الاحتلال الصهيوني ,الصراع العربي الإسرائيلي

ن الوجود الصهيوني في فلسطين لا يستهدف الشعب الفلسطيني فقط ولكنه يستهدف العالم العربي باسره ولم يكن اختيار الحركة الصهيونية لفلسطين صدفة ذلك ان فلسطين موقع استراتيجي هام في الوطن العربي. وهذا الموقع الاستراتيجي هو الذي اقنع بريطانيا بضرورة قيام الكيان الصهيوني من اجل حماية قناة السويس والمصالح الامبريالية الاخرى، وان تبني الولايات المتحدة لدولة الاحتلال الصهيوني ليس ناتجا عن اهتمام خاص ببوصة على الخارطة اسمها فلسطين، انه اهتمام بمصير المصالح النفطية والمصالح الاستراتيجية الهائلة في المنطقة العربية.
ثم ان فلسطين جزء من الامة العربية شعبا وتاريخا وحضارة ومصيرا. والعدوان الصهيوني على فلسطين لن يترك الامة العربية حتى لو قررت هي ان تسالمه.
وما دامت قضية فلسطين قضية عربية، فان القتال من اجل استرداد فلسطين يجب ان يكون قتالا عربيا طليعته الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية، غير ان القرارات المتتالية للقمم العربية والقاضية باستبعاد الحرب وسيلة لاسترداد فلسطين وانتهاج الطرق السلمية من اجل ذلك اضطرت الشعب الفلسطيني ان يخوض المعركة وحيدا فكانت انتفاضته المباركة ضد العدو الصهيوني ووجوده والتي تتحول شيئا فشيئا الى حرب شعبية بكل ما في الكلمة من معنى.
ان حرب الشعب في فلسطين ستكون اكثر الحروب دموية وشراسة في التاريخ. ولهذا عدة اسباب، اهمها:-
1. ان الاحتلال الصهيوني في فلسطين استعمار استيطاني، ومواجهة هذا النوع من الاستعمار ليست كمواجهة الاحتلال العسكري. وهذا الاستعمار لن يتنازل عن وجوده حتى لو تنازلت الصهيونية العالمية والامبريالية العالمية، مع ان هذا غير وارد. وسيدافع عن هذا الوجود بكل الاسلحة المتوافرة لديه وبكل خبرة الاستعماريين وشراستهم.
2. ان الدوائر الصهيونية العالمية التي ساهمت مساهمة كبرى وفعالة في انشاء الكيان الصهيوني، قوة عالمية كبيرة، لها وزنها في السياسة الدولية والاقتصاد الدولي وفي شؤون الحرب والسلام.
وستظل هذه الدوائر تدافع عن الكيان الذي انشأته حتى تزيد من اهميتها لدى الدوائر الامبريالية العالمية لانها تدافع عن الكيان الذي يحمي مصالحها في المنطقة.
3. ان الامبريالية العالمية تعرف حق المعرفة ان قيام قوة في المنطقة العربية قادرة على مواجهة الكيان الصهيوني يعني سقوط الوجود الامبريالي في المنطقة، فاذا عرفنا اهمية المصالح الامبريالية في المنطقة، وخاصة النفط، عرفنا كيف ستقاتل الامبريالية دفاعا عن هذه المصالح.

4. ان تطور اسلحة الحرب التقليدية والتكنولوجية “غير النووية” والامكانات الكبيرة التي تملكها الصهيونية والامبريالية في هذا المجال ستزيد من شراسة الحرب، ومن امكاناتها التدميرية.
ولكن اية حرب شعبية تخوضها الامة العربية ستكون نتيجتها على المدى الطويل ايجابية. ويعود ذلك لما يلي:-
1- ان رقعة العالم العربي واسعة وهي تمتد عبر ملايين الأميال المربعة وهذه الرقعة الواسعة لا يستطيع اي عدو خارجي ان يسيطر عليها سيطرة كاملة، حتى ولو كان هذا العدو الولايات المتحدة نفسها، فكيف اذا كان الكيان الصهيوني. وتتنوع التضاريس في الاراضي العربية تنوعا كبيرا السواحل الطويلة سلاسل الجبال السهول التلال الصحاري وتتخلل الارض العربية ايضا الانهار الكبيرة كالنيل ودجلة والفرات والانهار الصغيرة والوديان كما تغطي مساحات منها الغابات واخرى الاراضي المزروعة وسط ابعاد من الرمال والارض البوار. وتقف المدن عبر هذه المساحات واحات بشرية كثافتها السكانية عالية.
2- ان عدد سكان الوطن العربي اخذ يقترب من المائتي مليون نسمة وهذا العدد يجعل الامة العربية تأتي في المرتبة الخامسة في العالم من حيث عدد السكان بعد الصين، الهند، الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الامريكية. وهذا العدد قابل للزيادة بسبب التحسن النسبي في شروط المعيشة.
3- ان امكانات الوطن العربي الزراعية والمعدنية كبيرة جدا كما يملك العرب اكبر احتياطي نفطي في العالم وتزداد اهمية هذا الاحتياطي بازدياد اهمية النفط. وازدياد حاجة الدول الصناعية المتقدمة له لا سيما اوروبا والولايات المتحدة.
توفر هذه الثروات امكانات كبيرة لبناء الصناعة ووجود العملات الصعبة وشراء التكنولوجيا والاسلحة المتطورة.
4- ان الدول العربية تملك قوات عسكرية واسلحة حديثة. وتستطيع هذه القوات ان تساهم في معركة التحرير اذا توافر لها قيادة سياسية مخلصة ومصممة على القتال واذا ما اعيد بناؤها واعيد ترتيبها ان وجود هذه الامكانات يوفر ضمانات النصر الاكيد ولكن هذه الامكانات معطلة لعدة عوامل اهمها:-
أ- القيادات السياسية العاجزة او الخانعة او التابعة.
ب- التجزئة التي تجعل هذه الامكانات “متناثرة”.
ان الحرب من اجل تحرير فلسطين لا بد ان تكون حربا شعبية ولكنها ستكون حربا نظامية ايضا، لان العدو لا يستطيع ان يسيطر على اراضي الوطن العربي كلها، وستكون الاراضي الغير مسيطر عليها قادرة على تجهيز الجيوش النظامية.
ولذلك فان العدو. (دولة الاحتلال والولايات المتحدة معا) سيحاول معالجة هذه المسألة عن طريق ما يلي:-
أ- توسيع رقعة الاحتلال في حالة اتساع حرب الشعب وظهور بوادر على تحركات عربية نظامية جادة. وسيمتد الاحتلال الجديد الى سلسلة الجبال الشرقية من الاردن والى اواسط سوريا شمالا، وحدودها الشرقية مع العراق وسوف يلغي اتفاق كامب ديفيد ويحتل سيناء مجددا.

ب- وسيلجأ العدو الى تطوير اسلحته بحيث يكون قادرا على تهديد العواصم العربية خارج اطار احتلاله:- بغداد، الكويت، صنعاء، عدن، الرياض، القاهرة، طرابس، تونس والجزائر ليجعل هذه العواصم تحت رحمته.
جـ- وسيلجأ العدو الى تحريك اعداء ثانويين ليثيروا اخطاراً مباشرة:- ايران في العراق والخليج، الحبشة في البحر الاحمر والسودان تركيا في سوريا.
د- وسيعمل العدو على تثبيت التجزئة والانظمة وعلى اثارة الفتن الداخلية والصراعات المدمرة حتى لا تتوحد طاقات الامة العربية.
هـ- وسيقوم العدو، وخاصة الولايات المتحدة الامريكية بعمليات انزال عند الضرورة تمنع تحرك القوات في المناطق غير المسيطر عليها، وتستطيع عمليات الانزال البحري والجوي ان تشكل تهديدا كبيرا، بسبب امتداد الشواطيء العربية على مساحات واسعة من شواطىء البحر المتوسط. شواطىء الخليج العربي وبحر العرب، شواطىء البحر الاحمر، وبسبب عدم وجود عمق بشري وجغرافي في كثير من هذه المواقع.
وستكون حرب شعب ايضا، لان المناطق التي يسيطر عليها العدو يجب ان تشارك في القتال وحرب الشعب واحدة من اهم اساليب مشاركتها، كما انها تلعب دورا استراتيجيا في مساعدة القوات النظامية خلف خطوط العدو.
ان هذا يقتضي ان تتنامى الانتفاضة الفلسطينية في الداخل وأن يتسع نطاق فعالياتها كل يوم بحيث تنتقل الى مرحلتها قبل الاخيرة والاخيرة، ويقتضي ايضا ان تتصاعد حركة الجماهير العربية الهادفة الى تحقيق تحرير فلسطين ومن اجل تحقيق الوحدة العربية فتحرير فلسطين طريق الوحدة، وليس العكس. وسوف تنتصر الامة العربية في هذه الحرب لانها حرب عادلة وستنتصر اذا ما عبأت الجماهير العربية تعبئة ثورية واذا ما استخدم التكتيك المناسب والاستراتيجية المناسبة، وستنتصر اذا كانت الامة على قلب رجل واحد.

الصراع العربي الإسرائيلي
تعود جذور هذا الصراع الى بدايات الصدام بين المهاجرين اليهود والفلسطينيين. ومن المهم العودة الى زمن تلك المصادمات لنلاحظ إختلاف المنطلقات والأهداف وتصورات المستقبل بين الجماعات اليهودية المتواجدة في فلسطين آنذاك , ومع بداية الحرب العالمية الثانية بدأت الكفة تميل لصالح الرؤية الصهيونية.
حيث لعبت العصابات الارهابية التابعة لهذه الحركة دورا" مقررا" في قيادة العلاقات اليهودية بالأطراف المتحاربة.
وعلى الطريقة اليهودية ( التحالف مع الأقوى وخيانته سرا") وقف الصهاينة في فلسطين الى جانب الانجليز, لكن وثائق عديدة متنوعة المصادر تثبت خيانتهم.
على أن غزارة الكتابات وتراكميتها حول هذا الموضوع تجعله عصيا" على فهم الأطراف غير المعنية بهذا الصراع. خاصة مع تجنيد اليهودية العالمية لكامل قدراتها لدعم التوجهات السياسية الصهيونية. يدعمها في ذلك تواطوء الدول الرأسمالية التي ترى لهذه الدولة المسخ دورا" وظيفيا" يخدم مصالحها أكثر من خدمته لليهود أنفسهم.
فالعداء الأوروبي للعرب يعود الى زمن الحروب الصليبية التي لا تزال حاضرة في ذهن السيد بوش الذي أطلقها بعفوية هفوة تحليلية وهو الذي يعتبر أن الصدفة وحدها جعلت العرب يعيشون فوق الثروة النفطية و لافضل لهم بذلك. بل هم إستغلوا طيبة الأميركيين وتمدنهم أكثر من اللازم. فقد كان بإمكان القوة الأميركية أن تحتل تلك البلاد وتنهب ثروتها دون أن تعطي أصحابها أية حصة.
من هنا قناعة الأميركي بضرورة استقبال العرب لإسرائيل إستقبال الضبف المتحضر القادر على مساعدة العرب لتخطي تخلفهم وجهلهم وغرائزيتهم.