ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الثالث )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الثالث ) Empty
مُساهمةموضوع: صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الثالث )   صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الثالث ) Emptyالخميس يوليو 21, 2011 7:50 am

صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الثالث ) SE8l7-I2Ci_372676241

صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الثالث )
وأما السعي قبل الطواف، فإن من العلماء من قال: لا يجزئ السعي قبل الطواف؛ لأن الله تعالى قال: { )ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } [الحج] ، فذكر الطواف بالبيت بعد قضاء التفث وإيفاء النذور.
وأما قوله في الحديث: "سعيت قبل أن أطوف" ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لا حرج، فطعنوا فيه، أو أوَّلوه، وقالوا: المراد بذلك سعي الحج لمن كان قارناً أو مفرداً.
والصحيح جواز تقديم سعي الحج على طواف الإفاضة والجواب عن المعارض.
أولاً: بالنسبة للحديث فالحديث صحيح، ولا مطعن فيه، وبالنسبة لتأويله: فإن هذا الرجل لم يسأل عن سعي سبق منذ أيام وإنما سأل عن سعي حصل في ذلك اليوم كما تقتضيه حال السائل.
وأيضاً فقد علم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان سعى بعد طواف القدوم فالسؤال عنه ضرب من اللغو.
ثانياً: وأما بالنسبة للآية فإن السعي لم يذكر فيها لأنه لا يلزم جميع الناس، فالقارن والمفرد لا سعي عليهما بعد طواف الإفاضة إن كانا فعلاه بعد طواف القدوم، والمتمتع في وجوب السعي عليه في الحج قولان للعلماء وقد سبق.
قوله: "ثم يفيض إلى مكة" ، يفيض مأخوذ من فاض الماء إذا ساح، أي: يفيض الحاج إلى مكة، أي: ينزل الحجاج من منى إلى مكة، في ضحى يوم النحر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أفاض إليها في الضحى .
قوله: "ويطوف القارن والمفرد بنية الفريضة طواف الزيارة" أفادنا المؤلف - رحمه الله - أن هذا طواف فرض؛ لقوله: "بنية الفريضة" ، وأنه لا بد من نيته وأنه فرض، وسبق الخلاف في هذه المسألة، وبينا أن الطواف، والسعي، والرمي، وما أشبهها كلها تعتبر أجزاء من عبادة واحدة، وأن النية في أولها كافية عن النية في بقية أجزائها؛ لأن الحج عبادة مركبة من هذه الأجزاء، فإذا نوى في أولها أجزأ عن الجميع، كما لو نوى الصلاة من أولها.
وقوله: "ويطوف القارن والمفرد" ، أفاد أن المتمتع لا يطوف وليس كذلك، وإنما أراد - رحمه الله - بالنص على المفرد والقارن دفع ما قيل من أن المفرد والقارن يطوفان للقدوم أولاً إذا لم يكونا دخلا مكة من قبل، ثم يطوفان للزيارة، فيطوفان طوافين:
الأول للقدوم، والثاني للزيارة، فيلزمهما على هذا طوافان إذا لم يكونا دخلاها من قبل؛ لأنه من الجائز لهما شرعاً أن يذهبا من الميقات رأساً، إلى منى أو إلى عرفة دون أن يطوفا للقدوم بخلاف المتمتع، فالمتمتع لا يتأتى في حقه ذلك؛ لأنه لا بد أن يدخل مكة، ويتم عمرته.
وما ذهب إليه المؤلف - رحمه الله - هو الصواب، بل المتعين؛ وذلك أنه اجتمع عند المفرد والقارن اللذين لم يدخلا مكة من قبل طواف قدوم وطواف فرض، فاكتفي بطواف الفرض عن طواف القدوم، كما لو دخل الإنسان المسجد وقد أقيمت الصلاة، أو لم تقم وأراد أن يصلي الفريضة، فإن ذلك يجزئ عن تحية المسجد.
والقياس هنا قياس جلي واضح، ثم إنه لم ينقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه أن أحداً منهم طاف مرتين في يوم العيد، مع أن بعض أصحابه لم يكن دخل مكة، مثل عروة بن مضرس رضي الله عنه .
والمذهب أن المتمتع أيضاً يطوف طواف القدوم، لكن يطوف للقدوم بلا رمل، ولا يقال بلا اضطباع؛ لأنه قد حل ولبس ثيابه.
والصواب خلاف ذلك، وأنه لا طواف للقدوم، لا في حق المفرد والقارن مطلقاً، ولا في حق المتمتع كذلك.
وقوله: "طواف الزيارة" ، سمي بذلك لأنه يقع بعد رجوع الحجاج من عرفة، وهي من الحل فكان القادم منها كالزائر ويسمى أيضاً طواف الإفاضة لأن الناس يفيضون إليه بعد وقوفهم في عرفة، قال الله تعالى: { ) فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ } [البقرة: 198] .
قوله: "وأول وقته بعد نصف ليلة النحر" ، الضمير يعود على طواف الزيارة، أي: أول وقته بعد نصف ليلة النحر، ولكن بشرط أن يسبقه الوقوف بعرفة وبمزدلفة، فلو طاف بعد منتصف ليلة النحر، ثم خرج إلى عرفة ومزدلفة، فإنه لا يجزئه، ولو أن المؤلف - رحمه الله - قيد ذلك لكان أوضح، على أنه ربما يقال: إن هذا معلوم من قوله في أول الفصل "ثم يفيض" لكن لا بد من ذكره.
والدليل قول الله تبارك وتعالى: { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } [الحج] ، ولا يمكن قضاء التفث، ووفاء النذر إلا بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة.
قوله: "ويسن في يومه" ، أي: ويسن طواف الزيارة في يوم العيد اتباعاً لسنة الرسول صلّى الله عليه وسلّم: فإنه طاف في يوم العيد .
قوله: "وله تأخيره" ، أي: تأخير طواف الإفاضة عن أيام منى، وعن شهر ذي الحجة، وله تأخيره إلى ربيع، وإلى رمضان وإلى عشر سنوات وأكثر؛ لأن المؤلف لم يقيده بزمن فلم يقل له تأخيره إلى كذا.
ولكن يبقى عليه التحلل الثاني، حتى يطوف، وما ذهب إليه المؤلف - رحمه الله - من أن له تأخيره إلى ما لا نهاية له ضعيف.
والصواب أنه لا يجوز تأخيره عن شهر ذي الحجة، إلا إذا كان هناك عذر، كمرض لا يستطيع معه الطواف لا ماشياً، ولا محمولاً، أو امرأة نفست قبل أن تطوف طواف الإفاضة، فهنا ستبقى لمدة شهر أو أكثر.
أما إذا كان لغير عذر، فإنه لا يحل له أن يؤخره، بل يجب أن يبادر به قبل أن ينتهي شهر ذي الحجة.
وعُلم من كلام المؤلف أنه لا يجب أن يطوف طواف الإفاضة يوم العيد؛ لقوله: "ويسن في يومه، وله تأخيره" .
وعُلم منه أيضاً أنه يبقى على حله الأول إذا أخر طواف الإفاضة عن يوم العيد، وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء، بل حكي إجماعاً أنه لا يعود حراماً، لو أخره حتى تغرب الشمس من يوم العيد.
ولكن ذكر في هذا خلاف عن بعض التابعين لحديث ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك: "إن هذا اليوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم منه إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرماً كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به" . ولكنه لا يعوّل عليه لشذوذه، وعدم عمل الأمة به وقد قيل: إن أول من عمل به عروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة السبعة، فحكم شرعي لم يعمل به إلا واحد من التابعين، لا يمكن أن يقال: إنه حديث صحيح؛ وذلك أن الأمة لا يمكن أن تخالف مثل هذا الحديث الذي تتوافر الهمم والدواعي على نقله والعمل به، لأنه من المعلوم أنه ليس كل الحجيج يطوفون طواف الإفاضة في يوم العيد.
ثم إنه إذا انتهى من إحرامه فقد حل، ولا يعود لكونه محرماً إلا إذا عقد إحراماً جديداً، أما مجرد عدم المبادرة بطواف الإفاضة، فإنه لا يمكن أن يكون سبباً لعود التحريم بلا نية؛ لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" .
قوله: "ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً" ، أي: يسعى بين الصفا والمروة على صفة ما سبق يبدأ بالصفا أولاً، ويختم بالمروة إن كان متمتعاً، والمتمتع هو الذي أحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم حلَّ منها، وأحرم بالحج من عامه.
فيلزمه أن يسعى مطلقاً؛ وذلك لأنه يلزمه طوافان، وسعيان، طواف للعمرة، وطواف للحج، وسعي للعمرة وسعي للحج.
قوله: "أو غيره" ، أي: غير متمتع، وهو المفرد والقارن.
قوله: "ولم يكن سعى مع طواف القدوم" ، أي: فإن سعى فلا يعيد السعي، لقول جابر - رضي الله عنه -: "لم يطف النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا أصحابه بالصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول" . ولأنه لا يجب في الحج سعيان، فإن قال قائل: قد أوجبتم طوافين، طواف القدوم وطواف الإفاضة؟ فالجواب: أننا لم نوجب طواف القدوم، بل هو سنة؛ وذلك لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه سعوا بعد طواف القدوم، وظاهر هذا الحديث أن المتمتع لا يسعى؛ لأن كثيراً من الصحابة تمتعوا؛ لأنهم لم يسوقوا الهدي، وقد أمرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم بالتمتع، ولكن هذا الظاهر يجب حمله على أن المراد بأصحابه الذين بقوا على إحرامهم لسوقهم الهدي، فهو عام أريد به الخاص، ويدل على هذا ما رواه البخاري من حديثي عائشة وابن عباس - رضي الله عنهم -، ثم إن نسك العمرة انفصل عن نسك الحج فبينهما حل تام، فكيف يقال: إن السعي الذي قام به المتمتع أولاً يكفي عن سعي الحج، هذا لا يمكن أن يقال به، ثم يقال: لو قلتم إنه سعيُ الحج قُدِّمَ فلا يَصح كيف يقدم سعي الحج قبل الإحرام بالحج؟ وهل يمكن أن يركع الإنسان قبل أن يدخل في الصلاة؟ لا يمكن، وليس لمن قال: إن المتمتع يكفيه سعي واحد إلا ما يفيده ظاهر حديث جابر - رضي الله عنه -: "لم يطف النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً الطواف الأول" ، والإجابة عن هذا سهلة جداً بأن يقال المراد بأصحابه الذي لم يحلوا وكانوا مثله.
وهذا هو الصحيح أن المتمتع يلزمه سعي للحج، كما يلزمه سعي للعمرة.
وقوله: "ولم يكن سعى مع طواف القدوم" ، يفهم من كلام المؤلف أن القارن والمفرد، يجوز لهما أن يقدما سعي الحج بعد طواف القدوم، ويجوز أن يؤخراه، وكل هذا جائز، ولكن الأفضل - والله أعلم - أن يقدماه بعد طواف القدوم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدمه.
على أنه قد يقول قائل: أنا أنازع في هذا الاستدلال؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قدمه ليعلم أصحابه كيف يسعون، وعامة أصحابه يحتاجون إلى معرفة السعي؛ لأنهم تمتعوا، فلا يدل تقديمه إياه على وجه قطعي أن الأفضل تقديم السعي للمفرد والقارن بعد طواف القدوم، لكن نجيب عن هذا الإيراد بأن الأصل، في فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه سنة، واحتمال أن يكون ذلك من أجل أن يعلم أصحابه وارد، لكن إبقاء النص على ظاهره أولى، ولأنه في الغالب إذا سعى بعد طواف القدوم يكون أسهل؛ لأن الزحام حينئذٍ يكون أخف من الزحام في يوم العيد، وأيام التشريق.
وقوله: "ولم يكن سعى مع طواف القدوم" ، يفيد بأن تقديم سعي الحج للقارن والمفرد لا يكون إلا إذا وقع بعد طواف القدوم، أريد بهذا لو قدم السعي على طواف القدوم لا يجزئ؛ لأنه لم يكن بعد طواف نسك، وبه نعرف خطأ من أفتى أهل مكة الذين يحرمون بالحج من مكة أن يطوفوا بالبيت وبالصفا والمروة بنية سعي الحج؛ ووجه الخطأ أن هؤلاء لا قدوم لهم؛ لأن طواف القدوم يشرع لمن يأتي من خارج مكة، وأهل مكة طوافهم ليس طواف قدوم، فلا يجزئهم تقديم السعي وهذه الفتوى وهم لا أساس لها من الأدلة.
قوله: "ثم قد حل له كل شيء" ، أي: حلَّ للحاج كل شيء، وهذا عام أريد به الخاص، أي: كل شيء حرم عليه بالإحرام، فإنه يحل له إذا طاف طواف الإفاضة، وسعى سعي الحج، إذا كان متمتعاً، أو كان مفرداً، أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم.
وفي هذا دليل على أن العام ولو كان بلفظ "كل" قد يراد به الخاص، والذي يعين أن المراد به الخاص السياق أو القرينة.
ومن ذلك قوله تعالى: { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا } [الأحقاف: 25] ، أي: ريح عاد، فهل دمرت السموات والأرض؟
الجواب: لا، بل ولا المساكن لم تدمرها، قال تعالى: { فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ } [الأحقاف: 25] ، فالمراد بـ "كل شيء" ، أي: مما أمرت أن تدمره، أو "كل شيء" مما يتعلق بهؤلاء القوم الذين كذبوا هوداً عليه السلام.
وقوله: "ثم قد حل له كل شيء" ، أي: حتى النساء، فيمكن للرجل إذا كان أهله معه أن يستمتع بأهله في آخر يوم العيد، بعد أن يرمي، ويحلق أو يقصر، ويطوف ويسعى.
وهل يمكن أن يستمتع بأهله ليلة العيد؟
الجواب: على كلام المؤلف، إذا كان يجوز الدفع من مزدلفة بعد منتصف الليل فدفع ورمى، وذهب إلى مكة وطاف وسعى، قبل الفجر فيمكن، وخصوصاً في أيامنا هذه حيث المواصلات سهلة، لكن على الذي اخترناه من أنه لا يدفع إلا في آخر الليل فقد يكون هذا متعذراً.
قوله: "ثم يشرب من ماء زمزم" ، ظاهر كلامه أنه يشرب من ماء زمزم بعد السعي، وليس مراداً بل يشرب من ماء زمزم بعد الطواف؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم شرب من ماء زمزم بعد الطواف كما يدل عليه حديث جابر ، إذ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يسع للحج؛ لأنه سعى مع طواف القدوم.
مسألة: هل الشرب من ماء زمزم بعد الطواف سنة مقصودة؟
الجواب : عندي في هذا تردد يعني كونه يقع بعد الطواف، أما أصل الشرب من ماء زمزم فسنة، ولكن كونه بعد الطواف، يحتمل أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم فعل هذا لأنه أيسر له أو أنه - عليه الصلاة والسلام - عطش بعد الطواف، أو ليستعد للسعي، لكن اشرب فهو خير.
مسألة: القول بأن يشرع شرب ماء زمزم واقفاً ليس بصواب لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما شرب واقفاً لضيق المكان، فإن الدلو إذا رفع للنبي صلّى الله عليه وسلّم فالمكان واسع ولكنه لو جلس لضاق المكان.
قوله: "لما أحب" اللام للتعليل، أي: أن ينويه لما أحب، فإذا كان مريضاً وشرب من أجل أن يذهب مرضه فليفعل ويشفى بإذن الله، وإذا كان عطشان وشرب لأجل الري فليفعل ويروى بإذن الله، وإذا كان كثير النسيان فشرب ليقوى حفظه فليفعل، وقد فعل ذلك بعض المحدثين، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "ماء زمزم لما شرب له" ، والحديث حسن، وهذا فيه تردد، أما شربه لإزالة العطش فواضح، ولرفع الجوع واضح، وللمرض واضح، لأن المرض علة بدنية عضوية يمكن أن يزول بشرب زمزم كما يزول العطش والجوع، لكن المسائل المعنوية العقلية، الإنسان يشك في هذا، إلا أن نقول: لا يضرك، انوِ ما تريد، إن كان الحديث يتناوله حصل المقصود، وإلا لم تأثم، لو شربه الفقير للغنى؟ نقول: إذا كنا نتردد في شربه للحفظ فمن باب أولى للغنى، ولو شربه إنسان خطب امرأة وهو بين الرد والإجابة، وشربه لأجل أن يجيبوه إذا أخذنا بالعموم قلنا: "لما شرب له" ، ولكن مثل هذا لا يظهر لي - والله أعلم - أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أراده؛ لأن هذه لا علاقة لها بالبدن الذي يستفيد بالشرب.
قوله: "ويتضلع منه" ، أي: يملأ بطنه حتى يمتلئ ما بين أضلاعه؛ لأن هذا الماء خير، وقد ورد حديث في ذلك لكن فيه نظر وهو: "أن آية ما بيننا وبين المنافقين إنهم لا يتضلعون من ماء زمزم" ، لأن المؤمن يؤمن بأنه شفاء، ونافع، والمنافق لا يؤمن بهذا، فالمنافق لا يشرب منه إلا عند الضرورة لدفعها فقط، والمؤمن يتضلع رجاء بركته التي جاءت في الحديث: "ماء زمزم لما شرب له" ، وذلك لأن ماء زمزم ليس عذباً حلواً، بل يميل إلى الملوحة، والإنسان المؤمن لا يشرب من هذا الماء الذي يميل إلى الملوحة إلا إيماناً بما فيه من البركة، فيكون التضلع منه دليلاً على الإيمان.
قال بعضهم: ويستقبل القبلة، ولكن هذا ضعيف لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم شرب من زمزم ولم يرد عنه أنه استقبل القبلة ولا أنه رفع يديه يدعو بعد ذلك.
فإن قال قائل: هل يفعل شيئاً آخر كالرش على البدن وعلى الثوب، أو أن يغسل به أثواباً يجعلها لكفنه، كما كان الناس يفعلون ذلك من قبل؟
فالجواب: لا، فنحن لا نتجاوز في التبرك ما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلا نتجاوز إليه، فما ثبت عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أخذنا به وإلا فلا.
قوله: "ويدعو بما ورد" ، أي: إذا شرب من ماء زمزم دعا بما ورد.
قال في الروض: "يقول: بسم الله، اللهم اجعله لنا علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، ورياً، وشبعاً، وشفاء من كل داء، واغسل به قلبي، واملأه من خشيتك" ، وقال أيضاً: "يرش على ثوبه، ويستقبل القبلة ويتنفس ثلاثاً" ، وهذا أيضاً يحتاج إلى إثبات، لكن التنفس ثلاثاً في الشرب ثبتت به السنة .
قوله: "ثم يرجع فيبيت بمنى ثلاث ليالي" ، أي: ثم يرجع من مكة بعد أن يطوف ويسعى فيبيت ثلاث ليالي، هذا إن تأخر، وإن تعجل فليلتين، فيبيت الحادية عشرة، والثانية عشرة، والثالثة عشرة إن تأخر، وإن تعجل فالحادية عشرة والثانية عشرة.
قوله: "فيرمي الجمرة الأولى وتلي مسجد الخيف بسبع حصيات ويجعلها عن يساره" .
صفة الرمي على المذهب: أن يرمي الجمرة الأولى، وتلي مسجد الخيف، وتسمى الجمرة الصغرى، ويجعلها عن يساره حال الرمي بسبع حصيات متعاقبات ويستقبل القبلة، ولا يرمي تلقاء وجهه.
قوله: "ويتأخر قليلاً ويدعو طويلاً" ، أي: يبعد إلى موضع لا يناله فيه الحصا، ولا يتأذى بالزحام، ويدعو طويلاً مستقبل القبلة، وقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، أنه بقدر ما يقرأ سورة البقرة ، رافعاً يديه.
قوله: "ثم الوسطى مثلها" لكن يجعلها عن يمينه، والقبلة أمامه على كلام الأصحاب - رحمهم الله - فيرميها بسبع حصيات متعاقبات.
قوله: "ثم جمرة العقبة، ويجعلها عن يمينه، ويستبطن الوادي" ، أي: يرميها بسبع حصيات متعاقبات، ويستقبل القبلة، ويرمي من بطن الوادي، ويجعلها عن يمينه كالوسطى.
ولكن الصحيح خلاف ما ذكره المؤلف، والصحيح أنه يرمي مستقبل القبلة في الأولى والوسطى، ويجعل الجمرة بين يديه، وما ذكره من الصفات مردود بأنه لا دليل عليه.
أما الثالثة فيرميها من بطن الوادي مستقبل الجمرة، وتكون الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه؛ لأن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - رماها كذلك وقال: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة" ، يعني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وحينئذ يستثنى من استقبال القبلة في رمي الجمرات جمرة العقبة، وإنما كان الأمر كذلك؛ لأنه في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا يمكن أن تستقبل القبلة، وترمي جمرة العقبة بحيث تكون بين يديك، لأجل الجبل، لأنها ملاصقة للجبل، وفي هذا دليل واضح على أن المقصود هو استقبال الجمرة، سواء استقبلت القبلة أم لم تستقبلها، لكن في الجمرة الأولى والوسطى يمكن أن تجمع بين استقبال القبلة واستقبال الجمرة، أما في العقبة فلا يمكن أن تجمع بين استقبال القبلة واستقبال الجمرة، ولذلك فُضِّل استقبال الجمرة.
قوله: "ولا يقف عندها" ، أي: لا يقف عند جمرة العقبة فإذا رماها انصرف، وإنما يقف بعد الأولى والوسطى.
قال بعض العلماء: لأن المكان ضيق، فلو وقف لحصل منه تضييق على الناس وتعب في نفسه.
وقال بعض العلماء: لأن الدعاء التابع للعبادة يكون في جوف العبادة ولا يكون بعدها، ولذلك دعا بعد الأولى ودعا بعد الوسطى وهذه انتهت بها العبادة؛ وهذا على قاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية واضح، ولهذا يرى أن الإنسان إذا أراد أن يدعو في الصلاة، فليدع قبل أن يسلم؛ لا بعد أن يسلم، لا في الفريضة، ولا في النافلة.
وبه نعرف أيضاً أن الدعاء على الصفا والمروة يكون في ابتداء الأشواط لا في انتهائها، وأن آخر شوط على المروة ليس فيه دعاء؛ لأنه انتهى السعي، وإنما يكون الدعاء في مقدمة الشوط كما كان التكبير أيضاً في الطواف في مقدمة الشوط، وعليه فإذا انتهى من السعي عند المروة ينصرف، وإذا انتهى من الطواف عند الحجر ينصرف، ولا حاجة إلى التقبيل، أو الاستلام، أو الإشارة، والذي نعلل به دون أن يعترض معترض أن نقول هكذا فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم.
قوله: "يفعل هذا في كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال" يفعل هذا، أي: رمي الجمرات الثلاث، على ما وصف في كل يوم من أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد العيد سميت أيام التشريق لأن الناس يشرقون فيها اللحم أي ينشرونه إذا طلعت الشمس، فتشرق عليه الشمس وييبس ولا يُعفِّن، وقيل: إنها تسمَّى أيام التشريح أيضاً؛ لأن الناس يشرحون فيها اللحم.
قوله: "بعد الزوال"، أي زوال الشمس ويكون الزوال عند منتصف النهار، وعليه يكون وقت الرمي من زوال الشمس إلى غروبها، فلا يجزئ الرمي قبل الزوال، ولا يجزئ بعد الغروب؛ لأن ذلك خارج عن اليوم، والدليل على أنه لا يجزئ قبل الزوال ما يلي:
أولاً : أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: "رمى بعد الزوال" ، وقال: "لتأخذوا عني مناسككم" .
ثانياً : ولأنه لو كان الرمي قبل الزوال جائزاً لفعله النبي صلّى الله عليه وسلّم، لما فيه من فعل العبادة في أول وقتها من وجه، ولما فيه من التيسير على العباد من وجه آخر، لأن الرمي في الصباح قبل الزوال أيسر على الأمة من الرمي بعد الزوال؛ لأنه بعد الزوال يشتد الحر ويشق على الناس أن يأتوا من مخيمهم إلى الجمرات، ومع شدة الحر يكون الغم مع الضيق والزحام، فلا يمكن أن يختار النبي صلّى الله عليه وسلّم الأشد ويدع الأخف، فإنه ما خيِّر بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ، فنعلم من هذا أنه لو رمى قبل الزوال صار ذلك إثماً، ولذلك تجنبه النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولعل هناك فائدة وهي ابتلاء العباد هل يرمون مع المشقة أو يتقدمون خوف المشقة؟ وليس هذا ببعيد أن يبتلي الله عباده بمثل هذا، ولما فيه من تطويل الوقت من وجه ثالث، فلما كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يتعمد أن يؤخر حتى تزول الشمس مع أنه أشق على الناس، دل هذا على أنه قبل الزوال لا يجزئ.
ثالثاً : أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يبادر بالرمي حين تزول الشمس فيرمي قبل أن يصلي الظهر ، وكأنه يترقب زوال الشمس ليرمي ثم ليصلي الظهر، ولو جاز قبل الزوال لفعله صلّى الله عليه وسلّم، ولو مرة بياناً للجواز، أو فعله بعض الصحابة وأقره النبي صلّى الله عليه وسلّم وهذا هو القول الراجح، أعني القول بمنع الرمي قبل الزوال.
وقد رخص بعض العلماء في اليوم الثاني عشر لمن أراد أن يتعجل أن يرمي قبل الزوال، ولكن لا يتعجل إلا بعد الزوال وبعضهم أطلق جواز الرمي في اليوم الثاني عشر قبل الزوال، ولكن لا وجه لهذا إطلاقاً مع وجود السنة النبوية، فلو قال قائل إن الله يقول: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] ، والأيام تكون في أول النهار وآخر النهار؟
فالجواب: أن هذا المطلق في القرآن بينته السنة، وليس هذا أول مطلق تبينه السنة، فما دام النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكر الله برمي الجمرات في هذا الوقت فإنه لا يجزئ قبله.
وأما الرمي بعد غروب الشمس فلا يجزئ على المشهور من المذهب، لأنها عبادة نهارية فلا تجزئ في الليل كالصيام.
وذهب بعض العلماء إلى إجزاء الرمي ليلاً، وقال: إنه لا دليل على التحديد بالغروب؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: حدد أوله بفعله ولم يحدد آخره.
وقد سئل الرسول صلّى الله عليه وسلّم كما في صحيح البخاري فقيل: "رميت بعدما أمسيت ، قال: "لا حرج" والمساء يكون آخر النهار، وأول الليل ، ولما لم يستفصل الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولم يقل بعدما أمسيت في آخر النهار، أو في أول الليل، علم أن الأمر واسع في هذا.
ثم إنه لا مانع أن يكون الليل تابعاً للنهار، فالوقوف بعرفة ركن من أركان الحج، والليل فيه تابع للنهار، فإن وقت الوقوف يمتد إلى طلوع الفجر.
ولهذا نرى أنه إذا كان لا يتيسر للإنسان الرمي في النهار، فله أن يرمي في الليل، وإذا تيسر لكن مع الأذى والمشقة، وفي الليل يكون أيسر له وأكثر طمأنينة، فإنه يرمي في الليل؛ لأن الفضل المتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من المتعلق بزمن العبادة، وما دام أنه ليس هناك دليل صحيح صريح يحدد آخر وقت الرمي، فالأصل عدم ذلك.
قوله: "مستقبل القبلة مرتباً" ، سبق القول في قوله مستقبل القبلة، والمراد بالترتيب هنا الترتيب في الجمرات أن يرمي الأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة، ودليله قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لتأخذوا عني مناسككم" ، فإن نكس ورمى العقبة، ثم الوسطى، ثم الأولى صحت الأولى فقط، ووجب عليه أن يرمي الثانية، والثالثة .
وقال بعض أهل العلم: إن الترتيب ليس بشرط، لكنه ندب وقال: إن هذا ليس أولى من عدم الترتيب في أنساك يوم العيد، وأنساك يوم العيد لا يشترط فيها الترتيب، وعورض هذا بأن الرمي عبادة واحدة فلا بد أن تفعل كما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، بخلاف أنساك يوم العيد، فإنها عبادات متنوعة، كل عبادة مستقلة عن الأخرى.
ولكن نقول: ما دام الإنسان في سعة فيجب الترتيب، وأنه لو سألنا في أيام التشريق، فقال: إنه رمى منكساً لسهل علينا أن نقول: اذهب وارم مرتباً، لكن إذا كان الأمر قد فات بفوات أيام التشريق، وجاء وسأل فقال: إني رميت من غير أن أعلم فبدأت بجمرة العقبة، فلا بأس بإفتائه بأن رميه صحيح؛ لأنه ليس هناك قول عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم بوجوب الترتيب بينها، وليس هناك إلا مجرد الفعل، وعموم: "لتأخذوا عني مناسككم".
ولا سيما أن كثيراً من العلماء قالوا: يسقط الترتيب بين أعضاء الوضوء بالجهل والنسيان، وبين الفوائت بالجهل والنسيان، وبين الصلاتين المجموعتين بالجهل، فهذا يدل على أنه إذا اختل الترتيب لعذر من الأعذار، فإنه يسقط عن الإنسان؛ لأنه أتى بالعبادة لكن على وجه غير مرتب.
قوله: "فإن رَمَاهُ كله في الثالث أجزأه" ، الضمير يعود على حصى الجمار، أي: رماه كله في اليوم الثالث، وهو الثالث عشر أجزأه، وظاهر كلام المؤلف أنه لا شيء عليه.
قوله: "ويرتبه بنيته" ، أي يرتب الأيام بنيته، فمثلاً يبدأ برمي أول يوم بالأولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، ثم يعود فيرمي لليوم الثاني يبدأ بالأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة، ثم يعود فيرمي للثالث يبدأ بالأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة؛ لأن كل يوم عبادة مستقلة، فلا بد أن يأتي بعبادة اليوم الأول قبل عبادة اليوم الثاني.
ولا يجزئ أن يرمي الأولى عن ثلاثة أيام، ثم الوسطى عن ثلاثة أيام، ثم العقبة عن ثلاثة؛ لأن ذلك يفضي إلى تداخل العبادات، أي: إدخال جزء من عبادة يوم في عبادة يوم آخر.
وما ذهب إليه المؤلف - رحمه الله - من جواز جمع الرمي في آخر يوم ضعيف؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رمى كل يوم في يومه، وقال: "لتأخذوا عني مناسككم" ، لأنه "رخص للرعاة أن يرموا يوماً، ويدعوا يوماً" .
وكلمة "رخص" تدل على أن من سواهم، لا رخصة له، وعلى هذا فالقول الصحيح، أنه لا يجوز أن يؤخر رمي الجمرات إلى آخر يوم إلا في حال واحدة مثل أن يكون منزله بعيداً، ويصعب عليه أن يتردد كل يوم، لا سيما في أيام الحر والزحام، فهنا لا بأس أن يؤخر الرمي إلى آخر يوم ويرميه مرة واحدة؛ لأن هذا أولى بالعذر من الرعاة الذين رخص لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يجمعوا الرمي في يوم.
وأما من كان قادراً، والرمي عليه سهل لقربه من الجمرات، أو لكونه يستطيع أن يركب السيارات حتى يقرب من الجمرات، فإنه يجب أن يرمي كل يوم في يومه.
قوله: "فإن أخره عنه" ، أي: عن آخر يوم من أيام التشريق فعليه دم، أي: ولو لعذر، لكن إذا كان لعذر يسقط عنه الإثم، وأما جبره بالدم فلا بد منه.
فلو فرض أن رجلاً من الناس ظن أن رمي الجمرات غير واجب، أو ظن أن الترتيب فيها غير واجب، وجاء يسألنا بعد أن مضت أيام التشريق، فعلى ما مشى عليه المؤلف يجب عليه دم.
فإذا قال: أنا جاهل؟ قلنا: نعم أنت جاهل ويسقط عنك الإثم، لكن هذا العمل الذي فات بجهلك له بدل، وهو الدم، فيجب عليك أن تذبح فدية توزعها على الفقراء في مكة.
تنبيه: ظاهر كلام المؤلف أنه إذا أخره عن اليوم الثالث رماه وعليه دم، وهذا غير مراد لأنه إذا مضت الأيام انتهى وقت الرمي فيسقط.
قوله: "أو لم يبت بها فعليه دم" ، الضمير يعود على منى، أي: لم يبت بها ليلتين إن تعجل أو ثلاث ليالٍ إن تأخر فعليه دم وسبق ما يراد بالدم عند الإطلاق في قول المؤلف "والدم شاة" إلخ.
وقوله: "أو لم يبت بها" ، عُلم منه أنه لو ترك ليلة من الليالي، فإنه ليس عليه دم، وهو كذلك ، بل عليه إطعام مسكين إن ترك ليلة، وإطعام مسكينين إن ترك ليلتين، وعليه دم إن ترك ثلاث ليالي.
وقيل: إن ترك المبيت، ليس فيه دم مطلقاً، وهذا مبني على أن المبيت سنة، وليس بواجب.
واستدل لهذا أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "رخص لعمه العباس في السقاية أن يبيت بمكة من أجل سقي الناس ماء زمزم" ، وهذا ليس بضرورة إذ من الجائز أن تترك زمزم، وكل من جاء شرب منها، ولكن كون الرسول صلّى الله عليه وسلّم يرخص للعباس يدل على أن المبيت سنة.
والصحيح أنه واجب، لأن كلمة "رخص للعباس أن يبيت في مكة من أجل سقايته" ، يدل على أن ما يقابل الرخصة عزيمة لا بد منه.
ولكن لا نفعل كما يفعل بعض المفتين اليوم، يأتيه السائل، ويقول أنا لم أدرك الليل كله في منى، فات علي بعض الليل وأنا في مكة؛ لأنني نزلت إلى مكة أقضي الحج، وأطوف ثم تأخر بي السير، ولم أصل إلى منى إلا بعد الفجر.
فيقول عليك دم، فهذا غلط؛ لأن إلزام المسلمين بما لم يلزمهم الله به قول على الله بلا علم.
مسألة: لو أن مفتياً أفتى بغير علم، وقال للحاج: عليك دم، فذهب الحاج واشترى دماً بخمسمائة ريال، وتصدق به على الفقراء، هل يمكن أن نقول بتضمين المفتي؟
الجواب: نعم نقول بتضمينه؛ لأنه هو الذي أفتاه بغير علم، وألزمه بما لم يلزمه الله به، ونحن نستفيد من هذا التضمين أن هذا الذي أفتى بغير علم اليوم لا يفتي بمثله أبداً، ولا يفتي بمسألة إلا وقد علمها أو غلب على ظنه أن هذا حكمها.
قوله: "ومن تعجل في يومين" ، أتى بلفظ الآية ونعم ما صنع، لأنه متى أمكن الإنسان أن يأتي بلفظ الدليل فهو أولى؛ لأنه يجمع بين المسألة ودليلها مثل قول الماتن - رحمه الله -: "وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" ، فهذا لفظ المتن وهو أيضاً لفظ الحديث ، فمتى أمكنك الإتيان بالألفاظ الشرعية فهو خير وأسلم لذمتك، ويفهم الناس منها ما يفهمون من الدليل، والمراد باليومين الحادي عشر والثاني عشر؛ لقول الله تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْن} [البقرة: 203] . أي: من هذه الأيام المعدودات، والأيام المعدودات هي أيام التشريق.
وبعض العوام يظنون أن المراد بقوله: { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْن } يوم العيد والحادي عشر، فيتعجلون في الحادي عشر، ولكن هذا غلط، لم يقل به أحد من أهل العلم، وإنما المراد من تعجل في يومين من هذه الأيام الثلاثة أيام التشريق.
قوله: "خرج قبل الغروب" ، أي: خرج من منى قبل أن تغرب الشمس، وذلك ليصدق عليه أنه تعجل في يومين؛ إذ لو أخر الخروج إلى ما بعد الغروب لم يكن تعجل في يومين؛ لأن اليومين قد فاتا.
قوله: "وإلا لزمه المبيت والرمي من الغد" ، أي: وإلا يخرج قبل غروب الشمس لزمه المبيت ليلة الثالث عشر، والرمي من الغد، بعد الزوال، كاليومين قبله.
والدليل أن الله قال: { فِي يَوْمَيْن } [البقرة: 203] وفي للظرفية، والظرف لا بد أن يكون أوسع من المظروف، وعليه فلا بد أن يكون الخروج في نفس اليومين.
وقد روي عن عمر - رضي الله عنه -: أَنَّ مَنْ أدركه المساء فإنه يلزمه البقاء .
مسألة: لو أن جماعة حلوا الخيام وحملوا العفش وركبوا، ولكن حبسهم المسير؛ لكثرة السيارات فغربت عليهم الشمس قبل الخروج من منى، فلهم أن يستمروا في الخروج، لأن هؤلاء حبسوا بغير اختيار منهم.
قوله: "فإذا أراد الخروج من مكة لم يخرج حتى يطوف للوداع" ، قوله: "لم يخرج" تحريماً، لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" ، فقوله: "إلا أنه خفف عن الحائض" يدل على الوجوب على غيرها؛ لأنه لو كان غير واجب على غيرها لكان خفيفاً على كل الناس؛ لأن ما لا يجب ليس الإنسان ملزماً به فله تركه، فالصواب أن طواف الوداع واجب، وقد عكس بعض الأئمة - رحمهم الله - فقال: إن طواف الوداع سنة وطواف القدوم واجب، مع أن السنة تدل على العكس، بدليل حديث عروة بن المضرس - رضي الله عنه - أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يقل: "هل طفت للقدوم".
وظاهر كلام المؤلف أنه إذا أراد الخروج من مكة إلى أي بلد كان فإنه لا يخرج حتى يطوف للوداع.
وصرح بعض الأصحاب أنه إذا أراد الخروج من مكة إلى بلده لم يخرج حتى يطوف للوداع.
ووجه التقييد بالبلد أنه إذا أراد الخروج إلى بلد آخر فإنه لم يزل في سفر، ولم يرجع.
مثاله: لو كان في مكة وبعد انتهاء الحج خرج إلى جدة، وليس من أهل جدة، أو خرج إلى الطائف وليس من أهل الطائف، فإنه على هذا التقييد لا يطوف للوداع؛ لأنه لم يرد الخروج إلى بلده، وهو في حكم المسافر، وهذا التقييد تقييد حسن.
والدليل على هذا أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: لم يأمر أصحابه أن يطوفوا للوداع حين خرجوا من مكة إلى المشاعر، وإن كان قد يقال: إن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يأمرهم بذلك؛ لأنهم لم يتموا حجهم حتى يلزمهم بالوداع، والذي يظهر أن التقييد أصح من الإطلاق لكن بشرط أن يكون خرج إلى البلد الذي أراده بنية الرجوع إلى مكة لينشئ السفر منها إلى بلده.
ولكن لو أن الإنسان عمل بالأمرين فطاف إذا أراد الخروج من مكة إلى بلد آخر، وإذا رجع إلى مكة طاف إذا أراد الخروج إلى بلده لكان خيراً.
لكن إذا كان الأمر فيه مشقة أن يطوف مرتين، فلا يظهر الإلزام بالطواف إذا أراد الخروج إلى غير بلده؛ لأنه في الواقع لم يغادر مكة فسوف يرجع إليها.
أما لو أراد الخروج إلى بلد آخر عبر سفره إلى بلده فهنا يطوف، كما لو أراد الخروج إلى بلده عن طريق المدينة فاتجه إلى المدينة، وهو يريد السفر إلى بلده فإن هذا يلزمه الطواف؛ لأنه حقيقة غادر مكة.
وقوله: "لم يخرج حتى يطوف للوداع" يستثنى من ذلك الحائض فإنها لا تطوف للوداع، ودليل ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما أخبر أن صفية - رضي الله عنها - قد حاضت وكانت قد طافت طواف الإفاضة، قال: "انفروا" ، فأسقط عنها طواف الوداع، ويدل لهذا أيضاً حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "إلا أنه خفف عن الحائض" ؛ ولأن طواف الوداع ليس من النسك بل هو تابع له، فسقط بتعذره شرعاً بخلاف طواف الإفاضة فلا يمكن أن يسقط عن الحائض والنفساء.
فإن قال قائل: هل تجعلون العجز الحسي كالعجز الشرعي؟
يعني لو كان الإنسان مريضاً لا يستطيع أن يطوف لا بنفسه ولا بغيره هل يسقط عنه طواف الوداع؟
الجواب: لا؛ لأن إحدى أمهات المؤمنين استأذنت النبي صلّى الله عليه وسلّم أن تدع طواف الوداع لكونها مريضة، قال لها: "طوفي من وراء الناس وأنت راكبة" ، فهذا المريض نقول له: الأمر ميسر - والحمد لله - هناك عربات يمكن أن يركبها يطوف أو يطوف على المحمل.
إذاً فلا يسقط طواف الوداع إلا عن الحائض والنفساء فقط.
قوله: "فإن أقام" ، أي: أقام في مكة بعد طواف الوداع.
أفادنا المؤلف بهذا أنه لا بد أن يكون هذا الطواف آخر أموره، وهو كذلك؛ لقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض" ، وبه تعرف أن ما يفعله بعض الحجاج من كونهم يطوفون للوداع، ثم يخرجون إلى منى، ويرمون الجمرات، ثم يغادرون فإن فعلهم خطأ؛ لأن آخر عهدهم يكون بالجمار، وليس بالبيت، والنبي صلّى الله عليه وسلّم إنما طاف بالبيت للوداع بعد انتهاء النسك كله.
وقوله: "فإن أقام" ظاهره أنه إذا أقام بعد طواف الوداع وجبت عليه إعادته سواء كانت الإقامة طويلة أو قصيرة، إلا أنهم استثنوا من ذلك إذا أقام لانتظار الرفقة فإنه لا يلزمه إعادة الطواف ولو طال الوقت؛ لأن إيجاب الإعادة عليهم يلزم منه التسلسل، أو أنه لما انتهى من الطواف أُذِّن للصلاة فلا بأس أن يصلي، لأنه ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه لما طاف للوداع صلى الفجر ثم سافر متجهاً إلى المدينة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الثالث )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الاول)
» صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الثاني )
» صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الرابع)
» صفة الحج والعمرة المقصود في المناسك.الكيفية التي ينبغي أن يؤدى عليها الحج، والعمرة(من خمسة اجزاء الجزء الخامس والاخير)
» ملف الحج والعمرة (واجبات لازمة قبل أداء الحج)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: