ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 الجزء الاول / قصة موسى الكليم‏ (1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

الجزء الاول / قصة موسى الكليم‏ (1) Empty
مُساهمةموضوع: الجزء الاول / قصة موسى الكليم‏ (1)   الجزء الاول / قصة موسى الكليم‏ (1) Emptyالإثنين نوفمبر 23, 2009 5:40 pm

الجزء الاول / قصة موسى الكليم‏ (1) Kunoooz92bcc83e31

كتاب بداية ونهاية (لابن كثير)
وهو موسى بن عمران بن قاهث بن عازر بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.
قال تعالى: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا } [مريم: 51-53] وقد ذكره الله تعالى في مواضع كثيرة متفرقة من القرآن، وذكر قصته في مواضع متعددة مبسوطة مطولة، وغير مطولة، وقد تكلمنا على ذلك كله في مواضعه من التفسير، وسنورد سيرته ههنا من ابتدائها إلى آخرها من الكتاب والسنة، وما ورد في الآثار المنقولة من الإسرائيليات، التي ذكرها السلف وغيرهم، إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.
قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم { طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } [القصص: 1-6] .
يذكر تعالى ملخص القصة، ثم يبسطها بعد هذا فذكر: أنه يتلو على نبيه خبر موسى، وفرعون بالحق أي: بالصدق الذي كأن سامعه مشاهد للأمر معاين له.
{ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا } أي: تجبر وعتا وطغى، وبغى وآثر الحياة الدنيا، وأعرض عن طاعة الرب الأعلى، وجعل أهلها شيعًا أي: قسم رعيته إلى أقسام وفرق وأنواع.
{ يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ } وهم: شعب بني إسرائيل، الذين هم من سلالة نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، وكانوا إذ ذاك خيار أهل الأرض، وقد سلط عليهم هذا الملك الظالم الغاشم الكافر، الفاجر، يستعبدهم ويستخدمهم في أخس الصنائع والحرف، وأردئها وأدناها.
ومع هذا { يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } وكان الحامل له على هذا الصنيع القبيح: أن بني إسرائيل كانوا يتدارسون فيما بينهم ما يأثرونه عن إبراهيم عليه السلام، من أنه سيخرج من ذريته غلام، يكون هلاك ملك مصر على يديه، وذلك والله أعلم حين كان جرى على سارة امرأة الخليل من ملك مصر، من إرادته إياها على السوء وعصمة الله لها.
وكانت هذه البشارة مشهورة في بني إسرائيل، فتحدث بها القبط فيما بينهم، ووصلت إلى فرعون، فذكرها له بعض أمرائه وأساورته، وهم يسمرون عنده، فأمر عند ذلك بقتل أبناء بني إسرائيل، حذرًا من وجود هذا الغلام، ولن يغني حذر من قدر.
وذكر السدي، عن أبي صالح، وأبي مالك، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن أناس من الصحابة: أن فرعون رأى في منامه كأن نارًا قد أقبلت من نحو بيت المقدس، فأحرقت دور مصر وجميع القبط، ولم تضر بني إسرائيل، فلما استيقظ هاله ذلك، فجمع الكهنة والحزأة، والسحرة، وسألهم عن ذلك فقالوا: هذا غلام يولد من هؤلاء، يكون سبب هلاك أهل مصر على يديه، فلهذا أمر بقتل الغلمان وترك النسوان.
ولهذا قال الله تعالى: { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ } وهم: بنو إسرائيل.
{ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } أي: الذين يؤل ملك مصر وبلادها إليهم.
{ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } أي: سنجعل الضعيف قويًا، والمقهور قادرًا، والذليل عزيزًا، وقد جرى هذا كله لبني إسرائيل، كما قال تعالى: { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا... } الآية [الأعراف: 137] .
وقال تعالى: { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ } [الشعراء: 57-59] . وسيأتي تفصيل ذلك في موضعه إن شاء الله.
والمقصود: أن فرعون احترز كل الاحتراز أن لا يوجد موسى، حتى جعل رجالًا وقوابل يدورون على الحبالى، ويعلمون ميقات وضعهن، فلا تلد امرأة ذكرًا إلا ذبحه أولئك الذباحون من ساعته.
وعند أهل الكتاب: أنه إنما كان يأمر بقتل الغلمان لتضعف شوكة بني إسرائيل، فلا يقاومونهم إذا غالبوهم أو قاتلوهم. وهذا فيه نظر، بل هو باطل، وإنما هذا في الأمر بقتل الولدان بعد بعثة موسى كما قال تعالى: { فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم } ولهذا قالت بنو إسرائيل لموسى: { أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا }.
فالصحيح أن فرعون إنما أمر بقتل الغلمان أولًا، حذرًا من وجود موسى. هذا والقدر يقول: يا أيها ذا الملك الجبار، المغرور بكثرة جنوده، وسلطة بأسه، واتساع سلطانه، قد حكم العظيم الذي لا يغالب ولا يمانع، ولا يخالف أقداره، أن هذا المولود الذي تحترز منه، وقد قتلت بسببه من النفوس ما لا يعد ولا يحصى، لا يكون مرباه إلا في دارك، وعلى فراشك، ولا يغذى إلا بطعامك وشرابك في منزلك، وأنت الذي تتبناه وتربيه وتتعداه، ولا تطلع على سر معناه.
ثم يكون هلاكك في دنياك وأخراك، على يديه لمخالفتك ما جاءك به من الحق المبين، وتكذيبك ما أوحى إليه، لتعلم أنت وسائر الخلق أن رب السموات والأرض هو الفعال لما يريد، وأنه هو القوي الشديد، ذو البأس العظيم، والحول والقوة والمشيئة، التي لا مرد لها.
وقد ذكر غير واحد من المفسرين: أن القبط شكوا إلى فرعون قلة بني إسرائيل، بسبب قتل ولدانهم الذكور، وخشي أن تتفانى الكبار مع قتل الصغار، فيصيرون هم الذين يلون ما كان بنو إسرائيل يعالجون، فأمر فرعون بقتل الأبناء عامًا، وأن يتركوا عامًا.
فذكروا أن هارون عليه السلام ولد في عام المسامحة عن قتل الأبناء، وأن موسى عليه السلام ولد في عام قتلهم، فضاقت أمه به ذرعًا، واحترزت من أول ما حبلت، ولم يكن يظهر عليها مخائيل الحبل.
فلما وضعت ألهمت، أن اتخذت له تابوتًا، فربطته في حبل، وكانت دارهما متاخمة للنيل، فكانت ترضعه فإذا خشيت من أحد وضعته في ذلك التابوت، فأرسلته في البحر وأمسكت طرف الحبل عندها، فإذا ذهبوا استرجعته إليها به.
قال الله تعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } [القصص: 7-9] .
هذا الوحي: وحي إلهام وإرشاد، كما قال تعالى: { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا.. } الآية [النحل: 68-69] وليس هو بوحي نبوة، كما زعمه ابن حزم، وغير واحد من المتكلمين؛ بل الصحيح الأول، كما حكاه أبو الحسن الأشعري، عن أهل السنة والجماعة.
قال السهيلي: واسم أم موسى أيارخا، وقيل: أياذخت.
والمقصود: أنها أرشدت إلى هذا الذي ذكرناه، وألقي في خلدها وروعها أن لا تخافي ولا تحزني، فإنه إن ذهب فإن الله سيرده إليك، وإن الله سيجعله نبيًا مرسلًا، يعلي كلمته في الدنيا والآخرة، فكانت تصنع ما أمرت به، فأرسلته ذات يوم وذهلت أن تربط طرف الحبل عندها، فذهب مع النيل فمر على دار فرعون { فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ }.
قال الله تعالى: { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } قال بعضهم: هذه لام العاقبة، وهو ظاهر إن كان متعلقًا بقوله: { فَالْتَقَطَهُ } وأما إن جعل متعلقًا بمضمون الكلام، وهو أن آل فرعون قيضوا لالتقاطه ليكون لهم عدوًا وحزنًا، صارت اللام معللة كغيرها، والله أعلم.
ويقوي هذا التقدير الثاني قوله: { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ } [القصص: 8] وهو الوزير السوء { وَجُنُودَهُمَا } المتابعين لهما { كَانُوا خَاطِئِينَ } أي: كانوا على خلاف الصواب، فاستحقوا هذه العقوبة والحسرة.
وذكر المفسرون أن الجواري التقطنه من البحر في تابوت مغلق عليه، فلم يتجاسرون على فتحه، حتى وضعنه بين يدي امرأة فرعون: آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد، الذي كان فرعون مصر في زمن يوسف. وقيل: إنها كانت من بني إسرائيل من سبط موسى. وقيل: بل كانت عمته، حكاه السهيلي، فالله أعلم.
وسيأتي مدحها والثناء عليها في قصة مريم بنت عمران، وأنهما يكونان يوم القيامة من أزواج رسول الله في الجنة.
فلما فتحت الباب وكشفت الحجاب، رأت وجهه يتلألأ بتلك الأنوار النبوية، والجلالة الموسوية، فلما رأته ووقع نظرها عليه، أحبته حبًا شديدًا جدًا، فلما جاء فرعون قال: ما هذا؟ وأمر بذبحه. فاستوهبته منه ودفعت عنه { وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ } فقال لها فرعون: أما لك فنعم، وأما لي فلا. أي: لا حاجة لي به والبلاء موكل بالمنطق.
وقولها: { عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا } [القصص: 9] وقد أنالها الله ما رجت من النفع، أما في الدنيا فهداها الله به، وأما في الآخرة فأسكنها جنته بسببه.
{ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } وذلك أنهما تبنياه؛ لأنه لم يكن يولد لهما ولد.
قال الله تعالى: { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } أي: لا يدرون ماذا يريد الله بهم، حين قيضهم لالتقاطه من النقمة العظيمة بفرعون وجنوده، وعند أهل الكتاب: أن التي التقطت موسى دربتة ابنة فرعون، وليس لامرأته ذكر بالكلية، وهذا من غلطهم على كتاب اله عز وجل.
{ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } [القصص: 10-13] .
قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبو عبيدة، والحسن، وقتادة، والضحاك، وغيرهم: { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا } أي: من كل شيء من أمور الدنيا، إلا من موسى.
{ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } أي: لتظهر أمره، وتسأل عنه جهرة.
{ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا } أي: صبرناها وثبتناها { لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }.
{ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ } وهي ابنتها الكبيرة، قصيه أي: اتبعي أثره، واطلبي له خبره { فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ } قال مجاهد: عن بعد. وقال قتادة: جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده، ولهذا قال: { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } وذلك لأن موسى عليه السلام لما استقر بدار فرعون أرادوا أن يغذوه برضاعة، فلم يقبل ثديًا ولا أخذ طعامًا، فحاروا في أمره، واجتهدوا على تغذيته بكل ممكن فلم يفعل.
كما قال تعالى: { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ } فأرسلوه مع القوابل والنساء إلى السوق، لعل يجدون من يوافق رضاعته، فبينما هم وقوف به والناس عكوف عليه، إذ بصرت به أخته فلم تظهر أنها تعرفه بل قالت { فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ }.
قال ابن عباس: لما قالت ذلك، قالوا لها: ما يدريك بنصحهم وشفقهم عليه؟.
فقالت: رغبة في صهر الملك، ورجاء منفعته، فأطلقوها وذهبوا معها إلى منزلهم، فأخذته أمه فلما أرضعته التقم ثديها، وأخذ يمتصه ويرتضعه، ففرحوا بذلك فرحًا شديدًا.
وذهب البشير إلى آسية يعلمها بذلك، فاستدعتها إلى منزلها، وعرضت عليها أن تكون عندها، وأن تحسن إليها، فأبت عليها وقالت: إن لي بعلًا وأولادًا، ولست أقدر على هذا إلا أن ترسليه معي، فأرسلته معها، ورتبت لها رواتب، وأجرت عليها النفقات و الكساوي والهبات، فرجعت به تحوزه إلى رحلها، وقد جمع الله شمله بشملها.
قال الله تعالى: { فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } أي: كما وعدناها برده ورسالته، فهذا رده، وهو دليل على صدق البشارة برسالته.
{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } وقد امتن الله على موسى بهذا ليلة كلمه، فقال له فيما قال له: { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى * إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي } [طه: 37-39] .
إذ قال قتادة، وغير واحد من السلف أي: تطعم، وترفه، وتغذى بأطيب المآكل، وتلبس أحسن الملابس، بمرأى مني وذلك كله بحفظي وكلائتي لك، فيما صنعت بك لك، وقدرته من الأمور التي لا يقدر عليها غيري.
{ إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا } [طه: 40] وسنورد حديث الفتون في موضعه، بعد هذا إن شاء الله تعالى، وبه الثقة وعليه التكلان.
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ } [القصص: 14-17] .
لما ذكر تعالى أنه أنعم على أمه برده لها، واحسانه بذلك، وامتنانه عليها، شرع في ذكر أنه لما بلغ أشده واستوى، وهو احتكام الخلق والخلق - وهو سن الأربعين - في قول الأكثرين، آتاه الله حكمًا وعلمًا، وهو النبوة والرسالة التي كان بشر بها أمه حين قال: { إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ }.
ثم شرع في ذكر سبب خروجه من بلاد مصر، وذهابه إلى أرض مدين وإقامته هنالك، حتى كمل الأجل وانقضى الأمد، وكان ما كان من كلام الله له وإكرامه بما أكرمه به، كما سيأتي.
قال تعالى: { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا } قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وقتادة، والسدي: وذلك نصف النهار.
وعن ابن عباس: بين العشائين.
{ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ } أي: يتضاربان ويتهاوشان.
{ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ } أي: إسرائيلي.
{ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ } أي: قبطي. قاله: ابن عباس، وقتادة، والسدي، ومحمد بن إسحاق.
{ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ } وذلك أن موسى عليه السلام كانت له بديار مصر صولة، بسبب نسبته إلى تبني فرعون له، وتربيته في بيته، وكانت بنو إسرائيل قد عزوا وصارت لهم وجاها، وارتفعت رؤوسهم بسبب أنهم أرضعوه، وهم أخواله أي: من الرضاعة.
فلما استغاث ذلك الإسرائيلي موسى عليه السلام على ذلك القبطي، أقبل إليه موسى { فَوَكَزَهُ } قال مجاهد أي: طعنه بجمع كفه.
وقال قتادة: بعصا كانت معه.
{ فَقَضَى عَلَيْهِ } أي: فمات منها. وقد كان ذلك القبطي كافرًا مشركًا بالله العظيم، ولم يرد موسى قتله بالكلية، وإنما أراد زجره وردعه ومع هذا { قَالَ } موسى { هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } أي: من العز والجاه { فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ }.
{ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ * فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ * وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [القصص: 18-21] .
يخبر تعالى أن موسى أصبح بمدينة مصر خائفًا - أي من فرعون وملائه - أن يعلموا أن هذا القتيل الذي رفع إليه أمره، إنما قتله موسى في نصرة رجل من بني إسرائيل، فتقوى ظنونهم أن موسى منهم، ويترتب على ذلك أمر عظيم، فصار يسير في المدينة في صبيحة ذلك اليوم { خَائِفًا يَتَرَقَّبُ } أي: يلتفت.
فبينما هو كذلك، إذا ذلك الرجل الإسرائيلي الذي استنصره بالأمس يستصرخه أي: يصرخ به ويستغيثه على آخر قد قاتله، فعنفه موسى ولامه على كثرة شره ومخاصمته، قال له: { إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ }.
ثم أراد أن يبطش بذلك القبطي، الذي هو عدو لموسى وللإسرائيلي، فيردعه عنه ويخلصه منه، فلما عزم على ذلك، وأقبل على القبطي { قَالَ يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ }.
قال بعضهم: إنما قال هذا الكلام: الإسرائيلي الذي اطلع على ما كان صنع موسى بالأمس، وكأنه لما رأى موسى مقبلًا إلى القبطي، اعتقد أنه جاء إليه لما عنفه قبل ذلك بقوله: { إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ } فقال ما قال لموسى، وأظهر الأمر الذي كان وقع بالأمس، فذهب القبطي فاستعدى موسى إلى فرعون. وهذا الذي لم يذكر كثير من الناس سواه.
ويحتمل أن قائل هذا هو القبطي، وأنه لما رآه مقبلًا إليه خافه، ورأى من سجيته انتصارًا جيدًا للإسرائيلي، فقال ما قال من باب الظن والفراسة: إن هذا لعله قاتل ذاك القتيل بالأمس، أو لعله فهم من كلام الإسرائيلي حين استصرخه عليه ما دله على هذا، والله أعلم.
والمقصود أن فرعون بلغه أن موسى هو قاتل ذلك المقتول بالأمس، فأرسل في طلبه، وسبقهم رجل ناصح عن طريق أقرب { وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ } ساعيًا إليه مشفقًا عليه فقال: { قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ } أي: من هذه البلدة { إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ } أي: فيما أقوله لك.
قال الله تعالى: { فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ } أي: فخرج من مدينة مصر من فوره على وجهه لا يهتدي إلى طريق ولا يعرفه قائلًا:
{ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ * وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } [القصص: 21-24] .
يخبر تعالى عن خروج عبده، ورسوله، وكليمه من مصر خائفًا يترقب، أي: يتلفت خشية أن يدركه أحد من قوم فرعون، وهو لا يدري أين يتوجه، ولا إلى أين يذهب، وذلك لأنه لم يخرج من مصر قبلها.
{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ } أي: اتجه له طريق يذهب فيه.
{ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ } أي: عسى أن تكون هذه الطريق موصلة إلى المقصود. وكذا وقع أو صلته إلى مقصود، وأي مقصود.
{ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ } وكانت بئرًا يستقون منها. ومدين هي: المدينة التي أهلك الله فيها أصحاب الأيكة، وهم قوم شعيب عليه السلام. وقد كان هلاكهم قبل زمن موسى عليه السلام في أحد قولي العلماء.
{ وَلَمَّا وَرَدَ } الماء المذكور.
{ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ } أي: تكفكفان عنهما غنمهما أن تختلط بغنم الناس.
وعند أهل الكتاب أنهن كن سبع بنات.
وهذا أيضًا من الغلط، وكأنه كنَّ سبعًا ولكن إنما كان تسقي اثنتان منهن، وهذا الجمع ممكن إن كان ذاك محفوظًا، وإلا فالظاهر أنه لم يكن له سوى بنتان.
{ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } أي: لا نقدر على ورود الماء إلا بعد صدور الرعاء لضعفنا، وسبب مباشرتنا هذه الرعية ضعف أبينا وكبره. قال الله تعالى: { فَسَقَى لَهُمَا }.
قال المفسرون: وذلك أن الرعاء كانوا إذا فرغوا من وردهم، وضعوا على فم البئر صخرة عظيمة، فتجىء هاتان المرأتان فيشرعان غنمهما في فضل أغنام الناس، فلما كان ذلك اليوم جاء موسى فرفع تلك الصخرة وحده، ثم استقى لهما وسقى غنمهما، ثم رد الحجر، كما كان.
قال أمير المؤمنين عمر: وكان لا يرفعه إلا عشرة رجال، وإنما استقى ذنوبًا واحدًا فكفاهما.
{ ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ } قالوا: وكان ظل شجرة من السمر. روى ابن جرير، عن ابن مسعود أنه رآها خضراء ترف.
{ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } قال ابن عباس: سار من مصر إلى مدين لم يأكل إلا البقل، وورق الشجر، وكان حافيًا فسقطت نعلا قدميه من الحفاء، وجلس في الظل وهو صفوة الله من خلقه، وإن بطنه لاصق بظهره من الجوع، وإن خضرة البقل لترى من داخل جوفه وأنه لمحتاج إلى شق تمرة.
قال عطاء بن السائب: لما { فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } أسمع المرأة.
{ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } [القصص: 25-28] .
لما جلس موسى عليه السلام في الظل، و { فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } سمعته المرأتان فيما قيل، فذهبتا إلى أبيهما، فيقال: إنه استنكر سرعة رجوعهما، فأخبرتاه ما كان من أمر موسى عليه السلام، فأمر إحداهما أن تذهب إليه فتدعوه { فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ } أي: مشي الحراير { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } صرحت له بهذا، لئلا يوهم كلامها ريبة، وهذا من تمام حيائها وصيانتها.
{ فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ } وأخبره خبره، وما كان من أمره في خروجه من بلاد مصر، فرارًا من فرعونها، قال له ذلك الشيخ: { لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } أي: خرجت من سلطانهم فلست في دولتهم.
وقد اختلفوا في هذا الشيخ من هو؟ فقيل هو: شعيب عليه السلام، وهذا هو المشهور عند كثيرين، وممن نصَّ عليه الحسن البصري، ومالك بن أنس، وجاء مصرحًا به في حديث، ولكن في إسناده نظر.
وصرَّح طائفة بأن شعيبًا عليه السلام عاش عمرًا طويلًا بعد هلاك قومه، حتى أدركه موسى عليه السلام، وتزوج بابنته.
وروى ابن أبي حاتم وغيره، عن الحسن البصري أن صاحب موسى عليه السلام هذا اسمه: شعيب. وكان سيد الماء، ولكن ليس بالنبي صاحب مدين.
وقيل: إنه ابن أخي شعيب.
وقيل: ابن عمه.
وقيل: رجل مؤمن من قوم شعيب.
وقيل: رجل اسمه يثرون، هكذا هو في كتب أهل الكتاب، يثرون: كاهن مدين، أي: كبيرها، وعالمها.
قال ابن عباس، وأبو عبيدة بن عبد الله: اسمه يثرون، زاد أبو عبيدة وهو ابن أخي شعيب، زاد ابن عباس صاحب مدين.
والمقصود أنه لما أضافه، وأكرم مثواه، وقصَّ عليه ما كان من أمره، بشَّره بأنه قد نجا، فعند ذلك قالت إحدى البنتين لأبيها: { يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ } أي: لرعي غنمك، ثم مدحته بأنه قوي أمين.
قال عمرو ابن عباس، وشريح القاضي، وأبو مالك، وقتادة، ومحمد بن إسحاق، وغير واحد: لما قالت ذلك قال لها أبوها: وما علمك بهذا؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجزء الاول / قصة موسى الكليم‏ (1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجزء الاول / قصة موسى الكليم‏ (2)
» الجزء الاول / واخيرا قصة موسى الكليم‏
» الجزء الاول / ‏قصة موسى والخضر عليهما السلام
» الجزء الاول / ‏قصة قارون مع موسى عليه السلام
» الجزء الاول / ذكر وفاة موسى عليه السلام‏

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: