ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 قصص سورة القصص - قصة فرعون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

قصص سورة القصص - قصة فرعون Empty
مُساهمةموضوع: قصص سورة القصص - قصة فرعون   قصص سورة القصص - قصة فرعون Emptyالأحد نوفمبر 09, 2014 10:23 pm

قصص سورة القصص - قصة فرعون OYJy4d
قصص سورة القصص - قصة فرعون
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري
وردت قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون في عدة سور من القرآن الكريم, نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر( الشعراء, طه, الدخان, هود, الاعراف, ص) وقد تداخلت في هذه القصة قصة موسى مع ابنتي نبي الله شعيب عليهما السلام , وما نحن بصدده هنا في السرد القصصي, سورة القصص , ابتداءً من تربية فرعون لموسى عليه الصلاة السلام من المهد حتى بلوغه النبوة, وكيف أنّ نهاية فرعون كانت على يدي موسى عليه السلام.
وملخص القصة انّ فرعون تجبّر وتكبّر وعتا وطغى , وأعرض عن طاعة الله عزوجل , وآثر الحياة الدنيا, ، وجعل الناسفي مملكته شيعا, حيث قسم رعيته إلى أقسام وفَرِقٍ وأنواع ، ومن بين هؤلاء الفرق اختار فرقة بني اسرائيل الذين هم من سلالة نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، وكانوا في ذاك الزمان من خيار أهل الأرض. وعلى الرغم من أنّ فرعون هذا الملك الظالم الغاشم الكافر الفاجر استعبدهم واستخدمهم في أخس الصنائع والحرف فقد أخذ يُبّحُ أبناءهم ويبقي نساءهم أحياء, وكان الدافع له على هذا الصنيع القبيح توافد بشارة مشهورة في بني اسرائيل مفادها أنّ غلاماّ من ذرية ابراهيم عليه الصلاة والسلام سيولد وسيكون هلاك ملك مصر على يديه, ووصلت هذه البشارة إلى فرعون بطريق بعض أمرائه , فأمر عند ذلك بقتل أبناء بني إسرائيل حذراً من وجود هذا الغلام وهو لا يدري أنه لا يغني حذر من قدر.
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أن فرعون رأى في منامه كأن ناراً قد أقبلت من نحو بيت المقدس فأحرقت دور مصر وجميعَ القبط ولم تضر بني إسرائيل. فلما استيقظ هاله ذلك فجمع الكهنة والسحرة وسألهم عن ذلك؟ فقالوا: هذا غلام يولد من هؤلاء يكون سبب هلاك أهل مصر على يديه فلهذا أمر بقتل الغلمان , وليس هذا فحسب بل أن فرعون احترز كل الاحتراز من ولادة هذا الغلام, لدرجة أنه كلّف رجالا ونساءً يدورون على الحوامل, بغية احاطتهم بموعد ولادتهنّ, حتى اذا علموا بامرأة قد ولدت ذكراً ذبحهوه من ساعة مولده.
و لكن لا رادّ لأمر الله ومشيئته , ففرعون ذاك الملك المتجبر والمغرور بكثرة جنوده لم يستطع أن يوقف أمر الله عزوجل في مشيئته بانْ يُربي في حجره ذالك الغلام الذي ستكون نهايته على يديه , هذا المولود الذي يحترز منه، وقد قتل بسببه من النفوس البريئة ما لا يعد ولا يحصى , لا تكون تربيته إلا في داره، وعلى فراشه , ولا يُغذى إلا بطعامه وشرابه وفي منزله، وأنه هو الذي سيتبناه ثم يكون هلاكه في دنياه وأخرته على يديه، فقط ليعلم هو وسائر الخلق أن رب السماوات والأرض هو الفعال لما يريد.
وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن أعوان فرعون شكوا إلى فرعون قلة بني إسرائيل بسبب قتل ولدانهم الذكور , وخشي أن يفنى الكبار مع قتل الصغار فيكون مصيرهم العمل في أعمال الخدمة بدل بني اسرائيل, عند ذلك أمر فرعون بقتل الأبناء عاماً، وتركهم عاما، فذكروا أن هارون عليه السلام ولد في عام المسامحة عن قتل الأبناء، وأن موسى عليه السلام ولد في عام قتلهم ، فضاقت أمه موسى عليه السلام بحملها ذرعاً , وكانت حريصة جدا ألا تظهر عليها أعراض وعلامات الحمل, ولما وضعته ألهمها الله عزوجل أن تتخذ له تابوتاً تربطه بحبل فترسله في البحر وتربط طرفه ألآخر عندها, فإذا ذهبوا استرجعته إليها به, حتى اذا كان يوما فألقته في البحر ونسيت أن تربط طرف الحبل عندها , فذهب مع النيل , فمر بدارفرعون , فالتقط التابوت جواري القصر وحملوه ووضعنه بين يدي أسية بنت مزاحم أمرأة فرعون رضي الله عنها, فلما فتحت الباب وكشفت الحجاب رأت وجهه يتلألأ بتلك نورا، فما وقع نظرها عليه حتى أحبته حباً شديداً جداً وتعلقت به, فلما جاء فرعون سألها: ما هذا؟ وعندما علم أنه غلام أمر بذبحه، الا أنّ امرأته استوهبته منه وقالت قوله تعالى: قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ .. فقال لها فرعون: أما لك فنعم وأما لي فلا حاجة لي به.
وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ، فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ،وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ
لم يهنأ بال أم موسى عليه السلام هلعا وجزعا على ابنها , حتى كاد قلبها أن يلفظ كل شيء في الدنيا الا من ولدها عليه السلاو, ولولا أنّ الله عزوجل منحها الصبر والقوة على فراق ابنها لأظهرت أمرة ولسألت عنه جهرة , فطلبت من ابنتها الكبرى ان تتقصى اخباره , فعرفت أنّ اخاها لم يقبل ثدياً ليرضع منه, وعندما وجدتهم وقد حاروا في أمرهأرسلوه مع النساء إلى السوق على أمل أن يجدون من يقبل ثديها, وبينما هم وقوف به, والناس عكوف عليه, إذ رأته أخته, فتجاهلت أنها تعرفه, وعرضت عليهم أن تدلهم على من يكفله ويرضعه, وينصحوا له, فقالوا لها: وما يدريك بنصحهم وشفقتهم عليه؟ قالت: رغبة في سرور الملك، ورجاء منفعته, عندها ذهبوا معها الى منزلهم, وما أن أخذته امه بين أحضانها حتى التقم ثديها, وعندما رأينه وقد أخذ يمتصه ويرتضعه بنهم ، فرحوا بذلك فرحاً شديداً، وذهب البشير إلى آسية أمرأة فرعون رضي الله عنها يُعلمها بذلك، الأمر الذي جعلها تستدعيها إلى منزلها , وهناك عرضت عليها أن تكون حاضنته عندها في البيت وتحسن إليها, الا أنها أبت عرضها لمسئوليتها العظيمة في خدمة زوجها وأولادها, ثم قال لها: ان ترغبين في أن ترسليه معي، يكون لك ذلك, فاضطرت امرأة فرعون رضي الله عنها لرغبتها وأرسلته معها , وجعلت لها راتباً شهرياً مع تأمين جميع مستلزمات المعيشة له, وهكذا أعاد الله عزوجل موسى عليه السلام الى حضن أمه وقد جمع الله شمله بشملها.‏
وهذا ما عبّرعنه القرآن الكريم بقوله تعالى: : وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ، وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ، فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ.
ولما بلغ موسى عليه السلام مرحلة الشباب والقوة, دخل المدينة فوجد فيها رجلان يتضاربان , أحدهما إسرائيلي و الآخر قبط, فلما استنجد ذلك الإسرائيلي بموسى عليه السلام على أن يعينه على ذلك القبطي أقبل إليه موسى فطعنه بكفه فمات على الفور, ولم يرد موسى عليه السلام قتله وإنما أزاد زجره وردعه, ثم عندما أيقن أنه ظلم نفسه بقتل القبطي أقرذؤ واعترف بذنبه لله عزوجل وطلب منه تعالى أن يغفر له , فاستجاب الله عوجل لدعاء نبيه عليه السلام.
يقول المولى تبارك وتعالى مثصَوِّرا لنا هذا المشهد بقوله :
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ، قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ
بعد ذلك أصبح موسى عليه السلام بمدينة مصر خائفاً من فرعون ان علم أن هذا القتيل الذي رفع إليه أمره إنما قتله لنصرة رجل من بني إسرائيل , فتقوى ظنونهم أن موسى منهم ويترتب على ذلك أمر عظيم.
فصار لا يسير في المدينة دون أن يتلفت يمنة ويسرة خوفا من الكتشاف أمره, فبينما هو كذلك إذا هو بذاك الرجل الإسرائيلي الذي اعانه بالأمس يطلب أن يعينه على آخر قد قاتله، فعنّفه موسى عليه السلام, ولامه على كثرة شروره ومخاصمته للآخرين، ثم قال له قوله تعالى: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ.. ثم أرادأن يبطش بذلك القبطي الذي هو عدو لموسى عليه السلام وللإسرائيلي فيردعه عنه ويخلصه منه , فلما عزم على ذلك وأقبل على القبطي , قال له القبطي قوله تعالى: قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ
ولما بلغ فرعون أن موسى عليه السلام هو قاتل ذلك القبطي, أرسل في طلبه , الا أنذ الله تعالى أرسل الى موسى عليه السلام من يخبره بنية فرعون, وهذا ما عبّر عنه القرآن الكؤيم بقوله تعالى:
فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ، فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ، وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنْ النَّاصِحِينَ، فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
خرج موسى عليه السلام من مصر خائفاً يتلفت خشية أن يدركه أحد من قوم فرعون وهو لا يدري أين يتوجه، ولا إلى أين يذهب، وذلك لأنه لم يخرج من مصر قبلها.‏ حتى اذا وصل مدين وجد بئراً يستقون منها. ووجد أمرأتين وقد تعذر وصولهما الى البئر لتسقيان غنمهما, فسألهما عن حالهما , فقالتا : لا نقدر على ورود الماء إلا بعد صدور الرعاء لضعفنا وسبب مباشرتنا هذه الرعية ضعف أبينا وكبره , قال المفسرون: أن الرعاة كانوا إذا فرغوا من وردهم وضعوا على فم البئر صخرة عظيمة فتجئ هاتان المرأتان فيشرعان غنمهما في فضل أغنام الناس، فلما كان ذلك اليوم جاء موسى فرفع تلك الصخرة وحده. ثم استقى لهما وسقى غنمهما ثم رد الحجر. كما كان. قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وكان لا يرفعه إلا عشرة وإنما استقى ذنوباً واحدا فكفاهما.
ثم تولى إلى الظل وقال قوله تعالى: فقال رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.
فذهبتا المرأتان إلى أبيهما شعيب عليه السلام, وأخبرتاه بما كان من أمر موسى عليه السلام، فأمر إحداهما أن تذهب إليه فتدعوه, فتقدمت منه بحياء وخجل شديدين وقالت له: انّ ابي يدعوك اليه ليجزيك أجر ما سقيت لنا, فلما جاءه موسى عليه السلام أكرم شعيب عليه السلام مثواه , ولما قص عليه ما كان من أمره, بشّرَهُ شعيب عليه السلام بأنه قد نجا من الظلمة، وعند ذلك طلبت إحدى البنتين من أبيها أن يجعله يعمل على رعي غنمهم، ثم مدحته أمام أبيها بأنه قوي أمين, عندها عرض عليه شعيب عليه السلام ان يزوجه احدى ابنتيه مقابل أن يخدمه ثمان سنين, فوافق موسى عليه السلام وجعل الله عزوجل خير الشاهدين شاهدا بينهما على ما اتفقا عليه.
قال عمر وابن عباس رضي الله عنهم: لما قالت ذلك قال لها أبوها وما علمك بهذا؟ فقالت إنه رفع صخرة لا يطيق رفعها إلا عشرة. وأنه لما جئت معه تقدمت أمامه فقال كوني من ورائي فإذا اختلف الطريق فاحذفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق.
وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى:
ولمّا توجَّهَ تلقاء مدين وجدَ عليهِ أُمّةً من الناس يسقونَ ووجدَ من دونهمُ امرأتينِ تذودانِ, قالَ ما خطبُكثما, قالتا لا نَسقي حتى يُصدِرُ الرعاءُ , وأبونا شيخٌ كبيرٌ* فسقى لهما ثمّ تولَى الى الظلِّ فقال ربّ انِّي بما أنزلتَ اليَّ من خيرٍ فقيرٍ* فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ، قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ، قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ.
وعن عتبة بن النُدْررضي الله عنه , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن موسى آجر نفسه بعفة فرجه وطعام بطنه.فلما وفى الأجل، قيل: يا رسول الله أي الأجلين؟ قال: أبرهما وأوفاهما.
فلما سار موسى عليه السلام بأهله ( زوجته وولديه) ، وغنم له قد استفادها مدة مقامه
و كان ذلك في ليلة مظلمة باردة وتاهوا في طريقهم فلم يهتدوا إلى السلوك في الدرب المألوف، واشتد عليهم الظلام والبرد, فبينما هو كذلك إذ راى بجانب جبل الطور ناراً مشتعلة , فـ قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ,أي لعلي أستعلم منها الطريق , وقوله: أَوْ جَذْوَةٍ مِنْ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ, فدلَّ على أنهم كانوا قد تاهوا عن الطريق في ليلة باردة ومظلمة.
قال غير واحد من المفسرين لما قصد موسى عليه السلام إلى تلك النار التي رآها فانتهى إليها وجدها تأجج في شجرة خضراء من العوسج، وكل ما لتلك النار في اضطرام وكل ما لخضرة تلك الشجرة في ازدياد، فوقف متعجباً، وكانت تلك الشجرة في لحف جبل غربي منه عن يمينه، كما قال تعالى: وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنْ الشَّاهِدِينَ, وكان موسى عليه السلام في واد مقدّسٍ اسمه طوى فكان موسى مستقبل القبلة، وتلك الشجرة عن يمينه من ناحية الغرب : إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى , فأمره الله عزوجل بأن بخلع نعليه أولاً تعظيماً وتكريماً وتوقيراً لتلك البقعة المباركة ولاسيما في تلك الليلة المباركة, ثم خاطبه الله عزوجل بأنه سبحانه وتعالى رب العالمين ولا اله الا هو ولا تنبغي العبادة واقامة الصلاة الا لجلال وجهه سبحانه وتعالى.
ثم أخبره عن هذه الدنيا الفانية بأنها دار ممر لا مقر, وأنّها ليست بدار قرار, وإنما الدار الباقية هي اليوم الآخر, يوم القيامة , يوم الحساب, الذي لابد من كونه ووجوده , لماذا؟ ليتخذ كل نفس نصيبها من خير أو شر, وحثّهُ على العمل لهذا اليوم , وأن يتجنب كل كافر عنيد لا يُؤْمنُ بهذا اليوم , أو يتبع هواه فيعصيه سبحانه وتعالى, لماذا, لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى.
ثم قال له مخاطباً ومؤانساً ومبيناً له أنه القادر على كل شيء، والذي يقول للشيء كن فيكون. ثم سأله الله عزوجل عن العصاة التي تلازمه, فقال عليه السلام: أنها عصاته يتوكأ عليه ويهشّ بها غنمه, ومن هنا بدأت قصة العصاة وانقلابها الى أفعى ضخمة, حية عظيمة هائلة بأنياب تصطك بعضها ببعض بسرعة حركة أخاف موسى عليه السلام , فهرب منها دون أن يلتفت اليها, عندها هدأ الله عزوجل من روعه وطمأنه بأن يعود اليها ويمسكها, وبمجرد امساكها ستعود عصاة كما كانت, ثم أمره الله عزوجل بأن يدخل يده في جيبه ويُخرجها, فلما فعل وجدها بيضاء تتلألأ كالقمر الفضي في كبد السماء الصافية, وقد أذهب عنها ما كان بها من علة ومرض , من غير برصٍ ولا بَهَق, وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى:
فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنْ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ، فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ، اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ
ثمّ أمره الله سبحانه و تعالى بالذّهاب إلى فرعون, فخشي الذهاب لسببين: أولهما: قتله الرجل القبطي الفرعون, وثانيهما: تأتأته في كثير من الكلام، وقد قيل أنّ سبب هذه التاتاته لثغة أصابته في لسانه وهو صغير من جراء جمرة وضعها عليه حين أراد فرعون اختبار سلامة عقله حين أخذ بلحيته وهو صغير، فهمَّ فرعون بقتله فخافت عليه آسية، وطلبت من فرعون: بإنه طفل لا يدرك شيئا, فاختبره بوضع تمرة وجمرة بين يديه، فعندما همَّ بأخذ التمرة , صرف فرعون يده إلى الجمرة, فأخذها فوضعها على لسانه, فأصابته للثغة بسببها، فسأل موسى أن يعالجوا له بعضها كي يفهوا قوله, ولو سألهم أن يعالوجها بالكلية لفعلوا ولكنها حكمة الله.
وسأل موسى عليه السلام ربه عزوجل أن يقوّي عزيمته بالذهاب الى فرعون بأخيه هارون عليه السلام الذي كان أفصح منه لسانا, واجعله رفيقي في هذه الرحلة كي يعينني على آداء مهمتي, فآتاه الله عز وجل سؤله ، وحلّ عقدة من لسانه، وأوحى الله تعالى إلى أخيه هارون بأن يلقى موسى عليهما السلام ويرافقه برحلته الى فرعونو وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى:
قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِي، وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِي * واجعلْ لي وزيراً مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً، وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً، إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً، قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى
فلما ذهبا الى فرعون وبلّغاه ما أرسلا به من دعوته إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وأن يفكَّ أسارى بني إسرائيل من قبضته وقهره وسطوته، ويتركهم يعبدون ربهم حيث شاؤا ويتفرّغون لتوحيده ودعائه والتضرّع لديه, عندها تكبرت نفس فرعون , وعتا وطغى وتجبر, ثم نظر الى موسى عليه السلام ببعض الازدراء والتنقيص قائلا له: لعلك نسيت ما كنت فيه؟ أنسيت أنك نشأت في قصرنا وربيناك كل تلك السنوات؟ أنسيت ذلك الرجل القبطي الذي قتلته, وهربت منا وعضضت اليد التي امتدت اليك بالنعمة عليك والاحسان اليك؟ فأجابه موسى عليه السلام: ما تقوله كان قبل أن يكلفني الله عزوجل بالرسالة, ثم ما الذي تقوله بما امتننت به عليّ من التربية والاحسان الي؟ فالنعمة التي ذكرت من أنك أحسنت إليّ وأنا رجل واحد من بني إسرائيل تُقابل ما استخدمتنا واستعبدتنا في أعمالك وخدمتك وأشغالك.
وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى في سورة الشعراء 23- 28
قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ* قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ* قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمْ الأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمْ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ.
فلما جحد فرعون وأنكر ربوبية الله تبارك وتعالى وصنعه وخلقه , وزعم انه هو الرب و الاله, بقوله قول الله تعالى في سورة القصص 38- 42:
وقال فرعونُ يا أيها الملأُ ما علمتُ لكمْ من الهٍ غيري فأوقدْ يا هامانَ على الطينِ فاجعلْ لي صَرْحاً لعلّي أطّلعُ الى اله موسى واني لأظنُّهُ من الكاذبين* واستكبر هو وجنودهُ في الأرضِ بغيرِ الحقِّ وظنّوا أنهمْ الينا لا يُرجعون* وجعلناهُمْ أئمةً يدعونَ الى النارِ ويومَ القيامةِ لا يُنصرون * فأخذناهُ وجنوده فنبذناهم في اليمِّ فانظر كيف كان عاقبةُ الظالمين* وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنةً ويومَ القيامة هم من المقبوحين
و استمرّ فرعون على طغيانه وعناده وكفرانه فلما قامت الحجج على فرعون وانقطعت شبهته ولم يبق له قول سوى العناد عدل إلى استعمال سلطانه وجاهه وسطوته, قال فرعون قوله تعالى في سورة الشعراء 29- 33: قَالَ لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهَ غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنْ الْمَسْجُونِينَ* قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ* قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ* فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ* وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ.
وهكذا لما أدخل موسى عليه السلام يده في جيبه واستخرجها أخرجها وهي كفلقة القمر تتلألأ نوراً تبهر الأبصار فإذا أعادها إلى جيبه رجعت إلى صفتها الأولى.
ومع كل هذه المعجزات التي اتى بها موسى عليه السلام لم تقنع فرعون لعنه الله بشيء, بل استمر على ما هو عليه من كفرٍ وعنادٍ وتجبرٍ ، وادعى بأنذ كل ما جاء فيه موسى عليه السلام ما هو الا سحر تستدمه معنا لتخرجنا من ديارنا, وان كنت تعتقد نفسك بأنك ساحرا ماهرا فما عندنا من السحرة أقوى وأشد, ولكي نريك ما نقول فاضرب بيننا موعداً مؤكدا لا يتخلف عنه أحدنا, فوافق موسى عليه السلام رغبة فرعون , واختار يوم عيد سنوي يحتفل به فرعون وقومه كل عام, على أن يكون نهاراً في أول النهار , في وقت اشتداد ضياء الشمس رغبة من مسولى عليه السلام في أن الحق والبرهان على رسالته أظهر وأجلى، لأنه على بصيرة من ربِّه ويقين بأن الله سيظهر كلمته ودينه, وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى في سورة طه 56- 59:
وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى، قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى، فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوًى، قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى
فذهب فرعون فجمع السحرة من مصر كلها في ذلك الزمان المملوءة بسحرة ماهرين في فنهم غاية المهارة ، وهؤلاء السحرة أيضا جمعوا له من كل بلد، ومن كل مكان، فاجتمع منهم خلق كثير, وحضر فرعون وحاشيته من أمراء وحاشية وخدم , وأهل دولته عن بكرة أبيهم , فتقدّم موسى عليه السلام الى السحرة يعظهم ويزجرهم في أن يتعاملوا مع السحر الباطل المعارض لآيات الله عزوجل , وخوّفهم بعذاب الله عزوجل ان هم تعاملوا مع السحر, الأمر الذي انقسم فيه السحرة الى فريقين, فريق قال:
هذا كلام نبي وليس بساحر، وفريق قال: بل هو ساحر فالله أعلم. وأسرّوا التناجي بهذا وغيره.
اصطفَّ السحرة , ووقف موسى وهارون عليهما السلام مقابلا لهم, وقالوا: اما أن تلقي أنت أولا أو نحن أولا, فطلب موسى عليهم السلام أن يلقوا هم أولا, وكانوا قد أخذوا حبال وعصيّ فملؤها الزئبق وغيره من الآلات التي تضطرب بسببها تلك الحبال والعصي اضطراباً يخيل للرائي أنها تسعى باختيارها، وإنما تتحرك بسبب ذلك. فعند ذلك سحروا أعين الناس واسترهبوهم وألقوا حبالهم وعصيهم , وحلفوا بعزة فرعون أنهم هم الغالبون, فلما رأى موسى عليه السلام سحرهم خاف, فقال له الله عزوجل لا تخاف يا موسى انك أنت الأعلى, ألق ما في يمينك لتبتلع كل ما سحروا به أعين الناس بلحظة, انما هو سحرٌ أتوا به ولا يفلح الساحر سحره, فألقى موسى عليه السلام عصاه فاذا هي حية عظيمة , ذات عنق عظيم, وشكل هائل مرعب, لدرجة أنّ بعض الناس المتجمهرة فرّت من المكان خوفا وهلعا من منظرها, ثم أقبلت الحية على ما ألقون من الحبال والعصي وابتلعتها واحدة واحدة في لمح البصر, والناس تظر في ذهول وعجب, بينما السحرة عندما رأوا ذلك أيقنوا بأنّ ما جاء به موسى ليس بسحر ولا بشعوذة ولا بخيال, بل انه الحق لا يقدر عليه الا الحق, وكشف الله عزوجل الغشاوة عن قلوبهم منيبين الى ربهم سبحانه وتعالى وخروا له عزوجل ساجدين وهم يقولون جهارا أمام كل الحاضرين ودون خوف أو وجل من فرعون وجنوده قوله تعالى: آمنا بربّ موسى وهارون , فاعتبهم فرعون على ايمانهم بالله عزوجل قبل أن يستأذنوه بذلك, فردوا عليه بأنهم يطمعون بأن يغفر الله عزوجل لهم ما ارتكبوه من معاصٍ وآثام, وأن يدخلهم الله عزوجل برحمته جناته جنات النعيم, من منطلق أنّ الانتقال من الكفر للايمان يجبُّ ما قبله, ثم قالوا لفرعون: ولن نأبه لك بما ستفعل بنا , فالدنيا مقياسا الى الآخرة أمر يسير لا تذكر, وهذا ما عبّر عنه القرآن بقوله تعالى في سورة القصص:
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى، قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى، فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى، قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى، وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى * وأوحينا الى موسى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُون، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ، وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ، قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * فأُلقيَ السحرةُ سُجَّداً قالوا آمنّا بربِّ هارونَ وموسى قال آمنتم
لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّأَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ، قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ، إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ.
وحين آمنت السحرة بالله عزوجل الها واحد لا شريك له و رجع فرعون لعنه الله مغلوباً مغلولاً يابى إلا الاقامة على الكفر والتمادي في الشر , وقد حرضه الامراء و الوزراء من حوله على االحاق الأذى بفرعون ذية موسى عليه السلام وعدم تصديقه , وعلى قتل غلمان بنى اسرائيل الذين آمنوا به زيادة فى اذلالهم و مهانتهم , فسلط الله عزوجل عليه وعلى جنده بعقوبات وعذاب من عنده سبحانه وتعالى فارسل عليهم عذابا اوله الطوفان الذي غمر الأرض بماء عمّها كلها دون أن تبتلعه فبي بطنها, فركد الماء وأسن, ليمنعهم من الحراثة والزرع حتى تضوروا جوعا, فلما لم يقوَوْا على تحمل ما حلّ بهم من العذاب, طلبوا من موسى عليه السلام أن يدعوا ربه عزوجل فيكشف عنهم هذا البلاء الذي هم فيه, فاستجاب لهم موسى عليه السلام ودعا الله عزوجل بأن يكشف عنهم البلاء فاستجاب الله تعالى لدعوته , ولما لم يلتزموا بالوعد ارسل الله عليهم الجراد, فأكل الشجرو حتى مسامير الأبواب الحديدية أكلها حتى تقع عليهم مساكنهم, فلما لم يقوَوْا على تحمل ما حلّ بهم من العذاب, طلبوا من موسى عليه السلام أن يدعوا ربه عزوجل فيكشف عنهم هذا البلاء الذي هم فيه, فاستجاب لهم موسى عليه السلام ودعا الله عزوجل بأن يكشف عنهم البلاء فاستجاب الله تعالى لدعوته , ولما لم يلتزموا بالوعد أرسل عليهم القُمّل الذي غزا بيوتهم وفراشهم وأطعمتهم فأفسد عليهم معيشتهم, فلما لم يقوَوْا على تحمل ما حلّ بهم من العذاب, طلبوا من موسى عليه السلام أن يدعوا ربه عزوجل فيكشف عنهم هذا البلاء الذي هم فيه, فاستجاب لهم موسى عليه السلام ودعا الله عزوجل بأن يكشف عنهم البلاء فاستجاب الله تعالى لدعوته , ولما لم يلتزموا بالوعد أرسل عليهمالضفادع, فملأت البيوت والأطعمة والأواني لدرجة أنهم باتوا لا يكشفون ثوبا أو طعاما أو شرابا الا وجدوا تحت أو فيه ضفدعة منها , فلما لم يقوَوْا على تحمل ما حلّ بهم من العذاب, طلبوا من موسى عليه السلام أن يدعوا ربه عزوجل فيكشف عنهم هذا البلاء الذي هم فيه, فاستجاب لهم موسى عليه السلام ودعا الله عزوجل بأن يكشف عنهم البلاء فاستجاب الله تعالى لدعوته , ولما لم يلتزموا بالوعد أرسل الله عزوجل عليهم الدم , وصارت مياه آل فرعون كلها دماً , وسواءً أخذوها من بئر أم نهر تنقلب بعد أخذها دما, والشيء الملفت للنظر أنّ كل هذا العذاب كان لأل فرعون فقط دون غيرهم من الناس , فبنو اسرائيل لم يعانوا بما عانوا منه آل فرعون أبدا, بل كانوا يمارسون حياتهم طبيعية جدا, ولم ينل بنو اسرائيل أي شيء مما ناله آل فرعون أبدا, ولعلّ هذا من تمام المعجزة الالهية الباهرة, وهذا ما عبّر عنه القرآن بقوله تعالى في سورة الاعراف 130- 136- :
وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ* فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ * وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ * ولمّا وقع عليهم الرجزَ ُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إسرائِيلَ* فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ* فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ
ولما تمادى أهل مصر على كفرهم وعتوهم وعنادهم طاعةً لفرعون, ومخالفة لنبي الله ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام؛ مكنّه الله عزوجل من الاقامة على أهل مصر ليريهم من الحجج العظيمة القاهرة من خوارق العادات ما يبهر الأبصار ويحير العقول، ومع كل هذا وذاك لا زال العتاد والتكبر يهيمن عليهم, فلا يرعوون ولا ينتهون ولا ينزعون ولا يرجعون, ولم يؤمن لموسى عليه السلام الا السحرة وقليل من قوم فرعون , الى جانب جميع بنو اسرائيل ولكن دون أن يظهروا ايمانهم خوفا من بطش فرعون وجبروته وتسلطه, وعند ذلك اوحى الله عزوجل الى موسى وأخيه هارون عليهما السلام ان يتخذا لقومهما
بيوتاً خاصة بهم تميزهم عن بيوت اتباع فرعون لأمرين: اولهما: ليعبدوا الله عزوجل فيها, وثانيهما: كي يبقوا على أهبة من الرحيل متى أُمروا به بغية أن يعرف بعضهم بعضاً.
وذات يوم استأذن بنو إسرائيل فرعون في الخروج إلى عيد لهم فأذن لهم مكرهاً ، ولكنهم تجهزوا للخروج وتأهبوا له، وإنما كان في نفس الأمر مكيدة بفرعون وجنوده ليتخلّصوا منهم ويخرجوا عنهم, ولما أحسّ فرعون بكيد بنو اسرائيل لحقهم بالجنود فأدركهم عند شروق الشمس وتراءى الجمعان ورأى كلٌّ من الفريقين صاحبه وتحققه ولم يبق إلا المقاتلة , فعندها قال أصحاب موسى عليه السلام وهم خائفون قوله تعالى في سورة الشعراء:إنا لمُدركون، وذلك لأنهم اضطروا في طريقهم إلى البحر، فليس لهم طريق الا سلوكه وخوضه. وهذا ما لا يستطيعه أحد ولا يقدر عليه، والجبال عن يسرتهم وفرعون وجنده عن يمينهم, فشكوا إلى نبي الله ما هم فيه مما قد شاهدوه , فقال لهم موسى قوله تعالى في سورة الشعراء: كَلا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِي, ونظر موسى عليه السلام الى البحر المتلاطم بأمواجه العاتية وهو يقول: ها هنا أمرت
فلما تفاقم الأمر وضاق الحال واشتد الأمر واقترب فرعون منهم, عند ذلك أوحى الحليم العظيم القدير ربُّ العرش الكريم إلى موسى الكليم بان يضرب بعصاه البحر لينفلق الى قسمين, كل قسم كالجيل العظيم,
ويقال: أنّ البحر انفلق اثنتي عشرة طريقا لكل سبط طريق يسيرون فيه, وأمر الله تعالى موسى عليه السلام أن يتجاوزه ببني إسرائيل , فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين مبادرين, فلما جاوزوه وخرج أخرهم منه وانفصلوا عنه , كان ذلك عند قدوم أول جيش فرعون إليه ووفودهم عليه, فأراد موسى عليه السلام ان
يضرب البحر بعصاه مرة أخرى ليرجع كما كان عليه لئلا يكون لفرعون وجنوده وصول إليه، ولا سبيل عليه، فأمره القدير ذو الجلال والاكرام أن يترك البحر على حاله ساكنا على هيئته, وهذا قوله تعالى في
سورة الدخان: وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا انهم جندٌ مغرقون
امتثل موسى عليه السلام لأمر الله عزوجل وتركه على هيئته وحالته , وما أن وصل اليه فرعون ورأى ما رأى وهاله المشهد العظيم أيقن في قرارة نفسه أنّ هذا ليس من فعل موسى عليه السلام وانما من فعل ربّ على كل شيء قدير, رب موسى ورب العرش الكريم , فتوقف ولم يتابع سيره باللحاق بموسى عليه والسلام وقومه, الا أنه أظهر لجنوده عكس ما يُبطن تجلدا وعناداً وكفراً, وحملته نفسه الكافرة الجاحدة المتجبرة المتكبرة على ان يعبر بجنوده البحر مثل بنى اسرائيل, وما أن همّ فرعون وجنوده بعبور البحر حتى أوحلى الله عزوجل لنبيه موسى عليه السلام بأن يضرب بعصاه البحر, فضربه موسى عليه السلام ضربةً ارتطم معها البحر عليهم أجمعين, وعندما أيقن فرعون من غرقه, اعترف بوجود الله عزوجل وآمن بالله عزوجل يوم لا ينفع نفس ايمانها.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما قال فرعون: آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسرائِيلَ, قال لي جبريل: لو رأيتني وقد أخذت من حال البحر فدسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة.
وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى في سورة الشعراء 51- 68
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الؤمنين * وأوحينا الى موسى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ* فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ* إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ* وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ* وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ* فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إسرائِيل َ* فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ، فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ* قَالَ كَلا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِي* فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ* وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ* وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ* ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ* إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ.
وبهذه الآيات الكريمات يكون مسك الخاتم لهذه القصة العظيمة,




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصص سورة القصص - قصة فرعون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة قارون ورد ذكر قارون في سورة العنكبوت، وغافر، وورد ذكر القصة بتفصيل أكثر في سورة القصص الآيات 76-82.
» سورة القصص - قصة قارون
» اسباب نزول القرآن (28)سورة القصص‏
» القرآن الكريم بالصور (سورة القصص) ترتيبها رقم (28)
» عدد : آيات ، وكلمات ، وحروف ، سور القرآن الكريم سورة القصص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: