ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 غيرة المؤمن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

غيرة المؤمن Empty
مُساهمةموضوع: غيرة المؤمن   غيرة المؤمن Emptyالسبت نوفمبر 22, 2014 11:39 am

غيرة المؤمن KeORbg
غيرة المؤمن
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإن من محاسن ديننا الاهتمام بمكارم الأخلاق، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ»( 1). ولما بعث النبي صلى الله عليه و سلم أقر ما كان عليه الجاهليون من أخلاق حسنة، وألغى ما كانوا عليه من أخلاق رديئة، وهذب ما كان يحتاج إلى تهذيب.
ومن مكارم الأخلاق التي أقرها الإسلام: غيرة الرجل على أهله.
تعريف الغيرة:
قال أبو عمرو: الغيرة بالفتح مصدر قولك غار الرجل على أهله يغار غيرا وغيرة وغارا ورجل غيور وغيران وامرأة غيور وغيرى( 2).
قال ابن منظور: الغيرة بالفتح المصدر من قولك غار الرجل على أهله قال ابن سيده وغار الرجل على امرأته والمرأة على بعلها تغار غيرة وغيرا وغارا وغيارا… ورجل غيران والجمع غيارى وغيارى وغيور والجمع غير… وامرأة غيرى وغيور والجمع كالجمع الجوهري امرأة غيور ونسوة غير وامرأة غيرى ونسوة غيارى..يقال رجل غيور وامرأة غيور بلا هاء لأن فعولا يشترك فيه الذكر والأنثى وامرأة غيرى هي فعلى من الغيرة والمغيار الشديد الغيرة.. ورجل مغيار أيضا وقوم مغايير وفلان لا يتغير على أهله أي لا يغار وأغار أهله تزوج عليها فغارت والعرب تقول أغير من الحمى أي أنها تلازم المحموم ملازمة الغيور لبعلها( 3).
قال ابن حجر: الْغَيْرَة: بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بَعْدهَا رَاء، قال عِيَاض وَغَيْره: هِيَ مُشْتَقَّة مِنْ تَغَيُّر الْقَلْب وَهَيَجَان الْغَضَب بِسَبَبِ الْمُشَارَكَة فِيمَا بِهِ الِاخْتِصَاص، وَأَشَدّ مَا يَكُون ذَلِكَ بَيْن الزَّوْجَيْنِ. هَذَا فِي حَقّ الْآدَمِيّ( 4).
قال النووي: قال الْعُلَمَاء الْغَيْرَة بِفَتْحِ الْغَيْن وَأَصْلهَا الْمَنْع وَالرَّجُل غَيُور عَلَى أَهْله أَيْ يَمْنَعهُمْ مِنْ التَّعَلُّق بِأَجْنَبِيٍّ بِنَظَرٍ أَوْ حَدِيث أَوْ غَيْره، وَالْغَيْرَة صِفَة كَمَالِ( 5).
وقيل: لا كرم في من لا يغار( 6).
وقد كان الجاهليون يتمسكون بهذا الخلق، ومن ذلك قول قيس بن زهير لما تزوج في غير قومه لامرأته أنا غيور فخور أنف ولكني لا آنف حتى أضار ولا أخفر حتى أفاخر ولا أغار حتى أرى(7 )، وقال شاعرهم:
إن الكريمة ربا أزرى بها
لين الحجاب وضعف من لا يحزم
وكذاك حوضك إن أضعت فإنه
يوطأ ويشرب ماؤه ويهدم
وكان من مظاهر الغيرة عندهم حبهم لعفة النساء وحيائهن وتسترهن ووفائهن ووقارهن، حتى أشاد الشعراء بعفة النساء وتمنعهن، ومن أجمل ما قيل في ذلك قول الشنفرى:
لقد أعجبتني لا سقوطا قناعها
إذا ما مشت ولا بذا تلفت
أميمة لا يخزي فتاها حليلها
إذا ذكر النسوان عفت وجلت
إذا هو أمسى آب قرة عينه
بات السعيد لم سل أين ظلت
إن الغيرة في موضعها مظهر من مظاهر الرجولة الحقيقية، وفيها صيانة للأعراض، وحفظ للحرمات، وتعظيم لشعائر الله وحفظ لحدوده، وهي مؤشر على قوة الإيمان ورسوخه في القلب، ولذلك لا عجب أن ينتشر التحلل والتبرج والتهتك والفجور في أنحاء العالم الغربي وما يشابهه من المجتمعات، لضعف معاني الغيرة أو فقدانها.
ما من أحد أغير من الله عز و جل:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ الله وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»( Cool.
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إِنَّ الله يَغَارُ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ الله أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ»( 9).
وقال صلى الله عليه و سلم في خطبته لما كسفت الشمس: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ والله مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِن الله»(10 ) الحديث.
غيرة النبي صلى الله عليه و سلم:
لما قال سعد بن عبادة رضي الله عنه: «لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ فَوَالله لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَالله أَغْيَرُ مِنِّي»( 11). (غير مصفح: أن يضربه بحد السيف لا بعرضه، فالذي يضرب بالحد يقصد القتل بخلاف الذي يضرب بعرض السيف فإنه بقصد التأديب).
و عن عبد الله بن عمر: «أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل على مارية القبطية وهي حاملٌ بإبراهيم وعندها نسيبٌ لها قدم معها من مصر فأسلم، وكان كثيرًا ما يدخل على أمِّ إبراهيم وأنه جبَّ نفسه فقطع ما بين رجليه حتى لم يبق قليلٌ ولا كثيرٌ، فدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم يومًا عليها فوجد عندها قريبها فوجد في نفسه من ذلك شيئًا كما يقع في أنفس الناس، فخرج متغير اللون فلقيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعرف ذلك في وجه فقال: يا رسول الله أراك متغير اللون؟ فأخبره ما وقع في نفسه من قريب مارية فمضى بسيفه فأقبل يسعى حتى دخل على مارية فوجد عندها قريبها ذلك فأهوى بالسيف ليقتله، فلما رأى ذلك منه كشف عن نفسه فلما رآه عمر رضي الله عنه رجع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبره، فقال: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن الله سبحانه وتعالى قد برأها وقريبَها مما وقع في نفسي، وبشرني أن في بطنها غلامًا وأنه أشبه الخلق بي وأمرني أن أسميه إبراهيم»( 12).
ولقد تحلى الصحابة رضي الله عنهم بهذا الأدب النبوي وتمسكوا به، شأنه شأن غيره من واجبات الإيمان وشعبه، ومن ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
غيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا» فَبَكَى عُمَرُ وقال: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ الله( 13).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: كَانَ عُمَرُ رَجُلًا غَيُورًا فَكَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّبَعَتْهُ عَاتِكَةُ ابْنَةُ زَيْدٍ فَكَانَ يَكْرَهُ خُرُوجَهَا وَيَكْرَهُ مَنْعَهَا وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه و سلم قال: «إِذَا اسْتَأْذَنَتْكُمْ نِسَاؤُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا تَمْنَعُوهُنَّ»( 14) قال: صديق حسن خان: ولا اختلاف بين قوله صلى الله عليه و سلم إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها وبين ما حكم به جمهور الصحابة من منعهن إذ المنهي عنه الغيرة التي تنبعث من الأنفة دون خوف الفتنة والجائز ما فيه خوف الفتنة( 15).
ولم تتقيد غيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأهل بيته فقط، بل كانت نساء المسلمين كلهن في اعتباره، وعلى رأسهن زوجات النبي صلى الله عليه و سلم، فهن أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن. فعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم احْجُبْ نِسَاءَكَ فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله صلى الله عليه و سلم يَفْعَلُ فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِي عِشَاءً وَكَانَتْ امْرَأَةً طَوِيلَةً فَنَادَاهَا عُمَرُ أَلَا قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنْزَلَ الله آيَةَ الْحِجَابِ»( 16). وهكذا كان بقية الصحابة رضي الله عنهم.
غيرة ابن عمر رضي الله عنهما:
عن ابن أبي مليكة أن ابن عمر رضي الله عنهما سمع امرأته تكلم رجلا من وراء جدار بينها وبينه قرابة لا يعلمها ابن عمر فجمع لها جرائد ثم ضربها حتى أضبت حسيسا.
غيرة معاذ بن جبل رضي الله عنه:
وذكر الخرائطي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يأكل تفاحا ومعه امرأته فدخل عليه غلام له فناولته تفاحة قد أكلت منها فأوجعها معاذ ضربا ودخل يوما على امرأته وهي تطلع في خباء أدم فضربها( 17).
ورأى معاذ امرأته تطلع في الكوة فضربها ورأى امرأته قد دفعت إلى غلامه تفاحة قد أكلت منها فضربها( 18).
غيرة سعد بن عبادة رضي الله عنه:
ويذكر عن سعد بن عبادة أنه كان شديد الغيرة لم يتزوج إلا بكرا وما طلق امرأة وقدر أحد أن يتزوجها( 19).
غيرة صحابي طهرت المدينة من بني قينقاع:
فلم يكن غريبا من أحدهم أن يقتل أو يقتل بسبب المحافظة على هذا الأمر؛ روى ابن هشام أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها (ما يجلب للأسواق ليباع فيها) فباعته بسوق قينقاع (إحدى قبائل اليهود)، وجلست إلى صائغ بها فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها – وهي لا تشعر – فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله – وكان يهوديا – وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فسار غليهم النبي ز، وحاصرهم حتى نزلوا عن حكمه، فأجلاهم إلى الشام( 20).
وعلى هذا مضى سلف الأمة.
وكان الحسن يقول: أتدعون نساءكم ليزاحمن العلوج في الأسواق قبح الله من لا يغار( 21).
وقال ابن القيم رحمه الله: إذا ترحلت الغيرة من القلب فقد ترحل الدين كله.
ولم يتنازل المسلمون في هذا الخلق أو يفرطوا فيه حتى في فترات الضعف التي مرت بها الأمة الإسلامية.
وكان سيف الدين والي الموصل غيورًا شديد الغيرة لا يُدخل دُورَه غيرَ الخدم الصغار فإذا كبر أحدهم منعه( 22).
وحينما احتل الصليبيون بعض بلاد المسلمين في الشام ودام احتلالهم لها قرابة قرنين من الزمان، وهي فترة قد تلقي في بعض النفوس الظن أنهم باقون أبدًا حتى ينزل عيسى ابنُ مريم عليه السلام، في تلك الفترة سجَّل المؤرخون أن المسلمين كانوا ينظرون إلى النصارى نظرة احتقار وازدراء وأنهم (دياييث، يكون الواحد منهم سائرا مع زوجته في الطريق فتلتقي بصديق لها، فينتحي الزوج ليتيح للمرأة أن تتحدث مع صديقها ما شاءت من الحديث).
غيرة الإسلام:
ومن أجل أن يكون المجتمع نظيفا، أمر الإسلام بعدد من الأوامر والنواهي، ليحفظ هذا المجتمع طاهرا نقيا، وتصبح مظاهر الغيرة فيه جلية واضحة، ومن ذلك الإجراءات التالية:
1- فرض الله على المسلمات ستر مفاتنهن وعدم إبداء زينتهن: يقول الله عز و جل: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾، إلى قوله: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ [النور: 30]؛ وقال: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب: 33].
2- حرم الإسلام الدخول على النساء لغير محارمهن: كما حرم الخلوة بهن، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ» فقال رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ الله أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قال: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ»( 23).
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَلَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» فَقَامَ رَجُلٌ فقال يَا رَسُولَ الله إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قال: «انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ»( 24).
فهذا مجاهد في سبيل الله أمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يعدل عن الغزو في سبيل الله كي يرافق امرأته التي خرجت في سفر فاضل هو سفر الحج، ومع رفقة هم أزكى الناس وأتقاهم، ثم إنها قد خرجت ومضت، ومع كل هذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ».
وقد وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ»( 25).
عن علي رضي الله عنه أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: «أي شيء خير للمرأة؟» فسكتوا؛ فلما رجعت قلت لفاطمة: أي شيء خير للنساء؟ قالت: ألا يراهن الرجال. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم، قال: «إنما فاطمة بضعة مني»( 26).
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يسدون الكوى والثقب في الحيطان لئلا تطلع النسوان إلى الرجال.
3- أوصى بالحياء: وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «الْحَيَاءَ مِنْ الْإِيمَانِ»( 27). وقال: «الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ»( 28).
4- حض على حماية الأعراض: حتى جعل من قتل فداء للعرض شهيدا، كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»(29 ).
5- الأمر بغض البصر: قال الله عز و جل: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ [النور:30-31].
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ» فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا قال: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قال: «غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ»( 30).
وللتحذير من النظر شبهه بالزنا، كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إِنَّ الله كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ»(31 ).
لا فرق في ذلك أن يكون النظر من رجل لامرأة، أو امرأة لرجل: كما جاء عن أُمَّ سَلَمَةَ أم المؤمنين أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه و سلم وَمَيْمُونَةَ قَالَتْ فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أُمِرْنَا بِالْحِجَابِ فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه و سلم احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه و سلم: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ»(32 ).
و عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله قال سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه و سلم عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي( 33).
6- أمر المرأة بعدم الخضوع بالصوت: وهو النهي عن لين الكلام لئلا يطمع أهل الخنى فيهن قال الله عز و جل: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب: 32].
قال السدي وغيره: يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال( 34).
و قال السعدي مفسرا المرض: أي مرض شهوة الحرام فإنه مستعد ينتظر أدنى محرك يحركه لأن قلبه غير صحيح فإن القلب الصحيح ليس فيه شهوة لما حرم الله فإن ذلك لا تكاد تميله ولا تحركه الأسباب لصحة قلبه وسلامته من المرض بخلاف مريض القلب الذي لا يتحمل ما يتحمل الصحيح ولا يصبر على ما يصبر عليه فأدنى سبب يوجد ويدعوه إلى الحرام يجيب دعوته ولا يتعاصى عليه فهذا دليل على أن الوسائل لها أحكام المقاصد فإن الخضوع بالقول واللين فيه في الأصل مباح ولكن لما كان وسيلة إلى المحرم منع منه ولهذا ينبغي للمرأة في مخاطبة الرجال أن لا تلين لهم القول ولما نهاهن عن الخضوع في القول فربما توهم أنهن مأمورات بإغلاظ القول دفع هذا بقوله: ﴿وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ أي غير غليظ ولا جاف كما أنه ليس بلين خاضع وتأمل كيف قال: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾ ولم يقل: «فلا تلن بالقول» وذلك لأن المنهي عنه القول اللين الذي فيه خضوع المرأة للرجل وانكسارها عنده والخاضع هو الذي يطمع فيه بخلاف من تكلم كلاما لينا ليس فيه خضوع بل ربما صار فيه ترفع وقهر للخصم فإن هذا لا يطمع فيه خصمه( 35).
7- وقاية المحصنين والمحصنات من الاتهام: قال الله عز و جل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، وعن النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم قال: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» وعد منها: «قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ»( 36).
وأيضا شرع حد القذف على قاذف المحصنين والمحصنات، فقال الله عز و جل: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 4-5].
أقسام الناس في الغيرة
ينقسم بنو آدم في غيرتهن أربعة أقسام:
1- قوم لا يغارون على حرمات الله بحال ولا على حرمها: مثل الديوث والقواد وغير ذلك ومثل أهل الإباحة الذين لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق ومنهم من يجعل ذلك سوكا وطريقا: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ﴾ [ الأعراف: 28 ].
2- وقوم يغارون على ما حرمه الله وعلى ما أمر به: مما هو من نوع الحب والكره يجعلون ذلك غيرة فيكره احدهم من غيره أمورا يحبها الله ورسوله ومنهم من جعل ذلك طريقا ودينا ويجعلون الحسد والصد عن سبيل الله وبغض ما أحبه الله ورسوله غيرة.
3- وقوم يغارون على ما أمر الله به دون ما حرمه: فنراهم في الفواحش لا يبغضونها ولا يكرهونها بل يبغضون الصلوات والعبادات كما قال الله عز و جل فيهم: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [ مريم: 59 ].
4- وقوم يغارون مما يكرهه الله ويحبون ما يحبه الله: هؤلاء هم أهل الإيمان( 37).
صور من التفريط في الغيرة والتقصير فيها:
ونحن في مجتمعاتنا المسلمة لا زلنا خيرا من غيرنا في هذه المسالة، وإن كان بعض الناس قد قصروا تقصيرا بينا.فترى أحدهم يكون في سيارته فتنزل زوجته وتتمادى في محادثة وكان من الأولى مرافقته لها.
من مظاهر ضعف الغيرة
1- ما يقع من فعل الفاحشة بالمحارم أو المتاجرة بأعراضهن: وقد جاء من الوعيد الشديد على الدياثة ما يطير منه فؤاد المؤمن خوفا ورهبة، فعن عَبْد الله بْن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ الله قال صلى الله عليه و سلم: «ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ الله عَلَيْهِمْ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ وَالْعَاقُّ وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخَبَثَ»( 38). لفظ الحديث عند النسائي: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ الله سبحانه وتعالى إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ وَالدَّيُّوثُ وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى»( 39).
قال السندي: (وَالدَّيُّوث) وَهُوَ الَّذِي لَا غَيْرَة لَهُ عَلَى أَهْلِهِ.
و قال المناوي: والديوث فيعول من ديثت البعير إذا دللته ولينته بالرياضة فكأن الديوث ذلل حتى رأى المنكر بأهله فلا يغيره ورجلة النساء بفتح الراء وضم الجيم وفتح اللام أي المتشبهة بالرجال في الزي والهيئة لا في الرأي والعلم فإنه محمود، وقال الذهبي فيه أن هذه الثلاثة من الكبائر قال فمن كان يظن بأهله الفاحشة ويتغافل لمحبته فيها فهو دون من يعرس عليها ولا خير فيمن لا غيرة فيه( 40).
2- تساهل كثير من الرجال في ركوب نسائه متبرجات متعطرات مع السائق: أو سيارة الأجرة بلا محرم، أو سفرهن بدون محرم.
3- تساهل بعض الرجال في ذهاب نسائه إلى الطبيب الرجل ليكشف على عوراتهن: بل وأحيانا العورة المغلظة، بدعوى الحاجة إلى العلاج مع عدم مراعاة الضوابط الشرعية، ومنها: الحاجة إلى التداوي، وألا يلجأ إلى الطبيب الرجل إلا إذا عدمت الطبيبة، وألا يلجأ إلى الطبيب الكافر إلا إذا عدم الطبيب المسلم، وأن يكون الكشف بحضور محرم المرأة لعموم تحريم الخلوة والأمر هنا أشد، وأن يقتصر الكشف على موضع الحاجة فقط دون غيره.
4- تصوير النساء في الأعراس: فيقوم ذوو العروسين بتصويرهما في ليلة زواجهما، وتنتقل هذه الصور بين الرجال والنساء، فتنكشف العروس للرجال الأجانب.
5- انتشار الألبسة الفاضحة في أوساط النساء: كالألبسة العارية والبنطلونات التي تصف جسد المرأة، بل وحتى العباءة وغطاء الرأس لم يسلما من الحملة الشرسة على شخصية المرأة المسلمة في لباسها وحشمتها وعفافها.
6- ما يحدث في بعض المجتمعات والأسر من اختلاط الأقارب: وعدم احتجاب المرأة عن أقارب زوجها.
7- السفر غير المنضبط إلى الدول التي لا تحترم التي لا تلتزم بأحكام اللباس الشرعي: ولا بآداب الحجاب، مما يعرض النساء للاختلاط المحرم، ويزيد الأمر سوءا وفحشا حين يكون ذلك برضا من وليهم وربما بأمره.
أسباب ضعف الغيرة:
1- المعاصي: فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي، وبقدر إيمان العبد تكون غيرته وتعظيمه حرمات ربه، ومثل المعصية والغيرة كمثل الماء والنار، فكلما هاجت أمواج المعصية خبت نار الغيرة في القلب.
وقد تكلم ابن القيم رحمه الله عن عقوبات المعاصي فقال: «ومن عقوباتها أنها تطفي من القلب نار الغيرة التي هى لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن فإن الغيرة حرارته وناره التي تخرج ما فيه من الخبث والصفات المذمومة، كما يخرج الكير خبث الذهب والفضة والحديد، وأشرف الناس وأعلاهم قدر وهمة أشدهم غيرة علي نفسه وخاصته وعموم الناس، ولهذا كان النبي صلى الله عليه و سلم أغير الخلق علي الأمة والله سبحانه وتعالى أشد غيرة منه… فالغيور قد وافق ربه سبحانه وتعالى في صفة من صفاته ومن وافق الله في صفه من صفاته قادته تلك الصفة إليه بزمامه، وأدخلته على ربه وأدنته منه وقربته من رحمته وصيرته محبوبا له، فإنه سبحانه وتعالى رحيم يحب الرحماء، كريم يحب الكرماء، عليم يحب العلماء، قوى يحب المؤمن القوي وهو أحب إليه من المؤمن الضعيف… والمقصود أنه كلما اشتدت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على نفسه وأهله وعموم الناس، وقد تضعف في القلب جدا لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيره، وإذا وصل إلى هذا الحد فقد دخل في باب الهلاك، وكثير من هؤلاء لا يقتصر على عدم الاستقباح بل يحسن الفواحش والظلم لغيره ويزينه له ويدعوه إليه ويحثه عليه ويسعى له فى تحصيله؛ ولهذا كان الديوث أخبث خلق الله والجنة عليه حرام، وكذلك محلل الظلم والبغي لغيره ومزينه لغيره، فانظر ما الذي حملت عليه قلة الغيرة وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة ومن لا غيرة له لا دين له، فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغيرة تميت القلب فتموت الجوارح فلا يبقى عندها دفع البتة» ا.هـ( 41).
2- الغزو الفكري بوسائله المتعددة: فقد انخدع كثير من المسلمين بحضارة الغرب فأملى لهم الشيطان أن لا حضارة ولا تقدم إلا بنقل أنماط الحياة الغربية على كافة المجالات إلى المجتمعات الإسلامية، ويؤيدهم في هذا ما تسعى إليه الأمم الكافرة من عولمة المجتمعات على الطريقة الغربية.
3- ضعف قوامة الرجل: سواء نتيجة ضعف شخصيته، أو نتيجة حبه المفرط لأهله والذي يضعف سلطته عليهم ويقويهم عليه، فيكون الأمر والنهي بيد المرأة، وسواء كان ذلك في حق الزوجة أو البنت:
أما الزوجة: فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «و قال يوسف أيضا: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [يوسف: 33-34]، فدل على أنه كان معه من خوف الله ما يزعه عن الفاحشة ولو رضي بها الناس وقد دعا ربه سبحانه وتعالى أن يصرف عنه كيدهن وقوله: ﴿السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ بصيغة جمع التذكير وقوله: ﴿كَيْدَهُنَّ﴾ بصيغة جمع التأنيث ولم يقل مما يدعينني إليه، دليل على الفرق بين هذا وهذا وأنه كان من الذكور من يدعوه مع النساء إلى الفاحشة بالمرأة، وليس هناك إلا زوجها وذلك أن زوجها كان قليل الغيرة أو عديمها، وكان يحب امرأته ويطيعها، ولهذا لما اطلع على مراودتها قال: ﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾ [يوسف: 29]، فلم يعاقبها ولم يفرق بينها وبين يوسف حتى لا تتمكن من مراودته، وأمر يوسف أن لا يذكر ما جرى لأحد محبة منه لامرأته ولو كان فيه غيرة لعاقب المرأة»( 42).
و قال أبو بكر الأصم: إن ذلك لزوج كان قليل الغيرة فاكتفى منها بالاستغفار(43).
وأما البنت: فكما كما قال ابن القيم رحمه الله: «الرجال أغير على البنات من النساء فلا تستوي غيرة الرجل على ابنته وغيرة الأم أبدا وكم من أم تساعد ابنتها على ما تهواه ويحملها على ذلك ضعف عقلها وسرعة انخداعها وضعف داعي الغيرة في طبعها بخلاف الأب ولهذا المعنى وغيره جعل الشارع تزويجها إلى أبيها دون أمها ولم يجعل لأمها ولاية على بضعها ألبتة ولا على مالها»( 44).
وما عجب أن النساء ترجلت
ولكن تأنيث الرجال عجاب
قال الشيخ الشنقيطي: «إن خروج المرأة وابتذالها فيه ضياع المروءة والدين لأن المرأة متاع هو خير متاع الدنيا وهو أشد أمتعة الدنيا تعرضاً للخيانة لأن العين الخائنة إذا نظرت إلى شيء من محاسنها فقد استغلت بعض منافع ذلك الجمال خيانة ومكراً فتعريضها لأَن تكون مائدة للخونة فيه ما لا يخفى على أدنى عاقل وكذلك إذا لمس شيئاً من بدنها بدن خائن سرت لذة ذلك اللمس في دمه ولحمه بطبيعة الغريزة الإنسانية ولاسيَّما إذا كان القلب فارغاً من خشية الله عز و جل فاستغل نعمة ذلك البدن خيانة وغدراً وتحريك الغرائز بمثل ذلك النظر واللمس يكون غالباً سبباً لما هو شر منه كما هو مشاهد بكثرة في البلاد التي تخلت عن تعاليم الإسلام وتركت الصيانة فصارت نساؤها يخرجن متبرِّجات عاريات الأجسام إلا ما شاء الله لأن الله نزع من رجالها صفة الرجولة والغيرة على حريمهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم نعوذ بالله من مسخ الضمير والذوق ومن كل سوء ودعوى الجهلة السفلة أن دوام خروج النساء بادية الرُّؤوس والأعناق والمعاصم والأذرع والسوق ونحو ذلك يذهب إثارة غرائز الرجال لأن كثرة الإمساس تذهب الإحساس كلام في غاية السقوط والخسة لأن معناه إشباع الرَّغبة مما لا يجوز حتى يزول الأرب منه بكثرة مزاولته وهذا كما ترى ولأن الدوام لا يذهب إثارة الغريزة باتفاق العقلاء لأن الرجل يمكث مع امرأته سنين كثيرة حتى تلد أولادهما ولا تزال ملامسته لها ورؤيته لبعض جسمها تثير غريزته كما هو مشاهد لا ينكره إلا مكابر لأن العين الخائنة إذا نظرت إلى شيء من محاسنها فقد استغلت بعض منافع ذلك الجمال خيانة ومكراً فتعريضها لأَن تكون مائدة للخونة فيه ما لا يخفى على أدنى عاقل وكذلك إذا لمس شيئاً من بدنها بدن خائن سرت لذة ذلك اللمس في دمه ولحمه بطبيعة الغريزة الإنسانية ولاسيَّما إذا كان القلب فارغاً من خشية الله عز و جل فاستغل نعمة ذلك البدن خيانة وغدراً وتحريك الغرائز بمثل ذلك النظر واللمس يكون غالباً سبباً لما هو شر منه كما هو مشاهد بكثرة في البلاد التي تخلت عن تعاليم الإسلام وتركت الصيانة فصارت نساؤها يخرجن متبرِّجات عاريات الأجسام إلا ما شاء الله لأن الله نزع من رجالها صفة الرجولة والغيرة على حريمهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»( 45).
4- الترف والانغماس في شهوات الدنيا: ومن ذلك ما تقدمت افشارة إليه في قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز ضعيف الغيرة.
5- اعتبار الغيرة جزءا من التقاليد والعادات لا من الشرع والإيمان: وهذا يجعلها قابلة للتغير لا سيما مع طول الأمد وتغير أحوال الناس، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إن الغيرة من الإيمان وإن المذاء من النفاق»( 46)، والمذاء الديوث.
التساهل في المسئوليات: قال الله عز و جل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]، وذكر القشيري أن عمر رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية يا رسول، الله نقي أنفسنا فكيف لنا بأهلينا فقال: «تنهونهم عما نهاكم الله وتأمرونهم بما أمر الله»( 47).
و قال قتادة: تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به وتساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية قذعتهم عنها وزجرتهم عنها؛ وهكذا قال الضحاك ومقاتل: حق المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه( 48).
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ… وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»( 49).
أنواع الغير:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ الله وَمِنْهَا مَا يَكْرَهُ الله فَأَمَّا مَا يُحِبُّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ وَأَمَّا مَا يَكْرَهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ»( 50).
(فَالْغَيْرَة فِي الرِّيبَة): نَحْو أَنْ يَغْتَار الرَّجُل عَلَى مَحَارِمه إِذَا رَأَى مِنْهُمْ فِعْلًا مُحَرَّمًا فَإِنَّ الْغَيْرَة فِي ذَلِكَ وَنَحْوه مِمَّا يُحِبّهُ الله.
(فَالْغَيْرَة فِي غَيْر رِيبَة): نَحْو أَنْ يَغْتَار الرَّجُل عَلَى أُمّه أَنْ يَنْكِحهَا زَوْجهَا، وَكَذَلِكَ سَائِر مَحَارِمه، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يُبْغِضهُ الله عز و جل، لِأَنَّ مَا أَحَلَّهُ الله عز و جل فَالْوَاجِب عَلَيْنَا الرِّضَى بِهِ. فَإِنْ لَمْ نَرْضَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ إِيثَار حَمِيَّة الْجَاهِلِيَّة عَلَى مَا شَرَعَهُ الله لَنَا( 51).
ومعنى ذلك الاعتدال في الغيرة وهو أن لا يتغافل عن مبادي الأمور التي تخشى غوائلها ولا يبالغ في إساءة الظن والتعنت وتجسس البواطن( 52).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
فالغيرة الواجبة: ما يتضمنه النهي عن المخزي
والغيرة المستحبة: ما اوجبت المستحب من الصيانة
واما الغيرة في غير ريبة وهي الغيرة في مباح لا ريبة فيه فهي مما لا يحبه الله بل ينهى عنه اذا كان فيه ترك ما امر الله ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن»(53 ).( 54).
قال ابن القيم: «غيرتان غيرة على الشيء وغيرة من الشيء فالغيرة على المحبوب حرصك عليه والغيرة من المكروه ان يزاحمك عليه فالغيرة على المحبوب لا تتم الا بالغيرة من المزاحم وهذه تحمد حيث يكون المحبوب تقبح المشاركة في حبه كالمخلوق»(55 ).
و قال أيضا: وغيرة العبد على محبوبه نوعان غيرة ممدوحة يحبها الله وغيرة مذمومة يكرهها الله فالتي يحبها الله أن يغار عند قيام الريبة والتي يكرهها أن يغار من غير ريبة بل من مجرد سوء الظن وهذه الغيرة تفسد المحبة وتوقع العداوة بين المحب ومحبوبه(56 ).
وقال عبد الله بن شداد: الغيرة غيرتان غيرة يصلح بهاالرجل أهله وغيرة تدخله النار( 57).
ومن ذلك أن يتخون الرجل أهله ويتلمس عثراته، وقد نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه و سلم أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ»( 58).
لأن ذلك من سوء الظن الذي نهينا عنه فإن بعض الظن إثم( 59).
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا وَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ»( 60).
قال سليمان لابنه: يا بني لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك وإن كانت بريئة( 61).
وعن علي رضي الله عنه قال: الغيرة غيرتان حسنة جميلة يصلح بها الرجل أهله وغيرة تدخله النار( 62).
و قال معاوية رضي الله عنه: من السؤدد الضلع واندحاق البطن وترك الإفراط في الغيرة.
قال مسكين الدارمي(63 ):
ألا أيها الغير المستشيط
على من تغـار إذا لم تغر
فما خير عرس إذ خفتها
وما خير بيت إذا لم يزر
يغار على الناس أن ينظروا
وهل يفتن الصالحات النظر
فإني سأخلي لها بيتها
فتحفظ لي نفسها أو تذر
وقيل اتهام الرجل المرأة في غير موضع التهمة يدعوها إلى ارتكابها(64 ).
فالغيرة في الحياة الزوجية أمر مطلوب من كلا الطرفين، فهي دليل على الحب، فهي تشعر الطرف الآخر بمكانته، مما يثري العلاقة الزوجية وينميها، هذا إذا كانت الغيرة في مسارها الطبيعي؛ أما إذا تعدته إلى تكبيل الطرف الآخر بالقيود والحد من التصرفات الشخصية والسؤال عن كل كبيرة وصغيرة، وأخيرا الوصول إلى مرحلة الشك التي تدفع صاحبها إلى تتبع العورات، فيتحرك الخيال المريض، ويمد صاحبه بصورة وهمية ليس لها أساس في الواقع، فهي غيرة حمقاء ومذمومة.
قالوا عن الغيرة:
 لأن حفظ الأهل عند ذوي الغيرة أهم من حفظ الأموال(65 ).
 فإن الله قد جعل فى نفوس بنى آدم من الغيرة ما هو معروف فيستعظم الرجل أن يطأ الرجل امرأته أعظم من غيرته على نفسه أن يزنى فإذا لم يكره أن تكون زوجته بغيا وهو دويث كيف يكره ان يكون هو زان( 66).
 كانت العرب تخرج إلى الحرب بظعنهم وأموالهم ليبعثهم الذبّ عن الحرم والغيرة على الحرم على بذل تجهيداتهم في القتال أن لا يتركوا وراءهم ما يحدثون أنفسهم بالانحياز إليه فيجمع ذلك قلوبهم ويضبط هممهم ويوطن نفوسهم على أن لا يبرحوا مواطئهم ولا يخلو مراكزهم ويبذلوا منتهى نجدتهم وقصارى شدتهم( 67).
 إنما الغيرة في الحرام ليس في الحلال( 68).
 الغيرة إنما تكون بين المحب ومحبوبه كما قال أبو الفتح كشاجم( 69):
أغارُ إذا دنتْ مِنْ فيهِ كأسٌ
على درٍّ يقبـِّـله الزُّجاجُ
 قال ابن القيم: الغيرة لها حد إذا جاوزته صارت تهمة وظنا سيئا بالبريء وإن قصرت عنه كانت تغافلا ومبادىء دياثة( 70).
 وقال: الغيرة على المحبوب فهي أنفة المحب وحميته أن يشاركه في محبوبه غيره(71 ).
 قال أبو حامد الغزالي: إنما خلقت الغيرة لحفظ الأنساب ولو تسامح الناس بذلك لاختلطت الأنساب ولذلك قيل كل أمة وضعت الغيرة في رجالها وضعت الصيانة في نسائها(72 ).
 قال ابن حزم: إذا ارتفعت الغيرة فأيقن بارتفاع المحبة(73).
 وقيل كل حب بلا غيرة فهو حب كذاب( 74).
ما أحْسنَ الغـَـيْرَةَ في حِينِها
وأقْبــحَ الغَيْرَةَ في كُلِّ حِينِ( 75)
 الغَيْرَةُ ثوران الغضب حماية عن الحرم(76 ).
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/alislam/15361.html#ixzz3JXjQqqGQ




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
غيرة المؤمن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أتق فراسة المؤمن
» شرف المؤمن قيام الليل
» شرف المؤمن
» الدنيا سجن المؤمن
» الدنيا سجن المؤمن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: