ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 حقائق حول عدم أحقية اليهود في أرض فلسطين بموجب ما جاء في التوراة والإنجيل وفي آي التنزيل(من ستة حقائق الحقيقة الرابعة والخامسة والسادسة والاخيرة)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

حقائق حول عدم أحقية اليهود في أرض فلسطين  بموجب ما جاء في التوراة والإنجيل وفي آي التنزيل(من ستة حقائق الحقيقة الرابعة والخامسة والسادسة والاخيرة) Empty
مُساهمةموضوع: حقائق حول عدم أحقية اليهود في أرض فلسطين بموجب ما جاء في التوراة والإنجيل وفي آي التنزيل(من ستة حقائق الحقيقة الرابعة والخامسة والسادسة والاخيرة)   حقائق حول عدم أحقية اليهود في أرض فلسطين  بموجب ما جاء في التوراة والإنجيل وفي آي التنزيل(من ستة حقائق الحقيقة الرابعة والخامسة والسادسة والاخيرة) Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 7:44 pm

حقائق حول عدم أحقية اليهود في أرض فلسطين  بموجب ما جاء في التوراة والإنجيل وفي آي التنزيل(من ستة حقائق الحقيقة الرابعة والخامسة والسادسة والاخيرة) 1fG4P-wh5W_712619969

حقائق حول عدم أحقية اليهود في أرض فلسطين بموجب ما جاء في التوراة والإنجيل وفي آي التنزيل(من ستة حقائق الحقيقة الرابعة والخامسة والسادسة والاخيرة)
الحقيقة الرابعة:
تفضيل بنى إسرائيل كان مرده التمسك بعهد الله: نفيد مما سبق أن النصوص الدالة في آي الذكر الحكيم على تكريم بنى إسرائيل وتفضيلهم على عالمي زمانهم وتحقيق موعود الله لهم وجعلهم أو بعضاً منهم أئمة يهتدى بهم .. إنما جئ بها- على ما نطقت به آي التنزيل ونصوص الكتاب المقدس- في معرض الامتنان على بنى إسرائيل إبان التزامهم بما كان يأمرهم به الرب سبحانه، وفي غير أوقات انحرافهم أو إقامتهم على المعصية أو إعلانهم الكفر والتأبي على أحكام الله وأوامر أنبيائه .
كما جيء بها كذلك في معرض الحديث عن تميز الطائفة الظاهرة على الحق- والتي عادة ما تكون قليلة العدد- عن الكثرة المنحرفة، وذلك للإعلام- على ما يقتضيه العدل الإلهي والإنصاف- أنه بقدر غلبة الحق وانحسار الباطل والتمسك بعهد الله وميثاقه والإذعان لأوامره وأحكامه والكف عن معاصيه، بقدر ما يكون التفضيل والتمكين.
ومن الآيات التي يتراءى فيها جانب الاصطفاء وإسباغ النعم في ضوء ما ذكرنا، قول الله تعالى: (يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين.. البقرة/47)، وقوله: (وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى.. البقرة/57)، وقوله: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين.. المائدة/20)، وقوله: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون.. السجدة/24)، وقوله: (ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين.. الجاثية/16).
ومن مظاهر تكريم الله لهم على ما ذكر المفسرون أن ناداهم باسم أبيهم الذي هو منشأ فخارهم وأصل عزهم، وأكثر فيهم الأنبياء والملوك وأعطاهم من الفضل والزيادة ما لم يعط غيرهم من شعوب الأرض حتى الأمم ذات الحضارات كالمصريين وسكان الأراضي المقدسة، ومن مظاهره أن جاوز بهم البحر وأخرجهم من مصر بعد أن أنقذهم من بطش فرعون وأشياعه العتاة، وما ذلك كله إلا لنفس الأسباب التي سبق ذكرها.
كما عمّهم سبحانه برحمته وبدعاء صالحيهم حتى في تيههم الذي استمر أربعين سنة والذي كان بين مصر والشام، وذلك عندما امتنعوا من دخول مدينة الجبارين وقتالهم إثر أمر الله لهم بذلك بناءاً على رغبتهم في دخول الأرض المقدسة، بل وعقب قولهم لموسى بكل جرأة: (إنا لن ندخلها أبداً ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون.. المائدة/24) .. وعندما شكوا إلى موسى ما أصابهم في الصحراء من حر شديد ومن قلة الطعام والشراب، أرسل الله إليهم الغمام يظللهم، وأنزل عليهم المنّ الذي يشبه العسل فكانوا يمزجونه بالماء ويشربونه، وكانت السُّمانى تأتيهم فيأخذ كل واحد منهم ما يكفيه إلى الغد، وأوحى الله إلى نبيه موسى أن يضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً بقدر قبائلهم، ومع كل هذه النعم التي تستوجب الشكر والامتثال، فقد قابلوها بالنكران واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وعلى الرغم من كل هذا فقد فتح لهم سبحانه باب توبته لهم ووعدهم إن هم دخلوا الأرض المقدسة سجداً طالبين المغفرة بأن يحط عنهم خطاياهم، إلا أنهم ظلوا على ما هم عليه من عدم مراعاة تعاليم الرب ووصاياه، بل استهزءوا بها، وبدل أن يدخلوا باب بيت المقدس منحنين خاضعين دخلوه على أستاههم زاحفين، وبدل أن يقولوا (حطة) أي (حط عنا خطايانا)، قالوا: (حنطة)، وارتكبوا من المعاصي على إثر ذلك ما حجب عنهم تمكينه تعالى من بيت المقدس، وكان ما أخبر الله به في قوله: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين* فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون .. البقرة/58، 59).
وفي النظم الكريم ما يشعر ويومئ من طرف خفي إلى تمايز القلة المتمسكة بأوامر الرب ووصاياه عن الذين ظلموا أنفسهم وبدلوا (قولاً غير الذي قيل لهم)، فقد قرر أهل التأويل أنه لم يدخل الأرض المقدسة المعبر عنها في الآية الكريمة بـ (القرية) من بعد موسى سوى قلة تمثلت- مع النواشئ من ذرياتهم- في يوشع ورجلين أنعم الله عليهما بالإيمان به تعالى والخوف منه، ولم يدخلها أحد ممن قال: (لن ندخلها أبداً)، بل لم يكتف سبحانه بأن حرم عليهم دخولها حتى أهلكهم بالطاعون الذي غدا بسبعين ألف منهم وقيل بأربعة وعشرين ألفاً فجعلهم أثراً بعد عين.
وهنا نبصر من خلال شواهد القرآن الأخرى المتعلقة بهذه الواقعة وكذا شواهد السنة الصحيحة عدل الله المطلق، حيث حرّم سبحانه دخول الأرض المقدسة على الذين نكصوا على أعقابهم على الرغم من أنهم كانوا في صحبة موسى وهارون عليهما السلام وعلى الرغم من دعوة هذين النبيين المباركين لهم ونصحهما إياهم بل وتحايلهما عليهم، في حين مكن ليوشع بن نون الذي قام بالأمر بعد كليم الله موسى عليه السلام فخرج ومعه من تبقى من بنى إسرائيل ممن تشجعوا لدخولها ولم يتفوهوا بما تفوه به سابقوهم، فقصد بهم بيت المقدس، بل وأحدث الله له ولهم من الكرامات ما أعانهم على دخولها في الموعد الذي أرادوه، حتى أن يوشع لما حاصرها بمن معه، وهم بافتتاحها ودنت الشمس للغروب، وكان ذلك يوم الجمعة بعد العصر، فخشي إن دخلت ليلة السبت أن يسبتوا، نادى الشمس وقال: إنك مأمورة وإني مأمور فوقفت حتى افتتحها ووجد فيها من الأموال ما لم يُر مثله قط .. وهكذا.
الأمر الذي يعني التنبيه علي أن سنة الله في التفضيل ثابتة لا تتغير ولا تتبدل لكونه سبحانه لا يفضل بعد الإعذار إلا الفئة المؤمنة الصابرة، إذ حاشاه- جلت قدرته وتعالت حكمته- أن يساوي بين من امتثل لأمره ومن عدل عنه، أو أن يحابى أحداً على حساب أحد، وإنما يتأتى ذلك ممن اختلت عقولهم وموازين العدل عندهم من البشر.
وعليه فدعاوى السابقين من بنى إسرائيل أنهم أبناء الله وأحباؤه، واللاحقين منهم بأنهم شعب الله المختار على ما هم عليه هؤلاء وأولئك من كفر ومعصية، دعاوى زائفة ولا أساس لها في ميزان العدل الإلهي، لذا يقول سبحانه في دحضها: (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير .. المائدة/18).
ومصداق ذلك فيما يدينون به ما جاء في سفر التثنية7: 6، 9-11 "لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك، إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعباً أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض .. فاعلم أن الرب إلهك هو الله الإله الأمين الحافظ العهد والإحسان للذين يحبونه ويحفظون وصاياه إلى ألف جيل. والمجازي الذين يبغضونه بوجوههم ليهلكهم، ولا يمهل من يبغضه، بوجهه يجازيه. فاحفظ الوصايا والفرائض والأحكام التي أنا أوصيك اليوم لتعملها".
وفي الإصحاح الثامن من نفس السفر 1- 3 جاء في خطاب الله لموسى ولمن اعتزم صحبته إلى أرض الميعاد ما نصه: "جميع الوصايا التي أنا أوصيكم بها اليوم تحفظون لتعملوها لكي تحيوا وتكثروا وتمتلكوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم. وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب إلهك هذه الأربعين سنة في القفر لكي يُذِلّكَ ويجرّبك ليعرف ما في قلبك أتحفظ وصاياه أم لا . فأذّلّكَ وأجاعك وأطعمك المنّ الذي لم تكن تعرفه ولا عرفه آباؤك لكي يعلّمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الإنسان".
ولما كان ما كان من أمر نكوصهم "قال له الرب- يعني لموسى- هذه هي الأرض التي أقسمت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب قائلاً لنسلك أعطيها، قد أريتك إياها بعينك ولكنك إلى هناك لا تعبُره. فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مؤاب حسب قول الرب" تثنية 34: 4-5، أما من كانوا في صحبته عليه السلام فقد كان السبب في حرمانهم دخولها "أن بني إسرائيل ساروا أربعين سنة في القفر حتى فني جميع الشعب رجال الحرب الخارجين من مصر الذين لم يسمعوا لقول الرب الذي حلف الرب لهم إنه لا يريهم الأرض التي حلف الرب لآبائهم أن يعطينا إياها، الأرض التي تفيض لبناً وعسلاً. وأما بنوهم فأقامهم مكانهم"سفر يشوع 5: 6-7.
وعن مجازاته سبحانه لمن استنهضهم يوشع بن نون بما يستحقونه من موعوده، جاء في سفر يشوع 21: 43-45 "فأعطى الرب إسرائيل جميع الأرض التي أقسم أن يعطيها لآبائهم فامتلكوها وسكنوا بها. فأراحهم الرب حواليهم حسب كل ما أقسم لآبائهم ولم يقف قدامهم رجل من جميع أعدائهم بل دفع الرب جميع أعدائهم بأيديهم. لم تسقط كلمة من جميع الكلام الصالح الذي كلم به الرب بيت إسرائيل بل الكل صار"، وإنما كان لهم ما أرادوا- فيما يشبه النحو على آبائهم باللائمة أن خالفوا ما أمر به موسى عليه السلام- لأن الذين كانوا مع يشوع "أجابوا يشوع قائلين، كل ما أمرتنا به نعمله وحيثما ترسلنا نذهب. حسب كل ما سمعنا لموسى نسمع لك، إنما الرب إلهك يكون معك كما كان مع موسى. كل إنسان يعصي قولك ولا يسمع كلامك في كل ما تأمره به يقتل"، كذا هو نص يشوع 1: 16-18.
الحقيقة الخامسة:لا محاباة في أن عهد الله لا يناله الظالمين:
واتّباعاً لهذه السنة الماضية- سنة تفضيل الله وإنجائه للطائفة المؤمنة، قليلة العدد والعدة- واستكمالا للحديث عن الشق الثاني منها والذي جاء ذكره في مثل قول الله تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله.. الأنعام/116)، وقوله: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين.. يوسف/103)، وقوله: (فأبى أكثر الناس إلا كفوراً.. الفرقان/50)، وقوله: (ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين.. الصافات/71)، إلخ.. نقول أن جرائم بنى إسرائيل التي تعدت كل وصف وفاقت- كماً وكيفاً- كل حد، لا تخفى على ذي لب.
والسؤال ماذا يفعل الله بقوم تركوا ملة آبائهم التي أمروا ألا يعيشوا إلا في كنفها وألا يموتوا إلا عليها، وبدلاً من أن يقيموا التوحيد فيما بينهم، راحوا يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير وطفقوا يلتمسون الهدى في عبادة العجل تارة وفى العقائد الباطلة التي برأ الله منها ساحة خليله إبراهيم وبنيه من الأنبياء جميعاً، تارة أخرى، راغبين بذلك عن وصاياهم وضاربين بكلامهم جميعاً عرض الحائط؟.
يقول سبحانه مبيناً ما وصل إليه حال تلكم الكثرة من بنى إسرائيل: (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزى المفترين.. الأعراف/152)، (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به.. المائدة/13)، ويحكى عنهم سلفاً وخلفاً قولهم: ( كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا.. البقرة/135)، ويأتي الرد على ذلك والتحذير منه والتنديد به في قوله بعد: (قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين* قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون* فإن آمنوا بمثل ما أمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم.. البقرة/135-137)، (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون.. البقرة/140)، قال الحسن البصري فيما رواه ابن كثير 1/188: "كانوا يقرءون في كتاب الله الذي آتاهم إن الدين عند الله الإسلام وان محمداً رسول الله وان إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا برءاء من اليهودية والنصرانية، فشهدوا لله بذلك وأقروا على أنفسهم لله فكتموا شهادة الله عندهم من ذلك" .
لقد ارتكبوا بصنيعهم هذا، الخيانة التي تستوجب استبدال غيرهم بهم، وأقيمت عليهم وبنص كتبهم الحجة، وقد علمنا قبلاً كيف "عملوا أموراً قبيحة لإغاظة الرب. وعبدوا الأصنام التي قال الرب لهم لا تعملوا هذا الأمر"، وكيف حذرهم موسى عليه السلام من مغبة ذلك قائلاً لهم: "ارجعوا عن طرقكم الردية .. فلم يسمعوا وصلبوا أقفيتهم كأقفية آبائهم الذين لم يؤمنوا بالرب إلههم. ورفضوا فرائضه وعهده الذي قطعه مع آبائهم وشهاداته التي شهد بها عليهم وساروا وراء الباطل.. وتركوا وصايا جميع الرب إلههم وعملوا لأنفسهم مسبوكات عجلين.. وعبدوا البعل" على حد ما جاء في سفر الملوك الثاني 17: 11وما بعدها، كما جاء في سفر التثنية32: 21 "هم أغارونى بما ليس إلهاً، أغاظوني بأباطيلهم، فأنا أغيرهم بما ليس شعباً، وبشعب جاهل أغضبهم"، وإليه الإشارة بقوله: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبين.. الجمعة/2).
ويلا حظ في آيات سورة البقرة التي سبق ذكرها في الحقيقة الرابعة، تلك الآيات التي تناولت قصة دخولهم الأرض المقدسة وتحدثت عن تبديل الذين ظلموا منهم قولاً غير الذي قيل لهم، وكيف أن ذلك كله جاء في إطار الحديث عن مدى عفو الله وفضله، وعن حلمه سبحانه وصبره اللذين عادة ما كانا يقابلان بالمزيد من الإقامة على المعصية والاستهانة بأوامر الله وأحكامه، فقد جاءت الآيات عقب الحديث عن إنجائهم من آل فرعون الذين كانوا يذبحون أبنائهم ويستحيون نسائهم ويسومونهم سوء العذاب، فراحوا- بدل أن يشكروه- يتخذون العجل معبوداً لهم من دونه، وبعد اعتذارهم المشوب بالمكر وعدم الصدق في التوبة، وبعد عفو الله عنهم، أذن سبحانه لخيارهم بالخروج مع موسى فراحوا- وهم المختارون- يطلبون منه رؤية من لا تدركه الأبصار-سبحانه- وهو يدرك الأبصار، وبعد أن أخذتهم الصاعقة من جراء طلبهم ما يستحيل العقل إدراكه، بعثهم مرة أخرى لعلهم يشكرون، وظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى ورزقهم من الطيبات، وكانوا في كل مرة كعادتهم يقابلون نعم الله بالجحود ويبدلون نعمة الله كفراً، ثم كلفهم فيما بعد ونزولاً على رغبتهم بدخول الأرض المقدسة فراحوا يتلكأون ويسيئون الأدب مع الله.. إلى آخر ما تبع ذلك من ليهم ومكرهم الذي عادة ما كان يقابل بحلم الله عليهم وقبوله توبتهم، بل وأحياناً بتفضيله لهم على سائر الخلق كلما بدت منهم سابقة خير وبادرة توبة.
ومن المواطن التي أشارت إلى هذا النمط في حياتهم ونصت على إصرارهم وصلابة رقابهم وعلى عنادهم وجحودهم كلما حلت بهم نعم الله، وعلى سعة رحمته بهم أملا في إصلاح أمرهم لكن دون جدوى.. ما جاء في مناجاة نبيهم نحميا عليه السلام في الإصحاح التاسع العدد11 وما بعده وفيه: "وفلقت اليم أمامهم وعبروا في وسط البحر علي اليابسة وطرحت مطارديهم في الأعماق.. ونزلت على جبل سيناء وكلمتهم من السماء وأعطيتهم أحكاما مستقيمة وشرائع صادقة..عن يد موسى عبدك. وأعطيتهم خبزاً من السماء لجوعهم، وأخرجت لهم ماء من الصخرة لعطشهم، وقلت لهم أن يدخلوا الأرض التي رفعت يدك أن تعطيهم إياها. ولكنهم بغوا هم وآباؤنا وصلبوا رقابهم ولم يسمعوا لوصاياك. وأبوا الاستماع ولم يذكروا عجائبك التي صنعت معهم وصلبوا رقابهم .. فلم تتركهم. مع أنهم عملوا لأنفسهم عجلاً مسبوكاً وقالوا هذا إلهك الذي أخرجك من مصر وعملوا إهانة عظيمة. أنت برحمتك الكثيرة لم تتركهم في البرية.. ولم تمنع منّك عن أفواههم وأعطيتهم ماء لعطشهم. وعُلتهم أربعين سنة في البرية.. وأعطيتهم ممالك وشعوباً.. وأكثرت بينهم كنجوم السماء وأتيت بهم إلى الأرض التي قلت لآبائهم أن يدخلوا ويرثوها. فدخل البنون وورثوا الأرض.. فأكلوا وشبعوا وسمنوا وتلذذوا بخيرك العظيم. وعصوا وتمردوا عليك وطرحوا شريعتك وراء ظهورهم.. فدفعتهم ليد مضايقيهم فضايقوهم، وفي وقت ضيقهم صرخوا إليك وأنت من السماء سمعت، وحسب مراحمك الكثيرة أعطيتهم مخلّصين خلّصوهم من يد مضايقيهم. ولكن لما استراحوا رجعوا إلى عمل الشر قدامك فتركتهم بيد أعدائهم فتسلطوا عليهم ثم رجعوا وصرخوا إليك وأنت من السماء سمعت وأنقذتهم حسب مراحمك الكثيرة أحيانا كثيرة. وأشهدت عليهم لتردهم إلى شريعتك، وأما هم فبغوا ولم يسمعوا لوصاياك وأخطأوا ضد أحكامك التي إذا عملها الإنسان يحيا بها، وأعطوا كتفاً معانِدة وصلبوا رقابهم ولم يسمعوا".
وفي المزمور78: 40 وما بعده "كم عصوه في البرية وأحزنوه في القفر.. لم يذكروا يده يوم فداهم من العدو. حيث جعل في مصر آياته وعجائبه في بلاد صُوعن. إذ حوّل خلجانهم إلى دم.. أرسل عليهم بعوضاً فأكلهم وضفادع فأفسدتهم.. وهداهم- يعني بني إسرائيل- آمنين فلم يجزعوا.. وطرد الأمم من قدامهم.. فجربوا وعصوا الله العليّ، وشهادته لم يحفظوا. بل ارتدوا وغدروا مثل آبائهم، انحرفوا كقوس مخطئه. أغاظوه بمرتفعاتهم وأغاروه بتماثيلهم. سمع الله فغضب ورذل إسرائيل جداً..".
وفي سفر حزقيال20: 5وما بعده يقول الرب ممتناً على بني إسرائيل: "رفعتُ يدي لنسل بيت يعقوب وعرفتُهم نفسي أرض مصر ورفعت لهم يدي ..لأخرجهم من أرض مصر إلى الأرض التي تجسْستُها لهم تفيض لبناً وعسلاً هي فخر كل الأراضي. وقلت لهم اطرحوا كل إنسان منكم أرجاس عينيه ولا تتنجسوا بأصنام مصر .. فتمردوا عليّ ولم يريدوا أن يسمعوا لي .. فقلت إني أسكب رجزي عليهم لأتم عليهم سخطي في وسط أرض مصر. لكن صنعت لأجل اسمي لكيلا يتنجس أمام عيون الأمم الذين هم في وسطهم.. فأخرجتهم من أرض مصر وأتيت بهم إلى البرية. وأعطيتهم فرائضي وعرفتهم أحكامي التي إن عملها إنسان يحيا بها.. فتمرد علىّ بيت إسرائيل في البرية، لم يسلكوا في فرائضي ورفضوا أحكامي .. فقلت إني أسكب رجزي عليهم في البرية لإفنائهم. لكن صنعت لأجل اسمي لكيلا يتنجس أمام عيون الأمم.. ورفعت أيضا يدي لهم في البرية بأني لا آتي بهم إلى الأرض التي أعطيتهم إياها تفيض لبنا وعسلاً.. لأنهم رفضوا أحكامي ولم يسلكوا في فرائضي بل نجسوا سبوتي لأن قلبهم ذهب وراء أصنامهم. لكن عيني أشفقت عليهم عن إهلاكهم فلم أفنهم في البرية. وقلت لأبنائهم في البرية لا تسلكوا في فرائض آبائكم ولا تحفظوا أحكامهم ولا تتنجسوا بأصنامهم .. فتمرد الأبناء عليّ.. فقلت إني أسكب رجزي عليهم لأتم سخطي عليهم في البرية. ثم كففت يدي وصنعت لأجل اسمي لكيلا يتنجس أمام عيون الأمم الذين أخرجتهم أمام عيونهم. ورفعت أيضاً يدي لهم في البرية لأفرقهم في الأمم وأذريهم في الأراضي. لأنهم لم يصنعوا أحكامي بل رفضوا فرائضي ونجسوا سبوتي وكانت عيونهم وراء أصنام آبائهم"، وهكذا كان حالهم طوال تاريخهم ومع كافة أنبيائهم وبشهادة جميع كتبهم.
وإذا كان الجانب الآخر من الكبر يتمثل- بعد بطر الحق والكفر به- في غمط الناس وظلمهم، فان الناس الذين غمطهم بنوا إسرائيل ليسوا كأي أناس، لكنهم أنبياء مبلغون عن الله رسالاته، أي أنهم مصدر هداية لمن أرسلوا إليهم، ولو كان غمطهم إياهم اقتصر على مجرد التكذيب لهان الخطب، لكنه تعدى ذلك بكثير ووصل إلى ما هو أبعد من التكذيب بمراحل، فقد جاء في الحديث عن أبي عبيدة: "قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة وسبعون رجلاً من بنى إسرائيل فأمروا مَن قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوهم جميعا من آخر النهار من ذلك اليوم، فهم الذين ذكرهم الله عز وجل- يعنى في قوله: (إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم..آل عمران/21)"، كما أورد ابن كثير في تفسير قول الله تعالى: (وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون .. البقرة/61)، قول ابن مسعود: (كانت بنو إسرائيل تقتل ثلاثمائة نبي في أول النهار- يا لقساوة القلوب- ثم يقيمون سوق بقلهم في آخره) وأعقبه بالقول: "إنه لما ارتكب بنوا إسرائيل ما ارتكبوا من الكفر بآيات الله وقتلهم أنبياءه أحل الله بهم بأسه الذي لا يرد وكساهم ذلاً في الدنيا موصولا بذل الآخرة جزاء وفاقاً" .
وحسبنا أن نستشهد هنا على تلك المذابح التي نصبوها لأنبيائهم بما ورد في سفر نحميا 9: 26 "وقتلوا أنبياءك الذين أشهدوا عليهم ليرُدَّهم إليك وعملوا إهانة عظيمة"، وسفر الملوك الأول 19: 10، 14 "وقتلوا أنبياءك"، وإنجيل متى 23: 31، 34-36 "أنتم تشهدون على أنفسكم أنكم قتلة الأنبياء .. هاأنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة فمنهم تقتلون وتصلبون ومنهم تجلدون في مجامعكم وتطردون من مدينة إلى مدينة. لكي يأتي عليكم كل دم زكي سُفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن بَرَخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح. الحق أقول لكم أن هذا كله يأتي على هذا الجيل".. وأن نشير كذلك إلى ما ورد في إنجيل متى في الإصحاح21 عدد33 وما بعده، مما سبق ذكره من أمر الكرامين الذين ما أن جاءهم عبيد صاحب الكرم ليأخذوا أثمار غرسه إلا وأعملوا فيهم القتل والجلد والرجم، ولم يكتفوا بذلك حتى فعلوا مثله مع كافة من أرسله إليهم ممن كانوا أكثر من سابقيهم، بل لم يكفهم كل هذا حتى تآمروا في نهاية المطاف على وارثه الذي أرسله إليهم، في إشارة واضحة إلى المسيح عيسى عليه السلام.. ورد مثله في إنجيل مر قس12: 1-12، وفي إنجيل لوقا20: 9-19 وأعمال الرسل 4: 11 .
الأمر الذي يعنى أن أمر اعتدائهم على الأنبياء لم يقتصر مجيؤه على القرآن بل تحدثت به أيضاً كتب القوم يهوداً كانوا أم نصارى، كما لم يقتصر على أنبيائهم بل طال خاتم الأنبياء محمد صلوات الله وسلامه عليه، ولا عجب إن نحن عرفنا كراهيتهم للأنبياء أن تنشر إحدى مجلاتهم وتسمى (جاليليو) صوراً كلاسيكية للسيدة مريم العذراء وهي تحمل سيدنا المسيح عليه السلام بعد أن استبدلت رأسها برأس بقرة، وسيظل يوم السبت 28 يونيو 1997 محفوراً في ذاكرة المسلمين حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، فقد حدث في هذا اليوم أن قام عدد من المستعمرين اليهود في مدينة الخليل وبحراسة من الجيش، بلصق وتوزيع شعارات ورسوم تكيد للإسلام وللمسلمين، وقد ظهر في أحد هذه الرسوم صورة خنزير على رأسه كوفية فلسطينية كتب عليها اسم (محمد) بالإنجليزية والعربية وأمسكوا هذا الخنزير قلماً يكتب به كلمة (القرآن)، كما تلقت جهات فلسطينية رسمية عبر البريد الاكتروني رسماً مهيناً للنبي عليه السلام كتب عليه (محمد) وتحته خنازير صغار يرضعون منه وقد كتب عليها كلمة (فلسطينيون).
إنه وإزاء كفرهم بالله وتآمرهم وبغيهم على أنبيائه ورغبتهم عن ملة إبراهيم ومن صار على نهجه من النبيين، ولقاء ظلمهم وطغيانهم وتحريفهم للكلم عن مواضعه، الذي يؤذن بألا صلاح بعده- على المدى القريب أو البعيد- لأمرهم ولا فائدة ترجى للبشرية من ورائهم، كان لابد حسب ما تقضي به سنن الله الكونية في الاستبدال والاستخلاف، من أن تتحول إمامة وخلافة وريادة هذا العالم إلى آخرين يحافظون على العهد ويصونون الأمانة ويحفظون الوصايا وينفّذون التعاليم، فيستحقون عندئذ وعد الله الذي لم يتحقق لغيرهم لا في الأرض المقدسة وحسب بل في إرث النبوة والأرض جميعاً، حيث يقول تعالى وهو أصدق القائلين: (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.. الأعراف/28)، ويقول: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم.. محمد/38)، "أي: ولكن يكونون سامعين مطيعين له ولأوامره" كما قال: (إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين.. الأنعام/133)، وقال: (إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على كل شئ قديراً.. النساء/133)، وقال: (إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز.. إبراهيم/19، 20وفاطر/16، 17)، أي يذهبكم إذا خالفتم أمره ويستخلف من بعدكم قوماً آخرين على غير صفتكم يعملون بطاعته، كما أذهب القرون الأولى وأتى بالتي بعدها وما ذلك عليه بممتنع ولا صعب بل هو سهل عليه يسير لديه .
الأمر الذي يعني أن سنة الله في خلقه وكونه، لا تتبدل ولا تتغير، بل إنها لتجري حتى في أمة خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه ممن هم من نسل إسماعيل كما جرت فيمن هم من نسل إسرائيل، بمعنى أن المسلمين إذا تولوا عن نصرة ربهم ولم يقفوا على أمر دينهم فسيبتليهم الله بمن لا يرقب فيهم إلاً ولا ذمة كما ابتلى الأولون ثم يستبدلهم إذا لم يراجعوا أنفسهم (بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم.. المائدة/54).
ولعل هذا ما يومئ إليه قوله تعالى لمن هو أب لجمهور الأمم: (إني جاعلك للناس[كذا بما يفيد العموم] إماماً)، ثم قوله تعقيباً على عبارته (ومن ذريتي): (لا ينال عهدي الظالمين.. البقرة/124)، ولما اقتضت حكمة الله فيما يخص ميراث النبوة أن يجعل نبي بني إسماعيل خاتماً للأنبياء، فقد تعين أن يكون الابتلاء في حرمان أمته إن هي خالفت منهج الله قاصراً على ميراث الحكم والأرض والخلافة، إلى أن يقضي الله فيه أمرأً كان مفعولاً.
لحقيقة السادسة: الإيذان بتحول الإمامة كان في ليلة التتويج (ليلة الإسراء):
وعلى نحو ما كانت إمامة النبي ليلة الإسراء بإخوانه من الأنبياء عن طواعية وطيب نفس، إشارة واضحة إلى أن النبوات يصدق بعضها بعضا ويمهد السابق منها للاحق، وإقراراً مبيناً بأن الإسلام كلمة الله الأخيرة إلى خلقه، أخذت كما هي على يد رسولنا صلى الله عليه وسلم بعد أن وطأ لها العباد الصالحون من رسل الله الأولين .. فقد كانت كذلك تتويجاً مشرفاً لهذا النبي الخاتم ولأمته وإنفاذاً مرتقباً لسنن الله الكونية والشرعية في الاستبدال والاستخلاف، وفي تحول الإمامة والقيادة والخلافة من بني إسرائيل الذين رغبوا عن ملة إبراهيم فسفهت بذلك نفوسهم، إلى إخوتهم وبني أعمامهم من بني إسماعيل الذين رغبوا فيها.
ولأن الله خلق الخلق لعبادته وقد تخلى بنو إسرائيل- أعنى أحفادهم ممن هم من صلبه- عن تأدية هذه المهمة، وفعلوا ما استوجب استبدال غيرهم بهم، فان الحكمة تقتضي وفق سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير، أن يستعاض عنهم بآخرين، ولا بد أن يكونوا هنا من أبناء العم لكونهم ممن قال إبراهيم: (ومن ذريتي)، وأن يأتي من صلب إسماعيل الذي هو من نسل إبراهيم أيضاً، من يجدد هذه الملة ويرسخ معالمها ويقيم دعائمها ويرفع بنيانها ويعيد أمجادها ويعلي من قدرها، وهذا ما حدث بالفعل ليلة الإسراء التي انتقل فيها إرث الملك والنبوة إلى محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به من أمته بعد فترة تمهيد استمرت قرابة العشر سنوات.
الأمر الذي يعنى ضمناً أن هذه الأمة هي وحدها المؤهلة لوراثة أرض النبوات أرض الميعاد- بيت المقدس وسائر الأراضي الفلسطينية- وليس هذا في شريعة المسلمين فحسب بل وفي كتب اليهود والنصارى أيضاً، فقد ورد في سفر حجي2: 6-9 "قال رب الجنود: هي مرة بعد قليل فأزلزل السماوات والأرض والبحر واليابسة. وأزلزل كل الأمم ويأتي مشتهى كل الأمم فأملأ هذا البيت مجداً.. مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول، قال رب الجنود، وفى هذا المكان أعطى السلام" انتهي النص، ومشتهى كل الأمم المذكور فيه، أصله العبراني (حمدون) أي محمود الأمم، وهذا بصريح نبوة حجي ينطبق على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لكون اسم (محمود) هو من ضمن أسمائه، ويتضح من النبوءة أن المراد من البيت بيت المقدس، وحين أسري إليه برسولنا- صلوات الله وسلامه عليه- في حياته زاد ذلك من شرفه ورفع من مكانته، ومن ثمّ توجهت إليه أنظاره وأنظار الموحدين الذاكرين الممجدين لله من أمته فكان أولى قبلتي المسلمين، وهذا ما يوافق عبارة "أملأ هذا البيت مجداً"، أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فقد قام المسلمون بفتحه وفى هذا المكان أعطى رب الجنود السلام الذي أتى به رسول الرحمة والسلام ونشره الخليفة عمر بن الخطاب في ربوع هذه البلاد المقدسة، فقد أعطى رضوان الله عليه الأمان لبيت المقدس ولبطريرك المدينة بل ولسائر أهلها بعقد المعاهدة وتوثيق شروط الصلح، والملفت في قوله "في هذا المكان أعطى السلام" انه لم يقل (وأعطي مشتهى الأمم السلام)، أو غير ذلك من عبارات تفيد أنه عليه السلام بنفسه الذي يتولى تسليم بيت المقدس ونشر الإسلام فيه، لعلم الله أزلاً أن الذي سيتولى هذه المهمة هو واحد من أخلص خلصائه، وقد كان ذلك- بالفعل- لأمير المؤمنين عمر بمحضر ومشهد من أصحاب مشتهى الأمم صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه ورضي الله عنهم وأرضاهم .
وتحكي كتب التاريخ أنه لما أذل الله الروم وتكامل للمسلمين فتوح الشام واستقر أمرهم على فتح بيت المقدس وحاصر المسلمون أهله قرابة أربعة أشهر في أشد قتال، نظر أهل بيت المقدس إلى شدة الحصار ورأوا ما حل بهم ووقفوا بين يدي البطرك وقالوا: قد عظم الأمر ونريد منك أن تشرف على القوم وتسأل: ما الذي يريدون؟ فإن كان أمراً صعباً فتحنا الأبواب وخرجنا إليهم، فإما أن نقتل عن آخرنا أو نهزمهم عنا، فأجابهم البطرك إلى ذلك، وصعد في السور واجتمع القسيسون والرهبان حوله ونادى رجل: يا معشر الفرسان، عمدة دين النصرانية قد أقبل خاطبكم، فليدن منا أميركم، فقام أبو عبيدة يمشي ومعه جماعة من أصحاب رسول لله، فلما وقف بإزائهم قال: ما الذي تريدون؟ قال البطرك: إنكم لو أقمتم علينا عشرين سنة لم تصلوا إلى فتح بلدنا، وإنما يفتحها رجل ليس معكم، فقال أبو عبيدة: وما صفة من يفتح بلدكم؟ قال: لا نخبركم بصفته، ولكن قرأنا أن هذا البلد يفتحه صاحب لمحمد يعرف بالفاروق لا تأخذه في الله لومة لائم، ولسنا نرى صفته فيكم.
فلما سمع أبو عبيدة كلام البطرك تبسم وقال: فتحنا البلد ورب لكعبة، ثم أقبل على البطرك وقال: إن رأيت الرجل تعرفه، قال: نعم، وكيف لا أعرفه؟ قال أبو عبيدة: هو والله خليفتنا وصاحب نبينا، قال البطرك: فإذا كان الأمر على ما ذكرت فاحقن الدماء وابعث إلى صاحبك فإذا رأيناه وتبيّنا نعته فتحنا له البلد وأعطيناه الجزية، فلما بعث أبو عبيدة في طلبه وأقدم عليهم عمر بمرقعته ونظر إليه البطرك زعق وقال: هذا والله الذي صفته في كتبنا وخرج ومن معه يسألونه العهد.
وكان مما فاه به البطرك من قبل عندما أخبر بجيش المسلمين يقوده أبو عبيدة: ما هذه الضجة التي أسمع؟ قالوا: قد قدم أمير المسلمين ببقية المسلمين، فلما سمع ذلك تربّد وجهه وقال: إنا وجدنا في علمنا الذي ورثناه أن من يفتح الأرض هو الرجل الأحمر، صاحب نبيهم (محمد) فإن كان قدم عليكم فلا سبيل إلى قتاله، ولابد أن أشرف عليه وانظر إلى صفته فإن كان هو أجبته إلى ما يريد وإن كان غيره فلا بأس عليكم.. فلما رأى أبا عبيدة نظر إليه ملياً ثم قال: ليس هو الرجل فأبشروا وقاتلوا عن دينكم وحريمكم، ثم كان من ما حكيناه مما مر ذكره.
وليس ثمة ما يدل على هذا التحول والانتقال عندنا معاشر المسلمين أعظم من إمامته صلوات الله وسلامه عليه لجميع الأنبياء والمرسلين في المسجد الأقصى وذلك عندما حان وقت صلاة الفجر من صبيحة ليلة التتويج المباركة، وفى هذا يروي مسلم في صحيحه عن أبي هرير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حقائق حول عدم أحقية اليهود في أرض فلسطين بموجب ما جاء في التوراة والإنجيل وفي آي التنزيل(من ستة حقائق الحقيقة الرابعة والخامسة والسادسة والاخيرة)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حقائق حول عدم أحقية اليهود في أرض فلسطين بموجب ما جاء في التوراة والإنجيل وفي آي التنزيل هناك ستة حقائق (الحقيقة الاولى )
» حقائق حول عدم أحقية اليهود في أرض فلسطين بموجب ما جاء في التوراة والإنجيل وفي آي التنزيل(من ستة حقائق الحقيقة الثانية والثالثة)
» ورشة عمل: الوضع المائي في فلسطين، غزة 22/3/2005(من خمسة اوراق الورقة الرابعة والخامسة مع توصية ورشة العمل)
» حقيقة اليهود وطبيعتهم في ضوء حقائق القرآن وتقريراته
» اقوال عن الحقيقة , كلمات عن الحقيقة , مقولات عن الحقيقة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى فلسطين-
انتقل الى: