ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 دخول مكة (من جزئين الجزء الثاني والاخير)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

دخول مكة (من جزئين الجزء الثاني والاخير) Empty
مُساهمةموضوع: دخول مكة (من جزئين الجزء الثاني والاخير)   دخول مكة (من جزئين الجزء الثاني والاخير) Emptyالإثنين يوليو 18, 2011 4:24 am

دخول مكة (من جزئين الجزء الثاني والاخير) OVXha-25W6_218016398

دخول مكة (من جزئين الجزء الثاني والاخير)
قوله: "أو طاف على الشاذروان" ، الشاذروان هو السوار المحيط بالكعبة من رخام في أسفلها كالعتبة، وكان من قبل مسطحاً يمكن أن يطوف عليه الناس، فإذا طاف عليه إنسان فإنه لا يصح طوافه؛ لأن الشاذروان من الكعبة، وقد قال تعالى: { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) } [الحج: 29] ولم يقل في البيت، ولو قال: في البيت صح الطواف من دون الحجر وعلى الشاذروان، لكن قال: بالبيت والباء للاستيعاب، فالطواف بجميع الكعبة واجب.
لكن بعض الخلفاء - جزاه الله خيراً - جعله مُسَنَّماً كما يشاهد الآن، فلا يمكن الطواف عليه فمن صعد عليه ليطوف زلق؛ لأنه مزلة.
لكن لو فرض أن رجلاً أحمق، قال لصاحبه سأعتمد على كتفك، وأطوف على الشاذروان، فلا يصح؛ لأنه من البيت، وهذا ربما يقع في أيام الزحام، فيطوف الإنسان على الشاذروان ويتكئ على أكتاف الناس، لكن - الحمد لله - لم يحصل ذلك فيما نعلم.
وقال شيخ الإسلام - رحمه الله -: يصح الطواف على الشاذروان؛ لأن الشاذروان ليس من الكعبة، بل هو كالعتبة تكون تحت سور البيت، وقد جعل عماداً للبيت، فيجوز الطواف عليه.
قوله: "أو جدار الحجر" بكسر الحاء وسكون الجيم، الحجر معروف وهو البناء المقوس من شمالي الكعبة، ويسمى عند العامة حجر إسماعيل، - وسبحان الله - كيف يكون حجر إسماعيل وإسماعيل لم يعلم به؟! وقد بُنِيَ بعده بأزمان كثيرة؛ لأن سبب بنائه كما ثبت في الصحيح أن قريشاً لما بنت الكعبة قصرت بهم النفقة، وقد أجمعوا على أن يكون البناء من كسب طيب، فقالوا: لا بد أن نبني البعض، وندع البعض، وأنسب شيء يدعونه أن يكون الناحية الشمالية، وجعلوا هذا الجدار وسمي الحجر؛ لأنه محجر.
وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعائشة: "لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم، وجعلت لها بابين باباً يخرج منه الناس وباباً يدخلون منه" متفق عليه، لكن ترك ذلك خوفاً من الفتنة، إلا أن الله - سبحانه وتعالى - حقق ما أراده الرسول صلّى الله عليه وسلّم بدون مضرة، فلو أنها بنيت على قواعد إبراهيم، وجعل لها باب يدخل منه الناس، وباب يخرجون منه، لهلك الناس، ولا سيما في الأزمنة الأخيرة، حيث يتقاتلون على ما هو دون الكعبة بكثير؛ فما ظنكم لو دخل الناس من هذا الباب، والكعبة مسقوفة وضيقة؟ لأهلك الناس بعضهم بعضاً، لكن حصل مراد الرسول صلّى الله عليه وسلّم بهذا الحجر، فجعل للحجر - وهو من الكعبة - بابان، باب يدخل منه الناس، وباب يخرجون منه، مع كونه مكشوف الفضاء فانتفى الضرر مع حصول المقصود، وهذا من حكمة الله - عزّ وجل - ورحمته.
ولما تولى خلافة الحجاز عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - هدم الكعبة، وبناها على قواعد إبراهيم؛ لأن السبب الذي منع الرسول صلّى الله عليه وسلّم من بنائها على قواعد إبراهيم قد زال، وتوطد الإيمان في القلوب فهدمها وجعل يأتي بالناس، ويشهدهم على الأساسات الأولى التي هي قواعد إبراهيم، وبناها على قواعد إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، وجعل لها بابين باباً يدخل الناس منه وباباً يخرجون منه.
ثم إنها هدمت في عهد عبد الملك بن مروان وأعيدت على ما كانت عليه في الجاهلية، بعد أن استشهد عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - ولما تولى الرشيد أراد أن يعيدها على قواعد إبراهيم فاستشار بذلك العلماء، فقالوا: لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك، كلما مَلَكَ مَلِكٌ قال أغير إلى كذا، فتركه وبقي على ما هو عليه إلى الآن، والحمد لله.
فإذا طاف على جدار الحجر لم يصح الطواف لعدم استيعاب الكعبة، وإن طاف من دون جدار الحجر من الداخل، لم يصح من باب أولى.
وظاهر كلام المؤلف - رحمه الله - أنه لو طاف على جدار الحجر الذي ليس من الكعبة لم يصح؛ لأنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، ولأن التمييز بين الجانب الداخل في الكعبة والخارج منها فيه شيء من الصعوبة؛ لأن الحجر ليس كله من الكعبة، فليس من الكعبة إلا مقدار ستة أذرع وشيء، وقربه بعضهم فقال: إذا ابتدأ الانحناء من الحجر يكون خارج الكعبة، ومن المستوي يكون داخل الكعبة.
وعليه فنقول: إنه لا يصح الطواف على جدار الحجر ولو على الجانب الخارج من الكعبة؛ فيكون هذا الزائد تابعاً للأصل.
قوله: "أو عريان" ، إشارة إلى شرط من شروط الطواف وهو ستر العورة، فلو طاف وهو عريان، فإنه لا يصح طوافه؛ لأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم: "أن ينادي في الناس أن لا يحج بعد العام مشرك - يعني العام التاسع - ولا يطوف بالبيت عريان"متفق عليه ، اللهم إلا أن يكون لضرورة، فإن طاف وهو عريان لم يصح؛ لأنه طواف منهي عنه، وإذا كان منهياً عنه، فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" .صحيح
وكان الناس في الجاهلية إن حصلوا على ثياب من قريش أخذوها عاريَّة، أو شراء، أو هدية، فطافوا بها، وإلا فلا، على أن بعض العرب، وإن كانوا من قريش يقولون لا نطوف بثيابنا؛ لأنها ثياب عصينا الله فيها فلا نطوف بها، نقول: إذا طفتم عراة فهي ثياب عصيتم الله بها، أي: بخلعها.
وكانت المرأة تأتي فتطوف عارية، وتضع يدها على فرجها، وترتجز في الطواف وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله
وما بدا منه فلا أحله
أي: ما بدا منه فلا أحل لأحد أن ينظر إليه، وهذا من الجهل.
أما في الإسلام - ولله الحمد - فلا يطوف بالبيت عريان، ومن المعلوم أنه لا أحد يطوف خالعاً ثيابه.
لكن قد يطوف وهو لم يستر الستر الواجب بأن تكون عليه ثياب رقيقة، وعليه سراويل لا تصل إلى الركبة، فيطوف فلا يصح طوافه؛ لأنه لم يستر عورته؛ إذ لا بد من ستر ما بين السرة والركبة بالنسبة للرجال، أما النساء فحكم سترها في الطواف كحكم سترها في الصلاة.
قوله: "أو نجس لم يصح" يعني متنجساً، وإلا فالإنسان لا يمكن أن يكون نجساً بل متنجساً، والمتنجس أي: الذي أصابته نجاسة، وهذا إشارة إلى شرط من شروط صحة الطواف وهو أن يكون طاهر الثوب والبدن، فلو طاف وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة فإن الطواف لا يصح، والدليل على ذلك ما يلي:
أولاً: أن الطواف بالبيت صلاة عند الجمهور، فكما لا تصح الصلاة مع النجاسة فكذلك الطواف.
ثانياً: ولأن الله تعالى أمر بتطهير بيته للطائفين، والقائمين، أو العاكفين، والركع السجود، فإذا أمر بتطهير مكان الطائف الذي هو منفصل عنه، فتطهير ملابسه المتعلقة به من باب أولى، وعلى هذا فلا يحل أن يطوف بثوب نجس، أو يطوف وهو متنجس البدن، بل لا بد أن يغسل النجاسة، من ثوبه وبدنه.
مسألة: لم يذكر المؤلف - رحمه الله - ما إذا طاف محدثاً اكتفاءً بما سبق في نواقض الوضوء، حيث قال: "ويحرم على المحدث مس المصحف، والصلاة، والطواف" ، وعلى هذا فيشترط في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، وهذا مذهب الجمهور، واستدلوا بالآتي:
أولاً: قوله تعالى: { أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] .
ثانياً: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام صحيح" .
ثالثاً: قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لعائشة رضي الله عنها: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري" .متفق عليه
رابعاً: قوله صلّى الله عليه وسلّم - حين أراد أن ينفر فقيل له: إن صفية قد حاضت -: "أحابستنا هي؟"، قالوا: إنها قد أفاضت، قال: فانفروا،متفق عليه.
وذهب شيخ الإسلام - رحمه الله - إلى أنه لا يشترط الوضوء للطواف، وأجاب عن هذه الأدلة بأن قوله: "الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام" لا يصح مرفوعاً إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن عمومه لا يستقيم، لأن لفظه: "الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام" والاستثناء عند الأصوليين معيار العموم، أي: أنه إذا جاء شيء واستثني منه شيء دل ذلك على أن بقية الصور غير المستثناة داخلة في المستثنى منه، فيكون عاماً إلا في الصورة المستثناة، وهنا لا يصح أن يقال: إن الطواف بالبيت صلاة في كل شيء إلا الكلام؛ وذلك لأنه يخالف الصلاة في أشياء كثيرة سوى الكلام.
فمن ذلك: أنه لا يشترط فيه القيام، والصلاة يشترط فيها القيام، أي: لو طاف يزحف فإن طوافه صحيح.
ومن ذلك: أنه لا يشترط له تكبير، والصلاة يشترط لها تكبيرة الإحرام.
ومن ذلك: أنه لا يشترط له استقبال القبلة، بل لا بد أن يكون البيت عن يساره.
ومنها: أنه لا تشترط فيه القراءة لا الفاتحة، ولا غيرها، بل لا يسن فيه أن يقرأ الفاتحة بعينها وسورة معها.
ومنها: أنه ليس فيه ركوع ولا سجود، ولا يجب فيه تسبيح.
ومنها: أنه يجوز فيه الأكل والشرب، والصلاة لا يجوز فيها الأكل والشرب.
ومنها: أنه لا يبطله الضحك، والصلاة يبطلها الضحك.
ومنها: أنه لا تشترط فيه الموالاة على رأي كثير من العلماء، والصلاة تشترط فيها.
ولو أنك تأملته لوجدت أنه يخالف الصلاة في أكثر الأحكام، وكلام الرسول - عليه الصلاة والسلام - لا بد أن يكون منضبطاً، ولا ينتقض بصورة من الصور، فلا يصح مرفوعاً؛ بل هو موقوف على ابن عباس من قوله.
فالصواب أن الطواف بالبيت ليس صلاة، بل هو عبادة مستقلة كالاعتكاف تماماً.
فإن قال قائل: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم طاف طاهراً بدليل أنه صلى ركعتين بعد الطواف مباشرة ولم ينقل أنه توضأ؟ قلنا: نعم، نحن لا ننكر أن يكون الإنسان في الطواف على طهارة خيراً من أن يكون على غير طهارة، لأنه ذكر وعبادة فينبغي أن يتطهر لها؛ ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم للرجل الذي سلم عليه ولم يرد عليه حتى تيمم قال: كرهت أن أذكر الله إلا على طهر ، فلا شك أن الوضوء في الطواف أفضل وأحوط.
فإن قيل: وقول ابن عباس ألا يكون حجة؟
فالجواب: أن قول الصحابي يكون له حكم الرفع إذا لم يكن للرأي فيه مجال، فإن كان للرأي فيه مجال فهو موقوف وللعلماء خلاف مشهور في قول الصحابي هل يكون حجة أو لا.
وأما الاستدلال بقوله تعالى: { أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] ، فهذا أمر بتطهير البيت من الشرك وأهله، ومن النجاسة أيضاً، كما أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بصب الماء على مكان نجاسة الأعرابي في مسجد المدينة، فلا يلزم من وجوب تطهيره من الخبث، أن يجب على الطائف بالبيت أن يكون طاهراً من الحدث؛ لأنه لو لزم من ذلك لقلنا يجب على الإنسان أن يتطهر لدخول المسجد الحرام، وإن لم يرد الطواف، ولو كان كذلك أيضاً لكان مناقضاً لقول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: "المؤمن لا ينجس" متفق عليه، ولو كان كذلك لوجب على المعتكف أن يكون طاهراً من الحدث.
وأما حديث عائشة، وحديث صفية - رضي الله عنهما - فليست العلة عدم الطهارة، وإنما العلة عدم جواز مكث الحائض في المسجد، وهذا لا يستلزم وجوب الطهارة في الطواف، ولهذا كان القول الراجح أن المرأة إذا اضطرت إلى طواف الإفاضة في حال حيضها كان ذلك جائزاً، لكن تتوقى ما يخشى منه تنجيس المسجد بأن تستثفر، أي: تجعل ما يحفظ فرجها؛ لئلا يسيل الدم فيلوث المسجد.
وهذا الذي تطمئن إليه النفس أنه لا يشترط في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر، لكنها بلا شك أفضل وأكمل وأتبع للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا ينبغي أن يخل بها الإنسان لمخالفة جمهور العلماء في ذلك، لكن أحياناً يضطر الإنسان إلى القول بما ذهب إليه شيخ الإسلام، مثل لو أحدث أثناء طوافه في زحام شديد، فالقول بأنه يلزمه أن يذهب ويتوضأ ثم يأتي في هذا الزحام الشديد لا سيما إذا لم يبق عليه إلا بعض شوط ففيه مشقة شديدة، وما كان فيه مشقة شديدة ولم يظهر فيها النص ظهوراً بيناً، فإنه لا ينبغي أن نلزم الناس به، بل نتبع ما هو الأسهل والأيسر؛ لأن إلزام الناس بما فيه مشقة بغير دليل واضح منافٍ لقوله تعالى: {) يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر} [البقرة: 185] .
مسألة: الدعاء الجماعي في الطواف فيه إشكال لأنه لم ينقل عن السلف فيما نعلم؛ لأنه يؤذي الناس ويشغل عن الدعاء الخاص لا سيما إذا كان الطائف بهم جهوري الصوت، أما إن كان بصوت خافت لتعليم من معه، فأرجو ألا يكون به بأس، وأما أخذ الأجرة عليه فيجوز؛ لأنه من جنس أخذ الأجرة على تعليم القرآن، ولكن بعضهم يتخذ هذا مهنة ووسيلة لأخذ أموال الناس.
مسألة: الذين يطوفون على السطح فإذا بلغوا المسعى ضاق المطاف فبعضهم ينزل إلى المسعى، فهل نقول: إن هؤلاء طافوا جزءاً من الشوط خارج المسجد لأن المسعى ليس من المسجد؟
الجواب: نعم نقول إنهم طافوا خارج المسجد، ولكن إن كان الذي أوجب لهم ذلك هو الضيق والضنك، والناس متلاصقون فنرجو أن يكون ذلك مجزئاً على ما في ذلك من الثقل، ولكن للضرورة.
قوله: "ثم يصلي ركعتين خلف المقام" ، أي: بعد الفراغ من الطواف يصلي ركعتين خلف المقام، لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، وينبغي إذا تقدم إلى المقام أن يقرأ قول الله تعالى: { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً } [البقرة: 125] كما قرأها النبي صلّى الله عليه وسلّم ، لأجل أن يشعر بفائدة عظيمة وهي أن فعله لهذه العبادة كان امتثالاً لأمر الله - عزّ وجل - حتى تتحقق بذلك الإنابة إلى الله - سبحانه وتعالى -، والذل لأوامره.
وقوله: "خلف المقام" ، أي: مقام إبراهيم - عليه السلام - وهو معروف، وسمي مقاماً؛ لأنه قام عليه - عليه الصلاة والسلام - حين ارتفع بناء الكعبة ليبني مِن فوقه.
وقد قيل: إن موضع قدميه كان بيِّناً في هذا الحجر، لكن لطول السنين، وكثرة ما يتمسح به الناس قبل الإسلام زال موضع القدمين وقال بعضهم: إن أثر القدم لم يزُل؛ لأن أبا طالب يقول في لاميته المشهورة:
وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة
على قدميه حافياً غير ناعل
واختلف المؤرخون أين مكان هذا المقام في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، هل هو لاصق بالكعبة، أو هو في مكانه الآن؟
فمنهم من قال: إنه لاصق بالكعبة، وأن الذي قدمه إلى هذا المكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من أجل التوسعة على الطائفين.
ومنهم من قال: بل هذا مكانه، وليس عندي شيء يفصل بين القولين.
فإن قول جابر في حديثه الطويل: "ثم تقدم إلى مقام إبراهيم، فقرأ { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً }أخرجه مسلم، يحتمل أنه تقدم من منتهى الطواف وهو الحجر إلى مكان المقام، وهو خلف باب الكعبة، ويحتمل أنه تقدم إليه في مكانه الآن.
فإذا قلنا: إن مكانه الحاضر هو مكانه في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فهل لنا فيما لو احتجنا إلى تأخيره ليتسع المطاف أن نؤخره؟
الجواب: لا؛ لأنه توقيفي، وإذا قلنا: إنه كان لاصقاً بالكعبة، ثم أخره عمر فللاجتهاد في ذلك مجال، فقد نقول بجواز تأخيره إذا دعت الضرورة إلى ذلك، وقد نقول بالمنع لأن أمير المؤمنين عمر له سنة متبعة، لكن القول بالجواز أولى ولا ينافي ما سنه أمير المؤمنين من حيث المعنى؛ لأنه زحزحه عن مكانه من أجل توسعة المطاف، فإذا زحزحناه عن مكانه لذلك فقد وافقنا أمير المؤمنين من حيث المعنى.
وقوله: "خلف المقام" ظاهر كلامه أنه لا يشترط فيهما الدنو من المقام، وأن السنة تحصل بهما وإن كان مكانهما بعيداً عن المقام، وهو كذلك.
ولكن كلما قرب من المقام كان أفضل، إلا أنه إذا دار الأمر بين أن يصلي قريباً من المقام مع كثرة حركته لرد المارين بين يديه أو مع التشويش فيمن يأتي ويذهب، وبين أن يصلي بعيداً عن المقام ولكن بطمأنينة، فأيهما أفضل؟
الجواب: الثاني أفضل؛ لأن ما يتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة مما يتعلق بمكانها كما سبق، وعلى هذا فلو تأخر الإنسان إلى ما حول المسعى، وصلاهما فقد أتى بالسنة، ولكن الأفضل أن يراعي أن يكون المقام بينه وبين البيت.
مسألة: لم يذكر المؤلف - رحمه الله - ماذا يقرأ في هاتين الركعتين؛ لأن الكتاب مختصر، لكن جاءت السنة بأنه يقرأ في الأولى: { )قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) }، والثانية: { )قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) } ، لأنهما سورتا الإخلاص، فـ"قل يا أيها الكافرون" فيها إخلاص القصد، و"قل هو الله أحد" فيها إخلاص العقيدة، فالتوحيد في "قل هو الله أحد" توحيد علمي عقدي، وفي "قل يا أيها الكافرون" عملي إرادي.
ولم يذكر حكم الإطالة والتخفيف فيهما مراعاة للاختصار لكن السنة جاءت بتخفيفهما؛ وذلك من أجل تخلية المكان لمن أراد أن يصليهما.

قوله: "ثم يستلم الحجر" ، أي: بعد الصلاة يعود خلف المقام ويستلم الحجر، كما ثبت ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم .
والظاهر أن استلام الحجر لمن أراد أن يسعى، وأما من طاف طوافاً مجرداً ولم يُرد أن يسعى فإنه لا يسن له استلامه، وهذا الاستلام للحجر كالتوديع لمن قام من مجلس، فإنه إذا أتى إلى المجلس سلَّم، وإذا غادر المجلس سلم.
ولم يذكر المؤلف سوى الاستلام، وعليه فلا يسن تقبيله في هذه المرة، ولا الإشارة إليه، بل إن تيسر أن يستلمه فعل، وإلا انصرف من مكانه إلى المسعى.
قوله: "ويخرج إلى الصفا من بابه" ، أي: من باب الصفا لأنه أيسر، وكان المسجد الحرام فيما سبق له أبواب دون المسعى، أي: أن حدوده دون المسعى، وله أبواب يخرج الناس منها.
قوله: "فيرقاه" أي: الصفا "حتى يرى البيت" أي الكعبة، ولم يذكر المؤلف - رحمه الله - ماذا يسن إذا قرب من الصفا؛ لأن الكتاب مختصر، ولكن يسن إذا دنا من الصفا أن يقرأ: { )إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } [البقرة: 158] أبدأ بما بدأ الله به ، وتلاوة هذه الآية كتلاوة { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً }
أي: أن الإنسان يشعر بأنه يفعل ذلك طاعة لله، وامتثالاً لأمره - سبحانه وتعالى -.
وقوله: "فيرقاه" : أي: يرقى الصفا، حتى يرى الكعبة فيستقبلها، ظاهره لا يصعد أكثر من ذلك لكن لو خاف من الزحام فصعد أكثر فحسن.
قوله: "ويكبر ثلاثاً، ويقول ما ورد" ، أي: يقول الله أكبر وهو رافع يديه كرفعهما في الدعاء ثلاث مرات، ويقول ما ورد ومنه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بما أحب، ثم يعيد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو بما أحب ثم يعيد الذكر مرة ثالثة ، وينزل متجهاً إلى المروة.
قوله: "ثم ينزل ماشياً إلى العَلَم الأول" ، العَلَم يعني ما جُعل علامة، وهو الشيء الشاخص البيِّن ومنه سمي الجبل علماً، قال الله تعالى: { وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ } [الرحمن] ، وكان في هذا المكان عمود أخضر، ولا يزال موجوداً إلى الآن، وقد ازداد وضوحاً بالأنوار التي تحيط بهذا المكان.
وقوله: "إلى العلم الأول" يعني الذي يلي الصفا، لأن هناك علمين: علماً جنوبياً، وعلماً شمالياً، فالذي يلي الصفا جنوبي، والذي يلي المروة شمالي.
قوله: "ثم يسعى شديداً إلى الآخر" ، "شديداً" صفة لموصوف محذوف، والتقدير سعياً شديداً، والسعي هنا بمعنى الركض، فيسعى سعياً شديداً بقدر ما يستطيع، لكن بشرط ألا يتأذى أو يؤذي، فإن خاف من الأذية عليه، أو على غيره فليمش، وليسع بقدر ما تيسر له، وكذلك لو كان معه نساء يخاف عليهن سقط عنه السعي الشديد.
والدليل على ذلك فعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فإنه كان يسعى حتى تدور به إزاره من شدة السعي،أخرجه مسلم.
فإن قال قائل: ما الحكمة في كونه يسعى سعياً شديداً بين العلمين.
فالجواب: أنه كان في هذا المكان واد، أي مسيل مطر، والوادي في الغالب يكون نازلاً ويكون رخواً رملياً فيشق فيه المشي العادي، فيركض ركضاً.
وأصل السعي أن يتذكر الإنسان حال أم إسماعيل، فإنها - رضي الله عنها - لما خلَّفها إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - هي وابنها في هذا المكان، وجعل عندها، سقاءً من ماء، وجراباً من تمر، فجعلت الأم تأكل من التمر وتشرب من الماء، وتسقي اللبن لولدها، فنفدَ الماء ونفد التمر، فجاعت وعطشت، ويبس ثديها، فجاع الصبي، وجعل يتلوى من الجوع، فأدركتها الشفقة، فرأت أقرب جبل إليها الصفا فذهبت إلى الصفا، وجعلت تتحسس لعلها تسمع أحداً، ولكنها لم تسمع، فنزلت إلى الاتجاه الثاني إلى جبل المروة، ولما هبطت في بطن الوادي نزلت عن مشاهدة ابنها، فجعلت تسعى سعياً شديداً، حتى تصعد لتتمكن من مشاهدة ابنها، ورقيت لتسمع وتتحسس على المروة، ولم تسمع شيئاً، حتى أتمت هذا سبع مرات، ثم أحست بصوت، ولكن لا تدري ما هو، فإذا جبريل نزل بأمر الله - عزّ وجل -، فضرب بجناحه أو برجله الأرض مكان زمزم الآن، فنبع الماء في الحال، ففرحت بذلك فرحاً شديداً، وجعلت تحجر الماء، وخافت أن يتسرب وينفد، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكان عيناً معيناً" صحيح، ولكن من رحمة الله - عزّ وجل - أنها حجرته، ولو كان عيناً معيناً لصار فيه ضيق على الناس؛ لأن هذا المكان صار مسجداً، وشربت من هذا الماء، وصار هذا الماء شراباً وطعاماً، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "ماء زمزم لما شرب له"صحيح ، إن شربته لعطش رويت، ولجوع شبعت، ودرَّت على الولد، وهيأ الله لها قوماً من جرهم مروا بمكة، فتعجبوا أن تكون الطيور تأوي إلى هذا المكان، وقالوا: لا يمكن أن تأوي إلى هذا المكان إلا وفيه ماء، ولم يكونوا على عهدٍ بماء في هذا المكان، فجاءوا نحو هذه الجهة فوجدوا إسماعيل وأمه، فنزلوا عندهم، والقصة مطولة في صحيح البخاري ، وفيها قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "فلذلك سعى الناس" صحيح.
فهذا هو السبب في كون الناس يسعون سعياً شديداً إذا وصلوا هذا المكان، والآن ليس فيه واد، لكن فيه علامة على هذا الوادي وهو هذا العلم الأخضر.
فالإنسان إذا سعى يستحضر أولاً: سنة الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وثانياً: حال هذه المرأة وأنها وقعت في شدة عظيمة حتى أنجاها الله، فأنت الآن في شدة عظيمة من الذنوب فتستشعر أنك تحتاج إلى مغفرة الله - عزّ وجل - كما احتاجت هذه المرأة إلى الغذاء، واحتاج ولدها إلى اللبن، وقد قرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم حين أقبل على الصفا: "إن الصفا والمروة من شعائر الله" أبدأ بما بدأ الله به ، ليشعر نفسه أنه إنما طاف بالصفا والمروة؛ لأنهما من شعائر الله - عزّ وجل - ولذلك لا تقرأ هذه الآية إلا إذا أقبل على الصفا حين ينتهي من الطواف وأما بعد ذلك فلا تقرأ.
مسألة: إذا سعى هو وزوجته ووصلا إلى العلم الأخضر فهل يسعى سعياً شديداً وزوجته معه؟
الجواب: لا يسعى سعياً شديداً، لا سيما في أيام المواسم والزحام فإنه لو سعى ضيعها.
لكن هنا إشكال وهو أنه إذا كان أصل سعينا بين العلمين سعي أم إسماعيل وهي امرأة، فلماذا لا نقول: إن النساء أيضاً يسعين؟
الجواب: من وجهين :
الأول: أن أم إسماعيل سعت وحدها ليس معها رجال.
الثاني: أن بعض العلماء كابن المنذر حكى الإجماع على أن المرأة لا ترمل في الطواف ولا تسعى بين العلمين، وعليه فلا يصح القياس؛ لأنه قياس مع الفارق ولمخالفة الإجماع إن صح.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دخول مكة (من جزئين الجزء الثاني والاخير)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السير والاخلاق من جزئين (الجزء الثاني والاخير)
» عهد الفتح الإسلامي (من جزئين الجزء الثاني والاخير)
» موسوعة جسم الانسان (من جزئين الجزء الثاني والاخير)
» المملكة المتحدة (من جزئين الجزء الثاني والاخير)
»  خروج المهدي (من جزئين الجزء الثاني والاخير)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: الفئات العامة :: الملتقى الإسلامي-
انتقل الى: