حقيقة معنى التعاطف

حقيقة معنى التعاطف
كثيراً ما يخطئ الناس فهم التعاطف، ويقصره على الانفعالات الوجدانية التي يعبر من خلالها عن المشاعر، للمشاركة الآنية في مناسبات الافراح والحزن والغضب والمودة وغيرها من الانفعالات النفسية والسلوكية، بينما حقيقة التعاطف انه تفاعل عميق مستمر، يستند إلى الملاحظة والمعرفة والتفكير لاستبصار مشاعر الآخرين وافكارهم لمساعدتهم بالتراحم والتلاحم والمحبة للعيش بأمان.
تتلخص شروط التعاطف، في الانتباه والانصات والاتصال الايجابي واحترام خصوصية الآخر والتبصر والملاحظة الدقيقة، ومعرفة الدوافع والعقد التي تحرك مشاعر الآخر، وايجاد المدخل التعاطفي الصحيح بالشكل السليم وبالتوقيت المناسب، من دون التسرع في الحكم او الالحاح لاستجابته لقبول نصائحنا.
تتجلى القدرة التعاطفية من حيث يتوقف «الأنا» ويبدأ «الأنت» وبقدر انكار الذات تكون كفاءة التعاطف من مساعدة الآخر لرؤية «الكل الاكبر» ومتى استطعنا ان نقول لشخص «انا افهمك واشعر باحاسيسك»، واقنعناه، بذكائنا الانفعالي، بصدق غايتنا من تلك العبارات، نكون قد حققنا التواصل التعاطفي، ووسعنا معرفتنا السلوكية وتجاوزنا ذاتنا وعالم رؤيتنا وفهمنا لانفسنا، وتمرسنا في حل المشكلات بشكل افضل، لانه من دون التعاطف يصعب التفاهم، واقامة علاقات حميمية دائمة بين الناس.
تمكننا اليقظة التعاطفية والذكاء الانفعالي من تسجيل الامور الدقيقة للتناقضات، ودمجها في صورة كلية متناسقة ومتوافقة لتعطي اشارات ايجابية، بما يجعلنا ندرك من اننا وشركاءنا جديرون بالحب، وان كنا غير متكاملين، فالتعاطف الفعال يصنع من التناقض والتمايز تكاملا وعشقا وحبا وسلاماً.
تلعب اقنية التواصل المختلفة (الكلمات ولغة الجسد ونبرة الصوت) دوراً كبيرا في تحديد فاعلية كفاءة التعاطف، فهناك ما يعادل %55 مما نتعلمه من الاخرين يأتي من لغة الجسد، و%38 يأتي من خلال نبرة الصوت، و%7 يأتي عبر التخاطب، وان ما يعادل %80 يحكمها اللا شعور والرسائل الداخلية، و%20 يحكمها اتصالنا الظاهر.
البعض من الاشخاص تعلموا منذ الصغر اخفاء مشاعرهم التي يعتقدون انها تعبر عن الضعف، وراء اقنعة من الغضب والعدوان والمظاهر المزيفة، لكنه من خلال التعاطف واستخدام التزامن الفيزيولوجي بالاتصال الفعال، نساعدهم على التخلي عن هذه الاقنعة ونزعها، فبمجرد ان يشعروا بالامان يتحررون من الشعور بالدونية والنبذ والاحباط وعدم الفهم، فمع تعاطيهم التعاطف يتوقفون عن الخجل ومن ثم التحرر من الغضب والعدوان.
لقد اختزلنا وظيفة التعاطف عند قيمة المشاركة الوجدانية والصدقات وتبادل زيارات العزاء والافراح، فكم نحن بحاجة الى تطبيق الفهم الصحيح للتعاطف في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية تطبيقا سليما لمعنى الحديث الشريف «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

» التعاطف فن الإحساس بالآخر
» أهمية التعاطف مع الأخرين
» التعاطف أو ما يسمي ب Empathy
» الاحساس و التعاطف مع الآخرين
» التعاطف الإنساني الاجتماعي