، ولم يشهد الفتح. وفي بعض هذا السياق نكارة وغرابة، والله أعلم.
وقد قدمنا أنه لم يخرج أحد من التيه ممن كان مع موسى، سوى يوشع بن نون، وكالب بن يوقنا، وهو زوج مريم أخت موسى وهارون، وهما الرجلان المذكوران فيما تقدم، اللذان أشارا على ملأ بني إسرائيل بالدخول عليهم.
وذكر وهب بن منبه: أن موسى عليه السلام مر بملأ من الملائكة يحفرون قبرًا، فلم ير أحسن منه ولا أنضر ولا أبهج، فقال: يا ملائكة الله لمن تحفرون هذا القبر، فقالوا: لعبد من عباد الله كريم، فإن كنت تحب أن تكون هذا العبد فادخل هذا القبر وتمدد فيه، وتوجه إلى ربك، وتنفس أسهل تنفس، ففعل ذلك فمات صلوات الله وسلامه عليه، فصلت عليه الملائكة ودفنوه، وذكر أهل الكتاب وغيرهم أنه مات وعمره مائة وعشرون سنة.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أمية بن خالد ويونس قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة، عن النبي - قال يونس رفع هذا الحديث إلى النبي - قال:
« كان ملك الموت يأتي الناس عيانًا.
قال فأتى موسى عليه السلام فلطمه ففقأ عينه، فأتى ربه.
فقال: يا رب عبدك موسى فقأ عيني، ولولا كرامته عليك لعتبت عليه.
وقال يونس: لشققت عليه.
قال له: اذهب إلى عبدي فقل له: فليضع يده على جلد، أو مَسْك ثور، فله بكل شعرة وارت يده سنة.
فأتاه فقال له، فقال: ما بعد هذا؟
قال: الموت.
قال: فالآن.
قال: فشمه شمة فقبض روحه ».
قال يونس: فرد الله عليه عينه، وكان يأتي الناس خفية.
وكذا رواه ابن جرير، عن أبي كريب، عن مصعب بن المقدام، عن حماد بن سلمة به. فرفعه أيضًا.


ذكر نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون عليهما السلام

هو يوشع بن نون بن أفراثيم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام. وأهل الكتاب يقولون يوشع بن عم هود.
وقد ذكره الله تعالى في القرآن غير مصرح باسمه في قصة الخضر، كما تقدم من قوله: { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ } [الكهف: 60] { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ } [الكهف: 62]
وقدمنا ما ثبت في الصحيح من رواية أبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي من أنه يوشع بن نون، وهو متفق على نبوته عند أهل الكتاب، فإن طائفة منهم وهم السامرة لا يقرون بنبوة أحد بعد موسى إلا يوشع بن نون، لأنه مصرح به في التوراة، ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقًا لما معهم من ربهم، فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.
وأما ما حكاه ابن جرير وغيره من المفسرين، عن محمد بن إسحاق: من أن النبوة حولت من موسى، إلى يوشع في آخر عمر موسى، فكان موسى يلقي يوشع فيسأله ما أحدث الله إليه من الأوامر والنواهي، حتى قال له: يا كليم الله، إني كنت لا أسألك عما يوحي الله إليك حتى تخبرني أنت، ابتداء من تلقاء نفسك، فعند ذلك كره موسى الحياة وأحب الموت.
ففي هذا نظر، لأن موسى عليه السلام لم يزل الأمر والوحي والتشريع والكلام من الله إليه من جميع أحواله حتى توفاه الله عز وجل، ولم يزل معززًا مكرمًا مدللًا وجيها عند الله، كما قدمنا في الصحيح من قصة فقئه عين ملك الموت، ثم بعثه الله إليه إن كان يريد الحياة، فليضع يده على جلد ثور، فله بكل شعرة وارت يده سنة يعيشها، قال: ثم ماذا؟ قال: الموت. قال: فالآن يا رب، وسأل الله أن يدنيه إلى بيت المقدس رمية بحجر، وقد أجيب إلى ذلك صلوات الله وسلامه عليه.
فهذا الذي ذكره محمد بن إسحاق إن كان، إنما يقوله من كتب أهل الكتاب، ففي كتابهم الذي يسمونه التوراة: أن الوحي لم يزل ينزل على موسى في كل حين يحتاجون إليه، إلى آخر مدة موسى، كما هو المعلوم من سياق كتابهم عند تابوت الشهادة في قبة الزمان.
وقد ذكروا في السفر الثالث أن الله أمر موسى وهارون أن يعدا بني إسرائيل على أسباطهم، وأن يجعلا على كل سبط من الاثني عشر أميرًا، وهو النقيب. وماذاك إلا ليتأهبوا للقتال - قتال الجبارين عند الخروج من التيه -
وكان هذا عند اقتراب انقضاء الأربعين سنة، ولهذا قال بعضهم: إنما فقأ موسى عليه السلام عين ملك الموت لأنه لم يعرفه في صورته تلك، ولأنه كان قد أمر بأمر كان يرتجي وقوعه في زمانه، ولم يكن في قدر الله أن يقع ذلك في زمانه، بل في زمان فتاه يوشع بن نون عليه السلام.
كما أن رسول الله كان قد أراد غزو الروم بالشام، فوصل إلى تبوك، ثم رجع عامه ذلك في سنة تسع. ثم حج في سنة عشر، ثم رجع فجهز جيش أسامة إلى الشام، طليعة بين يديه، ثم كان على عزم الخروج إليهم امتثالًا لقوله تعالى: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } [التوبة: 29] .
ولما جهز رسول الله جيش أسامة، توفي عليه الصلاة والسلام وأسامة مخيم بالجرف، فنفذه صديقه وخليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ثم لما لمَّ شعث جزيرة العرب وما كان دهى من أمر أهلها، وعاد الحق إلى نصابه، جهز الجيوش يمنة ويسرة إلى العراق: أصحاب كسرى ملك الفرس، وإلى الشام: أصحاب قيصر ملك الروم، ففتح الله لهم، ومكن لهم وبهم، وملكهم نواصي أعدائهم، كما سنورده عليك في موضعه، إذا انتهينا إليه مفصلًا إن شاء الله بعونه وتوفيقه وحسن إرشاده.
وهكذا موسى عليه السلام كان الله قد أمره أن يجند بني إسرائيل، وأن يجعل عليهم نقباء، كما قال تعالى: { وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ } [المائدة: 12]
يقول لهم: لئن قمتم بما أوجبت عليكم، ولم تنكلوا عن القتال كما نكلتم أول مرة، لأجعلن ثواب هذه مكفرًا لما وقع عليكم من عقاب تلك، كما قال تعالى لمن تخلف من الأعراب عن رسول الله في غزوة الحديبية: { قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } [الفتح: 16] .
وهكذا قال تعالى لبني إسرائيل: { فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ } ثم ذمهم تعالى على سوء صنيعهم ونقضهم مواثيقهم كما ذم من بعدهم من النصارى على اختلافهم في دينهم وأديانهم. وقد ذكرنا ذلك في التفسير مستقصى، ولله الحمد.
والمقصود أن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يكتب أسماء المقاتلة من بني إسرائيل، ممن يحمل السلاح، ويقاتل ممن بلغ عشرين سنة فصاعدًا وأن يجعل على كل سبط نقيبًا منهم.
السبط الأول: سبط روبيل، لأنه بكر يعقوب، كان عدة المقاتلة منهم ستة وأربعين ألفًا وخمسمائة، ونقيبهم منهم وهو: اليصور بن شديئورا.
السبط الثاني: سبط شمعون، وكانوا تسعة وخمسين ألفًا وثلاثمائة. ونقيبهم: شلوميئيل بن هوريشداي.
السبط الثالث: سبط يهوذا، وكانوا أربعة وسبعين ألفًا وستمائة. ونقيبهم: نحشون بن عميناداب.
السبط الرابع: سبط ايساخر، وكانوا أربعة وخمسين ألفًا وأربعمائة، ونقيبهم نشائيل بن صوغر.
السبط الخامس: سبط يوسف عليه السلام، وكانوا أربعين ألفًا وخمسمائة، ونقيبهم يوشع بن نون.
السبط السادس: سبط ميشا، وكانوا أحدًا وثلاثين ألفًا ومائتين، ونقيبهم جمليئيل بن فدهصور.
السبط السابع: سبط بنيامين، وكانوا خمسة وثلاثين ألفًا وأربعمائة، ونقيبهم: أبيدن بن جدعون.
السبط الثامن: سبط حاد، وكانوا خمسة وأربعة ألفًا وستمائة وخمسين رجلًا، ونقيبهم: الياساف بن رعوئيل.
السبط التاسع: سبط أشير، وكانوا أحدًا وأربعين ألفًا وخمسمائة. ونقيبهم: فجعيئيل بن عكرن.
السبط العاشر: سبط دان، وكانوا اثنين وستين ألفًا وسبعمائة، ونقيبهم: أخيعزر بن عمشداي.
السبط الحادي عشر: سبط نفتالي، وكانوا ثلاثة وخمسين ألفًا وأربعمائة. ونقيبهم: أخيرع بن عين.
السبط الثاني عشر: سبط زبولون، وكانوا سبعة وخمسين ألفًا وأربعمائة، ونقيبهم: الباب بن حيلون.
هذا نص كتابهم الذي بأيديهم، والله أعلم.
وليس منهم: بنو لاوي، فأمر الله موسى أن لا يعدهم معهم، لأنهم موكلون بحمل قبة الشهادة، وضربها وخزنها، ونصبها، وحملها إذا ارتحلوا، وهم سبط موسى وهارون عليهما السلام، وكانوا اثنين وعشرين ألفًا من ابن شهر فما فوق ذلك، وهم في أنفسهم قبائل من كل قبيلة طائفة من قبة الزمان، يحرسونها ويحفظونها ويقومون بمصالحها ونصبها وحملها، وهم كلهم حولها، ينزلون، ويرتحلون أمامها ويمنتها وشمالها ووراءها.
وجملة ما ذكر من المقاتلة غير بني لاوي خمسمائة ألف وأحد وسبعون ألفًا وستمائة وستة وخمسون. لكن قالوا: فكان عدد بني إسرائيل ممن عمره عشرون سنة فما فوق ذلك، ممن حمل السلاح ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسة وخمسين رجلًا، سوى بني لاوي، وفي هذا نظر.
فإن جميع الجمل المتقدمة إن كانت كما وجدنا في كتابهم، لا تطابق الجملة التي ذكروها، والله أعلم.
فكان بنو لاوي الموكلون بحفظ قبة الزمان، يسيرون في وسط بني إسرائيل، وهم القلب، ورأس الميمنة: بنو روبيل، ورأس الميسرة: بنودان، وبنو نفتالي يكونون ساقة.
وقرر موسى عليه السلام - بأمر الله تعالى له - الكهانة في بني هارون، كما كانت لأبيهم من قبلهم، وهم ناداب، وهو بكره، وأبيهو، والعازر، ويثمر.
والمقصود أن بني إسرائيل لم يبق منهم أحد ممن كان نكل عن دخول مدينة الجبارين، الذين قالوا: { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } [المائدة: 24] قاله الثوري، عن أبي سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وقاله: قتادة، وعكرمة.
ورواه السدي، عن ابن عباس، وابن مسعود، وناس من الصحابة، حتى قال ابن عباس، وغيره من علماء السلف والخلف: ومات موسى وهارون قبله كلاهما في التيه جميعًا.
وقد زعم ابن إسحاق أن الذي فتح بيت المقدس هو موسى، وإنما كان يوشع على مقدمته، وذكر في مروره إليها قصة بلعام بن باعور الذي قال تعالى فيه:
{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ } [الأعراف: 175-177] .
وقد ذكرنا قصته في التفسير، وأنه كان فيما قاله ابن عباس وغيره يعلم الاسم الأعظم، وأن قومه سألوه أن يدعو على موسى وقومه فامتنع عليهم، ولما ألحوا عليه، ركب حمارة له؛ ثم سار نحو معسكر بني إسرائيل، فلما أشرف عليهم ربضت به حمارته فضربها، حتى قامت فسارت غير بعيد وربضت، فضربها ضربًا أشد من الأول، فقامت ثم ربضت، فضربها فقالت له: يا بلعام أين تذهب، أما ترى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا، أتذهب إلى نبي الله والمؤمنين تدعو عليهم؟ فلم ينزع عنها فضربها حتى سارت به، حتى أشرف عليهم من رأس جبل حسبان.
ونظر إلى معسكر موسى وبني إسرائيل فأخذ يدعو عليهم فجعل لسانه لا يطيعه إلا أن يدعو لموسى وقومه، ويدعو على قوم نفسه فلاموه على ذلك، فاعتذر إليهم بأنه لا يجري على لسانه إلا هذا، واندلع لسانه حتى وقع على صدره، وقال لقومه: ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة، ولم يبق إلا المكر والحيلة.
ثم أمر قومه أن يزينوا النساء ويبعثوهن بالأمتعة يبعن عليهم، ويتعرضن لهم، حتى لعلهم يقعون في الزنا، فإنه متى زنى رجل منهم كفيتموه، ففعلوا وزينوا نساءهم، وبعثوهن إلى المعسكر، فمرت امرأة منهم اسمها كستى برجل من عظماء بني إسرائيل - وهو زمري بن شلوم - يقال إنه كان رأس سبط بني شمعون بن يعقوب، فدخل بها قبته، فلما خلا بها أرسل الله الطاعون على بني إسرائيل، فجعل يحوس فيهم.
فلما بلغ الخبر إلى فنحاص بن العزار بن هارون، أخذ حربته وكانت من حديد، فدخل عليهما القبة فانتظمهما جميعًا فيها، ثم خرج بهما على الناس والحربة في يده، وقد اعتمد على خاصرته وأسندها إلى لحيته، ورفعهما نحو السماء وجعل يقول: اللهم هكذا تفعل بمن يعصيك، ورفع الطاعون.
فكان جملة من مات في تلك الساعة سبعين ألفًا، والمقلل يقول عشرين ألفًا، وكان فنحاص بكر أبيه العزار بن هارون، فلهذا يجعل بنو إسرائيل لولد فنحاص من الذبيحة اللية والذراع واللحى، ولهم البكر من كل أموالهم وأنفسهم.
وهذا الذي ذكره ابن إسحاق من قصة بلعام صحيح، قد ذكره غير واحد من علماء السلف، لكن لعله لما أراد موسى دخول بيت المقدس أول مقدمه من الديار المصرية، ولعله مراد ابن إسحاق، ولكنه ما فهمه بعض الناقلين عنه، وقد قدمنا عن نص التوراة ما يشهد لبعض هذا، والله أعلم.
ولعل هذه قصة أخرى كانت في خلال سيرهم في التيه، فإن في هذا السياق ذكر حسبان، وهي بعيدة عن أرض بيت المقدس، أو لعله كان هذا لجيش موسى، الذين عليهم يوشع بن نون، حين خرج بهم من التيه قاصدًا بيت المقدس، كما صرح به السدي، والله أعلم.
وعلى كل تقدير فالذي عليه الجمهور: أن هارون توفي بالتيه قبل موسى أخيه بنحو من سنتين، وبعده موسى في التيه أيضًا كما قدمنا، وأنه سأل ربه أن يقرب إلى بيت المقدس فأجيب إلى ذلك، فكان الذي خرج بهم من التيه، وقصد بهم بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام، فذكر أهل الكتاب وغيرهم من أهل التاريخ: أنه قطع بني إسرائيل نهر الأردن، وانتهى إلى أريحا، وكانت من أحصن المدائن سورًا، وأعلاها قصورًا وأكثرها أهلًا فحاصرها ستة أشهر.
ثم إنهم أحاطوا بها يومًا وضربوا بالقرون - يعني الأبواق - وكبروا تكبيرة رجل واحد، فتفسخ سورها، وسقط وجبة واحدة، فدخلوها وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم، وقتلوا اثني عشر ألفًا من الرجال والنساء، وحاربوا ملوكًا كثيرة.
ويقال: إن يوشع ظهر على أحد وثلاثين ملكًا من ملوك الشام. وذكروا أنه انتهى محاصرته لها إلى يوم جمعة بعد العصر، فلما غربت الشمس أو كادت تغرب، ويدخل عليهم السبت الذي جعل عليهم، وشرع لهم ذلك الزمان قال لها: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي، فحبسها الله عليه، حتى تمكن من فتح البلد، وأمر القمر فوقف عند الطلوع، وهذا يقتضي أن هذه الليلة كانت الليلة الرابعة عشرة من الشهر الأول، وهو قصة الشمس المذكورة في الحديث الذي سأذكره.
وأما قصة القمر فمن عند أهل الكتاب، ولا ينافي الحديث بل فيه زيادة تستفاد، فلا تصدق ولا تكذب، ولكن ذكرهم أن هذا في فتح أريحا، فيه نظر، والأشبه والله أعلم أن هذا كان في فتح بيت المقدس، الذي هو المقصود الأعظم، وفتح أريحا كان وسيلة إليه، والله أعلم.
قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا أبو بكر، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :
« إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس ».
انفرد به أحمد من هذا الوجه، وهو على شرط البخاري.
وفيه دلالة على أن الذي فتح بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام، لا موسى، وأن حبس الشمس كان في فتح بيت المقدس لا أريحا، كما قلنا. وفيه أن هذا كان من خصائص يوشع عليه السلام، فيدل على ضعف الحديث الذي رويناه، أن الشمس رجعت حتى صلى علي بن أبي طالب صلاة العصر، بعد ما فاتته بسبب نوم النبي على ركبته، فسأل رسول الله أن يردها عليه حتى يصلي العصر، فرجعت.
وقد صححه علي بن صالح المصري، ولكنه منكر، ليس في شيء من الصحاح ولا الحسان، وهو مما تتوفر الدواعي على نقله، وتفردت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها، والله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :
« غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن، ولا آخر قد بنى بنيانًا، ولم يرفع سقفها، ولا آخر قد اشترى غنمًا أو خلفات وهو ينتظر أولادها، فغزا فدنا من القرية حين صُلي العصر، أو قريبًا من ذلك، فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي شيئًا، فحبست عليه حتى فتح الله عليه، فجمعوا ما غنموا فأتت النار لتأكله فأبت أن تطعمه.
فقال: فيكم غلول، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده.
فقال: فيكم الغلول، وليتابعني قبيلتك، فبايعته قبيلته، فلصق بيد رجلين أو ثلاثة.
فقال: فيكم الغلول، أنتم غللتم، فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب.
قال: فوضعوه بالمال، وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا، ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا ». انفرد به مسلم من هذا الوجه.
وقد روى البزار، من طريق مبارك بن فضالة، عن عبيد الله، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي نحوه.
قال: ورواه محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري.
قال: ورواه قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي .
والمقصود: أنه لما دخل بهم باب المدينة، أمروا أن يدخلوها سجدًا أي ركعًا متواضعين شاكرين لله عز وجل على ما من به عليهم من الفتح العظيم، الذي كان الله وعدهم إياه، وأن يقولوا حال دخولهم حطة أي: حط عنا خطيانا التي سلفت من نكولنا الذي تقدم منا.
ولهذا لما دخل رسول الله مكة يوم فتحها، دخلها وهو راكب ناقته، وهو متواضع حامد شاكر، حتى أن عثنونه - وهو طرف لحيته - ليمس مورك رحله، مما يطأطىء رأسه خضعانًا لله عز وجل، ومعه الجنود والجيوش ممن لا يرى منه إلا الحدق، ولا سيما الكتيبة الخضراء التي فيها رسول الله ، ثم لما دخلها اغتسل، وصلى ثماني ركعات، وهي صلاة الشكر على النصر.
على المشهور من قولي العلماء، وقيل: إنها صلاة الضحى، وما حمل هذا القائل على قوله هذا، إلا لأنها وقعت وقت الضحى.
وأما بنو إسرائيل، فإنهم خالفوا ما أمروا به قولًا وفعلًا، دخلوا الباب يزحفون على أستاههم، يقولون: حبة في شعرة، وفي رواية: حنطة في شعرة. وحاصله أنهم بدلوا ما أمروا به واستهزؤا به، كما قال تعالى حاكيًا عنهم في سورة الأعراف - وهي مكية -: { وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ } [الأعراف: 161-162] .
وقال في سورة البقرة - وهي مدنية - مخاطبًا لهم: { وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } [البقرة: 58-59] .
وقال الثوري، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا } قال: ركعًا من باب صغير. رواه الحاكم، وابن جرير، وابن أبي حاتم.
وكذا روى العوفي، عن ابن عباس، وكذا روى الثوري، عن ابن إسحاق، عن البراء.
قال مجاهد، والسدي، والضحاك، والباب: هو باب حطة من بيت ايلياء بيت المقدس.
قال ابن مسعود: فدخلوا مقنعي رؤوسهم ضد ما أمروا به، وهذا لا ينافي قول ابن عباس: أنهم دخلوا يزحفون على أستاههم.
وهكذا في الحديث الذي سنورده بعد، فإنهم دخلوا يزحفون وهم مقنعو رؤوسهم.
وقوله: { وَقُولُوا حِطَّةٌ } الواو هنا حالية لا عاطفة، أي: ادخلوا سجدًا في حال قولكم حطة.
قال ابن عباس، وعطاء، والحسن، وقتادة، والربيع: أمروا أن يستغفروا.
قال البخاري: حدثنا محمد، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن ابن المبارك، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي :
« قال: قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم.
فبدلوا وقالوا: حطة حبة في شعرة ».
وكذا رواه النسائي من حديث ابن المبارك ببعضه.
ورواه عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن مهدي به موقوفًا.
وقد قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن همام بن منبه، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله :
« قال الله لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم، فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم، فقالوا: حبة في شعرة ».
ورواه البخاري، ومسلم، والترمذي، من حديث عبد الرزاق.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال محمد بن إسحاق: كان تبديلهم كما حدثني صالح بن كيسان، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، وعمن لا أتهم، عن ابن عباس أن رسول الله قال:
« دخلوا الباب الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجدًا يزحفون على أستاههم، وهم يقولون حنطة في شعيرة ».
وقال أسباط، عن السدي، عن مرة، عن ابن مسعود قال: في قوله: { فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ } قال: قالوا: هطى سقانا أزمة مزيا.
فهي في العربية: حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعرة سوداء.
وقد ذكر الله تعالى أنه عاقبهم على هذه المخالفة، بإرسال الرجز الذي أنزله عليهم وهو الطاعون.
كما ثبت في (الصحيحين)، من حديث الزهري، عن عامر بن سعد، ومن حديث مالك، عن محمد بن المنكدر، وسالم أبي النضر، عن عامر بن سعد، عن أسامة بن زيد، عن رسول الله أنه قال:
« إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم ».
وروى النسائي، وابن أبي حاتم وهذا لفظه، من حديث الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، وأسامة بن زيد، وخزيمة بن ثابت قالوا: قال رسول الله :
« الطاعون رجز عذاب، عذب به من كان قبلكم ».
وقال الضحاك، عن ابن عباس: الرجز: العذاب. وكذا قال مجاهد، وأبو مالك، والسدي، والحسن، وقتادة.
وقال أبو العالية: هو الغضب.
وقال الشعبي: الرجز: إما الطاعون، وإما البرد.
وقال سعيد بن جبير: هو الطاعون.
ولما استقرت يد بني إسرائيل على بيت المقدس، استمروا فيه وبين أظهرهم نبي الله يوشع، يحكم بينهم بكتاب الله التوراة حتى قبضه الله إليه، وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة، فكان مدة حياته بعد موسى سبعًا وعشرين سنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجزء الاول / ذكر وفاة موسى عليه السلام‏
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجزء الاول / ‏قصة قارون مع موسى عليه السلام
» الجزء الاول / ‏قصة موسى والخضر عليهما السلام
» معجزة موسى عليه السلام (من جزئين الجزء الاول)
» الجزء الاول / ذكر حجه موسى عليه السلام إلى البيت العتيق و صفته
» الجزء الاول / بعد قصة موسى وهارون تأتي قصة الياس عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: