ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
أهلا وسهلا بكم في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
عذرا /// أنت عضو غير مسجل لدينا الرجاء التسجيل
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة

شهداء فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بكتك العيون يا فارس * وبكتك القلوب يا ابا بسام
إدارة ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة ترحب بكم أعضاءً وزوارً في ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة
محمد / فارس ( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم لمحزونون

 

 سقوط الأندلس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ايهاب حمودة
:: المشرف العام ::
:: المشرف العام ::
ابو ايهاب حمودة


عدد المساهمات : 25191
تاريخ التسجيل : 16/08/2009

سقوط الأندلس  Empty
مُساهمةموضوع: سقوط الأندلس    سقوط الأندلس  Emptyالخميس ديسمبر 02, 2010 7:26 am

سقوط الأندلس  ErWx0-h0E7_851714252

سقوط الأندلس
مملكة غرناطة ودورها في سقوط إشبيلية
لم يبقَ في الأندلس بعد هزيمة المسلمين في موقعة العقاب من المدن الإسلامية سوى ولاية غرناطة وولاية إشبيلية، وكان حاكم غرناطة قد عقد معاهدة مع ملك قشتالة، وكان من نصوص المعاهدة أن يحارب مع ملك قشتالة أيًّا كانت الدولة التي سيحاربها، ووصل الأمر إلى مساعدة ملك قشتالة في حصار إشبيلية، لتسقط هذه المدينة الإسلامية سنة 646هـ/ 1248م.
سقوط مملكة غرناطة
بعد أن سقطت إشبيلية نقض النصارى الهدنة مع غرناطة، واتجهوا ليحاصروها، ومن ثَمَّ استعان الأندلسيون بيعقوب بن منصور الماريني وولده يوسف ليساعدوهم في الانتصار على النصارى، ولكن أثناء مساعدتهم لهم يشعر الأندلسيون بالخوف على ملكهم منهم؛ فيستعينون بالنصارى ضدهم، ثم يحتلون سبتة في بلاد المغرب،وبذلك انقطعت مساعدات بلاد المغرب للأندلس إلى الأبد.
هذا في الوقت الذي يتزوج فيه فرناندو الثالث ملك أراجون من إيزابيلا وريثةعرش قشتالة، ثم اتحدوا معًا وكونوامملكة إسبانيا، وكان ذلك في سنة 879 هـ/ 1474م، واستغل ملك إسبانيا أوضاع الأندلس واستطاع أن يدخلها صلحًا على أن لا يمسَّ المسلمين، ولكن هذا لم يحدث، فما إن دخلوا الأندلس حتى هجَّروا من فيها من المسلمين، ونصَّروا من ظل بها، وأقاموا محاكم التفتيش للبحث عَمَّن يخفي إسلامه، وأبادوا من بها من المسلمين.
لا بد من الاستفادة من تاريخ الأندلس
لننظر لماذا انتهى الإسلام من الأندلس، ولم يبق بها من المسلمين إلا العدد القليل، وكان ذلك بسبب ما فعله الاستعمار الإسباني في بلاد الأندلس من إبادة المسلمين إبادة جماعية، وطردهم وتهجيرهم خارج الأندلس. وبما أن بالتاريخ العبر والمواعظ، فلا بد أن نستفيد مما حدث بالأندلس، ونرى أن ما يفعلهاليهود الآن من تهجير اليهود إلى أرض فلسطين، وإبادة الشعب الفلسطيني بالقتلوالطرد والتشريد، ما هو إلا تكرار لأندلس جديدة، ويجب أن ننتبه لذلك، ونعرف ما هو دور الشعوب والأفراد في قضية فلسطين حتى لا تصبح أندلسَ أخرى.
الوضع الآن هو سقوط دولة الموحدين على إثر موقعة العقاب، ثم سقوط مدن المسلمين الواحدة تلو الأخرى، حتى سقطت قرطبة حاضرة الإسلام وعاصمة الخلافة، وسقطت جيان في سنة 643 هـ= 1245 م.
هذا ولم يبق في الأندلس إلا ولايتان فقط كبيرتان نسبيا، الأولى هي ولاية غرناطة، وتقع في الجنوب الشرقي، وتمثل حوالي 15 % من بلاد الأندلس، والثانية هي ولاية إشبيلية، وتقع في الجنوب الغربي، وتمثل حوالي 10 % من أرض الأندلس.
هاتان الولايتان هما اللتان بقيتا فقط من جملة بلاد الأندلس، وكان من العجيب كما ذكرنا أن يظل الإسلام في بلاد الأندلس بعد هذا الوضع وبعد سقوط قرطبة، وبعد هذا الانهيار الكبير لمدة تقرب من 250 سنة، فكانت هذه علامات استفهام كبيرة، ولا بد من وقفة معها بعض الشيء.
ابن الأحمر وملك قشتالة ومعاهدة الخزي والشنار
في نفس العام التي سقطت فيه جيان، وفيسنة 643 هـ= 1245 م وحماية لحقوق وواجبات مملكة قشتالة النصرانية وولاية غرناطة الإسلامية، يأتي فرناندو الثالث ملك قشتالة ويعاهد ابن الأحمر الذي يتزعم ولاية غرناطة، ويعقد معه معاهدة يضمن له فيها بعض الحقوق ويأخذ عليه بعض الشروط والواجبات.
وقبل أن نتحدث عن بنود هذه الاتفاقية وتلك المعاهدة، نتعرف أولا على أحد طرفي هذه المعاهدة وهو ابن الأحمر، فهو محمد بن يوسف بن نصر بن الأحمر، والذي ينتهي نسبه إلى سعد بن عبادة الخزرجي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن شتّان بين محمد بن يوسف بن نصر بن الأحمر هذا، وبين سعد بن عبادة الخزرجي، وقد سُمّي بابن الأحمر لاحمرار لون شعره، ولم يكن هذا اسما له، بل لقبا له ولأبنائه من بعده حتى نهاية حكم المسلمين في غرناطة.
وكانت بنود المعاهدة التي تمت بين ملك قشتالة وبين محمد بن يوسف بن نصر بن الأحمر هذا هي:
أولا:
أن يدفع ابن الأحمر الجزية إلى ملك قشتالة، وكانت مائة وخمسين ألف دينار من الذهب سنويا، وكان هذا تجسيدا لحال الأمة الإسلامية، وتعبيرا عن مدى التهاوي والسقوط الذريع بعد أفول نجم دولة الموحدين القوية المهابة، والتي كانت قد فرضت سيطرتها على أطراف كثيرة من بلاد الأندلس وإفريقيا.
ثانيا:
أن يحضر بلاطه كأحد ولاته على البلاد، وفي هذا تكون غرناطة تابعة لقشتالة ضمنيا.
ثالثا:
أن يحكم غرناطة باسم ملك قشتالة علانية، وبهذا يكون ملك قشتالة قد أتم وضمن تبعية غرناطة له تماما.
رابعا:
أن يسلمه ما بقي من حصون جيّان- المدينة التي سقطت أخيرا- وأرجونه وغرب الجزيرة الخضراء حتى طرف الغار، وحصون أخرى كثيرة تقع كلها في غرب غرناطة، وبذلك يكون ابن الأحمر قد سلم لفرناندو الثالث ملك قشتالة مواقع في غاية الأهمية تحيط بغرناطة نفسها.
خامسا:
وهو أمر في غاية الخطورة، وهو أن يساعده في حروبه ضد أعدائه إذا احتاج إلى ذلك، أي أن ابن الأحمر يشترك مع ملك قشتالة في حروب ملك قشتالة التي يخوضها أيا كانت الدولة التي يحاربها.
محاكم التفتيش وأهوال تشيب لها الولدان
(( هدفت إلى تنصير المسلمين بإشراف السلطات الكنسية، وبأشد وسائل العنف، ولم تكن العهود التي قطعت للمسلمين لتحول دون النزعة الصليبية، التي أسبغت على السياسة الإسبانية الغادرة ثوب الدين والورع، ولما رفض المسلمون عقائد النصارى ودينهم المنحرف وامتنعوا عنه وكافحوه، اعتبرهم نصارى الإسبان ثوارًا وعملاء لجهات خارجية في المغرب والقاهرة والقسطنطينية، وبدأ القتل فيهم وجاهد المسلمون ببسالة في غرناطة والبيازين والبشرات، فمزقوا بلا رأفة ولا شفقة ولا رحمة، وفي يوليو 1501 م= ذي الحجة 906 هـ أصدر الملكان الكاثوليكيان أمرًا خلاصته "أنه لما كان الله قد اختارهما لتطهير مملكة غرناطة من الكفرة، فإنه يحظر وجود المسلمين فيها، ويعاقب المخالفون بالموت أو مصادرة الأموال". (دولة الموحدين - الصلابي نقلًا عن مصادر أخرى)
لم يقف الأمر عند حد التهجير والتنصير، وإنما تلى ذلك أن قام رئيس الأساقفة الأسباني كان يُدعى كِنِّيس وكان صليبيا حاقدا قام بحرق ثمانين ألف كتاب إسلامي من مكتبة قرطبة وإشبيلية وغرناطة في يوم واحد.
وهو نفسه الذي قام بعد ذلك بما سُمّي في التاريخ بمحاكم التفتيش؛ وذلك للبحث عن المسلمين الذين ادّعوا النصرانية وأخفوا الإسلام، فكانوا إذا وجدوا رجلا يدّعي النصرانية ويخفي إسلامه، كأن يجدوا في بيته مصحفا، أو يجدوه يصلي، أو كان لا يشرب خمرا، أقاموا عليه الحدود المغلظة، فكانوا يلقون بهم في السجون، ويعذبونهم عذابا لا يخطر على بال بشر، فكانوا يملأون بطونهم بالماء حتى الاختناق، وكانوا يضعون في أجسادهم أسياخا محمية، وكانوا يسحقون عظامهم بآلات ضاغطة، وكانوا يمزقون الأرجل ويفسخون الفك، وكان لهم توابيت مغلقة بها مسامير حديدية ضخمة تنغرس في جسم المعذب تدريجيا، وأيضا أحواض يقيّد فيها الرجل ثم يسقط عليه الماء قطرة قطرة حتى يملأ الحوض ويموت.
كانوا أيضا يقومون بدفنهم أحياء، ويجلدونهم بسياط من حديد شائك، وكانوا يقطعون اللسان بآلات خاصة.
كل هذه الآلات الفتاكة وغيرها شاهدها جنود نابليون حين فتحوا أسبانيا بعد ذلك، وقد صوروها في كتاباتهم، وعبروا عن شناعتها بأنهم كانوا يصابون بالغثيان والقيء، بل والإغماء من مجرد تخيل أن هذه الآلات كان يُعذّب بها بشر، وقد كان يُعذّب بها مسلمون، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
(( ومما يذكر.. أن هناك عذابًا اختص به النساء وهو تعرية المرأة إلا ما يستر عورتها، وكانوا يضعون المرأة في مقبرة مهجورة ويُجلسونها على قبر من لقبور، يضعون رأسها بين ركتيها ويشدون وثاقها، وهي على هذه الحالة السيئة، ولا يمكنها الحراك، وكانوا يربطونها إلى القبر بسلاسل حديدية، ويرخزن شعرها فيجللها وتظهر لمن يراها عن كثب كأنما هي جنّية لا سيما إذا ما أرخى الليل سدوله، وتُترك المسكينة على هذه الحال إلى أن تجن أو تموت جوعًا ورعبًا.
لقد قام النصارى بإجبار المسلمين على الدخول في دينهم، وصارت الأندلس كلها نصرانية، ولم يبق فيها من يقول لا إله إلا الله، محمد رسول الله. إلا من يقولها في قلبه وفي خفية من الناس، وجعلت النواقيس في صوامعها بعد الأذان، وفي مساجدها الصور والصلبان بعد ذكر الله وتلاوة القرآن، فكم فيها من عين باكية وقلب حزين، وكم فيها من الضعفاء والمعذورين، لم يقدوا على الهجرة واللحاق بإخوانهم المسلمين، قلوبهم تشتعل نارًا، ودموعهم تسيل سيلاً غزيرًا، وينظرون إلى أولادهم وبناتهم يعبدون الصلبان، ويسجدون للأوثان، ويأكلون الخنزير والميتات، ويشربون الخمر التي هي أم الخبائث والمنكرات، فلا يقدرون على منعهم ولا على نهيهم، ومن فعل ذلك عوقب بأشد العقاب، فيا لها من فجيعة ما أمرها! ومصيبة ما أعظمها وطامة ما أكبرها...
لقد كانت محاكم التفتيش والتحقيق مضرب المثل في الظلم والقهر والتعذيب.
كانت تلك المحاكم والدواوين تلاحق المسلمين حتى تظفر بهم بأساليب بشعة تقشعر لها القلوب والأبدان.
فإذا عُلم أن رجلًا اغتسل يوم الجمعة يصدر في حقه حكم بالموت، وإذا وجدوا رجلا لابسًا للزينة يوم العيد عرفوا أنه مسلم فيصدر في حقه الإعدام.
لقد تابع النصارى الصليبيون المسلمين، حتى إنهم كانوا يكشفون عورة من يشكون أنه مسلم فإذا وجدوه مختونًا أو كان أحد عائلته كذلك فليعلم أنه الموت ونهايته هو وأسرته.
وكان دستور محاكم التفتيش في ديوان التحقيق يجيز محاكمة الموتى والغائبين وتصدر الأحكام في حقهم وتوقع العقوبات عليهم كالأحياء. فتصادر أموالهم وتعمل لهم تماثيل تنفذ فيها عقوبة الحرق. أو نبش قبورهم وتستخرج رفاتهم لتحرق في موكب "الأوتودافي" وذلك يتعدى أثر الأحكام الصادرة باإدانة من المحكوم عليه إلى أسرته وولده فيقضى بحرمانهم من تولي الوظائف العامة وامتهان بعض المهن الخاصة)).
(دولة الموحدين - الصلابي نقلًا عن مصادر أخرى)
وبعد مرور أربعة قرون على سقوط الأندلس، أرسل نابليون حملته إلى أسبانيا وأصدر مرسوماً سنة 1808 م بإلغاء دواوين التفتيش في المملكة الأسبانية.
ولنستمع إلى هذه القصة التي يرويها لنا أحد ضباط الجيش الفرنسي الذي دخل إلى إسبانيا بعد الثورة الفرنسية ( كتب (الكولونيل ليموتسكي) أحد ضباط الحملة الفرنسية في إسبانيا قال: " كنت سنة 1809 ملحقاً بالجيش الفرنسي الذي يقاتل في إسبانيا وكانت فرقتي بين فرق الجيش الذي احتل (مدريد) العاصمة وكان الإمبراطور نابيلون أصدر مرسوماً سنة 1808 بإلغاء دواوين التفتيش في المملكة الإسبانية غير أن هذا الأمر أهمل العمل به للحالة والإضطرابات السياسية التي سادت وقتئذ.
وصمم الرهبان الجزوبت أصحاب الديوان الملغى على قتل وتعذيب كل فرنسي يقع في أيديهم انتقاماً من القرار الصادر وإلقاءً للرعب في قلوب الفرنسيين حتى يضطروا إلى إخلاء البلاد فيخلوا لهم الجو.
وبينما أسير في إحدى الليالي اجتاز شارعاً يقل المرور فيه من شوارع مدريد إذ باثنين مسلحين قد هجما عليّ يبغيان قتلي فدافعت عن حياتي دفاعاً شديداً ولم ينجني من القتل إلا قدوم سرية من جيشنا مكلفة بالتطواف في المدينة وهي كوكبة من الفرسان تحمل المصابيح وتبيت الليل ساهرة على حفظ النظام فما أن شاهدها القاتلان حتى لاذا بالهرب. وتبين من ملابسهما أنهما من جنود ديوان التفتيش فأسرعت إلى (المارشال سولت) الحاكم العسكري لمدريد وقصصت عليه النبأ وقال لا شك بأن من يقتل من جنودنا كل ليلة إنما هو من صنع أولئك الأشرار لا بد من معاقبتهم وتنفيذ قرار الإمبراطور بحل ديوانهم والآن خذ معك ألف جندي وأربع مدافع وهاجم دير الديوان واقبض على هؤلاء الرهبان الأبالسة.. "
حدث إطلاق نار من اليسوعيين حتى دخلوا عنوة ثم يتابع قائلاً " أصدرتُ الأمر لجنودي بالقبض على أولئك القساوسة جميعاً وعلى جنودهم الحراس توطئة لتقديمهم إلى مجلس عسكري ثم أخذنا نبحث بين قاعات وكراس هزازة وسجاجيد فارسية وصور ومكاتب كبيرة وقد صنعت أرض هذه الغرفة من الخشب المصقول المدهون بالشمع وكان شذى العطر يعبق أرجاء الغرف فتبدو الساحة كلها أشبه بأبهاء القصور الفخمة التي لا يسكنها إلا ملوك قصروا حياتهم على الترف واللهو، وعلمنا بعد أنَّ تلك الروائح المعطرة تنبعث من شمع يوقد أمام صور الرهبان ويظهر أن هذا الشمع قد خلط به ماء الورد ".
وكادت جهودنا تذهب سدى ونحن نحاول العثور على قاعات التعذيب، إننا فحصنا الدير وممراته وأقبيته كلها. فلم نجد شيئاً يدل على وجود ديوان للتفتيش. فعزمنا على الخروج من الدير يائسين، كان الرهبان أثناء التفتيش يقسمون ويؤكدون أن ما شاع عن ديرهم ليس إلا تهماً باطلة، وأنشأ زعيمهم يؤكد لنا براءته وبراءة أتباعه بصوت خافت وهو خاشع الرأس، توشك عيناه أن تطفر بالدموع، فأعطيت الأوامر للجنود بالاستعداد لمغادرة الدير، لكن اللفتنانت "دي ليل" استمهلني قائلاً: أيسمح لي الكولونيل أن أخبره أن مهمتنا لم تنته حتى الآن؟!!. قلت له: فتشنا الدير كله، ولم نكتشف شيئاً مريباً. فماذا تريد يا لفتنانت؟!.. قال: إنني أرغب أن أفحص أرضية هذه الغرف فإن قلبي يحدثني بأن السر تحتها.
عند ذلك نظر الرهبان إلينا نظرات قلقة، فأذنت للضابط بالبحث، فأمر الجنود أن يرفعوا السجاجيد الفاخرة عن الأرض، ثم أمرهم أن يصبوا الماء بكثرة في أرض كل غرفة على حدة – وكنا نرقب الماء – فإذا بالأرض قد ابتلعته في إحدى الغرف. فصفق الضابط "دي ليل" من شدة فرحه، وقال ها هو الباب، انظروا، فنظرنا فإذا بالباب قد انكشف، كان قطعة من أرض الغرفة، يُفتح بطريقة ماكرة بواسطة حلقة صغيرة وضعت إلى جانب رجل مكتب رئيس الدير.
أخذ الجنود يكسرون الباب بقحوف البنادق، فاصفرت وجوه الرهبان، وعلتها الغبرة.
وفُتح الباب، فظهر لنا سلم يؤدي إلى باطن الأرض، فأسرعت إلى شمعة كبيرة يزيد طولها على متر، كانت تضئ أمام صورة أحد رؤساء محاكم التفتيش السابقين، ولما هممت بالنزول، وضع راهب يسوعى يده على كتفي متلطفاً، وقال لي: يابني: لا تحمل هذه الشمعة بيدك الملوثة بدم القتال، إنها شمعة مقدسة.
قلت له، يا هذا إنه لا يليق بيدي أن تتنجس بلمس شمعتكم الملطخة بدم الأبرياء، وسنرى من النجس فينا، ومن القاتل السفاك!؟!.
وهبطت على درج السلم يتبعني سائر الضباط والجنود، شاهرين سيوفهم حتى وصلنا إلى آخر الدرج، فإذا نحن في غرفة كبيرة مرعبة، وهي عندهم قاعة المحكمة، في وسطها عمود من الرخام، به حلقة حديدية ضخمة، وربطت بها سلاسل من أجل تقييد المحاكمين بها.
وأمام هذا العمود كانت المصطبة التي يجلس عليها رئيس ديوان التفتيش والقضاة لمحاكمة الأبرياء. ثم توجهنا إلى غرف التعذيب وتمزيق الأجسام البشرية التي امتدت على مسافات كبيرة تحت الأرض.
رأيت فيها ما يستفز نفسي، ويدعوني إلى القشعريرة والتـقزز طوال حياتي.
رأينا غرفاً صغيرةً في حجم جسم الإنسان، بعضها عمودي وبعضها أفقي، فيبقى سجين الغرف العمودية واقفاً على رجليه مدة سجنه حتى يموت، ويبقى سجين الغرف الأفقية ممداً بها حتى الموت، وتبقى الجثث في السجن الضيق حتى تبلى، ويتساقط اللحم عن العظم، وتأكله الديدان، ولتصريف الروائح الكريهة المنبعثة من جثث الموتى فتحوا نافذة صغيرة إلى الفضاء الخارجي.
وقد عثرنا في هذه الغرف على هياكل بشرية ما زالت في أغلالها.
كان السجناء رجالاً ونساءً، تتراوح أعمارهم ما بين الرابعة عشرة والسبعين، وقد استطعنا إنقاذ عدد من السجناء الأحياء، وتحطيم أغلالهم، وهم في الرمق الأخير من الحياة.
كان بعضهم قد أصابه الجنون من كثرة ما صبوا عليه من عذاب، وكان السجناء جميعاً عرايا، حتى اضطر جنودنا إلى أن يخلعوا أرديتهم ويستروا بها بعض السجناء.
أخرجنا السجناء إلى النور تدريجياً حتى لا تذهب أبصارهم، كانوا يبكون فرحاً، وهم يقبّلون أيدي الجنود وأرجلهم الذين أنقذوهم من العذاب الرهيب، وأعادوهم إلى الحياة، كان مشهداً يبكي الصخور.
ثم انتقلنا إلى غرف أخرى، فرأينا فيها ما تقشعر لهوله الأبدان، عثرنا على آلات رهيبة للتعذيب، منها آلات لتكسير العظام، وسحق الجسم البشري، كانوا يبدؤون بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجيا، حتى يهشم الجسم كله، ويخرج من الجانب الآخر كتلة من العظام المسحوقة، والدماء الممزوجة باللحم المفروم، هكذا كانوا يفعلون بالسجناء الأبرياء المساكين، ثم عثرنا على صندوقٍ في حجم جسم رأس الإنسان تماماً، يوضع فيه رأس الذي يريدون تعذيبه بعد أن يربطوا يديه ورجليه بالسلاسل والأغلال حتى لا يستطيع الحركة، وفي أعلى الصندوق ثقب تتقاطر منه نقط الماء البارد على رأس المسكين بانتظام، في كل دقيقة نقطة، وقد جُنّ الكثيرون من هذا اللون من العذاب، ويبقى المعذب على حاله تلك حتى يموت.
وآلة أخرى للتعذيب على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادة.
كانوا يلقون الشاب المعذب في هذا التابوت، ثم يطبقون بابه بسكاكينه وخناجره. فإذا أغلق مزق جسم المعذب المسكين، وقطعه إرباً إرباً.
كما عثرنا على آلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب ثم تشد ليخرج اللسان معها، ليقص قطعة قطعة، وكلاليب تغرس في أثداء النساء وتسحب بعنفٍ حتى تتقطع الأثداء أو تبتر بالسكاكين.
وعثرنا على سياط من الحديد الشائك يُضرب بها المعذبون وهم عراة حتى تتفتت عظامهم، وتتناثر لحومهم.
وصل الخبر إلى مدريد فهب الألوف ليروا وسائل التعذيب فأمسكوا برئيس اليسوعيين ووضعوه في آلة تكسير العظام فدقت عظامه دقاً وسحقها سحقاً وأمسكوا كاتم سره وزفوه إلى السيدة الجميلة وأطبقوا عليه الأبواب فمزقته السكاكين شر ممزق ثم أخرجوا الجثتين وفعلوا بسائر العصابة وبقية الرهبان كذلك. ولم تمض نصف ساعة حتى قضى الشعب على حياة ثلاثة عشر راهباً ثم أخذ ينهب ما بالدير...
تاريخ الأندلس ووقفة معتبر
على طول الدراسة السابقة كان تاريخ الأندلس يحوي أكثر من ثمانمائة عام، الأمر الذي ينبغي على المسلمين أن يقفوا معه وقفات ووقفات، يأخذون منه العبرة والدرس، ويكررون ما حدث فيه من أفعال العظماء، وفي ذات الوقت يتجنبون أفعال الأقزام، تلك التي أدت إلى هذه الحال التي رأيناها آخر عهود الأندلس وفترات السقوط.
بداية لم يكن سقوط الأندلس بالسقوط المفاجئ، فقد كان هذا متوقعا منذ أكثر من مائتي عام، إلا أنها وبمدد من بني مارين مرة، وبخلاف النصارى مرة أخرى مع بعضهم البعض، صمدت وصبرت بعض الشيء، لكن الذي حدث في النهاية هو الذي كان متوقعا.
وهنا لا بد لنا من وقفة على أسباب هذا الانهيار والتي كان من شأنها أنها ما إن تكررت في أيٍ من الأزمان أو الأوقات، وفي أيٍ من البلدان أو القارات، فإنها ولا شك ستعمل عملها، وتكون العاقبة والنتيجة من نفس العاقبة وتلك النتيجة.
الدرس الأول:
سقوط وضياع غرناطة.. العوامل والأسباب
كانت عوامل انحدار وسقوط وضياع الأمم قد تشابهت وإلى حد كبير في كل فترات الضعف في تاريخ الأندلس، وهذه العوامل نفسها قد زادت وبشدة في فترة غرناطة؛ ولذلك كان السقوط كاملا وحاسما، وكان من هذه العوامل ما يلي:
العامل الأول:
كان الإغراق في الترف، والركون إلى الدنيا وملذاتها وشهواتها، والخنوع والدعة والميوعة، هي أولى العوامل التي أدت إلى تلك النهاية المؤلمة، وقد ارتبطت كثيرا فترات الهبوط والسقوط بكثرة الأموال والانغماس في الملذات، والميوعة الشديدة في شباب الأمة، والانحطاط الكبير في الأهداف، قال تعالى: [وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ(11)فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ(12)لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ] {الأنبياء:11،12،13}.
وهكذا يا أهل غرناطة، أين ستذهبون؟ وإلى أين ستركضون؟ ارجعوا إلى قصر الحمراء، وارجعوا إلى مساكنكم وما أترفتم فيه، وسلموا هذه البلاد إلى النصارى، وتذوقوا الذُلّ كما لم تعملوا للعزة وللكرامة.
ولننظر إلى ذاك الرجل الذي كان يرثي سقوط غرناطة، ولنعي ما يقول في شعره الذي كان يعد كما ذكرنا إعلام هذا العصر الذي يُحَفّز الناس على أفكار معينة، يقول يرثي غرناطة:
غرناطة يا أجمل المدن
لن تَسريَ بعد اليوم نغمات العود الناعمة
في شوارعك المُقمرة
ولن تُسمع ألحان العُشّاق
تحت قصورك العالية
وستسكت دقات الصنوج المرحة
التي كانت تتناغم فوق تلالك الخصبة
وستقف الرقصات الجميلة
تحت عرائشك الوريفة
واحسرتاه
لن يستمع عربي بعد اليوم إلى البلابل
تصدح في مروجك الفسيحة
ولن يُستَروح أريج الريحان وأزهار البرتقال
في ربوعك المؤنسة
لأن نور الحمراء أُطفئ إلى الأبد
فحتى بعد هذا السقوط الشنيع لغرناطة يقف هذا الرجل وبهذه الكلمات الفجة يرثيها، هذا ما كان يهمه في هذه البلاد، لا يهمه الثغور التي خرجت منها الجيوش تجاهد في سبيل الله، ولا يهمه المكتبات التي أُحرقت، ولا المساجد التي دُنّست وحُولت إلى كنائس، بل لا يهمه المسلمون الذين قُتلوا بأيدي النصارى.
فلننظر إلى مثل هذا ونقارنه بأحوال الشباب الذين انحطتّ أهدافهم، حتى أصبح حلم حياتهم أن يُحدّث فتاة من الفتيات أو يخرج معها، أو يبادلها حبا غير مشروع لا يرتضيه هو لأخته أو لابنته.
لننظر حين يُصَوّر مثل هذا الشعر هذا الحب على أنه أسمى درجات الحب، فيضحي الرجل من أجله، ويسمو عنده فوق كل حب، حتى يسمو عنده فوق حب الدين وحب الله وحب رسوله وحب الجهاد وحب الوالدين وحب الوطن وحب الفضيلة، بل وقد يضحي بحياته انتحارا إذا فارق محبوبه.
فأي انحدار هذا؟! وأي انحطاط هذا؟! وأي سفاهة وأي تفاهة أكبر من هذا؟ وقد قال الله تعالى: [قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ] {التوبة:24}.
وليس ببعيد عنا ما فعله زرياب وأمثال زرياب في تاريخ الأندلس، وكيف قادوا الشباب إلى هذه الميوعة التي أسقطتها في النهاية وإلى الأبد.
العامل الثاني:
ترك الجهاد في سبيل الله، وهو أمر ملازم لمن أُغرق في الترف؛ فالجهاد سنة ماضية إلى يوم القيامة، وقد شرعه الله ليعيش المسلمون في عزة ويموتون في عزة، ثم يدخلون بعد ذلك الجنّة ويُخلّدون فيها.
وإن الناظر إلى عهد الأندلس ليتساءل: أين أولئك الذين كانوا يجاهدون في حياتهم مرة أو مرتين كل عام، وبصفة مستمرة ودائمة؟! أين يوسف بن تاشفين، وأين أبو بكر بن عمر اللمتوني؟ وأين الحاجب المنصور؟ وأين عبد الرحمن الناصر وغيرهم؟
وإنها لعبرة وعظة حين ننظر إلى ملوك غرناطة، ومن كان على شاكلتهم حين ذُلوا وأُهينو لما تركوا الجهاد في سبيل الله، يقول تعالى:
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ(38)إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] {التوبة:38،39}.
وقد يظن البعض أنه يجب على الملتزمين بالمنهج الإسلامي أن يضحوا بأرواحهم ويظلوا يعيشون حياة الضنك والتعب والألم في الدنيا؛ وذلك حتى يصلوا إلى الآخرة، وإن حقيقة الأمر على عكس ذلك تماما؛ إذ لو عاش المسلمون الملتزمون بمنهج الإسلام على الجهاد لعاشوا في عزة ومجد، وفي سلطان وملك من الدنيا عريض، ثم لهم في الآخرة الجنّة خالدين فيها بإذن الله.
العامل الثالث:
يتبع العامليْن السابقين عامل الإسراف في المعاصي، فجيش المسلمين لا يُنصَر بالقوة ولا بالعدد والسلاح، لكنه يُنصر بالتقوى، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنكم لا تُنصرون على عدوكم بقوتكم ولا عُدتكم، ولكن تُنصرون عليه بطاعتكم لربكم ومعصيتهم له، فإن تساويتم في المعصية كانت لهم الغلبة عليكم بقوة العُدّة والعتاد.
فإذا بعُد المسلمون عن دين ربهم، وإذا هجروا نهج رسولهم صلى الله عليه وسلم كُتب عليهم الهلكة والذلّة والصغار، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ؛ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ.
وإذا كان هذا حال محقّرات الذنوب، تلك التي يستحقرها العبد من فرط هوانها، فما تزال تجتمع عليه حتى تهلكه، فما البال وما الخطب بكبائر الذنوب من ترك الصلاة، والزنا، والتعامل بالربا، وشرب الخمور، والسب واللعن، وأكل المال الحرام، فأي نصر يُرجى ويُتَوقّع بعد هذا.
كانت هذه هي أهم عوامل السقوط في دولة الأندلس، وهناك غيرها الكثير مثل:
- الفُرقَة والتَشرذُم.
- موالاة النصارى واليهود والمشركين.
وقد قال سبحانه وتعالى: [وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ] {البقرة:120}. وقال أيضا:
[لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ المُعْتَدُونَ] {التوبة:10}. وأيضا:
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ] {المائدة:51}. وآيات غيرها كثير.
- توسيد الأمر لغير أهله
وكان ذلك واضحا جدا خاصة في ولاية هشام بن الحكم، وولاية الناصر بعد أبيه يعقوب المنصور الموحدي، وأيضا ولاية جميع أبناء الأحمر في ولاية غرناطة.
- الجهل بالدين
وقد وضح جيدا قيمة العلم والعلماء في زمن عبد الله بن ياسين، وزمن الحَكم بن عبد الرحمن الناصر، وما حدث في عهدهما من قوّة بعد هذا العلم، ووضح أيضا أثر الجهل في نهاية عهد المرابطين، وفي عهد دولة الموحدين، حيث انتشر الجهل بين الناس، وسادت بينهم آراء ومعتقدات غريبة وعجيبة، كان من ذلك أيضا ما حدث من الجهل بأمر الشورى، والذي هو أصل من الأصول التي يجب أن يحكم بها المسلمون، وكيف اعتدوا بآرائهم، وكيف قبل الناس ذلك منهم؟!
ومثل أيضا ما كان من غزو محمد بن الأحمر الأول لإشبيليّلة، وقد تبعه الناس في ذلك ظنا منهم أنهم على صواب، وأنهم أصحاب رسالة وفضيلة، وأيّ جهل بالدين أكثر من هذا؟!
الدرس الثاني: أمل النصر لا تخبو جذوته أبدا
بعد الدرس الأول والوقوف على عوامل وأسباب السقوط كان هذا الدرس الثاني، وهو ما نستقيه من تاريخ الأندلس، حيث إنه لا يغيب الأمل أبدا في نصر الله، فإن الله دائما ما يقيض لهذه الأمة من ينصرها، ومن يجدد لها أمر دينها.
وقد حدث مثل ذلك كثيرا في تاريخ الأنلس، كان منه ما حدث في نهاية عهد الولاة، وذلك بقيام عبد الرحمن الداخل، ثم ما حدث أيضا في نهاية الإمارة الأموية على يد عبد الرحمن الناصر، وهكذا في كل عهد تجد من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، تجد يوسف بن تاشفين، وتجد يعقوب المنصور الموحدي، وتجد يعقوب المنصور الماريني، وغيرهم الكثير.
وقد يتساءل البعض قائلا: لقد انتهى الإسلام من بلاد الأندلس بالكلية، فأين ذاك القيام، الذي من المفترض أن يكون بعد هذا الانتهاء، طالما كانت قد جرت السنة على ذلك؟!
وفي معرض الرد على مثل هذا السؤال نسوق حدثا في غاية الغرابة، فقد حدث قبل سقوط الأندلس الأخير بنحو أربعين سنة حادثا عجيبا، وأعجب منه هذا التزامن الذي فيه، فقد فُتحت القسطنطينية في سنة 857 هـ= 1453 م أي قبل سقوط الأندلس بأربعين عاما، فكان غروب شمس الإسلام على أوروبا من ناحية المغرب يزامنه شروق جديد عليها من ناحية المشرق، واستبدل الله هؤلاء الذين باعوا، وأولئك الذين خانوا من ملوك غرناطة في الأندلس بغيرهم من العثمانيين المجاهدين الفاتحين الأبرار، الذين فتحوا القسطنطينية وما بعدها، وقد بدأ الإسلام ينتشر في شرق أوروبا انتشارا أسرع وأوسع مما كان عليه في بلاد الأندلس وفرنسا.
وإنها وأيم الله لآية من آيات الله سبحانه وتعالى تبعث الأمل وتبثه في نفوس المسلمين في كل وقت وكل حين، مبشرة ولسان حالها: أمة الإسلام أمة لا تموت.
لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ .

رب توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سقوط الأندلس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الأندلس
» الإمارة في الأندلس
» الإمارة في الأندلس
» الطريق إلى الأندلس
» مختصر قصة الأندلس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى الشهيدين محمد وفارس حمودة :: ملتقى العالم العربي والإسلامي-
انتقل الى: