ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الرابع)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الرابع) Empty
مُساهمةموضوع: صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الرابع)   صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الرابع) Emptyالخميس يوليو 21, 2011 7:54 am

صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الرابع) SE8l7-I2Ci_372676241

صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الرابع)
وكذلك لو فرض أنه تبين له عطل في سيارته بعد الطواف فجلس في مكة من أجل إصلاحه، فإنه لا يلزمه إعادة هذا الطواف لأنه إنما أقام لسبب متى زال واصل سفره.
قوله: "أو اتجر بعده أعاده" ، أي: اشترى شيئاً للتجارة، أو باع شيئاً للتجارة، فإنه يعيده، وعلم من ذلك أنه لو اشترى حاجة، أو باع حاجة في طريقه، أو هدايا لأهله، لا تجارة فإنه لا بأس به، على أننا نرغب أن يكون شراؤه قبل طوافه.
مسألة: ما الذي يوجب إعادة طواف الوداع إذا تأخر الإنسان بعده؟
الجواب: الذي يوجب إعادة طواف الوداع فيما لو تأخر بنية الإقامة ولو ساعة لغير ما استثنى.
وعلم من كلام المؤلف: أنه إذا طاف للوداع، فإنه لا يرجع القهقرى إذا أراد أن يخرج من المسجد، والقهقرى أي: الرجوع على الخلف، ولا يقف عند الباب فيكبر ثلاثاً ويقول: السلام عليك يا بيت الله، فإن هذا كله من البدع، فإذا طفت للوداع فامض في سبيلك، واستدبر الكعبة ولا شيء عليك؛ لأن تعظيم الكعبة إنما يكون باتباع ما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يكن يرجع القهقرى إذا أراد الخروج، ولم يكن إذا انتهى إلى باب المسجد وقف، ونظر إلى الكعبة وودعها.
قوله: "وإن تركه غير حائض رجع إليه" ، أي: لزمه أن يرجع فيطوف، فإن تركته الحائض فإنه لا يلزمها الرجوع، إلا إذا طهرت قبل مفارقة بنيان مكة فإنه يلزمها الرجوع، أما إذا طهرت بعد مفارقة البنيان ولو بيسير، ولو داخل الحرم، فإنه لا يلزمها أن ترجع.
والدليل على هذا: قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "إلا أنه خفف عن الحائض" ، والنفساء مثلها.
قوله: "فإن شق أو لم يرجع فعليه دم" ، أي: إن شق الرجوع ولم يرجع فعليه دم، وكذلك إذا لم يرجع بلا مشقة فعليه دم، لكن الفرق أنه إذا تركه للمشقة لزمه الدم ولا إثم، وإذا تركه لغير مشقة لزمه الدم مع الإثم؛ لأنه تعمد ترك واجب.
وقوله: "وإن تركه غير حائض رجع إليه" ، ظاهره وجوب الرجوع قرب أم بَعُدَ ما لم يشق، وأنه إذا رجع ولو من بعيد سقط عنه الدم، لكن المذهب أنه إذا جاوز مسافة القصر استقر عليه الدم، سواء رجع أو لم يرجع، وكذلك لو وصل إلى بلده، فإن الدم يستقر عليه، سواء رجع أم لم يرجع، وعلى هذا فأهل جدة لو خرجوا إلى جدة قبل طواف الوداع، ثم رجعوا بعد أن خف الزحام وطافوا فإن الدم لا يسقط عنهم؛ لأنه استقر بمسافة القصر، أو بوصوله إلى بلده، حتى ولو فرض أن أناساً من بلد دون جدة كأهل بحرة، وصلوا إلى بلدهم استقر عليهم الدم.
وقوله: "فعليه دم" . الدليل على وجوب الدم الأثر المشهور عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "من ترك شيئاً من نسكه، أو نسيه فليهرق دماً" ، وهذا نسك واجب أمر به النبي صلّى الله عليه وسلّم، فيكون في تركه دم، وهذا الأثر مشهور عند العلماء واستدلوا به، وبنوا عليه وجوب الفدية بترك الواجب، وقالوا في تقرير هذا الدليل: إن هذا قول صحابي ليس للرأي فيه مجال فوجب العمل به؛ لأن قول الصحابي الذي ليس للرأي فيه مجال يكون له حكم الرفع.
وقال بعض العلماء: يمكن أن يكون صادراً عن اجتهاد، ويكون للرأي فيه مجال، وجهه أن يقيس ترك الواجب على فعل المحرم، أي فعل محظورات الإحرام التي فيها دم؛ لأن في الأمرين معاً انتهاكاً لحرمة النسك، فترك الواجب انتهاك لحرمة النسك، وفعل المحظور انتهاك لحرمة النسك، فيكون ابن عباس - رضي الله عنهما - بنى هذا الحكم على اجتهاد، وإذا بناه على اجتهاد، فإنه يكون قول صحابي وليس مرفوعاً.
ويبقى النظر، هل قول الصحابي حجة؟
الجواب: فيه خلاف بين العلماء مشهور في أصول الفقه، وهو عند الإمام أحمد - رحمه الله - حجة ما لم يخالف نصاً أو قول صحابي، فإن خالف نصاً فلا عبرة به، العبرة بالنص، وإن خالف قول صحابي طلب الترجيح بين القولين.
إذاً المسألة على هذا التقرير تكون من باب الاجتهاد، ونحن نفتي الناس بالدم، وإن كان في النفس شيء من ذلك، لكن من أجل انضباط الناس، وحملهم على فعل المناسك الواجبة بإلزامهم بهذا الشيء؛ لأن العامي إذا قلت له: ليس عليك إلا أن تستغفر الله وتتوب إليه، سهل الأمر عليه، مع أن التوبة النصوح أمرها صعب.
وفهم من قوله: "فإن شق أو لم يرجع فعليه دم" ، أن الإنسان ليس مخيراً بين أن يقوم بالواجب أو يذبح عنه فدية كما يظنه بعض الجهال، فبعض الجهال يقول: وقفت بعرفة ونزلت إلى مكة، وطفت طواف الإفاضة وسعيت وبقي المبيت بمزدلفة وبمنى ورمي الجمار وطواف الوداع، أو أذبح عشرة ذبائح وليس أربعة، فهذا ليس بجائز؛ لأن المسألة ليست مسألة تخيير لكن المسألة أنه إذا فات الواجب ولم يمكن تداركه فإنه يفدي بدم، وبعض الجهال يظن أنه مخير، ولهذا تجده يقول: أنا لا يهمني أتجاوز الميقات بلا إحرام، متى شئت أحرمت، والمسألة سهلة أذبح فدية، فهذا ليس بصحيح، ولكن إذا فات الواجب ولم يمكن تداركه فحينئذٍ نلزمه بالفدية، وهكذا بقية كفارات المعاصي ليس معناها أن الإنسان مخير بين فعل المعصية والكفارة، أو تركها، فهذا ليس بجائز، ولذلك يجب أن ننبه العوام وبعض طلبة العلم الذين علمهم قاصر، أن هذه الكفارات والفداءات ليس معناها أن الإنسان مخير بين أن يفعل المعصية أو يترك الواجب ويفعل هذه الفدية، بل إذا فات الأمر ولم يمكن تداركه فالفدية.
قوله: "وإن أخر طواف الزيارة، فطافه عند الخروج أجزأ عن الوداع" . طواف الزيارة هو طواف الإفاضة، أي: طواف الحج.
فإن قيل: كيف يجزئه عن طواف الوداع الذي هو واجب، وطواف الإفاضة ركن؟
فالجواب: أن المقصود من طواف الوداع أن يكون آخر عهده بالبيت وقد حصل بطواف الإفاضة، فيكون مجزئاً عن طواف الوداع، وهذا واضح فيما إذا كان من قارن، أو مفرد سعى بعد طواف القدوم؛ لأنه في هذه الحال ليس عليه إلا الطواف وينصرف، لكنه مشكل فيما إذا كان من متمتع؛ لأن المتمتع لا بد أن يطوف ويسعى؟
فقيل: إنه يقدم السعي على الطواف؛ لأن تقديم السعي على الطواف في الحج جائز؛ لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "لا حرج" .
وقال بعض العلماء: بل لا حاجة إلى ذلك، بل يقدم الطواف ويأتي بالسعي بعده، والسعي تابع للطواف فلا يضر أن يفصل بين الطواف وبين الخروج، واستدل البخاري - رحمه الله - على ذلك بأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أذن لعائشة - رضي الله عنها - أن تأتي بعمرة بعد تمام النسك، فأتت بعمرة فطافت وسعت وسافرت ، فحال السعي بين الطواف والخروج، وبأن النبي صلّى الله عليه وسلّم طاف للوداع ثم صلى صلاة الفجر وقرأ بالطور ثم خرج، فهذا يدل على أن مثل هذا الفصل لا يضر، وهذا عندي أقرب من القول بتقديم السعي؛ لأن هذا يحصل فيه الترتيب المشروع، وهو أن يقدم الطواف على السعي.
مسألة: جمع طواف الإفاضة وطواف الوداع لا يخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن ينوي طواف الإفاضة فقط.
الثانية: أن ينويهما جميعاً.
الثالثة: أن ينوي طواف الوداع فقط.
والصورة التي ذكرها المؤلف هي الصورة الأولى فقط.
فعلى هذا نقول: الصورة الأولى إذا نوى طواف الإفاضة ولم يكن عنده نية طواف الوداع، فيجزئ كما تجزئ الفريضة عن تحية المسجد.
وهذه أحسن الصور، لأن بعض العلماء قال: "إذا نواهما جميعاً لم يصح".
والصورة الثانية: إذا نواهما جميعاً فيجزئ أيضاً؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" .
والصورة الثالثة: إذا نوى طواف الوداع فقط ولم ينو طواف الإفاضة، فإنه لا يجزئه عن طواف الإفاضة ولا عن طواف الوداع.
وهذه مسألة يجب أن ينبه الناس عليها؛ لأن أكثرهم إذا أخر طواف الإفاضة فطافه عند الخروج نوى الوداع فقط، ولا طرأ على باله طواف الإفاضة، فنقول في هذه الحال: إنه لا يجزئه؛ لأن طواف الإفاضة ركن وطواف الوداع واجب فهو أعلى منه، ولا يجزئ الأدنى من الأعلى ولأنه لم ينو طواف الإفاضة، ولا يجزئه عن طواف الوداع، لأن من شرط طواف الوداع أن يكون بعد استكمال النسك، والنسك لم يتم.
لكن لو قال قائل: ألستم تقولون إن الرجل إذا حج عن نفسه قبل الفريضة ونواها نافلة فإنها تقع عن الفريضة؟
فالجواب: بلى نقول ذلك، وكذلك لو حج عن غيره ولم يحج عن نفسه مع وجوب الحج عليه فإن الحج يقع عن نفسه، والفرق أن مسألتنا جزء من حج بخلاف الحج كاملاً، فالحج كاملاً تكون الذمة فيه مشغولة بالفريضة، فإذا أدى ما دون الفريضة صار للفريضة، وأما هذا فهو جزء من عبادة، فإن طواف الوداع إن قلنا إنه من الحج فهو جزء منه، وإن قلنا: إنه مستقل فإنه لا يمكن أن يجزئ واجب عن ركن.
قوله: "ويقف غير الحائض بين الركن والباب داعياً بما ورد" ، أي: الحاج إذا ودع يقف بين الركن، أي: الحجر الأسود والباب، أي: باب الكعبة، ومسافته قليلة.
قال في الروض: "يلصق به وجهه وصدره وذراعيه وكفيه مبسوطتين" ، وهذا يسمى "الالتزام" عند أهل العلم، والمكان هذا يسمى "الملتزم"، وهذه مسألة اختلف فيها العلماء مع أنها لم ترد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وإنما جاءت عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - .
فهل الالتزام سنة، ومتى وقته، وهل هو عند القدوم، أو عند المغادرة، أو في كل وقت؟
وسبب الخلاف بين العلماء في هذا أنه لم ترد فيه سنة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، لكن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يفعلون ذلك عند القدوم.
والفقهاء قالوا: يفعله عند المغادرة فيلتزم في الملتزم، وهو ما بين الركن الذي فيه الحجر والباب، على الصفة التي ذكرها في الروض ويقول ما ورد، ثم ذكر صاحب الروض - رحمه الله - دعاءً طويلاً ومنه: "اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضى، وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري، وهذا أوان انصرافي إن أنت أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا راغب عنك ولا عن بيتك، اللهم فأصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير" ، ويدعو بما أحب، ويصلي على النبي صلّى الله عليه وسلّم. وعلى هذا فالالتزام لا بأس به ما لم يكن فيه أذية وضيق.
قوله: "وتقف الحائض ببابه" ، أي: باب المسجد.
قوله: "وتدعو بالدعاء" هكذا قال، ولا دليل لما قال إن الحائض تأتي وتقف بباب المسجد تدعو بهذا، والنبي صلّى الله عليه وسلّم، لما قيل له: إن صفية قد أفاضت قال: "فلتنفر" ، ولم يقل فلتأت إلى المسجد وتقف ببابه، مع دعاء الحاجة إلى بيانه لو كان مشروعاً، وعلى هذا فيكون هذا القول ضعيفاً لا يعمل به.
وبهذا انتهى الكلام على صفة الحج والعمرة، واعلم أن كل ما ذكرناه فإنه مبني على ما نعلمه من الأدلة، ومع هذا لو أن إنساناً اطلع على دليل يخالف ما قررناه فالواجب اتباع الدليل، لكن هذا جهد المقل - نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا -.
قوله: "وتستحب زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم وقبري صاحبيه".
والدليل أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بزيارة القبور، وهو عام يشمل قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم وقبر غيره، وأما ما استدل به بعضهم من حديث: "من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي" ، رواه الدارقطني ، فالحديث ضعيف بل موضوع مكذوب على النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم كله حق وهذا الحديث باطل.
فهل الذي يزور قبره بعد وفاته كالذي يزوره في حياته؟!
أبداً ولا يشبهه بأي حال من الأحوال.
وظاهر كلام المؤلف - رحمه الله -: أن الحاج إذا انتهى من الحج يشد الرحل إلى المدينة ليزور قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم وقبري صاحبيه، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء:
فمنهم من قال: إن شد الرحل إلى القبور لا بأس به؛ لأنه شد لعمل صالح، فالرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر بزيارة القبور، ولم ينه عن شد الرحل إليها بل قال: "زوروا القبور فإنها تذكر الآخرة" ، وخير قبور يشد إليها الرحل قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم وقبرا صاحبيه.
ومنهم من قال: إن شد الرحال لزيارة القبور مكروه.
ومنهم من قال: إنه محرم، وهو الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وقرره بأدلة إذا طالعها الإنسان تبين له أن ما ذهب إليه هو الحق.
قوله: "وصفة العمرة أن يحرم بها من الميقات أو من أدنى الحل من مكي ونحوه" فهي إحرام وطواف، وسعي، وحلق أو تقصير أربعة أشياء.
وقوله: "أن يحرم بها من الميقات" يعني إن مر به أو من محاذاته إن لم يمر به، أو مما دونه إن كان دون الميقات فيحرم بها على حسب ما مر في المواقيت.
وقوله: "أو من أدنى الحل، من مكي ونحوه" ، وأدنى الحل بالنسبة إلى الكعبة التنعيم، أما بالنسبة لمن أراد العمرة، فقد يكون التنعيم، وقد يكون غير التنعيم، فالذي في مزدلفة مثلاً أدنى الحل إليه عرفة، والذي في الجهة الغربية من مكة أدنى الحل إليه الحديبية، ولا يلزمه أن يقصد التنعيم، الذي عينه الرسول صلّى الله عليه وسلّم لعائشة - رضي الله عنها -، أو الجعرانة التي أحرم منها النبي صلّى الله عليه وسلّم حين رجع من غزوة حنين؛ لأن أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم لعائشة أن تحرم من التنعيم لكونه أقرب الحل إليها، وإحرامه من الجعرانة لكونه نازلاً بها.
وقوله: "من مكي ونحوه" المكي هو ساكن مكة، ونحوه: هو الآفاقي المقيم بمكة، فكلاهما يحرم من أدنى الحل، وقد سبق تقرير ذلك، وبيان شبهة من قال من أهل العلم: إن المكي يحرم من مكة لعموم الحديث، وهو قوله: "حتى أهل مكة من مكة" .
قوله: "لا من الحرم" ، أي: لا يحرم للعمرة من الحرم، فإن فعل انعقد إحرامه، ولكن يلزمه دم؛ لتركه الواجب، وهو الإحرام من الحل.
قوله: "فإذا طاف وسعى وقصر حل" ، لأن العمرة مكونة من إحرام، وطواف، وسعي، وحلق أو تقصير، وأسقط المؤلف ذكر الحلق بناء على أن مراده عمرة المتمتع.
قوله: "وتباح كل وقت" العمرة تباح في كل وقت حتى في يوم عيد النحر، وفي يوم عرفة، وفي أيام التشريق، فمثلاً لو أن أحداً قدم إلى مكة في يوم عرفة للعمرة صحت منه؛ لكن إن كان يريد الحج قلنا له: اذهب إلى عرفة ولا تتمتع؛ لأن وقت التمتع قد فات، ولكن أدخل الحج على العمرة لتكون قارناً.
وقوله: "تباح كل وقت" ، وأما الحج فله وقت مخصوص قال الله تعالى: { )الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ } [البقرة: 197] ، وأما العمرة فتباح كل وقت، ولكن على المشهور من المذهب بشرط ألا يحرم بها على الحج، ولذلك قالوا - رحمهم الله -: القران أن يدخل الحج على العمرة لا أن يدخل العمرة على الحج، وخالف في ذلك أصحاب الشافعي فقالوا: يجوز أن يدخل العمرة على الحج ويصير قارناً.
لم يذكر - رحمه الله - هل يسن أن يعتمر كل وقت، أو في السنة مرة، أو في الشهر مرة؟
لكن ذكر شيخ الإسلام - رحمه الله - في الفتاوى اتفاق السلف على أنه يكره تكرار العمرة.
وقال الإمام أحمد: "لا يعتمر إلا إذا حمَّمَ رأسُه" حمم أي: اُسود من الشعر، وبناء على هذا يكون ما يفعله العامة الآن من تكرار العمرة، ولا سيما في رمضان كل يوم، إن لم يكن بعضهم يعتمر في النهار عمرة وفي الليل عمرة، خلاف ما عليه السلف.
قال في الروض: "ويكره الإكثار والموالاة بينها باتفاق السلف قاله في المبتدع" لابن مفلح.
وأما قوله صلّى الله عليه وسلّم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما" ، فهو مطلق مقيد بعمل السلف رضوان الله عليهم.
قال في الروض: "ويستحب تكرارها في رمضان؛ لأنها تعدل حجة" هذا ليس بصحيح؛ لأن كراهة السلف لتكرارها عام في رمضان وفي غيره.
ولكن هل لها أوقات فاضلة؟ نعم، وفي رمضان تعدل حجة كما صح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، والصحيح أنها عامة خلافاً لمن قال: إن هذا الحديث ورد في المرأة التي تخلفت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحج فقال لها: "عمرة في رمضان تعدل حجة معي" ، فإن بعض العلماء قال: إن هذا خاص بهذه المرأة يريد أن يطيب قلبها، ولكن الصواب أنها عامة، وتسن أيضاً في أشهر الحج وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم خصها بالعمرة، وقد تردد ابن القيم - رحمه الله - أيهما أفضل: العمرة في أشهر الحج أو العمرة في رمضان؟ ولكن الظاهر أن العمرة في رمضان أفضل لقوله: "تعدل حجة" وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كرر العمرة في أشهر الحج؛ لتزول عقيدة أهل الجاهلية الذين يعتقدون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ويقولون: إذا عفا الأثر وبرأ الدبر ودخل صفر حلت العمرة لمن اعتمر، حتى يأتي الناس في غير أشهر الحج إلى مكة فيحصل ارتفاع اقتصادي.
مسألة: هل تباح يوم العيد؟
أما غير الحاج فيجوز في عيد الأضحى أن يأتي بعمرة، أما الحاج فلا إلا إذا تحلل التحلل الأول، فإنه يجوز أن يأتي بعمرة لأن إحرامه بالحج حينئذٍ ناقص، فقد تحلل من أكثر المحظورات، ولذلك عبر صاحب الفروع لما ذكر نص الإمام أحمد فيمن جامع بعد التحلل الأول، أنه يأتي بعمرة أو كلاماً نحو هذا، قال: فدل على أنه لو أحرم بعد تحلله الأول صح.
ولكن هل يشرع هذا؟
الجواب: لا يشرع بل يمنع.
قوله: "وتجزئ عن الفرض" ، أي: العمرة تجزئ عن الفرض في أي وقت أدّاها، فعمرة المتمتع تجزئ عن الفرض، وعمرة القارن تجزئ عن الفرض؛ لأن القارن أتى بعمرة وحج؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لعائشة: "طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك" ، فأثبت النبي صلّى الله عليه وسلّم لها حجاً وعمرةً.
مسألة: لو جعل القارن عمرته لشخص، وحجه لآخر؛ فقال الفقهاء - رحمهم الله -: يجوز؛ لأن القران وإن كان فعلاً واحداً لكنه نسكان، وإذا كان نسكين أجزأ أن يجعل نسكاً عن شخص، ونسكاً عن شخص آخر.
وأميل إلى أنه لا ينبغي، لكن لو فعل فلا أقول بالتحريم؛ لأن النبي جعلهما نسكين.
وأما المتمتع فواضح أنه يجوز؛ لأن كل نسك منفصل عن الآخر.
قوله: "وأركان الحج" ، سبق في أول المناسك شروط الحج: شروط وجوبه، وشروط صحته، وشروط إجزائه، وقد اعترض بعض الناس على هذا التقسيم: على الشروط، وعلى الأركان، وعلى الواجبات، والسنن، وقال أين هذا في كتاب الله، أو في سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ وإذا لم نجد ذلك في كتاب الله أو في سنة رسوله فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" ، فيرد على صاحبه، فيقال:
الأمور قسمان:
أمور غائية، وأمور وسيلة.
فأما الأمور الغائية فهي التي هي غاية ومقصودة لذاتها، فإنها لا تفعل إلا بإذن من الشرع، ولا يمكن لأحد أن يشرعها أو يتعبد لله بها.
وأما الأمور التي هي وسيلة فيقصد بها الوصول إلى الغاية، فهذه ليس لها حد شرعي، بل لها قاعدة شرعية وهي أن الوسائل لها أحكام المقاصد، والوسائل تختلف باختلاف الأزمان، واختلاف الأحوال، واختلاف الأماكن، واختلاف الأمم، وإذا كان كذلك فالوسائل بابها مفتوح، فالعلماء - رحمهم الله - رأوا أن من وسائل تقريب العلم إلى الأذهان، وإلى الحصر أن يقولوا: هذه شروط، وهذه أركان، وهذه واجبات، وهذه سنن، وقالوا: إن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد فعل هذا المبدأ فنجده أحياناً يقول: "ثلاثة لا يكلمهم الله" ، "سبعة يظلهم الله في ظله" ، مع أنهم لا ينحصرون في سبعة، ولا ينحصرون في ثلاثة، ولكن هذا من باب تقريب العلم للأفهام.
يبقى النظر فيما إذا قال: هذا شرط، أو هذا واجب، فهنا يطالب بالدليل فيقال له: من أين لك أن هذا شرط، وأن هذا واجب، وأن هذا ركن، وأن هذه سنة؟ هذا هو الذي يطالب فيه الإنسان بالدليل، أما تقسيم الأشياء إلى أقسام تقريباً للأفهام فإنه من باب الوسائل، ولو أردنا أن نسلك هذا المسلك لقلنا أيضاً تقسيم العلم إلى توحيد، وطهارة، وصلاة وزكاة وصيام وحج وبيوع ورهان وما أشبه ذلك، أيضاً هذا بدعة، أين في السنة أنها قسمت هكذا؟ فينبغي للإنسان أن يكون فهمه واسعاً، وأن يعرف مقاصد الشريعة، وأن لا يجعل الوسائل مقاصد، فإنه بذلك يضل، ويبدع أناساً كثيرين من أهل العلم المحققين.
حينئذٍ نقول: تقسيم العلم إلى أبواب ليس به بأس، وتقسيم الأبواب إلى شروط، وأركان، وواجبات، ومستحبات ليس به بأس؛ لأننا نريد أن نقرب العلم كما كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يستعمل تقريب العلم، لكن بأساليب مختلفة.
وقوله: "وأركان" : جمع ركن، والركن هو جانب البيت الأقوى، وهي التي تسمى عندنا بالزاوية، وهي أقوى ما في الجدار، وسمي ركناً؛ لأن بعضه يسند بعضاً حيث يتلاقى به طرفا الجدار لأن جانب الشيء الأقوى يسمى ركناً.
قوله: "الإحرام" هذا هو الركن الأول، سبق لنا أن الإحرام هو نية النسك، وليس لبس ثوب الإحرام؛ لأن الإنسان قد ينوي النسك فيكون محرماً ولو كان عليه قميصه وإزاره، ولا يكون محرماً ولو لبس الإزار والرداء إذا لم ينو.
والنية محلها القلب فيكون داخلاً في النسك إذا نوى أنه داخل فيه، لكن يجب أن تعرف الفرق بين من نوى أن يحج، ومن نوى الدخول في الحج، فالثاني هو الركن، أما من نوى أن يحج فلم يحرم، فلا صلة له بالركن ولهذا ينوي الإنسان الحج من رمضان ومن رجب ومن قبل ذلك، ولا نقول إن الرجل تلبس بالنسك أو دخل في النسك أو أحرم.
وهل يشترط مع النية لفظ؟ الصحيح أنه لا يشترط.
ومن العلماء من قال: إنه لا بد من التلبية مع النية، وجعل التلبية بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة.
والدليل على أن الإحرام ركن، قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" .
قوله: "والوقوف" هذا هو الركن الثاني، أي: بعرفة؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "الحج عرفة" ، ولقوله تعالى: { فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ } [البقرة: 198] ، فقوله: { فَإِذَا أَفَضْتُمْ } يدل على أن الوقوف بعرفة لا بد منه، وأنه أمر مسلم وأن الوقوف بالمزدلفة بعد الوقوف بعرفة.
قوله: "وطواف الزيارة" ، هذا هو الركن الثالث.
ويقال له: طواف الإفاضة، وهو الطواف الذي يقع في يوم العيد أو ما بعده ومراده الطواف بالبيت.
ويشترط أن يقع بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة، فلا يصح أن يطوف قبل عرفة ولا مزدلفة، لا بد أن يطوف بعدهما لقول الله تعالى: { فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ } [البقرة: 198] ، فمزدلفة تلي عرفة، وقال لما ذكر ذكر النحر والذبح: { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج] ، فجعل الطواف بعد الوصول إلى منى هو كذلك، وعليه فيشترط لصحة طواف الإفاضة أن يكون بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة، وعليه فلو أن الإنسان انطلق من عرفة ليطوف طواف الإفاضة، ثم عاد إلى مزدلفة وبات بها، فطوافه لا يصح ويكون نفلاً.
ودليل ذلك قوله تعالى: )ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج:29)
الشاهد قوله: { وَلْيَطَّوَّفُوا }؛ لأن الجملة هذه فعل مضارع مقرون بلام الأمر فيكون أمراً.
قوله: "والسعي" هذا هو الركن الرابع، وهو المذهب، وقيل: إنه واجب يجبر بدم، وقيل: إنه سنة، وهذا أضعف الأقوال، وأصح الأقوال أنه ركن لا يتم الحج إلا به، والدليل على ذلك ما يلي:
أولاً: قوله تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } [البقرة: 158] .
ثانياً : قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" .
ثالثاً : قول عائشة - رضي الله عنها -: "والله ما أتم الله حج رجل ولا عمرته لم يطف بهما" ، أي: بالصفا والمروة.
فإن قال قائل: كيف تقولون: إن السعي بين الصفا والمروة ركن، وقد قال الله تعالى: { فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا } ونفي الجناح لا يدل على الوجوب، بل يدل على رفع الإثم فقط، فكيف تجعلونه ركناً لا يصح الحج إلا به؟! هذا إيراد وارد.
قلنا: إن قول الله تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } يكفي دليلاً في مشروعية السعي حيث جعلهما من شعائر الله، وقد قال الله تعالى: { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج:32 } والطواف بهما تعظيم لهما، فيكون قوله تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } دليلاً على أن من طاف بهما فقد عظم شعائر الله وأنه لا جناح عليه.
وأما قوله: { فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا }، فهذا رفع توهم وقع من بعض الناس حين نزول الآية، وذلك أنه كان على الصفا والمروة صنمان يعبدان من دون الله، فتحرج المسلمون من أن يطوفوا بالصفا والمروة، وعليهما صنمان قبل الإسلام، فنفى الله - سبحانه وتعالى - ذلك الجناح؛ ليرتفع الحرج عن صدورهم، فكان الغرض من نفي الجناح رفع الحرج عن صدورهم، حتى لا يبقى فيها قلق.
هذه أربعة أركان.
مسألة: زاد بعض العلماء المبيت بالمزدلفة، واستدلوا بقوله تعالى: { فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [البقرة: 198، 199] ، ويقول النبي صلّى الله عليه وسلّم في حديث عروة بن المضرس - رضي الله عنه -: "من شهد صلاتنا هذه - يعني الفجر - ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه" ، ففهم منه أن من لم يقف بالمزدلفة لم يتم حجه، وإلى هذا ذهب بعض السلف والخلف، وهو بلا شك قول قوي وقد مال إليه ابن القيم.
لكن الذين قالوا: إنه ليس بركن، قالوا: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "الحج عرفة، من جاء قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك" .
وأجابوا عن حديث عروة - رضي الله عنه - بأن الإتمام يكون على وجوه: تارة يكون إتماماً لا يصح الشيء إلا به، وتارة يكون إتماماً يصح الشيء بدونه مع التحريم، وتارة يكون إتماماً يصح الشيء بدونه مع نفي التحريم، والمراد بالإتمام في حديث عروة بالنسبة للمزدلفة إتمام الواجب الذي تصح العبادة بدونه، وهذا هو رأي الجمهور.
ومن العلماء من قال: إن الوقوف بالمزدلفة سنة وليس بركن ولا واجب؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "الحج عرفة".
لكن أعدل الأقوال وأصوبها أنه واجب، وليس بركن والإنسان يتحرج أن يقول لشخص وقف بعرفة وطاف وسعى ولكنه يقف بالمزدلفة: إنه لا حج لك، ولكن يقول له: حجك صحيح وعليك دم، كما سيأتي في الواجبات.
قوله: "وواجباته" ، أي: واجبات الحج. والفرق بين الواجب والركن أن الواجب يصح الحج بدونه، والركن لا يصح إلا به.
قوله: "الإحرام من الميقات المعتبر له" ، هذا هو الأول من واجبات الحج، الإحرام من الميقات المعتبر له، أما أصل الإحرام فهو ركن.
ولو قال المؤلف: أن يكون الإحرام من الميقات لكان أوضح؛ لأنه إذا قال: الإحرام من الميقات، فقد يظن الظان أن الإحرام من الميقات - أيضاً - من الواجبات، وقد سبق أن المواقيت خمسة، وأن من مر بها يريد النسك وجب عليه الإحرام، ومن كان دونها فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة يحرمون من مكة إلا في العمرة، فيحرمون من أدنى الحل، وقد سبق بيان ما هو الميقات المعتبر، فالميقات المعتبر هي المواقيت الخمسة.
والدليل على الوجوب قوله صلّى الله عليه وسلّم: "يهل أهل المدينة...." ، وهذا خبر بمعنى الأمر، والدليل على أنه بمعنى الأمر قوله صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه ابن عمر - رضي الله عنهما -: "فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأهل المدينة ذا الحليفة" .
قوله: "والوقوف بعرفة إلى الغروب" ، هذا هو الثاني من واجبات الحج، الوقوف بعرفة إلى الغروب، أي: أن يستمر في عرفة إذا وقف نهاراً إلى أن تغرب الشمس، وعلى هذا فلا يحل أن يخرج الإنسان من عرفة قبل غروب الشمس؛ لأن البقاء فيها حتى تغيب الشمس أمر واجب.
وزعم بعض العلماء أنه لا يجب الوقوف إلى الغروب، لحديث عروة بن المضرس - رضي الله عنه - حين قال صلّى الله عليه وسلّم: "وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه" ، فمن وقف نهاراً، ودفع قبل الغروب صدق عليه هذا الحكم الذي نطق به النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو أنه قد تم حجه وقضى تفثه، ولكن الصحيح أن الوقوف بعرفة إلى الغروب واجب للأدلة الآتية:
أولاً: مكث النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها إلى الغروب مع أنه لو دفع بالنهار لكان أرفق بالناس؛ لأنه لو دفع بالنهار كان ضوء النهار معيناً للناس على السير، وإذا دفع بعد الغروب حل الظلام، ولا سيما في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والناس يمشون على الإبل والأقدام فينتشر الظلام قبل الوصول إلى مزدلفة.
فإن قال قائل: في تلك الليلة يكون القمر مضيئاً فلا يحصل بالسير بعد الغروب مشقة؟
فالجواب أن نقول: أفلا يمكن في تلك الليلة أن يوجد سحاب؟
الجواب: بلى يمكن أن يكون هناك سحاب، إما في السنة التي حج فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإما في غيرها، والنبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم أن مفاتيح السماء بيد الله - عزّ وجل - هو الذي ينشئ السحاب، وإذا لم يكن سحاب في تلك السنة، فيمكن أن يكون في السنوات الأخرى، إذاً فتأخير الرسول صلّى الله عليه وسلّم الدفع من عرفة إلى ما بعد الغروب، وتركه للأيسر يدل على أن الأيسر ممتنع، ودليل ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: "ما خيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً" .
ثانياً: أن الدفع قبل الغروب فيه مشابهة لأهل الجاهلية حيث يدفعون قبل غروب الشمس، إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال، كعمائم الرجال على رؤوس الرجال، فلو دفع إنسان في مثل هذا الوقت لشابههم، ومشابهة الكفار في عباداتهم محرمة.
ثالثاً: أن تأخير الرسول صلّى الله عليه وسلّم الدفع إلى ما بعد غروب الشمس، ثم مبادرته به قبل أن يصلي المغرب - مع أن وقت المغرب قد دخل - يدل على أنه لا بد من البقاء إلى هذا الوقت، وأنه صلّى الله عليه وسلّم ممنوع من الدفع حتى تغرب الشمس، ولذلك بادر، فلو كان الدفع قبل غروب الشمس جائزاً لدفع قبل غروب الشمس، ووصل إلى مزدلفة في وقت المغرب، وصلى فيها المغرب مطمئناً.
وعلى هذا فإن قيل: ما الجواب عن حديث عروة؟
قلنا: الجواب عن حديث عروة - رضي الله عنه -: ما أسلفنا أن تمام الشيء قد يكون تمام واجب، أو ركن، أو سنة.
وأيضاً حديث عروة مطلق: "وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً" ، فقيد بفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو أنه وقف إلى الغروب، والمقيد يحكم على المطلق.
قوله: "والمبيت لغير أهل السقاية والرعاية بمنى ومزدلفة إلى بعد نصف الليل" ، هذا هو الركن الثالث والرابع من واجبات الإحرام.
فقوله: "والمبيت لغير أهل السقاية والرعاية بمنى..." ، المراد المبيت بمنى في ليالي أيام التشريق دون المبيت في ليلة التاسع، فإن المبيت في منى ليلة التاسع ليس بواجب، بل هو سنة، أما المبيت ليالي أيام التشريق بمنى فواجب، والدليل ما يلي:
أولاً : ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: "رخص لعمه العباس أن يبيت في مكة ليالي التشريق من أجل السقاية" ، والرخصة تقابلها عزيمة؛ لأن السقاية كانت بيد العباس، فكان - رضي الله عنه - يسقي الحجاج ماء زمزم مجاناً تعبداً لله - عزّ وجل -، وإظهاراً لكرم الضيافة، وفي الجاهلية استجلاباً للناس أن يحجوا لأن أهل مكة ينتفعون اقتصادياً من الحجاج، فيسهلون لهم الأمور، ويخدمونهم من أجل تشجيعهم على الحج.
ثانياً : قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لتأخذوا عني مناسككم" ، وقد بات في منى.
وقيل: إنه سنة وليس بواجب، والإمام أحمد لما قيل له إن فلاناً يقول في تركه دم ضحك - رحمه الله - وقال: هذا شديد، وهذا يدل على أنه يرى أن المبيت بمنى سنة.
أما المبيت بمزدلفة فقوله - رحمه الله - أنه واجب من واجبات الحج قول وسط بين قولين:
أحدهما: أن المبيت بها ركن من أركان الحج والآخر أنه سنّة، وقد سبق بيان ذلك .
وقوله: "لغير أهل السقاية والرعاية" ، أهل السقاية أي: سقاية الحجاج من زمزم، والرعاية رعاية إبل الحجاج، وذلك أن الناس فيما سبق يحجون على الإبل، فإذا نزلوا في منى احتاجوا إلى من يرعى إبلهم؛ لأن بقاءها في منى فيه تضييق، وربما لا يتوفر لها العلف الكافي؛ لهذا يذهب بها الرعاة إلى محلات أخرى من أجل الرعي، وقد رخص النبي - صلّى الله عليه وسلّم - للرعاة أن يدعوا المبيت بمنى ليالي منى لاشتغالهم برعاية الإبل .
مسألة: هل يلحق بهؤلاء من يماثلهم ممن يشتغلون بمصالح الحجيج العامة كرجال المرور، وصيانة أنابيب المياه، والمستشفيات وغيرها أو لا؟
الجواب: نعم يلحقون بهؤلاء لتمام أركان القياس، فإن القياس إلحاق فرع بأصل في حكم لعلة جامعة، وهذا موجود تماماً فيمن يشتغلون بمصالح الحجيج، وعليه فيقاس على الرعاة والسقاة من يشتغلون بمصالح الناس في هذه الأيام، فيرخص لهم أن يبيتوا خارج منى.
ومن له عذر خاص كمريض ينقل للمستشفى خارج منى، هل يقاس على هؤلاء أو لا يقاس؟
قال بعض أهل العلم: إنه يقاس بجامع العذر في كل منهم.
وقال بعض العلماء: إنه لا يقاس على هؤلاء؛ لأن هذا عذره خاص، والسقاة والرعاة عذرهم عام للمصلحة العامة، فهو لا يشبه الرعاية والولاية، والذي عذره خاص فهذا ينظر في أمره هل يرخص له في ترك المبيت ويقال: إن عليك فدية لترك المبيت، أو يقال لا فدية عليك؟ ولكن قياسه على الرعاة والسقاة قياس مع الفارق.
ولكن ليعلم أن المبيت في منى ليس بذاك المؤكد كالرمي مثلاً، والدليل على هذا أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يسقط الرمي عن الرعاة، وأسقط المبيت عنهم ، فدل هذا على أن المبيت في منى - وإن عددناه من الواجبات - أهون من الرمي؛ ولهذا يخطئ بعض الناس - فيما نرى - أنه إذا قيل له: رجل لم يبت في منى ليلة واحدة قال: عليه دم، وهو لو قال: عليه دم إذا ترك ليلتين لكان له شيء من الوجه؛ لأنه ترك جنساً من الواجبات، أما إذا ترك ليلة من الليالي فنقول: عليه دم، مع أن الوجوب فيه نظر، ثم الوجوب إنما يكون إذا ترك هذا الجنس من الواجب، أما إذا ترك جزءاً منه فإيجاب الدم عليه فيه نظر واضح، ولهذا كان الإمام أحمد - رحمه الله - أحياناً يقول: عليه قبضة من طعام، أي: ملئ اليد. وبعض العلماء يقول: درهم وما أشبه ذلك.
وقوله: "لغير أهل السقاية والرعاية" .
يفهم منه أن أهل السقاية والرعاية يجوز لهم ترك المبيت بالمزدلفة، ولا أعلم لهذا دليلاً من السنة أن الناس يسقون ليلة المزدلفة، ولا أن الرعاة يذهبون بالإبل ليلة المزدلفة لما يلي:
أولاً: الرعاة لا حاجة لهم إلى الرعي في ليلة المزدلفة، بل الرواحل عند الناس؛ لأنهم سيرتحلون، فكيف تذهب ترعى في الليل وهم جاؤوا بها من عرفة وأناخوها في مزدلفة وستبقى تنتظر ارتحالهم في صباح تلك الليلة، هل في هذا حاجة للرعاة؟ لا والسقاة أيضاً، فإن الناس لن يذهبوا إلى مكة يشربون ماء زمزم قبل أن يستوطنوا في منى، فاستثناء السقاة والرعاة من وجوب المبيت بالمزدلفة فيه نظر ظاهر.
ثانياً: لعدم ورود السنة به.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الرابع)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الاول)
» صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الثاني )
» صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الثالث )
» صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الخامس والاخير)
» ملف الحج والعمرة (واجبات لازمة قبل أداء الحج)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: