ثقافة الحوار

ثقافة الحوار
وثقافة الحوار مسألة علمية قبل كل شيء،
ما آمن بكتاب الله من اتخذ السخرية مبدأ؛ إذ لو راعى ما يترتب على السخرية من جزاء عند الله ما كان ليدخل بابها، فالله جل جلاله جعل جزاء كل فعل من جنسه، وهكذا كان جزاء الاستهزاء من المخلوقات استهزاء من الله، مصداقا لقوله تعالى :
{وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ [البقرة : 14]اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [البقرة : 15]}
ولهذا فحين سئل نبي الله موسى عليه السلام بعد قوله لقومه:
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً }
كان جوابه:
{قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }[البقرة : 67]
فالسخرية والاستهزاء والتكفير لا يرجعون إلا على قائلهم، ومن هنا نسبح الله الذي أخرج على لسان خصمنا صفته:
{وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة : 72]
فهل يا ترى من كانت هذه حالته يستوجب منا الشفقة والرحمة، أم نزيده غلظة وقسوة، ومن يدري أننا سنكون له فتنة وسببا لهجرة قلمه؟
أرجو أن نقرأ بعد ما سبق من توضيح القاعدة بأن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، على أن من أبدى لنا صفحة خلافه نسعى بكل يسر لرأب الصدع، وإنهاء الخلاف، كيلا نكون من المتشاحنين الذين لا ينظر الله جل شأنه لأعمالهم، وهذا إن وقع فهو الخسران المبين.
أضفي إلى ذلك أن العناد والاختلاف عنوانان لمن طرد من رحمة الله:
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ [هود : 118]إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [هود : 119]}
فهل نفهم عن الله مراده في كونه؟ أم نتمادى في قلقلة الأواني كما يقولوا الربانيون أولي البصائر؟ أتريننا نسعى لإفساد الملتقى على أهله الذين استضافونا كرما منهم؟
اللهم اهدنا سواء السبيل،

» ثقافة الحوار مسألة علمية قبل كل شيء
» فن الحوار من أهداف الحوار
» الحوار: من المُحاورة
» أسرار فن الحوار
» ثقافة الاعتذار